موسوعه فتاوى اللقاء الشهري العلامه ابن عثمين

آخـــر الـــمـــشـــاركــــات

الرد على خالد بلكين في مقطعه قصة رضاع الكبير والداجن الذي اكل ايات من القران الشريط الاول » آخر مشاركة: محمد سني 1989 | == == | الرد على خالد بلكين في مقطعه حول قائمة مطالب الثوار و مطاعنهم على عثمان رضي الله عنه » آخر مشاركة: محمد سني 1989 | == == | 2 Por qué mi vida cambio ? » آخر مشاركة: *اسلامي عزي* | == == | Was ist Islam » آخر مشاركة: *اسلامي عزي* | == == | فجرية للقلب آسرة وللأذن باهرة » آخر مشاركة: *اسلامي عزي* | == == | وثنية المسيحية وكله بالصور ، صدمة السنين ! » آخر مشاركة: *اسلامي عزي* | == == | وثنية المسيحية وكله بالصور ، صدمة السنين ! » آخر مشاركة: *اسلامي عزي* | == == | الرد على خالد بلكين في مقطعه قصة رضاع الكبير والداجن الذي اكل ايات من القران الشريط الاول » آخر مشاركة: محمد سني 1989 | == == | الكاردينال روبيرت سارا يغبط المسلمين على إلتزامهم بأوقات الصلوات » آخر مشاركة: *اسلامي عزي* | == == | وكذَلكَ أخذُ رَبِّكَ إِذآ أخَذَ ٱلقُرَىٰ وهِىَ ظَٰلِمَة » آخر مشاركة: *اسلامي عزي* | == == |

مـواقـع شـقــيـقـة
شبكة الفرقان الإسلامية شبكة سبيل الإسلام شبكة كلمة سواء الدعوية منتديات حراس العقيدة
البشارة الإسلامية منتديات طريق الإيمان منتدى التوحيد مكتبة المهتدون
موقع الشيخ احمد ديدات تليفزيون الحقيقة شبكة برسوميات شبكة المسيح كلمة الله
غرفة الحوار الإسلامي المسيحي مكافح الشبهات شبكة الحقيقة الإسلامية موقع بشارة المسيح
شبكة البهائية فى الميزان شبكة الأحمدية فى الميزان مركز براهين شبكة ضد الإلحاد

يرجى عدم تناول موضوعات سياسية حتى لا تتعرض العضوية للحظر

 

       

         

 

    

 

 

    

 

موسوعه فتاوى اللقاء الشهري العلامه ابن عثمين

صفحة 8 من 10 الأولىالأولى ... 7 8 9 ... الأخيرةالأخيرة
النتائج 71 إلى 80 من 95

الموضوع: موسوعه فتاوى اللقاء الشهري العلامه ابن عثمين

  1. #71
    تاريخ التسجيل
    Mar 2009
    المشاركات
    2,459
    الدين
    الإسلام
    آخر نشاط
    01-11-2023
    على الساعة
    04:37 PM

    افتراضي

    أسباب وقوع الكسوف


    السؤال
    ذكرت يا فضيلة الشيخ في الخطبة: أن الكسوف ازداد في هذا الزمان بسبب ازدياد المعاصي، فهل المعاصي تؤثر في حركة الأجرام؟

    الجواب
    المعاصي لا شك أنها تؤثر لكنه ليس التأثر من نفس المعاصي، بل المعاصي سبب، والذي يغير الأفلاك هو الله عز وجل، قال الله تعالى: {ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ} [الروم:41] ولهذا جاء في الحديث -أعني: حديث الكسوف- (لينظر من يحدث منهم توبة) لأن الله يقدر ذلك لينظر من يحدث منهم -أي: من الناس- توبة إلى الله عز وجل، فدل ذلك على أن سبب هذا الكسوف هو المعاصي.

    (38/16)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم قراءة الفاتحة في صلاة الكسوف


    السؤال
    فضيلة الشيخ: إمام صلى الكسوف وفي الركعة الثانية لم يقرأ سوى الفاتحة، فهل صلاته صحيحة؟ أرجو الإيضاح.


    الجواب
    صلاته صحيحه؛ لأنه قرأ الركن وهو الفاتحة، واعلموا أن الركوع الثاني من كل ركعة ليس بواجب، بل هو سنة، والركوع الأول هو الواجب وهو الركن، ولهذا قلنا: إن الركعة لا تدرك إلا بإدراك الركوع الأول؛ لأنه هو الركن، أما الثاني فإنه تطوع، لكن يا حبذا لو أن الأئمة طلبوا دورة من المسئولين عن شئون المساجد تبين لهم هذه الأحكام التي تخفى على كثير منهم.

    (38/17)


    --------------------------------------------------------------------------------

    بيان غدر اليهود ومكرهم


    السؤال
    فضيلة الشيخ: تعلمون ما تعرض له أقصانا المبارك من اعتداء صارخ وآثم من قبل اليهود، وتعلمون الجرائم المروعة التي لقيها إخواننا في فلسطين وهم يدافعون عن أولى القبلتين، فما توجيهك لأولئك المغترين بأن هؤلاء اليهود قد انسلخوا عن عقائدهم وحقدهم الدفين؟

    الجواب
    لا غرابة على إخوان القردة والخنازير أن يقع منهم ذلك؛ لأن اليهود خونة، لما أنجاهم الله تعالى ومروا بقوم يعبدون الأصنام قالوا: {يَا مُوسَى اجْعَلْ لَنَا إِلَهاً كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ} [الأعراف:138] ولما جاء موسى لميقات الله عز وجل وتأخر عنهم صنعوا من حليهم عجلاً جسداً له خوار، وقالوا: {هَذَا إِلَهُكُمْ وَإِلَهُ مُوسَى فَنَسِيَ} [طه:88] وأفعالهم كثيرة، من أراد المزيد من الاطلاع عليها فليرجع إلى كتاب: إغاثة اللهفان من مكائد الشيطان لـ ابن القيم رحمه الله، ذكر عنهم أشياء عجيبة، ووصفهم بأنهم الأمة الغضبية استناداً إلى قول الله تعالى: {قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذَلِكَ مَثُوبَةً عِنْدَ اللَّهِ مَنْ لَعَنَهُ اللَّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ} [المائدة:60] هذه الأوصاف لليهود، لا غرابة أن ينكثوا العهد وأن يغدروا، فقد غدروا بأوفى الناس ذمة رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ لأنه لما قدم المدينة وكان فيها ثلاث قبائل من اليهود: بنو قينقاع، وبنو النضير، وبنو قريظة، عاهدهم ولكنهم نقضوا العهد، ولكن والحمد لله كان نقضهم للعهد سبباً في إجلائهم عن البلاد الطاهرة المطهرة منهم وأمثالهم، فلا تستغرب أن يقع منهم مثل ذلك لا سيما وأن الحكومة الآن صارت من جانب المتشددين المتطرفين منهم.

    (38/18)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم من دخل مع الإمام بنية صلاة الفجر ثم تبين له أنها صلاة الكسوف


    السؤال
    فضيلة الشيخ: رجل دخل مع الإمام في صلاة الكسوف وهو لا يعلم بالكسوف، فصلى وظنها صلاة الفجر، فماذا يصنع: أتكفيه هذه الصلاة أم عليه الإعادة؟

    الجواب
    أما إذا كان ذلك قبل طلوع الفجر؛ لأن بعض الناس رأى الكسوف قبل الفجر بنحو ثلث ساعة وصلى، فهذا إذا كان قبل طلوع الفجر فصلاته غير صحيحة، لا تصح فرضاً، يستمر مع الإمام أو يقطعها أحسن، يقطع صلاة الفجر التي نواها ويدخل مع الإمام في صلاة الكسوف.
    وأما إذا كان ذلك بعد طلوع الفجر كما هو غالب الناس الذين صلوا بعد طلوع الفجر، فهنا إذا دخل معهم على أنها الفجر ثم تبين له أنها صلاة الكسوف فإنه ينوي الإنفراد عن الإمام ويكملها على أنها صلاة الفجر.
    مثال ذلك: دخل معه وهو يقرأ ثم ركع الركوع الأول، فلما قام شرع في القراءة، سوف يعلم هذا المسبوق أن هذه صلاة كسوف وهو قد نوى الفجر، نقول: الآن انوِ الانفراد وأتمها على أنها صلاة فجر ثم ادخل مع الإمام فيما بقي من صلاة الكسوف.
    الخلاصة الآن: إذا كان الإمام قد شرع في صلاة الكسوف قبل دخول الوقت، وهذا دخل بنية الفجر، ماذا نقول له إذا علم أنها كسوف؟ اقطع النية، لأنه لا يمكن أن تبني صلاة الكسوف على الفريضة، اقطع النية الآن وادخل من جديد مع الإمام، إذا كان ذلك بعد طلوع الفجر وعرفت أن هذه صلاة كسوف فانوِ الانفراد ولا تقطع الصلاة، انوِ الانفراد وأتمها على أنها صلاة الفجر ثم ادخل مع الإمام فيما بقي من صلاة الكسوف.

    (38/19)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم السائل الذي يخرج من فرج المرأة بعد الغسل من الجنابة


    السؤال
    فضيلة الشيخ: هل السائل الذي يخرج من المرأة بعد الغسل من الجنابة يوجب الغسل أم لا؟

    الجواب
    لا يوجب الغسل؛ لأن الغسل لا يجب إلا بواحد من أمرين -أعني: غسل الجنابة وما يتعلق به-: إما بالجماع ولو بدون إنزال، وإما بالإنزال ولو بدون جماع، وإذا حصل إنزال وجماع صار الحكم معروفاً يجب الغسل.

    (38/20)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم تفريق طلاب العلم بين العلماء في الحديث والفقه


    السؤال
    انتشر في الآونة الأخيرة بين طلاب العلم المبتدئين التفريق بين العلماء بقولهم: هذا محدث وهذا فقيه.
    فهل بينهما فرق؟ وإذا كان هناك فرق فأيهما أفضل؟

    الجواب
    لا شك أن العلماء كل منهم تناول الشريعة من وجه، هذا محدث، وهذا فقيه، وهذا عالم في العقائد، وهذا عالم في النحو، وهذا عالم في البلاغة، لا شك في هذا، وخير الناس من جمع بين الحديث والفقه، ولكن ليعلم أن من المحدثين من ليس عنده فقه بدليل قوله عليه الصلاة والسلام: (رب مبَلغ أوعى من سامع) من المبلِغ؟ ناقل الحديث، والمبلَغ: هو الذي أخذ الحديث عمن رواه ولكن فقه في دين الله، فليس كل محدث يكون فقيهاً، وليس كل فقيه يكون محدثاً، من الفقهاء مثلاً من يعتني بكتب العلماء ويحققها ويدققها لكنه ضعيف في الحديث، ومنهم بالعكس عنده علم من الحديث لكنه لا يفقه، قليل الفقه في الحديث، فتجده يعتقد العموم فيما ليس بعام، أو الخصوص فيما ليس بخاص، وهلم جراً.
    لكن المشكلة الآن ليست هذه، المشكلة تصنيف الناس بمعنى: هذا محدث لا تسأله عن مسألة فقهية، هذا فقيه لا تسأله عن مسألة حديثية هذه هي المشكلة، والواجب أن نعتقد الخير والبركة بعلمائنا، وأقصد بالبركة: بركة العلم، وألا نزهد فيما عندهم من العلم؛ لأنك إذا زهدت فيما عند العلماء من العلم فعمن تأخذ الشريعة؟ عن الجهال، هذا من الخطأ العظيم.

    (38/21)


    --------------------------------------------------------------------------------

    نصيحة توجيهية لمن وَجَدَ في قلبه شكاً في مخلوقات الله


    السؤال
    فضيلة الشيخ: أرجو أن تشفي قلبي بما يؤرقني فإن عذاب النار -أقصد عذاب نار جهنم- عذاب أبدي وعقلي لا يتصوره وأخاف منه، ولكن يشككني الشيطان فيه شكاً يؤرقني، أرجو منك توجيهي؟

    الجواب
    أقول: إن من نعمة الله عز وجل أنه لا يؤاخذ عباده بما تحدثهم به نفوسهم، فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنه قال: (إن الله تجاوز عن أمتي ما حدثت به أنفسها ما لم تعمل أو تتكلم) وهذا مأخوذ من قوله تعالى: {لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا} [البقرة:286] ألم تعلموا أن الله لما أنزل: {وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَو تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ} [البقرة:284] لما أنزل الله هذه الآية جاء الصحابة إلى الرسول عليه الصلاة والسلام وجثوا على ركبهم بين يديه، وقالوا: (يا رسول الله! لا نطيق هذا، كيف يحاسبنا الله على ما في قلوبنا سواء أبديناه أو أخفيناه؟ فقال لهم الرسول عليه الصلاة والسلام: لا تكونوا كالذين قالوا: {سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا} [النساء:46] قولوا: {سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ} [النور:51] فقالوا كلهم: {سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ} [البقرة:285]-ماذا كان ثوابهم؟ - ثوابهم أن قال الله: {لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا} [البقرة:286] قال الله: نعم، لا أكلف نفساً إلا وسعها: {لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ} [البقرة:286] قال الله: نعم.
    {رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا} [البقرة:286] قال الله: نعم.
    {رَبَّنَا وَلا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْراً كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا} [البقرة:286] قال الله: نعم.
    {رَبَّنَا وَلا تُحَمِّلْنَا مَا لا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا} [البقرة:286] قال الله: نعم) .
    انظر الجزاء والثواب! لما أذعنوا واستسلموا أنزل الله الفرج: {لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا} [البقرة:286] هذه الشكوك التي يلقيها الشيطان في قلب الإنسان لا عمل عليها، ولا أثر لها والحمد لله، ولكن عليك بوصفة دوائية من رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي: أن تستعيذ بالله من الشيطان الرجيم، وأن تنتهي عن ذلك، فإن الرسول صلى الله عليه وسلم ذكر هذه الوصفة لأصحابه حين شكوا إليه أنهم يجدون في نفوسهم ما يحبون أن يخروا من السماء ولا يتكلموا به، قل: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، وانته، بمعنى: أعرض عن هذا، اشتغل بالأمور الأخرى.
    وإني أسأل أي إنسان يرد في قلبه هذا الشك: ألست تصلي؟ سيقول: بلى.
    ألست تتوضأ في أيام الشتاء؟ بلى.
    ألست تصوم فتجوع وتعطش؟ بلى.
    لمن؟ لله، أين الشك؟ فما يكون هذا الشك إلا وهماً يلقيه الشيطان في قلبك لعله يجد منك قبولاً ثم اعتقاداً ثم انتكاساً -والعياذ بالله- عليك بالدواء الذي وصفه أعلم الخلق بدواء القلوب ودائها، ماذا يقول؟ أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، وهذه استعاذة بالله تعالى من شيء لا تقدر عليه، الشيء الذي تقدر عليه ما هو؟ (ولينته) اعرض عن هذا، لا يهمك، قم، تطهر، صل، تصدق، أحسن الخلق، ولا يهمك، والله لو أننا سألنا هذا الرجل الذي الآن يشكو الأمر وما أكثر الذين يشكون من ذلك لو قلنا له: تعال أنت تتوضأ وتصلي وتتصدق وتصوم وتحج لمن؟ لقال: لله، ما في إشكال، إذاً اترك الوهم الذي أدخله الشيطان على قلبك، أعرض عن هذا، وحينئذٍ إذا استعذت بالله ولجأت إليه عز وجل وهو يجير من استجار ثم انتهيت لا يمضي عليك إلا زمن يسير حتى يطهرك الله من ذلك.

    (38/22)


    --------------------------------------------------------------------------------

    الهجرة في طلب العلم وعقوق للوالدين


    السؤال
    فضيلة الشيخ: أنا طالب علم في الجامعة وأهلي يطلبون مني ترك الدراسة في الجامعة، وأن أعمل في المدينة التي يسكنونها، مع أني إذا عملت في هذه البلدة أو غيرها فإني أخشى من قسوة قلبي، مع أني قد جربت ذلك قبل الجامعة، فهل دراستي في الجامعة والحال هذه من عقوق الوالدين؟

    الجواب
    ليس هذا من عقوق الوالدين، إذا كان اغترابك عن أهلك وعن وطنك أكثر لعلمك وأقوى لإيمانك فعليك به، وليس هذا من عقوق الوالدين، ويمكن أن تزور والديك في الشهر مرة أو مرتين حسب ما يتيسر لك، ويمكن أيضاً أن تتصل بهم صباحاً ومساءً بواسطة الهاتف، لو فرض أن الوالدين مضطران اضطراراً تاماً لك فحينئذٍ نقول: لا بد أن تدفع ضرورتهما، أما والأمر ليس فيه حاجة لكنهما يحبان أن تكون عندهما، وأنت ترى أن وجودك في البلد الذي هم فيه يؤثر عليك، الحمد لله ابق في البلد الذي يزداد فيه علمك وإيمانك، ويمكنك أن تبر والديك بطرق متعددة.

    (38/23)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم إنكار كل المنكرات التي نراها


    السؤال
    فضيلة الوالد: نشاهد في الشوارع من المنكرات وخصوصاً الظاهرة كالدخان والإسبال ونحو ذلك الشيء الكثير، فهل يجب على الإنسان أن ينكر كلما يواجهه من المنكرات مع أن هذا فيه مشقة عظيمة؟

    الجواب
    الواقع أنه كما قال السائل، لا يمكن للإنسان أن ينكر كلما يشاهده في السوق مع كثرة المنكرات، لو أنه فعل ذلك ما خطا خطوةً أو خطوتين، لأنه سيجد من حلق لحيته، وسيجد من يشرب الدخان، وسيجد امرأة متبرجة، وسيجد رجلاً أسبل ثيابه، يقف مع كل واحد؟! مشكلة، هذا لا يجب، وربما يكون أضحوكةً للناس إذا فعل هذا، لكن من الممكن من حين لآخر أن يمسك رجلاً يرى أنه أقرب للقبول ويسر إليه بأن هذا العمل الذي أنت تعمله حرام ولا يجوز، وقد قال الله تعالى: {لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا} [البقرة:286] وقال: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} [التغابن:16] .
    أما سؤال الأخ في مسألة الدخان: فأنا أرى والحمد لله أن الناس الآن انكفوا عنه انكفافاً بالغاً، يعني: ظني الآن أن الشباب خاصة لا يوجد منهم (20%) يشربون الدخان حسب علمي، وأنا لست أتجول في الأسواق لكن هذا ما نشاهده.
    فعلى كل حال: الذي ينبغي للإنسان ألا يهول الأمور أكثر من الواقع، الحمد لله الدخان قليل فيما نعلم.
    على كل حال: الدخان في الواقع أتعجب ممن يتناوله وهو ضار في البدن، ومضيع للمال، ومضيع للوقت، ومثقل للعبادة، ومفسد للأسنان، ومفسد للرائحة، آفاته كثيرة، ويقال لي: إن بعض البلاد التي يعتبرها كثير من الناس راقية في أمور الدنيا الدخان عندهم ممنوع منعاً باتاً، حتى إذا اضطر أحد منهم إلى أن يشرب السيجارة ذهب مختفياً، وهي بلاد كفر، حتى بلغنا أن الذين في الطائرات إذا مرت بهم من فوق هذه الحكومة امتنعوا من شربها، يشربون الدخان وهم في الجو، فإذا كان هذا شأن أولئك القوم الكفار الذين لا يعرفون التعبد لله عز وجل بالشريعة فما بالنا نحن المسلمين؟ نسأل الله الهداية للجميع.

    (38/24)


    --------------------------------------------------------------------------------

    خطر انتشار الأغاني والاستماع إليها


    السؤال
    انتشر في الآونة الأخيرة بين الشباب خاصة والفتيات سماع إذاعة تبث الأغاني، وقد خصص لها راديو، فنرى أن عدداً من الشباب صار يستمع إلى ذلك كثيراً، بل ترى الشباب في الأسواق يرفعونها على أعلى صوت ويدورون في الشوارع بذلك الصوت، فما توجيهك وفقك الله والتحذير لسامعيها؟

    الجواب
    أما توجيهي لعموم الناس: فإن الواجب اجتناب هذه الأغاني؛ لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أخبر أنه سيكون من أمته قوم يستحلون الحر والحرير والخمر والمعازف، أتدرون والحر هو الزنا، فقرن النبي عليه الصلاة والسلام استحلال الخمر والزنا باستحلال المعازف، والمعازف في اللغة العربية وعند العلماء: هي آلات اللهو، وهذه الأغاني المسموعة لا تخلوا من آلة لهو، فاستحلالها حرام، والاستماع إليها حرام، وإعلاء الصوت بين المسلمين حرام، فالواجب الانتهاء عنها وألا تسمع، وألا تبث أشرطتها، حتى نكون أمةً صالحة تتعاون على البر والتقوى ولا تتعاون على الإثم والعدوان.
    وليعلم أن هذا الذي يعلي صوت الأغاني إن كان قصده المراغمة لأهل العلم والدين فهو في الحقيقة لم يراغم هؤلاء لأشخاصهم إنما راغمهم لما يحملوه من علم الشريعة ودين الله عز وجل، وهو على خطر عظيم أن يزيغ الله قلبه ويفسد عليه دنياه وآخرته -والعياذ بالله.
    وإن كان قصده أن يستمع إليها من يهوون هذه الأغاني ليجذبهم إليه فهذا دون الأول لكنه قبيح، والواجب الحذر من هذه الأغاني، وأن يُستبدل بدلها بأشرطة قرآنية أو حديثية أو علمية حتى ينتفع الإنسان بها.

    (38/25)


    --------------------------------------------------------------------------------

    وجوب نفقة الزوجة على الزوج وإن كانت غنية


    السؤال
    فضيلة الشيخ: إذا كانت المرأة معلمة وتقبض راتباً، فهل يجب على الزوج أن ينفق عليها أم تسقط عنه النفقة؟

    الجواب
    الزوج يجب عليه أن ينفق على زوجته ولو كانت غنية؛ لقول الله تعالى: {ليُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ} [الطلاق:7] ؛ ولقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (لهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف) لكن ينبغي للزوجة إذا كان زوجها فقيراً وليس ذا سعة من المال ينبغي لها أن تساعده على مئونة البيت ومئونة العيال ومئونة نفسها أيضاً، وإلا فإن الزوج ملزم بنفقتها ونفقة أولادها منها.

    (38/26)


    --------------------------------------------------------------------------------

    كلمة توجيهية في حسن تربية الزوجة


    السؤال
    فضيلة الشيخ امرأة يهددها زوجها دائماً كلما حصل بينهما خلاف أن تذهب إلى بيت أهلها، وهذا يكثر عند الخلاف بين الزوجين، فما نصيحتك يا فضيلة الشيخ والحال هذه لمن هذا شأنه، خصوصاً وأن الله جل وعلا نهى المرأة أن تخرج من بيت زوجها ولو كان طلاقاً؟

    الجواب
    نصيحتي لهؤلاء الرجال: أن يكونوا رجالاً كما هم كذلك، وأن تكون لهم السلطة على أنفسهم، وألا يخضعوا للغضب، ولقد قال رجل للنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (أوصني.
    قال: لا تغضب فردد مراراً قال: لا تغضب) .
    ثم إن دواء الخلاف بين الزوجين ليس بأن يطردها من البيت إلى أهلها، هذا لا يزيد الأمر إلا شدة، بل الذي ينبغي أن يتودد إلى زوجته، وأن يعفو عن السيئات، ولقد قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (لا يفرك مؤمن مؤمنة) لا يفرك أي: لا يبغض ولا يكره: (إن كره منها خلقاً رضي منها خلقاً آخر) والذي ينبغي أن يكون الرجل رجلاً بمعنى الكلمة، من الذي ينسى الحسنات إذا حصلت عليه سيئة واحدة؟ المرأة، أتريد أن تنزل بنفسك حتى تكون بمنزلة المرأة إذا رأيت منها سيئةً واحدة قلت: ما رأيت خيراً قط.
    فلذلك أنصح إخواننا إذا حصل بينهم وبين زوجاتهم مشاكل أو سوء تفاهم أن يصبر الرجل ويتحمل، ويعامل المرأة بما هي أهله مما أوصى به الرسول عليه الصلاة والسلام، قال: (إنهن خلقن من ضلع، وإن أعوج شيء في الضلع أعلاه، فإن ذهبت تقيمها كسرتها، وإن استمتعت بها استمتعت بها على عوج) هكذا قال النبي عليه الصلاة والسلام، وإني واثق من أن الرجل إذا أطاع الله ورسوله في معاشرة أهله فسوف يقلب الله تعالى العداوة والبغضاء في قلبها إلى ولاية ومحبة، يقول الله عز وجل: {وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ} [فصلت:34] القلوب بيد الله عز وجل، ادفع بالتي هي أحسن وستتغير الأمور.

    (38/27)


    --------------------------------------------------------------------------------

    التفصيل في إسقاط الجنين من بطن أمه


    السؤال
    فضيلة الشيخ: إذا قرر الأطباء بأن هذا الطفل مشوه خلقةً في بطن أمه، وأشار الطبيب بإسقاط هذا الجنين ووافقت الأم على ذلك، وذكر بأن إسقاطه سيكون بالأشعة، فما حكم إسقاطه، وما هي الأحكام المترتبة على ذلك؟

    الجواب
    أما إذا كان الجنين قد نفخت فيه الروح، وتنفخ فيه الروح إذا تم له أربعة أشهر، فهذا لا يجوز إسقاطه بأي حال من الأحوال سواء كان مشوهاً، أو أصيبت الأم بمرض لو بقي حتى الوضع لهلكت فإنه لا يجوز إسقاطه أبداً، حتى لو قرر الأطباء أن الحمل لو بقي في بطنها لماتت، نقول: فلتمت ولا يمكن أن نسقطه لماذا؟ لأننا لو أسقطناه لقتلنا نفساً بغير حق، جنين لم يجن ولم يعتد على أحد كيف نقتله؟ فإن قال إنسان: أنت إذا أبقيته في بطن أمه هلكت أمه ثم هلك هو أيضاً؟ فالجواب على هذا من وجهين: الوجه الأول: أنه لو ماتت أمه وكان في زمن يمكن أن يبقى حياً فإنه يمكن أن يبادر بالعملية ويشق بطنها ولو بعد الموت ويخرج الجنين ثانياً: لو قدر أن هذا متعذر وأنه لا يمكن إخراج الجنين، وأن بقاءه سوف يكون سبباً لموت أمه قلنا: إذا ماتت أمه فهل موتها بسبب منا أو من الله؟ من الله، إذاً ليس بأيدينا حيلة، لكن لو أننا أخرجنا الجنين ومات فموته بسبب منا هذا إذا كان بعد نفخ الروح فيه وهو ما تم له أربعة أشهر.
    أما إذا كان قبل ذلك فالأمر فيه أهون، يمكن أن يسقط ويعمل إجهاض؛ لأنه الآن ليس إنساناً، لم تنفخ فيه الروح، ولهذا قال الله عز وجل لما ذكر أطوار الجنين، قال: {ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقاً آخَرَ} [المؤمنون:14] فارتقى من الجماد إلى الحياة، وعلى هذا فنقول: إذا كان ذلك بعد تمام أربعة أشهر وهو الوقت الذي تنفخ فيه الروح فإن تنزيله حرام، حتى لو أدى بقاؤه إلى موت أمه هذه واحدة، وإذا كان قبل ذلك فلا بأس، إذا قرر الأطباء أنه سيخرج مشوهاً ويتعب هو ويتعب أهله، أو قالوا: إن بقاءه يكون سبباً لهلاك أمه فحينئذٍ لا حرج أن نجهض هذا الحمل.

    (38/28)


    --------------------------------------------------------------------------------

    كيفية التوبة والعلاج من الوقوع في الكبائر


    السؤال
    فضيلة الشيخ: مشكلتي وشكواي أبثها إلى الله ثم إليك: شخص يقع في كبيرة دائماً ويحاول التوبة بصدق وإخلاص وإصرار ولكنه يعود، فما الداء والعلاج في نظر فضيلتكم؟

    الجواب
    الدواء والعلاج أن يتوب إلى الله، كلما أذنب يتوب إلى الله فإن الله يتوب على من تاب، ولكن بعد التوبة ينبغي أن يتجنب الأسباب التي تكون بها هذه المعصية، يبتعد عنها حتى يسلم من شرها، ويستعين الله عز وجل، ويسأل الله تعالى دائماً الثبات على التوبة، والله سبحانه وتعالى كريم، إنما ليبشر أنه كلما أذنب واستغفر وتاب توبةً حقيقةً يعلم الله منه أنه صادق فإن الله يتوب عليه.

    (38/29)


    --------------------------------------------------------------------------------

    نصيحة توجيهية لمن ينام عن صلاة الفجر


    السؤال
    فضيلة الشيخ: نشكو إلى الله ثم إليك أن عدداً من الشباب لا نراهم يصلون صلاة الفجر في هذه الأيام، والسبب أنهم ربما سهروا وناموا، فما نصيحتك لهم، وما حكم من ترك صلاة الفجر حتى طلعت الشمس وكان ذلك باستمرار؟

    الجواب
    أما نصيحتنا لهؤلاء فالظاهر أن كلامنا فيها من باب التكرار، كل يعلم أنه لا يجوز للإنسان أن يسهر ليله ويدع صلاة الفجر.
    وأما الذين يؤخرون صلاة الفجر حتى يخرج وقتها مع قدرتهم على أن يصلوا في الوقت فهؤلاء لا تقبل صلاتهم ولو صلوا ألف مرة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد) أي: مردود عليه، ومن أخر الصلاة عن وقتها بلا عذر شرعي فقد عمل عملاً ليس عليه أمر الله ورسوله فيكون مردوداً عليه، لكن عليه أن يتوب إلى الله، وأن يكثر من الأعمال الصالحة، ويسأل الله السلامة.

    (38/30)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم أخذ الأجرة على الإمامة


    السؤال
    أنا شاب أرغب في أن أكون إماماً لمسجد، ولدي القدرة على ذلك، وقد كنت في فترة ماضية، ولكني أخاف على نفسي من هذا الراتب الخوف من دخول الدنيا في القلب وأن يكون الهم هو الراتب فقط؟

    الجواب
    نقول: بارك الله فيك، لا تجعل الهم هو الراتب، اجعل همك أن تكون إماماً للمتقين، فإن الحاضرين إلى المساجد من المتقين إن شاء الله، وأنت إمامهم، فتدخل في عموم قوله تعالى: {وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً} [الفرقان:74] واترك الراتب كأنه إن جاء فهو سوف يأتي وإن لم يأت فلا يهمنك، وحينئذٍ تكون نيتك خالصة.
    أما وضع الراتب للأئمة والمؤذنين والمعلمين والمدرسين والدارسين فهذا من باب التشجيع على الخير، ولا بأس به، وكان النبي عليه الصلاة والسلام في غزواته يجعل جعلاً ينشط الغزاة على القتال، حتى قال: (من قتل قتيلاً فله سلبه) أي: ما عليه من الثياب والرحل وما أشبه ذلك مما يعد سلباً، كل هذا من باب التشجيع على الخير، ولا حرج على الإنسان أن يأخذ بدون طلب، المشكل أن يطلب زيادة على وظيفة دينية، ولهذا سئل الإمام أحمد رحمه الله: عن رجل طلبوا منه أن يصلي التراويح فقال: أنا أصلي بكم التراويح، لكن بكم؟ ما أصلي إلا بكذا وكذا، فسئل الإمام أحمد عن هذا فقال: من يصلي خلف هذا؟! من يصلي خلف هذا؟! معناه أن هذا الرجل يريد أن يكون إماماً من أجل الدنيا، قال: نعوذ بالله! من يصلي خلف هذا؟ بعض الناس يقول: إن أخذه الراتب على الإمامة ينقص من إخلاصه، وهذا غير صحيح، ينقص من إخلاصه إذا كان لا يصلي إلا لأجله، أما إذا كان يصلي لله عز وجل ويستعين بما يأخذه على نوائب الدنيا فلا بأس بذلك.

    (38/31)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم زكاة الذهب إذا بلغ النصاب


    السؤال
    أنا امرأة عندي ذهب قليل ولا ألبسه، بل جعلته للحاجة الماسة لا سمح الله في أي يوم من الأيام إذا طرأت علينا، وعندي أطفال، وتأتيني زكاة، فهل أزكي عليه أم أبيعه؟

    الجواب
    إذا كان لا يبلغ النصاب والنصاب خمسة وثمانون جراماً فلا زكاة فيه، وإذا كان يبلغ النصاب فالأرجح من أقوال أهل العلم: أن الزكاة واجبة فيه، يقدر كل سنة ويخرج ربع العشر -أي: (2،5%) - وأما أخذها الزكاة من أجل نفقتها ونفقة عيالها من طعام وشراب وكسوة فلا بأس به إذا كان الذهب الذي عندها لا يزيد عما يلبسه مثلها، أما إذا كان يزيد فلتبع منه ولتستغن بذلك عن أخذ الزكاة.
    وفي سؤالها عبارة: (لا سمح الله) وينبغي أن يستبدل بدلاً منها "لا قدر الله" لأن كلمة "سمح الله" تشعر بأن الله تعالى يكره على الشيء إن شاء سمح وإن شاء ما سمح، ولكن الأفضل أن يقال: لا قدر الله ذلك مثلاً.

    (38/32)


    --------------------------------------------------------------------------------

    خطر ارتفاع نسبة المدخنين في المجتمع


    السؤال
    ذكرت يا فضيلة الشيخ أن نسبة المدخنين من الشباب (20%) وقد قرأت في أحد الصحف اليوم أن نسبة المدخنين (70%) .


    الجواب
    أعوذ بالله، هذا خبر صحفي ليس صحيحاً، ولا نوافق عليه، اللهم إلا إذا كان في بعض الأماكن فممكن.

    (38/33)


    --------------------------------------------------------------------------------

    ضابط المسافة التي يستحب فيها القصر


    السؤال
    فضيلة الشيخ: نحن شباب خرجنا في رحلة برية من بعد صلاة الفجر حتى الساعة العاشرة ليلاً، وكان المكان يبعد عن البلدة (170كم) ، السؤال: عندما وجبت علينا صلاة العصر صلينا الظهر والعصر جمعاً وقصراً، وأحدنا جمع ولم يقصر، فما حكم صلاتهم مع أنهم لم يسافروا؟

    الجواب
    هذه مسألة فيها خلاف بين العلماء: منهم من حدد المسافة، ومنهم من جعل الأمر راجعاً لعرف الناس، فالذين يحددون المسافة يقولون: إذا تجاوز (83كم) فإنه يعتبر مسافراً يقصر ويجمع إن احتاج للجمع، لأن الجمع ليس من رخص السفر دائماً، بل الجمع الأفضل تركه للمسافر النازل في المكان دون السائر، أما القصر فإنه سنة للمسافر ولو كان نازلاً.
    ومن العلماء من يقول: السفر ليس محدداً بمسافة وإنما السفر ما عده الناس سفراً وتأهبوا له، وهذا الثاني هو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية، وعليه فنقول: إذا خرج الإنسان عن بلده نحو (70كم) أو (80كم) أو (100%) أو أكثر، ومن نيته أن يرجع عن قرب خرج في الصباح ورجع في آخر النهار فهذا لا يعد سفراً عند الناس، فالأحوط له أن يصلي أربعاً وأن يصلي كل صلاة في وقتها.
    وأرى أن مثل هؤلاء أن يصلوا بلا قصر وألا يجمعوا، إلا إذا دعت الحاجة إلى الجمع فليجمعوا بدون قصر.
    ثم إني أحب من الإخوة ألا يختلفوا، فمثلاً: هؤلاء الذين اختلفوا: أحد يقول نقصر والآخر يقول: لا نقصر، والثاني يقول: نجمع، والآخر يقول: لا نجمع.
    يمكن أن نجمع بين الجميع فنقول: أتموا وصلوا كل صلاة في وقتها حتى تؤدوها بلا خلاف.

    (38/34)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم من نسي التشهد الأول ثم لم يسجد للسهو


    السؤال
    ما تقول يا فضيلة الشيخ في رجل صلى المغرب فنسي التشهد الأول ولم يذكره المؤتمون، وهو ظن أنه قد جلس للتشهد الأول فسلم من الصلاة ولم يذكره أحد، ولم يسجد للسهو، وبعد تفرق الناس سأل المؤذن: هل جلس للتشهد الأول؟ فقال المؤذن: لم تجلس للتشهد، فما هو الحكم في هذه الحال؟

    الجواب
    إذا كان الرجل الذي قام عن التشهد الأول ناسياً ثم ذُكِّر إذا كان العهد قريباً يسجد للسهو ولا حرج عليه، وإن كان العهد قد تطاول وطال الزمن فإنه يسقط عنه سجود السهو وصلاته صحيحة.

    (38/35)


    --------------------------------------------------------------------------------
    وأخيراً أسأل الله عز وجل أن يجعل هذا العمل نافعاً، مباركاً، خالصاً لوجهه الكريم
    وأن ينفعني به في حياتي وبعد مماتي، وأن ينفع به كل من انتهى إليه؛ فإنه خير مسؤول، وأكرم مأمول، وهو حسبنا ونعم الوكيل، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد بن عبد الله وعلى آله وأصحابه ومن تبعه بإحسان إلى يوم الدين.

    حياكم الله بموقع بداية الهداية الخطوة إلى طريق العلم الشرعي الصحيح
    http://www.musacentral.com/

  2. #72
    تاريخ التسجيل
    Mar 2009
    المشاركات
    2,459
    الدين
    الإسلام
    آخر نشاط
    01-11-2023
    على الساعة
    04:37 PM

    افتراضي

    اللقاء الشهري

    اللقاء الشهري [39]
    لقد ابتليت الأمة المحمدية في عصرنا هذا بأنواع شتى من الفتن والمحن والبلايا، وإن من أعظم ما فُتنت به الأمة اليوم هو الغزو الفكري والأخلاقي المدمر للبيوت والأخلاق والفضيلة والعفاف من قبل أعداء الله عبر القنوات الفضائية، فأفسدوا وميعوا شباب ونساء الأمة ولا حول ولا قوة إلا بالله، وقد اغتر كثير من المسلمين بذلك وظنوه حضارة، ولكن المخرج والعصمة بهجر آلات اللهو والطرب، والالتزام بالكتاب والسنة.

    (39/1)


    --------------------------------------------------------------------------------

    فتنة الغزو الفكري والخلقي عبر القنوات
    الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله الله بالهدى ودين الحق، فبلغ الرسالة، وأدى الأمانة، ونصح الأمة، وجاهد في الله حق جهاده، فصلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
    أما بعد: أيها الإخوة فهذا هو اللقاء التاسع والثلاثون من اللقاء الشهري الذي يتم في ليلة الأحد الثالث من كل شهر، وشهرنا هذا هو شهر جمادي الثانية عام (1417هـ) أسأل الله تعالى أن يكثر من اللقاءات النافعة بين المسلمين بين شبابهم وشيوخهم بين علمائهم ومتعلميهم إنه على كل شيء قدير.
    أيها الإخوة: إلى أين نسير؟ وإلى أين نتجه؟ أنحن نعيش كما تعيش البهائم؟ أنعيش كما تعيش الأنعام ليس لنا هم إلا ملء البطن وشهوة الفرج؟ إلى أين؟ الواقع أن هذا سؤال عظيم، تنبني عليه حياة الإنسان الحاضرة والمستقبلة، إننا في الحقيقة نعلم أين نذهب، ونعلم إلى أي شيء نعيش، ونعلم لماذا وجدنا في هذه الحياة من كلمة واحدة من كلام الله عز وجل ألا وهي قول الله تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْأِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} [الذاريات:56] لم يخلق الله الجن والإنس إلا لعبادته، وعبادته توحيده والقيام بطاعته فعلاً للمأمور وتركاً للمحظور.
    ولقد أكرم الله تعالى بني آدم وفضلهم على كثير ممن خلق تفضيلاً، خلق لهم ما في الأرض جميعاً لينتفعوا به ويستعينوا به على ما خلقوا من أجله وهي العبادة، ولقد أكرم الله بني آدم وفضلهم على كثير ممن خلق تفضيلاً حين سخر لهم ما في السماوات وما في الأرض، كما قال الله عز وجل: {هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً} [البقرة:29] وقال تعالى: {وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً مِنْهُ} [الجاثية:13] ولكن هل نحن استخدمنا هذا المسخر لنا والمخلوق لنا فيما خلقنا له، أم أننا ألغينا ما خلقنا له واشتغلنا بما خلق لنا؟

    الجواب
    إن كثيراً من بني آدم على هذا الوضع، تركوا ما خلقوا له، واشتغلوا بما خلق لهم، ويدلك على هذا قول الله تبارك وتعالى: {وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ} [الأنعام:116] من أكثر من في الأرض؟ الكفرة، الكفار هم أكثر من في الأرض إن أطعناهم أضلونا عن سبيل الله: {وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا} [النساء:89] {وَوَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ} [الممتحنة:2] {وَدَّتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يُضِلُّونَكُمْ} [آل عمران:69] {وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّاراً} [البقرة:109] أكثر أهل الأرض ضُلَّال ليسوا على هدى: {وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ} [الأنعام:116] .
    ولكن تدرون هل من في الأرض من هؤلاء يصدرون الأوامر بلفظ: افعلوا؟ لا، لا يصدرون الأوامر بلفظ: افعلوا كذا، ولو أنهم أصدروا ذلك لكشفوا عن أنفسهم، ولتبين خطؤهم، لكنهم يسرون في جسم الأمة الإسلامية كما تسري النار في الفحم أو كما يسري السم في البدن، إنهم يأمروننا أمراً غير مباشر بسخافة الأخلاق، ونحاتة الأفكار، وفساد الأديان بما يغزوننا به من أنواع الغزو الفكري والخلقي والمالي والاقتصادي والاجتماعي، في كل ما يستطيعون من قوة؛ لأنهم يعلمون أنه لو كان الميدان بيننا وبينهم في الأخلاق والعبادة لكان الظفر للمسلمين، يعلمون ذلك، لكنهم لم يجابهونا مجابهةً نعلم بها حقدهم وعداوتهم وبغضاءهم، إنما دسوا لنا هذه الأخلاق عبر وسائل الإعلام؛ ولهذا تجدهم جادِّين ليلاً ونهاراً في اختيار الأساليب المغرية والصور الفاضحة التي يبثونها عبر الأقمار الصناعية، ولا شك أن هذا من فتنة الله عز وجل لعباده: {وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً} [الأنبياء:35] .
    الذي يسر هذه السبل حتى أوصلوا أخلاقهم الرذيلة وأفكارهم المنحرفة إلى بلادنا، إلى حجرنا، إلى غرفنا، إلى مدارسنا إنما ذلك لحكمة؛ امتحاناً من الله عز وجل، والله تعالى يمتحن عباده بتيسير أسباب المعصية ليبلوهم أيهم يصبر أو أيهم ينحدر.
    ألم تعلموا إخوانكم وسلفكم حين ابتلوا بتسهيل أسباب المعصية ولكنهم امتنعوا، امتحن الله الصحابة رضي الله عنهم وهم محرمون بشيء من الصيد، ونحن نعلم جميعاً أن المحرم يحرم عليه الصيد، حتى ولو كان خارج الحرم؛ لأن الصيد يشغف القلب، ولو استرسل الإنسان وراءه لنسي أنه محرم، فحرم من أجل ألا يشتغل به عن إحرامه، حرم الله عليهم الصيد لكنه ابتلاهم بشيء من الصيد تناله أيديهم ورماحهم، واحد يمسك الصيد بيده أو برمحه، قال العلماء: ينالون الصيد الزاحف باليد مثل الأرنب، وينالون الصيد الطائر بالرمح بدون سهم ليبلوهم عز وجل أيهم يصبر عن هذا الصيد أو لا يصبر هذا تسهيل لطرق المعصية حتى يبتلى العبد أيصبر عنها أو لا؟ فماذا كان منهم؟ أن صبروا وهجروها وتركوها، وربما يكونون جياعاً يحتاجون إلى الأكل لكن الله حرم ذلك.
    نحن في زمننا الآن في فتنة، ومحنة، هذه الأقمار الصناعية التي يبث فيها أعداؤنا من اليهود والنصارى والشيوعيين وغيرهم ما يدمرون به عقائدنا وأخلاقنا، ويدمرون به مجتمعاتنا من أكبر الفتن، هذه الوسائل الإعلامية القوية الزاحفة أضلت أناساً كثيرين إما مباشرة وإما غير مباشرة، إننا تكلمنا قبل جمعتين أو أكثر على موضوع الدشوش، وبينا أنها مدمرة للأخلاق، وأنها مدمرة حتى للعقيدة؛ لأن الشعوب إذا دمرت أخلاقها، وارتفع حياؤها، دمر دينها وعقيدتها، إن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (الإيمان بضع وسبعون شعبة، أعلاها قول: لا إله إلا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق، والحياء شعبة من الإيمان) .
    أين الحياء من قوم يبثون بيننا شباباً وشابات سافرات متبرجات؟ تجد هذه تعانق الشاب، إذا رأى الشاب والشابة هذا المنظر فهو بشر تعصف به الشهوة إلى مكان سحيق، إنهم يأتون بالشبهات حتى فيما يتعلق بالعقيدة كما سمعنا أنهم يشبهون السحب المتراكمة وفوقها شيخ كبير يصب عليها براميل الماء!! وكأنهم يقولون: هذا الشيخ هو الله -والعياذ بالله- قاتلهم الله، إلى غير ذلك من الأشياء المزعجة المخزية.

