المسيحية بين التوحيد والتثليث :
null
بسم الله الرحمن الرحيم بسم الله الرحمان الرحيم وصلى الله على سيدنا محمد وآ له وصحبه


المسيحية بين التوحيد والتثليث
\

تعتبر كلمة الاخلاص مفتاح الدخول الى عالم الوحدانية،وعالم الوحدانية هو فطرة الله التي فطر الناس عليها،أماالالحاد و التعدد فطارئان، بديا عندما اختلت معايير التقدير عند الكائن البشري،وتحكمت فيه النوازع الذاتية،،وكل رسل الله مذ بعثوا كان جهادهم من أجل نشر توحيد الله ،ولم يذكر عن نبئ أنه قال لقومه اتخذوني إلاها من دون الله، كما أن رسالة عيسى عليه السلام هي تأكيد لما قبلها من الرسالات وعلى نسقها، ولما كان المسيحيون يؤمنون بالثورات فمن المفروض أيضا أن يطبقوا تعاليمها في وحدانية الله،و عيسىعليه السلام ترك حوارييه من بعده مؤمنين موحدين،لكن الامم والحضارات التي عايشت نشوء المسيحية اندمج أبناؤها بكثير من معتقداتهم في الدين الجديد، وحملوا معهم الكثير من طقوسهم رسخوها فيه ،إما عن دافع ديني أوتوجه سياسي،(ذلك أن حكمة الكنيسة المسيحية هدت آباءها الاولين الى قبول ما لم يستطيعوا له منعا من قديم التقاليد والعادات والمعتقدات ،بدليل استقبال الكنيسة لمبدأ تعدد الآلهة الراسخ بين شعوب البحر الابيض المتوسط،وتطويعها ذلك المبدأ لما تقتضيه عقائدها.....حتى تراءى للمفكرين أن الاعتقاد في الوحدانية أضحى للمسلم واليهودي دون غيره من المؤمنين بالله ...[1] )ويمكن اعتبار التثليث في المسيحية مرحلة نهائية بالنظر الىمعتقدات من قبلهم ،ذلك أن مسألة التثليث كانت ضمن الكثير من الاعتقادات في التاريخ القديم،فقد عرفها الاشوريون،وآمن بها البابليون، واعتنقعها الفرس،كما تبدوا ايضا في معتقدات الامم الشرقية القديمة،كالصين والهند وايضا في الفلسفة اليونانية، فالهنود اعتبروا إلاههم مكون من ثلاث أقانيم:( براهما—فيشنو--سيفا[2])كما ان الفرس رغم ثـنويتهم لهم اعتقاد في التثليث:(ارموز—اهريمان— ميطرا) وفي مصر القديمة وخصوصا ايام الاسرة الحادية عشرة(150//200)كان إلاههم (آمون) الذي ربما كان نتيجة اتحاد إلاه طيبة وإلاهmin وإلاه قفط[3] )ُ كما أن معبد (السرابيوم) الذي أقامه بطليموس الاول كان مركزا لعبادة إلاه من ثلاثة اقانيم:(سيرابيس/إيزيس / حوروس)
ربما كان دخول (بولس [4]) عاملا من عوامل الاندماج والانسلاخ في المسيحية،لانه هو الذي احدث فيها الكثير من التغيرات الخطيرة ،هو الذي حولها من ديانة خاصة بخراف الله الضالة بنى اسرائيل الى ديانة عالمية:كما أنه هو الذي قال بألوهية المسيح،وهو الذي أحدث كثيرا من التغيرات حتى تساءل الدكتور احمد شلبي قائلا:(في كلمة واحدة خلق دينا جديدا وسلب له كلمة المسيحية فوضعها عليه ،وطمس بذلك الديانة المسيحية الحقيقية، لماذا كل هذا؟وماذا اراد بولس بالمسيحية؟[5] ) حتى القرن الثاني من ميلاد المسيح كان جل المسيحيين ينكرون تعدد الالهة ويؤمنون بإلاه واحد،ولم يوجد في إنجيل (برنابا)وهو من اهم الاناجيل التي حاربتها الكنيسة وحاولت طمسها ذكر للتعدد،يقول الشيخ محمد رشيد رضا يأنه في الفترة الاولىللمسيح عليه السلام يرى مؤرخوا النصرانية انه كان هناك أناجيل كثيرة،وأن رجال الكنيسة قد اختاروا منها اربعة اناجيل ورفضوا الباقي [6] وانجيل برنابا الذي يتحدت عنه الشيخ طمست الكنيسة وجوده،كما طمست كل إ نجيل فيه ذكر للتوحيد، وقدجعله البابا (جلاسيوس/اوائل القرن الخامس الميلادي)ضمن لائحة الكتب الواجب تحريم تداولها وقرآءتها،وقد عثر على نسخة من هذا الانجيل في القرن 16 علما ان برنابا كان من حواريي السيد المسيح المقربين،الذين كتبوا تعاليمه،وضمن هذا الانجيل الذي يضم تعاليم السيد المسيح لاتوجد إشارة الى التثليث،وإنما التآكيد عل وحدانية الله،والاستدلال عليها بواسطة الايات الانجيلية (يوحنا 4*3 يقول السيد المسيح:(وهذه هي الحياة الابدية أن يعرفوك أنت الالاه الحقيقي وحدك ويسوع المسيح الذي ارسلته)وفيه :(إني أشهد أمام السماء،وأشهد كل ساكن على الارض،اني بريءمن كل ما قال الناس عني من أني أعظم بشر، لاني بشر مولود من امرأة وعرضة لحكم الله،أعيش كسائر البشر عرضة للشقاء العام/انجيل برنابا الاصحاح 94/1= 2 [7]) (فهذا الانجيل من أوله الى آخره لايوجد فيه من قول السيد المسيح عليه السلام ما يدل على التثليث[8])إذا فالتثليث بدعة جرت الكثير من الفتن بين المسيحيين،وادخلتهم في متاهات فسحت المجال امام السياسة لتبث في الامر وتحسم الخلاف لاانتصارا للحق ولكن خضوعا للمصالح الذاتية
