موسوعه فتاوى اللقاء الشهري العلامه ابن عثمين

آخـــر الـــمـــشـــاركــــات


مـواقـع شـقــيـقـة
شبكة الفرقان الإسلامية شبكة سبيل الإسلام شبكة كلمة سواء الدعوية منتديات حراس العقيدة
البشارة الإسلامية منتديات طريق الإيمان منتدى التوحيد مكتبة المهتدون
موقع الشيخ احمد ديدات تليفزيون الحقيقة شبكة برسوميات شبكة المسيح كلمة الله
غرفة الحوار الإسلامي المسيحي مكافح الشبهات شبكة الحقيقة الإسلامية موقع بشارة المسيح
شبكة البهائية فى الميزان شبكة الأحمدية فى الميزان مركز براهين شبكة ضد الإلحاد

يرجى عدم تناول موضوعات سياسية حتى لا تتعرض العضوية للحظر

 

       

         

 

    

 

 

    

 

موسوعه فتاوى اللقاء الشهري العلامه ابن عثمين

صفحة 5 من 10 الأولىالأولى ... 4 5 6 ... الأخيرةالأخيرة
النتائج 41 إلى 50 من 95

الموضوع: موسوعه فتاوى اللقاء الشهري العلامه ابن عثمين

  1. #41
    تاريخ التسجيل
    Mar 2009
    المشاركات
    2,459
    الدين
    الإسلام
    آخر نشاط
    01-11-2023
    على الساعة
    03:37 PM

    افتراضي

    كل ممسوح لا تكرار فيه


    السؤال
    فضيلة الشيخ! اختلف الأمر علي في النقل عنكم في صفة المسح على الجوارب، أهي باليدين على الرجلين أم باليد الواحدة على الرجل اليمنى ثم على الرجل اليسرى؟ وهل تمسح الشراب ثلاث مرات كالرأس أم مرة واحدة؟

    الجواب
    أما الشق الأول من السؤال فقد أجبنا عنه، وقلنا: الأمر فيه سعة، يبدأ باليمنى قبل اليسرى أو يمسح عليهما مرة واحدة جميعاً.
    وأما الشق الثاني يقول: هل يكرر المسح أم لا؟ فنقول: كل ممسوح في الطهارة فلا تكرار فيه، الرأس لا يكرر، الرأس يمسح مرة واحدة، لكن يقبل ويدبر؛ لأن الشعر فيه مقبل وفيه مدبر، الناصية منحدرة نحو الوجه، والقفا منحدر نحو الظهر، فهذا كان من السنة: أن يذهب أولاً كذا ثم يرجع، لأجل أن يكون المسح على ظهور الشعر وعلى بطون الشعر، ولو مسح مرة واحدة كفى، فهذه قاعدة: كل ممسوح فإنه لا يكرر؛ لأنه لما خفف الشرع في تطهيره وهو مسح بدل غسل خفف في عدده، الجبيرة كم نمسح عليها؟ مرة واحدة، وكذا العمامة؟ والخف.

    (23/10)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم ترك العبادة بسبب الاشتباه فيها


    السؤال
    فضيلة الشيخ! إن خوفي من عدم معرفتي بشروط المسح على الخفين، وأحياناً وقوعي في بعض الخطأ وصلاتي بعد انتهاء المدة، مع إيماني واعتقادي بجواز المسح عليهما، فبدأت أترك لبس الجوربين أو أترك المسح عليهما، فهل عملي هذا فيه خطأ واضح، أرجو توضيح الأمر لي وفقك الله؟

    الجواب
    هذا فيه خطأ واضح، ولو أن الإنسان يترك العبادة من أجل اشتباهها عليه لقلنا: إذا كنت تسهو في صلاتك فاترك الصلاة، لا تصلي، فنصيحتي لهذا الأخ ولأمثاله: أن يتبع السنة، قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم للمغيرة: (دعهما) ومسح عليهما وقال عليه الصلاة والسلام: (عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي) .
    ولكن يمكن أن تخفف الأمر فتلبس لصلاة الفجر وتخلع عند النوم وحينئذٍ لا يكون عليك اشتباه؛ لأنك إذا لبست عند صلاة الفجر ومسحت عند النوم لم تكمل المدة ولا يحصل عليك سهو، وتنام ورجلاك مكشوفتان وتستريح.

    (23/11)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم التيمم لمن به جبيرة


    السؤال
    فضيلة الشيخ! أنا عندي كسر في يدي، وعلى هذا الكسر جبيرة، وأحياناً تكون عليَّ الجنابة فأخشى من استعمال الماء أن يؤثر على الجبيرة، فأقوم باستعمال التيمم لعدة أيام، فهل عليَّ إثم في ذلك وفقك الله؟

    الجواب
    نعم.
    عليك إثم في ذلك؛ لأن الواجب على من في يده جبيرة أن يغسل البدن كله إلا محل الجبيرة، لقول الله تعالى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} [التغابن:16] وقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم) لا بد أن يغسل بقية البدن، أما الجبيرة فلا يلزمه غسلها؛ لقول الله تعالى: {لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا} [البقرة:286] ولكن ماذا يصنع؟ يتيمم بدلاً عن غسلها، فإذا برئت اغتسل.

    (23/12)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم المسح على العمامة


    السؤال
    فضيلة الشيخ! هل يجوز المسح على الشماغ والغترة إذا جعلت كالعمامة ولفت على الرأس بحيث يصعب نزعها وردها كما كانت؟

    الجواب
    العمامة لا يشترط أن تكون من شيء معين، كلما أدير على الرأس فإنه عمامة يجوز المسح عليه، إلا أن بعض العلماء اشترطوا شرطاً ليس عليه دليل وهو: أن تكون العمامة محنكة، أي: يدار منها دورة تحت الحنك أو تكون ذات ذؤابة، أي: يتدلى طرفها من عند الظهر، ولكن الصحيح أن ذلك ليس بشرط، وأنه متى وجدت العمامة على الرأس فإنه يمسح عليها؛ وذلك لمشقة نزعها ثم طيها مرة أخرى.

    (23/13)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم من أخذ شيئاً من المسجد ثم تاب


    السؤال
    فضيلة الشيخ! أعرض عليك هذا السؤال وأنا في حيرة من أمري وخجل منك ومن الله عز وجل قبل ذلك كله: حيث أني قد أخذت بعض الأبواب الصغيرة -نوافذ- من جامعكم هذا قديماً حين هدمه، فما العمل عليَّ في هذا، وما رأي فضيلتكم الآن أرجو نصحي وفقك الله؟

    الجواب
    هذا حله سهل والحمد لله تقدر قيمة هذه الأبواب التي أخذ إذا لم تكن الآن موجودة، ثم يعطينا إياها لنصرفها في مصالح المسجد، وبذلك تبرؤ ذمته مع التوبة إلى الله عز وجل.
    وأنا أضيف إليه: لعلنا نجد عنده -أيضاً- أبواباً كبيرة كانت للمكتبة، إذا كانت الأبواب موجودة يعطينا إياها ونبيعها، وإلا يقدر قيمتها بما تساوي اليوم، في ظني أن هذه الأبواب القديمة تساوي كثيراً الآن، فالأمر يسير ولله الحمد، ولكن أحب أن يتفطن للنقطة الأخيرة؛ لأن الأبواب التي أخذت من المكتبة ثلاثة دواليب بعضها مكون من أربعة أبواب، وهما اثنان وواحد من بابين، وباب كبير جداً مثل الحجر من قوته.

    (23/14)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم كي آذان الأنعام


    السؤال
    فضيلة الشيخ! يقوم أرباب الأنعام -الإبل والغنم- بكي آذان أنعامهم، ويسمون ذلك وسماً، فيكوونها بالنار، فما حكم هذا الفعل، علماً أنهم يقولون: إننا نفعل هذا الكي لئلا تضيع، فهل ينطبق على هذا قوله صلى الله عليه وسلم: (لا يعذب بالنار إلا الله) وكذلك هل يدخلون في قول الله عز وجل عندما أخبر عن إبليس أنه قال: {وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الْأَنْعَامِ} [النساء:119] أرجو توضيح الأمر وفقك الله؟

    الجواب
    لا حرج أن تكوى بهيمة الأنعام في آذانها، سواء من الإبل أو من البقر أو من الغنم ضأنها ومعزها؛ لأن الأذنين ليستا من الوجه، الكي الذي ينهى عنه أن يكون في الوجه في الخد مثلاً، أو على الأنف، أما إذا كان في الرأس أو في الرقبة أو في الآذان فلا بأس بذلك، وليس هذا من التعذيب بالنار، هذا من حفظ المال بهذه العلامة الخاصة بهؤلاء القوم، وبهذه القبيلة، ولا بأس بها، وحديث النهي عن التعذيب بالنار معناه: أننا نعذب الحيوان بالنار، وهذا ليس قصدنا التعذيب، ما الذي نقصد؟ العلامة، ولهذا كان الخلفاء الراشدون يسِمُون إبل الصدقة ولا يعدون ذلك تعذيباً بالنار.
    وهنا مسألة يسأل عنها بعض المزارعين: إذا انتهى الزرع أوقدوا ناراً بما بقي من الزرع من أجل ألا يحدث نوابت ضارة بالزرع في المستقبل، مع أن المكان قد يكون فيه حشرات أو طيور أو ما أشبه ذلك، فهل هذا جائز؟ الجواب: نعم جائز؛ لأن هذا وإن كان يحتمل أن يكون فيه حيوان، فإن الذي أحرق المكان بالنار ليس قصده الحيوان، وإنما وقع ذلك تبعاً، ولهذا حرَّق النبي صلى الله عليه وسلم نخل بني النضير في المدينة، مع أن النخل لا يخلو من فراخة للعصافير أو لغير العصافير أو من حشرات، وذلك لأن هذا غير مقصود، ففرق بين المقصود وغير المقصود، بل إنه يجوز أن نرمي بلاد الكفار المحاربين بالمدافع مع أنه قد يكون في هذه البلاد من لا يحل قتله من النساء والذرية، لكن هذا تبع، فينبغي للإنسان أن يعرف أنه يغتفر في التابع ما لا يغتفر في الشيء المستقل.
    والخلاصة: أن وسم الإبل في آذانها لا بأس به، وليس هذا مما يأمر به الشيطان، حيث قال: {وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الْأَنْعَامِ} [النساء:119] لأن تبتيك آذان الأنعام هو أن الإبل إذا تمت سناً معيناً أو أتت بأولاد معينة يكوونها أو يقطعون آذانها علامة على أنها أصبحت الآن حراماً؛ لأنها أدت ما عليها من البطون فيحرم أكلها وركوبها، هذا هو المقصود بالآية.

