بسم الله الرحمن الرحيم

يستخدم بعض النصارى و الملاحدة و الرافضة اليوم بعض الروايات التي تتكلم عن محاولة النبي عليه الصلاة و السلام الانتحار من خلال التردي من شواهق الجبال بعد ان نزل عليه الوحي اول مرة في حراء ثم فتر .

و الرد :
اولا : ضعف جميع الاخبار التي تذكر محاولة النبي صلى الله عليه وسلم التردي من شواهق الجبال .

الرواية الاولى
صحيح البخاري كتاب التعبير
٦٩٨٢ - حَدَّثَنَا ‌يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا ‌اللَّيْثُ، عَنْ ‌عُقَيْلٍ، عَنِ ‌ابْنِ شِهَابٍ، وَحَدَّثَنِي ‌عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا ‌عَبْدُ الرَّزَّاقِ، حَدَّثَنَا ‌مَعْمَرٌ، قَالَ ‌الزُّهْرِيُّ: فَأَخْبَرَنِي ‌عُرْوَةُ، عَنْ ‌عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا أَنَّهَا قَ....، ثُمَّ لَمْ يَنْشَبْ وَرَقَةُ أَنْ تُوُفِّيَ، الْوَحْيُ فَتْرَةً حَتَّى حَزِنَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فِيمَا بَلَغَنَا، حُزْنًا غَدَا مِنْهُ مِرَارًا كَيْ يَتَرَدَّى مِنْ رُؤُوسِ شَوَاهِقِ الْجِبَالِ، فَكُلَّمَا أَوْفَى بِذِرْوَةِ جَبَلٍ لِكَيْ يُلْقِيَ مِنْهُ نَفْسَهُ تَبَدَّى لَهُ جِبْرِيلُ، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، إِنَّكَ رَسُولُ اللهِ حَقًّا. فَيَسْكُنُ لِذَلِكَ جَأْشُهُ، وَتَقِرُّ نَفْسُهُ، فَيَرْجِعُ، فَإِذَا طَالَتْ عَلَيْهِ فَتْرَةُ الْوَحْيِ غَدَا لِمِثْلِ ذَلِكَ، فَإِذَا أَوْفَى بِذِرْوَةِ جَبَلٍ تَبَدَّى لَهُ جِبْرِيلُ فَقَالَ لَهُ مِثْلَ ذَلِكَ»

التحقيق :
قوله : ((ثُمَّ لَمْ يَنْشَبْ وَرَقَةُ أَنْ تُوُفِّيَ، الْوَحْيُ فَتْرَةً حَتَّى حَزِنَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فِيمَا بَلَغَنَا، حُزْنًا غَدَا مِنْهُ مِرَارًا كَيْ يَتَرَدَّى مِنْ رُؤُوسِ شَوَاهِقِ الْجِبَالِ، فَكُلَّمَا أَوْفَى بِذِرْوَةِ جَبَلٍ لِكَيْ يُلْقِيَ مِنْهُ نَفْسَهُ تَبَدَّى لَهُ جِبْرِيلُ، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، إِنَّكَ رَسُولُ اللهِ حَقًّا. فَيَسْكُنُ لِذَلِكَ جَأْشُهُ، وَتَقِرُّ نَفْسُهُ، فَيَرْجِعُ، فَإِذَا طَالَتْ عَلَيْهِ فَتْرَةُ الْوَحْيِ غَدَا لِمِثْلِ ذَلِكَ، فَإِذَا أَوْفَى بِذِرْوَةِ جَبَلٍ تَبَدَّى لَهُ جِبْرِيلُ فَقَالَ لَهُ مِثْلَ ذَلِكَ» )) هو من بلاغات الزهري و هو مراسيل الزهري ضعيفة و اصل الحديث صحيح و لكن المذكور هنا من ادراجات او بلاغات الزهري و هذا لا يؤثر على صحيح البخاري بشيء حيث ان الجامع الصحيح هو ما اخرجه البخاري و اشترط عليه الصحة و يخرج عن ذلك البلاغات و الادراجات و المعلقات .

نقرامن كتاب بلاغات ابن شهاب الزهري و ادراجاته في الكتب السنة للحديث الخامس ((نسبة البلاغ إلى قائله]
القائل: وفتر الوحي فترة حتى حزن النبي - صلى الله عليه وسلم -، فيما بلغنا، حزنا غدا منه مرارا .... قيل: هو الزهري، قاله الحافظ ابن حجر، حيث قال: "ثم إن القائل فيما بلغنا هو الزهري، ومعنى الكلام أن في جملة ما وصل إلينا من خبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في هذه القصة وهو من بلاغات الزهري وليس موصولا" (١)، وتبع ابن حجر في نسبة البلاغ إلى الزهري السيوطي (٢) والقسطلاني (٣).
وقيل معمر بن راشد، قاله بدر الدين العيني، حيث قال: "وهذا من بلاغات معمر ولم يسنده، ولا ذكر راويه ولا أنه - صلى الله عليه وسلم - قاله" (٤)، وتبع العيني ابن الملقن (٥).
وأرى أن نسبة هذه الزيادة للزهري أقوى من نسبتها لمعمر؛ وذلك لأن هذه الزيادة وردت من طريقين أخريين غير طريق معمر عن الزهري، فقد وردت من رواية عقيل بن خالد الأيلي ويونس بن يزيد الأيلي كلاهما (عقيل ويونس) عن الزهري، كما سأبينه في تخريج الخبر.))

نقرا من فتح الباري لابن حجر رحمه الله الجزء الثاني عشر كتاب التعبير
((وقوله هنا فترة حتى حزن النبي صلى الله عليه وسلم فيما بلغنا هذا وما بعده من زيادة معمر على رواية عقيل ويونس وصنيع المؤلف يوهم أنه داخل في رواية عقيل وقد جرى على ذلك الحميدي في جمعه فساق الحديث إلى قوله وفتر الوحي ثم قال انتهى حديث عقيل المفرد عن بن شهاب إلى حيث ذكرنا وزاد عنه البخاري في حديثه المقترن بمعمر عن الزهري فقال وفتر الوحي فترة حتى حزن فساقه إلى آخره والذي عندي أن هذه الزيادة خاصة برواية معمر فقد أخرج طريق عقيل أبو نعيم في مستخرجه من طريق أبي زرعة الرازي عن يحيى بن بكير شيخ البخاري فيه في أول الكتاب بدونها وأخرجه مقرونا هنا برواية معمر وبين أن اللفظ لمعمر وكذلك صرح الإسماعيلي أن الزيادة في رواية معمر وأخرجه أحمد ومسلم والإسماعيلي وغيرهم وأبو نعيم أيضا من طريق جمع من أصحاب الليث عن الليث بدونها ثم إن القائل فيما بلغنا هو الزهري ومعنى الكلام أن في جملة ما وصل إلينا من خبر رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذه القصة وهو من بلاغات الزهري وليس موصولا وقال الكرماني هذا هو الظاهر ويحتمل أن يكون بلغه بالإسناد المذكور ووقع عند بن مردويه في التفسير من طريق محمد بن كثير عن معمر بإسقاط قوله فيما بلغنا ولفظه فترة حزن النبي صلى الله عليه وسلم منها حزنا غدا منه إلى آخره فصار كله مدرجا على رواية الزهري وعن عروة عن عائشة والأول هو المعتمد))