    (39/2)


    --------------------------------------------------------------------------------

    فتنة بناء الاستراحات والأحواش التي يجاهر فيها بالمعاصي
    والمسلمون الآن ممتحنون مفتونون بهذا، إننا نسمع أنه بواسطة ما منَّ الله به علينا من السعة في الأموال وكثرة الأرزاق بنيت الاستراحات، وبنيت الأحواش، وصار يجتمع فيها الناس من شيوخ وكهول وشباب ومراهقين يجتمعون فيها إلى ساعات متأخرة من الليل، ولقد بلغنا أنهم يصطحبون معهم هذه الدشوش ليسهروا عليها -والعياذ بالله- ولقد بلغنا أيضاً أنهم يحملون (الشيشة) ليدخنوا بها، ويحملون علب السجائر ليدخنوا بها، ويحصل عندهم من آلات العزف والموسيقى ما يفسد أخلاقهم، فلماذا لا يكون كل واحد منا رقيباً على أولاده؟ أين ذهبتم؟ لماذا تأخرتم في المنام؟ إنكم مسئولون إنكم محاسبون! أتظنون أن هذه النعم التي ابتليتم بها اليوم لن تسألوا عنها! أبداً لا بد أن يسأل الإنسان كما قال عز وجل: {ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ} [التكاثر:8] تسأل عن النعيم وأنت ترى الجحيم: {لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ * ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا عَيْنَ الْيَقِينِ * ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ} [التكاثر:6-8] لا بد أن نسأل أين ذهب هؤلاء الشباب.

    (39/3)


    --------------------------------------------------------------------------------

    الذين يجب عليهم تحمل المسئولية في إنكار المنكر

    (39/4)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حمل المسئولية على الشباب
    إن بعض الناس -حتى الكبار كما سمعنا- يحضرون في هذه الاستراحات، وفي هذه الأحواش إلى وقت متأخر من الليل، وربما يأتون إليها من قبل الغروب فينسون أهليهم وأبناءهم وبناتهم، يأتي الإنسان في آخر الليل وقد انهمك جسمه من التعب والسهر وينام، والله أعلم هل يصلي الفجر أم لا يصلي! ولا يرى أهله، ولا يجلس معهم في عشاء ولا غداء، وكأنه في وادٍ وهم في واد أين المسئولية؟ إن أي إنسان يضيع حق الله في أولاده فسيضيعون حق الله فيه؛ سوف يبتلى بعقوقهم وكراهيتهم له حتى كأنه ليس أباً لهم، لذلك أنصح أولاً الشباب عن الانهماك في هذه الأحواش وفي هذه الاستراحات على وجهٍ لا يرضي الله ورسوله.

    (39/5)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حمل المسئولية على أولياء أمور الشباب
    ثانياً: أحمل المسئولية أولياءهم أمام الله ثم أمام مجتمعهم، أحمل المسئولية لآبائهم الذين استرعاهم الله عز وجل عليهم، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم وكَّل كل إنسان على أهله، أنت راع بوكالة الرسول عليه الصلاة والسلام: (الرجل راع في أهله ومسئول عن رعيته) هل يمكن أن تنفك عن هذه الوكالة التي ألزمك بها رسول الله؟ لا يمكن، إذاً: قم بالوكالة على الوجه المطلوب وإلا فستسأل: {وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ مَاذَا أَجَبْتُمُ الْمُرْسَلِينَ} [القصص:65] أين جوابك يوم القيامة إذا لقيت الله عز وجل؟

    (39/6)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حمل المسئولية على أصحاب أماكن المنكرات
    ثالثاً: أحمل المسئولية أصحاب هذه الأحواش وأصحاب هذه الاستراحات، إذا أتاهم من يعلمون أو يغلب على ظنهم أنه سوف يكون فيها على الوجه الذي لا يرضاه الله ورسوله فليعلم أنه يأكل أجرتها سحتاً وحراماً، وما أعظم أن يكون معيناً على الإثم والعدوان، هذه الأجرة التي يأخذها سحتاً وحراماً؛ لأن الله إذا حرم شيئاً حرم ثمنه.
    ثم إذا أكل هذا ما الذي يترتب عليه؟ جاء في الحديث: (كل جسم نبت من سحت فالنار أولى به) هذه واحدة.
    أيضاً الذي يأكل الحرام يبعد أن تجاب دعوته -والعياذ بالله- حتى لو دعا في أكبر الأسباب التي تستجاب بها الدعوة فإن إجابته بعيدة، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إن الله طيب لا يقبل إلا طيباً، وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين، فقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ} [البقرة:172] وقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحاً إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ} [المؤمنون:51] ثم ذكر النبي صلى الله عليه وسلم الرجل يطيل السفر، أشعث أغبر، يمد يديه إلى السماء: يا ربِ! يا ربِ! ومطعمه حرام، وملبسه حرام، وغذي بالحرام، فأنى يستجاب لذلك؟!) بعيد أن يستجاب له، مع أن الرجل فعل من أسباب إجابة الدعاء ما فعل، ما الذي فعل من أسباب إجابة الدعاء؟ أولاً: السفر.
    ثانياً: أنه أشعث أغبر.
    ثالثاً: أنه يمد يديه.
    رابعاً: أنه يستنجد بالله ويتوسل بربوبيته: يا رب! يا رب! ولكن مطعمه حرام، وملبسه حرام، وغذي بالحرام، فلا يستجاب له.
    أتريد أيها المؤمن أن تدعو الله ولا يستجيب لك؟ لا أحد يريد هذا، لكن إذا كان مأكلك حراماً، ومشربك حراماً، وغذيت بالحرام فالإجابة -أعني: إجابة الدعاء- بعيدة منك نسأل الله العافية.

    (39/7)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حمل المسئولية على عموم الناس
    رابعاً: أحمل بقية الناس الذين يعلمون ما يحصل في هذه الأحواش أو في هذه الاستراحات أحملهم أن يقوموا بما أوجب الله عليهم من النصيحة، ينصحون إخوانهم، أرأيت لو أن ناراً استعرت وأقبل الناس إليها، أليس من النصيحة أن تحذرهم منها؟ بلى، من حق إخوانك عليك أن تنصحهم وتحذرهم، تكف النار عنهم أو تكفهم عن النار، فالواجب على من علم عن أخيه أن له استراحةً أو أن له حوشاً يجتمع فيه الناس على معصية الله أن ينصحه ويحذره من عذاب الله.
    يقول: يا أخي الدنيا ليست باقية، لا تدري متى تلاقي ربك، قد تصبح ولا تدرك المساء، وقد تمسي ولا تدرك الصباح، اتق الله.
    ثم اذكر أنك متى اتقيت الله جعل لك من أمرك يسراً متى اتقيت الله رزقك من حيث لا تحتسب متى اتقيت الله جعل لك مخرجاً من كل ضيق وانصحه فلعل الله أن يهديه، وإذا هداه الله على يديك اكتسبت خيراً كثيراً.
    ثم إذا قُدِّر أنه ليس في الإنسان إقدام على النصيحة إما لعجزه أو خجله أو خوفه ممن يوجه النصيحة إليه فعليه أن يبلغ من يستطيع نصحه ومنعه؛ لأن سكوتنا عن شيء نشاهده بأعيننا أو نسمعه بآذاننا وهو محرم دون نصح أو محاولة للإصلاح خطأ عظيم، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً وشبك بين أصابعه) وقال صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى) أنت وأخوك شيء واحد، إذا انحرف واحد من الشباب فيعني ذلك أنه نقص نقص هذا الواحد، أو نقص قوة تماسكه وسلامته؟ الأمرين، نقص هذا المنحرف خسارة، أيضاً يعتبر هذا النقص الذي حصل للمجتمع خللاً في الجميع، ومن الأمثلة العامة يقولون: إن البئر إذا سقط منه حصاة فالبئر كله خراب؛ لأنه يختل كل البناء، والرسول عليه الصلاة والسلام بين أن المجتمع الإسلامي كالبنيان يشد بعضه بعضاً، وأما السكوت على الباطل فلا.
    فإن قال قائل: أرأيت لو أن الإخوة أو الأقارب اجتمعوا في واحد من هذه الأحواش أو في الاستراحة للتآلف والتعارف، وإلقاء أطراف الحديث لتزول الوحشة لكن من غير شيء محرم فهل هذا جائز؟

    الجواب
    جائز، لكن ليكن بقدر معلوم، لا يمضوا أكثر الليل في هذا المكان، لأنه مهما كان الأمر إذا أمضوا أكثر الليل في هذا المكان فسوف ينفد ما عندهم من الكلام النافع، ويبقى الكلام اللغو أو المحرم، فليكن هذا بقدر الحاجة بحيث إذا حصلت الفائدة انفضوا، ونحن لا يمكن أن نحجر على عباد الله ونقول: لا تفرحوا، لا تستأنسوا، لا تجتمعوا غير ممكن، الصحابة لما قال لهم الرسول عليه الصلاة والسلام: (إياكم والجلوس على الطرقات! قالوا: يا رسول الله! هذه مجالسنا مالنا منها بد -أقرهم على ذلك- لكنه قال: أعطوا الطريق حقه) .
    نحن لا نقول: لا تجتمعوا في هذا! ولو قلنا هذا ما أطاعنا الناس، ولا نقوله أيضاً لكن نقول: ليكن جلوسكم على خير، تآلف، تعارف، تجاذب أطراف الحديث النافع هذا طيب.
    هناك قسم ثالث يجتمعون على كتاب الله، وعلى ذكر الله، وعلى التناقش في مسائل العلم، وهذا لا شك أنه في قمة المجالس؛ لأنه ما اجتمع قوم على ذكرٍ إلا كان ذلك خيراً لهم، وهذا يعتبر في قمة المجالس.
    فتبين الآن أن الجلوس في هذه الأماكن ينقسم إلى ثلاثة أقسام: 1- قسم خير محض.
    2- قسم شر محض.
    3- قسم لغو لكن قد يكون خيراً وقد يكون شراً حسب ما يؤدي إليه.
    ولنقتصر على هذا القدر من الكلام، ونسأل الله تعالى أن يصلح قلوبنا وأعمالنا، وأن يجمع كلمتنا على الحق، وأن يجعلنا من الهداة المهتدين والقادة المصلحين.
    أما الآن فإلى الأسئلة، وأحثكم على أن تكون أسئلتكم واضحة وصريحة بقدر الإمكان؛ لأن الصراحة في السؤال تدل على صدق السائل، وأنه يريد الوصول إلى الحق، لقد جاءت أم سليم وهي امرأة تقول: (يا رسول الله، هل على المرأة من غسل إذا هي احتلمت) صرحت، وطُلِقت امرأة طلقها زوجها ثلاثاً فتزوجها رجل، لكنه لم يجامعها، ولم ترض به، فأرادت الرجوع إلى الزوج الأول، وجاءت إلى الرسول عليه الصلاة والسلام تقول له: (إني نكحت فلاناً وليس معه إلا مثل هدبة الثوب.
    وأمسكت بثوبها ونفضته) تعني بذلك: أنه لم بجامعها، ليس معه شيء، هذا كلام يمكن لا يستطيع الرجل أن يعبر به، لكنها امرأة صارت صريحة، فالصراحة -كما قيل- هي الراحة، ونسأل الله لنا ولكم التوفيق.

    (39/8)


    --------------------------------------------------------------------------------

    الأسئلة

    (39/9)


    --------------------------------------------------------------------------------

    نصيحة لمن ابتلي بدخول الدش إلى بيته


    السؤال
    فضيلة الشيخ: تعرضت -وفقك الله- في الخطبة واللقاء إلى الأحواش والاستراحات، وما تكلمت وفقك الله عن البيوت وغزو الدشوش لها، فهذا والد له أولاد كبار ألزموا والدهم بإحضار الدش، فأحضروه من مالهم، فأقرهم الوالد ومكنهم منه مع أنه ممن يصلي في الروضة ولا يريده، لكنه مكره، فما نصيحتك له ولأولاده والبيت فيه نساء وأطفال؟

    الجواب
    حقيقة أني تكلمت على الأحواش والاستراحات؛ لأنه بلغني أنها شاعت شيوعاً عجيباً وبسرعة، حتى بلغت نحو ألفين في مدينة كـ عنيزة، وهذا صعب جداً، أما الذي في البيوت فهو من مدة كثيرة، وأقول: إن هذا الرجل الذي وافق أهله إما أبناءه أو بناته أو زوجاته على أن يحضر هذا الدش، ويستمعون إلى ما شاءوا فيه، وينظرون إلى ما شاءوا، أرى أنه أخطأ وأنه مسئول عن ذلك، وهو صاحب البيت يستطيع أن يمنع، وأنصحه الآن بأحد أمرين: إما أن يكون رقيباً مباشراً على هذا الدش بحيث لا ينظر فيه إلا إلى ما فيه المصلحة، وإما أن يكسره -يجب عليه- سواء رضي الأولاد أم لم يرضوا؛ لأنه مسئول عن ذلك، ولا يمكن أن يبيعه هو، لأنه إذا باعه إنما يبيعه على قوم يستعملونه في المعصية فيكون معيناً على معصية الله، ولا سبيل إلى التوبة منه إلا أن يكسره، فإذا قال: خسر عليه مثلاً ألف ريال أو ألفي ريال نقول: الحمد لله، الخسارة فيما يقرب إلى الله ربح، وسوف يخلف الله عليك خيراً منه.
    وإتلاف الأموال لرضا الله عز وجل غضباً على النفس وانتقاماً منها من سنن المرسلين، قال سليمان عليه الصلاة والسلام: {إِنِّي أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ عَنْ ذِكْرِ رَبِّي حَتَّى تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ} [ص:32] أي: ألهاني حب المال عن ذكر الله حتى توارت الشمس بالحجاب -أي: حتى غابت- {رُدُّوهَا عَلَيَّ} [ص:33] وكان ذلك الخير الذي شغله عن الله كانت خيولاً وفرساناً يجاهد عليها: {رُدُّوهَا عَلَيَّ فَطَفِقَ مَسْحاً بِالسُّوقِ وَالْأَعْنَاقِ} [ص:33] أكثر المفسرين على أن المعنى: جعل يقص أعناقها ويقص أرجلها غضباً على نفسه وإرضاءً لربه حتى لا يعود مرةً ثانية.
    وها هو النبي عليه الصلاة والسلام صلى يوماً في خميصة أهداها له أحد أصحابه وهو أبو جهم، فنظر إلى أعلامها -خطوطها- وهو يصلي نظر إليها نظرةً واحدة، فلما انصرف من صلاته قال: (اذهبوا بخميصتي هذه إلى أبي جهم لأنها ألهتني آنفاً عن صلاتي) وهو لم ينظر إليها إلا نظرةً واحدة، لكنها ألهته، ولكنه من أجل ألا ينكسر قلب صاحبها قال: (ائتوني بأنبجانية أبي جهم) من أجل ألا يقول: إنه ردها علي، فأتوه بها.
    المهم أني أقول لصاحب هذه العائلة: عليك بتقوى الله، فإما أن تبقى عند هذا الدش ليلاً ونهاراً حتى لا تنظر العائلة إلى ما لا يجوز، وإما أن تكسره ويخلف الله عليك.
    وأخيراً أسأل الله عز وجل أن يجعل هذا العمل نافعاً، مباركاً، خالصاً لوجهه الكريم
    وأن ينفعني به في حياتي وبعد مماتي، وأن ينفع به كل من انتهى إليه؛ فإنه خير مسؤول، وأكرم مأمول، وهو حسبنا ونعم الوكيل، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد بن عبد الله وعلى آله وأصحابه ومن تبعه بإحسان إلى يوم الدين.

    حياكم الله بموقع بداية الهداية الخطوة إلى طريق العلم الشرعي الصحيح
    http://www.musacentral.com/

  3. #73
    تاريخ التسجيل
    Mar 2009
    المشاركات
    2,459
    الدين
    الإسلام
    آخر نشاط
    01-11-2023
    على الساعة
    04:37 PM

    افتراضي

    حكم من أجّر أو سعى في تأجير استراحة لأناس يرتكبون فيها المعاصي


    السؤال
    فضيلة الشيخ: رجل عنده استراحة وقد أجرها على أناس يستعملونها فيما حرم الله تعالى، ولم يشترط عليهم في العقد عدم استعمال ذلك، فما الحل؟ وإذا كان قد اشترط عليهم فهل ينفسخ العقد ويحق له إخراجهم؟ وماذا عن قيمة الإيجار؟

    الجواب
    نحن تكلمنا عن شيء من ذلك، وقلنا: أولاً: إذا كان يغلب على ظنه أو يعلم علم اليقين أن هؤلاء استأجروها ليعصوا الله فيها فهذا لا يجوز تأجيرهم أصلاً، والإجارة باطلة ولم تنعقد، ولا يملك الأجرة وهم لا يملكون الانتفاع بهذه الاستراحة، عقد باطل، والعقد الباطل عند العلماء هو الذي لا يترتب عليه أثره.
    أما إذا آجرهم وهو لا يدري ماذا يصنعون ثم حدد لهم مدة معينة وصاروا يفعلون هذا الشيء، أي: يستعملونها في معصية الله، فالأجرة باقية إلى أمدها، لا يملك إخراجهم، لكن عليه أن ينصحهم وينهاهم عن المنكر، والأجرة التي أخذها حلال له، لأنه لم يؤجرهم إياها ليعصوا الله فيها، ولا علم بذلك، ولا غلب على ظنه.
    فالمسألة إذاً فيها تفصيل: إن كان يعلم أو يغلب على ظنه أنهم سوف يستعملونها في معصية الله فما الجواب؟ العقد باطل، والأجرة ليست ملكاً له، وهم لا حق لهم بالانتفاع، وله أن يخرجهم فوراً.
    ثانياً: إذا كان لا يغلب على ظنه ذلك جاءه قوم استأجروها ولكن صاروا يعصون الله فيها، فهذا يجب إنظارهم إلى مدتهم؛ لأن عقد الإجارة عقد لازم.
    لكن إن شرط عليهم ألا يستعملوا ذلك واستعملوه وجب عليه فسخ الإجارة وجوباً، وله ما سبق الفسخ من الأجرة.
    السؤال: هل يأثم صاحب المكتب العقاري وما ذنبه؟ فإنه مجرد واسطة بين المؤجر والمستأجر، يأتيه أناس فيؤجرهم هذه الاستراحات والأحواش وقد يعلم أنهم يشاهدون فيها الدشوش، ويجتمعون فيها على ما حرم الله، وقد لا يعلم ذلك، فهل يلحقه الإثم؟ الجواب: نعم، الدلال كصاحب الملك، إذا كان يعلم أن هؤلاء استأجروها للمعصية فهو حرام عليه، وما أخذه من الدلالة حرام عليه، وإذا كان لا يعلم فلا شيء عليه.

    (39/11)


    --------------------------------------------------------------------------------

    نصيحة في ترك الاستدانة لأجل بناء استراحة للتنزه


    السؤال
    فضيلة الشيخ: حول موضوع الاستراحات أنا موظف وراتبي قليل، أريد أن يكون لي استراحة لي ولأولادي أتنزه فيه، وليس عندي مال أعمل به هذه الاستراحة، فهل يجوز أن أستدين أموالاً لأعمل هذه؟

    الجواب
    لا أرى أن يستدين ليعمل هذه الاستراحة، ونقول: الاستراحة -الحمد لله- موجودة، نم على الفراش، فراش هادئ وواطئ وهذه استراحة، أما أن تستدين من أجل أن تعمل هذا الحرث أو تبني هذا القصر في هذه الاستراحة ويكون في ذمتك دين لا تدري أتستطيع وفاءه في حياتك أم لا، ولا تدري أيضاً ربما هذه الطفرة في الاستراحات والأحواش ربما تنزل كما نزل غيرها، ربما تنزل ولا تساوي ولا ربع ما أفنيته فيها.

    (39/12)


    --------------------------------------------------------------------------------

    واجبنا نحو أصحاب الاستراحات التي فيها معاصٍ


    السؤال
    فضيلة الشيخ لقد تألم قلبي كثيراً مما سمعت منك عن واقع الناس اليوم، وسمعت الكثير عن ذلك، وسؤالي يا فضيلة الشيخ: كيف نتعامل مع هؤلاء؟ هل يقوم طلاب العلم بالزيارة لهم وتوجيههم وإهداء الأشرطة لهم داخل هذه الأحواش والاستراحات أم ماذا نعمل نحن حتى تبرأ ذممنا ونعذر، ونكون قد أعذرنا إلى الله تعالى أرشدنا أرشدك الله ونفع بك، ورد المسلمين إليه رداً جميلاً؟

    الجواب
    الظاهر أن كاتب السؤال كتبه ونحن نتكلم عما يجب علينا نحو هؤلاء الإخوة، فقد بينا أن الواجب نصيحتهم، وإذا لم نستطع لخجل أو عجز أو خوف بلغنا من يستطيع أن ينصحهم أو يمنعهم.

    (39/13)


    --------------------------------------------------------------------------------

    الهجر مصالحه ومفاسده


    السؤال
    من كان له قريب قد وضع دشاً على ظهر بيته، فهل يزوره في بيته أم يهجره؟ ومتى يكون الهجر، لأني أخشى أن تكون زيارتي له إضراراً وأنا أعلم أنه لن يستجيب للنصيحة؟

    الجواب
    أيها الإخوة! الهجر لا يجوز، لا يجوز هجر العاصي مهما بلغت معصيته، إلا إذا كان في الهجر مصلحة، ودليل ذلك: قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (لا يحل للمؤمن أن يهجر أخاه فوق ثلاث، يلتقيان فيعرض هذا ويعرض هذا، وخيرهما الذي يبدأ بالسلام) هل العاصي مؤمن أو غير مؤمن؟ مؤمن، لو كانت معصيته أعظم المعاصي بعد الشرك فهو مؤمن، ليس هناك ذنب فيما يتعلق بمعاملة المخلوقين أشد من القتل، قتل المؤمن عمداً من أعظم الذنوب، حتى قال النبي عليه الصلاة والسلام: (لا يزال الرجل في فسحة من دينه ما لم يصب دماً حراماً) ومع ذلك قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنْثَى بِالْأُنْثَى فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ} [البقرة:178] أخيه من هو؟: المقتول، مع أن القتل عمد؛ لأنه لا قصاص إلا بعمد: {فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ} [البقرة:178] فجعل الله تعالى المقتول أخاً للقاتل، مع أنه قاتل من أعظم الذنوب، وإذا كان مؤمناً فإنه لا يجوز هجره إلا ثلاثة أيام فقط.
    نعم لو كان في الهجر مصلحة وفائدة هجرناه، كيف المصلحة؟ أن يخجل، ويشعر بذنوبه، ويقول: إنه لم يهجرني قريبي أو أخي إلا لهذا السبب إذاً نترك هذا السبب، فهنا يحسن الهجر أو يجب الهجر، اذكروا لي هجراً صار مفيداً؟ الثلاثة الذين خلفوا، صار هجرهم مفيداً، هجرهم النبي عليه الصلاة والسلام، وهجرهم الصحابة، لكن يا له من هجر! أثمر ثمرات يانعة لا نظير لها في مثل قصتهم، أنزل الله فيهم قصةً تتلى في المساجد في الصلوات يتقرب إلى الله تعالى بها، في كل حرف منها عشر حسنات، ثم في النهاية قال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ} [التوبة:119] لكن أي هجر يورث هذا؟! بعض الناس يقول: أنا والله ما عندي نفس أتحمل أن أُسلِّم على الإنسان العاصي! يا أخي العاصي هذا عنده مرض، هل نترك المرضى ونقول: لا نعالجهم؟ الجواب: لا، نعالجهم لا نغلب العاطفة والغيرة على المصلحة العامة، عالجهم، صحيح أن الإنسان ربما يجد من نفسه ثقلاً عظيماً أن يلقاه إنسان معه سيجارة ويسلم عليه، لكن ما دمت تعلم أنك تريد أن تداوي هذا الرجل من مرضه فاسلك أقرب طريق يكون دواءً له ولا عليك، الرسول عليه الصلاة والسلام كان يعامل الناس باللطف واللين والرفق، وقال الله له: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ} [آل عمران:159] .

    (39/14)


    --------------------------------------------------------------------------------

    الصحف والمجلات وخطرها على العقائد والأخلاق


    السؤال
    فضيلة الشيخ: تطرقت للحديث عن الغزو الفكري وأثره عبر هذه القنوات، وإن هناك خطراً لم تتحدث عنه وهو هذه الصحف التي أصبحت تنشر صور النساء العاريات، بل أساءت إلى القلوب والأفكار، خصوصاً وأن الرجل أو الأب يأتي بها إلى بيته، وتكون بين يدي نسائه دون رقيب ودون رعاية، فما نصيحتك له ولإخواننا المسلمين؟

    الجواب
    هذه المشكلة صحيحة وحقيقةً، لكنها مشكلة قديمة تكلمت عنها عدة مرات على المنبر، وتكلم عليها غيري في مقالات وخطب، لكن بعض الناس قلوبهم ميتة -والعياذ بالله- لا تحس بشيء، والله عز وجل يقول: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ} [ق:37] عجزنا وعجز غيرنا، وإلا فلا شك أنه يوجد في المجلات -ولا سيما المجلات التي ترد إلينا من الخارج- يوجد مجلات نسأل الله العافية تنشر العهر والفساد، إما بكلماتها النابية، وإما بصورها الخليعة، ولا يحل لإنسان استرعاه الله تعالى على أهله -والموكل له رسول الله- أن يبقي هذه الصحف في بيته أبداً، يجب عليه أن يحاربها محاربة الأسد للشاة، بل يجب أن يحاربها محاربة الماء للنار، وأن يمزقها وأولاده يشاهدون؛ حتى يعلموا أنها حرام وباطلة، أما أن يأتي بها إليهم أو يراهم يشترونها ويقرهم فهذا والله ما رعاهم حق رعايتهم، ولا أحسن الرعاية لهم.
    ثم إن من العجب أن هذه المجلات التي ترد أو الصحف وفيها ما يدمر الأخلاق والعقائد يشتريها الناس بأموالهم، وهل هناك ضياع للمال أكثر من هذا؟!! لو أن الإنسان مشى في السوق وجعل ينثر الدراهم لكان ذلك خيراً من أن يشتري هذه المجلات ويعطيها أولاده؛ لأنه بهذه المجلات فعل محرماً، وأعان على باطل، وأفسد أخلاق أهله، لكن لو كان ينثر الدراهم في السوق ربما يأخذها مسكيناً وينتفع بها.
    فعلينا -أيها الإخوة- أن ينصح بعضنا بعضاً عن هذه المجلات الخليعة، إما في مقارها وإما في غيره، حتى إننا رأينا كتابة في صحفنا لامرأة، والمرأة دائماً كما قال الرسول ناقصة في عقلها ودينها تقول: يجب ألا نكفر اليهود والنصارى، كلها أديان سماوية سبحان الله! نحن وإن قلنا: هذه امرأة جاهلة، أدنى ما نقول فيها: أنها جاهلة، فكيف تنشر الصحيفة مثل هذا الكلام في بلد مسلم يقرءون القرآن صباحاً ومساءً، والله تعالى يكفر النصارى: {لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ} [المائدة:72] {لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلاثَةٍ} [المائدة:73] {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ} [البينة:6] كيف نقول: لا يجوز أن نطلق عليهم الكفر؟!! هؤلاء نطلق عليهم الكفر وزيادة أيضاً؛ لأنهم حرفوا نصوص التوراة والإنجيل وأفسدوها، يبدون كثيراً ويخفون كثيراً: {يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ} [النساء:46] نعم نقول: إن أصحاب موسى في عهد موسى الذين اتبعوه كانوا مسلمين وإخوتنا، ونسأل الله لهم المغفرة والرحمة، وكذلك أيضاً أتباع عيسى في زمن عيسى الذين اتبعوه هم مؤمنون وندعو لهم بالمغفرة والرحمة، لكن بعد بعثة الرسول عليه الصلاة والسلام الذي قال الله عز وجل له: {قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ} [الأعراف:158] بعد هذا صار من لم يتبعه من اليهود والنصارى فهو كافر، من أصحاب النار هذه عقيدتنا، وهذا ما نشهد به أمام الملأ وأمام كل إنسان أن كل من لم يتبع رسول الله محمد بن عبد الله فإنه كافر، مهما تسمى بأي اسم، فتأتي امرأة تقول: إن هؤلاء ليسوا كفاراً، ولا يجوز أن نطلق عليهم كفاراً سبحان الله! {وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ} [القلم:9] .

    (39/15)


    --------------------------------------------------------------------------------

    نصيحة لامرأة تعمل في المستشفى


    السؤال
    سائلة تقول: فضيلة الشيخ: أنا عاملة في المستشفى فكيف أحافظ على التزامي وأنا أخصائية في قسم النساء؟

    الجواب
    على كل حال هي تستطيع أن تلتزم بقدر ما تستطيع، قال الله تعالى: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} [الحج:78] فلا تخضع بالقول للرجال، ولا تخلو بأحد من الرجال، ولا تكشف من وجهها إلا ما دعت إليه الحاجة عيناً واحدة تنظر بها، وتلتزم ما أمر الله به ورسوله نساء المؤمنين، وبإمكانها بقدر المستطاع، ونسأل الله سبحانه وتعالى أن يأتي اليوم الذي يخصص فيه مستوصفات أو مستشفيات للنساء خاصة وللرجال خاصة، وما ذلك على الله بعزيز.
    نسأل الله أن يوفق حكومتنا أن تتخذ هذا حتى تسلم من القيل والقال، وحتى يسلم أيضاً الملتزمون في هذه المستشفيات من الإثم الذي قد يحيط بهم.

    (39/16)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم امرأة كانت تؤدي زكاة حليها ثم تركته


    السؤال
    زكيت على ذهبي الملبوس في العام الأول والثاني والثالث، ثم تكاسلت عن أداء زكاته في العام الرابع وما بعده، وقلت: إن فيه خلافاً فلا يلزمني، فهل يلزمني الآن دفع زكاة الذهب الملبوس عن السنوات التي لم أزكِ فيها؟

    الجواب
    يجب عليك أن تؤدي الزكاة لكل ما مضى؛ لأنك أديتيها في الأول على أنها واجبة وأنها فريضة فما الذي ثناك في المرة الثانية؟!! أطالعت في الأدلة ثم اشتبه عليك الأمر فأنت معذورة، أم مجرد أنك سمعت أن في ذلك خلافاً فلا يجوز، بمجرد أن فيه خلافاً لا يجوز للإنسان أن يعدل عن رأيه الأول، هي في الأول التزمت بأنها تؤدي الزكاة فما الذي حولها؟ أراجعت أدلة الذين قالوا: بأن الزكاة واجبة وأدلة القائلين بأنها غير واجبة، أم مجرد أنها سمعت أن فيه خلافاً وقالت: خلاص، اختلاف الأمة رحمة؟ هذا غلط.
    أقول لأختنا: بارك الله فيها، عليها أن تؤدي زكاة ما مضى، وأن تعلم هي وغيرها أن الزكاة غنيمة وليست غرامة، والنبي صلى الله عليه وسلم أخبر أن كل امرئ في ظل صدقته يوم القيامة، هل أحد منا يخلد للمال؟ وهل المال مخلد لنا؟ ما أكثر القوم الأغنياء الذين افتقروا! وما أكثر الأغنياء الذين ماتوا في شبابهم! فنقول للأخت: استعيني بالله ودعي البخل: {الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ} [البقرة:268] قال العلماء: أي: بالبخل: {وَاللَّهُ يَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً مِنْهُ وَفَضْلاً} [البقرة:268] فأبشري بالمغفرة والفضل والخلف العاجل، وأدي زكاة حليك فإن النصوص العامة في القرآن والسنة بل والنصوص الخاصة في نفس الحلي تدل على وجوب الزكاة في الحلي.

    (39/17)


    --------------------------------------------------------------------------------

    هدي النبي صلى الله عليه وسلم في خدمة أهله


    السؤال
    فضيلة الشيخ: هل يوجد ضابط لخدمة الرجل زوجته في البيت؟ وما معنى: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان في خدمة أهله وأنه قال: (خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي) فبعض الرجال قد يكنس، وبعضهم يطبخ، وبعضهم يرتب الأثاث ويقول: نحن نقتدي برسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنه كان صلى الله عليه وعلى آله وسلم في خدمة أهله، ويغسل لهم الأواني، ويكنس لهم البيت، وبعض الرجال يقول: أنا لا آكل مع زوجتي، وبعضهم يقول: أنا لا أنام معها إلا في فترة الجماع فقط، فأرجو من فضيلتكم بيان هذه المسألة لكثرة الرجال الذين يقعون في إفراط أو تفريط فيها، وما هو الهدي الذي ترونه؟

    الجواب
    أقول: إن الله تعالى ذكر ميزاناً عادلاً، فقال: {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [النساء:19] وقال: {وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ} [البقرة:228] لكن الله تعالى قطع أطماعهن أن يساوين الرجال، لما قال: {وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ} [البقرة:228] ربما تشمخ المرأة تقول: أنا والرجل واحد: {وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ} [البقرة:228] فقطع الله ذلك وقال: {وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَة} [البقرة:228] لا يوجد مساواة بين الرجل والمرأة إلا فيما تقتضي الحكمة تساويهما فيه.
    فأقول: هذا راجع للعرف، إذا جرى العرف بأن الزوجة هي التي تخدم زوجها في الكنس والطبخ والغسيل وإصلاح الحرث فلا بأس، كانت زوجة الزبير بن العوام تنقل النوى من المدينة إلى حائطه خارج المدينة، وهي زوجته، وكان الناس في زماننا الذي أدركناه كانت المرأة هي التي تفرش البيت وتكنسه وتغسل الأواني وتحلب البقرة، وتطبخ وتعمل كل شيء، والرجل عليه أن يأتي بالنفقة، وهذا هو الأصل، لكن لا بأس أن يعين الرجل امرأته تأليفاً لها وقرباً منها، وهذا فيه مصلحة عظيمة.
    أما ما صوره صاحب السؤال من أن عائشة أم المؤمنين نائمة والرسول عليه الصلاة والسلام هو الذي ينفخ ويطبخ فهذا كذب وغير صحيح، يأتي الرسول عليه الصلاة والسلام يجد طعامه مهيأً، ويأتي ويقول: هل عندكم من طعام؟ وأتى مرةً والبرمة على النار تغلي باللحم وسأل عنها، لكنه لا شك أنه يعين أهله، ويخصف نعله، ويرقع ثوبه عليه الصلاة والسلام، لكن أما أن تصور المسألة كما صورها هذا السائل فهذا إما أنه جاهل، وإما أنه خفي عليه الأمر.
    على كل حال: الدين الإسلامي قال: {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [النساء:19] وقال: {وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ} [البقرة:228] فالإنسان يتبع العرف، ربما يختلف العرف في الوقت الحاضر القريب عما كان سابقاً، أي: المرأة عليها من كلفة البيت فيما سبق وأدركناه نحن أكثر بكثير مما هو اليوم، اليوم المرأة بدأت تطلب الخادم، وبدأت تقول للزوج إذا خرجت هي وإياه إلى السوق تقول: احمل الصبي وأنا أتبعك! أحياناً تقول: احمل الصبي وأنت ورائي!! هذا موجود، لكن هل هذا اقتداء بالرسول وأصحابه؟ لا.
    لكن بالأمم الغربية، لذلك يجب علينا أن نتمسك بعاداتنا ما لم تأتنا عادة أفضل منها من الناحية الشرعية، أنا لست أقول: نتمسك بالعادة حسنة أو سيئة وإنما: أمسك بالعادة ما لم تر شيئاً خيراً منها إما في دينك أو دنياك فلا بأس.

    (39/18)


    --------------------------------------------------------------------------------

    السفر الذي يصح فيه قصر الصلاة وجمعها


    السؤال
    فضيلة الشيخ: أخبرني عن أمرٍ أجهله وتعلمه أنت: رجل خرج من بيته طالباً للعلم واستقر في عنيزة واستوطنها، فأتم فيها الصلاة، ثم بدا له أن يرحل منها بعد سنين عدة إلى منطقة أخرى يعلم الناس فيها الخير غير بلدته الأولى -أعني: مسقط رأسه التي خرج منها- ولا ينوي أيضاً أن يستقر في كلا البلدين الأولى والأخرى التي نزل فيها، سؤالي يا فضيلة الشيخ: هل بتغير نيته يقصر الآن في عنيزة؟ وهل إذا وصل إلى بلده أو إلى بلدة أخرى يقصر الصلاة أسبغ الله عليك من فضله، وعاملك بلطفه؟

    الجواب
    أليس لي الحق أن أقول: لا أدري.
    هو يقول: يخفى عليَّ وأنت تعلمه، فما الذي أعلمه أني أعلمه؟! يمكن أن أقول: لا أدري.
    لكن يظهر لي والله أعلم في هذه المشكلة: أنه مقيم في عنيزة ويجب أن يعتبر نفسه مقيماً فيها حتى يسافر إلى البلد الآخر، فإذا قال لنا: الآن لا أقرر أي بلد وطناً لي.
    قلنا: إذاً كل البلاد التي أنت فيها وطنك، عليك أن تتم الصلاة، فإذاً ما دام كان قد قرر أن يبقى في عنيزة نقول: أتم الصلاة حتى ترتحل عنها، وإذا ارتحل إلى بلد أخرى قال: حتى البلاد الأخرى الآن لا أنوي الاستيطان فيها ولا الإقامة المطلقة، ولا أريد أن يكون لي بلد معين حتى مسقط رأسي.
    نقول: إذاً الأرض كلها بلدك، وليس لك الحق أن تترخص برخص السفر إلا فيما بين البلدتين، أما في البلدتين فأنت مقيم عليك أن تتم الصلاة، وعليك ألا تترخص برخص السفر إلا ما بين البلدتين ما دمت مسافراً من هذه إلى هذه فأنت مسافر.

    (39/19)


    --------------------------------------------------------------------------------

    المخرج من وساوس الشيطان ومن الحسد


    السؤال
    فضيلة الشيخ أنا امرأة ملتزمة -ولله الحمد- ولا أزكي نفسي، ولكن مشكلتي التي أعاني منها هي أنني أتعذب مما أشعر به وهو: أولاً: أشعر أن الله لا يقبل عملي.
    ثانياً: إذا رأيت أحداً عنده نعمة لا توجد عندي أتمنى زوالها، وهذا ليس بيدي، بل دائماً أدعو الله أن يزيل عني هذا الشعور في كل وقت.
    جزاك الله خيراً؟

    الجواب
    الواقع أن هذا من الشيطان، كون الإنسان يعمل العمل على حسب ما جاءت به الشريعة مخلصاً لله، متبعاً لرسول الله صلى الله عليه وسلم، يرجو ثواب الله ويخاف عقاب الله، ثم يقول: إن الله لا يقبل مني.
    ليس هذا إلا من الشيطان: {وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلَّا} [الحجر:56] إلا من؟ {إِلَّا الضَّالُّونَ} [الحجر:56] هذا قنوط من رحمة الله.
    وأنا أقول لهذه المرأة وللرجل أيضاً: أبشر يا أخي المسلم إذا من الله عليك بالعمل على الوجه الذي شرعه فأبشر بأن الله يقبله؛ لأن فعل المرء ما أمر الله به ورسوله من التقوى، وقد قال الله تعالى في كتابه: {إنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ} [المائدة:27] ممن؟ {مِنَ الْمُتَّقِينَ} [المائدة:27] ولو أننا كلما عملنا خيراً قلنا: ما قبل الله.
    ما استطعنا أن نمشي، ولاستولى علينا اليأس من روح الله.
    بل الواجب على المرء إذا أتى بالعبادة على الوجه المشروع إخلاصاً لله ومتابعة لرسول الله أن يستبشر خيراً، وأن يقول: اللهم كما مننت عليَّ بالعمل فامنن عليَّ بالقبول، ولا ييئس، بل يفرح، وقد جاء في الحديث: (من سرته حسنته وساءته سيئته فذلك المؤمن) هذه شهادة من الرسول عليه الصلاة والسلام أن الإنسان إذا فعل الحسنة وسر بذلك وفرح وانشرح صدره، وإذا عمل سيئة اغتم لذلك فذلك هو المؤمن بنص الرسول عليه الصلاة والسلام، أبشر يا أخي! لا تقنط من رحمة الله، ولا تيئس من روح الله.
    وأما الحسد، فيلقيه الشيطان في قلب بني آدم، وهو من أردئ الأخلاق، الحساد أشبه ما لهم اليهود، أترضى أن تكون مشابهاً لليهود؟ لا، يقول الله عز وجل: {وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّاراً حَسَداً مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ} [البقرة:109] فالحسد لو لم يكن منه إلا أنه خُلُق اليهود لكفى به رادعاً، مع أن الحسد خلق الظالم من ابنيَ آدم، ما هي القصة؟ هابيل وقابيل قربا قرباناً فتقبل الله من أحدهما ولم يتقبل من الآخر، فقال الثاني الذي لم يتقبل الله منه: لأقتلنك.
    لماذا؟ حسداً، لماذا الله يتقبل منك ولا يتقبل مني؟ وحصل ما حصل، قتله، ولكنه عوقب بحمله وعجز عن التصرف فيه، حتى بعث الله غراباً يبحث في الأرض.
    ما أقل حيلتك يا ابن آدم! من علمك أن تقبر الموتى؟ الغراب، نحن الآن نقبر موتانا نتأسى بالغربان، لكنه بإذن الله {فَبَعَثَ اللَّهُ غُرَاباً يَبْحَثُ فِي الأَرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوَارِي سَوْأَةَ أَخِيهِ} [المائدة:31] .
    فالحسد خلق ذميم، خلق يهودي.
    ثم إن الحاسد إذا تمنى زوال نعمة الله على أخيه، أو كره أن ينعم الله على غيره هل ذلك يمنع نعمة الله على المحسود؟ لا، هل ذلك يزيد نعمة الله على الحاسد؟ أبداً، الحاسد قلبه حار كأنه على جمر، كلما رأى نعمة اغتم، لا يهدأ له بال، ومع ذلك لن ينال خيراً، قال الله عز وجل: {وَلا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ} [النساء:32] إذا رأيت الله أنعم على غيرك بمال أو علم أو صحة أو جاه أو أولاد أو غير ذلك قل: اللهم إني أسألك من فضلك، كما قال عز وجل: {وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ} [النساء:32] أما أن تبقى مغموماً محزوناً كلما رأيت نعمة من الله على أحد اغتممت فسوف تحرق نفسك.
    فأقول للأخت السائلة: كلما أحسستِ بشيء من الحسد فقولي: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، اللهم إني أسألك من فضلك كما أعطيت هؤلاء ألا تحرمني.

