قال المسيح عيسى عليه السلام:الكتاب المقدس يدين بطرس وبولس ويوحنا(3)
(1) انْظُرُوا! لاَ يُضِلُّكُمْ أَحَدٌ. فَإِنَّ كَثِيرِينَ سَيَأْتُونَ بِاسْمِي قَائِلِينَ: إِنِّي أَنَا هُوَ! وَيُضِلُّونَ كَثِيرِينَ(وأضاف لوقا(21: 8): قائلين إني أنا هو، والزمان قد قرب، فلا تذهبوا وراءهم).
(2) حِينَئِذٍ إِنْ قَالَ لَكُمْ أَحَدٌ: هُوَذَا الْمَسِيحُ هُنَا! أَوْ: هُوَذَا هُنَاكَ! فَلاَ تُصَدِّقُوا. لأَنَّهُ سَيَقُومُ مُسَحَاءُ كَذَبَةٌ وَأَنْبِيَاءُ كَذَبَةٌ، وَيُعْطُونَ آيَاتٍ وَعَجَائِبَ، لِكَيْ يُضِلُّوا لَوْ أَمْكَنَ الْمُخْتَارِينَ أَيْضًا. فَانْظُرُوا أَنْتُمْ. هَا أَنَا قَدْ سَبَقْتُ وَأَخْبَرْتُكُمْ بِكُلِّ شَيْءٍ.
(3) اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: لاَ يَمْضِي هذَا الْجِيلُ حَتَّى يَكُونَ هذَا كُلُّهُ.
(مرقس 13: 5ـ6، 23، 30)
لقد تناولنا هذه النبوة من قبلُ بإيجاز وإطناب، وأستميح القارئ الكريم عذرا في إعادة تناولها بشيء قليل من الإسهاب.
هذه النبوة من الأهمية بمكان؛ ولن تُفْهم حقّ فهمها إلا بكتابتها هكذا، ذلك لأن كاتب إنجيل مرقس (كذلك متى ولوقا)، حشر في هذه النبوة نبوات تتحدث عن انقضاء العالم؛ وعليه، فليس هناك إلا احتمالان:
إما: أن هذه النبوة تتحدث عن انقضاء العالم فعلا، وبالتالي فإنها لم تتحقق، ذلك لأن المسيح ـ عليه السلام ـ قال إن كل ذلك سيتحقق قبل أن ينقرض جيله؛ وهذا يعني بُطلان الأناجيل التي أوردتها، وبالتالي بُطلان النصرانية.
أو: أن هذه النبوة قد تحققت على النحو الذي سنذكره، مما يؤدي أيضا إلى ذات النتيجة، وهي بُطْلان النصرانية.
ولا بد من أحدهما!
ولنبدأ بتحليل كلام المسيح ـ عليه السلام ـ فقرة فقرة:***
(1) في الفقرة الأولى يحذر المسيح من أناس سيأتون باسمه، ويقولون إنه أنا هو، أي الله! لماذا؟ لأن الله قال: ( أنا أنا هو وليس إله معي ) تثنية 32: 39 ، وفي أشعياء 43: 10 (لكي تعرفوا وتؤمنوا بي وتفهموا أني أنا هو. قبلي لم يصور اله وبعدي لا يكون.. وأنا الله، أنا هو)؛ إذن فـ [ الله = أنا هو] ، إذن فكلام المسيح ـ عليه السلام ـ واضح: ( انظروا لا يضلكم أحد فإن كثيرين سيأتون باسمي قائلين إني الله ويضلون كثيرين).
مَن يحاول أن يقول إن المسيح ـ عليه السلام ـ يتحدث عن أناس سيقول الواحد منهم إنه المسيح فكلامه مردود، لسبب لغوي وآخر منطقي وثالث تاريخي .
فالسبب اللغوي أن الصياغة لا تحتمل إلا المعنى الذي ذكرناه ، ولو كان كلامهم صحيحا لكانت الصياغة ستكون هكذا ( فإن كثيرين سيأتون باسمي قائلين إنهم أنا ) ، انتبه لهذا جيدا .
والسبب المنطقي هو أن المسيح قال ( سيأتون باسمي ) ، فلا يعقل أن يكون أحد أتى باسم واحد ثم يكون هو ذلك الواحد ! من أتى باسم الله فليس هو الله تأكيدا !.
والسبب التاريخي أنه لم يأت أحد قط زاعما أنه المسيح وأضل كثيرين! بل الذي حدث فعلا هو أنه جاء أناس باسم المسيح قائلين إنه الله وأضلوا كثيرين !!!
