موسوعه فتاوى اللقاء الشهري العلامه ابن عثمين

آخـــر الـــمـــشـــاركــــات


مـواقـع شـقــيـقـة
شبكة الفرقان الإسلامية شبكة سبيل الإسلام شبكة كلمة سواء الدعوية منتديات حراس العقيدة
البشارة الإسلامية منتديات طريق الإيمان منتدى التوحيد مكتبة المهتدون
موقع الشيخ احمد ديدات تليفزيون الحقيقة شبكة برسوميات شبكة المسيح كلمة الله
غرفة الحوار الإسلامي المسيحي مكافح الشبهات شبكة الحقيقة الإسلامية موقع بشارة المسيح
شبكة البهائية فى الميزان شبكة الأحمدية فى الميزان مركز براهين شبكة ضد الإلحاد

يرجى عدم تناول موضوعات سياسية حتى لا تتعرض العضوية للحظر

 

       

         

 

    

 

 

    

 

موسوعه فتاوى اللقاء الشهري العلامه ابن عثمين

صفحة 10 من 10 الأولىالأولى ... 9 10
النتائج 91 إلى 95 من 95

الموضوع: موسوعه فتاوى اللقاء الشهري العلامه ابن عثمين

  1. #91
    تاريخ التسجيل
    Mar 2009
    المشاركات
    2,459
    الدين
    الإسلام
    آخر نشاط
    01-11-2023
    على الساعة
    03:37 PM

    افتراضي

    اللقاء الشهري

    اللقاء الشهري [48]
    كان هذا اللقاء نصيحة موجهة إلى كل أب مهتم بابنه، أن يرعى مصالحه ويقوم على تربيته تربية إيمانية، فهو راع له ومسئول عنه يوم القيامة، وواجب عليه أن يلبي له حاجياته في الدنيا في صغره، وكذا نصيحة لكل مدرس بأن يتقي الله في أبناء الأمة ممن هم تحت يديه، وأن يحسن النية ويتقن العمل.
    ثم أجاب الشيخ رحمه الله عن أسئلة متعلقة بالتربية للأبناء وكذا تعليمهم الخير، وكذا أسئلة متعلقة بالعبادات والمعاملات كما هي العادة في ذلك.

    (48/1)


    --------------------------------------------------------------------------------

    نصائح قبل بداية العام الدراسي
    إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله وأمينه على وحيه، وخيرته من خلقه، فصلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
    أما بعد: فإنه بمناسبة قرب افتتاح المدارس لهذا العام؛ عام ثمانية عشر وأربعمائة وألف أُذكِّر في هذه الليلة الحادي والعشرين من شهر ربيع الثاني عام ثمانية عشر وأربعمائة وألف، أذكر بما ينبغي التذكير به في هذه المناسبة.

    (48/2)


    --------------------------------------------------------------------------------

    نصائح للآباء للاهتمام بالأبناء
    فأولاً: نذكر الآباء بأنه يجب عليهم مراعاة أولادهم الذكور والإناث عند ابتداء الدراسة في تهيئة كل ما يحتاجون إليه من أدوات مكتبية أو غيرها؛ لأن ذلك من الإنفاق عليهم، والإنفاق على الأولاد المعسرين الذين لا يجدون شيئاً واجب كما قال الله تبارك وتعالى: {وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [البقرة:233] ثم قال: {وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ} [البقرة:233] ويعطي كل واحد منهم ما يحتاج إليه سواء كان بقدر ما أعطى الآخر أو أقل أو أكثر، وعلى هذا فمن دراسته متقدمة كالذين في الثانوي أو في المتوسط لا شك أنهم يحتاجون من الأدوات المدرسية أكثر مما يحتاجه من هو دونهم، فيعطي هؤلاء ما يحتاجون وهؤلاء ما يحتاجون.
    كذلك بالنسبة للنساء قد تختلف دروسهن اللاتي تحتاجها المرأة عما يحتاجه الرجل أو الذكر، فيعطي كل إنسان ما يحتاجه.
    ثانياً: على الآباء أن يحرصوا على مراعاة الأولاد؛ لأن الأولاد في ابتداء الدراسة يرون الزمن بعيداً فيهملون في أول السنة ويتكاسلون، ويقول القائل منهم: إذا قرب الاختبار راجعت، وهذا لا شك تفكير خاطئ، لأن الإنسان إذا أخر هضم الدروس إلى آخر الوقت فإنها لا يهضمها، وتكون علوماً سطحية لا يستفيد منها، لكن إذا كرس الجهود من أول السنة صار يتلقى العلوم شيئاً فشيئاً وترسخ في ذهنه، وإذا جاء وقت الامتحان لم يتعب التعب الشديد، أكثر الناس بهذا يهملون أولادهم ولا يبالون بهم، ولا يقول: يا ولدي ماذا صنعت اليوم؟ ولا يا ابنتي ماذا صنعت اليوم؟ هذا غلط؛ لأن الوالد صاحب البيت راع في بيته ومسئول عن رعيته.
    ثالثاً: الأولاد سوف يختلطون بأولاد آخرين، والبنات كذلك تختلط ببنات أخريات، فيجب أن يلاحظ من الذين يصحبون ولده، أهم جلساء صالحون أم بالعكس؟ وذلك لأن الجليس يتأثر من جليسه كما قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (مثل الجليس الصالح كحامل المسك، إما أن يحذيك - بمعنى: يعطيك هدية - وإما أن يبيعك، وإما أن تجد منه رائحة طيبة، ومثل الجليس السوء كنافخ الكير، إما أن يحرق ثيابك، وإما أن تجد منه رائحة كريهة) فعلى الوالد أن يسأل: من أصحاب الولد، أهم من السفهاء أم من الراشدين، فإذا كانوا من السفهاء حجب ولده عنهم بكل ما يستطيع من ترغيب أو ترهيب، وإذا كانوا من الراشدين حثه على ملازمتهم وعلى التخلق بأخلاقهم؛ لأن الجليس له أثر بالغ.
    وكذلك -أيضاً- من الأمور المهمة أن يحرص الأب على متابعة الأولاد في عملهم الصالح: في الصلاة، في الطهارة، في البر، في الصدق حتى يكونوا صالحين، وهم إذا صلحوا فإن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قد قال فيما صح عنه: (إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له) فالولد الصالح ينفعك في الحياة وبعد الممات، وغير الصالح ليس كالصالح في المنفعة لا في الدنيا ولا في الآخرة.
    كذلك -أيضاً-: نوصي إخواننا أن يحرصوا على إلحاق أولادهم بحلقات تحفيظ القرآن في المساجد؛ لأن هذه الحلقات -ولله الحمد- يحصل فيها خير كثير، يحفظ الطالب من الصغر كلام الله عز وجل، ويتأدب بالآداب، ويستغل وقته الذي ليس وقتاً للدراسة النظامية في ما ينفعه في الدين والدنيا، ولا تغتر بما يتوهمه بعض الناس من أن الطالب إذا التحق بهذه الحلقات فإنه تكثر عليه العلوم ويُضيِّع بعضها بعضاً، فإن هذا التوهم من إملاء الشيطان -أعاذنا الله وإياكم منه- ولقد شهد الأساتذة الذين يدرسون في المدارس النظامية بأن الأولاد الذين يلتحقون بحلق القرآن في المساجد أحسن أخلاقاً من الآخرين، وأكثر متابعة للدروس النظامية، ولهذا تجدهم في مقدمة الطلاب، مما يدل على أن هذا الوهم وهم كاذب لا حقيقة له.

    (48/3)


    --------------------------------------------------------------------------------

    نصائح للمدرسين بتقوى الله في تعليمهم
    أما بالنسبة للأساتذة: فإنني أوصيهم أن يتقوا الله عز وجل في أداء المهمة التي من أجلها عينوا في هذه المدرسة أو في هذا المعهد أو في هذه الكلية، وأن يتجنبوا كلام اللغو الذي لا فائدة فيه، بل فيه مضرة، فإن بعض الأساتذة وهم - ولله الحمد قليل - إذا دخل في الدرس صار يتكلم بكلام لغو لا علاقة له فيما قرر عليه، وهذا حرام عليه؛ لأنه قيام بعمل ليس موكولاً إليه في عمل موكول إليه فيغير هذا بهذا.
    وكلامي هذا لا يعني أنه يُمنع الأستاذ من كلمة طيبة -في بعض الأحيان- تكون موجهة للطلبة؛ لأن الأستاذ في الحقيقة يجب أن يكون معلماً مربياً، فإذا قدرنا أنه قد خصص لهذه الساعة أو الحصة قدراً معيناً من المقرر وانتهى قبل انتهاء الحصة فحينئذٍ يجيء دور التوجيه والإرشاد فيوجههم إلى ما فيه الخير في دينهم ودنياهم، ويدع الكلام اللغو الذي لا فائدة فيه.
    وكذلك عليه - أي: على الأستاذ - ألا يفرق بين الشريف والوضيع، والقريب والبعيد، والغني والفقير، يجب أن يكون الطلبة عنده سواء؛ لأن المدرس كالقاضي يجب أن يجعل الناس عنده سواء، لا يقل: هذا قريبي، أو هذا ابن صديقي، أو هذا ابن الأمير، أو هذا ابن الوزير أو هذا ابن الرئيس، يجب أن يكون الكل عنده سواء {مَنْ عَمِلَ صَالِحاً فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا} [فصلت:46] .
    وإني أرشد الأساتذة إلى أمر هام جداً ألا وهو تكوين الشخصية أمام الطلبة، بمعنى: أن يري الأستاذ الطلبة بأنه له السلطة عليهم حتى يهابوه ويحترموه، وليعلم أن الهيبة إنما تكون من أول وهلة، بمعنى: أن الأستاذ إذا ضاعت هيبته في أول الأمر فلن يستطيع ردها في آخر الأمر، لكن إذا أرى الطلبة هيبة من أول أمره هابوه، وصار يتحكم فيهم من جهة حضور القلب في الدرس أو عدم حضوره، ولهذا يبلغنا عن أناس من الأساتذة تهاونوا في أول أمرهم مع الطلبة ثم عجزوا بعد ذلك عن إدراك ما يريدونه من الطلبة، تجد الطلبة يمتهنونهم غاية الامتهان لأنهم لم يروهم هيبةً في أول الأمر، ويقول العوام: (إن الرمح الأول على أول ركزة) إذا كانت الهيبة في قلوب الطلاب من أول الأمر فحينئذٍ يملك الأستاذ الطلاب تماماً.
    وإنني أوصي مدراء المدارس والمسئولين عنها من كتاب أو غيرهم: أن يراقبوا ويتابعوا الدراسة والعمل بين الأساتذة وبين الطلاب، بمعنى ألا يقولوا نحن نعتمد على الأستاذة فقط، فالأستاذ قد يقصر، تجد بعض الأساتذة ربما يتأخر عن حضور الدوام من أوله، أو يتقدم في الخروج أو ما أشبه ذلك، المهم أنه على المدراء -مدراء المدارس والمعاهد والعمداء- أن يتابعوا من تحت أيديهم من أساتذة وطلاب وكتاب وغير ذلك؛ حتى يتعاونوا على البر والتقوى.
    وأما الإهمال وكون المدير يبقى في مكان إدارته ولا يسأل ولا يبحث فهذا فيه قصور، ينبغي للمدير أن يذهب هو بنفسه ويتفقد الفصول والطلاب والأساتذة ومعاملتهم مع طلابهم لا سيما إذا كان الأستاذ جديداً حتى يعرف القصور فيه ويحاول أن يتمم ذلك.
    ثم إني أوصي الطلاب - ولا سيما من تقدموا في العلم - بحسن النية والقصد، بأن ينووا بطلبهم العلم إحياء الشريعة والدفاع عنها، وهداية الخلق، وبيان الحق، حتى يجعل الله في علمهم بركة، وأن يكونوا هم أول من يعمل بعلمهم، حتى لا يكونوا من أول من تسعر بهم النار يوم القيامة، أعاذنا الله وإياكم منها.
    على طلاب العلم أن يحرصوا على تنفيذ ما علموه حتى لا يضيع عليهم الوقت، وهم بذلك سيحصلون على العلم، فإن من تعلم فعمل ورَّثه الله علم ما لم يكن يعلمه، ولهذا قيل في الحكمة: العلم يهتف بالعمل فإن أجاب والا ارتحل، ويدل لهذا قول الله تبارك وتعالى: {وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدىً وَآتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ} [محمد:17] وقال تعالى: {فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَنَسُوا حَظّاً مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ} [المائدة:13] .
    أسأل الله تبارك وتعالى أن يجعل عامنا هذا عام خير وبركة، وعلم نافع وعمل صالح، وأن يجعلنا من دعاة الحق وأنصاره إنه على كل شيء قدير، والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
    نبقى مع أسئلة هذا اللقاء وهو الثامن والأربعون.

    (48/4)


    --------------------------------------------------------------------------------

    الأسئلة

    (48/5)


    --------------------------------------------------------------------------------

    تعلم العلوم الطبيعية بنية خدمة الإسلام


    السؤال
    فضيلة الشيخ: نحن مجموعة من الشباب على عتبة باب الجامعة، وقد سمعنا وقرأنا فتوى فضيلتكم: في أن طلب العلم الشرعي أفضل من طلب غيره من العلوم، وأن صاحب العلم الشرعي هو الذي يحصل له الأجر أكثر من غيره، وهذا يعني أنه سيستحسن كثير من أبناء المسلمين طلب العلم الشرعي وترك غيره من العلوم كدراسة علم الطبيعة، مما يقتضي امتلاك الكفار لزمام الحياة وتقدمهم على المسلمين في شتى المجالات، وهذا جعلنا في حيرة من أمرنا، فسؤالنا يا فضيلة الشيخ: هل إذا توجهنا لدراسة علم الطبيعة بنية خدمة الإسلام فهل نستحق الأجر في الآخرة ونفع العباد كصاحب العلم الشرعي؟ نرجو توجيهنا في ذلك جزاكم الله خير الجزاء، وبارك فيكم وفي علمكم.


