سابعا : الرد على سخافته بخصوص الاختلاف حول التكبير بعد الضحى و في السور القصار باختصار .

اقتبس المنصر ارشاد البصير الى سنية التكبير عن البشير النوري صلى الله عليه وسلم لاحمد الزعبي ( معاصر !!) ثم اتى بكلام الالباني رحمه الله في الرد عليه و كل هذا في معرض الكلام عن ما روي عن ابن كثير رحمه الله من التكبير بعد سورة الضحى و السور القصار التي بعدها و يلاحظ عدة امور هنا على المنصر .

1. انه اقتبس كعادته من كلام معاصر و لا عجب عليه في هذا فهذا ديدنه

2. ان جميع المصادر الاخرى التي نقلها كاخبار مكة للفاكهي و النشر لابن الجزري و غاية النهاية وغيرها كلها راجعة الى ما نقله احمد الزعبي و الالباني في بحثه فتبين لنا ما قلناه سابقا مرارا و تكرارا انه يعتمد علي مصادر معاصرة و ان اقتبس من مصادر اقدم فانه في الحقيقة لم يدري بطبيعة ذلك الاقتباس الا بعد الاطلاع على حاشية المصدر المعاصر الذي اشار اليها

3. ان ما تكلم به هنا لا علاقة له من قريب و لا من بعيد بالقران و لا القراءات بل هو كلام عن سنة عملية اختلف في ثبوتها فمن اثبتها اثبت سنيتها و من انكرها مال الى بدعيتها و المصحف ان المنصر اقتبس قول القرطبي رحمه الله في بديع هذه العادة للخوف من الاضافة على كلام الله عز وجل ما ليس منه و لكنه مع ذلك بتر سياق كلام القرطبي رحمه الله في الرد علي هذا الادعاء


نقرا من تفسير القرطبي رحمه الله لسورة الضحى :
((. [. فَصْلٌ: يُكَبِّرُ الْقَارِئُ فِي رِوَايَةِ الْبَزِّيِّ عَنِ ابْنِ كَثِيرٍ- وَقَدْ رَوَاهُ مُجَاهِدٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِذَا بَلَغَ آخِرَ وَالضُّحى كَبَّرَ «1» بَيْنَ كُلِّ سُورَةٍ تَكْبِيرَةً، إِلَى أَنْ يَخْتِمَ الْقُرْآنَ، وَلَا يَصِلْ آخِرَ السُّورَةِ بِتَكْبِيرِهِ، بَلْ يَفْصِلُ بَيْنَهُمَا بِسَكْتَةٍ. وَكَأَنَّ الْمَعْنَى فِي ذَلِكَ أَنَّ الْوَحْيَ تَأَخَّرَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيَّامًا، فَقَالَ نَاسٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ:قَدْ وَدَّعَهُ صَاحِبُهُ وَقَلَاهُ، فَنَزَلَتْ هَذِهِ السُّورَةُ فَقَالَ: [اللَّهُ أَكْبَرُ [. قَالَ مُجَاهِدٌ: قَرَأْتُ عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، فَأَمَرَنِي بِهِ، وَأَخْبَرَنِي بِهِ عَنْ أُبَيٍّ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَلَا يُكَبِّرُ فِي قِرَاءَةِ الْبَاقِينَ، لِأَنَّهَا ذَرِيعَةٌ إِلَى الزِّيَادَةِ فِي الْقُرْآنِ.قُلْتُ: الْقُرْآنُ ثَبَتَ نَقْلًا مُتَوَاتِرًا سُوَرُهُ وَآيَاتُهُ وَحُرُوفُهُ، لَا زِيَادَةَ فِيهِ وَلَا نُقْصَانَ، فَالتَّكْبِيرُ عَلَى هَذَا لَيْسَ بِقُرْآنٍ. فَإِذَا كَانَ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ الْمَكْتُوبُ فِي الْمُصْحَفِ بِخَطِ الْمُصْحَفِ لَيْسَ بِقُرْآنٍ، فَكَيْفَ بِالتَّكْبِيرِ الَّذِي هُوَ لَيْسَ بِمَكْتُوبٍ. أَمَّا أَنَّهُ ثَبَتَ سُنَّةً بِنَقْلِ الْآحَادِ، فَاسْتَحَبَّهُ ابْنُ كَثِيرٍ، لَا أَنَّهُ أَوْجَبَهُ فَخَطَّأَ مَنْ تَرَكَهُ))

4. فيما عدا اقتباس الزعبي فانه - و كعادته في الكذب و الخبث - جعل من اختلاف العلماء في تثبيتها من تبديلها داعيا للكذب !!! فانظر كيف حال اجتهاد ابن الجزري رحمه الله في القول بنيتها كذبا منه و هذا من خبثه فهو يريد ان يوهم القارئ ان الامر اما كذب متعمد من المخطئ او انه صادق و لا شيء ثالث فانظر الى الخبث في الطرح فالعالم قد يخطئ و يظن صحة اثر معين كما وقع مع ابن الجزري رحمه الله و قد تعشقه الالباني رحمه الله في السلسلة الضعيفة بغاية الادب و الاحترام حفاظا على مكانته .

