عندما يبحث المرء عن أصول المسيحية لا بد له أن يبدأ أو ينتهي بدارسة عن بولس رائدها الأول ، لأن بولس الذي لم يكن من الحواريين الاثنى عشر ، ولم يكن من صحابة المسيح عليه السلام ولم يكن شاهداً على أحداث بعثته ، تمكن بمفرده من تأسيس المسيحية ، وهو السبب الأول الذي من أجله يطلق على الديانة المسيحية اليوم اسم مسيحية بولس ،نسبةً إلى مؤسسها الفعلي ، برغم الانطباع السائد بين العامة أن المسيح عليه السلام هو المؤسس ، ذلك أنهم احتفظوا بالمسيح رمزاً لعقيدة بولس ، وقد يكون من المفيد التأمل فيما كانت ستكون عليه المسيحية اليوم لو لم تنفجر ظاهرة بولس على مسرح التاريخ بعد رفع المسيح .
التحول المفاجىء !! :
تجمع المراجع الموثوق بها على أن لبولس الطرطوسي دوراً خطيراً في تحريف وتبديل المسيحية الأصلية ويدل على ذلك التحول المفاجىء والغريب من الاضطهاد الشديد للمسيحيين إلى كونه رسول من عند الله ومصدراً للوحي والشرع!!
لقد كانت هذه حقيقة بالفعل ، ولكنها حقيقة تدعو إلى العجب ، فكيف بشخص شرير ومضطهد للأبرياء ينتقل إلى رسول وديع، ينزل عليه الوحي ويكلم الله ؟! هكذا بدون أي مقدمات، وبدون دليل عقلي أو نقلي كنص في كتاب سماوي يدل أو يشير إليه أو يصفه، لأن رسائله شهادة منه لنفسه فهي غير مقبولة، وكذلك ما كتب بتأثير منه، كل ذلك لا يعتبر دليلاً نقلياً أو عقلياً على كونه رسولاً يوحى إليه أو كاتب وحي ملهم .
ولنفرض جدلاً أن بولس هذا كان كأي منحرف أو مشرك كافر، ثم هداه الله فآمن حتى مع تذكر سوابقه المشينة، فإن ذلك يعقل إذا كان دوره - فيما بعد - لا يعدو أن يكون مؤمناً متبعاً أو مجتهداً ، أما أن ينتقل من عدو لدود وظالم، إلى رسول ملهم ومشرع ويكلم الله، فإن هذا ما يرفضه العقل السليم، والفطرة المتيقظة ...
ما قيل عن معجزات بولس وإرساليته في كتب العهد الجديد :
أولاً : لا بد لكون الكتاب سماوياً واجب التسليم أن يثبت أولاً بدليل تام أن هذا الكتاب كتب بواسطة نبياً ما، ووصل بعد ذلك إلينا بالسند المتصل بلا تغيير ولا تبديل، والاستناد إلى شخص ذي إلهام بمجرد الظن والوهم لا يكفي في إثبات أنه من تصنيف ذلك الشخص، وكذلك مجرّد ادعاء فرقة أو فرق لا يكفي فيه، فمن كتب العهد الجديد سوى الكتب المعروفة الآن كتب جاوزت سبعين منسوبة إلى عيسى ومريم والحواريين وتابعيهم ولهم فيها الكثير من قصص المعجزات والآيات والمبهرة ، والمسيحيون الآن يدّعون أن كلاً من هذه الكتب بما فيها من قصص المعجزات هي من الأكاذيب المصنوعة .