    الجواب
    بسم الله الرحمن الرحيم، أقول: إذا قيل هذا أفضل من هذا فليس يعني أن المفضول يترك ويهدر، بل من الناس من يلائمه العلوم الشرعية، ومن الناس من يلائمه العلوم العربية، ومنهم من يلائمه علم الفيزياء، ومنهم من يلائمه علم الطبيعة، ومنهم من يلائمه علم الصناعة، والناس كأصابع اليد كل إصبع يعين الآخر، وبتعاون الأصابع تشتد القبضة على ما في قبضة الإنسان، فإذا قلنا: إن تعلم العلم الشرعي أفضل العلوم فلا يعني ذلك أن العلوم الأخرى ليس فيها فضل، بل فيها فضل، وقد يكون الإنسان بإرادته نفع الإسلام والمسلمين حائزاً على أجر كبير.
    والتفضيل بين العلوم هو تفضيل لذات العلوم بعضها على بعض، أما ما يحتك بها من أمور أخرى فقد يعرض في المفضول ما يجعله أفضل من الفاضل، فمثلاً: علم الطب لا شك أنه علم فيه خير للأمة، فيه إنقاذ لحياة البشر، فيه إعادة لصحة المريض وما أشبه ذلك، علم الصنائع - أيضاً - فيه خير كثير للأمة، يسد العالم حاجة أمته ويعينها على شئون دنياها، فأيهما أفضل وأنفع: أحياناً نقول: هذا أنفع وأحياناً نقول هذا أنفع، حسب ما تقتضيه الحاجة الملحة، والأمة الإسلامية في أوج عزها كانت تملك زمام الأمر كله في العلوم الشرعية والعربية والصناعية والفلكية والطبية وغير ذلك، يعرف هذا من قرأ التاريخ وتأمل حياة الأمة الإسلامية في أوج عزها وكرامتها.

    (48/6)


    --------------------------------------------------------------------------------

    مساعدة الطالب على النجاح بدرجات إضافية


    السؤال
    فضيلة الشيخ: أنا مدرس في مدرسة، وأحياناً يصحح المدرس ورقة طالب من الطلاب فيبقى عليه حتى ينجح -مثلاً- خمس درجات فنجد أن بعض الناس يقول: يجب على المدرس أن يزيده في الدرجات حتى ينجح، وبعضهم يقول: على المدرس ألا يعطي للطالب إلا حقه، فما رأي فضيلتكم حفظكم الله؟

    الجواب
    رأيي أنه يرجع في ذلك إلى النظام، إذا كان يسمح للمصحح أن يزيد في الدرجات هذا العدد الكبير -خمسة- قد تكون خمسة من كم؟ ما ندري، خمسة من مائة، نصف العشر، خمسة من ثلاثين؟ السدس، فهذا يرجع فيه إلى النظام.
    ثم يجب أن ننظر -أيضاً- هل سبب النقص هو أن الطالب فهم السؤال على غير المراد أو أن الطالب فهم السؤال لكن جوابه ناقص، أحياناً يفهم الطالب السؤال على غير مراده فيجيب إجابة تامة على حسب فهم السؤال، ويكون هذا الطالب معلوماً بين الأساتذة بأنه حريص مجتهد محصل فهذا قد يقال: ينبغي أن تشكل له لجنة تنظر في موضوعه، وإلا فالأصل اتباع النظام على كل حال.

    (48/7)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم الكلام في الناس بالجرح والتعديل


    السؤال
    فضيلة الشيخ: أنا أدرس مادة التاريخ، وأحياناً أتكلم عن بعض الشخصيات بالذم والسب، فهل هذا يعتبر من الغيبة؟

    الجواب
    ما زال العلماء رحمهم الله الذين يؤلفون في تراجم الرجال يذكرون الإنسان بما فيه من خير وشر، وما دام المقصود بيان حال هذا الشخص فإنه لا بأس به، لكن هنا مسألة مهمة وهي: ما حصل بين الصحابة رضي الله عنهم من القتال والمنازعة فإنه لا يجوز التحدث فيه، لأن من عقيدة أهل السنة والجماعة الإمساك عما جرى بين الصحابة، كالذي حصل بين علي بن أبي طالب ومعاوية رضي الله عنهما فإنه لا يجوز أن يتعرض لذلك؛ لأن الأمر كما قال عمر بن عبد العزيز رحمه الله: هي دماء طهر الله سيوفنا منها فيجب أن نطهر ألسنتنا منها.
    وإن كان الإنسان إذا قرأ التاريخ تبين له أن علي بن أبي طالب أقرب إلى الصواب من معاوية، لكن كل منهما مجتهد، والمجتهد قد يصيب وقد يخطئ، والمجتهد من هذه الأمة إذا بذل وسعه في الوصول إلى الحق ولكنه لم يصب الحق فإن له أجراً كاملاً كما قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (إذا حكم الحاكم فاجتهد فأصاب فله أجران، وإن أخطأ فله أجر) .
    مثل هذه الأشياء الواقعة بين الصحابة لا ينبغي نشرها إطلاقاً بين الطلاب؛ لأنها قد تجعل في قلب الإنسان حقداً على بعض الصحابة، وهذا أمره خطير جداً، فالصحابة نكن لهم كلهم المحبة، ونرى أن بعضهم أفضل من بعض، وأن بعضهم أصوب من بعض، لكن كلهم من حيث المحبة محبوبون لدينا، لا نقدح في أحد منهم.

    (48/8)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم من أراد بتدريسه الدنيا


    السؤال
    فضيلة الشيخ: إذا قصد مدرس المواد الشرعية طلب المعيشة والرزق، فهل يكون داخلاً في من أراد بعلمه الدنيا؟

    الجواب
    لا شك أن هذه النية نية قاصرة إذا كان دخل من أجل المال، ولكن خير من ذلك أن يدخل بنية طلب العلم والمال سيأتي، لأن المال حاصل على كل حال، والثواب ينقص إذا أراد الإنسان بعمله الدنيا، ولهذا نقول في الجواب عما يورده بعض الإخوة من الإشكال يقول: كل هؤلاء الذين يدرسون في المدارس النظامية كلهم نيتهم باطلة وليس لهم أجر -أعوذ بالله! - هذا خطأ، خطأ عظيم، لأن هؤلاء الدارسين في المدارس النظامية يريدون أن يتوصلوا إلى شهادة تؤهلهم إلى توجيه الأمة، تؤهلهم أن يتبوءوا مقعداً يدرسون فيه، أو مقعداً قيادياً يوجهون فيه من إدارة أو غيرها، وهذه نية صحيحة يثاب عليها العبد.
    ولذلك أقول: ينبغي للذين يدرسون هؤلاء أن يوجهوهم إلى هذه النية: أنهم يريدون بطلب العلم الوصول إلى مراتب لا تحصل لهم إلا إذا حصلوا على الشهادة، وهم يريدون من هذه المراتب أن يتوصلوا إلى نفع الناس بالتدريس والتوجيه والإدارة وغير ذلك، وهذه نية لا شك أنها نية سليمة، وليس من نواها مريداً للدنيا إنما أراد المصلحة العامة.

    (48/9)


    --------------------------------------------------------------------------------

    نصيحة لمن منع أولاده من الدراسة


    السؤال
    ما حكم طلب العلم علماً أن والدي رفض ذهابي للمعاهد بسبب حاجته لي، وأخي مدرس في المنطقة التي فيها والدي؟

    الجواب
    أرى أن الوالد أخطأ في منع ولده من دخول المعاهد؛ لأننا في عصر لا ينتفع به الإنسان ولا ينفع غيره إلا إذا نال الشهادة، فمشورتي لهذا الرجل: أن يدع أولاده يدرسون في ما يناسب حالهم من معاهد أو مدارس أو غير ذلك مما علمه علم نافع، وإذا كان محتاجاً إلى خدمة فبإمكانه إن كان الله قد أغناه أن يستجلب خادماً يكون عنده يقضي حاجته، أما أن يحرم ولده العلم من أجل أنه محتاج إليه فهذا فيه شيء من الضرر على الابن.

    (48/10)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم مس المصحف للأطفال


    السؤال
    فضيلة الشيخ: هل يجب على مدرس القرآن للطلاب الصغار أن يلزمهم بالطهارة قبل مس المصحف في حصة القرآن الكريم إذا كان ذلك قد يؤدي إلى ضياع جزء من وقت الحصة؟

    الجواب
    الصحيح أن الصغار يتساهل فيهم بالنسبة لمسّ المصحف، أولاً: لأنهم غير مكلفين، وثانياً: أن بعضهم قد لا يعرف يتوضأ كالذين في الابتدائي، وثالثاً: أنه ربما تضيع الحصة كما قال السائل، فليحثهم على الوضوء ويقول: لا تأتوا إلا متوضئين، ولكن يسترخي معهم بعض الشيء، وإذا علم أن الطالب استأذن ليتوضأ وأن الطالب بريء ونزيه لا يريد أن يتحيل على الخروج من الفصل فليأذن له.

    (48/11)


    --------------------------------------------------------------------------------

    مفهوم هيبة الطلاب من المدرس


    السؤال
    فضيلة الشيخ: ذكرت وفقك الله هيبة المربي، ولكن بعض المدرسين يفهم أن الهيبة في الشدة والضرب وغيره، فيهابه الطلاب لكن مع الكراهة له فلا يأخذون عنه علماً بسبب كرههم له، فما رأي فضيلتكم وما توجيهكم؟

    الجواب
    أنا قلت: إنه ينبغي للإنسان أن يتخذ لنفسه شخصيةً مهيبة، لا أن يكون شديداً؛ لأن الذي يريد أن يكون مهيباً في الشدة والضرب لا يكون مهيباً، يستغل الطلاب غفلته في أي لحظة ويقومون باللعب والفوضى، لكن إذا كان شخصية بمعنى: أنه يري الطلاب أنه رجل جدي لا يريد اللعب فإنه يكفي من ذلك أن يلتفت إليهم بغضب ويصمت هكذا كأنه يريد أن يستنكر ما هم عليه فيكون بهذا قد قوى شخصيته، أما الضرب فالضرب كما نعلم ممنوع إلا ما دعت الضرورة إليه، وليس هو الذي يجعل الإنسان مهيباً وإنما يجعل الإنسان مخوفاً، ولا يكون محبوباً عند الناس، لكن الهيبة شيء والرهبة شيء آخر.

    (48/12)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم إقامة الجمعيات بين الموظفين ووجوب الزكاة فيها


    السؤال
    فضيلة الشيخ: نحن مجموعة من المعلمين في مدرسة واحدة اتفقنا على عمل جمعية تعاونية من خمسة آلاف ريال، واتفقنا على ترتيب معين بتواريخ معينة، ومكتوب لكل واحد منا متى سيستلم هذا المبلغ، مع العلم أن كل فرد منا سيأخذ ما دفعه لزملائه عند حلول دوره في الاستلام دون زيادة أو نقصان، ولكن اعترض علينا بعض الحاضرين ونقل لكم فتوى تقضي بعدم جواز هذه الطريقة من الجمعيات معللاً ذلك بقوله: لا تشترط أو تحدد تاريخ دورك في استلام المبلغ لأن في ذلك ريح ربا -كما يقول صاحبنا- بل ضعوا قرعة بينكم بالأرقام وكل واحد منكم يسحب ورقة ويكون ترتيبه حسب الرقم الموجود وبذلك تكون مباحةً وحلالاً، السؤال يا فضيلة الشيخ: ما حكم هذه الطريقة وما صحة الفتوى؟ وهل تجب فيها إذا كانت صحيحة الزكاة؟

    الجواب
    أما الفتوى فلا أعلم عنها مع أنها منسوبة إلي، ويعني هذا أنها غير صحيحة وأنها كذب.
    أرى أن هذه الطريقة طريقة سليمة، أعني: أن يجتمعوا على أن يجعلوا لكل واحد خمسة آلاف ريال أو ألف ريال أو أقل أو أكثر يدور عليهم، لأن في ذلك تعاوناً وتكاتفاً، ربما يحتاج أحد المدرسين أو أحد الموظفين في هذا الشهر إلى عشرين ألف ريال مثلاً ولا يستطيعها، فيكون عليه الدور فيأخذها بالقرض، وليس هذا من باب القرض الذي جر نفعاً كما توهمه بعض الناس لأن كل واحد من المقرضين لم يأته أكثر مما أقرض، أقرض ألفاً فرد إليه ألف.
    وأما كون كل واحد قد علم أنه سوف يستقرض إذا أقرض فهذا لا بأس به، وهذا من العدل أن يكون كل واحد منا إذا أقرض اليوم استقرض هو غداً.
    أما ترتيب البدء فهذا يرجع إلى ما يراه المجتمعون على هذه الجمعية، قد يرون أن من الأفضل أن ترتب على الحروف الهجائية، فمثلاً يكون إبراهيم قبل أحمد، ويكون علي قبل محمد وهكذا، وقد يرون أن من المصلحة أن يبدأ بالأحوج فالأحوج، وقد يرون أن من المصلحة إذا طرأت حاجة لشخص منهم وهو لم يأخذ نصيبه أن يبدأ به، كما لو احتاج إلى مهر أو غرامة في حادث أو غير ذلك، المهم أن ترتيب الاستقراض هذا يرجع إلى الإخوة أنفسهم، فليصنعوا فيه ما شاءوا.
    والدين هذا فيه الزكاة؛ لأنه دين مؤجل باختيار صاحبه، والدين المؤجل باختيار صاحبه فيه الزكاة.
    وأخيراً أسأل الله عز وجل أن يجعل هذا العمل نافعاً، مباركاً، خالصاً لوجهه الكريم
    وأن ينفعني به في حياتي وبعد مماتي، وأن ينفع به كل من انتهى إليه؛ فإنه خير مسؤول، وأكرم مأمول، وهو حسبنا ونعم الوكيل، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد بن عبد الله وعلى آله وأصحابه ومن تبعه بإحسان إلى يوم الدين.

    حياكم الله بموقع بداية الهداية الخطوة إلى طريق العلم الشرعي الصحيح
    http://www.musacentral.com/

  2. #92
    تاريخ التسجيل
    Mar 2009
    المشاركات
    2,459
    الدين
    الإسلام
    آخر نشاط
    01-11-2023
    على الساعة
    03:37 PM

    افتراضي

    حكم إقامة الجمعيات بين الموظفين ووجوب الزكاة فيها


    السؤال
    فضيلة الشيخ: نحن مجموعة من المعلمين في مدرسة واحدة اتفقنا على عمل جمعية تعاونية من خمسة آلاف ريال، واتفقنا على ترتيب معين بتواريخ معينة، ومكتوب لكل واحد منا متى سيستلم هذا المبلغ، مع العلم أن كل فرد منا سيأخذ ما دفعه لزملائه عند حلول دوره في الاستلام دون زيادة أو نقصان، ولكن اعترض علينا بعض الحاضرين ونقل لكم فتوى تقضي بعدم جواز هذه الطريقة من الجمعيات معللاً ذلك بقوله: لا تشترط أو تحدد تاريخ دورك في استلام المبلغ لأن في ذلك ريح ربا -كما يقول صاحبنا- بل ضعوا قرعة بينكم بالأرقام وكل واحد منكم يسحب ورقة ويكون ترتيبه حسب الرقم الموجود وبذلك تكون مباحةً وحلالاً، السؤال يا فضيلة الشيخ: ما حكم هذه الطريقة وما صحة الفتوى؟ وهل تجب فيها إذا كانت صحيحة الزكاة؟

    الجواب
    أما الفتوى فلا أعلم عنها مع أنها منسوبة إلي، ويعني هذا أنها غير صحيحة وأنها كذب.
    أرى أن هذه الطريقة طريقة سليمة، أعني: أن يجتمعوا على أن يجعلوا لكل واحد خمسة آلاف ريال أو ألف ريال أو أقل أو أكثر يدور عليهم، لأن في ذلك تعاوناً وتكاتفاً، ربما يحتاج أحد المدرسين أو أحد الموظفين في هذا الشهر إلى عشرين ألف ريال مثلاً ولا يستطيعها، فيكون عليه الدور فيأخذها بالقرض، وليس هذا من باب القرض الذي جر نفعاً كما توهمه بعض الناس لأن كل واحد من المقرضين لم يأته أكثر مما أقرض، أقرض ألفاً فرد إليه ألف.
    وأما كون كل واحد قد علم أنه سوف يستقرض إذا أقرض فهذا لا بأس به، وهذا من العدل أن يكون كل واحد منا إذا أقرض اليوم استقرض هو غداً.
    أما ترتيب البدء فهذا يرجع إلى ما يراه المجتمعون على هذه الجمعية، قد يرون أن من الأفضل أن ترتب على الحروف الهجائية، فمثلاً يكون إبراهيم قبل أحمد، ويكون علي قبل محمد وهكذا، وقد يرون أن من المصلحة أن يبدأ بالأحوج فالأحوج، وقد يرون أن من المصلحة إذا طرأت حاجة لشخص منهم وهو لم يأخذ نصيبه أن يبدأ به، كما لو احتاج إلى مهر أو غرامة في حادث أو غير ذلك، المهم أن ترتيب الاستقراض هذا يرجع إلى الإخوة أنفسهم، فليصنعوا فيه ما شاءوا.
    والدين هذا فيه الزكاة؛ لأنه دين مؤجل باختيار صاحبه، والدين المؤجل باختيار صاحبه فيه الزكاة.

