السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
المسجد جامعة شعبية

يقول الشيخ منصور الرفاعي عبيد ـ وكيل أول وزارة الأوقاف المصرية لشؤون الدعوة: قد يظن بعض الناس أن الأطفال يمنعون عن المساجد ويروون في ذلك بعض النصوص الواهية ،جنبوا صبيانكم ونساءكم المساجد ، وهذا فهم خاطئ، حيث لم يرد ذلك أبدا بأساليب صحيحة وأسانيد قوية، بل المعروف أن المسجد جامعة شعبية يدخل إليها كل أفراد الشعب للتعلم بلا قيد ولا شرط، أو التقيد بسن أو طلب رسوم، وهذا الشرط مباح للذكر والأنثى، فطلب العلم فريضة على كل مسلم ومسلمة، وطفل اليوم هو رجل المستقبل وعلى المجتمع أن يحرص على تأسيسه من أول لحظة على القيم الأخلاقية العالية التي يتعلمها من المسجد.
ويستطرد الشيخ منصور قائلا: المسجد بيت كل تقي، يذهب الوالد فيأخذ طفله معه، وهناك يجد الطفل المكان المهيأ ولأمثاله، بحيث يتعلم من رؤيته للمصلين ما يقومون بأدائه وينطبع في ذهنه مظهر العبادات التي تؤدى، لأن لها تأثيرا في الكيان النفسي، حيث تسمو بالشخص، وترقى به ليكون نموذجا عظيما في التعامل الاجتماعي.
من هنا كان على الأب أن يكون قدوة صالحة أمام طفله ويحيطه بالتوجيه على قدر مداركه.
والمسجد يعد مكانا للطفولة، فإن الإسلام يبيح أن يهيأ هذا المكان بكل شيء يجذب الأطفال ويحببهم إلى المكان من حيث إيجاد الوسائل المسلية كالعرائس أو المكعبات التي يبني منها الأطفال القصور أو ما يتراءى لخيالاتهم، وهناك كذلك الأراجيح والألعاب وما شاكل ذلك، مما له تأثير على عقلية الطفل لنستطيع أن نشكل اتجاهاته، وينمو معه فكره الذي يسمو بالبناء والتعمير.
ويؤكد الشيخ الرفاعي أن الصالحين من عباد الله يدعون ربهم صباح مساء ،ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين ، ولن يكون المولود قرة عين للأب والأم إلا إذا قاما على توجيهه وربطه بالمسجد من أول يوم، والإمام الغزالي له رسالة عظيمة يحثنا فيها إلى أن نجعل الأطفال في سن واحدة يتعاملون مع بعضهم ونحن نراقبهم، حتى يألفوا بعضهم ويأخذوا بعض المعلومات من بعضهم، ثم علينا أن نترك وقتا للعب الحر، كالترويح عن النفس مع إعطائهم قسطا من الراحة، وتفقد أحوالهم بين الحين والحين.
وعن الأنشطة الواجب توافرها في المسجد يقول فضيلة الشيخ منصور : إن الندوات والمحاضرات والدروس تلعب دورا عظيما في تفهيم الطفولة ما لها من حقوق، وما عليها من واجبات، والطفل وهو يستمع بلا شك سيكون صدى الكلمات في أذنيه، وينعكس ذلك على فكره، مما يولد عنده شخصية متكاملة تؤدي دورها في الحياة، لهذا كان على الآباء أن يفسحوا صدورهم لأطفالهم ليستمعوا إليهم، ثم تكون الإجابة، فإن عجز الآباء ذهبوا إلى المربين والمفكرين ليستلهموا منهم الرأي الذي يطرحونه أمام الأطفال ليجدوا منفذا لما ي حمل في أذهانهم، وإجابة صريحة.
ويضيف فضيلته: إن القرآن الكريم كتاب الله حكى لنا فيه قصص الأولين وأخبار السابقين، وقص علينا عن بعض الحيوانات والطيور ليجد القارئ فيه متعة نفسية، فإذا ما قمنا بتحفيظ القرآن لأطفالنا، بدءا بقصار السور وقصص الأنبياء، فإن الطفل سوف تتسع مداركه ويصفو ذهنه وتتعلق همته بالعمل العظيم، لأن القرآن سوف يقو م لسانه وينمي فكره ويهذ ب من سلوكه، ويدفع به إلى الحوار مع غيره في الأمور العامة والخاصة، وتجعله يؤصل فكره ويبنيه على المنطق السليم والكلمات المهذبة.
وأيضا يلعب الكتاب في حياة الطفل دورا خطيرا ، لأن الكتاب أعظم مسامر وخير جليس، من هنا يقوم المسجد بتقديم الكتاب إلى الطفل، والمسجد مكان معد للصلاة يدخله الإنسان وهو على نظافة، في الملبس والهيئة والجسد لقول الله تعالى: ،يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد ، والنظافة سلوك حضاري مع كونها خلق إسلامي