الجوانب القانونية في سورة يوسف ..الإصدار قبل الأخير

آخـــر الـــمـــشـــاركــــات


مـواقـع شـقــيـقـة
شبكة الفرقان الإسلامية شبكة سبيل الإسلام شبكة كلمة سواء الدعوية منتديات حراس العقيدة
البشارة الإسلامية منتديات طريق الإيمان منتدى التوحيد مكتبة المهتدون
موقع الشيخ احمد ديدات تليفزيون الحقيقة شبكة برسوميات شبكة المسيح كلمة الله
غرفة الحوار الإسلامي المسيحي مكافح الشبهات شبكة الحقيقة الإسلامية موقع بشارة المسيح
شبكة البهائية فى الميزان شبكة الأحمدية فى الميزان مركز براهين شبكة ضد الإلحاد

يرجى عدم تناول موضوعات سياسية حتى لا تتعرض العضوية للحظر

 

       

         

 

    

 

 

    

 

الجوانب القانونية في سورة يوسف ..الإصدار قبل الأخير

صفحة 5 من 6 الأولىالأولى ... 4 5 6 الأخيرةالأخيرة
النتائج 41 إلى 50 من 58

الموضوع: الجوانب القانونية في سورة يوسف ..الإصدار قبل الأخير

  1. #41
    تاريخ التسجيل
    Sep 2006
    المشاركات
    2,112
    الدين
    الإسلام
    آخر نشاط
    07-12-2022
    على الساعة
    11:17 AM

    افتراضي

    المطلب الثامن

    هل حظي سيدنا يوسف بمحاكمة عادلة؟

    يمكن الإجابة عن هذا التساؤل بالنفي، فرغم كثرة ووضوح الأدلة المؤيدة لبراءة سيدنا يوسف، فقد كان الحكم عليه مخالفا لكل قواعد القانون والعدالة، وقد عبر القرآن عن ذلك بقوله تعالي في الآية 35 من سورة يوسف ﴿ ثُمَّ بَدَا لَهُم مِّن بَعْدِ مَا رَأَوُا الْآيَاتِ لَيَسْجُنُنَّهُ حَتَّىٰ حِينٍ.... فجميع الأدلة المادية والقانونية تؤيد براءته مما ادعته امرأة العزيز، ومع ذلك جاء الحكم عليه بالسجن ولمدة غير محددة إمعانا في الظلم والابتلاء. وقد انطوي النص القرآني على ادانة للحكم الصادر بحق سيدنا يوسف وتفهم هذه الإدانة من عبارة ﴿ ثُمَّ بَدَا لَهُم مِّن بَعْدِ مَا رَأَوُا الْآيَاتِ فأية آيات تلك التي رآها عزيز مصر ومعه كافة الوزراء حتى يحكموا بالسجن على سيدنا يوسف؟ إنها -بلا شك- آيات تؤكد براءته وإدانة المدعية التي كانت بالعقوبة وفقا لما تقتضيه العدالة.
    فادعاء امرأة العزيز ظل مجردا بلا دليل يؤيده، وإنكار سيدنا يوسف تأيد بأدلة مادية وقانونية وعقدية، ومع ذلك صدر الحكم على البريء بالسجن ولمدة مطلقة، وطلب من المدعية بلا دليل والجانبية وفقا للتصور القانوني أن تستغفر لذنبها ،وفي المحاكمات الجزائية يمكن للمحكمة أن تستند في حكمها بالإدانة إلى شهادة المشتكي وحدها شريطة أن تكون هذه الشهادة مأخوذة تحت تأثير القسم القانوني وأن تطمئن المحكمة إليها وأن لا يقدم دليل يدحض ما جاء فيها، وهو الأمر الذي لم يتحقق في حالة امرأة العزيز فهي قدمت ادعاء مجردا وبلا قسم في مواجهة أدلة قاطعة في دلالاتها على عدم صحة الادعاء.
    وزوجة رجل متنفذ، الأمر الذي ربما لعب دورا في فرض عقوبة الحبس على سيدنا يوسف. مما يدعو إلى ضمان وتعزيز استقلال القاضي في معرض قيامه بواجبه.
    وعليه يمكن القول بأن سيدنا يوسف ربما يكون قد حظي بمحاكمة عادلة " منقوصة " وأعني بذلك أنه أعطي الحق في الدفاع عن نفسه، ولم يعذب، بل واستطاع نفي التهمة عن نفسه بأدلة حاسمة، لكن تلك المحاكمة لم تكن عادلة بنتيجتها التي كان يفترض أن تكون -واستنادا إلى أدلة قاطعة الدلالة- إعلان براءة المشتكي عليه، وإدانة المشتكية، الأمر الذي لم يحدث إلا في وقت لاحق.
    وربما كان السبب في ذلك أن خصومة سيدنا يوسف كانت مع امرأة متنفذة.
    أصول المحاكمات في القضايا الجزائية
    1- القانون لا يفرض وجود ممثل النيابة العامة في المحاكمات التي تجري أمام محكمة الصلح، وأجاز للمشتكي أو وكيله القيام بدور ممثل النيابة العامة في المحاكمة من حيث تسمية البينة وتقديمها بما في ذلك استجواب الشهود ومناقشة الدفاع وطلب اجراء الخبرة، وفي الدعاوى الجنحة الغير معاقب عليها بالحبس أن ينب عنه وكيلا ما لم، بينما القانون يفرض حضور ممثل النيابة العامة أمام محكمة البداية.
    2-تجري المحاكمة وجاهيا بالنسبة للخصم الحاضر، وغيابيه بالنسبة للخصم الذي لم يحضر، وبمثابة الوجاهية بالنسبة للخصم الذي حضر المحاكمة ثم غاب عن المحاكمة بعد حضوره إحدى جلساتها.
    3-عند البدء بالمحاكمة يتلى قرار الظن ويتم توضيح وقائع الدعوى من قبل ممثل النيابة العامة أو من يقوم مقامه كالمشتكي أو وكيله والمدعي الشخصي.
    4-يسأل المشتكى عليه التهمة المسندة إليه، فإذا أعترف بها يأمر القاضي بتسجيل اعترافه بكلمات أقرب ما تكون إلى الألفاظ التي استعملها في اعترافه، ومن ثم يدينه ويحكم عليه بالعقوبة المناسبة للجريمة.
    5- يشرع قاضي الصلح في استماع البينات في حالة إنكار المشتكى عليه التهمة أو رفضه الإجابة عليها أو إذا لم يقنع القاضي في اعترافه.
    6-بعد سماع بينة النيابة يجوز للمحكمة أن تقرر عدم وجود قضية ضد المشتكى عليه وان تصدر قرارها الفاصل فيها وإلا سألت المشتكى عليه عما إذا يرغب في إعطاء إفادة دفاعاً عن نفسه فإذا أعطى مثل هذه الإفادة جاز لممثل النيابة العامة مناقشته. وبعد أن يعطي المشتكى عليه إفادة تسأله المحكمة إذا كان لديه شهود أو بينة أخرى يعزز فيها دفاعه فإذا ذكر أن لديه شهوداً دعتهم المحكمة وسمعت شهاداتهم وللمشتكى عليه أو وكيله حق توجيه أسئلة إلى شهود الدفاع، كما أن لممثل النيابة والمدعي الشخصي حق مناقشة هؤلاء الشهود.
    7-بعد استماع البينات يبدي المدعي الشخصي مطالبه وممثل النيابة العامة مطالعته والظنين والمسؤول بالمال دفاعهما وبعد ذلك تحكم المحكمة في الحال أو في جلسة تالية، وهذا ثبت أن المشتكى عليه ارتكب الجرم المسند إليه تحكم عليه المحكمة بالعقوبة وتقضي في الحكم نفسه بالالتزامات المدنية.
    8-تبين أن الفعل لا يؤلف جرماً أو أن المشتكى عليه برئ منه قررت المحكمة عدم مسؤوليته أو أعلنت براءته وتقضي على المدعي الشخصي في الوقت ذاته بطلب المشتكى عليه التعويض إذا ظهر لها أن الدعوى أقيمت عليه بصورة كيدية.
    قانون أصول المحاكمات الجزائية في مصر.https://manshurat.org/node/14676


    لتحميل كتبي فضلاً الضغط على الصورة التالية - متجدد بإذن الله

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي



  2. #42
    تاريخ التسجيل
    Sep 2006
    المشاركات
    2,112
    الدين
    الإسلام
    آخر نشاط
    07-12-2022
    على الساعة
    11:17 AM

    افتراضي

    المطلب التاسع

    إعادة المحاكمة

    ﴿ وَقَالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ ۖ (الآية 50 من سورة يوسف).
    لعل ما جاء في الآية الكريمة يقترب مما بات يعرف اليوم في قواعد أصول المحاكمات الجزائية منها والمدنية بإعادة المحاكمة ﴿ فَلَمَّا جَاءَهُ الرَّسُولُ قَالَ ارْجِعْ إِلَىٰ رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ مَا بَالُ النِّسْوَةِ اللَّاتِي قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ ۚ إِنَّ رَبِّي بِكَيْدِهِنَّ عَلِيمٌ الآية 50 من سورة يوسف ، وهي إحدى الطرق غير العادية التي نص عليها القانون للطعن في الأحكام والقرارات الصادرة عن المحاكم وقد أجازت المادة (377) من الباب الرابع من قانون الإجراءات الجزائية رقم 3 لسنة 2001م لوزير العدل أن يطلب إعادة المحاكمة في دعاوى الجنايات والجنح أيّا كانت المحكمة التي حكمت بها، والعقوبة التي قضت بها، وذلك في الأحكام التي اكتسب الدرجة الباتة في مواد الجنايات والجنح في أحوال حددها المشرع حصرا بالتالي:
    1- إذا حكم على شخص في جريمة قتل، ثم ظهرت أدلة تثبت أن المدعى بقتله قد وجد حياً.
    2- إذا صدر حكم على شخص من أجل واقعة ثم صدر حكم على شخص آخر من أجل الواقعة عينها، وكان بين الحكمين تناقض بحيث يستنتج منه براءة أحد المحكوم عليهما.
    3- إذا كان الحكم مبنياً على شهادة قضي بأنها كاذبة، أو على وثيقة قضي بعد صدور الحكم بأنها مزورة، وكان لهذه الشهادة أو الوثيقة تأثير في الحكم.
    4- إذا ظهرت وقائع جديدة بعد صدور الحكم، أو أظهرت وثائق وأدلة كانت مجهولة حين صدور الحكم وكان من شأن هذه الوقائع أو الوثائق إثبات براءة المحكوم عليه.
    5- إذا كان الحكم مبنياً على حكم صادر من محكمة مدنية أو إحدى محاكم الأحوال الشخصية وألغي هذا الحكم.
    قرارات محكمة النقض المصرية المتعلقة بإعادة المحاكمة (التماس إعادة النظر):
    يبين من نص المادة 441 من قانون الإجراءات الجنائية التي حددت حالات طلب إعادة النظر ومما ورد بمذكرتها الإيضاحية ومن المقارنة بينها وبين نص القانون الفرنسي المستمدة منه أن الحالات الأربع الأولى التي وردت في المادة المشار إليها، وهي حالات منضبطة يجمعها معيار محدد أساسه أن الواقعة الجديدة المسوغة لإعادة نظر الدعوى إما أن ينبني عليها بذاتها ثبوت براءة المحكوم عليه بوجود المدعى قتله حياً أو بقيام التناقض بين حكمين بحيث يستنتج منه براءة أحد المحكوم عليهما، وإما أن ينبني عليها انهيار أحد الأدلة المؤثرة في الحكم بالإدانة كالحكم على الشاهد أو الخبير بالعقوبة المقررة لشهادة الزور أو الحكم بتزوير ورقة قدمت في الدعوى أو إلغاء الأساس الذي بنى عليه الحكم.
    والملاحظ أن القانون المصري كان في صدد تحديد الحالات التي يجوز فيها طلب إعادة النظر أكثر تشدداً من القانون الفرنسي، إذ بينما تنص الفقرة الأولى من المادة 441 من قانون الإجراءات الجنائية على " وجوب وجود المدعى قتله حياً " اعتباره وجهاً لإعادة النظر، يترخص القانون الفرنسي فيكتفي بظهور أوراق من شأنها إيجاد الأمارات الكافية على وجوده حياً.
    وقد كان النص الفرنسي أمام الشارع المصري وقت وضع قانون الإجراءات الجنائية ومع ذلك فقد آثر إحتراماً لحجية الأحكام الجنائية ألا يكتفي بتطلب مجرد ظهور الدليل على وجود المدعى قتله حياً بل أوجب وجوده بالفعل حياً، مما يؤكد أنه يتطلب الدليل الجازم القاطع بذاته في ثبوت براءة المحكوم عليه أو سقوط الدليل على إدانته.
    ولما كان من غير المقبول - على هدي ما تقدم - أن يتشدد الشارع في الحالات الأربع للمادة 441 من قانون الإجراءات الجنائية ليفتح الباب على مصراعيه في الحالة الخامسة التي تستوعب بعمومها ما تقدمها، وإنما قصد بها في ضوء الأمثلة التي ضربتها المذكرة الإيضاحية والتي تدل بذاتها على براءة المحكوم عليه أو يلزم عنها سقوط الدليل على إدانته أو على تحمله التبعة الجنائية، وباستصحاب سياسة التشريع والقاعدة العامة التي أرشد الشارع إلى عناصرها في الفقرات السابقة عليها - أن تكون نصاً احتياطيا ابتغاء أن يتدارك بها ما عساه أن يفلت من صور تتحاذى معها ولا تنفك عنها والتي قد يتعذر فيها إقامة الدليل على الوجه المتطلب قانوناً، كوفاة الشاهد أو عتهه أو تقادم الدعوى الجنائية قبله أو لغير ذلك من حالات شبيهة مما لازمة عدم الاكتفاء فيها بعدول مجرد لشاهد أو متهم عما سبق أن أدلى به لدى محكمة الموضوع دون أن يصاحب عدوله ما يحسم بذاته الأمر ويقطع بترتيب أثره في ثبوت براءة المحكوم عليه ، وهو ما يقيم موازنة عادلة لا إفراط فيها أو تفريط بين حق المحكوم عليه ومصالح المجتمع الذي يضيره المساس من غير سبب جازم بقوة الشيء المقضي فيه جنائياً وهي من حالات النظام العام التي تمس مصلحة المجتمع والتي تقضي بوضع حد لنزاع فصل فيه القضاء نهائياً، وهو ما سجلته المادة 455 من قانون الإجراءات الجنائية حين نصت على أنه لا يجوز الرجوع إلى الدعوى الجنائية بعد الحكم فيها نهائياً بناء على ظهور أدلة جديدة أو ظروف جديدة أو بناء على تغيير الوصف القانوني للجريمة، فأصبح بذلك حكم القضاء عنوان حقيقة هي أقوى من الحقيقة نفسها مما لا يصح معه النيل منها بمجرد دعوى غير حاسمة، كما أنه لا يجوز أن تكون محلاً للمساومة بين الأفراد.
    والقول بغير ذلك مضيعة لوقت القضاء وهيبته ومجلبة لتناقض أحكامه ما بقي الأمر معلقاً بمشيئة المحكوم عليهم كلما حلا لهم تجديد النزاع وإعادة طرحه على القضاء.
    طعن رقم 1868 لسنة 34 قضائية
    تاريخ جلسة الحكم: 3/5/1966م.
    فإذا حكم على شخص وبعد صدور الحكم قضى بالشهادة الكاذبة على من كان قد شهد عليه تعاد المحاكمة ولا تقبل شهادة هذا الشاهد في المحاكمة الجديدة.
    ولعل السبب الذي من أجله أجيز لسيدنا يوسف طلب " إعادة المحاكمة " يتمثل في الشهادة الكاذبة أو بشكل أكثر دقة " كتمان الشهادة " لدى نسوة المدينة (للمزيد حول موضوع إعادة المحاكمة أنظر الزعبي، عوض أحمد " أصول المحاكمات المدنية " جزء2، ص 907_ 947).
    وقد أبرزت النص القرآني ما حدث في إعادة المحاكمة بقوله تعالى في الآية 51 من سورة يوسف: ﴿ قال ما خطبكن إذ راودتن يوسف عن نفسه ... وعندما ظهرت براءة سيدنا يوسف مما اتهمته امرأة العزيز به حكم له بالبراءة وأخرج من السجن وتوالت بعد ذلك الأحداث. يري بعض المفسرين أن سيدنا يوسف سجن لما شاع الحديث إيهاما أنه راود امرأة العزيز عن نفسها لأن القوم ظهر لهم أن من المصلحة حبسه إلى حين خشية أن تظهر براءته وسوء سلوك امرأة العزيز. أنظر ابن كثير، الحافظ عماد الدين، دار المعرفة، 1969.
    ومن قانون الإجراءات الجنائية المصرية رقم 150 لسنة 1950 أنقل لكم الأتي:
    https://manshurat.org/node/14676
    المادة 43
    لكل مسجون الحق في أن يُقدّم في أي وقت لمأمور السجن شكوى كتابة ً أو شفهياً ويطلب منه تبليغها للنيابة العامة - وعلى المأمور قبولها وتبليغها في الحال بعد إثباتها في سجل يُعد لذلك في السجن.
    ولكل من علم بوجود محبوس بصفة غير قانونية أو في محل غير مخصص للحبس أن يُخطِر أحد أعضاء النيابة العامة - وعليه بمجرد علمه أن ينتقل فوراً إلى المحل الموجود به المحبوس وأن يقوم بإجراء التحقيق وأن يأمر بالإفراج عن المحبوس بصفة غير قانونية - وعليه أن يُحرر محضراً بذلك.

