فالحجاب مظهر واضح للمرأة المسلمة، تميزت به عبر الأزمنة والعصور.
وقد رأيت ذلك التميز ظاهرًا وواضحًا في أفريقيا، وفي لبنان، واليمن، وغيرها من بلاد المسلمين -ولله الحمد-.
وقد ذكر أحد الدعاة القصة التالية بقوله: «كنت في زيارة لأحد المراكز الإسلامية في ألمانيا، فرأيت فتاة متحجبة حجابًا شرعيًا ساترًا قل أن يوجد مثله في ديار الغرب، فحمدت الله على ذلك، فأشار علي أحد الإخوة أن أسمع قصة إسلامها مباشرة من زوجها، فلما جلست مع زوجها قالِ: زوجتي ألمانية أبًا لجد، وهي طبيبة متخصصة في أمراض النساء والولادة، وكان لها عناية خاصة بالأمراض الجنسية التي تصيب النساء، فأجرت عددًا من الأبحاث على كثير من المريضات اللائي كن يأتين إلى عيادتها، ثم أشار عليها أحد الأطباء المتخصصين أن تذهب إلى دولة أخرى لإتمام أبحاثها في بيئة مختلفة نسبيًا، فذهبت إلى النرويج، ومكثت فيها ثلاثة أشهر، فلم تجد شيئًا مختلفًا عما رأته في ألمانيا، فقررت السفر للعمل لمدة سنة في السعودية.
تقول الطبيبة: «فلما عزمت على ذلك أخذت أقرأ عن المنطقة، وتاريخها وحضارتها، فشعرت بازدراء شديد للمرأة المسلمة، وعجبت منها كيف ترضى بذل الحجاب وقيوده؟! وكيف تصبر وهي تمتهن كل هذا الامتهان..؟!
ولما وصلت إلى السعودية علمت أنني ملزمة بوضع عباءة سوداء على كتفي، فأحسست بضيق شديد وكأنني أضع إسارًا من حديد يقيدني ويشل حريتي وكرامتي. ولكني آثرت الاحتمال رغبة في إتمام أبحاثي العلمية.
لبثت أعمل في العيادة أربعة أشهر متواصلة، ورأيت عددًا كبيرًا من النسوة، ولكني لم أقف على مرض جنسي واحد على الإطلاق؛ فبدأت أشعر بالملل والقلق.. ثم مضت الأيام حتى أتممت الشهر السابع، وأنا على هذه الحالة حتى خرجت ذات يوم من العيادة مغضبة ومتوترة، فسألتني إحدى الممرضات المسلمات عن سبب ذلك، فأخبرتها الخبر، فابتسمت وتمتمت بكلام عربي لم أفهمه، فسألتها: ماذا تقولين؟ فقالت: إذ ذلك ثمرة الفضيلة، وثمرة الالتزام يقول الله -تعالى- في القرآن الكريم: { وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ } [الأحزاب: 35].
هزتني هذه الآية، وعرفتني بحقيقة غائبة عني، وكانت تلك بداية الطريق للتعرف الصحيح على الإسلام، فأخذت أقرأ القرآن العظيم والسنة النبوية، حتى شرح الله صدري للإسلام، أيقنت أن كرامة المرأة وشرفها إنما هو في حجابها وعفتها.. وأدركت أن أكثر ما كتب في الغرب عن الحجاب والمرأة المسلمة إنما كتب بروح غربية مستعلية لم تعرف طعم الشرف والحياء..
إن الفضيلة لا يعدلها شيء، ولا طريق لها إلا الالتزام الجاد بهدي الكتاب والسنة، وما ضاعت الفضيلة إلا عندما استخدمت المرأة ألعوبة بأيدي المستغربين وأباطرة الإعلام.