الدكتور زغلول النجار يكتب عن (قضية الإعجاز العلمي للقرآن وضوابط التعامل معها)

آخـــر الـــمـــشـــاركــــات


مـواقـع شـقــيـقـة
شبكة الفرقان الإسلامية شبكة سبيل الإسلام شبكة كلمة سواء الدعوية منتديات حراس العقيدة
البشارة الإسلامية منتديات طريق الإيمان منتدى التوحيد مكتبة المهتدون
موقع الشيخ احمد ديدات تليفزيون الحقيقة شبكة برسوميات شبكة المسيح كلمة الله
غرفة الحوار الإسلامي المسيحي مكافح الشبهات شبكة الحقيقة الإسلامية موقع بشارة المسيح
شبكة البهائية فى الميزان شبكة الأحمدية فى الميزان مركز براهين شبكة ضد الإلحاد

يرجى عدم تناول موضوعات سياسية حتى لا تتعرض العضوية للحظر

 

       

         

 

    

 

 

    

 

الدكتور زغلول النجار يكتب عن (قضية الإعجاز العلمي للقرآن وضوابط التعامل معها)

النتائج 1 إلى 1 من 1

الموضوع: الدكتور زغلول النجار يكتب عن (قضية الإعجاز العلمي للقرآن وضوابط التعامل معها)

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Apr 2005
    المشاركات
    2,584
    الدين
    الإسلام
    الجنس
    ذكر
    آخر نشاط
    18-08-2023
    على الساعة
    03:23 PM

    الدكتور زغلول النجار يكتب عن (قضية الإعجاز العلمي للقرآن وضوابط التعامل معها)

    وقفة قبل الانطلاق

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. قبل أن ندخل في الشبهات المثارة حول الإعجاز والتفسير العلمي للقرآن أو السنة والرد عليها رأينا لزاماً علينا أن نقف بعض الوقت لنلقي نظرة عامة على الموضوع من كل جوانبه، ولذلك نقدم لكم هذا المقال المختصر، علَّ الضباب الموجود حول هذه القضية ينقشع.

    أولاً : نبذة عن إعجاز للقرآن الكريم:
    تعريف لفظة (الإعجاز):
    (الإعجاز) لفظة مشتقة من إثبات (العُجْز) وهو الضعف وعدم القدرة . يقال : (عَجَزَ) عن كذا : أي لم يقدر عليه، فهو (عَاجِز) عن الإتيان به ، وجمعه (عَوَاجِز) . يقال : (عَجَزَ) (عَجْزَاً) و(عُجُوزَاً) ، و(عَجَزَانَاً) و(مَِعْجِزَاً) بفتح الجيم وكسرها، و(مَعْجَِزة) أيضا بفتح الجيم وكسرها، ولذا يقال : رجل (عَجُِز) بضم الجيم وكسرها أي (عَاجَز) ، وامرأة (عَاجِزَة) و(عَاجِز) ، كما يقال : (عَجَّزَهُ) الشيء أو الأمر بمعنى فاته ولم يقدر عليه.
    ويقال : (عَجَّزَهُ) و(أَعْجَزَهُ) و(اسْتَعْجَزَهُ) أي صَيَّرَهُ (عَاجِزَاً) نسبة إلى (العَجْزِ) ، وتستعار لمعنى التثبيط أي بمعنى ثَبَّطَهُ.

