محبته تقتضي طاعته ومعرفة سنته وعدم الغلو فيه
أين نحن من هؤلاء، ما حالنا في حالهم، وما أثر الحب علينا، أين المحبون، تباعد الزمان، وقلّ الأعوان في نشر السنة والخير والحق بالميزان، فصارت السنة عند الكثيرين مجهولة، فاتت السنة الكثيرة، فأين الاقتداء به -عليه الصلاة والسلام- في صلاته في العبادات في خشيته في بكائه في ذكره لربه، في توبته، في مشيته، في أكله وشربه ولبسه وهديه حتى في الخلاء، أين الاقتداء بالنبي -صلى الله عليه وسلم- في المحن والسراء والضراء، أين الآية الدالة على المحبة والشوق إليه، أين التنفيذ لقوله تعالى : {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ}(آل عمران: من الآية31).
أين طاعته أين الاقتداء بهديه،
أين الاقتداء به في سنن الفطرة، اللحية وقص الشارب ونتف الإبط وحلق العانة وقص الأظافر، الاستنشاق غسل البراجم، والأشاجع، معاقد الأصابع، أين الاقتداء به -عليه الصلاة والسلام-
في قراءة حديثه ومعرفة معاني سنته، والدفاع عنها وكبت البدعة والرد على أهل البدعة والمنحرفين والغلاة ما هي علامات السنة، ماذا فعل الصحابة
وهكذا قاموا معه وهكذا صار يأتمرون بأمره، وهكذا كانوا يصلون معه ولا يتخلفون عنه في جهاد، هكذا كانوا ينفذون أمره ويحرصون على مرضاته ويضحون من أجله، ويكرمون أضيافه، ويهدونه في بيوته، وهكذا كانوا يشتاقون إليه، فيصلون عليه ويجعلون أذكاراً وأوراداً من الأدعية كلها صلاة عليه -صلى الله عليه وسلم-، إِنِّي أُكْثِرُ الصَّلَاةَ عَلَيْكَ فَكَمْ أَجْعَلُ لَكَ مِنْ صَلَاتِي ؟
فَقَالَ: ((مَا شِئْتَ))
قُلْتُ: أَجْعَلُ لَكَ صَلَاتِي كُلَّهَا ؟
قَالَ: ((إِذًا تُكْفَى هَمَّكَ وَيُغْفَرُ لَكَ ذَنْبُكَ)). الترمذي (2457) وصححه الألباني.
فليس من محبته -عليه الصلاة والسلام- الغلو فيه، ولا رفع فوق منزلته التي أنزله الله إياها، ليس من محبته الإشراك به مع الله، ليس من محبته أن يُسأل في قبره ويستغاث به بعد موته، ليس من محبته أن تصرف له أنواع من العبادات، ليس من محبته أن تجعل له علوم الدنيا والآخرة وعلم اللوح المحفوظ وعلم الغيب، ليس من محبته هذا الغلو، ليس من محبته التوسل به بعد موته، وليس من محبته التمسح بقبره ولا بشباك القبر وحديد القبر وقفص القبر، ليس من محبته أن تقوم هذه الموالد البدعية بما فيها من الرقص والدف والطبول والقصائد المشتملة على الشركيات والغلو بالنبي -عليه الصلاة والسلام- ، ليس من محبته أن يؤتى في هذه الموالد بالرقص والمنكرات، وأن
تشبع البطون من الحلاوة والبقلاوة والأغنياء يتخمون بطونهم، والفقراء يخرجون من المولد بلا حمّص، ليس هذا من محبته بشيء، ليس هذا من اتباع السنة في شيء، أين الدفاع عنه، أين الذب عن سنته، أين التمسك بهديه، أين قراءة الصحيحين والكتب الأخرى التي فيها الأحاديث ومعرفة معانيها، أين الإتباع أين ((صلوا كما رأيتموني أصلي)) أين ((خذوا عني مناسككم)) أين التعامل بهديه مع الزوجات وهديه مع الأبناء والأحفاد وهديه مع الأقارب والأباعد والصغار والجيران والخدم والدواب، أين التعامل بهديه مع النساء ومع كبار السن، وهديه في التعامل مع ذوي العاهات، حتى الدواب والبهائم، أين هديه في التعامل مع الأعداء والمنافقين، أين هديه في التعامل مع الأغنياء والفقراء وأهل المصائب والمسلمين الجدد، والمتخاصمين وحتى الأعراب وذوي الطباع الصعبة، أين هديه في التعامل مع العصاة والمذنبين والشباب والسفراء والوفود وغير المسلمين، حتى هديه في التعامل -صلى الله عليه وسلم- مع الناس كافة
اللهم صل وسلم على عبدك ونبيك محمد، اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه وأزواجه وذريته، اللهم اجعلنا من أتباعه، واحشرنا في زمرته، واسقنا من حوضه، وارزقنا شفاعته، واجعله أحب إلينا من أولادنا، وأموالنا وأزواجنا، اللهم ارزقنا اتباع سنته، والتأسي بهديه، أحينا مسلمين، وتوفنا مؤمنين، وألحقنا بنبينا مع الرفيق الأعلى يا كريم، احشرنا في لوائه، واجعلنا معه في جنات النعيم, أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم