موسوعه فتاوى اللقاء الشهري العلامه ابن عثمين

آخـــر الـــمـــشـــاركــــات


مـواقـع شـقــيـقـة
شبكة الفرقان الإسلامية شبكة سبيل الإسلام شبكة كلمة سواء الدعوية منتديات حراس العقيدة
البشارة الإسلامية منتديات طريق الإيمان منتدى التوحيد مكتبة المهتدون
موقع الشيخ احمد ديدات تليفزيون الحقيقة شبكة برسوميات شبكة المسيح كلمة الله
غرفة الحوار الإسلامي المسيحي مكافح الشبهات شبكة الحقيقة الإسلامية موقع بشارة المسيح
شبكة البهائية فى الميزان شبكة الأحمدية فى الميزان مركز براهين شبكة ضد الإلحاد

يرجى عدم تناول موضوعات سياسية حتى لا تتعرض العضوية للحظر

 

       

         

 

    

 

 

    

 

موسوعه فتاوى اللقاء الشهري العلامه ابن عثمين

صفحة 9 من 10 الأولىالأولى ... 8 9 10 الأخيرةالأخيرة
النتائج 81 إلى 90 من 95

الموضوع: موسوعه فتاوى اللقاء الشهري العلامه ابن عثمين

  1. #81
    تاريخ التسجيل
    Mar 2009
    المشاركات
    2,459
    الدين
    الإسلام
    آخر نشاط
    01-11-2023
    على الساعة
    04:37 PM

    افتراضي

    اللقاء الشهري

    اللقاء الشهري [43]
    إن أي عبادة يُتقَرب بها إلى الله عز وجل لا تقبل إلا إذا توفر فيها شرطان، وهما: الإخلاص لله عز وجل، والمتابعة للرسول صلى الله عليه وسلم، ومن العبادات الحج، وفي هذا اللقاء ذكر الشيخ صفة حج النبي صلى الله عليه وسلم؛ لكي نقتدي به في حجه عليه الصلاة والسلام، وكذلك شروط الأضحية، ثم أردف ذلك بالإجابة عن الأسئلة حول الحج والأضحية وغيرهما.

    (43/1)


    --------------------------------------------------------------------------------

    شرطا العبادة الصحيحة
    الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
    أما بعد: فإننا بمناسبة استقبال شهر ذي الحجة الذي يؤدي فيه الناس مناسكهم من حج وعمرة، والذي يتقربون إلى الله تبارك وتعالى فيه بذبح الأضاحي فإننا سنذكر الآن شيئاً من أحكام الحج وأحكام الأضحية.
    من المعلوم أن كل عبادة لا تصح إلا بشرطين أساسين -جميع العبادات لا تصح ولا تقبل إلا بشرطين أساسين-

    (43/2)


    --------------------------------------------------------------------------------

    من شروط العبادة: الإخلاص لله تعالى
    الشرط الأول: الإخلاص لله تعالى؛ بأن يقصد الإنسان بعبادته مرضاة الله سبحانه وتعالى، والوصول إلى دار كرامته، لا يقصد بذلك شيئاً من الدنيا؛ لأن من أراد بعمله شيئاً آخر من أمور الدنيا حبط عمله، قال الله تبارك وتعالى: {مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لا يُبْخَسُونَ * أُولَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ إِلَّا النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [هود:15-16] وقال تعالى: {مَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ وَمَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ} [الشورى:20] بعض الناس يذهب إلى الحج للترفه والنزهة ورؤية الناس، وبعض الناس يأخذ الحج لغيره نيابة لأجل الدنيا -لأجل المال- وكل من أراد بعمله الذي يتقرب به إلى الله شيئاً من الدنيا فإنه لا يقبل منه.

    (43/3)


    --------------------------------------------------------------------------------

    من شروط العبادة: متابعة الرسول صلى الله عليه وسلم
    والشرط الثاني: المتابعة للرسول عليه الصلاة والسلام؛ لأنه لا يمكن أن تقبل أي عبادة إلا على نحو ما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم لقول الله تبارك وتعالى: {شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحاً وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ} [الشورى:13] وقال تعالى: {أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ} [الشورى:21] قال ذلك منكراً عليهم، وقال الله تعالى في الحديث القدسي: (أنا أغنى الشركاء عن الشرك، من عمل عملاً أشرك فيه معي غيري تركته وشركه) فلا بد من المتابعة والإخلاص، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنه قال: (من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد) .

    (43/4)


    --------------------------------------------------------------------------------

    صفة حجه عليه الصلاة والسلام
    إذا كان لا بد من متابعة النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فلا بد أن نعرف كيف حج الرسول عليه الصلاة والسلام.
    فلنذكر ذلك على سبيل الاختصار حج النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم في السنة العاشرة من الهجرة ولم يحج قبلها -بعد الهجرة لم يحج عليه الصلاة والسلام إلا هذه الحجة- لأنها -أي: مكة - كانت إلى السنة الثامنة تحت ولاية المشركين، وفي السنة التاسعة بعث النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أبا بكر رضي الله عنه ليكون أمير الحجيج في السنة التاسعة، وتأخر في المدينة؛ لأن الناس صاروا يفدون إلى المدينة يتعلمون أحكام الإسلام، فبقي النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم في المدينة وحج في السنة العاشرة وأعلم الناس بذلك، وحج معه نحو أربعين ألفاً من المسلمين؛ فخرج من المدينة ونزل بـ ذي الحليفة وأحرم منها، وسار إلى مكة، ولما وصل مكة طاف بالبيت سبعة أشواط: يرمل في الأشواط الثلاثة الأولى ويمشي في الأربعة الباقية.
    وكان مضطبعاً بردائه، والاضطباع: أن يجعل الإنسان وسط الرداء تحت إبطه الأيمن، وطرفيه على كتفه الأيسر، ولما أتم سبعة أشواط تقدم إلى مقام إبراهيم فقرأ: {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلّىً} [البقرة:125] فصلى خلف المقام ركعتين قرأ في الأولى: {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} [الكافرون:1] بعد الفاتحة، وفي الثانية: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [الإخلاص:1] بعد الفاتحة، وخفف هاتين الركعتين من أجل أن يخلي المكان لمن أراد أن يصلي فيه.
    ثم رجع إلى الركن -أي: إلى الحجر الأسود- فاستلمه، ثم خرج من الباب إلى الصفا، فلما دنا من الصفا قرأ: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ} [البقرة:158] أبدأ بما بدأ الله به -فبدأ بـ الصفا - فرقي عليه واستقبل القبلة ورفع يديه وجعل يذكر الله ويدعوه، وكان من ذكر الله الذي قاله: (لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، لا إله إلا الله وحده أنجز وعده، ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده) ثم دعا، ثم أعاد الذكر مرة ثانية ثم دعا، ثم أعاده مرة ثالثة.
    ثم نزل يمشي حتى نزل بطن الوادي -أي: مجرى الشعيب- وكان نازلاً فلما نزل بطن الوادي أسرع إسراعاً بالغاً حتى أن إزاره لتدور به من شدة السعي، فلما ارتفع صار يمشي إلى المروة، أتم سبعة أشواط: من الصفا إلى المروة شوط، ومن المروة إلى الصفا شوط آخر، فكان أول ابتداء سعيه من الصفا وآخره المروة.
    ثم أمر أصحابه الذين لم يسوقوا الهدي أن يحلوا من إحرامهم ويجعلوها عمرة، أما هو صلى الله عليه وعلى آله وسلم فلم يتحلل؛ لأنه قد ساق الهدي، ومن ساق الهدي لا يتحلل حتى يبلغ الهدي محله، وأشكل على الصحابة: كيف نتحول من الحج إلى العمرة، قالوا: (يا رسول الله! قد سمينا الحج.
    قال: افعلوا ما آمركم به) وقال: دخلت العمرة في الحج، يعني: أن انتقالكم من الحج إلى العمرة لا يعني إفساد الحج؛ لأن العمرة دخلت في الحج.
    ثم انتهى من السعي وخرج عليه الصلاة والسلام ونزل في الأبطح ولم ينزل في مكة من أجل أن يخليها لمن احتاج إليها، ومعه كما قلت لكم أربعون ألفاً، نزل هناك إلى أن كان يوم الثامن من ذي الحجة، فلما كان يوم الثامن من ذي الحجة ارتحل صلى الله عليه وعلى آله وسلم إلى منى، وأحرم المسلمون الذين حلوا من عمرتهم في ذلك اليوم، وبقي في منى صلى بها الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر، ولما طلعت الشمس سار إلى عرفة، ونزل في مكان يقال له: نمرة ليستريح فيه، حتى إذا زالت الشمس ارتحل عليه الصلاة والسلام متجهاً إلى عرفة، فنزل في بطن الوادي -أي: وادي عرنة - وخطب الناس خطبة بليغة عظيمة، ثم أذن بلال فصلى الظهر والعصر جمع تقديم.
    ثم سار إلى الموقف الذي اختار أن يقف فيه في عرفة عند الصخرات شرقي عرفة، وقف راكباً على بعيره عليه الصلاة والسلام يدعو الله تبارك وتعالى إلى أن غابت الشمس، ولما غابت الشمس دفع من عرفة متجهاً إلى مزدلفة حتى وصل مزدلفة فصلى بها المغرب والعشاء، ثم اضطجع حتى طلع الفجر فصلى الفجر حين تبين له الصبح، ثم ركب حتى أتى المشعر الحرام فوقف عنده مستقبل القبلة يدعو الله تبارك وتعالى حتى أسفر جداً.
    ثم واصل السير إلى منى وسلك الطريق الوسطى؛ لأن منى في ذلك الوقت فيها ثلاث طرق، فسلك الطريق الوسطى؛ لأنه أيسر في وصوله إلى جمرة العقبة، وبدأ بجمرة العقبة حين وصل إلى منى فرماها بسبع حصيات يكبر مع كل حصاة، وقال لأصحابه -وقوله لأصحابه قول لأمته- قال: (بأمثال هؤلاء فارموا، وإياكم والغلوَّ في الدين) .
    ثم بعد الرمي انصرف إلى المنحر وكان قد أهدى مائة بعير نحر منها ثلاثاً وستين بيده، وأعطى علي بن أبي طالب الباقي فنحرها، ثم أمر صلى الله عليه وعلى آله وسلم من كل بدنة بقطعة فجعلت في قدر فطبخت فأكل من لحمها وشرب من مرقها تحقيقاً لقوله تعالى: {فَكُلُوا مِنْهَا} [البقرة:58] ثم حلق وحل ونزل إلى مكة وطاف طواف الإفاضة ومن معه قارنين طافوا معه طواف الإفاضة، ولم يسعوا بين الصفا والمروة؛ لأنهم كانوا قد سعوا بعد طواف القدوم، أما المتمتعون الذين حلوا من العمرة فطافوا بين الصفا والمروة بعد طواف الإفاضة.
    ثم رجع إلى منى وأقام فيها ثلاثة أيام بعد العيد، رمى في اليوم الأول الجمرة الأولى، ثم الوسطى ثم العقبة، يدعو بين الجمرتين الأولى والثانية، والثانية والثالثة، أما الثالثة فإنه لم يقف بعدها للدعاء.
    وفي اليوم الثالث عشر نزل صلى الله عليه وعلى آله وسلم من منى بعد أن رمى الجمرات الثلاث وقبل أن يصلي الظهر، فنزل بمكان يقال له المحصَّن وفي آخر الليل أمر بالرحيل، فارتحل صلى الله عليه وعلى آله وسلم وأتى المسجد الحرام فطاف طواف الوداع، وصلى الفجر، ثم رجع إلى المدينة صلوات الله وسلامه عليه.
    هذه هي الخلاصة، وقد سبق شيء كثير من أحكام الحج في اللقاء السابق.

    (43/5)


    --------------------------------------------------------------------------------

    من أحكام الأضاحي
    أما الأضاحي فهي سنة النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم؛ لأنه كان يضحي كل عام، ويضحي بكبشين: أحدهما يقول: (هذا عن محمد وآل محمد) والثاني يقول: (هذا عن أمة محمد) عليه الصلاة والسلام وجزاه الله عنا خيراً، والأضحية سنة مؤكدة، وقال بعض العلماء: إنها واجبة على القادر، وممن ذهب إلى ذلك في ظاهر كلامه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، وهو مذهب أبي حنيفة رحمه الله، فالإنسان القادر يضحي إما وجوباً وإما استحباباً مؤكداً، ولكن الأضحية عمن؟ الأضحية عن الأحياء، والأموات إن أوصوا بأضحية ضحي لهم حسب وصيتهم، وإن لم يضحوا فإنه لا يضحى عنهم وإنما يكونون تبعاً، فإذا قال الإنسان: هذا عني وعن أهل بيتي.
    وفيهم أموات دخلوا في ذلك.
    وقولنا: إنه لا يضحى لهم إلا بوصية، لا تستغربوا هذا؛ لأن خير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم، فهو لم يضح عن أحد من أمواته، لقد ماتت زوجته خديجة وهي من أحب زوجاته إليه ولم يضح عنها، ولقد مات له ثلاث بنات وثلاثة أبناء ولم يضح عنهم، ماتت له زينب ورقية وأم كلثوم، ومات له إبراهيم وأخواه ولم يضح عن أحد منهم، ومات له عمه حمزة وهو من أحب أعمامه إليه، استشهد في أحد رضي الله عنه ولم يضح عنه، وما علمنا أحداً من الصحابة ضحى عن أقاربه، ولا شك أنه لو كان خيراً لسبقونا إليه، ولهذا ذهب بعض العلماء إلى أن الإنسان إذا ضحى عن الميت لم تقبل لعدم ورود الشرع بها، لكن أكثر العلماء قالوا: إنها تقبل؛ لأنها بمنزلة الصدقة، والصدقة جاءت السنة بقبولها عن الميت.
    على كل حال: لا أريد أن أزهدكم في الأضاحي عن الأموات، لكن أريد أن أدفع تلك العادة التي اعتادها بعض الناس فصاروا لا يضحون إلا عن الأموات، لا يضحي الإنسان عن نفسه وأهله، وهذا لا شك أنه خطأ، وأن الأصل في الأضحية عن الرجل وأهل بيته.

    (43/6)


    --------------------------------------------------------------------------------

    شروط الأضحية
    الأضحية لا بد فيها من شروط: الشرط الأول: أن تكون من بهيمة الأنعام.
    والشرط الثاني: أن تكون بالغة للسن المحدد شرعاً.
    والشرط الثالث: أن تكون سليمة من العيوب.
    والشرط الرابع: أن تكون في وقت الأضاحي.

    (43/7)


    --------------------------------------------------------------------------------

    من شروط الأضحية: أن تكون من بهيمة الأنعام
    أن تكون من بهيمة الأنعام: وهي الإبل والبقر والغنم لقول الله تعالى: {لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ} [الحج:34] فمن ضحى بفرس -والفرس غال وجسمه كبير- فإن أضحيته لا تقبل، لماذا؟ لأنه ليس من بهيمة الأنعام.

    (43/8)


    --------------------------------------------------------------------------------

    من شروط الأضحية: أن تبلغ السن المحدد شرعاً
    الشرط الثاني: أن تبلغ السن المحدد شرعاً: في الإبل خمس سنوات، وفي البقر سنتان، وفي المعز سنة، وفي الضأن نصف سنة، فلو ضحى ببعير له أربع سنوات فقط فأضحيته غير مقبولة، ومن ضحى ببقرة عمرها ثمانية عشر شهراً فأضحيته غير مقبولة، ومن ضحى بعنز عمرها ثلاثة شهور لم تقبل، ومن ضحى بخروف عمره خمسة شهور لا يقبل، الدليل: قول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (لا تذبحوا إلا مسنة، إلا أن تعسر عليكم فتذبحوا جذعة من الضأن) .

    (43/9)


    --------------------------------------------------------------------------------

    من شروط الأضحية: أن تكون سليمة من العيوب
    الشرط الثالث: أن تكون سليمة من العيوب، والعيوب تنقسم إلى قسمين: عيوب لا تصح معها الأضحية، وعيوب تصح لكنها ناقصة، العيوب التي لا تصح معها الأضحية هي ما أشار النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم حين سئل ماذا يتقى من الضحايا؟ فقال: (أربع -وأشار بأصابعه-: العوراء البين عورها، والمريضة البين مرضها، والعرجاء البين ضلعها، والهزيلة -أو قال: العجفاء- الذي ليس فيها مخ) .
    إن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لم يقل: العوراء بل قال: البين عورها، كيف بيان العور؟ بيان العور أنك إذا رأيتها أنها عوراء إما لكون عينها بارزة، وإما لكونها منخسفة غائرة، أما لو كانت قائمة ولا تبصر بها فإنها تجزئ؛ لأن الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: (العوراء البين عورها) ولم يقل: العوراء فقط.
    المريضة البين مرضها، المرض نوعان: نوع بين بحيث تكون الشاة -مثلاً- خاملة لا ترعى ولا تمشي، ودائماً رابضة، هذه مرضها بين، أما إذا كان فيها شيء من السخونة ولكنها تمشي، تأكل، وتصحب الغنم -مثلاً- فهذه مريضة لكن مرضها ليس ببين.
    العرجاء بين الرسول عليه الصلاة والسلام بأن العرجاء البين ضلعها، فإن كانت تهمز بيدها أو برجلها لكنها تمشي، ليس مرضها بيناً، فإنها تجزئ؛ لأن الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم قيد فقال: (البين عرجها) .
    الرابعة: العجفاء أو الهزيلة التي ليس فيها مخ؛ لأن هذه تكون ضعيفة جداً، ويكون لحمها غير طيب، ولهذا قال النبي عليه الصلاة والسلام: (إنها لا تجزئ) أي: تتقى، ولا يضحى بها.
    أما إذا كان في الأذن نقص؛ كأن قطع نصف أذنها، أو انخرمت أذنها، أو انخرقت من الوسم فهل تجزئ؟ نعم تجزئ لكنها ناقصة، ولو أنها سقطت أسنانها أو شيء من أسنانها: الثنايا والرباعيات أتجزئ أو لا؟ تجزئ ولكنها ناقصة، كلما كانت أكمل فهو أفضل، ولو قطعت إليتها؟ فيقول العلماء: إن المقطوعة الإلية لا تجزئ؛ لأن الإلية تحمل شحماً كثيراً فهي بمنزلة العجفاء فلا تجزئ.
    ولو ضحى ببعير مقطوعة الذنب -ذيلها مقطوع-؟ تجزئ؛ لأن ذيل البعير ليس بمقصود بل يرمى به، وكذلك لو ضحى ببقرة مقطوعة الذنب -مقطوعة الذيل- فإنها تجزئ لكن الكاملة أفضل، ولو ضحى بعنز مقطوعة الذيل فإنها تجزئ لكنها ناقصة، ولو ضحى بشاة قطع أكثر من نصف أذنها ولكنها صحيحة تأكل وتشرب وتمشي فما تقولون؟ تجزئ لكنها ناقصة، فالمهم إذا ضحى بشيء خال من العيوب الأربعة التي نص عليها الرسول عليه الصلاة والسلام فإنها تجزئ، لكن كلما كانت أنقص فهي ناقصة.
    لو ضحى بعمياء؟ عمياء لا تنظر أبداً؟ لا تجزئ، لأنه إذا كان النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم منع من الأضحية بالعوراء البين عورها فالعمياء من باب أولى، لكن ألا تعلمون أن بعض العلماء قال: إن العمياء تجزئ، قيل له: سبحان الله! العمياء تجزئ والعوراء لا تجزئ؟! قال: نعم.
    لأن العوراء يتركها أهلها ترعى وحدها وهي لعورها لا ترى كل شيء، العوراء لا ترى إلا من عند العين الصحيحة فقد يفوتها شيء كثير من المرعى، والعمياء أهلها يأتونها بالعلف، يعرفون أنهم لو أطلقوها ما رأت فلا يأتيها شيء، لكن لا شك أن هذا قياس ضعيف وقول باطل، يا سبحان الله!! الرسول عليه الصلاة والسلام يقول: (العوراء البين عورها) ونحن نقول: العمياء البين عماها تجزئ؟!! والمقطوعة اليد تجزئ أو لا تجزئ؟ لا تجزئ لسببين: أولاً: أنها أن أبلغ من العرجاء.
    والثاني: قد فات لحم مقصود، إذا قطعت من عند الكتف فقد فات لحم مقصود.
    على كل حال افهموا -بارك الله فيكم- العيوب المنصوص عليها واضحة ولا أحد يتكلم فيها أنها لا تجزئ، وما كان مثلها أو أكثر فله حكمها، وما كان دون ذلك فإنه لا يمنع من الإجزاء ولكن تكون ناقصة.

    (43/10)


    --------------------------------------------------------------------------------

    من شروط الأضحية: أن يكون ذبحها في الزمن المحدد شرعاً
    الرابع: أن تكون في وقت الأضحية، من صلاة العيد يوم العيد إلى غروب الشمس يوم الثالث عشر، فتكون أيام الذبح أربعة أيام يجزئ الذبح فيها ليلاً ونهاراً، والنهار أفضل من الليل، وأول يوم أفضل من الذي يليه، فإن ذبح قبل التسليمة الثانية من صلاة العيد فهي غير مقبولة؛ لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: (من ذبح قبل الصلاة فشاته شاة لحم) لا تقبل.
    من ذبح بعد غروب الشمس ليلة الثالث عشر فإنها لا تقبل؛ لأنها بعد الوقت، اللهم إلا في حال واحدة: لو أن الرجل اتكل على ابنه -مثلاً- قال: يا ابني ضح.
    فتهاون الابن أو نسي ولم يضح، وكان الأب عازماً على الأضحية لكن قد وكل ابنه فلم يفعل، والأب ظن أنه ضحى، وبعد غروب الشمس ليلة الثالث عشر جرى الدرس بينهما فقال الابن: أنا ما ضحيت نقول: لا بأس الآن أن يضحي وتكون قضاءً؛ لأن هذا من نيته أن يضحي في الوقت نفسه لكن نسي.
    والأفضل أن الإنسان بنفسه يتولى ذبح أضحيته، وأما سلخها وتقطيع لحمها فأمر هين، لكن المهم أن يذبح هو بنفسه، فيضجع الشاة أو العنز على الجانب الأيسر أولاً: لأنه أهون له لأنه سيذبح باليمنى، وثانياً: لعل الأيسر أقرب إلى القلب فيكون أسرع في خروج الدم، وكلما كان الدم أسرع صار الموت أريح، فإذا قال: أنا لا أعرف أن أذبح باليد اليمنى.
    هو لا يعرف أن يذبح إلا باليسرى فعلى أي الجنبين يضجعها؟ يضجعها على الأيمن؛ لأنه لو أضجعها على الأيسر لما تمكن إلا بصعوبة وأذى للبهيمة.
    البقرة تذبح أم تنحر؟ تذبح، وعلى هذا تضجع على الجانب الأيسر ويذبحها الإنسان.
    وإذا أراد الذبح فإنه مطالب بأمور: أولاً: أن يذبح بسكين حادة لقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (وليحد أحدكم شفرته) .
    الثاني: ألا يحدها وهي تنظر، إذا أراد أن يحدها -يعني: يسنها- فلا يفعل ذلك والبهيمة تنظر لماذا؟ لأنها ترتاع، هي تعرف أنه إذا سن السكين أمامها وقد أضجعها أنه يريد ذبحها فترتاع.
    وأيضاً: لا يذبحها والأخرى تنظر؛ لأنها ترتاع -أيضاً- إذا رأت أختها تضجع وتذبح ارتاعت، ولهذا نجد بعض الأحيان إذا ذبحت أمام أختها هربت الأخت، ولا يستطيعون إمساكها إلا بمشقة.
    وأيضاً: ينبغي عند الذبح أن يذبح بقوة وعزيمة؛ لأنه لو جعل يرمي بسهولة ويحرحر الذبح لتأذت البهيمة، بل يرمي بقوة وسرعة؛ لأن ذلك أسهل.
    وإذا ذبح فليقل: باسم الله.
    عند تحريك يده بالذبح، ويزيد على ذلك: الله أكبر، والواجب قول: باسم الله، أما (الله أكبر) فهو مستحب، ويقول -أيضاً-: اللهم هذا منك ولك، منك خلقاً ولك تعبداً؛ لأن الذي يسر لك هذه الشاة أو البقرة أو البعير هو الله عز وجل، وله تعبداً فتقول: اللهم هذا منك ولك، اللهم هذا عني وعن أهل بيتي.
    أو تقول: اللهم تقبل مني ومن أهل بيتي.
    ولا يجوز أن يكسر عنقها حتى تموت، وبعض الذين لا يخافون الله ولا يرحمون خلق الله يكسر عنقها قبل أن تموت؛ لأنه أسرع لموتها، لكن فيه أذية لها، اصبر وستموت ما دام الدم يخرج، فإنه إذا نزف الدم لا بد أن تموت، لكن بعض الناس -نسأل الله العافية- يكسر عنقها؛ لأجل أن تموت سريعاً، وهذا حرام.
    وكذلك -أيضاً- نقول: لا تشرع في سلخها حتى تموت؛ لأن سلخها يؤلمها، ما دامت الروح فيها فإن السلخ يؤلمها، أن تجرحها وتشق جلدها لا بد أن تتألم، فانتظر حتى تزهق روحها؛ لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم نهى أن نعجل الأنفس حتى تزهق.
    الدم الذي يخرج منها نجس أم طاهر؟ ما كان قبل خروج الروح فإنه نجس، وما كان بعد موتها فهو طاهر.
    الدليل على أن الدم قبل أن تزهق روحها حرام قول الله تبارك وتعالى: {قُلْ لا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَماً مَسْفُوحاً أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ} [الأنعام:145] أما بعد أن تخرج روحها فالدم طاهر، فإذا أصاب الإنسان منها دم بعد سلخها فهو طاهر، ولا يجب عليه أن يغسله لا من ثوبه ولا من بدنه.
    ما حكم الدم الذي يكون في القلب؟ طاهر، وكذلك دم الكبد والعروق.
    هل يجب أن نغسل ما على الرقبة مما حصل من الدم المسفوح أم لا يجب؟ قال بعض العلماء: إنه يجب لأنه نجس، وقال بعض العلماء: إنه معفو عنه؛ لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لم يأمر بغسله، ولا أمر بغسل الصيد الذي يصيده الكلب أو يصيده الصقر أو ما أشبه ذلك مع أنه متلوث بدم نجس، وهذا مما يعفى عنه، فلو أن الإنسان ترك غسله فلا حرج عليه، ولو غسله لكان هذا أحوط وأحسن.
    فإذا ذبح فكيف يكون توزيع اللحم؟ نقول: إن الله تعالى قال: {فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا} [الحج:28] ولم يحدد الله تبارك وتعالى، لكن قال أهل العلم: يجعلها أثلاثاً: ثلث للأكل، وثلث للهدية، وثلث للصدقة، ولكن هذا ليس شيئاً واجباً إنما شيء على وجه التقريب، فيتصدق ويهدي ويأكل، والأفضل أن يبادر بها، وأن يبادر بالأكل منها؛ لأن الله تعالى قال: {فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا} [الحج:28] .
    ثم إذا كان لا يستطيع الذبح بنفسه فالأفضل أن يحضر ذبحها، ونحن نعرف أن الشاة والعنز غالب الناس يستطيعون أن يذبحوها، لكن البقرة صعب ذبحها على الإنسان، وكذلك البعير صعب نحره على الإنسان، فنقول: إذا كنت لا تعرف فاحضرها، فإذا حضرها صاحبها هل يسمى هو أو يسمي الفاعل؟ الفاعل، لو سمى هو ولم يسم الفاعل حرمت الذبيحة، بل الفاعل هو الذي يسمي، يقول: باسم الله، اللهم هذا منك ولك، اللهم هذا عن محمد أو عن علي أو عن خالد أو عن بكر وأهله.
    ولعلنا نكتفي بهذا القدر مما أردنا أن نتكلم فيه، ونسأل الله تعالى أن ينفع به، وأن يرزقنا وإياكم علماً نافعاً وعملاً صالحاً، ورزقاً طيباً واسعاً.
    ونختم هذا بأن من أراد أن يضحي فإنه إذا ثبت دخول شهر ذي الحجة حرم عليه أن يأخذ شيئاً من شعره أو ظفره أو بشرته، حتى فيما يسن أخذه من الشعر فلا يأخذه، أو الظفر، أو البشر، ما هي البشرة هذه؟ الجلد، إلا إذا انكسر الظفر فله أن يقص ما انكسر، أو نزلت الشعرة في عينه وآذته فليأخذها، أو انكشط جلده وآذاه فله أن يقصه؛ لأن هذا لدفع أذاه وإلا فلا يأخذه.
    وهل هذا حرام على رب العائلة وهو القيم أو على الجميع؟ على رب العائلة فقط، أما أهل البيت فلا بأس أن يأخذوا من شعورهم وأظفارهم وأبشارهم؛ لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: (وأراد أحدكم أن يضحي) ولأنه كان يضحي عن أهله، ولم ينقل أنه صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال لهم: اجتنوا ذلك.
    إلى متى؟ قال العلماء: إلى أن يضحي، إذا ضحى حل له أن يأخذ من شعره وبشرته وأظفاره.
    وإذا لم يضح إلا ثاني العيد فإنه ينتظر حتى يضحي، وكذلك ثالث العيد ينتظر حتى يضحي، أو رابع العيد ينتظر حتى يضحي.

    (43/11)


    --------------------------------------------------------------------------------

    الأسئلة

    (43/12)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم الذهاب إلى الحج في اليوم السابع أو الثامن للمتمتع


    السؤال
    فضيلة الشيخ أريد أن أحج متمتعاً إن شاء الله، وأريد الذهاب في اليوم السابع أو الثامن هل يمكنني ذلك؟

    الجواب
    المتمتع يأتي بالعمرة أولاً ويحل منها ثم يحرم بالحج، وقوله تبارك وتعالى: {فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ} [البقرة:196] يدل على أن بينهما زمن، فإذا قدم مكة يوم السابع فبينهما زمن، يحل من العمرة، فإذا كان اليوم الثامن أحرم بالحج، لكن إذا قدم بعد أن خرج الناس إلى منى -يعني: في اليوم الثامن- فهنا لا مكان للتمتع؛ لأن الزمن زمن حج، كيف تصرف زمن الحج إلى العمرة؟! أنت لو كنت في مكة محلاً قلنا لك: احرم بالحج الآن واخرج مع الناس، فمثل هذا إذا وصل في هذا الزمن نقول له: إما أن تحرم مفرداً، وإما أن تحرم قارناً، أما التمتع فقد انتهى؛ لأنه دخل وقت الحج.

    (43/13)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم الحج بمال الصدقة الذي فيه ربا


    السؤال
    سائلة تقول: فضيلة الشيخ أنا امرأة قد تزوجت قبل خمس عشرة سنة ولم أحج لظروف، ويسر الله لي عز وجل في هذه السنة أن جاءتني صدقة -مبلغ من المال- وأنا لا أملك أجرة الحج، وهذا المبلغ من رجل معروف بالربا والناس يعرفون ذلك عنه، فله بنوك ربوية، السؤال يا فضيلة الشيخ: هل أحج؟ علماً بأني لا أعلم عن هذا المال الذي أخذته هل هو من الربا أم من الحلال؟ وماذا أعمل علماً بأن أخي سوف يكون محرماً لي؟

    الجواب
    لا حرج على الإنسان إذا تصدق عليه أحد من المرابين أن يحج بما تصدق به عليه، ولا حرج عليه -أيضاً- أن يقبل ما أهدي إليه؛ لأن ذنب الربا على صاحبه، أما الذي أخذ فقد أخذ بطريق شرعي: بطريق الهبة، بطريق الصدقة، والدليل على هذا: أن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم قبل الهدية من اليهود، وأكل طعام اليهود، واشترى من اليهود، مع أن اليهود معروفون بالربا وأكل السحت.
    نعم لو فرضنا أن شخصاً سرق شاة من غنم رجل وجاء وأهداها إليك، هنا نقول: تحرم عليك؛ لأنك تعرف أن هذه الشاة ليست ملكاً له، أما إذا كان يتعامل بالربا فإثمه على نفسه، ومن أخذه منه بطريق شرعي فهو مباح له.
    فنقول لهذه المرأة: لا حرج عليك أن تحجي بالمال الذي أعطاك إياه من كان معروفاً بالربا.

    (43/14)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم مخالفة الترتيب بين الطواف والسعي


    السؤال
    فضيلة الشيخ رجل حج مفرداً وسعى يوم الحادي عشر سعي الحج، وطاف يوم الثالث عشر طواف الحج ثم سافر، فما حكم فعله، هذا حيث تحلل يوم العاشر بالرمي والحلق؟

    الجواب
    هو في اليوم العاشر تحلل برمي جمرة العقبة والحلق، لكن هذا التحلل هو التحلل الأول، الذي يبقى عليه النساء وما يتعلق بهن، في اليوم الحادي عشر سعى وأخر طواف الإفاضة إلى سفره فطافه عند الخروج نقول: هذا لا بأس به؛ لأن غاية ما صار عنده أنه خالف الترتيب بين الطواف والسعي، وقد سئل النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: عمن سعى قبل أن يطوف؟ فقال: لا حرج، وهذا في الحج، أما في العمرة فلا بد أن يتقدم الطواف على السعي، حتى لو فرض أن الإنسان جاء بعمرة فقدم السعي على الطواف جاهلاً لا يعلم قلنا له: إن هذا السعي لا يصح، فعليك أن تسعى بعد الطواف.

    (43/15)


    --------------------------------------------------------------------------------

    آخر وقت لرمي الجمار الثلاث وجمرة العقبة


    السؤال
    فضيلة الشيخ ما هو نهاية الوقت لرمي الجمار الثلاث وكذلك رمي جمرة العقبة الكبرى؟

    الجواب
    أما رمي جمرة العقبة فينتهي بطلوع فجر يوم الحادي عشر، وقال بعض أهل العلم: ينتهي بغروب الشمس يوم العيد، وأما رمي يوم الحادي عشر فيبتدئ من الزوال وينتهي بطلوع الفجر من ليلة الثاني عشر، ويوم الثاني عشر يبتدئ من الزوال وينتهي بطلوع الفجر من اليوم الثالث عشر، ورمي الجمار يوم الثالث عشر يبتدأ من الزوال وينتهي بغروب الشمس ولا رمي بعد ذلك.

    (43/16)


    --------------------------------------------------------------------------------

    الحج عن الميت


    السؤال
    فضيلة الشيخ إن من أكثر المسائل التي يسأل عنها كثير من الناس مسألة الحج عن الميت، هل هناك فرق بين ما إذا أوصى أن يُحَج عنه أو لم يوصِ أرجو الجواب بالتفصيل؟

    الجواب
    إذا أوصى أن يُحَج عنه وكان المال متوفراً في الوصية فإنه يُحَج عنه؛ لأن الحج بر، وقد قال الله تبارك وتعالى: {فَمَنْ خَافَ مِنْ مُوصٍ جَنَفاً أَوْ إِثْماً فَأَصْلَحَ بَيْنَهُمْ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [البقرة:182] بعد قوله: {فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَ مَا سَمِعَهُ فَإِنَّمَا إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} [البقرة:181] فيجب أن تنفذ وصيته؛ لأنه أوصى بها.
    أما إذا لم يوص بها فلا بأس أن يحج عنه بعد موته، ولكن الدعاء له أفضل من الحج عنه، ولهذا نقول لمن أراد أن يحج عن أبيه نافلة: اجعلها عن نفسك وادع لأبيك في الطواف، وفي السعي، وفي الوقوف بـ عرفة، وفي الوقوف بـ مزدلفة فذلك خير لك؛ لأن نبيك محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: (إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له) ما قال: يعمل له، ومعلوم أن سياق الحديث في العمل، فلما عدل صلى الله عليه وعلى آله وسلم عن العمل إلى الدعاء، علم أن الدعاء له أفضل.

    (43/17)


    --------------------------------------------------------------------------------

    وفاء الدَّين أهم من الحج
    وأخيراً أسأل الله عز وجل أن يجعل هذا العمل نافعاً، مباركاً، خالصاً لوجهه الكريم
    وأن ينفعني به في حياتي وبعد مماتي، وأن ينفع به كل من انتهى إليه؛ فإنه خير مسؤول، وأكرم مأمول، وهو حسبنا ونعم الوكيل، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد بن عبد الله وعلى آله وأصحابه ومن تبعه بإحسان إلى يوم الدين.

