الجوانب القانونية في سورة يوسف ..الإصدار قبل الأخير

آخـــر الـــمـــشـــاركــــات

لمسات بيانية الجديد 10 لسور القرآن الكريم كتاب الكتروني رائع » آخر مشاركة: عادل محمد | == == | الرد على مقطع خالد بلكين : الوحي المكتوم المنهج و النظرية ج 29 (اشاعة حول النبي محمد) » آخر مشاركة: محمد سني 1989 | == == | قالوا : ماذا لو صافحت المرأة الرجل ؟ » آخر مشاركة: مريم امة الله | == == | () الزوجة الصالحة كنز الرجل () » آخر مشاركة: مريم امة الله | == == | مغني راب أميركي يعتنق الإسلام بكاليفورنيا » آخر مشاركة: *اسلامي عزي* | == == | الإعجاز في القول بطلوع الشمس من مغربها » آخر مشاركة: *اسلامي عزي* | == == | الكاردينال روبيرت سارا يغبط المسلمين على إلتزامهم بأوقات الصلوات » آخر مشاركة: *اسلامي عزي* | == == | لمسات بيانية الجديد 8 لسور القرآن الكريم كتاب الكتروني رائع » آخر مشاركة: عادل محمد | == == | الرد على شبهة زواج النبي صلى الله عليه وسلم من عائشة رضي الله عنهما بعمر السادسة و دخوله عليها في التاسعة » آخر مشاركة: محمد سني 1989 | == == | المصلوب بذرة ( الله ) ! » آخر مشاركة: *اسلامي عزي* | == == |

مـواقـع شـقــيـقـة
شبكة الفرقان الإسلامية شبكة سبيل الإسلام شبكة كلمة سواء الدعوية منتديات حراس العقيدة
البشارة الإسلامية منتديات طريق الإيمان منتدى التوحيد مكتبة المهتدون
موقع الشيخ احمد ديدات تليفزيون الحقيقة شبكة برسوميات شبكة المسيح كلمة الله
غرفة الحوار الإسلامي المسيحي مكافح الشبهات شبكة الحقيقة الإسلامية موقع بشارة المسيح
شبكة البهائية فى الميزان شبكة الأحمدية فى الميزان مركز براهين شبكة ضد الإلحاد

يرجى عدم تناول موضوعات سياسية حتى لا تتعرض العضوية للحظر

 

       

         

 

    

 

 

    

 

الجوانب القانونية في سورة يوسف ..الإصدار قبل الأخير

صفحة 3 من 6 الأولىالأولى ... 2 3 4 ... الأخيرةالأخيرة
النتائج 21 إلى 30 من 58

الموضوع: الجوانب القانونية في سورة يوسف ..الإصدار قبل الأخير

  1. #21
    تاريخ التسجيل
    Sep 2006
    المشاركات
    2,112
    الدين
    الإسلام
    آخر نشاط
    07-12-2022
    على الساعة
    12:17 PM

    افتراضي

    المطلب الثالث

    الوعد بجائزة _ الجعالة

    قال تعالى: ﴿ قَالُوا نَفْقِدُ صُوَاعَ الْمَلِكِ وَلِمَنْ جَاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ الآية رقم72 .
    الوعد بجائزة أو الجعالة هو تصرف يتم بالإرادة المنفردة للواعد قوامه تخصيص أو عين أو منفعة لشخص لن يتعين إلا بتنفيذ الأداء الذي حدده الواعد. وهو نظام قانوني معروف في التشريعات المدنية عموما، ويعد صورة من صور التصرف الانفرادي التي أجيزت لما فيها من تحقيق المنفعة للواعد - المتصرف – وللغير.
    وفي الآية الكريمة وعد سيدنا يوسف عليه السلام من يأت بصواع الملك المفقود بحمل بعير من البضاعة والمؤن مؤكدا أنه سيكون ضامنا لقيمة الجائزة إذا أحد جاء بالصواع أو دل عليه.
    وهكذا الزم سيدنا يوسف نفسه بإرادته المنفردة تجاه أي شخص يحقق مضمون الوعد أو الجعالة محددا قيمة الجائزة، وتاركا الوعد مطلقا في زمانه، ولذلك أجاز القانون المدني المصري في معرض تنظيمه لأحكام الوعد بجائزة لفظا أو كتابة، أو بغيرها من الوسائل التي تحقق علم الجمهور بالوعد. كما لابد أن تكون الجائزة - محل التزام- الواعد محددة كما جاء في الآية الكريمة من أن الجائزة ستكون " حمل بعير " من البضاعة والمؤن وليس كما يجرى العمل عليه أحيانا بأن من يحقق أمرا معينا أو يجد شيئا مفقودا سيكون له مكافأة حسنة، لأن في ذلك جهالة فاحشة لمحل الالتزام، الأمر الذي لا يصح قانونا، لأن من شأن تجهيل محل التزام الواعد فتح الباب لنشوب نزاع مستحكم حول ماهية الجائزة المستحقة لمن استوفي شروط استحقاقها.
    متى يكون الوعد ملزماً ديانة وقضاءً، وما الفرق بين الوعد الملزم والجعالة؟
    أولا: الوعد: هو "الإخبار بإيصال الخير في المستقبل" الموسوعة الفقهية. (44/ 72).
    وقد جاء الأمر بالوفاء بالوعد في نصوص كثيرة، منها قوله صلى الله عليه وسلم: (اضْمَنُوا لِي سِتًّا مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَضْمَنْ لَكُمُ الْجَنَّةَ: اصْدُقُوا إِذَا حَدَّثْتُمْ، وَأَوْفُوا إِذَا وَعَدْتُمْ، وَأَدُّوا إِذَا اؤْتُمِنْتُمْ، وَاحْفَظُوا فُرُوجَكُمْ، وَغُضُّوا أَبْصَارَكُمْ، وَكُفُّوا أَيْدِيَكُمْ) رواه أحمد (22757) وحسنه الألباني في صحيح الجامع.
    واختلف الفقهاء في كون الوعد ملزما ديانة، أو قضاء، على أقوال، أرجحها أن الوعد ملزم ديانة في كل حال، وملزم قضاء إذا دخل الموعود به في كلفة بسببه.
    والقول بوجوب الوفاء بالوعد مطلقا، ذهب إليه عمر بن عبد العزيز وابن شبرمة، وذكر البخاري في صحيحه أنه قول الحسن البصري، وقضى به ابن الأشوع، وذكر ذلك عن سمرة بن جندب. صحيح البخاري (3/ 180) كتاب الشهادات، بَابُ مَنْ أَمَرَ بِإِنْجَازِ الوَعْدِ.
    وهو قولٌ لبعض الحنفية، وبعض المالكية، ووجه في مذهب أحمد اختاره تقي الدين ابن تيمية.
    والمذهب عند الحنفية أن الوعد المعلق على شرط، يكون لازما، ومثاله: لو قال رجل لآخر: بع هذا الشيء لفلان، وإن لم يعطك ثمنه، فأنا أعطيه لك، فلم يعط المشتري الثمن، لزم المواعد أداء الثمن المذكور بناء على وعده.
    وذهب المالكية إلى إن الوعد إذا كان مرتبطا بسبب، ودخل الموعود في السبب، فإنه يجب الوفاء به كما يجب الوفاء بالعقد. أما إذا لم يباشر الموعود السبب فلا شيء على الواعد.
    وذلك كما إذا وعده أن يسلفه ثمن دار يريد شراءها، فاشتراها الموعود حقيقة، أو أن يقرضه مبلغ المهر في الزواج، فتزوج اعتمادا على هذا الوعد؛ ففي هاتين الحالتين وأمثالهما: يلزم الواعد قضاء بإنجاز وعده. أما إذا لم يباشر الموعود السبب، فلا يلزم الواعد بشيء.
    وهذا هو القول المشهور والراجح في مذهب مالك، وعزاه القرافي إلى مالك وابن القاسم وسحنون.
    وتنظر هذه الأقوال في الموسوعة الفقهية (44/ 74- 78).
    ثانيا: أما الجعالة، فهي عقد على عمل معلوم، بمقابل.
    جاء في "الموسوعة الفقهية" (15/208):
    " الجُعل ، بالضم: الأجر، يقال: جعلت له جعلا.
    والجِعالة، بكسر الجيم، وبعضهم يحكي التثليث: اسم لما يُجعل للإنسان على فعل شيء.
    والجَعِيلة، مثال كريمة: لغة في الجُعل.
    وعرفها المالكية: بأن يجعل الرجل للرجل أجرا معلوما، ولا ينقُده إياه، على أن يعمل له، في زمن معلوم ، أو مجهول، مما فيه منفعة للجاعل . على أنه إن أكمل العمل، كان له الجعل، وإن لم يتمه، فلا شيء له، مما لا منفعة فيه للجاعل إلا بعد تمامه.
    وعرفها الشافعية: بأنها التزام عوض معلوم، على عمل معين، معلوم، أو مجهول، يعسر ضبطه.
    وعرفها الحنابلة: بأنها تسمية مال معلوم، لمن يعمل للجاعل عملا مباحا، ولو كان مجهولا، أو لمن يعمل له مدة، ولو كانت مجهولة. " انتهى.
    فالفرق بين الوعد والجعالة من جهتين:
    1- أن الجعالة عقد على عمل، بخلاف الوعد –ولو قيل بلزوم الوفاء به- فإنه إخبار كما تقدم، ولا يطلب فيه عمل من الموعود، كما لو قال: إن جاء أول الشهر أعطيتك كذا، أو إن رزقت بمولود فله كذا، فهذا وعد، لا جعالة.
    فالجعالة أخص من الوعد، فهي وعد، بشرط حصول العمل.
    قال ابن قدامة رحمه الله: " والجعالة: وعد، بشرط" انتهى من المغني (10/ 5).
    2- أن الجعالة لابد فيها من معلومية الجعل، بخلاف الوعد فيجوز بالمجهول.
    قال الرملي في حاشيته على أسنى المطالب (1/ 452): " قوله: (كأن قال: استأجرتك للحج بنفقتك، أو حج عني بها) قال شيخنا: هذه جعالة فاسدة، لجهالة عوضها، وهي غير التي تقدمت في كلام الشارح، إذ فيها: (وأعطيك النفقة)؛ فهو وعد ينصرف إلى الإرزاق، فخرج عن الإجارة والجعالة" انتهى.
    لتحميل كتبي فضلاً الضغط على الصورة التالية - متجدد بإذن الله

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي



  2. #22
    تاريخ التسجيل
    Sep 2006
    المشاركات
    2,112
    الدين
    الإسلام
    آخر نشاط
    07-12-2022
    على الساعة
    12:17 PM

    افتراضي

    المطلب الرابع

    القوة القاهرة وأثرها على الالتزام

    ﴿ قَالَ لَنْ أُرْسِلَهُ مَعَكُمْ حَتَّى تُؤْتُونِ مَوْثِقًا مِّنَ اللّهِ لَتَأْتُنَّنِي بِهِ إِلاَّ أَن يُحَاطَ بِكُمْ فَلَمَّا آتَوْهُ مَوْثِقَهُمْ قَالَ اللّهُ عَلَى مَا نَقُولُ وَكِيلٌ. الآية رقم 66 من سورة يوسف.
    جاء في كتاب الله تعالى على لسان نبي الله يعقوب لدى مراودة أولاده له عن ابنه الأصغر وفاء لشرط سيدنا يوسف بضرورة أن يحضروا أخا لهم من أبيهم: ﴿ قَالَ لَنْ أُرْسِلَهُ مَعَكُمْ حَتَّى تُؤْتُونِ مَوْثِقًا مِّنَ اللّهِ لَتَأْتُنَّنِي بِهِ.. من شروط صحة الالتزام عموما أن يكون محله ممكنا، فإن كان محل الالتزام مستحيلا لا يمكن القيام به، فلا يكون الالتزام صحيحا. لأن القاعدة الشرعية والقانونية تقضي بأن لا تكليف بمستحيل، وفى الدين والعبادات فإن الامكانية والعقل هما مناط التكليف، ولعل ما جاء في الآية يدل على حكمة نبي الله يعقوب عليه السلام بأن الإنسان لا يؤثم إلا إذا أخل بتكليف ممكن، ولا يجوز تكليفه بما لا يطيق.
    ألقت جائحة «كورونا» التي تضرب العالم بظلالها على الالتزامات التعاقدية سواء بين الأفراد أو الشركات، وللحوادث الطارئة والظروف القاهرة أثر مباشر عليها، فعندما يحدث أمر طارئ غير متوقع يجعل من تنفيذ أحد الأطراف لالتزاماته أمرا صعبا، أو تحل قوة قاهرة تجعل تنفيذ الالتزام مستحيلًا، وهنا تتدخل التشريعات وتضع الآليات القانونية لرد الالتزامات إلى حالتها المتعادلة وتحقيق التوازن الاقتصادي للعقد.
    وعقب تفشي وباء فيروس كورونا (كوفيد- 19)، وإعلان منظمة الصحة العالمية أنه جائحة عالمية عابرة للحدود أخذت الدول تباعًا تفرض حالة الطوارئ وأدى ذلك إلى تعطل الحياة في مختلف دول العالم، وترتب عليه عدم القدرة على الوفاء بالالتزامات التعاقدية التي دخلت إجباريا تحت بندي القوة القاهرة والظروف الطارئة، ذلك أن جائحة «كورونا» وفق المنظور القانوني تعتبر أمرًا خارجًا عن إرادة المتعاقدين، بحيث لا يمكن توقعه ولا دفعه.
    لا جدال في أن فيروس كورونا يعتبر سبباً أجنبياً عن العقد، لأنه أمر خارج عن إرادة المتعاقدين وحدث فجأة عنهم دون أن يتوقعه أي منهم، فوباء كورونا يشبه في أثره الحروب والكوارث الطبيعية التي تمنع من تنفيذ العقد بالصورة المتفق عليها، وقد يصل تأثيرها إلى استحالة تنفيذ العقد، لذلك توجد حالات عقدية يعتبر فيها فيروس كورونا من قبيل الظروف الطارئة التي تؤدي إلى تعديل العقد، وحالات أخرى يعتبر فيها فيروس كورونا من قبيل القوة القاهرة، وحتى نتعرف على دور كورونا في تنفيذ الالتزامات العقدية فيجب أن تعرف أولاً على كل نظرية من النظريتين – وفقا لـ"الشهير".
    نظرية الظروف الطارئة لا تؤدي لانقضاء الالتزام
    وبالنسبة لنظرية الظروف الطارئة فهي لا تؤدي لانقضاء الالتزام، وإنما يرد القاضي الالتزام إلى الحد المعقول حتى يطيق المدين تنفيذه بغير إرهاق، وهي تظهر في الالتزامات متراخية التنفيذ التي يكون فيها الزمن عنصراً جوهرياً، سواء كانت من العقود ذات التنفيذ المستمر كعقد الإيجار أو من العقود ذات التنفيذ الفوري مثل عقد التوريد أو عقد العمل.
    وتتمثل أحكام هذه النظرية في وجود حوادث أو ظروف طبيعية أو اقتصادية، أو أي عمل من أعمال السلطة أو من الغير، ولم تكن في الحسبان وليس لها دفعاً، ويكون من شأنها أن تنزل بالمدين خسائر فادحة، وهي تقوم على فكرة العدالة المجردة في مشاركة الدائن للمدين في الخسارة الناشئة عن الأحداث التي يستحيل معها تنفيذ الالتزام بذات بنوده.
    شروط تطبيق نظرية الظروف الطارئة
    وقد اعتد بها المشرع المصري في الفقرة الثانية من المادة "147" من القانون المدني بما نصه "ومع ذلك إذا طرأت حوادث استثنائية عامة لم يكن في الوسع توقعها، وترتب على حدوثها أن تنفيذ الالتزام التعاقدي وإن لم يصبح مستحيلاً، صار مرهقاً للمدين بحيث يهدده بخسارة فادحة، جاز للقاضي، تبعاً للظروف وبعد الموازنة بين مصلحة الطرفين، أن يرد الالتزام المرهق إلى الحد المعقول، ويقع باطلاً كالاتفاق على خلاف ذلك".
    ويشترط لتطبيق نظرية الظروف الطارئة ثلاثة شروط هي حصول الظرف الطارئ العام بعد نشأة الالتزام، وعدم إمكانية توقع الظرف الطارئ، وأن يصبح تنفيذ الالتزام مرهقاً وليس مستحيلاً، والإرهاق المشار إليه هو الإرهاق الشديد الذي يجاوز الخسارة المألوفة في التعامل، بمعيار مادي وموضوعي دون الاعتداد بالظروف الشخصية للمدين، وهو الذي يميز نظرية الظروف الطارئة عن نظرية القوة القاهرة التي يستحيل تنفيذ الالتزام في وجودها.
    نظرية القوة القاهرة تؤدى لعدم تنفيذ الالتزام
    أما القوة القاهرة فتتحقق بوقوع حادث لا يمكن توقعه ولا يمكن دفعه، وتعرف بأنها سبب أجنبي يخرج عن إرادة الطرفين يجعل تنفيذ الالتزام مستحيلاً، وتعني الاستحالة أنه ليس بمقدور الأطراف دفع هذا السبب أو التغلب عليه، ويشترط لتحقق القوة القاهرة عدة شروط هي: استحالة تنفيذ الالتزام، ويجب أن يكون الالتزام الذي استحال تنفيذه التزاما أساسياً وليس تبعياً، مثال:
    التزام المحامي باستئناف الحكم الصادر ضد موكله تنفيذاً لعقد الوكالة، وأن تكون الاستحالة كاملة غير جزئية تحتوي كامل العقد، وأن تنشأ الاستحالة في تاريخ لاحق للالتزام، فإذا ما توافرت هذه الشروط الثلاثة كنا بصدد قوة قاهرة مانعة من تنفيذ الالتزام الوارد بالعقد، وإذا تبين للقاضي أن الاستحالة مؤقتة جاز وقف الالتزام إلى أن تزول أما إذا كانت الاستحالة مطلقة فإن الالتزام ينقضي لعدم مُكنة التنفيذ.
    ويخضع وباء كورونا إلى كل من النظريتين، ويكون معيار خضوعه هو مدى تأثيره في العقد المطلوب تنفيذه، فإذا كان التأثير هو إرهاق أحد طرفي العقد إرهاقاً شديداً بأن يتسبب وباء كورونا في ارتفاع كلفة الإنتاج أو زيادة أسعار الشحن لصورة مرهقة، فإن الوباء يعتبر هنا من قبيل الظروف الطارئة، أما إذا تسبب وباء كورونا في استحالة تنفيذ العقد كأن يصبح نقل الخامات مستحيلاً بسبب غلق حدود بلد ما فإن الوباء يصبح من قبيل القوة القاهرة.
    لتحميل كتبي فضلاً الضغط على الصورة التالية - متجدد بإذن الله