ثانياً : لا يخفى على العقل والقانون الفطري أن كل دعوى يراد إقامة الحجة عليها لا بد من أن تكون غير ساقطة في نفسها ولا مقرونة بالموانع الشاهدة على سقوطها ، وبولس المدعو رسولاً قد بنى إرساليته على أساس عقائد قد قضت الأدلة القيمة والحجج الثمينة برفضها ، كعقيدة الصلب والفداء وكفارة الصليب ، ودعواه في أعمال الرسل 9 : 3 - 6 و كورنثوس الأولى 1 : 17 بأن من أرسله هو المسيح ، وهي دعوى مرفوضة لأن الله هو الذي يرسل الرسل ويوحي إليهم. ولذلك فإن فتنة ( الدجال ) وهي من أعظم الفتن لما اقترنت بدعواه خوارق العادات كان معها ما يدل على كذبه ، كدعوى الإلهية ، ومن انه سيموت ، والله لا يراه أحد حتى يموت .
قال أبو الحسن الماوردي رحمه الله : تحت عنوان لا تقبل الخوارق ممن يكذب نفسه : فإن قيل : فقد جاء زرادشت وبولس بآيات مبهرة ولم تدل على صدقهما في دعوى النبوة . قيل : لأنهما قد أكذبا أنفسهما ما ادعياه في الله تعالى ، مما يدل على جهلهما به ، لأن بولس يقول إن عيسى إله. وزعم زرداشت أن الله تعالى كان وحده ، ولا شيىء معه ، فحين طالت وحدته فكر ، فتولد من فكرته : أهرمن وهو إبليس ، فلما مثل بين عينيه أراد قتله وامتنع عنه ، فلما رأى امتناعه وادعه إلى مدته ، وسالمه إلى غايته. ومن قال بهذا في الله تعالى ولم يعرفه ، لم يجز أن يكون رسولاً له ... " [ أعلام النبوة للماوردي - دار احياء العلوم ]
ثالثا : لقد كانت نهاية بولس مخالفة لما ورد في أعمال الرسل 26 : 17 من أن المسيح سينقذه من شعب إسرائيل والأمم الذين سيرسله إليهم : " مُنْقِذاً إِيَّاكَ مِنَ الشَّعْبِ وَمِنَ الأُمَمِ الَّذِينَ أَنَا الآنَ أُرْسِلُكَ إِلَيْهِمْ ". ، إذ أن بولس قد قضى أيامه الأخيرة في أحد سجون روما قبل أن يصدر حكم الإعدام فيه ، والذي تم تنفيذه على عهد نيرون كما يقول التقليد الكنسي. لذلك نجده يكتب وهو في سجن روما لصديقه تيموثاوس بعد أن علم أن لحظة تنفيذ حكم الاعدام وشيكة : " فإني أنا الآن أسكب سكيباً ، ووقت انحلالي قد حضر ".
ولم يتحقق هذا الإنقاذ المطلق ، وهو دليل كافي لرفض إرسالية بولس بما لا يحتاج معه الالتفات لمعجزاته ان كانت فعلاً قد وقعت.
بولس يقول آراءه الشخصية والنصارى يدعون ان كلامه هو من عند الله :
قال بولس في رسالته الأولى إلى كورنثوس [ 7 : 25 ] :
(( وَأَمَّا الْعَذَارَى فَلَيْسَ عِنْدِي أَمْرٌ مِنَ الرَّبِّ فِيهِنَّ وَلَكِنَّنِي أُعْطِي رَأْياً كَمَنْ رَحِمَهُ الرَّبُّ أَنْ يَكُونَ أَمِيناً.))
وقال أيضاَ في رسالته الأولى إلى كورنثوس [ 7 : 38 _ 40 ]
(( إِذاً مَنْ زَوَّجَ فَحَسَناً يَفْعَلُ وَمَنْ لاَ يُزَوِّجُ يَفْعَلُ أَحْسَنَ. 39الْمَرْأَةُ مُرْتَبِطَةٌ بِالنَّامُوسِ مَا دَامَ رَجُلُهَا حَيّاً. وَلَكِنْ إِنْ مَاتَ رَجُلُهَا فَهِيَ حُرَّةٌ لِكَيْ تَتَزَوَّجَ بِمَنْ تُرِيدُ فِي الرَّبِّ فَقَطْ. 40وَلَكِنَّهَا أَكْثَرُ غِبْطَةً إِنْ لَبِثَتْ هَكَذَا بِحَسَبِ رَأْيِي. وَأَظُنُّ أَنِّي أَنَا أَيْضاً عِنْدِي رُوحُ اللهِ. ))
وجاء في رسالة بولس إلى أهل رومية [ 16 : 21 ] : " يسلم عليكم تيموثاوس العامل معي ولوكيوس وياسون وسوسيباترس انسبائي. انا ترتيوس كاتب هذه الرسالة اسلم عليكم في الرب. يسلم عليكم غايس مضيفي ومضيف الكنيسة كلها. يسلم عليكم اراستس خازن المدينة وكوارتس الاخ. "
ما علاقة هذه التحيات والسلامات الشخصية بكلمة الله ؟!