نقرا من ارشاد الساري القسطلاني الجزء السابع
((زاد في التعبير من طريق معمر عن الزهري فيما بلغنا حزنا غدا منه مرارا كي يتردى من رؤوس شواهق الجبال فكلما أوفى بذروة جبل لكي يلقي منه نفسه تبدى له جبريل فقال: يا محمد إنك رسول الله حقا فيسكن لذلك جأشه وتقر نفسه فيرجع فإذا طالت عليه فترة الوحي غدا لمثل ذلك فإذا أوفى بذروة جبل تبدى له جبريل فقال له مثل ذلك. وهذه الزيادة خاصة برواية معمر والقائل فيما بلغنا الزهري وليس موصولا. نعم يحتمل أن يكون بلغه بالإسناد المذكور وسقط قوله فيما بلغنا عند ابن مردويه في تفسيره من طريق محمد بن كثير عن معمر.
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: والأول هو المعتمد، وقوله غدا بالغين المعجمة من الذهاب غدوة أو بالعين المهملة من العدوة وهو الذهاب بسرعة وأما إرادته عليه الصلاة والسلام إلقاء نفسه من رؤوس شواهق الجبال فحزنا على ما فاته من الأمر الذي بشره به ورقة))

نقرا من الكواكب الدرازي الكرماني رحمه الله كتاب التعبير
((قوله (حزن) بكسر الزاي و (فيما بلغنا) أي في جملة ما بلغ إلينا من رسول الله صلى الله عليه وسلم. فان قلت من هاهنا إلى آخر الحديث يثبت بهذا الإسناد أم لا قلت لفظه اعم من الثبوت به أو بغيره لكن الظاهر من السياق أنه بغيره ))

و بلاغات الزهري لها نفس حكم مراسيله والمعلوم ان مرسل الزهري هو شبه الريح ، علاوة على كون المرسل من الضعيف .
نقرا من المراسيل لابن ابي حاتم
((- باب ما ذكر في الأسانيد المرسلة أنها لا تثبت بها الحجة
١ - حدثنا أحمد بن سنان قال كان يحيى بن سعيد القطان لا يرى إرسال الزهري وقتادة شيئا ويقول هو بمنزلة الريح ويقول هؤلاء قوم حفاظ كانوا إذا سمعوا الشيء علقوه
٢ - قرىء على عباس الدوري عن يحيى بن معين قال مراسيل الزهري ليس بشيء))

ويدل على كون الزيادة المذكورة عند البخاري من تفردات الزهري رحمه الله ان الرواية جاءت عند الطبري رحمه الله مرسلة .
نقرا منتاريخ الطبري الجزء الثاني
((حدثنا محمد بن عبد الأعلى، قال: حدثنا ابن ثور، عن معمر، عن الزهري، قال: فتر الوحي عن رسول الله ص فترة، فحزن حزنا شديدا، جعل يغدو إلى رءوس شواهق الجبال ليتردى منها، فكلما أوفى بذروه جبل تبدى له جبرئيل، فيقول: إنك نبي الله، فيسكن لذلك جأشه، وترجع اليه نفسه، فكان النبي ص يحدث عن ذلك، [قال: فبينما أنا أمشي يوما، إذ رأيت الملك الذي كان يأتيني بحراء، على كرسي بين السماء والأرض، فجئثت منه رعبا، فرجعت إلى خديجة، فقلت: زملوني، فزملناه- أي دثرناه-))

وقد جاءت الرواية موصولة عن الزهري من طريقين الا ان كليهما ضعيف :
1. طريق محمد بن كثير الصنعاني .
نقرا من تفسير ابن مردويه سورة العلق ((محمد بن كثير عن معمر بإسقاط قوله: "فيما بلغنا"، ولفظه: "فترة حزن النبي - صلى الله عليه وسلم - منها حزنا غدا منه ...))

التحقيق :
لا تصح الرواية بهذا الاسناد و افتها محمد بن كثير المصيصي الصنعاني
.
نقرا من تحرير تقريب التهذيب للدكتور بشار عواد معروف الجزء الثالث
((٦٢٥١ - محمد بن كثير بن أبي عطاء الثقفي، الصنعاني، أبو يوسف، نزيل المصيصة: صدوق كثير الغلط، من صغار التاسعة، مات سنة بضع عشرة. د ت س.
بل: ضعيف يعتبر به في المتابعات والشواهد، فقد ضعفه أحمد جدا، وقال البخاري: لين جدا، وقال أبو داود: لم يكن يفهم الحديث، وقال في موضع آخر: هو دون بقية، وقال النسائي وأبو أحمد الحاكم: ليس بالقوي. وضعفه علي ابن المديني والعقيلي. ووثقه الحسن بن الربيع وابن سعد، وقال صالح جزرة: صدوق كثير الخطأ، وقال ابن معين: ثقة، وقال مرة: صدوق، وقال أبو حاتم: كان رجلا صالحا ... وفي حديثه بعض الإنكار. وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال: يخطئ ويغرب، وقال ابن عدي: له روايات عن معمر والأوزاعي خاصة عداد لا يتابعه عليها أحد))

2. طريق النعمان بن راشد .
نقرا من تاريخ الطبري الجزء الثاني
((فحدثني أحمد بن عثمان المعروف بأبي الجوزاء، قال: حدثنا وهب ابن جرير، قال: حدثنا أبي، قال: سمعت النعمان بن راشد، يحدث عن الزهري، عن عروة، عن عائشة أنها قالت: كان أول ما ابتدئ به رسول الله ص من الوحي الرؤيا الصادقة، كانت تجيء مثل فلق الصبح، ثم حبب إليه الخلاء، فكان بغار بحراء يتحنث فيه الليالي ذوات العدد قبل أن يرجع إلى أهله، ثم يرجع إلى أهله، فيتزود لمثلها، حتى فجأه الحق، [فأتاه، فقال: يا محمد، أنت رسول الله! قال رسول الله ص: فجثوت لركبتي وأنا قائم، ثم زحفت ترجف بوادري، ثم دخلت على خديجة، فقلت: زملوني، زملوني! حتى ذهب عني الروع، ثم أتاني فقال: يا محمد، أنت رسول الله قال: فلقد هممت أن أطرح نفسي من حالق من جبل، فتبدى لي حين هممت بذلك، فقال: يا محمد، أنا جبريل، وأنت رسول الله ))

التحقيق :
لا تصح الرواية بهذا الاسناد و آفتها النعمان بن راشد
.
نقرا من تقريب التهذيب لابن حجر باب حرف النون
((٧١٥٤- النعمان ابن راشد الجزري أبو إسحاق الرقي مولى بني أمية صدوق سيء الحفظ من السادسة خت م ٤))

و هذا يعني انه في الطبقة الخامسة عند بن حجر رحمه الله
((فأولها: الصحابة: فأصرح بذلك لشرفهم.
الثانية: من أُكد مدحه، إما: بأفعل: كأوثق الناس، أو بتكرير الصفة لفظا: كثقة ثقة، أو معنى: كثقة حافظ .
الثالثة: من أفرد بصفة، كثقة، أو متقن، أو ثَبْت، أو عدل.
الرابعة: من قصر عن درجة الثالثة قليلا، وإليه الإشارة: بصدوق، أو لا بأس به، أو ليس به بأس.
الخامسة: من قصر عن الرابعة قليلا، وإليه الإشارة بصدوق سيء الحفظ، أو صدوق يهم، أو له أوهام، أو يخطئ، أو تغير بأخرة ويلتحق بذلك من رمي بنوع من البدعة، كالتشيع والقدر، والنصب، والإرجاء، والتجهم، مع بيان الداعية من غيره.
السادسة: من ليس له من الحديث إلا القليل، ولم يثبت فيه ما يترك حديثه من أجله، وإليه الإشارة بلفظ: مقبول، حيث يتابع، وإلا فلين الحديث.
السابعة: من روى عنه أكثر من واحد ولم يوثق، وإليه الإشارة بلفظ: مستور، أو مجهول الحال.))

الرواية الثانية
نقرا من الطبقات الكبرى لابن سعد الجزء الاول
((أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثني إبراهيم بن محمد بن أبي موسى عن داود بن الحصين عن أبي غطفان بن طريف عن ابن عباس أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لما نزل عليه الوحي بحراء مكث أياما لا يرى جبريل. فحزن حزنا شديدا حتى كان يغدو إلى ثبير مرة وإلى حراء مرة يريد أن يلقي نفسه منه. فبينا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كذلك عامدا لبعض تلك الجبال إلى أن سمع صوتا من السماء. فوقف رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.
صعقا للصوت ثم رفع رأسه فإذا جبريل على كرسي بين السماء والأرض متربعا عليه يقول: يا محمد أنت رسول الله حقا وأنا جبريل. قال: فانصرف رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.
وقد أقر الله عينه وربط جأشه. ثم تتابع الوحي بعد وحمي.))

التحقيق :
الرواية لا تصح لعلتين :
1. محمد بن عمر الواقدي ضعيف كذاب .

تهذيب الكمال للامام المزي الجزء 26:
(( وقال زكريا بن يحيى الساجي : محمد بن عمر بن واقد الأسلمي قاضي بغداد متهم ،حدثني أحمد بن محمد، قال: سمعت أحمد بن حنبل يقول:لم نزل ندافع أمر الواقدي حتى روى عن معمر، عن الزهري، عن نبهان، عن أم سلمة، عن النبي صلى الله عليه وسلم " أفعمياوان أنتما " فجاء بشئ لا حيلة فيه، والحديث حديث يونس لم يروه غيره.
وقال أبو جعفر العقيلي: حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، قال: حدثني أبي قال: سمعت وكيعا يقول ....قال: وسمعت أبي مرة أخرى يقول: ما أشك في الواقدي أنه كان يقلبها، يعني الأحاديث يقول: يحمل حديث يونس على معمر.
وقال البخاري : الواقدي مديني سكن بغداد، متروك الحديث، تركه أحمد، وابن نمير، وابن المبارك، وإسماعيل بن زكريا
وقال في موضع آخر :كذبه أحمد.
وقال معاوية بن صالح :قال لي أحمد بن حنبل: هو كذاب
وقال معاوية أيضا عن يحيى بن معين: ضعيف
وقال في موضع آخر : ليس بشئ.
وقال في موضع آخر قلت ليحيى: لم لم تعلم عليه حيث كان الكتاب عندك؟ قال: أستحيي من ابنه، وهو لي صديق. قلت: فماذا تقول فيه؟ قال: كان يقلب حديث يونس يغيرها عن معمر ليس بثقة
وقال عباس الدوري عن يحيى بن معين: ليس بشئ.
وقال عبد الوهاب بن الفرات الهمذاني: سألت يحيى بن معين عن الواقدي، فقال: ليس بثقة
وقال المغيرة بن محمد المهلبي : سمعت علي بن المديني يقول:الهيثم بن عدي أوثق عندي من الواقدي، ولا أرضاه في الحديث ولا في الأنساب ولا في شئ.
وقال أبو داود : أخبرني من سمع علي بن المديني يقول: روى الواقدي ثلاثين ألف حديث غريب.
وقال مسلم : متروك الحديث.
وقال النسائي: ليس بثقة
وقال الحاكم أبو أحمد: ذاهب الحديث))

2. ابراهيم بن محمد بن ابي موسى ضعفه جمهور اهل العلم ووثقه الشافعي و ابن عدي .
تهذيب التهذيب الجزء الاول باب حرف الالف
((٢٨٤ ـ "ق - إبراهيم" بن محمد بن أبي يحيى واسمه سمعان الأسلمي مولاهم أبو إسحاق المدني..... قال يحيى بن سعيد القطان سألت مالكا عنه أكان ثقة قال: لا ولا ثقة في دينه", وقال عبد الله بن أحمد عن أبيه: "كان قدريا معتزليا جهميا كل بلاء فيه", وقال أبو طالب عن أحمد: "لا يكتب حديثه ترك الناس حديثه كان يروي أحاديث منكرة لا أصل لها وكان يأخذ أحاديث الناس يضعها في كتبه", وقال بشر بن المفضل سألت فقهاء أهل المدينة عنه فكلهم يقولون: "كذاب", وقال علي بن المديني عن يحيى بن سعيد: "كذاب" وقال المعطي عن يحيى بن سعيد: "كنا نتهمه بالكذب", وقال البخاري: "جهمي تركه ابن المبارك والناس كان يرى القدر" وقال عباس عن ابن معين: "ليس بثقة" وقال ابن أبي مريم قلت له فابن أبي يحيى قال: "كذاب في كل ما روى", قال وسمعت يحيى يقول: "كان فيه ثلاث خصال كان كذابا وكان قدريا وكان رافضيا" وقال لي نعيم بن حماد أنفقت على كتبه خمسين دينارا ثم أخرج إلينا يوما كتابا فيه القدر وكتابا آخر فيه رأي جهم فدفع إلي كتاب جهم فقرأته فعرفته فقلت له هذا رأيك قال نعم قال: "فخرقت بعض كتبه وطرحتها" وقال الجوزجاني: "غير مقنع ولا حجة فيه ضروب من البدع", وقال النسائي: "متروك الحديث" وقال في موضع آخر: "ليس بثقة ولا يكتب حديثه" وقال الربيع سمعت الشافعي يقول: "كان إبراهيم بن أبي يحيى قدريا" قيل للربيع فما حمل الشافعي على أن روى عنه قال كان يقول لأن يخر إبراهيم من بعد أحب إليه من أن يكذب وكان ثقة في الحديث, وقال أبو أحمد بن عدي سألت أحمد بن محمد بن سعيد -يعني بن عقدة- فقلت له تعلم أحدا أحسن القول في إبراهيم غير الشافعي, فقال: "نعم حدثنا أحمد بن يحيى الأودي سمعت حمدان بن الأصبهاني قلت أتدين بحديث إبراهيم بن أبي يحيى قال نعم ثم قال لي أحمد بن محمد بن سعيد نظرت في حديث إبراهيم كثيرا وليس بمنكر الحديث" قال ابن عدي: "وهذا الذي قاله كما قال وقد نظرت أنا أيضا في حديثه الكثير فلم أجد فيه منكرا إلا عن شيوخ يحتملون وإنما يروي المنكر من قبل الراوي عنه أو من قبل شيخه وهو في جملة من يكتب حديثه وله الموطأ أضعاف موطأ مالك", وقال سعيد بن أبي مريم سمعت إبراهيم بن يحيى يقول سمعت من عطاء سبعة آلاف مسألة قيل أنه مات سنة "١٨٤". قلت: وفي كتاب الغرباء لابن يونس مات سنة "٩١" وجزم ابن عدي في ترجمة محمد بن عبد الرحمن أبي جابر البياضي بأن إبراهيم هذا ضعيف وقال علي ابن المديني: "كذاب وكان يقول بالقدر", وقال الدارقطني: "متروك" وقال ابن حبان: "كان يرى القدر ويذهب إلى كلام جهم ويكذب في الحديث إلى أن قال وأما الشافعي فإنه كان يجالس إبراهيم في حداثته ويحفظ عنه فلما دخل مصر في آخر عمره وأخذ يصنف الكتب أحتاج إلى الأخبار ولم تكن كتبه معه فأكثر ما أودع الكتب من حفظه وربما كنى عن اسمه. وقال العقيلي قال إبراهيم ابن سعد كنا نسمي إبراهيم بن أبي يحيى ونحن نطلب الحديث: "خرافة", وقال سفيان بن عيينة: "احذروه ولا تجالسوه" وقال أبو همام السكوني سمعت إبراهيم بن أبي يحيى يشتم بعض السلف وقال عبد الغني بن سعيد المصري هو إبراهيم بن محمد بن أبي عطاء الذي حدث عنه ابن جريج وهو عبد الوهاب الذي يحدث عنه مروان بن معاوية وهو أبو الذئب الذي يحدث عنه ابن جريج وقال يعقوب بن سفيان: "متروك الحديث" وقال ابن سعد: "كان كثير الحديث ترك حديثه ليس يكتب", وقال الحاكم أبو أحمد: "ذاهب الحديث" وقال أبو زرعة: "ليس بشيء" وقال ابن المبارك: "كان صاحب تدليس" وقال عبد الرزاق: "ناظرته فإذا هو معتزلي فلم أكتب عنه" وقال العجلي: "كان قدريا معتزليا رافضيا وكان من أحفظ الناس وكان قد سمع علما كثيرا وقرابة كلهم ثقات وهو غير ثقة" ثم نقل عن ابن المبارك: كان مجاهرا بالقدر وكان صاحب تدليس عن عبد الوهاب بن موسى الزهري قال لي إسماعيل بن عيسى العباسي وكان من أورع من رأيت قال لي إبراهيم بن أبي يحيى غلامك خير من أبي بكر وعمرو في سؤلات الآجري أبا داود عنه: "كان رافضيا شتاما مأبونا١" وقال البزار: كان يضع الحديث وكان يوضع له مسائل فيضع لها إسنادا وكان قدريا وهو من استاذي الشافعي وعز علينا" وقال الحربي: "رغب المحدثون عن حديثه" وروى عنه الواقدي ما يشبه الوضع ولكن الواقدي تالف وقال الشافعي: في كتاب اختلاف الحديث بن أبي يحيى أحفظ من الداروردي, وقال إسحاق بن راهويه: "ما رأيت أحدا يحتج بإبراهيم بن أبي يحيى مثل الشافعي", قلت للشافعي وفي الدنيا أحد يحتج بإبراهيم بن أبي يحيى, وقال الساجي لم يخرج الشافعي عنه حديثا في فرض إنما أخرج عنه في الفضائل. قلت: هذا خلاف الموجود والله الموفق وقد فرق أبو حاتم بين إبراهيم بن محمد الذي روى عنه الحسن بن عرفة بين وصاحب الترجمة))

