قالوا: إن ابن مسعود الصحابي كان يحذف المعوذتين من القرآن، وكان يقول: "إنهما ليستا من كتاب الله " !

تعلقوا على ذلك بما جاء في الآتي:

وعن عبد الرحمن بن يزيد يعنى النخعى قال:" كان عبد الله يحك المعوذتين من مصاحفه ويقول إنهما ليستا من كتاب الله تبارك وتعالى" . رواه عبد الله بن أحمد والطبراني ورجال عبد الله رجال الصحيح ورجال الطبراني ثقات مجمع الزوائد ( ج 7 / ص 152 ).

حدثني محمد بن الحسين بن أشكاب، حدثنا محمد بن أبي عبيدة بن معن، حدثنا أبي،عن الأعمش،عن أبي إسحاق، عن عبد الرحمن بن يزيد، قال : " كان عبد الله يحك المعوذتين من مصاحفه ويقول إنهما ليستا من كتاب الله تبارك وتعالى " . قال الأعمش : وحدثنا عاصم عن زر عن أبي بن كعب قال سألنا عنهما رسول الله r قال فقيل لي فقلت‏. رواه الإمام أحمد في مسنده ، المجلد الخامس حديث زر بن حبيش عن أبي بن كعب t .

حدثنا علي بن عبد العزيز ثنا أبو نعيم ثنا سفيان عن أبي إسحاق عن عبد الرحمن بن يزيد قال : " رأيت عبد الله يحك المعوذتين ويقول: لمَ تزيدون ما ليس فيه ". رواه الطبراني في المعجم الكبير ( ج 9/ ص 234 ).

الرد على الشبهة

أولًا: إن هذه الأخبار أخبارٌ باطلةٌ لا أساس لها من الصحة؛ فقد أنكر العلماءُ صحة نسبتِها إلى الصحابي الجليل عبد الله بن مسعود t؛ جاء ذلك في الآتي:

كتاب المجموع شرح المهذب لمحيى الدين النووي( ج 3 / ص 396 ):
" أجمع المسلمون علي أن المعوذتين والفاتحة وسائر السور المكتوبة في المصحف قرآن وأن من جحد شيئا منه كفر وما نقل عن ابن مسعود في الفاتحة والمعوذتين باطل ليس بصحيح عنه.
قال ابن حزم في أول كتابه المجاز: هذا كذب علي ابن مسعود موضوع وإنما صح عنه قراءة عاصم عن زر عن ابن مسعود وفيها الفاتحة والمعوذتان ".

2- كتاب المحلى لابن حزم( ج 1 / ص 13): " وكل ما روى عن ابن مسعود من أن المعوذتين وأم القرءان لم تكن في مصحفه فكذب موضوع لا يصح وإنما صحت عنه قراءة عاصم عن زر بن حبيش عن ابن مسعود وفيها أم القرآن والمعوذتان ".


3- كتاب البرهان للزركشي( ج 2 / ص 127 ): "والمعوذتان من القرآن واستفاضتهما كاستفاضة جميع القرآن وأما ما روي عن ابن مسعود قال القاضي أبو بكر فلم يصح عنه أنهما ليسا بقرآن ولا حفظ عنه أنه حكهما وأسقطهما من مصحفه لعلل وتأويلات قال القاضي ولا يجوز أن يضاف إلى عبد الله أو إلى أبي بن كعب أو زيد أو عثمان أو علي أو واحد من ولده أو عترته جحد آية أو حرف من كتاب الله وتغييره أو قراءته على خلاف الوجه المرسوم في مصحف الجماعة بأخبار الآحاد وأن ذلك لا يحل ولا يسمع بل لا تصلح إضافته إلى أدنى المؤمنين فيعصرنا فضلا عن أضافته إلى رجل من الصحابة ".

4- كتاب فتح الغفار بشرح المنار لابن نجيم الحنفي( ج 1/ ص 11 ): " وأما عن ابن مسعود من إنكارهما لم يصح ، و إن ثبت خلو مصحفه لم يلزم إنكاره لجوازه لغاية ظهورهما ، أو لأن السنة عنده أن لا يكتب منه إلا ما أمر u بكتب هو لم يسمعه ".


ثانيًا : إن القرآن الكريم جاء بالتواتر، وبأسانيد صحيحة إلى ابن مسعود وفيه المعوذتين تقرأ عنه t....خصوصًا تلاميذه الذين أخذوا عنه القراءة حملوا منه t القرآن كاملًا بما فيه المعوذتين...

وهذا سند قراءات القرآن الكريم كاملًا إلى ابن مسعودt يهدم ادعاء المعترضين كما يلي:

أولًا: قراءة عاصم وهو أحد القراء السبعة حيث قرأ القرآن كله وفيه المعوذتين بأسانيد صحيحة حيث قرأ عاصم على أبي عبد الرحمن عبد الله بن حبيب وقرأ على أبي مريم زر بن حبيش الأسدي وعلى سعيد بن عياش الشيباني .. وجميعهم أخذوا القراءة عن عبد الله بن مسعود غاية النهاية 1/315.

