البكاء من خشيه الله

آخـــر الـــمـــشـــاركــــات


مـواقـع شـقــيـقـة
شبكة الفرقان الإسلامية شبكة سبيل الإسلام شبكة كلمة سواء الدعوية منتديات حراس العقيدة
البشارة الإسلامية منتديات طريق الإيمان منتدى التوحيد مكتبة المهتدون
موقع الشيخ احمد ديدات تليفزيون الحقيقة شبكة برسوميات شبكة المسيح كلمة الله
غرفة الحوار الإسلامي المسيحي مكافح الشبهات شبكة الحقيقة الإسلامية موقع بشارة المسيح
شبكة البهائية فى الميزان شبكة الأحمدية فى الميزان مركز براهين شبكة ضد الإلحاد

يرجى عدم تناول موضوعات سياسية حتى لا تتعرض العضوية للحظر

 

       

         

 

    

 

 

    

 

البكاء من خشيه الله

النتائج 1 إلى 5 من 5

الموضوع: البكاء من خشيه الله

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    May 2006
    المشاركات
    8,993
    الدين
    الإسلام
    آخر نشاط
    26-02-2024
    على الساعة
    08:13 AM

    افتراضي البكاء من خشيه الله

    البكاء من خشية الله
    أسبابه ، وموانعه ، وطرق تحصيله



    الحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله – صلى الله عليه وسلم –
    وبعد

    البكاءُ فطرةٌ بشريّةٌ كما ذكر أهل التفسير ، فقد قال القرطبي في تفسير قول الله تعالى : { وأنّه هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَى } [ النجم / 43 ] : " أي : قضى أسباب الضحك والبكاء ، وقال عطاء بن أبي مسلم : يعني : أفرح وأحزن ؛ لأن الفرح يجلب الضحك والحزن يجلب البكاء ...
    " تفسير القرطبي " ( 17 / 116 ) .

    وبما أن البكاء فعل غريزي لا يملك الإنسان دفعه غالباً فإنه مباح بشرط ألا يصاحبه ما يدلُّ على التسخُّط من قضاء الله وقدره ، لقول النبي صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم : " إنَّ اللهَ لا يُعذِّبُ بدمعِ العينِ ولا بحزنِ القلبِ ، ولكن يُعَذِّبُ بهذا - وأشار إلى لسانه - أو يرحمُ " البخاري ( 1242 ) ومسلم ( 924 ) .

    أنواع البكاء وأصدقها

    قال يزيد بن ميسرة رحمه الله : " البكاء من سبعة أشياء : البكاء من الفرح ، والبكاء من الحزن ، والفزع ، والرياء ، والوجع ، والشكر ، وبكاء من خشية الله تعالى ، فذلك الذي تُطفِئ الدمعة منها أمثال البحور من النار ! " .

    وذكر الإمام ابن القيم رحمه الله في كتابه " زاد المعاد " عشرة أنواع للبكاء نوردها كما ذكرها .

    * بكاء الخوف والخشية .
    * بكاء الرحمة والرقة .
    * بكاء المحبة والشوق .
    * بكاء الفرح والسرور .
    * بكاء الجزع من ورود الألم وعدم احتماله .


    * بكاء الحزن .... وفرقه عن بكاء الخوف ، أن الأول " الحزن " : يكون على ما مضى من حصول مكروه أو فوات محبوب وبكاء الخوف : يكون لما يتوقع في المستقبل من ذلك ، والفرق بين بكاء السرور والفرح وبكاء الحزن أن دمعة السرور باردة والقلب فرحان ، ودمعة الحزن : حارة والقلب حزين ، ولهذا يقال لما يُفرح به هو " قرة عين " وأقرّ به عينه ، ولما يُحزن : هو سخينة العين ، وأسخن الله به عينه .

    * بكاء الخور والضعف .

    * بكاء النفاق وهو : أن تدمع العين والقلب قاس .

    * البكاء المستعار والمستأجر عليه ، كبكاء النائحة بالأجرة فإنها كما قال أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه : تبيع عبرتها وتبكي شجو غيرها .

    * بكاء الموافقة : فهو أن يرى الرجل الناس يبكون لأمر عليهم فيبكي معهم ولا يدري لأي شيء يبكون يراهم يبكون فيبكي .
    " زاد المعاد " ( 1 / 184 ، 185 ) .

    والبكاء من خشية الله تعالى أصدق بكاء تردد في النفوس ، وأقوى مترجم عن القلوب الوجلة الخائفة .

    البكاء الكاذب

    البكاء قد يكون دليلاً على صدق الباكي ، وقد لا يكون ، وقد ذكر القرآن الكريم قصة إخوة يوسف عليه السلام وكيف تباكوا على أخيهم كذباً فقال تعالى : { وجاؤوا أباهُمْ عِشَاءً يَبْكونَ } [ يوسف / 16 ] ، وعلى هذا فإن بكاء أحد المتخاصمين في القضاء ليس دليلاً يُعتدُّ به .


    فضل البكاء من خشية الله

    { وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ . قَالُوا إِنَّا كُنَّا قَبْلُ فِي أَهْلِنَا مُشْفِقِينَ . فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ . إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلُ نَدْعُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ } [ الطور / 25 – 28 ]

    وقال النبي صلى الله عليه وسلم : " لا يلج النار رجل بكى من خشية الله حتى يعود اللبن في الضرع " . ‌ رواه الترمذي ( 1633 ) .