    حياكم الله بموقع بداية الهداية الخطوة إلى طريق العلم الشرعي الصحيح
    http://www.musacentral.com/

  2. #82
    تاريخ التسجيل
    Mar 2009
    المشاركات
    2,459
    الدين
    الإسلام
    آخر نشاط
    01-11-2023
    على الساعة
    04:37 PM

    افتراضي

    السؤال
    فضيلة الشيخ كنت مخصصاً مبلغاً من المال للحج وعليَّ دين، ولكن هذا الدين مفتوح التسديد من قبل المدين، وفي هذا الشهر صرفت النقود على اعتبار أني سأعوضها قبل موعد الحج، ولكن لم يتيسر لي المبلغ الآن مع العلم بأني لم أفرط، فهل ما فعلته من التفريط؟

    الجواب
    أقول للأخ: إن الحج ليس فرضاً عليك؛ لأن أي إنسان عليه دين فالحج ليس فرضاً عليه، فليطمئن وليسترح باله، وليعلم أنه لو واجه ربه فإنه لا يعاقب؛ لأن الدين وفاؤه أهم من الحج، فعلى الإنسان أن يحمد الله على الرخصة وعلى التوسعة، فمثلاً: إذا كان الإنسان عنده ألف ريال يمكن أن يحج بها لكن عليه ألف ريال ماذا نقول؟ هل نقول: حج بها وأوف بعد الحج، أو نقول: أوف بها ثم حج في عام آخر؟ الجواب: نقول: أوف ثم حج؛ لأن الحج الآن ليس فرضاً عليك لقول الله تعالى: {مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً} [آل عمران:97] والإنسان يريد أن يبرئ ذمته من الناس، فاقبل رخصة الله، والله تعالى أكرم من الدائن، الدائن سيؤذيك ويقول: أعطني، وإذا رأيته أغمضت عينيك، لكن الرب عز وجل رخص لك وأذن لك ألا تحج، ولم يفرض عليك الحج، فلماذا تذهب تحج وتدع الدين الذي عليك؟!! إذا مات الإنسان والدين عليه من يوفيه؟ ليس عنده مال، ثم إنه لو كان عنده مال فإن بعض الورثة والعياذ بالله ظلمة لا يبالون ببقاء الدين في ذمة الميت، وقد روي عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (نفس المؤمن معلقة بدينه حتى يقضى عنه) فالمسألة خطيرة.
    ولهذا نقول لإخواننا الذين عليهم دين: إن الحج ليس فرضاً عليكم أصلاً؛ لأنكم لا تستطيعون، والله تعالى إنما فرض الحج على من استطاع إليه سبيلاً، أرأيت الفقير هل عليه زكاة؟ ولو لقي ربه في هذا الحال أيعاقب؟ لا.
    فكذلك الإنسان الذي عليه دين فإنه ليس عليه حج حتى يؤدي الدين، نعم لو فرض أن الإنسان عليه دين لكن الدين مؤجل يحل مثلاً بعد شهرين، وهو موظف وواثق من أنه بعد الشهرين سيوفي، وبيده الآن مال، هل يحج أو لا يحج؟ يحج؛ لأن هذا ليس عليه ضرر.
    لو قال قائل: أنا عليَّ دين حال، وصاحب الدين أذن لي أن أخرج، هل يجب علي الحج؟ نقول: لا يجب؛ لأنه وإن أذن لك لن يُسقط شيئاً من دينه، فإذا قال المدين: أنا أريد أن أصحب رفقة مجاناً هل يلزمني الحج؟ لا يلزمه الحج؛ لأن هؤلاء الرفقة يمنون عليه في المستقبل، أدنى شيء يقول: نحن حججنا بك هذا جزاءنا -مثلاً-؟ هذه واحدة.
    الشيء الثاني: إذا قدرنا أن الرفقة هؤلاء من أهله ولا يمكن أن يمنوا عليه يوماً من الدهر قلنا: ننظر؛ إذا كان هذا المدين صاحب عمل ويحصل في أيام الحج أجرة تنفع الدائنين، لكن لو ذهب يحج ما حصل أجرة، نقول: لا تحج؛ لأنك إذا حججت أضررت بالدائن، فمثلاً: إذا قدرنا أن هذا الرجل يوميته ثلاثمائة ريال وهو سيحج في عشرة أيام كم يفقد؟ ثلاثة آلاف ريال وهي تنفع الدائن، فنقول: لا تحج.
    أما لو كان الرجل عاطلاً عن العمل ولو ذهب يحج ما ضر أهل الدين فحينئذ نقول: حج إذا يسر الله لك قوماً يحملونك مجاناً ولا يخشى من منتهم في المستقبل فتوكل على الله.
    سؤال: فإذا كان الدين لوالدي أو والدتي؟ الجواب: لا فرق بين الدين الذي للوالد أو الوالدة أو للأجنبي، فالذمة مشغولة.

    (43/18)


    --------------------------------------------------------------------------------

    صلاة الحاج في مزدلفة صلاة الوتر


    السؤال
    فضيلة الشيخ هل يصلي الحاج في مزدلفة صلاة الوتر أم لا؟

    الجواب
    في مزدلفة لم يُذكَر في حديث جابر، وهو أوفى الأحاديث في صفة حج النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، لم يذكر أنه أوتر، ولم يذكر -أيضاً- أنه صلى راتبة الفجر، لكن لدينا عموم: أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: (اجعلوا آخر صلاتكم بالليل وتراً) ولم يخصص، وأيضاً كان النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لا يدع الوتر حضراً ولا سفراً ولم يستثن من هذا شيئاً، وكذلك نقول في سنة الفجر حث عليها النبي عليه الصلاة والسلام حتى قال: (ركعتا الفجر خير من الدنيا وما فيها) وكان صلى الله عليه وعلى آله وسلم لا يدعهما حضراً ولا سفراً فنقول: ليلة مزدلفة أوتر وصل سنة الفجر.

    (43/19)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم الأضحية التي نسي أن يذكر اسم الله عليها


    السؤال
    فضيلة الشيخ رجل ذبح أضحيته ونسي التسمية، فماذا يترتب على هذا؟ وهل يفرق بين ما إذا كان الشخص متبرعاً بالذبح أم صاحبها؟

    الجواب
    إذا نسي التسمية فليس عليه إثم لقول الله تعالى: {رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا} [البقرة:286] ولكن هل يحل لنا أن نأكل من هذه الذبيحة؟ ننظر، قال الله عز وجل: {وَلا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ} [الأنعام:121] فأمامنا الآن فعلان: فعل الذابح وفعل الآكل، أما الذابح فمعفو عنه لماذا؟ لأنه ناسٍ، وقد قال الله تعالى: {رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا} [البقرة:286] وأما الآكل فنقول: لا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه، ولأن التسمية على الذبيحة شرط والشرط لا يسقط بالسهو والجهل، نظير ذلك: لو أن الإنسان صلى بغير وضوء ناسياً هل يأثم؟ لا يأثم لقوله تعالى: {رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا} [البقرة:286] لكن هل تبرأ ذمته؟ لا.
    لا بد أن يتوضأ ويصلي.
    ونحن إذا قلنا بهذا القول الذي اختاره شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله وهو ظاهر النصوص -إذا قلنا به- فإن الناس لن ينسوا التسمية على الذبيحة أبداً، الإنسان يكون متذكراً، ولهذا لما أورد بعض الناس قال: إذا قلتم بأن من ذبح ناسياً التسمية فالذبيحة حرام ويجب جرها للكلاب، أتلفتم أموال الناس؛ لأن النسيان كثير ماذا نقول؟ نقول: بالعكس نحن حفظنا أموال الناس؛ لأننا إذا قلنا لهذا الرجل الذي نسي التسمية: الذبيحة حرام ولا يجوز أن نأكل منها فإنه لا يمكن أن ينسى في المستقبل، بل يجعل على باله التسمية ولا يمكن أن ينسى.
    ولا فرق بين المتبرع وغير المتبرع، الذبيحة الآن لا تحل، لكن يبقى: هل يضمن الذابح لصاحب البهيمة؛ لأنه هو الذي كان سبباً في تحريمها أو لا يضمن؟ قد يقال: إنه إذا كان محسناً فلا ضمان عليه لقول الله تبارك وتعالى: {مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ} [التوبة:91] ولأن النسيان يقع كثيراً، وقد نقول بالضمان ولو كان محسناً؛ لأنه أتلف المال على صاحبه، وإتلاف المال على صاحبه مضمون.
    على كل حال: حتى لو كان الإنسان ناسياً فإنه يضمن، لو أن إنساناً نسي وأكل طعام أخيه يضمنه أو لا يضمنه؟ يضمنه، لكن الأول أصح، والأرجح أن المتبرع المحسن إذا نسي التسمية فلا ضمان عليه لكن الذبيحة لا تحل.

    (43/20)


    --------------------------------------------------------------------------------

    دعاء النائب للمستنيب في الحج


    السؤال
    إذا توكل إنسان عن آخر فهل يجعل الدعاء له ويدعو له بضمير الغائب أو باسمه في الحج، أو يجعل الدعاء لاسمه وتكفي النية ويدعو كأنه يدعو لنفسه؟

    الجواب
    الذي أخذ نيابة في الحج فجميع ما يتعلق بالنسك ثوابه وأجره للمستنيب، والنائب ليس له أجر فيه، وأما الدعاء فللنائب أن يدعو لنفسه ولكن الأفضل أن يشرك صاحبه الذي استنابه فيقول مثلاً: رب اغفر لي ولأخي الذي أعطاني هذه النيابة -مثلاً- أو ما أشبه ذلك، لكن لو دعا لنفسه فقط فلا حرج عليه.

    (43/21)


    --------------------------------------------------------------------------------

    التوبة تمحو ما قبلها


    السؤال
    إذا كان الإنسان عليه ذنوب من كبائر الذنوب وحج، هل يمحو الله عنه هذه الذنوب بعد التوبة؟ أرشدني جزاك الله خيراً.


    الجواب
    إذا تاب الإنسان من الذنوب وإن لم يحج وكانت التوبة نصوحاً فإن الله يمحو ذنوبه عن آخرها، قال الله تبارك وتعالى: {وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ} [الفرقان:68] أي: يشرك بالله أو يقتل النفس أو يزني {يَلْقَ أَثَاماً * يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً * إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ} [الفرقان:68-70] فأنت إذا تبت إلى الله توبة نصوحاً وإن لم تحج فإن الله تبارك وتعالى يمحو سيئاتك.

    (43/22)


    --------------------------------------------------------------------------------

    المتلبس بشيء من أحكام الحج والعمرة يجوز له الخروج خارج مكة


    السؤال
    من كان متلبساً بشيء من أحكام الحج أو العمرة فهل يجوز له أن يخرج من مكة إلى جدة أو الطائف؟

    الجواب
    لا بأس فإن كان محرماً بقي على إحرامه، وإن كان قد تحلل بالعمرة وخرج إلى جدة أو إلى الطائف فلا بأس، ويرجع إذا رجع ويحرم مع الناس في اليوم الثامن، فلو أنك -مثلاً- قدمت في اليوم الثالث من شهر ذي الحجة وأتيت بعمرة، ثم خرجت إلى جدة وبقيت فيها، فمتى تحرم؟ تحرم في اليوم الثامن مع الناس، لكن تحرم من جدة أي: فلا تطلع من جدة إلا وأنت محرم.
    ولكن لو أنك في هذه المدة ترددت على مكة إما لزيارة إخوانك أو لغرض من الأغراض هل يلزمك أن تحرم؟ لا.
    لا يلزمك أن تحرم إلا في اليوم الثامن.

    (43/23)


    --------------------------------------------------------------------------------

    الكفر قد يطلق على ما دون الشرك


    السؤال
    فضيلة الشيخ قلت وفقك الله في حديث اليوم: الصحيح أن من ترك الحج عمداً لا يكفر ولكنه هدم ركناً.
    فما معنى قول الله عز وجل: {وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ} [آل عمران:97] بعد آية وجوب الحج على المستطيع؟

    الجواب
    عبر الله تعالى بأن من كفر فإن الله غني عن العالمين؛ لأنه لم يلتزم بأركان الإسلام، والكفر يطلق على ما دون الشرك حتى أن الرسول عليه الصلاة والسلام قال: (اثنتان في الناس هما بهم كفر: الطعن في النسب، والنياحة على الميت) وبالاتفاق أن هذا لا يخرج من الدين، والذي جعلنا نرجح هذا أن عبد الله بن شقيق رحمه الله وهو من كبار التابعين المعروفين قال: [كان أصحاب النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لا يرون شيئاً من الأعمال تركه كفر إلا الصلاة] .

    (43/24)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم التوكيل في رمي الجمرات


    السؤال
    فضيلة الشيخ في هذه الأزمان يحصل زحام شديد حول الجمرات، فهل يصح أن يتوكل الرجل عن أمه أو عن زوجته في رمي الجمار؛ لأن الرمي يسبب مشقة للمرأة فما حكم التوكيل بذلك؟

    الجواب
    لا شك أنه يسبب مشقة عظيمة على النساء، لكن إذا كانت المشقة في الزحام فدواؤها أن يرمي في الليل، وفي الليل سعة والحمد لله، أما إذا كانت المشقة على البدن لأنها لا تستطيع أن تمشي -مثلاً- إلا بمشقة شديدة أو كانت امرأة حاملاً فهنا نقول: لا بأس أن توكل، وإذا وكلت جاز للوكيل أن يرمي الجمرة عنه وعنها في موقف واحد، فمثلاً: يرمي الجمرة الأولى في اليوم الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر بسبع حصيات عن نفسه، ثم يرميها عمن وكله، ثم الثانية عن نفسه ثم عمن وكله، ثم الثالثة عن نفسه ثم عمن وكله.

    (43/25)


    --------------------------------------------------------------------------------

    الاقتصار على ذبيحة واحدة لأهل البيت الواحد


    السؤال
    فضيلة الشيخ يضحي أبي في كل سنة عن والديه وكذلك تفعل أمي، ولقد قمت بنصحهما بأن واحدة تكفي ولكن لا جدوى، هلا نصحتهما لعلهما يستمعان لذلك وفقك الله.


    الجواب
    أنا أوجه النصيحة لهما ولغيرهما فأقول: إن أكرم الخلق محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم، ومع ذلك ما ضحى بأكثر من واحدة عنه وعن أهل بيته، ضحى بواحدة عنه وعن أهل بيته، وضحى بأخرى عن أمته، وهو أكرم الخلق، ولأن الإنسان إذا ضحى أضحيتين في بيت واحد أدى ذلك إلى المباهاة والمفاخرة، وصارت كل شخص يقول: أنا ضحيت بثلاث، وهذا يقول: ضحيت بأربع، والثاني يقول: ما عندكم؟ أنا ضحيت بعشر وهكذا يبدأ الناس يتباهون فتنقلب العبادة التي هي ذل وخضوع لله؛ تنقلب إلى مفاخرة ومباهاة.
    فالذي ننصح به إخواننا أن نقول: اقتصروا أهل البيت على واحدة، وإذا قبلها الله فما أعظمها، الرجل يتصدق بما يعادل التمرة من مال طيب فيربيها الله عز وجل حتى تكون مثل الجبل.

    (43/26)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم من عزم على التعجل في الحج ثم لم يتعجل


    السؤال
    فضيلة الشيخ يعلم الله أني أحبك فيه، أريد أن أستفسر عما جرى لي في إحدى السنين، قمت بالحجز على الطائرة في اليوم الثاني عشر، فلما ذهبت لطواف الوداع في ذلك اليوم منعني الزحام حتى تخلفت عن الطائرة، فاضطررت للبقاء لليوم الثالث عشر، وقد عزمت التعجل، هل علي رمي جمرة اليوم الثالث عشر مع أني بقيت مع رفقتي في منى خلال ذلك اليوم؟ أفتني جزاك الله خيراً.


    الجواب
    لا شك أن الاحتياط للأخ السائل -أحبه الله كما أحبنا فيه- أن يذبح فدية في مكة توزع على الفقراء لقاء ما ترك من رمي الجمرات، أما لو كان قد عزم على ترك المبيت وعلى ترك الرمي لكنه أجبره زملاؤه على أن يبقى فبقي على غير نسك فهذا لا شيء عليه؛ لأن الرجل تعجل، لكنه حرم الأجر، ما هو الأجر الذي حرم؟ حرم البقاء؛ لأن الذي يتأخر يكون له أجر المبيت وأجر الرمي وأجر الاقتداء بالرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم؛ لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم تأخر.

    (43/27)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم الحج على من ليس له مال سوى مال الحج


    السؤال
    سائلة تقول: فضيلة الشيخ أنا امرأة لم آت بفريضة الحج حتى الآن وزوجي لديه في هذه السنة مال يمكن أن نحج به، ولكن هذا المال هو رصيدنا كله، فإذا ما حججنا به فإننا سوف نضطر إلى قصور مالي، وزوجي موظف، أفدني حفظك الله.


    الجواب
    أقول لها: انتظري إلى العام القادم لعل الله أن يفتح لكم برزق يمكنكم الحج فيه، أما الآن ما دام هذا المال الذي عندكم لو أنكم حججتم به لصار عليكم قصور في النفقة والحاجات فإن الحج لا يلزمكم.

    (43/28)


    --------------------------------------------------------------------------------

    جواز الأضحية بالمخصي


    السؤال
    هل تجوز الأضحية بالمخصي؟

    الجواب
    الصحيح أنه يجوز، الأضحية بالخصي؛ لأنه ثبت عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنه ضحى بكبشين موجوءين -يعني: مقطوعي الخصيتين- ووجه ذلك أن الخصي يكون لحمه أطيب، فالخصاء لن يضره شيئاً.

    (43/29)


    --------------------------------------------------------------------------------

    أجر الحج يكون للمستنيب لا للنائب


    السؤال
    فضيلة الشيخ هل المتوكل بالحج عن شخص آخر يناله ما قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه) ؟

    الجواب
    يتوقف الجواب على هذا السؤال بأن نقول: هل هذا الرجل حج؟ ما حج، إنما حج عن غيره لم يحج لنفسه، فلا يدرك الأجر الذي قاله النبي عليه الصلاة والسلام؛ لأنه حقيقة ما حج وإنما قام بالحج عن غيره، لكنه إن شاء الله إذا قصد نفع أخيه وقضاء حاجته فإن الله تعالى يثيبه.

    (43/30)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم حج الراشي


    السؤال
    فضيلة الشيخ بعض الناس يدفع مائة ريال لبعض الناس الذين لهم علاقة بإخراج الجوازات لكي يختم له الإقامة، فهل يسمح له بالحج؟ فما حكم حجه هذا؟

    الجواب
    حجه صحيح إذا توفرت الشروط وانتفت الموانع، ولكن يبقى النظر: هل يجوز للإنسان أن يرشي المسئول ويخالف النظام من أجل أن يحج؟

    (43/31)


    --------------------------------------------------------------------------------

    يجوز للسائل إذا لم يطمئن لجواب المسئول أن يسأل غيره


    السؤال
    فضيلة الشيخ سألت بعض أهل العلم عن مسألة فأجابني بعدم الجواز، وكان في نفسي شيء من الإجابة، ثم ذهبت إلى شخص أعلم أنه أعلم منه وأمكن علماً، ومشهود له بالعلم فسألته نفس السؤال وأجاب بجواز هذا الشيء، هل يكون فعلي من تتبع الرخص؟

    الجواب
    إذا كان هذا السائل لم يطمئن إلى جواب المسئول لأنه لم يصادف هواه وسأل غيره فهذا تتبع رخص، أما إذا كان لم يطمئن لظنه أن هذا خلاف الشرع فلا بأس أن يسأل ويحتاط لدينه، فالمسألة تحتاج إلى تفصيل، أحياناً لا تطمئن لفتواه لأنها ما وافقت الهوى، هذا لا يحل لك أن تسأل آخر، وأحياناً تظن أن الرجل أخطأ وأن الصواب في خلاف قوله فلا بأس أن تسأل غيره ممن ترى أنه أعلم.

    (43/32)


    --------------------------------------------------------------------------------

    جواز الادخار من لحم الأضحية


    السؤال
    ورد في مسند أحمد رحمه الله عن ابن عمر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: (لا أكل أحدكم من أضحيته فوق ثلاثة أيام) ما معنى هذا الحديث هل الأكل بعد الثلاثة أيام محرم أم لا؟

    الجواب
    هذا الحديث له سبب: وهو أن الناس أصابهم مجاعة فنهى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أن يدخروا لحوم الأضاحي فوق ثلاث، وفي العام التالي اتسع الناس وزالت المجاعة فقال النبي عليه الصلاة والسلام: (كنت نهيتكم عن الادخار فوق ثلاث من أجل الدافة -يعني: التي دفت وهي الجوع- فادخروا ما شئتم وكلوا ما شئتم) .

    (43/33)


    --------------------------------------------------------------------------------

    التفصيل في تعيين الأضحية


    السؤال
    أريد أن أضحي ولكن أريد أن أشتري الضأن من الآن وأربيها، فإذا مرضت أو كسرت أو حصل لها شيء مما يمنع الأضحية فهل أضحي بها أم لا؟ مع العلم أني مشتريها الآن.


    الجواب
    يقول العلماء رحمهم الله: إن عينتها وقلت: هذه أضحية صارت أضحية، فإذا أصابها مرض أو كسر فإن كنت أنت السبب فإنها لا تجزئ ويجب عليك أن تشتري بدلها مثلها أو أحسن منها، وإن لم تكن أنت السبب فإنها تجزئ؛ ولهذا نقول: الأولى أن الإنسان يصبر في تعيينها، يشتريها -مثلاً- مبكراً من أجل أن يغذيها بغذاء أطيب ولكن لا يعينها، فإذا كان عند الذبح عينها وقال: اللهم هذا منك ولك عني وعن أهل بيتي، وهو إذا لم يعين يستفيد فائدة مهمة وهي: لو طرأ له أن يدعها ويشتري غيرها فله ذلك؛ لأنه لم يعينها.

    (43/34)


    --------------------------------------------------------------------------------

    جواز ترك الحج في حالات معينة


    السؤال
    فضيلة الشيخ حفظك الله أنا شاب أريد الحج ووالدتي ترفض ذلك بحجة الخوف علي.


    الجواب
    إذا كنت قادراً بمالك فحج ولو أنها منعتك، إلا أن تعرف أن أمك من النساء الرقيقات اللاتي لو ذهبت لما نامت الليل ولما هنئت عيشاً، فهنا اجلس ولا تحج، وانو أنك جالس من أجلها وأنك في العام القادم سوف تحج، أما إذا كانت تقول لك: لا تحج.
    وأنت تعرف أنك لو عزمت وحججت فإنها لن تبالي، فحج.

    (43/35)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم استقبال القبلة عند الذبح


    السؤال
    فضيلة الشيخ ذكرت شروط الذبح وسننه، ولم تذكر استقبال القبلة في الذبح، فما حكمه؟

    الجواب
    استقبال القبلة للذبح ليس بواجب، والذبيحة تذبح وإن لم يكن الإنسان مستقبل القبلة، لكن العلماء رحمهم الله قالوا: الأفضل أن يستقبل بها القبلة؛ لأنها عبادة، ولكنهم لم يقولوا أنها شرط، فلو أن الإنسان ذبحها على اتجاه غير القبلة فهي حلال وليست مكروهة، وليس بها بأس خلافاً للعامة، بعض العامة يقولون: لا بد أن تستقبل القبلة، وهذا غير صحيح.

    (43/36)


    --------------------------------------------------------------------------------

    مواصلة صوم الكفارة بصوم النفل وأجر الكفارة


    السؤال
    فضيلة الشيخ علي كفارة بسبب حادث مروري مات شخص عند وقوع الحادث، وقد سلمت الدية إلى أهل المتوفي، وبدأت بالصيام من تاريخ الثاني من شهر شوال، والاستفسار: هل أصوم إلى أول شهر ذي الحجة أو إلى ثاني شهر ذي الحجة، وحتى لو كان الشهر ناقصاً؟ وهل يجوز أن أستمر في الصوم بعد الكفارة بصيام عشر ذي الحجة أو أفصل بينهما بأن أفطر يوماً ثم أصوم العشر لجهلي بذلك؟ فأرجو الإفادة ولكم من الله جزيل الخير.


    الجواب
    أقول: بارك الله فيه، وأسأل الله تعالى أن يتقبل منه وأن يتوب علينا وعليه، إذا صام أول يوم من ذي الحجة فقد انتهت الشهران، ثاني يوم من ذي الحجة يكون يوم فطره، وإذا واصل ونوى صيام عشر ذي الحجة فحسن، ولا يحتاج أن يفصل بينهما -أي: بين الكفارة وصيام ذي الحجة- بفطر يوم، بل له أن يواصل ويستمر أعاننا الله وإياه.
    المقدم: يقول: هل لي أجر على هذا الصوم -أعني صوم الكفارة- ويكفر ذنبي؟ الجواب: ما في شك أن له أجراً عظيماً؛ لأن الله تعالى أمره بذلك، وهي كفارة؛ ولذلك قال الله عز وجل: {فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِنَ اللَّهِ} [النساء:92] .

    (43/37)


    --------------------------------------------------------------------------------

    نصيحة لمن يتساهلون بصلاة عيد الأضحى


    السؤال
    فضيلة الشيخ يتساهل بعض الناس في صلاة عيد الأضحى مع حرصهم على صلاة عيد الفطر، نأمل التوجيه.


    الجواب
    أقول: إنه لا ينبغي التساهل في صلاة العيد لا الفطر ولا الأضحى؛ لأن القول الراجح أن صلاة العيد فرض عين على الرجال، وأن من لم يصل فهو آثم، فيجب على كل رجل أن يصلي صلاة العيد: عيد الفطر وعيد الأضحى، وكلاهما سواء، وعجباً من هذا الذي يتأخر عن صلاة العيد يوم النحر وقد قال الله تعالى: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} [الكوثر:2] فبدأ بالصلاة أولاً ثم بالنحر ثانياً، وقال تعالى: {قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الأنعام:162] وقال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (من صلى صلاتنا هذه ونسك نسكنا فقد أصاب سنة المسلمين) فلا ينبغي للإنسان أن يدعها، بل لا يجوز للرجل القادر أن يدع صلاة العيد لا في الفطر ولا في الأضحى.
    بل لو قال قائل: إنها في الأضحى أوكد لم يكن ذلك بعيداً؛ لأن الله قال: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} [الكوثر:2] وقال النبي عليه الصلاة والسلام: (من صلى صلاتنا هذه ونسك نسكنا فقد أصاب سنة المسلمين) .

    (43/38)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم حج المرأة إذا حجت مجاناً مع حملة لأحد المحسنين مع أن معها ذهباً ولم تبعه لتشارك في الحملة


    السؤال
    سائلة تقول: إني حائرة جداً، أديت فريضة الحج والحمد لله، ولكن الذي يحيرني ويوسوس لي بنقصان حجي أنني لم أدفع للحملة أي تكاليف مالية؛ حيث قام بدفع ذلك أحد المحسنين؛ لأن راتب زوجي كان قليلاً، وكنت أملك قليلاً من الذهب فأخشى أن تكون حجتي ناقصة؛ لأني لم أقم ببيع هذا الذهب ودفعه لتلك الحملة.


    الجواب
    أقول: الحج إن شاء الله ليس بناقص، وأرجو الله أن يكون مقبولاً، ولا يلزمها أن تبيع ذهبها لتحج؛ لأن الذهب من الحاجات الأصلية التي لا بد للمرأة منها، فلا يلزمها أن تبيعه لتحج، فأقول لهذه المرأة: اطمئني، حجك صحيح مبرئ للذمة وقد سقط عنك الفرض.

    (43/39)


    --------------------------------------------------------------------------------

    كيفية التخلص من الدش


    السؤال
    فضيلة الشيخ من لديه دش كيف يتخلص منه لتبرأ ذمته؟

    الجواب
    يجب أن نحذر من هذه الدشوش، ونرى أن من عنده شيء منها فإنه لا تبرأ ذمته إلا بتكسيره نهائياً؛ لأنه إن أبقاه فمشكل، وإن باعه فقط سلط المشتري على استعماله، ولا طريق للسلامة منه إلا بتكسيره، ونرجو الله سبحانه وتعالى أن يخلف على من كسره؛ لأنه ترك شيئاً لله عز وجل.

    (43/40)


    --------------------------------------------------------------------------------

    جواز تأخير الإحرام لمن أراد زيارة المدينة


    السؤال
    فضيلة الشيخ لي أخ مقيم هنا بـ القصيم وله زوجة سوف تحضر لأداء فريضة الحج في هذا العام إن شاء الله من خارج المملكة، وسوف يذهب إليها ويجلس معها بـ المدينة لمدة ثلاثة أيام أو أربعة، هل يكون عليها شيء إذا جامعها خلال هذه المدة؟ مع العلم أنها سوف تكون محرمة وهو سوف يحرم من أبيار علي في اليوم السابع من ذي الحجة؟

    الجواب
    كيف تكون محرمة وتمكنه من نفسها؟ هذا لا يجوز، لكن إذا جاءت -مثلاً- عن طريق المدينة وهي قاصدة المدينة لا تحرم؛ لأنه يجوز للإنسان الذي يقدم -مثلاً- من مصر أو من سوريا أو من غيرها وهو يريد الحج، ولكنه يريد أن يبدأ أولاً بـ المدينة، أن يؤجل الإحرام إلى أن يمر بـ ذي الحليفة بعد انتهاء زيارته المدينة.
    فنقول لهذا الأخ: اتصل بها الآن وقل لها لا تأتي محرمة، تقصد المدينة رأساً، وإذا قابلها هناك فله أن يستمتع بها ثم يرجعان جميعاً إلى مكة، ويحرمان من ذي الحليفة.
    سؤال: هل يجوز الحج بغير محرم؟ الجواب: لا.
    لا بد من محرم، يمكن أن يأتي بها أخوها، أما إذا كانت بغير محرم فلا يجوز.

    (43/41)


    --------------------------------------------------------------------------------

    جواز إخراج فدية الصيام على مراحل متفرقة في الشهر


    السؤال
    والدتي أخرجت فدية الصيام على مراحل متفرقة في أول الشهر وفي وسطه وفي آخره، وأتمت به ثلاثين يوماً فهل فعلها صحيح؟

    الجواب
    نعم فعلها صحيح، لكن زيادة اليوم في عامنا هذا هل شهرنا هذا تم في هذه السنة أم لا؟ زيادة الإطعام الذي زادته يعتبر صدقة ولا يعتبر كفارة عن الصيام؛ لأن الشهر كان تسعة وعشرين، هذا العام كان الشهر تسعة وعشرين.
    التفريق لا بأس به، يعني: إذا مضى عشرة أيام أخرجت، وفي آخر الشهر تخرج ما بقي، ما في مانع.

    (43/42)


    --------------------------------------------------------------------------------

    الرد على من يقول: لا يوجد دليل على تحريم حلق اللحية


    السؤال
    فضيلة الشيخ نحن نجتمع يومياً في استراحة، ومعنا شاب كبير في السن يحلق لحيته باستمرار، وإذا قلنا له: حلق اللحية حرام.
    قال: لا يوجد دليل صريح لتحريم هذا.
    ويحاجنا بهذا الكلام ولم نقدر الرد عليه نظراً لاحترامنا الشديد له؛ لأنه أكبر منا، علماً بأن هذا الشريط سوف يسمعه بإذن الله وهو الآن جالس معنا في هذا اللقاء ونحن نحبه ونشفق عليه، أفدنا جزاك الله خيراً.


    الجواب
    جزى الله الجميع خيراً والرجوع للحق فضيلة، لا شك أننا لو خيرنا الإنسان بين طريقين: طريق المجوس وطريق النبيين، ماذا يختار؟ كل مؤمن سيختار طريق النبيين، النبيون وعلى رأسهم خاتمهم صلى الله عليه وعلى آله وسلم كلهم يتخذون اللحى، والمجوس يحلقون اللحى فاختر لنفسك أي الطريقين شئت، ولهذا لا نرى لأحد عذراً بعد أن يتبين له الحق في العدول عن الحق، وقد قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (خالفوا المجوس، خالفوا المشركين، وفروا اللحى وحفوا الشوارب) وهذه عادة الناس من قبل، ولم نكن نعرف أن أحداً يحلق لحيته بل قالوا لنا: إن بعض الولاة الظلمة يعزر الإنسان بحلق لحيته.
    يجعل ذلك تعزيراً، ونص العلماء رحمهم الله في كتاب التعزير: أنه لا يجوز التعزير بحلق اللحية.
    مما يدل على أنه كان ديدناً لبعض الولاة الظلمة، فكيف الآن الإنسان يخسر مالاً في حلقها، ويخسر أهم شيء وهو اتباع الرسول عليه الصلاة والسلام وامتثال أمره؟! فنرجو لأخينا هذا الذي تحترمونه نسأل الله تعالى أن يمن عليه بالهداية، وأن يعفي لحيته امتثالاً لأمر النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم واتباعاً لسنته.

    (43/43)


    --------------------------------------------------------------------------------

    قصة الفتاة التي شفتها السيدة زينب رضي الله عنها وتوزيع الأوراق


    السؤال
    يقول: فتاة تبلغ من العمر ستة عشر عاماً مريضةً جداً، الأطباء عجزوا عن علاجها، وفي ليلة القدر بكت الفتاة بشدة ونامت، وفي منامها جاءتها السيدة زينب رضي الله عنها وأرضاها وأعطتها شربة ماء، ولما استيقظت من نومها وجدت نفسها شفيت تماماً بإذن الله، ووجدت قطعة قماش مكتوباً عليها: أن تنشر هذه الرسالة وتوزعها على ثلاثة عشر فرداً، وصلت هذه الرسالة إلى عميد بحري فوزعها فحصل على ترقية، وثلاثة عشر يوماً وصلت إلى تاجر فأهملها فخسر كل ثروته خلال ثلاثة عشر يوماً، ووصلت إلى عامل فوزعها فحصل على ترقية وحلت جميع مشاكله خلال ثلاثة عشر يوماً أرجو يا أخي المسلم أن تقوم بنشرها وتوزيعها على ثلاثة عشر فرداً، الرجاء عدم الإهمال.


    الجواب
    على كل حال هذه قصة مكذوبة لا شك، ولا علاقة لها بالحظ وعدم الحظ، وقد كتبنا عليها؛ بحيث أعطاني إياها شخص قبل عدة أيام، كتبنا عليها بأن هذه كذب؛ فهي موضوعة مكذوبة، ولا يحل لأحد أن ينشرها أو يوزعها لا على ثلاثة عشر فرداً ولا على فرد واحد، فأنتم جزاكم الله خيراً إذا مرت بكم هذه فقولوا: إنها كذب ولا يحل توزيعها.

    (43/44)


    --------------------------------------------------------------------------------

    التحذير من النشرة المكتوب عليها البطاقة الشخصية وشروط الرحلة والأمر بتمزيقها


    السؤال
    يقول السائل: ما رأي فضيلتكم في الورقة التي توزع مكتوب فيها: البطاقة الشخصية الاسم: الإنسان ابن آدم.
    الجنسية: من تراب.
    العنوان: كوكب الأرض.
    بيانات الرحلة محطة المغادرة: الحياة الدنيا.
    محطة الوصول: الدار الآخرة.
    شروط الرحلة السعيدة: على حضرات المسافرين الكرام اتباع التعليمات الواردة في كتاب الله وسنة رسوله مثل طاعة الله ومحبته وخشيته، التذكر الدائم للموت، الانتباه إلى أنه ليس في الآخرة إلا جنة أو نار، بر الوالدين، أن يكون مأكلك ومشربك وملبسك من حلال.
    لمزيد من المعلومات يرجى الاتصال بكتاب الله وسنة رسوله الكريم.
    ملاحظة: الاتصال مباشر ومجاناً، لا داعي لتأكيد الحجز، الوزن الزائد من أعمال صالحة مسموح به.


    الجواب
    أرى أن هذه الطريقة محرمة، لأنه يجعل الحقائق العلمية الدينية كأنها أمور حسية، يكون فيها نوع من السخرية في الواقع.
    هذه -أيضاً- نفس الشيء أرى أن من رآها مع أحد فليمزقها جزاه الله خيراً ويقول: إن كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم فوق رحلات الطائرات، وفوق الاتصالات وما أشبه ذلك، نسأل الله أن يعيذنا من الفتن.

    (43/45)


    --------------------------------------------------------------------------------
    وأخيراً أسأل الله عز وجل أن يجعل هذا العمل نافعاً، مباركاً، خالصاً لوجهه الكريم
    وأن ينفعني به في حياتي وبعد مماتي، وأن ينفع به كل من انتهى إليه؛ فإنه خير مسؤول، وأكرم مأمول، وهو حسبنا ونعم الوكيل، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد بن عبد الله وعلى آله وأصحابه ومن تبعه بإحسان إلى يوم الدين.

    حياكم الله بموقع بداية الهداية الخطوة إلى طريق العلم الشرعي الصحيح
    http://www.musacentral.com/

  3. #83
    تاريخ التسجيل
    Mar 2009
    المشاركات
    2,459
    الدين
    الإسلام
    آخر نشاط
    01-11-2023
    على الساعة
    04:37 PM

    افتراضي

    اللقاء الشهري

    اللقاء الشهري [44]
    تتابع انقضاء الأيام والأعوام يشير إلى انقضاء عمر الإنسان، لذا كان مرور الزمن مدعاة لمراجعة النفس ومحاسبتها على عباداتها وعلى معاملاتها مع الآخرين.
    وفي هذه المادة -إضافة إلى الكلام عن المحاسبة فيما مضى- نصائح تتعلق باستغلال القادم من الزمان، وكل ذلك توطئة لأصل موضوع اللقاء، وهو النقاش والإجابة عن الأسئلة التي تضمنت مواضيع كثيرة يتعلق معظمها بالحج وأحكامه، وتفصيل وبيان لما أشكل منها، وبعض الأحكام المتعلقة بغيره من العبادات.