    (23/15)


    --------------------------------------------------------------------------------

    كيفية تقدير أوقات الصلاة في البلدان التي يطول فيها الليل أو النهار


    السؤال
    فضيلة الشيخ! في بعض البلاد يقصر النهار أو الليل، وأحياناً تمر أشهر كلها نهار، أو أنها كلها ليل فكيف تكون الصلاة والحال هذه؟

    الجواب
    الصلاة في هذه الحالة يُقدر لها، وقد أورد هذا الإشكال على رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم حين أخبر أن الدجال يُبعث، فيبقى في الأرض أربعين يوماً، يوم كسنة، ويوم كشهر، ويوم كجمعة -أي: كأسبوع- وباقي أيامه كالأيام المعتادة، قال الصحابة: (يا رسول الله! اليوم الذي كسنة يكفينا فيه صلاة يوم واحد، قال: اقدروا له قدره) أي: لا يكفينا فيه صلاة يوم واحد، كم يكفينا فيه صلاة؟ صلاة سنة، وهو يوم واحد، لكنه طويل.
    إذاً: البلاد التي يكون فيها الليل طويلاً يزيد على أربعة وعشرين ساعة أو النهار يقدر له قدرها، والآن التقدير والحمد لله موجود، أي: سهل، يقدر بالساعات.

    (23/16)


    --------------------------------------------------------------------------------

    من بدع الإقامة في الصلاة


    السؤال
    فضيلة الشيخ! بعض الإخوة من المصلين يقول بعد انتهاء المؤذن من الإقامة إما: أقامها الله وأدامها ما دامت السماوات والأرض، وإما أن يقرأ قول الله تعالى عن إبراهيم: {رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلاةِ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاءِ} [إبراهيم:40] فما رأي فضيلتكم في هذا الدعاء في هذا المقام خاصة، أقصد قراءة الآية، هل ينكر على الإنسان مع أنه يدعو بها، وهل ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم دعاء بعد الإقامة، أرجو التوضيح أثابكم الله؟

    الجواب
    الإقامة ليس بعدها دعاء، وإنما يشرع الإمام بالصلاة بعد انتهاء الإقامة وبعد أن يسوي الصفوف بنفسه أو بنائبه؛ لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لا يمكن أن يكبر للصلاة حتى تستوي الصفوف، حتى أنه صلى الله عليه وعلى آله وسلم كان يجوب الصف من أوله إلى آخره يمسح بالمناكب والصدور، يقول: استووا، ولما كثر الناس في زمن عمر وعثمان، صار الخليفة يوكل رجالاً يجوبون الصفوف يتفقدونها بعد الإقامة، فإذا جاءوا وقالوا: إن الصفوف على ما ينبغي كبروا للصلاة، وليس بعد الإقامة دعاء.
    وأما قوله: أقامها الله وأدامها مادامت السماوات والأرض.
    فإن قوله: (ما دامت السماوات والأرض) لم يرد عن النبي عليه الصلاة والسلام، وأما قول: (أقامها الله وأدامها) فهذه تقال عند قول: (قد قامت الصلاة قد قامت الصلاة) لأن فيها حديثاً ضعيفاً، وهذا الحديث الضعيف لا يعمل به عند جماعة من العلماء، ولهذا فلا يقال: أقامها الله وأدامها لا بعد قوله: قد قامت الصلاة، ولا بعد انتهائه من الإقامة.
    وأما الدعوة بدعوة إبراهيم: {رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلاةِ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي} [إبراهيم:40] فهذه أيضاً لا أصل لها إطلاقاً، ولم يرد الدعاء بها عن السلف، فتركها أولى وأحسن.

    (23/17)


    --------------------------------------------------------------------------------

    الوساوس وكيفية الوقاية منها


    السؤال
    فضيلة الشيخ! صليت إماماً بجماعة، ولم أنطق بالراء في تكبيرة الإحرام، ثم قلت في نفسي: أعيد التكبير فأعدته سراً، وواصلت الصلاة، علماً بأن الجماعة الذين خلفي بنوا على التكبيرة الأولى التي لم أنطق فيها الراء والتي نويت غيرها، فهل فعلي هذا صحيح، وهل علي من إثم، وهل صلاتهم صحيحة؟

    الجواب
    أما صلاة المأمومين فصحيحة؛ لأنهم فعلوا ما أمروا به، ما الذي أمروا به؟ (إذا كبر الإمام فكبروا) فكبروا بعد تكبير الإمام، فهم فعلوا ما أمروا به ومن فعل ما أمر به فقد برئت ذمته، فصلاة المأمومين صحيحة.
    وأما صلاته هو فصحيحة أيضاً؛ لأنه أعاد التكبير على وجهٍ مجزئ.
    لكن في ظني: أن هذا الرجل عنده وسواس، وأنه قد كبر تكبيرة تامة لكنه موسوس، والمبتلى بالوسواس -نسأل الله العافية- يفعل الشيء ويقول: لعلي لم أفعله، فيقول: إذاً أعد إبراءً للذمة، فيعيد، ثم يقول: لعل الإعادة فيها شيء، فيقول له الشيطان: أعد إبراءً للذمة، فيعيد، فيقول: في النفس من هذا شيء، أحتاط، فيعيد للمرة الخامسة، حتى إن بعض الناس -أسال الله لي ولهم العافية ولكم- يبقى ساعة أو ساعتين وهو لم يكبر تكبيرة الإحرام، يلعب به الشيطان، والواجب على من ابتلي بالوسواس أن يستعيذ بالله من الشيطان الرجيم وليمضِ وليبتعد عن هذا ولا يهتم به.
    يقال: إن رجلاً جاء إلى أحد العلماء وقد اغتسل من الجنابة في نهر دجلة، فجاء إليه فقال: يا سيدي! إنني أذهب إلى دجلة وأغتسل من الجنابة ثم آتي لأصلي فأقول: إنني لم أغتسل ولم ترتفع جنابتي فماذا تقول أيها الشيخ؟ قال: أقول لك: لا تصلي، قال: كيف لا أصلي؟ قال: نعم؛ لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: (رفع القلم عن ثلاثة: عن النائم حتى يستيقظ، وعن الصغير حتى يبلغ، وعن المجنون حتى يفيق) وأنت مجنون، كيف تغتسل في وسط النهر وتقول: ما ارتفع حدثي؟!! هذا جنون.
    ولهذا -نسأل الله السلامة والعافية- الذين ابتلوا بالوسواس يصبحون كالمجانين، يعيد الشيء مرات ويقول: ما فعلت، أو يكرر التكبير الله أكبر (أككككك) نعم عدة مرات، ثم يتجرح حلقه من التكرار ويقول: ما كبرت.
    الواجب من الإنسان إذا ابتلي بهذا -وأسأل الله السلامة- أن يقول: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ويبتعد.
    ثم إن الذي يتدرج مع الوسواس ربما ينتقل إلى وسواس أشد، إلى أن يفكر أن يطلق زوجته، لو يقول: طال عمركِ، قال: قلت: (ط) و (ط) يعني الطلاق، فيقول: طلقت زوجتي، ثم لا يزال به الشيطان معه يعالجه في نفسه، فيقول: لماذا أتعب أطلق كلاماً صريحاً وأنتهي، فيطلق.
    ونظير ذلك من يقول وهو متطهر: شككت هل أحدثت أم لا؟ فيقول: بلى.
    قلق، فيقول: أحدث الآن، ثم يحدث.
    هذا كله موجود بسبب الشيطان، يتلاعب بالإنسان حتى يوصله إلى حد المجانين -نسأل الله لنا ولكم العافية- والإنسان المبتلى بالوسواس ليس باختياره، بعضهم يبكي بكاء الصبي ليتخلص ولكنه يعجز، ولهذا يجب أن نلجأ إلى الله عز وجل أن يعيذنا وإخواننا المسلمين من الوسواس.

    (23/18)


    --------------------------------------------------------------------------------

    من أحكام العقيقة


    السؤال
    فضيلة الشيخ! امرأة رزقت بستة أطفال ذكور وإناث، ومات منهم أربعة في أول أعمارهم، وبقي عندها ولد وبنت، وبعد ذلك توفي زوجها وهو لم يعق إلا عن اثنين منهم لعدم استطاعته، وتقول: إنها لا تعرف من هم الذين لم يعق عنهم ومن الذين قد عق عنهم، فماذا تفعل الآن، فهي لا تعلم هل الذين بقوا هم الذين قد عق عنهم أم لا؟

    الجواب
    ليس عليها شيء في ذلك؛ لأن المخاطب بالعقيقة هو الأب، وإذا جاء زمن العقيقة وهو غير قادر سقطت عنه؛ لأن الله لا يكلف نفساً إلا وسعها، إذا كان الرجل الذي ليس عنده مال يسقط عنه الحج وتسقط عنه الزكاة، فهذا من باب أولى.
    فنقول: إن أباهم إذا كان حين ولادتهم غير قادر على العق عنهم فليس عليه شيء، وإذا كان غنياً فقد ترك مستحباً، وأما أنتِ أيتها المرأة وأولادك فلا شيء عليكم إطلاقاً؛ لأنكم غير مخاطبين بالعق، المخاطب هو الأب.

