وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ
يعتقد النصارى وغيرهم من اعداء الاسلام والحاقدين ان معنى هذه الايه ان الشيطان القى شئ فى تلاوة النبى عليه الصلاة والسلام واوحاه اليه فقرأه على قومه حتى يصلوا الى القول بان هذا القرءان من وحى الشيطان والعياذ بالله نقول اولا ان رد هذا الافتراء يكون من عدة جوانب
الاول ان القرءان كلام الله المتعبد بتلاوته نزل به الروح الامين جبريل عليه الصلاة والسلام على قلب النبى الامين قال تعال انا نحن نزلنا الذكر وانا له لحافظون اى ان الله تعالى هو من انزل هذا القرءان وتعهد بحفظه من كل تحريف وتبديل الى ان يرفع من الصدور والمصاحف فى اخر الزمان
ثانيا هذا القرءان ليس من عند الشيطان انما هو من عند الله تعالى قال تعالى وما تنزلت به الشياطين وما ينبغى لهم وما يستطيعون فكيف يكون من عند الشيطان عياذا بالله
ثالثا هذا القرءان ليس من كلام الشيطان انما هو قول وكلام رب العالمين قال تعالى وما هو بقول شيطان رجيم
رابعا هذا القرءان يدعوا لعبادة الله الواحد القهار والقرءان كله يؤيد ذلك ولو كان من عند الشيطان عياذا بالله ما حذر البشر من عبادة الشيطان وموالاته قال تعالى الم اعهد اليكم يا بنى ادم الا تعبدوا الشيطان انه لكم عدو مبين وان اعبدونى هذا صراط مستقيم ولقد اضل منكم جبلا كثيرا افلم تكونوا تعقلون وقال تعالى افتتخذونه وذريته اولياء من دونى وهم لكم عدو بئس للظالمين بدلا
فهل بعد ذلك يستطيع صاحب عقل سوى مدرك لاقل الحقائق ان يزعم او يفترى ان هذا القرءان ليس من عند الله
اود ان اشير الى امر قبل ان اشرح معنى الايه الكريمه التى تعلق بها الافتراء ان اعداء الاسلام يستدلون برواية وقصة الغرانيق الباطله لتأكيد زعمهم ان القرءان من وحى الشيطان واقول ان هذه الروايه لا تصح سندا وموضوعا كما قال بذلك اهل العلم اى انها محض افتراء كاذب على رسول الله ما قام عليه دليل من قرءان ولا سنه ولا يصح مطلقا الاستناد اليها او التعويل عليها لانه لا اصل لها
سيقول قائل طالما انها كذلك لما جاءت فى كتب المسلمين اقول الاصل عندنا القرءان والسنه الصحيحه من قول وفعل النبى عليه الصلاة والسلام ومعنى سنه صحيحه او قول او فعل او تقرير ثبت عن رسول الله عليه الصلاة والسلام وما خالف ذلك تركناه ولم نلتفت اليه ولو جاءنا من خيرة علماء الامه الا ان يكون اجتهاد فيما ليس فيه اصل والقصه رواها الطبرى وتابعه بعضهم باسانيد لم تصح واخبار واهيه فلو جاءنا خبر يخالف كتاب الله تعالى رددناه ولم نلتفت اليه لان الجميع يؤخذ من كلامه ويرد عليه الا النبى عليه الصلاة والسلام لانه المبلغ عن رب العالمين والعصمه دفنت بموته عليه الصلاة والسلام
وليس هناك ما يمنع ان يذكر الطبرى خبر فى تفسيره او السيوطى او غيرهم روايه او حديث باطل او مكذوب توهم ناقله فيه شئ من الصحه ونقله لها فى هذه الحاله يكون من باب امانة العلم فى النقل انما ماذكر الطبرى او غيره انها صحيحه واقام على صحتها دليل
ولا يفهم من كلامنا طعنا فى علماء الامه فهم رجال لكنهم لم تثبت لهم عصمه من الخطأ فى النقل وتفسير الطبرى اجتهاد منه فى تفسير كلام رب العالمين يؤجر عليه
والان مع الاهم مع معنى قوله تعالى الا اذا تمنى القى الشيطان فى امنيته نقول
اولا التمنى والامنيه هو الشئ المحبب الى النفس وما كان هناك شئ احب الى نفوس الانبياء والمرسلين من عبادة الله تعالى وحده وهداية الناس الى الحق فتكون امنية كل نبى او رسول هى هدايةودعوة قومه الى عبادة الله الواحد القهار وهذا ثابت فى القرءان الكريم فى اكثر من موضع واثبت القرءان اجتهاد الانبياء والمرسلين فى دعوة اقوامهم مثل نوح عليه السلام الذى ظل فى قومه قرابة الف سنة وما امن معه الا قليل وهود عليه السلام وصالح ولوط وشعيب وابراهيم الذى قال لابيه يا ابت لا تعبد الشيطان ان الشيطان كان للرحمن عصيا وكلهم فعلوا ذلك حتى ان الله تعالى عاتب النبى عليه الصلاة والسلام فى شدة حرصه على هداية قومه فقال تعالى فلعلك بخع نفسك على اثارهم ان لم يؤمنوا بهذا الحديث اسفا فتكون امنية كل نبى هى دعوة الناس وهدايتهم للخير فى عبادة الله تعالى
اما الشيطان فانه يتمنى لبنى ادم الكفر والضلال ويدعوهم الى النار قال تعالى على لسان ابليس لعنه الله فبعزتك لاغوينهم اجمعين الا عبادك منهم المخلصين فتكون امنية الشيطان ضلال وكفر البشر وذلك بصدهم عن الانبياء والمرسلين وعن الصراط المستقيم وتزين الباطل حقا وتحريضهم على محاربة الحق واهله وذلك بمحاربته للانبياء والمرسلين وهذا ثابت ايضا فى اكثر من موضع من كتاب الله تعالى لذلك فان الله تعالى يؤيد رسله بالحق الذى انزله عليهم قال تعالى وانه لتنزيل رب العالمين نزل به الروح الامين
افقر العباد الى عفو ربه
ابو اسامه المصرى