الرواية الثالثة
نقرا من سيرة ابن اسحاق برواية يونس بن بكير الجزء الثاني
((نا أحمد: نا يونس عن ابن إسحق قال: حدثني عبد الملك بن عبد الله بن أبي سفيان بن العلاء بن جارية الثقفي، وكان واعية، عن بعض أهل العلم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أراد الله عز وجل كرامته، وابتدأه بالنبوة، ....، فقلت: إن الأبعد- يعني نفسه، صلى الله عليه وسلم- لشاعر أو مجنون، ثم قلت: لا تحدث قريش عني بهذا أبدا، لأعمدن إلى حالق من الجبل، فلأطرحن نفسي منه، فلأقتلنها، فلأستريحن، فخرجت ما أريد غير ذلك، فبينا أنا عامد لذلك سمعت مناديا ينادي من السماء يقول: يا محمد! أنت رسول الله، وأنا جبريل، فرفعت رأسي إلى السماء أنظر، فإذا جبريل في صورة رجل صاف قدميه في أفق السماء يقول: يا محمد! أنت رسول الله، وأنا جبريل، فوقفت أنظر إليه، وشغلني عن ذلك وعما أريد، فوقفت ما أقدر على أن (٩٣) أتقدم ولا أتأخر ولا أصرف وجهي في))

التحقيق :
الرواية لا تصح لعلتين :
1. الابهام في السند فلا ندري من هم اهل العلم الذين روى عنهم عبد الملك بن عبد الله الثقفي.
2. عبد الملك بن عبد الله بن ابي سفيان بن العلاء بن جارية الثقفي مجهول و لم يوثقه غير ابن حبان رحمه الله وهو متساهل في توثيق المجاهيل و لا يعتد بتوثيقه المجاهيل وقد ذكره ابن ابي حاتم و لم يذكر له جرحا و لا تعديل .
نقرا من الجرح و التعديل لابن ابي حاتم الجزء الخامس باب كل اسم ابتداء حرفه عين
((عبد الملك بن عبد الله بن ابي سفيان الثقفى وهو ابن ابي سفيان ابن جارية وعم ابيه العلاء بن جارية من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم روى عن عمه عمرو بن أبي سفيان سمعت أبي يقول ذلك))

نقرا قول ابن حجر رحمه الله في مقدمة كتابه لسان الميزان :(( قال ابن حبان من كان منكر الحديث على قلته لا يجوز تعديله الا بعد السبر ولو كان ممن يروي المناكير ووافق الثقات في الاخبار لكان عدلا مقبول الرواية إذ الناس في اقوالهم على الصلاح والعدالة حتى يتبين منهم ما يوجب القدح هذا حكم المشاهير من الرواة فاما المجاهيل الذين لم يرو عنهم الا الضعفاء فهم متروكون على الأحوال كلها قلت وهذا الذي ذهب اليه بن حبان من ان الرجل إذا انتفت جهالة عينه كان على العدالة الى ان يتبن جرحه مذهب عجيب والجمهور على خلافه وهذا هو مساك بن حبان في كتاب الثقات الذي الفه فإنه يذكر خلقا من نص عليهم أبو حاتم وغيره على انهم مجهولون وكان عند بن حبان ان جهالة العين ترتفع برواية واحد مشهور وهو مذهب شيخه بن خزيمة ولكن جهالة حاله باقية عند غيره وقد أفصح بن حبان بقاعدته فقال العدل من لم يعرف فيه الجرح إذ التجريح ضد التعديل فمن لم يجرح فهو عدل حتى يتبين جرحه إذ لم يكلف الناس ما غاب عنهم وقال في ضابط الحديث الذي يحتج به إذا تعرى راويه من ان يكون مجروحا أو فوقه مجروح أو دونه مجروح أو كان سنده مرسلا أو منقطعا أو كان المتن منكرا هكذا نقله الحافظ شمس الدين بن عبد الهادي في الصارم المنكي من تصنيفه وقد تصرف في عبارة بن حبان لكنه اتى بمقصده وسياق بعض كلامه في أيوب آخر مذكور في حرف الألف ))

الرواية الرابعة
نقرا من تاريخ الطبري الجزء الثاني
((حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا سلمة، عن محمد بن إسحاق، قال:
حدثني وهب بن كيسان مولى آل الزبير، قال: سمعت عبد الله بن الزبير، وهو يقول لعبيد بن عمير بن قتادة الليثي: حدثنا يا عبيد كيف كان بدء ما ابتدئ به رسول الله ص ..... قال: ولم يكن من خلق الله أحد أبغض إلي من شاعر أو مجنون، كنت لا أطيق أن أنظر إليهما، قال: قلت إن الأبعد- يعني نفسه- لشاعر أو مجنون، لا تحدث بها عني قريش أبدا! لأعمدن إلى حالق من الجبل فلأطرحن نفسي منه فلأقتلنها فلأستريحن قال، فخرجت أريد ذلك، حتى إذا كنت في وسط من الجبل، سمعت صوتا من السماء يقول: يا محمد، أنت رسول الله، وأنا جبريل، قال:
فرفعت راسى الى السماء، فإذا جبرئيل في صورة رجل صاف قدميه في أفق السماء، يقول: يا محمد، أنت رسول الله وانا جبرئيل قال: فوقفت أنظر إليه، وشغلني ذلك عما أردت، فما أتقدم وما أتأخر، وجعلت أصرف وجهي عنه في آفاق السماء فلا أنظر في ناحية منها إلا رأيته كذلك، فما زلت واقفا ما أتقدم أمامي، ولا أرجع ورائي، ))