    الفصل السادس في سماع الشهود (قانون الإجراءات الجنائية رقم 150 لسنة 1950)
    المادة 110 يسمع قاضي التحقيق شهادة الشهود الذين يطلب الخصوم سماعهم ما لم ير عدم الفائدة من سماعهم.
    وله أن يسمع شهادة من يرى لزوم سماعه من الشهود عن الوقائع التي تثبت أو تؤدي إلى ثبوت الجريمة وظروفها وإسنادها إلى المتهم أو براءته منها.
    المادة 111 تقوم النيابة العامة بإعلان الشهود الذين يقرر قاضي التحقيق سماعهم. ويكون تكليفهم بالحضور بواسطة المحضرين، أو بواسطة رجال السلطة العامة.
    ولقاضي التحقيق أن يسمع شهادة أي شاهد يحضر من تلقاء نفسه، وفي هذه الحالة يثبت ذلك في المحضر.
    المادة 112 يسمع القاضي كل شاهد على انفراد، وله أن يواجه الشهود بعضهم ببعض وبالمتهم.
    المادة 113 يطلب القاضي من كل شاهد أن يبين اسمه ولقبه وسنه وصناعته وسكنه وعلاقته بالمتهم، ويدون هذه البيانات وشهادة الشهود بغير كشط أو تحشير.
    ولا يعتمد أي تصحيح أو شطب أو تخريج إلا إذا صدق عليه القاضي والكاتب والشاهد.
    المادة 114 يضع كل من القاضي والكاتب إمضاءه على الشهادة وكذلك الشاهد بعد تلاوتها عليه وإقراره بأنه مصر عليها، فإن امتنع عن وضع إمضائه أو ختمه أو لم يمكنه وضعه أثبت ذلك في المحضر مع ذكر الأسباب التي يبديها. وفي كل الأحوال يضع كل من القاضي والكاتب إمضاءه على كل صفحة أولاً بأول.
    المادة 115 عند الانتهاء من سماع أقوال الشاهد، يجوز للخصوم إبداء ملاحظاتهم عليها.
    ولهم أن يطلبوا من قاضي التحقيق سماع أقوال الشاهد عن نقط أخرى يبينونها.
    وللقاضي دائماً أن يرفض توجيه أي سؤال ليس له تعلق بالدعوى، أو يكون في صيغته مساس بالغير.
    المادة 116 تطبق فيما يختص بالشهود أحكام المواد 283 و285 و286 و287 و288.
    المادة 117 يجب على كل من دعي للحضور أمام قاضي التحقيق لتأدية شهادة أن يحضر بناءً على الطلب المحرر إليه وإلا جاز للقاضي الحكم عليه بعد سماع أقوال النيابة العامة بدفع غرامة لا تجاوز خمسين جنيهاً ويجوز له أن يصدر أمراً بتكليفه بالحضور ثانياً بمصاريف من طرفه، أو أن يصدر أمراً بضبطه وإحضاره.
    المادة 118 إذا حضر الشاهد أمام القاضي بعد تكليفه بالحضور ثانياً أو من تلقاء نفسه وأبدى أعذاراً مقبولة، جاز إعفاؤه من الغرامة بعد سماع أقوال النيابة العامة، كما يجوز إعفاؤه بناء على طلب يقدم منه إذا لم يستطع الحضور بنفسه.
    المادة 119 إذا حضر الشاهد أمام القاضي وامتنع عن أداء الشهادة أو عن حلف اليمين يحكم عليه القاضي في الجنح والجنايات بعد سماع أقوال النيابة العامة بغرامة لا تزيد على مائتي جنيه.
    ويجوز إعفاؤه من كل أو بعض العقوبة إذا عدل عن امتناعه قبل انتهاء التحقيق.
    المادة 120 يجوز الطعن في الأحكام الصادرة على الشهود من قاضي التحقيق طبقا للمادتين 117 و119. وتراعى في ذلك القواعد والأوضاع المقررة في القانون.
    المادة 121 إذا كان الشاهد مريضاً أو لديه ما يمنعه من الحضور تسمع شهادته في محل وجوده، فإذا انتقل القاضي لسماع شهادته وتبين له عدم صحة العذر جاز له أن يحكم عليه بغرامة لا تجاوز مائتي جنيه.
    وللمحكوم عليه أن يطعن في الحكم الصادر عليه بطريق المعارضة أو الاستئناف طبقاً لما هو مقرر في المواد السابقة.
    المادة 122 يقدر قاضي التحقيق بناء على طلب الشهود المصاريف والتعويضات التي يستحقونها بسبب حضورهم لأداء الشهادة.
    الفصل السابع في الاستجواب والمواجهة (قانون الإجراءات الجنائية رقم 150 لسنة 1950)
    المادة 123 عند حضور المتهم لأول مرة في التحقيق يجب على المحقق أن يتثبت من شخصيته ثم يحيطه علماً بالتهمة المنسوبة إليه ويثبت أقواله في المحضر.
    ويجب على المتهم بارتكاب جريمة القذف بطريق النشر في إحدى الصحف أو غيرها من المطبوعات، أن يقدم للمحقق عند أول استجواب له وعلى الأكثر في الخمسة الأيام التالية بيان الأدلة على كل فعل أسند إلى موظف عام أو شخص ذي صفة نيابية عامة أو مكلف بخدمة عامة وإلا سقط حقه في إقامة الدليل المشار إليه في الفقرة الثانية من المادة 302 من قانون العقوبات*. فإذا كلف المتهم بالحضور أمام المحكمة مباشرة وبدون تحقيق سابق وجب عليه أن يعلن إلى النيابة والمدعي بالحق المدني بيان الأدلة في الخمسة الأيام التالية لإعلان التكليف بالحضور وإلا سقط حقه كذلك في إقامة الدليل*.
    ولا يجوز تأجيل نظر الدعوى في هذه الأحوال أكثر من مرة واحدة لمدة لا تزيد على ثلاثين يوماً وينطق بالحكم مشفوعاً بأسبابه.
    * قضى بعدم دستورية الجزئين الأول والثاني من الفقرة.
    المادة 124 لا يجوز للمحقق في الجنايات وفي الجنح المعاقب عليها بالحبس وجوباً أن يستجوب المتهم أو يواجهه بغيره من المتهمين أو الشهود إلا بعد دعوة محاميه للحضور عدا حالة التلبس وحالة السرعة بسبب الخوف من ضياع الأدلة على النحو الذي يثبته المحقق في المحضر.
    وعلى المتهم أن يعلن اسم محاميه بتقرير لدى قلم كتّاب المحكمة أو إلى مأمور السجن، أو يخطر به المحقق، كما يجوز لمحاميه أن يتولى هذا الإعلان أو الإخطار.
    وإذا لم يكن للمتهم محام، أو لم يحضر محاميه بعد دعوته، وجب على المحقق، من تلقاء نفسه، أن يندب له محامياً.
    وللمحامي أن يثبت في المحضر ما يعن له من دفوع أو طلبات أو ملاحظات.
    ويصدر المحقق بعد التصرف النهائي في التحقيق بناءً على طلب المحامي المنتدب أمراً بتقدير أتعابه وذلك استرشاداً بجدول تقدير الأتعاب الذي يصدر بقرار من وزير العدل بعد أخذ رأي مجلس النقابة العامة للمحامين وتأخذ هذه الأتعاب حكم الرسوم القضائية.
    المادة 125 يجب السماح للمحامي بالاطلاع على التحقيق في اليوم السابق على الاستجواب أو المواجهة ما لم يقرر القاضي غير ذلك.
    وفي جميع الأحوال لا يجوز الفصل بين المتهم ومحاميه الحاضر معه أثناء التحقيق.
    لتحميل كتبي فضلاً الضغط على الصورة التالية - متجدد بإذن الله

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي



  3. #43
    تاريخ التسجيل
    Sep 2006
    المشاركات
    2,112
    الدين
    الإسلام
    آخر نشاط
    07-12-2022
    على الساعة
    11:17 AM

    افتراضي

    المطلب العاشر

    عدم جواز اصطناع الدليل

    بعد أن نفذ إخوة سيدنا يوسف مخططهم الإجرامي بإلقاء يوسف في غيابة الجب، رجعوا إلى أبيهم يبكون كذبا واصطنعوا لأنفسهم دليلا بأن جاؤوا على قميص أخيه يوسف بدم كذب، وادعوا -كذبا-أن ذئبا أكله ليقنعوا أباهم ببراءتهم من دم أخيهم وفي ذلك قال تعالي ﴿ وَجَاءُوا عَلَىٰ قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ..، لكن أباهم أعرض عنهم ولم يصدق دعواهم قائلا لهم..﴿ قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنفُسُكُمْ أَمْرًا ۖ فَصَبْرٌ جَمِيلٌ ۖ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَىٰ مَا تَصِفُونَ... (الآية 18 من سورة يوسف).
    وقد تكررت ذات الموقف من سيدنا يعقوب عندما أخبره أبناؤه بمصير أخيهم "بنيامين " وأنه سرق واستبقاه عزيز مصر، حيث جاء النص القرآني مشحونا بالألم الذي ألم بسيدنا يعقوب مؤكدا لهم عدم تصديقه لهم فيما يدعون.
    ﴿ ارْجِعُوا إِلَىٰ أَبِيكُمْ فَقُولُوا يَا أَبَانَا إِنَّ ابْنَكَ سَرَقَ وَمَا شَهِدْنَا إِلَّا بِمَا عَلِمْنَا وَمَا كُنَّا لِلْغَيْبِ حَافِظِينَ يوسف:81.
    ﴿ قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنفُسُكُمْ أَمْرًا فَصَبْرٌ جَمِيلٌ عَسَى اللّهُ أَن يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ ۝ وَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقَالَ يَا أَسَفَى عَلَى يُوسُفَ وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ ۝ قَالُواْ تَالله تَفْتَأُ تَذْكُرُ يُوسُفَ حَتَّى تَكُونَ حَرَضًا أَوْ تَكُونَ مِنَ الْهَالِكِينَ ۝ قَالَ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللّهِ وَأَعْلَمُ مِنَ اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ سورة يوسف:83-86.
    ﴿ قَالَ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ يوسف: 86
    والمستقر عليه التشريع أنه لا يجوز للخصم أن يصطنع دليلا لنفسه لإثبات دعواه:
    جاء في "بحث في موسوعة القانون المشارك" أ.د. عبد الرزاق أحمد السنهوري:
    "الأصل أن الدليل الذي يقدم ضد الخصم يكون صادراً منه حتى يكون دليلا عليه، فالورقة المكتوبة حتى تكون دليلا على الخصم يجب أن تكون بخطه أو بإمضائه، وإذا كانت الورقة ليست دليلا كاملا واقتصر أمرها على أن تكون مبدأ ثبوت بالكتابة، فانه يجب كذلك أن تكون صادرة من الخصم الذي يراد الاثبات ضده على التفصيل الذي سنبينه فيما بعد.
    ومن ثم لا يجوز أن يكون الدليل الذي يتمسك به الخصم صادراً منه هو أو أن يكون من صنعه، فمن البداهة أن الشخص لا يستطيع أن يصطنع دليلا بنفسه لنفسه. (ولو يعطى الناس بدعواهم ـ كما جاء في الحديث الشريف ـ لادعى أناس دماء رجال وأموالهم) (أنظر طرق القضاء في الشريعة الإسلامية للأستاذ أحمد إبراهيم ص 235 ونظام الإثبات في القانون المدني المصري للأستاذ عبد الباسط جميعي ص 93)
    فلا يجوز إذن أن يكون الدليل يقدمه الخصم على صحة دعواه مجرد أقواله وادعاءاته، او أن يكون ورقة صادرة منه، أو مذكرات دونها بنفسه. وتطبيقاً لذلك نصت الفقرة الأولى من المادة 972 من التقنين المدني على أنه (ليس لأحد ان يكسب بالتقادم على خلاف سنده، فلا يستطيع أحد أن يغير بنفسه لنفسه سبب حيازته ولا الأصل الذي تقوم عليه هذه الحيازة).
    وهذه القاعدة فرع عن مبدأ أعم وأشمل، هو أن الشخص لا يستطيع أن يخلق بنفسه لنفسه سبباً لحق يكسبه، ومن استعجل الشيء قبل أوانه عوقب بحرمانه.
    فالوارث الذي يقتل مورثه يحرم من إرثه، وإذا كان التأمين على حياة شخص غير المؤمن له برئت ذمة المؤمن من التزاماته متى تسبب المؤمن له عمداً في وفاة ذلك الشخص أو وقعت الوفاة بناء على تحريض منه، وإذا كان التأمين على الحياة لصالح شخص غير المؤمن له فلا يستفيد هذا الشخص من التأمين إذا تسبب عمداً في وفاة الشخص المؤمن على حياته أو وقعت الوفاة بناء على تحريض منه (م 757 مدني).
    ويعتبر الشرط قد تحقق إذا كان الطرف الذي له مصلحة في أن يتخلف قد حال بطريق الغش دون تحققه، وكذلك لا أثر للشرط الذي تحقق إذا كان تحققه قد وقع بغش الطرف الذي له مصلحة في أن يتحقق (م 388 من مشروع التقنين المدني الحالي).
    على أن القانون نص في بعض الحالات، لمبررات قدرها المشرع، على جواز أن يتمسك الشخص بدليل صدر منه هو.
    من ذلك ما نصت عليه الفقرة الأولى من المادة 397 من التقنين المدني من أن (دفاتر التجار لا تكون حجة على غير التجار، غير أن البيانات المثبتة فيها عما ورده التجار تصلح أساساً يجيز للقاضي أن يوجه اليمين المتممة إلى أي من الطرفين وذلك فيما يجوز إثباته بالبينة).
    ومن ذلك ما نص عليه التقنين التجاري من أن دفتر التاجر قد يكون حجة له على التاجر، إذ تقضى المادة 17 من هذا التقنين بأنه (يجوز للقضاة قبول الدفاتر التجارية لأجل الاثبات في دعاوى التجار المتعلقة بمواد تجارية إذا كانت تلك الدفاتر مستوفية للشروط المقررة قانوناً).
    ومن ذلك أخيراً ما نصت عليه المادة 257 من تقنين المرافعات ـ
    في حالة امتناع الخصم من تقديم ورقة يلزمه القانون بتقديمها ـ من أنه (إذا لم يقم الخصم بتقديم الورقة في الموعد الذي حددته المحكمة.. اعتبرت صورة الورقة التي قدمها خصمه صحيحة مطابقة لأصلها، فان لم يكن خصمه قد قدم صورة من الورقة جاز الأخذ بقوله فيما يتعلق بشكلها أو بموضوعها)
    (على أن الورقة قد تكون صادرة من الخصم فيستند إليها الخصم الآخر، وفى هذا الاستناد إقرار من هذا الخصم الآخر بصحة ما جاء بالورقة، ومن ثم يجوز للخصم الأول ان يحتج بها بالرغم من أنها صادرة منه هو (نقض مدني 22 مايو سنة 1941 المحاماة 22 ص 250 ـ نظام الإثبات في القانون المدني المصري للأستاذ عبد الباسط جميعي ص 93.
    لتحميل كتبي فضلاً الضغط على الصورة التالية - متجدد بإذن الله