    (23/19)


    --------------------------------------------------------------------------------

    كيفية التوبة من الفسق والمظالم


    السؤال
    ذكرت وفقك الله في خطبة الجمعة، وجوب رد الحقوق إلى أهلها، وهذا واضح في الأموال، ولكن ماذا تقول يا فضيلة الشيخ فيمن حصل منه شيء من الفسق، بل شيء من فعل بعض الكبائر لها علاقة برجال أو بنساء فكيف يكون رد المظالم في مثل هذه، حيث أنه لو ذهب يعتذر الآن لربما حصل من المشاكل الكثير، أرجو توضيح الأمر؛ لأن الإنسان إذا تاب وندم يحس بجراح في قلبه فما الحل في مثل هذه الحالة نفعني الله بك وجميع إخواني المسلمين؟

    الجواب
    الحل في هذا: أن ما لا يمكن تداركه يكفي فيه التوبة والاستغفار، فمثلاً: إذا قدر أن هذا الرجل قد زنا بامرأة فيما سبق باختيارها، ومعلوم أنها ظالمة لنفسها وهو ظالم لنفسه ثم تاب فإن الله يتوب عليه، لقول الله تبارك وتعالى: {وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً * يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً * إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً} [الفرقان:68-70] فتوبته إن شاء الله تجزئ.
    لكن هناك حقوق غير مالية يمكن تداركها، مثل: أن يكون قد اغتاب شخصاً، أي: ذكره في غيبته بما يكره، فهذا قال بعض العلماء: لا بد أن تذهب إليه وتستحله، ولا توبة لك إلا بذلك.
    وقال بعض العلماء بالتفصيل: إن كان قد علم أنك قد اغتبته فلا بد أن تستحله، وإن لم يكن قد علم فلا يشترط أن تستحله، لكن اذكره بالخير في الأماكن التي كنت تغتابه فيها، والحسنات يذهبن السيئات.

    (23/20)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم وضع الرِّجل على القبر وحثو التراب على القبر


    السؤال
    ذكر لنا أحد طلبة العلم ونحن في المقبرة: أن حثو التراب ثلاث مرات بدعة، ونهى من كان يدفن أن يضع قدمه على القبر المجاور، فما صحة ذلك؟

    الجواب
    أما النهي عن وضع الرِّجل على القبر المجاور فهذا صحيح؛ لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم نهى أن يوطأ على القبر.
    وأما الحثيات فهي للمشاركة في الدفن، وقد استحبها كثير من العلماء، وورد فيها حديث عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، لكن من العلماء من ضعفه، وهذه لا ينكر على من فعلها؛ لأنها من مسائل الاجتهاد، وما زال علماؤنا يفعلون ذلك بناءً على ما ذهب إليه بعض العلماء من استحباب الحثيات الثلاث.
    وأنا أشير على إخواننا الطلبة: ألا يتعجلوا في الأمور التي تتعلق بغيرهم؛ لأنهم ربما ينكرون ما يظنونه منكراً وليس بمنكر، والتأني في الأمور خير من التعجل والتسرع، ولهذا قال بعض السلف لطلبة العلم: لا تعجلوا السؤدد والشرف.
    معناه: لا تتعجل في الأمور لطلب السؤدد والشرف، فإن السؤدد والشرف سوف يأتيك إذا ترعرعت في العلم، وعرفت ما لم يعرفه غيرك، وشرعت في تعليم الناس.
    وإلى هنا ينتهي هذا اللقاء، وإلى لقاء آخر إن شاء الله تعالى في الشهر القادم.

    (23/21)


    --------------------------------------------------------------------------------
    وأخيراً أسأل الله عز وجل أن يجعل هذا العمل نافعاً، مباركاً، خالصاً لوجهه الكريم
    وأن ينفعني به في حياتي وبعد مماتي، وأن ينفع به كل من انتهى إليه؛ فإنه خير مسؤول، وأكرم مأمول، وهو حسبنا ونعم الوكيل، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد بن عبد الله وعلى آله وأصحابه ومن تبعه بإحسان إلى يوم الدين.

    حياكم الله بموقع بداية الهداية الخطوة إلى طريق العلم الشرعي الصحيح
    http://www.musacentral.com/

  2. #42
    تاريخ التسجيل
    Mar 2009
    المشاركات
    2,459
    الدين
    الإسلام
    آخر نشاط
    01-11-2023
    على الساعة
    03:37 PM

    افتراضي

    اللقاء الشهري

    اللقاء الشهري [24]
    في هذا اللقاء الشهري تحدث الشيخ عن الامتحانات، وأن على الطالب ألا يكون أكبر همه أن ينجح في الامتحانات، بل يكون أكبر همه أن يهضم العلم وأن يرسخ العلم في قلبه، وأن على المدرسين أن يكونوا يقظين ومنتبهين أثناء مراقبة الطلاب في القاعة؛ لأن عملهم أمانة وهم مسئولون أمام الله عز وجل، وكذلك الطلاب، ثم أردف الحديث بالإجابة عن الأسئلة المتعلقة بهذا الموضوع.

    (24/1)


    --------------------------------------------------------------------------------

    نصائح وتوجيهات للطلاب والطالبات
    إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله وخليله وأمينه على وحيه وخيرته من خلقه، بلغ الرسالة، وأدى الأمانة، ونصح الأمة، وجاهد في الله حق جهاده، وترك أمته على محجة بيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك، أنزل الله عليه في آخر حياته: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْأِسْلامَ دِيناً} [المائدة:3] فصلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
    أما بعد: أيها الإخوة: فهذا هو لقاؤنا الشهري الذي يتم في مساء كل سبت الثالث من كل شهر، وفي هذا الشهر شهر رجب عام (1415هـ) يتم في ليلة الأحد السادس عشر من هذا الشهر، نسأل الله تعالى أن يعمنا جميعاً بنفع هذه اللقاءات، وأن يبارك لنا فيها، وأن ينفعنا بها إنه على كل شيء قدير.
    كنا بصدد الكلام على بقية خطبة الحاجة التي كان النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يعلمها أصحابه: (إن الحمد لله نحمده ونستعينه.)
    إلى آخرها، ولكن بما أننا في استقبال امتحانات للطلاب والطالبات، فلعلنا نتكلم بما يسر الله عز وجل حول هذا الموضوع، فنقول: أولاً: نشير على كل طالب علم من رجل أو امرأة ألا يكون أكبر همه أن ينجح في الامتحان، بل يكون أكبر همه أن يهضم العلم، ويرسخه في قلبه، وبناءً على ذلك فإنه سوف يجتهد من أول السنة، حتى يهضم العلم شيئاً فشيئاً؛ لأن الإنسان إذا ترك الاجتهاد في أول السنة تراكمت عليه الدروس، ثم صارت مراجعته إياها في آخر العام كأنها أضغاث أحلام أو خيالات وأوهام، لذلك نشير وننصح كل طالب وطالبة أن يكون اجتهادهم من أول السنة حتى يهضموا العلوم شيئاً فشيئاً، حتى إذا جاء وقت الامتحان إذا هم مستريحون، وهاضمون للعلوم، ومنتفعون بمدة الدراسة، أما من يهمل ويتكاسل، فإذا جاء وقت الامتحان شد على نفسه، وأتعب نفسه ثم لم ترسخ العلوم في ذهنه، حتى إنك لو سألته غداً عما اختبر به اليوم لم تجد عنده حصيلة منه، فهذا غلط، وليست هذه دراسة.
    الامتحانات في الواقع اختبار للطالب والطالبة، ماذا حصل فيما مضى من دراسته؟ وليس الامتحان مقياساً لما عند الطالب والطالبة من العلوم، بعض الطلبة يخفق في الامتحان، إما لعدم استحضاره الجواب في تلك الساعة، وإما لفهمه السؤال على وجه غير صحيح، وإما لفهمه أن الإجابة هي الصحيحة وهي غير صحيحة، وإما لحصول ضوضاء حوله، وإما لحصول لعب حوله، وإما لمشاهدته من يغش من زملائه أو لغير ذلك من الأسباب فتجد جوابه يكون هزيلاً ولا يصل إلى الدرجة التي يؤملها.
    والحقيقة أن الاختبار ليس بمقياس للطالب، المدرس يعرف طلابه، ويعرف الجيد، ويعرف الذي يريد العلم حقيقة قبل أن يمتحنه، لكن لما تعذر تقويم الطلبة بمجرد تصور الأستاذ صار لا بد من الامتحانات، وهي في الحقيقة تقريبية ولا يقاس بها الطالب على وجه التحديد.

    (24/2)


    --------------------------------------------------------------------------------

    مسائل في الامتحانات
    وإننا نبحث في الامتحانات ونحوها من وجوه:

    (24/3)


    --------------------------------------------------------------------------------

    موقف المراقب من الطلاب في قاعة الامتحانات
    الوجه الأول: أنه من المعروف أن قاعة الامتحانات يكون عليها رقباء من الأساتذة، فما موقف المراقب من الطلاب في هذه القاعة؟ موقفه يجب أن يكون يقظاً منتبهاً، يراقب الطلبة حق المراقبة، وليس ذلك التعسير على الطلبة، ولكنه من الحزم وحفظ النظام للطلبة، فإذا رأى من يحاول أن يغش أو يغش بالفعل لزمه إجراء النظام عليه، ولا يحل له في هذه الحالة أن يحابي قريباً، أو صديقاً، أو ابن صديق، أو تاجراً لتجارته، أو فقيراً لفقره، لا.
    الناس في هذا المقام سواء، فعليه أن يتقي الله عز وجل في مراقبته، وأن يكون يقظاً فطناً يلاحظ الطلبة، ويلاحظ شفاههم، ويلاحظ أقلامهم، حتى يؤدي ما وجب عليه؛ لأن المراقب مؤتمن من قبل المسئولين، الإدارة أو العمادة فوضت ووكلت الأمر إليه، فهو إما أن يقوم بأداء الأمانة على الوجه المطلوب، وإما أن يكون العكس، وقد قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ} [الأنفال:27] فعليه أن يتقي الله وأن يشعر بأن وقوفه للمراقبة وتردده بين صفوف الطلاب عبادة يؤجر عليها؛ لأنه يؤدي أمانة أبت الأرض والسماوات والجبال أن تحملها وحملها الإنسان، فهو يقوم الآن بعبادة عظيمة يتقرب بها إلى الله.