التحقيق :
الرواية لا تصح لثلاث علل :
1. محمد بن حميد الرازي كذاب متهم .
نقرا من ترجمة محمد بن حميد الرازي في سير اعلام النبلاء للذهبي رحمه الله :
((البخاري ، فقال : في حديثه نظر .
وقال صالح بن محمد : كنا نتهم ابن حميد .
قال أبو علي النيسابوري : قلت لابن خزيمة : لو حدث الأستاذ عن محمد بن حميد ; فإن أحمد بن حنبل قد أحسن الثناء عليه . قال : إنه لم يعرفه ، ولو عرفه كما عرفناه ، لما أثنى عليه أصلا .
قال أبو أحمد العسال : سمعت فضلك ، يقول : دخلت على ابن حميد ، وهو يركب الأسانيد على المتون .
قلت : آفته هذا الفعل ; وإلا فما أعتقد فيه أنه يضع متنا . وهذا معنى قولهم : فلان سرق الحديث .
قال يعقوب بن إسحاق الفقيه : سمعت صالح بن محمد الأسدي ، يقول : ما رأيت أحذق بالكذب من سليمان الشاذكوني ، ومحمد بن حميد الرازي ، وكان حديث محمد بن حميد كل يوم يزيد .
قال أبو إسحاق الجوزجاني : هو غير ثقة .
وقال أبو حاتم : سمعت يحيى بن معين ، يقول : قدم علينا محمد بن حميد بغداد ، فأخذنا منه كتاب يعقوب القمي ، ففرقنا الأوراق بيننا ، ومعنا أحمد بن حنبل ، فسمعناه ، ولم نر إلا خيرا . فأي شيء تنقمون عليه ؟ قلت يكون في كتابه شيء ، فيقول : ليس هو كذا ، ويأخذ القلم فيغيره ، فقال : بئس هذه الخصلة .
وقال النسائي :ليس بثقة .
وقال العقيلي : حدثني إبراهيم بن يوسف ، قال : كتب أبو زرعة ، ومحمد بن مسلم ، عن محمد بن حميد حديثا كثيرا ، ثم تركا الرواية عنه .
قلت : قد أكثر عنه ابن جرير في كتبه . ووقع لنا حديثه عاليا ، ولا تركن النفس إلى ما يأتي به ، فالله أعلم . ولم يقدم إلى الشام ، وله ذكر في " تاريخ الخطيب))

2. سلمة بن الابرش ضعفوه .
نقرا من ميزان الاعتدال الذهبي رحمه الله الجزء الثاني
(([٣٤١٠ - سلمة بن الفضل [د، ت] الابرش، قاضى الرى، وراوي المغازى، عن ابن إسحاق.]
يكنى أبا عبد الله.
ضعفه ابن راهويه.
وقال البخاري: في حديثه بعض المناكير.
وقال ابن معين: كتبنا عنه، وليس في المغازى أتم من كتابه.
وقال النسائي: ضعيف.
وقال زنيخ (١) : سمعت سلمة الابرش يقول: سمعت المغازى من ابن إسحاق مرتين وكتبت عنه من الحديث مثل المغازى.
سلمة بن الفضل، عن ابن إسحاق، عن نافع، عن ابن عمر - مرفوعا: إذا مشى أحدكم فأعيا فليهرول، فإنه يذهب ذلك عنه.
وقال ابن عدي: لم أجد لسلمة ما جاوز الحد في الانكار.
وقال ابن المديني: ما خرجنا من الرى حتى رمينا بحديث سلمة.
وروى عباس، عن ابن معين، قال: سلمة الابرش رازى يتشيع، قد كتب عنه، وليس به بأس.
وقال أبو حاتم: لا يحتج به.
وقال أبو زرعة: كان أهل الرى لا يرغبون فيه لسوء رأيه وظلم فيه.
وقيل: كان حافظا يحفظ من مرة.))

3. الارسال من عبيد بن عمير رحمه الله
.

وقد اخرج ابن هشام رحمه الله هذه الرواية في سيرته بدون هذه الزيادة .
نقرا من سيرة ابن هشام الجزء الاول
((قال ابن إسحاق: وحدثني وهب بن كيسان قال: قال عبيد: فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجاور ذلك الشهر من كل سنة، يطعم من جاءه من المساكين، فإذا قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم جواره من شهره ذلك، كان أول ما يبدأ به، إذا انصرف من جواره، الكعبة، قبل أن يدخل بيته، فيطوف بها سبعا أو ما شاء الله من ذلك، ثم يرجع إلى بيته، حتى إذا كان الشهر الذي أراد الله تعالى به فيه ما أراد من كرامته، من السنة التي بعثه الله تعالى فيها، وذلك الشهر (شهر) [٢] رمضان، خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى حراء، كما كان يخرج لجواره ومعه أهله، حتى إذا كانت الليلة التي أكرمه الله فيها برسالته، ورحم العباد بها، جاءه جبريل عليه السلام بأمر الله تعالى. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فجاءني جبريل، وأنا نائم، بنمط [٣] من ديباج فيه كتاب [٤] ، فقال اقرأ، قال: قلت: ما أقرأ [٥] ؟ قال: فغتني [٦] به حتى ظننت أنه الموت، ثم أرسلني فقال: اقرأ، قال: قلت: ما أقرأ؟ قال: فغتني به حتى ظننت أنه الموت، ثم أرسلني، فقال: اقرأ، قال: قلت: ماذا أقرأ؟ قال: فغتني به حتى ظننت أنه…. قال: فقرأتها ثم انتهى فانصرف عني وهببت من [٢] نومي، فكأنما كتبت في قلبي كتابا. قال: فخرجت حتى إذا كنت في وسط من الجبل سمعت صوتا من السماء يقول: يا محمد، أنت رسول الله وأنا جبريل، قال: فرفعت رأسي إلى السماء أنظر، فإذا جبريل في صورة رجل صاف قدميه في أفق السماء يقول: يا محمد، أنت رسول الله وأنا جبريل. قال: فوقفت أنظر إليه فما أتقدم وما أتأخر، وجعلت أصرف وجهي عنه في آفاق السماء، قال: فلا أنظر في ناحية منها إلا رأيته كذلك، فما زلت واقفا ما أتقدم أمامي وما أرجع ورائي حتى بعثت خديجة رسلها في طلبي، فبلغوا أعلى مكة ورجعوا إليها وأنا واقف في مكاني ذلك، ثم انصرف عني.))