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي



  4. #44
    تاريخ التسجيل
    Sep 2006
    المشاركات
    2,112
    الدين
    الإسلام
    آخر نشاط
    07-12-2022
    على الساعة
    11:17 AM

    افتراضي

    المبحث الخامس

    الآيات المتصلة بقانون العقوبات

    ﴿ اقْتُلُوا يُوسُفَ أَوِ اطْرَحُوهُ أَرْضًا يَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ وَتَكُونُوا مِنْ بَعْدِهِ قَوْمًا صَالِحِينَ الآية رقم 9 من سورة يوسف. (جريمة المؤامرة وسبق الإصرار).
    ﴿ وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَنْ نَفْسِهِ وَغَلَّقَتِ الْأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ. الآية رقم 23 من سورة يوسف (جريمة عرض فعل منافي للحياء).
    ﴿ وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ ۖ وَهَمَّ بِهَا لَوْلَا أَن رَّأَىٰ بُرْهَانَ رَبِّهِ ۚ كَذَٰلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ ۚ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ الآية رقم 24 من سورة يوسف. (الشروع في الجريمة).
    ﴿ وَاسْتَبَقَا الْبَابَ وَقَدَّتْ قَمِيصَهُ مِن دُبُرٍ وَأَلْفَيَا سَيِّدَهَا لَدَى الْبَابِ ۚ قَالَتْ مَا جَزَاءُ مَنْ أَرَادَ بِأَهْلِكَ سُوءًا إِلَّا أَن يُسْجَنَ أَوْ عَذَابٌ أَلِيمٌ.. الآية رقم 25 من سورة يوسف (الجرم المشهود).
    ﴿ قَالُوا يَا أَيُّهَا الْعَزِيزُ إِنَّ لَهُ أَبًا شَيْخًا كَبِيرًا فَخُذْ أَحَدَنَا مَكَانَهُ ۖ إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ ... ﴿ قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ أَن نَّأْخُذَ إِلَّا مَن وَجَدْنَا مَتَاعَنَا عِندَهُ إِنَّا إِذًا لَّظَالِمُونَ الآيات 78 و79 من سورة يوسف (شخصية العقوبة).
    ﴿ فَلَمَّا دَخَلُوا عَلَيْهِ قَالُوا يَا أَيُّهَا الْعَزِيزُ مَسَّنَا وَأَهْلَنَا الضُّرُّ وَجِئْنَا بِبِضَاعَةٍ مُّزْجَاةٍ فَأَوْفِ لَنَا الْكَيْلَ وَتَصَدَّقْ عَلَيْنَا ۖ إِنَّ اللَّهَ يَجْزِي الْمُتَصَدِّقِينَ. الآية رقم 88 من سورة يوسف. (العفو العام والخاص).
    ﴿ فَبَدَأَ بِأَوْعِيَتِهِمْ قَبْلَ وِعَاءِ أَخِيهِ ثُمَّ اسْتَخْرَجَهَا مِن وِعَاءِ أَخِيهِ ۚ كَذَٰلِكَ كِدْنَا لِيُوسُفَ ۖ مَا كَانَ لِيَأْخُذَ أَخَاهُ فِي دِينِ الْمَلِكِ إِلَّا أَن يَشَاءَ اللَّهُ ۚ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَّن نَّشَاءُ ۗ وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ. الآية رقم 76 من سورة يوسف. (مبدأ إقليمية القانون والقانون الواجب التطبيق).
    عرضت سورة يوسف لمبادئ وأنماط جرمية وموضوعات تتعلق بقانون العقوبات وستعرض الدراسة لهذه المبادئ والأنماط الجرمية في مطلبين، يعرض أولهما للأنماط الجرمية التي وردت الإشارة إليها في السورة، أما الثاني فيبحث في الموضوعات المتعلقة بقانون العقوبات.


    المطلب الأول

    بعض الأنماط الجرمية التي عرضت لها سورة يوسف

    ورد في سورة يوسف آيات تشير إلى بعض من السلوكيات التي كانت تعد جرائم في وقت ارتكابها وفقا للشرائع السائدة في زمان حدوث القصة، وقد لاحظت الدراسة أن تلك السلوكيات قد ورد النص على تجريمها في قانون العقوبات المصري وسيتم تاليا عرض أبرز تلك الجرائم.