    (44/1)


    --------------------------------------------------------------------------------

    نهاية العام فرصة للمحاسبة
    إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
    أما بعد: فإن كل تاجر ينظر في سجلات تجارته عند انتهاء السنة المالية لينظر ماذا ربح، ماذا خسر، ماذا فاته من الربح، هل يمكن تعويضه أم لا؟ وإننا في آخر هذا العام (عام 1417هـ) نسأل الله تعالى أن يختمه لنا بخير، وأن يعفو عنا ما قصرناه في واجب، ويغفر لنا ما انتهكناه من محرم.
    أيها الإخوة! إن الواجب أن ينظر الإنسان في عامه الماضي ماذا صنع، هل أدى الواجب كما ينبغي أم قصر فيه؟ هل اجتنب المحرم وابتعد عنه أم وقع فيه؟ فإن كان مفرطاً في الواجب فإن عليه أن يتداركه ما دام في زمن الإمهال، ليفكر هل كان قد أتم طهارته قد أتم صلاته قد أتم صيامه قد أتم زكاته قد أتم حجه، لينظر في ذلك، ربما يكون على الإنسان شيء من صيام رمضان فيقول: الأمد أمامي، ولي أن أؤخره إلى أن يبقى من شهر شعبان مقدار ما علي من الأيام، وهذا لا بأس به ولكن الحزم كل الحزم أن يبادر بقضاء الصيام الذي عليه لأنه لا يدري ماذا يعرض له، فربما يصاب بمرض لا يستطيع معه أن يصوم، وربما يموت فلا يقضى عنه، فلينظر.

    (44/2)


    --------------------------------------------------------------------------------

    محاسبة النفس على أداء الزكاة
    كذلك لينظر في ماله، هل أحصاه إحصاءً تاماً دقيقاً؟ هل حاسب نفسه وكأن الفقراء شركاء له؟ بل هل حاسب نفسه وكأن أهل الديون شركاء له في ماله؟ لينظر هذا لأنه إذا أخل بالواجب في الزكاة فإنه يخشى عليه أن يدخل في قول الله تبارك وتعالى: {وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْراً لَهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَهُمْ سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ} [آل عمران:180] ولقد قال ابن القيم رحمه الله -وناهيك به علماً وفقهاً- قال: إن الإنسان إذا تهاون في إخراج زكاته حتى مات فإنها لا تبرأ ذمته ولو أخرجها الورثة من ماله بعده.
    لأنه صمم على أنه لن يخرج الزكاة في حال حياته، وماذا يغني عنه أن يخرج عنه ورثته بعد موته؟ فلذلك طهر مالك! طهر نفسك بإخراج الزكاة الواجبة ولا تتهاون بها! لا تفرط فيها! فإنها هي قرينة الصلاة في كتاب الله عز وجل.

    (44/3)


    --------------------------------------------------------------------------------

    محاسبة النفس على الحج
    فكر كذلك في الحج! هل أنت أتيت بالحج على حسب ما أوصاك به رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم حيث قال: (خذوا عني منساككم) هل أخذت المناسك كما فعلها الرسول عليه الصلاة والسلام، أم أنك تهاونت فيها، ورأيت كأنها طقوس تفعلها أو تخرج بدلاً منها من فدية أو هدي؟ إن كثيراً من الناس يخلون بالحج إخلالاً عظيماً حتى يجعلونه كأنه طقوس لا فائدة منها ولا طهارة للقلب بها، ولا يشعر الإنسان فيها بالراحة الروحية بل كأنها أشياء يفعلها فعلاً مادياً فقط.

    (44/4)


    --------------------------------------------------------------------------------

    محاسبة النفس على أداء الديون ومعاملة الأهل
    عليك أن تحاسب نفسك: هل أديت ما يجب عليك لمن يعاملك؟ هل أديت الدين الذي في ذمتك غير مؤجل وأنت قادر عليه؟ إنك إن أخرت الوفاء فأنت في ظلم إلى أن تتوفى، قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (مطل الغني ظلم) فكل لحظة تمر على شخص عليه دين حال ولم يخرجه فإنه يكون به ظالماً، وقد قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (اتقوا الظلم فإن الظلم ظلمات يوم القيامة) .
    فكر يا أخي في معاملتك أهلك: هل أنت قمت بواجب الزوجة؟ هل أنت عاشرتها بالمعروف أم جعلتها كأمة مستامة لا تبالي بها ولا يهمك القيام بحقها بل ضيعتها وأضعتها؟ فكر في أولادك: هل قمت بحقهم في وجوب الرعاية في منعهم عن المحرمات في حملهم على الواجبات؟ كل هذا يجب أن نحاسب أنفسنا عليه.
    فكر: هل قمت بحق إخوانك المسلمين؟ هل تفشي السلام أو تهجر؟ فكر في نفسك: هل كذبت يوماً من الدهر في عامنا الماضي؟ هل نصحت في المعاملة؟ أشياء وأشياء كثيرة نفرط فيها ونهمل ولا نحاسب أنفسنا عليها، مع أن التجار وهم أصحاب الأموال الفانية تجدهم يدققون جداً في نهاية العام.

    (44/5)


    --------------------------------------------------------------------------------

    الأيام ثلاثة
    أما في المستقبل، فالعام المستقبل لا ندري ما الله صانع فيه، أيامنا ثلاثة: يوم مضى بما فيه ولا يمكن تداركه، ويوم مستقبل لا ندري ما الله صانع فيه، كما قال الله عز وجل: {وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَداً} [لقمان:34] ويومنا الحاضر أوله مضى وآخره لم يأت بعد ولا ندري ماذا يكون فيه.
    إذاً علينا أن نعد أنفسنا للمستقبل بعزيمة صادقة، ورغبة في الخير كاملة حتى نتلقى ونستقبل عامنا الجديد بجد وإخلاص وطاعة لله عز وجل.
    وليعلم -أيها الإخوة- أن هذه الدنيا ليست دار مقام حتى يحرص الإنسان على إكمال ترفه فيها، إنها دار ممر، إنها دار عمل صالح، لكنها والله أطيب دار لمن عمل صالحاً، أطيب دار بالنسبة للآخرين وإلا فالآخرة خير وأبقى لا شك، لكن لو سألنا سائل: من أطيب الناس عيشاً في هذه الدنيا؟ لقلنا: هو الذي آمن وعمل صالحاً، كما قال ربنا عز وجل: {مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [النحل:97] .

    (44/6)


    --------------------------------------------------------------------------------

    نصائح للعام المقبل
    استقبل أخي المسلم، استقبل هذا العام بجد ونشاط وتغيير لما فسد من حالك إلى إصلاح فإن الإنسان الحي يمكنه أن يستقيم بمشيئة الله، وإذا مات مات على ما كان عليه.
    استقبل هذا العام الجديد بالنشاط في العمل الصالح، بالنشاط في الأخلاق الفاضلة، بالنشاط في تربية الأولاد، بالنشاط في تربية الأهل، بالنشاط في الإحسان إلى الخلق، بالنشاط في جميع أعمالك، لا تتهاون، من تعود على التهاون صار التهاون خلقاً له وبقي هكذا دائماً، ومن عود نفسه على الجد والحزم ومحاسبتها فإنه ينجح بإذن الله عز وجل.
    أمامنا مستقبل، أمامنا أيام هي مراحل للعمل الصالح، كل يوم تطلع فيه الشمس فإن على كل مفصل منك صدقة، هكذا قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (يصبح على كل سلامى من الناس صدقة كل يوم تطلع فيه الشمس) والإنسان فيه ثلاثمائة وستون مفصلاً فلا بد أن تتصدق ثلاثمائة وستين صدقةً كل يوم، لكن ليست صدقة المال فحسب بل هي صدقات متنوعة: كل تكبيرة صدقة، كل تهليلة صدقة، أمر بالمعروف صدقة، تكبيرة صدقة، نهي عن منكر صدقة، كل شيء يتقرب به الإنسان إلى الله فهو صدقة تجزي عن مفصل من المفاصل، بل قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (يجزئ من ذلك -أي: يجزئ بدل ذلك- ركعتان يركعهما من الضحى) .

    (44/7)


    --------------------------------------------------------------------------------

    المحافظة على نوافل الصلاة
    عليك يا أخي أن تنظر ما هي وظائف اليوم والليلة؟ وظائف اليوم والليلة أعظمها بعد الشهادتين الصلاة، الصلاة منها فرض ومنها نفل، الفرائض خمس معروفة لا تخفى على مسلم، النوافل: منها ما هو تابع للمفروضات، ومنها ما هو مستقل، ومنها ما هو مقيد بوقت، ومنها ما هو مطلق.
    النوافل التابعة للمكتوبات هي: ركعتان قبل الفجر، وأربع ركعات قبل الظهر بسلامين، وركعتان بعد صلاة الظهر، وركعتان بعد المغرب، وركعتان بعد العشاء، وأما العصر فليس لها سنة راتبة؛ لكن جاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (رحم الله امرأً صلى قبل العصر أربعاً) .
    هناك نوافل غير تابعة للمفروضات كالوتر، الوتر نافلة مستقلة تختم به صلاة الليل لقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (اجعلوا آخر صلاتكم بالليل وتراً) ، فمن كان يقوم الليل فليؤخر الوتر إلى آخر الليل، ومن كان لا يقوم فليوتر أول الليل، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (من خاف ألا يقوم من آخر الليل فليوتر أوله، ومن طمع أن يقوم من آخره فليوتر آخره فإن صلاة آخر الليل مشهودة، وذلك أفضل) .
    والوتر أقله ركعة، يعني لو أن الإنسان صلى راتبة العشاء ركعتين ثم أوتر بركعة كفى لأنه جعل آخر صلاته بالليل وتراً، وإن أوتر بثلاث فهو أفضل، وبخمس فهو أفضل، وبسبع فهو أفضل، وبتسع فهو أفضل، وبإحدى عشرة ركعة هو أفضل، فإذا نام الإنسان عن وتره فإنه يصليه من النهار ولكنه يجعله شفعاً -يعني: لا وتراً- لأن الليل انتهى، ولكنه يجعله شفعاً حتى يكون قد قضى ورده، ولكن بدون وتر.
    هناك -أيضاً- صلوات أخرى لأمور عارضة؛ كالصلاة لدخول المسجد فإن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: (إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين) .
    سنة الوضوء: إذا توضأ الإنسان فإنه ينبغي له أن يصلي ركعتين، وليحرص على ألا يحدث بهما نفسه؛ لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم توضأ وقال: (من توضأ نحو وضوئي هذا ثم صلى ركعتين لا يحدث فيها نفسه غفر الله له ما تقدم من ذنبه) .
    هناك صلاة الضحى، التهجد في الليل، النفل مطلقاً في كل وقت شئت إلا أوقات النهي وهي: من صلاة الفجر إلى أن ترتفع الشمس قيد رمح، وعند الزوال حتى تزول -يعني: إذا قامت الشمس حتى تزول- ومن صلاة العصر إلى الغروب، هذه الأوقات الثلاثة لا يصلى فيها النفل المطلق، ولكن يصلى فيها النفل ذو السبب، فإذا كان النفل له سبب فصل ولو في أوقات النهي.

    (44/8)


    --------------------------------------------------------------------------------

    أداء الزكاة والواجبات المالية
    هناك -أيضاً- زكاة المال واجبة، وهناك واجبات أخرى في المال غير زكاة المال كالنفقات، فإن الإنسان يجب عليه أن ينفق على زوجته وعلى أقاربه.
    هناك زكاة مال واجبة وهناك واجبات أخرى في المال غير زكاة المال منها: واجبات الإنفاق على الأهل والأولاد والأقارب الفقراء الذين يرثهم المنفق، ومنها حق الضيافة: إذا نزل بك إنسان ضيفاً وجب عليك أن تكرمه بالضيافة، ومنها معونة المضطر، وإغاثة الملهوف.
    ومنها الصدقات المستحبة، أخرج من مالك ما يجب وما لا يجب فإن مالك الذي أخرجته لله، لا يبقى لك من مالك إلا ما أخرجته لله، أما ما بقي فإما أن تأكله وتلقيه فيما بعد في المرحاض، وإما أن تخلفه بعدك فيكون ثمرته لورثتك ليس لك منه شيء، فما قدمته لله من مالك فهذا هو مالك الحقيقي وليس مالك الذي تخزنه.

    (44/9)


    --------------------------------------------------------------------------------

    المحافظة على صيام النوافل
    كذلك بالنسبة للصيام، احرص على أن تصوم يوم الإثنين ويوم الخميس، والأيام البيض، فإن لم يتيسر ذلك فلا أقل من أن تصوم من كل شهر ثلاثة أيام سواء في أول الشهر أو في وسطه أو في آخره، وسواء كانت متتابعة أم متفرقة لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم كان لا يدع صيام ثلاثة أيام من كل شهر، ولا يبالي أصامها من أول الشهر أو وسطه أو آخره؛ صلوات الله وسلامه عليه.

    (44/10)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حادث الحريق لحج سنة (1417هـ) والعبر منه
    إخواني! في حج هذا العام (عام 1417هـ) حدث حريق هائل في يوم التروية، وكثير من الناس في منى، وكثير من الناس في مكة، وكثير من الناس في عرفة، وكثير من الناس الذين في منى قد أحرموا، وكثير منهم لم يحرم، وكانت الكارثة عظيمة لولا أن الله تعالى منَّ بتقليلها حتى انحصرت فيما انحصرت فيه، وقد قدرت الخيام التي التهمتها النار بسبعين ألف خيمة، والموتى بأكثر من ثلاثمائة ميت، والجرحى بنحو ألفين أو يزيدون قليلاً أو ينقصون قليلاً، والضائعون -أيضاً- كثيرون، ولا شك أن هذه كارثة، ولكن بسبب الذنوب والمعاصي لقول الله تبارك وتعالى: {وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ} [الشورى:30] فيجب علينا أن نتخذ من ذلك عبرة وعظة.
    ومن أكبر ما ينبغي أن نتعظ فيه ألا نتخذ الحج نزهة لا نريد منه إلا أن نطرب أنفسنا ويجلس بعضنا إلى بعض للمرح والضحك وإضاعة الوقت؛ لأن الحج عبادة حتى أن الله تعالى سماه نذراً وسماه فرضاً فقال تبارك تعالى: {فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ} [البقرة:197] وقال: {ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ} [الحج:29] فهو عبادة جليلة، ليس طرفة ولا نزهة، فمن الناس من يتخذه نزهة ومن الناس من يتخذه موسماً للتسول، ومن الناس من يتخذه موسماً للسرقة والعدوان والعياذ بالله، فالناس يختلفون، فهذه المصائب لا شك أنها بذنوبنا، ولا شك -أيضاً- أنها قد كتبت علينا قبل خلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة؛ ولهذا يجب علينا أن نتخذ من هذه المصيبة موعظةً تتعظ بها القلوب، وأن نتخذ منها رضاً بقضاء الله وقدره، وأن نقول: الحمد لله على كل حال.
    والذين أصيبوا بها وماتوا إن كانوا محرمين فإنه يرجى أن يكونوا شهداء ويخرجون من قبورهم يقولون: لبيك اللهم لبيك؛ فيجتمع لهم الشهادة، والموت على الإحرام، والخروج من القبور يلبون، ومن لم يكن أحرم فإننا نرجو أن يكون من الشهداء -أيضاً- لأن الحريق شهيد كما جاء عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، ولقد كان في هذه الحادثة عجائب منها: الريح الشديدة التي كانت تنقل اللهب من مكان إلى مكان فتنقل قطع الخيام من جهة إلى جهة، ثم إذا وقعت في جهة احترقت الجهة التي انتقلت إليها هذه القطعة، وأخبرني شخص أثق به عن إنسان شاهد بعينه أن حمامة مرت فأصابها اللهب، ففرت من اللهب وذيلها يلتهب فسقطت ميتة، أدركها الاحتراق فسقطت على خيمة فاشتعلت الخيمة سبحان الله! هذا مما يدل على أن الله عز وجل ابتلى العباد بهذا الحريق.
    ثم الرياح الشديدة العاصفة في ذلك اليوم التي نراها تسوق النيران سوقاً حثيثاً مما يدل على أن الله تعالى أراد من عباده -وله حكمة- أن يتعظوا بمثل هذه الأمور، وحصل فيها من الحريق ما حصل، وحصل فيها أن من الناس من فقد أمه ومن فقد زوجته ومن فقد أبناءه، ومنهم من رئي محترقاً وهو ساجد -سبحان الله- ساجد لله عز وجل فإما أن يقوم يصلي الظهر أو العصر، وإما أن يكون لما أحس بأن النار أدركته قام يصلي وأحب أن يموت على صلاته.
    فعلى كل حال نسأل الله تعالى لإخواننا الذين ماتوا أن يغفر لهم ويكتبهم من الشهداء، وأن يشفي إخواننا الذين ما زالوا على قيد الحياة، ويجعل ما أصابهم في تكفير سيئاتهم ورفع درجاتهم، ونسأل الله تعالى أن يأجر كل من أصيب بهذه المصيبة لأن كل مؤمن مصاب بلا شك بهذه المصيبة، فنسأل الله تعالى أن يجبر كسر الجميع، وأن يعفو عنا ويغفر لنا إنه على كل شيء قدير.

    (44/11)


    --------------------------------------------------------------------------------

    الأسئلة

    (44/12)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم عدم الذهاب إلى منى يوم التروية وعدم المبيت بمزدلفة


    السؤال
    سائلة تقول: فضيلة الشيخ! لقد أكرمني الله بالحج في هذا العام والحمد لله، ولكن حدثت مني بعض الأخطاء ويعلم الله أنه كان ليس بيدي بحكم أني امرأة، سؤالي يا فضيلة الشيخ: لم نذهب إلى منى يوم التروية، وهذا بحكم الحريق، ولكننا ذهبنا إلى عرفة مباشرة.
    ثانياً: لم نبت في مزدلفة ولكن وقفت بنا السيارة لمدة ربع ساعة للصلاة ولقط الجمار، ثم سرنا ولكننا لم نسر إلى منى، ولكن جلسنا في السيارة إلى حدود الساعة الثالثة صباحاً ونحن داخل مزدلفة فهل يعتبر هذا مبيتاً؟

    الجواب
    بسم الله الرحمن الرحيم، كونها لم تبت في منى ليلة التاسع ولم تُقِم فيها يوم الثامن لا حرج عليها في ذلك؛ لأن البقاء في منى آخر اليوم الثامن وليلة التاسع سنة وليس بواجب، فمن أتى به فعلى خير ومن لم يفعله فإنه لا لوم عليه ولا إثم عليه.
    وأما كونهم لم ينزلوا في مزدلفة إلا قليلاً للصلاة ولقط الجمرات، ثم ركبوا السيارة وبقوا عليها إلى الساعة الثانية فهذا -أيضاً- لا بأس به لأن المهم أن يبقى الإنسان في مزدلفة سواء على السيارة أو على الأرض.
    وقد أشارت إلى لقط الجمرات، وقد اشتهر عند كثير من العوام أنه يجب أن تلقط الحصى من مزدلفة، وهذا خطأ، الحصى تلقط من منى لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم التقطها من منى حين وقف على جمرة العقبة وأمر ابن عباس أن يلقط له الحصى فلقطها من منى، وجعل يقول: (بأمثال هؤلاء فارموا، وإياكم والغلو في الدين) .
    لكن استحب كثير من السلف أن تلقط الحصى من مزدلفة من أجل أن يبادر برمي جمرة العقبة حتى لا ينزل من بعيره فيلقط الحصى من منى، قالوا: يأخذها قبل أن يرتحل لتكون جاهزة لأن الأفضل أن يرمي الإنسان جمرة العقبة يوم العيد وهو على بعيره قبل أن يحط رحله، لكن هذا أمر في الوقت الحاضر لا يوجد، بل مستحيل، لو قلنا للناس: اركبوا سياراتكم وقفوا عند الجمرة فلا يمكن، لذلك نقول: إن لقط الجمرات من منى أقرب إلى السنة من لقطها من مزدلفة.

    (44/13)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم توكيل من يرمي الجمار عن الحاج


    السؤال
    كنت من المعجلين فكان ميعاد طائرتي في اليوم الثاني عشر الساعة السادسة مساءً، فخفت من ضيق الوقت خصوصاً مع الزحام -تقول- فوكلت خالي بالرجم يوم الثاني عشر من ذي الحجة، وخرجت أنا في الساعة الثالثة صباحاً يوم إحدى عشر ذي الحجة، فوكلته على أن يرمي لي هو في الساعة الثانية عشر ظهراً وأطوف أنا طواف الإفاضة بعدها، وخرجت من مكة حوالي الساعة الواحدة ظهر اليوم الثاني عشر، فهل علي شيء في هذا؟ أرجو الإفادة.


    الجواب
    لم يفتها إلا ليلة واحدة من ليالي منى، وهذه ليس فيها دم، الليلة الواحدة من ليالي منى ليس فيها دم، لكن قال الإمام أحمد رحمه الله: يتصدق بشيء.
    يعني: يتصدق بخمسة دراهم، عشرة ريالات وما أشبه ذلك وكفى، لكن المشكل أنها وكلت من يرمي عنها يوم إحدى عشر، مع أن الظاهر أنها قادرة على الرمي بنفسها، فإذا كان كذلك -أي: أنها قادرة على الرمي بنفسها ووكلت من يرمي عنها- فقد أخطأت ووجب عليها عند العلماء فدية تذبح في مكة عن تركها الواجب في الرمي، وتوزع على الفقراء في مكة سواء ذهبت هي بنفسها أو وكلت من يقوم بها في مكة، فإن كانت عاجزة لا تقدر، فليس عليها شيء.
    أما بالنسبة ليوم اثنى عشر فالتوكيل فيه قد يكون ضرورة لأن المتعجلين يوم اثنى عشر سيجدون مشقة عظيمة وزحاماً شديداً؛ فلا يمكن للمرأة أن ترمي في يوم اثني عشر، فإذا وكلت فلا بأس.

    (44/14)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم إكمال الحج عمن مات في أثنائه


    السؤال
    فضيلة الشيخ! من مات في حريق منى هذه السنة وهذه هي حجة الإسلام له، هل يحج عنه؟

    الجواب
    من مات في الحريق بعد إحرامه فإنه لا يحج عنه× لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال في الرجل الذي مات يوم عرفة قال: (اغسلوه بماء وسدر وكفنوه في ثوبيه، ولا تخمروا رأسه، ولا تحنطوه فإنه يبعث يوم القيامة ملبياً) وقال الله تعالى: {وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِراً إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّه} [النساء:100] وعلى هذا فإذا كان قد أحرم فلا يحج عنه وتكون ذمته قد برئت، ولا ينبغي أن يكمل عنه النسك؛ أولاً: لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لم يأمر أن يكمل عن الرجل الذي مات في عرفة نسكه، فما قال: أتموا النسك عنه.
    ولأنه إذا أتمه فمقتضى هذا الإتمام أن يتحلل الميت من النسك، وحينئذ يحرم من أن يبعث يوم القيامة ملبياً، وهذا جناية عليه، ولو قيل بأن إتمام النسك عن الميت لو قيل بذلك لكان قولاً متوجهاً لأن ذلك جناية على الميت في الواقع.
    أما إذا احترق قبل أن يحرم، فينظر: فإذا كان فيما مضى من السنوات قادراً على الحج ولكنه أخره إلى هذا العام فإنه يقضى عنه من تركته، وأما إذا كان لم يقدر على الحج إلا سنته هذه فإنه لا يقضى عنه لأنه لم يتمكن منه.

    (44/15)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم من لم يكمل الحج بسبب الفزع والذعر


    السؤال
    فضيلة الشيخ! لما كان الحريق في هذا العام ترك بعض الناس الحج وعاد إلى أهله قبل أن يكمل الحج وظن أنه يكفيه أن يذبح دماً ويكفي عن الحج، فما حكم هذا العمل؟ وهل يعذرون لأجل ما أصابهم من الروع والذعر وعدم الاستقرار النفسي بسبب هذا الحريق؟

    الجواب
    أما أكثر العلماء فيرى أنه لا عذر له وأنهم يبقون على إحرامهم ولا يتحللون منه، فلا يحل لهم جميع محظورات الإحرام، ثم إن تمكنوا من الرجوع قبل فوات الوقوف بـ عرفة وجب عليهم الحضور، وإن لم يتمكنوا وفاتهم الوقوف وجب عليهم أن يحجوا إلى مكة ويحلوا من إحرامهم بعمرة، أي: يأتون إلى مكة ويطوفون ويسعون ويقصرون ثم يحلون، وعليهم الهدي من العام القادم لأنهم فرطوا، هذا الذي عليه أكثر أهل العلم.
    ومن العلماء من قال: يجوز التحلل بالإحصار: لخوف أو مرض أو كسر أو عرج أو ما أشبه ذلك، وبناءً على هذا القول نقول: إن هؤلاء إذا اضطروا إلى التحلل من أجل الذعر والخوف فليذبحوا هدياً في مكة ويتحللوا من الإحرام نهائياً، ولا يلزمهم القضاء في المستقبل إلا أن تكون هذه الحجة هي حجة الإسلام.

    (44/16)


    --------------------------------------------------------------------------------

    احتراق المخيم لا يعتبر حابساً


    السؤال
    فضيلة الشيخ! من وجد مخيمه قد احترق في اليوم الثامن وقد اشترط، فهل يجزئه الاشتراط لأن يحل من إحرامه؟

    الجواب
    أسأل: إذا احترقت الخيمة فهل ذلك حابس يمنع من إتمام النسك؟ الجواب: لا يمنع، إذا احترقت الخيمة فتبدل بخيمة، أو إذا لم أتمكن من البقاء في هذا المكان فأنتقل مكان آخر، فهذا لا يعتبر من الإحصار، نعم لو هو أصيب وعجز أن يكمل فهو محصر، فالذين احترقت خيامهم ولم يمنعهم من إتمام النسك إلا الاحتراق ليس لهم عذر في الواقع، فهم كالذين تكلمنا عنهم قبل قليل.

    (44/17)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم فسخ نية الحج أو العمرة


    السؤال
    فضيلة الشيخ! رجل خرج من عنيزة إلى جدة، وكان عند خروجه يريد العمرة، ولكن بعض النساء اللاتي معه كانت غير طاهرة، فذهب إلى جدة جاهلاً ولم يحرم، وجلس في جدة حتى طهرت تلك المرأة، ولكن انتهت تلك الدراهم التي معه فلم يستطع الذهاب إلى مكة وأخذ العمرة، فماذا عليه؟

    الجواب
    لا حرج على الإنسان إذا نوى العمرة أو الحج أن يفسخ النية ما دام لم يتلبس بالإحرام؛ حتى لو عزم وسافر فإنه لا شيء عليه، لأن العمل لا يلزم إلا بالشروع فيه لقوله تعالى: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} [البقرة:196] والإتمام إنما يؤمر به من تلبس بالشيء فيؤمر بإتمامه، وأما قبل ذلك فلا يؤمر به، لكن إذا كان الحج فريضة فكان الواجب عليهم أن يكملوها لأن الفريضة فرض على الإنسان قبل أن يوجبها على نفسه بالسعي فيها.

    (44/18)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم تأخير طواف الإفاضة إلى طواف الوداع


    السؤال
    رجل سعى سعي الحج في يوم النحر وهو متمتع، وأخر طواف الإفاضة مع طواف الوداع، فهل عليه شيء من دم أو غيره، وذلك لأنه قد سمع حديثاً يروى عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنه سأله رجل قد سعى قبل أن يطوف فقال: (افعل ولا حرج) ؟

    الجواب
    هذا لا شيء عليه، فتقديم سعي الحج على طواف الإفاضة لا بأس به بشرط: أن يكون السعي بعد الوقوف بـ عرفة ومزدلفة، وإنما ذكرنا هذا الشرط لأن بعض الناس يتوهم أنه يجوز للإنسان أن يحرم بالحج في مكة ثم يسعى للحج ويخرج، وإذا رجع بعد الوقوف طاف، هذا غلط؛ لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم سئل عن تقديم السعي على الطواف بعد الوقوف بـ عرفة وبعد الوقوف بـ مزدلفة، وعلى هذا نقول: إذا كان فعله للسعي بعد أن وقف بـ عرفة وبات بـ مزدلفة فلا بأس أن يقدم السعي على الطواف ويؤخر الطواف إلى السفر، وهذا في الحج.
    أما في العمرة فلا يجوز تقديم سعيها على طوافها؛ لأنه لم يرد عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم جواز ذلك، والأصل وجوب الترتيب؛ ولهذا لم يرخص النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لـ عائشة حين حاضت أن تقدم السعي على الطواف؛ لأنه لا بد أن يكون الطواف في العمرة قبل السعي، ومن قاسها على الحج فقد قاس مع الفارق، والقياس مع الفارق لا يصح.

    (44/19)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم التهنئة ببداية السنة الهجرية


    السؤال
    فضيلة الشيخ! تكلمتم عن العام الجديد، فما حكم التهنئة بالسنة الهجرية؟ وماذا يجب علينا نحو المهنئين؟

    الجواب
    إن هنأك أحد فرد عليه، ولا تبتدئ أحداً بذلك، هذا هو الصواب في هذه المسألة، لو قال لك إنسان مثلاً: نهنئك بهذا العام الجديد قال: هنأك الله بخير وجعله عام خير وبركة.
    لكن لا تبتدئ الناس أنت؛ لأنني لا أعلم أنه جاء عن السلف أنهم كانوا يهنئون بالعام الجديد، بل اعلموا أن السلف لم يتخذوا المحرم أول العام الجديد إلا في خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه.

    (44/20)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم التعجل ورمي الجمرات بعد الغروب


    السؤال
    فضيلة الشيخ! جماعة حجوا في هذا العام، وفي اليوم الثاني عشر بعد صلاة العصر عزموا على التعجل وحملوا متاعهم وخرجوا من منى، ولكنهم لم يرموا الجمرات إلا بعد صلاة المغرب حيث دخلوا منى بعد صلاة المغرب ورموا الجمرات ثم ودعوا، فهل عليهم شيء أم أن حجهم صحيح؟

    الجواب
    حجهم صحيح إن شاء الله ولا شيء عليهم؛ لأن هؤلاء تعجلوا وخرجوا، والأفضل لو أنهم ما خرجوا من منى حتى رموا، وهم إذا رموا ولو بعد الغروب -ما داموا قد جهزوا أنفسهم وسافروا وعزموا على التعجل- فلا شيء عليهم ولو رموا بعد الغروب.

    (44/21)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم التحلل الأول لمن رمى وطاف


    السؤال
    المتمتع إذا طاف ثم رمى فهل يتحلل الحل الأول؟

    الجواب
    عند الفقهاء -رحمهم الله- يحل التحلل الأول إذا رمى وطاف؛ لأنهم يقولون: التحلل الأول يكون بفعل اثنين من ثلاثة وهما: الرمي والحلق والطواف.
    لكن السنة تدل على أنه لا حل إلا بالرمي والحلق، وعلى هذا فنقول: التحلل الأول يكون بالرمي والحلق فقط، وأنه لو رمى وطاف لم يحل التحلل الأول إلا على رأي من يرى أن الرمي وحده يحصل به التحلل الأول.
    وأخيراً أسأل الله عز وجل أن يجعل هذا العمل نافعاً، مباركاً، خالصاً لوجهه الكريم
    وأن ينفعني به في حياتي وبعد مماتي، وأن ينفع به كل من انتهى إليه؛ فإنه خير مسؤول، وأكرم مأمول، وهو حسبنا ونعم الوكيل، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد بن عبد الله وعلى آله وأصحابه ومن تبعه بإحسان إلى يوم الدين.

    حياكم الله بموقع بداية الهداية الخطوة إلى طريق العلم الشرعي الصحيح
    http://www.musacentral.com/

  4. #84
    تاريخ التسجيل
    Mar 2009
    المشاركات
    2,459
    الدين
    الإسلام
    آخر نشاط
    01-11-2023
    على الساعة
    04:37 PM

    افتراضي

    المكان الذي تؤخذ منه الحصى


    السؤال
    فضيلة الشيخ! تعلمون وفقكم الله أن أغلب الأماكن في منى مسفلتة ويصعب لقط الحصى منها، أفلا ترون أن لقطها من مزدلفة أسهل للناس خصوصاً مع السيارات؟

    الجواب
    أنا أظن أن مزدلفة هي التي فيها السفلتة الكثيرة، أما منى فليس فيها سفلتة كثيرة، ثم عند الجمرات تحت الجسر هناك حصى كثيرة، فيمكن أن تلقط سبع حصيات قبل أن تصل إلى العقبة في اليوم الأول، وتلقط قبل أن تصل للجمرة الأولى في اليوم الثاني سبعاً حصيات، ثم إذا تعديتها لقطت سبع للجمرة الوسطى، ثم إذا تعديتها لقطت سبعاً للجمرة الأخيرة، فالتقاط الحصى سهل جداً.

    (44/23)


    --------------------------------------------------------------------------------

    من دفع نفقة حاج كان له مثل أجره


    السؤال
    فضيلة الشيخ! من دفع نفقة شخص لم يؤد الحج وهي فريضته فهل له مثل أجره؟ وهل هو أفضل من أن ينيب من يحج عنه؟

    الجواب
    نعم، إن شاء الله أن له مثل أجره، يعني: أجر حج فريضة؛ لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: (من جهز غازياً فقد غزا) والحج نوع من الجهاد، وإعطاء هذا الفقير ليحج حج الفريضة أفضل من كونه يعطي هذه الدراهم لشخص يحج عنه حج نافلة، لأنه سيأتيه أجر فريضة، ويحسن -أيضاً- إلى أخيه أداء ركن من أركان الإسلام عنه.

    (44/24)


    --------------------------------------------------------------------------------

    شرط إجزاء طواف الإفاضة عن طواف الوداع


    السؤال
    فضيلة الشيخ! ما الحكم أن أجمع بين طواف الإفاضة في ليلة الثالث عشر من شهر ذي الحجة وأكتفي به عن طواف الوداع؟

    الجواب
    إذا أخر الإنسان طواف الإفاضة إلى السفر وطافه عند الخروج أجزأه عن طواف الوداع كما تجزئ الفريضة عن تحية المسجد، فلو دخلت المسجد والناس يصلون صلاة الفجر أجزأك ذلك عن تحية المسجد، كذلك طواف الإفاضة يجزئك عن طواف الوداع، ولو نويتهما جميعاً حصلا لك لقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى) لكن الحذر من أن تنوي بهذا الطواف طواف الوداع دون طواف الإفاضة؛ لأن بعض الناس يقع في هذا نساناً، تجده أخر طواف الإفاضة إلى السفر لكن عند السفر ما نوى إلا طواف الوداع، وهذا خطأ؛ لأنه إذا لم ينو إلا طواف الوداع ما بقي عليه؟ بقي طواف الإفاضة، فلابد من أن يرجع ليطوف طواف الإفاضة، فلينتبه الإنسان لهذا.

    (44/25)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم الوضوء بما فيه ميتة


    السؤال
    سؤال ليس في الحج، يقول سائله: فضيلة الشيخ! رجل صلى أكثر من يومين بوضوء من خزان، ثم علم بعد ذلك أن في خزان الماء وزغ ميت، فما حكم صلاته التي صلاها، فقد أقلقني هذا الحكم؟

    الجواب
    إذا كان الماء لم يتغير لا طعمه ولا ريحه ولا لونه بموت الوزغ فيه فهو طهور، وأما إذا كان قد تغير فهو نجس، وعلى هذا الذي توضأ منه أن يعيد صلاته، وأن يطهر ثيابه، وأن يطهر بدنه من هذا الماء النجس، يعيد صلاته بوضوء صحيح، لكن إذا لم يتغير فلا شيء عليه.

    (44/26)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم بيع الموقوف إذا تلف أو نقصت منفعته


    السؤال
    ما حكم من وضع مكيفاً في مسجد أو ثلاجة أو خلاف ذلك، ثم تلف أو صارت منفعته بسيطة، هل يجوز بيعه ثم تجعل قيمته في شيء آخر؟

    الجواب
    نعم، إذا تلف المكيف أو الثلاجة أو نقصت منفعته جاز بيعه ليشترى ما هو خير منه، أما أن يباع ولا يؤتى ببدله فهذا لا يجوز ما دام يمكن الانتفاع به، ولكن إذا غير إلى جديد مع أن الأول صالح للاستعمال لكنه استعمال ناقص فهل يكون للأول أجر من هذا الجديد أم لا؟ الجواب: نعم.
    له أجر، له أجر من هذا الجديد بمقدار ما يمكن الانتفاع به من الأول، يعني: فإذا قدرنا أن هذه الثلاجة -يعني: برادة- سوف تبقى لمدة سنتين، لكن الانتفاع بها قليل وأتينا ببرادة جديدة أحسن منها فإن هذه المدة -السنتين- التي يمكن الانتفاع بها يكون أجرها للأول، والثاني له أجر بلا شك.