    وقالَ رسُولُ اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم : " سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللَّهُ في ظِلِّهِ يَوْمَ لا ظِلَّ إلا ظلُّهُ : إِمامٌ عادِلٌ ، وشابٌّ نَشَأَ في عِبَادَةِ اللَّه تَعالى ، وَرَجُلٌ قَلْبُهُ مُعَلَّق بالمَسَاجِدِ ، وَرَجُلانِ تَحَابَّا في اللَّه ، اجتَمَعا عَلَيهِ وتَفَرَّقَا عَلَيهِ ، وَرَجَلٌ دَعَتْهُ امْرَأَةٌ ذَاتُ مَنْصِبٍ وَجَمالٍ ، فَقَالَ : إِنّي أَخافُ اللَّه ، ورَجُلٌ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةَ فأَخْفاها حتَّى لاَ تَعْلَمَ شِمالهُ ما تُنْفِقُ يَمِينهُ ، ورَجُلٌ ذَكَرَ اللَّه خالِياً فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ " .
    رواه البخاري ( 629 ) ومسلم ( 1031 ) .

    وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " عينان لا تمسهما النار ، عين بكت من خشية الله ، وعين باتت تحرس في سبيل الله " . رواه الترمذي ( 1639 ) ، وصححه الشيخ الألباني في " صحيح الترمذي " ( 1338 ) .

    وقال النبي صلى الله عليه وسلم : " ليس شيء أحب إلى الله من قطرتين وأثرين : قطرة من دموع خشية الله ، وقطرة دم تهراق في سبيل الله ، وأما الأثران : فأثر في سبيل الله ، وأثر في فريضة من فرائض الله " رواه الترمذي ( 1669 ) ، وصححه الشيخ الألباني في " صحيح الترمذي " ( 1363 ) .

    وقال عبد الله بن عمر رضي الله عنهما : " لأن أدمع من خشية الله أحب إلي من أن أتصدق بألف دينار ! " .

    وقال كعب الأحبار : لأن أبكى من خشية الله فتسيل دموعي على وجنتي أحب إلى من أن أتصدق بوزني ذهباً .

    حال الملائكة

    عن أنس بن مالك رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال لجبريل : " ما لي لا أرى ميكائيل ضاحكاً قط ؟ " قال : ما ضحك ميكائيل منذ خلقت النار .

    رواه أحمد ( 12930 ) ، وقال المناوي في " فيض القدير " ( 5 / 452 ) : ... قال الزين العراقي إسناده جيد ، وحسنه الشيخ الألباني في " صحيح الترغيب " ( 3664 ) . [ تنبيه : هذا الحديث من الأحاديث التي تراجع الشيخ الألباني من تضعيفه إلى تحسينه ]

    بكاء الأنبياء

    قال تعالى : { أولئك الذين أنعم الله عليهم من النبيين من ذريه آدم وممن حملنا مع نوح ومن ذريه إبراهيم وإسرائيل وممن هدينا واجتبينا إذا تتلى عليهم آيات الرحمن خروا سجداً وبكياً } [ مريم / 58 ] .

    بكاء النبي صلى الله عليه وسلم

    عَن ابن مَسعودٍ - رضي اللَّه عنه – قالَ : قال لي النبيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم : " اقْرَأْ علَّي القُرآنَ " قلتُ : يا رسُولَ اللَّه ، أَقْرَأُ عَلَيْكَ ، وَعَلَيْكَ أُنْزِلَ ؟ ، قالَ : " إِني أُحِبُّ أَنْ أَسْمَعَهُ مِنْ غَيْرِي " فقرَأْتُ عليه سورَةَ النِّساء ، حتى جِئْتُ إلى هذِهِ الآية : { فَكَيْفَ إِذا جِئْنا مِنْ كُلِّ أُمَّة بِشَهيد وِجئْنا بِكَ عَلى هَؤلاءِ شَهِيداً } [ النساء / 40 ] قال " حَسْبُكَ الآن " فَالْتَفَتَّ إِليْهِ ، فَإِذَا عِيْناهُ تَذْرِفانِ . البخاري ( 4763 ) ومسلم ( 800 ) .

    قال ابن بطال :

    وإنما بكى - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عند هذا لأنه مثل لنفسه أهوال يوم القيامة ، وشدة الحال الداعية له إلى شهادته لأمته بتصديقه والإيمان به ، وسؤاله الشفاعة لهم ليريحهم من طول الموقف ، وأهواله ، وهذا أمر يحق له طول البكاء والحزن .

    وعَن عبد اللَّه بنِ الشِّخِّير - رضي اللَّه عنه – قال : أَتَيْتُ رسُولَ اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم وَهُو يُصلِّي ولجوْفِهِ أَزِيزٌ كَأَزِيزِ المرْجَلِ مِنَ البُكَاءِ . رواه أحمد ( 15877 ) ، والنسائي ( 1214 ) وهذا لفظه ، وأبو داود ( 904 ) بلفظ " ... كأزيز الرحى " ، وصححه الشيخ الألباني في " صحيح الترغيب " ( 544 ) .

    المِرْجل : القِدر الذي يغلي فيه الماء .