5. انه حملنا جريرة تدليس الزعبي الذي رد عليه الالباني رحمه الله و عمم ذلك على القراء في جميع الطبقات و العصور و هذا من خبثه كما ذكرنا سابقا و اصراره على التدليس على العلماء وتخليطه على العوام

6. ان الالباني رحمه الله رد على كل الاثار المذكورة في هذا الباب و بين ضعفها و رد على مزاعم الزعبي في التواتر و بين ذلك بالدليل الصريح و العبرة تكون بالدليل لا بمن قال و المنصر يعلم رد الالباني رحمه الله و يعلم ان المسالة محسومة و فرعية و لا علاقة لها بعلوم القراءات اصلا ولا بالقران و مع ذلك اخذ ينقل من كلام الالباني اجزاءا ثم ينقل اجزاءا من كلام بن الجزري ثم الداني ثم الزعبي و هكذا ليبين بهذه الطريقة الخبث في اللعب بكلام اهل العلم انهم انما اختلفوا بداعي الكذب المتعمد !!! وهذا تالله من سوء خلقه وقذارة الاسلوب فلو كان امينا لنقل ادلة كل عالم على حدة و لبين للقارئ كيف ان الالباني رحمه الله فصل كل ذلك وفنده وبين صحة قول القائل بان الاثر لا يصح .

7. المضحك المبكي ان المنصر عاب على ابن الجزري وغيره رحمهم الله من علماء القراءات انهم مع قولهم بان شروط صحة القراءة هي صحة السند و موافقة الرسم و موافقة اللغة ولو بوجه الا انهم صححوا الاثر او السنة القائلة بالتكبير بعد الضحى و السور القصار و تالله ان هذه لحيلة لا تنطلي الا على السذج الذين يطبلون له فان كنت لا علم ان هذا التكبير ليس قرانا فهذه مصيبة و ان كنت تعلم فالمصيبة اكبر و الحق انه يحاول لي عنق الكلام وربط الشيء بما لا يتعلق به ليخرج لنا بهذا التدليس و الجهل عبر مثل هذه الحيل و الالاعيب ، اقول : ثبت العرش ثم أنقش فاثبت اولا ان التكبير قران ثم تكلم و هذا لا تستطيع ان تثبته حتى يلج الجمل في سم الخياط !!

8. قضى المنصر اكثر من ثلاثة اربعا كلامه في الخوض في هذه المسالة : التكبير بعد الضحى و السور القصار !!!!! و ذلك لا يدل الا على افلاسه الشديد حيث لم يجد شيئا الا الاسترسال في شيء لا علاقة له بالقران
.

لن اخوض اكثر في هذه النقطة لانها فرعية و تافهة و لا علاقة لها بالقران او بالقراءات و لا بقراءة ابن كثير رحمه الله و انما هي محاولة من المنصر لحشو اي اعتراض و الصاقه بقراءة ابن كثير رحمه الله .