    كما يقال : (عَاجَزَهُ) (مُعَاجَزَةً) أي سابقة مسابقةً، و(تَعَجَّزَ) أي ادعى (العَجْزَ) ؛ و(الأَعْجَز) هو العظيم العجز، ومؤنثه (العَجْزَاء)، و(المِعْجَاز) هو الدائم العجز، و(المَعْجُوز) الذي (أُعْجِزَ). ويقال : (عَجُزَ) (عُجُوزَاً) أي صار (عَجُوزَاً)، و(العَجُوزَ) وجمعه (عُجُز) و(عَجَائِز) المرأة المسنة. و(العَجُِز) وجمعه (أَعْجَاز) مؤخر الشيء أو الجسم (وتكتب بفتح الجيم وكسرها وضمها وبفتح العين وضم الجيم أو كسرها) ، و(عَجُز) بيت الشعر هو الشطر الثاني منه، و(أَعْجَاز) النخل هي أصولها. ويقال : (أَعْجَزَ) في الكلام أي أدى لمعانيه بأبلغ الأساليب. و(الإِعْجَاز) بمعنى السبق والفوت، مصدر من (أَعْجَزَ).
    وعلى ذلك تُعَرَّف (المُعْجِزَة) ـ وجمعها (المُعْجِزَات) ـ بأنها: الأمر الخارق للعادة، السالم من المعارضة، المقرون بالتحدي لعجز البشر عن الإتيان بمثله.
    و(إِعْجَاز) القرآن الكريم معناه (عَجْز) الخلق أجمعين ـ إنسهم وجنهم، فرادى ومجتمعين ـ عن أن يأتوا بشيء من مثله، ولذلك أنزل ربنا ـ سبحانه وتعالى ـ في محكم كتابه هذا التحدي الأزلي الذي يقول فيه:
    " قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً " (الإسراء:88).
    ويقول ـ سبحانه وتعالى ـ :
    * " وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِّنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ . فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ " (البقرة:23،24).
    * " وَمَا كَانَ هَذَا الْقُرْآنُ أَنْ يُفْتَرَى مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ الْكِتَابِ لا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ . أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ " (يونس:37،38).
    * " أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ " (هود:13).
    * ويؤكد الله ـ سبحانه وتعالى ـ على كمال القرآن الكريم فيقول :
    " أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً " (النساء:82).
    ويقول ـ سبحانه وتعالى ـ :
    * " إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ . فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ . لا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ . تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ " (الواقعة:77-80).
    * " بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ . فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ " (البروج:21،22).
    * " ذَلِكَ الْكِتَابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ " (البقرة:2).
    * " إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ وَلا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيماً " (النساء:105).

    تعريف الإعجاز العلمي للقرآن الكريم:
    إن تعبير (الإعجاز العلمي للقرآن الكريم) يقصد به سبق هذا الكتاب العزيز بالإشارة إلى عدد من حقائق الكون وظواهره التي لم تتمكن العلوم المكتسبة من الوصول إلى فهم شيء منها إلا بعد قرون متطاولة من تنزل القرآن الكريم، تزيد طولها على عشرة قرون كاملة في أقل تقدير لها، ولا يمكن لعاقل أن يتصور لهذه الحقائق العلمية مصدراً غير الله الخالق ـ سبحانه وتعالى ـ حيث لم يكن ممكنا لأي من البشر إدراكها في زمن الوحي ولا لقرون عديدة من بعده، وفى إثبات ذلك تأكيد لأهل العلم في عصرنا أن القرآن الكريم هو كلام الله الخالق الذي أنزله بعلمه على خاتم أنبيائه ورسله، وتصديق للنبي الخاتم والرسول الخاتم ـ صلى الله عليه وسلم ـ في نبوته ورسالته، وفى التبليغ عن ربه.

