صعوبات كثيرة تواجه بناء المساجد في المجتمعات غير الإسلامية، لتمثل تحدياً كبيرا للجاليات المسلمة هناك، فبينما يتطلع المسلمون إلى توافر دور عبادة مناسبة تكون عونا في مواجهة مخالفات المجتمعات التي تحوط بهم، فالمسجد هو الركيزة الأولى واللبنة الأساس في تكوين المجتمع المسلم

ولهذا أوجب الله علينا تشييدها، وعمارتها، وصيانتها، فقال: "في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه يسبح له فيها بالغدو والآصال رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله". وكان أول عمل قام به رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد أن وطئت قدماه الشريفتان دار هجرته المدينة هو بناء مسجده الذي أسس على التقوى من أول يوم.


طلبات مكدسة في بلديات ألمانيا

ففي ألمانيا مثلا تعد الجالية المسلمة هي أكبر طائفة بعد النصرانية، حيث تنامي عدد أفرادها بشكل ملحوظ منذ عام 1970حتى أصبحوا يقدرون الآن بـ 3.7 مليون نسمة.

ومن البديهي أن يحاول المهاجرون والألمان المسلمون جاهدين توفير مراكز ودورا للعبادة ، خاصة وأن الدستور الألماني يكفل حرية الأديان، والمقصود بالحرية الدينية هنا ليس الحرية الدينية الشخصية فحسب، ولكن الحرية الدينية الجماعية أيضاً. ويحلم العديد من المسلمين في ألمانيا بأن تكون لهم دور عبادة تشبه في عمرانها تلك التي ألفوها في بلادهم بحيث تزود المساجد بقباب ومآذن، وأن يرتفع صوت المسلم بالأذان عبر سماعات تقوية الصوت إلا أن الطلب الذي تقدمت به الجمعيات القائمة على إدارة المساجد لإدارات الحكم المحلي الألمانية يواجه صعوبات كثيرة قبل الموافقة عليه، إن لم يتم رفضه كلياً.

وتعد أسباب رفض الطلبات ومشاريع بناء المساجد المكدسة بمجالس البلديات مثيرة للدهشة؛ فالرافضون يدافعون عن قرارهم من خلال قائمة عريضة من التعليلات، مثل عدم توافر أماكن انتظار مخصصة لسيارات المصلين، ووجوب الحفاظ على المساحات الخضراء في المدينة، والخوف من تأثير البنايات ذات الطابع الشرقي على شكل المدينة وأحياناً يتلقى المسلمون عبارات على غرار "لا يمكن أن تكون مئذنة المسجد بهذا الحجم الضخم" أو "طلبكم مرفوض لأن الجيران سيشتكون من الضوضاء" فضلاً عن اتهام بعض الجمعيات الإسلامية بعدم احترام الدستور الألماني.

كوبا لا تعترف بالمسلمين!

معاناة مختلفة يلاقيها مسلمو كوبا فبالرغم من أن الرئيس الكوبي كاسترو بدأ في التحول الطفيف عن الشيوعية عام 1991 وسمح لأعضاء الحزب الشيوعي ببعض الممارسات الدينية مثل ارتياد الكنائس، فإن هذا لم يعد بأدنى فائدة على المسلمين حيث منعوا من بناء أي مسجد لهم ولم يسمح لهم حتى بالصلاة في البيت العربي الذي يجمع بعض المهاجرين العرب.

كما لم تسمح الحكومة الكوبية بإجراء أي تعداد لهم أو تعترف بهم كأقلية، ورفضت الطلب الذي تقدم به محمد يوسف مهاجر الأمين العام للمنظمة الإسلامية لأمريكا اللاتينية بالسماح بتمثيل مسلمي كوبا في اجتماعات المنظمة؛ في الوقت الذي اعترفت بالأقلية اليهودية البالغ عددها 1300 نسمة وسمحت لهم ببناء 11 معبدا تركت لهم فيها الحرية التامة لممارسة شعائرهم، كما سمحت لهم بإنشاء العديد من المنظمات والهيئات الخاصة بهم.

وفي الوقت الذي قام الرئيس الكوبي كاسترو بزيارة الفاتيكان عام 1996 ثم استقبل البابا في هافانا عام 1997 وما صاحبه من الموافقة على فتح كثير من الكنائس الكاثوليكية في كوبا كان الموقف من الإسلام على النقيض، ففي مايو 2002 استقبلت الحكومة الكوبية الشيخ محمد بن ناصر العبودي الأمين المساعد لمنظمة اتحاد العالم الإسلامي (مقرها مكة المكرمة) ، رافضة طلبه السماح ببناء مسجد لمسلمي كوبا أو بتحويل بيت لكوبية اعتنقت الإسلام حديثا إلى مكان للصلاة بل واعتبرت الطلب "غريبا" لأن مواطنيها "شيوعيون" واقترحت على الشيخ العبودي أن يتقدم بهذا الطلب للحزب الشيوعي للنظر فيه!.

