قال العلاّمة ابن القيم رحمه الله تعالى ورفع درجته :

وقد اختلف النُّظَّارُ في أيهما أقربُ إلى الكمالِ وأقل اختلالاً لأموره الضرير أو الأطرش؟ وذكروا في ذلك وجوهًا وهذا مبنيٌ على أصلٍ آخرَ ؛ وهو أي الصفتين أكمل : صفة السمع أو صفة البصر ؟
وقد ذكرنا الخلاف فيهما فيما تقدم من هذا الكتاب ، وذكرنا أقوال الناس وأدلتهم والتحقيق في ذلك فأي الصفتين كانت أكمل فالضررُ بِعَدَمِها أقوى ، والذي يليق بهذا الموضع أن يقال :
عادم البصر أشدهما ضرراً وأسلمهما دينًا وأحمدُهمُا عاقبةً ، وعادمُ السمع أقلهما ضرراً في دنياه وأجهلهما بدينه وأسوأُ عاقبة ؛ فإنه إذا عدم السمع عدم المواعظ والنصائح وانسدت عليه أبواب العلوم النافعة وانفتحت له طرق الشهوات التي يدركها البصر ولا يناله من العلم ما يكفه عنها ، فضرره في دينه أكثر ، وضرر الأعمى في دنياه أكثر ، ولهذا لم يكن في الصحابة أطرش ، وكان فيهم جماعة أضراء وقل أن يبتلي الله أولياءه بالطَّرَشِ ويبتلى كثيرًا منهم بالعمى .فهذا فصل الخطاب في هذه المسألة ؛ فمضرة الطَّرَشِ في الدين ، ومضرَّة العمى في الدنيا ، والمعافى من عافاه الله منهما ومتَّعهُ بسمعهِ وبَصره وجعلهُما الوارثين منه . اهـ

(مفتاح دار السعادة ) 2 /207 نقلاً عن كتاب ( التقريب لعلوم ابن القيم ) للشيخ بكر أبوزيد رحمة الله تعالى عليه .


(منقول)