    عن عبيد بن عمير رحمه الله : " أنه قال لعائشة - رضي الله عنها - : أخبرينا بأعجب شيء رأيتيه من رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟
    قال : فسكتت ثم قالت : لما كانت ليلة من الليالي .
    قال : " يا عائشة ذريني أتعبد الليلة لربي " .
    قلت : والله إني أحب قُربك ، وأحب ما يسرك .
    قالت : فقام فتطهر ، ثم قام يصلي .
    قالت : فم يزل يبكي ، حتى بل حِجرهُ !
    قالت : وكان جالساً فلم يزل يبكي صلى الله عليه وسلم حتى بل لحيته !
    قالت : ثم بكى حتى بل الأرض ! فجاء بلال يؤذنه بالصلاة ، فلما رآه يبكي ، قال : يا رسول الله تبكي ، وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر ؟! قال : " أفلا أكون عبداً شكورا ؟! لقد أنزلت علي الليلة آية ، ويل لم قرأها ولم يتفكر فيها ! { إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ … } الآية كلها [ آل عمران / 190 ] " رواه ابن حبان ( 2 / 386 ) وغيره ، وصححه الشيخ الألباني في " صحيح الترغيب " ( 1468 ) ، وفي " الصحيحة " ( 68 ) .


    وبكى شفقة على أمته .

    عن عبد الله بن عمرو بن العاص أن النبي صلى الله عليه وسلم تلا قول الله عز وجل في إبراهيم { رب إنهن أضللن كثيرا من الناس فمن تبعني فإنه مني } الآية [ إبراهيم / 36 ] وقال عيسى عليه السلام { إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم } [ المائدة / 118 ] فرفع يديه وقال - اللهم أمتي أمتي - وبكى فقال الله عز وجل يا جبريل اذهب إلى محمد - وربك أعلم - فسله ما يبكيك فأتاه جبريل عليه الصلاة والسلام فسأله فأخبره رسول الله صلى الله عليه وسلم بما قال - وهو أعلم - فقال الله يا جبريل اذهب إلى محمد فقل إنا سنرضيك في أمتك ولا نسوؤك . رواه مسلم ( 202 ) .



    قسوة القلب وأسبابها

    العين تتبع القلب ، فإذا رق القلب دمعت العين ، وإذا قسى قحطت ، قال ابن القيّم - رحمه الله – في كتاب " بدائع الفوائد " ( 3 / 743 ) - : " ومتى أقحطت العين من البكاء من خشية الله تعالى فاعلم أن قحطها من قسوة القلب ، وأبعد القلوب من الله : القلب القاسي " وكان كثير من السلف يحب أن يكون من البكائين ، ويفضلونه على بعض من الطاعات ، كما قال عبد الله بن عمر رضي الله عنهما : " لأن أدمع من خشية الله أحب إليَّ من أن أتصدق بألف دينار " .

    وكان النبي صلى الله عليه وسلم يستعيذ من القلب الذي لا يخشع فيقول " ... اللهم إني أعوذ بك من علم لا ينفع ومن قلب لا يخشع ومن نفس لا تشبع ومن دعوة لا يستجاب لها " . رواه مسلم ( 2722 ) .

    ولقسوة القلوب أسبابها ، ولرقتها أسبابها - كذلك

    - فمن أسباب قسوة القلوب :

    1. كثرة الكلام .

    2. نقض العهد مع الله تعالى بفعل المعاصي وترك الواجبات .

    3. كثرة الضحك .


    " كثرة الضحك تميت القلب " رواه أحمد ( 8034 ) ، والترمذي ( 2305 ) ، وابن ماجه ( 4217 ) ، وصححه الشيخ الألباني في " الصحيحة " ( 506 و 927 و 2046

    مرَّ الحسن البصري بشاب وهو مستغرق في ضحكه ، وهو جالس مع قوم في مجلس .

    فقال له الحسن : يا فتى هل مررت بالصراط ؟!
    قال : لا !
    قال : فهل تدري إلى الجنة تصير أم إلا النار ؟!
    قال : لا !
    قال : فما هذا الضحك ؟!
    فما رؤُي الفتى بعدها ضاحكاً .


    وكان الحسن يقول : يحق لمن يعلم : أن الموتَ موردُه ، وأن الساعةَ موعدُه ، والقيام بين يدي الله تعالى مشهدُه : يحق له أن يطول حزنُه .

    4. كثرة الأكل .

    قال بشر بن الحارث : خصلتان تقسيان القلب : كثرة الكلام ، وكثرة الأكل .

    5. كثرة الذنوب .

    قال تعالى : { كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون } [ المطففين / 14 ] ، وقال صلى الله عليه وسلم : " إن المؤمن إذا أذنب كانت نكتة سوداء في قلبه ، فإن تاب ونزع واستغفر صُقل قلبه ، وإن زاد زادت حتى يعلو قلبه ، فذلك الران الذي ذكر الله في كتابه : { كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون } [ المطففين / 14 ] . رواه أحمد ( 7892 ) ، والترمذي ( 3334 ) ، وابن ماجه ( 4244 ) ، وحسنه الشيخ الألباني في " صحيح ابن ماجه " ( 3422 ) .

    وقال بعض السلف : البدن إذا عُرِّي رقَّ ، وكذلك القلب إذا قلت خطاياه أسرعت دمعته .

    عن عقبة بن عامر قال : قلت يا رسول الله : ما النجاة ؟ ما النجاة ؟ قال : " أمسك عليك لسانك ، وليسعك بيتك ، وابك على خطيئتك " أخرجه الترمذي (2406) ، وقال: حديث حسن ، وصححه الألباني في " صحيح الترغيب " ( 2741 ) .