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي



  3. #23
    تاريخ التسجيل
    Sep 2006
    المشاركات
    2,112
    الدين
    الإسلام
    آخر نشاط
    07-12-2022
    على الساعة
    12:17 PM

    افتراضي

    المبحث الرابع

    الآيات المتصلة بقانون أصول المحاكمات وقانون الإثبات

    ﴿ وَاسْتَبَقَا الْبَابَ وَقَدَّتْ قَمِيصَهُ مِن دُبُرٍ وَأَلْفَيَا سَيِّدَهَا لَدَى الْبَابِ ۚ قَالَتْ مَا جَزَاءُ مَنْ أَرَادَ بِأَهْلِكَ سُوءًا إِلَّا أَن يُسْجَنَ أَوْ عَذَابٌ أَلِيمٌ. الآية رقم 25 من سورة يوسف (الدعوى).
    ﴿ قَالَ هِيَ رَاوَدَتْنِي عَن نَّفْسِي ۚ وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِّنْ أَهْلِهَا إِن كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِن قُبُلٍ فَصَدَقَتْ وَهُوَ مِنَ الْكَاذِبِينَ: الآية رقم 26 من سورة يوسف. (اللائحة الجوابية: الإقرار أو الإنكار).
    ﴿ قَالَ هِيَ رَاوَدَتْنِي عَن نَّفْسِي ۚ وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِّنْ أَهْلِهَا إِن كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِن قُبُلٍ فَصَدَقَتْ وَهُوَ مِنَ الْكَاذِبِينَ.. وَإِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ فَكَذَبَتْ وَهُوَ مِنَ الصَّادِقِينَ. الآيات 26و 27 من سورة يوسف (الخبرة والقرائن).
    ﴿ فَلَمَّا رَأَىٰ قَمِيصَهُ قُدَّ مِن دُبُرٍ قَالَ إِنَّهُ مِن كَيْدِكُنَّ ۖ إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ.. الآية رقم 28 من سورة يوسف (المعاينة والخبرة).
    ﴿ قَالَتْ فَذَٰلِكُنَّ الَّذِي لُمْتُنَّنِي فِيهِ ۖ وَلَقَدْ رَاوَدتُّهُ عَن نَّفْسِهِ فَاسْتَعْصَمَ ۖ وَلَئِن لَّمْ يَفْعَلْ مَا آمُرُهُ لَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُونًا مِّنَ الصَّاغِرِينَ الآية رقم 32 من سورة يوسف (الإقرار غير القضائي).
    ﴿ قَالَتِ امْرَأَتُ الْعَزِيزِ الْآنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ أَنَا رَاوَدتُّهُ عَن نَّفْسِهِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ ﴾. الآية رقم 51 من سورة يوسف. (الإقرار القضائي).
    ﴿ وَجَاءُوا عَلَىٰ قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ ۚ قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنفُسُكُمْ أَمْرًا ۖ فَصَبْرٌ جَمِيلٌ ۖ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَىٰ مَا تَصِفُونَ ﴾........الآية رقم 18 من سورة يوسف. (اصطناع الدليل).
    ﴿ وَقَالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ ۖ فَلَمَّا جَاءَهُ الرَّسُولُ قَالَ ارْجِعْ إِلَىٰ رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ مَا بَالُ النِّسْوَةِ اللَّاتِي قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ ۚ إِنَّ رَبِّي بِكَيْدِهِنَّ عَلِيمٌ...... الآية رقم 50 من سورة يوسف. (إعادة المحاكمة).
    (للمزيد حول تفسير الآيات الخاصة بذلك راجع عباس، فضل حسن " قصص القرآن الكريم " دار النفائس، عمان للنشر والتوزيع 2007 , ط2 ص 389_ 395).
    (الخالدي، صلاح القصص القرآني: عرض وقائع وتحليل الأحداث، دار القلم، دمشق , 1998 , ط 1 الجزء الثاني ص 113 _ 126).
    تتجلى عظمة القصص القرآني في الإشارة لأفكار قانونية في واقعة مراودة امرأة العزيز لسيدنا يوسف عن نفسه وانفضاح أمرها ثم مبادرتها إلى اتهام سيدنا يوسف بما اقترنته هي وطلبها أن يسجن أو يعذب ثم واقعة إنكار سيدنا يوسف لادعاءات امرأة العزيز، وبعد اللجوء إلى الخبرة والمعاينة لتبين حقيقة الواقعة المنسوبة لسيدنا يوسف وغيرها من الأفكار والإشارات ذات الصلة بما يعرف اليوم بقانون المرافعات أو البينات وعلى النحو التالي:
    لتحميل كتبي فضلاً الضغط على الصورة التالية - متجدد بإذن الله

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي



  4. #24
    تاريخ التسجيل
    Sep 2006
    المشاركات
    2,112
    الدين
    الإسلام
    آخر نشاط
    07-12-2022
    على الساعة
    12:17 PM

    افتراضي

    المطلب الأول

    الدعوى والخصومة

    الفرع الأول

    الدعوى

    ﴿ قَالَتْ مَا جَزَاءُ مَنْ أَرَادَ بِأَهْلِكَ سُوءًا إِلَّا أَن يُسْجَنَ أَوْ عَذَابٌ أَلِيمٌ. الآية رقم 25 من سورة يوسف...
    المقرر في قوانين المرافعات المدنية أو الجنائية أن المطالبة أمام القضاء تكون وسيلة قانونية تعرف بالدعوى أو الشكوي وتتضمن مندرجات محددة أبرزها الواقعة محل النزاع وطلبات المدعى أو المشتكي وبيناته .
    تعريف الدعوى القضائية
    الدعوى هي سلطة الالتجاء إلى القضاء بقصد الوصول إلى حماية قاعدة مقررة في النظام. ويتضح من هذا التعريف أهم السمات أو الخصائص التي تتميز بها الدعوي وهي:
    · إن الدعوى حق وليست واجب، فالدعوى مجرد رخصة لصاحبها وليست واجبًا عليه، فله استخدامها وله تركها فلا يجبر على مباشرتها، وله أيضا مطلق الحرية في تحديد الوقت أو الظرف الذي يراه مناسبا للالتجاء إلى القضاء، وله كذلك الحق في النزول عن خصومته التي أقامها إذا لم يتعلق بها حق المدعى عليه.
    · إن الدعوى وسيلة نظامية لحماية الحق ، يلجأ بمقتضاها صاحب الحق إلى السلطة القضائية ، أي إلى المحاكم لحماية حقه ، وهي بهذا تتميز عن وسائل نظامية أخرى وافق عليها المنظم يلجأ بمقتضاها صاحب الحق إلى سلطات أخرى كالسلطة التنفيذية أو يذود بها عن حقه بنفسه.
    · إن الدعوى هي السلطة التي خولها النظام للأشخاص للذود عن حقوقهم بعد أن حرمهم من اقتضائها بأنفسهم ، وبتعبير آخر الدعوى هي الوسيلة التي استعيض بها عن الانتقام الفردي. والأصل في العصر الحديث أنه لا يجوز لأي شخص حماية حقه بنفسه وإنما أَذِن المنظم للأفراد في ظروف استثنائية خاصة حماية حقوقهم بأنفسهم كما هو الحال بالنسبة لحق الدفاع الشرعي والحق في الحبس.
    · إن الدعوى كوسيلة لحماية الحق أو كعنصر من عناصره لا يجوز النزول عنها مقدمًا. وإذا حدث لا يعتد بهذا النزول لأنه مخالف للنظام العام. وإن كان يجوز النزول عن الخصومة بعد أن تنشأ.
    · إن بعض الدعاوى تنقضي بالتقادم ، أي بمضي المدة المحددة بموجب النظام ، فهي كأي حق لابد من مباشرتها خلال فترة زمنية معينة ، فإذا رفعها صاحبها بعد انقضاء هذه الفترة ، فإنها تكون قد انقضت ، وجاز للخصم الآخر أن يدفعها بعدم القبول لرفعها بعد فوات الأوان ، أي انقضاؤها بالتقادم.
    عناصر الدعوى القضائية:
    تتكون الدعوى من عناصر معينة، مثلها في ذلك مثل سائر الحقوق، فهي لابد لها من أشخاص تقوم بينهم، ومحل ترد عليه، وأخيراً لابد لها من سبب تستند إليه. ونبين ذلك فيما يلي:
    أولاً: أشخاص الدعوى:
    يقصد بأشخاص الدعوى أطرافها، أي الشخص الذي ينسب له الادعاء والشخص الذي يوجه إليه هذا الادعاء، وبمعنى آخر المدعي والمدعى عليه. وبناءً على ذلك فالقاضي لا يعتبر طرفاً في الدعوى.
    والعبرة في تحديد أشخاص الدعوى هي بصفتهم فيها لا بمباشرتهم لها، إذ قد تباشر الدعوى من شخص لا صفة له بالنسبة للحق المدعى به، مثل المحامي أو الوكيل في الخصومة ومع ذلك فأيهم لا يعد طرفًا في الدعوى وإنما الذي يعد كذلك هو الموكل أو الأصيل الذي ينسب له الحق أو يكون طرفًا سلبيًا فيه.
    ولا يشترط في أشخاص الدعوى أن يكونوا من الأشخاص الطبيعيين، فقد يكونوا من الأشخاص الاعتباريين كشركة أو جمعية أو وزارة أو مصلحة. كما لا يشترط فيهم أن يكونوا كاملي الأهلية، فقد يكون القاصر والمحجور عليه مدعٍ أو مدعى عليه؛ لأنه لا يباشر الدعوى بنفسه أو تباشر في مواجهته وإنما تباشر بواسطة أو في مواجهة من يمثله.
    ثانيًا: محل الدعوى:
    يقصد بمحل الدعوى ما تهدف الدعوى إلى تحقيقه، أي ما يطلبه المدعي في دعواه. وهو عبارة عن تقرير وجود أو عدم وجود حق أو مركز نظامي، أو إلزام الخصم بأداء معين.
    والحقيقة أن هذا العنصر يختلف من دعوى إلى أخرى، غير أنه دائماً يتكون من ثلاثة عناصر أساسية، هي:
    الحكم المطلوب إصداره من القضاء: وهل هو مجرد تأكيد وجود أو نفي حق أو إحداث تغيير معين في الحق النظامي أو الإلزام بأداء معين قابل للتنفيذ الجبري؟.
    الحق الذي يرد عليه الحكم: وهل هو حق ملكية أو ارتفاق أو حق شخصي؟.
    الشيء محل الحق.
    أن " الدعوى أساس الخصومة وهي الوسيلة القانونية التي يلجأ بمقتضاها صاحب الحق إلى السلطة القضائية لحماية حقه .
    الجدير بالذكر أن مجلة الأحكام العدلية العثمانية عرفت الدعوي في مادتها 1613 بأنها " طلب أحد حقه من آخر في حضور القاضي ويقال له المدعي وللأخر المدعى علية . وكذلك اشترطت المادة 1619 منها " أن يكون المدعي به معلوما ولا تصح الدعوي إذا كان مجهولا .
    وبالدعوى تبدأ الخصومة ثم يورد الخصوم أدلتهم وطلباتهم ودفوعهم ليصار بعد ذلك إلى الفصل في النزاع وفقا لما ثبت أمام المحكمة أو القاضي من وقائع بعد وزنه للأدلة وتقديره لكافة الظروف والملابسات المحيطة بالنزاع. (أصول المرافعات الشرعية للعمروسي ص 198، والأصول القضائية في المرافعات الشرعية لعلي قراعة ص 3، والسراج الوهاج للمغراوي ص 614 .).
    وقد أبرز النص القرآني المشار إليه أعلاه ﴿ قَالَتْ مَا جَزَاءُ مَنْ أَرَادَ بِأَهْلِكَ سُوءًا إِلَّا أَن يُسْجَنَ أَوْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾ يوسف:25. واقعة الدعوى التي تقدمت بها امرأة العزيز ضد سيدنا يوسف , بأنه أراد بها سوءا لم تحدده ولم تقدم دليل عليه غير إدعائها " المجرد " ورغم خلو دعواها من الدليل فقد تقدمت بطلباتها المتمثلة في سجن يوسف أو تعذيبه . وقد يفسر عدم إيرادها الدليل من زاوية أنها ظنت نفسها -باعتبارها امرأة للعزيز - لا تحتاج إلى دليل يؤيد دعواها , فهى افترت كذبا على سيدنا يوسف , وأقرت بالأمر في نهاية المطاف بأنها هي من راودت يوسف عن نفسه وأنه تمنع عليها واستعصم فكان برئيا وجيها في الدنيا والآخرة.
    وجاء في حكم محكمة النقض أن (الدعوى هي حق الالتجاء إلى القضاء بطلب حماية الحق أو المركز القانوني المدعى به، ومن ثم فإنه يلزم توافر الصفة الموضوعية لطرفي هذا الحق بأن ترفع الدعوى ممن يدعي استحقاقه لهذه الحماية وضد من يراد الاحتجاج عليه بها) جمهورية مصر العربية - النقض المدني - الطعن رقم 434 - لسنة 66 قضائية - تاريخ الجلسة 29-12-1997 - مكتب فني 48 - رقم الجزء 2 - رقم الصفحة 1607..
    لتحميل كتبي فضلاً الضغط على الصورة التالية - متجدد بإذن الله