إن الصراع بين أهل التوحيد واهل التثليث من أتباع الدين المسيحي قد شغل الناس طويلا،وفرض التوحيد وجوده عندما كان الصراع منحصرا في رجال الدين فقط لكن لما تدخلت السياسة وتظاهر الاباطرة نخوة وعنجهية [9]،ساد التثليث وانحسر التوحيد وتحالفت السياسة والدين، هذا التحالف الذي(هو المنبع الاصلي للغرور الدنيوي ،والطمع الذي كدر صفاء الحياة المسيحية في مختلف العصور[10])
يمكن تتبع سيناريو الصراع الذي عاشه الموحدون المسيحيون من خلال تاريخ الامبراطورية الرومانية وخصوصا أيام الامبراطور(قسطنطين/323/337)ومن تلاه ،ذلك انه حوالي سنة 312 رأى مجموعة من رجال الدين أن المسيحية بدأت تتحول الى تأليه السيد المسيح وبدأ أنصار التأليه يحاولون فرض توجههم،فنظم الموحدون مقاومتهم بزعامة القس (اريوس)اسقف (نيقوميديا)وتحول الجدل الديني الى صراع مسلح لم يعجب اسقف الاسكندرية فجمع مجموعة من القسس وألفوا مجمعا قرروا فيه الوهية السيد المسيح،كما اتهموا خصومهم بأنهم يحطون من مكانة المسيح وينزعون عنه صفة الالوهية،وكان رد فعل الموحدين أن عقدوا بدورهم مجمعامضادا،فبدأت بوادر فتنة دينية تظهر في الافق،فأرسل الامبراطور تحذيرا للاطراف داعيا لهم بعدم الخوض في امور لاعلم لهم بها قائلا:(ليس أحد منكم يستطيع أن يتحقق إن كان يسوع مخلوقا او مولودا فلو كان لهذه المسألة قيمة لما أغفل المسيح التكلم عنها[11])لكن نصيحة الامبراطور لم تجد آذانا مصغية من الطرفين،فأمر بعقد مجمع للبث في هذه المسألة ،فعقد (مجمع نيقية)سنة 325م حضره 2048 من رجال الدين وتغلب فيه انصار التوحيد فاحتال المثلثون لفضه خوفا من النتائج لكن الامبراطور أراد أن يحسم الامر لظروف سياسية كانت تعيشها البلاد ،فأمر بإعادة عقد المجمع الذي لم يحضره إلا318 من المثلثة وبتوجيه من الامبراطور تقرر مبدأ التثليث،وتقرر فرضه في كل الامبراطورية وتقررأيضا نفي اريوس الذي قضى في منفاه سنوات عدة ،لكنه لما عاد من منفاه عاد الصراع أكثر حدة ،إذ تراجع أكثر المتلثين بدعوى أن توقيعهم كان تحت الضغط وأنه غير ملزم، ودعوا الى عقد مجمع في (أنطاكية)علا فيه صوت الموحدين ممادعا الكثير الى التراجع عن القول بألوهية المسيح،فاعترض المثلثة وسموا انفسهم :اهل الرأي المستقيم:(ارتودكس)واعلنوا عداءهم للموحدة ومات اريوس وهو في غمرة الانتصار ومات الامبراطور ايضاسنة327وورث ابناؤه مملكته ولم يمت الخلاف بين انصار التوحيد والتثليث،وفي ايام الامبراطور (تيودور) ونظرا للظروف السياسية الني تعيشها البلاد خصوصا أمام هجمات القبائل البربرية الوافدة من الشمال،راى هذا الاخير أن مواجهة العدو الخارجي تتطلب حسم النزاعات الداخلية فأصدر بلاغا دعا فيه الى نبذ فكرة التوحيد والاتفاق على التثليث مهددا بأشد العقوبات لمن وحد،لكن الامر استمر على ماهو عليه خصوصا في المناطق الشرقية من الامبراطورية......هناك عمد رجال الدين الى الكيد واستعمال الحيلة،ونفذالخطة القس (امفيلوك) --وهومن أنصار التثليث-- خطط لمغامرة جريئة قامر بها للقضاء على الموحدين إذ تقدم في حفل عام بفروض الولاء الى الامبراطور لكنه لم يقدم نفس الاحترام الى ولي عهده مثيرا بذلك غضب الامبراطور ووالدته،فلما رأى القس تجهم ملكه قال له في مكر ودهاء :غضبت مولاي لانني لم اول ولي عهدك الاحترام الذي تراه لائقا به لكن ماراي مولاي فيمن لايولي ابن الله الوحيد حفه من الاحترام والتقديس،ألايمقتهم رب السماء والارض؟)في كلام أثار حمية الامبراطور وجعله يفكر جديا في القضاء على أنصار التوحيد،وهكذا وبفعل جهود تلامذة (بولس)ومكر (امفلوك) وحمية الامبراطور اسكت صوت التوحيد ليحل مكانه صوت الاب والابن والروح القدس...