    (39/20)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم الشك في الحدث من الطهارة


    السؤال
    شيخي الفاضل: هذه مشكلتي وهي مسألة في الطهارة، وهي أنني كلما قضيت حاجتي ثم توضأت وانتهيت من الوضوء فما إن أتحرك أي حركة كانحناء أو عطسة أو جلوس إلا وأحس بأن شيئاً قد خرج مني، ولا أدري هل هو باقٍ من البول، أو أنه من الماء من أثر الوضوء، والله إنها يا شيخ مشكلة كبيرة لديَّ، وأخشى أن أترك الصلاة من أجلها؛ لأنني أحس أني أصلي بلا طهارة إن كان الخارج بولاً، وإن أعدت الوضوء فإن ذلك تكلفة عليَّ.
    أرجو الإجابة على مشكلتي حفظك الله؟

    الجواب
    الحمد لله رب العالمين، ما من مشكلة إلا وفي كتاب الله أو سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم حلها، أي مشكلة ترد على العالم فحلها في كتاب الله أو سنة رسوله، علمها من علمها، وجهلها من جهلها، لكن قد يخفى على الإنسان الحكم الشرعي؛ لأنه قاصر العلم أو قاصر الفهم.
    إن النبي صلى الله عليه وسلم شكي إليه: الرجل يخيل إليه أنه يجد الشيء في الصلاة، أي: يخيل إليه أنه أحدث، فقال صلى الله عليه وسلم: (لا ينصرف حتى يسمع صوتاً أو يجد ريحاً) أي: حتى يتيقن يقيناً لا شك فيه، الإنسان إذا سمع صوت الريح خارجةً منه هل يبقى عنده شك أنه خرج؟ لا يبقى، إذا شم ريحاً وليس حوله أحد يمكن أن يكون منه هل يبقى شاكاً أو يتيقن أنه أحدث؟ يتيقن.
    إذاً ما دمت أيها الأخ لم تتيقن ولكنك تحس ببرودة في طرف الذكر فتقول: لعله بول خرج.
    لا تجعله بولاً خرج، اجعله من أثر الماء الذي استنجيت به، وهذا يقع كثيراً، لكن بعض الناس يضيق على نفسه، يقول: لا، هذا بول.
    ثم يذهب ويكشف عن مؤتزره، ويقلب ذكره، وربما يعصره لعله يخرج فيصدق وهمه، وهذا غلط بلا شك.
    إذا أحسست بهذا الوهم، فقل: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، ولا تقلب ولا تفكر، ولهذا قال إمام أهل السنة ومن نعلمه من عباد الله المتورعين المتقين أحمد بن حنبل رحمه الله حين سئل عن ذلك قال له: اله عن ذلك.
    أي: تله عنه فاتركه، لا تلتفت إليه من أجل أن تستريح.
    وقال بعض أهل العلم: إذا ابتليت بهذه الأوهام فانضح سراويلك.
    أي: رشها بالماء لأجل إذا جاءك الشيطان يقول لك: خرج منك بول، هذه البرودة بول، هذه الرطوبة بول، تقول له: هذا الماء أنا الذي رشيته.
    فهذه الأوهام يا أخي إياك إياك أن تعلق بذهنك! الشيطان عدو لك، كما قال ربك عز وجل: {إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوّاً} [فاطر:6] وأنت إذا استرسلت معه في هذا فسوف تتعب، ألم تعلموا أن بعض الناس من هذه الأوهام صار لا يصلي أبداً نسأل الله له العافية ولنا ولكم، عجز، ربما يبكي، ويصيح، ولكن يعجز، الله لا يبتلينا ولا إياكم، ويعافينا، فأنت إن استرسلت تعبت، ألم تعلموا أن بعض الناس استرسل معهم هذا الأمر ودبَّ إلى أهله وزوجته، فصار يخيل إليه أنه طلقها، حتى إن بعضهم يقول لي: إني يخيل أني إذا فتحت القرآن أقرأ أني قلت لزوجتي: أنت طالق إلى هذا الحد! كل هذا من استرسال الإنسان بالهواجيس.
    لذلك يجب عليك اتخاذ شيئين أرشد إليهما الرسول عليه الصلاة والسلام، هما: الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم، والانتهاء، انته عن هذه الوساوس واستعذ بالله من الشيطان الرجيم، وإلا فسيكون الأمر خطيراً.
    فأقول للأخ: لا عليك، لا تفتش، ولا تفكر، تله عن ذلك، واستمر، وصلِّ، وبإذن الله عز وجل سوف يزول عنك، لأنك امتثلت أمر النبي عليه الصلاة والسلام في قوله: (لا ينصرف حتى يسمع صوتاً أو يجد ريحاً) .

    (39/21)


    --------------------------------------------------------------------------------

    كلمة توجيهية في مد يد العون والمساعدة لإخواننا المضطهدين


    السؤال
    فضيلة الشيخ: قال النبي صلى الله عليه وسلم: (المسلم أخو المسلم) وفي هذه الأيام نسي كثير من الناس إخوانهم في بقاع الأرض، نسوا أن يفعلوا لهم أقل ما يفعلون وهو الدعاء أو المساعدة بما زاد من حاجتهم، نرجو يا فضيلة الشيخ توجيه نصيحة أو كلمة تهز بها وجدان الحاضرين وتحرك مشاعرهم، وتذكرهم بكلمة نافعة نفع الله بك الحاضرين ووفقك.


    الجواب
    لا شك أن زمننا هذا زمن فتن، وزمن شر إلا من عصم الله، وإذا تأملنا من حولنا وجدنا أشياء كثيرة: من قتل ونهب وخوف، ونسمع أشياء نسأل الله تعالى أن يحمينا منها وأن يرفعها عن إخواننا، والواجب علينا نحو وإخواننا أن نسأل الله لهم الثبات قبل كل شيء، وأن نسأل الله لهم المعونة وأن يعينهم على ما ابتلاهم به، وأن نجود عليهم بشيء مما يسر الله عز وجل كل بحسب حاله.
    ولكن أيضاً يجب أن نعلم أن هناك ممن حولنا من كانوا في حاجة شديدة وليسوا بعيدين منا، يحتاجون أيضاً إلى مد يد العون والمساعدة: (والمؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً) فلا أقل من أن ندعو الله لهم بالثبات والنصر وأن يدحر أعداءهم الذين هم أعداء الله في الواقع.

    (39/22)


    --------------------------------------------------------------------------------
    وأخيراً أسأل الله عز وجل أن يجعل هذا العمل نافعاً، مباركاً، خالصاً لوجهه الكريم
    وأن ينفعني به في حياتي وبعد مماتي، وأن ينفع به كل من انتهى إليه؛ فإنه خير مسؤول، وأكرم مأمول، وهو حسبنا ونعم الوكيل، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد بن عبد الله وعلى آله وأصحابه ومن تبعه بإحسان إلى يوم الدين.

    حياكم الله بموقع بداية الهداية الخطوة إلى طريق العلم الشرعي الصحيح
    http://www.musacentral.com/

  4. #74
    تاريخ التسجيل
    Mar 2009
    المشاركات
    2,459
    الدين
    الإسلام
    آخر نشاط
    01-11-2023
    على الساعة
    04:37 PM

    افتراضي

    اللقاء الشهري

    اللقاء الشهري [40]
    شهر رجب من أشهر الله الحرم، وقد بين الشيخ ما ثبت فيه من فضل، وما أحدث الناس فيه من عبادات وطقوس ومناسبات، وما خصصوا به لياليه من صلوات وصيام، وما أقاموا فيه من احتفالات.
    ثم عرج الحديث عن تفسير آية من سورة الفرقان، وهي قوله تعالى: (رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ) .
    وفي ختام اللقاء تناول بعض الأسئلة بشيء من البسط والتفصيل.

    (40/1)


    --------------------------------------------------------------------------------

    شهر رجب ما ثبت فيه من الفضل ومالم يثبت
    إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله الله بالهدى ودين الحق، فبلغ الرسالة، وأدى الأمانة، ونصح الأمة، وجاهد في الله حق جهاده، فصلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
    أما بعد: فهذا هو اللقاء الأربعون من اللقاءات الشهرية التي تتم ليلة الأحد الثالث من كل شهر، وهذه الليلة ليلة الأحد الحادي والعشرين من شهر رجب عام (1417هـ) ، أحمد الله سبحانه وتعالى أن يسر مثل هذه اللقاءات، وأسأله تبارك وتعالى أن يثيبنا جميعاً، وأبشر الإخوة الذين يحضرون إلى هذه اللقاءات أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: (من سلك طريقاً يلتمس فيه علماً سهل الله له به طريقاً إلى الجنة) وأن مجالس الذكر هي رياض الجنة، وقد قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (إذا مررتم برياض الجنة فارتعوا، قالوا: وما رياض الجنة يا رسول الله؟ قال: حلق الذكر) .
    إنني أحمد الله سبحانه وتعالى على تيسير مثل هذه اللقاءات، وأسأله تعالى أن يجعلها لقاءات نافعة مباركة.
    لدينا اليوم موضوع وهو أننا الآن في شهر رجب، وشهر رجب هو أحد الأشهر الأربعة الحرم، والأشهر الأربعة الحرم هي: ذو القعدة، وذو الحجة، والمحرم، ورجب.
    كما قال الله تعالى: {إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ} [التوبة:36] وقد ورد في هذا الشهر صلوات وصيام وأذكار لكنها كلها ضعيفة، لا تثبت بها حجة، ولا تُثبت بها سنة، وإذا ثبت ذلك فإنه لا يجوز للإنسان أن يقول: هذا شهر محرم، سأزيد فيه من صلاتي، أو أزيد فيه من ذكري، أو أزيد فيه من صيامي، أو ما أشبه ذلك، لماذا لا يجوز؟ لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أدرك هذا الشهر، فهل زاد فيه على غيره؟ لا، إذا لم يزد فيه على غيره فليس من حقنا أن نقول: إنه شهر محرم نزيد فيه على غيره؛ لأننا نحن متبعون ولسنا مبتدعين، ولو أن الإنسان فيما يتقرب به إلى الله اتبع ذوقه أو اتبع رأيه لأصبح بلا دين؛ لأنه إنما يتبع هواه، وقد قال الله تعالى: {وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدىً مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} [القصص:50] .
    إذاً علينا ألا نخص شهر رجب إلا بما خصه الله به ورسوله، أنه شهر محرم يتأكد فيه اجتناب المحرمات، وأنه لا يحل فيه القتال مع الكفار فإنه شهر محرم، والأشهر الحرم لا قتال فيها إلا إذا بدءونا بالقتال أو إذا كان ذلك سلسلةً قتالية امتدت إلى الشهر المحرم.
    كذلك أيضاً نحن الآن في النصف الأخير من شهر رجب، مقبلون على شهر شعبان فهل لشهر شعبان مزية على غيره؟

    الجواب
    نعم، له مزية على غيره في الصيام فقط، فإن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم كان يكثر من صيامه حتى كان يصومه كله إلا قليلاً منه، فإكثار الصيام في شعبان من السنة أما في رجب فلا.

    (40/2)


    --------------------------------------------------------------------------------

    بدعية الاحتفال بليلة الإسراء والمعراج
    هناك بدعة تحدث على مستوىً عالمي في شهر رجب، ألا وهي بدعة ليلة المعراج، ليلة المعراج: هي الليلة التي عرج فيها برسول الله صلى الله عليه وسلم إلى السماوات العلى، أسري به أولاً من مكة إلى بيت المقدس: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى} [الإسراء:1] والتقى بالرسل هناك، وصلى بهم إماماً، ثم عرج به جبريل بصحبته إلى السماوات فاستفتحها سماءً بعد سماء حتى وصل إلى السماء السابعة، بل وصل إلى موضع سمع فيه صريف الأقلام وهي تكتب أقضية الله وأقداره، ووصل إلى سدرة المنتهى، وخاطب الله عز وجل، وفرض الله عليه الصلوات الخمس خمسين صلاةً ثم خففت إلى خمس.
    هذه الليلة أي ليلة كانت؟ وفي أي شهر؟ لا يستطيع أحد أن يعينها، ولهذا اختلف المؤرخون فيها على أقوال متعددة، لم يتفقوا على شيء لماذا؟ لا لأنه حدث سهل يسير بل هو والله حدث عظيم، لكن تعرفون أن العرب كانوا أميين لا يقرءون ولا يكتبون ولا يؤرخون إلا بسنة الفيل وما أشبه ذلك، فهم لم يحددوا تلك الليلة بليلة معينة، وما اشتهر من أنها ليلة سبع وعشرين من رجب فإنه لا أصل له في التاريخ.
    ثم على فرض أنه ثبت أنه أسري به في تلك الليلة -أعني: ليلة سبعٍ وعشرين- هل لنا أن نحدث فيها شيئاً من العبادات والرسول صلى الله عليه وسلم لم يحدث ذلك، ولا الخلفاء الراشدون، ولا الصحابة، ولا الأئمة؟ هل لنا أن نجعلها عيداً؟ ليس لنا أن نجعلها عيداً نعطل فيها المدارس، نعطل فيها الدوائر، نعتبرها عيداً يتكرر، ليس لنا ذلك، لنا سلف في دين الله من هم؟ الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه، فإن فعلوا ذلك فعلى العين والرأس، وإذا لم يفعلوا ذلك فتركه سنة؛ لأنهم تركوه، ولهذا نقول: السنة إما إيجاد وإما ترك، فما وجد سببه في عهد الرسول عليه الصلاة والسلام ولم يفعله كان ذلك دليلاً على أن تركه هو السنة، فالنبي صلى الله عليه وسلم لم يقم لهذه الليلة صلوات ولا أدعية ولا جعلها عيداً.
    وللأسف الشديد أن كثيراً من المسلمين يتمسكون في هذه الأشياء البدعية التي ما أنزل الله بها من سلطان وتجدهم في أمور ثبتت فيها السنة غير نشطاء فيها بل متهاونون بها، بل لو فعلها الإنسان لقالوا: هذا مبتدع، وهذا هو الذي أوجب للمسلمين التأخر والنكوص على الوراء؛ لأنهم ما نظروا إلى أسلافهم نظرةً قاصرة لا تتجاوز القرن الذي هم فيه إلى المدى البعيد إلى زمن السلف الصالح، وهذا والله ضرر عظيم.
    إذاً: ما موقفنا من ليلة سبع وعشرين من رجب إذا مرت علينا؟

    الجواب
    أن تمر كغيرها من الليالي، ويومها كغيره من الأيام، ولا نرفع بها رأسا، ً ولا نرى في عدم إقامة الاحتفالات بها بأساً؛ لأنها ليست بسنة، وخير الهدي هدي محمد صلوات الله وسلامه عليه؛ ولهذا يا إخواني كان النبي صلى الله عليه وسلم يكرر في كل خطبة يوم الجمعة يقول: (أما بعد فإن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد، وشر الأمور محدثاتها) لماذا؟ لأنه صلى الله عليه وسلم قال لأصحابه: (إنه من يعش منكم فسيرى اختلافاً كثيراً) اختلف الناس وابتدعوا في دين الله ما ليس منه حتى حصل هذا التأخر الذي نشاهده اليوم، نسأل الله أن يعيد للأمة الإسلامية مجدها وعزها.

    (40/3)


    --------------------------------------------------------------------------------

    تفسير آيات من سورة الفرقان
    بعد هذا نريد أن نتكلم على ما قرأناه في هذه الليلة من آخر سورة الفرقان، على آية منها، من صفات عباد الرحمن أنهم يقولون: {رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً} [الفرقان:74] ثلاث دعوات: قرة أعين للأزواج، قرة أعين من الذرية، والجملة الثالثة: {وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً} [الفرقان:74] أي: أسوة حسنة يقتدي بنا المتقون، ويكون لنا مثل أجورهم؛ لأننا أسوتهم: {رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ} [الفرقان:74] يدعون بها عباد الرحمن، لكن هل يقتصرون على الدعاء أم يفعلون الأسباب التي يحصل بها مطلوبهم؟ الثاني.
    لو أن الإنسان قال: اللهم ارزقني ذريةً صالحة وبقي لم يتزوج.
    أيكون مصيباً، أم مخطئاً؟ مخطئاً.

    (40/4)


    --------------------------------------------------------------------------------

    تفسير قوله تعالى: (رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا)
    قال تعالى: {رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ} [الفرقان:74] أي: ارزقنا أزواجاً يكنَّ لنا قرة أعين، وهذا في غير المتزوجين، أو هب لنا من أزواجنا اللاتي بين أيدينا قرة أعين، يشمل هذا وهذا، لكن لا بد من فعل الأسباب، متى تكون الزوجة قرة عين لزوجها؟ تكون الزوجة قرة عين لزوجها والزوج قرة عين لزوجته إذا قاما بما يجب عليهما في دين الله، قال الله عز وجل: {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [النساء:19] ، وقال: {وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ} [البقرة:228] لو قام كل زوج بما يجب عليه لزوجته من حقوق، فأنفق الإنفاق الواجب من كسوة وطعام وشراب ومسكن، وقام بما يجب عليه من العشرة بالمعروف من طلاقة الوجه، ومساعدة الزوجة فيما ينبغي مساعدتها فيه، وكذلك هي قامت بما يجب عليها من حقٍ لزوجها لدامت العشرة بينهما، ولسعدا في حياتهما، ولاستقامت الأحوال بينهما، لكن مع الأسف الشديد أن بعض الأزواج -وأعني بهم الرجال- لا يقومون بالواجب عليهم بالنسبة لحق الزوجات، بل كأن الزوجة خادم، ليس له هم إلا أن يقضي وطره منها أو يستخدمها في مصالح البيت، ولا يسفر وجهه أمامها يوماً من الأيام، ولا يتكلم عليها إلا بطرف أنفه، ويحتقرها، ثم مع ذلك يريد أن تقوم بواجب حقه فهذا من الظلم (عاشروهن) معاشرة من الجانبين (بالمعروف) .
    لكن لو أنه بذل الواجب عليه، وصار كما كان عليه نبينا صلى الله عليه وسلم في مهنة أهله، يحلب الشاة لأهله عليه الصلاة والسلام، ويرقع ثوبه، ويخصف نعله، ويقول: (خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي) وهي كذلك أيضاً لو أنها صبرت واحتسبت الأجر، وانتظرت الفرج، وقامت بحق زوجها وإن قصر في حقها كانت العاقبة لها، وهذه قاعدة اعتبرها في كل من بينك وبينه حقوق: إذا قمت أنت بالواجب وقصر هو نصرك الله عليه، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم في الرجل الذي كان يصل رحمه ويحسن إليهم ويحلم عليهم وهم بالعكس، قال له النبي صلى الله عليه وسلم: (إن كنت كما قلت فكأنما تسفهم الملَّ، ولا يزال لك من الله ظهير عليهم) (ظهير) أي: معين عليهم، لأن ظهير بمعنى: معين، كما قال تعالى: {وَالْمَلائِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ} [التحريم:4] .
    انظر كيف قال الرسول صلى الله عليه وسلم: (لا يزال لك من الله ظهير عليهم) كذلك الزوجة إذا قامت بحق زوجها وصبرت على تفريطه وعلى عدم قيامه بالواجب ستكون العاقبة لها، والزوج كذلك، أي: أنه يوجد من الأزواج الذكور والإناث من يُخل بالواجب عليه فعلى كُلٌّ منا أن يصبر.
    ولكن أسألكم أيها الرجال: من الذي يخاطب بالصبر والتحمل الذكر أم الأنثى؟ الذكر، والدليل: قول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (لا يفرك مؤمن مؤمنة) قال العلماء: أي: لا يكرهها (إن سخط منها خلقاً رضي منها خلقاً آخر) فبين الرسول عليه الصلاة والسلام أن الرجل يجب أن يكون رجلاً يتحمل أكثر؛ لأنه رجل عاقل يملك نفسه ويعرف المنافع فينظر إلى المستقبل، والمرأة -كما تعلمون- تنظر إلى ما بين قدميها فقط، لا يمتد طرفها إلى بعيد، والنبي صلى الله عليه وسلم قال أيضاً: (إن استمتعت بها استمتعت بها على عوج، وإن ذهبت تقيمها كسرتها) وكسرها: طلاقها.
    لذلك على الأزواج أن يتحملوا ما يجدون من تقصير بالنسبة لزوجاتهم، وأن يلاطفوهن.
    ثم اعلم أن المرأة قريبة بعيدة، لو سمعت منك كلمة لينة لزال كل ما في قلبها من الغل؛ لأنها قريبة، ولو سمعت منك كلمةً سهلة وتصورتها صعبة انتفخت وغضبت؛ لأنها قريبة، فيجب على الرجال أن يداروا النساء حتى يتحقق دعاؤهم: {رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ} [الفرقان:74] .
    ومن المهم في هذا الباب: أن يكون الإنسان حريصاً على استقامة أهله، يأمرهم بالمعروف، وينهاهم عن المنكر، ويتحدث إليهم في الترغيب والترهيب، ولا يقول: أنا لست بشاق عليهم، أخشى أن يملوا مني لا، والله متى فعل الإنسان شيئاً لله أو قال قولاً لله ولو كان يعتقد أن الناس سيستثقلونه فإن العاقبة ستكون له مهما كان.

    (40/5)


    --------------------------------------------------------------------------------

    تفسير قوله تعالى: (وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ.)

    ثانياً: قال تعالى: (وهب لنا من ذرياتنا قرة أعين) من الذرية؟ الأولاد من بنين وبنات، لكن الأولاد صغار، البنين والبنات يحتاجون إلى تربية وإلى تهذيب أخلاق، وما أحسن أن يلقاك صبي صغير في سن التمييز تقول: أحفظت شيئاً من القرآن؟ يقول: نعم، اقرأ الفاتحة، يقرؤها عليك، الإنسان يمتلئ قلبه سروراً، وهذا والحمد لله يوجد الآن، يوجد أناس إذا جلس مع أولادهم الصغار درسوهم القرآن، وعلموهم شيئاً من أصول الدين ولو كانوا صغاراً، الصغير لا ينسى، لا ينسى ما سمع ولا ما رأى، علِّم ولدك الذكر أو الأنثى، إذا جلست معه على القهوة على الغداء على العشاء على مجلس سهر علمه أدبه، قل له: يا بني كذا، يا بنتي كذا.
    كذلك أيضاً علمه الصدق، لا تعده موعداً فتخلفه، إذا وعدته موعداً فأخلفته استسهل الكذب، واستسهل إخلاف الوعد، لو قلت: تعال يا ولد، أريد أن أعطيك حلوى، وأدخلت يدك في جيبك على أنك تريد أن تعطيه حلوى، ثم إذا جاء أمسكته إما تريد أن تضربه أو ما تعطيه شيئاً، ماذا يكون رد الفعل في نفسه؟ سيكون شديداً، وسيتعود الكذب، ولذلك يخطئ بعض الناس إذا صاح الصبي قال: اسكت، اسكت، تريد حلوى؟ الصبي يسكت مباشرة؛ لأن الحلوى عنده من أغلى شيء، إذا سكت قال: لا يوجد حلوى وهذه الحلوى عنده هل هذا صواب؟ لا، لكن إذا لم يكن معك حلوى تفي بوعدك تقول: اسكت يا ولد، الصياح ليس طيباً، وقل له كلاماً يكون حقاً.
    وكذلك أيضاً أمرهم بالصلاة: متى نأمرهم بالصلاة؟ لسبع، قبل السبع لا تأمرهم، إن صلوا فمن أنفسهم فذاك المطلوب، ولا تمنعهم، لكن لا تأمرهم لأنك لست أحكم من رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، ولم يأمرنا أن نأمرهم إلا لسبع إلى العشر، فإذا أتموا عشراً فحينئذٍ يُضربون لكن ليس ضرباً مبرحاً، وليس كضرب البالغ منهم، بل ضرباً يحسون باهتمامك بالصلاة، ولكل مقام مقال، والصبيان يختلفون، فبعضهم عنده شعور قوي بمجرد ما تنهره أو تأمره يمتثل، وبعضهم عنيد لا يزداد بمثل ذلك إلا نفوراً منك، فلكل مقام مقال.

    (40/6)


    --------------------------------------------------------------------------------

    تفسير قوله تعالى: (وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً)
    أما الجملة الثلاثة وهي: {وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً} [الفرقان:74] هذه تتطلب أشياء: أولاً: العلم، أن الإنسان يسأل الله أن يكون عالماً لماذا؟ يقول: {لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً} [الفرقان:74] متى يكون إماماً في التقوى؟ إذا كان عالماً بما يتقي.
    إذاً هذه الجملة تتضمن أنك تسأل الله أن تكون طالب علم؛ لأن من لازم التقوى أن يكون عالماً بما يتقي.
    ثانياً: تتضمن أيضاً: أن يكون الإنسان عاملاً بما علم؛ لأن الإنسان لا يكون إماماً إلا إذا كان قدوةً صالحة، ولذلك تجد العلماء يقتدون بأسلافهم يقتدون بأئمة المسلمين كالإمام أحمد بن حنبل رحمه الله وإخوانه من الأئمة؛ لأنهم علموا وعملوا, ولو جاء رجل عالم فصيح بليغ وتكلم ولكن الناس لا يعرفون منه عملاً فإن قبولهم إياه سيكون ضعيفاً إذاً: أنت تسأل الله بقولك: {وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً} [الفرقان:74] أن يرزقك عملاً بما علمت.
    ثالثاً: مما يدخل في هذه الجملة: {وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً} [الفرقان:74] أن تسأل الله أن تكون لك حجة قوية؛ لأن الإنسان إذا لم يكن عنده حجة قوية يمكن يصلح بنفسه لكن لا يستطيع أن يصلح غيره؛ لأن كل إنسان يناظره يمكن أن يغلبه وينهزم أمامه، وحينئذٍ لا يكون إماماً للمتقين، فأنت بهذا تسأل الله أن يجعل لديك بلاغةً وفصاحةً وإقناعاً، والناس يختلفون، كم من إنسان واسع العلم لكنه لا يستطيع أن يقنع، وكم من إنسان أقلَّ ولكنه يستطيع أن يقنع غيره.
    رابعاً: ومما تتضمن هذه الجملة: حسن الأخلاق، وما أعظم حسن الأخلاق وما أقله في كثيرٍ من الناس، الإنسان لا يمكن أن يكون محبوباً ولا مقبولاً إلا إذا وفِّق لذلك بكونه محباً لله فيحبه الله عز وجل ويتبع سبيل المؤمنين، ومن أهم شيء في ذلك أن يكون حسن الأخلاق، يتحمل ويصبر على أذى الناس، ويعلم أن الدنيا لم تفرش وروداً له، ويعلم أنه كلما نجح في أمره فإنه سوف يحاول عدوه الذي ليس على منهجه أن يعرقل سعيه، وكلما كثر تأثيره ظهر له أضداد، ولا بد، وإن شئتم فتابعوا سيرة النبي عليه الصلاة والسلام، هل ظهر له أضداد؟ نعم، ظهر له أضداد وأرادوا أن يقتلوه: {وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ} [الأنفال:30] كم هذه؟ ثلاثة: (ليثبتوك) الحبس، (أو يقتلوك) الإعدام، (أو يخرجوك) الطرد، كل هذا أرادوه ولكنهم {َيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ} [الأنفال:30] .
    إن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أوذي وقد كان ساجداً لله تحت بيت الله، آمن ما يكون في أرض الله وتوضع سلى الناقة على ظهره وهو ساجد، وهو صابر محتسب، ذهب إلى أهل الطائف وماذا فعلوا به؟ اصطفوا صفين من سفهائهم وخدمهم وعبيدهم، وكل واحد معه حجر، وجعلوا يرمون النبي صلى الله عليه وسلم حتى أدموا عقِبه، ولم يفق، فرَّ على وجهه، ولم يفق إلا في قرن الثعالب عليه الصلاة والسلام، من يتحمل هذا؟ وأعظم من ذلك أنه جاءه ملك الجبال واستأذنه أن يطبق الأخشبين عليهم ولكن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (أستأني بهم -أؤخر عقوبتهم- لعلَّ الله أن يخرج من أصلابهم من يعبد الله) انظر إلى بعد النظر! قوم حاربوه، أخرجوه من مكة وطردوه من الطائف، ومع ذلك يقول: (أستأني بهم لعلَّ الله أن يخرج من أصلابهم من يعبد الله) كان الأمر متوقعاً، فأخرج الله تعالى من أصلابهم من عبد الله وكان إماماً في دين الله، وكان من الفرسان في دين الله عز وجل، فحسن الخلق يجعل الإنسان إماماً للمتقين.
    فعليك يا أخي بحسن الخلق، واصبر واحتسب، واجعل هذه الآية الكريمة أمامك إماماً لك، وهي: {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ} [الأعراف:199] يا لها من آية، والله لو سرنا عليها لسلمنا من قلق كثير: {خُذِ الْعَفْوَ} [الأعراف:199] ما معنى العفو؟ ما عفا من أخلاق الناس، وما يعاملك به، واترك ما وراء ذلك، لا تريد من الناس أن يعاملوك بما تريد أبداً إلا إن يشاء الله.
    ثانياً: {وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ} [الأعراف:199] لا تصمت، وإذا أصابك شيء فاصبر واحتسب.
    ثالثاً: ((وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ)) [الأعراف:199] ستجد جاهلاً يشتمك، يغتابك، ربما يضربك، يقول الله عز وجل: {وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ} [الأعراف:199] وكن كما قال النبي عليه الصلاة والسلام حين أدميت أصبعه قال: (هل أنت إلا أصبع دميت، وفي سبيل الله ما لقيت) .
    واعلم يا أخي أن ما أصابك في دين الله فهو رفعة لك وخير وأجر، وتذكر أنه لن ينفعك حينما تكون ممدوداً على نعشك إلا هذا وأمثاله، لن ينفعك حينما تنفرد في قبرك إلا هذا وأمثاله، لن ينفعك حين تقوم لرب العالمين حافياً عارياً أغرل إلا هذا، هذا هو الذي ينفعك حقيقة، وما سوى ذلك من مُتع الدنيا فهو زائل: {كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَهَا لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا عَشِيَّةً أَوْ ضُحَاهَا} [النازعات:46] فأنت يا أخي عندما تقوم تصلي تجد عراكاً مع نفسك، مصارعة، نفسك تقول: عجل، عجل، عجل لكن لا تطعها، قل: أنا أعلم أني لا أنتفع من دنياي إلا في هذه اللحظة وبهذا العمل، وإذا شعرت هذا الشعور وأنك لن تنتفع من حياتك إلا بهذا وأمثاله هل تفر منه فرارك من الأسد أم تطمئن؟

    الجواب
    تطمئن، يا أخي فكر في هذا، عندما تقول: الله أكبر.
    تجد شيئاً في نفسك يقول: يا الله (مشي مشي) .
    قل: يا أخي هوناً هوناً هوناً ما لي من حياتي إلا هذا، ما ينفعني في قبري ولا عند موتي ولا يوم القيامة إلا هذا، اطمئن يا أخي، ثم اذكر وأنت في صلاتك من تناجي يا أخي؟ تناجي أحب شيء إليك وهو الله عز وجل، ألم تعلم أنك إذا قلت: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الفاتحة:2] قال الله تعالى من فوق سبع سماوات: حمدني عبدي؟ ألم تعلم أنك إذا قلت: {الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} [الفاتحة:3] قال الله: أثنى عليَّ عبدي؟ ألم تعلم أنك إذا قلت: {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} [الفاتحة:4] قال الله: مجدني عبدي كل هذا حق.
    ألم تعلم أنك إذا قلت: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} [الفاتحة:5] قال الله: هذا بيني وبين عبدي نصفين؟ ألم تعلم أنك إذا قلت: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ} [الفاتحة:6] قال الله: هذا لعبدي ولعبدي ما سأل؟ هل تجد خيراً أكثر من هذا؟!! كيف تفر من أن تقف بين يدي من يناجيك وهو على كل شيء قدير؟!! يا أخي! اعرف نفسك، ولماذا خلقت، والله لو كنا نشعر هذا الشعور لهانت علينا العبادات، ولرخصت علينا الدنيا كلها:
    لو ساوت الدنيا جناح بعوضة لم يسق منها الرب ذا الكفران
    لكنها والله أحقر عنده من ذا الجناح القاصر الطيران
    هكذا يقول ابن القيم رحمه الله وصدق.
    أسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعلنا وإياكم من دعاة الخير، وأنصار الحق، وأن يهب لنا منه رحمة إنه هو الوهاب.
    وإلى ما تيسر من الأسئلة نجيب عليها، ونسأل الله أن يعصمنا من الزلل، وأن يوفقنا للصواب إنه على كل شيء قدير.

    (40/7)


    --------------------------------------------------------------------------------

    الأسئلة

    (40/8)


    --------------------------------------------------------------------------------

    كيفية إخراج الكفارة لمن لم يستطع صيام رمضان


    السؤال
    فضيلة الشيخ: لقد قدر الله علي فتعرضت لحادثٍ في العام الماضي، ولم أستطع صيام شهر رمضان، وقد كنت أتوقع في ذلك الوقت أنه بعد شهرين أو ثلاثة سوف يعافيني الله تعالى وبعدها أصوم، والآن لا أستطيع الصيام حيث ما زلت على الفراش ولا أستطيع الحركة، لذا أرجو الإفادة عن الكفارة من الطعام، وهل تجزئ أن أطعم عائلةً كيساً من الأرز مثلاً الذي يحتوي على خمسة وأربعين كيلاً؛ لأنه يشق علينا أن نعطي كل مسكين على حدة، علماً أنه يوجد في حاراتنا عائلة فقيرة وأبوهم عليه دين، ولديه كثير من الأولاد، فهل تجزئ الكفارة إذا منحناهم إياها دفعةً واحدة؟ وكم تكون الكفارة من أكياس الرز؟

    الجواب
    أسأل الله سبحانه وتعالى لأخينا السائل أن يشفيه ويعافيه، وأن يرزقه الصبر والاحتساب، وأن يجعل ما أصابه رفعةً في درجاته وتكفيراً لسيئاته.
    أما موضوع السؤال فنقول: يطعم عن كل يومٍ مسكيناً، وليس بلازم أن يعطي كل مسكين على حدة، فإذا قدر أن في البيت عشرة مساكين أعطاهم ما يكفي عشرة، لكل واحد كيلو من الرز، ويجعل معه شيئاً من اللحم يكون إداماً له، ثم ينظر إلى بيتٍ آخر فيه عشرة فيعطيهم، ثم إلى بيت ثالث فيه عشرة ويعطيهم، وبذلك تبرأ ذمته، وإذا قدر أنه في قرية صغيرة لا يجد ثلاثين واحداً فلا بأس أن يكررها على الموجودين في أيام متعددة حتى يستكمل ثلاثين.

    (40/9)


    --------------------------------------------------------------------------------

    وجوب التسليم لله في الأخبار الغيبية


    السؤال
    فضيلة الشيخ: ذكرت بارك الله فيك أن النبي صلى الله عليه وسلم قد سمع صريف الأقلام ليلة المعراج، فكيف نجمع بين هذا وبين ما ثبت (أن الله تعالى أول ما خلق القلم فقال له: اكتب.
    قال: ما أكتب؟ قال: اكتب ما هو كائن إلى يوم القيامة) فالله قد كتب مقادير الخلق قبل خلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة، فنرجو إزالة هذا الإشكال أحسن الله لنا ولكم الحياة والمعاد؟

    الجواب
    أولاً: أنصح أخي السائل والمستمعين أن مسائل الغيب لا يجوز فيها أن يعارض بعضها ببعض، فيجب أن نقبل أن الله كتب في اللوح المحفوظ مقادير كل شيء إلى يوم القيامة، ويجب أن نؤمن بأن محمداً رسول الله سمع صريف الأقلام ما دام كل منهما صحيحاً، يجب علينا أن نؤمن ولا نقول: لماذا أو كيف؟ لأن هذه أمور غيبية كما أننا نؤمن بأن الله ينزل إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر، هل يقول قائل: كيف ينزل وهو فوق كل شيء؟ نقول: لا يجوز هذا، الأمور الغيبية قل: سمعنا وصدقنا ولا تعارضها، أسألكم كلكم الآن: هل يستطيع رجل منكم أن يصف لنا نفسه التي بها حياته؟ الجواب: لا: {وَيَسْأَلونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي} [الإسراء:85] كيف تحاولون أن تعرفوا صفة الرحمن عز وجل أو تعرفوا أقداره؟ هذا لا يمكن.
    نصيحتي لكل شخص أن مثل أمور الغيب يجب أن يؤمن بها ولا يسأل، أشرنا قبل قليل في المعراج أن الرسول صلى الله عليه وسلم صلى بالرسل إماماً في بيت المقدس، وحين صعد إلى السماء وجد فيها من المرسلين من وجد، هل نقول: كيف يكون ذلك؟ أبداً، الأمور إذا صحت في القرآن أو في السنة قل: آمنا بالله ورسله، لا تضرب القرآن بعضه ببعض ولا السنة بعضها ببعض، هذه أمور أكبر من عقولنا.
    على أنه لا يستحيل عقلاً أن تكتب الأشياء مرتين، الإنسان مثلاً عنده دفتر يكتب فيه اليوميات ويعيدها أيضاً مرةً ثانية في أوراق أخرى هذا ممكن عقلاً؟ على أن الأمور الغيبية لا تحاول أن تقيسها بعقلك؛ لأنها أكبر من عقلك.
    فنقول: إن الله تعالى قال: {يَسْأَلُهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ} [الرحمن:29] كل يوم هو في شأن عز وجل، يفعل ما يشاء، ويحكم ما يريد، وهذه الأقلام التي سمعها الرسول عليه الصلاة والسلام من الممكن أن تكون أقلاماً تعيد ما كتب في اللوح المحفوظ، والله أعلم، إن كان هذا هو الحق فالحمد لله الذي وفقنا له، وإن كنا أخطأنا فنستغفر الله ونتوب إليه، لكننا نؤمن بما أخبر الله به ورسوله، وإياك -أيها الأخ- أن تعارض القرآن بعضه ببعض أو السنة بعضها ببعض هذه أمور غيبية، الأمور الحكمية الفقهية لعقل الإنسان فيها مجال ومدخل، أما الأمور الخبرية المحضة فلا تتعب نفسك.

    (40/10)


    --------------------------------------------------------------------------------

    خطأ من يخطب في رجب عن الإسراء والمعراج


    السؤال
    فضيلة الشيخ: كثير من خطباء المساجد في هذا الشهر تكون خطبهم عن الإسراء والمعراج، فهل في هذا حرج أم لا؟

    الجواب
    أرى أنه ليس بالمناسب؛ لأن الخطبة في الإسراء والمعراج في هذا الشهر يعني توكيد أن المعراج في هذا الشهر، وهذا غلط، أقرب ما يكون من الأقوال في المعراج: أنه كان في ربيع الأول؛ لأن ربيع الأول هو مبتدأ الوحي لرسول الله صلى الله عليه وسلم، أول ما بدئ بالوحي في ربيع الأول، وصار يرى الرؤيا حتى تأتي مثل فلق الصبح، وفي رمضان نزل عليه القرآن، فأقرب ما يقال مع أنه ليس هناك نص صريح صحيح: أنه في ربيع الأول وليس في رجب، ولذلك لا ينبغي للخطباء أن يقرءوا فصة المعراج في الخطب في هذا الشهر؛ لأن ذلك يعني تثبيته، وإذا ثبت في قلوب العوام صار عقيدة.

    (40/11)


    --------------------------------------------------------------------------------

    كيفية الجمع بين الخوف والرجاء


    السؤال
    فضيلة الشيخ: يقول الله جل وعلا: {وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ} [المؤمنون:60] ويقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (لا يموتن أحدكم إلا وهو يحسن الظن بالله) والعبد مأمور بالخوف من الله تعالى، وكذلك أن الإنسان مأمور بعدم الإعجاب بعمله، ويقول: أنا أصلي وأزكي، كيف الجمع بين هذه الأقوال والآية؟

    الجواب
    يقول الله عز وجل: {وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ} [المؤمنون:60] أي: يعطون ما أعطوا (وقلوبهم وجلة) أي: خائفة ألا يقبل منهما، لا استبعاداً لكرم الله عز وجل لكن خوفاً من ذنوبهم، يخشى الإنسان أن يكون ما آتاه من المال لا يقبل؛ إما لإعجابه، وإما لمنه بالصدقة، وإما لكون المال حراماً، أو ما أشبه ذلك، هل كل منا يجزم بأن صدقاته مقبولة؟ لا، كل يخاف.
    وأما قوله صلى الله عليه وسلم: (لا يموتن أحدكم إلا وهو يحسن الظن بربه) فمراد النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم بذلك حث الإنسان على العمل الصالح إلى الموت؛ لأن الإنسان لا يمكن أن يحسن الظن بربه وهو يبارزه بالعصيان، لو أنه أحسن الظن بالله وهو يبارزه بالعصيان لكان مستهتراً، إحسان الظن بالله أن تعمل ما يكون سبباً لما تظنه بالله عز وجل، ولهذا يخطئ بعض الناس أن يكون مهملاً ثم يقول: أحسن الظن بالله لا، أحسن الظن بالله بمعنى: صل، وقل: إن الله سيقبل عبادتي، هذا إذا نظرت إلى كرم الله، إذا نظرت إلى نفسك أخشى أن أكون مقصراً، فتكون بين الخوف والرجاء.
    وأخيراً أسأل الله عز وجل أن يجعل هذا العمل نافعاً، مباركاً، خالصاً لوجهه الكريم
    وأن ينفعني به في حياتي وبعد مماتي، وأن ينفع به كل من انتهى إليه؛ فإنه خير مسؤول، وأكرم مأمول، وهو حسبنا ونعم الوكيل، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد بن عبد الله وعلى آله وأصحابه ومن تبعه بإحسان إلى يوم الدين.

    حياكم الله بموقع بداية الهداية الخطوة إلى طريق العلم الشرعي الصحيح
    http://www.musacentral.com/

  5. #75
    تاريخ التسجيل
    Mar 2009
    المشاركات
    2,459
    الدين
    الإسلام
    آخر نشاط
    01-11-2023
    على الساعة
    04:37 PM

    افتراضي

    حكم إغماض العينين في الصلاة من أجل الخشوع


    السؤال
    فضيلة الشيخ: ما حكم تغميض العينين في الصلاة من أجل الخشوع فقد سمعت أن ابن القيم رحمه الله يرى أنه جائز، وقد يكون مندوباً لأجل الخشوع؟

    الجواب
    أما إذا طرأ ما يوجب التغميض فلا بأس، مثل: أن يدخل في الصلاة ثم حصل أمامه صبيان يلعبون، أو لاحظ شيئاً يشغله عن الصلاة، فهنا لا بأس أن يغمض، وإذا أغمض عينيه بدون سبب ورأى من نفسه أنه يخشع فهذا من وحي الشيطان؛ لأن تغميض العين في الصلاة مكروه، فإنه قيل: إنه فعل المجوس عند عبادتهم النيران.
    فتغميض العين فيه تفصيل: إذا كان لأمرٍ حدث فتخشى أن تتبعه بصرك فتنشغل عن صلاتك فهنا غمض العينين، وأما أن تغمض عينيك من أجل الخشوع فهذا خطأ.