    (48/13)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم بطاقة السحب في شراء الذهب


    السؤال
    فضيلة الشيخ: كثر في هذه الأيام استعمال بطاقة السحب الفوري والتي يتم عن طريقها سحب المبلغ المطلوب من الحساب الخاص للعميل في البنك من أي محل تجاري، وقد أشكل علينا عملية السحب مقابل شراء الذهب، فالسؤال يا فضيلة الشيخ: هل يجوز استعمالها لشراء الذهب أم أن في ذلك شبهة، علماً أن القصد من استعمالها الحد من حمل النقود في الأسواق لما تعلمون من المخاطر خصوصاً مع النساء؟ الشيخ: لا بأس، الذي فهمته الآن وربما فهمتوه أنتم: أن المشتري يأتي إلى صاحب الدكان يشتري منه الذهب، ثم يحول في نفس الوقت من حساب المشتري إلى حساب البائع، هؤلاء يعتبر أنهم تقابضوا قبل التفرق، وهذا هو الواجب، فهذه العملية لا بأس بها.

    (48/14)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم تجاوز الميقات لمن أراد العمرة


    السؤال
    فضيلة الشيخ: خرجنا من الدمام وفي نيتنا أن نؤدي العمرة، فمررنا بـ القصيم ثم بـ المدينة ثم تجاوزنا الميقات ولم نحرم وذلك لأن في نيتنا البقاء في الطائف لمدة خمسة أيام، ثم بعدها نذهب إلى الميقات وهو السيل، فذهبنا وأحرمنا من السيل ونزلنا إلى مكة وأدينا العمرة، فما حكم فعلنا هذا، هل علينا فدية أم لا علماً أننا يوم ذلك كنا نجهل أنه لا يجوز تجاوز الميقات دون إحرام؟

    الجواب
    نسأل: هل نية هؤلاء الإخوة أن يذهبوا إلى الطائف أو أن يذهبوا إلى العمرة؟ إذا كانت نيتهم أن يذهبوا إلى الطائف فيعني ذلك: أنهم مروا المدينة في طريقهم إلى الطائف لا إلى مكة فيحرمون من السيل، وأما إذا كانوا إنما أرادوا العمرة فإنه يجب عليهم أن يحرموا من ذي الحليفة التي تسمى أبيار علي، وإذا أخروا الإحرام إلى الطائف فإن عليهم عند أهل العلم فدية على كل واحد لتركه واجب الإحرام، إلا من لم يكن قادراً فإن الله تعالى يقول: {لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ} [الطلاق:7] {لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا} [البقرة:286] فمن ليس قادراً على ذبح فدية فليس عليه شيء.

    (48/15)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم الزواج بنية الطلاق


    السؤال
    فضيلة الشيخ: أريد السفر إلى بلاد الكفار من أجل الدراسة الأكاديمية فكيف أحصن نفسي؟ علماً أني متزوج ولا يمكن أن أصطحب أهلي معي، فهل يجوز الزواج بنية الطلاق حتى تنتهي فترة الدراسة؟ ثم ماذا سيكون مستقبل الذرية في هذه الحال؟

    الجواب
    أسأل هذا السائل: لماذا لا يمكن أن يصطحب زوجته معه؟ في ظني أنه ليس هناك شيء مستحيل، حتى لو كانت الزوجة تحتاج إلى إكمال دراستها فيمكن أن تكمل هناك، أو على الأقل تطلب التأجيل لمدة سنة أو سنتين، لكن إذا قدرنا أن المسألة غير ممكنة لسبب أو لآخر فإن الواجب عليه أن يصبر ويحتسب كما أمره الله: {وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لا يَجِدُونَ نِكَاحاً حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ} [النور:33] وهذا كالذي لا يجد النكاح.
    وأما التزوج بنية الطلاق فهذا وإن كان ليس من المتعة على ما يظهر فإن فيه غشاً للمرأة وأهلها، إذ لو علموا أنه سيطلق إذا فارق ما زوجوه، ثم إن المشهور من مذهب الحنابلة: أن هذا حرام - أي: الزواج بنية الطلاق - وقالوا: إنه نوى المتعة؛ وهي النكاح المؤجل، وقد قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى) .
    أما على رأي من يصحح هذا النكاح: فالأولاد أولاد شرعيون يكونون مع أبيهم، لكن نسمع أن قوانين تلك البلاد لا يمكن أن يذهب الأب بأولاده ما دامت الأم تطالب ببقائهم معها، وهذا يعرضهم إلى أن يعتنقوا الدين الذي عليه أمهم.

    (48/16)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم صلاة المغمى عليه


    السؤال
    فضيلة الشيخ: والدي مريض منذ عدة سنوات بتليف الكبد، وعند وصول المرض إلى مراحله الأخيرة وبالتحديد قبيل صلاة الفجر سألني عن دخول وقت الصلاة، وبعد دخول وقتها أبلغته فتيمم وصلى، ولا أعلم كم ركعة صلى، ثم بعد ذلك دخل في غيبوبة حتى توفاه الله بعد صلاة العصر حيث لم يصل الظهر والعصر للسبب المذكور، أفدني جزاك الله خيراً: هل نقضي صلاة الظهر والعصر عنه؟

    الجواب
    إذا أغمي على المريض وفقد الوعي فإنه لا صلاة عليه سواء توفى أو عافاه الله، فلو قدر أن المريض أغمي عليه لمدة يوم أو يومين أو شهر أو شهرين ثم أفاق فإنه لا قضاء عليه، ولا يمكن أن يقاس الإغماء على النوم؛ لأن النائم يمكن أن يستيقظ إذا أوقظ، والمغمى عليه لا يمكن، فهو في حال بين الجنون وبين النوم، والأصل براءة الذمة، وعلى هذا فيكون من أغمي عليه لمرض أو حادث فإنه لا يقضي الصلوات قلت أو كثرت، أما إذا أغمي عليه للبنج الذي استعمله باختياره ولكنه لم يصح بعد البنج إلا بعد يومين أو ثلاثة فعليه أن يعيد الصلاة؛ لأن هذا حصل باختياره.

    (48/17)


    --------------------------------------------------------------------------------

    الإسراف في شراء الأدوات المدرسية


    السؤال
    تكلمتم عن شراء الأدوات المدرسية فأحب من فضيلتكم أن تبينوا لنا وتوجهونا وخاصة أولئك النساء اللاتي يسرفن في اختيار الأدوات المدرسية، فتجد بعضهم ربما تجد ما قيمته بعشرة فتشتريه بعشرين من باب المفاخرة، أرجو توجيه كلمة من فضيلتكم في هذا الأمر، وما هو ضابط الإسراف؟

    الجواب
    هذا سؤال جيد يتضمن شيئاً واحداً وأنا أضيف إليه شيئاً آخر، الشيء الذي يتضمنه هذا السؤال الإسراف في الأدوات المدرسية، وهذا محرم؛ لأن الله تعالى قال: {وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ} [الأنعام:141] هذه الأدوات المدرسية لها عمر محدود بانتهاء الدراسة، ثم تلقى في الزبالة، فكيف تبذل المال الذي هو قوام الحياة في أمر منتهاه الزبالة؟! أما الإسراف: فإنه مجاوزة الحد، وعلى هذا ربما نقول: هذا الثوب للرجل إسراف، وهذا الثوب لرجل آخر ليس بإسراف ذلك على حسب الحال، فالإسراف مجاوزة الحد.
    أما الشيء الذي أريد أن أضيفه: هو أننا سمعنا أن بعض الأدوات المدرسية يكون فيها الصلبان، ويكون فيها آلة اللهو من المعازف وغيرها، إما في الأقلام وإما في المساطر، وإما في التكايات، وإما في الدفاتر، وهذه لا ينبغي للإنسان أن يشتريها لأولاده، بل التي فيها الصليب شراؤها محرم؛ لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم كان لا يدع شيئاً فيه صليب إلا كسره، فانتبهوا لهذا؛ لأن أعداءكم يصورون هذه الأشياء حتى يألفها الصغير ويرى أنه لا بأس بها، فاحذروا هذا، الدفاتر -والحمد لله- كثيرة ليس فيها هذا الشيء، وإذا قدر أنك لم تجد إلا هذا فاخلع الورقة الأولى التي فيها هذه التصاوير وأبدلها بورقة أخرى لا محظور فيها.
    أما بالنسبة لأصحاب المكتبات فإنني أحذرهم من أن يشتروا هذه الأشياء ويبيعوها على إخوانهم.

    (48/18)


    --------------------------------------------------------------------------------

    أخذ المدرس من الطلاب بعض الأشياء الثمينة


    السؤال
    فضيلة الشيخ: هل يجوز للمدرس أن يأخذ من بعض الطلاب أشياء قد تكون ثمينة يعبثون بها في الفصل أثناء الشرح فيجعلها للمدرسة؟

    الجواب
    هذا مبني على جواز العقوبة بالمال، من العلماء من يقول: إنه لا تجوز العقوبة بأخذ المال أبداً إلا ما ورد به النص، ومنهم من يقول: إن العقوبة بالمال جائزة، وهذا هو القول الراجح، لكن إذا وجد مع الطلاب شيئاً يعبثون به وقد حذرهم مثلاً على السبورة أو في لافتة أو في غير ذلك: أن أي إنسان يأتي بشيء يلعب به فإنه سوف يصادر فحينئذ له أن يصادر، لكن إذا كان الشيء ثميناً وكان الطالب فقيراً -مثلاً- فهنا ينبغي أن يبقى محفوظاً في المدرسة، وعند نهاية العام يسلم للطالب أو وليه.

    (48/19)


    --------------------------------------------------------------------------------

    الفتنة الواقعة بسبب خروج النساء بمفردهن إلى الأسواق


    السؤال
    فضيلة الشيخ: كثر في هذا الزمان من بعض أولياء الأمور ترك أهليهم وذويهم في الأسواق لوحدهن بدون محارم، أو ذهابهن مع السائق لوحدهن، أو ذهابهن إلى المدرسة بدون محارم، ويلاحظ انتظار بعضهن لأوليائهن لأوقات طويلة بعد فراغهن من التسوق لوحدهن، فما توجيهك بهذه المناسبة وفقك الله تعالى؟

    الجواب
    أرى أن الواجب على الإنسان أن يكون لديه غيرة على محارمه من زوجات أو بنات أو أخوات بل أو أمهات، وأن يحرص غاية الحرص على ألا تذهب المرأة وحدها، لا سيما إذا كانت شابة وذهبت إلى سوق يكتظ بالرجال، فإن ذلك خطر عليها وعلى غيرها، المرأة فتنة تفتتن هي ويفتتن بها، فعليه في هذه الحال أن يكون مصاحباً لها، لكن مع الأسف أن الغيرة ماتت عند الكثير من الناس، ألم تعلموا أن الرجل يأتي إلى الخياط فتنزل المرأة تكلم الخياط بما تريد والرجل جالس في السيارة لا يقف معها، وهذا مما يدل على ضعف الإيمان وموت الغيرة، كيف ترى أنك في السيارة وامرأتك أو ابنتك أو أختك تخاطب الخياط ربما بخطاب ما تدري هل هو من الخطاب الجائز أو من الخطاب المحرم، ربما تخضع بالقول فتقع فيما نهى الله عنه بقوله: {فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ} [الأحزاب:32] وهذه محنة عظيمة.
    والواجب على الإنسان أن يراعي أهله، وأن تحمله الغيرة على ألا يتهاون في هذا الأمر، كذلك بعض الناس يرسل ابنته أو أخته مع السائق وحده إلى المدرسة، وهذا حرام؛ لأن هذا هو من الخلوة بامرأة أجنبية، ومعنى أجنبية: ليست من محارمه، وهذا أعظم من الخلوة في حجرة؛ لأن هذا بإمكانه أن يؤزه الشيطان فيتفق مع البنت على أمر محرم ويذهب بها إلى ما شاء ويقضي وطره، ثم يعيدها إلى المدرسة أو يعيدها إلى أهلها إذا كان وقت الدراسة قد انتهى، فالمسألة خطيرة! ولا يحل للإنسان أن يرسل ابنته أو أحداً من محارمه مع سائق وحده.

    (48/20)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم أخذ الإمام المقعد لراتبه


    السؤال
    فضيلة الشيخ: إمام مسجد راتب تعرض لحادث سيارة فأصبح مقعداً على السرير قبل خمس سنوات، وما زال المسجد باسمه ويقول: إن الأوقاف عندها خبر من حاله.
    وقد يصلي عنه أحد أبنائه في إجازته فقط لأن الابن يعمل خارج المنطقة، وقد أناب عنه أحد القادمين بشرط، فما نصيحتك لهذا الإمام جزاك الله خيراً؟

    الجواب
    نصيحتي لهذا الإمام أن يتقي الله عز وجل، وألا يأخذ المال إلا بحقه، ولا يحل له أن يأخذ من بيت المال عوضاً لم يقم بأداء عمله، والواجب على هذا أن يقدم استقالته، وأن يدع المسجد لمن يستطيع أن يقوم به.
    ومسألة أن الأوقاف تعلم هذا لا يكون حجة له عند الله لأن الله تعالى قال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ} [النساء:29] وكل مال أخذه الإنسان على غير عوض في غير هبة وهدية ونحوها فإنه أكل للمال بالباطل.
    فنصيحتي للأخ هذا: أن يقدم استقالته، وأسأل الله تعالى أن يرفع عنه ما نزل به من مرض.

