علاقة الاستغفار بالنصر على اليهود الفجار

[د.ربيع أحمد]

و تسلط العدو على بلد من البلاد و تقتيله في أهل البلد و تشريده لهم نوع من العذاب و الابتلاء و الاستغفار سبب لرفع العذاب قال تعالى : ﴿ وَمَا كَانَ اللّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ ﴾[1] أي : وما كان الله سبحانه وتعالى ليعذِّب هؤلاء المشركين, وأنت -أيها الرسول- بين ظهرانَيْهم, وما كان الله معذِّبهم, وهم يستغفرون من ذنوبهم[2] و يستفاد من الآية الكريمة : فضيلة الاستغفار وأنه ينجى من عذاب الدنيا والآخرة [3].

و الله قد أمرنا بالاستغفار فمن يستغفر الله فقد أطاع الله فالطاعة فعل ما أمر الشرع و ترك ما نهى عنه الشرع و الله قد أمر بالاستغفار قال تعالى : ﴿ وَاسْتَغْفِرُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ﴾[4] فمن يستغفر فقد فعل ما أمر به الله أي أطاعه و من يطع الله فقد حفظ الله فيحفظه الله من كل مكروه و سوء و لاشك أن أذى العدو و تدميره و تقتيله و تجريحه في الناس نوع من الأذى الذي يدفع بحفظ أوامر الله و اجتناب نواهيه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « يا غلام إني أعلمك كلمات احفظ الله يحفظك احفظ الله تجده تجاهك إذا سألت فاسأل الله وإذا استعنت فاستعن بالله واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك ولو اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك رفعت الأقلام وجفت الصحف »[5]

و الاستغفار سبب في كثرة الخيرات قال تعالى : ﴿ فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَاراً وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَاراً ﴾[6] أي : فقلت لقومي: سلوا ربكم غفران ذنوبكم, وتوبوا إليه من كفركم, إنه تعالى كان غفارًا لمن تاب من عباده ورجع إليه.إن تتوبوا وتستغفروا يُنْزِلِ الله عليكم المطر غزيرًا متتابعًا ويكثرْ أموالكم وأولادكم, ويجعلْ لكم حدائق تَنْعَمون بثمارها وجمالها, ويجعل لكم الأنهار التي تسقون منها زرعكم ومواشيكم[7].و كثرة الخيرات تكون بزيادة أسباب الخير و منع ما ينقصها و لاشك أن العدو ينقص الخيرات و يدمر و يهدم و يهلك الحرث و النسل و من فضائل الاستغفار منع نقص الخيرات و هذا لا يتحقق إلا بمنع أسباب نقص الخيرات ومن ضمنها العدوان قال الشيخ أبو بكر الجزائري : (( استنبط بعض الصالحين من هذه الآية أن من كانت له رغبة في مال أو ولد فليكثر من الاستغفار الليل والنهار ولا يمل يعطه الله تعالى مراده من المال والولد )) [8].



و الاستغفار سبب في زيادة القوة قال تعالى : ﴿ و َيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَاراً وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ وَلاَ تَتَوَلَّوْاْ مُجْرِمِينَ ﴾[9] أي : ويا قوم اطلبوا مغفرة الله والإيمان به, ثم توبوا إليه من ذنوبكم, فإنكم إن فعلتم ذلك يرسل المطر عليكم متتابعًا كثيرًا, فتكثر خيراتكم، ويزدكم قوة إلى قوتكم بكثرة ذرياتكم وتتابع النِّعم عليكم, ولا تُعرضوا عما دعوتكم إليه مصرِّين على إجرامكم[10].قال الإمام السمرقندي : (( ﴿ وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ ﴾ يعني : شدة مع شدتكم بالماء والولد . ويقال : صحة الجسم ، وطول العمر ))[11] . و قوة أي قوم من أسباب النصر على أعدائهم و يستفاد من الآية الكريمة : فضل الاستغفار و وجوب التوبة [12].

[1] - الأنفال الآية 33
[2] - التفسير الميسر
[3] - أيسر التفاسير لأبي بكر الجزائري
[4] - البقرة من الآية 199
[5] - جامع الترمذي حديث رقم 2516 قال الألباني : حديث صحيح
[6] - نوح الآيات 10 - 12
[7] - التفسير الميسر
[8] - أيسر التفاسير لأبي بكر الجزائري
[9] - هود الآية 52
[10] - التفسير الميسر
[11] - بحر العلوم للمسرقندي
[12] - أيسر التفاسير لأبي بكر الجزائري
__________________

[د.ربيع أحمد]

و إليكم


سيد الاستغفار فعن شداد بن أوس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « سيد الاستغفار أن تقول اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت خلقتني وأنا عبدك وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت أعوذ بك من شر ما صنعت أبوء لك بنعمتك علي وأبوء بذنبي فاغفر لي فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت . قال : ومن قالها من النهار موقنا بها فمات من يومه قبل أن يمسي فهو من أهل الجنة و من قالها من الليل و هو موقن بها فمات قبل أن يصبح فهو من أهل الجنة »[1] و سيد الاستغفار أي أي أفضل أنواع الأذكار التي تطلب بها المغفرة هذا الذكر الجامع لمعاني التوبة كلها، والاستغفار طلب المغفرة، والمغفرة الستر للذنوب والعفو عنها، قال الطيبي: لما كان هذا الدعاء جامعاً لمعاني التوبة كلها استعير له اسم السيد وهو في الأصل للرئيس الذي يقصد في الحوائج ويرجع إليه في المهمات[2] .


و من صيغ الاستغفار أيضا ما رواه أبو بكر الصديق أنه قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم : علمني الدعاء أدعو به في صلاتي . قال : « قل : اللهم إني ظلمت نفسي ظلما كثيرا ، ولا يغفر الذنوب إلا أنت ، فاغفر لي مغفرة من عندك ، وارحمني ، إنك أنت الغفور الرحيم »[3].



و إليكم هذا الحديث الذي رواه أبو سعيد الخدري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : « من قال حين يأوي إلى فراشه ، أستغفر الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم ، وأتوب إليه ، ثلاث مرات ، غفر الله له ذنوبه ، وإن كانت مثل زبد البحر ، وإن كانت عدد ورق الشجر ، وإن كانت عدد رمل عالج ، وإن كانت عدد أيام الدنيا »[4] .


فيا أخواني و أخواتي الفضلاء هلموا إلى الاستغفار ينصركم الله على اليهود الفجار و يمددكم بالأموال و البنين و الجنات و الأنهار هذا والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات و كتب ربيع أحمد سيد بكالوريوس الطب والجراحة الثلاثاء 9 محرم 1430 هـ 6 /1 / 2009 م

[1] - رواه البخاري في صحيحه
[2] - فيض القدير للمناوي
[3] - رواه البخاري في صحيحه رقم 834
[4] - قال الألباني : حديث صحيح جامع الترمذي حديث رقم 3577