ويقول في رسالته الثانية إلي صديقه تيموثاوس [ 4 : 9 ] بحسب ترجمة الفاندايك : " بادر ان تجيء اليّ سريعا لأن ديماس قد تركني إذ أحب العالم الحاضر وذهب الى تسالونيكي وكريسكيس الى غلاطية وتيطس الى دلماطية.لوقا وحده معي.خذ مرقس واحضره معك لانه نافع لي للخدمة. اما تيخيكس فقد ارسلته الى افسس..الرداء الذي تركته في ترواس عند كاربس احضره متى جئت والكتب ايضا ولا سيما الرقوق."
ثم يقول له في الفقرة 19 من نفس الرسالة : " سلم على فرسكا واكيلا وبيت انيسيفورس. اراستس بقي في كورنثوس.واما تروفيمس فتركته في ميليتس مريضا. بادر ان تجيء قبل الشتاء.يسلم عليك افبولس وبوديس ولينس وكلافدية والاخوة جميعا. "
ونحن نسأل :
أي عاقل يقول : إن هذا الكلام الذي هو رسالة شخصية محضة ، تتعلق بطلب بولس من صديقه الحضور سريعاً وتتعلق برداءه الشخصي وطلب السلام على فلان وبيت فلان ... أي عاقل يقول أنها وحي من عند رب العالمين ؟!
ما علاقة هذا الكلام بوحي السماء حتى يوضع في كتاب ينسب إلي الرب تبارك وتعالى ؟ !
ويقول بولس لصديقه تيطس[ تي 3 : 12 ] : "حينما ارسل اليك ارتيماس او تيخيكس بادر ان تأتي اليّ الى نيكوبوليس لاني عزمت ان أشتي هناك."
هل أصبح قول بولس لصديقه " تيطس " أنه قرر أن يشتي في المكان الفلاني وحي من عند رب العالمين ؟!!
إن هذه الفقرات السابقة تؤكد أن رسائل بولس ليست وحي من الله وانما رسائل متبادلة أدخلت في الكتاب لتصير وحياً . وإلا فماذا ينفع وجود نص في كتاب ينسب إلى الله يتعلق برداء بولس الشخصي ؟! وينص يعلن فيه بولس انه سوف يشتي في المكان الفلاني ؟! ونص يبعث فيه سلامات وتحيات شخصية ؟
من الواضح جداً ان كتابات بولس ما هي إلا رسائل شخصية أرسلها لأناس مختلفة ، وعلى الرغم من ذلك إلا ان المسيحيون يقدسونها ويعتبرونها وحي من عند رب العالمين زوراً وبهتاناً.