    ثانياً : القرآن الكريم كتاب هداية:
    القرآن الكريم كتاب هداية للبشر في القضايا التي لا يمكن للإنسان أن يضع لنفسه فيها ضوابط صحيحة، مثل قضايا العقيدة‏,‏ والعبادة‏,‏ والأخلاق‏,‏ والمعاملات‏,‏ وكلها تشكل القواعد الأساسية للدين‏؛‏ وذلك لأن هذه القضايا إما هي من أمور الغيب المطلق الذي لا سبيل لوصول الإنسان إليه إلا عن طريق وحي السماء‏,‏ أو هي أوامر تعبدية لابد من أن تكون توقيفية على الله ـ تعالى ـ ورسوله ـ صلى الله عليه وسلم‏ ـ ولابد للإنسان فيها أيضاً من وحي الله ـ تعالى ـ أو هي ضوابط للأخلاق والسلوك‏.
    والتاريخ يؤكد لنا أيضاً أن الإنسان كان عاجزاً دوماً عن وضع الضوابط الصحيحة لأخلاقياته‏ وسلوكه في غيبة الهداية الربانية‏.‏
    والواقع أن هذه القضايا المتعلقة بالعقيدة‏,‏ والعبادة‏,‏ والأخلاق‏,‏ والمعاملات‏,‏ هي من أوضح صور الإعجاز في كتاب الله‏ إذا نظر إليها الإنسان بشيء من الموضوعية‏,‏ والحياد‏,‏ والتبصر‏,‏ والحكمة‏,‏ لكن الناس درجوا ـ في غالبيتهم ـ علي ميراث الدين‏,‏ دون النظر فيه بعين البصيرة‏,‏ فأخذوه بشيء من التعصب الأعمى‏,‏ والحمية الشخصية‏,‏ حتى لو لم يلتزموا به‏,‏ مما يجعل إقناعهم بالحق أمراً صعباً‏.
    والقرآن الكريم يحتوي علي أكثر من ألف آية صريحة تتحدث عن مكونات هذا الكون‏,‏ بالإضافة إلي آيات أخرى تقترب دلالاتها من الصراحة‏,‏ وهذه الآيات لم ترد من قبيل الإخبار العلمي المباشر للإنسان‏؛‏ وذلك لأن الكسب العلمي تُرِكَ لاجتهاد الإنسان وتحصيله‏‏ عبر قنوات زمنية طويلة، نظراً لمحدودية القدرات الإنسانية‏,‏ وللطبيعة التراكمية للمعارف الكونية‏,‏ ويؤكد ذلك أن تلك الآيات الكونية جميعا‏ًً‏ جاءت في مقام الاستدلال علي عظيم القدرة الإلهية في خلق الخلق‏,‏ وعلي أن الخالق البارئ المصور قادر على إفناء خلقه‏,‏ وعلى إعادة هذا الخلق من جديد‏.‏
    هذه الآيات تحتاج إلى تفسير كما نحتاج إلي تفسير غيرها من آيات هذا الذكر الحكيم‏,‏ ومن هنا كان لزاماً علينا أن نوظف المعارف النافعة المتاحة جميعا‏ًً‏ في تفسير كتاب الله‏,‏ ولما كانت المعارف الكونية في تطور مستمر‏,‏ وجب على أمة الإسلام أن ينفر منها ـ في كل جيل ـ نفر من علماء المسلمين الذين يتزودون بالأدوات اللازمة للتعرض لتفسير كلام الله.
    والآيات الكونية في كتاب الله وسنَّة رسوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ لا يمكن أن تفهم فهماً صحيحاً في إطار اللغة وحدها، فلابد من توظيف الحقائق العلمية الصحيحة حتى تفهم دلالة هذه الآيات، وتطبق بضوابط شديدة، بمعنى ألا يتم تكلف أو اعتساف أو ليّ لأعناق الآيات؛ لأن القرآن لا يحتاج ذلك؛ ولأن القرآن في الأصل كتاب هداية كما قلنا، ولكن الله يعلم بعلمه المحيط أن الإنسان سيصل في يوم من الأيام إلى زمن مثل زماننا هذا، يفتح الله عليه الدنيا من أطرافها، فيرى من حقائق هذا الكون ما يذهله وما يطغيه في الوقت نفسه، فيطبق هذه السنن في تقنيات متقدمة، ويتخيل أنه ملك هذا الكون، وأنه المهيمن عليه، فينسى الدين والآخرة، والبعث والجنة والنار، فلا يؤمن إلا بالماديات الملموسة والمحسوسة، لذلك أبقى الله لنا في كتابه وفي سنة نبيه ـ صلى الله عليه وسلم ـ هذه الإشارات الكونية لإقناع الإنسان أن القرآن لا يمكن أن يكون صناعة بشرية، فالإنسان لم يصل إليها إلا بعد مجاهدة طويلة عبر مئات السنين وعشرات الآلاف من العمى، ولكي يؤكد أن الذي خلق قادر على إفناء ما قد خلق، وعلى إعادة بعثه من جديد، وللاستشهاد على طلاقة قدرته في إبداع الخلق.