    (24/4)


    --------------------------------------------------------------------------------

    الواجب على الطالب في قاعة الامتحانات
    الوجه الثاني: من جهة الطلاب.
    الطالب يجب عليه أن يتقي الله عز وجل، وأن يكون طالب علم بمعنى الكلمة، لا يدلس ولا يخون ولا يغش ولا يخالف النظام، فإنه بهذا يكون طالباً مثالياً، وبهذا تيسر له الأمور، وتفرج له الكربات؛ لأن الله عز وجل يقول: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْراً} [الطلاق:4] ويقول: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ} [الطلاق:2-3] .
    وعلى الطالب في هذا المكان الضنك أن يعتمد على الله، ويستعين به، ويفوض أمره إليه؛ لأنه قد لا يكون له في هذه الحالة حول ولا قوة، فيلجأ إلى الله عز وجل، وقد قال الله تعالى: {وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ} [الطلاق:3] أي: كافيه.
    لست أقول: إنه لا يعتمد على نفسه فيما حصَّل من العلم، بل يعتمد على ذلك؛ لأن هذا سبب، لكن الله هو المسبب، فعليه أن يكون أكبر اعتماده على الله عز وجل حتى يعينه، ويحسن إذا مدت إليه ورقة الأسئلة أو أمليت عليه أن يذكر الله تعالى بكلمة الاستعانة، وهي: لا حول ولا قوة إلا بالله، فإن هذه الكلمة قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم إنها كنز من كنوز الجنة، فقد قال لـ أبي موسى الأشعري: (يا عبد الله بن قيس! ألا أدلك على كنز من كنوز الجنة؟ قال: بلى يا رسول الله! قال: لا حول ولا قوة إلا بالله) ففيها تفويض الأمر إلى الله والاستعانة بالله عز وجل، وهكذا كل أمر شاق ينبغي أن يقول هذه الكلمة عنده؛ لأنه يعان بها، ولذلك إذا قال المؤذن: حي على الصلاة حي على الفلاح ماذا نقول؟ لا حول ولا قوة إلا بالله، نستعين بالله عز وجل على إجابة هذا المؤذن الذي دعانا إلى الصلاة ودعانا إلى الفلاح.
    وعلى الطالب أن يخشى الله عز وجل من الغش، سواء اختاره لنفسه أم اختاره لغيره، فلا يغش بنفسه ولا يغشش أحداً؛ لأنه مؤتمن، ولا خير في بطاقة شهادة تحملها وهي غش، بل هذه نكبة عليك؛ لأنك -مثلاً- لو حملت بطاقة شهادة في اللغة العربية ثم قيل لك: أعرب هذه الجملة: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} [غافر:60] من الناس من يحمل بطاقة شهادة في اللغة العربية ولا يعرف يعرب الآية، أين الشهادة؟! ومن الناس من يحمل شهادة اللغة العربية ثم إذا قرأ عددت عليه لحناً ما لا يحصى، لماذا؟ لأن شهادته مبنية على الغش، فهذا لا ينتفع هو بنفسه، ولا ينفع أمته، ولا يدفع عن هذه الأمة العيب، ونحن نريد أن تكون أمتنا في هذه الجزيرة أمة واعية مهذبة معلمة يستفيد منها القريب والبعيد.
    أقول: إن عليه أن يتقي الله عز وجل فلا يغش بنفسه ولا يغشش غيره، لا تحمله العاطفة على أن يرى طالباً ضعيفاً يحتاج إلى معونة، فيقول: والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه، ثم يقول: ما المشكل عليك؟ مشكل عليه كذا وكذا فيعطيه ورقة أو يخبره بالمشافهة إذا كان المراقب بعيداً ولم يعلم أن المراقب قريب، من المراقب حقيقة؟ الذي هو على كل شيء رقيب وهو الله عز وجل، فالواجب على الطالب أن يكون طالباً بمعنى الكلمة وأن يتقي ربه.
    اشتهر عند بعض الناس أن الغش في المواد غير الدينية لا بأس به على وجه العموم، كل المواد التي هي غير دينية لا بأس بالغش فيها هكذا قال بعض الناس، وبعضهم جعل الأمر أخص من ذلك، قال: اللغة الإنجليزية غش فيها ولا تبالي، وغيرها لا يجوز، وهذا خطأ، ما دامت العلوم مقررة، والشهادة مبنية على إتقان هذه العلوم المقررة في المنهج، فإنه لا يجوز الغش فيها، حتى لو كانت اللغة الإنجليزية، الشيء الذي لا يرتضى من المقررات -مثلاً- يكتب عنه، لكنْ منهج مقرر معتبر لا بد من إتقانه، سواء كان من العلوم الشرعية أو مما يساند العلوم الشرعية كعلوم العربية، أو مما يكون وسيلة لإبلاغ الشرع؛ لأن اللغة الإنجليزية قد تكون وسيلة لإبلاغ الشرع، لو كنت تخاطب من لا يعرف اللغة العربية ولكن يعرف اللغة الإنجليزية كيف توصل إليه الشرع؟ لو مكثت تتكلم معه باللغة العربية من طلوع الشمس إلى غروبها ما فهم، لكن إذا كان معك لغة إنجليزية وهي لغته -مثلاً- فهم واستفاد، وقد أمر النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم زيد بن ثابت رضي الله عنه وهو شاب لقن فطن أمره أن يتعلم لغة اليهود، من أجل أن يقرأ ما يرد من كتبهم إلى رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وأن يكتب لهم ما يصدر من الرسول عليه الصلاة والسلام بلغتهم، يقول أهل النقل: إنه تعلم اللغة العبرية في خلال ستة عشر يوماً؛ لأنه شاب لقن فطن، قال شيخ الإسلام ابن تيمية: وإنما تعلمها بهذه السرعة؛ لأن اللغة العبرية قريبة من اللغة العربية.
    فدل ذلك على أن اللغة غير العربية لا يذم من تعلمها ولا يمدح، إن كانت وسيلة لخير فإنه يمدح عليها، لو قال: أنا أريد أن أتعلم اللغة الإنجليزية لأدعو بها، نقول له: جزاك الله خيراً، يقول الله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ} [إبراهيم:4] ولا يمكن أن تدعو من لا يعرف اللغة العربية باللغة العربية، بل لا تدعوه إلا بلغته.
    فإذا كان الأمر هكذا فلا ينبغي لنا أن نفتي أنفسنا بفتاوى غير صحيحة، ونقول: ما عدا العلوم الشرعية فلا بأس بالغش فيها، وأما اللغة الإنجليزية فعليك بالغش، من قال هذا؟ والشهادة مرتبة على النجاح في كل المواد، فإذا كنت لا تستطيع أن تدرك هذه اللغة فاطرق أبواباً أخرى لعلَّ الله أن يفتح لك أبواباً أخرى إذا اتقيت الله عز وجل.

    (24/5)


    --------------------------------------------------------------------------------

    المنهجية في وضع أسئلة الامتحانات وتصحيح الإجابة
    الوجه الثالث: وهو ما يتعلق بوضع الأسئلة وتصحيح الأجوبة.
    أما وضع الأسئلة فالواجب أن تكون ملائمة للطلاب، بحيث لا تكون صعبة لا يمكنهم الإجابة عليها، ولا سهلة لا يُعرف بها ما عند الطالب من العلم، بل تكون ملائمة، ليست صعبة ولا سهلة، فإن قال واضع الأسئلة: إن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال لـ عثمان بن أبي العاص: (اقتد بأضعفهم) قلنا: ليس هذا الذي أراده النبي عليه الصلاة والسلام كالذي نحن فيه، الذي أراده النبي صلى الله عليه وسلم هو أن هذا الرجل جعله إمام قومه، يصلي بهم إماماً، وقال له: (اقتد بأضعفهم) لأن أقواهم لا حد لقوته، يريد أن تكون الصلاة طويلة في قراءتها وركوعها وسجودها وقيامها وقعودها، والضعيف لا يريد هذا، وما داموا مشتركين في الائتمام بإمامهم فإن عليه أن يراعي الضعيف، أما ما نحن فيه فإنه ميزان يوزن به ما عند الطلبة من العلوم، وهذا العدل فيه أن يكون بالوسط، لا ينظر فيه إلى الأقوياء ولا إلى الضعفاء.
    وأيضاً يلاحظ واضع الأسئلة أن تكون واضحة؛ لأن بعض الأسئلة تكون محتملة فيبقى الطالب متردداً: هل أراد كذا، أو أراد كذا وربما يأتي بجواب أكثر من المطلوب، فيضيع الوقت على نفسه ويضيعه على المصحح، فإذا كانت الأسئلة واضحة سهلت الإجابة عليها.
    ويجب على واضعي الأسئلة -من حيث الإجابة- أن يتقوا الله عز وجل في التصحيح، بحيث لا يفضلون أحداً على أحد، حتى لو كان يعرف أن هذا الجواب من طالب جيد، يعرفه أثناء الدراسة، لكنه عند الامتحان -مثلاً- أخطأ، ولم يصل إلى الدرجة التي تتوقع منه، لا تعتمد على ما كنت تعرفه عن هذا الطالب؛ لأن هذا ليس موكولاً إليك، وإنما هو مقرون ومرتبط بالجواب، وقد قال النبي عليه الصلاة والسلام: (إنكم تختصمون إلي، ولعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض فأقضي له بنحو ما أسمع، فمن اقتطعت له شيئاً من حق أخيه فإنما أقتطع له جمرة من النار فليستقل أو ليستكثر) الشاهد: (إنما أقضي بنحو ما أسمع) أيضاً المدرس عندما يصحح الأجوبة يصحح بنحو ما قرأ، ولا ينظر إلى أي اعتبار آخر، وعليه -أيضاً- ألا يهمل شيئاً يحتاج إلى التنبيه عليه.
    وهنا مسألة يكثر السؤال عنها: إذا أتى الطالب بالدليل من قرآن أو سنة، لكنه غلط فيه غلطة، فإننا نقول: إذا كان الشاهد من هذا الدليل موجوداً، فالغلط لا يحسب عليه؛ لأن الشاهد من الآية أو الحديث موجود وما زاد فهو كمال، فلا يحاسب عليه، لكن لا شك أن من أتى بالدليل تاماً من القرآن والسنة فهو أكمل، لكننا لا نحاسبه على ما أخلَّ به إذا كان المقصود من الدليل موجوداً.
    كذلك بعض الطلبة قد يزيد في الجواب، فمن المصححين من يقول: الزيادة نقص، ومنهم من يقول: الزيادة ليست بنقص، ومنهم من يقول: الزيادة إن دلت على تردد الطالب وأنه لم يفهم، لكن أراد أن يأتي بالكلام الطويل، لعله يضيع الأستاذ المصحح فإن هذه الزيادة تحسب عليه إذا وقع فيها الخطأ، ولا تحسب إذا لم يكن فيها خطأ، وهذا الرأي هو الأحسن أن يقال: إذا زاد الطالب وأخطأ في الزيادة فإنه لا يحسب عليه ذلك؛ لأن المقصود حصل بدون هذه الزيادة، إلا إذا علمنا أن الجواب يدل على أن الطالب لم يتقن ولم يهضم العلم، لكنه أتى بهذه الزيادة من أجل أن يضيع المصحح، كما يوجد عند بعض الطلبة، بعض الطلبة عنده شطارة يجعل المصحح في دوامة على الأقل يمل ويعطيه الدرجة كاملة، لكن هذا التفصيل: أن الزيادة إذا كان فيها خطأ فإنها لا تحسب ولكن إذا علمنا من قرينة الجواب أنه أراد التعمية على المصحح فإنه إذا أخطأ فيها حاسبناه عليها.