    (48/21)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم وجود الصليب في ألعاب الأطفال


    السؤال
    فضيلة الشيخ: ظهرت ألعاب على الكمبيوتر فيها مسابقات يظهر فيها الصليب أحياناً، فما توجيهك وفقك الله؟

    الجواب
    توجيهي ما أشرت إليه قبل قليل من أنه يجب أن يطمس الصليب، أو يكسر إذا لم يكن طمس، واعلم أن الطفل الصغير إذا ألف النظر إلى الصليب وتردد عليه فإنه سوف يستهين به، وإذا كثر المراس قل الإحساس، فالواجب علينا أن نجنب أبناءنا كل ما فيه صلبان سواء مما يشاهد في الكمبيوتر، أو على السيارات الصغيرة التي يلعب بها الصبيان، فبعضها تجد عليها الصليب على جانبها أو خلفها، كل هذا يجب علينا أن ننزه أبناءنا منه.

    (48/22)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم صلاة المأموم خلف إمام يُخل بالصلاة


    السؤال
    فضيلة الشيخ: ابتلينا مؤخراً ببعض أئمة المساجد الذين يخففون الصلاة تخفيفاً بحيث يركع الإمام قبل إتمام المأموم للفاتحة، أو يرفع الإمام بعد التشهد الأول قبل إتمام المأموم لذلك، وربما يسلم قبل أن يؤدي المأموم الاستعاذة من الأربع المعروفة، فما الحكم بالنسبة للإمام والمأمومين جزاك الله خيراً؟

    الجواب
    أما بالنسبة للإمام فإن عمله هذا حرام عليه، قال أهل العلم: يحرم على الإمام أن يسرع سرعةً تمنع المأمومين فعل ما يجب، والواجب على الإمام أن يؤم الناس بمثل ما كان النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يؤم أصحابه، وأن يعطي الناس مهلة، لكن بعض الناس -أي: بعض الأئمة- إذا رأى إقبال الناس عليه لكونه يخفف الصلاة أو يقدم في الإقامة اغتر بهذا، وذلك لا ينفعه عند الله يوم القيامة، والواجب عليه أداء الأمانة، وأن يصلي بالناس كما كان النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يصلي بأصحابه.
    أما بالنسبة للمأمومين فإذا كان لا يمكنهم أداء الواجب فإن عليهم أن يصلوا في مسجد آخر يمكنهم فيه أن يؤدوا الواجب، ولا يحل لهم أن يكونوا مع هذا الإمام الذي لا يمكنهم معه أداء الواجب، ولو حصل أن يسجلوا صلاته ثم يرفقوها إلى المسئولين عن إدارة المساجد من أجل أن يبدلوه أو يعدلوه لكان هذا خيراً.

    (48/23)


    --------------------------------------------------------------------------------

    الغش في الاختبارات


    السؤال
    فضيلة الشيخ: أنا طالب في المرحلة الثانوية، وعندما اختبرنا مادة ما وفي أثناء الاختبار جاءتني إجابة ولكن لم أطلبها، فهل يعتبر هذا من الغش؟

    الجواب
    مجيء الإجابة على نوعين: النوع الأول: يدس إليه بعض زملائه ورقة، فهذا لا يجوز له النظر إليها.
    الوجه الثاني: أن يسمع أحداً يتكلم بالجواب الصواب فهل نقول: خذ به أو أهمله؟ يأخذ به لأنه رزق ساقه الله إليه، وأما الورقة فيمكن ألا ينظر إليها ويمزقها، لكن ما يسمع فإن له أن يأخذ به، ويكون هذا من الرزق الذي ساقه الله إليه.
    يبقى: هل يجوز لمن عرف الجواب من الطلبة أن يرفع صوته به من أجل أن يساعد إخوانه؟ أليس إعانة الرجل من الصدقة؟ إذا أعنت رجلاً على أي عمل مباح فهو من الصدقة، الجواب: بلى، من الصدقة، لكن هذا عمل غير مباح، فلا يجوز لأحد أن يساعد أخاه عند الامتحان بجواب صواب أبداً.

    (48/24)


    --------------------------------------------------------------------------------

    الوكالة لمن فقد عمله


    السؤال
    فضيلة الشيخ: عندي مبلغ من المال لامرأة قد فقدت عقلها ولا يرجى برؤها، وفي كل سنة أخرج زكاة هذا المال، ومعنى هذا: أنه سيبقى هذا المال إلى ما دون حد الزكاة، فماذا أعمل؟

    الجواب
    يجب أن نعلم أن الوكيل إذا فقد الموكل عقله إما بتخلف عقلي لا يرجى برؤه وإما بجنون -والعياذ بالله- فإن وكالته تنفسخ، ولا يحل له أن يتصرف في المال لا بإخراج الزكاة، ولا ببيع ولا شراء ولا غير ذلك، أي: أن الوكالة تنفسخ إذا زال تصرف الموكل بجنون أو اختلال في التفكير، أو غير ذلك، أو إغماء لا يرجى زواله؛ وبناءً على هذا يجب على هذا الذي بيده مال هذه المرأة يجب أن يعطيه أهلها المسئولين عنها، أو يأخذ وكالة جديدة من المحكمة.

    (48/25)


    --------------------------------------------------------------------------------

    نواقض الإسلام وكفر تارك الصلاة


    السؤال
    فضيلة الشيخ: مما اشتهر عن شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى أن نواقض الإسلام عشرة، فلماذا حصرها في هذا العدد؟ وفي أيها يدخل تارك الصلاة؟

    الجواب
    شيخ الإسلام رحمه الله ذكر نواقض الإسلام عشرة ليس على سبيل الحصر لكنه على سبيل التمثيل، يعني: من نواقض الإسلام هذه العشرة.
    وشيخ الإسلام رحمه الله عاش في زمن فيه الشرك، فذكر نواقض الإسلام باعتبار عصره، تحذيراً للناس من هذه النواقض، أما تارك الصلاة فإن الكتاب والسنة وإجماع الصحابة الذي نقله غير واحد كلها تدل على أن تارك الصلاة كافر ولو تهاوناً.

    (48/26)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم الزواج بمال استدانه بالربا


    السؤال
    فضيلة الشيخ: أنا شاب متزوج، ولقد استدنت مائة ألف ريال على أن أردها مائة وخمسين ألفاً، وهي لدفع المهر، مع العلم أن لدي أولاداً، فما حكم زواجي؟ وما الذي يجب علي أن أفعله؟

    الجواب
    أما الزواج فإنه صحيح إذا كان قد تمت شروطه، وأما أخذ مائة ألف بمائة وخمسين فهذا ربا، حرام، فعليه أن يتوب إلى الله تعالى مما صنع، فإن كان قد أدى الدين إلى صاحبه فعليه التوبة وأن ينوي أن يعزم على ألا يعود لمثل هذا، وإما إذا كان لم يسلم الربا إلى صاحبه فهذا يرجع إلى التعامل بينه وبين المرابي، وإذا رفعه إلى المحكمة فللمحكمة رأي فيه الخير إن شاء الله.
    جزى الله عنا والدنا وشيخنا خير الجزاء، ونفعنا بعلمه، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله محمد.
    وأخيراً أسأل الله عز وجل أن يجعل هذا العمل نافعاً، مباركاً، خالصاً لوجهه الكريم
    وأن ينفعني به في حياتي وبعد مماتي، وأن ينفع به كل من انتهى إليه؛ فإنه خير مسؤول، وأكرم مأمول، وهو حسبنا ونعم الوكيل، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد بن عبد الله وعلى آله وأصحابه ومن تبعه بإحسان إلى يوم الدين.

    حياكم الله بموقع بداية الهداية الخطوة إلى طريق العلم الشرعي الصحيح
    http://www.musacentral.com/

  3. #93
    تاريخ التسجيل
    Mar 2009
    المشاركات
    2,459
    الدين
    الإسلام
    آخر نشاط
    01-11-2023
    على الساعة
    03:37 PM

    افتراضي

    اللقاء الشهري

    اللقاء الشهري [49]
    قدر الله جل وعلا أن يحدث هذا اللقاء بعد حدوث كسوف للشمس، فتكلم الشيخ عن أحكام صلاة الكسوف من حيث الأسباب والكيفية والزمان، ثم ألقى نصيحة لطلاب العلم، ووجههم فيها إلى خلق التواضع والصبر على الطلب، وأن يكونوا قدوة في عملهم.
    وأجاب في لقائه عن عدد من الأسئلة في الصلاة، وصلاة الكسوف خاصة، وعن أسئلة أخرى متعددة في المعاملات والعبادات.

    (49/1)


    --------------------------------------------------------------------------------

    صلاة الكسوف أسبابها وحكمها وكيفيتها
    الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
    أما بعد: فهذا هو لقاؤنا الشهري الذي يتم كل شهر في هذا المسجد الجامع الكبير بـ عنيزة، ويكون في السبت الثالث من كل شهر، وهذه الليلة هي ليلة الأحد العشرين من شهر جمادى الأولى عام ثمانية عشر وأربعمائة وألف.
    أمامي الآن فكرياً موضوعان: الموضوع الأول: صلاة الكسوف، أسبابها، وحكمها، وكيفيتها.

    (49/2)


    --------------------------------------------------------------------------------

    أسباب الكسوف
    أسباب الكسوف نوعان: نوع شرعي لا يطلع عليه إلا بالوحي، ونوع طبيعي يطلع عليه علماء الفلك ويعرفونه ويقدرونه بحساب لا يزيد دقيقة ولا ينقص دقيقة، وهذا السبب الفلكي معلوم عند العلماء، تكلم فيه العلماء قديماً كشيخ الإسلام ابن تيمية وغيره، وبينوا أن هذه الأسباب معلومة يعرفها أهل الفلك وعلماء الهيئة - يعني: علماء الفلك - ويقدرونها ستكون في الساعة الفلانية في اليوم الفلاني أو في الليلة الفلانية؛ وذلك لأن جريان الشمس والقمر بتقدير العزيز العليم عز وجل لا يختلف، ولا يمكن أن يتقدم أو يتأخر، قال الله تبارك وتعالى: {وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ * وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ * لا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ} [يس:38-40] .
    هذه الأسباب الطبيعية قد لا يتكلم عنها الوحي من الكتاب والسنة بكلام كثير؛ لأنها موكولة إلى العلم وتقدمه، وليست ذات فائدة كبيرة.
    أما السبب الثاني - السبب الشرعي - الذي لا يطلع عليه إلا بالوحي فهذا هو المهم، وهذا السبب الشرعي لا يعرفه هؤلاء الفلكيون، بل هم من أجهل الناس به.
    السبب الشرعي: هو عقوبات انعقدت أسبابها، ولكن الله سبحانه وتعالى برحمته رفعها عن العباد وخوفهم منها بهذا الخسوف سواء في الشمس أو في القمر فأسبابها عقوبات انعقدت أسبابها، فكسفت الشمس أو القمر تخويفاً للعباد وإنذاراً لهم.
    نحن لا يمكن أن ندرك هذا بحساب ولا بتفكير، لا يدرك هذا إلا عن طريق الوحي، والنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أخبرنا فقال: (إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله يخوف الله بهما عباده، لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته) وكانوا في الجاهلية يعتقدون أن الشمس والقمر لا ينكسفان إلا لموت عظيم أو حياة عظيم، وسبحان الله الحكيم العليم صادف كسوف الشمس في عهد النبي صلى الله عليه وسلم اليوم الذي توفي فيه إبراهيم رضي الله عنه، إبراهيم بن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، فماذا قال الناس؟ قالوا: كسفت الشمس لموت إبراهيم، فأبطل النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم هذه العقيدة، أبطلها إبطالاً تاماً؛ لأن الأفلاك والعالم العلوي لا تتأثر بما يكون في العالم السفلي أبداً، فالأفلاك العليا لا تتأثر بما يكون في العالم السفلي، ولذلك تحدث الحروب والأوبئة وغيرها من الفضائل العظيمة لكن هل تتأثر الأفلاك بذلك؟ لا: تكون الزلازل وتكون الحروب ويكون الفقر والأمراض وغيرها، لكن الشمس هي الشمس، والقمر هو القمر، والنجوم هي النجوم، وسيرها هو سيرها، بل الغمام هو الغمام، والمطر هو المطر، لكن الله عز وجل يحدث في العالم العلوي ما يكون سبباً لتخويف العالم السفلي وهو الكسوف.
    أما السبب الطبيعي فهو معلوم عند علماء الفلك يعرفونه بالساعة والدقيقة، والليل والنهار، لكن هذا لا يعنينا كثيراً، والذي يعنينا كثيراً ويهمنا هو الذي لا يعلم إلا عن طريق الوحي وهو السبب الشرعي.

    (49/3)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم صلاة الكسوف
    أما حكم الصلاة - أعني صلاة الكسوف - فإن أكثر العلماء على أنها سنة، ولكن الصحيح أنها واجبة إما على الكفاية وإما على الأعيان.
    على الكفاية بمعنى: أنه إذا قام بها بعض أهل البلد حصل المقصود، أو على الأعيان بمعنى: أنه يجب على كل واحد أن يصلي صلاة الكسوف، ولكن الأرجح أنها واجبة على الكفاية، وأنه لا يمكن لأهل البلد ألا يقيموا صلاة الكسوف، فإن فعلوا فهم آثمون.
    الدليل على هذا: أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فزع للكسوف فزعاً عظيماً، وخرج مسرعاً حتى إنهم لحقوه بردائه عليه الصلاة والسلام، ووضعوه على كتفه وجعل يجر رداءه من هول الفزع، وأتى إلى المسجد وأمر منادياً أن ينادي "الصلاة جامعة" واجتمع الناس، وكان يوماً حاراً، اجتمعوا وصلى بهم النبي صلى الله عليه وسلم صلاةً غريبة، لا نظير لها في الصلوات، وشاهد في هذه الصلاة ما لم يكن يعلمه من قبل، ورأى الجنة ورأى النار، ورأى ما توعد به هذه الأمة، وكشف له عن عذاب القبر حصل أمور عظيمة جداً جداً!! مما يدل على أهميتها، وأنها لها شأن عظيم، لا يمكن أن يبلغنا ما حصل من النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ثم نقول: هي سنة من شاء صلى ومن شاء لم يصل، أبداً.
    ثم أمر بالفزع إلى الصلاة، وبالذكر، والدعاء والتكبير، والاستغفار، والصدقة والعتق، كل هذا وقع من الرسول عليه الصلاة والسلام، فصلاة احتفت بها هذه القرائن العظيمة لا يمكن أن نقول: إنها سنة بل هي فرض كفاية.
    إذاً: صلاة الكسوف فرض كفاية، ومعنى فرض الكفاية: أنه يجب على أهل البلد أن يصلوا، وإذا حصل العدد الذي يكفي في إقامة الصلاة فإنها تسقط عن الباقين، أما أن يدعها أهل البلد ويأتي الكسوف ويمر وكأنه سحاب مر على الأفق فهذا لا يمكن أن يقع.