    ثالثاً : الفرق بين الإعجاز العلمي والتفسير العلمي:
    هناك فرق بين التفسير العلمي للقرآن، وبين الإعجاز العلمي للقرآن، وبالرغم من ذلك يخلط كثير من الناس بينهما، ويبنون بعض أحكامهم الخاطئة بناءً على فهمهم الخاطئ.
    ففي التفسير العلمي للآيات الكونية‏,‏ توظف كل المعارف المتاحة من الثوابت العلمية‏,‏ والنظريات والعروض والمشاهدات؛‏ لأن التفسير يبقى جهداً بشرياً‏,‏ لمن أصاب فيه أجران‏,‏ ولمن أخطأ أجر واحد‏.‏
    أما الإعجاز العلمي للقرآن الكريم فلا يجوز أن يوظف فيه إلا القطعي من الثوابت العلمية‏؛‏ وذلك لأن المقصود به هو إثبات أن القرآن الكريم الذي أوحي به إلي نبي أمي ـ صلي الله عليه وسلم ـ في أمة أمية‏‏ قبل أربعة عشر قرنا‏ًً‏ يحوي من حقائق هذا الكون ما لم يتمكن الإنسان من الوصول إليه إلا منذ عقود قليلة‏,‏ وبعد مجاهدات طويلة‏ عبر عدد من القرون المتواصلة‏,‏ وهذا ما لا يمكن لعاقل أن يتصور إمكان حدوثه إلا بوحي من الله ـ سبحانه‏.‏

    رابعاً : التفسير العلمي لا يهدم تفسير السلف من الصحابة والتابعين وعلماء المسلمين :
    وكل ما سبق لا يعني أننا نهدم التفسير اللغوي الذي فسَّر به سلف الأمة القرآن الكريم، بل إننا ـ كمتخصصين في التفسير ـ عندما نأتي إلى قضية سواء سمينها علمية، أو لغوية، أو غيره، إذا جئنا إليها وهي جديدة لم يذكرها السلف، فأول قضية نبدأ بها أن نحرر كلام السلف ونفهمه، فإذا حررناه وفهمناه وأثبتناه فهذه هي القضية الأولى.
    والقضية الثانية: إذا كانت تناقض قول السلف فإنا لا نقبلها.
    والقضية الثالثة: إذا لم تناقض قول السلف وهي صحيحة في ذاتها، والآية تحتملها، فإنا نقول بها من غير أن نَقْصِرَ معنى الآية عليها.

    خامساً : إظهار جوانب الإعجاز العلمي دعوة لمن لا يؤمن بشيء إلا بما أثبته العلم:
    إن الدعوة إلى الله ـ تعالى ـ في إطار وتوظيف الحقائق العلمية في القرآن والسنة سلاح في أيدي المسلمين، لو أحسنوا استخدامه لفتح الله عليهم الأرض من إطرافها، ولأبطلوا كثيراً من الشبهات التي يثيرها أعداء الإسلام ضده.
    ونحن الآن نحيا في عصر العلم‏,‏ وهو عصر توافر فيه للإنسان من المعارف بالكون ومكوناته ما لم يتوافر له من قبل على الإطلاق‏,‏ كما أننا في زمن ثورة علمية وتقنية حقيقية‏,‏ ويقول العلماء إن كم المعرفة بالكون ومكوناته يتضاعف مرة كل خمس إلى ست سنوات‏,‏ وإن تقنيات هذه المعرفة تتجدد مرة كل ثلاث سنوات، هذه الثورة جعلت الناس في زماننا هذا لا يؤمنون إلا بالقضايا العلمية التي أثبتها العلم‏,‏ وتثبتها التجربة‏,‏ ومن هنا أصبحت الآيات الكونية في القرآن الكريم‏ ـ‏ وهي أكثر من ألف آية صريحة‏ ـ‏ تصلح لأن تكون أسلوباً في الدعوة ملائماً لهذا العصر الذي فتن فيه الناس بالعلم‏ ومعطياته‏ فتنة كبيرة‏.‏
    كما أن الآيات الكونية جاءت بصياغة مجملة معجزة، يفهم منها أهل كل عصر معنى من المعاني يتناسب مع ما توافر لهم فيه من إلمام بالكون وعلومه، وتظل هذه المعاني تتسع باستمرار مع اتساع دائرة المعرفة الإنسانية في تكامل لا يعرف التضاد، حتى تبقى الآية القرآنية الكريمة مهيمنة على المعرفة الإنسانية مهما اتسعت دوائرها ـ وليس هذا لغير كلام الله ـ وحتى تصدق نبوءة المصطفى ـ صلى الله عليه وسلم ـ في وصفه للقرآن الكريم بأنه لا تنتهي عجائبه، ولا يخلق من كثرة الرد.
    لذلك نقول‏:‏ إذا أحسن المسلمون توظيف قضية الإعجاز العلمي في القرآن الكريم‏,‏ وفي السنة النبوية المطهرة ـ بغير تكلف‏,‏ ولا افتعال‏,‏ ولا لي لأعناق الآيات‏,‏ ولا محاولة لمواءمة المستجدات العلمية‏، لأمكن لهم إدخال قطاع عريض من الناس في دين الله‏.