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي



  5. #25
    تاريخ التسجيل
    Sep 2006
    المشاركات
    2,112
    الدين
    الإسلام
    آخر نشاط
    07-12-2022
    على الساعة
    12:17 PM

    افتراضي


    الفرع الثاني

    الخصومة

    الخصومة المدنية: هي رابطة قانونية تربط بين المدعي والمدعى عليه والقاضي. (وجدي راغب - نظرية العمل القضائي، 1974، ص 250.).
    وذهب رأي إلى أن الخصومة القضائية: هي الحالة الناشئة عن مباشرة الدعوى. (أبو الوفا، المرافعات، ص 420.).
    وذهب رأي آخر إلى أن الخصومة القضائية هي سلسلة من الأعمال الإجرائية المتتابعة زمانياً ومكانياً والتي تهدف إلى الحصول على حكم في الموضوع. (فتحي والى، نظرية البطلان، ص 220.).
    وذهب رأى رابع إلى أن الخصومة القضائية هي مركز قانوني إجرائي حدده قانون المرافعات وحدد أطرافه وعناصره وحقوق وواجبات كل طرف فيه كما حدد هدفه وكيفية سيره وانقضائه والآثار التي تترتب عليه. (وجدي راغب المرجع السابق، ص 270).
    ويرى الدكتور نبيل إسماعيل عمر أن الخصومة القضائية هي عبارة عن مجموع الأعمال الإجرائية الصادرة من الخصوم والقاضي وأعوانه والغير والتي تكون وسطاً إجرائياً يكون بمثابة الإطار العام الذي يحيا بداخله مشروع القرار القضائي الذي يسمى حكماً والذي سوف يصدر في نهاية الخصومة منهياً إياها.
    ويرى الأستاذ / محمد كمال عبد العزيز أن الخصومة هي : مجموعة الأعمال الإجرائية التي يقوم بها القاضي والخصوم بقصد التحقق من الادعاء المطروح ومنحه الحماية القضائية المطلوبة ، وهي بهذه المثابة تكون بذاتها عملاً قانونياً مركباً تتابعياً أي يتكون من عدة أعمال تتتابع زمنياً ومنطقياً بحيث يعتبر العمل السابق منها مفترضاً للعمل الذى يليه وتؤدى جميعها إلى إنتاج أثر قانوني واحد هو الحصول على حكم من القاضي ، فتبدأ الخصومة بأول عمل فيها وهو المطالبة القضائية ثم تستمر بتتابع الأعمال وفق النظام الذى يفرضه القانون ، وذلك كله بصرف النظر عن توافر الحق في الدعوى أو توافر الشروط اللازمة للحكم في الدعوى .
    الخصومة القانونية: هي مجموعة من الإجراءات القضائية المتتابعة يقوم بها الخصوم أو ممثلوهم والقاضي وأعوانه ترمي إلى الحصول على حكم في الموضوع، سواء انتهت بصدور حكم بالفعل في الموضوع أم انتهت دون صدور حكم فيه.
    وقد قالت محكمة النقض في بيان الخصومة وتمييزها عن الدعوى أن (الدعوى هي حق الالتجاء إلى القضاء للحصول على حماية قانونية للحق المدعى به. أما الخصومة فهي وسيلة، ذلك أنها مجموعة الأعمال الإجرائية التي يطرح بها هذا الادعاء على القضاء ويتم بها تحقيقه والفصل فيه.
    والقانون المدني هو الذي ينظم قواعد سقوط وانقضاء الدعاوى والحقوق بمضي المدة. بينما ينظم قانون المرافعات قواعد سقوط وانقضاء الخصومة.
    وقد جرى قضاء هذه المحكمة على أن " انقضاء الخصومة لا يترتب عليه أي مساس بأصل الحق المرفوعة به الدعوى، بل يبقى خاضعا في انقضائه للقواعد المقررة في القانون المدني المصري ".
    (الطعن رقم 1451 - لسنة 48 ق - جلسة 31-1-1980 - المكتب الفني 31 - الجزء 1 - الصفحة: 366 - نقض ً مدني ( .
    لتحميل كتبي فضلاً الضغط على الصورة التالية - متجدد بإذن الله

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي



  6. #26
    تاريخ التسجيل
    Sep 2006
    المشاركات
    2,112
    الدين
    الإسلام
    آخر نشاط
    07-12-2022
    على الساعة
    12:17 PM

    افتراضي


    المطلب الثاني

    اللائحة الجوابية

    الفرع الأول

    الإقرار أو الإنكار

    قال تعالى :﴿ قَالَ هِيَ رَاوَدَتْنِي عَن نَّفْسِي ۚ وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِّنْ أَهْلِهَا إِن كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِن قُبُلٍ فَصَدَقَتْ وَهُوَ مِنَ الْكَاذِبِينَ (26) ....
    ولقد كان هذا هو الحال مع سيدنا يوسف، فهو رد من جهته بإنكار واقعة مراودته امرأة العزيز عن نفسها إنكارا نفي به التهمه عن نفسه متهما إياها بارتكاب فعل المراودة ودون أن يتقدم بأي طلب كما فعلت هي بدعواها حيث طلبت أن يسجن يوسف أو يعذب، ومن المعلوم أن الدليل لا يطلب من المنكر، بل من المدعى الذي وكما بينا آنفا لم يكن لديه دليل مادي على ما يدعيه.
    ولعل ما جاءت به السورة من تراتيب منطقية أصبحت مستقرة كأساس للفصل في الدعاوى المدنية والجزائية على حد سواء من ضرورة تقديم المدعي للدعوى بوقائع محددة وبينات وطلبات، وضرورة أن يتقدم المدعي عليه بلائحة جوابية تتضمن رده على الوقائع وبيناته وطلباته، ثم تقوم المحكمة بمتابعة السير في الدعوى على ضوء الدعوى واللائحة الجوابية.
    إزاء غياب الدليل عن دعوى امرأة العزيز وإنكار سيدنا يوسف لما جاء في الدعوي وعدم تقديمه دليلا على براءته كان لا بد أن يصار إلى وسيلة قانونية تسمح بتبين حقيقة الأمر، فكان اللجوء للخبرة والقرائن وهو أمر استقرت عليه القوانين في شأن المحاكمات.
    وتعرف القرينة بأنها استنباط ثبوت واقعة غير ثابتة من ثبوت واقعة أخرى بسبب صلتها بها..
    لذا كان اللجوء لشاهد خبير. وليس مصادفة أن كان من أهل المدعية، فذلك أدعى للأخذ برأيه الذي إن لم يكن محايدا فسيكون لصالح المدعية، كما لم يكن مصادفة أن أعطى الشاهد " الخبير " قاعدة يكون على أساسها الحكم وهي مسألة غاية في الدقة والذكاء، فقاعدة الشاهد " الخبير " كانت مبنية على أساس الإقبال أو الإدبار، ومعروف أن التحرش الجنسي إذا وقع من الرجل على المرأة فإنه يقتضي إقبالا منه عليها، وإذا كان من المرأة على الرجل فيقتضي إقبالا من المرأة عليه أو إدبارا من عنها في حده الأدنى. فجاء البيان القرآني في شأن مقالة الشاهد الذكي ﴿ قَالَ هِيَ رَاوَدَتْنِي عَن نَّفْسِي ۚ وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِّنْ أَهْلِهَا إِن كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِن قُبُلٍ فَصَدَقَتْ وَهُوَ مِنَ الْكَاذِبِينَ (يوسف: 26).
    ولدى معاينة الواقع تبين أن قميص سيدنا يوسف قد تمزق من دبر، فكانت قرينة البراءة، وكان الاستنتاج المعقول من ذلك أن يوسف كان في حالة إدبار وتمنع، وأن امرأة العزيز كانت هي الفاعل المقبل على ارتكاب فعل أو طلب ارتكابه من يوسف (الخالدي، صلاح القصص القرآني، عرض وقائع وتحليل أحداث. دار دمشق 1998 , ط 1 , الجزء الثاني، ص 125 _ 126.).
    فوقع الدليل المادي الأول على براءة سيدنا يوسف مما ادعته امرأة العزيز وتأيّد هذا الدليل بأدلة قاطعة في دلالاتها على براءته وهي على نوعين، الأدلة العقلية، والأدلة القانونية، فأما الأدلة العقدية على براءة سيدنا يوسف فهي:
    أولا: اخبار القرآن عن واقعة مراودة سيدنا يوسف عن نفسه، حيث قال تعالي في الآية 23 من سورة يوسف: ﴿ وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَن نَّفْسِهِ وَغَلَّقَتِ الْأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ.
    ثانيا: تمنع سيدنا يوسف ورفضه القاطع الانزلاق مع امرأة العزيز فيما طلبته من فاحشة لقوله تعالى في الآية نفسها: ﴿ قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ ۖ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ ۖ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ...
    ثالثا: ما جاء في القرآن من أن الله عز وجل استجاب لدعاء سيدنا يوسف بأن يصرف عنه كيد النسوة حتى لا يصبو إليهن، حيث قال تعالى: ﴿ قَالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ ۖ وَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُن مِّنَ الْجَاهِلِينَ (يوسف:33).
    وأما الأدلة القانونية على براءة سيدنا يوسف فأولها هي:
    انكار سيدنا يوسف لادعاء امرأة العزيز وقد جاء بيان ذلك قرآنا يتلى " قَالَ هِيَ رَاوَدَتْنِي عَن نَّفْسِي ۚ " يوسف:26. وهو نبي الله المعصوم من الكذب والافتراء.
    والانكار بحد ذاته يكون كافيا لنفي التهمة عن سيدنا يوسف، وذلك في ضوء عدم تقديم المدعية امرأة العزيز أي دليل مادي يثبت ما تدعيه ولأن القاعدة المستقرة في التشريعات الأصولية هي أنه إذا لم تقم البينة على الواقعة يقرر القاضي براءة المشتكى عليه من الجريمة المسندة إليه. كما أن القاعدة في الإثبات أن البينة على من ادعي لأن الأصل براءة الذمة.
    تجدر الإشارة إلى القانون يقضي بأن اليمين علي من أنكر ولكن ذلك يكون مشروطا بأن يقدم المدعي دليلا علي صدق دعواه والحاصل في ما جري مع سيدنا يوسف أن المدعية لم تقدم أي دليل على ما ادعته، وبالتالي فلم يكن مطلوبا من سيدنا يوسف أن يخلف يمينا لتأييد براءته التي لم يقدم دليل علي عكسها، والبراءة في القانون أصل لا يزول إلا بالدليل القاطع على عكسه.
    (القرطبي، أبو عبد الله " الجامع لأحكام القرآن “، تحقيق البخاري، هشام , 2003 , محمد على ورضا، الصابوني، صالح أحمد " مختصر تفسير الطبري “، عالم الكتب، بيروت، ط 1 , المجلد الأول , 1985 , ص 559 2).
    انظر قانون أصول المحاكمات المدنية والقانون المعدل رقم (16) لسنة 2006
    https://www.iclc-law.com/ar
    ولسوف نفرد لبراءة سيدنا يوسف مبحثاً خاصاً نظرا لأهميته..
    لتحميل كتبي فضلاً الضغط على الصورة التالية - متجدد بإذن الله

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي



  7. #27
    تاريخ التسجيل
    Sep 2006
    المشاركات
    2,112
    الدين
    الإسلام
    آخر نشاط
    07-12-2022
    على الساعة
    12:17 PM