    (24/6)


    --------------------------------------------------------------------------------

    الاستعداد للامتحان الأعظم في الآخرة
    هذا الامتحان الذي نتحدث عنه امتحان لشيء من أمور الدنيا، إذا أخفق فيه الإنسان هذه المرة فلعله ينجح في المرة الثانية، لكن هنا امتحان أعظم منه وأشد خطراً وهو امتحان الإنسان في قبره إذا دفن وتولى عنه أصحابه، فإنه يأتيه ملكان فيسألانه عن ربه ودينه ونبيه، فـ {يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ} [إبراهيم:27] فيقول المؤمن: ربي الله، وديني الإسلام، ونبيي محمد.
    أسأل الله تعالى أن يجعلني وإياكم من هؤلاء، وأن يثبتنا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة، وأن يرزقنا الاستعداد لهذا اللقاء، إنه على كل شيء قدير.
    والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.

    (24/7)


    --------------------------------------------------------------------------------

    الأسئلة

    (24/8)


    --------------------------------------------------------------------------------

    كيفية التعامل مع من مرض يوم الامتحان


    السؤال
    فضيلة الشيخ! إذا كان الطالب مجتهداً في حفظ دروسه كلها، فمرض في يوم الامتحان، وحضر الامتحان ولكن زاد عليه المرض، فهل يجوز أن يساعده أحد من إخوانه على الامتحان، أم ماذا يصنع؟

    الجواب
    لا يجوز لأحد أن يساعده على الامتحان، ولكن إذا وصل إلى حالة لا يتمكن فيها من الإجابة، فالواجب أن ينظر إلى حاله، فإما أن يعطى درجة على هذه المادة بالنسبة، أي: ينظر المجموع الكلي في الدروس الأخرى، ثم يعطى على هذه المادة بمثل هذه النسبة، وإما أن يعاد الامتحان له على حسب ما يقتضيه النظام وما تراه الإدارة أو العمادة.

    (24/9)
    وأخيراً أسأل الله عز وجل أن يجعل هذا العمل نافعاً، مباركاً، خالصاً لوجهه الكريم
    وأن ينفعني به في حياتي وبعد مماتي، وأن ينفع به كل من انتهى إليه؛ فإنه خير مسؤول، وأكرم مأمول، وهو حسبنا ونعم الوكيل، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد بن عبد الله وعلى آله وأصحابه ومن تبعه بإحسان إلى يوم الدين.

    حياكم الله بموقع بداية الهداية الخطوة إلى طريق العلم الشرعي الصحيح
    http://www.musacentral.com/

  3. #43
    تاريخ التسجيل
    Mar 2009
    المشاركات
    2,459
    الدين
    الإسلام
    آخر نشاط
    01-11-2023
    على الساعة
    03:37 PM

    افتراضي

    كيفية تحديد امتحان المواد الدراسية


    السؤال
    فضيلة الشيخ! هناك موضوع يؤلمني كثيراً، أرجو منكم التوجيه لي ولإخواني فيه: فبعض الطلبة لا سيما أن بعضهم في قسم الشريعة أو الأصول يقوم بإحراج المشايخ ومدرسيه فيقول: احذف عنا بعض المنهج، خفف عنا، وأيضاً: تجده يكون فرحاً إذا غاب أحد أساتذته؛ لأنه ينقص من المنهج حينئذٍ، ويعلم الله أن هذا يؤلمني، فهل ألمي هذا له وجه، أرجو توجيهي وتوجيه إخواني في ذلك؟

    الجواب
    نعم.
    ألمك هذا له وجه، وذلك أنه لا ينبغي للطالب الحازم أن يُلجئ الأساتذة إلى أمر محرج، بل عليه الأدب والابتعاد عن هذه الخصلة، ثم إن الأستاذ لا يملك أن يحذف شيئاً من المقرر وقد جاءت الأنظمة بأن الامتحان على حسب المنهج والمقرر، وليس على حسب الدراسة، وهذه أيضاً مشكلة، النظام هو أن يكون الامتحان بحسب المقرر لا بحسب المقروء، ولهذا ينبغي للأستاذ ألا يضيع وقت الدراسة ببحوث خارجة عن الموضوع، فيضيع على الطلبة مقررهم إلى أمر ليسوا بحاجة إليه، فإذا جاء آخر العام وإذا هم لم يأخذوا إلا (80%) أو أقل من المقرر، فيقع هو أو الطلبة في حرج؛ لأنه إما أن يقتصر على المقروء وحينئذٍ يقع هو في حرج؛ لأن المسئولين الذين فوقه يقولون: لا بد أن يكون الامتحان في جميع المقرر، وإما أن يقع الطلبة في حرج، فتوضع لهم أسئلة في شيء لم يقرءوه، وهذا لا شك أنه حرج.
    فالحاصل: أننا ننصح الطلبة ألا يحرجوا الأساتذة في هذه المسألة، وننصح الأساتذة -أيضاً- بأن يحرصوا على إكمال المقرر بدون غرر، وألا يشغلوا أوقات الدراسة ببحوث لا فائدة منها.

    (24/10)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم أخذ الشهادة بالغش في مواد الامتحان


    السؤال
    ما رأي فضيلتكم في طالب نجح في شهادة الثانوية وقد غش في مادة الإنجليزي بعد أن ذهب من عمره ثلاث سنوات في هذه المادة لم ينجح إلا بالغش، علماً أنه لا يستفيد من هذه المادة المعروضة عليه، فما حكم هذه النتيجة؟

    الجواب
    النتيجة هذه ليست نتيجة في الواقع؛ لأنه بقي عليه مادة من المواد لم ينجح فيها، والشهادة لا تعطى إلا لمن نجح في جميع المواد المقررة، وعلى هذا فأمره محرج، لكن أقول: لعله إذا تاب إلى الله عز وجل ودخل في الجامعة في مواد لا تتنافى مع ما فاته من دروس الثانوية أقول: لعل الله أن يعفو عنه وأن يستمر في دراسته في الجامعة حتى ينجح.

    (24/11)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم تأجيل ما بقي من مال المشتري


    السؤال
    ما الحكم إذا أتى المشتري واشترى سلعة بعشرين ريالاً، وقد أعطى البائع أكثر من هذا المبلغ، فيقول البائع حينئذٍ للمشتري: ما بقي لك تعال وخذه غداً مني.
    وهذا يحصل معنا معشر الطلبة كثيراً، نشتري وجبة الغداء -مثلاً- بريالين، فنعطي البائع خمسة ريالات فيقول: إذا انتهيت فتعال خذ الباقي.
    أرجو توضيح هذه المسألة، فقد سمعت بأنها ربا فهل هذا صحيح، وما هي العلة، وكيف الخلاص حينئذٍ من هذه الصورة؟

    الجواب
    هذه الصورة ليس فيها ربا، الربا لو قلت: اصرف لي فئة خمسين، فقال: ليس عندي إلا خمسة وعشرين خذ خمسة وعشرين والباقي تأتيني بعد ذلك، هذا الذي يكون ربا.
    أما إذا اشتريت حاجة بدراهم، مثلاً: اشتريت حاجة بعشرين، وليس معك إلا ورقة فئة خمسين، ثم أعطيتها هذا الرجل وقلت: هذه الورقة عندك لك منها عشرون وغداً آتي إليك ونعقد عقداً جديداً على ما بقي من الدراهم.
    فهذا لا بأس به، المحذور هو أن تتعامل بمصارفة بدون قبض، أما أن تعطيه أكثر من حقه ويكون الزائد عنده بمنزلة الأمانة، فإذا جئت من الغد أو من بعد الغد قلت: أنا أصارفك على هذا، فهذا لا بأس به.

    (24/12)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم من لبس ملابس الإحرام ثم نزعها قبل وصوله مكة


    السؤال
    فضيلة الشيخ! رجل صعد الطائرة من مطار القصيم، يريد الذهاب إلى أبها، والطائرة لا بد أن تنزل في مطار الطائف، فلبس ملابس الإحرام في مطار القصيم وعقد النية عند الميقات، فلما نزل في المطار في الطائف قالوا: إن الطائرة سوف تقلع بعد نصف ساعة، فخلع الملابس ولبس ثياب الحل، فما الحكم؟ مع العلم أنه قد تزوج بعد تلك الحادثة؟

    الجواب
    ما دام الرجل لم يعقد النية وإنما تأهب ويريد إذا نزل الطائف وذهب إلى مكة ومرَّ بالميقات أحرم منه، فالأمر في هذا سهل؛ لأنه لم يعقد النية، فإذا وصل إلى مطار الطائف وقد لبس ثياب الإحرام وبدا له ألا يأتي بعمرة فلا حرج عليه، أما إذا كان قد تلبس بالإحرام أي: عقد النية، ولا أظن أن هذا يقع، كيف ينوي وهو لم يصل إلى الميقات؟ لكن إذا قدر أنه فعل ونوى فإنه يجب عليه الآن أن يكمل عمرته فيخلع الثياب المعتادة ويلبس ثياب الإحرام ويكمل العمرة، فإذا أكملها أعاد تجديد العقد؛ لأن العقد وقع عليه وهو في إحرام، لم يحل من عمرته، وعقد المحرم النكاح باطل لا يصح، فهذه الطريقة.
    الآن يذهب يلبس ثياب الإحرام فوراً، ويذهب إلى مكة ويطوف ويسعى ويقصر وبهذا تتم عمرته، ثم يعيد عقد النكاح بعد التحلل من هذه العمرة؛ لأن عقده النكاح وهو في العمرة عقد باطل، لقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (لا يَنكح المحرم ولا يُنكح، ولا يخطب) .