    6. صحبة السوء .

    وقد شبهه النبي صلى الله عليه وسلم بنافخ الكير- البخاري ( 1995 ) ، ومسلم ( 2628 ) - .
    بل حتى كثرة المخالطة تقسِّي القلب ، قال بعض السلف : وقسوة القلب من أربعة أشياء إذا جاوزت قدر الحاجة : الأكل ، والنوم ، والكلام ، والمخالطة .

    وقد قيل " الصاحب ساحب " ، و " الطبع يسرق من الطبع " ، فمن جالس أهل الغفلة والجرأة على المعاصي سرى إلى نفسه هذا الداء : { وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلاً * يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلاناً خَلِيلاً . لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنْسَانِ خَذُولاً } [ الفرقان / 27 – 29 ] .

    والنبي صلى الله عليه وسلم يقول : " المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل " رواه أحمد ( 8212 ) ، والترمذي ( 2378 ) ، وأبو داود ( 4833 ) ، وحسنه الألباني في " السلسلة الصحيحة " ( 927 ) .

    قال ابن حبان - رحمه الله - :
    العاقل لا يصاحب الأشرار لأن صحبة السوء قطعة من النار ، تُعقب الضغائن ، لا يستقيم ودُّه ، ولا يفي بعهدِه .

    وقال ابن القيم :
    ومتى رأيت نفسك تهرب من الأنس به إلى الأنس بالخلق ومن الخلوة مع الله إلى الخلوة مع الأغيار فاعلم أنك لا تصلح له . " بدائع الفوائد " ( 3 / 743 ) .

    وقال الشيخ عبد الرحمن السعدي - رحمه الله - :

    وبالجملة : فمصاحبة الأشرار مُضرة من جميع الوجوه على مَن صاحبهم وشرٌّ على من خالطهم ، فكم هلك بسببهم أقوام ، وكم أقادوا أصحابهم إلى المهالك من حيث يشعرون ومن حيث لا يشعرون " .

    وقال أبو الأسود الدؤلي - رحمه الله - : " ما خلق الله خلقاً أضر من الصاحب السوء " .

    أسباب وطرق تليين القلوب والبكاء من خشية الله

    ويستطيع المسلم أن يليِّن قلبه ويدمع عينه بما يسمع ويقرأ ويرى ؛ وذلك - بعد توفيق الله تعالى – بالبحث عن الأسباب الموصلة لذلك ، وبقراءة سير السلف الصالح ومعرفة أحوالهم في هذا الأمر ، وسنذكر ما تيسر من الأمرين – الأسباب والأحوال - لعلَّ الله أن ينفع بها ، ومن ذلك :

    1. معرفة الله تعالى بأسمائه وصفاته وأفعاله .

    فمن عرف الله خافه ورجاه ، ومن خافه ورجاه رق قلبه ودمعت عينه ، ومن جهل ربه قسى قلبه وقحطت عينه .

    ومقامات الإيمان : الحب ، والخوف ، والرجاء ، وكل أولئك تدعو المسلم للبكاء .

    قال أبو سليمان الداراني - كما ذكر عنه ابن كثير في ترجمته في " البداية والنهاية " ( 10 / 256 ) : لكل شيء علَم وعلَم الخُذلان : ترك البكاء من خشية الله .
    فإذا خذل الله العبد : سلبه هذه الخصلة المباركة ، وصار شقيّاً قاسي القلب وجامد العين .

    فالمحب يبكي شوقاً لمحبوبه والخائف يبكي من فراقه وخشيت فراقه والراجي يبكي لحصول مطلوبه فإذا أحببت الله دعاك حبُّه للبكاء شوقاً له ، وإذا خفت منه دعاك خوفُه للبكاء من خشيته وعقابه ، وإذا رجوته دعاك رجاؤه للبكاء طمعاً في رضوانه وثوابه .
    وإلى هذه الأمور الثلاثة - الحب ، والخوف ، والرجاء - أشار نبينا محمد عليه الصلاة والسلام في الحديث الذي رواه الشيخان عن أبي هريرة رضي الله عنه : أن النبي صلى الله عيه وسلم قال : " سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ... ورجل ذكر الله خالياً ففاضت عيناه " رواه البخاري ( 629 ) ، ومسلم ( 1031 ) .


    ومعنى " ذكر الله " خائفاً أو محبّاً أو راجياً ، فإذا اتصف المسلم بهذا فهو سعيد وإلا فهو مخذول .

    2. قراءة القرآن الكريم وتدبر آياته .

    قال الله تعالى - في وصف عباده العلماء الصالحين - : { إِنَّ الَّذِينَ أُوتُواْ الْعِلْمَ مِن قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلاْذْقَانِ سُجَّدًا . وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبّنَا إِن كَانَ وَعْدُ رَبّنَا لَمَفْعُولاً . وَيَخِرُّونَ لِلاْذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعًا } [ الإسراء :107-109 ] .

    وقال القرطبي : هذا مدح لهم , وحق لكل من توسم بالعلم , وحصل منه شيئا أن يجري إلى هذه المرتبة , فيخشع عند استماع القرآن ويتواضع ويذل .
    " تفسير القرطبي " ( 10 / 341 ) .
    { من قبله } أي : من قَبل النبي صلى الله عليه وسلم ، ويبكون عند سماع ما نزل عليهم .
    وقيل : من قَبل القرآن ، وهم اليهود والنصارى ، وهي بشرى للمتقين منهم أنهم يسلمون ، وهو الذي حصل كما في قوله تعالى : { وَإِذَا سَمِعُواْ مَا أُنزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُواْ مِنَ الْحَق } [ المائدة : 83 ] .