    (40/13)


    --------------------------------------------------------------------------------

    نصيحة لامرأة أرادت أن توصي ولها مال كثير


    السؤال
    امرأة كبيرة تريد أن توصي فما نصيحتك لها؟ كيف يكون نص وصيتها فإنها سوف تسمع هذا الشريط ثم توصي، علماً أنه لا يوجد لها أبناء، ولكن لها بنات متزوجات، ولهن أولاد ولله الحمد، وعندها أكثر من عقار ومنه عمارة ذات شقق سوف تجعل الوصية فيها جزاك الله عنها وعن المسلمين خير الجزاء؟

    الجواب
    أقول لهذا السائلة ولمن يستمع: قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (خير الصدقة أن تصدق وأنت صحيح شحيح تأمل الغنى وتخشى الفقر) أنت صحيح شحيح -تريد المال- (تأمل الغنى) (وتخشى الفقر) هذا أفضل الصدقة، سواء كانت صدقةً جارية تبقى لك بعد موتك، أو كانت صدقةً عارضة لفقير اضطر إليها أو ما أشبه ذلك، هذه خير الصدقة.
    فنقول لهذه الأخت السائلة: فيما رأينا من الناس الآن وأحوالهم ومحبتهم للدنيا، وشحهم، وقطيعة الرحم، نرى أن الإنسان يجعل من ماله شيئاً للمساجد للجمعيات الخيرية كجمعيات تحفيظ القرآن مثلاً وجمعيات البر وما أشبهها.
    ثم إذا أراد أن يوصي يوصي لأقاربه الذين لا يرثونه، مثلاً: إنسان له عم وله أبناء عم، له أخ وله أبناء أخ، أخوه يرث وأبناء أخيه لا يرثونه، عمه يرث وأبناء عمه لا يرثونه، يوصي للذين لا يرثونه؛ لأن صلة الرحم أفضل من إعتاق الرقاب، ولهذا لما قالت إحدى أمهات المؤمنين للنبي عليه الصلاة والسلام: إنها أعتقت جارية لها قال: (إنها لو جعلتها في أقاربها كان خيراً لها) أوصي الأقارب الذين لا يرثون، إن شئت قل: الأقرب فالأقرب، وإن شئت فقل: الأحوج فالأحوج، وأما الذين يرثون فلهم ميراثهم.
    وأيضاً أقول: أوصي لهم بشيء يكون مقطوعاً، كل يأخذ نصيبه ويذهب، لكن الشيء الثابت وجدنا أن أبناء العم يتحاكمون ويتخاصمون من أجل بيت مشترك بينهم أو أرض مشتركة، ويتقاطعون الأرحام، وحدثني بعض الناس: أن قوماً تنازعوا في بيت وقَّفه جدهم، وهم بنو عم عند القاضي، قبل أن تحدث هذه المحاكم والأمور الرسمية، فجعلوا يختصمون ويتكلمون، حتى إن بعضهم قال: لعن الله جداً جمع بيننا! -أعوذ بالله- وهو جدهم الذي أوقف لهم البيت، لكن النزاع والخصومة -والعياذ بالله- (الغضب جمرة يلقيها الشيطان في قلب ابن آدم) .
    إذاً: لا حاجة لهذا، أتصدق أو أوصي بشيء ينقطع وينتهي، أو بشيء دائم بعيد عن الأقارب كالمساجد والجمعيات وما أشبهها.
    الخلاصة: أقول لهذه المرأة: تختار إحدى العمارات وتجعلها وقفاً على المساجد، أو تباع ويعمر بها مسجد هذا أحسن شيء.
    أما نص الوصية فلا يحتاج إلى تعب، يكتب: بسم الله الرحمن الرحيم، ويحضر رجلان كاتب وشاهد: حضرت عندنا المرأة الفلانية وأوصت بعمارتها المعروفة في مكان كذا وكذا أن يجعل ريعها للمساجد، أو أن تباع ويعمر بها مسجد، أو ريعها يكون في الجمعيات الخيرية أو في مسابقة تحفيظ القرآن، وما أشبه ذلك.
    وتكون الوصية من الثلث فأقل لغير وارث.

    (40/14)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم رجل صلى خلف إمام فرأى في رجله قدر الدرهم لم يصبه الماء


    السؤال
    فضيلة الشيخ: مأموم صلى خلف إمام فرأى على قدم الإمام مقدار الدرهم لم يصله الماء، فماذا يفعل المأموم وهو يصلي خلف ذلك الإمام ويرى ذلك البياض؟

    الجواب
    ينوي الانفراد عنه، وإذا سلم يخبره، أما المأمومون الذين لم يعلموا بذلك فصلاتهم صحيحة، لكن هذا المأموم ينصرف ويتم الصلاة وحده؛ لأنه الآن يصلي خلف إمام في اعتقاده أن صلاته باطلة، لأنه ما توضأ، فينصرف ويسلم وإذا سلم الإمام نبهه، ووجب على الإمام أن يعيد الوضوء والصلاة، وأما المأمومون فلا شيء عليهم.
    وهذه قاعدة مفيدة أفيدها الآن، والحمد لله أن السؤال جاء بها: إذا صلى الإمام محدثاً ولم يعلم إلا بعد الصلاة وجب عليه الوضوء وإعادة الصلاة، والمأمومون لا شيء عليهم، علم بذلك في أثناء الصلاة ينصرف ويقول للمأمومين: يا فلان! أتم بهم الصلاة، إذا تبقى ركعة كم يصلون؟ ركعة، أتم بهم الصلاة، فإن لم يقل: أتم بهم الصلاة فليقدموا واحداً منهم، فإن لم يفعلوا فليكمل كل واحد لنفسه.

    (40/15)


    --------------------------------------------------------------------------------

    تحريم شرب الدخان وبيعه


    السؤال
    فضيلة الشيخ! أشهد الله بأني أحبك في الله وسؤالي: لدي دكان مؤجر من قبل إخواني لبيع (السندويتشات) وبعد ذلك علمت أنه يبيع الدخان، مع العلم بأننا نأكل ونشرب من مصروف هذا الدكان، وقد نصحت إخواني بأن يمنعوه من بيع هذا الدخان ولكن بلا فائدة، فإنهم منعوني من الكلام وذلك لأن ثلاثةً منهم يدخنون وأنا أصغرهم، ما حكم الأكل من هذا الدكان؟ وبماذا تنصحني أن أفعل معهم جزاك الله خيراً؟

    الجواب
    إذا كان هذا الدكان استؤجر لعمل الطعام (السندويتش) أو غيره فالإجارة صحيحة، وإن استؤجر لبيع الدخان فالإجارة باطلة، ولا حق للمستأجر في هذا الدكان؛ لكن الغالب أن المؤجر لا يدري ماذا يفعله المستأجر في دكانه فالإجارة إذاً صحيحة، لكن إذا تمت المدة -أعني: مدة الإجارة- وجب على المؤجر أن يقول للمستأجر: إما أن تمتنع عن بيع الدخان وإلا فاخرج، ولا يجوز أن يعقد له الإجارة بعد ذلك وهو يعلم أنه سيبيع الدخان في هذا الدكان لماذا؟ لأن شرب الدخان محرم، والمعين على المحرم آثم مشارك له في الإثم، ودليل ذلك: (أن النبي صلى الله عليه وسلم لعن آكل الربا وموكله) من آكل الربا؟ المرابي آخذ الربا سواء أكله أو لبسه، وموكله الذي أخذ منه الربا، انظر الذي أخذ منه الربا ملعون مع أنه مظلوم، شاهديه: ما عملهم؟ تثبيت العقد، لأنه بالشهادة يثبت، الخامس: كاتبه، أيضاً يثبت الربا، كلهم ملعونون على لسان النبي عليه الصلاة والسلام؛ لأنهم متعاونون.
    فلما كان الدخان حراماً كان بيعه حراماً، وكان تأجير المحلات لبيعه حراماً، والأجرة محرمة، وأقول: إن الدخان حرام بأدلة القرآن والسنة والعقل: أدلة القرآن: الدليل الأول: قال الله تبارك وتعالى: {وَلا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَاماً} [النساء:5] ما الفائدة من الأموال التي أعطانا الله إياها؟ أن تكون لنا قياماً تقوم بها مصالح ديننا ودنيانا، أي مصلحة في إنفاقها في شرب الدخان؟! لا مصلحة.
    الدليل الثاني: قال الله تعالى: {وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيماً} [النساء:29] وشرب الدخان من أسباب قتل النفس، وانظر إلى الإحصائيات في البلاد التي تعتني بهذه الأمور كم تجد من الذين ماتوا بسبب الدخان.
    الدليل الثالث: قال الله تعالى: {وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} [البقرة:195] ولا شك أن الذي يشرب الدخان ملقٍ بنفسه إلى التهلكة، وانظر إلى جسمه! انظر إلى نفسه! انظر إلى حاله! ولو أنه سلم من ذلك لوجد نشاطاً وقوة كما علم بذلك من عصمهم الله منه بعد أن كانوا يشربونه.
    أما السنة: فاستمع إلى ما ثبت عن الرسول عليه الصلاة والسلام من أنه نهى عن إضاعة المال، واسأل المدخن: هل هو يضيع المال، أم يحفظ المال؟ أقول: إنه يضيعه، حتى إن بعضهم -والعياذ بالله- يشتري الدخان ويدع أهله يتضاغون من الجوع! يقدم شراء الدخان على شراء الضروريات والحاجيات -نسأل الله السلامة- وهذا من إضاعة المال.
    أيضاً شارب الدخان إذا لم يتيسر له شربه ماذا تكون نفسه؟ يضيق صدره، وتضيق عليه الدنيا، حتى الصلاة يؤديها وهو ضيق النفس غير مطمئن إليها، وفي الصيام حدِّث ولا حرج: سوف تضيق عليه الدنيا، ويثقل عليه الصيام، وشيء يثقل العبادات على الإنسان لا خير فيه.
    أما العقل: فإن كل إنسان عاقل لا يرضى أبداً أن يبذل ماله فيما ليس بفائدة بل فيما فيه مضرة، كل إنسان عاقل لا يرضى أن يكون متلبساً بهذا الدخان ذي الرائحة الكريهة التي يفر منها كل إنسان، حتى إن بعض الناس إذا صف إلى جانبه في الصلاة أحد من شاربي الدخان ربما لا يستطيع أن يصلي، ينصرف إلى جهة أخرى، كل إنسان عاقل لا يمكن أن يفعل شيئاً فيه عليه الضرر.
    ولهذا نحن في هذا المكان نوجه نصيحةً إلى الشباب أن يبتعدوا كل البعد عن الذين ابتلوا بشربه، فإنهم إذا شربوه ربما يوسوس لهم الشيطان فيشرب جليسهم، وإذا شرب الشاب وليس عنده فلوس، وسوف يضطر إلى تناوله بأي وسيلة، ألا يمكن أن يكون ذلك سبباً لبيع عرضه؟ بلى يمكن، شاب ليس عنده فلوس وقد اضطر إلى شربه سوف يصل إلى مراده بأي وسيلة، أو ربما يوجب له أن يسرق من مال أبيه أو من مال أمه أو من مال صديقه أو من مال من لا يعرف كل هذه آفات لشرب الدخان.
    والقضايا والقصص فيما يترتب على شرب الدخان كثيرة جداً لا يليق بنا في هذا المجلس ونحن في بيتٍ من بيوت الله أن نذكرها؛ لأنها وخيمة جداً.

    (40/16)


    --------------------------------------------------------------------------------

    جواز نقل السائق بعض المدرسات مع عدم الخلوة


    السؤال
    فضيلة الشيخ: أحد الإخوة محتاج للمال فبدأ ينقل بعض المدرسات من مدينة إلى قرية تبعد قريباً من مائة وخمسين كيلاً، ولم يجد معه محرماً إلا زوجته، فهل هذا جائز أم يحرم علماً بأنه يجهل الحكم؟

    الجواب
    أما قوله: لم يجد محرماً إلا زوجته فهذه عبارة غير صحيحة، لماذا؟ الزوجة غير محرم، الزوجة امرأة تحتاج إلى محرم، لكن لو قال: إنه لا ينفرد بواحدة من هؤلاء النساء، بمعنى: أنه يأتي يحملهن جميعاً ويردهن جميعاً ولا ينفرد بواحدة؛ لأن معه زوجته لكان اللفظ صحيحاً.
    أنا أرى في هذا: أن السائق ما دام مأموناً في دينه، ولا ينفرد بواحدة من النساء، ويرجع في يومه أنه لا حرج في ذلك؛ لأن هذا لا يعتبر سفراً، كل الناس لا يقولون: إنهن سافرن للتدريس، حتى وإن كان (100كم) أو أكثر، فهذه المسافة لا تعتبر سفراً لأنه سيرجع في يومه قبل أن يتغدى هناك مثلاً، المهم أن هذا ليس بسفر وليس فيه مانع، والخلوة هي الممنوعة، وما دام ليس هناك خلوة فلا بأس، ولكن يجب على أولياء النساء أن يدققوا النظر في السائق، وهل هو ممن يوثق به أم لا.

    (40/17)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم من حفظ شيئاً من القرآن ثم نسيه


    السؤال
    فضيلة الشيخ: ما حكم من يحفظ أجزاءً من القرآن من أجل منهج التعليم، ثم بعد نتيجة الامتحان لا يتابع ذلك الذي حفظ ثم ينساه، فما حكم هذا؟

    الجواب
    أرى أنه خاسر في الواقع، ومخالف لقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (تعاهدوا القرآن، فوالذي نفسي بيده لهو أشد تفلتاً من الإبل في عقلها) وأقول: ما دام الله منَّ عليه بحفظ ما تيسر من القرآن فليتابع وليتعاهد القرآن فإن: (خيركم من تعلم القرآن وعلمه) .

    (40/18)


    --------------------------------------------------------------------------------

    الأسباب الجالبة للخشوع في الصلاة


    السؤال
    فضيلة الشيخ: ما هي الأشياء التي تدعو إلى الخوف من الله ومراقبته ورجاء ما عنده من الثواب ومحبته لكي يفعل العبد ما أمر الله به، وأن يجتنب ما نهى الله عنه؟

    الجواب
    كثرة قراءة القرآن بتأمل وتدبر، والنظر في آيات الله العظيمة كالسماوات والأرض والشمس والقمر والنجوم، والنظر في آيات الله العظيمة كهطول الأمطار وامتناعها وما أشبه ذلك، والنظر في نعم الله؛ لأن من نظر إلى نعم الله تعالى أحب الله عز وجل، ولهذا جاء في الأثر: (أحبوا الله لما يغذوكم به من النعم) والإنسان بطبيعته يحب من أحسن إليه، ولا أحد أعظم إحساناً ولا أكثر إحساناً من إحسان الله عز وجل، وليحرص على حضور القلب في الصلاة؛ لأن هذا من أسباب خشوع القلب، وتأمل قول الله تعالى: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ} [المؤمنون:1-2] هذا في أول الآيات، وفي آخر الآيات: {وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ} [المؤمنون:9] تأمل أن الصلاة مكتنفة بالأعمال كلها وصفات الخير كلها، فعليك بالصلاة والخشوع فيها، فإن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر: {وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ} [البقرة:45] .

    (40/19)


    --------------------------------------------------------------------------------

    خطأ من فتح تجارته بجوار مسجد لم تنته الصلاة فيه وإن صلى في مسجد آخر


    السؤال
    يؤدي بعض أصحاب المحلات التجارية صلاة الجمعة في جامع يخرج مبكراً، ثم يقومون بفتح محلاتهم بجوار جامع آخر لم ينته، وتكون تلك المحلات بجوار ذلك الجامع مفتوحة، فما الحكم في ذلك؟ هل ينكر عليهم؟

    الجواب
    هذا يرجع إلى رجال الهيئة والحسبة في الإنكار وعدمه، أما من حيث أداء صلاة الجمعة فقد أدوها ولا يطالبون بها، لكن ليس من المستحسن إطلاقاً أن يفتحوا متاجرهم في سوق فيه مسجد يصلون الجمعة؛ لأن هذا فيه شيء من التحدي وعدم المبالاة، وفيه أيضاً إساءة ظن بهم.
    فالذي أرى: أن يجتهدوا في الصلاة في الجامع الذي متجرهم فيه أو حوله، حتى إذا خرج الناس قاموا من حين أن يصلوا كما قال تعالى: {فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ} [الجمعة:10] .
    أما كونهم يمكنون من فتح الدكاكين مع كون الناس الذين في المسجد الذي بجوارهم يصلون فهذا يرجع إلى الهيئة.

    (40/20)


    --------------------------------------------------------------------------------

    عدم أحقية المؤذن أن يقيم الصلاة حتى يأتي الإمام


    السؤال
    تأخر الإمام قليلاً فأقام المؤذن الصلاة وصلى بالناس، فجاء الإمام ودخل المحراب وكبر وكبر بعض الناس معه، والآخرون بقوا على تكبيرتهم الأولى، فما رأيك يا فضيلة الشيخ؟

    الجواب
    والمؤذن أين ذهب؟ حقيقةً أين ذهب المؤذن؟!! صار إمامين في المسجد على كل حال الإقامة موكولة للإمام، والأذان للمؤذن، وليس للمؤذن حق أن يقيم الصلاة حتى يحضر الإمام، فإن فعل فهو آثم، وعلى الجماعة أيضاً إذا رأوا من المؤذن أنه سيقيم الصلاة قبل حضور الإمام أن يمنعوه؛ لأن الحق في الإقامة للإمام، لكن لو تأخر الإمام فإن كان مكانه قريباً فإن العلماء يقولون: يُراجع، كما كان الصحابة رضي الله عنهم إذا تأخر النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ذهبوا إلى بيته يراجعونه يقولون: الصلاة يا رسول الله.
    وإن كان بعيداً فهم معذورون إذا تأخر تأخراً لم تجرِ به العادة.
    ولكني أقول: ينبغي للإمام إذا كان عنده شغل ولنقل: عنده وظيفة مثلاً ويخشى أن يتأخر في صلاة الظهر أن يقول لهم: إذا تأخرت مقدار عشر دقائق فأقيموا الصلاة، يكون في ذلك راحة له ولهم، وإذا جاء وهم يصلون دخل معهم كما فعل النبي عليه الصلاة والسلام حين تأخر ذات يوم وقد ذهب ليصلح في بني عوف فجاء ووجد الناس يصلي بهم عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه فدخل معهم في الصلاة، صار مأموماً عليه الصلاة والسلام، ولا حرج، وليس في كون الإمام مأموماً في مثل هذه الحالة أي غضاضة على الإنسان.

    (40/21)


    --------------------------------------------------------------------------------

    الميزان في أعمال العباد


    السؤال
    فضيلة الشيخ: ما هو الميزان في الأعمال نحو البدعة والسنة؟

    الجواب
    ذكر النبي عليه الصلاة والسلام ذلك بميزان قسط، فإنه لما قال: (إن هذه الأمة ستفترق على ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة، قالوا: من هي يا رسول الله؟ قال: من كان على مثل ما أنا عليه وأصحابي) هذه السنة، فمن كان يترسم خطا النبي صلى الله عليه وسلم ويأخذ بسنته عقيدةً وقولاً وعملاً فهذا الذي على السنة، ومن خالف فليس على السنة، لكن لا يجوز أن ننفي أنه ليس على السنة نفياً عاماً، بل نقول: هو مخالف للسنة في هذا الشيء المعين؛ لأنه يجب أن نعرف الفرق بين الإطلاق والتقييد، ليس من حقنا إذا رأينا أي صاحب بدعة أن نقول: إن هذا من أهل البدع، بل يجب أن نقيد: إنه من أهل البدع في كذا؛ لأن الإنسان قد يبتدع شيئاً ولكنه ملتزم بالسنة في أشياء كثيرة، هذا لا يصلح أن يطلق عليه أنه مبتدع، بل نقيد، وهذا هو الميزان العدل.

    (40/22)


    --------------------------------------------------------------------------------

    التناصح بين الإخوة من أسباب بقاء المودة


    السؤال
    فضيلة الشيخ: أبعث إليك بمشكلتي التي تؤرقني وهي: أعلم ما للصديق الصالح من دور في الثبات على دين الله، ولقد بحثت عنه كثيراً والحمد لله أعتقد أنني وجدته، ولكن يا فضيلة الشيخ هناك مشكلة: وهي أننا نتغاضى كثيراً عن أخطاء بعضنا، وعندما أكلمه في ذلك يقول: إنك أفضل مني والواجب عليك نصحي.
    فضيلة الشيخ! يشهد الله أني أحب ذلك الإنسان في الله، وأعلم أنه يبادلني نفس الشعور، وأعلم أنه يحب لي الخير ولكن ما زالت تلك السلبية بيننا، أرجو من فضيلتكم توجيه كلمة لي ولعموم المسلمين حول ذلك الموضوع؟

    الجواب
    لا شك أن المحبة في الله من أفضل الأعمال حتى أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله: إمام عادل -وذكر الحديث ومنه-: رجلان تحابا في الله اجتمعا عليه وتفرقا عليه) وهذه أوثق عرى الإيمان: أن يحب المرء لا يحبه إلا لله.
    وعلى كل منهما -أي: من المتحابين في الله- أن ينصح أخاه؛ لأن المؤمن مرآة أخيه، ولكن المهم هو أسلوب النصيحة، وكيف ينصح؟ وأما النصيحة فواجبة، ينظر الوقت المناسب والمكان المناسب والكلام المناسب، وكل إنسان على حسب ما يعتقد ولا يكلف الله نفساً إلا وسعها، أما أن يسكت على عيوبه والآخر يسكت على عيوبه لما بينهما من المودة ويخشى أن تنخدش المودة فهذا غلط، بل العتاب من أسباب بقاء المودة، كونك تعاتب أخاك سواء فيما يعاملك به أو في غيره خير من كونك تسكت على مضض ثم تتابع الأحداث ثم تحصل الفرقة.

    (40/23)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم وضع المرأة عباءتها على كتفيها عند الصلاة


    السؤال
    بعض النساء إذا كانت في المدرسة أو في البر تصلي وتضع عباءتها على كتفيها، فهل هذا جائز؟

    الجواب
    لا بأس به، وأي شيء في هذا؟ المرأة منذُ عهدٍ بعيد وهي إذا صلت تضع العباءة على كتفيها، ولا يعد هذا تشبهاً بالرجال؛ لأن هذا هو لباس النساء، التشبه أن يكون في شيء يختص به الثاني ولا يفعله المتشبه، وأما إذا كان شيئاً مشهوراً بين الطرفين فإن هذا ليس بنية التشبه، فلا نرى في هذا بأساً.
    ثم إن المرأة أيضاً كيفية خمارها ليس ككيفية غترة الرجل، فهذه اللبسة ليست مشابهةً للبسة المرأة من كل وجه، فلا أرى في ذلك بأساً إن شاء الله.

    (40/24)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم أكل المرأة مع إخوة زوجها في سفرة واحدة


    السؤال
    ما حكم أن تجلس زوجة الأخ مع العائلة في أوقات معينة كالغداء أو العشاء مع العلم أن زوجها موجود معنا، وأن الوالد والوالدة والإخوان كلهم معنا ولكنها تغطي جميع جسدها ما عدا الوجه والكفين فقط، بارك الله لكم وبارك عليكم؟

    الجواب
    نرى أن اجتماع العائلة على الطعام ليس فيه بأس، ولكن لا يكونوا في سفرة واحدة، بل يكون النساء في جانب والرجال في جانب ولو كان المكان واحداً، أما كونهم يجلسون على سفرة واحدة فلا نرى ذلك إطلاقاً؛ لأنه لا يمكن أن الواحدة تأكل بدون أن تكشف وجهها، وإذا كشفت وجهها عند أخ زوجها أو عند عمه أو ما أشبه ذلك حصلت الفتنة، ولا تحقرن من الشر شيئاً، كم من إنسان يستبعد كل البعد أن تقع فتنة بينه وبين زوجة أخيه ولكن الشيطان قد ينزغ بينهم، انظر إلى كلام أحكم الخلق عليه الصلاة والسلام لما قال: (إياكم والدخول على النساء) وهذه الجملة تحذير: (إياكم والدخول على النساء، قالوا: يا رسول الله! أرأيت الحمو؟ قال: الحمو الموت) والمعنى: فِرَّ منه كما تفر من الموت، وأما من قال: الحمو الموت أي: لا بد منه، فهذا غلط، كل الناس يعرف أن المقصود من هذه العبارة هو التنفير، وإنما جعله الرسول عليه الصلاة والسلام بمنزلة الموت، وأنه يجب الفرار منه؛ لأن الحمو -وهو قريب الزوج- إذا دخل على بيت قريبه لا يستنكر الناس ذلك منه، وهو أيضاً لا يخجل إذا فتح الباب ودخل، فيجب الحذر من أقارب الزوج، وأن تكون المرأة منهم على حذر، وأن تخشى من نزغات الشيطان.

    (40/25)


    --------------------------------------------------------------------------------

    تعويد الصبي على صلاة الفجر إذا لم يكن عليه مشقة


    السؤال
    فضيلة الشيخ: ابني يبلغ من العمر ثمان سنوات، هل أوقظه لصلاة الفجر؟ وإذا لم يصل هل أنا آثم؟

    الجواب
    الظاهر أن هذا ينظر: إذا كان مثلاً في أيام الشتاء وأيام البرد والمشقة فلا بأس أن يُترك وإذا قام، يقال له: صل.
    وأما إذا كان الجو معتدلاً ولا ضرر عليه في الإقامة فأقمه حتى يعتاد ويصلي مع الناس، ويوجد والحمد لله الآن صبيان صغار ما بين السابعة إلى العاشرة نراهم يأتون مع آبائهم في صلاة الفجر، فإذا اعتاد الصبي على ذلك من أول عمره صار في هذا خير كثير، أما مع المشقة فإنه لا يجب عليك أن توقظهم، لكن إذا استيقظوا مرهم بالصلاة.

    (40/26)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حرمة الكلام أثناء الخطبة يوم الجمعة


    السؤال
    فضيلة الشيخ: بعض الناس هداهم الله عندما يخطب الخطيب يكونون في خارج المسجد يتكلمون بالكلام، بل يضحكون والخطيب يخطب، ولا يزالون على ذلك خارج المسجد حتى تقام الصلاة فيدخلون المسجد ولم يسمعوا الخطبة، علماً أنهم يفعلون ذلك دائماً في صلاة الجمعة؟

    الجواب
    هذا حرام عليهم، لا يجوز للإنسان إذا سمع الأذان الذي يكون عند مجيء الإمام أن يتأخر، قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسَعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ} [الجمعة:9] فأمر بالسعي إلى ذكر الله، وأمر باجتناب البيع مع أن البيع فيه مصلحة فكيف إذا لم يكن فيه مصلحة؟!! ثم إن الواجب عليهم إذا سمعوا الخطيب الذي يريدون أن يصلوا معه أن ينصتوا سواء كانوا في المسجد أو خارج المسجد، فإن لم يفعلوا فإنهم يحرمون من أجر الجمعة، قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (إذا قلت لصاحبك أنصت يوم الجمعة والإمام يخطب فقد لغوت) وقال: (الذي يتكلم والإمام يخطب كمثل الحمار يحمل أسفاراً، ومن قال له: أنصت.
    فقد لغا، ومن لغا فلا جمعة له) .
    فعلى هؤلاء: إذا حضر الإمام أن يدخلوا المسجد ويصلوا ركعتين، ولو كان المؤذن يؤذن، ثم يجلسوا لينصتوا للخطبة.

    (40/27)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم قراءة الفاتحة لمن دخل في الصلاة والإمام يقرأ


    السؤال
    فضيلة الشيخ: إذا دخلت المسجد والإمام يقرأ الفاتحة، فهل أقرأ دعاء الاستفتاح أم لا؟

    الجواب
    إذا دخل مع الإمام والإمام يقرأ الفاتحة، فبين الفاتحة وقراءة السورة سكوت في الغالب، نقول: أنصت الآن لقراءة الإمام، وإذا فرغ من قراءة الفاتحة فاستفتح ثم اقرأ الفاتحة ولو كان الإمام يقرأ، لكن إذا خشيت ألا يسكت بين الفاتحة وقراءة السورة أو خشيت أن يقرأ سورةً قصيرة لا تتمكن معها من قراءة الفاتحة فإذا دخلت معه وهو يقرأ فكبر، وقل: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، واقرأ الفاتحة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يقرأ المأموم والإمام يقرأ إلا بفاتحة الكتاب.

    (40/28)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم إيذاء المصلين بأجراس الهاتف النقال


    السؤال
    فضيلة الشيخ: كثر في الآونة الأخيرة مع الناس استخدام جهاز النداء الآلي -البيجر- وكثيراً ما يزعجون المصلين في صلاتهم أو أثناء الخطبة بأجراسها، فهلا نبهت على ذلك بارك الله فيك؟

    الجواب
    والله أنا أنبه على هذا بأن كل شيء يؤذي المؤمنين فإنه ممنوع؛ لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم خرج على أصحابه ذات يوم وهم يصلون ويجهرون في القراءة، فقال: (لا يؤذين بعضكم بعضاً في القراءة) هذه وهي قراءة القرآن، فكيف بهذا الجرس؟! وقد سمعت -ما أدري هل هو صحيح أم لا- أن هذه النداءات فيها مفتاح تستطيع ألا يسمع له صوت، فإذا حضرت إلى المسجد فأغلقه.
    أو كذلك اتركه في البيت وإذا رجعت ستجد الأرقام.

    (40/29)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حث الناس على التبرع لإخوانهم المسلمين بمناسبة دخول الشتاء


    السؤال
    هل من كلمة توجيهية بمناسبة دخول فصل الشتاء، وحث الإخوة للتبرع لإخوانهم في كل مكان؟

    الجواب
    على كل حال: لا شك أن الناس يحتاجون في فصل الشتاء ما لا يحتاجونه في غيره من البرد إذ أنه يكون فيه البرد قارساً والجوع في الغالب، فلذلك نحث إخواننا على أن يتفقدوا إخوانهم، وأن يؤتوهم مما آتاهم الله عز وجل بإخلاص ورجاء الإخلاف من الله عز وجل، فإنه يقول: {وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ} [سبأ:39] .
    رزقنا الله وإياكم الإحسان في عبادته، والإحسان إلى عباده إنه جواد كريم.
    وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
    وأخيراً أسأل الله عز وجل أن يجعل هذا العمل نافعاً، مباركاً، خالصاً لوجهه الكريم
    وأن ينفعني به في حياتي وبعد مماتي، وأن ينفع به كل من انتهى إليه؛ فإنه خير مسؤول، وأكرم مأمول، وهو حسبنا ونعم الوكيل، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد بن عبد الله وعلى آله وأصحابه ومن تبعه بإحسان إلى يوم الدين.

    حياكم الله بموقع بداية الهداية الخطوة إلى طريق العلم الشرعي الصحيح
    http://www.musacentral.com/

  6. #76
    تاريخ التسجيل
    Mar 2009
    المشاركات
    2,459
    الدين
    الإسلام
    آخر نشاط
    01-11-2023
    على الساعة
    04:37 PM

    افتراضي

    اللقاء الشهري

    اللقاء الشهري [41] رقم1
    رمضان شهر مبارك له خصائص وفضائل عن غيره من الشهور حقيقته وآدابه ومستحباته ينبغي للشخص أن يعرفها حتى يعبد الله على بصيرة، ومما يفعل في هذا الشهر هو الإكثار من الصدقات وإخراج الزكوات، فعلى المرء أن يعرف أحكام الزكاة حتى يؤدي زكاة ماله على الوجه المشروع.

    (41/1)


    --------------------------------------------------------------------------------

    خصائص شهر رمضان
    الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على نبينا محمد خاتم النبيين وإمام المتقين، وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
    أما بعد: فإنني أبشركم -أيها الإخوة- الذين حضروا إلى هذا المكان لالتماس العلم أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: (من سلك طريقاً يلتمس فيه علماً سهل الله له به طريقاً إلى الجنة) نسأل الله أن يجعلنا وإياكم من هؤلاء، كلنا ينشد أن يصل إلى الجنة، كلنا يقوم بعبادة الله يبتغي من الله فضلاً ورضواناً، وأسباب ذلك كثيرة، وطرقه -ولله الحمد- كثيرة ومنها: أن الإنسان يسعى إلى المحاضرات والملتقيات العلمية النافعة، فإنه يدخل في عموم هذا الحديث: (من سلك طريقاً يلتمس فيه علماً سهل الله له به طريقاً إلى الجنة) .

    (41/2)


    --------------------------------------------------------------------------------

    نزول القرآن فيه
    وبما أننا في استقبال شهر مبارك -شهر رمضان- الذي خصه الله تعالى بخصائص كثيرة سابقة وباقية، فمن خصائصه: أن الله تعالى أنزل فيه القرآن كما قال الله تعالى: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ} [البقرة:185] ونزل في ليلة القدر كما قال تعالى: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ} [القدر:1] {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ} [الدخان:3] أي: ابتدأ الله إنزاله على محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم في ليلة القدر، ولا شك أن القرآن العظيم فيه الهدى والشفاء والنور والسلامة والأجر والثواب والتمكين في الأرض.

    (41/3)


    --------------------------------------------------------------------------------

    الانتصارات الإسلامية في رمضان
    ومما ما حصل في هذا الشهر المبارك غزوتان عظيمتان: إحداهما غزوة بدر وكانت في السنة الثانية من الهجرة، وسمى الله تعالى يومها يوم الفرقان، قتل فيها صناديد قريش، وظهر فيها الحق على الباطل، وانتصر النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم على عدوه، وفيها يتأول قوله تبارك وتعالى: {كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ} [البقرة:249] .
    وأما الغزوة الثانية: فهي غزوة الفتح، فتح مكة، فإن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم خرج من مكة أم القرى وهو أحق الناس بها، خرج منها خائفاً على نفسه بما حصل له من أذية قريش، حتى اجتمعوا وتشاوروا فيما بينهم: ماذا يصنعون بهذا الرجل، وفي هذا يقول الله تعالى: {وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ} [الأنفال:30] أي: ليثبتوك بالحبس فلا تتحرك، أو يقتلوك بإزهاق النفس، أو يخرجوك من البلد، ولكن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، خرج من البلد بإذن الله عز وجل مختفياً؛ حتى بقي في غار ثور مختفياً ثلاث ليال؛ خوفاً من أن يدركه طلب قريش؛ لأن قريشاً بثت البعوث في طلب محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم، حتى إنهم أخرجوا مائة بعير لمن يأتي به، ومائتي بعير لمن يأتي به وبصاحبه أبي بكر رضي الله عنه، ولكن الله تعالى من ورائهم محيط، وبما يكيدون لنبيه صلى الله عليه وعلى آله وسلم عليم، فكف الله أبصارهم عنه حتى كانوا يقفون على الغار الذي فيه رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم وأبو بكر ويقول أبو بكر: (يا رسول الله لو نظر أحدهم إلى قدمه لأبصرنا) لأنه ليس ثمة حائل، لا عش للعنكبوت، وليس ثمة ما يتروء بالبشر، فلا غصن عليه حمامة، كما قاله المؤرخون من غير سند صحيح، بل إن باب الغار مفتوح، وليس فيه ما يمنع الرؤية، ولكن الله عز وجل أعمى أبصارهم، فكان يقول: (لو نظر أحدهم إلى قدمه لأبصرنا، فيجيبه النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم بقوله: {لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا} [التوبة:40] ما ظنك يا أبا بكر باثنين الله ثالثهما؟!) حتى أنجاه الله.
    وبعد ثمان سنوات رجع هذا الذي خرج من مكة مختفياً خائفاً من أهلها رجع فاتحاً ظافراً منصوراً مؤيداً بنصر الله عز وجل، حتى إنه وقف على باب الكعبة وقريش تحته ينتظرون ماذا يفعل، فقال لهم -أي: رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم-: (يا معشر قريش ما ترون أني فاعل بكم -أي: ما تظنون أن أفعل بكم بعد أن قدرت عليكم-؟ قالوا: أخ كريم وابن أخ كريم قال: لا تثريب عليكم اليوم، يغفر الله لكم، اذهبوا فأنتم الطلقاء) .
    انظروا إلى هذا العفو العظيم عند المقدرة لقوم أخرجوه من بلده، أخرجوه من بلد الله الحرام الذي هو أحق الناس به! كما قال الله تبارك وتعالى في قريش: {وَمَا كَانُوا أَوْلِيَاءَهُ إِنْ أَوْلِيَاؤُهُ إِلَّا الْمُتَّقُونَ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ} [الأنفال:34] .
    هذه مناسبة عظيمة، بعدها ذل العرب وأكمل الله ذلك الذل بما حصل من هزيمة ثقيف، ودانت العرب لدعوة النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم.

    (41/4)


    --------------------------------------------------------------------------------

    تميز رمضان بعبادات مخصوصة
    ثم هناك مناسبة باقية وهي: صوم رمضان وقيام رمضان والاعتكاف فيه وليلة القدر، هذه كلها باقية (من صام رمضان إيماناً واحتساباً غفر الله له ما تقدم من ذنبه) هكذا قاله محمد رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
    (من صام رمضان إيماناً) -أي: إيماناً بالله وبفريضة الصيام (واحتساباً) أي: لثواب الله تعالى وأجره.
    فلا بد من نيتين: الإيمان والاحتساب، من صام على هذا الوصف غفر الله ما تقدم من ذنبه، أي: كل ما تقدم، ولكن جاءت الأحاديث أن المراد ما عدا الكبائر؛ لأن الكبائر لا بد فيها من توبة خاصة.
    وقيام رمضان قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فيه: (من قام رمضان إيماناً واحتساباً غفر الله له ما تقدم من ذنبه) .
    الاعتكاف: اعتكف النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم في العشر الأواخر من رمضان حينما تقرر أن ليلة القدر في العشر الأواخر فقط.

    (41/5)


    --------------------------------------------------------------------------------

    أحكام الزكاة
    في هذا الشهر المبارك يخرج عامة الناس زكاتهم لمستحقيها؛ لأنه شهر فاضل ينبغي فيه الجود بالمال والنفس والجاه، فإن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم كان أجود الناس، كان أجود الناس، وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل فيدارسه القرآن، فلرسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم حين يلقاه جبريل فيدارسه القرآن أجود بالخير من الريح المرسلة، والريح المرسلة هي التي يرسلها الله عز وجل سريعة، فالرسول عليه الصلاة والسلام بالخير في رمضان أجود من الريح المرسلة، لذلك اعتاد أن يخرج زكاته في رمضان.
    وحينئذ يحسن بنا أن نتكلم عن الزكاة فنقول: الزكاة ركن من أركان الإسلام، وهي الركن الثالث بارك الله فيكم، الأول: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، والثاني: إقام الصلاة، والثالث: الزكاة -إيتاء الزكاة- فموقعه الركن الثالث من أركان الإسلام.
    وما أكثر ما تجدونه مقروناً بالصلاة في كتاب الله عز وجل؛ لأن الزكاة حق المال، حتى إن أبا بكر رضي الله عنه قاتل الذين يمنعونها، وقال: [والله لأقاتلن من فرق بين الزكاة والصلاة، فالزكاة حق لله] فهي عظيمة جداً يجب على الإنسان أن يعتني بها، يجب على الإنسان أن يعرف ما الذي تجب زكاته والذي لا تجب، يجب على الإنسان أن يعرف أين يضع هذه الزكاة؛ لأنه إذا لم يضعها في موضعها لم تنفعه ولم تبرأ بها ذمته.

    (41/6)


    --------------------------------------------------------------------------------

    زكاة الذهب والفضة
    الزكاة تجب -في الغالب- في كل مال نام -نام أي: يتزايد- هذا الغالب، وأحياناً تجب حتى في المال الذي لا ينمو كما سيتبين، فتجب في الذهب والفضة، سواء كانت نقوداً وهي الريالات والجنيهات، أو تبراً -أي: قطعاً من الذهب أو قطعاً من الفضة- أو حلياً أو غير ذلك، ليس فيه استثناء، ولم يرد في الكتاب ولا في السنة ولا في إجماع أهل العلم ولا في قياس صحيح التفريق بين الحلي وغيرها أبداً.
    وهذا هو القول الراجح -أعني: القول بوجوب الزكاة في الحلي- هو القول الراجح الذي تدعمه الأدلة.
    إذاً الذهب والفضة تجب فيها الزكاة على كل حال، ولكن بشرط أن يبلغ النصاب، والنصاب في الذهب عشرون مثقالاً، وفي الفضة مائة وأربعون مثقالاً، وهي تساوي بالمعايير الحاضرة خمسة وثمانين جراماً للذهب، وخمسمائة وخمسة وتسعين جراماً للفضة.
    الورق ليس ذهباً ولا فضة لكن تقدر قيمته بالفضة، فإذا كان عند الإنسان من الورق ما تساوي قيمته خمسمائة وخمسة وتسعين جراماً من الفضة ففيه الزكاة، وقدره علماؤنا بالريالات السعودية الفضية بستة وخمسين ريالاً، فاسألوا الصراف مثلاً: كم تساوي مائة ورقة بالنسبة للدراهم الفضة السعودية؟ وبذلك تعرف الواجب.
    وهل يضم الذهب إلى الفضة في تكميل النصاب أو لكل واحد منهما نصاب منفصل؟ الثاني هو القول الراجح، وعليه فإذا كان عند الإنسان نصف نصاب من الذهب ونصف نصاب من الفضة فلا زكاة عليه، مع أنه لو جمع أحدهما مع الآخر لأتما نصاباً.
    لكن الصحيح أنه لا يضم الذهب إلى الفضة في تكميل النصاب، كما لا يضم الشعير إلى البر في تكميل النصاب، فلو كان عند إنسان نصف نصاب من البر ونصف نصاب من الشعير، فلا زكاة عليه لأنه لا يضم الشعير إلى البر، فكذلك لا يضم الذهب إلى الفضة.