    افتراضي

    الفرع الثاني

    دعوى ثبوت الزنا على المغيرة بن شعبة

    جاء في البداية والنهاية لابن كثير الجزء السابع صفحة 94، ثم ذكر الواقدي وسيف هذه القصة وملخصها: أن امرأة كان يقال لها أم جميل بنت الافقم، من نساء بني عامر بن صعصعة، ويقال من نساء بني هلال. وكان زوجها واسمه الحجاج بن عبيد من ثقيف قد توفي عنها، وكانت تغشى نساء الامراء والاشراف، وكانت تدخل على بيت المغيرة بن شعبة وهو أمير البصرة، وكانت دار المغيرة تجاه دار أبي بكرة، وكان بينهما الطريق، وفي دار أبي بكرة كوة تشرف على كوة في دار المغيرة، وكان لا يزال بين المغيرة وبين أبي بكرة شنآن.
    ومعنى تغشى نساء الأمراء هو أن الغاشية: السُّوّال يأتونك والزُوّار والاصدقاء ينتابونك ـ
    فبينما أبو بكرة في داره وعنده جماعة يتحدثون في العلية، إذ فتحت الريح باب الكوة، فقام أبو بكرة ليغلقها، فإذا كوة المغيرة مفتوحة، وإذا هو على صدر امرأة وبين رجليها، وهو يجامعها، فقال أبو بكرة لأصحابه: تعالوا فانظروا إلى أميركم يزني بأم جميل.
    فقاموا فنظروا إليه وهو يجامع تلك المرأة، فقالوا لابي بكرة.
    ومن أين قلت إنها أم جميل؟ - وكان رأساهما من الجانب الآخر -. فقال: انتظروا، فلما فرغا قامت المرأة فقال أبو بكرة: هذه أم جميل-فعرفوها فيما يظنون- فلما خرج المغيرة - وقد اغتسل - ليصلي بالناس منعه أبو بكرة أن يتقدم.
    وكتبوا إلى عمر في ذلك، فولى عمر أبا موسى الاشعري أميرا على البصرة. وعزل المغيرة، فسار إلى البصرة فنزل البرد.
    فقال المغيرة: والله ما جاء أبو موسى تاجرا ولا زائرا ولا جاء إلا أميرا.
    ثم قدم أبو موسى على الناس وناول المغيرة كتابا من عمر هو أوجز كتاب فيه " أما بعد فإنه بلغني نبأ عظيم فبعثت أبا موسى أميرا فسلم ما في يديك والعجل " وكتب إلى أهل البصرة: إني قد وليت عليكم أبا موسى ليأخذ من قويكم لضعيفكم، وليقاتل بكم عدوكم، وليدفع عن دينكم وليجبي لكم فيأكم ثم ليقسمه بينكم.
    وأهدى المغيرة لابي موسى جارية من مولدات الطائف تسمى عقيلة وقال: إني رضيتها لك، وكانت فارهة.
    وارتحل المغيرة والذين شهدوا عليه وهم أبو بكرة، ونافع بن كلدة، وزياد بن أمية، وشبل بن معبد البجلي.
    فلما قدموا على عمر جمع بينهم وبين المغيرة.
    فقال المغيرة: سئل هؤلاء الاعبد كيف رأوني؟ مستقبلهم أو مستدبرهم؟ وكيف رأوا المرأة وعرفوها، فإن كانوا مستقبلي فكيف لم يستتروا؟ أو مستدبري فكيف استحلوا النظر في منزلي على امرأتي؟ والله ما أتيت إلا امرأتي وكانت تشبهها.
    فبدأ عمر بأبي بكرة فشهد عليه أنه رآه بين رجلي أم جميل وهو يدخله ويخرجه كالميل في المكحلة، قال: كيف رأيتهما؟ قال: مستدبرهما.
    قال: فكيف استبنت رأسها.
    قال: تحاملت. ثم دعا شبل بن معبد فشهد بمثل ذلك.
    فقال استقبلتهما أم استدبرتهما؟
    قال: استقبلتهما. وشهد نافع بمثل شهادة أبي بكرة ولم يشهد زياد بمثل شهادتهم.
    قال: رأيته جالسا بين رجلي امرأة فرأيت قدمين مخضوبتين يخفقان واستين مكشوفتين، وسمعت حفزانا شديدا.
    قال: هل رأيت كالميل في المكحلة؟.
    قال: لا.
    قال: فهل تعرف المرأة؟.
    قال: لا ولكن أشبهها.
    قال: فتنح.
    وروي أن عمر رضي الله عنه كبر عند ذلك ثم أمر بالثلاثة فجلدوا الحد وهو يقرأ قوله تعالى ﴿ لَّوْلَا جَاءُوا عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ ۚ فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَدَاءِ فَأُولَٰئِكَ عِندَ اللَّهِ هُمُ الْكَاذِبُونَ النور: 13.
    فقال المغيرة: اشفني من الاعبد.
    قال: اسكت أسكت الله فاك، والله لو تمت الشهادة لرجمناك بأحجارك. انتهى. وقد ذكر قصة المغيرة كل من ابن جرير وابن الاثير وأبي الفداء في وقائع سنة 17 ه‍ والبلاذري في 1 / 490 ـ 492 بتفصيل أوفى، وفي الطبري ط. أوربا 1 / 2529..
    مضمون الشبهة:
    يطعن بعض المشككين في عدالة المغيرة بن شعبة - رضي الله عنه - متهمين إياه بالوقوع في جريمة الزنا، مستدلين على ذلك بشهادة ثلاثة شهود عليه. رامين من وراء ذلك إلى الطعن في عدالته وتشويه صورته بوصفه أحد الصحابة؛ بغية تشكيك المسلمين فيما رووه من أحاديث عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
    وجوه إبطال الشبهة:
    1 ـ لقد كان المغيرة بن شعبة أحد أصحاب الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الذين شهدوا بيعة الرضوان، والذين زكاهم الله - سبحانه وتعالى - في كتابه، وشهد لهم النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالجنة كما تروي الأحاديث الصحيحة.
    2 ـ إن عدم اكتمال نصاب الشهادة في هذه الواقعة، وكونه - رضي الله عنه - مزواجا، فضلا عن شدة عمر رضي الله عنه في محاسبة ولاته، وإقامة الحدود عليهم إذا ثبتت إدانتهم، ليدل دلالة قاطعة على براءة هذا الصحابي - رضي الله عنه - من هذه التهمة.
    3 ـ إن القصة التي استند إليها الطاعنون لم تثبت بطريق متفق على صحته، مما يضعف حقيقتها.
    التفصيل:
    أولا. ثبوت عدالة الصحابي المغيرة بن شعبة - رضي الله عنه - بالكتاب والسنة:
    إن المغيرة بن شعبة - رضي الله عنه - هو أحد أصحاب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الذين شهدوا "بيعة الرضوان" والذين بايعوا النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تحت الشجرة، وأثنى الله عليهم بالخير، وأخبر أنه سبحانه وتعالى رضي عنهم، قال سبحانه وتعالى:
    ﴿ لَّقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا * وَمَغَانِمَ كَثِيرَةً يَأْخُذُونَهَا ۗ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا * الفتح: 18 - 19.
    قال ابن كثير رحمه الله: "يخبر تعالى عن رضاه عن المؤمنين الذين بايعوا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تحت الشجرة، وأنهم كانوا ألفا وأربعمائة، وأن الشجرة كانت سمرة بأرض الحديبية.
    وقوله سبحانه وتعالى: ﴿ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ (الفتح: ١٨)؛ أي: من الصدق والوفاء والسمع والطاعة، ﴿ فَأَنزَلَ السَّكِينَةَ وهي الطمأنينة، ﴿ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا وهو ما أجرى الله - عز وجل - على أيديهم من الصلح بينهم وبين أعدائهم، وما حصل بذلك من الخير العام المستمر المتصل بفتح خيبر وفتح مكة، ثم سائر البلاد والأقاليم عليهم، وما حصل لهم من العز والنصر والرفعة في الدنيا والآخرة، ولهذا قال سبحانه وتعالى: ﴿ وَمَغَانِمَ كَثِيرَةً يَأْخُذُونَهَا ۗ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا.( تفسير القرآن العظيم، ابن كثير، دار المعرفة، بيروت، 1400 ﻫ / 1980م، (7/ 262) بتصرف.).
    ولقد أثنى عليهم النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وبين قدرهم ومكانتهم العظيمة، ففي الحديث الذي رواه جابر بن عبد الله قال: قال لنا رسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يوم الحديبية: «أنتم خير أهل الأرض»، (صحيح البخاري (بشرح فتح الباري)، كتاب: المغازي، باب: غزوة الحديبية، (7/ 507)، رقم (4154).).
    يقول ابن حجر: قوله هذا صريح في فضل أصحاب الشجرة، وعند أحمد بإسناد حسن عن أبي سعيد الخدري قال: «لما كان بالحديبية قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لا توقدوا نارا بليل، فلما كان بعد ذلك قال: أوقدوا واصطنعوا فإنه لا يدرك قوم بعدكم صاعكم ولا مدكم». (فتح الباري بشرح صحيح البخاري، ابن حجر العسقلاني، تحقيق: محب الدين الخطيب وآخرين، دار الريان للتراث، القاهرة، ط1، 1407 ﻫ / 1987م، (7/ 507، 508).).
    وروى مسلم أيضا من حديث أم مبشر أنها سمعت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: «لا يدخل النار إن شاء الله من أصحاب الشجرة أحد من الذين بايعوا تحتها». (صحيح مسلم (بشرح النووي)، كتاب: فضائل الصحابة رضي الله عنهم، باب: من فضائل أصحاب الشجرة، أهل بيعة الرضوان رضي الله عنهم، (8/ 3635)، رقم (6287).).
    قال العلماء: معناه: لا يدخلها أحد منهم قطعا، كما صرح به في الحديث الذي قبله، وإن اعترض أحد بقول الله سبحانه وتعالى: ﴿ وَإِن مِّنكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا ۚ كَانَ عَلَىٰ رَبِّكَ حَتْمًا مَّقْضِيًّا (مريم: ٧1)، قلنا:
    إن المراد بالورود في الآية المرور على الصراط، وهو جسر منصوب على جهنم فيقع فيها أهلها وينجو الآخرون، (شرح صحيح مسلم، النووي، عادل عبد الموجود وعلي معوض، مكتبة نزار مصطفى الباز، الرياض، ط2، 1422 ﻫ / 2001م، (8/ 3635).).
    ولقد قال سبحانه وتعالى: ﴿ ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوا وَّنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا (مريم:72).
    ولقد نال المغيرة بن شعبة - رضي الله عنه - كل هذا الفضل، وكان له حظ من تلك البشارات التي بشر بها صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أصحاب البيعة، إذ إنه - رضي الله عنه - قد أسلم عام الخندق، وكانت أول مشاهده الحديبية، ثم شهد اليمامة، وفتوح الشام والقادسية، ونهاوند، وغيرهما.
    قال عنه الحافظ الذهبي: "من كبار الصحابة أولى الشجاعة والمكيدة، شهد بيعة الرضوان، كان رجلا مهيبا، ذهبت عينه يوم اليرموك، وقيل: يوم القادسية". (سير أعلام النبلاء، الذهبي، تحقيق: شعيب الأرناؤوط وآخرين، مؤسسة الرسالة، بيروت، ط7، 1410 ﻫ / 1990م، (3/ 21).).
    ولقد بين موقفه في الحديبية مدى حبه للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وغيرته عليه، إذ بعثت قريش عام الحديبية عروة بن مسعود إلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ليكلمه، فأتاه فكلمه، وجعل يمس لحيته، والمغيرة قائم على رأس رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مقنع بالحديد، فقال المغيرة لعروة: كف يدك قبل ألا تصل إليك. (سير أعلام النبلاء، الذهبي، تحقيق: شعيب الأرناؤوط وآخرين، مؤسسة الرسالة، بيروت، ط7، 1410 ﻫ / 1990م، (3/ 22) بتصرف.).
    ولعل هذه الوقعة تؤكد حضوره - رضي الله عنه - هذه البيعة المباركة، التي لم يحضرها أحد إلا دخل الجنة، كما أخبر الحبيب صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
    ولما كان الحكم على الشيء فرع عن تصوره، فكيف نتصور وقوع هذه الفاحشة من صحابي أحب رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وشهد معه من المشاهد ما شهد، وشهد له النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بدخول الجنة، وعدم دخوله النار، وفضلا عن هذا وذاك فقد رضي الله عنه كما أخبر في كتابه العزيز؟!.
    وإذا كان هذا حاله - رضي الله عنه - فقد ثبتت لكل ذي لب عدالته - رضي الله عنه - ونزاهته، وبعده عن الفاحشة وما يقرب إليها من قول وعمل.
    ثانيا. بطلان هذه الشبهة عقلا ونقلا:
    لقد ثبت بالنقل أن نصاب الشهادة عليه - رضي الله عنه - بالزنا لم يكتمل، ولا يمكن لأحد أن يتهمه - رضي الله عنه - بتلك الفاحشة البغيضة من غير اعتراف، أو شهادة أربعة رجال، وكلا الأمرين معدوم، وقد جلد عمر - رضي الله عنه - الثلاثة الذين اتهموه بالزنا، لعدم اكتمال نصاب الشهادة بعد تردد الرابع، وعدم شهادته، ولم يصنع شيئا مع المغيرة لعدم ثبوت أصل الواقعة شرعا.
    وقد قرر الفقهاء في كتبهم شروطا لإثبات هذه الجريمة، واتفقوا على أن الزنا يثبت بالإقرار أو بالشهادة، ثم ذكروا شروطا أخرى لإقامة الحدود، ومنها الزنا.
    فإذا شهد ثلاثة، وقال الرابع: رأيتهما في لحاف واحد، ولم يزد عليه، يحد الثلاثة، ولا حد على الرابع، وإن شهد شهود دون أربعة في مجلس الحكم بالزنا حدوا بالاتفاق حد القذف؛ لأن عمر حد الثلاثة الذين شهدوا على المغيرة بالزنا. (الفقه الإسلامي وأدلته، د. وهبة الزحيلي، دار الفكر، دمشق، ط3، 1409 ﻫ / 1989م، (6/ 48) بتصرف.).
    وبعدم اكتمال نصاب الشهادة يسقط الزعم بأنه - رضي الله عنه - وقع في الزنا ولا يثبت شيء منه، كما أن كثيرا من تلك الروايات بها زيادات، ولم تصح أصلا من ناحية إسنادها على نحو ما سنبين لاحقا.
    وبالعقل أيضا يتضح لنا فساد هذه الشبهة؛ إذ إنه - رضي الله عنه - كان كثير الزواج، فأي حاجة ليفعل الحرام وعنده من الحلال ما يكفيه؟! سواء من الإماء والجواري أو الزواج بالحرائر.
    وكان المغيرة يقول: صاحب الواحدة إن مرضت مرض، وإن حاضت حاض، وصاحب المرأتين بين نارين تشتعلان. (سير أعلام النبلاء، الذهبي، تحقيق: شعيب الأرناؤوط وآخرين، مؤسسة الرسالة، بيروت، ط7، 1410 ﻫ / 1990م، (3/ 31).).
    فما الداعي إذن للبحث عن قضاء الشهوة في الحرام إذا كانت متوافرة في الحلال، لا سيما من صحابي جليل كالمغيرة رضي الله عنه؟!.
    ومن جانب آخر تسقط هذه الشبهة لما عرف عن غيرة عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - على حرمات الله، وقوته في دينه، حتى إن الشيطان يخشاه، فهل من المعقول أن يحابي هذا الرجل - عمر - أحدا في حد من حدود الله كائنا من كان، فلو صح الزنا من المغيرة لحده؟!.
    فلقد أقام عمرو بن العاص الحد على أحد أبناء عمر بن الخطاب في مصر، ثم عاقبه عمر نفسه بالجلد، وقيل: إنه توفي بعد ذلك على أثر هذا الجلد. (فصل الخطاب في سيرة أمير المؤمنين عمر بن الخطاب، د. علي محمد الصلابي، دار الإيمان، الإسكندرية، 2002م، ص454).
    فهل كان عمر - رضي الله عنه - يحابي المغيرة بن شعبة، ويقيم الحد على ابنه؟!.
    ثالثا. القصة لم تثبت بطريق متفق على صحته:

    إن القصة التي استدل بها المغرضون على صحة دعواهم لم تثبت بطريق متفق على صحته، وإنما رواها سيف بن عمر المؤرخ، وهو مجروح العدالة، وأرسلها معه أبو حذيفة البخاري بغير إسناد، ولا يعرف حاله، وأسندها أبو عتاب الدلال عن أبي كعب صاحب الحرير.
    (العواصم والقواصم في الذب عن سنة أبي القاسم، ابن الوزير اليماني، تحقيق: شعيب الأرناؤوط، مؤسسة الرسالة ناشرون، بيروت، ط1، 1429 ﻫ / 2008 م، (1/ 670) بتصرف.).
    ويؤكد ذلك ما ذكره الذهبي في "السير" قال: "ذكر القصة سيف بن عمر، وأبو حذيفة البخاري مطولة بلا سند، وسيف بن عمر هو كالواقدي متروك") سير أعلام النبلاء، الذهبي، تحقيق: شعيب الأرناؤوط وآخرين، مؤسسة الرسالة، بيروت، ط7، 1410 ﻫ / 1990م، (3/ 27) بتصرف.).
    وعلى فرض صحة القصة، فقد ثبتت براءته - رضي الله عنه - إذ إن المرأة التي اتهموه بها - رضي الله عنه - إنما هي زوجته، ولشبهها بأم جميل، فإنهم ظنوا أنها أم جميل.
    ولذا فإن ذلك الأمر الذي حصل - إن جزمنا بحصوله واقعا - لم يكن مع امرأة أجنبية، بل كان مع زوجة من نسائه تشبه تلك التي ظنوا عليها فعل الفاحشة مع ذلك الصحابي الجليل.
    قال الشيخ محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله: "يظهر لنا في هذه القصة أن المرأة التي رأوا المغيرة - رضي الله عنه - مخالطا لها عندما فتحت الريح الباب عنهما: هي زوجته، ولا يعرفونها، وهي شبه امرأة أخرى أجنبية - أم جميل - كانوا يعرفونها تدخل على المغيرة وغيره من الأمراء، فظنوا أنها هي، فهم لم يقصدوا باطلا، ولكن ظنهم أخطأ، وهو لم يقترف فاحشة؛ لأن أصحاب رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يعظم فيهم الوازع الديني الزاجر عما لا ينبغي في أغلب الأحوال، والعلم عند الله تعالى.( مذكرة في أصول الفقه، محمد الأمين الشنقيطي، دار العلوم والحكم، المدينة المنورة، ط4، 1425 ﻫ / 2004م، ص124.).
    ولعل هذا يبرئ ساحة الصحابي الجليل "المغيرة بن شعبة"، كما أنه يبرئ القاذفين أيضا، إذ تبين أنهم ظنوا أنها "أم جميل" والظن لا يغني من الحق شيئا.
    ولعل الشنآن الحاصل بين المغيرة وأبي بكرة هو ما دفع أبا بكرة لتصديق هذا الظن، ولأنها أيضا كانت تشبه أم جميل، ومن المحتمل أن يكون استشكال الأمر عليهم نابعا من كون امرأة المغيرة منتقبة فهم لا يعرفونها، أما أم جميل فإنها لم تكن منتقبة فكانت معروفة، وقد يستشكل الأمر على أي إنسان لشبه إنسان مغمور بآخر مشهور، وهو ما حدث فظنوا أنها هي، ولم تكن هي؛ ولذلك قال أبو بكرة حينما سأله عمر رضي الله عنه: فكيف استثبت رأسها؟ قال: تحاملت، وفي التحامل مظنة الخطأ مع وجود الشبه، ثم جاء زياد ليرجح أحد الفريقين على الآخر فسأله عمر: هل رأيت الميل في المكحلة؟ قال: لا. قال: فهل تعرف المرأة؟! قال: لا، ولكن أشبهها. فرجحت كفة المغيرة بن شعبة - رضي الله عنه - وظهرت براءته، ولقد قال قبلها لعمر بن الخطاب - رضي الله عنه - لكي يثبت براءته: سل هؤلاء الأعبد كيف رأوني، مستقبلهم أو مستدبرهم؟ وكيف رأوا المرأة أو عرفوها؟ فإن كانوا مستقبلي، فكيف لم يستتروا! أو مستدبري، فكيف استحلوا النظر في منزلي على امرأتي! والله ما أتيت إلا امرأتي، وكانت شبهها.
    فلما لم يكتمل نصاب الشهادة كبر عمر، ثم أمر بالثلاثة فجلدوا الحد، وهو يقرأ قوله سبحانه وتعالى: ﴿ لَّوْلَا جَاءُوا عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ ۚ فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَدَاءِ فَأُولَٰئِكَ عِندَ اللَّهِ هُمُ الْكَاذِبُونَ (النور:13، ومما يؤكد أن عمر - رضي الله عنه - لم يحاب أحدا قوله للمغيرة: والله لو تمت الشهادة لرجمتك بأحجار كالبداية والنهاية، ابن كثير، دار المعرفة، بيروت، 1400 ﻫ / 1980م، (4/ 205، 206) بتصرف.).
    وبه يتبين لنا - كما تبين لمجتمع الصحابة قاطبة - فساد هذه الشبهة لبنيانها في القديم على الظن، والآن على الجهل بما يثبت براءة المغيرة رضي الله عنه.
    ولو أن عمر لم يحده، وقد صح الزنا منه، لأنكر ذلك أصحاب رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو لم يحدث فثبتت براءة الصحابي رضي الله عنه.
    (العواصم والقواصم في الذب عن سنة أبي القاسم، ابن الوزير اليماني، تحقيق: شعيب الأرناؤوط، مؤسسة الرسالة ناشرون، بيروت، ط1، 1429 ﻫ / 2008 م، (1/ 670).
    ومعروف أيضا تشدد عمر مع ولاته، وقد ولى المغيرة بعد تلك الحادثة إمرة الكوفة، فلو ثبتت التهمة عليه أو ظن منه وقوع ذلك ما ولاه عمر - رضي الله عنه - ولاية الكوفة بعد هذه الحادثة، ولكن ما حدث يعني اقتناع عمر بعدم حصول تلك الواقعة، أو اقتناعه أنها كانت زوجته، بل نقول: إن المجتمع كله قد اقتنع ببراءته - رضي الله عنه - وعلم ذلك، وإلا لقامت عليه الدنيا ولم تقعد، ليس وحده بل هو وعمر رضي الله عنهما وهو ما لم يحدث.
    ومما سبق تتبين براءة المغيرة بن شعبة - رضي الله عنه - من الزنا على فرض صحة القصة، هذا فضلا عن أن القصة لم تثبت بطريق متفق على صحته، مما يدل على أن القصة ربما تكون غير صحيحة.
    الخلاصة:
    1- لقد كان المغيرة بن شعبة صحابيا جليلا حضر بيعة الرضوان، وصلح الحديبية، ومكانته في الإسلام لا تنكر، وهذا بشهادة الله تعالى لكل من حضر تلك البيعة؛ إذ يقول سبحانه وتعالى: ﴿ لَّقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا (الفتح: ١٨) ، حَدَّثَنَا عَلِيٌّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ عَمْرٌو سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ قَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ أَنْتُمْ خَيْرُ أَهْلِ الْأَرْضِ وَكُنَّا أَلْفًا وَأَرْبَعَ مِائَةٍ وَلَوْ كُنْتُ أُبْصِرُ الْيَوْمَ لَأَرَيْتُكُمْ مَكَانَ الشَّجَرَةِ تَابَعَهُ الْأَعْمَشُ سَمِعَ سَالِمًا سَمِعَ جَابِرًا أَلْفًا وَأَرْبَعَ مِائَةٍ وَقَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذٍ حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي أَوْفَى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا كَانَ أَصْحَابُ الشَّجَرَةِ أَلْفًا وَثَلَاثَ مِائَةٍ وَكَانَتْ أَسْلَمُ ثُمْنَ الْمُهَاجِرِينَ تَابَعَهُ مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ.
    وكان المغيرة - رضي الله عنه - من جملة هؤلاء الذين رضي الله عنهم، ولقد شهد النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ له بالجنة في جملة من شهد لهم، فقال ردا على من قال ليدخلن حاطب النار: «لا يدخلها فإنه شهد بدرا والحديبية»، وقال لأهل الحديبية: «فإنه لا يدرك قوم بعدكم صاعكم ولامدكم»، فكيف يعقل أن يرضي الله عن رجل ويبشره النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالجنة والنجاة من النار، ثم يقع في هذه الفاحشة النكراء؟!.
    2- إن النقل والعقل ليقرران فساد هذه الشبهة، إذ إنه لا يمكن لأحد أن يتهمه - رضي الله عنه - بتلك الفاحشة البغيضة من غير اعتراف، أو شهادة أربعة رجال، وكلا الأمرين معدوم، فعدم اكتمال نصاب الشهادة يسقط القول بأنه - رضي الله عنه - وقع في الزنا، وبالعقل فإنه - رضي الله عنه - كان كثير الزواج، وعنده من الإماء الكثير؛ فأي حاجة ليفعل الحرام وعنده من الحلال الكثير؟!.
    3- كما عرف عن عمر - رضي الله عنه - شدته في الدين وغيرته على حدود الله، فلو ثبت الزنا على المغيرة - رضي الله عنه - لحده عمر - رضي الله عنه - ولو لم يحده - وقد صح عنه الزنا - لأنكر ذلك على عمر أصحاب رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ولما لم يحدث شيء من هذا كله ثبتت براءة المغيرة - رضي الله عنه - ويؤكد ذلك أن عمر - رضي الله عنه - قد ولاه بعد هذه الحادثة إمرة الكوفة، ولو كان يظن وقوع ذلك منه لما وثق به بعد ذلك، ومعلوم تشدد عمر - رضي الله عنه - مع ولاته فيما هو أهون من ذلك، وهذا يؤكد لنا براءة ساحة الصحابي الجليل وعدالته رضي الله عنه.
    4- إن القصة التي استندوا إليها في اتهام هذا الصحابي الجليل بالزنا قصة لم تثبت بطريق متفق على صحته، وإنما رواها بعض المجروحين من المؤرخين مثل سيف بن عمر وغيره، وأوردها أبو حذيفة البخاري بغير إسناد، وهذا يضعف حقيقتها.
    5- ومما يؤكد براءته أن المرأة التي اتهموه بها - رضي الله عنه - كانت زوجته وكانت تشبه أم جميل فظنوا أنها هي، فهم لم يقصدوا باطلا ولكن ظنهم أخطأ، وهو لم يقترف فاحشة، ولذلك قال المغيرة رضي الله عنه: "والله ما أتيت إلا امرأتي وكانت تشبهها"، كما أنه كان في بيته، ولما لم يكتمل نصاب الشهادة كبر عمر - رضي الله عنه - ثم أمر بالثلاثة فجلدوا الحد (حد القذف)وهم:
    1-أبو بَكرَة نُفَيع بن مَسرُوح الحَبَشي. وقيل أبوه الحارث بن كَلَدَة بن عمرو بن علاج بن أبي سلمة بن عبد العُزّى بن عَوْف بن قيس وهو ثقيف، واُم أبي بكرة سُمية جارية، وكان من عُبَيْد الحارث. ولمّا حاصر النبي الطائف تدلّى من حِصن الطائف ببكرَة ونزل إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فاعتقه رسول اللّه وكنّاه أبا بكرة وهو من موالي الرسول. سكن البصرة وكان ممن اعتزل الجمل بسبب رواية رواها عن الرسول وتوفي بها سنة 51 ه‍. الاستيعاب 3 / 538 و4 / 24، والا صابة 3 / 542.
    2- نافعُ بن الحارث بن كَلَدّة الثقفي واُمّه سميّة مولاة الحارث، وقد اعترف الحارث ببنوته له، وكان ممّن سكن البصرة وأول من اقتنى بها إبلاً واقطعه عمر بن الخطاب عشرة أجربة من أراضيها. الاستيعاب 3 / 512، والاصابة 3 / 514..
    3- شِبْل بن مَعْبَد بن عُبَيْد بن الحارث بن عمرو بن علي بن أسلم بن أحمس البَجَلي الاحمسي، اختلفوا في أنّه صحابي أدرك النبي أم أنّه تابعي. الا صابة 2 / 159، ونسبه في جمهرة ابن حزم ص 389 .
    4- ولم يكن زياد حضر ذلك المجلس، فأمر عمر أن يُنحّى الشهود الثلاثة وأن لا يجالسهم من أهل المدينة أحد وانتظر قدوم زياد فلمّا قدم وجلس في المسجد واجتمع رؤوس المهاجرين والانصار قال المغيرة: وكنت قد أعددت كلمة أقولها، فلمّا رأى عمر زياد مقبلاً قال: إنّي لأرى رجلاً لن يخزي اللّه على لسانه رجلاً من المهاجرين(وقد أورده ابن خلكان في 5 / 406 من وَفَيات الاعيان بترجمة يزيد بن مُفَرّغ.)، وقد روى قول عمر هذا لزياد كل من اليعقوبي في تاريخه 2 / 124، وفي كنز العمال 3 / 88 الحديث 12682، وفي مُنْتَخَبِه 2 / 413 قال عمر: إني أرى غلاماً كَيساً لن يشهد إن شاء اللّه إلاّ بحقّ. وفي الاصابة واُسد الغابة بترجمة شبل قريب من ذلك. وفي رواية أبي الفداء 1 / 171 أن عمر قال لزياد: (أرى رجلاً أرجو ألا يفضح اللّه به رجلاً من أصحاب رسول اللّه).
    وفي رواية الاغاني عن أبي عثمان النَّهدي (أبو عثمان عبد الرحمن بن مُلّ بن عمرو بن عدي بن وهب بن ربيعة بن سعد بن كعب بن جذيمة بن كعب. أسلم في عصر الرسول وشهد القادسية وما بعدها. مات سنة 100 ه‍ بعد أن عمّر أكثر من 130 سنة. الاستيعاب 2 / 419 ـ 421. ونسبه بجمهرة ابن حزم ص 447.): (أنّه لمّا شهد الشاهد الاول عند عمر تغيّر لذلك لون عمر، ثم جاء الثاني فشهد فانكسر لذلك انكساراً شديداً، ثم جاء الثالث فشهد فكأنّ الرَّماد نُثِرَ على وجه عمر. فلمّا جاء زياد جاء شاب يخطُر بيديه، فرفع عمر رأسه إليه وقال: ما عندك أنت يا سَلَحَ العُقاب (وفي رواية اليعقوبي 2 / 124 وابن أبي الحديد تحقيق محمّد أبو الفضل إبراهيم 12 / 237 قال له عمر: (ما عندك يا سَلَحَ العُقاب) والسلح التّغوّط وهو خاصّ بالطائر وكان زياد يلبس ثياباً بيضا.) وصاح أبو عثمان النَّهدي صيحة تحكي صيحة عمر.
    قال الراوي: لقد كدت أن يُغشى عليّ لصيحته.
    فقال المغيرة: يا زياد أُذَكّرك اللّه وأُذَكّرك موقف القيامة، فإنّ اللّه وكتابه ورسوله وأمير المؤمنين قد حقنوا دمي إلى أن تتجاوزه إلى ما لم تر.
    فقال زياد: يا أمير المؤمنين أما أن اُحقّ ما حقّ القوم فليس عندي، ولكنّي رأيت مجلساً قبيحاً، وسمعت نفساً حثيثاً وانبهاراً، ورأيته مُتَبَطّنها فقال عمر: أرأيته يُدخل ويُخرج كالميل في المكْحَلَة؟ قال: لا! قال أبو الفرج: وروى كثير من الرواة أنّه قال: رأيته رافعاً برجليها ورأيت خصيصته مُترَدّدين بين فخذيها وسمعت حفزاً شديداً وسمعت نفساً عالياً.
    فقال عمر: أرأيته يُدْخِله ويُخرجه كالميل في المكحلة؟ قال: لا.
    فقال عمر: اللّه أكبر، قم يا مغيرة إليهم فاضربهم، فجاء المغيرة إلى أبي بكرة فضربه ثمانين وضرب الباقين! وروى قوم أن الضارب لهم الحدّ لم يكن المغيرة. وأعجب عمر قول زياد ودرأ الحدّ عن المغيرة) انتهى.
    فقال حسّان بن ثابت يهجو المغيرة ويذكر هذه القصّة:
    لَو أنَّ اللُّؤمَ يُنْسَبُ كانَ عَبْداً
    قبيح الوجه أعورَ من ثَقيف
    تركت الدين والاسلام لمّا
    بَدَت لك غُدْوَة ذاتُ النَّصيف(ذات النصيف: ذات الخمار)
    وراجعت الصّبا وذَكَرت لَهواً
    مع القينات في العمر اللطيف
    لتحميل كتبي فضلاً الضغط على الصورة التالية - متجدد بإذن الله

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي



  8. #28
    تاريخ التسجيل
    Sep 2006
    المشاركات
    2,112
    الدين
    الإسلام
    آخر نشاط
    07-12-2022
    على الساعة
    12:17 PM

    افتراضي

    المطلب الثالث البينات

    الخبرة والقرائن

    الفرع الأول

    القضاء الشرعي في مصر

    جاء القضاء الشرعي إلى مصر مع الفتح الإسلامي، وأثناء الاحتلال الفرنسي لمصر (1798-1801) جرت محاولات لتنحية القضاء الشرعي، وباءت بالفشل، وظل هذا النظام خلال معظم حكم محمد علي (1805-1848) وامتد اختصاص المحاكم الشرعية ليشمل: الأحوال الشخصية، والقضايا: المدنية والتجارية والجنائية وكذلك الدعاوى: العينية والعقارية والوقفية، ويبلغ عدد المحاكم الشرعية 137 محكمة مقسمة على ثلاث درجات
    محكمة شرعية عليا، مقرها القاهرة ولها دائرتا استئناف إحداهما في الإسكندرية والأخرى في أسيوط، وكان يشمل اختصاصها البلاد كلها وأحكامها تصدر من خمسة قضاة،
    و14 محكمة ابتدائية في كل من القاهرة، الإسكندرية، طنطا، الزقازيق، المنصورة، بني سويف، أسيوط، وقنا وكانت أحكامها تصدر من ثلاثة قضاة،
    و120 محكمة شرعية جزئية متعددة تقع في دائرة اختصاص كل محكمة ابتدائية وأحكامها تصدر من قاض واحد، وكان للمحاكم الشرعية الولاية الكاملة على كل ما يختص بالأموال.
    وفى سبتمبر 1955 صدر قرار بإلغاء المحاكم الشرعية، بعد حملة شرسة قامت بها صحف القاهرة لطخت فيها القضاء الشرعي بكل ما هو مستقذر، على إثر تلفيق قضية لقاضيين من قضاته الأجلاء، هما فضيلة الشيخ عبد الفتاح سيف، وفضيلة الشيخ عبد القادر الفيل، استخدمت فيها امرأة تحوطها شبهة!!. لم يكن أحد ليتخيل أن يتم إلغاء نظام المحاكم الشرعية في مصر كون أنها أقدم المحاكم التي تشكلت بمصر منذ العصر العثماني حتى خمسينيات القرن الماضي.
    ولم يكن أيضاً لأحد أن يتخيل أن تنتهي المحاكم الشرعية بسبب ملف أخلاقي تم اتهام أكبر شيخين في المحكمة الشرعية على إثره وذلك طبقاً لقانون البينات..
    والسؤال: كم عدد وسائل الإثبات في قانون البينات؟
    الجواب:

    1) الأدلة الكتابية
    4) الإقرار.
    2) الشهادة.
    5) اليمين.
    3) القرائن.
    6) المعاينة والخبرة.
    بداية ومن خلال تلك المباحث سوف يكون مدخلنا من نقطة في منتهى الأهمية والتي تتمثل في نوعية القضايا التي تمثلها المحاكم الشرعية ومنها القضايا الأخلاقية.
    ففي سبتمبر 1955 صدر قرار بإلغاء المحاكم الشرعية إثر فضيحة أخلاقية وصفها الإعلام المصري وقتها بأنها الأسوأ في بداية عهد الثورة، لكن كان التاريخ له موقف آخر حيث أن ملابسات القضية بها ما يشير إلى أنها مجرد تهيئة للأجواء قبل صدور القرار.
    بعض الجرائم لا يمكن الوصول إلى فاعليها، فتظل عالقة في الهواء، لا القانون استطاع أن يكشفها ولا الشهود توصلوا إلى الفاعلين. على الرغم من ذلك يبقى الانتقام الإلهي قادراً، دون غيره، على تحقيق القصاص من المجرمين معدومي الضمير، الذين ساعدتهم الظروف في الهروب من فخ القبض عليهم، ناسين أن العدالة الإلهية لا تعرف عبارة «ضد مجهول».
    لغز آخر في سلسلة القضايا الغامضة في تاريخ الجريمة التي تقع فوق أرض مصر... لغز مثير يكشف عما يدور أحياناً في كواليس القضايا الكبرى التي تشغل الرأي العام ثم تتحول إلى علامة استفهام وسؤال عريض يبقى طويلاً... بلا إجابات؟.
    إنها قضية الموسم كما أطلق عليها الإعلام وقت وقوعها. والحقيقة أنها قضيتان وليست قضية واحدة... ولا يمكن النظر إلى الأولى من دون الثانية. والمثير أن دور البطولة في كل واحدة منهما محجوز لأحد كبار المستشارين من رجال القضاء... في الأولى كان المستشار المتهم الرئيس فوق الأوراق الرسمية التي حققتها محكمة الجنايات... وكانت تهمته في غاية البشاعة وتدور حول اغتصابه إحدى المتقاضيات في دعوى منظورة أمامه، ثم القبض عليه!.
    والأكثر إثارة أنه على رغم القبض على معالي المستشار متلبساً، كما تقول أوراق التحقيقات، وعلى رغم أن أحراز القضية كانت مما يندى له الجبين... فإن الحقيقة التي تكشفت بعد ذلك كانت مفاجأة من العيار الثقيل. كذلك كان في القضية الثانية المستشار رئيس محكمة الجنايات التي أصدرت الحكم في قضية المستشار الأول... والطريقة التي انتهت بها حياته... وهذا يدعونا إلى أن ندلف وبسرعة إلى قلب هذا الملف الخطير بكل ما فيه من أسرار!.
    خلاصة تلك القضية، كما يذكر الكاتب ياسر بكر، خبر صحفي أشار إلى ضبط القاضيين عبد الفتاح سيف وكيل محكمة الإسكندرية الشرعية، وعبد القادر الفيل قاضي محكمة المنشية في إحدى الفيلات في حالة تلبس بتلقي رشوة جنسية من ثلاث من النساء المتقاضيات، نظير الحكم لهن في القضايا المنظورة أمامهما ألقي القبض على الشيخين و النسوة الثلاث بالإضافة إلى اثنين من أبناء صاحب الفيلا وشقيقتهما سعاد ، بالإضافة إلى محامي النساء .
    حُولِت القضية إلى النيابة ووجهت النيابة تهم للشيخين وهي قبول الرشوة الجنسية ، وحيازة المخدرات واستغلال النفوذ.
    وأمرت النيابة بحبس القاضيين الشرعيين، وتم إيداعهما بالزنزانة رقم 22 بسجن الحدراء، كما قرر حبس كاتب المحامي وابني صاحب الفيلا.
    وتكليف وكيل نيابة العطارين بالانتقال إلى محكمة الإسكندرية الشرعية للاطلاع على بعض الملفات، وسؤال بعض الموظفين عن أحوال تتصل بسلوك القاضيين, ثم كانت شهادة محمد مختار “حاجب المحكمة” الذي أكد بأن الشيخ الفيل كان يستقبل المتقاضيات في حجرة المداولة.
    تم تحويل القضية إلى المحكمة ، وأصدرت المحكمة حكمها برئاسة المستشار محمد كامل البهنساوي الذي قضى:-
    ـ الأشغال الشاقة المؤبدة وغرامة ألفي جنيه للشيخ عبد القادر الفيل رئيس محكمة المنشية الشرعية، وبراءته من تهمة الزنا.
    ـ الأشغال الشاقة المؤبدة للشيخ عبد الفتاح سيف وكيل المحكمة وغرامة ألفي جنيه.
    ـ السجن خمس سنوات وغرامة خمسمائة جنيه لكل من الشابين أصحاب الفيلا.
    ـ السجن 7 سنوات وغرامة 500 جنيه لدرويش مصطفى كاتب المحامي الشرعي.
    .براءة جميع النساء.
    لماذا الشيخان بالذات؟
    كان الرئيس عبد الناصر شديد الحساسية من ناحية أهله.. فكان يكفي أن يبلغه أن أحداً من الناس قال شيئاً ما عن أحد أقاربه حتى يضعه على الفور في المعتقل ويتخذ ضده من الإجراءات ما يحلو له..
    وهذه كانت إحدى نقاط الضعف التي كان يستغلها البعض لينالوا الحظوة عنده وفي نفس الوقت ينالون من أعدائهم.
    كان الشيخ عبد القادر الفيل معروفاً بالتهكم على الحكام الجدد، وكان يحكى لأصدقائه عن الحاج عبد الناصر حسين والد الرئيس جمال عبد الناصر، وكيف كان الباشوات يعطفون عليه، وكان والد الرئيس موظف بريد متواضعاً بالقرب من عزبة أحد الباشوات، الذي كان يتحف موظف البريد الفقير في المواسم والأعياد ببعض الصدقات، فلما تربع عبد الناصر على قمة السلطة اختار ابن الباشا من دون الخلق ليكون تابعاً له بعد أن وضعه في منطقة وسط بين الشماشرجي والسكرتير.
    كان عبد الناصر أسير تصفية الحسابات مع الماضي، فقدم إبراهيم باشا عبد الهادي للمحاكمة، ولم ينس للرجل أنه وكزه في كتفه ناصحاً له بأن ينتبه لمستقبله، ويقطع علاقته بجماعة «الإخوان المسلمين »، واستدعى عبد المجيد إبراهيم باشا نائب أبنوب ووزير الأشغال والمواصلات الذي توسط له ليدخل الكلية الحربية ليقول له:
    «لا تنس أنك يوماً.. خليتني أركب بجوار سائقك».
    ولم ينجُ المستشار محمود عبد اللطيف من التنكيل، والمستشار عبد اللطيف كان يرعاه تلميذاً وتوسط له لدى عبد المجيد إبراهيم باشا، فكان جزاؤه الفصل من القضاء والسجن بتهمة التدبير لقلب نظام الحكم، وظل سجيناً إلى أن أفرج عنه الرئيس السادات بعد انقلاب 15 مايو 1971.
    وهذا ليس له سوى تفسيراً واحداً وهو الافتراس الطبقي، وحذا الحاج عبد الناصر حسين حذو الابن في معاملة من قدموا إليه المعروف من أهل فضل بعد أن ظهرت أمارات الثراء المفاجئ على أبنائه.
    وكان لابد من الخلاص من الشيخ عبد القادر الفيل رئيس المحكمة بالإسكندرية بعد أن أصدر حكماً ضد الصاغ صلاح سالم يلزمه بدفع نفقة شهرية لمطلقته التي طلقها، وراح يدور في ذيل الأميرة فايزة فؤاد التي سايرته في طيشه حتى ساعدها في تهريب جزء من ثروتها والهروب خارج البلاد، فلم يجد أمامه سوى الملكة فريدة التي طلبها للزواج فلقنته درساً لم يستطع نسيانه رغم التنكيل بالملكة السابقة.
    لم يكن صلاح سالم هو الطائش الوحيد في العائلة، فقد قام أخوه الأكبر جمال بمحاولة تطليق إحدى السيدات عنوة ليتزوجها، وطبع شقيقه الأصغر كارتاً شخصياً ذكر فيه صفته بـ « شقيق جمال وصلاح سالم».
    وشى الإخوة سالم بالقاضيين، ولاقت الوشاية هوى؛ فتم إحكام المؤامرة وتلطيخهما بقضية افتقدت الدليل على ما جاء بأوراقها من ادعاء يصعب تصديقه.
    ومن ينظر إلى صورة السيدة شفيقة حامد شاكر (المُبلغة) في ثيابها البسيطة المتواضعة، ومظهرها البائس الذي يفتقد عوامل الفتنة، ويشي برقة الحال والجمال، ويباعد بينها وبين تصديق ادعائها بشأن مراودة القاضيين لها عن نفسها، ويكشف عن طبيعة المؤامرة القذرة التي استخدمت فيها. تتعثر خطواتها في ردهات المحكمة في طريقها لحضور جلسة محاكمة القاضيين عبد القادر الفيل وعبد الفتاح سيف..
    وبدراماتيكية عالية أُلْغيت المحاكم الشرعية بعد تلك القضية للأبد.
    لكن بعين التاريخ وليس بعين الأوراق الحكومية، يُنْظَر إلى تلك القضية بمنظور مختلف نجد أن شخصية درويش كاتب المحامي، كانت هي الشخصية المحورية التي تسببت في نسج خيوط المؤامرة.
    فبالاطلاع على أوراق الدعوى نفسها نجد دور درويش الكاتب كالاتي:
    حيث كان يتردد على المحكمة وعلم أن القاضيين يبحثان عن منزل لاستئجاره لأقارب أحدهما لقضاء فترة المصيف، وأنهما كلفا بعض موظفي المحكمة بتلك المهمة، فأوهمهما كذباً بأن لديه الفيلا المناسبة، واتفق معهما على موعد لمعاينتها.
    وبالتوازي مع ذلك أوهم النساء اللاتي لهن قضايا في مكتب المحامي الشرعي بأنه يستطيع ترتيب مقابلة لهن مع القاضيين بعيداً عن جو المحكمة ويستطعن خلالها الحصول على كل ما يردنه.
    وفي نفس الوقت أوهم ابني صاحب الفيلا بأنهما يستطيعان الحصول على حكم لشقيقتهما المطلقة سعاد يشرط تجهيز سهرة هوى للشيخين.
    ليُطْرَح السؤال، لماذا الشيخين ؟..
    نجد أن الشيخ عبد القادر الفيل معروف برفضه لـ 23 يوليو.
    كذلك قبل تلك القضية بشهور قليلة أصدر حكماً ضد الصاغ صلاح سالم يلزمه بدفع نفقة شهرية لمطلقته التي طلقها.
    نهاية مأساوية للقاضي:
    أسرار القضية دُفِنَت مع القاضي الذي حكم على الشيخين فبعد أن أصدر المستشار محمد كامل البهنساوي الحكم في القضية لقي مصرعه في حادث سيارة، بينما كان يسير على كوبري قصر النيل مع صديقه وكيل وزارة الداخلية بعد أن غادرا نادي الجزيرة وفر قائد السيارة وقيد الحادث ضد مجهول.. ليوارى الرجل التراب، ومعه الكثير من أسرار القضية!!.
    يرحم الله القاضيين الجليلين عبد الفتاح سيف، وعبد القادر الفيل اللذين استشهدا على مذابح الفضيحة، التي أحكمت حلقاتها إرادة شريرة؛ لهدم ركن من أركان حضارة مصر الإسلامية وهو القضاء الشرعي.
    التعديل الأخير تم بواسطة المهندس زهدي جمال الدين محمد ; 11-08-2020 الساعة 11:09 AM
    لتحميل كتبي فضلاً الضغط على الصورة التالية - متجدد بإذن الله

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي



  9. #29
    تاريخ التسجيل
    Sep 2006
    المشاركات
    2,112
    الدين
    الإسلام
    آخر نشاط
    07-12-2022
    على الساعة
    12:17 PM