    والآيات الأوَل - في الإسراء - مكية ، ومما نزل في مكة :
    قولُه تعالى : { أُولَئِكَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ مِنْ ذُرِّيَّةِ آَدَمَ وَمِمَّنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ وَمِنْ ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْرَائِيلَ وَمِمَّنْ هَدَيْنَا وَاجْتَبَيْنَا إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آَيَاتُ الرَّحْمَنِ خَرُّوا سُجَّدًا وَبُكِيًّا } [ مريم / 58 ] .

    وآية " النجم " :

    { هَذَا نَذِيرٌ مِنَ النُّذُرِ الْأُولَى . أَزِفَتِ الْآَزِفَةُ . لَيْسَ لَهَا مِنْ دُونِ اللَّهِ كَاشِفَةٌ . أَفَمِنْ هَذَا الْحَدِيثِ تَعْجَبُونَ . وَتَضْحَكُونَ وَلَا تَبْكُونَ . وَأَنْتُمْ سَامِدُونَ . فَاسْجُدُوا لِلَّهِ وَاعْبُدُوا } [ النجم / 56 – 62 ] .

    وهذا لتربية الصحابة على رقة القلب وصدق الإيمان ، وأن الضحك الحق لا يكون إلا في الآخرة.

    { إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كَانُوا مِنَ الَّذِينَ آَمَنُوا يَضْحَكُونَ . وَإِذَا مَرُّوا بِهِمْ يَتَغَامَزُونَ . وَإِذَا انْقَلَبُوا إِلَى أَهْلِهِمُ انْقَلَبُوا فَكِهِينَ . وَإِذَا رَأَوْهُمْ قَالُوا إِنَّ هَؤُلَاءِ لَضَالُّونَ . وَمَا أُرْسِلُوا عَلَيْهِمْ حَافِظِينَ . فَالْيَوْمَ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنَ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ . عَلَى الْأَرَائِكِ يَنْظُرُونَ . هَلْ ثُوِّبَ الْكُفَّارُ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ . [ المطففين / 29 – 36 ] وهي سورة مكية .

    وهذا هو حال نبينا محمد صلى الله عليه وسلم مع القرآن .

    عن عبد الله بن مسعود قال : قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم : اقرأ عليَّ القرآن , قال : قلت : يا رسول الله أقرأ عليك وعليك أنزل ؟ قال : إني أشتهي أن أسمعه من غيري , قال : فقرأت النساء حتى إذا بلغت { فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا } رفعت رأسي أو غمزني رجل إلى جنبي فرأيت دموعه تسيل .
    رواه البخاري ( 4306 ) ومسلم ( 800 ) .

    وهذا هو حال أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم مع القرآن .

    عن أبي صالح قال : لما قدم أهل اليمن في زمان أبي بكر فسمعوا القرآن جعلوا يبكون فقال أبو بكر : هكذا كنا ثم قست القلوب !!

    وحال أبي بكر تصفه عائشة فتقول :

    لما مرض النبي صلى الله عليه وسلم مرضه الذي مات فيه أتاه بلال يوذنه بالصلاة فقال : مروا أبا بكر فليصل قلت : إن أبا بكر رجل أسيف - وفي رواية : لا يملك دمعه ، وفي روايةٍ : كان أبو بكر رجلا بكّاءً ؛ لا يملكُ عينيه إذا قرأ القرآن – إن يقم مقامك يبكي فلا يقدر على القراءة … . البخاري ( 633 ) ، ومسلم ( 418 ) .

    وعن عبد الله بن شداد أنه قال : سمعتُ نشيج عمر وأنا في آخر الصف وهو يقرأ سورة يوسف { إنما أشكو بثي وحزني إلى الله } [ يوسف / 86 ] .
    رواه البخاري معلقاً ، انظر : " فتح الباري " لابن حجر ( 2 / 206 ) .
    والنشيج : رفع الصوت بالبكاء .

    وعن سالم بن عبد الله أن ابن عمر قرأ { وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله } الآية – [ البقرة / 284 ] - ; فدمعت عيناه فبلغ صنيعه ابن عباس فقال : يرحم الله أبا عبد الرحمن , لقد صنع كما صنع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أنزلت , فنسختها الآية التي بعدها { لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت } – [ البقرة / 286 ] - .

    وعن تميم الداري رضي الله عنه أنه قرأ هذه الآية : { أم حسب الذين اجترحوا السيئات أن نجعلهم كالذين آمنوا وعملوا الصالحات } [ الجاثية / 21 ] فجعل يرددها إلى الصباح ويبكي .

    وقرأ ابن عمر رضي الله عنهما : { وَيْلٌ لِّلْمُطَفِّفِينَ } [ سورة المطففين / 1 ] فلما بلغ : { يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ } [ سورة المطففين / 6 ] بكى حتى خرَّ وامتنع عن قراءة ما بعده .

    وقال مسروق رجمه الله : قرأتُ على عائشة هذه الآيات : { فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ } [ الطور / 27 ] فبكت ، وقالت : " ربِّ مُنَّ وقني عذاب السموم " .