    (44/27)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم الحاج الذي لم يهد بسبب تلف ماله أثناء الحج


    السؤال
    كنت في الحج وكانت النية حج تمتع، وحصل الحريق، فكانت أغراضي ونقودي في الخيمة فلم أفدِ، فهل علي شيء؟

    الجواب
    وماذا صنع الأخ: هل صام؟ لأن الحريق وقع في اليوم الثامن، ومعناه: أنه إذا جاء يوم النحر فليس معه شيء فيصوم الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر، وإذا رجع إلى أهله صام السبع الباقية لقول الله تبارك وتعالى: {فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ} [البقرة:196] وإذا لم يفعل هذا فعليه الآن أن يتوب إلى الله، وأن يصوم عشرة أيام: ثلاثة قضاءً، وسبعة أداءً.
    ولا يمكن أن يحول الإنسان تمتعه إلى إفراد أبداً، ولا يمكن -أيضاً- أن يحول قرانه إلى إفراد، لكن لو أحرم بعمرة ثم أدخل الحج عليها قبل الشروع في طوافها جاز ذلك وصار قارناً.

    (44/28)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم الصلاة بنية الاستخارة وأداء الراتبة


    السؤال
    فضيلة الشيخ! هل يجوز أن أجمع بين صلاة الاستخارة والسنة الراتبة بنية واحدة؟

    الجواب
    الأحسن أن تجعل للاستخارة صلاةً مستقلة، لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أمر بها فقال: (إذا همَّ بأحدكم أمر -يعني: وتردد فيه- فليصل ركعتين) فجعل النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم صلاة الاستخارة صلاةً مستقلة.

    (44/29)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم عقيقة الابن عن نفسه


    السؤال
    شخص له ستة أبناء ولم يعق إلا عن واحد منهم فما الحكم؟ وماذا يجب عليه؟ وهل يجب على الأبناء أن يتمموا لأنفسهم علماً بأن ثلاثةً منهم قادرون على ذلك؟

    الجواب
    إذا كان هذا الأب الذي لم يعق عن جميع أولاده فقيراً، فلا شيء عليه؛ لأن العقيقة مثل الزكاة، فكما أن الفقير لا زكاة عليه فالفقير لا عقيقة عليه، وأما إذا كان غنياً لكنه يقول: اليوم غداً بعد غد، فهنا نقول: عق عن أولادك الذين لم تعق عنهم، وإذا أراد أحد أن يعق عن نفسه فليستأذن من أبيه ويقل: إني أريد أن أعق عن نفسي؛ لأن المخاطب بالعقيقة هو الأب.

    (44/30)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حدود لطاعة الأم


    السؤال
    فضيلة الشيخ! لدي سؤال يحيرني ويقلقني: وهو أن والدتي حفظها الله تطلبني كثيراً أن أخرج بها للرحلات هنا وهناك، ونجتمع جميعاً في منزلها يومياً، وهذا العمل يا فضيلة الشيخ لا يخفى عليك أن فيه تضييعاً للوقت والعمر بلا فائدة، وأنا في حرج من أمري إن أطعتها، وهذا ما أفعله الآن، فضاع وقتي، وإن قللت من زيارتها والخروج معها أكون عاقاً لها، فأنا في حرج من أمري فأرشدني وفقك الله.


    الجواب
    إذا لم يكن عليك ضرر في إجابة طلبها فأجبها، وإن كان عليك ضرر أو تفويت مصلحة فلا تجبها إلا للضرورة، والرحلات وزيارة الأقارب والأصحاب ليست ضرورة، لكن المدار هو هكذا: إذا كان إجابة طلبها يفوت عليك مصالح أو يوقعك في ضرر لم يجب عليك إجابتها، لكن عليك أن تداريها وتقنعها وتأخذ بخاطرها، وأما إذا لم يكن عليك ضرر أو كان هي عليها ضرر أكثر من ضررك لو أجبت فأجبها، وهذا يستنثى منه ما لو صدتك إجابتك إياها عن واجب فإنه لا يجوز؛ كما لو كانت إجابتك إياها تشغلك عن إقامة الجماعة -يعني: إقامة الصلاة في جماعة- فهنا لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق.

    (44/31)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حد بقاء الحاج بعد طواف الوداع


    السؤال
    رجل حج في هذا العام، وبعد طواف الوداع نزل إلى السوق واشترى بعض الحاجيات وهو جاهل في ذلك، فماذا عليه؟

    الجواب
    قال أهل العلم: لا يضر أن يشتري الإنسان بعد طواف الوداع حاجة في طريقه إما من أغراض السفر، أو هدية إلى أهله، أو كتاباً يحتاجه، وأما إذا اشتغل بتجارة فإنه لا بد أن يعيد الطواف.
    وكذلك لا حرج عليه إذا كان قد دخل وقت الصلاة كما لو انتهى من الطواف مع الأذان وبقي حتى صلى فإن ذلك لا بأس به؛ لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم طاف للوداع وصلى بعد ذلك صلاة الفجر.
    وكذلك لو طاف للوداع ثم أتى إلى الحافلة ووجد الرفقة لم يجتمعوا بعد، وبقي ينتظرهم ولو ساعة أو ساعتين أو أكثر فلا بأس في ذلك.

    (44/32)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم من أدرك الإمام قائماً من الركوع


    السؤال
    سائلة تقول: فضيلة الشيخ! دخلت إلى المسجد والإمام قائم من الركوع فكبرت ثم ركعت وأكملت مع الإمام وسلمت، فماذا علي؟

    الجواب
    عليها الآن أن تعيد الصلاة من جديد؛ لأنها لم تدرك الركوع، ومن فاته الركوع فاتته الركعة، وهذه المرأة حسب سؤالها لم تصل الصلاة كاملة لأن الركعة التي لم تدرك ركوعها لم تدركها، وعليها الآن أن تعيد صلاتها.

    (44/33)


    --------------------------------------------------------------------------------

    ضوابط تخفيض الأسعار


    السؤال
    فضيلة الشيخ! تقوم بعض محطات البنزين عند الشراء منها بتخفيض سعر البنزين، مثلاً: تعطيك دفتر قيمته مائتي ريال بمائة وتسعين ريالاً، فهل ذلك جائز؟

    الجواب
    يعني يقول: بعض الناس من أصحاب المحطات ينزل السعر من أجل أن يجتمع الناس إليه، هذا في الأصل لا بأس به، لكن الإمام مالكاً رحمه الله قال: إذا كان هذا يضر بأهل السوق فإنه يجب على ولي الأمر والمحتسب أن يمنعه وأن يقول: بع كما يبيع الناس.
    فإذا قال: أنا رخصت للمستهلكين.
    قلنا: نعم، ولكنك أضررت بالآخرين، إلا إذا كان الآخرون قد رفعوا السعر وهو يقتنع بالربح القليل فله ذلك ولا حرج عليه فيه، ويقال للآخرين: نزلوا السعر.

    (44/34)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم تصوير الأنشطة المدرسية


    السؤال
    فضيلة الشيخ! يقام في المدارس نشاطات مختلفة من ندوات ومحاضرات وأنشطة طلابية تفيد الطلاب، السؤال يا فضيلة الشيخ: هل يجوز تصوير هذه الأنشطة بالكاميرا أو بالفيديو لحفظها للمدرسة أو حتى يستفيد منها الطلبة؟

    الجواب
    إذا كان في هذا مصلحة فلا بأس أن تلتقط هذه الصورة بالكاميرا حتى تبقى ينتفع بها الناس فيما بعد، وأما إذا كان ليس فيها مصلحة فهي إضاعة مال وإضاعة وقت، وإذا كان فيها مصلحة لكن مفسدتها تربو على مصلحتها، كما لو صور فيها أحداثاً تحصل في النظر إليهم فتنة، فهنا يجب أن تمنع، والحاصل أنه إذا كان مصلحة فلا بأس وإن لم يكن مصلحة فإنها إضاعة مال وإضاعة وقت.

    (44/35)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم تأجيل طواف الوداع والذهاب إلى جدة ثم العودة لأدائه


    السؤال
    ما حكم من أجل طواف الوداع بحكم أنه من أهل جدة وقريب من مكة ويأتي به بعد خفة الزحام؟

    الجواب
    إذا خرج من مكة يريد جدة ووصل إلى جدة فإنه لو أتى به لا ينفعه؛ لأنه خرج وودع فكيف ينفعه بعد أن ودع وذهب؟ ولهذا نقول: من كان من أهل جدة فإنه يجب عليه ألا يخرج من مكة حتى يودع إلا امرأة يأتيها الحيض أو النفاس ولا يتسنى لها أن تبقى في مكة حتى تطوف للإفاضة فلا بأس أن تخرج إلى منزلها في جدة، فإذا طهرت عادت وطافت طواف الإفاضة، وإنما استثنينا هذه المسألة لأن الحائض والنفساء ليس عليهما وداع ليس عليهما إلا طواف إفاضة، وطواف الإفاضة الآن متعذر لوجود حيض أو نفاس، فتذهب إلى جدة وإذا طهرت عادت وطافت طواف الإفاضة، لكنها في هذا الحال يحرم عليها إن كانت متزوجة أن يقربها زوجها لأنها لم تحل التحلل الثاني.

    (44/36)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم وضع الملح في مكان الصرف الصحي لإصلاحه


    السؤال
    فضيلة الشيخ! ما حكم وضع الملح في مكان الصرف الصحي لفتح مسام ذلك الصرف؟

    الجواب
    أولاً نسأل: ما أصل الملح؟ ماء أم نبات ينبت في شجر ويشتريه الناس كما يشترون تمر النخل؟ الجواب: أصل الملح ماء، وعلى هذا فإذا جعل في البلاعات من أجل أن يفتح الأرض فلا بأس به.

    (44/37)


    --------------------------------------------------------------------------------

    قتل البعوضة جائز للمحرم


    السؤال
    سائلة تقول: كنت محرمة فجاءت على يدي بعوضة فمن شدة ألمها ضربتها فماتت، فهل علي شيء؟

    الجواب
    هذا جزاؤها، البعوضة وإن لم تقرص الإنسان يستحب له أن يقتلها سواء كان محرماً أو محلاً؛ لأنها من الحشرات المؤذية، وقد قال العلماء: يُسن قتل كل مؤذ للمحرم وغير المحرم، ولمن كان في مكة ولمن كان خارج مكة.
    فنقول: أعظم الله أجر هذه السائلة حيث تركتها حتى آلمتها بالقرص، ولو أنها قتلتها من أول ما رأتها لكان في ذلك كف لأذاها.
    الآن عليها شيء أو ما عليها شيء؟ ما عليها شيء الحمد لله.

    (44/38)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم من أفطرت رمضان لمدة عشر سنوات


    السؤال
    سائلة تقول: فضيلة الشيخ! امرأة أفطرت في رمضان حوالي عشر سنوات؛ منها ست سنوات بسبب الحمل والرضاع بسبب خوفها على صحتها وعلى جنينها، ثم تابت بعد ذلك فهل التوبة تكفي أم عليها شيء؟ أرجو الإفادة جزاك الله خيراً.


    الجواب
    نعم، التوبة تكفي بشرط أن تقضي الأيام التي عليها، فإذا صامت الأيام التي عليها كفى وليس عليها إطعام على القول الراجح من أقوال العلماء، وإن كان بعض العلماء يقول: إذا أخر الإنسان قضاء رمضان إلى رمضان الثاني بدون عذر فعليه صيام وإطعام، لكن الصحيح أنه لا إطعام وأن الصيام يكفي.

    (44/39)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم دخول صاحب المبنى إليه في حال سكن غيره فيه


    السؤال
    إذا تفضل عليك أحد إخوانك وأسكنك في بيته، فهل يجوز له أن يدخل إلى غرفتك التي هي ملك له في غيبتك؟ وهل له أن يتصرف في بعض حوائجك كأن يقرأ في كتابك أو يسمع أشرطتك، ما حكم ذلك فلعله يكون هناك أسرار لا تريد أن يطلع عليها؟

    الجواب
    أما إذا كانت الغرفة مقفلة بمعنى: أن الضيف لما خرج من الحجرة أقفلها فإنه لا يجوز لصاحب البيت أن يفتحها وينظر ما فيها؛ لأن قفله إياها يعني عدم الإذن بالدخول، وإما إذا بقيت مفتوحة فلا شك أن الأولى والأجدر بالإنسان وبمروءته ألا يدخل هذه الحجرة، لأنه قد يكون فيها أشياء لا يحب الضيف أن يطلع عليها أحد؛ إما ثياب وإما متاع وإما غير ذلك، فكون الإنسان يتركها لله لأنه أنزل فيها الضيف ولا يقربها فهذا هو الأولى بلا شك، فصار الحاصل في الجواب: إن كان الضيف إذا خرج أغلقها فإنه لا يجوز لصاحب البيت أن يفتحها ويدخلها، وإما إذا تركها مفتوحة فإن تركه إياها مفتوحة يدل على أنه لا يهمه أن يدخلها أحد أو لا يدخل، لكن المروءة تقتضي ألا تدخلها.

    (44/40)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم التبرع لأحد الوالدين دون الآخر


    السؤال
    فضيلة الشيخ! هل يجوز التبرع لأحد الوالدين دون الآخر وهما على قيد الحياة، مثلاً: كأن يبني مسجداً لأحدهما؟

    الجواب
    قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم حين سئل: (من أحق الناس بحسن صحبتي؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أبوك) فلا حرج أن يفضل الأم بحسن الصحبة على الأب، لكن إذا علم أن الأب إذا رآه مفضَّلاً لأمه عليه حصل في نفسه شيء فهنا ينبغي ألا يظهر لأبيه أنه آثر أمه بشيء درءً للمفسدة، لأن بعض الآباء لا يتحمل أن يقدم الولد أمه عليه، ويرى أن ذلك عقوق، فإذا كان ذلك فادرأ الأمر ولا تخبره بأنك آثرت أمك عليه بشيء، ويزول المحذور بإذن الله.

    (44/41)


    --------------------------------------------------------------------------------

    دفع الزكاة للأخ الفقير


    السؤال
    هل يجوز دفع الزكاة للأخ الفقير الذي راتبه أقل من راتبي؟

    الجواب
    إذا كان هذا الأخ الفقير لا يكفي راتبه لمئونة أهله فلا بأس أن تدفع إليه زكاتك، بل إن دفع الزكاة إلى الأقارب المستحقين الذين لا يجب على المزكي نفقتهم أفضل من دفعها إلى الأباعد، قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (صدقتك على القريب صدقة وصلة) .

    (44/42)


    --------------------------------------------------------------------------------

    ضابط للجمع في السفر


    السؤال
    فضيلة الشيخ! أنا مدرس في مدرسة تبعد عن عنيزة (115) كم فهل يجوز لي أن أجمع بين الظهر والعصر؟

    الجواب
    يرى بعض العلماء أن السفر حده المسافة، فمتى كانت (83كم) فهو سفر وإن رجع الإنسان في ساعته، ويرى آخرون أن السفر ما سماه الناس سفراً، ومثل هذا الذي يدرس ويرجع في يومه لا يسمى عند الناس مسافراً، فالاحتياط لهذا السائل: ألا يجمع ولا يقصر، وذلك أبرأ للذمة وأدفع للشبهة.

    (44/43)


    --------------------------------------------------------------------------------

    معنى حديث: اليد العليا خير من اليد السفلى


    السؤال
    ما معنى ما يروى: (اليد العليا خير من اليد السفلى) ؟

    الجواب
    هذا حديث صحيح، اليد العليا: هي المعطية، والسفلى: هي الآخذة، يعني: أن المعطي أعلى من الآخذ؛ لأن الآخذ يرى نفسه دون المعطي، والمعطي يرى نفسه فوق الآخذ، ولهذا تجد الآخذ يخضع للمعطي أكثر من خضوع المعطي للآخذ، فاليد العليا هي المعطية، واليد السفلى هي الآخذة، وهذا حث من النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم على أن يكون الإنسان زاهداً فيما عند الناس، ولا يتطلع إليه ولا ينظر إليه، ومتى ما كان مستغنياً عنه فلا يأخذه.
    لكن إذا كان هدية فإن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم كان يقبل الهدية ويثيب عليها، بل لما أعطى عمر بن الخطاب رضي الله عنه عوضاً عن العمالة -أي: عن جلب الزكاة وأخذها من أهلها- وقال: يا رسول الله! تصدق بها على أحوج مني؟ قال: (ما جاءك من هذا المال وأنت غير مشرف ولا سائل فخذه ومالها فلا تتبعه نفسك) .

    (44/44)


    --------------------------------------------------------------------------------

    وصية لمن تاب ثم وقع في المعصية


    السؤال
    فضيلة الشيخ! أنا شاب تبت توبة صادقة -ولله الحمد- ولكن بعد مدة إذ بي أقع في معصية ثم أتوب، ثم أشتاق للمعصية ثم أندم وأتوب وهكذا، أفدني جزاك الله خيراً ماذا أفعل مع بداية هذا العام؟

    الجواب
    أسأل الله أن يتوب علينا جميعاً، ونهنئ أخانا بالتوبة، ونسأله تعالى أن يثبت عليها.
    عليه أن يحمي نفسه من هذه المعصية بقدر المستطاع، لكن إذا غلبته نفسه ثم ندم وتاب توبة نصوحاً عازماً على ألا يفعل في المستقبل فإن الله يتوب عليه؛ لأن هذا مسرف على نفسه بلا شك في إصراره على هذه المعصية، وقد قال الله تعالى: {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} [الزمر:53] فنحن نهنئ أخانا بما منَّ الله عليه من التوبة، ونوصيه بأن يصمد أمام نزعات الشيطان وهوى النفس، وأن يتصبر، وهو إذا عسف نفسه وتصبر هان عليه ترك المعصية التي كان يألفها من قبل.

    (44/45)


    --------------------------------------------------------------------------------

    تكفين من مات محرماً


    السؤال
    شخص مات وهو محرم، ولم يعرف به إلا متأخراً، فهل يكفن أم لا؟

    الجواب
    نعم يكفن، فإن كان إحرامه باقياً كفن في إحرامه، وإن كان تالفاً كفن في أي ثوب آخر؛ لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: (كفنوه في ثوبيه) قاله في المحرم الذي مات في عرفة، وَقَصَتْهُ ناقته، فدل هذا على أن الأفضل فيمن مات محرماً ألا يؤتى له بكفن جديد، بل يكفن في إزاره وردائه.

    (44/46)


    --------------------------------------------------------------------------------

    ترك الاشتراط هو الأفضل للحاج


    السؤال
    فضيلة الشيخ! مع هذه الحوادث والكوارث هل يستحسن أن نشترط عند الإحرام؟

    الجواب
    أرى ألا يشترط الإنسان عند الإحرام؛ لأن هذه الحوادث -والحمد لله- قليلة بالنسبة للحجاج، وقليلة بالنسبة للسنوات -أيضاً- متى تحدث وفي أي سنة؟ وكذلك -أيضاً- بالنسبة للحجاج، عدد الحجاج حوالي مليونان: ما أصيب منهم ولا مائة ألف، هذه المصائب قليلة -والحمد لله- وكون الإنسان لا يشترط اتباعاً للسنة، وتوكلاً على الله عز وجل، واحتساباً للأجر فيما لو حدث حادث أفضل من كونه يشترط، لكننا لا نمنعه من الاشتراط بل نقول: الأفضل ألا تشترط وإن اشترطت فلا بأس.

    (44/47)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم تقديم طواف الإفاضة قبل صلاة الفجر


    السؤال
    فضيلة الشيخ! حججت في حملة وكانت معي امرأة، وقد سارت الحملة من مزدلفة بعد منتصف الليل، وذهبنا إلى الحرم، وبدأنا الطواف قبل صلاة الفجر فهل هذا صحيح؟

    الجواب
    نعم هذا صحيح، لكن الأفضل للرجال القادرين أن يتأخروا حتى يصلوا الفجر ويقفوا قليلاً حتى يسفروا جداً، ثم يدفعوا إلى منى، هذا هو الأفضل، لكن لو دفع الإنسان في آخر الليل وطاف وسعى قبل الفجر فلا بأس، أو دفع في آخر الليل ورمى وحلق ثم نزل وطاف وسعى قبل الفجر فلا بأس، وإذا كان معه امرأة كان أشد عذراً مما لو كان وحده.

    (44/48)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم الخروج من منى في اليوم الحادي عشر ثم العودة في المساء


    السؤال
    حاج خرج من منى في اليوم الحادي عشر إلى بيته في جدة ليذبح أضحيته، وبقي في بيته إلى آخر النهار ولم يعد إلى منى إلا في المساء، فهل عمله هذا جائز أم لا؟ وهل عليه شيء؟

    الجواب
    هذا جائز بلا شك؛ لأنه لم يفوت المبيت في منى، لكن الأفضل أن يبقى الإنسان في منى ليلاً ونهاراً كما بقي محمد رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم وقال: (خذوا عني مناسككم) .
    وأما الأضحية فيمكن أن يوكل أحداً ليذبحها ويعطيها أهله، وإذا كان في أهله من يجيد الذبح وكلَّه في ذلك.

    (44/49)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم الاستهزاء بشيء من الدين


    السؤال
    إذا استهزأ أحد بشيء من الدين ناسياً، فلما تذكر استغفر وتاب، فماذا عليه الآن؟

    الجواب
    عليه أن يحمد الله عز وجل على التوبة، وتوبته صحيحة، أما إذا استهزأ بشيء من الدين ساخطاً وقال: أنا ما أردت العيب والقذف ولكني أضحك، أو أقول هزلاً؛ فهذا كافر مرتد والعياذ بالله، إذا تاب فعليه أن يعتبر نفسه قد جدد إسلامه، وعليه عند أكثر العلماء أن يغتسل غسل الكافر إذا أسلم، لأن الاستهزاء بالدين، أو الاستهزاء بالله، أو بالقرآن، أو بالرسول كفر مخرج عن الملة سواء قاله الإنسان جاداً أم مازحاً، فالأمر خطير، ولما كان قوم من المنافقين في سفر وكانوا يتحدثون فيقولون: ما رأينا مثل قرائنا هؤلاء -يعنون الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم وأصحابه- أرغب بطوناً -أي: أكثر أكلاً- ولا أكذب ألسناً، ولا أجبن عند اللقاء من محمد وقرائه.
    أنزل الله تعالى في سورة التوبة {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ * لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ} [التوبة:65-66] .

    (44/50)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم انتقاد أعمال أهل الخير


    السؤال
    فضيلة الشيخ! أنا شاب أميل إلى الالتزام أكثر من الانحراف، وكثيراً ما أدعو ربي بأن يلهمني الهداية وأحرص على ملازمة الصالحين، ولكن كثيراً ما أنتقد بعض أعمال أهل الخير، وأقوم من المجلس وبالي مشغول بذلك، فهل أنا آثم بذلك الانتقاد؟ وهل هذا من العجب بالنفس؟ وما خطر العجب بالنفس؟

    الجواب
    أما إذا كانت أعمال أهل الخير التي تكرهها من الطاعات فهذا غلط منك، غلط أن الإنسان يكره من أعمال أهل الخير طاعة الله عز وجل، وربما يكون ذلك خطيراً جداً لأن الله تعالى يقول: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ} [محمد:9] وأما إذا كان يكره من أعمال الخير ما يفعله بعض أهل الخير من الغيبة والكذب والسخرية فهذا خير، كونه يكره هذا الشر خير، وجزاه الله خيراً، لكن عليه أن ينصحهم ويخوفهم بالله عز وجل، فإن استقاموا فله ولهم، وإن لم يستقيموا وبقوا على ما هم عليه قام وتركهم.

    (44/51)


    --------------------------------------------------------------------------------

    معنى تحول العبادات إلى طقوس


    السؤال
    فضيلة الشيخ حفظك الله قلت في ثنايا حديثك: وكأنها طقوس، أقول: وإن هذه الكلمة يقولها أهل الكنيسة وقد التصقت هذه اللفظة بالمسيحيين، أرجو التنبيه على ذلك.


    الجواب
    الطقوس معناها: الأعمال المجردة عن المعاني، فإذا كان الإنسان يتخذ عبادة وكأنها عادة، أو كأنه آلة حركية فهذا من الطقوس، وليس معنى ذلك أنه ابتدع في الدين، لا، هم لم يبتدعوا، أتوا بالحج على ما هو عليه؛ لكنهم صاروا كأنهم في نزهة من الضحك والهزل وعدم الجدية في الأمر، فصارت كأنها طقوس، يعني: أعمال تفعل أو تقال بلا معنى وبلا روح.

    (44/52)


    --------------------------------------------------------------------------------

    صفة صلاة الوتر


    السؤال
    فضيلة الشيخ! ذكرت الوتر وفقك الله، أرجو أن تبين لنا صفة صلاة الوتر بخمس وتسع وإحدى عشرة فإني لا أعرف صفتها؟

    الجواب
    الإيتار بواحدة واضح.
    بثلاث لك فيه صفتان: إما أن تسلم من ركعتين وتأتي بالثالثة، وإما أن تقرن الثلاث جميعاً بتشهد واحد، ولا تجعلها كالمغرب.
    بالخمس: تسردها ولا تجلس إلا في آخرها.
    بالسبع: تسردها ولا تجلس إلا في آخرها.
    بالتسع: تجلس بعد الثامنة وتقرأ التشهد ولا تسلم، ثم تأتي بالتاسعة وتسلم.
    بالإحدى عشرة: تأتي بها مثنى مثنى وتوتر بواحدة.

    (44/53)


    --------------------------------------------------------------------------------
    وأخيراً أسأل الله عز وجل أن يجعل هذا العمل نافعاً، مباركاً، خالصاً لوجهه الكريم
    وأن ينفعني به في حياتي وبعد مماتي، وأن ينفع به كل من انتهى إليه؛ فإنه خير مسؤول، وأكرم مأمول، وهو حسبنا ونعم الوكيل، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد بن عبد الله وعلى آله وأصحابه ومن تبعه بإحسان إلى يوم الدين.

    حياكم الله بموقع بداية الهداية الخطوة إلى طريق العلم الشرعي الصحيح
    http://www.musacentral.com/

  5. #85
    تاريخ التسجيل
    Mar 2009
    المشاركات
    2,459
    الدين
    الإسلام
    آخر نشاط
    01-11-2023
    على الساعة
    04:37 PM

    افتراضي

    اللقاء الشهري

    اللقاء الشهري [45]
    سورة الطارق سورة عظيمة، تتضمن قَسَم الله على حقائق مهمة، لكي يتفكر فيها الإنسان، فيحقق الغاية التي أرادها الله منه، وفي هذا اللقاء تفسير آيات بينات من هذه السورة بأسلوب اجتمع فيه اليسر والسهولة مع كثرة الفوائد، كما تضمنت إجابات الأسئلة أحكاماً كثيرة تمس الحياة اليومية.

    (45/1)


    --------------------------------------------------------------------------------

    وقفات مع سورة الطارق
    الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على نبينا محمد خاتم النبيين وإمام المتقين، وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
    أما بعد: فهذا هو اللقاء الأول من اللقاءات الشهرية التي تتم في الجامع الكبير بـ عنيزة ليلة الأحد الثالث من كل شهر، وهذا هو الشهر الأول من عام (1418هـ) .
    أيها الإخوة! إننا حين نتأمل ونتفكر في الليالي والأيام والساعات واللحظات نجد أنها تمر مراً سريعاً كأنما تخطف من بين أيدينا، ولكننا مع ذلك لا نحاسب أنفسنا ماذا عملنا في هذه الأيام التي تمضي بهذه السرعة، هل منا من يحاسب نفسه كل يوم: ماذا عمل؟ ماذا فعل من طاعة الله؟ ماذا تجنب من محارم الله حتى يصلح ما فسد، ويزيد على ما بنى؟ وذلك لأن الإنسان يقطع هذه الدنيا مرحلة مرحلة، ساعة بعد ساعة، بل لحظة بعد لحظة وإذا به قد انتهى مساره، وانقطعت أخباره، وكما قال الشاعر:
    بينا يُرى الإنسان فيها مخبراً حتى يُرى خبراً من الأخبار
    ولكن المؤمن إذا فكر في نفسه وفي خلوته ازداد حماساً وقوة في طاعة الله تبارك وتعالى، أسأل الله أن يرزقني وإياكم اغتنام الأوقات بالأعمال الصالحات.

    (45/2)


    --------------------------------------------------------------------------------

    معنى: (وَالسَّمَاءِ وَالطَّارِقِ) ودلائل القسم بهما
    موضوعنا الليلة أن نتكلم عما سمعنا بل على ما تلوته وسمعتموه من قول الله تبارك وتعالى: {وَالسَّمَاءِ وَالطَّارِقِ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا الطَّارِقُ} [الطارق:1-2] إلى آخره.
    فقوله جل وعلا: {وَالسَّمَاءِ وَالطَّارِقِ} [الطارق:1] الواو: للقسم، أقسم الله تعالى بالسماء وذلك لعظمها وارتفاعها وسعتها وقوتها، قال الله تعالى: {وَبَنَيْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعاً شِدَاداً} [النبأ:12] أي: قوية، وقال تعالى: {وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ} [الذاريات:47] أي: بقوة {وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ} [الذاريات:47] فأقسم الله بالسماء لعظمها.
    (والطارق) هل هو الذي يطرق أهله ليلاً أم الضيف الذي يطرق مضيفه ليلاً؟ الطارق قال الله تعالى فيه مفخماً إياه: {وَمَا أَدْرَاكَ مَا الطَّارِقُ} [الطارق:2] أي: أيُّ شيء أعلمك عن هذا الطارق؟ وما هو؟ وماذا يطرق؟ فبينه عز وجل، فبين الله عز وجل أنه: {النَّجْمُ الثَّاقِبُ} [الطارق:3] وهل هو نجم واحد أم المراد جنس النجم؟ الظاهر الثاني، أي: أن المراد جنس النجم، وليس نجماً واحداً معيناً؛ لأن كل نجم وإن دق فهو ثاقب، أي: يثقب الظلام بنوره، أحياناً يصل نور الكواكب إلى الأرض، ونحن شاهدنا ذلك، ويشاهده أهل البر الذين ليس عندهم إضاءة بالكهرباء فتجدهم يجدون نور الكواكب ساطعاً في الأرض لا سيما الكواكب المضيئة الكبيرة.
    إذاً {النَّجْمُ الثَّاقِبُ} [الطارق:3] المراد به ماذا؟ هل هو نجم واحد معين أم كل النجوم؟

    الجواب
    المراد كل النجوم فهي ثاقبة تثقب الظلام بضيائها، وهي -أيضاً- ثاقبة تثقب الشياطين الذين يستمعون أخبار السماء ويلقونها إلى الكهان، كما قال الله تبارك وتعالى: {إِلَّا مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ مُبِينٌ} [الحجر:18] يثقب الشيطان -يخرقه- حتى يحرقه.
    هذه الشياطين التي تسترق السمع تنزل بما تسمع من السماء على الكهان، والكهان هم الذين يحدثون الناس بما يكون في المستقبل سواء كان عاماً أو خاصاً، فالكاهن يقول: سيحدث مثلاً في هذا العام المقبل كذا وكذا من البلاء والمصائب، أو يقول لشخص معين: يا فلان سينالك في هذا العام المقبل كذا وكذا.
    فالكاهن إذاً: هو الذي يخبر عن المغيبات في المستقبل سواء كانت هذه المغيبات عامة أو خاصة.
    تنزل الشياطين بما سمعت من السماء على الكهان فيأخذ الكاهن ما سمع ثم يضيف إليه كلمات أخرى، كما قال بعض السلف: يكذب معها مائة كذبة، فيتحدث الناس بهذا الخبر، ثم إذا وقع شيء مما أخبر به ادعى أنه يعلم الغيب، وقال: إنه يعلم ما سيكون، وسلب عقول الناس، ولقد صح عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (أن من أتى كاهناً فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد) أي إنسان يأتي إلى كاهن ويقول: يا فلان أخبرني كيف سيكون مستقبلي؟ قال: مستقبلك طيب، أو قال: مستقبلك رديء، فإذا صدق فقد كفر بما أنزل على محمد، لماذا؟ لأن الله تعالى قال: {قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ} [النمل:65] فمن صدق أحداً بعلم الغيب فقد كذب هذه الآية، وتكذيب جزء من القرآن أو آية من القرآن أو حرف من القرآن كفر وردة عن الإسلام.
    وإننا في هذا الزمن ابتلينا بمثل هؤلاء أو قريب منهم، وابتلي الناس -أيضاً- في الأوهام والتخيلات التي لا أصل لها، فتجد الواحد إذا أصيب بأدنى شيء ولو بضيق صدر طارئ يضيق صدره بحادث طارئ ثم يقول: إنه قد أصيب بجن أو سحر أو عين، ثم لا تزال هذه التخيلات في ذهنه حتى تنعقد، وتكون حقيقة أو قريبة من الحقيقة، ولهذا يجب علينا ألا نصدق هذه الأوهام وأن نعرض عنها، ومتى أعرضنا عنها فإنها ستزول بإذن الله، لأن جميع الوساوس الرديئة التي يلقيها الشيطان في قلب الإنسان، إذا امتثل الإنسان أمر رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم فيها، نجا منها.
    ألم تعلموا أن الشيطان يأتي إلى الإنسان ويقول: من خلق كذا؟ من خلق كذا؟ من خلق كذا؟ حتى يقول له: من خلق الله؟! نسأل الله العافية! وحينئذ يجب أن يستعيذ الإنسان بالله من الشيطان الرجيم، وينتهي ويعرض ولا يلتفت.

    (45/3)


    --------------------------------------------------------------------------------

    أسباب التخيلات الشيطانية التي يقع فيها الناس
    هذه التخيلات التي تقع لكثير من الناس سببها والله أعلم: أن كثيراً من الناس أعرض عن الأوراد الشرعية التي تحمي الإنسان من الشياطين مثل: آية الكرسي، فآية الكرسي إذا قرأها الإنسان في ليلة لم يزل عليه من الله حافظ ولا يقربه شيطان حتى يصبح، ولهذا ينبغي لنا أن نعلمها أطفالنا البنين والبنات، نحفظهم إياها ونقرؤهم إياها كلما حل الليل بظلامه ليكون ذلك حارساً لهم.
    أنت لو استأجرت شخصاً يحرس أولادك في ليلة واحدة وأعطيته ألف ريال لسهل عليك، لكن حراسة الرب عز وجل لأولادك إذا قرءوا هذه الآية أعظم وأعظم: (من قرأها في ليلة لم يزل عليه من الله حافظ ولا يقربه شيطان حتى يصبح) .
    السبب الثاني: الفراغ، والفراغ قتال، وما أكثر الفراغ عندنا! الفراغ في شبابنا وفي فتياتنا وفي كبارنا، فراغ قاتل، ولهذا قال النبي عليه الصلاة والسلام: (نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس: الصحة والفراغ) والإنسان إذا فرغ ولم يكن عنده عمل يحرك به جسمه، ويحرك به عقله، ويحرك به فكره توالت عليه الهموم، وجرب تجد، اشتغل في علم، في مال، في صنعة، فلن ترى هذه الوساوس، اترك الشغل تتوال عليك وتتوارد عليك الوساوس.
    ومن الأسباب: ضعف التوكل على الله عز وجل، التوكل على الله عند كثير من الناس ضعيف، لا يعتمدون إلا على الأسباب المادية وينسون الرب عز وجل، ينسون الذي يقول للشيء كن فيكون، ويعتمدون على الأمور المادية.
    الإنسان لو أصابه زكام -والزكام من أخف ما يكون من الأمراض- هل يوطن نفسه ويصبر ويعلق قلبه بالله وينتظر الفرج من الله والعافية من الله، ويقول: هذه الأذية التي حصلت لي هي أجر وتكفير سيئات، أم من حين أن يصاب يذهب إلى المستشفى؟ غالب الناس يفعلون الثاني، ولذلك لما ضعف التوكل عندهم صاروا يعتمدون على الأسباب المادية البحتة، لكن لو اعتمدوا على الله وقالوا: الجن أذل من أن يكونوا مسلطين على الإنس إلا أن الإنس إذا فرطوا في التحصن غلبتهم الجن، لكن إذا قاموا بالتحصن على الوجه المطلوب حماهم الله عز وجل.
    ومن الأسباب أيضاً: أن الله عز وجل يري عباده أن هذه الدنيا ليست دار ترف ونعيم لا يمس الإنسان فيها نصب، بل لا بد من كدر لا بد من تنغيص، لا يمكن للدنيا أن تكون صفواً للإنسان من كل وجه؛ حتى أغنى الناس وأقواهم سلطة وأكثرهم جنوداً لا بد أن تنغص عليهم الحياة، حتى أعبد الناس لا بد أن تصيبه المصائب، لكن المؤمن وإن أصابته المصائب فهي خير له: (المؤمن إن أصابته الضراء صبر فكان خيراً له، وإن أصابته السراء شكر فكان خيراً له) لكن غير المؤمن إذا أصابته الضراء تضجر وجزع، وربما يفعل الأفعال المحرمة أو يقول الأقوال المحرمة مع ما انطوى عليه قلبه من التسخط من قضاء الله، هذا غير المؤمن؛ ولهذا قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (ليس منا من شق الجيوب، ولطم الخدود، ودعا بدعوى الجاهلية) فتبرأ النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم من هؤلاء.
    شق الجيب من الحزن والتسخط وعدم الصبر.
    ضرب الخد: لأنهم كانوا في الجاهلية إذا حزنوا من الشيء قام الواحد يضرب خده.
    ودعا بدعوى الجاهلية: ما هي دعوى الجاهلية؟ الويل والثبور يقول: يا ويلاه يا ثبوراه كيف أصاب بهذه المصيبة؟ وما أشبه ذلك.
    نعود إلى الآية الكريمة {النَّجْمُ الثَّاقِبُ} [الطارق:3] ما معنى الثاقب؟

    الجواب
    الثاقب الذي يثقب الظلام بضيائه وينفذ من أعلى ما يكون إلى الأرض، الثاقب: الذي يثقب الشياطين التي تستمع ما يكون في السماء.