اكتفي بنقل كامل قول الالباني رحمه الله من السلسة الضعيفة الجزء الثالث عشر الحديث 6133:
((.6133 - (قرأتُ على رسولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فأمرني أن أُكَبِّر فيها إلى أن
أَخْتِمَ! يعني: {الضحى} ) .
منكر.
أخرجه ابن أبي حاتم في "العلل " (2/76 - 77) ، والفاكهي في "أخبار
مكة " (3/35/ 1744) ، والحاكم (3/ 304) ، والبيهقي في "شعب الإيمان " (2/
370/2077 - 2081) ، والبغوي في "تفسيره" (4/501) ، والذهبي في " الميزان "
عن أحمد بن محمد بن القاسم بن أبي بَزَّة قال: سمعت عكرمة بن سليمان
يقول: قرأت على إسماعيل بن عبد الله بن قُسْطَنْطِيْن، فلما بلغت: {والضحى} ،
قال لي: كبِّر كبِّر عند خاتمة كل سورة حتى تختم، وأخبره عبد الله بن كثير: أنه
قرأ على مجاهد فأمره بذلك، وأخبره مجاهد: أن ابن عباس أمره بذلك. وأخبره ابن عباس: أن أُبي بن كعب أمره بذلك، وأخبره أبي بن كعب: أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
أمره بذلك. وقال ابن أبي حاتم عقبه:
"قال أبي: هذا حديث منكر".
قلت: وعلته ابن أبي بزة؛ فقد قال في "الجرح والتعديل " (1/1/71) :
"قلت لأبي: ابن أبي بزة ضعيف الحديث؟ قال: نعم، ولست أحدث عنه؛
فإنه روى عن عبيد الله بن موسى عن الأعمش عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله
عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حديثاً منكراً". وقال العقيلي في "الضعفاء" (1/127) :
"منكر الحديث، ويوصل الأحاديث ". وقال الذهبي:
" ليّن الحديث ". وأقره الحافظ في "اللسان ".
ولهذا لما قال الحاكم عقب الحديث: "صحيح الإسناد"؛ تعقبه الذهبي في
"التلخيص" بقوله:
" البزي تُكلم فيه ". وقال في ترجمته من والعبر" (1/445 - الكويت) :
"وكان ليِّن الحديث، حجة في القرآن".
ولذلك أورده في "الضعفاء" (55/428) ، وقال في "سير الأعلام " (12/ 51)
رداً على تصحيح الحاكم للحديث:
"وهو منكر". وقال في "الميزان" عقب الحديث:
! حديث غريب، وهو مما أنكر على البّزِّي، قال أبو حاتم؛ هذا حديث منكر".
وأقره الحافظ في "لسانه". وقال ابن كثير في "التفسير" عقب الحديث:
"فهذه سنة تفرد بها أبو الحسن أحمد بن محمد البزي من ولد القاسم بن أبي بزة، وكان إماماً في القراءات، فأما في الحديث؛ فقد ضعفه أبو حاتم الرازي
وأبو جعفر العقيلي ... ". ثم ذكر كلامهما المتقدم، ثم قال:
"لكن حكى الشيخ شهاب الدين أبو شامة في "شرح الشاطبية" عن
الشافعي: أنه سمع رجلاً يكيبر هذا التكبير في الصلاة؛ فقال: "أحسنت وأصبت
السنة"، وهذا يقتضي صحة الحديث ".
فأقول: كلا؛ وذلك لأمرين:
أحدهما: أن هذا القول غير ثابت عن الإمام الشافعي، ومجرد حكاية أبي
شامة عنه لا يعني ثبوته؛ لأن بينهما مفاوز. ثم رأيت ابن الجزري فد أفاد في
"النشر في القراءات العشر" (2/397) أنه من رواية البزي عن الشافعي؛ فصح أنه
غير ثابت عته. ويؤكد ذلك أن البزي اضطرب فيه، فمرة قال: محمد بن إدريس
الشافعي، ومرة قال: الشافعي إبراهيم بن محمد! فراجعه.
والآخر: أنه لو فرض ثبوته عنه؛ فليس هو بأقوى من قول التابعي: من السنة
كذا؛ فإن من المعلوم أنه لا تثبت بمثله السنة، فبالأّوْلى أن لا تثبت بقول من بعده؛
فإن الشافعي رحمه الله من أتباع التابعين أو تبع أتباعهم. فتأمل.
وللحديث علة ثانية: وهي شيخ البزي: عكرمة بن سليمان؛ فإنه لا يعرف
إلا بهذه الروأية، فإن ابن أبي حاتم لما ذكره في "الجرح والتعديل " (3/2/ 11) ؛ لم
يزدعلى قوله:
"روى عن إسماعيل بن عبد الله بن قسطنطين، روى عنه أحمد بن محمد.
أبن أبي بزة المكي "*
فهو مجهول العين - كما تقتضيه القواعد العلمية الحديثية -؛ لكنه قد توبع
في بعضه - كمايأتي -.
وله علة ثالثة: وهي جهالة حال إسماعيل بن عبد الله بن قسطنطين؛ فقد أورده
ابن أبي حاتم (1/ 1/ 180) وقال:
"روى عنه محمد بن إدريس الشافعي، ويعقوب بن أبي عباد المكي".
ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً، ولا رأيت له ذكراً في شيء من كتب الجرح
والتعديل الأخرى، ولا ذكره ابن حبان في "ثقاته" على تساهله في توثيق المجهولين!