    الفرع الأول

    المؤامرة والإنفاق الجنائي

    قال تعالي ﴿ اقْتُلُوا يُوسُفَ أَوِ اطْرَحُوهُ أَرْضًا يَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ وَتَكُونُوا مِن بَعْدِهِ قَوْمًا صَالِحِينَ يوسف:9.
    في معرض كيدهم لأخيهم يوسف، تداول إخوة يوسف في الأمر، وتبادلوا الآراء حول ما سيفعلونه بأخيهم، فكان هناك رأي يقول بقتل يوسف، ورأي بإبعاده إلى أرض بعيدة عن ديارهم يكون فيها غير آمن من الوحوش، وجاء رأى ثالث ينهي عن قتل يوسف ويدعو إلى إلقائه في بئر قد يموت فيها وقد يلتقطه بعض المسافرين، وأيا ما كانت وجهات نظر إخوة سيدنا يوسف في شأن المكيدة له، فإن ما قاموا به يدخل في باب التآمر لارتكاب جريمة.
    ولكن المؤامرة في سياق التشريعات الحديثة لا تكون إلا فيما يتعلق بالجرائم المخلة بأمن الدولة، فالمشرع المصري لا يعاقب على الاتفاق الجنائي العام، ولكنه يعاقب على الاتفاق الجنائي الخاص بارتكاب بعض الجرائم الواقعة مثلما إذا اتحد شخصان فأكثر على ارتكاب جناية أو جنحة ما أو على الأعمال المجهزة أو المسهلة لارتكابها، ويعتبر الاتفاق جنائيا سواء أكان الغرض منه جائزا أم لا إذا كان ارتكاب الجنايات أو الجنح من الوسائل التي لوحظت في الوصول إليه.
    ويؤكد هذا الاتجاه في قانون العقوبات المصري ما تم عرضه في:
    المحكمة الدستورية العليا المصرية
    قضية رقم 114 لسنة 21 قضائية المحكمة الدستورية العليا "دستورية"
    مبادئ الحكم: الرقابة على دستورية القوانين (جنائي).
    نص الحكم
    باسم الشعب
    المحكمة الدستورية العليا
    بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت 2 يونية سنة 2001 م، الموافق العاشر من ربيع الأول سنة 1422هـ
    برئاسة السيد المستشار/ محمد ولي الدين جلال
    رئيس المحكمة
    والسادة المستشارين/ حمدي محمد علي وعبد الرحمن نصير والدكتور عبد المجيد فياض وماهر البحيري ومحمد علي سيف الدين وعدلي محمود منصور
    أعضاء
    وحضور السيد المستشار/ محمد خيري طه عبد المطلب النجار
    رئيس هيئة المفوضين
    وحضور السيد/ ناصر امام محمد حسن
    أمين السر
    أصدرت الحكم الآتي
    في القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 114 لسنة 21 قضائية "دستورية".
    المقامة من
    السيد/ ...
    ضد
    1- السيد/ رئيس الجمهورية
    2- السيد/ وزير العدل
    3- السيد/ رئيس مجلس الشعب
    4- السيد/ النائب العام
    الإجراءات
    بتاريخ الثاني والعشرين من يونيو سنة 1999 أودع المدعي قلم كتاب المحكمة صحيفة الدعوى الماثلة طالبا الحكم بعدم دستورية نص المادة 48 من قانون العقوبات.
    وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة طلبت فيها الحكم برفض الدعوى.
    وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرا برأيها.
    ونظرت الدعوى على الوجه المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.
    المحكمة
    بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
    حيث إن الوقائع - على ما يبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق - تتحصل في أن النيابة العامة أحالت المدعي إلى محكمة جنايات طنطا، متهمة إياه بأنه - بدائرة مركز زفتى محافظة الغربية – (...................)، وأثناء نظر الدعوى دفع المدعي بعدم دستورية نص المادة 48 من قانون العقوبات، فقدرت محكمة الموضوع جدية هذا الدفع وصرحت له برفع الدعوى الدستورية فأقام الدعوى الماثلة.
    وحيث إن المادة 48 من قانون العقوبات يجرى نصها كالآتي: فقرة أولى "يوجد اتفاق جنائي كلما اتحد شخصان فأكثر على ارتكاب جناية أو جنحة ما أو على الأعمال المجهزة أو المسهلة لارتكابها، ويعتبر الاتفاق جنائيا سواء أكان الغرض منه جائزا أم لا إذا كان ارتكاب الجنايات أو الجنح من الوسائل التي لوحظت في الوصول إليه.
    "فقرة ثانية" وكل من اشترك في اتفاق جنائي سواء كان الغرض منه ارتكاب الجنايات أو اتخاذها وسيلة للوصول إلى الغرض المقصود منه يعاقب لمجرد اشتراكه بالسجن.
    فإذا كان الغرض من الاتفاق ارتكاب الجنح أو اتخاذها وسيلة للوصول إلى الغرض المقصود منه يعاقب المشترك فيه بالحبس.
    "فقرة ثالثة" وكل من حرض على اتفاق جنائي من هذا القبيل أو تداخل في إدارة حركته يعاقب بالأشغال الشاقة المؤقتة في الحالة الأولى المنصوص عليها في الفقرة السابقة وبالسجن في الحالة الثانية.
    "فقرة رابعة" ومع ذلك إذا لم يكن الغرض من الاتفاق إلا ارتكاب جناية أو جنحة معينة عقوبتها أخف مما نصت عليه الفقرات السابقة فلا توقع عقوبة أشد مما نص عليه القانون لتلك الجناية أو الجنحة.
    "فقرة خامسة" ويعفى من العقوبات المقررة في هذه المادة كل من بادر من الجناة بإخبار الحكومة بوجود اتفاق جنائي، وبمن اشتركوا فيه قبل وقوع أية جناية أو جنحة، وقبل بحث وتفتيش الحكومة عن أولئك الجناة، فإذا حصل الإخبار بعد البحث والتفتيش تعين أن يوصل الإخبار فعلا إلى ضبط الجناة الأخرين".
    وحيث إن المدعي ينعى على نص هذه المادة عدم بيانه للركن المادي للجريمة، ذلك أن الركن المادي هو سلوك أو نشاط خارجي، فلا جريمة بغير فعل أو ترك، ولا يجوز للمشرع الجنائي أن يعاقب على مجرد الأفكار والنوايا، باعتبار أن أوامر القانون ونواهيه لا تنتهك بالنية وحدها، وإنما بالأفعال التي تصدر عن إرادة آثمة؛ فضلا عن أن النص جاءت صياغته واسعة يمكن تحميلها بأكثر من معنى وتتعدد تأويلاتها إذ ترك تحديد الأعمال المجهزة والمسهلة للجريمة لاجتهادات مختلفة مما يفقده خاصية اليقين التي يجب توافرها في النصوص الجزائية.
    وحيث إنه باستعراض التطور التاريخي للمادة 48 المشار إليها، يبين أن المشرع المصري أدخل جريمة الاتفاق الجنائي كجريمة قائمة بذاتها - تختلف عن الاتفاق كسبيل من سبل المساهمة الجنائية - بالمادة 47 مكررة من قانون العقوبات الأهلي، وكان ذلك بمناسبة اغتيال رئيس مجلس النظار سنة 1910 فقدمت النيابة العامة إلى قاضي الإحالة تسعة متهمين أولهم بتهمة القتل العمد مع سبق الاصرار والترصد، والباقين بتهمة الاشتراك في القتل، غير أن القاضي اقتصر على تقديم الأول إلى محكمة الجنايات ورفض إحالة الباقين لعدم توافر أركان الجريمة قبلهم، فتقدمت الحكومة إلى مجلس شورى القوانين بمشروع بإضافة نص المادة 47 مكررة إلى قانون العقوبات الأهلي- وهو يؤثم جريمة الاتفاق الجنائي المجرد على ذات النحو الذي ورد بعد ذلك بالنص الطعين مع خلاف بسيط في الصياغة - غير أن المجلس عارض الموافقة على المشروع مستندا إلى أن القانون المصري - كالقوانين الأخرى - لا يعاقب على شئ من الأعمال التي تتقدم الشروع في ارتكاب الجريمة، كالتفكير فيها والتصميم عليها واتفاق الفاعلين أو الفاعلين والشركاء على كيفية ارتكابها، ولا على إتيان الأعمال المجهزة أو المحضرة لها.
    وعرج المجلس إلى المقارنة بين النص المقترح ونظيره في القانون المقارن موضحا أن القانون الفرنسي يشترط للتجريم وجود جمعية من البغاة أو اتفاق بين عدة أشخاص وأن يكون غرض الجمعية أو الاتفاق تحضير أو ارتكاب جنايات على الأشخاص والأموال. وأشار المجلس إلى أنه إذا كانت هناك حاجة للاستثناء من ذلك فيجب أن يكون بقدر الضرورة التي يقتضيها حفظ النظام، وأنه لأجل أن تكون المادة 47 مكررة مقيسة بمقياس الضرورة النافعة فيجب ألا تشمل سوى الجمعيات التي يخشى منها على ما يجب للموظفين العموميين أو السياسيين من الطمأنينة، أو بعبارة أخرى يجب أن لا يقصد منها إلا حماية نظام الحكومة، فلا يشمل النص الأحوال الأخرى كالاتفاقات الجنائية التي تقع بين شخصين أو أكثر على ارتكاب جناية أو جنحة تدخل في باب الجرائم العادية كجرائم السرقة أو الضرب أو التزوير أو غير ذلك من الجرائم الواقعة على الأشخاص وعلى الأموال؛ غير أن نظارة الحقانية رفضت اقتراح المجلس إذ رأته يثير صعوبات كبيرة في العمل ويفتقد الضمانات الفعالة ضد جميع الاتفاقات التي تكون غايتها تحقيق المقاصد السياسية بطريق القوة، وأضافت أن القانون الجديد لم يوضع إلا للأحوال التي تجعل الأمن العام في خطر، ولن يعمل به أصلا بما يجعله مهددا للحرية الشخصية، والمأمول أن لا تدعو الأحوال إلى تطبيق هذا القانون إلا في النادر كما في البلاد التي استقى منها. وصدر نص المادة 47 مكررة عقوبات أهلي معاقبا على الاتفاق الجنائي، بعد أن برر مستشار الحكومة استعمال المشرع لتعبير الاتفاق الجنائي بديلا عن كلمة association الواردة في القانون الفرنسي - والتي جاءت أيضا في النسخة الفرنسية لقانون العقوبات الأهلي - بأن هذا اللفظ الأخير قد يفيد قدرا من التنظيم والاستمرار.
    وحيث إن أحكام القضاء في شأن جريمة الاتفاق الجنائي - كجريمة قائمة بذاتها - اتجهت في البداية إلى وجوب قيام اتفاق منظم ولو في مبدأ تكوينه وأن يكون مستمرا ولو لمدة من الزمن، واستند القضاء في ذلك إلى الاسترشاد بالفكرة التي حملت المشرع إلى تجريم الاتفاق الجنائي، غير أنه عدل بعد ذلك عن هذا الاتجاه، فقضي بأن مجرد الاتفاق على ارتكاب جناية أو جنحة كاف بذاته لتكوين جريمة الاتفاق الجنائي بلا حاجة إلى تنظيم ولا إلى استمرار، وقد أشير في بداية هذا العدول إلى أن المادة 47 مكررة عقوبات أهلي هي في حقيقة الواقع من مشكلات القانون التي لا حل لها لأنها أتت بمبدأ يلقي الاضطراب الشديد في بعض أصول القانون الأساسية، وأن عبارات التنظيم والاستمرار هي عبارات اضطرت المحاكم للقول بها هربا من طغيان هذه المادة، والظاهر - من الأعمال التحضيرية للنص - أن مراد واضعيه أن يكون بيد الحكومة أداة تستعملها عند الضرورة وفي الأحوال الخطرة استعمالا لا يكون في اتساع ميدانه وشموله محلا للتأويل من جهة القضاء التي تطبقه، وأن الأجدر معاودة النظر في ذلك النص بما يوائم بين الحفاظ على النظام والأمن العام من جهة ويزيل اللبس والخلط بينه والمبادئ الأخرى، وإلى أن يتم ذلك فلا سبيل لتفادي إشكال هذا النص ومنع إضراره، إلا ما حرصت عليه النيابة العامة من عدم طلب تطبيقه إلا في الأحوال الخطرة على الأمن العام. وإذا كان المشرع قد عاود النظر مرتين في المادة سالفة الذكر سنتي 1933، 1937 إلا أنه ظل على فكرته الأساسية فيها التي تقوم على عقاب الاتفاق البسيط على ارتكاب أية جناية أو جنحة، ولو لم تقع أية جريمة نتيجة لذلك الاتفاق.
    وحيث إن نص المادة 48 المشار إليها كان محل انتقاد اللجنة التي شكلت لوضع آخر مشروع حديث متكامل لقانون العقوبات - خلال الوحدة بين مصر وسوريا تحت إشراف مستشار رئيس الجمهورية للشئون القانونية آنذاك - برئاسة الأستاذ على بدوى وزير العدل وعميد كلية الحقوق بجامعة القاهرة الأسبق وعضوية كل من رئيس الدائرة الجنائية بمحكمة النقض والمستشار عادل يونس والدكتور علي راشد أستاذ القانون الجنائي بكلية الحقوق بجامعة عين شمس... وغيرهم، حيث ورد بالمذكرة الإيضاحية للمشروع أنه قد أصلح من أحكام جريمة الاتفاق الجنائي التي تم وضع نصها في ظروف استثنائية والتي لم يكن لها نظير... وأعيدت صياغة أحكامها بحيث تتفق مع اتجاهات التشريع الحديث؛ واختتمت تلك المذكرة بأنه قد رؤي أنه من الأفضل أن يلحق بالنصوص المقترحة ما يتصل بها من تعليقات وإيضاحات مبررة لها أو مفسرة لأحكامها كترجمة مباشرة لأفكار من اشتركوا في صوغ أحكامه وقت مناقشتها مما لا يتوفر عادة في المذكرات الإيضاحية... فضلا عن ميزة تسهيل الوقوف على مقاصد النصوص التي تم التوصل إليها بإجماع الآراء... وبذلك يكون المشروع خلاصة لأعمال لجان متعددة ومشاريع استغرق وضعها سنين طويلة الأمد، روجعت على ضوء القانون المقارن والفقه الحديث ونشاط المؤتمرات الدولية ليكون ذلك القانون مرآة لما بلغته الجمهورية من تطور مرموق في الميدان التشريعي.
    وفي مقام التعليق على نص المشروع في المادة 59 منه (المقابلة للمادة 48 من قانون العقوبات) أوردت اللجنة أنها "رأت بمناسبة وضع التشريع الجديد أن جريمة الاتفاق الجنائي على الوضع المقرر في التشريع المصري الحالي في المادة 48 إنما هو نظام استثنائي اقتضت إنشاءه ظروف استثنائية ويندر وجود نظير له في الشرائع الأخرى الحديثة.. هذا فضلا عما أفضى إليه تطبيقه من الاضطراب والجدل في تفسير أحكامه، ولذلك فضلت اللجنة العدول عنه في المشروع الجديد اكتفاء بجرائم الاتفاقات الخاصة التي نص عليها القانون في حالات معينة بارزة الخطورة.
    يضاف إلى ذلك أن اللجنة رأت... اعتبار تعدد المجرمين.. ظرفا مشددا إذا وقعت الجريمة بناء على اتفاقهم السابق، فإذا بقى الاتفاق بغير نتيجة كان هناك محل لتوقيع التدابير الاحترازية التي يقررها القانون... بدلا من توقيع العقوبات العادية...، وتحديدا لمعنى الخطورة... اشترط النص أن يقع الاتفاق بين ثلاثة على الأقل حتى يتحقق الظرف المشدد أو يتوافر شرط توقيع التدابير الاحترازية.
    وليس المراد بالاتفاق في هذه الحالة مجرد التفاهم العرضي وإنما هو الاتفاق المصمم عليه الذي تدبر فيه الجريمة وكيفية ارتكابها، وهذا النوع من الاتفاق هو الذي يبلغ درجة من الخطورة تقتضي معالجتها تشريعيا بتشديد العقاب إذا وقعت الجريمة المدبرة، أو بتوقيع التدابير الاحترازية التي يقررها القانون... إذا لم تقع الجريمة، والمفهوم من تعبير وقوع الجريمة نتيجة للاتفاق... هو أن تقع الجريمة تامة أو مشروعا فيها شروعا معاقبا عليه".
    وحيث إنه إذا كان الهدف من التجريم قديما هو مجرد مجازاة الجاني عن الجريمة التي اقترفها، فقد تطور هذا الهدف في التشريع الحديث ليصبح منع الجريمة سواء كان المنع ابتداء أو ردع الغير عن ارتكاب مثلها، فالاتجاهات المعاصرة للسياسة الجنائية في مختلف الدول تتجه - كما تشير المؤتمرات المتعاقبة للأمم المتحدة بشأن منع الجريمة ومعاملة المجرمين - إلى أهمية اتخاذ التدابير المانعة لوقوع الجريمة وسن النصوص التي تكفل وقاية المجتمع منها وتجريم الاشتراك في الجمعيات الإجرامية وتنمية التعاون الدولي لمكافحة الجريمة المنظمة، إلا أن شرعية النصوص التي تتخذ كوسيلة لتحقيق هذه الأهداف مناطها توافقها وأحكام الدستور واتفاقها ومبادئه ومقتضاه، ومن ثم يتعين على المشرع - في هذا المقام - إجراء موازنة دقيقة بين مصلحة المجتمع والحرص على أمنه واستقراره من جهة، وحريات وحقوق الأفراد من جهة أخرى.
    وحيث إن الدستور ينص في المادة 41 على أن "الحرية الشخصية حق طبيعي وهى مصونة لا تمس..." كما ينص في المادة 66 على أن: "العقوبة شخصية.
    ولا جريمة ولا عقوبة إلا بناء على قانون، ولا توقع عقوبة إلا بحكم قضائي، ولا عقاب إلا على الأفعال اللاحقة لتاريخ نفاذ القانون"، كما حرص في المادة 67 على تقرير افتراض البراءة، فالمتهم برئ إلى أن تثبت إدانته في محاكمة منصفة تكفل له فيها ضمانات الدفاع عن نفسه.
    وحيث إن الدستور - بنص المادة 66 سالفة الذكر - قد دل على أن لكل جريمة ركنا ماديا لا قوام لها بغيره يتمثل أساسا في فعل أو امتناع وقع بالمخالفة لنص عقابي، مفصحا بذلك عن أن ما يركن إليه القانون الجنائي ابتداء في زواجره ونواهيه هو مادية الفعل المؤاخذ على ارتكابه إيجابيا كان هذا الفعل أم سلبيا، ذلك أن العلائق التي ينظمها هذا القانون في مجال تطبيقه على المخاطبين بأحكامه، محورها الأفعال ذاتها، في علاماتها الخارجية، ومظاهرها الواقعية، وخصائصها المادية، إذ هي مناط التأثيم وعلته، وهى التي يتصور إثباتها ونفيها، وهى التي يتم التمييز على ضوئها بين الجرائم بعضها البعض، وهى التي تديرها محكمة الموضوع على حكم العقل لتقييمها وتقدير العقوبة المناسبة لها، ولا يتصور بالتالي وفقا لأحكام الدستور أن توجد جريمة في غيبة ركنها المادي، ولا إقامة الدليل على توافر السببية بين مادية الفعل المؤاثم والنتائج التي أحدثها بعيدا عن حقيقة هذا الفعل ومحتواه.
    ولازم ذلك أن كل مظاهر التعبير عن الإرادة البشرية - وليس النوايا التي يضمرها الإنسان في أعماق ذاته - تعتبر واقعة في منطقة التجريم كلما كانت تعكس سلوكا خارجيا مؤاخذا عليه قانونا.
    فإذا كان الأمر غير متعلق بأفعال أحدثتها إرادة مرتكبها، وتم التعبير عنها خارجيا في صورة مادية لا تخطئها العين، فليس ثمة جريمة.
    وحيث إنه من القواعد المبدئية التي يتطلبها الدستور في القوانين الجزائية، أن تكون درجة اليقين التي تنتظم أحكامها في أعلى مستوياتها، وأظهر في هذه القوانين منها في أية تشريعات أخرى، ذلك أن القوانين الجزائية تفرض على الحرية الشخصية أخطر القيود وأبلغها أثرا، ويتعين بالتالي - ضمانا لهذه الحرية - أن تكون الأفعال التي تؤثمها هذه القوانين محددة بصورة قاطعة بما يحول دون التباسها بغيرها، وأن تكون تلك القوانين جلية واضحة في بيان الحدود الضيقة لنواهيها، ذلك أن التجهيل بها أو انبهامها في بعض جوانبها لا يجعل المخاطبين بها على بينة من حقيقة الأفعال التي يتعين عليهم تجنبها. كذلك فإن غموض مضمون النص العقابي مؤداه أن يحال بين محكمة الموضوع وبين إعمال قواعد منضبطة تعين لكل جريمة أركانها وتقرر عقوبتها بما لا خفاء فيه.
    وهى قواعد لا ترخص فيها وتمثل إطارا لعملها لا يجوز تجاوزه، ذلك أن الغاية التي يتوخاها الدستور هي أن يوفر لكل مواطن الفرص الكاملة لمباشرة حرياته في إطار من الضوابط التي قيدها بها، ولازم ذلك أن تكون القيود على الحرية التي تفرضها القوانين الجزائية، محددة بصورة يقينية لأنها تدعو المخاطبين بها إلى الامتثال لها لكى يدفعوا عن حقهم في الحياة وكذلك عن حرياتهم، تلك المخاطر التي تعكسها العقوبة، بحيث لا يتم تجاوز الحدود التي اعتبرها الدستور مجالا حيويا لمباشرة الحقوق والحريات التي كفلها، وهو ما يخل في النهاية بالضوابط الجوهرية التي تقوم عليها المحاكمة المنصفة وفقا لنص المادة 67 من الدستور.
    وحيث إن البين من استقراء نص الفقرة الأولى من المادة 48 المشار إليها أنها عرفت الاتفاق الجنائي بأنه اتحاد شخصين أو أكثر على ارتكاب جناية أو جنحة أو على الأعمال المجهزة أو المسهلة لارتكابها، ولم يشترط النص عددا أكثر من اثنين لقيام الجريمة، كما لم يتطلب أن يستمر الاتفاق لمدة معينة أو أن يكون على قدر من التنظيم، وقد يكون محل الاتفاق عدة جنايات، أو عدة جنح، أو مجموعة جرائم مختلطة من النوعين معا، كما قد لا يرد الاتفاق إلا على جناية أو جنحة واحدة، ولم يستلزم النص أن تكون الجريمة أو الجرائم المتفق على ارتكابها على درجة من الجسامة، بل قد يكون محل الاتفاق اقتراف أي جنحة مهما كانت قليلة الأهمية في دلالتها الإجرامية، كما أنه ليس بلازم أن تتعين الجناية أو الجنحة محل الاتفاق كما لو تم الاتفاق على استعمال العنف - بأي درجة - لتحقيق غاية الاتفاق، سواء كانت هذه الغاية في ذاتها مشروعة أو غير مشروعة، ومن ثم فإن نطاق التجريم جاء واسعا فضفاضا لا تقتضيه ضرورة اجتماعية مبررة.
    وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن شرعية الجزاء - جنائيا كان أم مدنيا أم تأديبيا - مناطها أن يكون متناسبا مع الأفعال التي أثمها المشرع أو حظرها أو قيد مباشرتها.
    فالأصل في العقوبة هو معقوليتها، فكلما كان الجزاء الجنائي بغيضا أو عاتيا، أو كان متصلا بأفعال لا يسوغ تجريمها، أو مجافيا بصورة ظاهرة للحدود التي يكون معها متناسبا مع خطورة الأفعال التي أثمها المشرع، فإنه يفقد مبررات وجوده ويصبح تقييده للحرية الشخصية اعتسافا؛ متى كان ذلك، وكانت الفقرة الثانية من المادة 48 تقرر عقوبة السجن على الاتفاق الجنائي على ارتكاب جناية، وكانت عقوبة السجن هي وضع المحكوم عليه في أحد السجون العمومية وتشغيله داخل السجن أو خارجه في الأعمال التي تعينها الحكومة المدة المحكوم بها عليه، ولا يجوز أن تنقص عن ثلاث سنوات ولا أن تزيد على خمس عشرة سنة إلا في الأحوال الخصوصية المنصوص عليها قانونا، بينما هناك جنايات كثيرة حدد المشرع العقوبة فيها بالسجن مدة تقل عن خمس عشرة سنة؛ كما تنص ذات الفقرة على أن عقوبة الاتفاق الجنائي على ارتكاب الجنح هي الحبس أي وضع المحكوم عليه في أحد السجون المركزية أو العمومية المدة المحكوم بها عليه وحدها الأدنى أربع وعشرون ساعة ولا تزيد على ثلاث سنوات إلا في الأحوال الخصوصية المنصوص عليها قانونا، بينما هناك جنح متعددة حدد المشرع العقوبة فيها بالحبس مدة تقل عن ثلاث سنوات؛ وهو ما يكشف عن عدم تناسب العقوبات الواردة في الفقرة الثانية من النص المطعون فيه مع الفعل المؤاثم، ولا وجه للمحاجة في هذا المقام بأن الفقرة الرابعة من المادة 48 المشار إليها تقضي بأنه إذا كان محل الاتفاق جناية أو جنحة معينة عقوبتها أخف مما نصت عليه الفقرة السابقة فلا توقع عقوبة أشد مما نص عليه القانون لتلك الجناية أو الجنحة، ذلك أن محل الاتفاق - كما سبقت الاشارة - قد يكون ارتكاب جناية أو جنحة غير معينة بذاتها وعندئذ توقع العقوبات الواردة في الفقرة الثانية من المادة وحدها، وهي تصل إلى السجن خمس عشرة سنة أو الحبس ثلاث سنوات - حسب الأحوال - ولا شك أنها عقوبات مفرطة في قسوتها تكشف عن مبالغة المشرع في العقاب بما لا يتناسب والفعل المؤثم.
    وحيث إنه لما كان الهدف من العقوبة الجنائية هو الزجر الخاص للمجرم جزاء لما اقترف، والردع العام للغير ليحمل من يحتمل ارتكابهم الجريمة على الإعراض عن إتيانها، وكانت الفقرة الرابعة من المادة 48 تقرر توقيع العقوبة المقررة لارتكاب الجناية أو الجنحة محل الاتفاق على مجرد الاتفاق على اقترافها حتى ولو لم يتم ارتكابها فعلا، فإنها بذلك لا تحقق ردعا عاما ولا خاصا، بل إن ذلك قد يشجع المتفقين على ارتكاب الجريمة محل الاتفاق طالما أن مجرد الاتفاق على اقترافها سيؤدي إلى معاقبتهم بذات عقوبة ارتكابها.
    وحيث إن السياسة الجنائية الرشيدة يتعين أن تقوم على عناصر متجانسة، فإن قامت على عناصر متنافرة نجم عن ذلك افتقاد الصلة بين النصوص ومراميها، بحيث لا تكون مؤدية إلى تحقيق الغاية المقصودة منها لانعدام الرابطة المنطقية بينها؛ تقديرا بأن الأصل في النصوص التشريعية - في الدولة القانونية - هو ارتباطها عقلا بأهدافها، باعتبار أن أي تنظيم تشريعي ليس مقصودا لذاته، وإنما هو مجرد وسيلة لتحقيق تلك الأهداف؛ ومن ثم يتعين دائما استظهار ما إذا كان النص الطعين يلتزم إطارا منطقيا للدائرة التي يعمل فيها، كافلا من خلالها تناغم الأغراض التي يستهدفها، أم متهادما مع مقاصده أو مجاوزا لها، ومناهضا - بالتالي - لمبدأ خضوع الدولة للقانون المنصوص عليه في المادة 65 من الدستور؛ متى كان ذلك وكان المشرع الجنائي قد نظم أحكام الشروع في الباب الخامس من قانون العقوبات (المواد من 45 إلى 47) وهو الذي يسبق مباشرة الباب السادس الخاص بالاتفاق الجنائي، وكان الشروع هو البدء في تنفيذ فعل بقصد ارتكاب جناية أو جنحة إذا أوقف أثره لأسباب لا دخل لإرادة الفاعل فيها، وكان مجرد العزم على ارتكاب الجريمة أو الأعمال التحضيرية لذلك لا يعتبر شروعا، بحيث يتعدى الشروع مرحلة مجرد الاتفاق على ارتكاب الجريمة إلى البدء فعلا في تنفيذها، وكان الشروع غير معاقب عليه في الجنح إلا بنص خاص، أما في الجنايات فإن عقوبة الشروع تقل درجة عن العقوبة المقررة لارتكاب الجناية، أو بما لا يزيد على نصف الحد الأقصى للعقوبة المقررة للجريمة التامة؛ فإذا أعقب المشرع تلك الأحكام بالنص في المادة 48 على تجريم مجرد اتحاد إرادة شخصين أو أكثر على ارتكاب أي جناية أو جنحة أو على الأعمال المجهزة أو المسهلة لارتكابها، وتحديد العقوبة على النحو السالف بيانه بالعقوبة المقررة لارتكاب الجناية أو الجنحة محل الاتفاق، فإنه يكون منتهجا نهجا يتنافر مع سياسة العقاب على الشروع، ومناقضا - بالتالي - للأسس الدستورية للتجريم.
    وحيث إن الفقرة الأخيرة من المادة 48 تقرر الاعفاء من العقوبات المقررة لمن يبادر من الجناة بإخبار الحكومة بوجود الاتفاق الجنائي والمشتركين فيه قبل وقوع الجناية أو الجنحة محل الاتفاق، فإن حصل الإخبار بعد البحث والتفتيش تعين أن يوصل إلى ضبط الجناة، وذلك ابتغاء تشجيع المتفقين على الابلاغ بإعفائهم من العقاب على النحو السالف البيان؛ إلا أن مؤدى النص أنه إذا ما تم الاتفاق ثم عدل المتفقون جميعا من تلقاء أنفسهم عن المضي في الاتفاق فإن جريمة الاتفاق الجنائي تكون قد وقعت متكاملة الأركان ويحق العقاب على المتفقين، فيغدو ارتكاب الجريمة محل الاتفاق - في تقدير المتفقين - ليس أسوأ من مجرد الاتفاق عليها ولا يكون لتجنب ارتكابها والعدول عن اقترافها فائدة ما، وهو ما يعني عدم تحقيق النص المطعون عليه للمقاصد التي ابتغاها المشرع.
    وحيث إن الرقابة القضائية التي تباشرها هذه المحكمة في شأن دستورية النصوص العقابية، تضبطها مقاييس صارمة، ومعايير حادة تلتئم وطبيعة هذه النصوص في اتصالها المباشر بالحرية الشخصية التي أعلى الدستور قدرها، مما يفرض على المشرع الجنائي أن ينتهج الوسائل القانونية السليمة سواء في جوانبها الموضوعية أو الإجرائية لضمان ألا تكون العقوبة أداة عاصفة بالحرية، وأن تكون العقوبة التي يفرضها في شأن الجريمة تبلور مفهوما للعدالة يتحدد على ضوء الأغراض الاجتماعية التي تستهدفها، فلا يندرج تحتها مجرد رغبة الجماعة في إرواء تعطشها للثأر والانتقام، أو سعيها للبطش بالمتهم، كما لا يسوغ للمشرع أن يجعل من نصوصه العقابية شباكا أو شراكا يلقيها ليتصيد باتساعها أو بخفائها من يقعون تحتها أو يخطئون مواقعها، وكان الجزاء الجنائي لا يعد مبررا إلا إذا كان واجبا لمواجهة ضرورة اجتماعية لها وزنها، ومتناسبا مع الفعل المؤاثم فإن جاوز ذلك كان مفرطا في القسوة مجافيا للعدالة، ومنفصلا عن أهدافه المشروعة؛ متى كان ما تقدم جميعه فإن المادة 48 المشار إليها تكون قد وقعت في حمأة المخالفة الدستورية لخروجها على مقتضى المواد 41 و65 و66 و67 من الدستور.
    فلهذه الأسباب
    حكمت المحكمة بعدم دستورية نص المادة 48 من قانون العقوبات، وألزمت الحكومة المصروفات ومبلغ مائة جنيه مقابل أتعاب المحاماة.
    ولعل تكييف ما قام به إخوة سيدنا يوسف من أفعال يندرج ضمن المفهوم العام للتحضير للجريمة وهي تشكل في المفهوم القانوني ما يسمي بسبق الإصرار الذي يعتبر ظرفا مشددا للعقوبة.
    لتحميل كتبي فضلاً الضغط على الصورة التالية - متجدد بإذن الله