والأمل معقود حاليا على الدول الإسلامية لبذل مزيد من الجهود لإقناع حكومة كاسترو بالعدول عن موقفها من بناء المساجد، خاصة أن هناك العديد من جمعيات الصداقة بين كوبا والدول الإسلامية وهي كثيرة أهمها جمعيات الصداقة مع لبنان وسوريا ومصر وتونس واليمن والعراق وإيران والأردن وليبيا، كما توجد جمعية الاتحاد العربي في كوبا للمهاجرين من لبنان وفلسطين وسوريا منذ عام 1979، وتصدر مجلة العربي مرتين في السنة بالعربية والأسبانية ويمكن لهذه الجمعية أن تلعب دورا في تخفيف حدة المواقف الحكومية تجاه المسلمين هناك.

مماطلة يونانية!

أما في اليونان فتماطل الحكومة في بناء مساجد للمسلمين حيث أكد الدكتور بشار شريف دماد أوغلو مسؤول العلاقات الخارجية بالمشيخة الإسلامية بتراقيا الغربية أن مماطلة الحكومة اليونانية في السماح لمسلمي اليونان ببناء المسجد في العاصمة أثينا تُعدّ دليلاً على عدم احترام الحكومة اليونانية لحقوق الأقلية المسلمة وضربها عُرض الحائط بجميع تعهداتها الدولية والأوروبية بالحفاظ على حقوق هذه الأقليات.

وأضاف د. بشار أن معاناة مسلمي اليونان مستمرة؛ فهناك حرمان لهم من تولي الوظائف الراقية وتُمارَس ضدَّهم أبشع صور التمييز، لدرجة أنهم يلاقون صعوبات في استخراج رخص المرور، وجوازات السفر، وتراخيص البناء، وهي صعوبات، وإن كانت قد تراجعت بعد الضغوط الأوروبية الساعية لضمان حقوق الأقليات إلاّ أنها مستمرة في عديد من المؤسسات.

لفت مسؤول العلاقات الخارجية بالمشيخة الإسلامية بتراقيا الغربية إلى أن هذه الأوضاع الصعبة لن تجعل المسلمين ييأسون أو يتراجعون عن مساعيهم لاسترداد حقوقهم، مطالباً الحكومة اليونانية بإعلان موقف واضح من المواطنين المسلمين ينهي الوضع المأسويّ، الذي يعانون منه، ويحُدّ من النفوذ المتعاظم للكنيسة اليونانية، الذي يقف حائلاً دون حصول مسلمي اليونان على حقوقهم..

وشدد د. بشار على المخاطر التي تواجه قضية الوعي الديني لمسلمي تراقيا الغربية، فالمؤسسات الإسلامية تعاني من ضعف الإمكانيات، فضلاً عن أن الأوضاع الصعبة للعاملين في الحقل الدعوي لا تغري الكثير من الشباب بالإقبال عليه، لدرجة أننا لم نجد طلاباً نرسلهم إلى الجامعات الإسلامية على الرغم من تلقينا عشر منح من الأزهر والجامعة الإسلامية في المدينة المنورة.

استفتاء سويسري لمنع البناء!

وها هي في الأخير مجموعة من المتطرفين اليمينيين في سويسرا من الحزب القومي السويسري والاتحاد الديمقراطي الفدرالي تجمع توقيعات لمحاولة الضغط من أجل إجراء استفتاء وطني على حظر بناء المساجد في البلاد، عبر القانون الوطني زاعمين أن المساجد تهدد القانون والنظام في سويسرا.

ويتعين على الحملة جمع 100 ألف توقيع بحلول نوفمبر تشرين الثاني 2008 من أجل الدفع باتجاه إجراء استفتاء بخصوص المبادرة التي ستتحول إلى قانون إذا أيدتها الأغلبية.

ويوجد حاليا مسجدان فقط في سويسرا أحداهما في زوريخ والأخر في جنيف ولا يرفع الأذان من المئذنتين. غير أن الرئيسة السويسرية ميشيلين كالمي راي التي تتولى أيضا وزارة الخارجية وتنتمي للحزب الاشتراكي الديمقراطي قالت إن حظر إنشاء المساجد سيهدد أمن البلاد، لأن حرية ممارسة الدين مكفولة في سويسرا.

http://www.islammessage.com/articles...1&pg=2&aid=108