هذا هو بولس الذى لعب بالكل ليربح الكل !!! :
هذا هو بولس الذى لعب بالكل ليربح الكل وليكون شريكاً فى الإنجيل فهو القائل : ((19فَإِنِّي إِذْ كُنْتُ حُرّاً مِنَ الْجَمِيعِ اسْتَعْبَدْتُ نَفْسِي لِلْجَمِيعِ لأَرْبَحَ الأَكْثَرِينَ. 20فَصِرْتُ لِلْيَهُودِ كَيَهُودِيٍّ لأَرْبَحَ الْيَهُودَ وَلِلَّذِينَ تَحْتَ النَّامُوسِ كَأَنِّي تَحْتَ النَّامُوسِ لأَرْبَحَ الَّذِينَ تَحْتَ النَّامُوسِ 21وَلِلَّذِينَ بِلاَ نَامُوسٍ كَأَنِّي بِلاَ نَامُوسٍ - مَعَ أَنِّي لَسْتُ بِلاَ نَامُوسٍ لِلَّهِ بَلْ تَحْتَ نَامُوسٍ لِلْمَسِيحِ - لأَرْبَحَ الَّذِينَ بِلاَ نَامُوسٍ. صِرْتُ لِلضُّعَفَاءِ كَضَعِيفٍ لأَرْبَحَ الضُّعَفَاءَ. صِرْتُ لِلْكُلِّ كُلَّ شَيْءٍ لأُخَلِّصَ عَلَى كُلِّ حَالٍ قَوْماً. 23وَهَذَا أَنَا أَفْعَلُهُ لأَجْلِ الإِنْجِيلِ لأَكُونَ شَرِيكاً فِيهِ.)) [ كورنثوس الأولى 9: 20-23 ]

وقد كشف بولس عن نفاقه وكذبه ونظرته العنصرية عندما تحدث عن بني إسرائيل ، بني جلدته قائلاً : (( أيها الأخوة لسنا أولاد جارية بل أولاد حرة )) غلاطية [ 4 : 31 ]
وذلك في إشارة واضحة منه إلى أبناء ( الجارية ) هاجر أم العرب والمسلمين و ( الحرة ) سارة أم اسحاق ابن يعقوب ( إسرائيل ) وجد بني اسرائيل واليهود من بعد .
ونظرة بولس هذه هي _ للأسف _ نفس النظرة العنصرية الاستعلائية والاستكبارية التي ينظرها صهاينة اليهود والصلبيون إلى المسلمين والعرب .
بولس يهدم تعاليم المسيح عليه السلام !! :
ان المسيحيين يقدسون كلا العهدين القديم والجديد ويضمونهما في كتاب واحد ويطلقون عليه اسم الكتاب المقدس.
وقد قال المسيح : (( لاَ تَظُنُّوا أَنِّي جِئْتُ لأَنْقُضَ النَّامُوسَ أَوِ الأَنْبِيَاءَ. مَا جِئْتُ لأَنْقُضَ بَلْ لِأُكَمِّلَ. فَإِنِّي الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِلَى أَنْ تَزُولَ السَّمَاءُ وَالأَرْضُ لاَ يَزُولُ حَرْفٌ وَاحِدٌ أَوْ نُقْطَةٌ وَاحِدَةٌ مِنَ النَّامُوسِ حَتَّى يَكُونَ الْكُلُّ. فَمَنْ نَقَضَ إِحْدَى هَذِهِ الْوَصَايَا الصُّغْرَى وَعَلَّمَ النَّاسَ هَكَذَا يُدْعَى أَصْغَرَ فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ. وَأَمَّا مَنْ عَمِلَ وَعَلَّمَ فَهَذَا يُدْعَى عَظِيماً فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ. فَإِنِّي أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّكُمْ إِنْ لَمْ يَزِدْ بِرُّكُمْ عَلَى الْكَتَبَةِ وَالْفَرِّيسِيِّينَ لَنْ تَدْخُلُوا مَلَكُوتَ السَّماوَاتِ.)) متى [ 5 : 17 ]
وقال أيضاً: (( حِينَئِذٍ خَاطَبَ يَسُوعُ الْجُمُوعَ وَتَلاَمِيذَهُ قَائِلاً: «عَلَى كُرْسِيِّ مُوسَى جَلَسَ الْكَتَبَةُ وَالْفَرِّيسِيُّونَ فَكُلُّ مَا قَالُوا لَكُمْ أَنْ تَحْفَظُوهُ فَاحْفَظُوهُ وَافْعَلُوهُ وَلَكِنْ حَسَبَ أَعْمَالِهِمْ لاَ تَعْمَلُوا لأَنَّهُمْ يَقُولُونَ وَلاَ يَفْعَلُونَ.)) متى [ 23 : 1 ]
ان هذه النصوص فيها الدليل الواضح على تمسك المسيح بناموس ( شريعة ) موسى وبتفاسير وشروح الكتبة والفريسيين.