    (24/13)


    --------------------------------------------------------------------------------

    التفصيل في متابعة الإمام في سجود السهو


    السؤال
    فضيلة الشيخ! لسجود السهو حالة بعد السلام وحالة قبل السلام، أرجو تفصيل حال المأموم إذا كان مسبوقاً هل يتابع الإمام فيسجد إذا أكمل صلاته، أرجو التفصيل لحصول اللبس عليَّ وعلى إخواني؟

    الجواب
    المسبوق معناه: هو الذي فاته بعض الصلاة، فإذا سجد الإمام قبل السلام وجب عليه أن يسجد معه؛ لأنه لا يمكن أن يقوم لقضاء ما فاته إلا بعد سلام الإمام، فيسجد معه تبعاً له، فإذا فرغ من صلاته نظرنا: إن كان سهو الإمام قبل أن يدخل المسبوق معه فلا سجود عليه؛ لأنه لم يسه ولم يدرك الإمام حال سهوه، وإن كان سهو الإمام في الجزء الذي أدرك الصلاة فيه معه، فعليه أن يسجد قبل أن يسلم؛ لأن سجود السهو الذي كان قبل تمام الصلاة إنما كان متابعة لإمامه.
    أما إذا كان سجود الإمام بعد السلام فإنه لا يتابعه، بل إذا سلم الإمام من صلاته قام هذا المسبوق وقضى ما فاته، ثم إن كان سهو الإمام الذي سجد له الإمام قبل أن يدركه المأموم فيه فلا سجود على هذا المأموم؛ لأنه لم يسه ولم يقع سهو الإمام وهو مع إمامه، وأما إن كان في الجزء الذي أدرك الإمام فيه فإنه إذا قضى ما فاته يسلم ثم يسجد سجدتين بعد السلام ويسلم.
    أما إذا كان لا يعلم هل هو قبل أن يدركه فيه أو لا فالاحتياط أن يسجد ولا يضره إن سجد.

    (24/14)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم إعطاء أحد الأبناء المال لحاجة دون إخوته


    السؤال
    فضيلة الشيخ! أعطي بعض أولادي أحياناً ريالاً أو خمسة ريالات أو عشرة ولا أعطي إخوانه كذلك أو أعطيهم أكثر منه، وليس ذلك من باب تفضيل أحدهم على الآخر، ولكن حسب الظروف والأحوال، فهل عليَّ حرج في ذلك، وهل يُعدُّ ذلك عدم عدل؟

    الجواب
    إذا كان ما تعطي الأولاد أو البنات لدفع حاجتهم فإن ذلك ليس بجور، فمثلاً: لو احتاج الابن الكبير إلى كتب دراسية والذين دونه لا يحتاجون إليها، فاشتريت لهذا الابن الكبير ما يحتاج إليه من مواد الدراسة دون الآخرين فلا بأس، وكذلك لو احتاجت البنت إلى حلي -خواتم أو خروص أو ما أشبه ذلك- فإنك تشتري لها، ولا يلزمك أن تعطي الابن شيئاً مقابل ذلك؛ لأنك إنما أعطيتها لدفع الحاجة، ولهذا لو كان عندك أبناء كبار وأبناء صغار، فكسوت كل واحد ثوباً، أيهم أكثر؟ الكبار لا شك، فهل يلزمك أن تعطي الصغار ما زاد على ثيابهم؟ لا.
    فالمهم أن القاعدة: أن ما كان لدفع الحاجة فالعدل فيه أن تعطي كل واحد ما يحتاج، ولهذا لو أن الكبير بلغ واحتاج إلى زواج وزوجته؛ لأنه ليس عنده شيء، فهل يلزمك أن تعطي إخوانه مثل المهر الذي أعطيت الكبير؟ الجواب: لا، من بلغ أن يتزوج في حال حياتك فزوجه، ومن لم يبلغ أن يتزوج فليس عليك شيء.
    وهنا مسألة أحب أن أنبه عليها: قد يكون بعض الأولاد يحتاج إلى سيارة؛ لأن مدرسته بعيدة، والآخرون لا يحتاجون إلى سيارة؛ لأن مدرستهم قريبة، فهل تشتري للكبير سيارة؟ الجواب: لا تشتري له سيارة، ولكن اشتر سيارة باسمك وأعطها إياه ينتفع بها؛ لأنك بذلك تدفع حاجته ولا تخصه بتملك السيارة، لو قدر أن يموت هذا الابن ترجع السيارة لك، ولو قدر أن تموت أنت ترجع السيارة للورثة.

    (24/15)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم معالجة العين أو السحر بطريقة التلبية


    السؤال
    يعمد بعض من يعالجون من السحر أو العين للمرضى يعمدون إلى طريقة تسمي عندهم (التلبينة) وهي أن يطلب ذلك الرجل من المريض بالسحر أن يحضر غلاماً أو فتاة دون سن البلوغ، ويزعم أنه إنما خصص هذا السن؛ لأن ذلك الطفل أو تلك الطفلة ليس عليها ذنوب، ثم يجعل في يد ذلك الصغير ورقة بيضاء أو مرآة، ثم يطفئ الأنوار، ويسأل ذلك الغلام: ماذا ترى؟ حتى يصف له الشخص الذي يراه من رجل أو امرأة، فما حكم ذلك؟ وما حكم إتيانهم؟ وما حكم إعطائهم أجرة؟ وهل يختلف الحكم إذا كانوا يقرءون شيئاً من القرآن أو الأدعية عند ذلك العمل؟

    الجواب
    أرى أن مثل هذا العمل يؤدي إلى جنون الصبي أو الصبية، يعطيه ورقة بيضاء ويقول: أطفئ الأنوار ثم يقول: ما الذي تشاهد؟ هذا يوجب وحشته، وربما يكون في فكره وساوس وهواجس يخبل بها، حتى لو فرضنا أنه سيعطيها رجلاً بالغاً فإن ذلك نوع من السحر، ولا يجوز استعمال هذا، إنما يرقى المريض بأي مرض كان بالقرآن الكريم بالأدعية النبوية بالمعالجات الطبيعية كالعسل والحبة السوداء وما أشبه ذلك، أما هذه الأوهام والخيالات فإنه لا يجوز اعتمادها، ولا الذهاب إلى من يعالج بها.

    (24/16)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم من مات وعليه صوم


    السؤال
    فضيلة الشيخ! رجل أفطر من رمضان اثنا عشر يوماً بسبب غسيله للكلى، وكان عنده نية أن يقضي هذه الأيام، ولكن أنهكه المرض وتدارك عليه فلم يستطع القضاء، ثم توفي، فهل يصوم عنه وليه هذه الأيام أو يطعم عنه أفدنا جزاك الله خيراً؟

    الجواب
    الأفضل أن يطعم عنه؛ وذلك لأن هذا المريض مريض بمرض الغالب أنه لا يرجى برؤه، ولهذا استمر به هذا المرض حتى توفي عليه رحمة الله، فالواجب أن يطعم عنه لكل يوم مسكين، والصاع الموجود من الرز يكفي لأربعة أيام إذا أعطي أربعة مساكين، والصاعان لثمانية، والثلاثة لاثني عشر يوماً، وعلى هذا فيكون هذا المريض يطعم عنه ثلاثة أصواع من الرز لاثني عشر فقيراً، وإن أمكن أن يجعل معها لحم حتى يؤدمها فهو أطيب وأكمل.

    (24/17)


    --------------------------------------------------------------------------------

    التفصيل في السقط إذا دُفن من غير غسل ولا صلاة


    السؤال
    فضيلة الشيخ! هناك امرأة أسقطت حملها في الشهر الرابع وكانا توأم، فقامت امرأة في الحال بأخذ المولودين ودفنهما في حوش المنزل ولم يصلِّ عليهما، فما الحكم في ذلك الفعل من المرأة التي دفنتهما من غير صلاة ومن غير تغسيل؟ وماذا عليها الآن وقد مضى على دفنهما ما يقارب عشر سنين، بل وأصبح موضع قبرهما بلاطاً، أي: طريقاً وممراً للمشاة أفتونا جزاكم الله خيراً؟

    الجواب
    أولاً: إذا كان الحمل لم يتم له أربعة أشهر فإنه لا حكم له من حيث الصلاة والتغسيل والتكفين والدفن، يدفن في أي مكان، وإن كان قد تم لهما أربعة أشهر فإن الجنين إذا تم له أربعة أشهر أمر الله تعالى ملك الأجنة أن ينفخ فيه الروح ويتحرك، وحينئذٍ تكون هذه المرأة آثمة بفعلها؛ لأن الواجب أن يغسلا ويكفنا ويصلى عليهما ويدفنا في مقابر المسلمين، وعلى المرأة أن تتذكر هل هذا قبل تمام أربعة أشهر أو بعده، وتمشي على ما قلنا الآن.
    لكن هو له عشر سنين الآن إذا كان قد تم لهما أربعة أشهر يقيناً فما بقي الآن مما يمكن استدراكه إلا الصلاة عليهما، فيصلى عليهما ولو في البيت.