    (45/4)


    --------------------------------------------------------------------------------

    المراد بالحافظ على كل نفس
    قال تعالى: {إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ} [الطارق:4] أي: ما كل نفس إلا عليها حافظ، فكل نفس عليها حافظ من الله، قال الله عز وجل: {لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ} [الرعد:11] وقال تعالى: {وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَيُرْسِلُ عَلَيْكُمْ حَفَظَةً حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لا يُفَرِّطُونَ} [الأنعام:61] قال العلماء: انظر إلى فضل الله، انظر إلى نعم الله يحفظ الإنسان حياً وميتاً {وَيُرْسِلُ عَلَيْكُمْ حَفَظَةً} [الأنعام:61] في الحياة، وبعد الممات تقبضه الرسل (الملائكة الكرام) وهم لا يفرطون في هذه النفس التي توفوها، بل يحفظونها أتم حفظ، فالإنسان محفوظ حياً وميتاً: {إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ} [الطارق:4] .
    ومن الحفظة: الكرام الكاتبون، كما في سورة الانفطار: {وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ * كِرَاماً كَاتِبِينَ} [الانفطار:10-11] هؤلاء الحفظة الكاتبون يحفظون كل ما يصدر من الإنسان من قول أو فعل، قال الله تعالى: {إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ} [ق:17] يعني: عن اليمين قعيد وعن الشمال قعيد {مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ} [ق:18] كل قول ما تلفظه إلا عندك رقيب عتيد، مراقب حاضر، الرقيب: هو المراقب، والعتيد: هو الحاضر الملازم.
    كم تكلمت من كلمات؟ لا تحصى، الإنسان لا يحصي ما تكلم به، كل كلمة فإنها مكتوبة، ومتى نطلع على ما كتب؟ قال الله تعالى: {وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَاباً يَلْقَاهُ مَنْشُوراً * اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيباً} [الإسراء:13-14] يطلع عليه الإنسان يوم القيامة تاماً، أي قول كان.

    (45/5)


    --------------------------------------------------------------------------------

    دعوة إلى النظر في أصل الخلق
    قال تعالى: {فَلْيَنْظُرِ الإِنْسَانُ مِمَّ خُلِقَ} [الطارق:5] اللام في قوله: {فَلْيَنْظُرِ} [الطارق:5] لام الأمر، أمر الله أن ننظر مما خلقنا، وأجاب: {خُلِقَ مِنْ مَاءٍ دَافِقٍ * يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ} [الطارق:6-7] وهو ماء الرجل، فالإنسان مخلوق من ماء الرجل الذي يخرج من بين الصلب والترائب، أما كيف يخرج؟ فهذا إلى الله عز وجل، لكن نعلم ونؤمن بأن هذا الماء يخرج من بين الصلب والترائب.
    ولقد توهم بعض العلماء وقالوا: المراد من بين صلب الرجل وترائب المرأة، وهذا خطأ؛ لأن الذي يخرج من الرجل غير الذي يخرج من المرأة، الذي يخرج من الرجل ماء دافق، وأما من المرأة فلا، والله تعالى إنما ذكر ماءً واحداً وهو ماء الرجل لأنه هو الماء الدافق، فتكوين الإنسان من ماء الرجل، لكن الله تعالى جعل لهذا الماء محلاً: {فَجَعَلْنَاهُ فِي قَرَارٍ مَكِينٍ} [المرسلات:21] هذا المحل هو رحم المرأة الذي فيه البويضات التي تحتضن ماء الرجل حتى يصبح جنيناً بإذن الله.
    {إِنَّهُ عَلَى رَجْعِهِ لَقَادِرٌ} [الطارق:8] (إنه) أي: الرب عز وجل ((عَلَى رَجْعِهِ)) [الطارق:8] أي: على رجع الإنسان وذلك يوم القيامة ((لَقَادِرٌ)) [الطارق:8] لأن القادر على أول الخلق قادر على إعادته، كما قال الله تعالى: {كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْداً عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ} [الأنبياء:104] وقال تعالى: {وَهُوَ الَّذِي يَبْدأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ وَلَهُ الْمَثَلُ الْأَعْلَى فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [الروم:27] .
    إذاً ((إِنَّهُ)) [الطارق:8] الضمير يعود على الله {عَلَى رَجْعِهِ} [الطارق:8] الضمير في رجعه يعود على الإنسان، أي: إن الله على رجع الإنسان لقادر، وتأمل قول الله تبارك وتعالى: {وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَإِذَا هُمْ مِنَ الْأَجْدَاثِ إِلَى رَبِّهِمْ يَنْسِلُونَ * قَالُوا يَا وَيْلَنَا مَنْ بَعَثَنَا مِنْ مَرْقَدِنَا} [يس:51-52] فيقال لهم: {هَذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمَنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ * إِنْ كَانَتْ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً فَإِذَا هُمْ جَمِيعٌ لَدَيْنَا مُحْضَرُونَ} [يس:52-53] سبحان الله! صيحة واحدة يأمرهم الله بها أن يخرجوا من القبور أحياءً فيخرجون أحياء {فَإِذَا هُمْ جَمِيعٌ لَدَيْنَا مُحْضَرُونَ} [يس:53] .

    (45/6)


    --------------------------------------------------------------------------------

    معنى: (يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ)
    ثم قال عز وجل: {يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ} [الطارق:9] يعني: إن الله قادر على رجعه يوم تبلى السرائر وذلك يوم القيامة، والسرائر: جمع سريرة وهو ما يكنه الإنسان في نفسه، والإنسان يوم القيامة يختبر عن هذا، لا يختبر على الظاهر يختبر على الباطن، انتبهوا -بارك الله فيكم- فيوم القيامة الأساس والعمدة: الباطن السريرة، وفي الدنيا: الظاهر، فنحن نحكم على الناس في الدنيا بالظاهر، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (إنما أقضي بنحو ما أسمع) رأينا هذا الرجل يأتي المسجد ويتصدق ويصوم ويصلي، فنحكم عليه بأنه مسلم، وقد يكون في باطن أمره والعياذ بالله منافقاً، لأن الله تعالى قال في المنافقين: {وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ وَإِنْ يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ} [المنافقون:4] وهو منافق، أعاذني الله وإياكم من النفاق.
    المدار يوم القيامة ليس على الأعمال الظاهرة، المدار على ما في القلوب: {يَوْمَ تُبْلَى} [الطارق:9] أي: تختبر {السَّرَائِرُ} [الطارق:9] جمع سريرة، وهو ما يسره الإنسان في نفسه، ومثل هذا قوله تعالى: {أَفَلا يَعْلَمُ إِذَا بُعْثِرَ مَا فِي الْقُبُورِ * وَحُصِّلَ مَا فِي الصُّدُورِ} [العاديات:10] .
    ثم قال عز وجل: {فَمَا لَهُ مِنْ قُوَّةٍ وَلا نَاصِرٍ} [الطارق:10] فيوم القيامة لا ينتصر الإنسان لنفسه لأنه ليس عنده قوة، ولا بغيره لأنه ليس له ناصر، ويوم القيامة لا ينفع إلا العمل الصالح، لا أب ولا أم ولا أخ ولا ابن ولا حارس في الدنيا ولا جندي، ولا أي أحد، لا أحد ينصره، ليس له قوة بنفسه ولا قوة بغيره، لأنه ما له قوة ولا ناصر.

    (45/7)


    --------------------------------------------------------------------------------

    القسم بالسماء والأرض على أن القرآن قول فصل
    ثم قال عز وجل: {وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الرَّجْعِ * وَالْأَرْضِ ذَاتِ الصَّدْعِ} [الطارق:11-12] الواو هنا للقسم مثل ما قال في أول السورة: {وَالسَّمَاءِ وَالطَّارِقِ} [الطارق:1] أقسم الله بالسماء مرة ثانية ووصفها بأنها ذات رجع أي: ذات مطر، لأن المطر ترجع به الأرض حية بعد موتها، فالسماء تنزل منها الأمطار وترجع به الأرض حية بعد أن كانت ميتة.
    {وَالْأَرْضِ ذَاتِ الصَّدْعِ} [الطارق:12] الأرض ذات الصدع: أي صاحبة الصدع، والصدع هو التشقق؛ لأن الأرض إذا نزل عليها المطر تشققت بالنبات، مطر ينزل وأرض تخرج (تتشقق) .
    {وَالْأَرْضِ ذَاتِ الصَّدْعِ * إِنَّهُ لَقَوْلٌ فَصْلٌ} [الطارق:12-13] إنه: أي القرآن ((لَقَوْلٌ فَصْلٌ)) [الطارق:13] أي: يفصل بين الحق والباطل، وبين المؤمن والكافر، وبين المقاتلين المسلمين وأعدائهم، فإنه فصل يفصل وليس فيه هزل ولا فيه تهكم، هو ليس بالهزل بل إنه قول فصل، ولهذا قال: {وَمَا هُوَ بِالْهَزْلِ} [الطارق:14] خلافاً للكفار الذين قالوا: {إِنْ هَذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ} [الأنفال:31] .

    (45/8)


    --------------------------------------------------------------------------------

    كيد الكافرين وكيد الله
    ثم قال تعالى: {إِنَّهُمْ} [الطارق:15] أي: الكفار {يَكِيدُونَ كَيْداً} [الطارق:15] أي: يكيدون كيداً عظيماً، والكيد: هو أن يتوصل الإنسان إلى الإضرار بخصمه على وجه خفي، ومثله المكر والخداع، فكفار قريش كادوا كيداً عظيماً للرسول عليه الصلاة والسلام، ومن أعظم كيدهم له ما ذكره الله عز وجل: {وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ} [الأنفال:30] ثلاثة آراء: {لِيُثْبِتُوكَ} [الأنفال:30] يعني: ليحبسوك حتى تبقى ثابتاً في الحبس لا تستطيع أن تخرج {أَوْ يَقْتُلُوكَ} [الأنفال:30] أي: الإعدام {أَوْ يُخْرِجُوكَ} [الأنفال:30] فقال الله تعالى: {وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ} [الأنفال:30] .
    وهنا قال: {إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْداً * وَأَكِيدُ كَيْداً} [الطارق:15-16] يعني: أنا أكيد كيداً، وتأمل لما ذكر كيدهم ذكره بالجمع {إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ} [الطارق:15] ولما ذكر كيده هو عز وجل ذكره بالإفراد ولم يقل: ونكيد كيداً، فكيد الله تعالى وهو واحد عز وجل يغلب كيد جميع من كادوا.
    وفي قوله: {يَكِيدُونَ كَيْداً} [الطارق:15] تعظيم لكيدهم لأنه جاء بصفة النكرة أي: يكيدون كيداً عظيماً {وَأَكِيدُ كَيْداً} [الطارق:16] كذلك تعظيم كيده سبحانه، يعني: وأكيد كيداً أعظم من كيدهم، وهذا هو الذي حصل، كاد الله لنبيه عليه الصلاة والسلام حتى خرج من مكة سالماً وعاد إليها فاتحاً بعد سُنّّيات قليلة.

    (45/9)


    --------------------------------------------------------------------------------

    معنى إمهال الكافرين
    ثم قال: {فَمَهِّلِ الْكَافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيْداً} [الطارق:17] مهلهم يعني: أخرهم، انتظر فالعذاب واقع بهم لا محالة.
    وقوله: {أَمْهِلْهُمْ} [الطارق:17] ليس معناه: أمهلهم أنا بل مهلهم أمهل، قال العلماء: الجملة الثانية توكيد للأولى لكن اختلف التعبير، فالمعنى: مهل الكافرين {أَمْهِلْهُمْ رُوَيْداً} [الطارق:17] أي: قليلاً فسوف يجدون مكرهم وكيدهم، وهذا هو الذي وقع، ألم تعلموا أن الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم خرج من مكة مهاجراً خائفاً مختفياً، وبعد ثمان سنوات رجع ظافراً منصوراً غالباً حتى إنه وقف على باب الكعبة بعد أن تم الفتح وقريش تحته تنتظر ماذا يفعل فقال: (يا معشر قريش! ما ترون أني فاعل بكم؟ قالوا: خيراً أخ كريم وابن أخ كريم.
    قال: أقول كما قال يوسف لإخوته: لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم، اذهبوا فأنتم الطلقاء) فكانت العاقبة -ولله الحمد- للنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وهكذا كل إنسان يقوم بأمر الله فإن العاقبة ستكون له، ولكن لينتظر حتى يلحق بدرجة الصابرين والعاقبة للمتقين.
    أسأل الله أن يرزقني وإياكم فهماً في كتابه وعملاً به إنه على كل شيء قدير، والآن إلى دور الأسئلة نسأل الله أن يوفقنا للصواب.

    (45/10)


    --------------------------------------------------------------------------------

    الأسئلة

    (45/11)


    --------------------------------------------------------------------------------

    مقاومة التخيلات بالذكر


    السؤال
    سائل يقول: فضيلة الشيخ! أنا شاب كلما دخلت في صلاتي وسوس لي الشيطان أتخيل أني مريض بالمس، وأريد دائماً أن أذهب إلى من يقرأ عليَّ، وكذلك أتخيل أشياء من المستحيل أن تقع، فهل من ذكر يطرد ذلك عني؟

    الجواب
    الذكر -والحمد لله- موجود، وكل داء له دواء، والشياطين والجن ليسوا عالماً مشهوداً يستطيع الإنسان أن يتخلص منهم بالسلاح أو بالجنود لكنهم عالم غيبي، يسلطون على من لم يتحصن بالأوراد، ولذلك أحثكم على كثرة الأوراد، وكثرة الذكر حتى تسلموا من عاقبة هؤلاء.
    أنصح لهذا الأخ: أن يكثر ذكر الله عز وجل، وقراءة القرآن، والتعوذ بالله من الشيطان الرجيم، وإذا أحس بشيء وظن أنه من مس الجن فليقل في نفسه: كيف يمسني الجن؟ أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، وليتصبر وليتحمل مع الذكر والقرآن فإنه يزول عنه بحول الله.

    (45/12)


    --------------------------------------------------------------------------------

    نصيحة للموسوسين


    السؤال
    سائل يقول: فضيلة الشيخ! شخص حائر! حيث أني عندما أتبول وأتوضأ ثم أصلي أحس بخروج شيء من ذكري، ولو فتشت عن ذلك لوجدت أنه قد خرج بعض البول، فما الحل؟

    الجواب
    لا شك أن الله عز وجل من حكمته أنه جعل للبول والغائط ما يمسكه من الأعصاب القوية التي تشد عليه حتى لا يخرج منه شيء، لكن قد تصاب هذه الأعصاب بمرض فتسترخي فيخرج البول، إما باستمرار، وإما في وقت دون آخر، وقد يكون الإنسان نفسه هو السبب في ذلك، فإن من الناس من إذا انتهى من البول أمسك مجاري البول من عند الدبر إلى رأس الذكر يسلتها سلتاً، ومن الناس من يبقى يتعصر حتى يخرج آخر قطرة من البول، وهذا غلط، حتى وإن كان بعض الفقهاء يقولون: إنه يسن السلت والنتر فإنه قول ضعيف، بل هو بدعة كما نص على هذا شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، وكما هو ظاهر من السنة، فالرسول عليه الصلاة والسلام ما حفظ عنه أبداً أنه يسلت مجاري البول من عند الدبر إلى رأس الذكر أبداً، ولا أنه يتعصر وينتر الذكر أبداً، لكن بعض الناس يفعل هذا؛ إما تقليداً لقول من قاله من الفقهاء وإما لأنه يتوهم أنه إذا لم يفعل هذا يبقى البول في ذكره، وهذا غلط.
    إذا بال الإنسان فليغسل رأس الذكر فقط وكفى، ولا حاجة لأن يعصر القصبة أبداً ولا يحركها، بل يغسل رأس الذكر الذي أصابه البول، وينتهي كل شيء، لو اعتاد الإنسان هذا لما حصل له هذا المرض الذي تسبب له هو.
    فنصيحتي لهذا الأخ: أن يعرض عن هذا، ولا يلتفت إليه، ولا ينتر الذكر ولا يسلته، بل يدعه على طبيعته، فإذا خرجت آخر نقطة غسل رأس الذكر، ربما يحس الإنسان بحركة في ذكره، فليس عليه أن ينظر؛ لأن بعض الناس إذا أحس بحركة أرخى سراويله وجعل يعصر ذكره من فوق، إذا عصره فلابد أن يخرج شيء، لكن دعه ولا تلتفت له، حتى إن بعض العلماء رحمهم الله قال: إنه في هذا الحال إذا ابتلي بهذا الوسواس يرش على سراويله الماء من أجل إذا فكر أو شك يحمل ذلك على هذا الماء، لكن نحن نقول: لا حاجة لهذا، هذا تكلف، أعرض عن هذا ولا تشتغل به ويزول عنك بإذن الله، ولا تذهب إذا أحسست ببرود في رأس الذكر أو أحسست بحركة في داخل الذكر لا تذهب لتنظر، دع هذا.

    (45/13)


    --------------------------------------------------------------------------------

    الفرق بين الساحر والكاهن


    السؤال
    فضيلة الشيخ! ما الفرق بين الكاهن والساحر؟ وهل إذا ذهب إلى أحدهما وأمره بفعل شيء ففعله لكنه لم يصدقه؛ فهل يدخل في الحديث الذي فيه: (من أتى كاهناً أو عرافاً فصدقه فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم) وهل يأثم بفعله هذا؟

    الجواب
    الساحر قد يكون كاهناً، والكاهن قد يكون ساحراً، بمعنى أنه قد تجتمع في الإنسان هاتان الخصلتان الذميمتان: أن يكون ساحراً وأن يكون كاهناً، لكن الفرق بينهما إذا جعلنا الساحر وحده والكاهن وحده: الكاهن له شياطين تخبره بخبر السماء عن المستقبل، فالكاهن لا يتحدث إلا عن المستقبل.
    الساحر والعراف ربما يتحدث عن الشيء الذي جرى، فمثلاً: يخبرك أين موضع الضالة، إذا ضاع عليك شيء يقول: موجود في المكان الفلاني، هذا العراف والساحر، لكنهم لا يخبرون عن المستقبل لأنه ليس لهم شياطين تخبرهم عما وقع في السماء، ولهذا نقول: هؤلاء الثلاثة -الساحر والعراف والكاهن- قد تجتمع هذه الصفات كلها في واحد، وقد تختلف، لكن الكاهن هو الذي يخبر عن المستقبل، ولا هو يخبر عن شيء واقع.

    (45/14)


    --------------------------------------------------------------------------------

    كيفية الدعاء على الظالم


    السؤال
    فضيلة الشيخ! هل الأفضل للمظلوم أن يدعو على من ظلمه، أم أن يفعل الأسباب التي يكون فيها رد عليه خصوصاً وقد جاء في الحديث: (إن دعوة المظلوم ليس بينها وبين الله حجاب) فهل في هذا إشارة إلى أن يلجأ الإنسان إلى الله بالدعاء على من ظلمه؟ أرشدني بارك الله فيك.


    الجواب
    المظلوم له أن يدعو الله عز وجل على ظالمه بقدر ظلمه، ودليل ذلك قول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (اتق دعوة المظلوم فإنه ليس بينها وبين الله حجاب) أحياناً لا يتمكن المظلوم من الرد على ظالمه ومصارحته إما لأنه قريب له أو صديق أو زعيم لا يمكن أن يتكلم معه في هذا، فحينئذ لا ملجأ له إلا الدعاء، لكن أحياناً يتهم الإنسان شخصاً بأنه أساء إليه، فهل له أن يدعو الله عز وجل على هذا المتهم أم يقيد الدعاء فيقول: اللهم إن كان فلان ظلمني أو أساء إلي في كذا ويذكر دعوته؟ الجواب: الثاني، يعني: أحياناً يتهم القريب مثلاً بأنه أصاب شخص بعين أو أصاب شخصاً بسحر؛ لكن لا يستطيع الإنسان أن يتكلم؛ لأنه لا يملك بينة ولا عنده دليل، إلا أن القرائن القوية تدل على أن هذا أساء، فهنا رب العالمين يعلم سبحانه وتعالى، فقل: اللهم إن كان فلان هو الذي أصابني وتدعو بما ترى أنك تكافئه.
    ولكن لو صبر الإنسان واحتسب ووكل الأمر إلى الله لكان خيراً.

    (
    وأخيراً أسأل الله عز وجل أن يجعل هذا العمل نافعاً، مباركاً، خالصاً لوجهه الكريم
    وأن ينفعني به في حياتي وبعد مماتي، وأن ينفع به كل من انتهى إليه؛ فإنه خير مسؤول، وأكرم مأمول، وهو حسبنا ونعم الوكيل، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد بن عبد الله وعلى آله وأصحابه ومن تبعه بإحسان إلى يوم الدين.

    حياكم الله بموقع بداية الهداية الخطوة إلى طريق العلم الشرعي الصحيح
    http://www.musacentral.com/

  6. #86
    تاريخ التسجيل
    Mar 2009
    المشاركات
    2,459
    الدين
    الإسلام
    آخر نشاط
    01-11-2023
    على الساعة
    04:37 PM

    افتراضي

    السؤال
    فضيلة الشيخ! حدث قبل ما يقارب ثلاثين سنة أن قامت والدتي بإرضاع طفلة مع شقيقي الأكبر ما يقارب ثلاثة أيام، علماً أن الطفلة لم ترضع من والدتها لأن والدتها كانت مريضة ولا يوجد لبن في ثديها، فكانت والدتي ترضعها في اليوم الواحد حوالي ثلاث رضعات وهي تقول: إني لا أعلم هل الطفلة تشبع أم لا، لأن أخي كان يقاسمها الرضاعة، مع العلم بأن والدي ليس لديه خبر بهذه الرضاعة لأنه في ذلك الوقت كان مسافراً ولم يأت إلا بعد أربعة أشهر، ولما رجع أخبرته والدتي بما حدث فلم ينزعج من ذلك الأمر، فهل -يا فضيلة الشيخ- هذه الطفلة أخت لنا وبنت لوالدتي؟ أرجو الإفادة جزاك الله عني ألف خير.


    الجواب
    إذا رضع الطفل أو الطفلة من امرأة خمس رضعات متفرقات صار ولداً لها، سواء شبع من كل رضعة أم لم يشبع، وسواء أذن الزوج بذلك أو لم يأذن، فإذا رضع الطفل من امرأة في الصباح، وبعد مضي ساعتين رضع، وبعد مضي ساعتين رضع، وبعد مضي ساعتين رضع، وبعد مضي ساعتين رضع، كم رضع الآن؟ خمساً، فصار ولداً لها، وصار أخاً لجميع أولادها الذين سبقوه في الرضاع والذين لحقوه، وأما قول العوام: أنه لا يكون أخاً لمن دونه فهذا غلط، هو أخ لجميع أولاد المرضعة وأخ لجميع أولاد زوجها.
    فإذا قدرنا أن المرضعة لها أولاد من زوج سابق أيكونون إخوة له؟ نعم، لكنهم إخوة له من الأم.
    وإذا كان لزوج المرضعة أولاد من غيرها أيكونون إخوة له؟ نعم، يكونون إخوة له لكن إخوة من الأب.
    للمرضعة أولاد من زوجها الذي أرضعت الطفل وهي في عصمته يكونون أخوة له؟ أي: هذا طفل رضع من امرأة ولها أولاد من زوجها الذي رضع وهي في عصمته هو أخ لهم من أين؟ من الأم والأب، إذاً صار الرضاع يمكن أن يكون للإنسان به أخ شقيق وأخ من أب وأخ من أم.

    (45/16)


    --------------------------------------------------------------------------------

    خطورة استرسال المرأة في الكلام مع الأجانب


    السؤال
    فضيلة الشيخ! بعض النساء تسترسل في الكلام مع البائع بكلام لا داعي له، فما حكم ذلك؟

    الجواب
    لا يحل للمرأة أن تسترسل في الكلام مع رجل ليس محرماً لها؛ لأن ذلك يؤدي إلى الفتنة، وقد قال الله تبارك وتعالى: {فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلاً مَعْرُوفاً} [الأحزاب:32] تخاطب البائع بقدر الحاجة، ولا تزيد على هذا؛ لأن (الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم) وكم من امرأة تقول إنها بعيدة عن الفتنة ولكن لا يزال بها الشيطان حتى يفتنها، ربما إذا انصرفت من الرجل الذي تحدثت معه حديثاً أكثر مما تحتاج إليه ربما إذا انصرفت أدخل الشيطان عليها الهواجس حتى ترجع إلى الرجل الأول، ويكون أول الكلام شرارة وآخره سعيراً والعياذ بالله.
    فعلى النساء أن يتقين الله، وألا يخضعن بالقول، وألا يكثرن الكلام إلا لحاجة، ومن ذلك -وهو بلاء مبين، بل بلاء عظيم- ما يحدث عن طريق الهاتف، فإن كثيراً من السفهاء يتصلون على أي رقم، فتخاطبه امرأة فيلقي إليها القول المعسول، ويستجرها مرة بعد أخرى، ثم إنه يسجل ما يجري بينه وبينها من الكلام، هذه المشكلة، يعني: لن يدعها، سوف يضع عليها شبكة ما تتحرك معها، يسجل ما يدور بينه وبينها من الكلام، ثم إذا أراد الأمر الفظيع قال لها: إما أن تفعلي وإما فاسمعي إلى صوتك.
    أعطيه والدك أو أخاك أو غيره لهذا لتحذر النساء من الاستمرار في مكالمة الرجال فإنه خطر، خطر عظيم، نسأل الله السلامة من الفتن.

    (45/17)


    --------------------------------------------------------------------------------

    زيادة الثقوب في آذان النساء


    السؤال
    سائلة تقول: فضيلة الشيخ! ما حكم خرق الأذن من أجل وضع الذهب أكثر من خرق، لكي تجعل فيها أكثر من قرط في أذن واحدة؟

    الجواب
    أخشى أن يكون هذا من الإسراف، بأن تضع المرأة على آذانها أكثر مما جرت به العادة، وقد قال الله تعالى: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ} [الأعراف:31] فإذا كانت العادة جارية بأن المرأة تثقب ثقبين في الأذن الواحدة فلا بأس، لكن إذا لم تكن العادة جارية فهو من الإسراف المذموم، ويخشى أن النساء تتجارى في ذلك وتتباهى، ففي هذا العام تثقب ثقبين، وفي العام الثاني ثلاثة وأربعة حتى تخرق الأذن كلها وهذا ليس ببعيد، النساء يقتدي بعضهن ببعض.

    (45/18)


    --------------------------------------------------------------------------------

    زكاة العين وزكاة الدَّين


    السؤال
    فضيلة الشيخ! قمت بإقراض شخص لعمل محل تجاري، فلما حال عليه الحول سألته: هل قمت بالزكاة عنه؟ فقال: إن الحكومة ممثلة بمصلحة الزكاة والدفع تأخذ الزكاة من أصحاب المحلات في كل ثلاث سنوات، السؤال يا فضيلة الشيخ: هل أخرج زكاة هذا المال أم أن ما يدفعه لمصلحة الزكاة والدفع يعتبر كافياً؟

    الجواب
    الرجل أقرض شخصاً دراهم لفتح محل، زكاة المحل ليست على المقرض، المقرض ما له دخل فيها، المطالبَ بزكاة المحل هو الذي فتح المحل، فعليه زكاته، أما بالنسبة للمقرض فعليه زكاة الدين، ولهذا نقول: صاحب الدكان يزكي ما عنده زكاة عين، والمقرض يزكي ما في ذمة صاحب الدكان زكاة دين، ولا يقال: إن هذا مال وجبت فيه الزكاة مرتين أبداً، زكاة المقرض من أجل الدين، ولهذا لو قدر الله على هذا المتجر وتلف كله هل يسقط الدين عن ذمة صاحب الدكان؟ لا يسقط، وقول بعض الناس: إن هذا القول يستلزم أن يكون في المال الواحد زكاتان غلط، يقال: زكاة التاجر في عين ماله، وزكاة المقرض في الدين، فافترقت الجهة، ولما افترقت الجهة لم تكن الزكاة واردة على شيء معين واحد.
    فنقول للمقرض: أنت زك ما في ذمة الرجل كل سنة، والحكومة سوف تأخذ من هذا المال -مال الرجل- كل سنة.

    (45/19)


    --------------------------------------------------------------------------------

    جواز زواج المرأة السليمة برجل أخرس


    السؤال
    فضيلة الشيخ! لي قريب قد زوج أخته من رجل أخرس وهي سليمة من الخرس وعائلتها كذلك، وهذا الزوج يصلي ولا نتهمه بشيء في دينه، ولكني قد غضبت لذلك وقلت: إن هذا ليس من الكفاءة والعائلة سليمة من ذلك، فيأتي الشيطان إلي فيقول: أنت على حق فيزيد من غضبي.
    فهل هذا يؤثر على ديني؟ علماً أن الزوجة الآن حامل، ولكني أنا كل يوم يزداد غضبي وربما شتمت ولعنت بسبب هذا الزواج، أرجو من فضيلة الشيخ توجيهي وإزالة ما في قلبي من احتراق وغضب.


    الجواب
    أقول لهذا الأخ: عليك أن تتوب إلى الله، وتستغفر الله عز وجل، ولا تكون بين الرجل وزوجته، الرجل لم يتزوج من المرأة إلا بعد أن أخذ أذنها ورضيت به و {ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ} [الحديد:21] والذي جعل هذا أخرس والزوجة ناطقة هو الله عز وجل، ولا تتشاءم فإنه ربما يكون أولاد هذه المرأة من أفصح الناس وأشد الناس انطلاقاً في الكلام، فعليك أن تتوب إلى الله عز وجل مما يقع منك من شتم وغضب ولوم على ما جرى، وأن تسأل الله السلامة لأولاد هذه المرأة، ومن أحسن الظن بالله فإنه على خير.

    (45/20)


    --------------------------------------------------------------------------------

    العمل إذا اختلط مال الرجل بوديعة عنده


    السؤال
    فضيلة الشيخ! ما قولكم وفقكم الله فيمن اختلط ماله بمال قد أودعه شخص عنده بغير قصد منه، فما الذي تبرأ به ذمته؟

    الجواب
    إذا كان المال دراهم فلا إشكال في ذلك، فيعطي صاحب المال قدر الدراهم التي خلطها، والدراهم لا تختلف، لكن إذا كان غير دراهم مثل أن يخلط كيس أرز لشخص مع كيس رز عنده فهذا هو المشكل، في هذه الحال إذا كانت أصواع الكيس الذي لغيره معلومة وأصواع كيسه معلومة -أيضاً- لا إشكال إذا كان الأرز من جنس واحد، ومن نوع واحد، ومن وصف واحد، أي: كلا الكيسين في النوعية واحد، وفي الجودة والرداءة واحد فهذا -أيضاً- سهل، يقسم هذا، ويعطى هذا حقه وهذا حقه.
    وإذا أشكلت الأمور فالخطب سهل: يجتمعان ويتصالحان، ويحلل أحدهما الآخر: {فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ} [الشورى:40] .

    (45/21)


    --------------------------------------------------------------------------------

    طريقة تطهير السجاد من بول الأطفال


    السؤال
    فضيلة الشيخ! إذا بال الطفل على السجاد فما الطريقة لتطهيره، وما مقدار الماء الذي يكفي لغسله؟

    الجواب
    الطفل إما أن يكون ذكراً وإما أن يكون أنثى، فإن كان ذكراً صغيراً يتغذى باللبن فأمره سهل؛ لأن طهارة الغلام الذي لا يأكل الطعام وإنما يتغذى باللبن أن يصب عليه ماء فقط بدون عصر وبدون فرك، ودليل ذلك: أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أتي بصبي صغير لم يأكل الطعام فوضعه في حجره فبال عليه -أي: الصبي- فدعا بماء فأتبعه إياه.
    أما إذا كان الصبي كبيراً يتغذى بالطعام، أو كان بول امرأة ولو صغيرة فإنه أولاً ينزع البول بالسفنج أو شبهه، ثم يصب عليه ماء ويدلك، ثم ينزع الماء، ثم يصب ماء ويدلك وينزع، ثم يصب الثالثة ويكفي.

    (45/22)


    --------------------------------------------------------------------------------

    نصيحة حول موضوع الانتكاس


    السؤال
    فضيلة الشيخ! ظاهرة نسأل الله تعالى ألا تكون كثيرة لكن نود علاجها من قبلكم قبل انتشارها وهي: ظاهرة الانتكاس بعد الالتزام، كان شاب مع الشباب وربما حفظ شيئاً من القرآن وحضر شيئاً من دروس العلم، ولكنه -والعياذ بالله- تغيرت حاله سواءً مع زملائه السابقين أو مع أهله أو في مسجد حيه، فما نصيحتك له ولأمثاله؟ وما واجب من يعلم بحاله؟

    الجواب
    أولاً: أرى أن هذا من التشاؤم، أعني القول: بأن الانتكاس كثير أو كثر أو ما أشبه ذلك، وأرى أن شباباً كثيراً -والحمد لله- بدءوا يلتزمون، والذين انتكسوا كان في نفوسهم شيء قبل الانتكاس ولكن لم يتحقق فلذلك انتكسوا، ولكنهم قلة -ولله الحمد- وأكثر الشباب على الاستقامة.
    ولا شك أن الانتكاسة لها أسباب، ومن أكبر أسبابها ما يوجد في القنوات الفضائية التي نسأل الله تبارك وتعالى في هذا المكان أن يسلط الحكومة على القضاء عليها حتى تأمن، وحتى تستقر، لأننا لا نرى شيئاً أعظم في الاستقرار من تعظيم الله عز وجل، والبعد عن محارمه، وأن الناس إذا ضبطوا على الشرع فهذا هو الأمن، والذي لا يعطي الأمان إلا الخوف من السلطان أمنه ضعيف، وسينتهز الفرصة، لكن إذا كان أمنه عن إيمان فهذا هو الذي يبقى، وهذه القنوات الفضائية لا شك أنها تسلب الإيمان، وتسلب الأخلاق، وفيها من البلاء ما تتقطع منه الأكباد، وتتوجع منه القلوب، فيه أشياء نسمع عنها، ولا البهائم تفعلها والعياذ بالله، مسابقات على الخنا، وعلى الدعارة، وعلى السفالة، أشياء يشيب منها الرأس، تجعل الولدان شيباً، إذا شاهد الشباب مثل هذا فإنه قد لا يلحقهم لوم إذا انتكسوا والعياذ بالله، ولكن لا عذر لهم -الشباب- لأن الواجب على الشباب أن يقاطعوها، وألا يجلسوا أليها، وألا يتحدثوا بها، هذا الواجب، لكن مع ذلك نحن نسأل الله عز وجل أن يسلط الحكومة على هذه الدشوش وتمنعها منعاً باتاً، وما ذلك على الله بعزيز، وهم -إن شاء الله تعالى- قادرون على ذلك، ونرجو أن يكونوا فاعلين.

    (45/23)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم لبس ما عليه إشارة إلى حرام


    السؤال
    سائلة تقول: فضيلة الشيخ! ما حكم لبس الأقمشة التي عليها رسومات تدل على الأنغام والموسيقى؛ هل يجوز لبسها والصلاة فيها؟

    الجواب
    كل لباس عليه إشارة لما هو حرام فلبسه حرام، اللباس الذي فيه الصور حرام، الذي فيه صورة المعازف وآلات اللهو حرام، الذي فيه الدعوة للدعارة حرام؛ لأنه يوجد -كما نسمع- فنايل مكتوب عليها عبارات سيئة للغاية هذه -أيضاً- حرام لا يجوز لبسها، التي عليها صور آدميين حرام لا سيما إن كانت صور كفار أو أصحاب مجون فإنه يزداد تحريمها، لو أننا نحن الشعب تواصينا بمقاطعة هذه ما بقي لها رواج بيننا، لكن -مع الأسف- أن بعضنا يدفع بعضاً دون أن يتأمل ودون أن يتفكر.