تضعيف اهل العلم لهذه القصة :

1. نقرا من كتاب بلاغات ابن شهاب الزهري و ادراجاته في الكتب الستة الحديث الخامس
(( طرق يتصل بها البلاغ المذكور]
يتصل هذا البلاغ، ولكن من طرق واهية غاية في الضعف.
أخرج نحوه ابن سعد بسنده عن ابن عباس، قال (٦): أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثني إبراهيم بن محمد بن أبي موسى عن داود بن الحصين عن أبي غطفان بن طريف عن ابن عباس أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما نزل عليه الوحي بحراء ..... ثم تتابع الوحي بعد وحمي وهذا الإسناد ضعيف؛ فيه: محمد بن عمر، وهو: محمد بن عمر بن واقد الواقدي الأسلمي، أبو عبد الله المدني، مولى عبد الله بن بريدة الأسلمي (ت: ٢٠٧ هـ)، متروك (١).
وكذا شيخه إبراهيم بن محمد بن أبي موسى، لم أجده، ولكني أظن أن جده أبي موسى محرف من أبي يحيى، فإن كان كذلك فهو: إبراهيم بن محمد بن أبي يحيى - واسمه سمعان - الأسلمي، مولاهم، أبو إسحاق المدني، وقيل: إبراهيم بن محمد بن أبي عطاء (ت: ١٨٤ - ١٩١ هـ)، متروك (٢).
وأخرج الطبري في تفسيره، قال (٣): حدثني أحمد بن عثمان البصري، قال: ثنا وهب بن جرير، قال: ثنا أبي، قال: سمعت النعمان بن راشد، يقول عن الزهري، عن عروة، عن عائشة،.....".
وإسناده أيضا ضعيف؛ فيه النعمان بن راشد، وهو: النعمان بن راشد الجزري، أبو إسحاق الرقي، مولى بني أمية، ذكره ابن حبان في الثقات (٤)، وقال ابن حجر: صدوق سيء الحفظ (١)، وقال البخاري: في حديثه وهم كثير وهو صدوق في الأصل، وقال الإمام أحمد: مضطرب الحديث، روى أحاديث مناكير، وضعفه ابن معين والنسائي وابن أبي حاتم، وقال أبو داود: ضعيف في الزهري (٢).
وأخرج الطبري عن يونس بن عبد الأعلى نحو هذا الخبر بعده، ولم يذكر لفظه، قال (٣): "حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: أخبرني يونس، عن ابن شهاب، قال: ثني عروة أن عائشة، أخبرته وذكر، نحوه".
والطبري يشير هنا إلى لفظ حديث الباب، فقد أخرجه أبو عوانة (٤) عن يونس بن عبد الأعلى، عن ابن وهب، عن يونس، عن ابن شهاب، عن عروة عن عائشة، ... فذكره بلفظ رواية البخاري.
[تخريج الحديث]
أخرجه مع ذكر البلاغ المذكور في آخره: عبد الرزاق (٥) من رواية معمر بن راشد عن الزهري، ومن طريق عبد الرزاق أخرجه البخاري (٦) والإمام أحمد (٧) وابن حبان (٨).
لكن رواية ابن حبان وردت دون قوله "فيما بلغنا" (٩)؛ ولعل السبب في ذلك يرجع إلى أن ابن حبان رواه عن محمد بن الحسن بن قتيبة عن بن أبي السري عن عبد الرزاق عن معمر، به، وابن أبي السري هو: محمد بن المتوكل بن عبد الرحمن الهاشمي مولاهم العسقلاني المعروف بابن أبي السري، قال عنه ابن حجر: "صدوق عارف له أوهام كثيرة" (١)؛ فيكون إسقاطه فيما بلغنا من جملة أوهامه، قال الألباني "إسقاط ابن أبي السري من الحديث قوله: "فيما بلغنا" خطأ منه؛ ترتب عليه أن اندرجت القصة في رواية الزهري عن عائشة، فصارت بذلك موصولة، وهي في حقيقة الأمر معضلة، لأنها من بلاغات الزهري" (٢).
وأخرجه أيضا وفي آخره الزيادة المذكورة: أبو عوانة (٣) من رواية يونس بن يزيد الأيلي، عن الزهري، وابن منده (٤) من رواية عقيل عن الزهري به.
وأخرجه دون ذكر البلاغ: البخاري (٥) من رواية عقيل، عن الزهري به.
وأخرجه البخاري (٦) ومسلم (٧) والبيهقي (٨) من رواية يونس، عن الزهري به.
[ونستنتج مما سبق ما يلي]
أن هذه الزيادة مرسلة، وأن القائل: "فيما بلغنا" إنما هو الزهري. أن هذا البلاغ لم يتصل لفظه ولا معناه من أي وجه صحيح.
أخرج البخاري الحديث في عدة مواضع دون البلاغ المذكور؛ فكأنه أشار إلى بطلان هذه الزيادة. وإنها ليست من الحديث، وإنما هي معلقة.
(التعليق على الخبر]لم يتصل بلاغ الزهري عن قصة محاولة النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يلقي نفسه من رءوس شواهق الجبال من أي وجه صحيح، وهي زيادة منكرة من حيث المعنى؛ لأنه لا يليق بالنبي - صلى الله عليه وسلم - المعصوم أن يحاول قتل نفسه بالتردي من الجبل مهما كان الدافع له على ذلك وهو القائل: "من تردى من جبل فقتل نفسه، فهو في نار جهنم يتردى فيه خالدا مخلدا فيها أبدا" (١)، والبخاري أخرج هذا الحديث في عدة مواضع بدون هذه الزيادة؛ ولعله ذكرها لينبهنا إلى مخالفتها لما صح عنده من حديث بدء الوحي، الذي لم تذكر فيه هذه الزيادة، فكأن ذكره لها أشارة إلى بطلانها.
قال الإسماعيلي (٢): موه بعض الطاعنين على المحدثين، فقال: كيف يجوز للنبي أن يرتاب في نبوته حتى يوفي بذروة جبل ليلقي منها نفسه على ما جاء في رواية معمر، ولئن جاز أن يرتاب مع معاينة النازل عليه من ربه، فكيف ينكر على من ارتاب فيما جاءه به مع عدم المعاينة (٣). أقول: قد بينت بالنقد العلمي أن قصة محاولة النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يلقي نفسه من رءوس شواهق الجبال لم تصح من أي وجه، وبفرض صحة هذه القصة جدلا، فليس فيها ما يعيب شخص النبي - صلى الله عليه وسلم - أو يقدح في عصمته، يتضح ذلك مما يلي:
١ - إن إرادة النبي - صلى الله عليه وسلم - إلقاء نفسه من رؤوس الجبال وردت في موضعين، فعن الموضع الأول قال ابن حجر: أما الإرادة المذكورة في الزيادة الأولى -الواردة في بلاغ الزهري ورواية ابن سعد- ففي صريح الخبر أنها كانت حزنا على ما فاته من الأمر الذي بشره به ورقة، وعن الموضع الثاني قال الإسماعيلي: وأما إرادته إلقاء نفسه من رؤوس الجبال بعد ما نبئ -على ما ورد في رواية الطبري- فلضعف قوته عن تحمل ما حمله من أعباء النبوة، وخوفا مما يحصل له من القيام بها من مباينة الخلق جميعا، كما يطلب الرجل الراحة من غم يناله في العاجل بما يكون فيه زواله عنه، ولو أفضى إلى إهلاك نفسه عاجلا، حتى إذا تفكر فيما فيه صبره على ذلك من العقبى المحمودة صبر واستقرت نفسه (١).
٢ - إن تحريم قتل النفس لم يكن نازلا في شريعته - صلى الله عليه وسلم -؛ فالقصة كانت في بداية أمر الوحي، فكيف تكون تلك الحادثة -على فرض صحتها- مدخلا للطعن فيه - صلى الله عليه وسلم -؟ .
٣ - إن العصمة متحققة في هذه الحال، حيث أن الله -سبحانه وتعالى- صرف عن نبيه - صلى الله عليه وسلم - هذا السوء.)))