    وهكذا كان حال من تبعهم بإحسان إلى يوم الدين .


    3. كثرة ذكر الله عز وجل .

    عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله : ... - وذكر منهم : - ورجل ذكر الله خاليا ففاضت عيناه .
    رواه البخاري ( 629 ) ومسلم ( 1031 ) .
    والخلوة مدعاة إلى قسوة القلب ، والجرأة على المعصية ، فإذا ما جاهد الإنسان نفسه فيها ، واستشعر عظمة الله فاضت عيناه ، فاستحق أن يكون تحت ظل عرش الرحمن يوم لا ظل إلا ظله .

    قال ابن القيم :

    إن في القلب قسوة لا يذيبها إلا ذكر الله تعالى ، فينبغي للعبد أن يداوي قسوة قلبه بذكر الله تعالى وذكر حماد بن زيد عن المعلى بن زياد أن رجلا قال للحسن : يا أبا سعيد أشكو إليك قسوة قلبي ، قال : أذبه بالذكر ؛ وهذا لأن القلب كلما اشتدت به الغفلة اشتدت به القسوة فإذا ذكر الله تعالى ذابت تلك القسوة كما يذوب الرصاص في النار ، فما أذيبت قسوة القلوب بمثل ذكر الله عز وجل.
    " الوابل الصيِّب " ( ص 99 ) .

    4. الإكثار من الطاعات .

    قال أحمد بن سهل - رحمه الله - : " قال لي أبو معاوية الأسود : يا أبا علي من أكثر لله الصدق نَدِيت عيناه ، وأجابته إذا دعاهما " .

    5. تذكر الموت ورؤية المحتضرين والأموات .

    عن جابر رضي الله عنه قال : أخذ النبي صلى الله عليه وسلم بيد عبد الرحمن بن عوف فانطلق به إلى ابنه إبراهيم فوجده يجود بنفسه فأخذه النبي صلى الله عليه وسلم فوضعه في حجره فبكى ، فقال له عبد الرحمن : أتبكي ؟ أولم تكن نهيت عن البكاء ؟ قال : لا ، ولكن نهيت عن صوتين أحمقين فاجرين : صوت عند مصيبة - خمش وجوه وشق جيوب - ، ورنة شيطان .
    رواه الترمذي ( 1005 ) ، وقال : هذا حديث حسن ، وحسَّنه الشيخ الألباني في " السلسلة الصحيحة " ( 2157 ) .

    وثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه بكى على ابنه إبراهيم ، حينما رآه يجود بنفسه ، فجعلت عيناه تذرفان الدموع ثم قال : " إن العين تدمع ، والقلب يحزن ، ولا نقول إلا ما يرضي ربنا ، وإنا لفراقك يا إبراهيم لمحزونون " رواه البخاري ( 1241 ) ومسلم ( 2315 ) .

    وعن عبد الله بن عمر قال اشتكى سعد بن عبادة شكوى له فأتاه النبي صلى الله عليه وسلم يعوده مع عبد الرحمن بن عوف وسعد بن أبي وقاص وعبد الله بن مسعود فلما دخل عليه وجده في غاشية فقال قد قضى ؟ قالوا لا يا رسول الله فبكى النبي صلى الله عليه وسلم فلما رأى القوم بكاء النبي صلى الله عليه وسلم بكوا فقال ألا تسمعون ؟ إن الله لا يعذب بدمع العين ولا بحزن القلب ولكن يعذب بهذا وأشار إلى لسانه أو يرحم . البخاري ( 1242 ) ومسلم ( 924 ) .

    وعن صفية أن امرأة أتت عائشة تشكو إليها القسوة فقالت : " أكثري ذكر الموت يرق قلبك وتقدرين على حاجتك " قالت : ففعلت ، فوجدت أن قلبها رق ، فجاءت تشكر لعائشة رضي الله عنها .

    يقول أبو الدرداء رضي الله عنه : أضحكني ثلاث و أبكاني ثلاث :

    أضحكني : مؤمل دنيا والموت يطلبه ، وغافل ليس بمغفول عنه ، وضاحك بملء فيه لا يدري أأرضى الله أم أسخطه .
    و أبكاني : فراق أحب الأحبة محمَّد صلى الله عليه وسلم وصحبه ، وهَول المطلع عند غمرات الموت ، والوقوف بين يدي الله يوم تبدو السريرة علانية فلا يدري أإلى الجنة أم إلى النار.
    وكان سعيد بن جبير يقول : " لو فارق ذكر الموت قلوبنا ساعة لفسدت قلوبنا " .


    6. أكل الحلال .


    سئل بعض الصالحين : بم تلين القلوب ؟ قال : بأكل الحلال .

    7. الابتعاد عن المعاصي .

    قال مكحول رحمه الله : " أرقُّ الناس قلوباً أقلهم ذنوباً " .

    8. سماع المواعظ .

    وقد انتشر في كثير من البلدان أشرطة لمشايخ ثقات يحسنون التأثير على قلوب الناس ، وقد كانت الخطبة المؤثرة والموعظة البليغة مما يوجل قلوب الصحابة ويُذرف دمع عيونهم .


    9. تذكر القيامة وقلة الزاد والخوف من الله .

    بكى أبو هريرة رضي الله عنه في مرضه ، فقيل له : ما يبكيك ؟ فقال : " أما إني لا أبكي على دنياكم هذه ، ولكن أبكي على بُعد سفري ، وقلة زادي ، وإني أمسيت في صعود على جنة أو نار ، لا أدري إلى أيتهما يؤخذ بي " .

    روي أنه لما حضرت محمد بن سيرين الوفاة , بكى , فقيل له : ما يبكيك ؟
    فقال : أبكي لتفريطي في الأيام الخالية و قلة عملي للجنة العالية و ما ينجيني من النار الحامية .

    سئل عطاء السليمي : ما هذا الحزن ؟ قال : ويحك ، الموت في عنقي ، والقبر بيتي ، وفي القيامة موقفي ، وعلى جسر جهنم طريقي لا أدري ما يُصنَع بي .

    وكان فضالة بن صيفي كثير البكاء ، فدخل عليه رجل وهو يبكي فقال لزوجته ما شأنه ؟ قالت : زعم أنه يريد سفراً بعيداً ومالَه زاد .

    لما احتضر هشام بن عبد الملك نظر إلى أهله يبكون حوله فقال : جاء هشام إليكم بالدنيا وجئتم له بالبكاء , ترك لكم ما جمَع و تركتم له ما حمل , ما أعظم مصيبة هشام إن لم يرحمه الله .

    قال ابن القيم : اعرف قدر ما ضاع ، وابك بكاء من يدري مقدار الفائت .

    وقال الألبيري - رحمه الله - :

    ولا تضحكْ مع السفهاءِ يومـاً *** فإنّك سوف تبكي إن ضحكتا !
    ومَن لك بالسرور وأنتَ رهنٌ؟ *** وما تدري أتُفْدى ؟ أم غُلِلْتا ؟!
    ولو بكت الدّما عيناك خوفاً ! *** لذنبـك لم أقل لك قـد أمِنْتا !
    ومَن لك بالأمان وأنتَ عبـدٌ *** أُمِرْتَ فما ائتمرتَ ولا أطَعْتا!



    10. البكاء عند زيارة القبور .

    عن أنس رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " كنت نهيتكم عن زيارة القبور ألا فزوروها ؛ فإنها ترق القلب وتدمع العين وتذكر الآخرة ولا تقولوا هجراً " . ‌

    رواه أحمد ( 13075 ) وصححه الشيخ الألباني في " صحيح الجامع " ( 4584 ) .
    وروى مسلم في صحيحه ( 976 ) عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : زار النبي صلى الله عليه وسلم قبر أمه فبكى , وأبكى من حوله " .

    وعن هانئ مولى عثمان رضي الله عنه قال : كان عثمان إذا وقف على قبر بكى حتى يبل لحيته ! فقيل له : تذكر الجنة والنار فلا تبكي ، وتبكي من هذا ؟! فقال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إن القبر أول منزل من منازل الآخرة ، فإن نجا منه ، فما بعده أيسر منه ، وإن لم ينج منه ؛ فما بعده أشد منه " قال : وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ما رأيت منظراً قط إلاّ القبر أفظع منه " .
    رواه الترمذي ( 2308 ) وابن ماجه ( 4267 ) ، والحديث حسَّنه الشيخ الألباني في " صحيح الترغيب " ( 3550 ) .


    11. التفكر عند رؤية ما يُعتبَر كرؤية النار في الدنيا .

    عن مغيرة بن سعد بن الأخرم قال : ما خرج عبد الله بن مسعود إلى السوق فمر على الحدادين فرأى ما يخرجون من النار إلا جعلت عيناه تسيلان .
    فإن المسلم أعرف أهل الأرض بربه تعالى ، فالواجب عليه أن يكون حاله لا كحال الآخرين ، فهو يعتبر ويتعظ بما يقرؤه ويسمعه من الآيات والمواعظ ، والقلب الخائف يثمر عيناً دامعة رجاء بلوغ رحمة الله تعالى ودخول الجنة ، تحقيقاً لوعد الله تعالى ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " عينان لا تمسهما النار : عين بكت من خشية الله ، وعين باتت تحرس في سبيل الله " رواه الترمذي ( 1639 ) من حديث ابن عباس رضي الله عنه .

    12. الدعاء .

    وقد استعاذ النبي صلى الله عليه وسلم من القلب الذي لا يخشع ، وقد سبق ذِكر اتصال العين بالقلب .
    عن زيد بن أرقم قال لا أقول لكم إلا كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ، كان يقول : اللهم إني أعوذ بك من العجز والكسل والجبن والبخل والهرم وعذاب القبر اللهم آت نفسي تقواها وزكها أنت خير من زكاها أنت وليها ومولاها اللهم إني أعوذ بك من علم لا ينفع ومن قلب لا يخشع ومن نفس لا تشبع ومن دعوة لا يستجاب لها . رواه مسلم ( 2722 ) .

    ومن أراد أن تدمع عينه فله أن يدعو الله بذلك .

    قال شيخ الإسلام ابن تيمية :

    وكان عتبة الغلام سأل ربه ثلاث خصال : صوتاً حسناً ، ودمعاً غزيراً ، وطعاماً من غير تكلف ، فكان إذا قرأ بكى وأبكى ودموعه جارية دهره ، وكان يأوي إلى منزله فيصيب فيه قوته ولا يدري من أين يأتيه .

    13. التباكي .