    (49/4)


    --------------------------------------------------------------------------------

    كيفية صلاة الكسوف
    أما كيفيتها: فلها زمان ولها مكان ولها هيئة.
    زمانها: من حين أن يظهر أثر الكسوف فهناك تشرع الصلاة، فإن قدر أن الكسوف يسير ولم يتبين أي: لم ينكسر به نور الشمس أو القمر فإنها غير مشروعة، حتى لو علمنا من ناحية العلم الفلكي أنه سيكون كسوف ولكن لم يتبين فإنه لا يشرع الكسوف؛ لأنه لا عمل على الحساب، لا بد أن يتبين انكسار النور، فمن حين يتبين يفزع الناس إلى الصلاة إلى أن ينجلي، فإذا انجلى فلا صلاة، فلو قدر أن الكسوف وقع في آخر الليل والناس نائمون، ولما استيقظوا وإذا قد بقي جزء يسير حتى ينجلي، وقد زال أثر الكسوف فهنا لا تشرع الصلاة لأنه زال السبب (انتهى الزمن) وهي لا تقضى إذا فاتت لأنها من ذوات الأسباب، وكل صلاة لها سبب إذا فات سببها فإنها لا تقضى.
    أما المكان: فمكانها الجوامع، تصلى في الجوامع، هذا هو الأفضل، لأن الناس في عهد النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم اجتمعوا في مسجد واحد، ولهذا قال العلماء: الأفضل في صلاة الكسوف أن تقام في المسجد الجامع، يعني: الذي تصلى فيه الجمعة، لكن إذا قدر أن المساجد الأخرى فيها عجزة، فيها شيوخ، عندهم كسل، وأقاموا صلاة الكسوف في مساجدهم فلا بأس لأن عمل الناس عليه من زمان قديم، لكن إذا أمكن أن يجتمع الناس في الجوامع فهذا أفضل وأحسن.
    أما كيفيتها: فإنها أولاً: لها نداء -أذان- لكنه ليس كالأذان المعتاد، بل يقال: الصلاة جامعة؛ حتى يجتمع الناس، تكرر هذه الكلمة بقدر ما يغلب على الظن أن الناس بلغهم ذلك، يعني: مرتين، ثلاثاً، أربعاً، خمساً، حسب الحال، قد يكون الناس في الليل نائمين فنزيد التكرار، وقد يكون في النهار والنهار ضجة وأصوات وصخب فنزيد في ذلك حسب الحال، لكن الثلاث هي الأصل، وما زاد فبحسب الحاجة، وإنما قلت: إن الثلاث هي الأصل لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم كان إذا تكلم تكلم ثلاثاً، وإذا سلم سلم ثلاثاً حتى يُبلغ.
    ثم يحضر الناس، ويتقدم الإمام ويصلي بهم صلاةً جهرية حتى في النهار، لأن الصلاة النهارية الأصل فيها أنها سرية؛ لكن إذا كانت صلاةً ذات اجتماع صارت جهرية، كل صلاة يجتمع الناس عليها جميعاً في النهار فإنها تكون جهرية، انظر إلى العيد فإنها جهرية، والجمعة جهرية، والاستسقاء جهرية؛ لأن الناس يجتمعون، فإذا اجتمعوا فإنه من الحكمة أن يكونوا على قراءة الإمام يستمعون إليها جميعاً، فكل صلاة ذات اجتماع عام فإنها جهرية، أقصد في النهار أما الليل فكل صلاة جهرية.
    فيكبر ويستفتح: (سبحانك اللهم وبحمدك، وتبارك اسمك، وتعالى جَدُّك، ولا إله غيرك) وهناك استفتاح آخر: (اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب -يعني: فلا أفعل الخطايا، اجعلها عني بعيدة- اللهم نقني من خطاياي كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس -أي: اجعلني نقياً منها، لا تعلق بي كما لا يعلق الوسخ بالثوب الأبيض- اللهم اغسلني من خطاياي -بعد التنقية غسل لإزالة الأثر نهائياً- بالماء والثلج والبرد) إذاً فليستفتح إما بالأول: (سبحانك اللهم وبحمدك.
    إلخ) وإما بالثاني: (اللهم باعد بيني وبين خطاياي.) .
    ثم يقرأ الفاتحة وسورة طويلة طويلة طويلة، قدرها الصحابة رضي الله عنهم بنحو سورة البقرة، ثم يركع ركوعاً طويلاً طويلاً طويلاً، لكن ماذا يقول في الركوع؟ لأنا فهمنا أنه في القيام يقرأ، لكن في الركوع ماذا يقول؟ يقول: سبحان ربي العظيم، يكررها، ولو كررها ألف مرة، ويقول أيضاً: (سبحانك اللهم ربنا وبحمدك اللهم اغفر لي) ويقول: (سبوح قدوس رب الملائكة والروح) لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال في الركوع: (عظموا فيه الرب) فأكثر من تعظيم الله.
    ثم يرفع، وإذا رفع قال: سمع الله لمن حمده حين رفعه ويقول: ربنا ولك الحمد إذا استقام، إلا المأموم فيقول: ربنا ولك الحمد في حال الرفع، ثم يقرأ الفاتحة وسورةً طويلةً طويلةً لكنها دون الأولى.
    ثم يركع ركوعاً طويلاً طويلاً لكنه دون الركوع الأول، ثم يرفع قائلاً: سمع الله لمن حمده، ربنا ولك الحمد، ويطيل القيام بقدر الركوع، ماذا يقول في القيام وهو طويل؟ يحمد الله، هذا القيام محل حمد، يقول مثلاً: (ربنا ولك الحمد ملء السماوات وملء الأرض وملء ما شئت من شيء بعد، أهل الثناء والمجد، أحق ما قال العبد، وكلنا لك عبد، لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد) ويكرر الحمد: (اللهم لك الحمد، أنت رب السماوات والأرض، اللهم لك الحمد أنت نور السماوات والأرض، اللهم لك الحمد أنت قيوم السماوات والأرض) وما أشبه ذلك، لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال في الركوع (عظموا فيه الرب) هذا في الركوع، ثم في القيام بعد الركوع ما ذكر شيئاً معيناً لكنه عليه الصلاة والسلام جعله محلاً للحمد.
    ثم يسجد السجدة الأولى ويطيل ويطيل ويطيل، ويقول: (سبحان ربي الأعلى) لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: (اجعلوها في سجودكم) ويكرر الدعاء؛ لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: (أما السجود فأكثروا فيه من الدعاء فَقَمِنٌ - أي: حري - أن يستجاب لكم) أكثر من الدعاء، هذا السجود يكون بقدر الركوع.
    ثم يقوم من السجدة الأولى ويجلس بين السجدتين جلوساً بقدر السجود، وماذا يقول؟ يقول: (رب اغفر لي، وارحمني، وعافني، وارزقني، واجبرني، واهدني) ويكرر من الاستغفار؛ لأن هذا الجلوس جلوس استغفار فليكرر، كان النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يستغفر الله ويتوب إليه في كل يوم مائة مرة.
    ثم يسجد السجدة الثانية ويطيل السجدة، ثم يقوم إلى الركعة الثانية ويقرأ فيها، لكن قراءته دون قراءته الأولى، وركوعه دون ركوعه الأول، وقيامه بعد الركوع دون قيامه الأول، وسجوده دون سجوده الأول، وجلوسه بين السجدتين دون سجوده الأول، والسجود الثاني دون السجود في الركعة الأولى، ثم يتشهد ويكمل ويسلم.
    فلو انتهت الصلاة والخسوف باق، لم تنجل الشمس أو لم ينجل القمر، فماذا يصنع الإنسان؟ قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (صلوا وادعوا حتى ينكشف ما بكم) ورسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم انصرف من الصلاة وقد تجلت الشمس، فإذا أنهينا الصلاة والكسوف باق فالباب مفتوح -ولله الحمد- ماذا نصنع؟ نستغفر الله وندعو الله حتى ينجلي.
    ثم (حتى ينجلي) هل المراد حتى يزول بالكلية، أو نقول: إذا بدأ الانجلاء فقد زال التخويف؟ ظاهر النصوص أنه إلى الانجلاء نهائياً تبقى تدعو الله، تستغفر الله، تذكر الله، تكبر الله حتى ينجلي.

    (49/5)


    --------------------------------------------------------------------------------

    مسائل في صلاة الكسوف
    المسألة الأولى: لو أن شخصاً دخل والإمام قد رفع من الركوع الأول وأدرك الركوع الثاني أيكون مدركاً لركعة أو لا؟

    الجواب
    لا، ليس مدركاً للركعة، فإذا دخلت مع الإمام في الركعة الأولى لكنه قد فاتك الركوع الأول منها فإذا سلم الإمام تأتي بركعة، لكن هل تأتي بركعة مبتورة - أي: ليس فيها إلا ركوع واحد - أو بركعة فيها ركوعان؟ الجواب: بالثاني، لا بد أن تأتي بركعة فيها ركوعان؛ لأن الركعة الأولى فاتتك، وقد قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (ما أدركتم فصلوا وما فاتكم فأتموا) إذاً لا بد أن تأتي بالركعة التي فاتتك على صفتها: ركوعان في الركعة وسجودان.
    المسألة الثانية: لو أن الإنسان خفف الصلاة هل يكون قد أتى بالواجب؟ الجواب: نعم أتى بالواجب، لكن الأفضل أن يطيل، والدليل أنه أتى بالواجب: قول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب) وهذا قرأ، وقوله للرجل: (اركع حتى تطمئن راكعاً) وهذا اطمأن، فيجزئ لكن الأفضل الإطالة كما فعل النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
    المسألة الثالثة: هل يقال للنساء في البيوت، أو لمن كان في بيته لمرض وعجز، هل يقال: صلوا أو لا؟ الجواب: يقال: صلوا لعموم الحديث: (صلوا وادعوا) فيقال لهؤلاء: صلوا في البيوت، ولا بأس أن تصلوا جماعة -أيضاً- كما لو فرض أن النساء فيهن امرأة قارئة أمتهن فلا بأس؛ لأن الحديث عام يشمل صلاتها في المساجد وصلاتها في البيت، لكن سبق لنا أنه بالنسبة للرجال الأفضل أن يصلوها في الجوامع.
    المسألة الرابعة: إذا مر الإنسان بآية السجدة في صلاة الكسوف هل يسجد ويطيل السجدة، أو يسجد سجدة خفيفة كالعادة؟ الظاهر الأول: أنه إذا سجد للتلاوة يطيل سجدة التلاوة كما أطال سجدة الصلاة؛ وذلك من أجل أن تكون الصلاة متناسبةً؛ لأن سجود التلاوة داخل الصلاة حكمه حكم سجود الصلاة، فينبغي أن يكون طويلاً متناسباً.
    المسألة الخامسة: هل ينبغي لنا إذا علمنا متى يكون الكسوف أن نخبر الناس بذلك ليستعدوا للصلاة، أو الأفضل ألا نخبرهم؟ الجواب الثاني: ألا نخبرهم؛ لأن كون الشيء يأتي والإنسان مستعد له يقلل من هيبته ومن خوف الإنسان، لكن إذا جاء بغتة صار له وقع في النفس، ولذلك ترى الناس الذين علموا بوقت الكسوف تراهم يترقبونه، يتراءون القمر ويتراءون الشمس كما يتراءون الهلال، يعني: أن المسألة باردة عندهم، فكون الناس لا يعلمون إلا حين وقوعه لا شك أنه أعظم مخافة وأعظم هيبة، ولهذا إذا علمت به فلا تحرص على الإخبار به لا أهلك ولا لغير أهلك.
    أسأل الله تعالى أن يقينا وإياكم شر عقوباته، وأن يعيذنا وإياكم من سخطه وعقابه، إنه على كل شيء قدير.

    (49/6)


    --------------------------------------------------------------------------------

    نصائح لطلاب العلم
    أما الموضوع الثاني في هذا اللقاء فهو موضوع مهم بالنسبة لطالب العلم.

    (49/7)


    --------------------------------------------------------------------------------

    القدوة في العلم والعمل
    طالب العلم يحاول أن يرث أعظم ميراث ورثه الإنسان وهو ميراث النبوة؛ لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: (إن العلماء ورثة الأنبياء) فالعلماء حقاً هم الذين ورثوا الأنبياء علماً وعبادةً وخلقاً ودعوة، ولهذا يجب على أهل العلم ما لا يجب على غيرهم في العبادات، في الأخلاق، في المعاملات؛ لأن الناس يقتدون بهم، يقتدون بهم تماماً حتى إن بعض الناس يجلس إلى العالم وهو يصلي - مثلاً - ويحصي عليه حركاته وسكناته، ولما كبر ابن عمر رضي الله عنهما صار لا يجلس للصلاة مفترشاً فقال له أحد أبنائه: [يا أبت كيف هذا الجلوس؟ فقال: إن رجليِّ لا تقلاني] فانظر إلى نظرة الناس إلى العالم، يحصون عليه حتى فعله حتى تركه.
    لذلك يجب على طلبة العلم أن يكونوا مثالاً طيباً حسناً في كل شيء، حتى يكونوا قدوةً صالحة، وحتى يحترمهم الناس، فمن ذلك مثلاً: التواضع، التواضع واجب على كل أحد، وهو على أهل العلم وطلبة العلم أوجب وأوكد، ولكن مع الأسف أن بعض طلبة العلم ليس عندهم هذا الخلق، بل منهم من لا يكلم الناس إلا بأنفه، ولا يسلم على الناس، وإذا سلموا عليه رد عليهم رداً ضعيفاً، وهذا خطأ، الواجب على طالب العلم أن يكون نوراً يهتدى به.