وأما المتابعة التي سبقت الإشارة إليها: فهي من الإمام محمد بن إدريس
الشافعي رحمه الله تعالى؛ فقال ابن أبي حاتم في "آداب الشافعي ومناقبه "
(ص 142) : أخبرني محمد بن عبد الله بن عبد الحكم - قراءة عليه -: أنا الشافعي:
ثنا إسماعيل بن عبد الله بن قسطنطين (يعني: قارئ مكة) قال: قرأت على
شبل (يعني: ابن عباد) ، وأخبر شبل أنه قرأ على عبد الله بن كثير، وأخبر عبد الله
ابن كثيرا أنه قرأ على مجاهد، وأخبر مجاهد أنه قرأ على ابن عباس، وأخبر ابن
عباس أنه قرأ على أبي بن كعب، وقرأ أبي بن كعب على رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
قلت: هكذا الرواية فيه؛ لم يذكر: {الضحى} والتكبير، وكذلك هو في
"تاريخ بغداد" (2/62) من طريق أبي العباس محمد بن يعقوب الأصم قال: نا
محمد بن عبد الله بن عبد الحكم المصري ... به.
وخالف جد أبي يعلى الخليلي؛! فقال أبو يعلى في "الإرشاد" (1/427) :
حدثنا جدي: حدثنا عبد الرحمن بن أبي حاتم ... بإسناده المذكور في "الآداب "
نحوه؛ إلا أنه زاد في آخره فقال:
! ... فلما بلغت: {والضحى} ؛ قال لي: يا ابن عباس! كبر فيها؛ فإني
قرأت على رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... " إلخ - كما فِي حَدِيثِ الترجمة -.
قلت: وجدُّ أبي يعلى؛ لم أجد له ترجمة إلا في "الإرشاد" لحفيده الحافظ
أبي يعلى الخليلي (2/765 - 766) ، وسمى جماعة روى عنهم، ولم يذكر أحداً
روى عنه؛ فكأنه من المستورين الذين لم يشتهروا بالرواية عنه، ولعله يؤيد ذلك
قول الحافظ الخليلي:
"ولم يرو إلا القليل ". مات سنة (327) .
وكذا في "تاريخ قزوين" للرافعي (2/134) - نقلاً عن الخليلي -.
قلت: فمثله لا تقبل زيادته على الحافظين الجليلين: ابن أبي حاتم وأبي
العباس الأصم؛ فهي زيادة منكرة. ويؤيد ذلك ما تقدم عن الحافظ ابن كثير: أنها
سنة تفرد بها أبو الحسن البزي. مع شهادة الحفاظ المتقدمين بأن الحديث منكر.
والله أعلم.
وقد رواه البزي مرة بزيادة أخرى معضلاً؛ فقال ابن الجزري رحمه الله في
"النشر في القراءات العشر" (2/388) :
"روى الحافظ أبو العلاء بإسناده عن أحمد بن فرج عن البزي أن الأصل في
ذلك (يعني: التكبير المذكور) : أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ انقطع عنه الوحي؛ فقال المشركون:
قلا محمداً ربه؛ فنزلت: سورة: {والضحى} ، فقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
"الله أكبر".
وأمر النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يكبر إذا بلغ: {والضحى} مع خاتمة كل سورة حتى يختم.
وذكره ابن كثير في "تفسيره، معلقاً دون أن يعزوه للبزي عقب روايته المتقدمة
المسندة؛ فقال:
"وذكر القراء في مناسبة التكبير من أول سورة {الضحى} أنه لما تأخر
الوحي ... " إلخ نحوه، وعقب عليه بقوله:
"ولم يرو ذلك بإسناد يحكم عليه بصحة أو ضعف ".
وأقره ابن الجزري على ذلك (ص 388) ، وعقب عليه بقوله؛
"يعني كون هذا سبب التكبير، وإلا؛ فانقطاع الوحي مدة أو إبطاؤه مشهور،
رواه سفيان عن الأسود بن قيس عن جندب البجلي - كما سيأتي -، وهذا إسناد
لا مرية فيه ولا شك. وقد اختلف أيضاً في سبب انقطاع الوحي أو إبطائه، وفي
القائل: (قلاه ربه) ، وفي مدة انقطاعه ... ".
ثم ساق في ذلك عدة روايات كلها معلولة؛ إلا رواية سفيان التي أشار إليها،
وقد عزاه بعد للشيخين، وقد أخرجها البخاري (1124 و1125 و4983) ، ومسلم
(5/182) ، والترمذي (3342) وصححه، وأحمد (4/313) ، وا لطبراني (2/ 186
و187) من طرق عن سفيان، ولفظه:
احتبس جبريل اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ فقالت امرأة من قريش: أبطأ عليه
شيطانه، فنزلت: {والضحى. والليل إذا سجى. ما ودعك ربك وما قلى} .
ولسفيان متابعات كثيرة في "الصحيحين " وغيرهما بألفاظ متقاربة، فمن شاء
الوقوف عليها؛ فليتتبعها فيهما، وقد يسر السبيل إليها الحافظ ابن حجر - كعادته
في "الفتح " -؛ فليرجع إليه من أرادها.
فأقول: وبناء على هذا الحديث الصحيح يمكننا أن نأخذ منه ما نؤكد به نكارة
الزيادة المتقدمة من رواية أحمد بن الفرج عن البزي؛ لعدم ورودها في "الصحيح "،