    افتراضي

    الفرع الثاني القرينة المادية
    ﴿ وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ أَهْلِهَا إِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ قُبُلٍ فَصَدَقَتْ وَهُوَ مِنَ الْكَاذِبِينَ وَإِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ فَكَذَبَتْ وَهُوَ مِنَ الصَّادِقِينَ فَلَمَّا رَأَى قَمِيصَهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ قَالَ إِنَّهُ مِنْ كَيْدِكُنَّ إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ (الآيات 26 و27 من سورة يوسف).
    ﴿ قَالَ هِيَ رَاوَدَتْنِي عَنْ نَفْسِي وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ أَهْلِهَا إِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ قُبُلٍ فَصَدَقَتْ وَهُوَ مِنَ الْكَاذِبِينَ (26)
    وتأتي كلمة شاهد" في القرآن بمعان متعددة. فهي مرة تكون بمعنى "حضر"، مثل قول الحق سبحانه:
    ..﴿ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (2) (سورة النور).
    وتأتي مرة بمعنى "علم"، مثل قوله سبحانه:﴿ وَمَا شَهِدْنَا إِلَّا بِمَا عَلِمْنَا... (81) (سورة يوسف).
    وتأتي "شهد" بمعنى "حكم وقضى" أي: رجح كلاماً على كلام لاستنباط حق في أحد الاتجاهين.
    والشاهد في هذه الحالة وثق القرآن أن قرابته من ناحية المحكوم عليه، وهو امرأة العزيز، فلو كان من طرف المحكوم له لردت شهادته.
    وهكذا صار الموقف رباعياً: امرأة العزيز، ويوسف، وعزيز مصر، والشاهد، وحملت الآية نصف قول الشاهد:
    .﴿ ..إِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ قُبُلٍ فَصَدَقَتْ وَهُوَ مِنَ الْكَاذِبِينَ (26) (سورة يوسف).
    لأن معنى هذا -والواقع لم يكن كذلك - أن يوسف عليه السلام وهو من أقبل عليها؛ تدلى منه ثوبه على الأرض، فتعثر فيه، فتمزق القميص.
    ويتابع الله قول الشاهد ﴿ وَإِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ فَكَذَبَتْ وَهُوَ مِنَ الصَّادِقِينَ (27).
    القرينة المادية التي تم التحقق من وجودها بالمعاينة الحسية، وهي واقعة تمزيق قميص سيدنا يوسف من جهة الخلف، والتي تفيد أن سيدنا يوسف لم يكن في حالة إقبال على امرأة العزيز بل العكس، أي أنه كان مدبرا عنها في الوقت الذي كانت هي فيه مقبلة عليه.
    وهذه القرينة تم الأخذ بها نزولا عند رأى الشاهد " الخبير " كما سبق البيان وقد جاء النص القرآني واضحا أيما وضوح في عرضه لواقعة المعاينة التي دلت على قرينة البراءة بقوله تعالى ﴿ فَلَمَّا رَأَى قَمِيصَهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ قَالَ إِنَّهُ مِنْ كَيْدِكُنَّ إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ... وفي القوانين الوضعية يجوز الإثبات بطريق القرائن، وهي على أنواع، فمنها القرائن القانونية القاطعة البسيطة، والقرائن القضائية التي يستخلصها القاضي ويقتنع بأن لها دلالة معينه. وقد أوردت محكمة التمييز الأردنية بعض المبادئ القانونية الخاصة بالقرينة وحجيتها في الإثبات في المسائل الجزائية فذكرت في هذا الشأن:
    1) تعتبر القرينة طريق من طرق الإثبات، حسب نص المادة 147 من قانون أصول المحاكمات الجزائية، حيث نصت على أن البينة في الجنايات والجنح تقام بجميع طرق الإثبات ويحكم القاضي حسب قناعته الشخصية والقرينة هي استنتاج واقعة مطلوب إثباتها من واقعة أخرى قام عليها الدليل.
    2) تقسم القرائن إلى نوعين: قرائن قانونية وقرائن قضائية (تعرف القرينة بأنها استنباط ثبوت واقعة غير ثابتة من ثبوت واقعة أخرى بسبب صلتها بها.).
    وتقسم القرائن القانونية إلى (قرائن قانونية قاطعة) لا يجوز إثبات عكسها، كافتراض العلم بالقانون بعد نشره في الجريدة الرسمية، (وقرائن قانونية بسيطة) يجوز إثبات عكسها.
    في حين أن القرائن القضائية تعتبر دليل غير مباشر يستخلصها القاضي من واقعة معلومات لإثبات الواقعة التي يريد إثباتها ويجب أن يكون هذا الاستخلاص متفقا مع المنطق ووقائع الدعوي. وبغير ذلك تعتبر دلائل وامارات لا ترقي إلى مرتبة الدليل المقصود في أصول المحاكمات الجزائية.
    3) على القاضي حين يستمد اقتناعه بالقرينة أن يستظهر العلاقة المنطقية بين الواقعة التي استبثتها واستمد منها هذه القرينة وبين الواقعة المطلوب إثباتها في ادانة المميز وأن يكون استخلاصه لهذه النتيجة قائما على الجزم واليقين بعيدا عن أي شك واحتمال.
    ويجب عند الأخذ بالقرينة أيضا، أن يتم ذلك بحذر وحيطة مع بيان الأسلوب المنطقي التي توصلت إليه المحكمة في اعتمادها القرينة، لأنها وإن كانت تصلح لأن تكون دليلا، إلا أنها من أقل البينات مرتبة.
    4) شهادة النسوة لدي سؤالهن عن أمرهن يوم استضافتهن امرأة العزيز وأمرت سيدنا يوسف بالخروج عليهن وقت انشغالهن بتقطيع الفاكهة، والتي جاء البيان القرآني في شأنها.. ﴿ قَالَ مَا خَطْبُكُنَّ إِذْ رَاوَدتُّنَّ يُوسُفَ عَن نَّفْسِهِ ۚ قُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ مَا عَلِمْنَا عَلَيْهِ مِن سُوءٍ ۚ قَالَتِ امْرَأَتُ الْعَزِيزِ الْآنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ أَنَا رَاوَدتُّهُ عَن نَّفْسِهِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ (يوسف:51).
    5) اعتراف امرأة العزيز انساء في الدينة أوضحت السورة موقفهن مما تناهي إلى أسماعهن عن أمر امرأة العزيز مع سيدنا يوسف، والمكيدة التي أعدتها لهن امرأة العزيز في بيتها، لما رأين يوسف وجماله وفق ما جاء في النص القرآني ﴿ فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ وَقُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ مَا هَٰذَا بَشَرًا إِنْ هَٰذَا إِلَّا مَلَكٌ كَرِيمٌ يوسف:31. فعندها انطلق لسان امرأة العزيز باعتراف وإقرار -غير قضائي- هذا المرة، مفاده على ما جاء في كتاب الله ﴿ قَالَتْ فَذَٰلِكُنَّ الَّذِي لُمْتُنَّنِي فِيهِ ۖ وَلَقَدْ رَاوَدتُّهُ عَن نَّفْسِهِ فَاسْتَعْصَمَ ۖ وَلَئِن لَّمْ يَفْعَلْ مَا آمُرُهُ لَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُونًا مِّنَ الصَّاغِرِينَ يوسف:32.
    6) اعتراف امرأة العزيز في وقت لاحق بأنها هي من راود يوسف عن نفسه وأنه برئ مما ادعته لا بل وزادت في بيان البراءة بالقول إنه استعصم وأبي أن ينزلق تحت تأثير الإغراء والإغواء، وكان البيان القرآني عن ذلك واضحا لا يحتمل التأويل والشك حين قال تعالي في الآية 51 من سورة يوسف:” ﴿ قَالَتِ امْرَأَتُ الْعَزِيزِ الْآنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ أَنَا رَاوَدتُّهُ عَن نَّفْسِهِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ (يوسف:51).
    ولكن المفارقة القانونية هنا تكمن في صدور الاعتراف من المشتكي لا من المتهم، اعتراف يهد أساس الشكوى وينفي الاتهام، بل إنه كان اعترافا من نوع خاص، إذا هو أثبت براءة المشتكى عليه من جهة وأدان المشتكية من جهة أخرى التي لو كانت هي المشتكى عليها فسيكون اعترافها كافيا لإدانتها وفرض الجزاء.
    ولعل من أبجديات القانون في مجال الإثبات أن " الاعتراف أو الإقرار هو سيد الأدلة "، ورغم أن هذه المقولة شاعت بين العامة إلا أنها لا تخلو من بعد قانوني يجعلها أقرب إلى الصواب منها إلى شيء آخر. لكن الإقرار المعتد به قانونا هو الإقرار الصادر عن إرادة حرة غير معيبة، وما صدر عن امرأة العزيز يحقق هذا الشرط فهي أقرت بعكس ما ادعته طواعية من غير إكراه ولا سفه، وزاد من حجية إقرارها أنه جاء في مجلس الملك "مجلس القضاء" وهو ما يعرف قانونا بالإقرار القضائي الذي يجعل الإقرار حجة قاطعة يقوم به الدليل وتصدر على أساسه الأحكام. وما تجب ملاحظته في هذا الشأن، أن اعتراف امرأة العزيز وهي المشتكية ببراءة سيدنا يوسف مما ادعته، فضلا عن انكاره لمزاعمها أثبت يقينا وقانونا براءته عليه السلام. وعكس ذلك يعرف في العصر الحديث بـ «متلازمة جينوفيز»، أو بلامبالاة الشاهد..
    فماذا تعرف عن لا مبالاة الشاهد «متلازمة جينوفيز» ؟..
    إليكم القصة التالية
    :أغلَقتْ باب الحانة الساعة الثالثة صباحًا كعادتها وأخذت في السير نحو منزلها. شابة تبلغ 28 عامًا تسير في ظلام الليل عائدةً إلى منزلها، تتلمس الأمان في وجود المنازل حولها وبعض المارة من حينٍ لآخر. لكن في يومٍ لم تدرك أنه سيكون يومها الأخير في الحياة، كان هناك شخص آخر في انتظار كيتي جينوفيز.
    سفَّاح يهوى «جِماع الموتى»، لكن يجب أن يكنَّ شابات لا عجائز، لذا كان عليه الخروج واصطياد ضحاياه بنفسه، لا أن ينتظر هدايا الموت له كل فترة.
    تتبَّع السفاح «وينستون موزلي» ضحيته «كيتي جينوفيز» التي لاحظت أنه يتبعها فأسرعت خطاها، جرى وراءها فهرولت نحو عمارتها، اقترب منها، فصرخت تستغيث.
    بدأت الأنوار تشق صمت النوافذ المظلمة، كلما زاد الصراخ زادت الأضواء، وحين ارتفع الصراخ أكثر انفتحت بعض النوافذ، تصرخ في «موزلي» وتطالبه بالتوقف عن إزعاج السيدة.
    كان «موزلي» قد تجاوز الإزعاج إلى حدِّ طعنها مرتين في الظهر، مما تسبب في صراخها الحاد الذي أيقظ الجيران.
    بسبب صراخ الجار، ارتبك «موزلي» فهربت «كيتي» إلى شارع جانبي مظلم؛ إذ كانت أضعف من الجري لمسافة أبعد.
    «موزلي» هو الآخر لم يبتعد كثيرًا، يقول في شهادته إنه راقب الرجل حتى أغلق النافذة، مضيفًا أن الرجل ربما قد عاد إلى النوم مرةً أخرى، فقد شعر بأنَّه قد أدى ما عليه، على حد تعبيره.
    عاودت «كيتي» الصراخ، لكن صرخاتها هذه المرة جذبت الموت لا النجدة، ذهب إليها «موزلي» وطعنها 10 طعنات إضافية حتى تلاشت قواها. وبينما هي على آخر حدود الحياة اغتصبها «موزلي»، ثم غادر.
    نهاية القصة، كي لا تنشغل بالأحداث عن الهدف من روايتها، أنه بعد سنواتٍ طويلة أُلقي القبض على «موزلي» بتهمة السطو، واعترف هو بجرائمه السابقة، والتي من بينها قصة كيتي. وحُكم عليه بالإعدام بالكرسي الكهربائي، لكن ولاية نيويورك كانت قد ألغت عقوبة الإعدام، فحُكم عليه بالسجن مدى الحياة، وانتهت حياته قبل أربع سنوات فقط، عام 2016، عن عمر ناهز 81 عامًا.
    37 شخصًا شاهدوا الجريمة ولم يفعلوا شيئًا :
    حادثة بشعة، أليس كذلك؟ بالتأكيد تشعر بالغضب تجاه هذا الجار الذي ترك فتاةً جريحةً وعاد لنومه!! لكن إذا تخيَّلت أنَّك الآن تقف في مسرح الجريمة، فأنت لن تكون الوحيد، ولا الثاني بعد الجار، بل ستكون الفرد رقم 38، وأن 37 فردًا قبلك شاهدوا الحادثة، أو جزءًا منها في أثناء مرورهم، ولم يتدخلوا جسديًّا لمنع المُعتدي – الذي لم يكونوا يعرفون أنه قاتل أو سفاح وقتها – أو حتى الاتصال بالشرطة.
    أحد الشهود قال إنه ظنَّ أنهما صديقان سكارى يترنحان بعد منتصف الليل، اثنان فقط من الشهود هم من اتصلا بالشرطة بعد انتهاء الحادثة بالكامل، من بينهم امرأة تبلغ 70 عامًا ظلت تحتضن «كيتي» حتى أتت الشرطة وسيارات الإسعاف وأخذوا جسد «كيتي»، الذي أصبح جثمانًا في طريقه إلى المستشفى.
    هكذا أُغلقت قضية «كيتي» جنائيًّا، قاتل وقتيل واعتراف وعقوبة. لكنها لم تنتهِ نفسيًّا، ليس على مستوى المعتدي، الذي أثبت الأطباء النفسيون أنه مريض بـ«اشتهاء مجامعة الموتى Necrophilia»، لكن على مستوى الشهود الذين لم يحركوا ساكنًا وهم يشاهدون تلك الجريمة.
    إذا أزلنا الأسماء والتفاصيل المتغيِّرة، سواء كانت جريمة قتل، أو تحرشًا، أو اغتصابًا، أو سرقة حقيبة امرأة، أو إلقاء شابيْن من قطار لأنهما لم يدفعا ثمن التذكرة ولا يريدان الوقوع في يد الشرطة؛ يتبقى شيء واحد ثابت في كل السيناريوهات السابقة: الشهود.
    أشخاص رأوا ما حدث، وكان بإمكانهم التدخل بعدة صور تضمن إنقاذ الضحية وعدم تعريض سلامتهم الشخصية للخطر في الوقت ذاته، لكنهم في نهاية الأمر، لم يتدخلوا.
    ومن هنا خرج علماء النفس بمصطلح «تأثير المتفرج» أو «متلازمة جينوفيز» نسبةً إلى الضحية كيتي، تلك الحالة النفسية التي تُعرف أيضًا في أوساط أخرى بـ«لامبالاة المتفرج».
    * الكثرة لا تغلب الشجاعة بل تزرع الخوف:
    عالمان اثنان هما من حملا لواء هذا المصطلح، صكًّا وتعريفًا، «بيب لاتان»، و«جون دارلي». نشر الاثنان عدة أوراق بحثية منذ عام 1969، أي بعد قتل «كيتي» بأربعة أعوام، ليفسِّرا سر تصرُّف الشهود على حادثتها بهذه اللامبالاة. وتوصل الاثنان لاستنتاج يتلخص في أنَّه «إذا وُجد فرد واحد فقط أمام حادثة فاحتمالية أن يتقدم للمساعدة أكبر من وجود عدة أفراد أمام الحادثة نفسها».
    استنتج العالمان أن وجود أشخاص آخرين حول الشاهد يجعل شعوره بالخطر أقل، بالتالي فاحتمالية إبلاغه أو اتخاذه أي رد فعل تكون أقل كذلك. بعض المشاركين في التجربة قالوا إنهم لم يتخذوا رد فعل لأن ثبات الآخرين جعلهم يظنون أن الأمر ليس خطرًا حقيقيًّا بالفعل، لكن هناك آخرين قالوا إنهم أدركوا وجود خطر لكنهم لم يتحركوا إحراجًا من إظهار خوفهم أمام الآخرين الهادئين.
    على النقيض من وجود فرد واحد كشاهد على الحادثة، فإنه يدرك بدون شك أنَّه الوحيد الذي يجب عليه أن يتصرف وأن يتدخل.
    وإذا كنت أنت من يتعرض للاعتداء، فبالتأكيد سيبدو من السذاجة تقديم النصيحة لك، لكن على الأقل يمكنك أن تتوجه بعينيك لشخص محدد، انظر في عينيه قدر استطاعتك، واطلب منه المساعدة، فإضفاء الصبغة الشخصية على الطلب يساعد في حصولك على استجابة ورد فعل مناسب من الآخرين.
    نيوزيلندة
    حسب المادة 150 من القانون الجنائي النيوزيلندي لعام 1961، يدخل في نطاق الجريمة فعل "عدم احترام الرفات البشرية". وفي هذه الحالة، يعتبر مضاجعة الموتى يدخل تحت طائلة القانون حسب تلك المادة، بالرغم من عدم ذكره مباشرة
    Butterworths Crimes Act 1961: Wellington: Butterworths: 2003
    مصر
    في أبريل 2012، أثير مشروع قانون في مجلس الشعب المصري عن مشروعية وحق الزوج في مضاجعة الزوج لزوجته المتوفاة خلال أول 6 ساعات من وفاتها، تحت اسم قانون «مضاجعة الوداع».
    مجلس الشعب المصري يناقش قانون مضاجعة الوداع، موقع الحق والضلال
    ومن صحيفة الديلي ميل البريطانية dailymail.co.uk/news وبتاريخ, 29 May 2012 انقل لكم العنوان التالي:
    Egypt's 'plans for farewell intercourse law so husbands can have sex with DEAD wives' branded completely false
    By DAILY MAIL REPORTER
    خطط مصر لقانون جماع الوداع والذي يمكن الزوج من ممارسة الجنس مع زوجته المتوفاة..
    https://www.dailymail.co.uk/news/art...#ixzz1tBp6zpUQ

    لتحميل كتبي فضلاً الضغط على الصورة التالية - متجدد بإذن الله

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي



  10. #30
    تاريخ التسجيل
    Sep 2006
    المشاركات
    2,112
    الدين
    الإسلام
    آخر نشاط
    07-12-2022
    على الساعة
    12:17 PM

    افتراضي

    الفرع الثالث

    مبــدأ قانــونيٌّ (شخصيَّة العقـــــوبة)

