بسم الله الرحمن الرحيم

قال تعالى : ((وَتَفَقَّدَ الطَّيْرَ فَقَالَ مَا لِيَ لَا أَرَى الْهُدْهُدَ أَمْ كَانَ مِنَ الْغَائِبِينَ (20)لَأُعَذِّبَنَّهُ عَذَابًا شَدِيدًا أَوْ لَأَذْبَحَنَّهُ أَوْ لَيَأْتِيَنِّي بِسُلْطَانٍ مُّبِينٍ (21) فَمَكَثَ غَيْرَ بَعِيدٍ فَقَالَ أَحَطتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ وَجِئْتُكَ مِن سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ (22) إِنِّي وَجَدتُّ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَأُوتِيَتْ مِن كُلِّ شَيْءٍ وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ (23) وَجَدتُّهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِن دُونِ اللَّهِ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لَا يَهْتَدُونَ (24) أَلَّا يَسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُخْفُونَ وَمَا تُعْلِنُونَ (25)اللَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ ۩ (26) )

الشبهة :
قالوا : ان السبئيين في اليمن لم يشتهروا بعبادة الشمس بل بعبادة القمر و رمز ذلك لهم بالاله (المقة) .

الرد :
اولا : ان السبئيين كشعب و قبائل و امة لم ينحصر تمركزهم فقط في اليمن بل امتد انتشار القبائل السبئية الى انحاء الجزيرة العربية و القران لم يصرح بان سبا المذكورة في القران هي نفسها سبا التي في اليمن و لم يثبت من الكتاب او السنة الصحيحة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ان اسم ملكة سبا هي بلقيس و لذا فمن المرجح ان سبا المذكورة هنا في سورة النمل هي مملكة عربية حكمتها قبائل سبا في شمال الجزيرة العربية و ليس في جنوبها و هذا راي مال اليه جمع من الباحثين .

نقرا من المفصل في تاريخ العرب لجواد علي الجزء الثالث الفصل الثالث و العشرون ، السبئيون :
(( وقد ذكر العهد العتيق "شبا" "سبا" تارة في الحاميين، وذكرهم تارة أخرى في الساميين، ففي الآية السابعة من الإصحاح العاشر من التكوين، وفي الآية التاسعة من الإصحاح الأول من أخبار الأيام الأول: أن "شبا" من "كوش بن حام" فهم من الكوشيين، أي من الحاميين، على حين أننا نرى في الآية الثامنة والعشرين من الإصحاح العاشر من التكوين أنهم من الساميين، وبين الحاميين والساميين، فرق كبير كما هو معلوم، ثم إننا نرى أن التوراة قد جعلت "شبا" من ولد "يقطان" في موضع2. وجعلته من ولد "يقشان" في موضع آخر3. ويقطان هو ولد من ولد "عابر" Eber أما "يقشان" فهو ولد من أولاد "إبراهيم" من زوجه "قطورة"4. وفرق بين الاثنين.ويرى علماء التوراة أن ذكر "شبا" و "سبا" تارة في الكوشيين، أي الحاميين، وتارة أخرى في اليقطانيين، أو في "اليقشانيين"، هو تعبير وكناية عن انتشار السبئيين، ونزوح قسم منهم إلى السواحل الإفريقية المقابلة، حيث سكنوا فيها، وكونوا مستوطنات بها في "الأريتريا" وفي الحبشة وفي أماكن أخرى. ولهذا ميزتهم التوراة عن بقية السبئيين المقيمين في العربية الجنوبية بجعلهم من أبناء "كوش"، وميزت السبئيين المختلطين بقبائل "يقشان" برجع نسبهم إلى "يقشان"، وبذلك صار السبئيون ثلاث فرق بحسب رواية التوراة، لانتشارهم وإقامة جماعات منهم في مواضع غريبة عن مواضعهم، وذلك قبل الميلاد بالطبع بمئات من السنين5.
وقد وصفت أرض "شبا" في التوراة بأنها كانت تصدر "اللبان"6، وكانت ذات تجارة، وأن تجارها كانوا يتاجرون مع العبرانيين: "تجار شبا ورعمة هم تجارك، بأفخر أنواع الطيب، وبكل حجر كريم والذهب أقاموا أسواقك، حران وكنة وعدن تجار شبا وأشور وكلمد تجارك"1. واشتهرت قوافلها التجارية التي كانت ترد محملة بالأشياء النفيسة2، وعرفت بثروتها وبوجود الذهب فيها3.
وقد قيل لذهبها "ذهب شبا"4. ويتبين من المواضع التي ورد فيها ذكر السبئيين في التوراة أن معارف العبرانيين عنهم قد حصلوا عليها من اتصالهم التجاري بهم، وهي محصورة في هذه الناحية فقط، فلا نجد في التوراة عن السبئيين غير هذه الأمور.
وقصة زيارة "ملكة سبأ" لسلمان، المدونة في التوراة، هي تعبير عن علم العبرانيين بالسبئيين، وعن الصلات التجارية التي كانت بينهم وبين شعب سبأ. ولم تذكر التوراة اسم هذه الملكة، ولا اسم العاصمة أو الأرض التي كانت تقيم بها5. وقد ذهب بعض نقدة التوراة إلى أن هذه القصة هي أسطورة دونها كتبة التوراة، الغرض منها بيان عظمة ثروة سليمان وحكمته وملكه6. ورأى آخرون أن هذه الملكة لم تكن ملكة على مملكة سبأ الشهيرة التي هي في اليمن، وإنما كانت ملكة على مملكة عربية صغيرة في أعالي جزيرة العرب، كان سكانها من السبئيين القاطنين في الشمال. ويستدلون على ذلك بعثور المنقبين على أسماء ملكات عربيات، وعلى اسم ملك عربي، هو "يثع أمر" السبئي في النصوص الآشورية، في حين أن العلماء لم يعثروا حتى الآن على اسم ملكة في الكتابات العربية الجنوبية، ثم صعوبة تصور زيادة ملكة عربية من الجنوب إلى سليمان وتعجبها من بلاطه وحاشيتة وعظمة ملكه، مع أن بلاط "أورشليم" يجب ألا يكون شيئًا بالقياس إلى بلاط ملوك سبأ، ولهذا لا يمكن أن تكون هذه المملكة في نظر هذه الجماعة من علماء التوراة، إلا ملكة مملكة عربية صغيرة لم تكن بعيدة عن عاصمة ملك سليمان، قد تكون في جبل شمر أو في نجد أو في نجد أو الحجاز))