    عن ابن أبي مليكة قال : جلسنا إلى عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما في الحِجر فقال : ابكوا ، فإن لم تجدوا بكاء فتباكوا ، لو تعلموا العلم لصلَّى أحدكم حتى ينكسر ظهره ، ولبكى حتى ينقطع صوته . رواه الحاكم في " المستدرك " ( 4 / 622 ) ، وصححه الألباني موقوفاً في " صحيح الترغيب " ( 3328 ) .

    وعن التباكي قال ابن القيم - بعد ذكره أنواع البكاء - :

    وما كان منه مستدعىً متكلفاً فهو التباكي وهو نوعان : محمود ومذموم
    فالمحمود : أن يُستحلب لرقة القلب ولخشية الله ، لا للرياء والسمعة ،
    والمذموم : يُجتلب لأجل الخلق .


    ونسأل الله تعالى أن يجعل قلوبا وجلة ، وأعيننا دامعة من خشيته .


    جمعه وأعدَّه :
    أبو طارق
    إحسان بن محمد بن عايش العتيـبي
    28 رجب 1424 هـ



    والسؤال الذي يفرض نفسه الآن أين نحن من هؤلاء ؟
    وما سر هذه الانتكاسة التي يمر بها العالم الإسلامي ؟


    ولكن حياة هؤلاء الصالحين تشير ببساطة إلى موضوع الخلل في حياتنا .
    إنها ظاهرة ضعف الإيمان في القلوب .
    إنها المادية التي طغت علينا في كل شيء .
    إنه التشبث الأعمى بالحياة ونسيان رب الحياة ألا فلنعود إلى الله كما عادوا لكي ننهض بأمتنا كما نهضوا.(وما النصر إلا من عند الله )آل عمران 126





    اللهم اغفر لأبي وأمي وارحمهما كما ربياني صغيرا

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Apr 2005
    المشاركات
    2,584
    الدين
    الإسلام
    الجنس
    ذكر
    آخر نشاط
    18-08-2023
    على الساعة
    03:23 PM

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Nov 2007
    المشاركات
    470
    الدين
    الإسلام
    آخر نشاط
    07-04-2012
    على الساعة
    09:02 PM

    افتراضي

    اللهم ارزقنا عيناً دامعة ً وقلباً خاشعاً ولساناً ذاكراً .

    اللهم آمين .
    لا تقل: من أين أبدأ؟ طاعة الله البداية
    لا تقل: أين طريقي؟ شرع الله الهداية
    لا تقل: أين نعـيمي؟ جنــة الله كفـايـة
    لا تقل: غدا ســأبدأ! ربما تأتي النهاية

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Nov 2007
    المشاركات
    2,339
    الدين
    الإسلام
    آخر نشاط
    24-04-2014
    على الساعة
    12:19 AM

    افتراضي



    بسم الله الرحمن الرحيم
    الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

    اقتباس

    ونسأل الله تعالى أن يجعل قلوبا وجلة ، وأعيننا دامعة من خشيته .
    امين

    سلمت يمينك وجزيت خيرا وبارك الله فيك اختىالحبيبة
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    May 2006
    المشاركات
    8,993
    الدين
    الإسلام
    آخر نشاط
    26-02-2024
    على الساعة
    08:13 AM

    افتراضي

    اقتباس
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة دفاع مشاهدة المشاركة
    اللهم ارزقنا خشيتك في الغيب والشهادة
    اللهم آآآآآآمين يا رب العالمين

    أخي دفاع تشرفت بمرورك أخي الكريم




    اقتباس
    نبض الأقصى اللهم ارزقنا عيناً دامعة ً وقلباً خاشعاً ولساناً ذاكراً .
    اللهم آآآآآآمين يا رب العالمين

    تحيتي لكِ أختي الغالية نبض الأقصى
    تشرفت بمرورك العطر




    اقتباس
    بواسطة نوران سلمت يمينك وجزيت خيرا وبارك الله فيك اختى الحبيبة
    اللهم آآآآآآآآمين يا رب العالمين
    تشرفت بمرورك العطر وتشجيعك الدائم اختي الغالية نوران جزانا الله واياكم كل الخير
    تحيتي لكِ



    اللهم اغفر لأبي وأمي وارحمهما كما ربياني صغيرا

البكاء من خشيه الله

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

المواضيع المتشابهه

  1. مكه ام وادي البكاء
    بواسطة ابوغسان في المنتدى من ثمارهم تعرفونهم
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 15-12-2010, 08:14 PM
  2. الى الذين جعلوا معجزة الله هي الله .... وظنوا انهم يعبدون الله !
    بواسطة نجم ثاقب في المنتدى منتدى نصرانيات
    مشاركات: 12
    آخر مشاركة: 02-08-2008, 10:09 AM
  3. الرقابة علي جميع الجدد _ لماذا البكاء
    بواسطة FREE CHRISTIAN VOICE في المنتدى منتدى الشكاوى والإقتراحات
    مشاركات: 21
    آخر مشاركة: 08-07-2008, 08:30 PM
  4. رائحة البكاء
    بواسطة ahmad2008 في المنتدى المنتدى العام
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 06-07-2008, 08:45 PM
  5. البكاء من خشية الله : استمع لبكاء المعاصرين( ابن باز- الالباني وغيرهم)
    بواسطة اسد الصحراء في المنتدى منتديات الدعاة العامة
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 20-05-2006, 01:24 PM

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  

البكاء من خشيه الله

البكاء من خشيه الله