وأن ما يحكى عن القراء ليس من الضروري أن يكون ثابتاً عندهم، فضلاً عن غيرهم
- كما سيأتي بيانه في اختلاف القراء في هذا التكبير الذي تفرد به البزي -.
ومن المعلوم في علم المصطلح أن الحديث المنكر هو ما رواه الضعيف مخالفاً للثقة. وهذه الزيادة من هذا القبيل، وبهذا الطريق رد الحافظ حديثاً آخر من رواية
الطبراني فيه سبب آخر لنزول {والضحى} ، لعله ييسر لي تخريجه فيما بعد (1) ؛
فقال الحافظ (8/ 710) :
لأغريب، بل شاذ (!) مردود بما في (الصحيح) ".
ثم ذكر روايات أخرى في سبب نزولها مخالفة أيضاً، ثم ردها بقوله:
"وكل هذه الروايات لا تثبت ".
قلت: ونحوها ما روى ابن الفرج أيضاً قال: حدثني ابن أبي بزة بإسناده: أن
النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أهدي إليه قطف عنب جاء قبل أوانه؛ فهمَّ أن يأكل منه، فجاءه سائل
فقال: أطعموني مما رزقكم الله؟ قال: فسلَّم إليه العنقود. فلقيه بعض أصحابه
فاشتراه منه، وأهداه للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وعاد السائل فسأله، فأعطاه إياه، فلقيه رجل آخر
من الصحابة، فاشتراه منه، وأهداه للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فعاد السائل فسأله فانتهره وقال:
"إنك مُلحٌّ ". فانقطع الوحي عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أربعين صباحاً؛ فقال المنافقون:
قلا محمداً ربُّه، فجاء جبريل عليه السلام فقال: اقرأ يا محمد! قال: وما أقرأ؟
فقال: اقرأ: {والضحى} ... ! ، ولقنه السورة، فأمر النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أبياً لما بلغ:
{والضحى} ؛ أن يكبر مع خاتمة كل سورة حتى يختم. ذكره ابن الجزري وقال
عقبه:
"وهذا سياق غريب جداً، وهو مما انفرد به ابن أبي بزة أيضاً، وهو معضل ".
قلت: وفي هذا دليل على ضعف البزي هذا، لتلونه في رواية الحديث 1 ا،1 حد،
فإن ذلك مما يشعر بأنه غير حافظ للحديث ولا ضابط - كما هو معروف عند أهل
المعرفة بهذا الفن الشريف -؛ فلا جرم أنه ضعفه أبو حاتم والعقيلي والذهبي
والعسقلاني - كما تقدم -، وقال الحافظ أبو العلاء الهمداني:
" لم يرفع أحد التكبير إلا البزي، ورواه الناس فوقفوه على ابن عباس ومجاهد".
ذكره ابن الجزري (ص395) ، ثم قال:
"وقد تكلم بعض أهل الحديث في البزي، وأظن ذلك من قبل رفعه له؛
فضعفه أبو حاتم والعقيلي".
أقول: ما أصاب العلائي في ظنه؛ فإن من ضعفه - كالمذكوريْن -؛ ما تعرضوا
لحديثه هذا بذكر، وإنما لأنه منكر الحديث - كما تقدم عن العقيلي -، ومعنى
ذلك: أنه يروى المناكير، وأشار أبو حاتم إلى أن منها ما رواه عن ابن مسعود، وإن
كان لم يسق متنه.
ثم إن الموقوف الذي أشار إليه العلائي فما ذكر له إسناداً يمكن الاعتماد
عليه؛ لأنه لم يسقه (ص 397) إلا من طريق إبراهيم بن أبي حية قال: حدثني
حميد الأعرج عن مجاهد قال: ختمت على عبد الله بن عباس تسع عشرة ختمة،
كلها يأمرني أن أكبر فيها من.: {ألم نشرح} ".
وإبراهيم هذا: قال البخاري في "التاريخ الكبير" (1/1/ 283) :
"منكر الحديث، واسم أبي حية: اليسع بن أسعد". وقال الدارقطني:
"متروك ".
فهو ضعيف جداً؛ فلا يصح شاهداًلحديث البزي، مع أنه موقوف.
إذا عرفت أيها القارئ الكريم ضعف هذا الحديث ونكارته؛ فإن من المصائب
في هذا الزمان والفتنة فيه أن يتطاول الجهال على الكتابة فيما لا علم لهم به؛
أقول هذا لأنه وقع تحت يدي وأنا أحرر الكلام على هذا الحديث رسالة للمدعو
أحمد الزعبي الحسيني بعنوان: "إرشاد البصير إلى سُنِّيَّةِ التكبير عن البشير
النذير"، رد فيها - كما يقول - على الأستاذ إبراهيم الأخضر، الذي ذهب في كتابه
"تكبير الختم بين القراء والمحدثين " إلى أن التكبير المشار إليه ليس بسنة. فرأيت
الزعبي المذكور قد سلك سبيلاً عجيباً في الرد عليه أولاً، وفي تأييد سنّية التكبير
ثانياً؛ تعصباً منه لما تلقاه من بعفض مشايخه القراء الذين بادروا إلى تقريظ رسالته
دون أن يعرفوا ما فيها من الجهل بعلم الحديث، والتدليس؛ بل والكذب على
العلماء، وتأويل كلامهم بما يوافق هواه، وغير ذلك مما يطول الكلام بسرده، ولا
مجال لبيان ذلك مفصلاً؛ لأنه يحتاج إلى وقت وفراغ، وكل ذلك غير متوفر لدي