ملاحظة :
ذكر حديثا ضعيفا عن النبي صلى الله عليع وسلم لا يصح عنه ان احد ابوي بلقيس كان جنيا و الحديث منكر لا يصح
.

نقرا من الكامل في الضعفاء لابن عدي الجزء الرابع :
(( حَدَّثَنَا مُحَمد بن بشير القزاز، حَدَّثَنا هشام، حَدَّثَنا الوليد بن مسلم، حَدَّثَنا سَعِيد بْنِ بَشِيرٍ، عَن قَتادَة عَنِ النَّضْرِ بْنِ أَنَسٍ عَنْ بَشِيرِ بْنِ نَهِيكٍ، عَن أَبِي هُرَيْرَةَ، قَال: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحَدٌ أَبَوَي بِلْقَيْسٍ كاَنَ جِنِيًّا.قَالَ الشَّيْخُ: لا أَعْلَمُهُ رَواه عَن قَتادَة غير سَعِيد بْن بشير. ))

التحقيق :
الرواية ضعيفة لعلة :
سعيد بن بشير ضعفه البعض و انكروا عليه ما رواه عن قتادة
.
نقرا من المجروحين لابن حبان باب الباء :
(( 392 - سَعِيد بْن بشير مولى بَنِي نصر من أهل دمشق كنيته أَبُو عَبْد الرَّحْمَنِ وَقَدْ قيل أَبُو هِشَام يَرْوِي عَن قَتَادَة وَعَمْرو بْن دِينَار روى عَنْهُ الْوَلِيد بْن مُسْلِم والشاميون مَات سنة تسع وَسِتِّينَ وَمِائَة وَلَهُ يَوْم مَات تسع وَثَمَانُونَ سنة وَكَانَ رَدِيء الْحِفْظ فَاحش الْخَطَأ يَرْوِي عَن قَتَادَة مَالا يُتَابع عَلَيْهِ وَعَن عَمْرو بْن دِينَار مَا لَيْسَ يعرف من حَدِيثه وَهُوَ الَّذِي يَرْوِي عَن هُشَيْم عَن أَبِي عَبْد الرَّحْمَنِ عَن قَتَادَة يكنى عَنْهُ وَلَا يُسَمِّيه حَدَّثَنَا الْهَمْدَانِيُّ ثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ قَالَ كَانَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ يُحَدِّثُ عَنْ سَعِيدِ بْنِ بَشِيرٍ ثُمَّ تَرَكَهُ ))

و قد ضعفه الامام الالباني رحمه الله في موضعين من كتابه السلسلة الضعيفة :
(( 1818 - " أحد أبو ي بلقيس كان جنيا ".
ضعيف رواه ابن عدي (177 / 1) عن سعيد بن بشير عن قتادة عن النضر بن أنس عن بشير بن نهيك عن أبي هريرة مرفوعا، وقال: " لا أعلم رواه عن قتادة غير سعيد بن بشير، ولا أرى بما يروي عنه سعيد بن بشير بأسا، ولعله يهم في الشيء بعد الشيء ويغلط، والغالب على حديثه الاستقامة، والغالب عليه الصدق ".
قلت: وفيه خلاف كبير، وفي " التقريب " أنه ضعيف. وقال الذهبي في " الضعفاء والمتروكين ": " وثقه شعبة، وفيه لين، قال النسائي: ضعيف. وقال ابن حبان: " فاحش الخطأ ". وساق له في " الميزان " جملة أحاديث أنكرت عليه، هذا أحدها. وعزاه السيوطي لأبي الشيخ في " العظمة " وابن مردويه في " التفسير " وابن عساكر، واستنكره المناوي تبعا للذهبي ....