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي



  5. #45
    تاريخ التسجيل
    Sep 2006
    المشاركات
    2,112
    الدين
    الإسلام
    آخر نشاط
    07-12-2022
    على الساعة
    11:17 AM

    افتراضي

    الفرع الثاني

    جريمة عرض فعل منافي للحياء

    قال تعالي: ﴿ وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَن نَّفْسِهِ وَغَلَّقَتِ الْأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ ۚ قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ ۖ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ ۖ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ يوسف:23.
    جلسة 8 من فبراير سنة 1970
    برياسة السيد المستشار/ سعد الدين عطية، وعضوية السادة المستشارين: أنور أحمد خلف، ومحمود كامل عطيفة، والدكتور أحمد محمد إبراهيم، والدكتور محمد محمد حسنين.
    الطعن رقم 1782 لسنة 39 القضائية
    (أ) إجراءات المحاكمة. "سماع الشهود".
    عدم التزام المحكمة بسماع الشهود جميعاً في جلسة واحدة أو إجراء مواجهة بينهم.
    (ب) ارتباط. عقوبة. "عقوبة الجرائم المرتبطة". فعل فاضح علني. تعرض لأنثى على وجه يخدش حياءها. نقض. "حالات الطعن. الخطأ في تطبيق القانون".
    ملاحقة الطاعن للمجني عليها على سلم المنزل وما صاحب ذلك من أقوال وأفعال تخدش حياءها تتوافر به جريمتا الفعل الفاضح العلني والتعرض لأنثى على وجه يخدش حياءها. قيام الارتباط بين هاتين الجريمتين. وجوب تطبيق المادة 32/ 2 عقوبات والحكم بالعقوبة المقررة لأشدهما وهي عقوبة الجريمة الأولى. مخالفة الحكم هذا النظر. خطأ في تطبيق القانون.
    (ج) نقض. "الحكم في الطعن". "سلطة محكمة النقض".
    لمحكمة النقض نقض الحكم لمصلحة المتهم من تلقاء نفسها إذا تبين لها مما هو ثابت فيه أنه مبنى على خطأ في تطبيق القانون. المادة 35/ 2 من القانون 57 لسنة 1959
    (د، هـ) محكمة استئنافية. "الإجراءات أمامها". "تسبيب أحكامها". دفاع. "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". إجراءات المحاكمة. حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
    (د) محكمة ثاني درجة تحكم في الأصل على مقتضى الأوراق. هي لا تجري من التحقيقات إلا ما ترى لزوماً لإجرائه. مثال لإجراءات صحيحة.
    (هـ) عدم التزام المحكمة الاستئنافية عند تأييد الحكم المستأنف للأسباب التي بنى عليها بإعادة ذكر تلك الأسباب في حكمها. كفاية الإحالة إليها.
    (و) إثبات. "شهود" حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
    وزن أقوال الشاهد. أمر موضوعي. للمحكمة الأخذ بقوله في أية مرحلة ولو كانت مخالفة لما شهد به أمامها دون أن تلتزم ببيان السبب. للمحكمة الإعراض عن أقوال شهود النفي ما دامت لا تثق فيها.
    1- لا توجب المادة 278 من قانون الإجراءات الجنائية على المحكمة سماع الشهود جميعاً في جلسة واحدة أو ضرورة إجراء مواجهة بينهم وإن سوغت ذلك ولم يرتب القانون البطلان على مخالفة الإجراءات المنصوص عليها في المادة المذكورة. ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يكون سديداً ولا يعدو أن يكون نعياً وارداً على سلطة محكمة الموضوع في تقدير الدليل والأخذ منه بما تطمئن إليه وإطراح ما عداه مما لا يجوز الخوض فيه أمام محكمة النقض.
    2-إن ملاحقة الطاعن للمجني عليها على سلم المنزل وما صاحب ذلك من أقوال وأفعال حسبما استظهره الحكم المطعون فيه مما تتوافر به أركان جريمة الفعل الفاضح العلني ينطوي في ذاته على جريمة التعرض لأنثى على وجه يخدش حياءها بالقول وبالفعل في مكان مطروق وهي الجريمة المنصوص عليها في المادة 306 مكرراً ( أ ) من قانون العقوبات مما يقتضي تطبيق المادة 32 من قانون العقوبات والحكم على الطاعن بالعقوبة المقررة للجريمة الأشد وهي جريمة الفعل الفاضح العلني. ولما كان الحكم المطعون فيه قد أوقع على الطاعن عقوبة عن كل من هاتين الجريمتين، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.
    3-تجيز الفقرة الثانية من المادة 35 من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض - للمحكمة أن تنقض الحكم لمصلحة المتهم من تلقاء نفسها إذا تبين لها مما هو ثابت فيه أنه مبني على خطأ في تطبيق القانون. ولما كان الحكم المطعون فيه إذ أوقع على الطاعن عقوبة عن كل من جريمتي الفعل الفاضح العلني والتعرض لأنثى على وجه يخدش حياءها رغم قيام الارتباط بينهما، يكون قد أخطأ في تطبيق القانون مما يتعين معه نقضه نقضاً جزئياً فيما قضى به من عقوبة الحبس عن جريمة التعرض لأنثى وتصحيحه بإلغاء هذه العقوبة والاكتفاء بعقوبة الغرامة المقضي بها عن جريمة الفعل الفاضح العلني باعتبارها الجريمة الأشد.
    4-المحكمة الاستئنافية إنما تحكم بحسب الأصل على مقتضى الأوراق وهي لا تجري من التحقيقات إلا ما ترى لزوماً لإجرائه. ولما كانت المحكمة المطعون في حكمها قد سمعت أقوال شهود الإثبات وأقوال شاهدي النفي اللذين حضرا، وكانت محكمة أول درجة قد سمعت أقوال شاهدة النفي الثالثة فلم تكن هناك ثمة حاجة لإعادة سؤالها مرة أخرى أمام محكمة ثاني درجة، وكان الثابت من مطالعة المفردات التي أمرت المحكمة بضمها تحقيقاً لوجه الطعن أن الطاعن لم يعلن شاهد النفي الثاني للحضور لجلسة المرافعة الأخيرة التي حجزت فيها القضية للحكم رغم أن المحكمة الاستئنافية صرحت له بالجلسة السابقة بإعلان شهود نفي، فإن ما يثيره الطاعن في شأن الإخلال بحقه في الدفاع لا يكون له محل.
    5-من المقرر أنه إذا رأت المحكمة الاستئنافية تأييد الحكم المستأنف للأسباب التي بنى عليها فليس في القانون ما يلزمها أن تعيد ذكر تلك الأسباب في حكمها بل يكفي أن تحيل عليها إذ الإحالة على أسباب تقوم مقام إيرادها وبيانها وتدل على أن المحكمة قد اعتبرتها كأنها صادرة منها.
    6-وزن أقوال الشاهد يرجع إلى محكمة الموضوع ولها الأخذ بها في أية مرحلة ولو كانت مخالفة لما شهد به أمامها دون أن تلتزم ببيان السبب، ولها أن تعرض عن أقوال شهود النفي ما دامت لا تثق بما شهدوا به.



    الوقائع
    اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه في يوم 20 يوليو سنة 1968 بدائرة قسم الأزبكية:
    (أولاً) فعل علانية فعلاً فاضحاً مخلاً بالحياء.
    (ثانياً) تعرض لأنثى في الطريق العام. وطلبت عقابه بالمادتين 278 و306 مكرر (أ) من قانون العقوبات وادعت مدنياً المجني عليها......
    وطلبت القضاء لها بمبلغ قرش صاغ واحد على سبيل التعويض المؤقت قبل المتهم. ومحكمة جنح آداب القاهرة قضت حضورياً عملاً بمادتي الاتهام
    (أولاً) بتغريم المتهم خمسة جنيهات عن التهمة الأولى.
    (ثانياً) بحبسه أربعة وعشرين ساعة عن التهمة الثانية حبساً بسيطاً وكفالة 1 ج لوقف تنفيذ العقوبة.
    (ثالثاً) بإلزامه أن يدفع للمدعية بالحق المدني قرش صاغ واحد على سبيل التعويض المؤقت وإلزامه بمصاريف الدعوى المدنية ومائتي قرش مقابل أتعاب المحاماة. فاستأنف المتهم هذا الحكم.
    ومحكمة القاهرة الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بقبول استئناف المتهم شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف وألزمته المصروفات المدنية الاستئنافية وخمسمائة قرش مقابل أتعاب المحاماة بلا مصروفات جنائية. فطعن وكيل المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ



    المحكمة

    حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمتي الفعل الفاضح والتعرض لأنثى قد شابه إخلال بحق الدفاع وقصور في التسبيب وبطلان في الإجراءات وأخطأ في تطبيق القانون، ذلك بأن الطاعن طلب من المحكمة سماع أقوال شهود الإثبات والنفي إلا أنها لم تجبه إلى طلبه كما أن الحكم المطعون فيه أخذ بأسباب الحكم الابتدائي رغم أن محكمة أول درجة لم تكن قد سمعت أقوال الشاهد سيد طه الذي سمعته محكمة ثاني درجة فقط كما أطرح الحكم أقوال بعض الشهود لعدم اطمئنانه إليها دون أن يبين العلة في ذلك ثم أن المحكمة سمعت أقوال الشهود في جلسات متفرقة ولم تسمعها في جلسة واحدة ولم تواجه الشهود بعضهم بعضاً وأخيراً فإن الحكم لم يورد أدلة الإدانة ولم يطبق القانون تطبيقاً صحيحاً على واقعة الدعوى.
    وحيث إن الثابت من مطالعة محاضر جلسات المحاكمة الاستئنافية أن المحكمة سمعت أقوال شهود الإثبات وصرحت للطاعن بإعلان شهود نفي فحضر اثنان من هؤلاء الشهود وسمعتهما المحكمة ولم يحضر الاثنان الآخران. لما كان ذلك، وكانت المحكمة الاستئنافية إنما تحكم بحسب الأصل على مقتضى الأوراق وهي لا تجري من التحقيقات إلا ما ترى لزوماً لإجرائه وكانت المحكمة المطعون في حكمها قد سمعت أقوال شهود الإثبات وسمعت أقوال شاهدي النفي اللذين حضرا وكانت محكمة أول درجة قد سمعت أقوال شاهدة النفي نادية جبريل فلم تكن هناك ثمة حاجة لإعادة سؤالها مرة أخرى أمام محكمة ثاني درجة، وكان الثابت من مطالعة المفردات التي أمرت المحكمة بضمها تحقيقاً لوجه الطعن أن الطاعن لم يعلن عبده سليمان شاهد النفي الثاني للحضور لجلسة المرافعة الأخيرة التي حجزت فيها القضية للحكم رغم أن المحكمة الاستئنافية صرحت له بالجلسة السابقة بإعلان شهود نفي فإن ما يثيره الطاعن في شأن الإخلال بحقه في الدفاع لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمتي الفعل الفاضح العلني والتعرض لأنثى وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها. وكان من المقرر أنه إذا رأت المحكمة الاستئنافية تأييد الحكم المستأنف للأسباب التي بنى عليها فليس في القانون ما يلزمها أن تعيد ذكر تلك الأسباب في حكمها بل يكفي أن تحيل عليها إذ الإحالة على الأسباب تقوم مقام إيرادها وبيانها وتدل على أن المحكمة قد اعتبرتها كأنها صادرة منها. وكان وزن أقوال الشاهد يرجع إلى محكمة الموضوع ولها الأخذ بها في أية مرحلة ولو كانت مخالفة لما شهد به أمامها دون أن تلتزم ببيان السبب ولها أن تعرض عن أقوال شهود النفي ما دامت لا تثق بما شهدوا به. وكانت المادة 278 من قانون الإجراءات الجنائية لا توجب على المحكمة سماع الشهود جميعاً في جلسة واحدة أو ضرورة إجراء مواجهة بينهم وإن سوغت ذلك لها ولم يرتب القانون البطلان على مخالفة الإجراءات المنصوص عليها في المادة المذكورة، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يكون سديداً ولا يعدو أن يكون نعياً وارداً على سلطة محكمة الموضوع في تقدير الدليل والأخذ منه بما تطمئن إليه وإطراح ما عداه مما لا يجوز الخوض فيه أمام محكمة النقض. لما كان ما تقدم، وكانت ملاحقة الطاعن للمجني عليها على سلم المنزل وما صاحب ذلك من أقوال وأفعال حسبما استظهره الحكم المطعون فيه، مما تتوافر بها أركان جريمة الفعل الفاضح العلني ينطوي في ذاته على جريمة التعرض لأنثى على وجه يخدش حياءها بالقول وبالفعل في مكان مطروق وهي الجريمة المنصوص عليها في المادة 306 مكرراً ( أ ) من قانون العقوبات مما يقتضي تطبيق المادة 32 من قانون العقوبات والحكم على الطاعن بالعقوبة المقررة للجريمة الأشد وهي جريمة الفعل الفاضح العلني وكان الحكم المطعون فيه قد أوقع على الطاعن عقوبة عن كل من هاتين الجريمتين فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وإذ كانت المادة 35 فقرة ثانية من القانون رقم 57 لسنة 1959 بشأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض تجيز للمحكمة أن تنقض الحكم لمصلحة المتهم من تلقاء نفسها، إذا تبين لها مما هو ثابت فيه أنه مبنى على خطأ في تطبيق القانون فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه نقضاً جزئياً فيما قضى به من عقوبة الحبس عن جريمة التعرض لأنثى وتصحيحه بإلغاء هذه العقوبة والاكتفاء بعقوبة الغرامة المقضي بها عن جريمة الفعل الفاضح العلني باعتبارها الجريمة الأشد ورفض الطعن فيما عدا ذلك.
    ولعل فرض عقوبة الغرامة على فعل من هذا القبيل لا ينسجم مع الحكمة التي من أجلها كان الفعل جريمة، فالحبس أشد إيلاما وأدعي لإصلاح الجاني وردعه وغيره من مجرد دفع غرامة أضحت مع تغير قيمة العملة ضئيلة القيمة يثور الشك في قدرتها على التأثير على الجاني وإصلاحه في الوقت الذي قد لا تشكل مثل هذه الغرامة ردعا له أو لغيره. وربما يكون جديرا بالمشرع الأردني مراجعة النص المتعلق بجريمة عرض فعل مناف للحياء على ضوء هدى القرآن بجعل عقوبتها الحبس مدة تتناسب مع جسامة الجريمة وملابساتها وعدم التعويل على الغرامة – وبقيمتها الحالية- كرداع لجريمة قد تؤدي إلى تعقيدات قانونية واجتماعية جمة ولعل مسلك المشرع في جريمة المداعبة المنافية للحياء بحصر العقوبة بالحبس كان أكثر توفيقا وتوافقا مع الهدي القرآني على ما بينا. ويستفاد مما ورد في سورة يوسف في شأن مراودة امرأة العزيز لسيدنا يوسف عن نفسه أن الجاني في هذه الجريمة قد يكون ذكرا أو أنثي وكذلك المجني عليه، خلافا لبعض الجرائم التي لا يكون الجاني فيها إلا ذكرا والمجني عليها كجريمة الاغتصاب.
    جاء في "بوابة الأحكام القضائية " "محكمة النقض" -"الفعل الفاضح "
    الحكم رقم 1782 لسنة 39 ق
    » فهذه الجريمة تنافي الحياء والاحتشام الواجب اتباعهما بين الناس، وتشكل انتهاكا لقيمة الفضيلة في المجتمع، ناهيك عما فيها من تحرش بالمجن عليه وتعد على حريته وعفافه، ولهذه كله، ولغيره من الأسباب الخاصة بامرأة العزيز كسيدة متزوجة من رجل يشغل منصبا عاما مهما، فقد عمدت إلى التكلم على فعلتها بإغلاق الأبواب ومراودة يوسف عن نفسه، ولمعرفتها بسوء فعلتها، وعاقبتها الوخيمة فقد سارعت إلى نفي التهمه عن نفسها لدى مفاجأة زوجها لها وهي تراود يوسف عن نفسه، مدعية أنه هو من أراد بها سوءا وطالبت بإيقاع عقوبة السجن أو التعذيب بيوسف ﴿ وَاسْتَبَقَا الْبَابَ وَقَدَّتْ قَمِيصَهُ مِن دُبُرٍ وَأَلْفَيَا سَيِّدَهَا لَدَى الْبَابِ ۚ قَالَتْ مَا جَزَاءُ مَنْ أَرَادَ بِأَهْلِكَ سُوءًا إِلَّا أَن يُسْجَنَ أَوْ عَذَابٌ أَلِيمٌ يوسف:25..احكام النقض - المكتب الفني – جنائي العدد الأول - السنة 21 - صـ 238. »
    لتحميل كتبي فضلاً الضغط على الصورة التالية - متجدد بإذن الله

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي



  6. #46
    تاريخ التسجيل
    Sep 2006
    المشاركات
    2,112
    الدين
    الإسلام
    آخر نشاط
    07-12-2022
    على الساعة
    11:17 AM

    افتراضي

    الفرع الثالث

    الشروع في الجريمة

    قال تعالى: ﴿ وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَن نَّفْسِهِ وَغَلَّقَتِ الْأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ ۚ قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ ۖ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ ۖ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ يوسف:23.
    ﴿ وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ ۖ وَهَمَّ بِهَا لَوْلَا أَن رَّأَىٰ بُرْهَانَ رَبِّهِ ۚ كَذَٰلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ ۚ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ يوسف:24.
    وفي مقام آخر في السورة يقول تعالى: ﴿ قَالَتْ فَذَلِكُنَّ الَّذِي لُمْتُنَّنِي فِيهِ وَلَقَدْ رَاوَدتُّهُ عَن نَّفْسِهِ فَاسَتَعْصَمَ وَلَئِن لَّمْ يَفْعَلْ مَا آمُرُهُ لَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُوناً مِّنَ الصَّاغِرِينَ (32) يوسف: ٣٢
    تعرض هذه الآيات الكريمة لواقعة مراودة امرأة العزيز لسيدنا يوسف عن نفسه، وسعيها لإغوائه ودفعه لارتكاب الفاحشة، ويفيد النص القرآني بأن امرأة العزيز شرعت في التحضير لجريمتها فغلقت الأبواب ودعته لنفسها وذلك بإلحاح يظهره سياق السورة في مواضع مختلفة، ولكنه أمتنع عن تلبية طلبها وحاول الهرب منها حتى لا تنال منه، أو يضعف بآدمته أمام إغرائها (الصابوني، محمد على ورضا، صالح أحمد" مختصر تفسير الطبري"، عالم الكتب، بيروت، 1985، ص588-559. 2).
    والمؤكد من صريح نص الآيات أن سيدنا يوسف حافظ على عصمته بعون من الله، ولم يقع في الزنا بمفهومة المادي والقانوني، فباء- عليه السلام- بالرضوان وباءت امرأة العزيز بالفضيحة والخسران لشروعها في اقتراف فعل محرم منهي عنه شرعا، معاقب عليه قانونا.
    فالجريمة في القانون إذا ارتكبت بإتيان الفاعل لركنها المادي المؤدي -وفق المجرى العادي للأمور- إلى النتيجة الجرمية فإنها تقع جريمة كاملة مستحقة العقوبة المحددة لها.
    أما إذا اقتصر نشاط الفاعل على البدء في تنفيذ فعل من الأفعال الظاهرة المؤذية إلى ارتكاب الجريمة ولم يتمكن من إتمام الأفعال اللازمة لحصول تلك الجريمة لحيلولة أسباب لا دخل لإرادته فيها، فإن ما قام بها الفاعل لا يعدو كونه شروعا في الجريمة يعاقب عليها القانون عادة بعقوبات أخف من العقوبة المفروضة في حال ارتكاب الجريمة كاملة، كما أن العقاب على الشروع في قانون العقوبات المصري يقتصر على الجرائم التي اعتبرها القانون جنايات، وعلى بعض الجنح التي ورد نص صريح يعاقب على الشروع فيها.
    وفي إطار تحديدها لمفهوم لشروع في الجريمة الشروع بوجه عام نموذج خاص لجريمة تتخلف نتيجتها، أو سلوك غير مفض إلى النهاية التي كان الجاني يسعى إلى بلوغها، متى كان عدم تحقق تلك النتيجة راجعاً إلى سبب غير إرادي. فالجاني في هذا النموذج قطع شوطاً ملموساً على طريق إتمام الجريمة، ولكن ذلك الإتمام لم يحدث لسبب خارج عن إرادته: فمن يطلق رصاصة على الغير بقصد قتله فتطيش رصاصته، أو لا تصيبه إلا بأذى طفيف، أو يضع أخر يده على سلاحه فيمنعه من إطلاق الرصاصة، يعد قد استوفى بنشاطه نموذج الشروع في الجريمة المستهدفة أصلاً والتي حال دون تمامها عامل بعيد عن إرادة الجاني لولاه لتحققت النتيجة. ويراجع في هذا الأمر:
    1-دكتور/ أحمد عوض بلال، مبادئ قانون العقوبات المصري، طبعة 2011 -2012، دار النهضة العربية، القاهرة، ص 324.
    2- الدكتور محمود نجيب حسني، شرح قانون العقوبات-القسم العام، الطبعة السادسة، دار النهضة، رقم 370، ص 353.
    3-الدكتور جلال ثروت، نظم القسم العام في قانون العقوبات، الجزء الأول، نظرية الجريمة، رقم 303 ص 355.
    4-الدكتور مأمون سلامة، قانون العقوبات-القسم العام، دار النهضة العربية، الطبعة الرابعة، ص 378.
    وقد عرفت المادة 45 من قانون العقوبات الشروع بأنه:
    »البدء في تنفيذ فعل بقصد ارتكاب جناية أو جنحة إذا أوقف أو خاب أثره لأسباب لا دخل لإرادة الفاعل فيها. ولا يعتبر شروعاً في الجناية أو الجنحة مجرد العزم على ارتكابها ولا الأعمال التحضيرية لذلك. «
    اركان الشروع في القانون المصري
    تقوم الجريمة في صورة الشروع على ثلاثة عناصر رئيسية، وذلك حسبما يبين من نص المادة 45 من قانون العقوبات، وهي:
    1- موضع البدء في التنفيذ في مسار الجريمة: لا مجال للشروع في الجريمة إلا إذا قطع الجاني، على طريق الجريمة، مسافة يمكن معها القول بأنه قد بدأ في تنفيذها. ولكن تحديد ذلك ليس بالأمر اليسير. ويرجع هذا إلى أن المشروع الإجرامي، في الجرائم الكبرى على وجه الخصوص، يمر بمسار طويل يبدأ بالمرحلة النفسية الخالصة، ثم التحضير لارتكاب الجريمة، ثم البدء في تنفيذها، ثم تنفيذها كاملة.( دكتور/ أحمد عوض بلال، مبادئ قانون العقوبات المصري، طبعة 2011 -2012 ، دار النهضة العربية، القاهرة، ص 332).
    2- القصد الجنائي:يعد القصد الجنائي (الركن المعنوي) هو الركن الثاني الذي يفترضه الشروع. وقد أشارت إليه صراحة المادة (45) من قانون العقوبات وهو يتطلب أن يكون الجاني قد أرتكب الفعل بقصد ارتكاب جناية أو جنحة معينة في صورة تامة. والمشرع لا يعاقب على الشروع في جميع الجرائم، مما يعني أن اتجاه قصد الجاني إلى ارتكاب جريمة معينة يتيح التعرف على حكم القانون في الشروع فيها. (الدكتور محمود نجيب حسني، شرح قانون العقوبات-القسم العام، الطبعة السادسة، دار النهضة، رقم 370، ص360).
    3- عدم تمام الجريمة لسبب غير إرادي:يفترض النموذج القانوني لجريمة الشروع ليس فقط تخلف النتيجة الإجرامية التي كان الجاني يسعى إليها، وإنما كذلك أن يكون التخلف راجعًا إلى أسباب خارجة عن إرادته. ويثير هذا الشرط الأخير ثلاثة تساؤلات فرعية يتعلق أولها بالتمييز بين البدء في التنفيذ والتنفيذ الكامل، وثانيهما بماهية العدول الذي يحول دون قيام الشروع، وثالثهما بالحالة التي يكون من المستحيل فيها تحقق النتيجة الإجرامية. (دكتور/ أحمد عوض بلال، مبادئ قانون العقوبات المصري، طبعة 2011 -2012، دار النهضة العربية، القاهرة، ص 349).
    ثمة صورتان أساسيتان للشروع أولاهما:
    الشروع التام، ويعرف كذلك بالجريمة الخائبة، وفيها يستنفد الجاني نشاطه الإجرامي كاملاً وتتخلف النتيجة لسبب خارج عن إرادته، ومن ذلك أن يضرب شخص امرأة أو يعطيها مادة بقصد إسقاطها فلا يتحقق ذلك، أو أن يطلق رصاصته تجاه المجني عليه فلا يصيب هذا الأخير، أو أن يكسر خزينة لسرقة مستند معين فلا يجده بها. ويدخل في صورة الشروع التام كذلك ما يعرف بالجريمة المستحيلة، وفيها يستنفد النشاط الإجرامي في ظروف كان يستحيل فيها تحقق النتيجة لعامل كان الجاني يجهله، كمحاولة السرقة من جيب خال، أو قتل شخص فارق الحياة بالفعل أو بسلاح غير محشو برصاص، أو إسقاط امرأة غير حبلى. مبادئ قانون العقوبات القسم العام، دكتور أحمد عوض بلال، طبعة 2011-2012، الناشر دار النهضة العربية، ص324
    والصورة الثانية للشروع هي الشروع الناقص أو ما يعرف بالجريمة الموقوفة، وفيها لا يسنفد الجاني نشاطه الإجرامي حتى نهايته، وإنما يوقفه أو يحبطه عامل خارجي فلا يستكمل النشاط ولا تتحقق النتيجة، كما لو تأهب «أ» لإطلاق عيار ناري تجاه «ب» وتدخل «ج» فأمسك بيده وحال دون إطلاق العيار؛ أو تسلق «أ» سور منزل بقصد السرقة ولم يتم مشروعه على أثر رؤية رجل الشرطة قادمًا نحوه، وهكذا.
    وليس ثمة فارق من الناحية القانونية بين صورتي الشروع فيما يتعلق بالتجريم والعقاب: فكل منهما يستكمل عناصر الشروع، ولكل منهما يتقرر ذات العقاب.
    والحكمة من معاقبة الشروع بعقوبة نقل عن عقوبة الجريمة الكاملة واضحة في أن الجريمة لم تقع، وبالتالي فمعاقبة الفاعل عن جريمة كاملة فيه مجافاة للعدالة، كما أن في تخفيض عقوبة المفروضة على الشروع في جريمة ما قد يشجع الفاعل على مراجعة نفسه قبل إكمال جريمته طمعا في الحصول على عقوبة مخففة وهو ما أخذ به المشرع في حالة العدول الاختياري حيث أعفي من العقوبة المقررة للشروع إذا عدل باختياره عن إتمام الجريمة تشجيعا له على العدول.
    العدول الذي يحول دون قيام الشروع
    يفترض الشروع أن الجاني يسعى إلى تحقيق النتيجة الإجرامية ولكنه فشل في بلوغها لأسباب خارجة عن إرادته: فإذا كان ثمة عدول عن تحقق النتيجة في هذا الفرض، فهو عدول اضطراري أو غير اختياري من قبل الجاني. (دكتور/ أحمد عوض بلال، مبادئ قانون العقوبات المصري، طبعة 2011 -2012، دار النهضة العربية، القاهرة، ص 366).
    وعلى هذا النحو، يقدم المشرع للجاني وعدًا بصفح تشريعي إن هو ثاب إلى رشده وحال بإرادته دون تحقق النتيجة الإجرامية.
    وهذا مسلك حذي بتأييد من جانب الفقهاء لأنه يدعم الدور الوقائي للسياسة الجنائية في مواجهة الإجرام، حيث يتفق والطبيعة البشرية التي تحتاج إلى تدعيم العوامل المانعة من الإجرام في مواجهة العوامل الدافعة إليه؛ هذا فضلًا عن أن مصلحة المجتمع في عدم عقاب من عدل اختيارًا عن إتمام مشروعه الإجرامي تفوق مصلحته في تقرير العقاب رغم العدول. (دكتور/ أحمد عوض بلال، مبادئ قانون العقوبات المصري، طبعة 2011 -2012، دار النهضة العربية، القاهرة، ص 350).
    والعدول الذي يحول دون قيام الشروع في الجريمة المقصودة هو ذلك الذي يتوافر فيه شرطان يتعلق أولهما بطبيعته وثانيهما بتوقيت حدوثه. فبالنسبة للشرط المتعلق بطبيعة الشروع أن يكون العدول عن إتمام المشروع الإجرامي ذا طبيعة اختيارية، أي أن يكون راجعًا إلى إرادة تلقائية من الجاني بالانسحاب من المشروع الجرامي والحيلولة دون إتمامه. أما بالنسبة للشرط المتعلق بتوقيت العدول، يلزم بالإضافة إلى ذلك أن يقع قبل تمام الجريمة بتحقق نتيجتها وقبل قيام الشروع بتحقق أركانه كاملة، فإذا حدث عدول بعد هذا أو ذاك، فلا نكون إلا بصدد (ندم متأخر) أو (توبة إيجابية لاحقة) لا أثر لها في نفي الجريمة أو الشروع.
    لتحميل كتبي فضلاً الضغط على الصورة التالية - متجدد بإذن الله