    (45/24)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم من صلى الظهر يوم الجمعة ركعتين لسنوات طويلة


    السؤال
    رجل يقول: إن أمي تصلي يوم الجمعة صلاة الظهر ركعتين في المنزل، ولم تعلم أنه يجب عليها الصلاة أربع ركعات إلا الأسبوع الماضي، فماذا يلزمها في الماضي والمستقبل؟

    الجواب
    هذه مشكلة، هي على كل حال الجواب: إذا كانت امرأة جاهلة جهلاً مطبقاً لا تدري بشيء فأرجو ألا تلزمها الإعادة، وأما إذا كانت مقصرة مفرطة في السؤال فإنه يلزمها أن تعيد جميع الصلوات التي اقتصرت فيها على ركعتين، فيلزمها في السنة خمسة وخمسون صلاة أو قريباً من هذا في كل سنة، وهذا يسير إن شاء الله وليس بصعب، يعني: ممكن أن تصلي في الشهر عشراً، خمس عشرة وهلم جرا حتى ينتهي.
    أما إذا كانت جاهلة جهلاً مطبقاً ما تدري بشيء فهذه لا شيء عليها؛ لأن الجهل عذر عفا الله عنه في قوله تعالى: {رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا} [البقرة:286] .

    (45/25)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم الأخذ من مال الأب إذا اكتسبه من حرام


    السؤال
    سؤالي يا فضيلة الشيخ: أن أبي -غفر الله له- يعمل في بنك ربوي، فما حكم أخذنا من ماله وأكلنا وشربنا من ماله؟ غير أن لنا دخلاً آخر وهو من طريق أختي الكبيرة فهي تعمل، فهل نترك نفقة أبي ونأخذ نفقتنا من أختي الكبيرة مع أننا عائلة كبيرة، أم أنه ليس على أختي النفقة علينا فنأخذ النفقة من أبي؟ أفتنا جزاك الله خيراً وحفظك.


    الجواب
    أقول: خذوا النفقة من أبيكم، لكم الهناء وعليه العناء لأنكم تأخذون المال من أبيكم بحق؛ إذ هو عنده مال وليس عندكم مال، فأنتم تأخذونه بحق، وإن كان عناؤه وغرمه وإثمه على أبيكم فلا يهمكم، فها هو النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قبل الهدية من اليهود، وأكل طعام اليهود، واشترى من اليهود، مع أن اليهود معروفون بالربا وأكل السحت، لكن الرسول عليه الصلاة والسلام يأكل بطريق مباح، فإذا ملك بطريق مباح فلا بأس.
    أنظر مثلاً بريرة مولاة عائشة رضي الله عنهما، تصدق بلحم عليها، فدخل النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يوماً إلى بيته ووجد البُرمة -القدر- على النار، فدعا بطعام ولم يؤت بلحم، أتي بطعام ولكن ما فيه لحم، فقال: ألم أر البرمة على النار؟ قالوا: بلى يا رسول الله، ولكنه لحم تصدق به على بريرة.
    والرسول عليه الصلاة والسلام لا يأكل الصدقة، فقال: (هو لها صدقة ولنا هدية) فأكله الرسول عليه الصلاة والسلام مع أنه يحرم عليه هو أن يأكل الصدقة؛ لأنه لم يقبضه على أنه صدقة بل قبضه على أنه هدية.
    فهؤلاء الإخوة نقول: كلوا من مال أبيكم هنيئاً مريئاً، وهو على أبيكم إثم ووبال، إلا أن يهديه الله عز وجل ويتوب، فمن تاب تاب الله عليه.

    (45/26)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم تغيير النية أثناء الصلاة


    السؤال
    فضيلة الشيخ! ما حكم تحويل النية في أثناء الصلاة، مثلاً: نسيت صلاة الظهر فحضرت صلاة العصر فدخلت في صلاة العصر على أنها العصر، ثم في الركعة الثالثة تذكرت أنني لم أصل الظهر فغيرت النية، فما الذي علي؟

    الجواب
    الآن أسألكم: لما غير النية -نية العصر إلى ظهر- أبطل العصر أم لا؟ أبطلها.
    إذاً بطلت العصر، ولما نواها ظهراً هل صحت نيته وهو لم ينوها من أولها؟ إذاً بطلت الصلاتان، فعليه أن يعيد الظهر وأن يعيد العصر، ومثل هذه الحال أي: لو كان على إنسان صلاة ظهر ودخل في العصر ناسياً، وفي أثناء الصلاة ذكر نقول: استمر في صلاتك على أنها العصر، وإذا انتهيت فصل الظهر، وتعذر في الترتيب هنا لأنك ناس، وقد قال الله تعالى: {رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا} [البقرة:286] .
    أما لو شرعت في نافلة ثم ذكرت أن عليك فريضة فاقطع النافلة وادخل في الفريضة من أولها.

    (45/27)


    --------------------------------------------------------------------------------

    الخادمة ليست ملكاً لصاحب البيت


    السؤال
    فضيلة الشيخ! أرجو من فضيلتكم الإجابة، سؤالي يقول: بعض الناس يرى أن المستخدمات اللاتي في البيوت تكون مملوكة لصاحب البيت والله يقول: {وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} [النساء:36] فأرجو الإجابة والسماح لي إذا كان في سؤالي خطأ.


    الجواب
    هذا الاعتقاد غير صحيح، يعني: اعتقاد أن الخادم مملوكة خطأ عظيم، الخادم ليست مملوكة بل حرة، ولا يحل للإنسان أن ينظر إلى وجهها أو يحادثها بغير حاجة، لأنها أجنبية منه، لكن هنا طريق سهل: إذا كانت الخادم شابة وليس لها زوج فليتزوجها صاحب البيت حتى يكون عند زوجته الأولى زوجة أخرى تساعدها في حقوق الزوج، وتساعدها -أيضاً- في شئون المنزل، هذا أحسن، وحينئذ تكون هذه الخادمة حلالاً له عن طريق النكاح.

    (45/28)


    --------------------------------------------------------------------------------

    شبهة في صيام عاشوراء


    السؤال
    فضيلة الشيخ! أمر أشكل عليَّ وهو أن من الناس من يقول: إن يوم عاشوراء غير ثابت، فاليهود والنصارى يؤرخون بالتاريخ الميلادي، وتعلمون يا فضيلة الشيخ أن هناك فرقاً بين التاريخين عشرة أيام، فعلى تفكيرهم وقولهم هذا لا بد من تأخير عاشوراء في كل سنة عشرة أيام نرجو التفصيل في كلا الحالين.


    الجواب
    إن كان جنون فهذا جنون، هل نحن مطالبون إلا بعاشر من محرم؟ مطالبون بعاشر محرم، كيف الاختلاف؟ يعني: هذه السنة نصوم عشرة، والسنة الثانية عشرين، والثالثة ثلاثين، والرابعة عاشر من صفر وهلم جرا هل هناك أحد يقول هذا؟! أقول: إن عاشوراء معلوم، ما فيه إشاكلٌ، لكن الإشكال: هل هلَّ هلال محرم في ثلاثين من ذي الحجة أو في ليلة واحد وثلاثين؟ هذا الذي يقع الإشكال فيه، فماذا نعمل إذا شككنا أن هلال محرم ليلة الثلاثين من ذي الحجة فيكون شهر ذي الحجة ناقصاً، أو نقول: هلَّ في الحادي والثلاثين فيكون تاماً؟ الطريق بين -والحمد لله-: إن رأيناه ليلة الثلاثين اعتبرنا ذا الحجة ناقصاً، وإن لم نره فالواجب إكمال ذي الحجة ثلاثين، ولذلك الآن هذه السنة التقويم جعل ذا الحجة تسعاً وعشرين، وأدخل المحرم في الأربعاء، فعلى هذا التقدير يكون الخميس هو التاسع والجمعة هي العاشر، لكن حسب الرؤية وحسب الشرع لم يدخل شهر محرم إلا في الخميس، فيكون التاسع يوم الجمعة والعاشر يوم السبت.

    (45/29)


    --------------------------------------------------------------------------------

    صيام ثلاثة أيام بدل أيام البيض


    السؤال
    شخص لم يصم الثلاث البيض، فهل يكفيه عنها أن يصوم ثلاثاً أخرى فيما تبقى من الشهر؟

    الجواب
    إذا كان ممن يعتادون صيام ثلاثة أيام من كل شهر كفته هذه الثلاثة عن الأيام التي كان يعتاد صيامها.

    (45/30)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حالة لا يقع فيها الطلاق


    السؤال
    فضيلة الشيخ! حصل بين أبي وأمي طلاق بسبب من الأسباب قال أبي لوالدتي: أنت طالق إذا خرجت من البيت.
    وهي لم تسمعه فخرجت، فحصل الطلاق، وكانت هذه هي الثالثة، فما رأي فضيلتكم وفقك الله وسددك؟

    الجواب
    رأيي أنه لا طلاق، أولاً: إن المرأة لم تسمع فلم يحصل منها عصيان.
    ثانياً: إن الغالب لمن يقول مثل هذا القول: أنه لم يرد طلاق امرأته وإنما أراد تحذيرها من الخروج، فإذا قدر أنها خرجت عمداً فعليه كفارة يمين.

    (45/31)


    --------------------------------------------------------------------------------

    الطريقة الصحيحة للدعوة


    السؤال
    فضيلة الشيخ! ما هي الطريقة الصحيحة في الدعوة إلى الله تعالى؟ وكيف نرقق قلوب الناس؟

    الجواب
    الدعوة الصحيحة ما ذكرها الله عز وجل لرسوله محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [النحل:125] وعليك بالرفق فإن الرفق ما كان في شيء إلا زانه، ولا نزع من شيء إلا شانه، وقد أوصى الله تبارك وتعالى موسى وهارون أن يقولا لأعتى عباد الله قولاً ليناً، فعليك باللين واترك العنف، واصبر على ما يصيبك من أخيك إذا لم تجد منه قبولاً سريعاً، ولا تيأس، وكرر، فربما تحصل الهداية في عاشر مرة أو أكثر.
    وفق الله الجميع لما فيه الخير.

    (45/32)


    --------------------------------------------------------------------------------
    وأخيراً أسأل الله عز وجل أن يجعل هذا العمل نافعاً، مباركاً، خالصاً لوجهه الكريم
    وأن ينفعني به في حياتي وبعد مماتي، وأن ينفع به كل من انتهى إليه؛ فإنه خير مسؤول، وأكرم مأمول، وهو حسبنا ونعم الوكيل، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد بن عبد الله وعلى آله وأصحابه ومن تبعه بإحسان إلى يوم الدين.

    حياكم الله بموقع بداية الهداية الخطوة إلى طريق العلم الشرعي الصحيح
    http://www.musacentral.com/

  7. #87
    تاريخ التسجيل
    Mar 2009
    المشاركات
    2,459
    الدين
    الإسلام
    آخر نشاط
    01-11-2023
    على الساعة
    04:37 PM

    افتراضي

    اللقاء الشهري

    اللقاء الشهري [46]
    النكاح مطلب فطري وشرعي، وهو من سنن المرسلين، وله في الشريعة أحكام مفصلة.
    ولذلك ورد الكلام عنه، وعن عوائقه المعاصرة، وعن الأحكام المترتبة عليه، كعلاقة هامة وارتباط له منظوره الخاص في الإسلام.
    وإضافة إلى ذلك تضمنت فقرة الأسئلة حلولاً لبعض الإشكالات فيما يتعلق بهذا الموضوع، وبعض أحكام المرأة، وضوابط التعامل بين الرجال والنساء.

    (46/1)


    --------------------------------------------------------------------------------

    مشروعية النكاح وموانعه
    الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
    أما بعد: فإنه بمناسبة حلول الإجازة الصيفية وكثرة عقود النكاح فيها أحببت أن يكون موضوع هذا اللقاء الحديث عن النكاح وما يتعلق به.
    فأقول أولاً: النكاح مرغوب إلى الإنسان بمقتضى الفطرة والطبيعة، وجعله الله تعالى مرغوباً للإنسان بمقتضى فطرته وطبيعته من أجل أن يبقى النسل الإنساني، لأنه لولا هذه الفطرة والطبيعة التي تحدو الإنسان إلى النكاح ما كان ليبدي الإنسان عورته أمام امرأة كانت أجنبيةً منه، وما كان ليمارس هذا الفعل، لكن الله تعالى ركب في الإنسان طبيعة فطرية تحدوه إلى هذا النكاح.
    وهو مع ذلك -أيضاً- هو من سنن المرسلين، فإن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم تزوج وقال: (حبب إلي من دنياكم النساء والطيب، وجعلت قرة عيني في الصلاة) ولما أراد بعض الصحابة أن يدع النكاح تعبداً لله عز وجل بتركه، خطب النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وأنكر ذلك، قال: (أما أنا فأتزوج النساء، وأصلي وأنام، وأصوم وأفطر، ومن رغب عن سنتي فليس مني) فتبرأ النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ممن ترك النكاح تعففاً ورهبانية، وقال: (من رغب عن سنتي فليس مني) .
    ولهذا أجمع العلماء على أن النكاح مشروع، وأنه عبادة، ولكن اختلفوا: هل يجب على الإنسان القادر للشهوة؟ على قولين، والصحيح: أنه يجب على الشاب - ذي الشهوة إذا كان قادراً - أن يتزوج، ويحرم عليه أن يؤخره من أجل الدراسة أو التجارة أو غير ذلك، ما دام عنده شهوة وقادر يجب أن يتزوج، دليل ذلك قول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (يا معشر الشباب! من استطاع منكم الباءة -يعني النكاح- فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء) فأمر النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم الشباب القادرين على النكاح أن يتزوجوا، وبين الفائدة العظيمة منه وهو أنه أغض للبصر وأحصن للفرج، وإنما ذكر النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم هاتين الفائدتين مع أن فيه فوائد كثيرة لأن هاتين الفائدتين أسرع ما يكون إلى الإنسان، بمجرد ما يتزوج الإنسان يكف بصره عن النساء، ويحصن فرجه، ومن لم يستطع فعليه بالصوم، يصوم؛ لأن الصوم عبادة وهو في نهاره صائم، كاف، غافل عما يتعلق بالنساء، وفي ليله نائم.
    ثم إن الصيام يضعف مجاري الدم، والشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم، فإذا ضعفت المجاري ضعفت مسالك الشيطان وصار ذلك أقرب إلى السلامة، ولكن إذا لم يستطع الصوم، كشاب لا يستطيع النكاح ولا يستطيع الصوم ماذا يفعل؟ يفعل ما أمر الله به بقوله: {وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لا يَجِدُونَ نِكَاحاً حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ} [النور:33] يستعف، يتصبر فإن من يتصبر يصبره الله عز وجل، وإذا كان الإنسان متعففاً كافاً عما حرم الله فإنه يدخل في قول الله تعالى: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْراً} [الطلاق:4] .

    (46/2)


    --------------------------------------------------------------------------------

    غلاء المهور من موانع النكاح
    لكن لإدراك هذه المسألة -أعني: النكاح- في وقتنا الحاضر موانع منها: صعوبة المهور فإن المهر كثير وكثير، ربما يبقى الشاب زمناً طويلاً لا يحصل المهر فضلاً عن النفقات التي تأتي بعد النكاح، وهذا خلاف السنة، السنة في المهر أن يخفف ويقلل، حتى جاء في الحديث: (أعظم النساء بركة أيسره مئونة) ولقد زوج النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم رجلاً على نعلين، وقال لرجل آخر: (التمس ولو خاتماً من حديد) فما بالنا الآن نتحكم في النساء فلا نزوجهن إلا من كان أكثر صداقاً؟ هذا غلط، الذي ينبغي أن ييسر الإنسان المهر ويسهله فإن هذا هو السنة، وهو -أيضاً- أقرب أن يؤدم بين الرجل وبين المرأة -يعني: يجمع بينهما- كيف ذلك؟ الرجل إذا كان المهر كثيراً وربما استدان أكثره أو كله، ثم تزوج المرأة، فمن المعلوم أنه سيبقى هذا الدين في خياله، يقض مضجعه، ويكسوه الهم، فربما لا يسعد سعادة تامة مع زوجته لماذا؟ لأنه خسر عليها كثيراً.
    ثم إذا لم يقدر الله التلاؤم بينهما وساءت العشرة، إذا كان المهر قليلاً هل يسهل عليه أن يطلقها؟ نعم يسهل عليه ويستريح وتستريح هي - أيضاً - لكن إذا كان كثيراً لا يمكن أن يطلقها حتى يتعبها تعباً كثيراً.
    ثم إذا قال: أنا أطلقها لكن أعطوني ما أنفقت عليها.
    من أين يحصلون ذلك؟ قد لا يدركون هذا فيحصل بهذا شر كثير، حياة زوجية لكنها حياة شقاء، وكله بسبب تكثير المهر.

    (46/3)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم الامتناع عن تزويج البنات طمعاً في رواتبهن
    كذلك -أيضاً- من الموانع: أن بعض الناس الذين لا يخشون الله ولا يرحمون عباد الله، ولا يؤدون الأمانة إذا كان لهم بنات، وكانت هذه البنات لها راتب من الحكومة بتدريس أو عمل فإنك تجده يحتكر المرأة ولا يزوجها لأنه يريد أن يسيطر على ما عندها من المال، وهذا لا شك خيانة ومعصية للرسول عليه الصلاة والسلام، أما كونه خيانة فلأن الرجل احتكرها لمصلحة نفسه وهو ولي عليها يجب أن يختار لها ما هو أصلح، وكم من فتيات تأن أنين المريض من أجل أن أباها لم يزوجها، يريد أن يأخذ لعاعة من العيش ولا شك أن هذا خطأ عظيم، وأن الرجل سوف يحاسب على بنته يوم القيامة حيث أضاع الأمانة ومنع حقها.
    ونحن نقول لهذا الرجل: أرأيت لو كنت تشتهي أن تتزوج ومنعك مانع من ذلك، أما ترى أنه قد اعتدى عليك وظلمك؟

    الجواب
    بلى، يرى أنه اعتدى عليه وظلمه، فإذا كان يرى أن من منعه من النكاح مع شدة رغبته فيه قد اعتدى عليه وظلمه؛ فكيف يمنع هذه المسكينة من أجل مصلحة نفسه؟! والعجب أن هذا مبني على ظلم وعلى جهل، أما الظلم فواضح: يمنعها حقها من الزواج، وأما الجهل: فلأن الإنسان إذا زوج بنته ولها مال هل يمنع من الأخذ من مالها لأنه زوجها أم يجوز أن يتملك من مالها ما لا يضرها؟ الجواب: الثاني، لأنه حتى لو تزوجت المرأة -بنتك مثلاً- وعندها مال فلك أن تأخذ من مالها ما شئت ما لم يضرها؛ لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: (أنت ومالك لأبيك) فتزويجها لا يمنع أن تأخذ من راتبها شيئاً؛ لأنه أبوها، وإذا كان أباها فله أن يأخذ من مالها ما لا يضرها، لكن هذا من الجهل.

    (46/4)


    --------------------------------------------------------------------------------

    احتكار البنات لتزويجهن من الأقارب
    كذلك يمنع من النكاح ما يفعله بعض الجهال من احتكار بناته لأبناء أخيه، فيحتكر بناته ليزوجها أبناء أخيه، ويصرح بذلك، تقول الفتاة خطبها فلان صاحب دين وخلق ومال ونسب، قد توفرت فيه الشروط فيقول: لا، أنت لابن عمك سبحان الله! من ملك الأحرار بعد أن كانوا أحراراً؟! وهو إذا منعها أن تتزوج الكفء وأجبرها على أن تتزوج ابن عمها فهذا النكاح نكاح فاسد، المرأة لا تحل لزوجها به، وزوجها يطؤها على أنها فرج حرام والعياذ بالله، فيكون هذا الرجل قد مكن ابنته أن يجامعها رجل ليس زوجاً لها والعياذ بالله؛ وذلك لأن من شرط النكاح رضا المرأة كما قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم (البكر تستأذن، والثيب تستأمر) وقال - أيضاً -: (البكر يستأمرها أبوها) فنص على البكر ونص على الأب فكيف تزوجها من لا تريد وهي غير راضية؟! وسبحان الله! لو أن الإنسان باع من مال ابنته ما يساوي درهماً واحداً بدون رضاها هل بيعه صحيح أم غير صحيح؟ البيع غير صحيح، لو أن الرجل باع من مال ابنته ما يساوي درهماً واحداً دون أن يتملكه فإن البيع غير صحيح، فكيف يبيع حياة هذه المرأة بدون رضاها؟ هذا لا تأتي بمثل الشريعة، ولذلك أرى أن هؤلاء الذين يمنعون بناتهم من النكاح إلا ببني أعمامهن أرى أنه ظالم، وأنه معتد، وللبنت أن ترفع الأمر إلى المحكمة ونقول لهذا الرجل: ليس لك ولاية.
    أهل العلم يقولون: الرجل إذا منع المرأة أن يزوجها كفئاً رضيته فإن الولاية تنتقل إلى من بعده وتسقط ولايته، قالوا: وإذا تكرر ذلك منه صار فاسقاً، والفاسق ضد العدل، يعني: لو أن هذا الرجل خطبت منه ابنته؛ خطبها رجال أكفاء في الدين والخلق، وهي ترضاهم وقال: لا.
    وخطبها آخر وقال: لا.
    وخطبها آخر وقال: لا.
    صار هذا الرجل فاسقاً لا يتولى شيئاً من أمور المسلمين، إن أذن لم يصح أذانه، وإن صلى إماماً بالناس لم تصح إمامته، وإن شهد فشهادته مردودة، وإن أراد أن يتولى على أحد لم يمكن من ذلك لماذا؟ لأنه فاسق، حتى شهادته لا تقبل لأن الله يقول: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا} [الحجرات:6] أي: لا تقبلوه، وتثبتوا المسألة خطيرة.
    وهذا الذي قررته الآن -أن الفاسق لا ولاية له ولا إمامة له ولا أذان له ولا شهادة له- هذا هو المشهور من مذهب الإمام أحمد رحمه الله، والمسألة فيها خلاف لكني أقول: المسألة عظيمة جداً، وهؤلاء الظلمة الذين يمنعون بناتهم أن يزوجوهن من أكفاء رضيته المرأة هؤلاء سوف يلقون جزاءهم عند الله يوم القيامة.
    ولقد حكى لي بعض الناس عن امرأة كان أبوها يمنعها، وكل من يأتيه يخطبها يقول: صغيرة، فايتة، مخطوبة وما أشبه ذلك.
    المرأة أصيبت بمرض، الله أعلم هل هو من أسباب منعها من النكاح أم لغير ذلك، المهم أنها أصيبت، لما حضرتها الوفاة كان عندها أمها ونساء أخريات قالت: بلغوا أبي أنني لم أحلله، وهو مني في حرج، وبيني وبينه يوم القيامة.
    أمر خطير! لكن بعض الناس - نسأل الله العافية - قلبه حجر أو أشد من الحجارة، أناني، لا يراعي شعور غيره، ولا يبالي بغيره، وهو إذا زوج ابنته خرج من الظلم، وأدى الأمانة، وربما يحصل منها أولاد يدعون له حياً وميتاً، وكم من أولاد من البنات كانوا خيراً من أولاد البنين فلماذا يمنعها؟!!

    (46/5)


    --------------------------------------------------------------------------------

    الإسراف في الولائم من موانع النكاح
    ومن الموانع أيضاً: الإسراف في الولائم.
    الوليمة: هي ما يصنعه الزوج عند الدخول أو بعد الدخول إظهاراً للفرح والسرور، ولكن ليست بهذا الوضع الذي نشاهده الآن، حيث تجد الإنسان يخسر على الوليمة عشرة آلاف، ثمانية آلاف، أربعة آلاف لماذا؟ وربما يخسرون أكثر من هذا، ربما عشرين ألفاً، ثلاثين ألفاً، أربعين ألفاً، وهذا لا شك أنه من الإسراف، ومن الخطأ العظيم، قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لـ عبد الرحمن بن عوف: (أولم ولو بشاة) شاة واحدة، وهو من أغنياء الصحابة رضي الله عنه، ولهذا قال الفقهاء: تسن الوليمة بشاة فأقل.
    الآن كم يذبحون من الشياة؟ عشراً أو أكثر مع أن الناس الآن ليسوا في حاجة - والحمد لله - فكلهم أغنياء، ولولا أن الإنسان يتقي الله في حضور الولائم إذا دعي إليها، ولولا أنه يخجل من رد الداعي ما ذهب الإنسان إلى الدعوة، يجد في بيته من الطعام ما هو أشهى له وأنفع له من هذه الولائم.
    فهم في الحقيقة يسرفون، تجده يطبع كروتاً للدعوة، الكرت يكلف ريالاً ونصف أو خمسة ريالات أو عشرة ريالات، مع أن الكرت إذا أعطي شخصاً يرمي به في الأرض ولا ينتفع به، والعجب أنهم لا يكتفون ببطاقة دعوة بأن يكتب مثلاً الدعوة في ورقة ويصور منها ما شاء، ولا تحتمل إلا عشرين ريال أو ما أشبه ذلك.
    المهم يا إخواني أن النكاح الآن له عقبات كثيرة مع أنه سنة، ويترتب عليه أحكام شرعية عظيمة، حتى إن الله تبارك وتعالى جعله قسيماً للنسب - يعني: للقرابة - بنو آدم الرابطة بينهم القرابة والمصاهرة، قال الله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاءِ بَشَراً فَجَعَلَهُ نَسَباً وَصِهْراً} [الفرقان:54] نسباً أي: قرابة، وصهراً أي: قرابة بالنكاح، تجد هؤلاء القوم ليس بينهم وبين الآخرين صلة، فإذا تزوج منهم صاروا كأنهم أقارب {خَلَقَ مِنَ الْمَاءِ بَشَراً فَجَعَلَهُ نَسَباً وَصِهْراً} [الفرقان:54] .
    ومن ثم أكثر النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم من النساء حتى مات عن تسع من أجل أن يكون له في كل قبيلة صلة، ولهذا لم يتزوج الرسول عليه الصلاة والسلام إشباعاً لشهوته وغريزته، ولكن لأجل أن يكون له في كل قبيلة من قبائل العرب صلة، ولو كان رجلاً شهوانياً لكان يتزوج الأبكار، مع أنه لم يتزوج بكراً إلا واحدة فقط، وهي أم المؤمنين عائشة والباقي كلهن قد تزوجن من قبل، وبعضهن لهن أولاد وبنات.
    فالحاصل يا إخواني: أن النكاح وشيجة وتقريب للناس بعضهم من بعض، وهذا من فوائد النكاح.

    (46/6)


    --------------------------------------------------------------------------------

    بعض الأحكام المترتبة على النكاح

    (46/7)


    --------------------------------------------------------------------------------

    المحرمات بسبب النكاح
    مما يترتب على النكاح: أن الإنسان إذا تزوج امرأة حرمت عليه أمها وجداتها من قبل الأب أو من قبل الأم، فأم الزوجة كانت بالأمس يجب أن تحتجب عن الزوج، وبعد العقد لا تحتجب، فيسلم عليها، ويخلو بها، ويسافر بها، وتكون من محارمه.
    أبو الزوج -إذا تزوج إنسان امرأة- صار أبو الزوج محرماً للزوجة، يخلو بها ويواجهها، ويسافر بها.
    ابن الزوج -إذا تزوج رجل امرأة- صار ابنه محرماً لها، انظر كان من قبل رجلاً أجنبياً في السوق الآن صار محرماً لها، يأتي إليها في البيت، يخلو بها، يسافر بها، تكشف وجهها له.
    بنت الزوجة -لو تزوج إنسان امرأة معها بنت- صارت بنتها إذا جامع أمها صار محرماً له هذا مما يترتب على عقد النكاح.

    (46/8)


    --------------------------------------------------------------------------------

    توارث الزوجين
    يترتب على عقد النكاح الميراث، مثل امرأة من تميم تزوجها رجل من قريش، وليس بينهما قرابة فإذا مات هذا الرجل وليس له أولاد فإنها تستحق من ماله الربع، وهي لو ماتت عنه وليس لها أولاد فإنه يأخذ النصف، انظر كيف الرابطة بين الزوجين.

    (46/9)


    --------------------------------------------------------------------------------

    أحكام المهر
    كذلك يترتب على النكاح أن الإنسان إذا طلق زوجته قبل الدخول وقد أصدقها عشرة آلاف كم تستحق من العشرة؟

    الجواب
    تستحق خمسة لقوله تعالى: {وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ} [البقرة:237] تستحق نصف المهر مع أنه ما دخل عليها، وإن دخل عليها وبقي عندها ساعة ثم خرج وطلقها كم تستحق من المهر؟ تستحق المهر كاملاً.
    فإذا طلقها قبل الدخول، كرجل تزوج امرأة ثم قبل أن يدخل عليها ثم بدا له أن يطلقها، هل عليها عدة؟ ما عليها عدة، لقول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا} [الأحزاب:49] .
    لو طلقها في الصباح قبل أن يدخل بها وقبل أن يخلو بها ثم جاء رجل في المساء وتزوجها يجوز أم لا يجوز؟ يجوز؛ لأنها لا عدة لها.
    فإن مات عنها، كرجل عقد على امرأة ومات قبل أن يدخل بها، مثلاً: كان الدخول في شهر ربيع، وقد عقد له في شهر صفر ثم مات، هل عليها عدة؟ نعم.
    عليها عدة، انظر الفرق بين الطلاق وبين الموت، إذا مات عنها قبل أن يدخل بها ويخلو بها وجبت عليها العدة، ولها الميراث، ولها المهر كله، فلو أصدقها عشرة آلاف ثم مات قبل أن يدخل بها فلها المهر كاملاً، وعليها العدة، ولها الميراث.

    (46/10)


    --------------------------------------------------------------------------------

    أحكام في معاشرة الرجل لزوجته
    النكاح يترتب عليه -أيضاً- أحكام في معاشرة الرجل لزوجته، إذا جامع الرجل زوجته بدون إنزال، هل عليهما غسل أم لا؟ يجب عليهما الغسل، وكثير من الناس -ولا سيما الشباب- يظنون أنه لا غسل بالجماع إلا إن أنزل، فيمضي على دخوله على امرأته عدة أشهر وربما عدة سنوات وهو لا يغتسل من الجماع إذا لم ينزل، وهذا غلط عظيم، إذا جامع الرجل امرأته وجب عليه الغسل سواء أنزل أم لم ينزل.
    وإن أنزل بدون جماع فعليه الغسل، يعني: لو أن الرجل قبل زوجته فأنزل وجب عليه أن يغتسل، فإن جامع وأنزل فمن باب أولى يجب عليه الغسل؛ لذلك أرجو منكم أن تبثوا هذا في الناس: أن الرجل إذا جامع امرأته ولم ينزل فعليه وعليها الغسل، وإن أنزل من مباشرة فعليه الغسل، وهي إن أنزلت مثله وجب عليها الغسل وإلا فلا.

    (46/11)


    --------------------------------------------------------------------------------

    شروط الطلاق
    يترتب - أيضاً - على النكاح: أن الإنسان لا يخرج من النكاح إلا بشروط، ما هي الشروط؟ الشروط: إن كان قد دخل بالمرأة أو خلا بها فإنه لا يمكن أن يطلقها إلا وهي طاهر أو حامل، وأيضاً هي طاهر طهراً لم يجامعها فيه، أو حاملاً.
    انتبه إلى هذه المسألة، يعني: رجل أراد أن يطلق امرأته وهي في حيض هل يجوز أن يطلقها وهي في حيض؟

    الجواب
    حرام، لا يجوز.
    هل يجوز أن يطلقها وقد جامعها في هذا الطهر؟ لا، لا يجوز، بل ينتظر حتى تطهر من الحيض فيطلقها، أو إذا كان جامعها في الطهر ينتظر حتى تحيض وتطهر أو يتبين حملها، إلا إذا كانت المرأة ممن تعتد بالشهور فهذه يطلقها متى شاء، فمن التي تعتد بالشهور؟ الجواب: هي الصغيرة التي لم يأتها الحيض بعد، والكبيرة الآيسة التي انقطع عنها الحيض، هاتان المرأتان عدتهن ثلاثة أشهر؛ لأنه ليس عندهن حيض فيطلقهن متى شاء، حتى لو فرض أنه جامع امرأته وهي لا تحيض، ثم طلقها قبل أن يغتسل، فلا شيء عليه، بمعنى: أن الطلاق حلال وواقع لأن هذه المرأة عدتها بالشهور.
    كذلك الحامل، الحامل يقع عليها الطلاق خلافاً لما يعرفه بعض الناس يقول: الحامل ما عليها طلاق هذا غير صحيح، بل الحامل يقع عليها الطلاق لقول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} [الطلاق:1] إلى قوله: {وَأُولاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} [الطلاق:4] فالحامل يقع عليها الطلاق لكن عدتها وضع الحمل، لو فرض أنه طلقها الآن، ووضعت بعد نصف ساعة، انتهت العدة.
    كما أن المرأة لو مات عنها زوجها وهي حامل ثم وضعت الحمل قبل أن يغسل الرجل انتهت عدتها أم لا؟ انتهت عدتها، وهذه مسألة غريبة، يمكن أن تكون لغزاً فيقال: امرأة جاز لها أن تتزوج بعد موت زوجها قبل أن يدفن أيمكن هذا أم لا يمكن؟ يمكن، يكون الزوج حينما مات وهي تطلق، وبعد موته بخمس دقائق وضعت، فتزوجها رجل آخر قبل أن يدفن زوجها الأول يجوز أم لا يجوز؟ يجوز؛ لأن العدة انتهت، قال الله تعالى: {وَأُولاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} [الطلاق:4] .
    امرأة مات عنها زوجها وبقي الحمل في بطنها سنتين متى تنتهي عدتها؟ تبقى حتى تضع، لو زادت على سنة أو سنتين، تبقى حتى تضع، وتبقى -أيضاً- محادة، يجب عليها أن تتجنب ما تتجنبه المحادة.

    (46/12)


    --------------------------------------------------------------------------------

    نصائح عامة في التعامل مع النساء
    والحاصل أن الأحكام كثيرة ويطول بنا الشرح، لكن أهم شيء أحب أن أنبه عليه: هو أنه يجب على الإنسان أن يتقي الله في زوجته، وأن يعاشرها معاشرة بالمعروف، وأن يعلم أنها ستكون خصمه يوم القيامة إذا فرط فيما يجب عليه لها، فإن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال في حجة الوداع وهو يخطب في الناس في أعظم مجمع قال: (اتقوا الله في النساء فإنكم أخذتموهن بأمان الله، واستحللتم فروجهن بكلمة الله) .
    فيجب على الإنسان أن يكون خير الناس لأهله بعد رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم؛ لقوله عليه الصلاة والسلام: (خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي) .
    وعليه أن يأخذ ما تسهل من أخلاقها ويتسامح في الباقي كما أمر بذلك النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم حين قال: (لا يفرك مؤمن مؤمنة -أي: لا يبغضها- إن كره منها خلقاً رضي منها خلقاً آخر) فأشار إلى المعادلة، لا تكن كالمرأة إذا رأيت إساءة واحدة قلت: ما رأيت خيراً قط.
    كن رجلاً، حازماً، صبوراً، خذ ما عفا من أخلاقها وتجاوز عما لا ينبغي، ولقد أشار الله تبارك وتعالى إلى هذه المسألة فقال: {فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً} [النساء:19] لا تتعجل، اصبر، ربما تكرهها اليوم وتحبها غداً، ربما تسيء إليك اليوم وتحسن إليك غداً، اصبر.
    ثم إننا في وقتنا الحاضر هل النساء يتيسرن بكل طريق؟ لا، فاضبط نفسك، وشدد عليها، وتحمل، ولا تتسرع في الطلاق، إنه من المؤسف أنه إذا دخل بعض الناس الجهال على أهله وقال: أين الشاي؟ فقالت: انتهى الغاز، ولم أتمكن من صنعه.
    ألم تعلموا أن بعض الناس يغضب ويقول: أنت طالق؟! مع أن الخطأ قد يكون منه هو أو ليس منه، لكن ليس منها.
    وبعض الناس -أيضاً- إذا دخل عليه رجل عزيز عليه فأخذ السكين ليذبح الشاة، فقال له صاحبه الضيف: لا نحتاج إلى ذبح فأنا وأنت سواء، البيت واحد، وكلنا إخوان.
    قال: عليه الطلاق أن يذبح الشاة.
    هل هو محدود على هذا الشيء؟ لا النبي عليه الصلاة والسلام يقول: (من كان حالفاً فليحلف بالله أو ليصمت) .
    ثم حتى الحلف لا ينبغي إطلاقاً لأنك تحرج صاحبك أو يحرجك، صحيح اعرض عليه الضيافة، وصمم عليه خصوصاً إذا عرفت أنه مستحي، أما أن تحلف أو تأتي بالطلاق فهذا سفه، يا أخي عامل الناس بالسهولة، ما أحسن أن يقول الإنسان: يا فلان أريدك أن تتغدى عندي! قال: لا والله عندي شغل.
    فتقول: الله يساعدك، اذهب.
    نزل ضيف عليك أردت أن تكرمه بشيء زائد قال: ما يحتاج.
    تقول: أجل أنا آتيك كما تريد.
    فهذه هي الأخلاق، وهذه هي السهولة، أما التصعب فهذا لا ينبغي إطلاقاً.
    والخلاصة الآن: الطلاق لا ينبغي للإنسان أن يقدم عليه، لكن إذا دعت الحاجة إلى ذلك فلينظر هل المرأة حامل أم لا، إن كانت حاملاً فإنه يقع الطلاق، وإن كانت حائضاً فلا يطلق، بل ينتظر حتى تطهر ثم إذا طهرت إن شاء طلق قبل أن يجامع وإن شاء أبقاها.
    إذا كانت في طهر لم يجامعها فيه، فله أن يطلق؛ لأنه من حين أن يطلق تبدأ بالعدة.
    إذا كان في طهر جامعها فيه فإنه لا يطلق لماذا؟ لأنه يحتمل أنها نشأت بحمل من هذا الوطء فتكون عدتها بوضع الحمل، ويحتمل أنها لم تنشأ فتكون عدتها بالحيض، فهي الآن مترددة فلا يجوز أن يطلقها على هذه الحال، لكننا استثنينا مسألة: وهي إذا كانت المرأة ممن لا يحيض فهذه يطلقها متى شاء، أو كانت المرأة لم يدخل بها فليطلقها ولو كانت في حيض لأنه ليس عليها عدة.
    نكتفي بهذا القدر لنتفرغ للأسئلة، نسأل الله أن يوفقنا للصواب، وأن يثيبنا وإياكم على هذا اللقاء، وأن يرزقنا علماً نافعاً وعملاً صالحاً ورزقاً طيباً واسعاً.
    وأخيراً أسأل الله عز وجل أن يجعل هذا العمل نافعاً، مباركاً، خالصاً لوجهه الكريم
    وأن ينفعني به في حياتي وبعد مماتي، وأن ينفع به كل من انتهى إليه؛ فإنه خير مسؤول، وأكرم مأمول، وهو حسبنا ونعم الوكيل، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد بن عبد الله وعلى آله وأصحابه ومن تبعه بإحسان إلى يوم الدين.