    سادساً : من أسباب رفض بعض علماء المسلمين للإعجاز العلمي هو ازدواجية التعليم:
    إن من أكبر أزمات الأمة الازدواجية في التعليم، بمعنى أننا نعلم بعض الناس تعليماً شرعياً، ونعزلهم عزلاً كاملاً عن أحداث العالم وحركة الدنيا، وهذا في غاية الخطورة، وفي نفس الوقت التعليم المدني عندنا أصبح خلواً تماماً من أي إشارة إلى الدين، سواء كان طب، أو زراعة، أو هندسة، أو علوم، والذين يدرسون في هذه المجالات يتخيلون أن إدخال الدين قد يكون مفسدة لها، فيتحرجون من أي محاولة بين الجمع بين الفكر الدنيوي والأصول الدينية الثابتة، وأعتقد أن هذا نتيجة مخطط موضوع وليس أمراً عفوياً.
    نحن مصيبتنا في الأزهر مثلاً, علماء الأزهر في مصر يتخيلون أن أي كلام في العلم يدور في دائرة النظريات، والنظريات قابلة للتغير، ويعتقد أن هذا التغير لا يليق أن نفسر القرآن الكريم به، أو نتحدث عن الإعجاز العلمي به، وأصبح عندهم عداء شديد للناحية العلمية بدون مبرر، والحكمة ضالة المؤمن، أنى وجدها فهو أحق بها.
    أيها الإخوة. لأن الحق أياً كان مجاله لو بقي بأيدي أهل الكفر والشرك والضلال، فسيوظفونه ضدنا كما هو حاصل الآن، فعلى دارسي العلوم الشرعية أن يلموا ولو بالمعطيات الكلية للعلوم؛ لأنها أصبحت جزءاً من الحكمة، والمعرفة لا يجوز أن أكون جاهلاً بها، وفي نفس الوقت على دارسي العلوم المدنية من طب، وهندسة، وعلوم، وزراعة، وصناعة ...الخ، أن يلموا بقدرٍ أو بحد أدنى من الثقافة الدينية حتى يقوموا بعبادتهم على الوجه المُرضِي لله.
    الازدواجية أضرت ضرراً بليغاً بنا، أفرزت لنا كوادر قد تكون متميزة في دراستها المدنية، ولكن ثقافتها الدينية صفر, وأفرزت لنا علماء شرعيين لا يعرفون شيئاً عن معطيات علوم الدنيا، ويشككون في أبسط الحقائق العلمية، وهذا الوضع لا يرضي الله ولا يرضي رسوله – صلى الله عليه وسلم ـ وإيجاد جسر بين المجموعتين مهم جداً، يجمع بين الثقافة الشرعية والإلمام بالمعطيات الكلية للعلوم عملية ضرورية.