وكيف لا يكون المسيح متمسك بشريعة موسى والانبياء وهو الذي قال للسائل : (( إِنْ أَرَدْتَ أَنْ تَدْخُلَ الْحَيَاةَ فَاحْفَظِ الْوَصَايَا. )) متى [ 19 : 16 ] أى اتبع تعاليم التوراة واعمل بها.
ولم يبدل دين المسيح ويأمر بترك التمسك بشريعة موسى والعمل بها إلا بولس فهو القائل : (( إِذْ نَعْلَمُ أَنَّ الإِنْسَانَ لاَ يَتَبَرَّرُ بِأَعْمَالِ النَّامُوسِ، بَلْ بِإِيمَانِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ، آمَنَّا نَحْنُ أَيْضاً بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ، لِنَتَبَرَّرَ بِإِيمَانِ يَسُوعَ لاَ بِأَعْمَالِ النَّامُوسِ. لأَنَّهُ بِأَعْمَالِ النَّامُوسِ لاَ يَتَبَرَّرُ جَسَدٌ مَا.)) غلاطية [ 2 : 16 ]
ان نظرة بولس إلى الجنس البشري هي الفصل التام بين الايمان والعمل ، والفصل التام بين الدين وقواعد السلوك الأخلاقية ، كل ما هو مطلوب من المؤمن لكي ينجو : التصديق بعيسى كمخلص له ، وبعبارة أخرى أن نجاة المؤمن بعيسى كمنقذ يأتيه أوتوماتيكياً وبلا مقابل ، فهو هدية مجانية ، المطلوب فقط أن يؤمن الفرد أن موت المخلص على الصليب كان كفارة لخطايا البشرية ، وهذا الاعتقاد وحده بحسب بولس كافٍ لجعل بولس متفوقاً على باقي البشر ممن لا يشاركونه هذا الاعتقاد ، وفي الوقت نفسه لم يذكر بولس شيئاً عن تعاليم المسيح وأعماله على الأرض !
غير أن الحقيقة البسيطة أن المسيح عليه السلام لم يتفوه بأي كلمة في حياته تفيد أن الإنسان يتحرر من تبعة أعماله ما دام مؤمناً أن المسيح دفع الثمن مقدماً بالنيابة عنه ، فلو صح ذلك لكان بمثابة رخصة للفوضى الاجتماعية والجريمة والتحلل الأخلاقي والفساد ، غير أن بولس قالها بكل وقاحة : (( لأن الشريعة تجلب الغضب ، وحيث لاتكون شريعة لاتكون معصية )) [ رومية 4 : 15 ]
وكتب أيضاً : (( وأما الناموس _ أي الشريعة _ فدخل لكي تكثر الخطية . ولكن حيث كثرت الخطية ازدادت النعمة جداً )) [ رومية 5 : 20 ]
أي أن النتيجة الوحيدة من وجود الشريعة أن تكثر الخطايا حسب نظريته ، ولذلك استنتج بولس فقال : (( لذا نحن _ أي بولس نقرر تبرير أعمال الإنسان من خلال إيمانه ، بدون التزامه بالشريعة )) [ رومية 3 : 28 ]
وهذا الاستنتاج يقودنا لطرح عدة اسئلة :
كيف يمكن الفصل بين الدين وبين قواعد السلوك الأخلاقية ؟
وكيف يمكن للأيمان وحده أن يكون كافٍ برغم خرق الشرائع ؟
وكيف يمكن للمجتمعات أن تعمل إن لم يكن الأفراد مسؤولين عن أعمالهم ؟