    حياكم الله بموقع بداية الهداية الخطوة إلى طريق العلم الشرعي الصحيح
    http://www.musacentral.com/

  8. #88
    تاريخ التسجيل
    Mar 2009
    المشاركات
    2,459
    الدين
    الإسلام
    آخر نشاط
    01-11-2023
    على الساعة
    04:37 PM

    افتراضي

    حكم الدبلة والشبكة والفتاشة


    السؤال
    سائل يقول: فضيلة الشيخ! اعتاد بعض الناس بعض العادات قبل الزواج وبعده، منها ما يسمى بالدبلة يلبسها الرجل والمرأة، ومنها الشبكة: وهي ذهب يقدم للمرأة بعد الخطبة، وذهب يقدم صبيحة الزواج، ورابعاً: أم الزوجة تعطى مبلغاً من المال مقابل كشف وجهها لزوج بنتها تسمى عند العامة "الفتاشة" فما الجائز منها وما الذي لا يجوز؟

    الجواب
    هذه أربعة أشياء: أولاً: الدبلة، الدبلة: هي عبارة عن خاتم يهديه الرجل إلى الزوجة، ومن الناس من يلبس الزوجة إذا أراد أن يتزوج أو إذا تزوج، هذه العادة غير معروفة عندنا من قبل، وذكر الشيخ الألباني وفقه الله: أنها مأخوذة من النصارى، وأن القسيس يحضر إليه الزوجان في الكنيسة ويلبس المرأة خاتم في الخنصر وفي البنصر وفي الوسطى، لا أعرف الكيفية لكن يقول: إنها مأخوذة من النصارى فتركها لا شك أولى؛ لئلا نتشبه بغيرنا.
    أضف إلى ذلك: أن بعض الناس يعتقد فيها اعتقاداً، يكتب اسمه على الخاتم الذي يريد أن يعطيها، وهي تكتب اسمها على الخاتم الذي يلبسه الزوج، ويعتقدون أنه ما دامت الدبلة في يد الزوج وعليها اسم زوجته، وفي يد الزوجة وعليها اسم زوجها أنه لا فراق بينهما، وهذه العقيدة نوع من الشرك، وهي من التولة التي كانوا يزعمون أنها تحبب المرأة إلى زوجها والزوج إلى امرأته، فهي بهذه العقيدة حرام، فصارت الدبلة الآن يكتنفها شيئان: الشيء الأول: أنها مأخوذة عن النصارى.
    والشيء الثاني: أنه إذا اعتقد الزوج أنها هي السبب الرابط بينه وبين زوجته صارت نوعاً من الشرك لهذا نرى أن تركها أحسن.
    أما الشبكة: فالشبكة والله ما أعرف هل معنى الشبكة يعتقدون أنها تشبك بين الزوجين، أو هي عبارة عن رضى الزوجة بالزوج والزوج بالزوجة؟ الظاهر هي هذه، وكانوا يسمونها عندنا في الزمن السابق يسمونها "قضب الرقبة" أو "قضابة الرقبة" وقضب بمعنى: إمساك، فالرجل إذا خطب امرأة أرسل إليها حلياً يسمى "قضاب القبول" والمتأخرون يسمونها "شبكة" هذه لا أظن أن فيها بأساً وأنه لا حرج فيها.
    لكن المحظور أني سمعت في بعض البلاد: أن الرجل يأتي بالشبكة وفيها القلادة، ويلبسها المرأة المخطوبة، وهذا حرام، المرأة المخطوبة مع خطيبها كالمرأة في السوق، لا يحل له أن يستمتع منها بأي شيء، وهذه تجرنا إلى مسألة: وهي أن بعض الخطاب إذا خطب امرأة صار يكلمها في الهاتف كلاماً كثيراً، حتى بلغني أن بعضهم يمضي عليه الليل كله -ليالي الشتاء من الليالي البيض- وهو يحدثها سمعنا هذا، وهذا حرام، المرأة هل هي زوجته أو غير زوجته؟ غير زوجته، فكيف يتحدث إليها؟! وهل يعقل أنه يتحدث إليها هذه المحادثة الطويلة بدون أن تتحرك شهوته؟ هذا بعيد، بعض الناس يقول لك: أنا والله أتحدث معها أرى ماذا عندها من الثقافة، إذا دخلت عليها فاختبرها، أما الآن فهي أجنبية منك لا تحل لك ولا تحل لها.
    والثالث: الصباحة التي تعطى الزوجة صباح العرس -صباح الزواج- هذه أيضاً من العادات التي لا نرى فيها بأساً، هي عادة عند الناس منتشرة، وفيها تأليف للزوجة وتطييب لخاطرها، ما فيها شيء.
    الرابعة: الفتاشة، كلمات غريبة! الفتاشة تعني ماذا؟ يعني: المرأة أم الزوجة لا يحل لها أن تكشف وجهها عند الزوج، لكن عند فتشه للزوج تحتاج إلى شيء، هذه ما سمعتها إلا الآن، فهل سمعتموهما أنتم من قبل؟ الجواب: موجودة، والله هذه أتوقف فيها حتى أتأملها.

    (46/15)


    --------------------------------------------------------------------------------

    منكرات في ملابس النساء


    السؤال
    حول موضوع النكاح يقول: فضيلة الشيخ! مع قدوم الإجازة تكثر الاحتفالات وتكثر معها المنكرات بين النساء من لبس القصير والشفاف وغير ذلك مما يظهر كثيراً من البدن، ومع هذا فإننا نجد من بعض الأخوات من تجيز هذه الألبسة بين النساء، وتقول: إن العلماء إنما نهوا من أجل سد الذرائع فقط، وأن الأصل في اللباس الحل، وأن عورة المرأة بين النساء ما بين السرة والركبة، وعليه فلا تستر أمام النساء إلا ذلك فقط، نرجو توضيح هذا الأمر مع الأدلة، نسأل الله ألا يحرمكم الأجر وأن يجزيكم خير الجزاء في الدنيا والآخرة.
    وهل صحيح أن عورة النساء ما بين السرة والركبة؟

    الجواب
    الواقع أن ما ذكر في السؤال قد يحدث، بمعنى: أن النساء يأتين إلى الحفلات وهن في ثياب رقاق أو قصيرة، أو متطيبات طيباً فاتناً، أو غير ذلك من أسباب الفتنة، وهذا حرام ولا يجوز؛ لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: (صنفان من أهل النار لم أرهما: قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس، ونساء كاسيات عاريات مميلات مائلات لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها) فسر العلماء ذلك -أي: قوله (كاسيات عاريات) بأنهن عليهن كسوة لكنها قصيرة أو شفافة أو ضيقة، كل هذا فسره العلماء.
    وليست عورة المرأة كعورة الرجل بل هي أشد، ولهذا نقول: عورة المرأة مع المرأة كعورة الرجل مع الرجل، لكن ليس معنى ذلك أن المرأة تلبس ما يستر ما بين السرة والركبة فقط، ولا أحد من العلماء قال هذا أبداً، حتى نساء الفرنج والكفار لا يفعلن هذا، لا بد أن يكون عليها شيء يستر صدرها أو يستر ثدييها على الأقل.
    وهل يعقل أن الشريعة الإسلامية الطاهرة المطهرة تبيح للمرأة ألا تستر إلا ما بين السرة والركبة؟ هذا غير معقول، المرأة لباسها لباس حشمة، يقول شيخ الإسلام رحمه الله: نساء الصحابة في البيوت تلبس القمص الذي يستر من الكف إلى الكعب، من الكف -كف اليد- إلى الكعب -كعب الرجل- هذا في البيت، أما إذا خرجت فمعلوم الحديث المشهور أن الرسول رخص لهن أن يجررن ثيابهن إلى ذراع من أجل أن تستر القدم، فلباس المرأة غير لباس الرجل، ولهذا لم يقل الرسول عليه الصلاة والسلام: رجال كاسون عارون.
    مع أنه قال: (لا ينظر الرجل إلى عورة الرجل، ولا المرأة إلى عورة المرأة) لكن فرق في اللباس بين الرجال وبين النساء، فالنساء قال: (كاسيات عاريات) ولم يقل في الرجال: إنهم كاسون عارون؛ لأن الرجل لا بأس أن يبدي صدره للرجل أو يبدي ساقه، لا بأس بهذا، لكن المرأة ممنوعة من ذلك.
    وأما قول السائل: إن هذا من باب سد الذرائع.
    فنقول: سلمنا أنه من باب سد الذرائع، فهل تبقى الأمور مفتوحة من شاء فعل ما شاء؟ لا الشريعة لها ضوابط تضبط الأعمال، ليس كل إنسان يفعل ما يشاء ويقول: هذا ذريعة، والذريعة إن أوصلت إلى المحرم صارت حراماً.
    كل ذريعة إن لم توصل إلى المحرم اليوم توصل إليه غداً، لهذا نرى أن هذه الألبسة التي أشار إليها في السؤال ألبسة محرمة حتى بين النساء.

    (46/16)


    --------------------------------------------------------------------------------

    رفع ولاية الأب المتعنت في تزويج بناته


    السؤال
    فضيلة الشيخ! هل للإخوة أن يدخلوا برفع ولاية الأب عند القاضي إذا كان الأب متعنتاً ومانعاً من زواج بناته بحجج غير شرعية، مع أنه قد يحصل تقاطع ومشاكل؛ فنحن بين نارين: نار حب الزواج لأخواتنا، ونار تسلط هذا الأب وما يحصل بعد ذلك من تقاطع، أرشدنا وقد يكون عندنا ظروف أخرى لا نستطيع رفع هذه المشكلة إلى المحكمة.


    الجواب
    لا شك أنه إذا تعنت الأب ومنع تزويج بناته من الأكفاء أن من الخير الذي يترتب عليه الثواب أن يتدخل الإخوة أو الأعمام الذين هم إخوة الأب في المسألة، ويقولون: إما أن تزوج هذا الخاطب وإلا زوجنه، ولهم ذلك، وهذا لا شك أنه من برهم بوالدهم ومن صلة الرحم لأخواتهم، أما كونه براً بالوالد فلأنهم يمنعونه من الظلم، وقد قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (انصر أخاك ظالماً أو مظلوماً، قالوا: يا رسول الله هذا المظلوم فكيف ننصر الظالم؟ قال: تمنعه من الظلم) .
    إذاً في تزويجهن منع للأب من الظلم، ومنعه نصر له، ونصر الأب بر به؟ لذلك أقول: هؤلاء الأخوة لهم أجر وثواب وإحسان على أخواتهم وعلى أبيهم -أيضاً- فإن حصل ما أشار إليه في السؤال من التقاطع فمن الآثم بهذا التقاطع؟ الآثم الأب، الأولاد ليس عليهم إثم، بل الإثم على الأب، هو الظالم، هو قاطع الرحم.
    فأقول لهؤلاء الإخوة: استعينوا بالله وقولوا لأبيكم: إما أن تزوج أخواتنا لهؤلاء الخطاب الأكفاء وإلا زوجناهن، وهم إذا وصلوا إلى القاضي فالقاضي يتصرف: إما أن يأتي بالأب ويشير عليه ويناصحه وتنتهي المسألة من عنده، وإما أن يقول: ارفع يدك، يزوج هؤلاء النساء إخوانهن.

    (46/17)


    --------------------------------------------------------------------------------

    مشكلة عزوف الشباب عن الزواج بسبب غلاء المهور


    السؤال
    فضيلة الشيخ! رفع الله درجتك في الجنة، ما هو حل هذه المشكلة: وهي أن هناك فتيات كثيرات يردن الزواج، ولكن لم يتقدم لهن أحد من الشباب بسبب غلاء المهور، وبعض خطباء المساجد شكا إليه الرجال بقاء بناتهم بدون زواج بسبب غلاء المهور؟

    الجواب
    أعتقد أن حلها سهل، أن يتقدم الشاب، وإذا كان الأب يحب أن تتزوج بنته يقول: أعطني ما شئت، ولقد بلغنا أن من الناس الموفقين من يعطون الخاطب المهر يقدمه، وهذا لا شك أنه خير عظيم، بر ببناته وإحسان إلى الخطاب.
    حل المشكلة هذه: أن يوفق الله تبارك وتعالى قوماً في قبيلتهم أو في غير قبيلتهم ويعلنون بأنهم يزوجون بمهور رخيصة، وأنا واثق أنهم إذا فعلوا ذلك فسوف يأتيهم الخطاب الكثيرون.

    (46/18)


    --------------------------------------------------------------------------------

    السنة عند دخول الزوج على زوجته


    السؤال
    ما هي السنة التي وردت عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم عند دخول الزوج على زوجته؟

    الجواب
    من السنة أن يأخذ الإنسان بناصيتها -أي: ناصية المرأة- ويقول: اللهم إني أسألك خيرها وخير ما جبلتها عليه، وأعوذ بك من شرها وشر ما جبلتها عليه.
    ولكن لا يقول هذا الكلام بصوت رفيع، لأنه لو قاله بصوت رفيع ربما تنفر المرأة منه، لكن يمسك برأسها كأنه يريد أن يقبلها مثلاً ويتكلم بهذا الكلام هذا ما أعلمه عن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم في هذا.
    كذلك -أيضاً- عندما يريد أن يأتيها لا بد أن يداعبها ويباشرها حتى تصل إلى ما وصل إليه هو من الشهوة.
    ثالثاً: عند الجماع يقول: بسم الله، اللهم جنبنا الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتنا.
    فإنه إذا قال ذلك وقدر الله بينهما ولداً لم يضره الشيطان أبداً.

    (46/19)


    --------------------------------------------------------------------------------

    الكفاءة الشرعية في الزواج


    السؤال
    فضيلة الشيخ! أرجو توضيح الكفاءة، فإن الكفء عند الناس يختلف في أفهامهم، حيث أنه قد يمنع الرجل رجلاً لأنه ليس من بلده، أو أنه ليس ذا مكانة، أو أقل مالاً، نرجو توضيح ذلك وفقك الله.


    الجواب
    إن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم بين الكفء بياناً واضحاً فقال: (إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فأنكحوه) وامرأة ثابت بن قيس بن الشماس رضي الله عنه أتت إلى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وقالت: يا رسول الله! ثابت بن قيس لا أعيب عليه في خلق ولا دين.
    فدل هذا على أن المعتبر كله هو الخلق والدين.
    أما ما اشتهر عند الناس الآن من كونه لا يزوج أحداً من غير قبيلته، أو لا يزوج أحداً إلا من أبناء أخيه الأقربين، أو يقول مثلاً: أنا قبيلي وأنت غير قبيلي فلا أزوجك! أو يقول غير القبيلي للقبيلي: لا أزوجك فهذا كله غلط ولا أصل له، بل يزوج القبيلي من ليس بقبيلي، ويزوج غير القبيلي من كان قبيلياً، وأكرم الخلق عند الله أتقاهم، وهذه كلها من الرواسب التي لا ينبغي للإنسان أن يعتبرها أبداً، والعبرة بالخلق والدين، ألم تعلموا أن كثيراً من الأحاديث التي نقلت إلينا إنما نقلها من ليسوا من العرب، وأثروا بها الدين الإسلامي، وما أكثر العلماء الذين ليسوا من العرب، فلهذا أرجو ألا يلتفت الناس إلا إلى شيئين فقط وهما: الخلق والدين.

    (46/20)


    --------------------------------------------------------------------------------

    نصائح للاستفادة من الإجازة


    السؤال
    فضيلة الشيخ! بمناسبة الإجازة ما نصيحتك في هذه الأمور: مفهوم الإجازة وأنها نوم وعبث، الأبناء والبنات ما دور الآباء في حفظهم وإلحاقهم بحلق الجماعة والمراكز الصيفية، الناس والسهر، طلبة العلم وحفظ المتون والتحصيل؟

    الجواب
    مفهوم الإجازة وأنها نوم وعبث هذا لا شك أنه مفهوم خاطئ، من يمضي عمره الثمين بمثل ذلك، العمر أثمن من المال وأغلى من المال، إننا نتعجب: يخسر الإنسان من دهره وزمنه الشيء الكثير، لكن لو طلب منه أن يخسر درهماً واحداً ما أخرجه إلا بشح، والعمر أثمن من المال، اسمعوا قول الله عز وجل: {حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحاً فِيمَا تَرَكْتُ} [المؤمنون:99-100] وما من ميت يموت إلا ندم، إن كان محسناً ندم ألا يكون ازداد، وإن كان مسيئاً ندم ألا يكون استعتب هؤلاء في الحقيقة خسروا الدين والدنيا.
    الثاني: الأبناء والبنات ما دور الآباء في حفظهم وإلحاقهم بحلق الجماعة والمراكز الصيفية؟ الآباء مأمورون بأن يرعوا أبناءهم وبناتهم رعاية حسنة، وإلحاقهم بحلق القرآن لا شك أنه خير عظيم لهم ولأبنائهم وبناتهم، وكذلك -أيضاً- في المراكز الصيفية إذا كان القائمون على المراكز ممن يوثق بدينهم وأمانتهم وأخلاقهم.
    ثالثاً: الناس والسهر؛ هذا أيضاً ضياع وقت، وكان النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يكره الحديث بعد العشاء؛ لأن الإنسان إذا تحدث بعد العشاء طال به السهر، وصعب عليه التهجد في الليل، وربما تصعب عليه صلاة الفجر، فالذي ينبغي للإنسان أن ينام مبكراً، مع أنه أصح للجسم وأنفع للقلب.
    نصيحتك لطلبة العلم في حفظ المتون والتحصيل نصيحتي لطلبة العلم: أن يتخذوا من هذه الإجازة وقتاً يتمكنون به من حفظ كتاب الله عز وجل، وحفظ ما تيسر من صحيح السنة، أما القرآن فظاهر، أما صحيح السنة فمن أحسن ما يكون عمدة الأحكام للحافظ عبد الغني المقدسي رحمه الله؛ لأن أحاديثها كلها صحيحة، يحفظها الإنسان وينتفع بها، يحفظ مثلاً العقيدة الواسطية لشيخ الإسلام ابن تيمية، يحفظ كتاب التوحيد لشيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب، يحفظ زاد المستقنع في الفقه، يحفظ ألفية ابن مالك في النحو، حسب ما تيسر.

    (46/21)


    --------------------------------------------------------------------------------

    كيفية إكمال الصلاة إذا انقطع صوت الإمام في أثنائها


    السؤال
    فضيلة الشيخ! أحسن الله إليك، في يوم الجمعة صلى أناس في خلوة المسجد، فلما صلى بهم الإمام الركعة الأولى انقطعت الكهرباء فلم يسمعوا الإمام، فتقدم أحد المصلين فأكمل الصلاة بهم فما الحكم في ذلك؟

    الجواب
    هذا صحيح، ما داموا أدركوا ركعة مع الإمام فإنهم يكملونها بركعة، وإذا تقدم بهم أحدهم فلا حرج، وهذا طيب، لكن لو لم يدركوا ركعةً مع الإمام حينئذ نقول: لا بد أن تخرجوا وتصلوا مع الإمام ولو على الأرصفة والطرق، أو تجعلوا إنساناً يسمع تكبير الإمام ويسمعكم -يعني: يبلغ- لأنه في هذا الحال لا يمكن أن يتموها جمعة حيث لم يدركوا ركعة، وقد قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة) إذا لم يمكن أن يتموها جمعة فلا بد أن يسعوا إلى الجمعة مع الإمام.

    (46/22)


    --------------------------------------------------------------------------------

    الموالاة بين أشواط الطواف من شروط صحته


    السؤال
    نحن شباب ذهبنا إلى مكة، فلما طفنا طواف القدوم وجدنا في أثناء الطواف بعض إخواننا الشباب فخرج منا ثلاثة خارج الحرم في أثناء الطواف لأخذ أغراض منهم قبل إكمال الطواف، ثم رجعوا وأكملوا طوافهم، فما حكم عملهم؟ وماذا عليهم الآن؟

    الجواب
    هذه مشكلة؛ عليهم الآن أن يخلعوا ثيابهم ويلبسوا ثياب الإحرام، ويذهبوا إلى مكة لإتمام النسك، لأن نسكهم ما تم حيث فرقوا في الطواف بين أوله وآخره، ومن شروط صحة الطواف: الموالاة بين أشواطه، وهؤلاء لم يوالوا بين أشواطه، وخرجوا -أيضاً- من المسجد الحرام، وربما تكون السيارة بعيدة؛ لذلك نقول لهؤلاء الذين خرجوا ثم رجعوا وأتموا: يجب عليكم الآن أن تخلعوا الثياب وتسافروا إلى مكة وتطوفوا الطواف من أوله، وتسعوا وتقصروا أو تحلقوا وترجعوا، وهذا في العمرة؛ أما إذا كان ذلك في طواف القدوم للحج فليس عليهم مشكلة.

    (46/23)


    --------------------------------------------------------------------------------

    ضوابط فهم أن الجمعة إلى الجمعة كفارة


    السؤال
    فضيلة الشيخ أرجو توجيه النصيحة لمن فهم من قول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (الجمعة إلى الجمعة كفارة) فصار يترك الجماعة، ولربما يترك بعض الصلوات أو يتهاون بها طمعاً بأن صلاته للجمعة الثانية تكفر ذلك، وخصوصاً بعض إخواننا الوافدين، نرجو إفادتكم نفع الله بكم.


    الجواب
    الإفادة هو أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: (الجمعة إلى الجمعة كفارة لما بينهن إذا اجتنبت الكبائر) وترك الصلاة كبيرة، بل كفر عند بعض العلماء، بعض العلماء يقول: الإنسان إذا ترك صلاة واحدة حتى خرج وقتها بلا عذر فإنه يكفر، قال بذلك علماء قديمون وقال بذلك علماء معاصرون: إن ترك صلاة واحدة حتى خرج وقتها بدون عذر كفر.
    فنقول لهذا الرجل: إن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: (كفارة لما بينهما ما اجتنبت الكبائر) وإن كنت تريد أن تفهم هذا الفهم فإني أزيدك، قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما) إذاً لا تصم ولا تصل واعتمر عمرة بعد عمرة وحينئذ تكون كفارة، هذا لا شك أنه إن كان جاهلاً فهو جاهل ويجب أن يعرف، وإن كان عالماً فهو معاند بلا شك، ولا أحد من العلماء يفهم أن معنى الحديث: أن الجمعة كفارة وأنها تسقط عن الإنسان وجوب الجماعة أو وجوب الصلاة أيضاً.

    (46/24)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم تخصيص بعض الأبناء بالهبات


    السؤال
    رجل عنده أبناء وبنات، وقد بلغ أكبر أبنائه ثماني عشرة سنة، ويريد أن يهب ابنه هذا قطعة أرض ليتمكن من أن يقدمها للبنك العقاري وذلك كسب الوقت نظراً لأن استحقاق القسط يحتاج لوقت، وفي نية هذا الرجل أن يهب لكل ابن يبلغ هذا السن قطعة، وسيعوض الإناث عن ذلك، فما توجيهكم له -بارك الله فيكم-؟

    الجواب
    هذا عمل محرم، فكونه يخص بعض أبنائه بقطعة أرض دون الآخرين محرم عليه ذلك؛ لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: (اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم) ولما أراد بشير بن سعد أن يشهد النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم على إعطائه ابنه النعمان قال الرسول عليه الصلاة والسلام: (أشهد على هذا غيري فإني لا أشهد على جور) وما المانع أن يعطي الصغار والكبار من هذه الأراضي؟ ويعطي المرأة نصف ما يعطي الرجل، هذا الواجب، حتى لو قال: أنا سأستأذن منهم.
    نقول: ربما يستأذن ويأذنون خجلاً وحياءً من أبيهم لا عن طيب نفس، فالواجب عليه الآن أن يعطي بقية الأولاد الذكور مثلما أعطى هذا الولد، ويعطي الإناث نصف ما يعطي الذكر.

    (46/25)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم التشبه بالأجانب في قص الشعر


    السؤال
    فضيلة الشيخ! كثر في الآونة الأخيرة لجوء بعض أولياء الأمور إلى قص شعر أولادهم الصغار قصات دخيلة أو أجنبية كالفرنسية وغيرها، فما حكم ذلك؟

    الجواب
    حكم ذلك بينه النبي عليه الصلاة والسلام فقال: (من تشبه بقوم فهو منهم) فإذا قص الإنسان شعر أولاده الذكور أو الإناث على صفة رءوس الكفار فإنه آثم، قال شيخ الإسلام رحمه الله معلقاً على هذا الحديث: (من تشبه بقوم فهو منهم) قال: هذا الحديث أقل أحواله التحريم وإن كان ظاهره يقتضي كفر المتشبه بهم لأنه قال: (من تشبه بقوم فهو منهم) فعلى الإنسان أن يتقي الله ربه وأن يعلم أنه مسئول عن تربية أولاده.

    (46/26)


    --------------------------------------------------------------------------------

    دروس الشيخ أثناء الإجازة


    السؤال
    فضيلة الشيخ! هلا حدثتمونا عن دروسكم الصباحية والمسائية في هذه الإجازة، ومتى ستبدأ؟ وماذا سيدرس فيها؟

    الجواب
    ستبدأ إن شاء الله تعالى بعد الأسبوع الثاني؛ لأن هذا الأسبوع فيه اختبارات عند بعض المدارس، والأسبوع الثاني نجعله إجازة، الأسبوع الثالث إن شاء الله يوم السبت تبدأ الدراسة، والدراسة بعد المغرب ستكون -إن شاء الله- في كتابين مختصرين: أولهما: البرهانية في الفرائض، نقرأ منها فقه الفرائض فقط؛ حتى نتمكن إن شاء الله من إنهائه في هذه الإجازة، والثاني: في شرح نخبة الفكر في مصطلح الحديث.
    أما الدروس الصباحية فهي معلومة من قبل لكن ربما نحذف بعضها لنأخذ بعض الدروس الجديدة، وإلى الآن لم يتقرر فيها شيء.

    (46/27)


    --------------------------------------------------------------------------------
    وأخيراً أسأل الله عز وجل أن يجعل هذا العمل نافعاً، مباركاً، خالصاً لوجهه الكريم
    وأن ينفعني به في حياتي وبعد مماتي، وأن ينفع به كل من انتهى إليه؛ فإنه خير مسؤول، وأكرم مأمول، وهو حسبنا ونعم الوكيل، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد بن عبد الله وعلى آله وأصحابه ومن تبعه بإحسان إلى يوم الدين.

    حياكم الله بموقع بداية الهداية الخطوة إلى طريق العلم الشرعي الصحيح
    http://www.musacentral.com/

  9. #89
    تاريخ التسجيل
    Mar 2009
    المشاركات
    2,459
    الدين
    الإسلام
    آخر نشاط
    01-11-2023
    على الساعة
    04:37 PM

    افتراضي

    اللقاء الشهري

    اللقاء الشهري [47]
    السلام من حق المسلم على أخيه له أحكام وآداب وما يتعلق به من المصافحة والمعانقة، وما يؤدي إليه السلام من عواقب محمودة في الدنيا والآخرة.
    ثم أجاب عن الأسئلة والتي كان معظمها يدور حول مسائل في السلام والمصافحة، وكذا عن أحكام التصوير وغيرها من المسائل والأحكام.

    (47/1)


    --------------------------------------------------------------------------------

    مباحث في السلام
    الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
    أما بعد: فهذا هو لقاؤنا الشهري الذي يتم ليلة كل أحد ثالث من الشهر، وهذه الليلة هي ليلة الأحد السادس عشر من شهر ربيع الأول عام ثمانية عشر وأربعمائة وألف.
    موضوع هذا اللقاء: بيان أن المؤمنين إخوة كما قال الله تبارك وتعالى: {وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً} [آل عمران:103] وقوله تبارك وتعالى: {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ * إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ} [الحجرات:9-10] وقال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (وكونوا عباد الله إخواناً) .
    هذه الإخوة الإيمانية التي رتبها الله تعالى في القرآن ونبيه محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم في السنة يجب أن يكون لها مقتضاها: وهو النصيحة التامة لإخوانك المؤمنين، والقيام بحقوقهم، وأن يكون الأخ المؤمن لك كأنه أخوك من النسب.
    ولقد بين النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم حقوق المسلم على أخيه، فمنها أن يسلم عليه إذا لقيه، قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (حق المسلم على المسلم ست: إذا لقيته فسلم عليه) والسلام سنة مؤكدة على كل من لاقى أخاه، وليكن السلام باللغة الفصحى البينة الواضحة (السلام عليك، أو سلام عليك) إما بأل أو بحذف أل؛ كلاهما جائز، لكن بعض العلماء يفضل أل أي يفضل أن تقول: السلام عليك، وبعضهم يقول: حذفها أولى، وبعضهم يفرق بين الكتابة وبين المشافهة، ففي الكتابة يقول: السلام عليك، وفي المشافهة يقول: سلام عليك، والأمر في هذا واسع: إن شئت قل سلام عليك وإن شئت قل: السلام عليك، وإن شئت قل: السلام عليكم، وإن شئت قل بالإفراد: السلام عليك، المهم ألا تدع السلام.
    ولا يجزئ عن السلام الإشارة، بل الإشارة بدون سلام منهي عنها، ولا يجزئ عن السلام أن تقول: أهلاً ومرحباً، أو كيف أصبحت أو كيف أمسيت، بل لا بد أن تقول: السلام عليك أو سلام عليك.
    وبماذا يرد المسلَّم عليه؟ يرد بقوله: عليك السلام.
    وهو إذا سلم فله عشر حسنات، وإذا رد فله عشر حسنات، وإذا زاد: أهلاً مرحباً حياك الله، وما أشبه ذلك فإنه من الأشياء المحبوبة لأن هذا يزيد القلوب محبة.
    ولا يحل للإنسان أن يهجر المسلم فوق ثلاثة أيام مهما كانت الأسباب، ما دام مسلماً فإنك لا تهجره فوق ثلاثة أيام تلاقيه ولا تسلم عليه، قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (لا يحل للمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث يلتقيان فيعرض هذا ويعرض هذا، وخيرهما الذي يبدأ بالسلام) .
    أيجوز أن يهجره إذا كان مجاهراً بالمعصية، كرجل حالق اللحية، مسبل الثوب، شارب الدخان، قليل حضور المسجد، هل يحل له أن يهجره لهذه المعاصي؟

    الجواب
    ننظر هل هذا خرج من الإسلام بهذه الأفعال؟ لا، هو ما زال مسلماً، وإن كان لا يصلي مع الجماعة، وإن كان يشرب الدخان، وإن كان يحلق اللحية، وإن كان يسبل الثوب، فهو مسلم، فيدخل في قوله: (لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث) .
    نعم لو فرض أنك لو هجرته ولم تسلم عليه خجل واستحيا وترك المعصية فهنا يكون الهجر حسناً؛ لأنه دواء، لكن إذا علمت أنك لو هجرته لم يزدد إلا نفوراً منك وكراهيةً لنصحك وهو مستمر في معصيته فهنا نقول: الأفضل ألا تهجره، ولا فرق بين القريب منك والبعيد، المؤمنون كلهم إخوة.
    ثم إن السلام فيه مباحث:

    (47/2)


    --------------------------------------------------------------------------------

    الابتداء بالسلام والسلام على النساء
    المبحث الأول: من الذي يبتدئ بالسلام: الصغير أم الكبير؟ الذي يبتدئ هو الصغير لأن الكبير له حق عليه، فيبتدئ الصغير بالسلام، فإن لم يفعل فهل يسلم الكبير؟

    الجواب
    نعم يسلم، ولا تترك السنة عناداً، فإذا قدرنا أن رجلين تلاقيا أحدهما له أربعون سنة والثاني له ستون سنة، من الذي يؤمر بالسلام؟ من له أربعون، فإذا قدر أن الذي له أربعون لم يسلم، فليسلم من له ستون حتى لا تضيع السنة بينهما من أجل عنادهما.
    يسلم القليل على الكثير، فإذا تلاقى خمسة بستة من الذي عليهم الحق؟ الخمسة لأنهم أقل، فإن لم يفعلوا فليسلم الستة الكثيرين، ولا تترك السنة ضائعة بعنادهم.
    هل يسلم الرجل على المرأة والمرأة على الرجل؟ في هذا تفصيل: إذا كانت من محارمه أو من جيرانه وهي في البيت فلا حرج أن يسلم بشرط أن يأمن الفتنة، وأما إذا كان لا يعرفها، كأن لاقاها في السوق وأراد أن يسلم فلا يسلم؛ لأن هذا يؤدي إلى الفتنة، ويؤدي إلى سوء الظن به، وأنه رجل يسلم على النساء.
    وما أشبه ذلك، فلا يسلم، حتى لو مر بها وهي جالسة فلا يسلم، لما في ذلك من الفتنة وإساءة الظن، ولهذا لو سلم رجل على امرأة وهي قاعدة وليس من معارفها لوجدتها ترتعد خوفاً وتتصبب عرقاً، لا تريد هذا.

    (47/3)


    --------------------------------------------------------------------------------

    السلام باللسان أو الإشارة
    المبحث الثاني: هل يسلم بالإشارة أو بالقول باللسان؟

    الجواب
    الثاني -القول باللسان- والسلام بالإشارة منهي عنه إلا في حالين: إذا كان الإنسان بعيداً ويخشى ألا يسمع المسلم عليه فإنه يشير بيده مع لفظ " السلام عليكم".
    الحالة الثانية: إذا كان يصلي فإنه إذا سلم عليه مسلِّم لا يرد عليه باللسان وإنما يرد عليه بالإشارة، يرفع يده هكذا سواء كان واقفاً يقول: هكذا، أو جالساً يقول: هكذا، إشارة إلى أنه يصلي وأنه لا يمكن أن يرد.
    نزيد حالاً ثالثة: إذا كان الإنسان يستمع إلى خطبة الجمعة وسلم عليه مسلِّم فإنه لا يرد السلام؛ لأن الكلام حال خطبة الجمعة حرام إلا للخطيب ومن يكلمه الخطيب لحاجة أو مصلحة، فإذا دخل المسجد إنسان والإمام يخطب وصلى تحية المسجد وسلم عليك فلا ترد عليه السلام، لكن من المستحسن أن تشير إليه ألا رد، وإذا انتهت الخطبة فرد عليه السلام، وبين له أن الخطبة ليست محل سلام.
    كذلك نزيد حالة رابعة: إذا كان الإنسان على قضاء الحاجة -في الحمام- سلم عليه مسلِّم فلا يرد السلام عليه؛ لأنه قد كشف عورته وهو في محل لا يمكن فيه الرد، بل إن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم سلَّم عليه رجل ذات يوم وليس على وضوء فتيمم بالجدار ثم رد عليه السلام، ثم قال: (إني كرهت أن أذكر الله إلا على طهر) .
    وينبغي لمن سلم على قوم فيهم مسلمون وكافرون أن ينوي بالسلام على المسلمين فقط، سلم على قوم في مجلس بعضهم نيام وبعضهم أيقاظ، يسلم على الأيقاظ ويخفض صوته لئلا يوقظ النائمين فإن هذا من السنة: ألا تجهر بالصوت عند النائمين لأنك ربما توقظهم، وبعض الناس إذا استيقظ بعد نومه لا ينام، فيبقى قلقاً يتقلب على فراشه، وتطول عليه الليلة، فكلما أمكن أن تخفض صوتك فهذا هو المطلوب حتى لا توقظ النيام.