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي



  7. #47
    تاريخ التسجيل
    Sep 2006
    المشاركات
    2,112
    الدين
    الإسلام
    آخر نشاط
    07-12-2022
    على الساعة
    11:17 AM

    افتراضي

    الفرع الرابع

    الجرم المشهود


    قال تعالي: ﴿ وَاسْتَبَقَا الْبَابَ وَقَدَّتْ قَمِيصَهُ مِن دُبُرٍ وَأَلْفَيَا سَيِّدَهَا لَدَى الْبَابِ ۚ قَالَتْ مَا جَزَاءُ مَنْ أَرَادَ بِأَهْلِكَ سُوءًا إِلَّا أَن يُسْجَنَ أَوْ عَذَابٌ أَلِيمٌ يوسف:25.
    تشير هذه الآية الى واقعة العزيز لزوجته تلاحق سيدنا يوسف الهارب منه إثر مراودتها له عن نفسه، وهي آية فيها تصوير حركي يوحي بما كان يدور بين يوسف وامرأة العزيز من أمر المراودة، هذه الحركة التي أتاها سيدنا يوسف محاولا الخروج والابتعاد اعراضا منه عن الفاحشة تركت أثرا سيكون له دور حاسم في تبرئة يوسف مما عاجلت امرأة العزيز باتهامه به.
    وفي الجانب القانوني، تصور الآية ما يعرف في القانون بالتلبس في الجريمة، أو الجرم المشهود، وهي من الأوضاع القانونية التي رتب عليها المشرع الجزائي أحكاما قانونية خاصة تختلف حسب طبيعة الواقعة وملابساتها، في جريمة الزنا ، فللجرم المشهود معنى آخر ، إذ يكفي فيها أن يوجد الزاني والزانية في حالة مريبة لا تترك مجالاً للشك في ارتكاب هذا الجرم أو يصعب رؤية الجناة متلبسين بالجرم ، حيث أن الفقه والاجتهاد يتفقان على أن حالة الجرم المشهود لا تكون قائمة عند مفاجأة الفاعلين وهما يرتكبان الجريمة دون سواها من الحالات ، وإنما تكون كذلك عندما يفاجأن في حالة لا تدع مجالاً للشك في إنهما مرتكبان جريمة الزنا .
    حالات الجرم المشهود:
    يتضح من نص المادة /28/ من قانون أصول المحاكمات الجزائية أن الجرم يعتبر مشهوداً في أربع حالات:
    1-الجرم الذي يشاهد حال ارتكابه.
    2- الجرم الذي يشاهد عند الانتهاء من ارتكابه.
    3- حالة القبض على مرتكب الجرم بناء على صراخ الناس.
    4-حالة ضبط مرتكب الجرم ومعه أشياء أو أسلحة أو أوراق يستدل منها أنه فاعله، وذلك في الأربع والعشرين ساعة من وقوع الفعل.
    وهناك حالة خاصة، وهي حالة ملحقة بالجرم المشهود بموجب المادة /42/ من قانون أصول المحاكمات الجزائية، وذلك إذا حدثت جناية أو جنحة غير مشهودة داخل بيت وطلب صاحبه إلى النائب العام إجراء التحقيق بشأنها.
    وفيما يلي شرح لكل حالة من حالات الجرم المشهود:
    أ- الجرم الذي يشاهد حال ارتكابه:
    وتقوم هذه الحالة حين مشاهدة الجريمة أثناء اقتراف الركن المادي لها لرؤية الجاني أو المعتدي وهو يطعن المتعدي عليه بسلاح حاد، والمشاهدة هنا غالباً ما تكون عن طريق الرؤية ولكن هذا ليس بشرط لاعتبار جريمة مشهودة أن المشاهدة هنا يمكن حصولها بأية حاسة من الحواس، كحاسة الشم أو السمع، كأن يضبط شخص ورائحة المخدر تنبعث من فمه.
    ب- مشاهد الجرم عند الانتهاء من ارتكابه:
    وهذه حالة اعتبارية للجرم المشهود، ومثال ذلك:
    مشاهدة الفاعل يخرج مسرعاً من مكان وقوع الجريمة وهو مضطرب ومثاله قول الله سبحانه وتعالى:
    ﴿ وَاسْتَبَقَا الْبَابَ وَقَدَّتْ قَمِيصَهُ مِن دُبُرٍ وَأَلْفَيَا سَيِّدَهَا لَدَى الْبَابِ ۚ قَالَتْ مَا جَزَاءُ مَنْ أَرَادَ بِأَهْلِكَ سُوءًا إِلَّا أَن يُسْجَنَ أَوْ عَذَابٌ أَلِيمٌ يوسف:25.
    وتطبيقاً لذلك حكمت محكمة النقض:
    (حيث أن الفقه والاجتهاد يتفقان على أن حالة الجرم المشهود لا تكون قائمة عند مشاهدة الفاعلين وهما يرتكبان الجريمة دون سواها من الحالات، وإنما تكون كذلك عندما يفاجأن في حالة لا تدع مجالاً للشك في أنهما مرتكبان جريمة الزنا وفي حالة تفترض بالضرورة أن الزنا قد وقع …..).
    ج- القبض على مرتكب الجرم بناء على صراخ الناس:
    هي حالة اعتبارية للجرم المشهود، حيث يفترض أن موظف الضابطة العدلية لم يشهد الجريمة إبان وقوعها بل شاهد فاعلها يتبعه الناس بالصراخ وهو يفر من الناس سواءً وقعت عليهم الجريمة أم لم تقع ، ويشترط لقيام هذه الحالة أن يكون من وقع عليه الاعتداء من مرتكب الجريمة أن يقوم بالصياح عقب ارتكاب الجريمة بفترة قصيرة .
    أو يكون الجاني في الحالة التي ضبط فيها تدل على انه هو من اقترف الجرم كأن يشاهد على ملابسه بقع دم، أو في جسمه خدوش أو غير ذلك …….
    د- شروط الجرم المشهود:
    لاعتبار الجرم مشهوداً وبالتالي اتسـاع سـلطات الضبط حتى تشمل التحقيق ما يلــي:
    1-أن تتوافر حالة من حالات الجرم المشهود.
    2-أن تتم المشاهد من قبل موظف الضابطة العدلية ذاته.
    3-أن تحصل المشاهدة بصورة مشروعة.
    فإذا لم تتوافر حالة الجرم المشهود الذي سبق ذكرها لا يعتبر الجرم مشهوداً وبالتالي لم يعد في سلطة الضابط العدلية القيام بأعمال التحقيق.
    فالجرم المشهود لا يعتبر مشهوداً إذا علم موظف الضبط من غيره نبأ وقوعه، ولم يشاهد بنفسه الجرم في إحدى حالاته.
    وبالرجوع إلى الآية الكريمة نجد ان امرأة العزيز تركت آثارا وعلامات تدل على مراودتاها ليوسف عن نفسه كما شهد بذلك شاهدا من أهلها، وهي آثار أو علامات تدل على فعل ما جعله مشهودا وفق المفهوم القانوني الوارد في قانون أصول المحاكمات الجزائية.
    لتحميل كتبي فضلاً الضغط على الصورة التالية - متجدد بإذن الله

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي



  8. #48
    تاريخ التسجيل
    Sep 2006
    المشاركات
    2,112
    الدين
    الإسلام
    آخر نشاط
    07-12-2022
    على الساعة
    11:17 AM

    افتراضي

    المطلب الثاني

    العفو العام والعفو الخاص

    بالإضافة إلى المبادئ والجرائم التي سبقت الإشارة إليها فقد وردت في سورة يوسف إشارات لبعض المسائل التي تتصل بالقانون الجنائي ومن أبرزها موضوع العفو العام والعفو الخاص، فقد جاء في محكم التنزيل قوله تعالى ﴿ فَلَمَّا دَخَلُوا عَلَيْهِ قَالُوا يَا أَيُّهَا الْعَزِيزُ مَسَّنَا وَأَهْلَنَا الضُّرُّ وَجِئْنَا بِبِضَاعَةٍ مُّزْجَاةٍ فَأَوْفِ لَنَا الْكَيْلَ وَتَصَدَّقْ عَلَيْنَا ۖ إِنَّ اللَّهَ يَجْزِي الْمُتَصَدِّقِينَ يوسف الآية 88.
    وكذلك قوله تعالى من سورة يوسف في الآية 78﴿ قَالُوا يَا أَيُّهَا الْعَزِيزُ إِنَّ لَهُ أَبًا شَيْخًا كَبِيرًا فَخُذْ أَحَدَنَا مَكَانَهُ ۖ إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ.
    تبرز هذه الآية موقف أخوة سيدنا يوسف لما رجعوا يستعطفون يوسف عليه السلام بشأن أخيهم بنيامين الذي دبر حيلة قانونية جعلته يستبقي أخاه عنده بعد أن جعل السقاية في رحله وسؤاله أخوته عن جزاء من يعثر على صواع الملك في رحله، فكان جوابهم أن يسترق عقابا على "سرقته" وبعد استخراج الصواع من رحل "بنيامين" وتطبيق الجزاء الذي قال به أخوة يوسف أنفسهم، تحادثوا وقرروا مخاطبة سيدنا يوسف في شأن أخيهم. واستعطافه بغية العفو عنه والسماح له بالعودة معهم.
    وهو نظام أقرب الى ما بات يعرف اليوم بالعفو عن مرتكبي الجرائم بنوعية العام والخاص، فما هو العفو العام والخاص وما هي أحكامها في ظل قانون العقوبات.
    ما الفرق بين العفو العام والعفو الخاص في قانون العقوبات؟
    العفو العام
    ويطلق عليه بعضهم العفو الشامل أو العفو من الجريمة؛ لأن من شأنه محو الصفة الجرمية عن بعض الأفعال المجرِّمة أصلاً، والعفو العام يصدر بقانون عن السلطة التشريعية فيشمل جريمة أو عدداً من الجرائم، ويكون من شأنه محو الصفة الجرمية عنها.
    والهدف من العفو العام هو التهدئة الاجتماعية وذلك بإسدال ستار النسيان على بعض الجرائم التي ارْتُكِبَتْ في ظروف اجتماعية سيئة، غالباً ما تكون مرتبطة بفترات الاضطراب السياسي، فيريد المشرّع بهذا العفو نسيان تلك الجرائم من أجل نسيان تلك الظروف السيئة التي عاصرتها؛ ليتمكن المجتمع من الاستمرار والعبور إلى مرحلة جديدة من حياته، من هنا فإن المجال الأوسع للعفو العام هو الجرائم السياسية والجرائم العسكرية وبعض الجرائم الواقعة على أمن الدولة الداخلي.
    ويمتاز العفو العام بمجموعة من الخصائص أهمها:
    طابعه الموضوعي؛ إذ يستفيد منه جميع المساهمين في الجرائم التي شملها العفو، كذلك طابعه الجزائي حيث تقتصر آثاره على الصفة الإجرامية للفعل دون المساس بالحقوق لشخصية المجني عليه، وأخيراً أثره الرجعي؛ إذ يمحو الصفة الجرمية عن الفعل منذ تاريخ ارتكابه.
    ويشترط للعفو العام في قانون العقوبات المصري
    شرط وحيد هو صدوره عن السلطة التشريعية، فالعفو العام إما أن يكون بقانون يُصَدِّق عليه مجلس الشعب أو بمرسوم تشريعي يصدر عن رئيس الدولة.
    العفو الخاص
    ويطلق عليه بعضهم العفو من العقوبة، من حيث أن تأثيره يشمل العقوبة وحسب، وهو بالتعريف: منحة من رئيس الدولة تزول بموجبها العقوبة عن المحكوم عليه كلها أو بعضها، أو تُسْتَبْدَلُ بعقوبة أخرى أخف منها،
    وللعفو الخاص وفق أحكام قانون العقوبات المصري شروط متعددة هي:
    1ـ العفو الخاص يُمْنَحُ بمرسوم يصدر عن رئيس الدولة، يحدد فيه اسم المعفو عنه وعقوبته المسقَطة، والعقوبة المتبقية إذا كان الإسقاط جزئياً، والعقوبة المستبدلة إن وجدت.
    2ـ العفو الخاص لا يُمْنَحُ إلا إذا كان المدعى عليه قد حوكم وصدر بحقه حكم جزائي مبرم غير قابل لأي طريق من طرق المراجعة ، فهو طريق احتياطي وأخير.
    3ـ لا يُمْنَحُ رئيس الدولة العفو الخاص إلا بعد استطلاع رأي لجنة العفو وهي تتألف من خمسة قضاة يعينهم رئيس الدولة. تقوم هذه اللجنة بدراسة طلب العفو المحال إليها، ثم تبدي رأيها فيه ومهما كان رأيها سواء بالسلب أو الإيجاب فهو رأي استشاري محض، وتعود لرئيس الدولة الكلمة الأخيرة في منح العفو الخاص أو حجبه.
    4ـ يمكن أن يكون العفو شرطياً، ويمكن أن يناط بأحد الالتزامات الآتية، أو بأكثر منها:
    أ ـ أن يقدم المحكوم عليه كفالة احتياطية.
    ب ـ أن يخضع للرعاية.
    ج ـ أن يحصل المدعي الشخصي على تعويضه كله أو بعضه في مدة لا تتجاوز السنتين في الجنحة أو الستة أشهر في المخالفة.
    5ـ إذا كان الفعل المقترف جناية، وجب التعويض على المدعي الشخصي، كلياً أو جزئياً في مهلة أقصاها ثلاث سنوات.
    آثار العفو مدنياً وجزائياً
    آثار العفو العام