    (49/8)


    --------------------------------------------------------------------------------

    فوائد الصبر على التعلم
    كذلك أوصي طلبة العلم بأمر آخر: وهو الصبر، الصبر على ماذا؟ الصبر أولاً على العلم، بالمثابرة والمتابعة وتقييد فرائد الفوائد التي تمر بك وتقول في نفسك: هذه فهمتها وحفظتها، لكن سرعان ما تنساها، قيد الفوائد ولا سيما القواعد والأصول حتى تبقى معك، لا تفرط فيها أبداً، لا تعتمد على نفسك حين سماعها لأنك تسمعها وفي هذه الحال تقول: هذه ما تنمحي من ذهني، ولكن سرعان ما تنمحي، فقيد.
    وكان طلبة العلم الذي سبقونا في الطلب كان الواحد معه دفتر في جيبه كلما عن له شيء قيده، لأن الإنسان أحياناً يتدبر ويفكر في آية أو حديث أو كلام للعلماء ثم يتبين له فوائد عظيمة جداً، وإذا لم يقيدها طارت ولم يستفد؛ لذلك أوصيكم بالصبر في طلب العلم، والمثابرة والتقييد، واعلم أن تقييد العلم من أسباب الحفظ، كنا في زمن الطلب إذا أردنا أن نحفظ شيئاً كتبناه، الكتابة لا شك أنها تعين على الحفظ، وأن كتابة واحدة تغني عن تردادها عشرين مرة، فاصبر على طلب العلم، لا تمل، لا تقل ما حصلت.
    عندنا أناس أتوا إلى العلم وكانوا في الحلقات، أول ما جاءوا ليسوا على شيء، ثم مع المثابرة صاروا من خيار الطلبة علماً وحفظاً وفهماً، فاصبر ولا تتضجر.
    وإذا أردت أن تأخذ عن أكثر من عالم فهذا طيب، ولا بأس به، ولكن إذا طلبت شيئاً معيناً عند عالم فلا تطلبه عند آخر، مثلاً: في العقيدة اتجهت إلى شيخ معين يدرسك العقيدة لا تذهب إلى الآخر؛ لأنه ربما يأتي بأشياء تخالف في العرض -لا في العمق- الشيخ الأول ثم تتذبذب، كذلك -أيضاً- تدرس على عالم في الفقه فلا تدرس على عالم آخر في الفقه؛ لأنه ربما تختلف آراء الرجلين فتقع في مشكلة.
    احرص على أن تكون دراستك على العلماء، إذا أحببت أن تكون طالباً لأكثر من عالم أن يكون كل واحد منهم له فن، حتى لا تتذبذب، بعد أن تكبر ويتسع علمك فراجع كلام العلماء وقارن بين آرائهم، وحينئذ يمكنك أن تحكم بما ترى أنه الحق.

    (49/9)


    --------------------------------------------------------------------------------

    مراقبة الله وتقواه
    أخيراً أوصي نفسي وإياكم: بتقوى الله عز وجل في السر والعلانية، وأن يكون الإنسان مراقباً لربه دائماً، دائماً يذكر الله تعالى بقلبه ولسانه وجوارحه، وليتذكر قول الله تبارك وتعالى: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآياتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ * الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} [آل عمران:190-191] .
    والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

    (49/10)


    --------------------------------------------------------------------------------

    الأسئلة

    (49/11)


    --------------------------------------------------------------------------------

    مراعاة المأمومين في صلاة الكسوف وتطويلها إلا لضعفهم


    السؤال
    فضيلة الشيخ: نحن رجال كبار في السن، وإمامنا يطيل صلاة الكسوف، فهل يحسن به أن يراعي من خلفه أم لا بد من التطويل؟

    الجواب
    لا بد من التطويل الذي تتميز به صلاة الكسوف عن غيرها، وإذا كان أكثر أهل المسجد على هذا الوجه -أعني: ضعفاء كباراً- فليراع حالهم، أما إذا كان فيهم واحد أو اثنان فهؤلاء الأمر واسع -والحمد لله- إذا قصروا من القيام جلسوا وصلوا جلوساً، أما أن تترك السنة ولا يتبين صلاة الكسوف من غيرها بحيث يخففها حتى تكون كسائر الصلوات فهذا لا ينبغي، لا بد أن يكون لصلاة الكسوف ميزتها على جميع الصلوات.

    (49/12)


    --------------------------------------------------------------------------------

    جواز تكرار الآية في الصلاة للخشوع


    السؤال
    فضيلة الشيخ في صلاتنا للكسوف مع فضيلتكم سمع منكم ما يلي: التكبير قبل الصلاة، قلتم: الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله.
    ثانياً: كررتم قراءة بعض الآيات في الصلاة، فهل هذا أمر مشروع وفقك الله؟

    الجواب
    هذا مما يدلكم يا إخواني على أن الناس يراقبون العلماء - وأرجو الله أن أكون منهم - يراقبون لماذا قال؟ لماذا فعل؟ لماذا ترك؟ وعلى كل حال: أنا أسر من هذا، أنا أسر أن الإنسان يسأل عن شيء فعلته ويستنكره هو حتى يتبين الأمر.
    أنا كبرت لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: (كبروا) وكنت لم أكبر حين مجيئي إلى مكان الصلاة، فذكرت ثم كبرت امتثالاً لأمر النبي عليه الصلاة والسلام هذه واحدة.
    وأما تكرار الآية فإن من السنة في النافلة خاصة أن يكرر الإنسان الآية التي يرى أن في تكرارها خشوعاً في قلبه؛ لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم صلى صلاة الليل ومر بهذه الآية: {إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [المائدة:118] وجعل يرددها إلى الصباح وهو في صلاته عليه الصلاة والسلام.
    كذلك -أيضاً- ربما سمع بعضكم إذا مررت بآية تسبيح أو دعاء أو تعوذ أني أسبح وأتعوذ لأن هذا مشروع أيضاً في صلاة الليل (في صلاة النافلة) أما في الفريضة فإن عند أهل العلم رحمهم الله قاعدة: أن ما ثبت في النفل ثبت في الفرض بناءً على هذه القاعدة التي دلت عليها أيضاً السنة نقول: حتى في الفريضة إذا مررت بآية يكون في تكرارها خشوع فكرر؛ لكن يمنعني من هذا أن الواصفين لصلاة النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم الفريضة لم يكونوا يقولون ذلك عنه، فلهذا نقول: في الفريضة جائز، في النافلة سنة.

    (49/13)


    --------------------------------------------------------------------------------

    أفضلية صلاة المرأة في بيتها


    السؤال
    فضيلة الشيخ: أيهما أفضل: صلاة النساء في البيوت أم مع جماعة المسلمين؟

    الجواب
    الأفضل للمرأة الصلاة في بيتها، إلا في صلاة واحدة وهي صلاة العيدين، فإن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أمر النساء أن يخرجن ولكن يخرجن غير متبرجات ولا متطيبات، أما غيرها من الصلوات فلا حرج على المرأة أن تصلي مع الرجال في المسجد، ولا سيما في صلاة الكسوف.

    (49/14)


    --------------------------------------------------------------------------------

    فرضية صلاة الكسوف على من هو في بلاد كفر


    السؤال
    فضيلة الشيخ: ذكرت حفظك الله: أن صلاة الكسوف صلاة خوف من عذاب الله تقام ليرفع الله العذاب عن الناس، ففي بلاد الكفار يوجد بعض المسلمين، فهل إذا حصلت عندهم يجب على هؤلاء المسلمين أن يصلوها؟

    الجواب
    نعم يجب على المسلمين في كل مكان أن يصلوا صلاة الكسوف، لكنها كما قلت أولاً فرض كفاية، وعقوبة الله عز وجل إذا نزلت عمت الصالح وغير الصالح، ويبعثون يوم القيامة على نياتهم وأعمالهم، لا تقل: هذه في بلاد كفر.
    حتى وإن كانت بلاد كفر فصل صلاة الكسوف كما تصلي الصلوات الخمس.

    (49/15)


    --------------------------------------------------------------------------------

    أسباب وسوسة الشيطان ودواء ذلك


    السؤال
    فضيلة الشيخ: أرجو من فضيلتكم شفائي بالجواب الكافي لمشكلتي وهي: أنني فتاة مستقيمة بعض الشيء، فأنا محافظة على الصلوات والسنن الراتبة - ولله الحمد - وأحاول تطبيق سنة المصطفى صلى الله عليه وعلى آله وسلم في بعض الأحيان، وفي بعض الأحيان أقوم الليل، وغالباً ما ينكسر قلبي عند سماع بعض آيات الوعيد بالنار وآيات الوعد بالجنة، وتراني أبكي وأجهش بالبكاء، ووالله إني لأحب أهل الدين والطاعة وأبغض أشد البغض أهل المعاصي، ولست من الفتيات اللاتي يضيعن أوقاتهن بمشاهدة التلفاز أو بقراءة الصحف والمجلات، فلست من هذا كله، ومشكلتي: هي أنني ينتابني شعور غريب في بعض الأوقات وخاصة عندما أصلي أو أقرأ القرآن، فأحس بأن صدري يضيق جداً، وأن شيئاً ما يضغط على صدري، فترى الشيطان يوسوس لي بوساوس عدة وأسئلة واستفسارات كثيرة تخص الدين، فأقوم وأستعيذ من الشيطان الرجيم وأكثر من ذلك، ولكن لا يزال الشيطان بي ولا أستطيع التخلص منه مما يدعوني بعض الأحيان إلى ترك العبادة التي أنا بصددها، والآن يا فضيلة الشيخ: أنا خائفة أشد الخوف أن يتمكن الشيطان مني ويزعزع ديني وعقيدتي، فما السبيل إلى الخلاص منه؟ أرشدني وفقك الله في الدارين، وجمعنا الله وإياك والمسلمين أجمعين في دار كرامته.


    الجواب
    الواقع أن هذه الوساوس لها سبب ولها دواء، هي لا شك أنها مرض تحتاج إلى دواء، وهذا المرض له سبب، وسببه: أن الشيطان إذا رأى من شخص الاستقامة في دين الله حاول بكل الوسائل أن يصده عن سبيل الله، قال الله تبارك وتعالى -عن الشيطان-: {فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ * ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ} [الأعراف:17] وعدو لك يقعد لك صراط الله المستقيم، ويأتيك من كل جهة لا شك أنه يريد أن يهلكك ويدمرك، ولكن إنما يأتي الشيطانُ المستقيمَ من الرجال والنساء، أما غير المستقيم فالشيطان قد استراح منه، لا يأتي إليه أبداً، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وقد شكا الصحابة إليه ذلك قال: (أوجدتم هذا؟، قالوا: نعم يا رسول الله.
    قال: ذاك صريح الإيمان) الصريح من كل شيء الخالص الذي لا يشوبه شيء، ورسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: (إن هذا صريح الإيمان) يعني: خالصه، مع أنه يوجد وسوسة لكن المؤمن يدافع هذا ويكره هذا، ولو سئل عما في قلبه: أتعتقده؟ لقال: أعوذ بالله! أنا أفر منه فراري من الأسد أو أشد، ولكن الشيطان يوسوس له، قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (ذاك صريح الإيمان) .
    وذكر النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لهذا الداء دواءين، وإن شئت فقل: دواءً مركباً من شيئين: الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم، والانتهاء أي: الإعراض، بأن يتغافل الإنسان عن هذا ويتشاغل بأعماله وعباداته وحينئذٍ يزول، الاستعاذة بالله أن تقول وأنت مفتقر إلى الله عز وجل، عالم بأنه وحده هو القادر على أن يعيذك: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم.
    الثاني الإعراض -الانتهاء- اترك هذا وكأنه لم يكن، وحينئذٍ يزول عنك.
    ويذكر أن اليهود قالوا لمن حولهم من الأنصار وغيرهم: إننا نحن لا نوسوس في صلاتنا -يعني: ما نفكر- فقيل لـ ابن مسعود أو لـ ابن عباس: إن اليهود يقولون: إننا لا نفكر، قال: صدقوا، وما يصنع الشيطان بقلب خراب؟!! ماذا يصنع؟ لا شيء، إذا كان القلب خراباً فلا يحاول هدمه، لكن إذا كان القلب عامراً بذكر الله وطاعة الله وخشية الله حينئذٍ يهاجمه الشيطان.
    فأقول لهذه السائلة: بارك الله لها في عبادتها وعملها، وعليها أن تعرض عن هذا إعراضاً كلياً وتتناساه بعد الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم، ثم إن ذلك لا يضرها لأن الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: (ذاك صريح الإيمان) والحمد لله على نعمه أن مثل هذه الوساوس المزعجة المروعة لا تضرنا ولله الحمد، أسأل الله لنا ولكم الثبات.

    (
    وأخيراً أسأل الله عز وجل أن يجعل هذا العمل نافعاً، مباركاً، خالصاً لوجهه الكريم
    وأن ينفعني به في حياتي وبعد مماتي، وأن ينفع به كل من انتهى إليه؛ فإنه خير مسؤول، وأكرم مأمول، وهو حسبنا ونعم الوكيل، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد بن عبد الله وعلى آله وأصحابه ومن تبعه بإحسان إلى يوم الدين.

    حياكم الله بموقع بداية الهداية الخطوة إلى طريق العلم الشرعي الصحيح
    http://www.musacentral.com/

  4. #94
    تاريخ التسجيل
    Mar 2009
    المشاركات
    2,459
    الدين
    الإسلام
    آخر نشاط
    01-11-2023
    على الساعة
    03:37 PM

    افتراضي

    حكم الزكاة على أدوات العمل


    السؤال
    فضيلة الشيخ: يوجد لدى والدتي مغسلة ملابس وأنا وكيلها الشرعي، فهل تجب فيها الزكاة علماً بأن دخلها الشرعي ألف وخمسمائة ريال، يصرف هذا المبلغ لحاجتها ولا يبقى منه شيء، فإذا كانت تجب فيها الزكاة فكيف نعمل في السنين الماضية حيث إني وكيلها منذ أربع سنوات؟

    الجواب
    هذه المغاسل التي يتجر بها الإنسان ليس فيها زكاة، وكذلك السيارات التي أعدها للأجرة ليس فيها زكاة سواء كانت صغيرة أم كبيرة، وكذلك الأراضي التي يؤجرها الناس للزراعة أو غيرها ليس فيها زكاة، لكن الزكاة في نمائها إن بقي عند الإنسان إلى تمام الحول، أما إذا كان كل ما أتاه من هذه الأرض أو من هذه السيارات أو من هذه المغاسل صرفه في شهره أو شهرين أو ثلاثة بحيث لا يتم هذه السنة فإنه لا زكاة فيه.

    (49/17)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم عدم التحقق من المخارج والصفات في قراءة القرآن


    السؤال
    فضيلة الشيخ: مدرس في مدرسة تحفيظ القرآن الكريم، هل يأثم في درس القرآن في عدم التحقق من مخارج الحروف وتطبيق التجويد بجميع أحكامه من التلاميذ؟

    الجواب
    لا إثم في هذا، القراءة بالتجويد ليست واجبة ما دام الإنسان يقيم الحروف ضماً وفتحاً وكسراً وسكوناً، فإن التجويد ليس إلا تحسين اللفظ فقط، إن تمكن الإنسان منه فهذا حسن، وإن لم يتمكن فلا إثم عليه، لو قال مثلاً في قوله تعالى: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ} [الزلزلة:7] (من يعمل) هذا حكمه إدغام بغنة، لو قال: فـ (منْ يعمل) ، لا يأثم؛ لأنه لم يغير، وكذلك {وَمَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَالٍ} [الرعد:11] (من وال) هذه -أيضاً- إدغام بغنة، لو قال: (منْ وال) فلا يأثم، فالقراءة بالتجويد إنما هي تحسين للفظ وليست بواجبة، والتعمق فيه والتنطع فيه والتكلف فيه من الأمور المنهي عنها، لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: (هلك المتنطعون) قالها ثلاثاً.