    سابعاً: سؤال وإجابة:
    وبعد هذا الاستعراض السريع لعل منكم من يقول: إذا كانت كل تلك الإشارات والدلالات العلمية الموجودة في القرآن الكريم، فلم لم يتوصل المسلمون إلى الحقائق العلمية من القرآن أولاً ثم يطبقونها على أرض الواقع؟.
    أقول أن هذه الحقيقة لو أدركها المسلمون في وقت مبكر لحققوا انطلاقة كبيرة وفتحاً عظيماً، بل وسبقوا غيرهم من العلماء في كل مجالات وتخصصات العلم، لكن مشاكل عدة اعترضت هذه الانطلاقة:
    1- في زمن الحضارة الإسلامية كان كم المعارف العلمية مقارنة بالوقت الراهن محدوداً للغاية؛ لأن العلم والكون له طبيعة تراكمية، بمعنى أنه بتقدم الزمن ومرور الوقت تزداد ملاحظات الإنسان في الكون، وتزداد تجاربه ومعارفه، فنحن لدينا كم هائل من المعلومات، ولكن لم يتم استخدامه في خدمة هذه القضية.
    2- بعد سقوط الحضارة الإسلامية انقسمت الدولة الإسلامية إلى 55 دويلة، حيث تمزقت وتشتت إمكاناتها، وتخلف البحث العلمي بسبب ضعف الإمكانات، والبحث العلمي عملية مُكَلِّفة، والمفارقة أنه إذا توافرت الإمكانات غابت المعرفة، وإذا توافرت المعرفة غابت الإمكانات.
    3 - تخلف أساليبنا التعليمية، والسبب في ذلك أن المحتل الأجنبي هو الذي وضع هذه النظم التعليمية.
    ولعلنا بهذه الكلمات الموجزة نكون قد أزلنا جانباً من الغموض الذي يحيط بالتفسير والإعجاز العلمي للقرآن الكريم، وفي المقال القادم نقدم لكم ضوابط التفسير العلمي للآيات الكونية في كتاب الله ـ عز وجل ـ كما سنقدم صوراً من التفسير العلمي الخاطئ، والشروط الواجب توافرها في من يخوض في التفسير العلمي.
    والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

    المصدر
    http://www.elnaggarzr.com/index.php?...d=877&cat=1019


    يتبع.....
    التعديل الأخير تم بواسطة دفاع ; 16-10-2008 الساعة 06:10 PM

الدكتور زغلول النجار يكتب عن (قضية الإعجاز العلمي للقرآن وضوابط التعامل معها)

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

المواضيع المتشابهه

  1. الدكتور زغلول النجار يلقي محاضرة بمسجد النور عن الإعجاز العلمى فى السنة (فيديو)
    بواسطة دفاع في المنتدى منتديات الدكتور / زغلول النجار
    مشاركات: 11
    آخر مشاركة: 08-07-2013, 05:59 PM
  2. الحقوا بسرعة .. الجزيرة تستضيف الدكتور زغلول النجار وحوار جديد عن الإعجاز العلمي
    بواسطة دفاع في المنتدى الإعجاز العلمي فى القرأن الكريم والسنة النبوية
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 05-07-2008, 01:08 AM
  3. مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 19-11-2007, 07:46 PM
  4. الإعجاز العلمي للقرآن في النمل
    بواسطة عطاء الله الأزهري في المنتدى الإعجاز العلمي فى القرأن الكريم والسنة النبوية
    مشاركات: 3
    آخر مشاركة: 15-06-2007, 12:04 PM
  5. الإعجاز العلمي في قضية الغضب
    بواسطة الشرقاوى في المنتدى المنتدى الطبي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 16-10-2005, 01:23 AM

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  

الدكتور زغلول النجار يكتب عن (قضية الإعجاز العلمي للقرآن وضوابط التعامل معها)

الدكتور زغلول النجار يكتب عن (قضية الإعجاز العلمي للقرآن وضوابط التعامل معها)