السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

هناك شبه عامة وحجج واهية يتحجج بها أصحاب الأهواء والجهالات للتفلت من بعض الأحكام والتنصل من تنفيذها، نبدأ بذكرها والرد عليها، ثم نذكر بعض الشبه التي تتعلق بالحجاب الشرعي خاصة

الشبهة الأولى
:

قول البعض: (الدين يسر، ولبس الحجاب في هذا الزمن بطريقته المشروعة شيء صعب وشاق، خصوصاً في مجتمعات الانفتاح والتبرج).

والرد على هذه الشبهات من وجوه:

1- ينبغي أن يعلم أن كل ما ثبت أنه تكليف من الله للعباد فهو داخل في مقدورهم وطاقتهم.

2- أن تقرير خاصية التيسير للمشقة المرتبطة بالحكم ورفع الحرج لا يكون إلا بأدلة شرعية من القرآن أو السنة، فلابد للتخفيف في الحكم الشرعي ألا يكون مخالفاً لكتاب ولا سنة ولا قياس صحيح ولا مصلحة راجحة.

3- بناء على هذه الشبهة سيقال: إن مشقة التحرز من الربا في هذا العصر تقتضي جواز التعامل به، أو يقال: إن الرجم يسقط عن الحاج لمشقة الزحام، ومعلوم أن هذا كلام باطل لا يمكن أن يقال به.

4- أن العبادات لا تنفك عن المشقة غالباً غير أنها محتملة تتلاءم مع طاقة الإنسان العادية، قال تعالى: {لا يكلف الله نفساً إلا وسعها} قال ابن القيم: "إن كانت المشقة مشقة تعب، فمصالح الدنيا والآخرة منوطة بالتعب ولا راحة لمن لا تعب له، بل على قدر التعب تكون الراحة ".

ورب حكم شرعي مصلحته مرتبطة بما فيه من المشقة والجهد كالقصاص والحدود، بل هناك عبادات عظيمة لا تنفك عنها المشقة عادة كمشقة الوضوء في البرد، ومشقة الصوم في شدة الحر وطول النهار، وكمشقة أعمال الحج.

5- أن عموم البلوى بالأمر الذي ثبت تحريمه ليس مبرراً لإباحته كما لا تبيحه عادات المجتمعات، ولا ينقلب مباحاً بتغير الزمان والمكان.

وقد فهم بعض السذج مدعي الثقافة، أنه ما دامت أعراف الناس متطورة بتطور الأزمان فلابد أن تكون الأحكام الشرعية متطورة بتطورها، وهذا ما يسمونه ب (الدين العصري)، ومقتضى ذلك التحلل من الواجبات وإباحة بعض المحرمات، تمشياً مع التقدم الحضاري والتطور العصري، كما يقول قائلهم.

ولا ريب أن هذا كلام يتبين سقوطه وبطلانه لمن كان عنده أدنى فقه في الدين، إذ لو أن هذا الكلام مقبول لاقتضى أن يكون مصير شرعية الأحكام كلها رهيناً لأعراف الناس وعاداتهم التي لا يزال يطغى عليها الفساد والانحراف بمرور الزمان، إذ لا يأتي زمان إلا والذي بعده شر منه كما أخبر بذلك المصطفى صلى الله عليه وسلم .

ولكن يقال: ما أبرم حكمه وثبت الأمر به بدليل شرعي فإن حكمه يبقى ما بقيت الدنيا ولا يتبدل ولا يتطور، مثال ذلك الطهارة وأحكام الصلاة والقصاص والحدود، وحجب المرأة زينتها عن الأجانب واشتراط الولي للمرأة وما شابه ذلك.

أما الأحكام التي لم يقض فيها بحكم مبرم شرعي، وإنما جعلت مرتبطة من أصلها بما قد يتبدل من أعراف الناس ومصالحهم فهذا الذي يجوز أن يقال فيه (العادة محكمة) مثال ذلك: ما تفرضه سنة الخلق وطبيعة الإنسان مما لا دخل للإرادة والتكليف فيه كاختلاف عادات الأقطار في سن البلوغ وفترة الحيض والنفاس ونحوها.