وماذا كان بولس يأمل من هجومه على الشريعة التي تنظم المجتمعات ؟
والتي ما جاء المسيح لينقضها ؟
أليس هذا هو التحريف ؟
وبعكس ذلك كتب يعقوب في رسالته [ 2 : 14 ] ، [ 2 : 20 ] ، [ 2 : 24 ، 26 ] :
قائلاً : ((14يَاإِخْوَتِي، هَلْ يَنْفَعُ أَحَداً أَنْ يَدَّعِيَ أَنَّهُ مُؤْمِنٌ، وَلَيْسَ لَهُ أَعْمَالٌ تُثْبِتُ ذَلِكَ، هَلْ يَقْدِرُ إِيمَانٌ مِثْلُ هَذَا أَنْ يُخَلِّصَهُ؟ ))
((20وَهَذَا يُؤَكِّدُ لَكَ، أَيُّهَا الإِنْسَانُ الْغَبِيُّ، أَنَّ الإِيمَانَ الَّذِي لاَ تَنْتُجُ عَنْهُ أَعْمَالٌ هُوَ إِيمَانٌ مَيِّتٌ! ))
((24فَتَرَوْنَ إِذَنْ أَنَّ الإِنْسَانَ لاَ يَتَبَرَّرُ بِإِيمَانِهِ فَقَطْ، بَلْ بِأَعْمَالِهِ أَيْضاً. ))
((26فَكَمَا أَنَّ جِسْمَ الإِنْسَانِ يَكُونُ مَيْتاً إِذَا فَارَقَتْهُ الرُّوحُ، كَذَلِكَ يَكُونُ الإِيمَانُ مَيِّتاً إِذَا لَمْ تُرَافِقْهُ الأَعْمَالُ! ))
مما يناقض عقيدة بولس بشكل سافر ، ولذلك رأت الكنيسة في يعقوب تهديداً لها منذ البداية فعمدت إلى تكييف التاريخ والسيطرة عليه بأن حذفت الكثير من المعلومات عن هذه الشخصية النصرانية الهامة .
بولس يلغي تقديس يوم السبت :
لقد ألغى بولس تقديس يوم السبت مع ان تقديس السبت هو الوصية الرابعة من الوصايا العشر:((فَتَحْفَظُونَ السَّبْتَ لأَنَّهُ مُقَدَّسٌ لَكُمْ. مَنْ دَنَّسَهُ يُقْتَلُ قَتْلاً. إِنَّ كُلَّ مَنْ صَنَعَ فِيهِ عَمَلاً تُقْطَعُ تِلْكَ النَّفْسُ مِنْ بَيْنِ شَعْبِهَا. سِتَّةَ أَيَّامٍ يُصْنَعُ عَمَلٌ. وَأَمَّا الْيَوْمُ السَّابِعُ فَفِيهِ سَبْتُ عُطْلَةٍ مُقَدَّسٌ لِلرَّبِّ. كُلُّ مَنْ صَنَعَ عَمَلاً فِي يَوْمِ السَّبْتِ يُقْتَلُ قَتْلاً. فَيَحْفَظُ بَنُو إِسْرَائِيلَ السَّبْتَ لِيَصْنَعُوا السَّبْتَ فِي أَجْيَالِهِمْ عَهْداً أَبَدِيّاً. هُوَ بَيْنِي وَبَيْنَ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلاَمَةٌ إِلَى الأَبَدِ لأَنَّهُ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ صَنَعَ الرَّبُّ السَّمَاءَ وَالأَرْضَ وَفِي الْيَوْمِ السَّابِعِ اسْتَرَاحَ وَتَنَفَّسَ.)) [ خروج 31: 14]
وأمر الرب أن يُحفَظ السبت أبدياً : (( فَيَحْفَظُ بَنُو إِسْرَائِيلَ السَّبْتَ لِيَصْنَعُوا السَّبْتَ فِي أَجْيَالِهِمْ عَهْداً أَبَدِيّاً) بل أمر بقتل من دنسه واعتدى عليه: (( مَنْ دَنَّسَهُ يُقْتَلُ قَتْلاً.)) [خروج 31: 14]