    مبدأ شخصية العقوبة
    القاعدة في القانون الجزائي هي أن العقوبة لا تطال إلا مرتكب الجريمة أو من ساهم في ارتكابها مساهمة يجرمها القانون كمساهمة الشريك في الجريمة أو المتدخل فيها أو المحرض عليها.
    ويعني مبدأ شخصية العقوبة أن العقوبة لا توقع إلا على من ارتكب الجريمة أو ساهم في ارتكابها سواء بصفة أصلية أو تبعية، وكان أهلا للمسئولية الجنائية. (المجالي نظام شرح قانون العقوبات: القسم العام _دراسة تحليلية في النظرية العامة للجريمة والمسؤولية الجزائية، دار الثقافة-عمان، 2005.).
    ولقد تأكد هذا المبدأ بصورة جلية في مواضع كثيرة في القرآن الكريم فقال تعالي ﴿ مَّنِ اهْتَدَىٰ فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ ۖ وَمَن ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا ۚ وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَىٰ ۗ وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّىٰ نَبْعَثَ رَسُولًا (الإسراء:15).
    ورغم عدم ورود نص صريح ينطق بمبدأ شخصية العقوبة الجزائية إلا أن المبدأ مستقر عليه حتي أصبح من المبادئ العامة للقانون والتي يجري العمل بها ولو بغير نص، ومع ذلك يمكن إيراد بعض القواعد التي تنطوي في ثناياها على مبدأ شخصية العقوبة في إطار قانون العقوبات الأردني ومنها نص المادة 74-1 منه والذي نصه: " لا يحكم على أحد بعقوبة ما لم يكن قد أقدم على الفعل عن وعي وإرادة"، وكذلك ما أصطلح على تسميته بمبدأ شرعية الجرائم والعقوبات الوارد عليه النص في المادة الثالثة من ذات القانون بأنه " لا يقضي بأية عقوبة لم ينص القانون عليها حين اقتراف الجريمة ..، كما يستشف هذا المبدأ الراسخ من الأحكام الخاصة بنظرية الاشتراك الجرمي التي حددت لكل من ساهم في ارتكاب جريمة أحكاما معينة للمساءلة الجزائية (يراجع المطلب العاشر عدم جواز اصطناع الدليل من هذه الدراسة).
    ويعد مبدأ شخصية العقوبة ركيزة أساسية من ركائز العدالة فبدونه تنهار العدالة ويتحقق الظلم وهو ما جاءت على ذكره الآية على لسان العزيز ﴿ قال معاذ الله أن نأخذ.. - ويلاحظ أن مبدأ شخصية العقوبة في إطار القانون الجنائي مطلق لم يتم الخروج عليه- لكن الأمر مختلف في نطاق المسؤولية المدنية، إذ أجازت القوانين مساءلة شخص عن أعمال أتاها آخر.
    المحكمة الدستورية العليا المصرية
    الدعوى رقم 25 لسنة 16 قضائية المحكمة الدستورية العليا "دستورية"
    تحت عنوان: أصل البراءة
    إ
    ن أصل البراءة يمتد إلى كل فرد سواء أكان مشتبها فيه، أو متهما، باعتباره قاعدة أساسية في النظام الاتهامي أقرتها الشرائع جميعها - لا لتكفل بموجبها حماية المذنبين - وإنما لتدرأ بمقتضاها العقوبة عن الفرد إذا كانت التهمة الموجهة إليه قد أحاطتها الشبهات بما يحول دون التيقن من مقارفة المتهم للواقعة محل الاتهام، ذلك أن الاتهام الجنائي في ذاته لا يزحزح أصل البراءة الذي يلازم الفرد دوما ولا يزايله، سواء في مرحلة ما قبل المحاكمة، أو أثنائها وعلى امتداد حلقاتها، وأيا كان الزمن الذي تستغرقه إجراءاتها. ولا سبيل بالتالي لدحض أصل البراءة بغير الأدلة التي تبلغ قوتها الإقناعية مبلغ الجزم واليقين، بما لا يدع مجالا معقولا لشبهة انتفاء التهمة، وبشرط أن تكون دلالتها قد استقرت حقيقتها بحكم قضائي استنفد طرق الطعن فيه، وصار باتا. وحيث إن افتراض البراءة لا يتمحض عن قرينة قانونية، ولا هو من صورها، ذلك أن القرينة القانونية تقوم على تحويل للإثبات من محله الأصلي - ممثلا في الواقعة مصدر الحق المدعي به - إلى واقعة أخرى قريبة منها متصلة بها. وهذه الواقعة البديلة هي التي يعتبر إثباتها إثباتا للواقعة الأولي بحكم القانون. وليس الأمر كذلك بالنسبة إلى البراءة التي افترضها الدستور. فليس ثمة واقعة أحلها الدستور محل واقعة أخرى، وأقامها بديلا عنها
    innocence is more properly called an assumption as opposed to a presumption. It does not rest on any other proved facts, it is assumed
    وإنما يؤسس افتراض البراءة على الفطرة التي جبل الإنسان عليها، فقد ولد حراً مبرئا من الخطيئة أو المعصية.
    ويفترض على امتداد مراحل حياته أن أصل البراءة لازال كامناً فيه، مصاحباً له فيما يأتيه من أفعال، إلى أن تنقض محكمة الموضوع بقضاء جازم لا رجعة فيه هذا الافتراض، على ضوء الأدلة التي تقدمها النيابة العامة مثبتة بها الجريمة التي نسبتها إليه في كل ركن من أركانها، وبالنسبة إلى كل واقعة ضرورية لقيامها، بما في ذلك القصد الجنائي بنوعيه إذا كان متطلبا فيها. وبغير ذلك لا ينهدم أصل البراءة، إذ هو من الركائز التي يستند إليها مفهوم المحاكمة المنصفة التي كفلها الدستور، ويعكس قاعدة مبدئية تعتبر في ذاتها مستعصية على الجدل، واضحة وضوح الحقيقة ذاتها، تقتضيها الشرعية الإجرائية، ويعتبر إنفاذها مفترضاً أولياً لإدارة العدالة الجنائية، ويتطلبها الدستور لصون الحرية الشخصية في مجالاتها الحيوية، وليوفر من خلالها لكل فرد الأمن في مواجهة التحكم والتسلط والتحامل، بما يحول دون اعتبار واقعة تقوم بها الجريمة ثابتة بغير دليل، وبما يرد المشرع عن افتراض ثبوتها بقرينة قانونية ينشئها.
    وحيث إن افتراض براءة المتهم من التهمة الموجهة إليه - يقترن دائما من الناحية الدستورية - ولضمان فعاليته - بوسائل إجرائية وثيقة الصلة بحق الدفاع، من بينها حق المتهم في مواجهة الشهود الذين قدمتهم النيابة العامة إثباتا للجريمة، والحق في دحض أقوالهم وإجهاض الأدلة التي طرحتها بأدلة النفي التي يعرضها.
    http://hrlibrary.umn.edu/arabic/Egyp...CC-15-Y16.html
    وتأسيا على مبدأ شخصية العقوبة فقد حارب القانون عادة الأخذ بالثأر أو الانتقام دافعا من شأنه التأثير على جرمية الفعل المرتكب بدافع الثأر كما جرم استيفاء الحق بالذات ودون الرجوع إلى السلطات المختصة في الدولة، لأنها تخالف مبدأ شخصية العقوبة خاصة إذا تم الثأر من شخص آخر غير الجاني، وتضعف من سلطة الدولة وسيادة القانون.
    هناك مبدأ قانوني في شرائع من قبلنا، ومُقرٌّ في شريعتنا، ومازال معمولاً به في الأنظمة العقابية.. وهو:
    (شخصية العقوبة).. أي: لا يتعدى أثر العقوبة إلى غير الجاني ﴿ قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ أَن نَّأْخُذَ إِلَّا مَن وَجَدْنَا مَتَاعَنَا عِندَهُ إِنَّا إِذًا لَّظَالِمُونَ (يوسف / 79..
    وهذا أصل من أصول الشريعة الغرَّاء، ورد في شريعتنا متفِقاً مع ما ورد على لسان سيدنا [يوسف]..
    يقول تعالى:﴿ قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَبْغِي رَبًّا وَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ ۚ وَلَا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلَّا عَلَيْهَا ۚ وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَىٰ ۚ ثُمَّ إِلَىٰ رَبِّكُم مَّرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ المائدة / 164 .
    ويقول تعالى :﴿ وَكُلَّ إِنسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ ۖ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنشُورًا الإسراء 13..
    فهذا أحسن تعبير عن [شخصيَّة العقوبة]!!.
    ويتجلى هذا الأمر بوضوح في (شخصيَّة العقـــــوبة) والتي تتجلى في قول الملك اثناء التحقيق:
    ﴿ وَقالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ كي أستمع كلامه وأعرف درجة عقله وأعلم تفضيل رأيه
    ﴿ فَلَمَّا جاءَهُ الرَّسُولُ وبلّغه أمر الملك وطلب إليه إنفاذه.
    ﴿ قالَ ارْجِعْ إِلى رَبِّكَ فَسْئَلْهُ ما بالُ النِّسْوَةِ اللَّاتِي قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ.
    البال: هو الأمر الذي يبحث عنه ويهتم به: أي ارجع إلى سيدك قبل شخوصي إليه ومثولي بين يديه، وسله عن حال النسوة اللاتي قطّعن أيديهن ليعرف حقيقة أمره، إذ لا أود أن آتيه وأنا متهم بقضية عوقبت من أجلها بالسجن وقد طال مكثي فيه دون تعرف الحقيقة ولا البحث في صميم التهمة.
    لا تنس أن يوسف عليه السلام كان رهن الاعتقال ولم توجه له تهمة..
    ﴿ إِنَّ رَبِّي بِكَيْدِهِنَّ عَلِيمٌ أي إنه تعالى هو العالم بخفيّات الأمور، وهو الذي صرف عنى كيدهن فلم يمسسني منه سوء.
    وقد دل هذا التريث والتمهل من يوسف عليه السلام عن إجابة طلب الملك له حتى تحقق براءته على جملة أمور:
    (1) جميل صبره وحسن أناته، ولا عجب فمثله ممن لقى الشدائد جدير به أن يكون صبورا حليما، ولا سيما ممن ورث النبوة كابرا عن كابر.
    وقد ورد في الصحيحين مرفوعا «ولو لبثت في السجن ما لبث يوسف لأجبت الداعي»، وفي رواية أحمد «لو كنت أنا لأسرعت الإجابة وما ابتغيت العذر».
    (2) عزة نفسه وصون كرامته، إذ لم يرض أن تكون التهمة بالباطل عالقة به، فطلب إظهار براءته وعفته عن أن يزنّ بريبة أو تحوم حول اسمه شائبة السوء.
    (3) إنه عفّ عن اتهام النسوة بالسوء والتصريح بالطعن عليهن حتى يتحقق الملك بنفسه حين ما يسألهن عن السبب في تقطيع الأيدي ويعلم ذلك منهن حين الإجابة.
    (4) إنه لم يذكر سيدته معهن وهي السبب في تلك الفتنة الشعواء وفاء لزوجها ورحمة بها، وإنما اتهمها أولا دفاعا عن نفسه حين وقف موقف التهمة لدى سيدها وبعد أن طعنت فيه.
    ﴿ قالَ ما خَطْبُكُنَّ إِذْ راوَدْتُنَّ يُوسُفَ عَنْ نَفْسِهِ الخطب الشأن العظيم الذي يقع فيه التخاطب إما لغرابته وإما لإنكاره، ومنه قوله تعالى حكاية عن إبراهيم: « قالَ فَما خَطْبُكُمْ أَيُّهَا الْمُرْسَلُونَ » وقوم موسى: « فَما خَطْبُكَ يا سامِرِيُّ » أي إن الرسول بعد أن أبلغ الملك قول يوسف: إنه لا يخرج من السجن استجابة لدعوته حتى يحقق قصة النسوة - جمعهن وسألهن: ما خطبكن الذي حملكن على مراودته عن نفسه: هل كان عن ميل منه إليكن، وهل رأيتن منه مواتاة واستجابة بعدها، وماذا كان السبب في إلقائه في السجن مع المجرمين.
    ﴿ قُلْنَ حاشَ لِلَّهِ ما عَلِمْنا عَلَيْهِ مِنْ سُوءٍ أي معاذ الله. ما علمنا عليه سوءا يشينه ويسوئه لا قليلا ولا كثيرا.
    انتبه للإجابة الدبلوماسية منهن.. إن الملك لم يسألهن عن اخلاق يوسف عليه السلام حتى تكون تلك الإجابة ولكنه سألهن عن تصرف بدر منهن تجاه يوسف وهو اتهام مباشر لهن..
    هنا قامت امرأة العزيز وبكل شجاعة قالت:
    ﴿ قالَتِ امْرَأَةُ الْعَزِيزِ: الْآنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ حصحص: ظهر بعد أن كان خفيا أي إن الحق في هذه القضية كان في رأى من بلغهم - موزّع التبعة بيننا معشر النسوة وبين يوسف، لكل منا حصة بقدر ما عرض فيها من شبهة، والآن قد ظهر الحق في جانب واحد لا خفاء فيه، وهن قد شهدن بما علمن شهادة نفى، وهأنذا أشهد على نفسي شهادة إيجاب.
    ﴿ أَنَا راوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ لا أنه راودني، بل استعصم وأعرض عني.
    ﴿ وَإِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ في قوله حين افتريت عليه: هي راودتني عن نفسي، والذي دعاها إلى هذا الاعتراف مكافأة يوسف على ما فعله من رعاية حقها وتعظيم جانبها وإخفاء أمرها حيث قال: ﴿ ما بالُ النِّسْوَةِ اللَّاتِي قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ ولم يعرض لشأنها.
    وفي هذا الاعتراف شهادة مريحة من امرأة العزيز ببراءة يوسف من كل الذنوب، وطهارته من كل العيوب.
    ﴿ ذلِكَ لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ أي ذلك الاعتراف مني بالحق له، والشهادة بالصدق الذي علمته منه، ليعلم إني لم أخنه بالغيب عنه منذ سجن إلى الآن، فلم أنل من أمانته، أو أطعن في شرفه وعفته، بل صرحت لأولئك النسوة بأني راودته عن نفسه فاستعصم، وهأنذا أقر بهذا أمام الملك ورجال دولته وهو غائب عنا.
    ﴿ وَأَنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي كَيْدَ الْخائِنِينَ أي لا ينفذه بل يبطله وتكون عاقبته الفضيحة والنكال، ولقد كدنا له فصرف ربه عنه كيدنا، وسجنّاه فبرأه الله وفضح مكرنا، حتى شهدنا على أنفسنا في مثل هذا الحفل الرهيب والمقام المنيف ببراءته من كل العيوب، وسلامته من كل سوء.
    وعلى الجملة فالتحقيق أسفر عن أن يوسف كان مثل الكمال الإنساني في عفته ونزاهته لم يمسسه سوء من فتنة أولئك النسوة، وأن امرأة العزيز أقرّت في خاتمة المطاف بذنبها في مجلس الملك إيثارا للحق وإثباتا لبراءة يوسف عليه السلام.
    لتحميل كتبي فضلاً الضغط على الصورة التالية - متجدد بإذن الله

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي



صفحة 3 من 6 الأولىالأولى ... 2 3 4 ... الأخيرةالأخيرة

الجوانب القانونية في سورة يوسف ..الإصدار قبل الأخير

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

المواضيع المتشابهه

  1. رد شبهة سورة يوسف آية 93 ــ 96
    بواسطة السيف البتار في المنتدى شبهات حول القران الكريم
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 07-01-2006, 01:10 AM
  2. رد شبهة سورة يوسف آية 80 ــ 82
    بواسطة السيف البتار في المنتدى شبهات حول القران الكريم
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 07-01-2006, 01:00 AM
  3. رد شبهة سورة يوسف آية 77
    بواسطة السيف البتار في المنتدى شبهات حول القران الكريم
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 07-01-2006, 12:50 AM
  4. رد شبهة سورة يوسف آية 69 ــ 72
    بواسطة السيف البتار في المنتدى شبهات حول القران الكريم
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 07-01-2006, 12:41 AM
  5. رد شبهة سورة يوسف آية 25 ــ 29
    بواسطة السيف البتار في المنتدى شبهات حول القران الكريم
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 05-01-2006, 10:03 PM

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  

الجوانب القانونية في سورة يوسف ..الإصدار قبل الأخير

الجوانب القانونية في سورة يوسف ..الإصدار قبل الأخير