الآن؛ ولا سيما والأمر كما يقال في بعض البلاد: "هذا الميت لا يستحق هذا
العزاء"؛ لأن مؤلفها ليس مذكوراً بين العلماء، بل إنها لتدل على أنه مذهبي
مقلد، لا يَعْرِفُ الحق إلا بالرجال، ولكن لا بدّ لي من الإشارة بأخصر ما يمكن من
العبارة إلى بعض جهالاته المتعلقة بهذا الحديث الذي صرح بصحته، بل وزعم أنه
متواتر عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ!
1 - ذكر (ص 12) تصحيح الحاكم إياه، ولم يعقب عليه برد الذهبي له أو غيره
ممن تقدم ذكره من العلماء!
2 - بل زاد على ذلك (ص 14) فقال: "يكفي في حجية سنة التكبير حديث
الحاكم "، الأمر الذي يدل على جهله بموقف العلماء من تصحيحات الحاكم، أو أنه
تجاهل ذلك إ!
3 - نقل (ص 15 - 16) عن كتاب "غاية النهاية" لابن الجزري (رحمه الله)
ترجمة مختصرة لعكرمة بن سليمان - الذي بينت آنفاً أنه من علل هذا الحديث
لجهالته - جاء فيها قول ابن الجزري:
"تفرد عنه البزي بحديث التكبير".
وهذا نص بأن عكرمة هذا مجهول العين عند من يعرف، فجهل الزعبي ذلك
أو تجاهله؛ فزعم أنه ثقة فقال (ص 17) :
"رجال السند كلهم ثقات (!) ، جهابذة، أذعنت الأمة لهم بالقبول والحفظ "!!!
4 - قال (ص 17 و 31) :
" فالحديث قوي ليس له معارض في صحته "!
مع أنه نقل في غير ما موضع ما عزوته إلى أبي حاتم أنه حديث منكر. وإلى
الذهبي أنه مما أنكر على البزي، وقول العقيلي في البزي:
"منكر الحديث ".
ولكنه تلاعب بأقوالهم وتأولها تأويلاً شنيعاً؛ فأبطل دلالتها على ضعف
الحديث وراويه! وتجاهل قول أبي حاتم فيه:
"ضعيف الحديث ".
فلم يتعرض له بذكر؛ لأنه يبطل تأويله، وذلك هو شأن المقلدة وأهل الأهواء
قديماً وحديثاً. انظر (ص 22 و 25) .
5 - قال (ص 21) وهو ينتقد غيره، وهو به أولى:
"فترى الواحد من إلناس يصحح حديثاً ويضعفه بمجرد أن يجد في كتاب من
كتب الرجال عن رجل بأنه غير ثقة ... ".
كذا قال! وهو يريد أن يقول بأنه ثقة أو غير ثقة؛ لينسجم مع التصحيح
والتضعيف المذكورين في كلامه، ولكن العجمة لم تساعده! وأول كلامه ينصب
عليه تماماً؛ لأنه يصحح هذا الحديث دون أن يجد موثقاً لعكرمة بن سليمان،
والبزي هذا، بل إنه ممن اتفق أهل العلم بالجرح والتعديل على تضعيفه وتضعيف
حديثه - كما تقدم -؛ ولذلك طعن فيهم في التالي:
6 - قال بعد أن نصب نفسه (ص 19) لمناقشة آراء العلماء - يعني: المضعفين
للحديث - ورواية الذين أشرت إليهم آنفاً! قال (ص 22) ؛
"فكون البزي قد جُرِحَ في الحديث؛ فإن ذلك قد يكون لنسيان في الحديث
أو لخفة ضبطه فيه أو غير ذلك ... قال (ص 23) : فكون البزي لين الحديث لا
يؤلر في عدم (!) صحة حديث التكبير، على زعم من قال: إنه لين".
كذا قال فُضَّ فوه: "زعم ... "! وهو يعني: الذهبي ومن تقدمه من الأئمة
المشار إليهم آنفاً؛ فهو يستعلي عليهم، ويرد تضعيفهم بمجرد الدعوى أن ذلك لا
يؤلر في صحة الحديث! فإذا كان كلام هؤلاء لا يؤثر عنده؛ فكلام من هو المؤثر؟!
وإن من عجائب هذا الرجل وغرائبه أنه عقد بحثاً جيداً (ص 19 - 21) ،
ونقل فيه كلاماً للذهبي قيماً، خلاصته: أن للحديث رجالاً، وأن هناك علماء
معروفين لا يدرون ما الحديث؟ ثم أشار هذا الرجل بكلام الذهبي، ورفع من شأنه
وقال: "وكلامه يدل أن لكل فن رجالاً ". وهذا حق؛ فهل يعني أن الرجل من
هؤلاء الرجال حتى استجاز لنفسه أن يرد تضعيف أهل الاختصاص بهذا العلم
وتجريحهم، وهو ليس في العير ولا في النفير؟! نعوذ بالله من العجب والغرور واتباع
الأهواء والتقليد الأعمى، والانتصار له بالسَّفْسَطَةِ والكلام العاطل! والجهل
العميق! وتأمل في قوله المتقدم:
" ... لا يؤثر في عدم صحة حديث التكبير"!
فإنه يعني: " ... في صحة ... " إلخ؛ كما يدل عليه سياق كلامه؛ فهذا من عيِّه وجهله. ولا أدل على ذلك مما يأتي، وإن كان فيما سبق ما يكفي.
7 - قال (ص 24) :
"وكذلك التكبير نقل إلينا مسلسلاً بأسانيد متواترة إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "!
وهذا كذب وزور بيِّن، ولو كان صادقاً؛ لم يسوِّد صفحات في الرد بجهل بالغ ع
لى علماء الحديث الذين ضعفوا البزي وحديثه، ولاكتفى بإثبات تواتره المزعوم.