    (24/18)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم التبرع بالدم


    السؤال
    فضيلة الشيخ! نقل إلينا أن فضيلتكم لا يرى التبرع بالدم إلا للضرورة كالتبرع لشخص معين، فهل هذا القول صحيح، وإذا تبرع الشخص بدمه لشخص معين فإنه ينقل إليه مباشرة دون وضع الدم في الثلاجة، فعند ذلك تتعطل الثلاجة، فتبقى الثلاجات التي في المستشفيات لا يوضع فيها الدم خالية، وعلى هذا إذا أتت حالة طارئة للمستشفى وأردت دماً فلا يمكن نقل الدم إلى ذلك المريض مباشرة؛ لعدم وجود دم في الثلاجة، خاصة إذا كانت فصيلة الدم نادرة لا تتوفر بسرعة، فيكون بذلك إهلاك للنفس، فهل من إفادة في حكم التبرع بالدم، جزاكم الله خير الجزاء، ووفقكم لما يحب ويرضى؟

    الجواب
    نقول: إن نقل الدم إذا كان الإنسان صائماً صيام فرض، فإنه لا يجوز أن يسحب من الإنسان الدم وهو صائم صيام فرض إلا للضرورة بحيث يكون هناك مريض مضطر لهذا النوع من الدم، فحينئذٍ يسحب الدم من الصحيح الصائم ونقول له: أفطر -كل واشرب- واقض يوماً مكانه.
    وأما إذا كان الإنسان غير صائم، وأراد أن يتبرع بالدم وتبرعه بالدم لا يضره، فلا حرج عليه في ذلك؛ لأن الدم لا يستلزم فقد عضو من الجسم، إنما يستلزم استنزاف الدم ثم يأتي بدله بسرعة، وليس كالأعضاء، فما نقل عنا فلعل الناقل توهم ذلك فيما إذا كان الإنسان صائماً صوم فرض، فإنه لا يجوز أن يتبرع بالدم إلا إذا كان هناك شخص مضطر إلى هذه الفصيلة من الدم، وغلب على الظن أنه لا يمكن أن يبقى إلى غروب الشمس بدون تبرع، فحينئذٍ يتبرع له الصائم ويفطر فيأكل ويشرب ويقضي يوماً مكانه، مثال ذلك: إنسان اضطر إلى دم هذا الرجل الصائم في رمضان، وقيل: إن تأخيره إلى الغروب ربما يكون سبباً لهلاكه، فنقول للصائم: جزاك الله خيراً مكنهم من أن يأخذوا من دمك ليجعلوه في هذا المحتاج، وأنت كل واشرب ولو في رمضان ثم اقض يوماً مكانه، أما إذا لم يكن الإنسان صائماً صيام فرض فالأمر في هذا واسع، ولا بأس بالتبرع بالدم سواء لمريض حاضر أو يُخزن في خزانات لاستقبال المرضى الذين يحتاجون إلى ذلك.

    (24/19)


    --------------------------------------------------------------------------------

    ظاهرة خروج الفتيات إلى الأسواق


    السؤال
    فضيلة الشيخ! كثرت الفتن في هذا الزمان، وبالذات في الأسواق والأماكن العامة التي يكثر فيها خروج النساء دون محرم، كثرةً تلفت الانتباه، لا سيما في هذه المدينة المباركة، فنرى بعض بوادر الشر ونرى كثيراً من النساء بل الفتيات يقفن طوابير لانتظار سيارات النقل الجماعي وغيرها لنقلهن إلى الأسواق، أرجو توجيهاً منكم في هذا الجمع المبارك أسأل الله أن ينفع بكم عباده؟

    الجواب
    لا شك أن فتنة النساء أضر على الرجال من أي فتنة كانت، لقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء) ولا شك أننا في هذه البلاد قد أنعم الله علينا بنعم كثيرة: أمن، رفاهية، عيش، صحة، وكل هذه من أسباب الشر والفساد، ولهذا يقول الشاعر:
    إن الشباب والفراغ والجدة مفسدة للمرء أي مفسدة
    والجدة: الغنى.
    ولا شك أنه يوجد من الفتيات من لها شغف في أن تنزل إلى الأسواق ولو لأدنى حاجة، ولو لحاجة ممكن أن يقضيها أصغر إخوانها، ومع ذلك تريد أن تنزل بنفسها، ولا شك -أيضاً- أنه يوجد من السفهاء في الأسواق أو في المتجرات من يكون سبباً لافتتان النساء به، فتجد المرأة تنزل من أجل أن تذهب إلى هذا المتجر أو إلى هذا السوق فيحصل الشر.
    ولكن ما هو الخلاص من ذلك؟ الخلاص: أولاً: أن تنمى في مدارك هؤلاء الفتيات العقيدة السليمة، بأن الله سبحانه وتعالى حافظ ومطلع يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور.
    ثانياً: أن تنمى فيهن محبة العفة، والبعد عن الفحشاء وأسبابها.
    ثالثاً: أن تمنع النساء من الخروج من البيوت؛ لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم إنما نهى عن منعهن من الذهاب إلى المساجد، وأما إلى الأسواق فالرجل حر له أن يمنعها، تمنع من الخروج من البيت إلا لحاجة لا يمكن أن يقضيها أحد سواها، وهذا الاستثناء أقوله من باب الاحتراز، وإلا فلا أظن أن حاجة لا يمكن أن يقضيها إلا النساء؛ لأن بإمكان كل امرأة أن تقول لأخيها: يا أخي اشتر لي الحاجة الفلانية، لكننا ذكرنا هذا الاستثناء احتياطاً، وأن يكون الرجل كما جعله الله عز وجل قوَّاماً على المرأة، لا أن تكون المرأة هي التي تديره؛ لأن الله يقول: {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ} [النساء:34] فليكن قائماً حقيقة، وليمنعها، ولكن لا بعنف، بل بهدوء وشرح للمفاسد وبيان للثواب والأجر إذا لزمن البيوت؛ لأن الله تعالى قال: {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ} [الأحزاب:33] أي: نساء النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وهنَّ أكمل النساء عفة وأقومهن في دين الله، ومع ذلك قال الله لهن: {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} [الأحزاب:33] .
    كذلك من أسباب درء هذه الفتنة: أن يوجد للفتاة شغلاً في البيت، بحيث لا يأتي بالخادم إلا عند الضرورة القصوى؛ لأن الخادم إذا دخل في البيت فإن المرأة سوف تكف عن كل عمل، وستبقى حبيسة البيت إذا لم تخرج، وحينئذٍ يضطرها هذا الفراغ إلى أن تخرج، لكن لو لم يكن عندها خادم وصار تشتغل في بيتها بإصلاح الطعام، وغسل الثياب، وفرش الفرش وما أشبه ذلك، صارت فيها حيوية في البيت ونشطت، ولم تبالِ أن تخرج أو لا تخرج.
    فالمهم أن نصيحتي لإخواني الرجال خاصة وللنساء أيضاً: أن يكون رائدهم الإصلاح دائماً والبعد عن الفتنة.

    (24/20)


    --------------------------------------------------------------------------------

    علاج قسوة القلب


    السؤال
    فضيلة الشيخ! أشكو إلى الله ثم لكم قسوة أجدها في قلبي، فماذا أعمل جزاك الله خيراً؟

    الجواب
    اعمل شيئين: الأمر الأول: الإكثار من قراءة القرآن، فإن الله تعالى يقول في هذا القرآن: {لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعاً مُتَصَدِّعاً مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ} [الحشر:21] ولا أظن شيئاً أشد قسوة من الحجارة، ومع ذلك لو نزل عليها هذا القرآن لرأيت الجبل خاشعاً متصدعاً من خشية الله، وفي ذلك يقول ابن عبد القوي رحمه الله:
    وحافظ على درس القرآن فإنه يلين قلباً قاسياً مثل جلمدي
    ولكن ليس المراد مجرد التلاوة مع غفلة القلب، بل التلاوة مع استحضار القلب وتدبره؛ فإن ذلك لا شك يلين القلب على كل حال.
    الأمر الثاني: ذكر الله عز وجل: التهليل التكبير التسبيح التحميد ما أشبه ذلك، بشرط: أن يتواطأ القلب واللسان، لأن مدار الحياة على القلب، فإذا حيا القلب حيا الجسم، ولهذا قال الله تعالى: {وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا} [الكهف:28] ولم يقل: ولا تطع من أسكتنا لسانه عن ذكرنا، بل قال: (أغفلنا قلبه) وكم من إنسان يذكر بلسانه لكن قلبه لاهٍ، فالذكر حينئذٍ يكون ضعيفاً وأثره رديء، لكن إذا اجتمع القلب واللسان فهذا مما يسبب حياة القلب ولين القلب، قال تعالى: {اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَاباً مُتَشَابِهاً مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ} [الزمر:23] .
    نسأل الله لنا ولكم الهداية، وأن يلين قلوبنا لذكره وطاعته، وأن يجعلنا هداة مهتدين وصالحين مصلحين إنه على كل شيء قدير.

    (24/21)


    --------------------------------------------------------------------------------
    وأخيراً أسأل الله عز وجل أن يجعل هذا العمل نافعاً، مباركاً، خالصاً لوجهه الكريم
    وأن ينفعني به في حياتي وبعد مماتي، وأن ينفع به كل من انتهى إليه؛ فإنه خير مسؤول، وأكرم مأمول، وهو حسبنا ونعم الوكيل، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد بن عبد الله وعلى آله وأصحابه ومن تبعه بإحسان إلى يوم الدين.

    حياكم الله بموقع بداية الهداية الخطوة إلى طريق العلم الشرعي الصحيح
    http://www.musacentral.com/

  4. #44
    تاريخ التسجيل
    Mar 2009
    المشاركات
    2,459
    الدين
    الإسلام
    آخر نشاط
    01-11-2023
    على الساعة
    03:37 PM

    افتراضي

    اللقاء الشهري

    اللقاء الشهري [25]
    إن انتهاء شهر رمضان لا يعني انتهاء جميع ما فيه من الأعمال الصالحة التي يقوم بها الناس بسبب تقييد الشياطين، بل هي باقية لمن أراد القيام بها، ومن حكمة الله عز وجل أن جعلنا نتقلب بين العبادات، فكلما انتهت عبادة دخلنا في أخرى، وذلك مثل الخروج من شهر رمضان والدخول في أشهر الحج.