    (41/7)


    --------------------------------------------------------------------------------

    زكاة عروض التجارة
    والثالث: عروض التجارة، فما معنى عروض؟ العروض معناه: ما يعرض، وهو الذي ليس للإنسان فيه قصد وإنما قصده الربح، أما عين المال فليس له قصد فيه، فكل مال أعده الإنسان للربح بيعاً وشراءً فهو عروض تجارة.
    مثال: رجل عنده معرض سيارات، السيارة نفسها ليس فيها زكاة، لكن هذا رجل يتاجر بالسيارات، ويوجد عنده معرض، فيه الزكاة؟ نعم، لماذا؟ لأنها معروضة، فهو لا يريد السيارة بل يريد الاتجار، يمكن هذا الشهر يتجر بالسيارات والشهر الثاني يتجر بالمكائن أليس كذلك؟ لأن الرجل تاجر، ما له غرض بنفس السلعة، بل غرضه في الربح.
    مثال: رجل عنده سيارة طابت نفسه منها واشترى أخرى، ووضع هذه السيارة الأولى في المعرض وبقت سنة كاملة ليس فيها زكاة؛ لأن الرجل ليس تاجر سيارات، الرجل عنده سيارة طابت نفسه ويريد أن يبيعها.
    مثال: رجل منحت له أرض من الحكومة، أعطاها صاحب مكتب العقار ليبيعها، ليس فيها زكاة؛ لأن الرجل ليس تاجر أراضٍ، لكن هذه أرض أعطيها ويريد أن يبيعها، ليس فيها زكاة؛ لأن عروض التجارة -بارك الله فيكم- هي التي يتجر بها الإنسان.
    الآن -مثلاً- صاحب الدكان عنده أقمشة للبيع فعليه الزكاة فيها؛ لأنه يتجر، يشتري اليوم هذا نوعاً من القماش واليوم الثاني نوعاً آخر، فإذا وضع رجل من الناس عنده قماش ليبيعه مع قماشه، هل على الثاني هذا الذي وضع قماشه زكاة وهو ليس صاحب عروض؟ لا، انظر الآن! عندك مثلاً هذا القماش من اليمين فيه زكاة، وهذا القماش من اليسار ليس فيه زكاة؛ لأن هذا عروض تجارة والثاني ليس عروض تجارة.
    لكن هل تدخل عروض التجارة في رجل عنده آلات كهربائية وهو يتاجر فيها أو لا تدخل؟

    الجواب
    تدخل؛ لأن عروض التجارة لا تقيد بمال معين، قد تكون أراضي، وقد تكون أدوات كهربائية، وقد تكون مكائن، وقد تكون سيارات، وقد تكون أقمشة، وقد تكون أواني، وقد تكون طيباً المهم أنها لا تتقيد بمال، لها ضابط وليس لها حد، والضابط: أن يعدها للتجارة.
    مسألة رجل عنده عمائر كثيرة يؤجرها ويستلم أجرتها كل سنة مليوناً أو مليونين هل فيها زكاة؟ الجواب: ليس فيها زكاة؛ لأن الرجل يريد أن تبقى العمائر، لكن رجل آخر صاحب عقارات يشتري العمارة اليوم ويبيعها غداً هل فيها زكاة؟ الجواب: نعم.
    فيها الزكاة، ولهذا عروض التجارة تشكل على بعض طلبة العلم، لكن إذا عرفت الضابط سهل عليك الأمر.
    مسألة إذا كان الإنسان متردداً يقول: والله ما أدري أتجر بها أو أبقيها، مثلاً عنده أرض يقول: لا أدري أتجر بها أو أبقيها أو أعمر عليها عمارة هل فيها زكاة أو لا؟ الجواب: ليس فيها زكاة؛ لأن الأصل عدم وجوب الزكاة حتى تتمحض النية لإرادة التجارة.
    بعد أن عرفنا عروض التجارة أن فيها زكاة فكم يكون نصابها؟ نقول: إذا كان عنده دراهم يضمها إلى الدراهم، فإذا قدرنا عنده نصف نصاب من الفضة ونصف نصاب من العروض هل فيها زكاة أو لا؟ الجواب: فيها زكاة، العروض تضم إلى الفضة؛ لأن قصد صاحب العروض هي الفضة "القيمة" لا بقصد السلعة إطلاقاً، وإنما قصده القيمة.
    لكن إذا كان رجل عنده ثلاث سيارات إحداها للركوب والثانية للأجرة والثالثة يبيع ويشتري بالسيارات، انتبه الآن سيارة للركوب، وسيارة للأجرة، وسيارة للتجارة، فالأولى ليس فيها زكاة، والثانية ليس فيها زكاة لكن الزكاة في أجرتها، قد تكون أجرتها كثيرة، الثالثة فيها الزكاة بعينها، بمعنى: أن يقدر فيمة هذه السيارة إذا تم الحول ويزكيها.

    (41/8)


    --------------------------------------------------------------------------------

    زكاة المواشي
    المواشي من بهيمة الأنعام فيها زكاة، وبهيمة الأنعام ثلاثة أنواع: إبل، وبقر، وغنم، وأما الخيل فليست من بهيمة الأنعام، فالخيل ليس فيها زكاة إلا إذا كانت عروض تجارة، لكن هذا إنسان عنده ماشية: عنده إبل وعنده غنم وعنده بقر، إذا كان أعدها للتنمية فلها حال، وإذا كانت للتجارة فلها حال.
    فإذا كانت للتجارة فهي عروض تجارة، وقد عرفنا أن فيها زكاة، إذا كانت للتنمية نظرنا هل هو يرعاها أو يعلفها، إن كان يرعاها أكثر أيام السنة ففيها الزكاة، وإن كان يعلفها أكثر أيام السنة فليس فيها الزكاة.
    يوجد بعض الناس عندهم بساتين والحمد لله، وبعض أهل البادية عندهم غنم، لكنهم يعلفونها الشعير والعلف وهم يريدون بها التنمية ولا يريدون التجارة، هل عليهم زكاة أو لا؟

    الجواب
    لا، ليس عليهم زكاة حتى لو بلغت مائة بعير فليس فيها زكاة، أو ألف شاة ليس فيها زكاة؛ لأنها معلوفة والمعلوفة ليس فيها زكاة، فلا بد أن تكون سائمة، أي: ترعى الحول أو أكثره، فما تقولون: في رجل عنده بستان وعنده مائة شاة للتنمية تتوالد، يأخذ لبنها يبيع ما فضل عن حاجته من أولادها هل فيها زكاة؟ ليس فيها زكاة؛ لأنها معلوفة.
    مثال: رجل عنده مائة شاة للتنمية لكنها ترعى، ولا ينفق عليها ولا فلساً هل فيها زكاة؟ الجواب: فيها زكاة لكن رجل عنده شاة للتجارة، إنسان يبيع ويشتري بالغنم وعنده شاة للتجارة تبلغ قيمتها نصاباً من الفضة هل فيها زكاة؟ الجواب: نعم، لأنها عروض تجارة.
    وآخر عنده تسع وثلاثون شاة للتنمية، وترعى ولا يعلفها أفيها زكاة؟ الجواب: ليس فيها زكاة؟ لأنها لم تبلغ النصاب، ونصاب الغنم التي للتنمية لا يقل عن أربعين شاة، سبحان الله! عروض التجارة شاة واحدة فيها الزكاة؛ لأن المعتبر قيمتها، لكن إذا كانت للتنمية وهي تسع وثلاثون شاة فليس فيها زكاة؛ لأن أقل نصاب الغنم للتنمية أربعون.

    (41/9)


    --------------------------------------------------------------------------------

    زكاة الزروع والثمار
    وتجب الزكاة في الخارج من الأرض مثل الحبوب والثمار، والحبوب: كالشعير والحنطة والرز وما أشبه ذلك، والثمار: كالعنب والتمر، والتين عند بعض العلماء، هذه فيها الزكاة، ولها شروط لا نحب أن نطيل بها لأن الحاجة إليها قليل.

    (41/10)


    --------------------------------------------------------------------------------

    من شروط وجوب الزكاة تمام الحول
    يبقى النظر -بارك الله فيكم- أن من شروط الزكاة تمام الحول، وفي الحديث عن النبي عليه الصلاة والسلام: (لا زكاة في مال حتى يحول عليه الحول) فلو أن الإنسان ورث مالاً من شخصٍ قريب له، ورث منه عشرة آلاف ريال في شهر محرم، وفي شهر ذي القعدة اشترى له بها بيتاً بالعشرة آلاف ريال، هل عليه زكاة؟

    الجواب
    لا؛ لأنها لم يتم حولها، ومن شرط وجوب الزكاة تمام الحول إلا شيئاً واحداً -مما تدعو الحاجة إلى بيانه وإلا فهناك أشياء مستثناة- وهو ربح التجارة، فحوله حول أصله، مثال هذا: رجل اشترى أرضاً للتجارة بعشرة آلاف ريال، وشراؤه إياها في محرم، يعني: ملك مالاً قدره عشرة آلاف ريال واشترى به أرضاً للتجارة، وفي ذي الحجة، زادت الأراضي فبلغت قيمة الأرض التي اشتراها بعشرة آلاف ريال عشرين ألف ريال هل تجب الزكاة في عشرة آلاف ريال عند تمام حول العشرة أو في العشرين؟ الجواب: في العشرين انتبه إلى هذه، الربح يتبع الأصل فليس له حول، وإنما حوله حول أصله.

    (41/11)


    --------------------------------------------------------------------------------

    كيفية إخراج زكاة الرواتب
    وبقي عندنا شيء يحتاج الناس إلى بيانه وهو الرواتب، أما الرواتب التي تعطى للإنسان كل شهر كيف يزكيها؟ إذا كان الرجل لا يعطى راتب الشهر إلا وقد استهلك راتب الشهر الأول، كرجل راتبه ثلاثة آلاف ريال وينفق هذه الثلاث آلاف ريال، لا يأتي الشهر الثاني إلا وقد أنفقها هل عليه زكاة؟

    الجواب
    لا؛ لأنه ما تم عليها الحول.
    ورجل آخر ينفق من راتبه النصف ويبقى النصف فكيف الزكاة والمال يتجدد كل شهر؟ نقول: له طريقان: الطريق الأول: أن يحصي ما يوفره كل شهر وإذا تم عليه الحول زكاه، وعلى هذا يجب أن يلاحظ ماله كل شهر، وهذا فيه نوع من المشقة، وقد يكون فيه غفلة من الإنسان فينسى، وربما يمر عليه الشهران أو الثلاثة وما زكاها.
    لكن طريق آخر أهون من هذه: مثلاً: أول راتب استلمه في رمضان، نقول: إذا جاء رمضان الثاني زك ما عندك حتى وإن لم يتم عليه سنة.
    لكن الذي تمت سنته واضح أنه أدى زكاته في وقتها والذي لم تتم تكون الزكاة فيه معجلة، وتعجيل الزكاة لا بأس به، ولهذا لو كان الرجل تحل زكاته في رمضان ثم جاءه فقير في شعبان وقال: أنا محتاج.
    وقدم زكاته فلا بأس.
    إذاً نقول: الطريق الثاني لمسألة الرواتب أسهل، انظر أول شهر بدأت تأخذ الراتب واجعله هو رأس الحول كل سنة، وعليه إذا كان الرجل أخذ أول راتب في محرم، متى يأتي الحول؟ الجواب: في محرم، كلما جاء محرم أحصى الذي عنده وأخرج زكاته ويستفيد، لا يحتاج إلى تعب ولا إلى غفلة ولا إلى شيء، هذا أحسن طريق في الرواتب.
    مثل ذلك الأجور، بعض الناس عنده عقارات يؤجرها وتختلف المدة: هذا أجره في أول السنة وهذا أثناء السنة وهذا في آخر السنة، فنقول: لك الآن طريقان: الطريق الأول: أن تزكي كل أجرة على حدة.
    والطريق الثاني: أن تأخذ أول أجرة وتجعل الحول عليها وتعجل الباقي الذي لم يتم حوله.

    (41/12)


    --------------------------------------------------------------------------------

    الأصناف التي يصرف لها الزكاة
    بعد أن عرفنا ما يسر الله تعالى من أحكام الزكاة لا بد أن تقع الزكاة موقعها، ليس للإنسان الخيار أن يعطي زكاته من شاء؛ لأن الله تعالى تولى قسمها، قال الله تعالى: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} [التوبة:60] {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ} [التوبة:60] إنما: للحصر، تفيد أن الصدقات لا تخرج عن هذا.

    (41/13)


    --------------------------------------------------------------------------------

    الفقراء والمساكين
    ونتكلم على ثلاثة أصناف: صنفين كأنهما شيء واحد، وصنف مستقل، نتكلم عن الفقراء والمساكين، فمن هم الفقراء والمساكين؟ الفقراء والمساكين: هم الذين لا يجدون كفايتهم وكفاية عيالهم، إما أنه ليس عنده شيء، فيتكسب يوماً يربح عشرة ريالات ويوماً يربح عشرين ويوماً لا يربح شيئاً، المهم أنه لا يجد كفايته وكفاية أهله فهذا فقير.
    وكذلك المسكين، ولكن المسكين أخف حاجة، لكن هل يعطى حتى يصبح غنياً أو يعطى مقداراً معيناً؟ الثاني هو الأرجح وإلا فبعض العلماء يقول: تعطيه من الزكاة حتى يزول عنه وصف الفقر، وهذا ربما يتطلب مئات الألوف، لكن أكثر العلماء يقول: أعطه مقدار كفايته لسنة واحدة فقط، وإذا انتهت السنة وأقبلت زكوات السنة الأخرى يصرف له منها.
    لكن كيف نعرف أن المال الذي عنده لا يكفيه سنة، وأنتم تعلمون أنه قد يعتري الإنسان حوادث، وقد يكون على الناس مسغبة كيف نقدر هذا؟ نفرض أن هذا في رجل له وظيفة، يتقاضى منها خمسة آلاف، لكنه ينفق عشرة آلاف؛ لأنه صاحب عائلة كبيرة والأجور غالية ومرتفعة، فكم نعطيه؟ نعطيه خمسة آلاف لتكمل حاجته، فخمسة آلاف مضروبة في اثني عشر، تبلغ ستين ألفاً، يعني: نعطيه ستين ألفاً، لكن قد يكون بعض الناس أخرق، تعطيه ستين ألفاً فيذهب يشتري سيارة بستين ألفاً ويبقى جائعاً، ماذا نعمل؟ نعطيه بقدر، وهذا لا بأس به وإن كان فيه تأخير للزكاة لكن لمصلحة الفقير.

    (41/14)


    --------------------------------------------------------------------------------

    الغارمون
    الثالث -وهو في الحقيقة هو الثاني- الغارم: يعني المدين الذي عليه دين، وأقصد بالدين أن في ذمته حقاً لأحد لكن لا يستطيع الوفاء، هذا -أيضاً- يعطى من الزكاة، في أي صنف دخل في الآية؟ في قوله {وَالْغَارِمِينَ} [التوبة:60] .
    فإذا كان الإنسان عنده راتب يكفيه هو وعائلته طعاماً وشراباً وكسوةً وسكناً ولكنه مدين تدين لزواجه، أو تدين لشراء بيت وما أشبه ذلك، ولا يستطيع الوفاء أنعطيه من الزكاة؟ نعم، ولكن هل نعطيه هو ويوفي أو نذهب إلى الذي يطلبه ونعطيه؟

    الجواب
    هذا ينظر من باب المصلحة يا إخوان! فإذا كان الرجل المدين حريصاً على إبراء ذمته وأميناً، ونعلم أننا إذا أعطيناه ذهب مباشرة وأدى الدين، فهذا نعطيه؛ لأنه أستر وأبعد عن الرياء ويتولى هو بنفسه قضاء دينه.
    أما إذا كنا نخشى أن هذا الرجل لو أعطيناه المال ليوفي به تلاعب به؛ فهل نعطيه أو نذهب إلى من يطلبه ونعطيه؟ الثاني نذهب لصاحبه ونقول: يا فلان بلغنا أنك تطلب فلان بن فلان كذا وكذا من الدراهم.
    قال: نعم.
    نقول: تفضل، هذه هي.
    ونعطيه إياها.
    هذا هو ما يمكن أن نتكلم عليه فيما يتعلق في أهل الزكاة.

    (41/15)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم صرف الزكاة للأقارب
    ويبقى النظر: هل تصرف الزكاة للأقارب؟ هل تصرف للزوج؟ هل تصرف للزوجة؟ إذا كانوا مستحقين.


    الجواب
    على القول الراجح نعم تصرف؛ لكن لا تصرف في شيء يجب على المزكي أن يقوم به، فمثلاً: إنسان له ولد منعزل عنه في بيته، والولد فقير هو وزوجته وأولاده، وأبوه عنده زكاة، هل يجوز للأب أن يعطي زكاته لهذا الابن؟ الجواب: لا نقول: لا، ولا نقول: نعم.
    ولكن ينظر إذا كان مال الأب واسعاً يمكن أن ينفق منه على ولده الذي خرج عنه فهنا لا يجوز أن يعطيه الزكاة، وإنما ينفق عليه من ماله رغماً عن أنفه، حتى إن العلماء رحمهم الله قالوا: يجوز في هذه الحالة أن يطالب الولد أباه عند القاضي حتى يلزمه القاضي بالنفقة؛ لأن هذا حق واجب لله عز وجل، ليس الولد هو الذي أوجبه كالدين مثلاً، فالولد لا يطالب أباه بالدين، لكن يطالب أباه بالنفقة، وهذا لحفظ النفس ولحق الله.
    أرجو الانتباه الآن، هذا رجل له ولد فقير منعزل عن بيته، في بيت وحده هل يعطيه من الزكاة؟ ينظر إذا كان مال الأب واسعاً يمكنه أن ينفق على ولده، فحرام أن يعطيه من الزكاة ووجب عليه أن ينفق على ولده، أما إذا كان مال الأب قليلاً ففي هذه الحال يجوز أن يعطي ولده من الزكاة.
    لكن لو كان هناك إنسان له ولد في بيته، وحصل من الولد حادث وتلفت به سيارة شخص آخر، وقدرت هذه السيارة بعشرين ألفاً، هل يجوز للأب أن يدفع هذه الغرامة عن ابنه الذي في بيته؟ الجواب: يجوز أن يدفع؛ لأن الأب لا يلزمه أن يدفع الغرامات عن ابنه، أما النفقة فيلزمه، لكن دفع الغرامات عن ابنه لا يلزم، ولهذا يجوز للأب في هذه الحال أن يقضي دين ابنه من زكاته، والعلة: لقول الله تعالى: {وَالْغَارِمِينَ} [التوبة:60] وهذا الابن من الغارمين، والأب لا يلزمه قضاء دين ابنه وكذلك بالعكس: لو كان الإنسان له أب عليه دين، والأب لا يستطيع أن يوفي، فهل يجوز لابنه الغني الذي عنده مال كثير، أن يقضي دين أبيه من زكاته؟ الجواب: نعم يجوز، لكن هل يجوز أن ينفق على أبيه من زكاته؟ الجواب: لا؛ لأن الإنفاق واجب على الابن، لكن قضاء الدين لا يجب على الابن، وحينئذٍ نقول: اقض دين أبيك من زكاتك ولا حرج.
    والخلاصة: أن الإنسان إذا كان دفع الزكاة يسقط واجباً عليه لم يجزئ، وإذا كان لا يسقط واجباً أجزأه.
    أرأيتم لو أن إنساناً نزل به ضيف، وعنده زكاة تمر، فقال: أخرجها لهذا الضيف بدلاً من أن أبحث عن فقير نقول: هذا لا يجوز؛ لأنه يسقط عن نفسه واجباً عليه وهي الضيافة، فاعرفوا هذا الضابط.

    (41/16)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم قضاء دين الميت من الزكاة


    السؤال
    هل يجوز أن يقضى من الزكاة دين على ميت؟

    الجواب
    الصحيح أنه لا يجوز، وقد حكى ابن عبد البر رحمه الله وأبو عبيد صاحب كتاب الأموال أن العلماء أجمعوا على أنه لا يجوز أن يقضى من الزكاة دين على ميت، لكن الواقع أن فيها خلافاً؛ إلا أن الصواب أنه لا يقضى من الزكاة دين على الميت، والدليل على هذا أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قبل أن يفتح الله عليه، ويكثر عنده المال، كان إذا قدموا إليه ميتاً عليه دين قال: (صلوا على صاحبكم) ولم يؤد عنه الدين من الزكاة، ولما فتح الله عليه وكثر المال عنده صار إذا قدم إليه الرجل عليه الدين قال: (من ترك ديناً أو ضياعاً -أو ضيعاً- فإلي وعلي) فأصبح يقضي الدين وصلى على الميت إذاً الذي عليه جمهور الأمة وعلمائها: أن الزكاة لا يقضى منها دين على ميت، ولأننا لو فتحنا هذا الباب -قضاء الديون عن الأموات- لكان الإنسان يحسب ما هو الذي على آبائه وأجداده من الديون ويصرف زكاته إليه، ولكان الناس يعطفون على الأموات ويؤدون الزكاة في قضاء ديونهم وينسون الأحياء؛ لأن عاطفة الإنسان على الميت أقوى من عاطفته على الحي، وحينئذ يتطلب الذهاب إلى سجلات التجار يقول: تطلبون الميت الفلاني والميت الفلاني، ويقضي الدين عن الأموات ويترك الأحياء، مع أن الحي أحق، وأما الميت فكل من مات له ميت وعليه دين فإنه إذا كان أخذه وهو يريد أداءه، فإن الله يؤدي عنه، ثبت ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (من أخذ أموال الناس يريد أداءها أدى الله عنه، ومن أخذها يريد إتلافها أتلفه الله) .
    وإلى هنا ينتهي الكلام عن الزكاة، وأسأل الله أن يجعل فيه خيراً وبركة.

    (41/17)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حقيقة الصيام
    أما ما يتعلق بصيام رمضان، فإن صيام رمضان هو أحد أركان الإسلام، وهو الركن الرابع من أركان الإسلام، وهو -أعني الصيام- أن يتعبد الإنسان لربه بترك الأكل والشرب والجماع وجميع المفطرات من طلوع الفجر إلى غروب الشمس، هذا هو الصيام الشرعي؛ لقول الله تبارك وتعالى: {عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتَانُونَ أَنْفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنْكُمْ فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ} [البقرة:187] أي: النساء {وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ} [البقرة:187] هذا هو الصيام، يمسك الإنسان عن الأكل والشرب والجماع وجميع المفطرات لله عز وجل لا لأحد، إنما يريد أن يتقرب إلى الله تعالى بترك محبوباته لما يحبه ربه، ولكن حقيقة الصوم وروح الصوم ولب الصوم أن يصوم الإنسان عما حرم الله، ودليله قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [البقرة:183] لهذا السبب: لتتقوا الله عز وجل، ولهذا قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (الصوم جنة) أي: وقاية من المعاصي، جنة: يعني وقاية من عذاب النار؛ لأن (من صام رمضان إيماناً واحتساباً غفر الله ما تقدم من ذنبه) .

    (41/18)


    --------------------------------------------------------------------------------

    تحذير الصائمين من بعض الأخلاق السيئة
    وقال عليه الصلاة والسلام: (من لم يدع قول الزور والعمل به والجهل، فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه) يعني: أن الله لا يريد منا أن ندع الطعام والشراب وإنما يريد منا أن ندع قول الزور والعمل به والجهل، وقول الزور هو: كل قول محرم، والعمل بالزور هو: كل عمل محرم، والجهل هو: كل عدوان على الناس.
    فالذي لا يترك هذه الأشياء لم يصم حقيقة، فهو قد صام عما أحل الله وفعل ما حرم الله.
    ولهذا أقول: يجب علينا ونحن صيام أن تكون تقوانا لله عز وجل أكثر من تقوانا في الإفطار، وإن كانت التقوى يجب أن تكون في الإفطار والصيام، لكن يجب أن نعتني بالتقوى في حال الصوم أكثر، وإني أظن لو أن أحداً من الناس أمسك عن المعاصي شهراً كاملاً فسوف يتغير منهجه ومسلكه؛ لأنه سيبقى شهراً كاملاً لا يعصي الله.
    ومن رحمة الله عز وجل بنا أن شهر رمضان تصفد فيه الشياطين حتى لا تسلط علينا بتحسين المعاصي في قلوبنا، وأنها تغلق فيه أبواب النيران، وتفتح فيه أبواب الجنة؛ حتى يسهل على الإنسان العمل بما يباعده من النار ويقربه من الجنة، وهذه نعمة من الله عز وجل! فهذا الشهر فيه ما يساعد الإنسان على التقوى فاتقوا الله.
    ليس من الصوم يا إخوان أن يملأ الإنسان بطنه مما أحل الله له ثم ينام عن صلاة الفجر والظهر والعصر، فإذا قرب المغرب قام ليصلي بل ليفطر؛ لأنه لو كان يصلي لصلى أولاً، لكن ليفطر، ثم يصلي في آخر النهار، وقد قال النبي عليه الصلاة والسلام: (تلك صلاة المنافق، تلك صلاة المنافق، تلك صلاة المنافق: يرقب الشمس حتى إذا صارت بين قرني شيطان قام فنقر أربعاً لا يذكر الله فيها إلا قليلاً) وهذا يوجد عند بعض الناس نسأل الله العافية، يتمتعون بما أحل الله لهم في ليلهم، ثم ينامون عما أوجب الله عليهم في نهارهم.
    مثلاً: رجل آخر صام عن الطعام والشراب، فجلس إلى صاحبه على عتبة الدكان أو على الرصيف أو في أي مكان، وجعلا يأكلان لحوم الناس: فلان فيه، وفلان فيه.
    وربما يؤزهم الشيطان فيقعون في أعراض العلماء، وهذا أشد وأخبث، فغيبة العالم أعظم إثماً من غيبة العامي انتبه! لأنك إذا اغتبت العامي تضرر هو بنفسه إن تضرر أو قد لا يضره غيبتك، لكن إذا اغتبت العالم تضررت الشريعة الإسلامية، فحملة الشريعة هم العلماء، فإذا قدح الإنسان فيهم هبطت قيمتهم عند الناس وضعفت الثقة بأقوالهم، وحينئذ يكون ذلك ضرراً على الشريعة الإسلامية، ولهذا لما كان قائد الشريعة الإسلامية محمد رسول الله في منزلة التشريع قال: (إن كذباً علي ليس ككذب على أحدكم، إن من كذب علي متعمداً فليتبوأ مقعده من النار) لأنه إذا كذب على الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم صار ما ينسبه للرسول شريعة، فأدخل في الشريعة ما ليس منها أو أخرج من الشريعة ما هو فيها.
    أقول يا إخوان: رجل صام وفي أثناء النهار جلس إلى صاحبه يأكلان لحوم الناس، أهو صائم حقا؟ لا: (من لم يدع قول الزور والعمل به والجهل، فليس لله حاجة أن يدع طعامه وشرابه) فهذا لم يدع قول الزور.
    في مسند الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله الذي صنفه في الحديث، والذي قال لابنه: يا بني إن هذا المسند سيكون للناس إماماً.
    في هذا المسند: (أن امرأتين في عهد النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، صامتا فجلست إحداهما إلى الأخرى تأكلان لحوم الناس، فعطشتا عطشاً شديداً -أصابهما العطش- فدعا بهما النبي عليه الصلاة والسلام -أي: طلب مجيئهما- فجاءتا إلى النبي عليه الصلاة والسلام فأمرهما أن تقيئا فقاءتا دماً وصديداً ولحماً -نسأل الله العافية- فقال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: إن هاتين صامتا عما أحل الله لهما، وأفطرتا على ما حرم الله عليهما، جلست إحداهما إلى الأخرى فجعلتا تأكلان لحوم الناس) وهذا الحديث ضعيف السند لكن يذكر في مقام الترهيب حتى ينكف الناس عن الغيبة.
    ويكفي من ذلك قول الله عز وجل: {وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً} [الحجرات:12] .
    ل

    الجواب
    لا يحب {فَكَرِهْتُمُوهُ} [الحجرات:12] قال بعض أهل العلم: إنه يؤتى بالرجل الذي اغتيب يوم القيامة بجثة ميت، ويعذب الذي اغتابه بالأكل منه، وهو لا يريده بل يكرهه، لكن يعذب، وهذا نظير الذي يصور، حيث إنه إذا كان يوم القيامة يجعل له صورة ويقال له: انفخ فيها الروح.
    وهو لا يستطيع لكن يعذب.
    من كذب في الرؤية قال: رأيت كذا وكذا.
    وهو كاذب، إذا كان يوم القيامة يكلف أن يعقد بين شعيرتين، تعرفون الشعير؟ هو حب الشعير، لا يمكن أن تعقد بينهما لكن يعذب، ويلزم، فيجد حرجاً ولا يستطيع.
    على كل حال أقول: إن الواجب على الصائم أن يتقي الله عز وجل فيقوم بما أوجب الله، ويترك ما نهى الله حتى يكون صومه صوماً حقيقياً.

    (41/19)


    --------------------------------------------------------------------------------

    مستحبات الصيام وآدابه
    ثم اعلم يا أخي أن الصيام له مستحبات:

    (41/20)


    --------------------------------------------------------------------------------

    السحور
    منها: أن يتسحر الإنسان، ومعنى السحور أن يقدم الإنسان أكلاً في آخر الليل يأكله ويستعين به على صيامه، ويكون السحور في آخر الليل، وتأخير السحور هو الأفضل بحيث إذا انتهيت منه أذن الفجر، لا تقل: أتسحر مبكراً وأنام حتى يطلع الفجر، لكن نم ثم تسحر حتى إذا انتهيت من السحور وإذا الفجر قد أذن؛ لقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (إن بلالاً يؤذن بليل؛ ليوقظ نائمكم ويرجع قائمكم، فكلوا واشربوا حتى تسمعوا أذان ابن أم مكتوم فإنه لا يؤذن حتى يطلع الفجر) وكان ابن أم مكتوم رجلاً أعمى لا يؤذن إلا إذا قيل له: أصبحت، أصبحت.
    إذا قيل له: أصبحت وطلع الصباح ذهب يؤذن.
    فأمر النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أصحابه أن يأكلوا ويشربوا حتى يسمعوا أذان ابن أم مكتوم.
    وقال النبي عليه الصلاة والسلام: (تسحروا فإن في السحور بركة) ومن بركاته: أولاً: أكل السحور فيه بركة؛ لأنه إعانة على طاعة الله.
    ثانياً: لأنه امتثال لأمر النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (تسحروا) .
    ثالثاً: لأنه اقتداء برسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم فإنه كان يتسحر، قال زيد بن ثابت رضي الله عنه: (تسحرنا مع النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ثم قمنا إلى الصلاة) .
    رابعاً: لأنه فصل ما بيننا وبين صيام أهل الكتاب، فأهل الكتاب اليهود والنصارى يصومون لكن لا يتسحرون، والأمة الإسلامية تتسحر، فيكون سحورها فصلاً بين صيام المسلمين وصيام اليهود والنصارى، ففيه بركة.

    (41/21)


    --------------------------------------------------------------------------------

    تعجيل الفطور وتأخير السحور
    من آداب الصيام: سرعة الإفطار، والمبادرة بالفطر من حين أن تغرب الشمس، فإذا رأيت قرص الشمس قد غاب فأفطر ولا تتأخر، حتى لو كانت السماء صحواً والنور مضيئاً جداً، ما دمت رأيت قرص الشمس غاب فأفطر، وإن لم تسمع الأذان، فلو كنت على مكان عال ورأيت الشمس قد غابت فأفطر، ولو كان الناس لم يؤذنوا، والدليل: قول الله تبارك وتعالى: {ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ} [البقرة:187] ولم يقل: إلى أن يؤذن قال: {إِلَى اللَّيْلِ} [البقرة:187] وقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (إذا أقبل الليل من هاهنا -وأشار إلى المشرق- وأدبر النهار من هاهنا -وأشار إلى المغرب- وغربت الشمس فقد أفطر الصائم) أي: فقد حل له الفطر.
    وإذا أذن المؤذن وأنت في مكان مرتفع وتشاهد الشمس فلا تفطر، لكن يجب عليك أن تنبه من يمكنك تنبيهه بأن الشمس لم تغرب، ويجب عليك -أيضاً- أن تبلغ الجهات المسئولة: أن المؤذنين يؤذنون قبل غروب الشمس، وأن تبلغ من تستطيع إبلاغه من المؤذنين حتى يتأخر.
    مسألة: لو أن الإنسان أكل وشرب، ثم تسحر، يظن أن الليل باق ولما خرج وجد الناس قد خرجوا من الصلاة أيلزمه القضاء؟ الصحيح: أنه لا يلزمه القضاء، ودليل ذلك قول الله تبارك وتعالى: {رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا} [البقرة:286] فقال الله: قد فعلت.
    وهذا الرجل الذي أكل لو كان يعلم أن الفجر قد طلع ما أكل أبداً.
    وبالعكس: رجل ظن أن الشمس قد غربت -مثلاً: السماء كانت مغيمة وظن أن الشمس قد غربت- فأكل، ثم طلعت الشمس أعليه القضاء؟

    الجواب
    لا؛ لقوله تعالى: {رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا} [البقرة:286] فقال الله: قد فعلت.
    ولأنه ثبت في صحيح البخاري عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما قالت: (أفطرنا في يوم غيم على عهد النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ثم طلعت الشمس) وفي عهد الرسول لم يكن هناك ساعات، وكانت السماء ملبدة بالغيوم فظنوا أن الشمس قد غربت فأفطروا ثم طلعت الشمس، والنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم بين أظهرهم ولم يأمرهم بالقضاء، ولو كان القضاء واجباً لأمرهم به، ولو أمرهم به لكان من شريعته، وإذا كان من شريعته وجب أن يكون محفوظاً لأمته، ولم يرد عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه أمرهم بالقضاء، وهذا مبني على القاعدة العظيمة التي جاءت من عند الله وهي: {رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا} [البقرة:286] والحمد لله على التيسير، لما كان الإنسان ضعيفاً يجهل وينسى عفا الله عن الجهل والنسيان.
    رجل أكل ناسياً وهو صائم ثم ذكر أنه صائم بعدما شبع تماماً فهل عليه قضاء؟ لا، ليس عليه قضاء والدليل: {رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا} [البقرة:286] فهذه الآية قاعدة عظيمة، بل ورد في النسيان قول الرسول عليه الصلاة والسلام: (من نسي وهو صائم فأكل أو شرب فليتم صومه فإنما أطعمه الله وسقاه) فالدين يسر، وسمح، لكن بعض الناس يعسر على نفسه.
    كنا نتحدث ونحن صغار أن رجلاً اشترى لأهله عنباً وهو صائم -أنا أحدث بها بدون سندها- وجعل يأكل من العنب وهو يمشي، ولما وصل إلى أهله لم يبق في العنقود إلا عنبة واحدة، فأفتى نفسه قال: إن كان العنب الذي أكلته سابقاً لم يفطر فهذه لا تفطر، وإن كان قد فطر فهذه تبع.
    فالآن أفطر من الواحدة؛ لأنه تعمد، ولم يبق ناسياً.
    على كل حال: من أفطر ناسياً أو جاهلاً من أول النهار أو من آخر النهار فليس عليه شيء، ولكن يجب عليه إذا زال العذر أن يتوقف، حتى لو ذكر والماء في فمه يجب عليه أن يمجه، ولو ذكر واللقمة في فمه يجب عليه أن يلفظها؛ لأنه بعد العلم لا يجوز إدخال شيء إلى الجوف.
    ولعل في ما ذكرنا كفاية، وسنأخذ بعض الأسئلة.

    (41/22)


    --------------------------------------------------------------------------------

    الأسئلة

    (41/23)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم صيام القضاء قبل رمضان بيوم


    السؤال
    فضيلة الشيخ! هل يجوز صيام القضاء قبل رمضان بيوم، مثلاً: هل يجوز صيام يوم الأربعاء القادم؟

    الجواب
    أولاً: نقول: من كان عليه قضاء من رمضان فليبدأ من الغد، فغداً الثلاثاء فيبدأ من الغد؛ لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم نهى أن يصوم أحد قبل رمضان بيوم أو يومين، لكن إذا لم يمكن، فقد تكون امرأة عليها عادة تمنعها من الصيام فلا بأس أن تصوم الأربعاء أو الخميس إذا لم يكن من رمضان.

    (41/24)


    --------------------------------------------------------------------------------

    خطر الوسواس وأضراره


    السؤال
    فضيلة الشيخ! لي أخت لها خمس سنوات لا تصلي ولا تصوم -وهي سليمة العقل- ولا تقضي رمضان، وهي -يا شيخ- بها وسواس، فما الحكم معها؟ وهل عليها صيام أو هي ممن رفع عنهم القلم؟

    الجواب
    أسأل الله أن يعافيها، اللهم عافها، اللهم عافها، لا شك أن الوسواس أمره عظيم، وأن بعض الموسوسين لا يتمكنون إطلاقاً من العبادة، يعني: بعضهم يخر مغشياً عليه إذا أراد أن يجبر نفسه، ولكن يجب على هذا الذي ابتلي بالوسواس أن يكثر من التعوذ بالله من الشيطان الرجيم، وأن يكثر من ذكر الله، وأن يكثر من قراءة القرآن، وأن يجبر نفسه على فعل الطاعة ولو تعب، هو سيتعب مرة أو مرتين أو ثلاثاً لكن في النهاية سيزول هذا بإذن الله؛ لأن الوسواس من الشيطان: {مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ * الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ * مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ} [الناس:4-6] فبدأ بالجنة، والشياطين من الجن، والجن من الشياطين {أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِي} [الكهف:50] فالشيطان ذريته الجن كما قال تعالى: {وَخَلَقَ الْجَانَّ مِنْ مَارِجٍ مِنْ نَارٍ} [الرحمن:15] وقال الشيطان للرب عز وجل: {قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ} [الأعراف:12] .
    ومعلوم أن الشيطان إذا رأى من بني آدم إعراضاً عن طاعة الله بواسطة الوسواس فسوف يتعبه في هذا، لكن ما هو إلا تعب يسير ثم يزول، وهذا والحمد لله مجرب، فدائماً يتصل بنا أناس من هذا النوع فإذا أجبروا أنفسهم على ذلك فإنه يزول عنهم بإذن الله، وأسأل الله لهذه المرأة المبتلاة أن يشفيها عاجلاً غير آجل، آمين.

    (41/25)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم من وافق صيامه النافلة آخر يوم من شعبان


    السؤال
    فضيلة الشيخ! من صام شهر شعبان فهل يصله برمضان أو لا بد أن يفصل بينهما، مثال ذلك: رجل من عادته صيام ثلاثة أيام من الشهر فتأخر صيامه ولم يبق عليه غير غد وبعد غد فهل يأثم إذا صام؟

    الجواب
    لا يأثم إذا صام؛ لأن هذا داخل في قول الرسول عليه الصلاة والسلام: (إلا رجل كان يصوم صوماً فليصمه) لأن الحديث: (لا يتقدمن أحدكم رمضان بصوم يوم ولا يومين إلا رجل كان يصوم صوماً فليصمه) فإذا كان من عادته أن يصوم يوم الخميس، وفي هذا العام ربما يصادف يوم الخميس آخر يوم من شعبان فإنه يصوم وليس هناك مانع، وكذلك من لم يتيسر له أن يصوم ثلاثة أيام قبل هذا الوقت فله أن يصوم؛ لأنه داخل في قوله: (إلا رجل كان يصوم صوماً فليصمه) .

    (41/26)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم من شرب بعد طلوع الشمس للتقوي في صوم النافلة


    السؤال
    فضيلة الشيخ! رجل يصوم ولكنه يوماً من الأيام لم يستيقظ إلا بعد طلوع الشمس فشرب قليلاً من الماء؛ ليتقوى به على الصيام، فهل يجوز صيامه؟

    الجواب
    لا يجوز الصيام؛ لأن الصيام لا بد أن يمسك الإنسان عن الأكل والشرب والجماع وسائر المفطرات من طلوع الفجر، وهذا لا يصح صومه، لكن الحمد لله النفل أمره واسع، إذا قام بعد طلوع الفجر وهو ناو أن يصوم فإما أن يبقى على نيته بدون أكل ولا شرب ولا شيء من المفطرات، وإما أن يأكل ويشرب ويقضي يوماً مكانه، وإما أن يأكل ويشرب ولا يقضي شيئاً منه؛ لأن النفل تطوع إن شاء فعل الإنسان وإن شاء لم يفعل.

    (41/27)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم ما وصل إلى الحلق من غير المنافذ المعتادة الموصلة للمعدة


    السؤال
    فضيلة الشيخ! سمعت في درس من دروسكم أنك قلت -وفقك الله-: إن القطرة لا تفطر حتى لو وصلت إلى الحلق؛ لأنها ليست بمعنى الأكل والشرب، أما البخور فلا يستنشق؛ لأن له جرماً، فإذا وصل إلى الجوف فإنه يفطر، سؤالي يا فضيلة الشيخ: كيف يفطر دخان البخور وهو ليس بمعنى الأكل والشرب؟

    الجواب
    أما الأول وهو القطرة في العين أو في الأذن فلا تفطر ولو وصلت إلى الحلق لأن هذا ليس أكلاً ولا شرباً ولا بمعنى الأكل والشرب، وليست العين والأذن من المنافذ المعتادة في إيصال الشيء إلى المعدة، لكن الاستنشاق من الأشياء المعتادة في إيصال الشيء إلى المعدة، والدليل على هذا: أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال للقيط بن صبرة: (بالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائماً) وهذا يدل على أن ما دخل من الأنف كالذي يدخل من الفم، هذا هو الفرق، ولهذا نقول: لا بأس أن يتطيب الصائم بالبخور والدهون وغير ذلك والروائح -أيضاً- لكن دخان البخور لا يستنشقه؛ لأنه ربما يصل إلى جوفه.

    (41/28)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم من أفطر في رمضان لعذر فأطعم ولم يقض


    السؤال
    فضيلة الشيخ! رجل قبل عشر سنوات أمر زوجته المرضع بالإفطار في شهر رمضان لعلة الإرضاع وقال لها: ليس عليك إلا الإطعام فقط وأنا أطعم عنك فقد أفتاني بعض العلماء، وفي هذا العام الحالي علمت بأن عليها القضاء والإطعام، السؤال: ما هو قولكم في ذلك يا فضيلة الشيخ؟

    الجواب
    قولي في ذلك أنه لا شيء عليها، ما دام زوجها قد استفتى بعض العلماء وقال: ليس عليها إلا الإطعام، فليس عليها شيء، لكن الصحيح: أنه يلزمها القضاء لعموم قوله تعالى: {وَمَنْ كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} [البقرة:185] أما ما مضى وبني على الفتوى التي نقلها الزوج فلا شيء عليها، وهكذا كل مسألة يسأل عنها العاميُ من يعتقده عالماً ثم يفتي بخلاف الصواب فلا شيء عليه، لكن بشرط أن يعرف أن هذا المستفتى أهل للفتوى، ليس كل من لبس زي العلماء وأعفى اللحية يكون عالماً، فقد يكون جاهلاً، لكن إذا علم من كونه رجلاً مشهوراً، أو من كون الناس يستفتونه أنه أهل للفتوى وأفتاهم ولو بخلاف الصواب فلا شيء على المستفتي.

    (41/29)


    --------------------------------------------------------------------------------
    وأخيراً أسأل الله عز وجل أن يجعل هذا العمل نافعاً، مباركاً، خالصاً لوجهه الكريم
    وأن ينفعني به في حياتي وبعد مماتي، وأن ينفع به كل من انتهى إليه؛ فإنه خير مسؤول، وأكرم مأمول، وهو حسبنا ونعم الوكيل، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد بن عبد الله وعلى آله وأصحابه ومن تبعه بإحسان إلى يوم الدين.

    حياكم الله بموقع بداية الهداية الخطوة إلى طريق العلم الشرعي الصحيح
    http://www.musacentral.com/

  7. #77
    تاريخ التسجيل
    Mar 2009
    المشاركات
    2,459
    الدين
    الإسلام
    آخر نشاط
    01-11-2023
    على الساعة
    04:37 PM

    افتراضي

    كيفية الإطعام لمن لا يقدر على الصيام


    السؤال
    امرأة كبيرة في السن تشكو من مرض، فهي لا تقدر على الصيام، كيف يكون مقابل ذلك؟ هل تدفع في كل يوم صاعاً، أو تدفعه دفعة واحدة في آخر رمضان؟

    الجواب
    هي بالخيار: إن شاءت دفعت فدية كل يوم بيومه، لكن لا تدفع في اليوم الثاني للفقير الأول؛ لأنه لا بد أن يكون عدد الفقراء كعدد الأيام، إذا كان الشهر ثلاثين يوماً فيكون عدد الفقراء ثلاثين مسكيناً أو ثلاثين فقيراً، وإذا كان تسعة وعشرين يوماً فعدد الفقراء تسعة وعشرون فقيراً.
    أما مقدار ما يبذل فليس كما قال السائل صاعاً، بل هو أقل، والصاع الموجود عندنا -من الأرز- يكفي لخمسة فقراء.
    ويجوز أن الإنسان يجمع في العشر الأول عشرة من الفقراء ويعشيهم، وفي العشر الوسطى عشرة من الفقراء غير الأولين يعشيهم، وفي العشر الأخيرة عشرة من الفقراء غير الأولين ويعشيهم، ويجوز أن يجمع ثلاثين فقيراً في آخر يوم كما كان أنس بن مالك رضي الله عنه يصنع ذلك لما كبر.