    (49/18)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم أخذ عوض مالي بسبب نهي منكر الاعتداء على الله


    السؤال
    فضيلة الشيخ: أنا شاب درست في إحدى الجامعات الأمريكية، وقد حصل بيني وبين أحد أساتذة الجامعة نقاش حاد قام على إثره بسب الإله والدين الذي أدين به، وبعدها قدمت شكوى عليه عند رئيس قسمه ثم عمادة الكلية ورئيس الجامعة فلم ينصفوني، فلم يكن أمامي إلا المحاماة والتحاكم إلى المحاكم الوضعية، وقمت بذلك فعلاً وكسبت القضية، وحكم لي بمبلغ مليوني دولار، فأخذ مني محاميي الثلث، فما حكم عملي هذا؟ وما حكم المال الذي كسبته هل هو حلال أم حرام؟ وهل يجوز لي التصرف فيه أم أعيده علماً أن السبب في القضاء لي هو سبه لديني؟ أفتوني جزاكم الله خيراً.


    الجواب
    عدوان هذا الرجل ليس على الطالب حتى يستحق به المال، عدوانه على من؟ على الله عز وجل، وهذا المال الذي اكتسبه الطالب لا يحل له، لأنه في مقابلة أمرٍ بمعروف ونهي عن منكر، والحق ليس له؛ الحق لله، فنصيحتي لهذا الرجل أن ينفذ هذا المال في أمور نافعة ينفع بها المسلمين، كبناء المساجد وإصلاح الطرق وما أشبه ذلك، أما هو بنفسه فلا يأخذه لأنه لا حق له فيه، إذ أن هذا الرجل لم يعتد على الشخص إنما اعتدى على الله عز وجل، وأما التحاكم إلى غير الشريعة، هذه مسألة ثانية، لكن الكلام على أن الدراهم التي أخذها ليست له.

    (49/19)


    --------------------------------------------------------------------------------

    ما يبدأ به طالب العلم


    السؤال
    فضيلة الشيخ: أنا شاب قد هداني الله عز وجل، ومجتهد في طلب العلم كل الاجتهاد، ولكن لا أعلم بأي شيء أبتدأ في طلب العلم، وإن الحفظ يصعب عليَّ إذا أردت أن أحفظ وقليل من الفهم، جزاك الله عني خير الجزاء.


    الجواب
    طالب العلم ينبغي أن يبتدأ بصغار العلم قبل كباره، فمثلاً: إذا أراد أن يطلب العلم في علم العقائد ينظر إلى الكتاب الصغير الذي ألف في العقائد فيحفظه ويبني عليه، وكذلك في الفقه، وكذلك في الحديث وغير ذلك من العلوم، لكن أهم شيء يعتني به كتاب الله عز وجل؛ فإن الله تبارك وتعالى قال: {كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ} [ص:29] فأهم شيء يبدأ به الإنسان هو كتاب الله عز وجل، يقرأه ويحفظه ويتدبره ويتفهمه.
    ثم ما صح عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم في السنة، ثم كلام أهل العلم.
    وأنصح هذا الطالب أن يلزم شيخاً معيناً يثق بعلمه وأمانته ودينه، والشيخ سيوجهه إلى ما يرى أنه أصلح له.

    (49/20)


    --------------------------------------------------------------------------------

    بنات المرأة محارم لزوجها الذي ليس أباً لهن


    السؤال
    المرأة المطلقة إذا تزوجت من رجل آخر فأنجبت منه بنات، فهل زوجها الأول محرم لبناتها من زوجها الثاني؟

    الجواب
    نعم هو محرم، المرأة إذا طلقت وتزوجها رجل آخر وأتت منه ببنات فإن زوجها الأول محرم لبناتها من زوجها الثاني، وكذلك لو كانت عندها بنات من زوج سابق وتزوجت آخر فلزوجها الآخر - الذي هو الأخير - أن تكشف له بناتها من الزوج الأول، إذاً بنات المرأة محارم لزوجها الذي ليس أباً لهن سواء كان سابقاً أو لاحقاً.

    (49/21)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم إدخال ألعاب الكمبيوتر إلى البيت


    السؤال
    فضيلة الشيخ: أريد نصيحةً من فضيلتكم فإنه لا يوجد في منزلي تليفزيون ولله الحمد والمنة، ولكن أبنائي الآن كبروا وصاروا في بعض الأحيان يطلبونه وأنا أكرهه كرهاً شديداً، وهم الآن إذا ذهبت إلى أهلي أو إلى أهل زوجتي ينصرفون إلى التليفزيون وكأنهم جمال لم تر الماء منذ شهور، فضيلة الشيخ: لقد سمعت أن هناك كمبيوتر ألعاب، وهناك أشرطة فيديو إسلامية، وأفلام كرتون تمثل بطولات ومعارك السلف، ولكن أليست أفلام الكرتون تدخل في تحريم الصور لأنها رسوم باليد؟ فبماذا تنصحني يا فضيلة الشيخ والحال ما ذكرت، أثابك الله وغفر لنا ولك ولجميع الحاضرين؟ ملحوظة: هل إذا لم أدخل الأشرطة والفيديو إلى منزلي أعتبر متشدداً؛ لأن هذا ما نسمعه من بعض ضعاف النفوس؟

    الجواب
    الذي أرى أن الذي حفظه الله من التليفزيون في خير إن شاء الله تعالى، ويغني عنه ما أشارت إليه السائلة من الكمبيوتر؛ لأن هذا الكمبيوتر تتحكم فيه أنت، تأتي بأشرطة الفيديو التي تريدها من أي شيء؛ سواء كانت في مخلوقات الله عز وجل، أو كان فيه بطولات لأناس أو ما أشبه ذلك، لكن البطولات في الواقع أكرهها؛ لأن الصغير إذا صار يشاهد هذه البطولات من شخص معين سوف ينقدح في ذهنه أنه لا بطل في الإسلام إلا هذا الشخص، وهذه مشكلة! يعني مثلاً: محمد الفاتح، اشتهر شريطه، هو لا شك أنه بطل وأنه حصل على يديه خير كثير، لكن هل يقارن ببطولة الصحابة؟ لا.
    الصبي إذا عاش وكان ذهنه مملوءاً من أن بطل الإسلام هو هذا الرجل نسي بقية الأبطال، لهذا لو حولت هذه الأشرطة إلى معالجة أشياء واقعية حتى يكون في ذلك تربية لكان هذا أحسن.
    أما موضوع الصور فهذه الصور ليست صوراً مرئية، لأن الشريط لو رآه الإنسان بمجرد العين ما رأى شيئاً حتى يعرض على الجهاز الذي يخرج الصور التي بهذا الشريط، فلا تدخل في قول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم (إن الملائكة لا تدخل بيتاً فيه صورة) .

    (49/22)


    --------------------------------------------------------------------------------

    إعادة صلاة الكسوف لمن أخطأ في كيفيتها


    السؤال
    فضيلة الشيخ: شخص صلى صلاة الكسوف بأناس معه في خارج المنطقة -أي: في البر- وهو لا يعلم كيفيتها فصلى بهم ركعتين، وعندما انتهى من الصلاة أخبره من كان معه أن صلاته خاطئة فهل يعيد صلاته؟

    الجواب
    يعيد الصلاة ما دام الكسوف باقياً، أما إذا انجلى فلا حرج، وقد ذكرنا في نفس الكلام أولاً أنه متى انجلى الكسوف قبل الصلاة فإن الصلاة لا تقام.

    (49/23)


    --------------------------------------------------------------------------------

    صلاة المسافر


    السؤال
    في الأسبوع الماضي وفي برنامج "نور على الدرب" ألقي عليكم سؤال يتعلق بالجمع والقصر في حال السفر، وفهم أحد الإخوة أنكم أفتيتم أنه يجوز الجمع في حال السفر بين الظهر والعصر ولو كان الإنسان في غير مسير، يعني: حتى لو وصل إلى البلد المسافر إليه، فضيلة الشيخ: أريد التوضيح بارك الله فيك وفي علمك وجزاك الله خيراً.


    الجواب
    هذا صحيح، السفر مبيح للقصر؛ بل القصر فيه مسنون، ومبيح للجمع سواء كان الإنسان نازلاً أو سائراً، لكن إذا كان سائراً فالجمع سنة وأفضل من عدم الجمع، وإذا كان نازلاً فالجمع جائز وليس بسنة، والأفضل عدمه إلا لحاجة، الدليل على هذا: أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم في غزوة تبوك كان يصلي الظهر والعصر جمعاً، وأنه في حجة الوداع كان نازلاً في الأبطح في ظهر مكة، وذكر أبو جحيفة الصحابي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم خرج ذات يوم وعليه حلة حمراء فركزت له العنزة -عصا- فصلى الظهر ركعتين والعصر ركعتين.
    وهذا جمع في محل إقامة وفي آخر سفرة سافرها النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم؛ وعليه فافهم: القصر في السفر ما حكمه؟ سنة مطلقاً، الجمع في السفر سنة لمن كان سائراً، جائز لمن كان نازلاً.
    ولكن ليعلم الرجال أنهم إذا كانوا في بلد تقام فيه الجماعة ولا يشق عليهم الذهاب إلى المساجد فإنه يجب عليهم أن يذهبوا إلى المساجد ويصلوا مع الناس، وحينئذٍ لا جمع ولا قصر، إذا ذهبوا مع الناس سيصلونها تماماً، وإذا صلوا مع الناس سيصلون الظهر في وقتها والعصر في وقتها، وبقية الصلوات في وقتها أيضاً.

    (49/24)


    --------------------------------------------------------------------------------

    شبهات حول تكفير أهل الكفر


    السؤال
    فضيلة الشيخ: سمعنا أنكم توقفتم في تكفير المرأة النصرانية التي ماتت في الحادث مؤخراً، فهل هذا صحيح؟ وآخر يقول: فضيلة الشيخ: ذكرت في خطبة الكسوف أن المرأة التي نشر الإعلام وفاتها وقلتم إنها كافرة يقول بعض الناس: وما يدري الشيخ أنها ماتت كافرة، ربما أنها أسلمت في آخر حياتها؟ أرجو يا فضيلة الشيخ أحسن الله إليك بيان ما يتكلم به بعض الناس عن هذا جزاك الله خيراً.


    الجواب
    هاتان شبهتان متناقضتان، أما من جهة التوقف في كفرها فلم أتوقف، هي كافرة؛ لأن الأصل الكفر وبقيت على حالها وما علمنا أنها رجعت إلى الإسلام، فهي كافرة هذا الذي نعتقده فيها، ومن نسب عنا سوى ذلك فقد كذب.
    وأما كونها في النار هي بعينها ما نشهد أنها في النار؛ لأن من مذهب أهل السنة والجماعة: ألا تشهد لأحد بجنة ولا نار إلا من شهد له الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
    حتى لو كان من أتقى الناس لا تقل: هذا من أهل الجنة، حتى لو كان من أكفر الناس ما تقول: هذا من أهل النار، لكن تقول هو كافر، والرجل التقي هو مؤمن لأن هناك فرقاً بين أحكام الدنيا وأحكام الآخرة، أحكام الدنيا يؤخذ الإنسان فيها بظاهر حاله، وأحكام الآخرة عند الله عز وجل، هذا هو ما نعتقده في هذه المرأة.
    والحقيقة أنها امرأة لا تستحق الذكر ولا الثناء، ما الذي قدمته للإسلام؟ لم تقدم، بل إن ظاهر حالها ضد الإسلام، لأننا نسمع أنها تأتي مثل الجمعيات الخيريات وما أشبه ذلك والصليب على صدرها (قد ملأ صدرها) وماذا يعني هذا؟ معناها: أنها تدعو إلى النصرانية، لكن بدلاً من أن تقول للناس: يا أيها الناس كونوا مسيحيين تقول: هذا دين المسيح، رأفة ورحمة وإحسان ورقة.
    وكما قال ابن القيم: الناس أهل ظواهر، لا يعرفون ما وراء الأكمة.
    ونحن نبرأ إلى الله من نيتها ما ندري عن نيتها؛ لكن فعلها واضح أنه دعوة إلى النصرانية، هي لا تستحق الذكر.
    مع الأسف أن بعض الناس من أجل ما أحيط بها من الدعايات العظيمة في وسائل الإعلام جعل يستغفر لها: اللهم اغفر لها، اللهم ارحمها، ولا أدري إذا جاء عيد الأضحى ربما يضحون عنها.
    والاستغفار لها محرم، والدعاء لها بالرحمة محرم، وذلك خروج عن سبيل النبي صلى الله عليه وسلم والذين آمنوا في هذه المسألة، فمن دعا لها بالرحمة أو بالاستغفار فقد خالف هدي النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم والذين معه في هذه المسألة، اسمع: {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ} [التوبة:113] ولقد نُهي النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أن يستغفر لعمه أبي طالب الذي كان يحوطه وكان ينصره وكان يدافع عنه، ومواقفه مع النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم معلومة، ومع ذلك نهاه الله أن يستغفر له، مع إحسانه العظيم للإسلام والنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فكيف بهذه المرأة؟!! فعليه: لا يجوز لأحد أن يدعو لها بالرحمة، ولا بالمغفرة، ولا أن يتصدق عنها، ولا أن يضحي عنها، والصدقة عنها لو تصدقنا عنها بملئ الدنيا لا ينفعها، وهي -أيضاً- لا ينفعها ما قدمت من عمل طيب، كان عبد الله بن جدعان رجلاً مشهوراً في الجاهلية، كريماً، يقري الضيف، ويعين المحتاج، فسئل النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (أينفعه ذلك؟ قال: لا) .
    وجاء رجلان إلى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فذكرا له أمهما، وأنها تقري الضيف، وتعين: (أينفعها ذلك؟ قال: لا) .
    فعلى هذا: يجب يا إخواني أن يكون لدينا براءة من أعداء الله، براءة تامة، قال الله تبارك وتعالى: {إِنَّ الْكَافِرِينَ كَانُوا لَكُمْ عَدُوّاً مُبِيناً} [النساء:101] وقال عز وجل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ} [النساء:144] ، وقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} [المائدة:51] فما بالنا نسير وراء الإعلام الغربي الذي يثني على مثل هؤلاء النصارى، نسأل الله لنا ولكم الهداية والبصيرة.

    (49/25)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم الدعاء بعد الصلوات المكتوبة


    السؤال
    فضيلة الشيخ: ذكر ابن القيم في الداء والدواء: أن بعد الصلوات المكتوبة وقت من أوقات إجابة الدعاء، فكيف يكون ذلك؟ هل بعد الأوراد الشرعية، أم بعد راتبتها، أم ماذا؟

    الجواب
    أنا لا أعلم هذا في السنة أن هناك دعاء بعد الصلاة إلا ما يتعلق بالصلاة كالاستغفار ثلاثاً بعد السلام، لأنه يتعلق بالصلاة، وأما الدعاء فإنه يكون قبل السلام؛ لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لما ذكر التشهد قال: (ثم ليتخير من الدعاء ما شاء) .
    نعم الدعاء بين الأذان والإقامة لا شك أنه حري بالإجابة سواء كان الإنسان يدعو به في صلاة نافلة أو بعد الصلاة.