2. نقرا من السلسلة الضعيفة الجزء العاشر الحديث 4858
(( باطل
أخرجه ابن سعد في "الطبقات" (١/ ١٩٦) : أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثني إبراهيم بن محمد بن أبي موسى عن داود بن الحصين عن أبي غطفان بن طريف عن ابن عباس:
أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما نزل عليه ...
قلت: وهذا إسناد موضوع؛ آفته: إما محمد بن عمر - وهو الواقدي -؛ فإنه متهم بالوضع. وقال الحافظ في "التقريب":
"متروك مع سعة علمه". وقد تقدمت كلمات الأئمة فيه أكثر من مرة.
وإما إبراهيم بن محمد بن أبي موسى - وهو ابن أبي يحيى، واسمه سمعان الأسلمي مولاهم أبو إسحاق المدني -، وهو متروك أيضا مثل الواقدي أو أشد؛ قال فيه الحافظ أيضا:
"متروك".
وحكى في "التهذيب" أقوال الأئمة الطاعنين فيه، وهي تكاد تكون مجمعة على تكذيبه، ومنها قول الحربي:
"رغب المحدثون عن حديثه، روى عنه الواقدي ما يشبه الوضع، ولكن الواقدي تالف".
وقوله في الإسناد: "ابن أبي موسى" أظنه محرفا من "ابن أبي يحيى".
ويحتمل أنه من تدليس الواقدي نفسه؛ فقد دلس بغير ذلك، قال عبد الغني ابن سعيد المصري: هو إبراهيم بن محمد بن أبي عطاء الذي حدث عنه ابن جريج، وهو عبد الوهاب الذي يحدث عنه مروان بن معاوية، وهو أبو الذئب الذي يحدث عنه ابن جريج".
واعلم أن هذه القصة الباطلة قد وقعت في حديث عائشة في حكايتها رضي الله عنها قصة بدء نزول الوحي على النبي - صلى الله عليه وسلم -، مدرجة فيه عند بعض مخرجيه، ووقعت في "صحيح البخاري" عن الزهري بلاغا؛ فقد أخرجه (١٣/ ٢٩٧-٣٠٣) من طريق عقيل ومعمر عن ابن شهاب الزهري عن عروة عنها؛ وجاء في آخر الحديث:
"وفتر الوحي فترة؛ حتى حزن النبي - صلى الله عليه وسلم - - فيما بلغنا - حزنا غدا منه مرارا كي يتردى من رؤوس شواهق الجبال ... " الحديث نحو رواية الواقدي.
وظاهر سياق الحديث في "البخاري" أن هذه الزيادة من رواية عقيل ومعمر كليهما! لكن حقق الحافظ أنها خاصة برواية معمر؛ بدليل أن البخاري قد ساق في أول "الصحيح" رواية عقيل، وليس فيها هذه الزيادة.
وأقوى منه: أن طريق عقيل أخرجها أبو نعيم في "مستخرجه" من طريق يحيى بن بكير - شيخ البخاري في أول الكتاب - بدونها، وأخرجه مقرونا - كما هنا - برواية معمر، وبين أن اللفظ لمعمر.
وكذلك صرح الإسماعيلي أن الزيادة في رواية معمر.
وأخرجه أحمد، ومسلم، والإسماعيلي، وأبو نعيم من طريق جمع من أصحاب الليث بدونها. قال الحافظ:
"ثم إن القائل: "فيما بلغنا" هو الزهري، ومعنى الكلام: أن في جملة ما وصل إلينا من خبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في هذه القصة، وهو من بلاغات الزهري، وليس موصولا. ووقع عند ابن مردويه في "التفسير" من طريق محمد بن كثير عن معمر بإسقاط قوله: "فيما بلغنا"، ولفظه: "فترة حزن النبي - صلى الله عليه وسلم - منها حزنا غدا منه ... " إلى آخره، فصار كله مدرجا على رواية الزهري عن عروة عن عائشة. والأول هو المعتمد".
قلت: يعني: أنه ليس بموصول، ويؤيده أمران:
الأول: أن محمد بن كثير هذا ضعيف؛ لسوء حفظه - وهو الصنعاني المصيصي -؛ قال الحافظ:
"صدوق كثير الغلط".
وليس هو محمد بن كثير العبد ي البصري؛ فإنه ثقة.
والآخر: أنه مخالف لرواية عبد الرزاق: حدثنا معمر ... التي ميزت آخر الحديث عن أوله، فجعلته من بلاغات الزهري.
كذلك رواه البخاري من طريق عبد الله بن محمد: حدثنا عبد الرزاق ...
وكذلك رواه الإمام أحمد (٦/ ٢٣٢-٢٣٣) : حدثنا عبد الرزاق به.
ورواه مسلم في "صحيحه" (١/ ٩٨) عقب رواية يونس عن ابن شهاب به دون البلاغ، ثم قال: وحدثني محمد بن رافع: حدثنا عبد الرزاق ... وساق الحديث بمثل حديث يونس، مع بيان بعض الفوارق اليسيرة بين حديث يونس ومعمر، ولم يسق الزيادة. ولولا أنها معلولة عنده بالانقطاع؛ لما استجاز السكوت عنها وعدم ذكرها؛ تفريقا بين الروايتين أو الحديثين، مع أنه قد بين من الفوارق بينهما ما هو أيسر من ذلك بكثير! فدل هذا كله على وهم محمد بن كثير الصنعاني في وصله لهذه الزيادة، وثبت ضعفها. ومما يؤكد ذلك: أن عبد الرزاق قد توبع على إسناده مرسلا، فقال ابن جرير في "تاريخه" (٢/ ٣٠٥ - دار المعارف) : حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال: حدثنا ابن ثور عن معمر عن الزهري قال:
فتر الوحي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فترة، فحزن حزنا شديدا، جعل يغدو إلى رؤوس شواهق الجبال ليتردى منها ... الحديث.
وابن ثور: اسمه محمد أبو عبد الله العابد، وهو ثقة.
فثبت بذلك يقينا وهم محمد بن كثير الصنعاني في وصله إياها.
فإن قيل: فقد تابعه النعمان بن راشد فقال: عن الزهري عن عروة عن عائشة به نحوه. أخرجه الطبري (٢/ ٢٩٨-٢٩٩) ؟!
فأقول: إن حال النعمان هذا مثل حال الصنعاني في الضعف وسوء الحفظ؛ فقال البخاري:
"في حديثه وهم كثير". وفي "التقريب":
"صدوق سيىء الحفظ".
قلت: وفي حديثه هذا نفسه ما يدل على سوء حفظه؛ ففيه ما نصه:
"ثم دخلت على خديجة فقلت: زملوني زملوني. حتى ذهب عني الروع، ثم أتاني فقال: يا محمد! أنت رسول الله - قال: - فلقد هممت أن أطرح نفسي من حالق من جبل، فتبدى لي حين هممت بذلك، فقال: يا محمد! أنا جبريل وأنت رسول الله. ثم قال: اقرأ. قلت: ما أقرأ؟ قال: فأخذني فغتني ثلاث مرات؛ حتى بلغ مني الجهد، ثم قال: (اقرأ باسم ربك الذي خلق) فقرأت ... " الحديث!! قلت: فجعل النعمان هذا الأمر بالقراءة بعد قصة الهم المذكور، وهذا منكر مخالف لجميع الرواة الذين رووا الأمر دونها، فذكروه في أول حديث بدء الوحي، والذين رووها معه مرسلة أو موصولة؛ فذكروها بعده.
... ومن ذلك: ما أخرجه ابن جرير أيضا (٢/ ٣٠٠-٣٠١) قال: حدثنا ابن حميد قال: حدثنا سلمة عن محمد بن إسحاق قال: حدثني وهب بن كيسان مولى آل الزبير قال:
سمعت عبد الله بن الزبير وهو يقول لعبيد بن عمير بن قتادة الليثي: حدثنا يا عبيد! كيف كان بدء ما ابتدىء به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من النبوة حين جاء جبريل عليه السلام؟
قلت ... فذكر الحديث، وفيه - بعد الأمر المشار إليه -:
قال: "فقرأته. قال: ثم انتهى، ثم انصرف عني، وهببت من نومي، وكأنما كتب في قلبي كتابا. [قال: ولم يكن من خلق الله أحد أبغض إلي من شاعر أو مجنون، كنت لا أطيق أن أنظر إليهما! قال: قلت: إن الأبعد - يعني: نفسه - لشاعر أو مجنون؟! لا تحدث بها عني قريش أبدا، لأعمدن إلى حالق من الجبل فلأطرحن نفسي منه، فلأقتلنها فلأستريحن] . قال: فخرجت أريد ذلك، حتى إذا كنت في وسط الجبل؛ سمعت صوتا من السماء ... " الحديث.
ولكن هذا الإسناد مما لا يفرح به، لا سيما مع مخالفته لما تقدم من روايات الثقات؛ وفيه علل:
الأولى: الإرسال؛ فإن عبيد بن عمير ليس صحابيا، وإنما هو من كبار التابعين، ولد في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم -.
الثانية: سلمة - وهو ابن الفضل الأبرش -؛ قال الحافظ: صدوق كثير الخطأ".
قلت: ومع ذلك؛ فقد خالفه زياد بن عبد الله البكائي؛ وهو راوي كتاب "السيرة" عن ابن إسحاق، ومن طريقه رواه ابن هشام، وقال فيه الحافظ:
"صدوق ثبت في المغازي".
وقد أخرج ابن هشام هذا الحديث في "السيرة" (١/ ٢٥٢-٢٥٣) عنه عن ابن إسحاق به؛ دون الزيادة التي وضعتها بين المعكوفتين [] ، وفيها قصة الهم المنكرة.
فمن المحتمل أن يكون الأبرش تفرد بها دون البكائي، فتكون منكرة من جهة أخرى؛ وهي مخالفته للبكائي؛ فإنه دونه في ابن إسحاق؛ كما يشير إلى ذلك قول الحافظ المتقدم فيهما.
ومن المحتمل أن يكون ابن هشام نفسه أسقطها من الكتاب؛ لنكارة معناها، ومنافاتها لعصمة النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ فقد أشار في مقدمة كتابه إلى أنه قد فعل شيئا من ذلك، فقال (١/ ٤) : ".. وتارك ذكر بعض ما ذكره ابن إسحاق في هذا الكتاب؛ مما ليس لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيه ذكر ... وأشياء بعضها يشنع الحديث به ... ".
وهذا كله يقال على احتمال سلامته من العلة التالية؛ وهي:
الثالثة: ابن حميد - واسمه محمد الرازي -؛ وهو ضعيف جدا، كذبه جماعة من الأئمة، منهم أبو زرعة الرازي.
وجملة القول؛ أن الحديث ضعيف إسنادا، منكر متنا، لا يطمئن القلب المؤمن لتصديق هؤلاء الضعفاء فيما نسبوا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من الهم بقتل نفسه بالتردي من الجبل، وهو القائل - فيما صح عنه -:
"من تردى من جبل فقتل نفسه؛ فهو في نار جهنم يتردى فيها خالدا مخلدا فيها أبدا". متفق عليه: "الترغيب" (٣/ ٢٠٥) .
لا سيما وأولئك الضعفاء قد خالفوا الحفاظ الثقات الذين أرسلوه.
وما أشبه هذا المرسل في النكارة بقصة الغرانيق التي رواها بعض الثقات أيضا مرسلا ووصلها بعض الضعفاء، كما بينته في رسالة لي مطبوعة بعنوان: "نصب المجانيق لنسف قصة الغرانيق"، فراجعها تجد فيها - كما في هذا الحديث - شاهدا قويا على ما ذهب إليه المحدثون: من أن الحديث المرسل من قسم الحديث الضعيف؛ خلافا للحنفية؛ لا سيما بعض المتأخرين منهم الذين ذهبوا إلى الاحتجاج بمرسل الثقة ولو كان المرسل من القرن الثالث!))