    (41/30)


    --------------------------------------------------------------------------------

    توجيه للمعتمرين في رمضان


    السؤال
    فضيلة الشيخ! نرى كثيراً من الناس يقضون أيام شهر رمضان المبارك في مكة طلباً للثواب ومضاعفة الأجر مستصحبين عوائلهم معهم، ولا شك أن هذا من حرصهم على طاعة الله عز وجل، ولكن يلاحظ على بعضهم إهماله أو غفلته عن أبنائه أو بناته هناك مما قد يتسبب في أمور لا تحمد مما تعلمونها، فهل من توجيه إلى هؤلاء، ليكمل أجرهم ويسلم عملهم؟

    الجواب
    نعم هناك توجيه، والشكايات في هذا كثيرة، بعض الناس يصطحب عائلته في العمرة لكنه يعتمر ويبقى في مكة يوماً أو يومين ثم يرجع، هذا حصل أجراً كاملاً؛ لأنه أدى عمرةً في رمضان ومن أدى عمرة في رمضان فكمن أدى حجاً وانتهى، ويرجع إلى بلده، وينشط أهل مسجده، وربما يكون خشوعه في بلده أكثر من خشوعه في المسجد الحرام؛ لكثرة الناس وكثرة الضوضاء والأصوات وما أشبه ذلك، فهذا لا شك أنه على خير.
    ورجل آخر ذهب بأهله وأدى العمرة وأبقاهم هناك ورجع، وهذا خطأ عظيم، وإهمال، وليس له من الأجر -والله أعلم- أكثر من الوزر إذا فعل أهله ما يوزرون به؛ لأنه هو السبب.
    ورجل ثالث ذهب بأهله وبقي طيلة شهر رمضان، لكن كما قال السائل: لا يبالي بأولاده ولا ببناته ولا بزوجاته، يتسكعون في الأسواق، وتحصل منهم الفتنة وتحصل بهم الفتنة، ولا يهتم بشيء من ذلك، وتجده عاكفاً في المسجد الحرام، سبحان الله! تفعل شيئاً مستحباً وتترك شيئاً واجباً! هذا آثم بلا شك، وإثمه أكثر من أجره؛ لأنه ضيع واجباً، والواجب إذا ضيعه الإنسان يأثم به، والمستحب إذا تركه لا يأثم.
    فنصيحتي لهؤلاء: أن يتقوا الله، فإما أن يرجعوا بأهلهم جميعاً، وأما أن يحافظوا عليهم محافظة تامةً، والله المستعان.

    (41/31)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم تعجيل الزكاة أو تأخيرها للحاجة


    السؤال
    فضيلة الشيخ! هل يجوز تعجيل الزكاة أو تأخيرها للحاجة كقدوم الفقير، أو عدم وجود المستحق في ذلك البلد أو لغيرها؟

    الجواب
    تقديمها جائز، أما تأخيرها فلا يجوز إلا إذا كان لا يوجد في المكان مستحق، أو كان يؤخرها لحاجة أشد مثل أن يقول الناس في رمضان: الفقراء مستغنون، أؤجلها إلى شوال، أو إلى ذي القعدة، أو إلى ذي الحجة؛ لأنهم أكثر حاجة، فهذا لا بأس به، لكن عليه أن يضبطها بالقيد؛ لأنه لا يأمن أن يموت ويضيع الواجب عليه.

    (41/32)


    --------------------------------------------------------------------------------

    الضابط في دفع الزكاة من الأب للابن أو من الابن للأب


    السؤال
    ما هو الضابط في دفع الزكاة سواءً من الأب للابن أو من الابن للأب؟

    الجواب
    الضابط ما ذكرناه: وهو ألا يدفع شيئاً واجباً عليه، فإذا دفعها للابن أو للأب من أجل النفقة وهو ممن يجب عليه الإنفاق عليه فإنها لا تجزئ، وإذا دفعها في قضاء دين أو نحوه مما لا يجب عليه فهي مجزئة.

    (41/33)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم تحويل مبلغ الزكاة إلى مواد غذائية توزع للفقراء


    السؤال
    هل يجوز تحويل مبلغ الزكاة إلى مواد عينية غذائية وغيرها فتوزع على الفقراء؟

    الجواب
    لا يجوز، الزكاة لا بد أن تدفع دراهم، لكن إذا وجد أحد يقبض الزكوات نيابة عن الدولة فهنا لا بأس أن يشتري بها حوائج للفقراء ويعطيهم إياها، وأما إذا كان من نفسه أو كان وكيلاً لشخص آخر فإنها لا تحول إلى أعيان بل تصرف دراهم.

    (41/34)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم ضمان الوديعة إذا لم يفرط فيها


    السؤال
    فضيلة الشيخ! شخص أعطاني مبلغاً من المال لأبحث له عن شخص لم يؤد فريضة الحج فأحججه منه، فيسر الله لي شاباً لكن المبلغ فقد وأنا في الطريق، ولا أدري أسرق من الحقيبة أم من البيت، حيث أن عندنا سائقاً وزوجته، والشاب حج -ولله الحمد- ودفعت عنه الهدي، واستسمحت ممن حججنا معه وأخبرته بالقصة فقال: لا حرج.
    ولكن حيث أن حجة هذا الشاب لم تكلف إلا نصف المبلغ فهل أضمن ما بقي من المبلغ وأتصدق به، أم أعيده، أم أحجج به شخصاً آخر، أرجو إنقاذي أنقذك الله ووالديك والسامعين من النار؟

    الجواب
    ما دام أن هذا الرجل لم يفرط في حفظ الدراهم ووضعها في محل أمين، ووضعها -أيضاً- في جيبه الذي على صدره لا في جيبه الذي على جنبه؛ لأن الجيب الذي على الجنب في الزحام ليس بحرز في الواقع، لأن كل واحد في الزحام يمكنه أن يدخل يده فيها ويخرج ما شاء، لكن يكون الجيب في الصدر، فأقول: إذا لم يفرط فلا بأس، وأما إذا كان مفرطاً فإن عليه أن يضمن هذه الدراهم، ويرد ما زاد إلى صاحبه الذي أعطاه إياها.

    (41/35)


    --------------------------------------------------------------------------------

    الزكاة في عروض التجارة (المساهمة)


    السؤال
    فضيلة الشيخ! رجل باع منزله ووضع قيمته في مساهمة، والآن لها ثلاث سنوات لم يستلم قيمة المساهمة حيث أنها لم تبع إلى الآن فهل فيها زكاة؟ وإذا لم يكن فيها زكاة الآن فهل يزكي عنها إذا استلمها عن سنة واحدة؟

    الجواب
    إذا كان قد اشترى فيها أرضاً للبيع والشراء وللتكسب ففيها زكاة لا شك، ولكن كيف يزكيها؟ الجواب: إذا جاء حولُ الزكاة فيقدر قيمة الأرض، ويقدر سهمه منها، ثم يكتب عنده، يجب علي لهذا العام عام (1417هـ) مائة ريال زكاة نصيبي من الأرض الفلانية، ولا يلزمه الدفع إذا لم يكن عنده دراهم إلا إذا باعها فيزكي لما مضى، أما إذا كان عنده دراهم فيجب أن يدفع زكاتها؛ لأن عروض التجارة كبقية المال يندمج بعضه في بعض.

    (41/36)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم تنفيذ وصية المرأة الكبيرة السن في حال حياتها وبعد موتها


    السؤال
    جدتي كبيرة في السن وقد دخلت في مرحلة الهرم، وعندها مال وتوصينا الآن ببناء مسجد، علماً بأنها تصلي أحياناً، وتعرفنا أحياناً، وتعرف أشياء كثيرة، وأحياناً لا تعرف، ولها بنت وهي أمي، ولها أبناء ابن وهم أبناء خالي المتوفى، والمال موجود لدي، فهل أتصرف فيه ببناء مسجد حسب ما توصي به الآن أم ماذا أفعل؟ وإذا وافتها المنية فكيف أعمل؟

    الجواب
    أما إذا قدر الله عليها وماتت من قبل أن ينفذ، فالمال يرجع إلى الورثة إذا أرادوا أن يبنوا به مسجداً فلا بأس وجزاهم الله خيراً، وأما قبل أن تموت فلا يجوز أن يتصرف فيه؛ وذلك لأن هذه العجوز لا حكم لقولها؛ لأنها لا تشعر ولا تدري فقولها هدر، ولا يجوز أن ينفذ شيئاً مما قالته إلا إذا كانت قالته عن وعي وعقل فنعم.
    وإلى هنا ينتهي هذا اللقاء، وأرجوكم المعذرة لأن لنا موعداً في محاضرة في بلاد مجاورة، ونريد أن يسمع صوتنا في هذه البلاد وهي بلاد بعيدة، وموعدهم الساعة الثامنة والنصف فبقي ساعة إلا ربع، وهي الصلاة والذكر والمشي فنرجوكم المعذرة.
    ونسأل الله يجزيكم خيراً، وأن يرزقنا العلم النافع والعمل الصالح إنه على كل شيء قدير.

    (41/37)


    --------------------------------------------------------------------------------

    اللقاء الشهري [41] رقم2
    على العبد الذي يريد أن ينفع نفسه في الآخرة وأن ينفعها فيما فيه صلاحها وعافيتها أن يستغل ليالي رمضان بالعبادة؛ لما فيها من الأجور العظيمة، ويجدر بالمرء أن يحذر في ليالي رمضان من الإفراط في الأكل والشرب، والإسراف والتبذير.
    كما ينبغي للإنسان الذي يريد قصد بيت الله الحرام لأداء العمرة في رمضان أن يتنبه من الأخطاء التي تقع في عمرته، وأن يعلم أحكام العمرة قبل الذهاب إلى مكة.
    وفي ختام هذا اللقاء بسط الشيخ الإجابة على كثير من الأحكام التي تتعلق بشهر الصيام.

    (41/1)


    --------------------------------------------------------------------------------

    أهمية استغلال ليالي رمضان بالعبادة
    الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على نبينا محمد خاتم النبيين وإمام المتقين, وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
    أما بعد: فهذه الليلة هي ليلة الأحد الثالث من شهر رمضان عام (1417هـ) وهذا اللقاء فيها تكميل للقاء السابق، حيث إنه كان هناك أسئلة كثيرة لم نتمكن من الإجابة عليها، ولكن لا مانع أن نتكلم بما تيسر حتى يتسنى عرض هذه الأسئلة إن شاء الله تعالى.
    في هذا العام (1417هـ) يؤدي المسلمون ولا سيما في هذه الجزيرة العربية شهر رمضان في جو معتدل، يشبه جو الربيع، على أن الناس في هذه الأيام في أشد ما يكون برداً من أيام الشتاء، وهذا لا شك من نعمة الله، اللهم لك الحمد، نسأل الله أن يتمم بالقبول، كما أن فيه دليلاً على أن الأمر أمر الله عز وجل، وأنه تعالى هو الذي يرجع إليه الأمر كله، وأن العادات قد يخلفها رب الأرض والسماوات، قد يكون زمن البرد معتدلاً، وقد يأتي في أيام الحر -أيضاً- اعتدال ليس حراً؛ لأن الأمر أمر الله عز وجل يفعل ما يشاء.
    هذا الجو الذي نعيشه هذه الأيام جو معتدل كما قلنا، فيه طول الليل وقصر النهار، ويخف الصوم على المسلمين ويكثر الخير في الليالي للموفقين؛ لذلك نقول: اغتنم يا أخي هذه الأوقات الثمينة، نم في الليل ما تيسر، وتعبد لله بما تيسر، واجعل النهار نهار عمل صالح لا نهار نوم كما يفعله بعض الناس المفرّطون المفرطون: مفرّطون في تفويت الأعمال الصالحة، حيث تجدهم يسهرون الليل كله وينامون النهار كله، إلا أنهم يقومون بما أوجب الله عليهم من الصلوات وغيرها، لكنهم محرومون؛ لأن سهرهم الليل كله ليس للتهجد أو قراءة القرآن، حيث إن أكثر الذين يسهرون إنما هو لإمضاء الوقت وقتله بلا فائدة، بل منهم من يقتل الوقت بالمضرة عليه: على دينه، وخلقه، وأهله، وهذا حرمان عظيم.
    ففي هذا الجو المناسب ينبغي لك أن تنام في الليل، وأنت إذا قمت مع الإمام حتى ينصرف كتب الله لك قيام ليلة كاملة ولو كنت في منامك، اللهم لك الحمد، ولهذا لما قال الصحابة للرسول عليه الصلاة والسلام: (لو نفلتنا بقية ليلتنا هذه -يعني: لو تركتنا حتى نقوم إلى الصباح- قال: إنه من قام مع الإمام حتى ينصرف كتب له قيام ليلة) ولم يقل: صلوا في بيوتكم، إشارةً إلى أن الإنسان ينبغي أن ييسر على نفسه، ما دام الله تعالى قد كتب لك قيام ليلة إذا قمت مع الإمام حتى ينصرف فخفف على نفسك.

    (41/2)


    --------------------------------------------------------------------------------

    نصائح وإرشادات للصائمين
    كذلك -أيضاً- أذكركم بما بدأنا به أولاً: من أن الصوم ليس الإمساك عن الطعام والشراب والنكاح، لكنه إمساك عن معصية الله؛ لقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (الصوم جنة) ومعنى جنة: وقاية من المعاصي، ولهذا رتب عليه قوله: (فلا يصخب ولا يرفث، وإن أحد سابه أو قاتله فليقل: إني صائم، إني صائم، إني صائم) فاحفظوا الصيام.

    (41/3)


    --------------------------------------------------------------------------------

    التحذير من الإفراط في المأكول والمشروب
    ثم احذروا من الإفراط في المأكول والمشروب، فإن الناس اتخذوا رمضان موائد البطون لا موائد القلوب، ليس لهم هم إلا أن يكون على مائدة الفطور أو على مائدة السحور من الأشياء ما لا حاجة إليه.
    وإن من الناس من اتخذوا عادة سيئة بدعية ليس لها في كتاب الله ولا في سنة رسوله أصل ولا في عمل الصحابة: حيث صاروا يذبحون الذبائح كأنه عيد أضحى -نسأل الله العافية- والذبائح في عيد الأضحى لكنهم يتخذون الذبائح ويتعازمون فيما بينهم، كل يوم على واحد ذبيحة وطعام، وربما يكون بعض أهل الحي فقيراً يتدين هذه الذبيحة فيكلفونه ما لا يلزمه في دين الله.
    ثم زد على ذلك أن بعض الناس يجعل هذه الموائد -التي لا يراد بها إلا ملء البطون- كالصدقة فيقول: هذا عشاء أبي، وهذا عشاء أمي، وما أشبه ذلك، وربما حاموا بأيديهم على الطعام وقالوا: اللهم اجعله لأبي أو لأمي.
    أين نحن من الجماعة؟!! أين نحن من هدي السلف الصالح؟!! هل نحن مأمورون أن نتبع أهواءنا، أو أن نتبع كتاب الله وسنة رسوله وخلفائه الراشدين والصحابة المهديين؟!! الثاني بلا شك، هل فعل الصحابة هذا؟

    الجواب
    هذا ليس من فعلهم.
    ولهذا أخشى إن طال بالناس زمان أن يتخذوا رمضان كعيد الأضحى تذبح فيه الضحايا ثم يأتي الناس مع طول المدة ويقول: إذا أراد أحدكم أن يذبح ذبيحة ودخل رمضان فلا يأخذ من شعره ولا من ظفره شيئاً، وربما يجعلون أحكام الأضاحي لهذه الذبائح.
    ولكن هنا شيء حتى لا يؤخذ علينا ما نقول، إذا قال القائل: أنا أريد أن أدعو جيراني للتعارف، وأريد أن أذبح ذبيحة؛ لأنها أنسب لي من أن آخذ من المجزرة، فهذا لا بأس به، لكن كونهم يعتقدون أن الذبح نفسه أفضل من شراء اللحم لا لأنه أحسن وأطيب وأطرى ولكن يرونه كالتعبد لله فهذا بدعة.

    (41/4)


    --------------------------------------------------------------------------------

    التحذير من الإسراف والتبذير في رمضان
    كذلك -أيضاً- توسع الناس في الإسراف حتى في الإضاءة: إضاءة البيوت إضاءة الدكاكين، يجعلون على دكاكينهم قناديل كأنها قصر أفراح، أليس في هذا إضاعة للمال؟ بلى، فيه إضاعة مال، ثم إن فيه -أيضاً- تحميلاً للطاقة العامة الكهربائية، ما يخشى أن يقصر أعمال المكائن مثلاً؛ لأن هذه المعدات والمكائن كلما تحملت صارت أقرب إلى أجلها بلا شك، فلماذا نحمل أنفسنا نفقات ونحمل التيارات الكهربائية عبئاً ثقيلاً لغير فائدة؟! وكذلك -أيضاً- في البيوت، مع أن الله عز وجل يقول في مدح عباد الرحمن: {وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَاماً} [الفرقان:67] سبحان الله! انظر! الإسراف طرف، والإقتار طرف، والذي بينهما فجوة، يقول: {بَيْنَ ذَلِكَ قَوَاماً} [الفرقان:67] أحياناً يميلون إلى الإقتار؛ لأن المصلحة تقتضي ذلك، وأحياناً يميلون إلى الزيادة لأن المصلحة تقتضي ذلك، ولكن انظر إلى قوله: {وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ} [الفرقان:67] ليس هو عبثاً ولكنه {قَوَاماً} [الفرقان:67] تستقيم به الأمور.

    (41/5)


    --------------------------------------------------------------------------------

    أخطاء يقع فيها بعض المعتمرين
    وتكلمنا أيضاً -وأعيدها لأنها مهمة- على أولئك الذين يذهبون إلى مكة بقصد العمرة، ونِعْم ما قصدوا؛ لأن عمرة في رمضان تعدل حجة، وهي -أعني: كونها تعدل حجة- في عهد الرسول وغيره، قلت ذلك يا إخواني: لأن المسألة ليست هي مسألة اتفاق بين العلماء، فلم يتفق العلماء على أن العمرة في رمضان تعدل حجة؛ لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم خاطب بها امرأة تخلفت عن حجها معه، فقال لها: (عمرة في رمضان تعدل حجة -وفي لفظ- معي) يعني أن معناه: أنك إذا اعتمرت في رمضان فكأنما حججت معي؛ ولهذا قال بعض العلماء: إن هذا الحديث خاص بتلك المرأة، ليس هو عام للأمة، لكن جمهور الذين رأيناهم تكلموا على الحديث يرون أنه عام.
    فأقول: العمرة في رمضان سنة، لكن الناس يخطئون فيها في أشياء نذكر منها:

    (41/6)


    --------------------------------------------------------------------------------

    تكرار العمرة في السفرة الواحدة
    أولاً: بعضهم يأخذ عمرة لنفسه أول ما يقدم، وبعد يومين أو ثلاثة يخرج إلى التنعيم ويأخذ عمرة ثانية لأمه، وبعد يومين أو ثلاثة أخذ عمرة ثالثة لأبيه، وبعد يومين أو ثلاثة أخذ عمرة رابعة لجدته وهلم جرا، وربما أخذ بعضهم عمرتين في يوم، وتجد رأسه أصلع قد حلقه في أول مرة ثم يعتمر، ماذا يبقى للعمرة الثانية؟

    الجواب
    لا شيء إلا شيئاً واحداً منكراً، رأيت رجلاً يسعى بين الصفا والمروة وقد حلق نصف رأسه تماماً، حلق النصف، فهو أبيض ليس فيه شعر، والثاني فيه شعر كثير، فقلت له: لماذا؟ قال: هذا الذي حلقته لعمرة أمس وهذا لعمرة اليوم.
    وعلى قياس قوله: لو أراد أن يعتمر أربع مرات حلق الربع، والثاني في الربع الثاني، والثالث في الربع الثالث، والرابع الرأس كله، كل هذا من الخطأ، وسببه حب الناس للخير وجهلهم بالشريعة.
    ومعلوم يا إخواني أن العبادة لا بد لها من شرطين أساسيين هما: الإخلاص والمتابعة.
    هل هم أحرص على الخير من الصحابة؟ لا والله ليسوا بأحرص، وليسوا أعلم بشريعة الله من الصحابة، فليأتوا بحديث واحد على أن الصحابة كرروا العمرة في رمضان أو في غير رمضان، أما والمسألة ليس فيها أي حرف لا صحيح ولا ضعيف يدل على أن الصحابة يكررون عمرة في رمضان أو غيره، إذا حل الإنسان من عمرته هذه خرج إلى التنعيم وأتى بعمرة أخرى، حتى قال عطاء رحمه الله وهو فقيه أهل مكة قال: لا أدري هؤلاء الذين يذهبون إلى التنعيم فيأتون بعمرة لا أدري أيأثمون أم يؤجرون.
    أي: وكأن ليس لهم أجر إلا التعب والعياذ بالله؛ لأنهم على غير الشريعة.
    هذه واحدة.

    (41/7)


    --------------------------------------------------------------------------------

    ترك الأهل بغير راع
    المسألة الثانية: بعض الناس يذهب إلى العمرة ويذهب بأهله، وقد قسمنا في المجلس السابق الناس في هذا إلى ثلاثة أقسام: قسم يذهب بنفسه ويعتمر ويرجع إلى أهله، وهذا حسن.
    قسم آخر: يذهب إلى مكة ويعتمر ويبقى طيلة الشهر ويدع أهله مسيبين، وهذا خطأ؛ لأن بقاءه في أهله أفضل من بقائه في مكة.
    وأذكر لكم قصة؛ لأني لا أحب أن يتكلم أحد بشيء إلا بدليل: مالك بن الحويرث رضي الله عنه، قدم إلى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم في وفد، وأقاموا عنده عشرين يوماً، ثم قال لهم عليه الصلاة والسلام: (ارجعوا إلى أهليكم فأقيموا فيهم وعلموهم ومروهم) والشاهد في هذا الحديث قوله: (اذهبوا إلى أهليكم فأقيموا فيهم) لأن الرعية بلا راع تضيع، والرجل راع في أهل بيته، فكونه يذهب إلى مكة ويبقى هناك ويزعم أنه يتعبد الله وأن ذلك أفضل من رجوعه إلى أهله هذا خطأ، بل رجوعه إلى أهله وبقاؤه فيهم أفضل بكثير؛ لأنه سيؤدبهم، وسيراقبهم، وسينظر أحوالهم.
    القسم الثالث: يذهب الرجل بعائلته إلى مكة ويبقى فيها كل الشهر أو أكثر الشهر لكنه يترك أهله، ويترك الفتيات والفتيان والزوجات والأخوات، ويبقى في المسجد يتعبد الله، لكن يترك الواجب عليه وهو مراعاة الأهل، وتعلمون أن مكة في أيام العمرة تكون خليطاً من كل فج، من البلاد ومن خارج البلاد، وعباد الله تعالى لا يملكهم زمام، فيكون في ذلك شر كثير.
    حيث يكون هذا مضيعاً للواجب فاعلاً للمستحب، والواجب أولى به، فإما أن يراعي أهله ويمنعهم وإما أن يرجع، وهذا من الجهل.

    (41/8)


    --------------------------------------------------------------------------------

    تحري العمرة في ليلة سبع وعشرين
    ما قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: اعتمروا في ليلة سبع وعشرين، وإنما حث على قيام ليلة القدر، قال: (من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه) .
    ثم هل ليلة القدر هي ليلة سبعة وعشرين؟ الله أعلم، قد تكون ليلة سبعة وعشرين، قد تكون في خمسة وعشرين، أو في غيرها من الليالي العشر؛ لأن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (من كان متحريها فليتحرها في العشر الأواخر) وأول عام علم فيه الرسول عليه الصلاة والسلام أن ليلة القدر في العشر الأواخر كانت ليلة القدر في ليلة واحد وعشرين، حيث أريها النبي عليه الصلاة والسلام، وأري أنه يسجد في صبيحتها في ماء وطين، وأمطرت السماء ليلة واحد وعشرين، وكان مسجد الرسول عليه الصلاة والسلام سقفه جريد النخل، فوكف المسجد وابتلت الأرض، فسجد النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم من صبيحتها في ماء وطين، فشاهده الصحابة حين انصرف من الصلاة وعلى جبهته -صلوات الله وسلامه عليه- أثر الماء والطين.
    إذاً كانت ليلة القدر هي ليلة واحد وعشرين.
    ورآها جماعة من أصحابه في السبع الأواخر، فقال: (أرى رؤياكم قد تواطأت، فمن كان متحريها -يعني: في تلك السنة- فليتحرها في السبع الأواخر) وقال: (التمسوها في الوتر من السبع الأواخر) والوتر لا يقتصر بسبعة وعشرين، ولذلك بعض الناس مساكين ليلة سبعة وعشرين يقوم ويأتي مع الإمام ويصلي ويبكي ويخشع، وفي غيرها لا يأتي، فيقول: قمت ليلة القدر، وقد غفر لي.
    يا مسكين! من قال لك إن ليلة القدر ليلة سبعة وعشرين في هذا الشهر؟ قد تكون قبل هذه أو بعدها.
    ومن حكمة الله ورحمته أن أخفى علم عينها، حتى يجتهد الناس في جميع العشر، وحتى لا يتكل الكسلان ويقول: انتهى أنا قمت ليلة القدر وأنا سوف أنام.
    فعلى كل حال هذه ثلاثة أشياء في العمرة يخطئ فيها الناس.

    (41/9)


    --------------------------------------------------------------------------------

    ترك الإحرام من الميقات
    بقي الشيء الرابع -أيضاً-: بعض الناس يذهب إلى مكة يريد العمرة لكنه يقول: أريد أن أقيم في جدة لمدة أيام ثم أحرم منها -وهو قد مر بالميقات إما عن طريق المدينة وإما عن طريق الطائف - لكن يقول: أنا سأذهب وأريد أن أبقى في جدة؛ لأن هذه إجازة ونزهة أذهب إلى هناك، ومتى نويت أن أعتمر اعتمرت، هذا غلط، إذا كنت قد أردت العمرة فلا بد أن تعتمر من الميقات الذي حدده الرسول عليه الصلاة والسلام، وقد حدد صلى الله عليه وعلى آله وسلم المواقيت وقال: (هن لهن ولمن أتى عليهن من غير أهلهن ممن أراد الحج أو العمرة) لو قال: إذا أردت الإحرام ذهبت إلى الميقات الذي مررت به أولاً فأحرمت منه فلا بأس، تبقى في جدة ما شئت وإذا أردت الإحرام إن كنت مررت بـ المدينة اذهب إلى أبيار علي ذي الحليفة وأحرم منها، وإن كنت مررت بـ الطائف فاذهب إلى السيل وأحرم منه.
    وبهذا نقول: الناس في هذه المسألة على ثلاثة أقسام: قسم أراد العمرة وأراد المكث في جدة فنقول له: أحرم من الميقات واذهب إلى مكة مباشرة، واجعل العمرة هي المقصد الأول؛ لأنها عبادة وبقاؤك في جدة ليس عبادة، فابدأ أولاً بالعبادة، وليس بين جدة وبين مكة في إقامة العمرة إلا نحو ثلاث ساعات، وثلاث ساعات بالتأكيد تكفي إذا كان المطاف ليس زحاماً ولا المسعى فمن جدة إلى مكة ساعة أو أقل، والطواف والسعي اجعلوه ساعة، والرجوع ساعة، ثلاث ساعات يا أخي، يخذلك الشيطان ويقول لك: لا، ابق في جدة، اذهب إلى جدة ومتى شئت اذهب من جدة.
    الثاني من الناس من يقول: أنا أذهب إلى جدة؛ لأني ما أدري هل يحصل لي أن أعتمر أو لا، لست عازماً، يمكن أحرم ويمكن لا أحرم، نقول: لا بأس اذهب إلى جدة وإذا تيسر لك الإحرام فأحرم من جدة ولا حرج عليك؛ لأنك لم تجزم بأنك ستعتمر.
    القسم الثالث: من أراد العمرة أو الحج والبقاء في جدة وذهب إلى جدة محلاً لا محرماً، ولما أراد الإحرام أحرم من جدة، فنقول: هذا حرام، وهو آثم، وعاص للرسول عليه الصلاة والسلام، ومن عصى الرسول فقد عصى الله، وعليه -أيضاً- عند العلماء فدية تذبح في مكة وتوزع على الفقراء.
    فهذه أحوال الناس، ونحن ننصح إخواننا الذين يذهبون إلى تلك الأماكن -إلى الحجاز - للنزهة مع العمرة أن يبدءوا أولاً بالعمرة ثم بالنزهة.
    نسأل الله لنا ولكم التوفيق، وأن يرزقنا وإياكم اغتنام هذا الشهر المبارك بما يرضيه، وأن يهب لنا منه رحمة إنه هو الوهاب.

    (41/10)


    --------------------------------------------------------------------------------

    الأسئلة

    (41/11)


    --------------------------------------------------------------------------------

    نصيحة للمدخنين


    السؤال
    فضيلة الشيخ بمناسبة شهر رمضان سؤالي هو: هل من يشرب الدخان ينطبق عليه قول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: "أن من قتل نفسه فهو في النار" أو فيما معنى الحديث، فهل يدخل شارب الدخان في هذا، وما نصيحتك لإخوان لنا ابتلوا به؟

    الجواب
    شارب الدخان لا شك أنه عرض نفسه للخطر؛ لأن الأطباء اتفقوا على أن الدخان -أجارنا الله وإياكم منه وعصم من ابتلي به من المسلمين- ضار، وأنه سبب لسرطان الحلق والرئة وضرره أمر واضح، وانظروا إلى الذين ابتلوا به حيث تجد أحدهم هابط الهمة، ضعيف الإرادة، ولو أنهم أقلعوا عنه لوجدوا نشاطاً وحيوية.
    ومن المعلوم أن من الناس من قد لا يتضرر به في الحال، لأننا نشاهد أناساً يشربونه وهم أصحاء، لكن في المآل لا بد أن يضره، ثم لو عصموا منه لكانوا أقوى وأصح، لذلك نقول: على من ابتلي بالدخان أن يسأل الله سبحانه وتعالى أن يعصمه منه، وأن يلجأ إلى الله وأن يستعين به على تركه، وأن يتركه شيئاً فشيئاً، وأن يبتعد عن الذين يشربونه حتى لا يحن إليه مرة أخرى، والإنسان إذا أراد الله سبحانه وتعالى عصمته أعطاه عزيمة قوية، فإننا شاهدنا أناساً كان عندهم عزيمة فتركوه قطعاً ولم يعودوا إليه، لكن أكثر الناس همته ضعيفة، تجده إذا ضاق صدره يريد شربه ويعجز أن يصبر فيعود إليه، لكن لو صبر وتحمل لفكه الله منه.

    (41/12)


    --------------------------------------------------------------------------------

    من آداب الدعاء ومحاذيره


    السؤال
    فضيلة الشيخ في هذه الأيام يكثر الدعاء من الأئمة، أرجو من فضيلتكم بيان آداب الدعاء ومحاذيره.


    الجواب
    الأئمة يدعون لأنفسهم خاصة في سجودهم وتشهدهم وبين السجدتين وكذلك المأمومون، لكن الدعاء المشترك كدعاء القنوت ينبغي أولاً: المحافظة على ما ورد؛ لأن الدعاء الوارد عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم كله خير، وهو خير وخير وخير من بعض الأدعية المسجوعة التي صنفها من صنفها من الناس، فالوارد هو الخير، ثم إن زاد على ذلك فلا بأس، لكن يراعي عامة من وراءه -يعني: أكثرهم- لأن بعض الناس يحب التطويل جداً، وبعض الناس يحب التخفيف جداً فليكن بين وبين، وإذا كان هناك أحوال تستدعي أن يقصر فليقصر مثل: أن يكون الجو بارداً جداً، والناس ربما يحتاجون إلى قضاء الحاجة -إلى البول أو الغائط مثلاً- فهنا الأولى أن يراعي الضعفاء، وكذلك لو كان في شدة حر وغم فليراعي هذه الحال.
    أما مع اعتدال الجو فهذا خير، فليكن بين بين، لا طولاً مملاً ولا قصراً مخلاً.

    (41/13)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم متابعة المأموم للإمام في سجود السهو


    السؤال
    فضيلة الشيخ أرجو بسط الموضوع في المسبوق إذا سها إمامه وسجد قبل السلام أو بعده، وهل يسجد المسبوق في كلتا الحالتين بعد أن يكمل صلاته؟

    الجواب
    المسبوق إذا سجد إمامه قبل السلام فلا بد أن يتابعه؛ لأنه لا يحل للمسبوق أن يفارق الإمام إلا إذا سلم، أما إذا سجد بعد السلام فلا يتابعه، بل إذا سلم إمامه من الصلاة قام وقضى ما فاته، فإذا أتم ذلك نظرنا: إن كان قد أدرك الإمام في سهوه سجد هو بعد السلام، وإن كان سهو الإمام قبل أن يدخل معه فلا سجود عليه، هذا هو حكم متابعة المأموم للإمام في سجود السهو.

    (41/14)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم صيام الحائض التي انقطع عنها الدم قبل الغروب


    السؤال
    امرأة جاءتها العادة الشهرية قبل رمضان بأيام ثم دخل رمضان وهي لم تطهر بعد، ففي اليوم الثاني من رمضان نوت الصوم وانتظرت انقطاع الدم وهي ممسكة حتى انتهى اليوم وقد انقطع الدم قبل الغروب وهي ممسكة طيلة يومها ولم تغتسل، فتسأل هل تقضي يومها هذا أو لا؟

    الجواب
    إذا كان السؤال كما تصورناه: أن الحيض أتاها قبل رمضان ودخل عليها رمضان وهو لا يزال عليها، ودخل اليوم الثاني وهو لا يزال عليها لكنها تظن أنها تطهر في ذلك اليوم -اليوم الثاني- نقول: إن صومها حرام عليها، ولا يحل لامرأة أن تصوم وقد بقي الحيض عليها أبداً لقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (أليس إذا حاضت لم تصل ولم تصم) وهذا محل إجماع من العلماء رحمهم الله.
    فعلى هذه المرأة الآن أن تقضي اليوم الأول واليوم الثاني، وأن تتوب إلى الله من كونها نوت الصوم وعليها الحيض، وعلى المرأة إذا طهرت قبل الفجر أن تغتسل وتصلي صلاة الفجر، وتستمر في صومها حتى لو لم تغتسل إلا بعد طلوع الفجر كما لو كان الإنسان جنباً ولم يغتسل من الجنابة إلا بعد طلوع الفجر فلا بأس.

    (41/15)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم كشف المرأة وجهها أمام إخوان زوجها


    السؤال
    هل يجوز لي أن أكشف وجهي لإخوان زوجي وأنا أعرف أنه حرام، ولكن ظروفي صعبة جداً تمنعني من ذلك، فإني أتغطى إلا وجهي يبقى مكشوفاً، وللعلم إني لا أجلس معهم إلا على الأكل، أفدني جزاك الله خيراً؟

    الجواب
    لا يحل للمرأة أن تكشف وجهها لإخوان زوجها ولا لأعمام زوجها؛ لأنهم ليسوا من محارمها، وعليها أن تصبر حتى لو آذوها فلتصبر، وكونها لا تغطي الوجه وتغطي بقية البدن غلط منها؛ لأن الوجه أحق من البدن بالستر عن الأجانب، إذ أن الوجه هو محل جمال المرأة وبه تكون الفتنة.
    سل الرجال إذا خطبوا امرأة عم يسألون؟ يسألون عن وجهها أو يسألون عن رجلها؟ الجواب: عن وجهها، لا تجد أحداً يقول عند خطبة المرأة: يا أخي، أو يا أختي إذا وكل -وهو على كل حال لا يوكل أحداً إلا من محارمها كأخيها الذي قد يكون صديقاً له- يقول: يا أخي أخبرني عن قدم أختك، أو عن وجه أختك؟ بالثاني بلا شك، وسبحان الله يعني لولا أن المسألة قال بها أحد من أهل العلم -أعني قال بها العلماء الكبار- لكان العقل يقتضي أنه إذا حرم على المرأة أن تخرج إبهام رجلها أو خنصر رجلها فتحريم إخراج الوجه من باب أولى ولا إشكال في هذا، يعني: لو رددت المسألة لمجرد العقل لقال الإنسان: لا يمكن للمرأة أن تكشف وجهها وتغطي قدميها.
    مع أن الشرع يقتضي وجوب تغطية المرأة وجهها عمن ليسوا من محارمها.
    فأقول لهذه المرأة جزاها الله خيراً: لتصبر وتحتسب وإن أوذيت وتذكر قول الله عز وجل: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ فَإِذَا أُوذِيَ فِي اللَّهِ جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ كَعَذَابِ اللَّه} [العنكبوت:10] تصبر وتترقب وعد الله عز وجل: {فَاصْبِرْ إِنَّ الْعَاقِبَةَ} [هود:49] لمن؟ {لِلْمُتَّقِينَ} [هود:49] .

    (41/16)


    --------------------------------------------------------------------------------




    ا
    وأخيراً أسأل الله عز وجل أن يجعل هذا العمل نافعاً، مباركاً، خالصاً لوجهه الكريم
    وأن ينفعني به في حياتي وبعد مماتي، وأن ينفع به كل من انتهى إليه؛ فإنه خير مسؤول، وأكرم مأمول، وهو حسبنا ونعم الوكيل، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد بن عبد الله وعلى آله وأصحابه ومن تبعه بإحسان إلى يوم الدين.

    حياكم الله بموقع بداية الهداية الخطوة إلى طريق العلم الشرعي الصحيح
    http://www.musacentral.com/

  8. #78
    تاريخ التسجيل
    Mar 2009
    المشاركات
    2,459
    الدين
    الإسلام
    آخر نشاط
    01-11-2023
    على الساعة
    04:37 PM

    افتراضي

    لسؤال
    فضيلة الشيخ عندما يكبر الإمام تكبيرة الإحرام لصلاة الوتر فإن المأموم لا يدري هل الوتر ثلاث ركعات أو واحدة، فماذا ينبغي على المأموم؟

    الجواب
    أولاً يجب يا إخواني أن تعرفوا أن الركعتين اللتين يسميهما الناس الشفع أنهما وتر، فأنت من حين ما ينتهي الإمام من التراويح تنوي إذا قام الوتر حتى لو كان يصلي من الركعتين الأوليين؛ لأن الإيتار بالثلاث لك فيه صفتان: إما أن تجعل الثلاث بتسليم واحد وتشهد واحد، وإما أن تجعل الثلاث بتسليمين وتشهدين، تسلم من ركعتين ثم تأتي بالثالثة، هذا الإيتار بالثلاث، وإذا أوتر الإنسان بخمس كيف يعمل؟ يسرد الخمس جميعاً بتشهد واحد وتسليم واحد، وإذا أوتر بسبع؟ مثلها يسردها بتسليم واحد وتشهد واحد، وإذا أوتر بتسع يسرد ثمان ركعات ويتشهد ولا يسلم ثم يأتي بالتاسعة ويتشهد ويسلم فيكون التسع فيها تشهدان وتسليم واحد، هكذا جاء عن النبي عليه الصلاة والسلام.
    لكن هل لنا ونحن أئمة أن نفعل هذا بالناس: لو جعلنا نوتر خمساً أو سبعاً سرداً وتسعاً سرداً ونتشهد في الثامنة؟ لا، هذا مما يشق على الناس ويتأذى به بعض الناس إذا احتاج إلى البول أو الغائط، ثم يقع الناس في شك: هل إمامهم الآن يوتر أو يصلي التراويح، لا يدرون.
    وبعض الأئمة فعل مثل ذلك مدعياً أن ذلك سنة الرسول عليه الصلاة والسلام، ونحن نقول: نعم، الرسول فعل ذلك، لكن هل فعله وهو إمام؟ لا، بل فعله بنفسه، فالإنسان إذا صلى بنفسه يطول ما شاء كما قال الرسول عليه الصلاة والسلام، لكن إذا صلى بالناس يخفف.
    ومعلوم أن كون الإمام يسلم من ركعتين أخف على الناس من أن يسرد خمساً أو سبعاً أو تسعاً، فلا يوجد حديث واحد أن الرسول عليه الصلاة والسلام صلى بالصحابة خمساً أو سبعاً أو تسعاً، إنما كان يفعلها بنفسه، ونحن نقول: في بيتك افعل كل السنة، نحن نشجع على أن الإنسان يوتر مرة بهذا ومرة بهذا لإحياء السنة، لكن كوننا نفعل ذلك بالمسلمين، هذا ليس بصحيح، ربما لو كانوا جماعة معينين مختصين اتفقوا على أن يوتروا بخمس سرداً أو سبع سرداً أو تسع سرداً فلا بأس، أما مسجد يشرع للناس كلٌ يأتي ويدخل ويصلي فلا تخرج بالناس عن ركعتين ركعتين.
    بالنسبة الآن مثلاً إذا انتهيتم من التراويح وقام الإمام يصلي تنوون وتراً، حتى لو صلى ركعتين وسلم هي وتر.

    (41/17)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم من دخل عليه رمضان وهو في غيبوبة


    السؤال
    فضيلة الشيخ امرأة أصيبت بغيبوبة في بداية شهر رجب وحتى الآن هي في غيبوبة، فهل يجب أن نطعم عنها أو يسقط عنها أو ماذا نصنع؟

    الجواب
    هذه المرأة التي فيها غيبوبة إن كان يرجى أن تصحو فانتظروا حتى تصحو، وإن كان لا يرجى أن تصحو فإنه يوزع عن كل يوم إطعام مسكين، أما إذا كان لا يرجى أن تصحو صارت من جنس المريض، بل هي مريضة مرض لا يرجى برؤه، وفرض من مرض مرضاً لا يرجى برؤه أن يطعم عن كل يوم مسكيناً، وإن كان يرجى أن تصحو انتظروا حتى تصحو، ونسأل الله لها العافية.

    (41/18)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم التغني بدعاء القنوت وحكم الاستسقاء في القنوت


    السؤال
    فضيلة الشيخ ما حكم التغني بدعاء القنوت؟ وما حكم الاستسقاء في ذلك الدعاء؟

    الجواب
    التغني بدعاء القنوت إن كان يريد السائل أن يقف القانت على كل جملة دعائية فهذا لا بأس به، حتى يتمكن الناس من تصور ما يقول إمامهم والتأمين عليه، وأما إن كان يأتي به بصفة الأغنية فهذا لا يصح، ولا يمكن، الناس ليسوا بحاجة إلا أن يسمعوا كلاماً كالأغاني، هم بحاجة إلى دعاء يقنتون فيه لله عز وجل.
    وأما الاستسقاء فيه فلا بأس أن يستقي الإنسان في دعاء القنوت؛ لأن دعاء القنوت دعاء مطلق، يذكر فيه ما جاء عن النبي عليه الصلاة والسلام وما زاد فيتخير الإنسان ما شاء.

    (41/19)


    --------------------------------------------------------------------------------

    توجيه لمن يجلس في مجالس فيها منكرات


    السؤال
    فضيلة الشيخ أنا شاب ملتزم وأجلس في هذه الليالي المباركة في استراحة مع بعض الشباب، لكن قد يأتي من يدخن وقد يأتي من يشرب الشيشة، فماذا أصنع في هذه الحالة؟

    الجواب
    قال النبي صلوات الله وسلامه عليه: (من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه) فإذا حضر إلى مجالسكم حاضر وشرب الدخان فانصحه أولاً، فإن انتهى فهذا خير لك وله، وإن لم ينته وأنت قادر على إخراجه من المكان فأخرجه لأنك تقدر على تغيير المنكر بيدك، وإن لم تقدر بأن كان المكان لغيرك فاخرج؛ لأنك لم تستطع بلسانك ولا تستطيع بفعلك، ما الذي بقي؟ القلب، القلب لا يمكن أن ينكر شيئاً ويبقى مع صاحبه أبداً، فاخرج، قال بعض الناس: إنه يجلس معهم وهو كاره بقلبه.
    نقول: سبحان الله العظيم! هذا تناقض، لو كنت كارهاً بقلبك فمن الذي أجبرك؟ لا يوجد إجبار، فكل إنسان ينكر الشيء بقلبه فلا بد أن يفارق مكانه، وإن ادعى أنه منكر بقلبه وهو باق في مكانه فهو كاذب.
    فنقول: إذا كنت منكراً بقلبك فاخرج، وهكذا في جميع المحرمات، إذا لم تستطع تغييرها فاخرج.