هل جلب بولس على نفسه اللعنة ؟
يقول الرب في سفر التثنية 27 : 26 : (( ملعون من لا يقيم كلمات هذا الناموس ليعمل بها . ويقول جميع الشعب آمين ))
بولس هو أول من صرح ودعا إلى شرب الخمر :
وهذا طبقاً لما جاء في رسالته الأولى إلى كورنثوس [ 11 : 21 _ 22 ]
ورسالته الأولى إلى تيموثاوس [ 3 : 8 ]
وهو القائل : (( لا تكن فيما بعد شراب ماء بل استعمل خمراً قليللاً من أجل معدتك وأسقامك الكثيرة )) [ رسالة بولس الأولى إلى تيموثاوس 5 : 23 ]
وكما تعلم أيها القارىء الكريم فإن كل انسان لديه معدة . وما أكثر أسقام البشر . ولو شرب كل ذي معدة خمراً مدعياً اعتلالها ، ولو شرب كل من يعاني سقماً خمراً ، أينجو أحــد من الخمر ؟ وماذا عساها أن تكون الخمر في حقيقة أمرها ؟
هناك آلاف من القساوسة المسيحيين غرر بهم وتدرجوا للوصول إلى الادمان الكامل عن طريق رشف ما يسمى بقليل من الخمر في التقليد الكنسي باقامة العشاء الرباني . . .
بولس يتهم الله سبحانه وتعالى بالظلم والجور !!
لقد ادعى بولس في احدى رساله أن الله سبحانه وتعالى يرسل للناس عمل الضلال ليصدقوا الكذب ثم يعاقبهم عليه !
فهو القائل : (( سَيُرْسِلُ اللهُ إِلَيْهِمْ طَاقَةَ الضَّلاَلِ حَتَّى يُصَدِّقُوا مَا هُوَ دَجْلٌ، 12فَتَقَعَ الدَّيْنُونَةُ عَلَى جَمِيعِ الَّذِينَ لَمْ يُؤْمِنُوا بِالْحَقِّ )) [ الرسالة الثانية الي أهل تسالونيكي 2 : 11 ]
بولس يتهم الله سبحانه وتعالى بالحماقة بكلام لا ذوق فيه !
يقول بولس في رسالته الاولى إلى كورنثوس [ 1 : 25 ] بدون روية أو تفكير : (( إن حماقة الله أعقل من الناس وضعف الله أشد قوة من الناس ))
ونحن نسأل :
هل تصح هذه المقارنة ؟!
وهل هذا التعبير فيه ذوق مع الله ؟
وهل هذا كلام يصح ان يكون من عند الله ؟
بولس يعترف انه كذاب !!
فهو القائل : (( وَلكِنْ، إِنْ كَانَ كَذِبِي يَجْعَلُ صِدْقَ اللهِ يَزْدَادُ لِمَجْدِهِ، فَلِمَاذَا أُدَانُ أَنَا بَعْدُ بِاعْتِبَارِي خَاطِئاً؟ )) [ رومية 3 : 7 ]
انه ينشر دين الله بالكذب والطرق الملتوية وهذا هو حال بعض المبشرين اليوم أمثال زكريا بطرس
بولس يزعم انه سيدين ملائكة الله !!
فهو القائل في رسالته الاولى الي كورنثوس [ 6 : 3 _ 4 ] :
(( أَمَا تَعْلَمُونَ أَنَّنَا سَنَدِينُ الْمَلاَئِكَةَ؟ أَفَلَيْسَ أَوْلَى بِنَا أَنْ نَحْكُمَ فِي قَضَايَا هَذِهِ الْحَيَاةِ؟ ))
بولس يعترف انه انسان تعيس ولا يسكن في جسده الصلاح !