مراكش محمد ابوقاسم
************************************************************ *****************************



























و :مفهوم الوسطية في الاسلام
كتب في الطريق منها1 شرح الايات الكونية في القرآن و2الاسلام هذا الدين المفترى عليه و:3 في الفكر والسياسة --
مشاركات في مجلات عربية، منها الوعي الاسلام :وأما الزبد فيذهب جفاء/ عدد312وفي جريدة الشرق الاوسط العددان:3683 و4257 وفي جرائد مغربية




[1] ناريخ اوربا العصر الوسيط فيشر ترجمة زيادة والعريني ص 79

موسوعة القرن العشرين ج 10 ص 198

[3] الازمنة والامكنة هاولد بيك ترجمة غلاب وزرقانه ص 178

[4] كان بولس يهوديا متعصبا فتك بالكثير ممن اعتنق المسيحية وكان اسمه شاؤول وفي طريقه من اورشليم الى دمشق ادعى ان المسيح خاطبة حسب انجيل لوقا قائلا:قم وكرز بالمسيحية

[5] الدكتور احمد شلبي مقارنة الاديان المسيحية ص 103

[6] مقدمة انجيل برنابا الشيخ محمد رشيد رضا+ثورة الاسلام للدكتور احمد زكي ابوشادي ص 125

[7] مقارنة الاديان للدكتور احمد شلبي ص 188

[8] د ابوشادي ثورة الاسلام ص128