* وتقول النبوة بأن هؤلاء سيقولون: إن الزمان قد قرب، أي إنها نهاية العالم!.
(2) في الفقرة الثانية أوضح المسيح عليه السلام أن هؤلاء الذين سيأتون باسمه سيصنعون معجزات؛ وسيقولون رأينا المسيح هنا، ورأيناه هناك، كل هذا إضلالا للناس.
(3) وفي الفقرة الثالثة أوضح أنهم سيكونون من أبناء جيله.
***
ولْنطبِّق الآن هذا الكلام على رسل النصرانية، مرتبين كلامنا حسب ترتيب الفقرات أعلاه:
(1) لا جدالَ في أن بولس وبطرس يوحنا وغيرهم من رسل النصرانية، قد جاءوا باسم المسيح؛ قال بطرس: (باسم يسوع الناصري) أعمال 3: 6؛ أما بولس فقد (جاهر في دمشق باسم يسوع) أعمال 9: 27؛ وظل يردد مثل عبارة: (باسم ربنا يسوع المسيح ) 1 كورنثوس 5/4. وعموما فقد ظهر أنبياء كثيرون جدا (أعمال 2/17، 1كورنثوس14/5)، وكلهم اعتمدوا باسم يسوع المسيح (أعمال 8: 12).
وقال المسيح ـ عليه السلام ـ إنهم :(سيأتون باسمي قائلين إني أنا هو).
تأمل ما يلي؛ جاء في إنجيل يوحنا:
(فقال لهم يسوع متى رفعتم ابن الإنسان فحينئذ تفهمون أني أنا هو) 8: 28.
(إن لم تؤمنوا أني أنا هو تموتون في خطاياكم ) 8: 24.
وكنتيجة حتمية لهذا الكلام، فقد ضل كثيرون.
*وأضاف المسيح إن هؤلاء سيقولون إن الزمان قد قرُب، تأمل:
جاء في رسالة يوحنا الأولى: (أيها الأولاد هي الساعة الأخيرة.وكما سمعتم أن ضد المسيح يأتي قد صار الآن أضداد للمسيح كثيرون.من هنا نعلم أنها الساعة الأخيرة) 1يوحنا 2: 18.
وقال بولس:) ولكن الروح يقول صريحا انه في الأزمنة الأخيرة يرتد قوم عن الايمان) 1 تيموثاوس 4: 1.
وقال بطرس معللا تنبّؤ الكثيرين: (يقول الله ويكون في الأيام الأخيرة أني اسكب من روحي على كل بشر فيتنبأ بنوكم وبناتكم)أعمال 2: 17.
(2) قال المسيح عيسى عليه السلام: (حينئذ إن قال لكم أحد هو ذا المسيح هنا أو هو ذا هناك فلا تصدقوا)؛ فهل كان ينبغي عليهم أن يصدقوا من قال لهم إن المسيح قام من الأموات؟ كأولئك الاثنين المنطلقين في البرية لقرية عمواس، أو مثل ما رواه لوقا في الأصحاح 24؛ أو كلام النساء الذي بدا لبطرس كالهذيان، حتى جرى كالمجنون إلى القبر، فما وجد المسيح هناك، أو قصة بولس حين زعم أنه كان سائرا لدمشق ورأى المسيح في الطريق، تلك القصة التي بينا ما فيها من تناقض واختلاف؛ أو روايات القيامة المليئة بالاختلافات والتناقضات حسبما هو في نهايات الأناجيل، تلك الروايات التي جعلت آخر من رأوه (سجدوا له ولكن بعضهم شكّوا( متى 28: 17. فإذا كان الشك قد خامر أولئك الاثني عشر ، أو قل الأحد عشر، الذين ظلوا يتجولون معه، والذين أعطاهم السلطان الكامل على كل شيء؛ إذا كان بعض هؤلاء شك!!! فما بالك ببقية الرجرجة والرعاع والدهماء؟ وهل تنبني عقيدة على مثل تلك الأحداث؟. ثم ألم يخلصهم المسيح من عناء الشك هذا عندما نهاهم قائلا: (فلا تصدقوا!! فلا تذهبوا وراءهم!!).
هل هناك من عذر بعدُ لمن صدق بولس وبطرس ويوحنا وذهب وراءهم؟.