5778 - (كان أحد أبوي بلقيس جنياً) .
منكر. أخرجه ابن جرير الطبري في ((التفسير)) (19 / 106) ، وأبو الشيخ في ((العظمة)) (5 / 1653) ، والثعلبي في ((التفسير)) (3 / 9 / 2) من طريق سعيد بن بشر عن قتادة عن النضر بن أنس عن بشير بن نهيك عن أبي هريرة مرفوعاً.
قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ سعيد بن بشير؛ مختلف فيه، وهو كما قال لبخاري:
((يتكلمون في حفظه، وهو محتمل)) وقال بلديه أبو مسهر.
((لم يكن في بلدنا (دمشق) أحد أحفظ منه، وهو منكر الحديث)) .
قلت: وبخاصة فيما تفرد به عن قتادة؛ قال ابن نمير:
((يروي عن قتادة المنكرات)) .
ولهذا؛ قال الحافظ ابن كثير في ((البداية والنهاية)) (2 / 21) بعد أن عزاه للثعلبي: ((وهذا حديث غريب، وفي سنده ضعف)) .
قلت: ومما يؤكد ضعفه ونكارته: أنه قد خالف معمر فقال: عن قتادة قال بلغني أنها امرأة يقال لها: بلقيس؛ أحد أبويها من الجن، مؤخر أحد قدميها كحافرة الدابة.
أخرجه ابن جرير (19 / 95) ، وابن أبي حاتم في ((تفسيره)) (6 / 134 / 2) .
قلت: وإسناده صحيح موقوفاً على قتادة. فيقال فيه ما قلته في أثر مجاهد الذي قبله وزيادة، وهي: أن الغالب على هذا وأمثاله مما يتعلق ببلقيس أنه من الإسرائيليات، وقد أشار إلى ذلك أبو حيان في تفسيره ((البحر المحيط)) (7 / 67) بعد أن ذكر معنى هذا الأثر:
((وقد طولوا في قصصها بما لم يثبت في القرآن ولا في الحديث الشريف)) . ))

و اما ماروي من بعض المفسرين ان سبا المذكورة هي سبا اليمن و ان ملكتهم هي بلقيس كابن عباس رضي الله عنه فهو قول قابل للاخذ و الرد و ليس بحجة اذا لم يكن في كتاب او سنة صحيحة .
نقرا من المدخل الى سنن البيهقي باب الحديث الذي يروى خلافه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم :
(( 30 - أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ الْحَارِثِ، أبنا أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ حَيَّانَ، ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ، ثنا عَبْدُ الْجَبَّارِ، ثنا سَفَرٌ، عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ، عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: «لَيْسَ أَحَدٌ إِلَّا يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ وَيُتْرَكُ مِنْ قَوْلِهِ إِلَّا النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ»31 - وَرُوِّينَا مَعْنَاهُ عَنْ عَامِرٍ الشَّعْبِيِّ ))

ثانيا : على فرض ان سبا المذكورة في القران هي سبا اليمن فلا اشكال اذ ان بعض الباحثين ذكروا ان الشمس عبدها السبئيون في اليمن اما قبل القمر او بعده او مع القمر .
نقرا من كتاب موسوعة اساطير العرب في الجاهلية و دلالاتها الرمزية الصفحة 488 - 489:
(( و التاريخ شاهد علي ان السبئيين قد عبدوا الشمس و القمر. وربما كان ذلك منهم في مرحلتين متتاليتين او حتى معا كما يفيدنا هذا الطقس التعبدي - الطقوس اساطير مجسمة تجسيما دراميا - ضمن وصفه لبيت رئام في راس جبل من بلد همدان و فيه مخرج النار باليمن - و للنار علاقة غير خافية بالشمس - ((وقدام باب القصر حائط فيه بلاطة فيها صور الشمس و الهلال، فاذا خرج الملك لم يقع بصره الا على اول منها فاذا راها كفر لها بان يضع راحته تحت ذقنه عن وجه يستره ثم يخر بذقنه عليها)) . )).

هذا وصلى الله على سيدنا محمد و على اله وصحبه وسلم