ثانيًا: قراءة حمزة وهو من القراء السبعة حيث قرأ القرآن كله وفيه المعوذتين بأسانيد صحيحة فقرأ حمزة على سليمان الأعمش الذي كان يجود حرف ابن مسعود وقرأ الأعمش على زيد بن وهب ومسعود بن مالك وكلاهما قرأ على ابن مسعود غاية النهاية 1/236.

وقراءة حمزة بسند ثاني حيث قرأ حمزة على حمران بن أعين وقرأ حمران بن أعين على قراءة ابن مسعود حيث أخذ القراءة عن يحيى بن وثاب الذي أخذ عن مسروق بن الأجدع وأبو عمرو الشيباني وزر بن حبيش وجميعهم أخذوا القراءة عن عبد الله بن مسعود غاية النهاية 1/236- 237.

وقراءة حمزة بسند ثالث حيث قرأ على أبي إسحاق السبيعي .. وقرأ السبيعي على علقمة بن قيس وعلى زربن حبيش وعلى زيد بن وهب وعلى مسروق وهم جميعا عرضوا على عبد الله بن مسعود غاية النهاية 1/236- 237.

ثالثًا: قراءة الكسائي وهو أحد القراء العشر حيث قرأ القرآن كله وفيه المعوذتين بسنده إلى ابن مسعود حيث قرأ على حمزة الذي سبق ذكر سنده إلى ابن مسعود غاية النهاية لابن الجزري 1/474 .

رابعًا: قراءة خلف حيث قرأ على سليم بن عيسى وعبد الرحمن بن أبي حماد وهما قرءا على حمزة والذي ينتهي إلى ابن مسعود

خامسًا: قراءة خلاد حيث قرأ على سليم بن عيسى عن حمزة....وعن حسين بن علي الجعفي عن أبي بكر بن عياش عن عاصم الذي انتهى سند كلاهما إلى ابن مسعود.

وقراءة حمزة عن ابن مسعود وقراءة جعفر الصادق عن علي بن أبي طالب رضي الله عنهم جميعا
جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب الصادق أبو عبد الله المدني، قرأ على "س ك" آبائه - رضوان الله عليهم- محمد الباقر فزين العابدين فالحسين فعلي رضي الله عنهم أجمعين، وقال الشهرزوري وغيره إن قرأ على أبي الأسود الدئلي وذلك وهم فأن أبا الأسود توفي سنة تسع وستين كما سيأتي وذلك قبل ولادة جعفر الصادق بإحدى عشرة سنة، قرأ عليه "س ك" حمزة ولم يخالف حمزة في شيء من قراءته إلا في عشرة أحرف والأرحام في النساء بالنصب ويبشرو بابه بالتشديد وتفجر لنا بالتشديد وحرام على قرية بالإلف ويتناجون بالإلف أنتم بمصرخي بفتح الياء وسلام على أل ياسين بالقطع ومرك السيب الخفض وأظهر اللام من هل وبل عند التاء والثاء والسين وولدا وولده بفتح الواو واللام قال جعفر الصادق هكذا قراءة على بن أبي طالب أخبرناعبد اللطيف بن القبيطي إذنا قال أنا أبو بكر بن المقببرب أنا الأستاذ أبو طاهرحدثنا أبو علي الحسن بن علي المقري ثنا أبو إسحاق الطبري ثنا أبو عبد الله محمد بن الحسين بن أبي طالب ثنا عبد الله بن برزة الحاسب أخبرني جعفر بن محمد الوزان أخبرني علي بن سلم النخعي عن سليم عن حمزة قال قرأت على أبي عبد الله جعفر الصادق القرآن بالمدينة فقال : ما قرأ علي أقرأ مكن ثم قال لست أخالفك في شيء من حروفك إلا في عشرة أحرف فإني لست أقرأ بها وهي جائزة في العربية فذكرها، توفي سنة ثمان وأربعين ومائة كتاب غاية النهاية في طبقات القراء( ج1/ص179).

ثالثًا: على فرض صحة الروايات جدلًا وهي لا تصح البتة أقول: كان ابن مسعود يسمعهما من النبي r وهو يعوذ الحسن والحسين – رضي الله عنهما- فكان يظن أنهما دعاء ورقية؛ فلما علم أنها من القرآن الكريم عدل عن قوله وفعله...وكان ذلك قبل أن يصل إلينا التواتر عنه بأن المعوذتين من كتاب الله؛ ومما يدلل على عدوله هو التاريخ نفسه؛ فكيف يسكت الصحابة جميعًا - رضي الله عنهم - على فعل يوجب التكفير والتضليل ولا يجوز التهاون معه...؟!

بل إن أهل السنة يعتقدون أن من كذب حرفًا من كتاب الله I فقد كفر...

وعليه: فإن كل ما سبق ينسف الشبهة المثارة نسفًا على أصحابها - بفضل الله I-.
كتبه / أكرم حسن