    (47/4)


    --------------------------------------------------------------------------------

    السلام على الكافر
    المبحث الثالث: هل تسلم على الكافر أو لا تسلم؟

    الجواب
    لا تسلم، أي كافر لا تسلم عليه: يهودي أو نصراني أو بوذي أو شيوعي أو غيرهم ممن ليس على الإسلام لا تسلم عليه؛ لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: (لا تبدءوا اليهود والنصارى بالسلام) ولأن في التسليم عليهم إكراماً لهم واحتراماً، وليسوا أهلاً لذلك.
    فماذا يصنع؟ لا يسلم ويسكت، فإن سلم الكافر فهل يجب أن ترد عليه؟ الجواب: نعم، إذا سلم الكافر يجب أن ترد عليه لقول الله تعالى: {وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا} [النساء:86] ما قال: إذا حياكم مسلم قال: (وَإِذَا حُيِّيتُمْ) فأي تحية تحيونها فحيوا بأحسن منها أو ردوها، ولكن كيف تقول؟ قل مثل ما قال لك تماماً، إن قال: حياك الله يا أبا فلان فقل: حياك الله.
    إن قال: السلام عليك، قل: عليكم السلام.
    إن قال: السام عليك.
    قل: وعليكم، وإن شئت فقل: عليكم السام.
    لكن إذا كان في المسألة اشتباه لا تقل: عليكم السلام ولا عليكم السام، ولكن قل: عليكم.
    وكفى.
    لكن بعض الناس قد يبتلى، قد يكون في دائرة رئيسها كافر، كما يوجد في بعض الشركات، يكون الرئيس المدير كافراً، فماذا يصنع أيدخل عليه بدون سلام؟ الأصل أن يدخل بدون سلام، لكن هو يعلم أنه لو لم يسلم لحفر له هذا المدير حفرة وغمسه فيها، ما هي حفرة حقيقية يعني: أبعده وأنزله إلى عمل شاق وما أشبه ذلك، فماذا يصنع؟ نقول: لا بأس أن يقول: مرحباً، مرحباً بفلان.
    أو يقول: السلام.
    -فقط- وينوي: علي وعلى عباد الله الصالحين، وإلا فلا يسلم، لا يسلم عليه السلام الشرعي ابتداءً، أما لو سلم الكافر فرد عليه، هذا هو العدل.

    (47/5)


    --------------------------------------------------------------------------------

    رد السلام عن طريق المكاتبة
    المبحث الرابع: لو ورد السلام عليك بكتاب، دائماً تأتينا الكتب فيها "السلام عليكم ورحمة الله وبركاته" ماذا نصنع؟ نرد عليه وهو لا يسمع؟ نقول: إن كنت تريد أن ترد عليه كتابياً فقل: بسم الله الرحمن الرحيم، من فلان إلى فلان، ج: وعليكم السلام.
    في الرد لا تقل: وعليكم السلام ورحمة الله.
    السلام عليكم ورحمة الله لمن ابتدأ، أما من رد فيكتب: ج -يعني: جواب- وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
    لأن الإنسان إذا سلم لا بد أن يرد، والرد بهذا: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
    فإن كان كتابه لا يحتاج إلى رد فأرجو أن يكون الرد باللسان فتقول: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وإن كان لا يسمع لكنك تدعو له بالسلامة من كل آفة.

    (47/6)


    --------------------------------------------------------------------------------

    السلام بأحسن منه أو مثله
    المبحث الخامس: أنه إذا سلم عليك بصوت بينٍ واضح فرد عليه بصوت بينٍ واضح، ومع الأسف أنك أحياناً تسلم: (السلام عليكم) سلام بين واضح، والثاني يرد رداً خفياً، قد تسمعه وقد لا تسمعه، أو تسلم عليه ببشاشة وجه ويرد عليك بعبوس هذا لا يجوز؛ لأن الله تعالى يقول: {وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا} [النساء:86] بماذا؟ {بِأَحْسَنَ مِنْهَا} [النساء:86] فبدأ بالأحسن منها {أَوْ رُدُّوهَا} [النساء:86] على الأقل، ولا شك أنك إذا سلمت على إنسان بصوت مرتفع بين ووجه منطلق منشرح ثم رد عليك بأنفة وبعبوس لا شك أنه رد بغير المثل.
    فعلينا -أيها الإخوة- أن ننتبه إلى هذه الأمور، وأن نجعلها على بال، وأن نحتسب أجرنا على الله أن السلام الواحد بعشر حسنات، وهذه نعمة كبيرة، نسأل الله أن يرزقنا وإياكم الاستقامة على دينه إنه على كل شيء قدير.
    كما نرجو منكم أنكم إذا رأيتم موضوعاً مهماً يكون في هذا اللقاء المبارك أن تكتبوا به إلينا، أو إلى محل الدعوة والإرشاد ليبلغونا به، لأنكم قد تطلعون على أشياء لا نطلع عليها تكون مهمة، أي: يهم الكلام فيها، فلذلك أنا أكرر رجائي: إذا رأيتم شيئاً يحتاج إلى تنبيه أو إلى بحث أن تسعفونا به؛ لأن (المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً) (والمؤمن مرآة أخيه) وإلى الأسئلة، نسأل الله أن يوفقنا فيها لصواب الجواب.

    (47/7)


    --------------------------------------------------------------------------------

    الأسئلة

    (47/8)


    --------------------------------------------------------------------------------

    إفشاء السلام بين عامة المسلمين


    السؤال
    فضيلة الشيخ: نلحظ في الآونة الأخيرة أن الجفاء يقع من بعض الصالحين من طلاب علم وشباب، يحاذيك ولا يسلم عليك، أو يقتصر على السلام على من يعرف فقط، فهل من نصيحة، وخاصة لمن أمامك من الشباب حتى يكونوا قدوة للناس فلا يمروا على أحد إلا ويسلموا عليه كائناً من كان؟

    الجواب
    لا شك أن من تمام الصلاح أن يقوم الإنسان بما أرشد إليه النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (والله لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا، أفلا أخبركم بشيء إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السلام بينكم) فإفشاء السلام من كمال الإيمان، وكمال الإيمان به يدخل الإنسان رياض الجنان، ولا يليق بطالب العلم ولا بالشاب الملتزم أن يكون كلاً لا يسلم، وإذا سلم فبأنفه يسمع أو لا يسمع، وإذا سُلِّم عليه يرد أو لا يرد هذا غلط، كان النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم دائم البشر كثير التبسم صلوات الله وسلامه عليه، إذا وجد ما يوجب التبسم تبسم، أما البشر فهو دائم البشر، دائماً مسرور، ولا شك أن أخاك إذا لقيك وهو مسرور واسع الوجه، تبرق أسارير وجهه، لا شك أنه يضفي عليك من هذا السرور، وبالعكس إذا لاقيته بوجه عبوس، فأكرر النصيحة لإخواني طلبة العلم أولاً، ولإخواني الملتزمين ثانياً، ولعموم المسلمين ثالثاً: أن يفشوا السلام بينهم إن كانوا يريدون كمال إيمانهم، ويريدون الوصول إلى جنات النعيم، وكلنا يريد الوصول إلى ذلك، لكن لا بد أن نسلك الأسباب، فنصيحتي: أن يفشوا السلام بينهم، الشباب الملتزم وغير الملتزم، إنه إذا لاقاك إنسان وسلم عليك وإن كنت ترى فيه بعض النقص في دينه فإنك تسر به وتقول: هذا قريب.
    وتسعى أن تنصحه وتقرب منه، والعكس بالعكس.

    (47/9)


    --------------------------------------------------------------------------------

    السلام قبل القيام من الصف


    السؤال
    فضيلة الشيخ: هل ورد السلام قبل الخروج من المسجد بعد الصلاة فإننا نرى كثيراً من إخواننا -جزاهم الله خيراً- يسلمون فيقولون: السلام عليكم إذا قاموا من الصف ليخرجوا من المسجد، وذلك من حرصهم على الخير، فهل لهذا أصل؟ وهل يدخل في الحديث العام الذي ورد عند القيام من المجلس؟

    الجواب
    هذا داخل في العموم أن الإنسان يسلم إذا دخل ويسلم إذا خرج، أما أن يكون نص خاص بهذا فلا أعلم في هذا نصاً خاصاً، لكن العموم كاف، فإذا أراد الإنسان أن يقوم وقام فليسلم لأنه مغادر، إلا إذا كان ذلك يستلزم التشويش على الذين يسبحون أو يقرءون فلا تفعل.

    (47/10)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم السلام والمصافحة بعد الانتهاء من الصلاة


    السؤال
    فضيلة الشيخ: هل من إفشاء السلام؛ السلام والمصافحة بعد الانتهاء من الصلاة سواء كانت فريضة أو نافلة؟

    الجواب
    السلام بعد انتهاء الصلاة يكفي عنه سلام الصلاة، لأن الإنسان إذا سلم على يمينه وعلى يساره فهو مسلم عليه، يكفي.
    لكن جرت العادة والمروءة أن الإنسان إذا انتهى من الصلاة -النافلة خاصة- يسلم على من على يمينه أو يساره، ويرون هذا من كمال المروءة وكمال التودد والمحبة، وأنا لا أرى في ذلك بأساً بشرط ألا يعتقد الإنسان أن ذلك مشروع بعد الصلاة، وإنما يشعر بأنه يسلم لأنه تفرغ الآن للمصافحة والسؤال عن حاله، أما قبله فإنه مشتغل بتحية المسجد أو بالسنة الراتبة.

    (47/11)


    --------------------------------------------------------------------------------

    مجالس اللغو وحكم الجلوس فيها


    السؤال
    فضيلة الشيخ: كثر في المجالس التعرض للغير من غير الحاضرين، حتى لتكاد تجزم أنه لا يوجد رجل صالح بيننا سواء ممن عرفوا بالخير والعلم أو ممن عرفوا بالفسق، حتى كدت أكره المجالس والخلطة حتى ولو كانت في صلة الرحم، فبماذا تنصحني حفظك الله؟

    الجواب
    الذي فهمته من كلامه أنه يقول: كثر في المجالس القدح في الناس، وأن الناس ما فيهم خير، وأن الناس انصرفوا عن دين الله، وما أشبه ذلك من الكلام، وأقول: إن هذا دأب المتشائمين الذين لا يرجون لهذه الأمة صلاحاً، وإنما منظارهم أسود والعياذ بالله.
    ولا شك أن الشعوب الإسلامية من أولها إلى آخرها فيها الرجل الصالح وغير الصالح، فيها من يحافظ على الصلاة ومن لا يحافظ، وفيها من يحافظ على العفة والمروءة ومن لا يحافظ، ولكن كوننا نتشاءم ونقول: فسد الناس وضل الناس وضاع الناس، ونجمل القول هذا خطأ؛ ولهذا قال بعض السلف: إذا قال الرجل: هلك الناس فهو أهلكهم.
    لأن هذا الكلام لا ينبغي، بل يقابل بما يوجد -والحمد لله- في الساحة من صلاح كثير من الشباب وغير الشباب، نراهم -والحمد لله- الآن بحسب ما يصل إلينا من الاستفتاءات أنهم يرجعون إلى الله عز وجل، ويستقيمون على دين الله.
    هذا إن كان السؤال كما فهمته، أما إذا كان السؤال يسأل عن مجالس يكثر فيها الغيبة والسب والقدح في الناس فنعم، هذه مجالس سوء لا يجوز للإنسان أن يحضر إليها إلا من أراد أن ينكر ويؤثر فهذا يجب عليه الحضور من أجل أن ينهى عن المنكر، أما إذا كان لا طاقة له بذلك ولا يمكن أن يقبلوا كلامه، فإنه لا يحل له أن يجلس أولاً؛ فإن جلس فعليه أن يقوم ويغادر، سواء كانوا من أقاربه أو من غير أقاربه؛ لأن تقوى الله مقدمة على تقوى كل إنسان.

    (47/12)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم السلام على من لا يُعلم إسلامه من كفره


    السؤال
    فضيلة الشيخ: ما حكم السلام على من لا تعلم هل هو مسلم أم كافر؛ حيث أني لو تركت السلام عليه قد يؤدي ذلك للبغضاء والبعد عن الإسلام؟

    الجواب
    هذا يرجع فيه إلى المجتمع: إذا كان المجتمع أكثره غير مسلمين فهنا لا يسلم بناءً على الأكثر؛ لأن الأكثر يعطى حكم الكل إذا تعذر العلم، وأما إذا كان أكثر المجتمع مسلمين فليسلم، وإذا قدر أنه سلم على غير مسلم فلا حرج عليه لأنه لم يعلم، ثم ربما يكون سلامه على غير المسلم سبباً لإسلامه وإقباله على الإسلام.
    والحاصل أنه إذا كان أكثر المجتمع مسلمين فليسلم، وإذا كان أكثره غير مسلمين فلا يسلم، وإذا شك وتردد فليسلم لأن الأصل مشروعية السلام، ومرادي بالمجتمع: يعني مثلاً: إذا كانوا عمالاً، فإذا كان أكثر العمال مسلمين فسلم على العمال، أو أكثرهم غير مسلمين لا نسلم، لكن بقية المجتمع إذا لم يكونوا من هذا النوع نسلم عليهم.
    وأخيراً أسأل الله عز وجل أن يجعل هذا العمل نافعاً، مباركاً، خالصاً لوجهه الكريم
    وأن ينفعني به في حياتي وبعد مماتي، وأن ينفع به كل من انتهى إليه؛ فإنه خير مسؤول، وأكرم مأمول، وهو حسبنا ونعم الوكيل، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد بن عبد الله وعلى آله وأصحابه ومن تبعه بإحسان إلى يوم الدين.

    حياكم الله بموقع بداية الهداية الخطوة إلى طريق العلم الشرعي الصحيح
    http://www.musacentral.com/

  10. #90
    تاريخ التسجيل
    Mar 2009
    المشاركات
    2,459
    الدين
    الإسلام
    آخر نشاط
    01-11-2023
    على الساعة
    04:37 PM

    افتراضي

    توبة من كان يعمل في بنك ربوي


    السؤال
    فضيلة الشيخ: اشتغلت في أحد البنوك الربوية وتقاضيت على ذلك مالاً، فكيف أتوب توبة نصوحاً علماً أني الآن أعمل في عمل حلال وقد تركت ذلك العمل المحرم؟

    الجواب
    أرجو أن تكون توبته هدمت ما سبقها؛ لأن الله تعالى قال: {فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ} [البقرة:275] فأباح الله له ما سلف وقال: {وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ} [البقرة:275] إلا إذا كان الربا لم يؤخذ فإن الإنسان إذا تاب لا يأخذه لقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (ربا الجاهلية موضوع وأول رباً أضع من ربانا ربا عباس بن عبد المطلب) لكن إن أخذه فلا يصرفه لنفسه وإنما يتصدق به تخلصاً منه.

    (47/14)


    --------------------------------------------------------------------------------

    صلاة المسافر خلف إمام مقيم


    السؤال
    فضيلة الشيخ: إذا دخل جماعة مع إمام يصلي المغرب وهم مسافرون وقد صلوا المغرب، فهل يجوز لهم أن يصلوا ركعتين ويجلسوا ويسلموا، أم ماذا يفعلون؟

    الجواب
    هذه تحتاج إلى قاعدة: إذا دخل المسافر مع إمام مقيم فالواجب عليه أن يتم الصلاة حتى لو لم يدرك إلا التشهد الأخير، الدليل: قول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (ما أدركتم فصلوا، وما فاتكم فأتموا) ولم يفصل، وسئل عبد الله بن عباس رضي الله عنهما: [عن الرجل المسافر يصلي ركعتين ومع الإمام أربعاً؟ قال: تلك هي السنة] فالواجب على المسافر إذا دخل مع إمام يتم أن يتم الصلاة، لكن أحياناً يأتي في المطار فيجد من يصلون، لا يدري أهم مقيمون أم مسافرون، فماذا يصنع؟ هل يتم أو يقصر؟ هو لم يدخل معهم في أول الصلاة، ولو كان معهم من أول الصلاة لعرف الموضوع، يقال: ينظر إذا كان على الإمام علامة السفر بأن كانت الشنطة إلى جنبه، وكان عليه ثياب السفر فليأخذ بالظاهر على أن الإمام يقصر، وإذا كان عليه علامة الإقامة كما لو كان الإمام من موظفي المطار - وموظفو المطار لهم لباس خاص - فهنا ينوي الإتمام لأن الظاهر أنه يتم، فيعمل بالظاهر، فإن تردد ولم يتبين له فهنا نقول: إذا احتاط وأتم فهو أفضل، وإن قصر فلا حرج.
    وإذا دخل جماعة مع إمام يصلي المغرب وهم مسافرون وقد صلوا المغرب، فإن دخلوا مع الذي يصلي المغرب وهم لم يصلوا العشاء فالواجب عليهم أن يتابعوا الإمام، وإذا سلم أتوا بالرابعة، ويحتمل أن يقال: إنه لا تلزمهم المتابعة في الرابعة لأن الإمام يصلي صلاةً ليست رباعية، وإنما يصلي ثلاثية، فلهم أن يجلسوا في التشهد الأول وينتظروا الإمام ويسلموا معه، لأن صلاتهم هم العشاء وصلاته هو المغرب، لكن الأفضل أن يتابعوه وإذا سلم أتوا بالرابعة.

    (47/15)


    --------------------------------------------------------------------------------

    ما يفعله من وجد ضالة الغنم


    السؤال
    فضيلة الشيخ: السؤال حول ضالة الغنم: وجد والدي في أحد الأيام مع قطيع الغنم التابع له في المرعى عدد أربعة رءوس من الضأن فعرفها مدة سنة، ثم باعها بمبلغ ألف وأربعمائة ريال، فماذا يعمل الآن بهذا المبلغ هل له حق فيه؟ أرجو الإجابة بارك الله فيك.


    الجواب
    نعم، إذا كان قد عرفها سنة ولم يجد أصحابها فهي له، أي: لو أبقاها مع غنمه ونمت فهي له، وإذا كان قد باعها الآن فالثمن له؛ لأنه إذا تمت سنة على اللقطة ولم يوجد صاحبها بعد التعريف فإنها لمن وجدها، إلا لقطة واحدة وهي الإبل وما أشبهها من الضوال؛ فإنها لا تملك بالتعريف لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لما سئل عن ضالة الإبل قال: (ما لك ولها؟ دعها فإن معها سقاءها وحذاءها ترد الماء وتأكل الشجر حتى يجدها ربها) فالإبل لا يجوز للإنسان أن يبقيها عنده، إذا جاءت في إبله فليطردها، ولا يحل له أن يقول: آخذها وأعرفها سنة ثم أملكها لا يمكن أن تملك، بل تطرد ويجدها صاحبها، البعير كما قال الرسول عليه الصلاة والسلام معها سقاؤها وحذاؤها، ما هو سقاؤها؟ البطن، تشرب ثم تظل أربعة أو خمسة أيام أو أكثر في عز الصيف، وحذاؤها هو الخف.

    (47/16)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم السلام على من هي من غير المحارم وتقبيل رأسها


    السؤال
    بعض الناس يسلم على أم جيرانه الكبيرة في السن التي قد بلغت سن السبعين أو أقل، وربما قبل رأسها وهي متحجبة ويقول: هذا لا بأس به لأنه من الاحترام لهذه المرأة التي لا تشتهى، فهل عمله هذا جائز؟

    الجواب
    أما السلام عليها فهو جائز، يجوز أن يسلم على عجوز جيرانه لما بينهم من التقارب، ولأن الله تعالى يقول: {وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاءِ اللَّاتِي لا يَرْجُونَ نِكَاحاً فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَنْ يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ} [النور:60] أما تقبيل الرأس والمصافحة فلا يجوز، لأنه كما يقولون: لكل ساقطة لاقطة.
    هي وإن كانت لا تشتهى لكن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم، ويكفي أن نقول: سلم عليها وأسألها عن حالها وحال أولادها بلا خلوة، ولا حرج عليه.

    (47/17)


    --------------------------------------------------------------------------------

    الشروط الصحيحة والفاسدة في عقد النكاح


    السؤال
    فضيلة الشيخ: أنا شاب قد خطبت امرأة واتفقنا على كل شيء، وعند عقد النكاح فوجئت بمفاجئة وهو أن أهل الزوجة قد شرطوا علي شروطاً كثيرة لم يكن عندي خبر منها، فماذا أفعل؟ أرجو توجيه نصيحة في هذا الشأن.


    الجواب
    هو الآن يقول ما هي النصيحة؟ إذا كان قد عقد النكاح على هذه الشروط التي اشترطها أهل المرأة نظرنا: إن كانت شروطاً صحيحة فقد قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (إن أحق الشروط أن توفوا به ما استحللتم به الفروج) وإن كانت شروطاً غير صحيحة مثل أن يقولوا: نزوجك بشرط أن تطلق زوجتك التي معك، هذا شرط باطل، ولا يجوز الوفاء به، ولا يلزمه أن يوفي به، وليس للزوجة الجديدة ولا لوليها أن يفسخوا النكاح إذا لم يطلق المرأة، وذلك لأنه شرط باطل، قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (ولا تسأل المرأة طلاق أختها لتكفأ ما في إنائها -أو قال: ما في صحفتها-) هذا شرط باطل.
    من الشروط -أيضاً-: أن يشترطوا على الزوج أن يدخل الدش وألا يمنعها من مشاهدة ما تريد، هذا -أيضاً- شرط فاسد، ولا يحل للزوج أن يوفي به لقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (كل شرط ليس في كتاب الله فهو باطل وإن شُرط مائة مرة) .
    أما الشروط الصحيحة مثل أن يشترطوا عليه أن تبقى في التدريس أو الدراسة، أو يشترطوا عليه مسكناً غير مسكن أهله وإخوانه، أو يشترطوا عليه ألا يخرجها من دارها، أو يشترطوا عليه ألا يسافر بها، أو أن يشترطوا عليه ألا يتزوج عليها، فهذه الشروط وأمثالها شروط صحيحة، إذا رضي لزمته، لكن لو شرط عليه ألا يسافر بها، وبعد أن تزوجها وصلحت الحال بينهما وأراد أن يسافر بها وقال أهلها: لا تسافر بها.
    وقالت هي: أنا أريد السفر معه.
    فهل الحق لها أو لأهلها؟ لها، إلا في حال معينة: لو كان أبواها عاجزين -أمها وأبوها- واشترطا أن تبقى في البيت لخدمتهما، ورضي الزوج بذلك، فهنا الشرط صحيح؛ لأنهما اشترطا منفعة لهما بل ضرورة فيكون الشرط صحيحاً.
    وأقول لهذا الأخ السائل: إن كان قد عقد فقد مضى الشيء فلينظر في هذه الشروط، الفاسد منها يلغى والصحيح يبقى، ولو كانت شروطاً ثقيلة فلعل الله تعالى أن يجعل له من أمره يسراً، أما إذا كان لم يعقد حتى الآن فالأمر في يده إن شاء وافق وإن شاء خالف.
    وكأن الأخ السائل كره أنهم فاجئوه بالشروط عند العقد، وحق له أن يكره، لأنه الآن عند العقد في موضع حرج، قد دعا الناس إلى العقد وأعلمهم بأنه في الليلة الفلانية أو اليوم الفلاني، فإذا جاءت الشروط صار في موضع حرج، ولذلك نقول: إذا كان عند المرأة أو أولياؤها شيء من الشروط فليكن عند الخطبة والإجابة، فيقولون عندما يجيبونه: نعم، مرحباً بك، نزوجك، لكن هذه قائمة بالشروط التي لنا.
    إما أن يوافق وإما أن يدع، وأما إذا كان عند العقد فهذا لا شك أنه إحراج، وأنه خديعة من الزوجة وأهلها.
    نعم ربما يقول أهل الزوجة أو الزوجة: نحن لم نعلم عن الرجل تمام العلم إلا عند العقد، وأردنا أن نشترط عليه شروطاً تمنعه مما سمعنا عنه مثل: أن يكون الرجل كثير السفر إلى بلاد فيها الدعارة والخنا فيشترطون عليه ألا يسافر إلى هذه البلاد، ويقولون: نحن ما علمنا في الأول، علمنا فيما بعد وأردنا الاستدراك، فهذا قد يكونوا معذورين فيه.

    (47/18)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم تصوير العروس في الأعراس


    السؤال
    فضيلة الشيخ: ما حكم تصوير العروس في الزواج من أجل أن تكون للذكرى لكي يراها من لم يحضر الزواج من القريبات والصديقات؟ علماً بأن الصورة فقط للعروس دون العريس؟

    الجواب
    أرى ألا حاجة إلى ذلك، النساء كلهن يشتهين الزواج كما أن الرجال كذلك، لكن البلاء إما من أوليائهن وإما من كثرة المهور ومشقتها، وإما من كونها -أي: المرأة- تريد أن تبقى في عملها الدراسي مدرسة أو دارسة، أو لغير ذلك من الأسباب، وكون المرأة ما تشتهي الزواج إلا إذا رأت صورة أختها فهذه لا يقومها شيء ولا تنتفع، لذلك أرى أن هذه الصورة محرمة ولا يجوز، وأقبح من ذلك أن تصور المرأة وزوجها عند أول لقاء بينهما ولا سيما إذا كان في الفيديو، لأن الفيديو يحكي صورة حية.
    فالواجب علينا أن نتقي الله عز وجل: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ * وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْراً} [الطلاق:2-4] وألا تستدرجنا الأهواء والمماراة إلى أن نقع في الشر والفساد.

    (47/19)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم شراء أشرطة الفيديو المحتوية على الرسوم المتحركة للأطفال


    السؤال
    فضيلة الشيخ: إني أحبك في الله، وأرجو أن تبين لي حكم شراء أفلام الفيديو إذا كان يوجد فيها رسوم متحركة، مع أن هذه الرسوم هادفة ونافعة للأطفال، فهل يختلف الحكم بين الصور الحقيقة والمتحركة أم لا؟

    الجواب
    أقول: أحبه الله الذي أحبنا فيه، وهذه الأفلام التي فيها أشياء نافعة تنفع الصغار وتصدهم عن شر منها؛ إذا كان لا بد فلا شك أنها أهون من الأفلام الخليعة، والصغير يرخص له في اللهو واللعب ما لا يرخص للكبير، ولهذا رخص النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لـ عائشة رضي الله عنها أن تلعب بالبنات؛ لأنه تزوجها وهي صغيرة، كان عمرها حين تزوجها ست سنوات، وبنى بها ولها تسع سنوات، وكان عليه الصلاة والسلام خير الناس لأهله، كان يمكنها من أن تلعب بهذه اللعب، فيرخص للصغار ما لا يرخص للكبار، فإذا اشترى الإنسان أفلاماً تكون فيها تسلية للصغار وليس فيها شيء محرم فهذا لا بأس به.

    (47/20)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم إدخال الفيديو للبيت بدون رضا الزوج


    السؤال
    سائلة تقول: فضيلة الشيخ: انتشر بين النساء ما يسمى بالفيديو الإسلامي، وهو يعرض صوراً متحركة ومسرحيات إسلامية، وأدخله كثير من الناس، وأنا أريده لأولادي وزوجي يرفض دخول الجهاز إلى البيت، فما حكم ذلك؟

    الجواب
    الأمر في البيت للزوج؛ لأن البيت بيته، والأهل أهله، وقد قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (الرجل راع في أهل بيته ومسئول عن رعيته) فإذا منعها زوجها أن تدخل هذا الفيلم وجب عليها السمع والطاعة، ولا يحل لها أن تدخله إلا برضاه، لكن ينبغي أن تقنعه بأن هذه الأفلام إذا كانت مباحة لا بأس بها حتى يقتنع ويرضى، أما أن تجبره على هذا أو تسيء عشرته حتى يرضخ لها فهذا حرام عليها.

    (47/21)


    --------------------------------------------------------------------------------

    الفرق بين دعاء المسألة ودعاء العبادة


    السؤال
    فضيلة الشيخ: أرجو أن تبين لي الفرق بين دعاء المسألة ودعاء العبادة؟

    الجواب
    جميع العبادات التي يتعبد بها الإنسان دعاء عبادة، الصلاة دعاء عبادة، الصدقة دعاء عبادة، الصوم دعاء عبادة، الحج دعاء عبادة، بر الوالدين دعاء عبادة، طلب العلم دعاء العبادة، لأنك لو تسأل هذا العابد: ماذا تريد بالعبادة؟ قال: أريد التقرب إلى الله وأن أحل دار كرامته.
    إذاً هو داع بلسان الحال.
    أما دعاء المسألة: فأن يسأل الإنسان ربه ما يريد فيقول: اللهم اغفر لي، اللهم ارحمني، اللهم اهدني، وما أشبه ذلك، فهذا هو الفرق، فكل عابد لله فهو داع بلسان الحال، وكل سائل فهو داع، ولهذا كان القرب -قرب الله عز وجل- خاصاً بمن يدعوه أو يعبده، قال الله تبارك وتعالى: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ} [البقرة:186] وقال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد) وليس قرب الله عز وجل قرباً عاماً لكل أحد، بل هو قريب من الداعي والعابد فقط، لكنه سبحانه وتعالى عليم بكل شيء، كل أحوال الإنسان يعلمها عز وجل، بل قد قال تعالى: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْأِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ * إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ * مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ} [ق:16-18] .

    (47/22)


    --------------------------------------------------------------------------------

    نصيحة حول السفر إلى الخارج للسياحة


    السؤال
    فضيلة الشيخ: أنا شاب أريد أن أذهب إلى دولة إسلامية لغرض السياحة، وأريد أن آخذ زوجتي معي، ومن المعلوم أن الجوازات يطلبون صورة للزوجة، فهل يجوز لي ذلك؟ أرجو نصيحتك بارك الله فيك.


    الجواب
    جزاه الله خيراً، ويجب علي أن أبدي له النصيحة وأبدي له المشورة التي أدين الله بها، أقول: لا يذهب إلى بلاد أخرى، لا إلى بلاد إسلامية ولا إلى بلاد غربية ولا شرقية، يبقى في بلده أسلم لدينه، وأحفظ لأهله.
    ومسألة النفقة زادت أو نقصت لا تهم، المهم أن يبقى في بلاد كبلادنا -والحمد لله- محافظة، يحفظ دينه ويحفظ أهله، هو إذا ذهب إلى البلاد يجد أشياء منكرة ظاهرة علناً في السوق: نساء متبرجات، أشياء كثيرة ما أحب أن أذكرها الآن، فنصيحتي لهذا السائل وأقول: جزاه الله خيراً، أنا قلت له ما يجب عليه، فأرجو أن يقبل مني المشورة: ألا يذهب إلى بلد غير بلادنا، نفقات، وضياع وقت، واتجاهات الله أعلم بها.
    وأقول لكم الآن وأنتم تدركونه: ما كنتم رأيتموه حين الصغر ألستم كأنكم الآن تشاهدونه؟ بلى، هؤلاء الصغار سوف تنطبع مشاهداتهم التي يشاهدونها إلى أن يلقوا الله عز وجل.
    فالواجب أن يرعى الإنسان أهله رعاية حسنة، وفي بلادنا -والحمد لله- حسب ما سمعنا فيها من المشاهدات الطيبة، وفيها -أيضاً- من المناظر الطبيعية ما يغني عن الخارج.

    (47/23)


    --------------------------------------------------------------------------------

    شروط المحرم


    السؤال
    فضيلة الشيخ: هل يشترط في المحرم أن يكون بالغاً، فهناك رجل يعمل في الخارج ومعه زوجته وابنه الذي يبلغ التاسعة من العمر، فأرادت الزوجة أن تحضر زواجاً لأخيها، فأرسلها زوجها عن طريق الطائرة مع هذا الابن، واتصل على أهلها لاستقبالها في مطار المملكة، فهل له ذلك؟ وهل يكفي هذا الصبي في المحرمية؟ جزاك الله خيراً.


    الجواب
    المحرم ذكر العلماء أنه لا بد فيه من شرطين: البلوغ والعقل، وأن من دون البلوغ لا يصح أن يكون محرماً، ومن ليس بعاقل لا يصح أن يكون محرماً؛ لأن المقصود بالمحرم هو حماية الزوجة وصيانتها ومنع الاعتداء عليها، والصغار لا يقومون بهذا.
    فأقول: الآن المرأة -حسب السؤال- وصلت البلد، لا ترجع إلى زوجها حتى يأتي زوجها ويأخذها معه، أو تذهب مع أحد محارمها الذين بلغوا وعقلوا، أما الصغير الذي في التاسعة من عمره فإنه لا يكفي أن يكون محرماً.

    (47/24)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم خروج المرأة من بيتها في أيام حدادها


    السؤال
    فضيلة الشيخ: إذا خرجت المرأة في وقت الحداد لزيارة ابنها الصغير الذي في المستشفى بسبب حادث قد أصابه أو ذهبت إلى المحكمة لقضاء حاجة لها أو لأولادها، فهل تحسب هذه الأيام من الحداد؟

    الجواب
    أولاً: أقول زيارتها لولدها وهي في الحداد لا تجوز لا ليلاً ولا نهاراً؛ لأن هذه مصلحة تتعلق بالولد، إلا إذا تعبت نفسياً ولم تستقر حتى ترى ولدها فحينئذٍ تخرج إلى ولدها في النهار وتزوره، وترجع إلى مقرها، وأما الذهاب إلى المحكمة فإذا دعت الحاجة إلى ذلك فلا بأس أن تذهب إلى المحكمة لحصر الإرث أو للولاية على أولادها أو ما أشبه ذلك.
    المهم أن خروجها لحاجة تتعلق بها جائز، وتتعلق بغيرها لا يجوز ما لم تصل الحال إلى قلقها وعدم راحتها فلا بأس أن تخرج من أجل أن تستقر نفسها في مقرها.

    (47/25)


    --------------------------------------------------------------------------------

    جواز صلاة المفترض خلف المتنفل


    السؤال
    إذا دخل رجل قد فاتته صلاة المغرب فقام رجل يريد أن يتصدق عليه، فأيهما الأحق بأن يصلي بالآخر؟ وهل من حرج في إعادة صلاة المغرب وهي وتر النهار؟

    الجواب
    إذا دخل رجل وأراد إنسان أن يتصدق عليه؛ فمن قال إنه لا يصح أن يكون المتنفل إماماً للمفترض تعين أن يكون الداخل هو الإمام؛ لأنه مفترض والثاني متنفل، ومن قال: إنه يجوز أن يكون المتنفل إماماً للمفترض -وهو الصحيح- قال: يؤمهما أقرؤهما لكتاب الله سواء الداخل أو الذي في المسجد.
    أما كونه يسأل عن صلاة المغرب هل تعاد أو لا فنقول: نعم تعاد، وتكون وتراً كصلاة الإمام تماماً، ولا ينافي أن تكون الصلاة الأولى التي صلاها مع الإمام الأول هي وتر النهار، وهذه الثانية تكون معادة، ولا حرج عليه في أن يعيدها ثلاثاً لأنه إنما أعادها تبعاً لإمامه.

    (47/26)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم مصافحة النساء


    السؤال
    هذا يسأل يقول: يوجد في بعض البلاد مصافحة النساء.


    الجواب
    نقول: هذا ما يجوز، حتى لو وجد وكان هذا من عادتهم أن الإنسان يصافح المرأة فالواجب ترك هذه العادة.
    جزى الله عنا والدنا وشيخنا خير الجزاء، ونفعنا بعلمه، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله محمد.

    (47/27)


    --------------------------------------------------------------------------------
    وأخيراً أسأل الله عز وجل أن يجعل هذا العمل نافعاً، مباركاً، خالصاً لوجهه الكريم
    وأن ينفعني به في حياتي وبعد مماتي، وأن ينفع به كل من انتهى إليه؛ فإنه خير مسؤول، وأكرم مأمول، وهو حسبنا ونعم الوكيل، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد بن عبد الله وعلى آله وأصحابه ومن تبعه بإحسان إلى يوم الدين.

    حياكم الله بموقع بداية الهداية الخطوة إلى طريق العلم الشرعي الصحيح
    http://www.musacentral.com/

صفحة 9 من 10 الأولىالأولى ... 8 9 10 الأخيرةالأخيرة

موسوعه فتاوى اللقاء الشهري العلامه ابن عثمين

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

المواضيع المتشابهه

  1. هنا كل كنوز العلامه محمد بن صالح العثيمين
    بواسطة ابو ياسمين دمياطى في المنتدى منتدى الصوتيات والمرئيات
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 28-02-2018, 09:02 PM
  2. هنا كل كنوز العلامه مصطفى العدوي
    بواسطة ابو ياسمين دمياطى في المنتدى منتدى الصوتيات والمرئيات
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 28-02-2018, 05:45 PM
  3. عشر خطط للمحافظة على راتبك الشهري من المصاريف
    بواسطة الزبير بن العوام في المنتدى المنتدى العام
    مشاركات: 13
    آخر مشاركة: 14-05-2014, 11:31 AM
  4. فضل العلم العلامه بن باز مرئى
    بواسطة ابو ياسمين دمياطى في المنتدى منتدى الصوتيات والمرئيات
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 19-04-2011, 02:16 AM
  5. ستيوارت العتيبي و مايكل الشهري وآخرون.. سعوديون يريدون إعلان إسلامهم
    بواسطة نعيم الزايدي في المنتدى منتدى قصص المسلمين الجدد
    مشاركات: 4
    آخر مشاركة: 10-01-2011, 11:08 AM

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  

موسوعه فتاوى اللقاء الشهري العلامه ابن عثمين

موسوعه فتاوى اللقاء الشهري العلامه ابن عثمين