    (49/26)


    --------------------------------------------------------------------------------

    صلاة المسافر المغرب خلف من يصلي العشاء


    السؤال
    فضيلة الشيخ: أنا رجل مسافر ولم أصل المغرب ولا العشاء، فدخلت المسجد وهم يبدءون في صلاة العشاء فأخذت في تفويت ركعة من صلاة العشاء وأكملت الباقي بنية صلاة المغرب، فأنكر عليَّ أحد الإخوة بأن فعلي مخالف للسنة وأنه خطأ، فما رأيك في صلاتي جزاك الله خيراً.


    الجواب
    إذاً ما هو الصواب؟ الشيخ: مشكلة هذه: أن يقول للناس هذا خطأ ولا يبين لهم الصواب فيوقعهم في حيرة.
    على كل حال: إذا جاء الإنسان وهو مسافر ودخل مسجد وهم يصلون العشاء فإن أدركهم في الركعة الثانية فلينو المغرب ويسلم مع الإمام لأنه صلى ثلاثاً، وإن أدركهم في الثالثة نوى المغرب وصلى معهم ركعتين ثم إذا سلم الإمام قام إلى الثالثة، وإذا أتاهم في الركعة الأولى دخل معهم بنية المغرب، فإذا قام الإمام إلى الرابعة جلس، ونوى المفارقة، وتشهد وسلم، ثم دخل مع الإمام في ما بقي من صلاة العشاء.

    (49/27)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم عدم مباشرة الجبهة للأرض عند السجود


    السؤال
    ما حكم وضع طرف الشماغ على الأرض أثناء الصلاة والسجود عليه لتنجب الأتربة والروائح الكريهة؟

    الجواب
    إذا كان هناك حاجة للسجود على الغترة أو الشماغ أو العباءة -المشلح- فلا بأس، قال أنس بن مالك رضي الله عنه: (كنا نصلي مع النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم في شدة الحر، فإذا لم يستطع أحدنا أن يمكن جبهته من الأرض بسط ثوبه وسجد عليه) فإذا كانت الأرض مثلاً حارةً أو فيها شوك أو فيها حصى ما يستطيع الإنسان أن يمكن جبهته؛ فلا حرج أن يضع طرف الغترة أو الشماغ أو المشلح ويسجد عليه، أما بدون حاجة فإنه يكره، وأما إذا سجد على شيء منفصل فهذا لا بأس به، مثلاً: إنسان معه منديل وأراد أن يسجد على الأرض ويضع المنديل فلا بأس.

    (49/28)


    --------------------------------------------------------------------------------

    الضابط في طهر المرأة من الحيض


    السؤال
    امرأة تأتيها الدورة وفي اليوم السابع ينقطع الدم تماماً، ويبقى اليوم الثامن والتاسع ومعها الكدرة والصفرة، وفي اليوم العاشر تنزل القصة البيضاء، السؤال يا فضيلة الشيخ: ماذا تفعل؟ هل تصلي وتصوم في اليوم الثامن والتاسع؟ وما هو المقصود بالطهر، هل هو انقطاع الدم، أو الجفاف من الدم وغيره، أو نزول القصة البيضاء؟

    الجواب
    المراد بالطهر من الحيض انقطاع الدم دون جفافه؛ لأن النساء في الحيض ربما تجف يوماً أو نصف يوم، هذا يعتبر من الحيض، لكن إذا انقطع وعرفت أنه انقطع طهرت، حتى لو جاء بعد ذلك صفرة أو كدرة فإنها لا تضر، قالت أم عطية: [كنا لا نعد الصفرة والكدرة شيئاً] .

    (49/29)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم الأذان والإقامة في أذني المولود


    السؤال
    يقوم بعض الناس عندما يرزق بمولود بالتأذين في أذنه اليمنى والإقامة في أذنه اليسرى، فهل هذا وارد في السنة؟

    الجواب
    هو وارد في السنة لكن أحاديث الإقامة ضعيفة، أما الأذان فهي أقوى، فلهذا نقول: يؤذن في أذنه اليمنى أول ما يولد، وغالب الناس الآن أنهم لا يتمكنون من هذا؛ لأن الأولاد تولدهم الممرضات في المستشفى، لكن إذا كان الإنسان قد حضر الولادة فإنه ينبغي أن يؤذن في أذنه اليمنى، ولكن لا بصوت مرتفع لئلا تتأثر الأذن، بصوت منخفض قال العلماء: من أجل أن يكون أول ما يطرق سمعه الأذان والدعوة للصلاة.

    (49/30)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم تصرف الوكيل في مال موكله اليتيم


    السؤال
    يقول فضيلة الوالد أنا وكيل لأخوات لي أيتام، وبيدي مالهن الذي ورثنه من والدهن، ولي أرض، فما رأيك لو بنيت على هذه الأرض استراحة فأجرتها وتقاسمنا الأيجار بيننا؟

    الجواب
    قال الله عز وجل: {وَلا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [الأنعام:152] فإذا رأيت أن هذا أحسن فلا حرج، أما إذا شككت فلا تفعل، وإذا غلب على ظنك أن تكون خسارة في هذا فلا تفعل أيضاً، هذا إذا كن يتيمات، واليتيم: من مات أبوه قبل أن يبلغ، وعلى هذا فمن بلغ من الذكور أو الإناث زال عنه وصف اليتم.

    (49/31)


    --------------------------------------------------------------------------------

    قضاء رمضان لمن أفطره


    السؤال
    فضيلة الشيخ: ما الحكم في من أفطر رمضان كاملاً فأراد أن يقضيه؟ هل يقضيه متواصلاً، أم لا حرج عليه أن يقضيه متى شاء لكن قبل رمضان الآخر؟

    الجواب
    قال الله تبارك وتعالى: {وَمَنْ كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} [البقرة:185] ولم يقل الله تبارك وتعالى: متتابعات، ولو أراد الله سبحانه وتعالى أن تكون متتابعة لقيدها كما قال تعالى في كفارة الظهار: {فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ} [النساء:92] والإنسان الذي عليه صيام رمضان هو حر، له أن يقضي في الشهر يومين أو ثلاثة أو أربعة، أو يجمعها جميعاً، المهم ألا يدخل رمضان الثاني إلا وقد أدى ما عليه من رمضان السابق، قالت عائشة: [كان يكون علي الصوم من رمضان فما أستطيع أن أقضيه إلا في شعبان] .

    (49/32)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم تملك السيارة عن طريق الإيجارات


    السؤال
    فضيلة الشيخ: بعض وكالات السيارات تؤجر لك السيارة بإيجار شهري بمبلغ معين إلى مدة معينة، وبعدها تملكك السيارة، علماً أنك تنتفع بهذه السيارة إلى نهاية المدة، وبعدها تكتب هذه السيارة باسمك، وإذا تأخرت عن دفع الإيجار ولو مدة قصيرة تسحب منك السيارة حتى ولو لم يبق إلا شهر واحد على تمليك السيارة، فما حكم ذلك؟

    الجواب
    الذي نرى أن هذه المعاملة حرام، وأنها لا تصح، فهي معاملة فاسدة؛ لأنا إن جعلناها من باب تعليق البيع فتعليق البيع على مذهب أصحاب الإمام أحمد باطل، وإن جعلناها عقداً ناجزاً فكيف يمكن أن يكون هذا الذي اشتراها مشترياً وتحسب عليه بأجرة؟ هذا تضاد، الإنسان لا يمكن أن يؤجر ماله، إذا كان مالكاً فلا أحد يستحق عليه الأجرة، لهذا نرى أن هذا العقد محرم وفاسد، وأن على من تقدم إليه أن يفسخه بقدر ما يستطيع.

    (49/33)


    --------------------------------------------------------------------------------

    صورة من بيوع العينة


    السؤال
    سؤال قريب منه يقول: فضيلة الشيخ: ما حكم ما يفعله بعض الناس أو أكثر الناس وذلك أن أحدهم إذا أراد أن يتزوج أو يبني بيتاً أو غيره يقوم باستدانة سيارة إلى أجل، ومن ثم يقوم ببيعها في المعرض الذي اشتراها منه نقداً ولكن ليس على الذي اشتراها منه، وذلك لحاجته إلى النقود، هل في ذلك نوع من الربا أو التحايل عليه؟ وفقك الله ونفع بعلمك.


    الجواب
    أما عند شيخ الإسلام ابن تيمية فإن هذا من الربا، لكنها بطريق حيلة، ولهذا شدد فيها وقال: إنها حرام.
    قال تلميذه ابن القيم رحمهما الله جميعاً قال: كان شيخنا يراجعُ في ذلك مراراً - يعني: لعله يفتي بالجواز - ولكنه يأبى أن يفتي إلا بالتحريم.
    وبعض العلماء يقول: إذا كان الإنسان محتاجاً حقيقةً، وكانت السيارة ملكاً للبائع، وذهب إليه واشتراها منه بمائة وهي تساوي ثمانين من أجل أن يبيعها بثمانين وينتفع بثمنها، فهذا لا بأس بشرط ألا يبيعها على من اشتراها منه؛ لأنه لو باعها على من اشتراها منه بأقل صارت هذه هي مسألة العينة وهي حرام.
    ونحن نرى أنه إذا اضطر الإنسان إلى هذا اضطراراً لا بد من مثل أن يكون شرع في بناء بيت وكان يظن أن النفقة التي عنده تكفيه ولكن لم تكفه، فهذه ضرورة، لكن لا بد فيها من ألا يجد أحداً يقرضه قرضاً، وألا يجد أحداً يسلم إليه سلماً، وأن تكون السلعة عند البائع، فإذا اضطر إلى هذا فأرجو ألا يكون فيه بأس.

    (49/34)


    --------------------------------------------------------------------------------

    صلاة المسافر المغرب خلف من يصلي العشاء


    السؤال
    فضيلة الشيخ: رجل مسافر لم يصل المغرب وتعمد ترك الدخول في صلاة العشاء في الركعة الأولى من الصلاة ليكون قد أدرك ثلاث ركعات، فما حكم تركه للركعة الأولى؟

    الجواب
    هذا رجل مسافر دخل المسجد والناس يصلون صلاة العشاء، فوقف ولم يدخل معهم في الركعة الأولى ودخل في الثانية من أجل أن يسلم معهم، هذا لا شك أنه لا ينبغي وأنه خلاف السنة لقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (ما أدركتم فصلوا) وهذا الرجل أدرك الركعة الأولى ولم يصل، لكن نظراً لأنه متأول وليس عنده علم نرى أنه لا حرج عليه ولا إثم عليه.

    (49/35)


    --------------------------------------------------------------------------------

    نصيحة لمن تؤخر زوجته صلاة الفجر


    السؤال
    فضيلة الشيخ: نفع الله بكم الإسلام والمسلمين، رجل متزوج من امرأة مفرطة في صلاة الفجر، فهي لا تصلي الفجر إلا مع الظهر، ويظل زوجها يوقظها أكثر من ساعة ولكن دون جدوى، فبماذا توجهه حفظك الله؟ أرجو أن تدعو الله لها بالهداية.


    الجواب
    أسأل الله لها الهداية وأن يعين زوجها عليها، والواجب عليه أن يحاول بقدر المستطاع وأن يوقظها لصلاة الفجر، وأن يأمرها أن تنام مبكر؛ لأن الآفة التي تعتري الكثير من الناس اليوم بالنسبة لصلاة الفجر هو تأخر النوم، والإنسان يحتاج بدنه إلى النوم.
    فنسأل الله للجميع الهداية، ونسأل الله تعالى أن يجعل اجتماعنا اجتماعاً مرحوماً إنه على كل شيء قدير.
    وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله محمد.
    وأخيراً أسأل الله عز وجل أن يجعل هذا العمل نافعاً، مباركاً، خالصاً لوجهه الكريم
    وأن ينفعني به في حياتي وبعد مماتي، وأن ينفع به كل من انتهى إليه؛ فإنه خير مسؤول، وأكرم مأمول، وهو حسبنا ونعم الوكيل، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد بن عبد الله وعلى آله وأصحابه ومن تبعه بإحسان إلى يوم الدين.

    حياكم الله بموقع بداية الهداية الخطوة إلى طريق العلم الشرعي الصحيح
    http://www.musacentral.com/

  5. #95
    تاريخ التسجيل
    Mar 2009
    المشاركات
    2,459
    الدين
    الإسلام
    آخر نشاط
    01-11-2023
    على الساعة
    03:37 PM

    افتراضي

    حياكم الله
    وأخيراً أسأل الله عز وجل أن يجعل هذا العمل نافعاً، مباركاً، خالصاً لوجهه الكريم
    وأن ينفعني به في حياتي وبعد مماتي، وأن ينفع به كل من انتهى إليه؛ فإنه خير مسؤول، وأكرم مأمول، وهو حسبنا ونعم الوكيل، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد بن عبد الله وعلى آله وأصحابه ومن تبعه بإحسان إلى يوم الدين.

    حياكم الله بموقع بداية الهداية الخطوة إلى طريق العلم الشرعي الصحيح
    http://www.musacentral.com/

صفحة 10 من 10 الأولىالأولى ... 9 10

موسوعه فتاوى اللقاء الشهري العلامه ابن عثمين

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

المواضيع المتشابهه

  1. هنا كل كنوز العلامه محمد بن صالح العثيمين
    بواسطة ابو ياسمين دمياطى في المنتدى منتدى الصوتيات والمرئيات
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 28-02-2018, 08:02 PM
  2. هنا كل كنوز العلامه مصطفى العدوي
    بواسطة ابو ياسمين دمياطى في المنتدى منتدى الصوتيات والمرئيات
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 28-02-2018, 04:45 PM
  3. عشر خطط للمحافظة على راتبك الشهري من المصاريف
    بواسطة الزبير بن العوام في المنتدى المنتدى العام
    مشاركات: 13
    آخر مشاركة: 14-05-2014, 11:31 AM
  4. فضل العلم العلامه بن باز مرئى
    بواسطة ابو ياسمين دمياطى في المنتدى منتدى الصوتيات والمرئيات
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 19-04-2011, 02:16 AM
  5. ستيوارت العتيبي و مايكل الشهري وآخرون.. سعوديون يريدون إعلان إسلامهم
    بواسطة نعيم الزايدي في المنتدى منتدى قصص المسلمين الجدد
    مشاركات: 4
    آخر مشاركة: 10-01-2011, 10:08 AM

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  

موسوعه فتاوى اللقاء الشهري العلامه ابن عثمين

موسوعه فتاوى اللقاء الشهري العلامه ابن عثمين