* ثم قال المسيح: (ويعطون آيات وعجائب لكي يضلوا المختارين أيضا، ها أنا قد سبقت وأخبرتكم بكل شيء)
تأمل القصتين الآتيتين: (وصعد بطرس ويوحنا معا إلى الهيكل في ساعة الصلاة التاسعة. وكان رجل أعرج من بطن أمه يحمل.كانوا يضعونه كل يوم عند باب الهيكل الذي يقال له الجميل ليسأل صدقة من الذين يدخلون الهيكل. فهذا لما رأى بطرس ويوحنا مزمعين أن يدخلا الهيكل سأل ليأخذ صدقة. فتفرس فيه بطرس مع يوحنا وقال انظر إلينا. فلاحظهما منتظرا أن يأخذ منهما شيئا. فقال بطرس ليس لي فضة ولا ذهب ولكن الذي لي فإياه أعطيك.باسم يسوع المسيح الناصري قم وامش. وامسكه بيده اليمنى وأقامه ففي الحال) أعمال 3: 1ـ7.
(وحدث بينما كنا ذاهبين إلى الصلاة أن جارية بها روح عرافةاستقبلتنا. وكانت تكسب مواليها مكسبا كثيرا بعرافتها. هذه اتبعت بولس وإيانا وصرخت قائلة هؤلاء الناس هم عبيد الله العلي الذين ينادون لكم بطريق الخلاص. وكانت تفعل هذا أياما كثيرة. فضجر بولس والتفت إلى الروح وقال أنا آمرك باسم يسوع المسيح أن تخرج منها. فخرج في تلك الساعة) أعمال 16: 16ـ18.
هذه الآيات تنبأ بها المسيح وفسّرها حين أعلن أن الشياطين ستسكن ذلك الجيل، الذي ظل يصفه بالجيل الفاسق الشرّير، ولقد رأينا مثل هذه المعجزات في (الزار) وغيره من أعمال الشياطين، قال المسيح عيسى عليه السلام: (إذا خرج الروح النجس من الإنسان يجتاز في أماكن ليس فيها ماء يطلب راحة ولا يجد. ثم يقول ارجع إلى بيتي الذي خرجت منه.فيأتي ويجده فارغا مكنوسا مزينا. ثم يذهب ويأخذ معه سبعة أرواح أخر اشر منه فتدخل وتسكن هناك.فتصير أواخر ذلك الإنسان اشر من اوائله.هكذا يكون أيضا لهذا الجيل الشرير) متى 12: 44ـ 45؛ هذه نبوة في غاية الأهمية، تبين الشر الذي سيلحق بجيل المسيح بعد ذهابه، وسُكْنى الشياطين لهم، ولقد حذف لوقا (أصحاح 11) حذف عبارة: هكذا يكون أيضا لهذا الجيل الشرير!.
وهل لاحظت في القصة الثانية ماذا كانت تقول الروح النجسة التي انتهرها بولس فخرجت؟ كانت تقول: إن بولس ومجموعته عبيد الله الذين يدعون لطريق الخلاص! ثمة ملاحظة إلى أن عبارة ابن الله كانت ترددها الشياطين أمام المسيح، ثم لم يطلقها أمامه عليه من الناس إلا بطرس الذي انتهره المسيح وقال له: (اذهب عني يا شيطان) كما أوضحنا. فاعْجَبْ لدينٍ يجري على ألسنة الشياطين!!!
ومن التناقضات، أن يوحنا قد حذر من مثل تلك الأرواح: ( أيها الأحباء لا تصدقوا كل روح بل امتحنوا الأرواح ، هل هي من الله ؟ لأن أنبياء كذبة كثيرين قد خرجوا إلى العالم ) 1 يوحنا 4/1
هذا، ومن المعلوم أن الشياطين تمد أصحابها بشيء من الخوارق إضلالا للناس.
(3) ثم قال المسيح: (الحق أقول لكم لن يمضي هذا الجيل حتى يكون هذا كله).
ولقد صدق المسيح ـ عليه السلام ـ ، فقد سكنت الشياطين جيله الفاسق الشرير، الذي آذاه وابتعد عنه وفرّ، وسعى في قتله، (ولأجل هذا سيرسلإليهم الله عمل الضلال حتى يصدقوا الكذبلكي يُدان جميع الذين لم يصدقوا الحق بل سروا بالاثم) 2 تسالونيكي2: 11، فظهر الأنبياء الكذبة، وصنعوا باسم المسيح المعجزات؛ فضلوا وأضلوا، وسوف ينكرهم المسيح ـ عليه السلام ـ يوم القيامة، ويصفهم بفاعلي الإثم(متى 7: 21ـ 23)، وفاعلي الظلم (لوقا 13: 22ـ 30)، مصداقا لقول الله تعالى في القرآن الكريم: (ويوم القيامة سيكون عليهم شهيدا) النساء 159.
المفضلات