    (41/20)


    --------------------------------------------------------------------------------

    بيان متى ينتهي الاعتكاف


    السؤال
    فضيلة الشيخ هل ينقطع الاعتكاف إذا رأى الإنسان علامات ليلة القدر؛ كأن يراها مثلاً في ليلة خمس وعشرين فهل يقطع اعتكافه؟

    الجواب
    ما شاء الله! سؤال لا بأس به، لا ينقطع الاعتكاف، فالاعتكاف مسنون في العشر الأواخر كلها، حتى لو رأى ليلة القدر، أليس النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قد علم أن ليلة القدر ليلة واحد وعشرين واستمر في اعتكافه؟ بلى، وهو عالم بها، وأنها قد مضت، ومع ذلك اعتكف العشر الأواخر، فنقول: ربما يكون اعتكافك بعد أن رأيتها بمنزلة الراتبة للفريضة، يعني: أنه يكمل أجر الليلة، هل منا من يتأكد أنه أعطى ليلة القدر حقها؟ أبداً، كلنا مقصرون نسأل الله أن يعاملنا بعفوه.
    إذاً اعتكافك فيما بقي بعد رؤيتك ليلة القدر -هذا إن صح أنك رأيتها حقاً وأنها هي حقاً- يكون بمنزلة الراتبة للصلاة ويكمل بها الأجر، فأنت وإن رأيتها اعتكف.
    لكن متى تخرج؟ تخرج إذا غابت الشمس آخر يوم من رمضان، إن كمل الشهر ثلاثين، متى تخرج؟ بعد الغروب ليلة واحد وثلاثين، وإن ثبت الشهر أنه تسع وعشرون فمتى ثبت فاخرج.
    فلو قدرنا أن رجلاً معتكفاً وبعد العشاء من ليلة الثلاثين أعلن عن أول الشهر، فقال: ما أشد اشتياقي إلى أهلي! فهل يصبر حتى يصلي العيد أو يذهب؟ يذهب، فقد انتهى وقت الاعتكاف، فقد كان النبي عليه الصلاة والسلام لا يعتكف إلا في العشر الأواخر، والعشر الأواخر انتهت.
    وهناك سؤال يسأل عنه كثيراً في المسجد الحرام، تجد الرجل -مثلاً- من أهل جدة، أو من أهل الطائف، ويحب أن يبقى ليلة العيد في أهله فيقول له بعض الناس: اصبر حتى يطلع علينا ونصلي العيد من أين أتاهم هذا؟ متى ينتهي الاعتكاف؟ الجواب: إذا غربت شمس آخر يوم من رمضان انتهى الاعتكاف.
    والله الموفق.

    (41/21)


    --------------------------------------------------------------------------------

    بيان الأفضل من طلب العلم أو العبادة وكذلك الحفظ أو التلاوة


    السؤال
    فضيلة الشيخ ما رأيك في الأولى: طلب العلم أو العبادة، وكذلك الحفظ أو التلاوة؟

    الجواب
    طلب العلم أفضل من العبادة، وأقول هذا تبعاً لقول السائل، وإلا فإن طلب العلم عبادة ومن أفضل العبادات، حتى قال إمام أهل السنة أحمد بن حنبل رحمه الله وجمعنا به في جنته: العلم لا يعدله شيء لمن صحت نيته.
    فهو أفضل من السنن الراتبة، وأفضل من الوتر، وأفضل من قيام الليل، قال الإمام أحمد: تذاكر ليلة -يعني في طلب العلم- أحب إلي من إحيائها.
    فطلب العلم نفسه عبادة، فقولنا: الأفضل العبادة أو طلب العلم غير صحيح؛ لأن طلب العلم عبادة، صحيح أنه يراد بمثل هذا السؤال طلب العلم والعبادة القاصرة كالصلاة والقراءة فنقول: طلب العلم أفضل، بل إن طلب العلم أفضل من قتال العدو في من ليس أهلاً للقتال، بل إن بعض العلماء المعاصرين يفضله مطلقاً بحجة أن القتال اليوم ليس تحت راية إسلامية، بمعنى: ليس هناك إمام يقاتل الكفار، حتى الذين يذهبون من بلاد إلى بلاد أخرى للقتال كثير منهم لا يعتقد أنه تحت راية أهل البلد الذي قدم إليه، بل يشكلون جماعات جماعات وكل شخص يقاتل مع جماعة.
    وعلى كل حال: هذه مسألة ليس هذا المكان موضع بحثها أو التحقيق فيها، فهي تحتاج إلى تأمل كثير، لكن قصدي: أن طلب العلم أفضل من كل عمل غير الفرائض، فالفرائض أمرها مفروغ منه كما قال الله عز وجل في الحديث القدسي: (ما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضته عليه) .
    أما قوله: هل الأفضل الحفظ أو القراءة؟ فهذه تعود إلى نفس الإنسان، إذا كان يمكنه أن يجمع بين الأمرين فهو خير، وإذا كان لا يمكنه فأرى رأياً مني إن كنت أصبت فالحمد لله وإن كنت أخطأت فأسأل الله العفو: أن كونه يتلو القرآن بالمصحف في هذا الشهر المبارك ويختمه أفضل من أن يتحفظه، إلا إذا خاف أنه لو ترك التحفظ والتعاهد نسي ما حفظه أولاً فهنا نقول: تعاهد ما حفظته أولاً.

    (41/22)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم دخول دم اللثة إلى الجوف بدون قصد الصائم


    السؤال
    فضيلة الشيخ يخرج من لثة أسناني دم ويدخل في جوفي بدون شعور مني في نهار رمضان، وخاصة بعد الاستيقاظ من النوم، فهل يفسد صومي دخول هذا الدم إلى جوفي؟

    الجواب
    لا يفسد صومك، ما دام لا يعلم به ودخل بغير اختياره فإنه لا يفسد الصوم لقول الله تبارك وتعالى: {وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ} [الأحزاب:5] لكنني أشير على الأخ السائل من الناحية الطبية أن يراجع أطباء الأسنان واللثة لينظر فيها، وأن يتعهدها بالمعجون والتنظيف الدائم فإنه ينقطع هذا بإذن الله.
    والعجيب أنني سألت مسألة ألقيها عليكم وأنظر ما الجواب: هل يفطر الإنسان ببلع الريق؟ مداخلة: لا يفطر.
    تقول: لا؟ ما هو التفصيل؟ مداخلة: يا شيخ بعضهم يجلب الريق فيتعمد بلعه.
    الشيخ: تقصد: إن جمع ريقه فابتلعه أفطر وإن لم يجمعه فلا يفطر هل هذا هو التفصيل؟ مداخلة: نعم.
    أقول: لا يفطر مطلقاً ولو جمعه وابتلعه، ولكن في ظني أنه لا أحد من الناس يجمع ريقه ويبتلعه، إنما بعض الناس إذا قام يقرأ اجتمع الريق بدون قصد فهذا لا يفطر، والريق دم يفرزه الفم، ليس هو شيء داخل حتى يقول إنه يفطر، بل إن العلماء اختلفوا في النخامة إذا وصلت إلى فمه فابتلعها هل يفطر أو لا، منهم من قال: يفطر؛ لأن النخامة ليست ريقاً معتاداً، ومنهم من قال: لا يفطر.
    هذا إذا وصلت إلى الفم.
    أما النخامة التي تكون من الحلق والحلقوم ولا تصل إلى الفم فهذه لا تفطر بلا إشكال؛ ولهذا نحن ننتقد بعض الناس إذا أحس بنخامة في نخاعه حاول أن يجذبها لتخرج منه.
    فهذا خطأ، دعها تدخل فإنها لا تفسد الصوم.

    (41/23)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم استعمال بخاخ الربو في نهار رمضان


    السؤال
    فضيلة الشيخ ما حكم استعمال بخاخ الربو في نهار رمضان، أسأل الله أن يكتب لك الصحة؟

    الجواب
    بخاخ الربو قسمان: شيء (كلبسات) يعني: حبوب فهو يضغط على شيء يسمونه مسدس ثم تدخل الحلق، فهذه تفطر، فإذا كان الإنسان محتاج إليها يفطر والحمد لله الأمر واسع ويقضي.
    والشيء الآخر: وليس هو إلا هواء -أكسجين- وهذا لا يفطر؛ لأنه لا يصل إلى المعدة وإنما يفتح مسام العروق للتنفس فقط، فهذا لا يضر.

    (41/24)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم الصلاة لمن لديه رعاف دائم


    السؤال
    يقول: والدي لديه رعاف في أنفه ومنديله في يده يستمر معه الرعاف، فماذا يفعل في أثناء الصلاة، هل عليه شيء لو صلى وعليه رعاف؟

    الجواب
    الذي أفهم من السؤال أنه دائم.
    السائل نفسه: نعم.
    الشيخ: ليس عليه شيء في هذا الرعاف، وكما قال: يأخذ منديلاً وينظف بها أنفه، لكن لو حدث له في أثناء الصلاة هل ينصرف من صلاته أو يستمر؟ نقول: إن كان يشغله فلينصرف، وإذا كان لا يشغله في صلاته فليستمر، فإذا كان يشغله فلينصرف؛ لأنه معذور.

    (41/25)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم العادة السرية


    السؤال
    فضيلة الشيخ أرجو توضيح حكم العادة السرية في نهار رمضان؟

    الجواب
    العادة السرية يعني بها: الاستمناء باليد أو بغيرها، وهي حرام سواء في رمضان أو غير رمضان، والدليل على تحريمها قوله تعالى: {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ * فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ} [المعارج:29-31] وقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر وأحسن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم) ووجه الدلالة: أن الرسول عليه الصلاة والسلام، أمر من لم يستطع الزواج أن يصوم، ولم يقل: من لم يستطع فليخرج ماءه بأي وسيلة، ولو كان ذلك جائزاً ما عدل عنه الرسول عليه الصلاة والسلام إلى الصوم؛ لأن الصوم أشق من الاستمناء.
    فعلى كل حال الاستمناء محرم سواء في رمضان أو في غيره، وإذا وقع والإنسان صائم فسد صومه إن أنزل، وإذا كان في رمضان وجب عليه أن يمسك بقية يومه ويقضي يوماً مكانه.
    نسأل الله تعالى أن يهيئ لشبابنا نكاحاً عاجلاً في رخص المهور، وخضوع أولياء الأمور؛ لأن البلاء الآن من أولياء الأمور أحياناً، ومن كثرة المهور أحياناً، وقد قال النبي عليه الصلاة والسلام: (أعظم النكاح بركة أيسره مئونة) وأراد أن يزوج شخصاً على خاتم من حديد، فإذا كان خاتم من حديد يكفي مهراً (وأعظم النكاح بركة أيسره مئونة) فلنسلك هذا المسلك حتى لا يضيع شبابنا من ذكور وإناث.

    (41/26)


    --------------------------------------------------------------------------------

    الطريقة الصحيحة لمن أراد الأجر لوالديه


    السؤال
    فضيلة الشيخ ذكرت أن الصحابة لم يعتمروا في رمضان إلا مرة واحدة، فما الطريقة الصحيحة لمن أراد أن يأخذ عمرة لأحد والديه؟

    الجواب
    الطريق الصحيح: أن يأتي من بلده لوالده أو لأمه من الأصل، لكن مع ذلك أنا أفضل أن يعتمر الإنسان لنفسه وأن يدعو لوالديه في الطواف، وفي السعي، وفي الصلاة، وكلما دعا لنفسه، وليس هناك مانع، وإنما اخترت ذلك؛ لأن هذا هو الذي اختاره النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، فوالله إن خيار الرسول خير لنا من اختيارنا، فقد حدث النبي عليه الصلاة والسلام: (إذا مات العبد انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له) بالله ربكم هل قال: ولد صالح يصوم عنه أو يتصدق عنه أو يحج عنه؟ لا، عدل عن العمل كله، لا تعمل لأمك أو لأبيك قال: أو ولد صالح يدعو له، ولهذا لو سألنا سائل: أيهما أفضل أتصدق عن أبي بمائة ريال أو أدعو له دعوةً تستجاب إن شاء الله؟ الثاني أفضل، وأنت بنفسك محتاج للعمل، والله ليأتين عليك يوم تتمنى أن في صحيفتك تسبيحة أو تحميدة أو تكبيرة أو تهليلة، اجعل العمل لك واسترشد بإرشاد الرسول عليه الصلاة والسلام، واجعل الدعاء لأمك وأبيك، ونحن لا نتكلم بهذا عن فراغ، بل بأيدينا أدلة.
    وإذا كان كذلك فالواجب على طلبة العلم أن ينبهوا العوام، إلى حد أن بعض الناس يقول لي: إذا صنع طبخة جيدة -كبسة على لحم، بخارها ينفخ الرأس- قال: اللهم اجعل ثوابه لأبي وأمي وهو الذي يأكله!! نعم إذا قدموا طعاماً يحبه أبوه أو أمه قال: هذا أبي يحب كذا من الطعام، الله يجعل ثوابه له.
    هل هو الذي يأكله؟! كل هذا من الجهل، لأنه في ظني أن العامة إذا أرشدوا استرشدوا، لكن الغفلة وتتابع الناس على هذه الأمور جعلت كأن هذا هو أفضل شيء.

    (41/27)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم دعاء ختم المصحف


    السؤال
    فضيلة الشيخ سمعنا عنكم فتوى في الختمة، فهل هذا في دعاء الختمة أو في ختم المصحف؟

    الجواب
    من الذي سمع عني؟ السائل: لا أدري والله يا شيخ.
    الشيخ: لأن الواجد المسموع عنه كذب، ماذا سمع؟ السائل: ما أدري يا شيخ.
    الشيخ: السائل موجود؟ غير موجود؛ إذاً يلغى الجواب.
    أنا في الحقيقة أقول: أقوى ما ورد في الختمة ما روي عن أنس بن مالك رضي الله عنه أنه إذا أراد أن يختم القرآن جمع أهله ودعا في بيته، في أهله فقط، وأما في الصلاة فما سمعت بها لا عن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، ولا عن أحد من الصحابة، لكن استحبها بعض العلماء، فالمسألة مسألة خلاف بين الناس، فإذا كان بعض العلماء استحبها، وكان الإمام الذي نحن نصلي وراءه يرى ذلك فلنتبعه، أما كوننا نشذ عن جماعة المسجد أو نتخلف ولا نأتي فهذا خطأ، ما دامت المسألة مسألةً خلافية وأنا حاضر فلا ينبغي أن أشذ عن الناس.
    حتى إن الإمام أحمد رحمه الله مع حرصه على السنة واتباعه لها قال: إن الرجل إذا ائتمَّ بقانت في صلاة الفجر فليتابعه وليؤمن على دعائه.
    صلاة الفجر ليس فيها قنوت عند الإمام أحمد، ولا يسن فيها القنوت، ومع ذلك قال: إذا صليت وراء إمام يقنت فتابعه وأمن على دعائه؛ لئلا تشذ عن الجماعة، فالاجتماع كله خير، وليت أن شبابنا راعوا هذه المسألة -أعني مسألة الاجتماع- ونبذوا ما يوجب اختلاف القلوب وراء ظهورهم، ولو أنهم فعلوا ذلك لكان خيراً كثيراً، لكن صار الكثير من الشباب ينحو منحى لا ينحاه أخوه فيعاديه من أجل ذلك، ويتكلم فيه في المجالس، ويحذر عنه، وهذا خطأ عظيم، سبحان الله!! أهل الخير، والذين يريدون الخير والذين لهم اتجاه صحيح هم الذين يتنابزون بالألقاب، هم الذين يتفرقون، وأهل الشر كلمتهم واحدة، أليس هذا عاراً على أهل الخير؟

    (41/28)


    --------------------------------------------------------------------------------

    توجيه لمن تُحضر طفلها إلى المصلى


    السؤال
    فضيلة الشيخ في مصلى النساء يحدث بعض الأمور منها: أن بعض النساء ربما أحضرت أولادها معها، فمن شدة خوفها عليهم ربما تتبعهم النظر، وقد يؤدي ذلك إلى الالتفات الشديد وقد تخرج من الصلاة وهي في الركعة الثانية -مثلاً- فتذهب لتحضر الولد، فما رأيك فضيلتكم في مثل هذا؟

    الجواب
    الأولاد إذا كانوا يؤذون المصلين بالركض والمضاربة والصياح ورفع الصوت، فإن الذي يحضرهم أخشى أن يكون عليه إثم بسبب أنه شوش على المصلين وأزعجهم، وبقاء المرأة عند أطفالها في بيتها خير لها من مجيئها إلى المسجد مع هذه الأذية.
    أما إذا كان من عادة الصبي أنه هادئ متأدب فلا بأس بإحضاره ولا حرج، فإن بدر منه بادرة فإن وليه هو الذي يتولى أمره ويسكته ويسكنه.

    (41/29)


    --------------------------------------------------------------------------------

    المكان الذي ينظر إليه في القنوت


    السؤال
    في دعاء القنوت يرفع المأموم يديه فأين يكون نظره، هل يرفع نظره إلى فوق، أم يجعل نظره إلى موضع سجوده؟

    الجواب
    أما رفع بصره إلى السماء فهذا لا يجوز؛ لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم نهى المصلي أن يرفع بصره إلى السماء، واشتد قوله بذلك حتى قال: (لينتهين أقوام عن ذلك أو لتخطفن أبصارهم) عقوبةً لهم، ولا شك أن رفع الإنسان بصره إلى السماء في الصلاة ينافي الأدب مع الله، فكن خاضعاً.
    أما أين ينظر إذا رفع يديه إلى الدعاء فإنه ينظر تلقاء وجهه -يعني: أمامه- ولا يرفع بصره ولا يمكن أن ينزله؛ لأن يديه تحول بينه وبين النظر إلى موضع سجوده.

    (41/30)


    --------------------------------------------------------------------------------

    مسألة من دعا زوجته إلى فراشه وهي صائمة القضاء بإذنه


    السؤال
    أنا صائمة قضاء رمضان؛ فدعاني زوجي إلى فراشه مع أني قد استأذنته قبل الصيام ولكنه أصر عليَّ، فهل علي كفارة؟

    الجواب
    الكفارة لا تجب إلا على من جامع في نهار رمضان وهو ممن يجب عليه الصوم، فالقضاء ليس فيه كفارة، لكنه لا يجوز لها أن تجيب زوجها إذا كانت شرعت في القضاء بإذنه، لأنها لما شرعت بالقضاء صار الصوم واجباً، وهو واجب قد أذن فيه الزوج، فليس له حجة، والزوج يحرم عليه أن يدعوها إلى الفراش وهي صائمة صوماً واجباً بإذنه؛ لأنه لا عذر له.
    كذلك إذا كان زوجها أجبرها على أن يجامعها ولم تستطع دفعه فإن صومها لا يفسد.
    أما لو صامت بلا إذنه فنعم، له أنه يدعوها، وليس لها أن تمتنع منه؛ لأن حق الزوج في هذا الحال باق.

    (41/31)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم من سلم بعد ركعة واحدة في التراويح سهواً


    السؤال
    لو أن إماماً في صلاة التراويح سلم من ركعة واحدة سهواً فماذا يفعل، هل يجعلها وتراً أو ماذا يفعل علماً أن المأمومين لم ينبهوه حتى سلم؟

    الجواب
    إذا سلم الإمام من الركعة الأولى ثم ذكره المأمومون وجب عليه أن يقوم ويكمل بركعة، ويسجد للسهو بعد السلام، ولا يجوز أن يجعلها وتراً، لأنه لم ينو الوتر من أوله، لكن على العكس من ذلك لو أن الإمام قام في صلاة التراويح إلى ثالثة وذكره الناس أيستمر أو يرجع؟ يجب أن يرجع، فإن استمر بطلت صلاته، فيجب أن يرجع ويتشهد ويسلم، ثم يسجد سجدتين بعد السلام ويسلم.

    (41/32)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم من حضر لصلاة الجنازة وأدركهم في الفريضة


    السؤال
    فضيلة الشيخ رجل صلى في مسجده ثم ذهب إلى مسجد آخر لكي يصلي فيه على جنازة فوجدهم يصلون الفريضة فدخل معهم بنية النفل حيث أدرك معهم ركعتين وسلم فما الحكم؟

    الجواب
    الظاهر إن شاء الله أنه لا بأس به؛ لأنه إنما حضر من أجل الصلاة على الجنازة، والتطوع بركعتين جائز، لكن إذا كان يعرف أنه يمكنه أن يقضي الركعتين فإنه يقضيهما -أعني: الركعتين اللتين فاتتاه- وبهذه المناسبة أود أن أذكّر إخواني الأئمة: أنه إذا كان في المسجد جنازة، وكان بعض الحاضرين يقضي ما فاته، والعدد الذي يقضي ما فاته كثير؛ فإن الأولى أن ينتظر حتى يتم هؤلاء صلاتهم من أجل أن يشاركوا إخوانهم في الصلاة على الميت.
    أولاً: أنهم ربما حضروا من أجل الصلاة على الميت.
    ثانياً: أن في ذلك تكثيراً للمصلين على الميت.
    ثالثاً: أنه ربما لا يستجاب لأحد من هؤلاء إلا لواحد من هؤلاء الذين يقضون، وما تدري.
    وأما كون بعض الناس الآن من حين يسلم الإمام يأتون بالجنازة ويمكن أن يكون صفين من ستة يقضون، هذا ليس بصحيح، بل انتظر، والعلماء يقولون: يستحب الإسراع، ولا شك في أن الإسراع أفضل، لكن ليس هناك فرق، فالفرق خمس دقائق مثلاً، فما الذي يضر؟!

    (41/33)


    --------------------------------------------------------------------------------

    السبب الذي يقوي محبة الله في قلب العبد


    السؤال
    فضيلة الشيخ ما هي الأسباب التي تقوي محبة الله في قلب العبد، وتقوي للعبد إجلال الله وتعظيمه؟

    الجواب
    السبب الوحيد بيّنه الله عز وجل في قوله: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ} [آل عمران:31] كلما كان الإنسان أشد في اتباع الرسول عليه الصلاة والسلام، كان أشد محبةً لله، وليس الشأن أن تحب الله أنت، بل الشأن أن يحبك الله عز وجل، ولهذا جاء الجواب: {فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ} [آل عمران:31] ولم يقل: فاتبعوني تصدقون في دعواكم، قال: {فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ} [آل عمران:31] .
    فعليك إذا أردت محبة الله بالحرص التام على التمسك بسنة الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم، فستجد محبة الله لك ومحبتك لله، نسأل الله أن يحقق لنا ذلك إنه على كل شيء قدير.
    والحمد لله رب العالمين، وختامه مسك وهو محبة الله، نسأل الله تعالى أن يرزقنا وإياكم حبه، وحب من يحبه، وحب العمل الذي يقربنا إلى حبه إنه جواد كريم.
    المقدم: جزى الله فضيلة الشيخ خير الجزاء، وبارك في عمره، وأثابه على ما سمعنا منه.
    وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله محمد.

    (41/34)


    --------------------------------------------------------------------------------
    وأخيراً أسأل الله عز وجل أن يجعل هذا العمل نافعاً، مباركاً، خالصاً لوجهه الكريم
    وأن ينفعني به في حياتي وبعد مماتي، وأن ينفع به كل من انتهى إليه؛ فإنه خير مسؤول، وأكرم مأمول، وهو حسبنا ونعم الوكيل، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد بن عبد الله وعلى آله وأصحابه ومن تبعه بإحسان إلى يوم الدين.

    حياكم الله بموقع بداية الهداية الخطوة إلى طريق العلم الشرعي الصحيح
    http://www.musacentral.com/

  9. #79
    تاريخ التسجيل
    Mar 2009
    المشاركات
    2,459
    الدين
    الإسلام
    آخر نشاط
    01-11-2023
    على الساعة
    04:37 PM

    افتراضي

    اللقاء الشهري

    اللقاء الشهري [42]
    كثير من الناس بعد رمضان تنقلب حاله رأساً على عقب -والعياذ بالله- فبعد أن كان ذا همه عالية في طاعة الله عز وجل أصبحت همته ضعيفة جداً؛ لهذا السبب كان هذا اللقاء عن تحفيز الهمم للأعمال الصالحة بعد رمضان، وقد ذكر الشيخ -رحمه الله- في هذا اللقاء عدة نقاط تتعلق بهذا الموضوع.

    (42/1)


    --------------------------------------------------------------------------------

    تحفيز الهمم إلى الأعمال الصالحة بعد رمضان
    الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على نبينا محمد خاتم النبيين وإمام المتقين، وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
    أما بعد: فإننا نشكر الله تبارك وتعالى أن من علينا باستكمال شهر صيام رمضان وقيامه، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يتقبل منا جميعاً، وأن يعيده علينا وعلى الأمة الإسلامية وهي أعز ما يكون شأناً وأرفع ما يكون ذكراً.
    ولا شك أن الإنسان في شهر رمضان قد آتاه الله تبارك وتعالى قوة على الطاعات، على الصلاة والذكر وقراءة القرآن والصدقة والصيام وحسن الخلق وغير ذلك مما هو معروف لكثير منا، ولكن هل إذا انقضى رمضان انقضى العمل؟ لا ينقضي العمل أبداً إلا بالموت لقول الله تبارك وتعالى: {فَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} [البقرة:132] فأمر الله تعالى أن نبقى على الإسلام إلى الموت، وقال الله تبارك وتعالى: {وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ} [الحجر:99] قال الحسن البصري رحمه الله: [إن الله لم يجعل لعمل المؤمن أمداً إلا الموت، ثم تلا هذه الآية {وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ} [الحجر:99]] أي: حتى يأتيك الموت.
    والإنسان يعلم أن الزمن يمضي سريعاً ويزول جميعاً، وأنه لن يتقدم إلى الآخرة بالسنة أو بالشهر أو بالأسبوع أو باليوم أو بالساعة بل باللحظة، اللحظة الواحدة كوميض البرق أو كارتداد الطرف تبعدك من الدنيا وتقربك إلى الآخرة، فالعاقل الحازم هو الذي يدين نفسه ويحاسب نفسه ويعمل لما بعد الموت، والعاجز هو الذي أتبع نفسه هواها وتمنى على الله الأماني، فرط في الواجب وقال: إن الله عفو، انتهك المحرم وقال: إن الله غفور، توانى في طاعة الله عز وجل وقال: رحمة الله أوسع من عملي.
    ولا شك أن هذا عجز وضعف في الهمة.

    (42/2)


    --------------------------------------------------------------------------------

    أعمال لا تنقطع بعد رمضان
    الأعمال الصالحة في رمضان: صلاة، قيام، ذكر، قرآن هل هذه الأعمال انقطعت بانتهاء رمضان؟ لا لم تنقطع.

    (42/3)


    --------------------------------------------------------------------------------

    الصيام
    الصيام لم يزل مشروعاً فهناك أيام تصام، ويحصل بصيامها من الثواب والأجر ما يليق بها، فنبدأ أولاً بصيام التابع لرمضان وهي ستة أيام من شوال، هذه الأيام الستة بمنزلة الراتبة التي بعد صلاة الفريضة؛ لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: (من صام رمضان ثم أتبعه بست من شوال كان كصيام الدهر) .
    إذاً الصيام مشروع، صيام ستة أيام من شوال سواء صامها الإنسان متتابعة أو صامها متفرقة فإنه يحصل له الأجر، لكن لا شك أنها إذا كانت متتابعة أنها أفضل.
    هناك -أيضاً- صيام آخر غير ستة أيام من شوال مثل: صيام ثلاثة أيام من كل شهر، فصيام ثلاثة أيام من كل شهر صوم الدهر كله كما ثبت ذلك عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وكان عليه الصلاة والسلام يصوم ثلاثة أيام من كل شهر لا يبالي أصامها من أول الشهر أو وسطه أو آخره، لكن الأفضل أن تكون في أيام البيض: الثالث عشر والرابع عشر، والخامس عشر.
    صيام يومي الإثنين والخميس مشروع، كان النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يصوم الإثنين والخميس ويقول: (هما يومان تعرض فيهما الأعمال على الله، فأحب أن يعرض عملي وأنا صائم) .
    صوم تسع ذي الحجة مشروع؛ لأنه داخل في عموم قول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (ما من أيام العمل الصالح فيهن أحب إلى الله من هذه الأيام العشر) والصيام لا شك أنه عمل صالح فيدخل في العموم، وبالأخص يوم عرفة لغير الحاج، فإن صوم يوم عرفة يكفر السنة التي قبله والسنة التي بعده.
    وهناك -أيضاً- صيام عاشوراء -العاشر من شهر محرم- مشروع، لكن يصام يوم قبله أو يوم بعده، وأفضل الصيام بعد رمضان صيام شهر الله المحرم.
    هناك صوم أوسع من هذا كله وهو صوم داود عليه الصلاة والسلام، كان يصوم يوماً ويفطر يوماً.
    إذاً لم نعدم -ولله الحمد- مشروعية الصوم، فالصوم مشروع وباقية مشروعيته.

    (42/4)


    --------------------------------------------------------------------------------

    قيام الليل وذكر الله تعالى
    قيام الليل؛ هل انتهى بانتهاء رمضان؟ لا.
    قيام الليل مشروع كل ليلة لقول الله تبارك وتعالى لنبيه صلى الله عليه وعلى آله وسلم: {وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَاماً مَحْمُوداً} [الإسراء:79] ولقول الله تعالى في وصف المتقين الذين هم أهل الجنة -جعلني الله وإياكم منهم- قال: {كَانُوا قَلِيلاً مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ} [الذاريات:17] وقال تعالى: {تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ * فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ} [السجدة:16-17] وقال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (ينزل ربنا إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر فيقول: من يدعوني فأستجيب له، من يسألني فأعطيه، من يستغفرني فأغفر له) كل ليلة، ولهذا ينبغي للإنسان أن يجعل له نصيباً من آخر الليل ولو كان قليلاً، ولا يحقرن شيئاً، فقد قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (أحب الأعمال إلى الله أدومه وإن قل) لو تجعل لك نصف ساعة من آخر الليل تقوم فيها، تصلي ما شاء الله، وتختم الصلاة بالوتر لكان في هذا خير كثير، وكنت من القائمين بالأسحار، المستغفرين بالأسحار، فلا تحرم نفسك الأجر، قدم النوم نصف ساعة لتستيقظ قبل الفجر بنصف ساعة.
    الأذكار، قراءة القرآن ما زالت مشروعة -ولله الحمد- قراءة القرآن مشروعة كل وقت (من قرأ القرآن فله بكل حرف عشر حسنات) الذكر مشروع: (من قال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير في اليوم مائة مرة فإنها تكون حرزاً له من الشيطان) ، (ومن قال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير عشر مرات كان كمن أعتق أربعة أنفس من بني إسماعيل) (ومن قال: سبحان الله وبحمده مائة مرة غفرت خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر) ومن قال سبحان الله وبحمده فقد نال ما أخبر به النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم حول هذه الكلمة حيث قال: (كلمتان خفيفتان على اللسان، حبيبتان إلى الرحمن، ثقيلتان في الميزان: سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم) .

    (42/5)


    --------------------------------------------------------------------------------

    النفقات والصدقات
    وأبواب الخير كثيرة: النفقات، والصدقات في كل وقت، حتى ما تأتي به من الطعام لأهلك من الخبز، واللحم، والرز، والفواكه، والبطيخ فإنه صدقة، قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لـ سعد بن أبي وقاص: (واعلم أنك لم تنفق نفقة تبتغي بها وجه الله إلا أجرت عليه -أي: نالك الأجر- حتى ما تجعله في فيّ امرأتك -أي: في فم امرأتك-) فالخير كثير.
    أخبر النبي عليه الصلاة والسلام أنه: (على كل سلامى من الناس صدقة) والسلامى هي: الأعضاء والمفاصل، وفي الإنسان ثلاثمائة وستون مفصلاً، كل مفصل عليه صدقة كل يوم، ولكن: أمر بمعروف صدقة، ونهي عن منكر صدقة، والكلمة الطيبة صدقة، وإماطة الأذى عن الطريق صدقة، تعين الرجل في دابته فتحملها عليها أو ترفع له عليها متاعه صدقة، وكل خطوة تخطوها إلى الصلاة صدقة، وكل تسبيحة صدقة، وكل تهليلة صدقة، وكل تكبيرة صدقة، وكل عمل صالح صدقة نعمة وخير كثير! لكن الكسل، لذلك أحث نفسي وإياكم على العزيمة الصادقة والنشاط في طلب الخير، والإحسان في عبادة الله، والإحسان إلى عباد الله، وأحسنوا إن الله يحب المحسنين، ولا تحقرن شيئاً، إن الله عز وجل إذا تصدق العبد بصدقة تعادل تمرة وهي من كسب طيب فإن الله تعالى يأخذها بيمينه ويربيها له كما يربي الإنسان فَلُوّة -يعني: صغار خيله- حتى تكون مثل الجبل، فالخير واسع -ولله الحمد-.
    دراستنا الآن، دراسة الطالب في المدرسة هل هو من الخير أو لا؟ ما دام يريد به وجه الله فإنه من الخير، وهو يريد به وجه الله، يريد أن يصل إلى العلم، يريد أن يتبوأ مكاناً قيادياً يقود به الأمة في التعليم، في القضاء، في الأمر بالمعروف، في النهي عن المنكر، في التدبير؛ لأننا أصبحنا الآن في وقت لا يمكن أن يكون الإنسان فيه قيادياً حتى يكون معه شهادة، وأنت إذا نويت بهذه الدراسة تحصيل العلم مع الوصول إلى المرتبة القيادية كان في ذلك أجر كثير وخير، ولا ينقص من أجرك شيئاً، فأبواب الخير كثيرة.

    (42/6)


    --------------------------------------------------------------------------------

    شروط وجوب الحج
    اعلم -أخي المسلم- أن من حكمة الله عز وجل أنه لما انقضى موسم الصيام جاء موسم الحج، وليس بينهما فاصل؛ لأنه من حين أن تغرب الشمس آخر يوم من رمضان ينتهي الصيام (ركن من أركان الإسلام) وفي تلك اللحظة يدخل وقت الحج {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ} [البقرة:197] أولها: شوال وآخرها: ذو الحجة، وهذه من حكمة الله ومن رحمة الله، حتى يتقلب الإنسان دائماً في طاعة الله عز وجل؛ ولهذا كان الناس في الزمن الأول يشدون الرحال من الآن -أي: من شوال- ولذلك نجد المؤلفين الذين ألفوا في وظائف العام نجدهم يتكلمون عن الحج وشروط الحج من شوال؛ لأنه في ذلك الوقت كان الناس يحجون على الإبل أو على الأقدام: {وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالاً} [الحج:27] أي: على أرجلهم {وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ} [الحج:27] أي: ويأتون على كل ضامر من الإبل: {يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ} [الحج:27] .
    فالآن ونحن في استقبال الحج يجب أن نعرف شيئاً من شروط وجوبه، من شروط الوجوب في الحج وهو من أهمها: أن يكون الإنسان مستطيعاً، أي: عنده قدرة مالية وقدرة بدنية، فإن كان عاجزاً لم يجب عليه الحج، ودليل ذلك قوله تعالى: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً} [آل عمران:97] فإذا قدَّرنا أن شخصاً عنده وظيفة قدرها خمسة آلاف ريال لكنها لا تزيد عن كفايته وكفاية عياله، فهل يلزمه الحج؟ لا.
    لا يلزمه الحج ولو كان راتبه مرتفعاً ما دام هذا الراتب لا يزيد عن كفايته وعائلته فإنه لا حج عليه.
    كذلك لو فرضنا أن شخصاً يملك عشرة آلاف ريال لكن عليه دين قدره عشرة آلاف ريال فهل يلزمه الحج؟ لا، لا يلزمه، يوفي الدين أولاً ثم إن بقي شيء حج به وإلا فلا يأثم، فليس عليه شيء، ومثل هذا الرجل يلقى الله عز وجل غير ناقص الإسلام، إسلامه متكامل ما فيه نقص، لماذا؟ لأنه لم يستطع، كالفقير الذي ليس عنده مال هل تجب عليه الزكاة؟ لا.
    وإذا لم يزك هل نقول: إن إيمانه ناقص أو إسلامه ناقص؟ لا، ولهذا نحن نُطَمْئِنُ إخواننا الذين لا يستطيعون أن يحجوا أنه لا نقص عليهم في ذلك؛ لأن ربهم عز وجل الذي بيده الأمور وهو الحاكم بين عباده لم يوجب الحج على الناس إلا إذا استطاعوا إليه سبيلاً؛ فلا ينبغي أن يقلقوا، بعض الناس تجده قلقاً ربما يستدين بقرض أو غيره ليحج.
    نقول: هذا غلط، لا ينبغي أبداً، ما دام الله قد وسع عليك فوسع على نفسك، أنت إذا استقرضت من شخص وحججت بقيت ذمتك مشغولة بهذا القرض الذي استقرضته وهو حق آدمي، لكن إذا لم تستقرض ولم تحج هل تبقى ذمتك مشغولة؟ لا، لأن الحج لم يجب عليك حينئذ.
    كذلك -أيضاً- بالنسبة للنساء، إذا لم يكن للمرأة محرم، قالت -مثلاً- لأخيها: حج بي وأنا أعطيك النفقة، قال: لا.
    وقالت لجميع محارمها فأبوا فلا تقلق ولا تضجر؛ لأنها لا حج عليها، لماذا؟ لعدم الاستطاعة، فإذا قال إنسان: هي مستطيعة، بدنها قوي، ومالها كثير، قلنا: نعم.
    هذه استطاعة حسية؛ لكنها غير مستطيعة شرعاً، إذ أنها ممنوعة شرعاً من أن تحج بدون محرم، إذا أراد الله عليها أن تموت قبل أن تحج وهي لم تجد محرماً فهل تلقى ربها وهي ناقصة الإسلام؟ لا، لأنها لا تستطيع، لو عصت الله وذهبت بدون محرم لكانت عاصية، لكن لو بقيت في بلدها وهي غير قادرة على المحرم لم تكن عاصية وتلقى ربها وليس في دينها نقص.
    ولكن في هذا الحال: لو أراد ورثتها أن يحجوا عنها من مالها الذي خلفته فهل يثابون على ذلك أو لا؟

    الجواب
    نعم، يثابون على ذلك، يعني: لو أن ورثتها ورثوا منها مالاً كثيراً وهي لم تحج؛ لأنه لا محرم لها، فأراد أحدهم أن يتبرع لها بحج من مالها، واتفق الورثة المرشدون على ذلك فلا حرج، وهو من الخير.
    ثم إنه ينبغي لمن أراد الحج أن يختار الرفقة الصالحة العالمة، لا يكفي مجرد الصلاح، بل لا بد من علم؛ لأن مسائل الحج من أكثر ما يكون إشكالاً، يتحير فيها أحياناً العلماء الكبار، لهذا إذا أردت أن تسافر إلى الحج فكن مع رفقة أهل صلاح وأهل علم، أهل الصلاح يعينونك على العبادة وعلى فعل الخير، وأهل العلم يرشدونك ويدلونك على اتباع الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
    ولتحرص على أن يكون معك من المال ما يزيد عن كفايتك؛ لأنه ربما يطرأ في أثناء السفر أمور تحتاج إلى مال، فمثلاً: إذا قدرت أنه يكفيك خمسة آلاف وقد أغناك الله فخذ عشرة، فربما تحتاج أنت أو يحتاج رفيقك، لو حصل -مثلاً- على الراحلة حاجة وليس معك مال تعطلت، لكن لو كان معك مال أمكنك أن تدفع ما تحتاج إليه وتمضي في سبيلك.
    ونقتصر على هذا؛ لأنه جاء وقت الأسئلة، ونسأل الله تعالى أن يرزقنا وإياكم العلم النافع والعمل الصالح إنه على كل شيء قدير.

    (42/7)


    --------------------------------------------------------------------------------

    الأسئلة

    (42/8)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم إخراج الفدية قبل رمضان سواء كانت نقوداً أو طعاماً


    السؤال
    فضيلة الشيخ شخص لا يستطيع الصيام وهو مريض مرضاً لا يرجى برؤه، وفي هذا الآن أخرج الفدية نقوداً قبل شهر رمضان، فهل عمله صحيح؟ فإن كان غير صحيح فماذا عليه الآن؟

    الجواب
    ما أخرجه من الدراهم قبل رمضان فهو صدقة يثاب عليها إن شاء الله؛ لكنه لا يجزئ عن الصيام لسببين: السبب الأول: أنه لم يحن وقت الصيام.
    والسبب الثاني: أنه أخرجها دراهم، والواجب أن تكون فدية طعام مسكين كما قال الله عز وجل: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ} [البقرة:184] .
    فنقول للأخ الذي أخرج الدراهم قبل دخول رمضان نقول: هي صدقة، وأطعم الآن تسعة وعشرين مسكيناً، إما أن تجمعهم على غداء أو عشاء ولو متفرقين مثلاً، لو صنعت طعاماً؛ غداءً أو عشاءً لخمسة، وفي اليوم الثاني خمسة، وفي اليوم الثالث حتى تكمل فلا بأس، وإلا فأعطهم شيئاً غير طعام كالحبوب، ومقداره لكل مسكين تقريباً كيلو من الرز، وبذلك تبرأ الذمة.

    (42/9)


    --------------------------------------------------------------------------------

    جواز صيام أيام القضاء وجواز إفراد يوم الجمعة بصيام


    السؤال
    فضيلة الشيخ رجل عنده فشل كلوي، وهو يرى أنه يستطيع أن يقضي ما عليه من صوم رمضان، لكنه لا يستطيع أن يصوم في الأسبوع إلا في يوم واحد وهو يوم الجمعة من كل أسبوع حيث أنه اليوم الوحيد الذي لا ينشغل فيه، ففي الخميس يغسل وبقية الأسبوع يدرس، ولا يتمكن من الصوم إلا في يوم الجمعة فهل له أن يصومه مفرداً له أم يبقى حتى الإجازة الصيفية فيصوم؟

    الجواب
    الذي أرى: أنه يبقى إلى الإجازة الصيفية؛ لأن قضاء رمضان موسع، للإنسان أن يؤخره إلى أن يبقى من شعبان مقدار ما عليه من الصوم، وأما صومه يوم الجمعة فجائز إذا كان لسبب، وأما إذا لم يكن لسبب فإنه يكره أن يفرده؛ لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم دخل على إحدى نسائه وهي صائمة يوم الجمعة فقال: (أصمت أمس؟ قالت: لا.
    قال: أتصومين غداً؟ قالت: لا.
    قال: فأفطري) فأمرها أن تفطر لئلا تفرد يوم الجمعة.
    وكذلك نهى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أن يخصص يوم الجمعة بصيام أو ليلة الجمعة بقيام.
    لكن لو فرضنا أن الإنسان احتاج إلى صوم ذلك اليوم، أو صام يوم الجمعة لا لأنه يوم الجمعة ولكن لأنه وافق يوم عرفة أو يوم عاشوراء فلا حرج عليه؛ لأنه لم يصم الجمعة لأنها جمعة ولكن لأنها يوم عرفة أو لأنها يوم عاشوراء أو ما أشبه ذلك.