ثانيا : رمتني بدائها و انسلت .

1. نسبة التصرفات الغريبة لانبياء الله عليهم الصلاة و السلام و حاشاهم من قبل الكتاب المقدس .

نسبة التعري الى اشعياء عليه الصلاة و السلام و حاشاه
نقرا من سفر اشعياء الاصحاح 202 فِي ذلِكَ الْوَقْتِ تَكَلَّمَ الرَّبُّ عَنْ يَدِ إِشَعْيَاءَ بْنِ آمُوصَ قَائِلاً: «اِذْهَبْ وَحُلَّ الْمِسْحَ عَنْ حَقْوَيْكَ وَاخْلَعْ حِذَاءَكَ عَنْ رِجْلَيْكَ». فَفَعَلَ هكَذَا وَمَشَى مُعَرًّى وَحَافِيًا.
3 فَقَالَ الرَّبُّ: «كَمَا مَشَى عَبْدِي إِشَعْيَاءُ مُعَرًّى وَحَافِيًا ثَلاَثَ سِنِينٍ، آيَةً وَأُعْجُوبَةً عَلَى مِصْرَ وَعَلَى كُوشَ،
4 هكَذَا يَسُوقُ مَلِكُ أَشُّورَ سَبْيَ مِصْرَ وَجَلاَءَ كُوشَ، الْفِتْيَانَ وَالشُّيُوخَ، عُرَاةً وَحُفَاةً وَمَكْشُوفِي الأَسْتَاهِ خِزْيًا لِمِصْرَ.

نسبة الياس و الدعاء على النفس و قلة الصبر على المصيبة الى يعقوب عليه الصلاة و السلام و حاشاه .
نقرا من سفر التكوين 3731 فَأَخَذُوا قَمِيصَ يُوسُفَ وَذَبَحُوا تَيْسًا مِنَ الْمِعْزَى وَغَمَسُوا الْقَمِيصَ فِي الدَّمِ.
32 وَأَرْسَلُوا الْقَمِيصَ الْمُلَوَّنَ وَأَحْضَرُوهُ إِلَى أَبِيهِمْ وَقَالُوا: «وَجَدْنَا هذَا. حَقِّقْ أَقَمِيصُ ابْنِكَ هُوَ أَمْ لاَ؟»
33 فَتَحَقَّقَهُ وَقَالَ: «قَمِيصُ ابْنِي! وَحْشٌ رَدِيءٌ أَكَلَهُ، افْتُرِسَ يُوسُفُ افْتِرَاسًا».
34 فَمَزَّقَ يَعْقُوبُ ثِيَابَهُ، وَوَضَعَ مِسْحًا عَلَى حَقَوَيْهِ، وَنَاحَ عَلَى ابْنِهِ أَيَّامًا كَثِيرَةً.
35 فَقَامَ جَمِيعُ بَنِيهِ وَجَمِيعُ بَنَاتِهِ لِيُعَزُّوهُ، فَأَبَى أَنْ يَتَعَزَّى وَقَالَ: «إِنِّي أَنْزِلُ إِلَى ابْنِي نَائِحًا إِلَى الْهَاوِيَةِ». وَبَكَى عَلَيْهِ أَبُوهُ.

2. بولس لا يعلم يقينا ان كان روح الوحي معه ام لا .

نقرا من رسالة كورنثيوس الاولى الاصحاح السابع
40 وَلكِنَّهَا أَكْثَرُ غِبْطَةً إِنْ لَبِثَتْ هكَذَا، بِحَسَبِ رَأْيِي. وَأَظُنُّ أَنِّي أَنَا أَيْضًا عِنْدِي رُوحُ الله.

هذا وصلى الله على سيدنا محمد و على اله وصحبه وسلم