ولكن في هذا حكمة بالغة ليتبين المبطل من المحق، والجاهل من العالم، والمغرض
من المخلص!
8 - ثم كذب كذبة أخرى فقال (ص 27) :
"فتجد أن الذهبي يقوي هذا الحديث".
وسبب هذه أنه ساق ترجمة البزي عند الذهبي، وفيها أنه روى الحديث عنه
جماعة؛ فاعتبر ذلك تقوية للحديث، وذكر فيها أثراً عن حميد الأعرج - وهو من
أتباع التابعين -، فجعله شاهداً للحديث المرفوع، وهذا من بالغ جهله بهذا العلم أو
تجاهله، وأحلاهما مر!
9 - ومما يدل على ذلك قوله (ص 30) :
"فإذا روى الشافعي عن رجل وسكت عنه؛ فهو ثقة"!
وهذا منتهى الجهل بهذا العلم الشريف، والجرأة على التكلم بغير علم؛ فإن
هذا خلاف المقرر في علم المصطلح: أن رواية الثقة عن الرجل ليس توثيقاً له، وهذا
ولو لم يكن مجروحاً، فكيف إذا كان مطعوناً فيه؟! فالله المستعان.
10 - ونحو ذلك قوله (ص 35) :
"والبزي. قد وثقه الحافظ ابن الجزري بقوله: أستاذ محقق ضابط متقن "!
وفي هذا تدليس خبيث وتلبيس على القراء؛ لأنه - أعني: الجزري - إنما قال
هذا فيما هو مختص به - أعني: البزي - من العلم بالقراءة، وليس في روايته
للحديث - كما يدل على ذلك السياق والسياق، وهما من المقيدات؛ كما هو معروف
عند العلماء -، بل إنه قد صرح بذلك في "النشر" (1/120) ؛ فقال ما نصه:
"وكان إماماً في القراءة محققاً ضابطاً متقناً لها ثقة فيها".
ومن العجيب حقاً أن هذا المدلس على علم بهذا النص؛ لأنه قد ذكره في
الصفحة (36) فيما نقله عن المحدث السندي؟ فتجاهله ليسلك على القراء تدليسه!
وأعجب من ذلك أنه تجاهل تعقيب السندي رحمه الله على ذلك بقوله:
"فلا يقدح في ذلك كونه ضعيف الحديث في غيرما يتعلق بالقراءة".
قلت: فهذه شهادة جديدة من المحدث السندي تضم إلى شهادات الأئمة
المتقدمين تدمغ هذا الجاهل دمغاً، وتمحو دعواه الباطلة محواً، وتجعل رسالته هباءً
منثوراً.
11 - ومن أكاذيبه الخطيرة التي لا بد من ذكرها وبيانها وختم هذا البحث بها
قوله (ص 34) - بعد أن ذكر تصحيح الحاكم للحديث -:
"وجاء تواتر الأمة على فعله "!
فهذا كذب محض لم يقله أحد قبله! فإن المسألة الخلاف فيها قديم بين القراء،
فضلاً عن غيرهم؛ فإنه لم يقل بالتكبير المذكور في الحديث من القراء المشهورين
غير عبد الله بن كثير المذكور في إسناده المتقدم، وهو مكي توفي سنة (120) . ثم
تلقاه المكيون عنه؛ كما حقق ذلك ابن الجزري (2/392) ، وقال قبل ذلك
(2/ 390) بعد أن ذكر الحديث وغيره مما تقدم:
"قال الداني: فهذا سبب التخصيص بالتكبير من أخر: {والضحى} ،
واستعمال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إياه، وذلك كان قبل الهجرة بزمان؛ فاستعمل ذلك المكيون،
ونقل خَلَفهم عن سلفهم، ولم يستعمله غيرهم؛ لأنه اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ترك ذلك بعد، فأخذوا
بالآخر من فعله ".
فأين التواتر الذي زعمه هذا الجاهل - أو: المتجاهل - ونسبه إلى الأمة، مع
تصريح هذا الإمام الداني بأنه لم يستعمله غير المكين؟! أم أن هؤلاء ليسوا عنده من
الأمة؟! وماذا يقول في تعليل الإمام الداني تركهم له؟!
ثم إن المكيين أنفسهم لم يستمروا على استعماله؛ فقد ذكر الفاكهي في
"أخبار مكة" (3/36/1745) أن ابن أبي عمر قال:
"أدركت الناس في مكة على هذا: كلما بلغوا: {والضحى} ؛ كبروا حتى
يختموا، ثم تركوا ذلك زماناً، ثم عاودوه منذ قريب، ثم تركوه إلى اليوم ".
وابن أبي عمر هذا من شيوخ الفاكهي ومسلم، واسمه: محمد بن يحيى بن
أبي عمر العدني أبو عبد الله الحافظ، وقد أكثر الفاكهي عنه بحيث أنه روى عنه
أكثر من خمسمائة رواية - كما ذكر ذلك المعلق على كتابه جزاه الله خيراً -، مات
سنة (243) .
قلت: فهذه الرواية مما يُبطل التواتر الذي زعمه؛ لأنها تنفي صراحة انقطاع
استمرار العمل، بل قد جاء عن بعض السلف إنكار هذا التكبير واعتبره بدعة،
وهو عطاء بن أبي رباح المكي؛ فقال الفاكهي: حدثني أبو يحيى بن أبي مرة عن
ابن خنيس قال: سمعت وهيب بن الورد يقول: (قلت: فذكر قصته، وفيها) ولما
بلغ حميد (وهو: ابن قيس المكي) : {والضحى} ؛ كبر، فقال لي عطاء: إن هذا
لبدعة.