    (42/10)


    --------------------------------------------------------------------------------

    الرد على من يقول: إن صيام ست من شوال ليس بسنة


    السؤال
    فضيلة الشيخ هل صوم ست من شوال سنة مؤكدة أم لا؟ لأني سمعت من بعض الإخوة أنهم قالوا: ليس بسنة ولا هي مؤكدة، إنما المؤكد أيام البيض، والخميس والإثنين، أما الست من شوال فلم ترد إلا عند مسلم ولم يذكرها أحد، فما قولك وفقك الله؟

    الجواب
    قولنا إنها سنة حث عليها النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم؛ حيث قال: (من صام رمضان ثم أتبعه ستاً من شوال كان كصيام الدهر) وإذا كان مسلم قد انفرد به فرضاً -يعني: لو فرضنا أنه انفرد بها- فـ صحيح مسلم مقبول عند العلماء، وليس هذا الحديث فيه أي منافاة للأحاديث الأخرى، وكون بعض الناس لا يرى أنه مستحب لا يعني أنه غير متسحب عند الله.
    فالصواب: أنه من الأمور المطلوبة المسنونة التي حث عليها النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ورغب فيها، لكن كون الإنسان يعتقد أنها فرض بحيث إنه إذا صامها في عام رأى أنه لزاماً عليه أن يصومها كل سنة فليس كذلك، هي سنة، من صامها حصل الأجر ومن لم يصمها فليس عليه وزر.

    (42/11)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم صيام الستة الأيام من شوال بنية القضاء عن رمضان


    السؤال
    امرأة قضت أياماً من رمضان في شهر شوال، ونوت صيام قضاء أيام من رمضان مع صيام ست من شوال فهل صيامها صحيح على هذا النحو؟

    الجواب
    يعني: كأنها نوت اليوم عن القضاء والتطوع، وهذا لا يصح، ويكون صومها قضاءً فقط؛ لأن صيام ست أيام من شوال إنما يكون بعد انقضاء أيام رمضان.

    (42/12)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم السفر إلى المدينة بنية الزيارة ثم الإحرام من ذي الحليفة


    السؤال
    شيخنا الفاضل أحبك في الله وأسأل الله أن يظلك تحت عرشه العظيم -آمين ومن سمع- يقول: جاء والدي لأداء العمرة من مصر عن طريق البحر ماراً بـ جدة، ولم يحرم وذهب إلى المدينة للزيارة، ثم أحرم من الميقات وأدى العمرة، فهل عليه شيء؟ وهو الآن يمكث في مكة منتظراً الحج، فهل عليه فدية أم لا؟

    الجواب
    ليس عليه شيء، ما دام الرجل جاء قاصداً المدينة ثم تجاوز الميقات متجهاً إلى المدينة ثم عاد فأحرم من ميقات أهل المدينة من ذي الحليفة فليس عليه شيء، وما دام منتظراً للحج فإنه متمتع، وقد قال الله تعالى: {فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ} [البقرة:196] فعليه الهدي إذا قدر على ذلك، وإن لم يقدر فإنه يصوم ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع، أي: إذا انتهى من أعمال الحج، فله أن يصوم الأيام الثلاثة من الآن مادام يعلم أنه لن يستطيع الهدي فله أن يصومها من الآن، أقصد: يصوم الثلاثة أما السبعة فبعد الفراغ من الحج.

    (42/13)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم زواج أولاد العم إذا لم يُشترط فيه أن يزوج أحدهما ابن الآخر


    السؤال
    فضيلة الشيخ أنا شاب متزوج من ابنة عمي بمهر معين، وعقد ابن عمي على أختي بمهر مختلف عني ولم يدخل بها وذلك بعدي بعدة أشهر، مع العلم أن كلا المرأتين قد وافقتا على الزواج ولم تكونا مكرهتين أبداً، ولقد سألت والدي: هل بينك وبين عمي اشتراط -أي: لا أزوج ابنك ابنتي حتى تزوج ابنتك من ابني- فقال: لا.
    وقال والدي: أنا لم أزوج أختك إلا برضاها ولو رفضت فلن أرغمها، سؤالي يا فضيلة الشيخ: هل هذا النكاح يعتبر شغاراً؟ وإذا كان شغاراً فما الحل مع العلم أن زوجتي حامل الآن؟

    الجواب
    هذا ليس بشغار؛ لأنه لم يشترط فيه أن يزوج أحدهما ابن الآخر، وما دام ليس فيه شرط وإنما وقع اتفاقاً -يعني: مصادفة- فإنه ليس بشغار، على أن من العلماء من يقول: حتى لو وجد الشرط ما دام المهر هو المهر المعتاد، وكل من الزوجين كفؤ للزوجة، وكل من الزوجين راض بذلك فإنه ليس شغاراً؛ لأن الشغار هو ما خلا من المهر وهذا لم يخل من المهر.
    أما المسألة التي ذكرها السائل فلا شك أنها ليست من الشغار، وأن النكاح صحيح، ولا ينبغي أن يقلق من ذلك.

    (42/14)


    --------------------------------------------------------------------------------

    كيفية إخراج زكاة المال إذا كان ديناً ومر عليه أكثر من عام


    السؤال
    شخص تجارته بالتقسيط -أي: تقسيط بالسيارات- والعملاء عنده على نوعين: نوع يسدد بانتظام، ونوع تمر السنوات ولا يسدد، السؤال: كيف يزكي على هذا المال؟ هل ينطبق على النوع الثاني مسألة المعسر والمليء أم أنها عروض تجارة؟ وكيف يزكي على النوع الأول؟ هل الحولان حول واحد أم بماذا؟

    الجواب
    أما الأول: الذي يسدد في وقت حلول الدين؛ فهذا موسر يجب على الإنسان أن يزكي ما في ذمته من الدين مع ماله، وإن شاء قيده فإذا قبض منه الدين زكاه لما مضى.
    وأما الثاني: الذي لا يستطيع الوفاء يحل عليه القسط وليس عنده شيء؛ فهذا معسر لا يجب في دينه زكاة، لكن إذا قبض دينه زكاه لسنة واحدة، ولو كان قد مضى عليه سنوات؛ لأن القاعدة في الديون: الديون على الموسرين تجب زكاتها كل سنة، لكن الدائن مخير بين أن يخرج الزكاة مع ماله أو ينتظر حتى يقبض فيزكي لما مضى.
    أما الثاني وهي الديون على المعسرين: فلا زكاة فيها، لكن إذا قبضها الإنسان زكاها مرة واحدة، فإذا قُدِّر أن شخص له على فقير عشرة آلاف ريال وبقت العشرة عند هذا الفقير عشر سنوات، ولكن الله منَّ عليه فأيسر وأوفى فإنه لا زكاة على صاحب الدين إلا مرة واحدة.

    (42/15)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم من صام ونيته مترددة


    السؤال
    امرأة جاءتها الدورة الشهرية في رمضان، وفي آخر أيام الدورة نامت من الليل وهي ما زالت لم تطهر، ونوت إن طهرت فسوف تصوم، ولم تصح إلا بعد الفجر فنظرت فإذا هي قد طهرت، فهل تكمل الصيام ويكون صحيحاً أم تقضي يوماً مكانه؟

    الجواب
    عليها أن تقضي يوماً مكانه، وذلك لأنها نامت على نية مترددة، لا تدري هل يزول المانع من الصيام -وهو الحيض- أم لا يزول، فعليها الآن أن تقضي بدل ذلك اليوم، وهي إذا كانت ذلك اليوم قد صامت تؤجر على نيتها وأما إبراء الذمة فلا بد من أن تقضي ذلك اليوم.

    (42/16)


    --------------------------------------------------------------------------------

    جواز قراءة القرآن قبل صلاة العيد مع تقديم التكبير


    السؤال
    في يوم العيد وقبل دخول الإمام لصلاة العيد انشغل الناس بعضهم بالتكبير والبعض الآخر بقراءة القرآن، فأنكر بعض الحاضرين على الذين يقرءون القرآن وقالوا: إن الأولى أن تكبروا وتتركوا قراءة القرآن، فأيهما على الصواب؟

    الجواب
    الصواب التكبير، ولكن من قرأ القرآن لا ينكر عليه؛ لأن القرآن ذكر ومن أفضل الأذكار، لكن لما كان التكبير مخصوصاً بهذا الوقت والقرآن في كل وقت؛ صارت المحافظة على التكبير أولى ولكن لا ينكر على الآخر، ولهذا كان الصحابة مع النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم في حجة الوداع منهم من يلبي ومنهم من يكبر ولا ينكر أحد على أحد.

    (42/17)


    --------------------------------------------------------------------------------

    الدَّين يقدم على الحج


    السؤال
    فضيلة الشيخ ما صحة ما ينسب إليكم بأنكم قلتم: بأن الرجل إذا كان عليه دين فاستأذن من صاحب الدين في الحج فلا حرج عليه؟

    الجواب
    لا، هذا غير صحيح، الذي عليه دين يقضي الدين أولاً؛ حتى لو أذن له الدائن أن يحج فإنه لا يجب عليه الحج؛ لأنه إذا أذن له أن يحج هل يسقط الدين؟ لا يسقط، لكن لو كان عليه دين يسير ويعلم أنه إذا جاء الراتب في آخر شهر ذي الحجة فسوف يوفيه فحينئذٍ لا بأس أن يحج؛ لأنه واثق من نفسه، أما الديون الكثيرة فإن الأولى أن يقضيها قبل أن يحج.

    (42/18)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم تحسين الصوت للطالبة في قراءة القرآن أمام المدرس


    السؤال
    سائلة تقول: ما حكم تحسين الصوت في قراءة القرآن للطالبات عند المدرس في الكلية مع أنها غير مطالبة بذلك؟

    الجواب
    لا أرى أن تحسن صوتها؛ لأن الله تعالى يقول: {فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلاً مَعْرُوفاً} [الأحزاب:32] فكون الطالبة تأتي بالقرآن على وجه الغنة وتحسين الصوت يخشى منه الفتنة، ويكفي أن تقرأ القرآن قراءة مرسلة عادية.

    (42/19)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم وضع المرأة للعباءة على الكتف في الصلاة


    السؤال
    سائلة أخرى تقول: فضيلة الشيخ ما حكم الصلاة للمرأة وهي واضعة العباءة على الكتف فقد وصلني عن سماحتكم بإبطال الصلاة في هذه الحالة لأنها تشبه لباس الرجل؟

    الجواب
    الله المستعان! هذه المرأة على عكس ما أشاعته النساء من أننا نقول: لا بأس بلبس العباءة على الكتف ولو كان ذلك في السوق والمتاجر، وكلا الأمرين خطأ، نحن نقول: وضع المرأة عباءتها على الكتفين في الصلاة لا بأس به؛ لأن هذا شيء معتاد عند النساء، وليس من خصائص الرجال حتى نقول: إن هذا من باب التشبه بالرجل.
    وأما لبسها العباءة على الكتفين في الأسواق وبين الناس فلا؛ لأن لبسها العباءة على الكتفين في الأسواق يؤدي إلى بيان حجم كتفيها ورقبتها، وهل هي طويلة أو قصيرة -أعني الرقبة- فيكون في ذلك فتنة، ثم من الذي يأمن إذا رخص للنساء في لبس العباءة على الكتف أن تتطور المسألة ثم تبدأ النساء تخرج إلى الأسواق بالمقطاب -أي: بالقميص بدون عباءة- لأن النساء في الغالب إذا فتح لهن الباب الصغير صار باباً كبيراً، وربما قلعن الباب كله ودخلن من غير أبواب.
    لذلك نقول: وضع العباءة على الكتفين في الصلاة لا بأس به ولا يبطل الصلاة، وأما المشي به في الأسواق فلا؛ لأنه يجر إلى فتنة، وهو ذريعة إلى توسع النساء في اللباس.

    (42/20)


    --------------------------------------------------------------------------------

    لا يجوز التوكيل في الحج لمن يرجى زوال عجزه


    السؤال
    فضيلة الشيخ أخي عزيز عندي في دولة إسلامية، يريد أن يوكلني بالحج وهو قادر على الحج، ولكن دولته لا تسمح له بالذهاب إلى الحج؛ لأنه لم يصل إلى سن الحاج الذي حددته تلك الدولة، فقلت له: سوف أسأل الشيخ عن حكم المسألة ثم أخبرك بذلك، فهل يصح بأن أحج عنه أم ماذا؟

    الجواب
    أخبره بأنه لا يصح أن تحج عنه؛ لأن هذا المانع يرجى زواله، وذلك إذا بلغ السن النظامي عندهم، والعجز إذا كان يرجى زواله فإنه لا يجوز لمن وجب عليه الحج أن ينيب بغيره، ولهذا نقول: إذا جاء وقت الحج والإنسان مريض مرضاً عادياً يرجى أن يشفى منه هل له أن يوكل؟ لا.
    لكن لو كان مرضاً مستمراً لا يرجى الشفاء منه فله أن يوكل، فليخبر صاحبه بأنه لا حج عليه؛ لأنه عاجز، وأنه لا يجوز أن يوكل؛ لأنه يرجى زوال عجزه.
    وأخيراً أسأل الله عز وجل أن يجعل هذا العمل نافعاً، مباركاً، خالصاً لوجهه الكريم
    وأن ينفعني به في حياتي وبعد مماتي، وأن ينفع به كل من انتهى إليه؛ فإنه خير مسؤول، وأكرم مأمول، وهو حسبنا ونعم الوكيل، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد بن عبد الله وعلى آله وأصحابه ومن تبعه بإحسان إلى يوم الدين.

    حياكم الله بموقع بداية الهداية الخطوة إلى طريق العلم الشرعي الصحيح
    http://www.musacentral.com/

  10. #80
    تاريخ التسجيل
    Mar 2009
    المشاركات
    2,459
    الدين
    الإسلام
    آخر نشاط
    01-11-2023
    على الساعة
    04:37 PM

    افتراضي

    الفتور بعد رمضان لا يدل على عدم القبول


    السؤال
    فضيلة الشيخ هل الفتور في عمل الصالحات بعد رمضان دليل على عدم القبول، أنا أحس بفتور وأخشى ألا يكون الله قد تقبل مني؟

    الجواب
    لا.
    ليس دليلاً على أن الله لم يقبل منك، لكنه دليل على ضعف الهمة وعدم الرغبة، ولذلك ينبغي للإنسان أن يصبر نفسه وأن يحملها على العمل الصالح؛ لأن رمضان مدرسة في الواقع، ثلاثون يوماً أو تسعة وعشرون يوماً تمضي وأنت متلبس بالعبادات المتنوعة، لا بد أن يؤثر على قلبك وعلى مسيرك، فاغتنم هذه الفرصة.
    أما أن نقول: إن من عاد إلى المعاصي بعد رمضان، فإنه علامة على عدم القبول.
    فلا نستطيع أن نقول هكذا.

    (42/22)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم لقطة الإبل


    السؤال
    فضيلة الشيخ جاءتني ناقة من البر فدخلت مع إبلي وحاولت طردها عدة مرات ولكن لم أستطع، ولها الآن أربع سنوات قد تركتها مع إبلي تأكل معها وتشرب، وقد أخبرت بها في الأسواق وفي البوادي ولكن لم أعرف صاحبها، أرجو الإفادة عن الحكم عليه؟

    الجواب
    قدر قيمتها كم تكون، أو بعها وتصدق بالثمن أو بالقيمة التي تقدرها على الفقراء بالنية عن صاحبها؛ لأن هذا هو الذي تستطيع.

    (42/23)


    --------------------------------------------------------------------------------

    الواجب على من أفطر عمداً في رمضان ثم تاب


    السؤال
    أفطرت في رمضان متعمداً ثلاثة أيام وقد تزيد، ثم تبت إلى الله والحمد لله، فماذا يجب عليَّ؟

    الجواب
    يجب عليك أن تقضي هذه الأيام التي أفطرتها إذا كنت أفطرتها في أثناء النهار، أما إن كنت تركتها من الأصل ولم تشرع في الصوم فإنها لا تقبل منك ولو قضيتها، ولكن عليك أن تتوب إلى الله وتكثر من الأعمال الصالحة.

    (42/24)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم قضاء الدين من مال الزكاة


    السؤال
    فضيلة الشيخ أنا شاب مقترض من صندوق الراغبين في الزواج مبلغ ثلاثين ألف ريال، ومقترض من بنك التسليف بمبلغ عشرين ألف ريال، وأنا في منزل مستأجر، وراتبي الشهري ألفان وستمائة ريال، فهل يجوز أن آخذ الزكاة وأدفع بها ديني الذي علي؛ مع العلم أني أملك أرضاً تقدر قيمتها بمائة وعشرين ألف ريال، وأنا حالياً في حيرة هل أبيع الأرض التي أود أن أعمر عليها مسكناً لي، أم أسدد الدين الذي علي وآخذ من الزكاة؟

    الجواب
    لا يلزم هذا السائل أن يبيع الأرض التي أعدها ليبني عليها؛ لأن هذه من ضرورياته، وله أن يأخذ من الزكاة مقدار ما عليه من الدين ويقضي بذلك دينه، أما إذا كان عنده بيت ولكن يريد أن يتوسع وقد أعد هذه الأرض لبيت واسع فإنه لا يحل له أن يأخذ من الزكاة، بل الواجب أن يبيع هذه الأرض ويوفي بها دينه، أو يبيع بعضها إذا كان بعضها يفي بالدين.

    (42/25)


    --------------------------------------------------------------------------------

    المشاركة في بناء مسجد كبير أفضل من بناء مسجد صغير


    السؤال
    إذا كان بعض الناس يرغب في بناء مسجد بمبلغ من المال فأيهما أفضل: أن يشارك غيره في بناء مسجد كبير يضمن عدم الحاجة إلى هده وتوسيعه خصوصاً مع تزايد السكان، أم يبني مسجداً صغيراً بدون مشاركة مع أحد؟

    الجواب
    الأفضل الأول؛ لأن المبنى الصغير ربما يكون من حوله قليلين ثم يزيدون وحينئذ يهدم ويعاد مرة ثانية، لكن إذا كان أهل المسجد الصغير مضطرين إليه أكثر من ضرورة أهل المسجد الكبير فهم أولى لدفع ضرورتهم، لكن مع التساوي المشاركة في المسجد الكبير أحسن؛ لأنه أضمن، فصار في المسألة تفصيل: إذا كان أهل المسجد الصغير مضطرين إلى هدمه وبنائه فهو أفضل من المشاركة، وإذا كانوا غير مضطرين أو كانت الضرورة واحدة في هذا وهذا فالمشاركة في الكبير أفضل.

    (42/26)


    --------------------------------------------------------------------------------

    السقط الذي دون أربعة شهور لا يصلى عليه


    السؤال
    أفتى شيخ في منطقتنا بأن السِقط الذي له ثلاثة شهور يغسل ويكفن ويصلى عليه، فهل هو مصيب فيما قال؟

    الجواب
    غير مصيب فيما قال؛ لأن السقط الذي لم تنفخ فيه الروح ليس بإنسان ولا يبعث، وإنما يبعث من نفخت فيه الروح، وهذا لا يتم قبل أربعة أشهر؛ لذلك أرجو من السائل أن يبين لمن أفتاه بأن هذه الفتوى غير صحيحة، وأن السِقط الذي يصلى عليه هو الذي نفخ فيه الروح، وأما قبل ذلك فلا يصلى عليه.

    (42/27)


    --------------------------------------------------------------------------------

    أقوال العلماء في صداق المرأة التي دفعت زكاته ولم يدخل بها


    السؤال
    شخص عقد على امرأة بأربعين ألف ريال سعودي، وحال الحول والصداق عندها، ثم زكته فأخرجت ألف ريال زكاة عليه، ثم طلقها قبل الدخول بها، فهل يرجع الزوج بعشرين ألف ريال كاملة أم يخصم منه نصف الزكاة فتكون الزكاة على الزوج والزوجة، أما ماذا؟

    الجواب
    هذه المسألة فيها خلاف بين أهل العلم، منهم من قال: إن الزكاة على الجميع؛ لأن نصفها ملك لها والنصف الآخر ملك له، ومنهم من قال: إنه على الزوجة فقط؛ لأنها هي التي استقرت عليها الزكاة قبل أن يتنصف المهر، فما دامت استقرت عليها الزكاة قبل أن يتنصف المهر فالزكاة عليها وحدها والزوج يعطى نصف المهر كاملاً.
    ومثل هذه الحال ينبغي للزوجين أن يصطلحا، والزكاة ليست مغرماً فلو خصمت من نصيب الزوج لم يضره شيئاً، يعني: لو خصم من نصيب الزوج مقدار زكاته فقط ومن نصيب الزوجة مقدار زكاتها لكان هذا حسناً.

    (42/28)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم تجسيد القصص النبوي أو القرآني بأفلام كرتونية


    السؤال
    فضيلة الشيخ ما حكم تجسيد القصص النبوي أو القرآني بأفلام كرتونية ربما زيد فيها وغير كقصة الغلام -أعني: غلام الأخدود- أو قصة أصحاب الفيل كما في سورة الفيل، أو قصة الراهب والملك والساحر؟

    الجواب
    أولاً: إن هذه القصص قد لا تكون صحيحة فكيف يبنى على غير صحيح.
    ثانياً: إني أخشى أن يقال لمن جسدها وصورها أين الدليل على أن صورة الغلام على هذا الوجه وصورة الساحر على هذا الوجه؟ أين الدليل على أن أصحاب الأخدود على هذا الوجه والذين فتنوهم على هذا الوجه؟ فليس عنده علم بذلك، والخلق لا يزال ينقص، فقد كان الإنسان كبيراً، خلق آدم طوله في السماء ستون ذراعاً، وورد في أحاديث أخرى أن عرضه سبعة أذرع، وما زال الخلق ينقص حتى وصل إلى ما نحن عليه الآن، ما الذي أدراه أن أصحاب الأخدود على هذا الوجه؟ لذلك أنا أقول: إن الورع عدم تجسيد هذه الأشياء ويكفي أن توصف بالكلام.

    (42/29)


    --------------------------------------------------------------------------------

    نصيحة لصاحب الدش وحكم طلب الزوجة الطلاق منه إذا رفض إزالة الدش


    السؤال
    سائلة تقول: أنا امرأة ملتزمة -ولله الحمد- أريد أن أربي أولادي التربية الإسلامية الصحيحة، وزوجي هداه الله يوجد لديه دش -أعني: القنوات الفضائية وما يعرض فيها مما يستحى من ذكره- وزوجي يسمح لأولادي بمشاهدة هذا الدش حتى إن أولادي تغيرت أخلاقهم، وعندما نصحت زوجي بإخراج الدش من البيت ضربني ضرباً شديداً، وأنا أريد الطلاق منه فما رأيك يا فضيلة الشيخ؟

    الجواب
    أما الزوج فإني أوجه إليه نصيحة وأقول له: اتق الله في نفسك، واتق الله في أهلك، واعلم أنك مسئول عن هذا فقد قال الله عز وجل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً} [التحريم:6] هذا الخطاب الذي حملك الله تعالى أن تقي نفسك وأهلك النار سوف تسأل عنه يوم القيامة.
    ثانياً: قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (الرجل راع في أهله ومسئول عن رعيته) فقد جعلك النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم راعياً على أهلك وحملك المسئولية، فكيف تجلب إليهم هذا الدش الذي لا أحد يشك فيما يعرض فيه من المنكرات العظيمة التي أفسدت العقائد والأفكار والأخلاق والآداب؟ كيف ترضى لنفسك بهذا ولأهلك بهذا.
    ولا شك أن المرأة إذا كان ما ذكرته صحيحاً أنها على صواب، وأن الرجل ليس على صواب، بل إن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: (ما من عبد يسترعيه الله على رعية -أو قال: استرعاه الله على رعية- يموت يوم يموت وهو غاش لرعيته إلا حرم الله عليه الجنة) نسأل الله العافية، ونحن نسأل وننظر هل ينطبق هذا الحديث على هؤلاء القوم.
    أولاً نسأل: هل هذا الرجل استرعاه الله على رعية؟ وهل كونه يجلب هذه الآلة الخبيثة المدمرة للعقيدة والفكر والخلق والعمل؛ هل هو ناصح أو غاش؟ غاش، فإذا مات فإنه يدخل في الحديث، إن النبي عليه الصلاة والسلام جزم وعمم: (ما من عبد استرعاه الله على رعية يموت يوم يموت وهو غاش لرعيته إلا حرم الله عليه الجنة) .
    ولكن يجب أن نعلم أننا نقول بهذا على سبيل العموم لا على سبيل الخصوص بمعنى: أننا لا نشهد لهذا الرجل المعين الذي أتى بالدش ومكن أهله مما فيه لا نقول: هو نفسه لا يدخل الجنة؛ لأننا لا ندري، ربما يتوب، ربما يكون له حسنات عظيمة تمحو هذه السيئات، ربما يعفو الله عنه، لكن على سبيل العموم لا إشكال في أننا نجزم بما قاله الرسول عليه الصلاة والسلام، ويجب علينا أن نجزم بما قال الرسول، ولكن هناك فرق بين التعيين وبين التعميم، لذلك لو مات الإنسان وهو جالب لأهله هذه الآلة الخبيثة فلا يجوز أن نقول لأهله: إن صاحبكم قد حرم الله عليه الجنة لماذا؟ لأننا لا نعين على أحد لا عذاباً ولا نعيماً إلا ما عينه الرسول عليه الصلاة والسلام.
    كما أننا لو رأينا شخصاً جلداً شجاعاً مقداماً يقاتل الأعداء ثم قتل في الصف هل نقول: إنه شهيد؟ لا نقول: إنه شهيد، مع أن فعله ظاهره أنه شهيد، لكن لا نقول: إنه شهيد؛ لأننا لا ندري، والمدار على ما في القلب، ولهذا قال النبي عليه الصلاة والسلام: (ما من مكلوم يكلم في سبيل الله (والله أعلم) بمن يكلم في سبيله إلا جاء يوم القيامة وجرحه يثعب دماً اللون لون الدم والريح ريح المسك) فقال: والله أعلم، نحن لا ندري، ربما يكون عند آخر لحظة حصل له ما يبطل هذا العمل، وقد بوب البخاري رحمه الله في صحيحه على هذا فقال: باب لا يقال فلان شهيد.
    فالخير والشر -يعني: العقوبة والمثوبة- كلها لا نشهد للشخص المعين، لكن نشهد على سبيل العموم، فيجب أن تلاحظوا هذا، ولهذا صدر منا خطبة بينا فيها أن من خلف لأهله هذه الآلة الخبيثة فإنه يُحرَم من دخول الجنة، لكن لا نقول: فلان ابن فلان يحرم ولو خلف لأهله، ولما رأينا بعض الناس استغرق في هذا الشيء، وخفنا أن الناس يُعيّر بعضهم بعضاً، يصير كل واحد يأتي لشخص يكون خلف الدش يقول: أبوك حرام عليه الجنة.
    ويحصل في هذا شيء من الفتنة، قلنا: إن من فعل ذلك فإنه يخشى أن ينطبق عليه الوعيد.
    وهذا ليس تغييراً للفتوى، فمن حيث الحكم ما تغيرت، لكنها تغيرت من ناحية اللفظ خوفاً من أن يتوهم الناس فيها معنى فاسداً.
    وأرى: أن لها أن تطلب الطلاق، ولكن يجب أن تتأمل ماذا يحدث بعد الطلاق وهي لها أولاد، فربما يحصل تفرق الأولاد، وربما يحصل أن الزوج يتسلط على الأولاد ويأخذهم، وتحصل مطالبات ومنازعات، فأرى أن تصبر وتحتسب، وهي إذا حصلت المعصية بدون رضا منها فليس عليها إثم.

    (42/30)


    --------------------------------------------------------------------------------

    جواز فسخ العقد إذا انتقضت الشروط


    السؤال
    فضيلة الشيخ لقد قمت بالحجز والتعاقد مع إحدى الحملات للحج هذا العام، وبعد أن تعاقدنا على أن يكون المبيت داخل منى فإذا بهم يخبرون أن هناك احتمالاً بأن المبيت قد يكون في خارج منى، قد يكون بـ المزدلفة أو بـ العزيزية أو نحو ذلك، فهل هناك حرج أن أسافر مع هذه الحملة، أم يجب علي فسخ العقد والسفر مع حملة أخرى ليس فيها ذلك؟ أرجو الإفادة.


    الجواب
    إذا كان يمكن أن تحصل على حملة قد حجز لها مكان في منى فلا تقم مع هؤلاء، أما إذا كان الناس على حد سواء كل لا يدري قد يحصل له مكان وقد لا يحصل، فما دامت هذه الحملة قد رضيتها ورضيت الرفقاء فيها فكن معهم.

    (42/31)


    --------------------------------------------------------------------------------

    الترتيب يسقط بالنسيان


    السؤال
    لقد صمت رمضان -ولله الحمد- ولكن أفطرت يوماً لسفري، وبعد رمضان شرعت في صيام الست من شوال، وتذكرت بعد مضي ثلاثة أيام أن عليَّ قضاء يوم، فما الحكم وماذا أفعل؟ الشيخ: على كل حال: في مثل هذا الحال إذا شرع إنسان في صيام أيام الست ناسياً أن عليه قضاء؛ فإنه إذا تذكر القضاء يصوم القضاء الذي عليه ثم يكمل أيام الست؛ لأن الترتيب هنا سقط لنسيانه ما عليه، والترتيب يسقط بالنسيان، لكنه إذا كان قد نوى اليوم هذا من الست فلا يجعلها للقضاء؛ لأن القضاء لا بد أن ينويه من قبل الفجر.

    (42/32)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم دخول المسجد لمن أكل ثوماً أو بصلاً


    السؤال
    أنا إمام مسجد دائم، وآكل الثوم ولا أستغني عنه أبداً، علماً أني إذا أكلت الثوم لا أجلس في المسجد أبداً لئلا أضايق الجماعة فإني من باب المسجد إلى المحراب ومن المحراب إلى خارج المسجد، وأؤدي السنة في المنزل، هل يجوز لي ذلك؟ وكيف السبيل إلى طريقة أحسن من هذه؟

    الجواب
    لا يجوز للإنسان إذا أكل بصلاً أو ثوماً وبقيت رائحته أن يدخل المسجد، لا المحراب ولا وسط المسجد، لا إماماً ولا مأموماً ولا منفرداً؛ لقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (من أكل بصلاً أو ثوماً فلا يقربن مساجدنا، فإن الملائكة تتأذى مما يتأذى منه الإنسان) لكن إذا كان لا بد أن يأكل فليستعمل أشياء ذات روائح قوية تضمحل معها رائحة الثوم والبصل، فإذا زالت الرائحة فلا بأس أن يحضر إلى المسجد ويكون إماماً أو مأموماً أو منفرداً، أما ما دامت الرائحة باقية فلا يجوز أن يدخل المسجد.

    (42/33)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم صوم من ترددت نيته فيما يفسد صومه


    السؤال
    شخص كان مريضاً في المستشفى في أيام رمضان وقد تسحر لأجل أن يصوم، ولكن بعدما أكل السحور أتاه القيء فتقيء فتحير هل يصوم أم لا، وتذبذب في نية الصيام وبعد ذلك صام، فما حكم صوم يومه هذا وقد تذبذب في النية في أول يومه أيصوم أم لا؟

    الجواب
    ما دام هذا قد نوى الصوم لكنه تردد هل هذا القيء يفسد الصوم أم لا ثم استمر في عزيمته على الصوم فصومه صحيح؛ لأن هذا تردد في كون هذا الذي وقع مفسداً أو غير مفسد، هو ما تردد في النية لكن شك هل يفسد صيامه بهذا القيء أو لا؟ فنقول: صيامه صحيح، ولا قضاء عليه، ولكن ليعلم أن القيء لا يفسد الصوم إلا إذا تعمده الإنسان، أما إذا لم يتعمد فإنه لا يفسد الصوم بذلك، حتى لو فرض أنه لم يحاول أن يهدئه بل تركه لا جلبه ولا هدأه فخرج فإن صومه صحيح، وعلى هذا فنقول للأخ السائل: إن صومك صحيح ولا قضاء عليك.

    (42/34)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم من مرض طيلة شهر رمضان ولم يقض شيئاً ولم يكفر عنه


    السؤال
    شخص مرض طوال شهر رمضان، ومات وهو في المستشفى ولم يقض شيئاً ولم يكفر عنه فماذا عليه الآن، هل يصام عنه أم يكفر؟ نرجو الإفادة.


    الجواب
    إذا كان هذا المرض الذي أصابه في رمضان مرض مما ييأس الناس من برئه فإن الواجب الإطعام عنه ولا يصام عنه، أما إذا كان مرضاً يرجى برؤه لكنه اشتد به حتى مات فإنه لا قضاء عليه ولا إطعام؛ لأن من أفطر لمرض يرجى برؤه ففرضه الصيام، فإذا استمر به المرض فإنه لا قضاء عليه؛ لأن فرضه أن يصوم إذا قدر، لكن في مثل هذه الحال إذا كان في أول رمضان مرضه يرجى برؤه، وبعد النصف انتقل المرض إلى مرض لا يرجى برؤه ثم مات فهنا نقول: يطعم عن الأيام الأخيرة التي وصل به المرض إلى حد لا يرجى برؤه، أما الأيام الأولى فالفرض فيها القضاء ولم يتمكن منه فتسقط عنه.

    (42/35)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم تأخير الحج مع القدرة


    السؤال
    أنا عمري ثلاثون سنة هل يجوز لي أن أؤخر الحج إلى السنة القادمة وأنا مستطيع الحج الآن؟

    الجواب
    لا يجوز، من وجب عليه الحج وجبت عليه المبادرة؛ لأن الإنسان لا يدري ماذا يعرض له، ربما يفقد هذا المال، ربما يمرض في المستقبل، ربما يموت، فمن وجب عليه الحج وجبت عليه المبادرة ولا يحل له أن يؤخره.

    (42/36)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم أداء النوافل وقت الدوام


    السؤال
    فضيلة الشيخ من المعلوم يا فضيلة الشيخ أن وقت صلاة الضحى يأتي وأنا في وقت عملي وأنا مدرس في الفسحة وفي وقت فراغي، فقال لي أحد الإخوة من المعلمين: لا يجوز لك التنفل في وقت الدوام، وآخر يقول: يجوز لك أن تتنفل أقل ما يمكن بركعتين.
    رغم أني في الفسحة -أي: في وقت فراغي- فما حكم فعلي؟

    الجواب
    لك أن تصلي ما دمت في فسحة، ركعتين أو أربع ركعات أو أكثر؛ لأنك لم تنشغل عن شيء واجب عليك، أما إنسان يريد أن يخرج من الفصل ويصلي الضحى هذا حرام، لكن إنسان ليس عنده درس إما أنه في الفسحة الطويلة أو أنه في حصة لا يدرس فيها فله أن يصلي، وله أن يقرأ القرآن، وله أن يقرأ كتاباً، وله أن يكتب.

    (42/37)


    --------------------------------------------------------------------------------

    صيام الست من شوال متتابعة أفضل من تأخيرها


    السؤال
    بعض الناس يا فضيلة الشيخ يؤخرون صيام ست أيام من شوال إلى أيام البيض أو الإثنين والخميس فأيهما أفضل: التتابع أم تأخيرها؟

    الجواب
    التتابع أفضل؛ لأن هذه تابعة لرمضان كالراتبة تماماً، فكونه يبدأ بها من حين أن يفطر في اليوم الثاني من شوال ويتابع أفضل؛ لا شك في هذا، ثم إنه إذا نوى بهذه الأيام الستة أنها عن أيام البيض كفاه؛ لأنه يصدق عليه أنه صام ثلاثة أيام من كل شهر، ثم إن هذه الأيام سوف يمر عليه فيها يوم الإثنين ويوم الخميس، أو يوم الخميس أو يوم الإثنين لا بد من هذا فيحصل له الأجران جميعاً.

    (42/38)


    --------------------------------------------------------------------------------

    الواجب على من نسي أن يقصر أو يحلق في العمرة


    السؤال
    رجل قام بأداء العمرة ونسي أن يقصر أو يحلق ولبس ثيابه، وذكر وهو في مكة أنه لم يقصر أو لم يحلق وسافر إلى بلده، السؤال: ما حكم عمرته وماذا يفعل؟

    الجواب
    عمرته صحيحه؛ لأنه ما بقي عليه إلا الحلق والتقصير، ولكن من العلماء من يقول: يحلق أو يقصر.
    أي: يخلع ثيابه الآن؛ لأنه يحرم عليه أن يلبس الثياب قبل الحلق والتقصير، فيخلع الثياب ويلبس ثياب الإحرام، ثم يقصر أو يحلق.
    ومنهم من قال: إنه ثبت عليه الدم بمغادرته مكة، ويذبح في مكة فدية توزع على الفقراء.
    وأرى أن الأخير أحسن: أن يذبح فدية في مكة توزع على الفقراء هذا إن كان غنياً أما إذا كان فقيراً فلا شيء عليه.

    (42/39)


    --------------------------------------------------------------------------------

    الواجب على من نسي أن يحرم من الميقات


    السؤال
    شخص لم يعقد نية الإحرام إلا بعد أن تجاوز الميقات بعشرة كيلو -تقريباً- جاهلاً، وكذلك لبس ثوبه قبل أن يحلق شعره ناسياً؟

    الجواب
    أما المسألة الأولى وهو الذي لم يحرم من الميقات جاهلاً فلا إثم عليه، لكن عليه عند العلماء أن يذبح فدية في مكة توزع على الفقراء؛ لأنه ترك واجباً.
    وأما الثانية: وهو كونه لبس قبل أن يقصر ناسياً فلا شيء عليه.

    (42/40)


    --------------------------------------------------------------------------------

    فضائل العشر من ذي الحجة


    السؤال
    ما هي الفضائل في شهر ذي الحجة؟

    الجواب
    شهر ذي الحجة -الظاهر أن المراد العشر- أنه ينبغي للإنسان في هذه العشر أن يكثر من الأعمال الصالحة من الصلاة والصدقة والصيام -أيضاً- لأنه سوف يصوم الأيام التسعة، وكذلك كل عمل صالح، قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (ما من أيام العمل فيهن أحب إلى الله من هذه الأيام العشر، قالوا: ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال: ولا الجهاد في سبيل الله، إلا رجل خرج بنفسه وماله فلم يرجع من ذلك بشيء) .

    (42/41)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم تغيير النية من النفل إلى الفرض


    السؤال
    أحد الإخوة كان عليه يوم من رمضان، فلما انتهى من رمضان نسي أن عليه يوماً واحداً فصام ثاني العيد والنية كانت صيام ست من شوال، فلما كان في وقت العصر تذكر أن عليه يوماً واحداً فرضاً فحول النية من النفل إلى الفرض، ثم أكمل الصوم، السؤال: هل صيامه هذا يحسب له فرضاً؟

    الجواب
    لا يحسب له فرضاً، وهذا تكلمنا عليه قبل قليل وقلنا: إنه لا بد أن يكون الفرض منوياً به قبل طلوع الفجر، فعلى هذا نقول للأخ السائل: يجب عليك الآن أن تقضي اليوم الذي عليك.

    (42/42)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم الصلاة خلف الإمام الذي فيه لكنة


    السؤال
    ما حكم الصلاة خلف إمام فيه لكنة -أي: عقدة في لسانه- فيغير بعض حروف القرآن، فتخرج الكلمة غير صحيحة، مثلاً: "الصراط" تخرج ثاءً بدلاً من الصاد، و"المستقيم" تخرج ثاءً بدلاً من السين.
    وهكذا؟

    الجواب
    نرى أن هذا الإمام لا يحل له أن يكون إماماً للناس؛ لأن هذا التغيير يغير المعنى، فليتخل عن الإمامة ولتكن إلى شخص آخر سليم، لكن لو فرض أن الإنسان دخل معه وهو لا يدري ثم أتم الصلاة وهذا الذي معه يقرأ الفاتحة لنفسه قراءة صحيحة فلا إعادة عليه.

    (42/43)


    --------------------------------------------------------------------------------

    الواجب على من جامع أهله في نهار رمضان


    السؤال
    جامعني زوجي في نهار رمضان في حالة ضعف مني ومنه -غفر الله لنا- فهل يجزئ الآن أن نذبح ذبيحة ونفرقها أو نطعم مائة وستين مسكيناً أم لا يجزئ؟

    الجواب
    الواجب عليه وعلى زوجته أن يعتق كل واحد منهما رقبة، فإن لم يجدا صام كل واحد شهرين متتابعين، فإن لم يستطيعا أطعم كل واحد ستين مسكيناً.

    (42/44)


    --------------------------------------------------------------------------------

    كلمة توجيهية عن مسائل الجماع في نهار رمضان


    السؤال
    هل من توجيه يا شيخ! في مسألة الجماع في نهار رمضان؟

    الجواب
    التوجيه بهذا أن نقول: إن الجماع في نهار رمضان هو أشد ما يكون من المفطرات وأعظمها، والواجب على الإنسان أن يتقي الله عز وجل، وألا يجعل نعم الله عليه معصية، فإن الله لما أنعم عليه بالزوجة فالواجب أن يتمتع بها حيث أباح الله له ذلك، وليصبر، والمسألة ما هي إلا ساعات ثم تغرب الشمس ويحل له أن يأتي أهله، لكن بعض الناس ضعيف الإيمان وضعيف النفس يعجز عن أن يملك نفسه، بل تجده -والعياذ بالله- يملي عليه الشيطان في النهار وتشتد شهوته أكثر من الليل نسأل الله لنا ولهم الهداية.

    (42/45)


    --------------------------------------------------------------------------------
    وأخيراً أسأل الله عز وجل أن يجعل هذا العمل نافعاً، مباركاً، خالصاً لوجهه الكريم
    وأن ينفعني به في حياتي وبعد مماتي، وأن ينفع به كل من انتهى إليه؛ فإنه خير مسؤول، وأكرم مأمول، وهو حسبنا ونعم الوكيل، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد بن عبد الله وعلى آله وأصحابه ومن تبعه بإحسان إلى يوم الدين.

    حياكم الله بموقع بداية الهداية الخطوة إلى طريق العلم الشرعي الصحيح
    http://www.musacentral.com/

صفحة 8 من 10 الأولىالأولى ... 7 8 9 ... الأخيرةالأخيرة

موسوعه فتاوى اللقاء الشهري العلامه ابن عثمين

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

المواضيع المتشابهه

  1. هنا كل كنوز العلامه محمد بن صالح العثيمين
    بواسطة ابو ياسمين دمياطى في المنتدى منتدى الصوتيات والمرئيات
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 28-02-2018, 09:02 PM
  2. هنا كل كنوز العلامه مصطفى العدوي
    بواسطة ابو ياسمين دمياطى في المنتدى منتدى الصوتيات والمرئيات
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 28-02-2018, 05:45 PM
  3. عشر خطط للمحافظة على راتبك الشهري من المصاريف
    بواسطة الزبير بن العوام في المنتدى المنتدى العام
    مشاركات: 13
    آخر مشاركة: 14-05-2014, 11:31 AM
  4. فضل العلم العلامه بن باز مرئى
    بواسطة ابو ياسمين دمياطى في المنتدى منتدى الصوتيات والمرئيات
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 19-04-2011, 02:16 AM
  5. ستيوارت العتيبي و مايكل الشهري وآخرون.. سعوديون يريدون إعلان إسلامهم
    بواسطة نعيم الزايدي في المنتدى منتدى قصص المسلمين الجدد
    مشاركات: 4
    آخر مشاركة: 10-01-2011, 11:08 AM

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  

موسوعه فتاوى اللقاء الشهري العلامه ابن عثمين

موسوعه فتاوى اللقاء الشهري العلامه ابن عثمين