    ـ العفو العام يشمل الجريمة والعقوبة معاً، فهو لا يؤدي إلى زوال العقوبة وحسب؛ بل يؤدي إلى زوال الجريمة برمتها، شأنه في ذلك شأن أسباب التبرير، والعفو العام يؤثر على الدعوى العامة في جميع مراحلها سواء قبل صدور حكم جزائي مبرم فيها أو بعده.
    ـ يشمل العفو العام جميع العقوبات الأصلية والفرعية والإضافية، ولكنه لا يشمل تدابير الإصلاح والاحتراز، إلا إذا نص قانون العفو صراحة على ذلك.
    ـ لا يؤثر العفو العام على الحقوق الشخصية، حيث تبقى هذه الحقوق خاضعة لأحكام القانون المدني.
    ـ العفو العام يلغي الحكم نهائياً، حيث يتم شطبه من السجل العدلي للمحكوم عليه ولا يدخل في التكرار أو اعتياد الإجرام أو وقف التنفيذ حيث تعتبر الجريمة شيئاً لم يكن.
    آثار العفو الخاص
    ـ العفو الخاص شخصي لا يستفيد منه إلا الشخص الذي ورد اسمه في مرسوم العفو، ولا يمتد أثره إلى بقية المساهمين في الجريمة.
    ـ يؤثر العفو الخاص في العقوبة وحسب، ولا يمتد أثره إلى الجريمة، فالعفو الخاص يُسْقِطُ العقوبة، ولا يسقط الحكم، وهو يصدر إما بإسقاط العقوبة كلياً أو جزئياً أو استبدالها بعقوبة أخف منها، ومن ثمَّ يدخل الحكم في احتساب التكرار واعتياد الإجرام، وفي أحكام وقف التنفيذ ووقف الحكم النافذ.
    ـ العفو الخاص يشمل العقوبة الأصلية فقط، ولا يشمل العقوبات الفرعية والإضافية والتدابير الاحترازية المقضي بها إلى جانب العقوبة الأصلية، إلا إذا نص مرسوم العفو صراحة على ذلك.
    ـ لا يؤثّر العفو الخاص في الحقوق الشخصية للمجني عليه، وتبقى هذه الحقوق خاضعة لأحكام القانون المدني، ويبقى للمضرور من جراء الجريمة الحق في التعويض.
    وحيث أن ما طلبه إخوة يوسف هو العفو الخاص وليس العام فلن نستغرق أكثر في دراسة العفو العام وفصيل أحكامه، والعفو الخاص سبب آخر لسقوط العقوبة أو إبدالها أو تخفيفها كليا أو جزئيا وهو كما سب البيان
    كذلك في حالة العفو الخاص فالأمر في غالب الأحوال يتعلق بشخص أو أشخاص معينين وهو في السياق القرآني أخو نبي الله يوسف عليه السلام المتهم بالسرقة.
    ومن الواضح أن أخوة يوسف لم يطلبوا العفو الخاص إلا بعد أن اتضح الحكم الذي سيطال أخاهم وهو الاسترقاق حسب الشريعة السائدة في مصر آنذاك وهم لم يطلبوا العفو عن أخيهم إلا بعد أن طلبوا أن يتم إنزال الحكم في أحدهم بدلا منه ورفض هذا الطلب تنفيذا لمبدأ شخصية العقوبة الذي سبق بيانه.
    لتحميل كتبي فضلاً الضغط على الصورة التالية - متجدد بإذن الله

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي



  9. #49
    تاريخ التسجيل
    Sep 2006
    المشاركات
    2,112
    الدين
    الإسلام
    آخر نشاط
    07-12-2022
    على الساعة
    11:17 AM

    افتراضي

    المطلب الثالث

    أمور إنسانيَّة متكررة يمارسها الناس عند وقوعهم تحت طائلة القانون


    نشاهد حالة لدى الناس متكررة مدى الدهور، تتمثل في:
    1- إنَّ الذي تكون الأمور في غير صالحه، نراه يوزِّع الاتهامات، ويهذي ويهذر، بكلام لا يقدِّم ولا يؤخِّر، بل قد يسيء الى القائل لا غير، ظاناً أنَّ ذلك يدفع عنه المساءلة، أو يُظهِره بمظهر الإنسان الطيِّب، حتّى لا ينال اللوم من الناس، زيادة على العقوبة ...
    ﴿ قالوا إن يسرِق فقد سرق أخٌ له من قبل فأسرَّها يوسفُ في نفسِهِ ولم يُبْدِها لهم قال أنتم شرٌ مكاناً والله أعلم بما تصفون يوسف 77 .
    فأرادوا أن يقولوا أنَّهم صالحون، وأنَّ هذا السارق هو أخوهم من أبيهم، وهذا وأخوه [يقصدون يُوُسُف] هم على هذه الشاكلة!!..
    لكن هل يُغني مثلُ هذا، في مثل هذا الموقف؟.
    جوابه هو عين ما نراه في حياتنا العمليَّة، حين يتكلم المحكومون وأقاربُهم بما لا يُجدي، فقد: (سبق السيف العذل).
    2- فلما ذهبت السكرةُ، وجاءت الفكرةُ، عاودتهم حالةٌ من حالات بني البشر الأخرى، وهي:
    الرجاء، والاسترحام، وتقديم المعاذير، والمقترحات..
    ﴿ قالوا يا أيَّها العزيزُ إنَّ له أباً شيخاً كبيراً فخذ أحدَنا مكانَه إنّا نَراك من المُحسنين يوسف 78.
    أما الجانب القانوني في هذه المسألة، فقد عالجه قانونان:
    أ. قانون العقوبات، ونصوصه التي تخصُّ الموضوع، هي:
    يعدُّ فاعلاً للجريمة:
    1- من ارتكبها وحده، أو مع غيره.
    2- من ساهم في ارتكابها إذا كانت تتكون من جملة أفعال، فقام عمداً أثناء ارتكابها بعملٍ من الأعمال المكوِّنة لها ….
    ويُفهم أنّ غير الفاعل، أو الشريك لا يُسأل عن أيِّ فعلل جرمي، لا على سبيل: التطوُّع، أو المساعدة ولو كانت لسبب إنساني، ولا حتَّى لسبب قانوني...
    أ. لا تجوز محاكمة غير المتَّهم الذي أُحيل على المحاكمة.
    ب. في قانون أصول المحاكمات الجزائيَّة.. فمما ورد فيها:
    إذا اعترف المتهم بالتهمة الموجَّهة إليه…ورأت المحكمة أنَّ اعترافه مشوب، أو أنَّه لا يقدِّر نتائجه ….
    فالمحكمة تُقدِّر كون الإقرار صحيح، أم كان مشوباً بأيَّة شائبة، حتى ولو كانت تحمُّل العقوبة عن: مريضٍ، أو بِراً بقريبٍ عزيز، وما شاكل ذلك وغير خافٍ أننا لسنا في موضع الاستقصاء، بل يكفينا التمثيل لكل قاعدة من القواعد، لندلِّل على التوافق، أو قل أنَّ ما ورد في السورة هو مما يجري التعامل به قانوناً.. الآن!..
    ومن خلال ما تقدم يتبين لنا براعة وإعجاز القران الكريم في كل نواحي الحياة وإصلاحها لكل الأزمنة والأمكنة وبيانها في هذه السورة المباركة أهم المبادئ الأساسية في التحقيق في الجرائم الجنائية العالمية علما أن القرءان الكريم يحتوي على مبادئ قانونية أخرى رائعة مثل (البصمة) ودورها في كشف الجرائم بمختلف أنواعها كما في سورة القيامة ﴿ بَلَىٰ قَادِرِينَ عَلَىٰ أَن نُّسَوِّيَ بَنَانَهُ القيامة:4 لكونها تختلف من إنسان إلى أخر كما اكتشفها العلم الحديث.
    وقد أكدت أوراق المؤتمر الذي عقدته المنظمة الإسلامية للعلوم الطبية بعنوان:
    "مدى حجية البصمة الوراثية في إثبات البنوة"، والذي شارك فيه عدد من أبرز العلماء والأطباء المتخصصين في هذا المجال أن كل إنسان ينفرد بنمط خاص في ترتيب جيناته ضمن كل خلية من خلايا جسده، ولا يشاركه فيها أي إنسان آخر في العالم، وهو ما يعرف بـ "البصمة الوراثية" وأكد أحد الباحثين أن هذه البصمة تتضمن البنية التفصيلية التي تدل على كل شخص بعينه، ولا تكاد تخطئ في التحقق من الوالدية البيولوجية، فضلاً عن تعرف الشخصية وإثباتها.
    وقد جاءت البصمة الوراثية بالمشاهدة الحقيقية للصفات الوراثية القطعية دونما كشف للعورة، أو مشاهدة لعملية الجماع بين الزوجين ودونما تشكك في ذمم الشهود أو المقربين؛ لأن الأمر يرجع إلى كشف آلي مطبوع مسجل عليه صورة واقعية حقيقية للصفات الوراثية للإنسان، والتي تتطابق في نصفها مع الأم الحقيقية ونصفها الآخر مع الأب الطبيعي، فهل بعد ذلك يجوز أن نلتجئ لأدلة الظن ونترك دليل القطع؟
    إن وسائل إثبات النسب ليست أموراً تعبدية حتى نتحرج من إهمالها بعد ظهور نعمة الله تعالى بالبصمة الوراثية، ولن نهملها في الحقيقية؛ لأنها حيلة المقل، فإذا لم تتيسر الإمكانات لتعميم البصمة الوراثية فليس أمامنا بد من الاستمرار في تلك الوسائل الشرعية المعروفة.
    إن اعتماد "البصمة الوراثية " دليلاً قطعياً للفراش الحقيقي ينشئ دعوى جديدة يمكن أن نطلق عليها "دعوى تصحيح النسب" لم يكن لها من قبل ذيوع، وإن كان أصلها في الكتاب والسنة.
    وهذا يزيدنا ثقة واطمئنانا بإعجاز الآية القرآنية ﴿ وَمَا مِن دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُم ۚ مَّا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِن شَيْءٍ ۚ ثُمَّ إِلَىٰ رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ الأنعام:38.
    أي أن القران الكريم قد تطرق إلى كل جوانب الحياة إما بشكل مباشر أو غير مباشرو العاقل بالإشارة يفهم.
    لتحميل كتبي فضلاً الضغط على الصورة التالية - متجدد بإذن الله

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي



  10. #50
    تاريخ التسجيل
    Sep 2006
    المشاركات
    2,112
    الدين
    الإسلام
    آخر نشاط
    07-12-2022
    على الساعة
    11:17 AM

    افتراضي

    النتائج والتوصيات
    ببلاغة معجزة عرضت سورة يوسف لقصة سيدنا يوسف، والمحن التي قدر له أن يعانيها ومع أقرب الناس إليه -إخوته من جهة وامرأة العزيز التي عاش في بيتها من جهة أخري-، وقد تضمنت السورة إشارات ومبادئ وأفكار قانونية تواضعت عليها القوانين التي سنها البشر في زمان القصة وفيما تلاء من أزمنة،
    ولاحظت الدارسة أن هذه المبادئ والأفكار القانونية قد وجدت تطبيعا واستجابة من المشرع المصري لما تمثله من فكر قانوني أصيل وفى النظام القانوني المصري يبرز القانون المدني المصري كأكثر القوانين المصرية تأثرا بالتوجيهات الربانية الواردة في القرآن، دون إغفال لتأثر قانون الأصول المحاكمات المصرية وقانون الأحوال الشخصية وقانون العقوبات المصري بتلك التوجيهات والاشارات القانونية التي عرضت لها الدراسة بالرصد والبحث والتحليل.
    وينبغي في هذا المقام التأكيد على أهمية دراسة القرآن الكريم من منظور قانوني، لأنه تشريع الخالق، وهو أصلح للمخلوق من أي تشريع آخر، ولقد كان هاجس الباحث في هذه الدراسة أن يساهم في وضع لبنه من هذا الصدد، تحتاج المزيد من الجهد والبحث لإكمال البناء وتحقيق الفائدة المرجوة وصولا بالتشريع الى أرقي درجات الجودة والضبط من خلال السير على هدي ما جاء في القرآن الكريم من مبادئ وأفكار، وإعمال العقل فيها تحليلا واجتهادا.
    وإعمالا لقوله تعالى في الآية 111 والأخيرة من سورة يوسف ﴿ لقد كان في قصصهم عبرة لأولى الألباب ، توصي الدراسة بما يلي:
    أن يتم إعادة التشريع من قبل هيئات تضم أشخاصا على علم وفهم بعلوم القرآن الكريم بيانا ومضمونا، والعلوم الشرعية بصورة عامة، وما فيها من مفاهيم وأفكار ودلالات من شأنها تجويد التشريعات بتضمينها ما جاء في مصادر الشريعة من هدى وعدل وحكمة.
    تطعيم الدراسات القانونية في الجامعات والمعاهد المتخصصة بالعلوم القانونية والقضائية بالمزيد من المواد التي تخص علوم القرآن والعلوم الشرعية عموما بهدف تعزيز قدرات الطلبة على الرابط والمقارنة بين العلوم القانونية والشرعية والاستفادة من ذلك.
    الحرص على توقير المحاكمة العادلة لأي متهم من خلال تمكينه من تقديم دفاعه وعدم الحكم عليه إلا بعد ثبوت مخالفته للقانون ادلة قاطعة الدلالة تحقيقا للعدالة وإعمالا للمواثيق الدولية الخاصة بحقوق الإنسان.
    تعزيز استقلال القضاء عن السلطة التنفيذية، وعدم السماح بالتأثير على القاضي في معرض قيامه لواجبه لما في ذلك من افتئات على السلطة القضائية ومساس أكيد بقيم العدالة والنزاهة والحياد.
    تعزيز الاجتهاد كلما كان النص غامضا أو لا يحق قصد المشرع وروح التشريع وجعل قاعدة " لا مساغ للاجتهاد في مورد النص" خاصة بالأحكام القطعية الدلالة، وتلك التي تحقق روح التشريع.
    وهذه التوصيات وإن كانت لا تتعلق بنص أو حكم معين، إلا أنها ترتبط بكل النصوص وكل الأحكام من خلال اتصالها الوثيق بالسياسة التشريعية العامة أو العلوم القانونية أو إدارة المرفق الفضائي.
    اما باقي التوصيات، فهي خاصة بتفاصيل بعض الأحكام التي عرضت لها الدراسة تباعا حسب تسلسل ورودها في خطة البحث وفيما يلي إجمالا لأبرزها:
    ضرورة توضيح الحكم فيما يتعلق بالبيع بثمن بخس لما يحيط بهذا البيع من شبهات، فالإنسان في معاملاته المدنية لا يقايض الشيء إلا بما يعادله أو يدانيه في القيمة، فمثل هذا البيع تحوم حوله الشبهات خصوصا فيما يتعلق بمشروعية مالكية البائع للمبيع، أو غرضه من البيع.
    النص على ان تكون الجائزة -محل التزام – الواعد بجائزة محددة وليس كما يجري عليه العمل أحيانا بأن من يحق أمرا معينا أو يجد شيئا مفقودا سيكون له مكافأة حسنة، لأن في ذلك جهالة فاحشة لمحل الالتزام، الأمر الذي لا يصح قانونا، لأن من شأن تجهيل محل التزام الواعد فتح الباب لنشوب نزاع مستحكم حول ماهية الجائزة المستحقة لمن استوفي شروط استحقاقها.
    حصر عقوبة جريمة عرض فعل مناف للحياء بالحبس ولمدة رادعة وعدم الأخذ بالغرامة كعقوبة لجريمة لها من الآثار السلبية الاجتماعية والنفسية الشيء الكثير، وما ينطبق علي أية جريمة لها آثار سلبية جسمية لأن العقوبة في المال قد لا تشكل عامل ردع كاف لبعض المجرمين، وبالتناوب تغليظ العقوبات المالية لتكون أكثر دفاعية في زجر الجاني وردع غيره.
    رد الدعوى المدنية أو الجزائية شكلا في حال عدم تقديم المدعى أو المشتكي لأية بينات تؤيد دعواه ومن دون أن يكون مطلوبا من المدعى عليه ان يقدم أي دليل لدحض دعوي المدعي، لأن الأصل في القانون المدني براءة الذمة وكذلك البراءة في قانون العقوبات، والقاعدة ان من يدعى خلاف الأصل فعليه يقع عبء إثبات ما يدعيه.
    لتحميل كتبي فضلاً الضغط على الصورة التالية - متجدد بإذن الله

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي



صفحة 5 من 6 الأولىالأولى ... 4 5 6 الأخيرةالأخيرة

الجوانب القانونية في سورة يوسف ..الإصدار قبل الأخير

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

المواضيع المتشابهه

  1. رد شبهة سورة يوسف آية 93 ــ 96
    بواسطة السيف البتار في المنتدى شبهات حول القران الكريم
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 07-01-2006, 12:10 AM
  2. رد شبهة سورة يوسف آية 80 ــ 82
    بواسطة السيف البتار في المنتدى شبهات حول القران الكريم
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 07-01-2006, 12:00 AM
  3. رد شبهة سورة يوسف آية 77
    بواسطة السيف البتار في المنتدى شبهات حول القران الكريم
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 06-01-2006, 11:50 PM
  4. رد شبهة سورة يوسف آية 69 ــ 72
    بواسطة السيف البتار في المنتدى شبهات حول القران الكريم
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 06-01-2006, 11:41 PM
  5. رد شبهة سورة يوسف آية 25 ــ 29
    بواسطة السيف البتار في المنتدى شبهات حول القران الكريم
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 05-01-2006, 09:03 PM

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  

الجوانب القانونية في سورة يوسف ..الإصدار قبل الأخير

الجوانب القانونية في سورة يوسف ..الإصدار قبل الأخير