وهذا إسناد جيد، وفيه إثبات سماع وهيب من عطاء، فما في "التهذيب "
- وتبعه في "جامع التحصيل" - أن روايته عن عطاء مرسلة؛ لعله وهم، أو سبق
قلم! فإن الذي في "الجرح" مكان: (عطاء) (طاوس) وهو أقدم وفاة من عطاء.
والله أعلم.
وفتوى ابن تيمية الواردة في المجلد (13) من "مجموع الفتاوى" (ص 417 -
419) تميل إلى عدم مشروعية هذا التكبير؛ فإنه سئل عنه فقال:
" إذَا قَرَأوا بِغَيْرِ حَرْفِ ابْنِ كَثِيرٍ؛ كَانَ تَرْكُهُمْ لِذَلِكَ هُوَ الْأَفْضَلَ، بَلْ الْمَشْرُوعَ
الْمَسْنُونَ؛ فَإِنَّ هَؤُلَاءِ الْأَئِمَّةَ مِنْ الْقُرَّاءِ لَمْ يَكُونُوا يُكَبِّرُونَ، لَا فِي أَوَائِلِ السُّوَرِ وَلَا فِي
أَوَاخِرِهَا. فَإِنْ جَازَ لِقَائِلِ أَنْ يَقُولَ: إنَّ ابْنَ كَثِيرٍ نَقَلَ التَّكْبِيرَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
جَازَ لِغَيْرِهِ أَنْ يَقُولَ: إنَّ هَؤُلَاءِ نَقَلُوا تَرْكَهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذْ مِنْ الْمُمْتَنِعِ أَنْ
تَكُونَ قِرَاءَةُ الْجُمْهُورِ الَّتِي نَقَلَتُهَا أَكْثَرُ مِنْ [نَقَلَةِ] قِرَاءَةِ ابْنِ كَثِيرٍ، قَدْ أَضَاعُوا فِيهَا مَا
أَمَرَهُمْ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ فَإِنَّ أَهْلَ التَّوَاتُرِ لَا يَجُوزُ عَلَيْهِمْ كِتْمَانُ مَا تَتَوَفَّرُ الْهِمَمُ
وَالدَّوَاعِي إلَى نَقْلِهِ، فَمَنْ جَوَّزَ عَلَى جَمَاهِيرِ الْقُرَّاءِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَقْرَأَهُمْ بِتَكْبِيرِ
زَائِدٍ، فَعَصَوْا أَمْرَهُ، وَتَرَكُوا مَا أَمَرَهُمْ بِهِ؛ اسْتَحَقَّ الْعُقُوبَةَ الْبَلِيغَةَ الَّتِي تَرْدَعُهُ وَأَمْثَالَهُ
عَنْ مِثْلِ ذَلِكَ". ثم قال:
"وَلَوْ قُدِّرَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ بِالتَّكْبِيرِ لِبَعْضِ مَنْ أَقْرَأَهُ؛ كَانَ غَايَةُ ذَلِكَ يَدُلُّ
عَلَى جَوَازِهِ أَوْ اسْتِحْبَابِهِ ... ".
ومن غرائب ذاك الزعبي أنه نقل (ص 49 - 51) فتوى ابن تيمية هذه، ثم
استخلص منها أن ابن تيمية يقول بسنية التكبير! فذكرني المسكين بالمثل المعروف:
"عنزة ولو طارت"؛ فإنه تجاهل عمداً قول ابن تيمية الصريح في الترك، بل المشروع
المسنون. كما تجاهل إيماءه القوي بعدم ثبوت الحديث بقوله: "ولو قُدِّر أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم
أمر بالتكبير ... "؛ فإنه كالصريح أنه لم يثبت ذلك عنده، وأنا على مثل اليقين أن
القائل بسنية التكبير، المستدل عليه بحديث الترجمة؛ والمدعي صحته - كهذا
الدعي الزعبي - لو سئل: هل تقول أنت بما قال ابن تيمية: "ولو قدر ... " إلخ؟
فإن أجاب بـ "لا"، ظهر كذبه على ابن تيمية وما نسب إليه من السنية، وإن قال:
"نعم "؛ ظهر جهله باللغة العربية ومعاني الكلام، أو تجاهله ومكابرته. والله المستعان.
والخلاصة: أن الحديث ضعيف لا يصح - كما قال علماء الحديث دون خلاف بينهم -، وأن قول بعض القراء لا يقويه، ولا يجعله سنة، مع إعراض عامة القراء عنه، وتصريح بعض السلف ببدعيته. والله ولي التوفيق.
وإن مما يؤكد ذلك اختلاف القاثلين في تحديد ابتدائه وانتهائه على أقوال كثيرة
تراها مفصلة في "النشر"، كما اختلفوا هل ينتهي بآخر سورة الناس، أو بأولها!
وصدق الله العظيم القائل: {وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافاً كَثِيراً}
))

ولذلك اوجه رسالة للقارئ المحترم
: اذا وجدت احدا من النصارى يحتج بكلام هذا المنصر الكذوب و يقول لك بلاش انت فقل له : طير انت !


وصلى الله على سيدنا محمد و على اله وصحبه وسلم