يقول في رسالته الي اهل روما [ 7 : 15 _ 24 ] :
((15فَإِنَّ مَا أَفْعَلُهُ لاَ أَمْلِكُ السَّيْطَرَةَ عَلَيْهِ: إِذْ لاَ أُمَارِسُ مَا أُرِيدُهُ، وَإِنَّ مَا أُبْغِضُهُ فَإِيَّاهُ أَعْمَلُ. 16فَمَا دُمْتُ أَعْمَلُ مَا لاَ أُرِيدُهُ، فَإِنِّي أُصَادِقُ عَلَى صَوَابِ الشَّرِيعَةِ. 17فَالآنَ، إِذَنْ، لَيْسَ بَعْدُ أَنَا مَنْ يَفْعَلُ ذلِكَ، بَلِ الْخَطِيئَةُ الَّتِي تَسْكُنُ فِيَّ. 18لأَنَّنِي أَعْلَمُ أَنَّهُ فِيَّ، أَيْ فِي جَسَدِي، لاَ يَسْكُنُ الصَّلاَحُ: فَأَنْ أُرِيدَ الصَّلاَحَ ذَلِكَ مُتَوَفِّرٌ لَدَيَّ؛ وَأَمَّا أَنْ أَفْعَلَهُ، فَذَلِكَ لاَ أَسْتَطِيعُهُ. 19فَأَنَا لاَ أَعْمَلُ الصَّلاَحَ الَّذِي أُرِيدُهُ؛ وَإِنَّمَا الشَّرُّ الَّذِي لاَ أُرِيدُهُ فَإِيَّاهُ أُمَارِسُ. 20وَلكِنْ، إِنْ كَانَ مَا لاَ أُرِيدُهُ أَنَا إِيَّاهُ أَعْمَلُ، فَلَيْسَ بَعْدُ أَنَا مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ، بَلِ الْخَطِيئَةُ الَّتِي تَسْكُنُ فِيَّ. 21إِذَنْ، أَجِدُ نَفْسِي، أَنَا الَّذِي يُرِيدُ أَنْ يَعْمَلَ مَا هُوَ صَالِحٌ، خَاضِعاً لِهَذَا النَّامُوسِ: 22أَنَّ لَدَيَّ الشَّرَّ. فَإِنَّنِي، وَفْقاً لِلإِنْسَانِ الْبَاطِنِ فِيَّ، أَبْتَهِجُ بِشَرِيعَةِ اللهِ. 23وَلكِنَّنِي أَرَى فِي أَعْضَائِي نَامُوساً آخَرَ يُحَارِبُ الشَّرِيعَةَ الَّتِي يُرِيدُهَا عَقْلِي، وَيَجْعَلُنِي أَسِيراً لِنَامُوسِ الْخَطِيئَةِ الْكَائِنِ فِي أَعْضَائِي. 24فَيَا لِي مِنْ إِنْسَانٍ تَعِيسٍ ! ))
ان هذا الكلام الذي قاله بولس يتعارض مع ما قال يوحنا في رسالته الأولى : (( كل من هو مولود من الله لا يفعل خطيةٍ ، لأَنَّ طَبِيعَةَ اللهِ صَارَتْ ثَابِتَةً فِيهِ. بَلْ إِنَّهُ لاَ يَسْتَطِيعُ أَنْ يُمَارِسَ الْخَطِيئَةَ، لأَنَّهُ مَوْلُودٌ مِنَ اللهِ.10إِذَنْ، هَذَا هُوَ الْمِقِيَاسُ الَّذِي نُمَيِّزُ بِهِ بَيْنَ أَوْلاَدِ اللهِ وَأَوْلاَدِ إِبْلِيسَ.)) [ رسالة يوحنا الاولى 3 : 9 ]
فبحسب كلام يوحنا يكون بولس هو من اولاد أبليس !!!
وختاماً نسأل النصارى :
هل أنتم تقيمون الشعائر والطقوس والعبادات لبولس أم للمسيح ؟!
نريد إجابــة . . .
ونسأل الله العلي القدير أن يهدينا سواء السبيل ، ، ، ،