    (25/1)


    --------------------------------------------------------------------------------

    الاستمرار على الأعمال الصالحة بعد رمضان
    إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله أرسله الله تعالى بالهدى ودين الحق، فبلغ الرسالة، وأدى الأمانة، ونصح الأمة، وجاهد في الله حق جهاده، فصلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
    أما بعد: أيها الإخوة: فهذا هو اللقاء الأول من بعد شهر رمضان عام (1415هـ) وهو اللقاء الموفي للخامس والعشرين من اللقاءات الشهرية، ويتم في هذه الليلة ليلة ثمانية عشر من شهر شوال عام (1415هـ) .
    ومن المناسب أن نتكلم عن موضوعين: الموضوع الأول: هل انقضى عمل الإنسان بانقضاء شهر رمضان؟ والجواب على هذا

    السؤال
    لا.
    إن عمل الإنسان لا ينقطع إلا بالموت، لقول الله تبارك وتعالى: {وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ} [الحجر:99] أي: حتى يأتيك الموت، ولقوله تعالى عن يعقوب: {يَا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} [البقرة:132] ولقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث) فلم يجعل النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أمداً لانقطاع العمل إلا بالموت.
    ثم هل العمل الذي يؤدى في رمضان كالصوم والقيام والصدقة هل انقطع بانتهاء رمضان؟ لا، هناك صيام أيام مشروعة غير رمضان، منها: صيام الأيام الست من شوال، فإن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: (من صام رمضان ثم أتبعه ستاً من شوال فكأنما صام الدهر) وهذه الأيام الستة ينبغي أن تلي شهر رمضان، أي: أن يشرع فيها الإنسان من اليوم الثاني من شوال، ويتابعها لما في ذلك من السبق إلى الخيرات، ولأن هذا أسهل؛ لأن الإنسان قد اعتاد الصوم في رمضان فيسهل عليه الاستمرار فيه، ولأن الإنسان إذا أخرها ربما يحصل له التسويف فيقول: غداً أصوم غداً أصوم حتى تنقضي الأيام، وهذه الأيام الستة تابعة لرمضان، فمن صامها قبل أن يقضي ما عليه من رمضان فإنه لا ينال ثوابها؛ لأن الرسول عليه الصلاة والسلام قال: (من صام رمضان ثم أتبعه) ولو صامها قبل القضاء لكانت متبوعة لا تابعة.
    فإن قال قائل: ربما يكون هناك عذر، ربما ترك صوم رمضان لمرض، واستمر به المرض إلى آخر شوال، ثم شفاه الله وشرع في القضاء وخرج شوال، فنقول حينئذٍ: يصومها تابعة لرمضان ولو في ذي القعدة، ولو خرج شهر شوال؛ وذلك لأنه ترك صومها في شوال لعذر فقضاها من بعده، كما أن رمضان يترك للعذر ويقضى بعده.
    - ومن الصيام المشروع: أن يصوم الإنسان يوم عرفة، فإن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: (أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله والسنة التي بعده) إلا الحاج فلا يسن له أن يصوم يوم عرفة؛ من أجل أن يكون قوياً متفرغاً للدعاء في ذلك اليوم.
    - ومن الصيام المشروع: صوم يوم عاشوراء، وهو اليوم العاشر من شهر محرم؛ لأنه اليوم الذي أنجى الله موسى وقومه وأهلك فرعون وقومه، ولكن يصوم قبله اليوم التاسع؛ لقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (لئن بقيت إلى قابل لأصومن التاسع) .
    - ومن الصيام المشروع: صوم عشر ذي الحجة؛ لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: (ما من أيام العمل الصالح فيهن أحب إلى الله من هذه الأيام العشر) والصوم من العمل الصالح.
    - ومن الصيام المشروع: أن يصوم الإنسان ثلاثة أيام من كل شهر، سواء من أول الشهر أو وسطه أو آخره؛ لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم كان يصوم من كل شهر ثلاثة أيام، لا يبالي أصامها من أول الشهر أو وسطه أو آخره، لكن الأفضل أن تكون في أيام البيض، أي: في اليوم الثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر.
    - ومن الصيام المشروع: أن يصوم يوم الإثنين والخميس؛ لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم كان يصومهما ويقول: (إنهما يومان تعرض فيهما الأعمال على الله، فأحب أن يعرض عملي وأنا صائم) .
    - ومن الصيام المشروع: أن يصوم يوماً ويفطر يوماً، وهذا أفضل الصيام، لقول النبي صلى الله عليه وسلم لـ عبد الله بن عمرو بن العاص: (صم يوماً وأفطر يوماً فذلك صيام داود وهو أفضل الصيام) .
    إذاً: الصيام هل انقطع بانتهاء رمضان أم لا؟ لا.
    القيام: هل انقطع بانتهاء رمضان؟ لا، القيام مشروع في كل ليلة، والأفضل بعد منتصف الليل إلى أن يبقى سدس الليل فتنام، الأفضل أن تنام النصف الأول من الليل، ثم تقوم الثلث، ثم تنام السدس، هكذا أرشد النبي صلى الله عليه وسلم عبد الله بن عمرو بن العاص وقال: (إن هذا قيام داود وهو أفضل القيام) فإن لم يتيسر لك ذلك فقم ولو قليلاً في آخر الليل، لأن الرب عز وجل ينزل إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر، فيقول: (من يدعوني فأستجيب له، من يسألني فأعطيه، من يستغفرني فأغفر له) واختم صلاتك بركعة التي هي الوتر؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن صلاة الليل؟ فقال: (مثنى مثنى، فإذا خشي أحدكم الصبح صلى واحدة فأوترت ما قد صلى) .
    أما الصدقة فهي أيضاً لم تنقطع، الصدقة مشروعة كل وقت، بل إن الإنسان الموفق يجعل أكله وشربه ونفقة عياله من الصدقة، إنفاقك على نفسك صدقة، وعلى أهلك صدقة، بل إن الإنفاق على الأهل أفضل من الصدقة على غيرهم، فلو كان معك عشرة ريالات، وتقول: هل أتصدق بها على فقير، أم أنفق بها على أهلي لأنهم محتاجون؟ نقول: أنفقها على أهلك.
    ثم قراءة القرآن لم تنقطع بانتهاء رمضان، قراءة القرآن مشروعة كل وقت، وينبغي للإنسان أن يجعل له حزباً معيناً يحافظ عليه كل يوم حتى لا تضيع عليه الأيام بدون قراءة القرآن.

    (25/2)


    --------------------------------------------------------------------------------

    مسائل تتعلق بالحج
    أما الأمر الثاني مما أريد أن أتكلم عليه فهو: أن من حكمة الله عز وجل أنه لما انقضى زمن ركن من أركان الإسلام دخل زمن ركن آخر، انقضى رمضان وهو وقت أداء ركن من أركان الإسلام وهو الصيام، وفي تلك اللحظة التي خرج فيها رمضان دخلت شهور الحج، نحن الآن في أشهر الحج، لأن أشهر الحج تدخل بغروب شمس آخر يوم من رمضان، وهذه من حكمة الله، حتى نشعر بأن أوقاتنا كلها معمورة بطاعة الله عز وجل، انقضى فرض الصيام جاء فرض الحج.
    والحج واجب على كل مسلم، لكن من رحمة الله ولطفه أنه لا يجب في العمر إلا مرة واحدة، ولو كان الإنسان من أغنى عباد الله فإنه لا يلزمه أن يحج إلا مرة واحدة، لقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (الحج مرة فما زاد فهو تطوع) .
    ولا يجب الحج إلا على القادر، العاجز لا يجب عليه الحج، فإذا قدرنا أن إنساناً فقيراً ليس عنده شيء، فهل يلزمه أن يحج؟ أي: هل يلزم أن يقترض ليحج؟

    الجواب
    لا.
    ولو لاقى ربه قبل أن يحج للاقى ربه وقد تمت أركان إسلامه؛ لأن الركن الخامس الذي هو الحج لا يجب عليه حين يعجز عنه.
    وهل يجب على الإنسان إذا كان مريضاً أن يحج؟ الجواب: لا، ولو كان عنده مال، لكن إن كان مرضه يُرجى زواله فلينتظر حتى يشفى ويحج بنفسه، وإن كان مرضه لا يُرجى زواله وعنده مال فليوكل من يحج عنه، لحديث ابن عباس رضي الله عنهما: (أن امرأة أتت النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فقالت: يا رسول الله! إن فريضة الله على عباده في الحج أدركت أبي شيخاً كبيراً لا يثبت على الراحلة أفأحج عنه؟ قال: نعم) فصار العاجز عن الحج لمرض إن كان يرجو زوال مرضه انتظر، وإلا وكل من يحج عنه إذا كان عنده مال، أما من لا مال عنده فليس عليه حج.
    امرأة عندها مال، لكنها لم تجد محرماً يحج بها، هل عليها الحج؟ لا.
    حتى لو كانت من أغنى النساء، ولكن ليس لها محرم فلا تحج.
    أما إذا كان لها محرم وقالت له: حج بي وأنا أكفيك النفقة كلها، هل يلزمه أن يحج معها؟ الجواب: لا يلزمه، اللهم إلا إذا كان لم يؤدِ الفريضة وأعطته مالاً يكفيه للحج، فهنا نقول: يجب عليه الحج من أجل أنه لم يأتِ بالفريضة لا من أجل أن يكون محرماً لها، وتصحبه في هذه الحالة.
    إذاً: هل تحزن المرأة إذا كان عندها مال ولم تجد محرماً على أنه فاتها الحج؟ الجواب: لا تحزن ولا تخشى العقوبة؛ لأنه لم يجب عليها الحج، ولو لاقت الله عز وجل للاقته بغير ذنب فيما يتعلق بالحج.
    إنسان عنده مال، لكن عليه دين يطالبه به صاحبه، عنده -مثلاً- خمسة آلاف يمكن أن يحج بها، لكن صاحب الدين يقول: أعطني، هل يجب عليه الحج؟ لا.
    لأن عليه ديناً، ولا حج عى الإنسان إذا كان عليه دين وليس عنده ما يفضل عن الدين؛ لأن الله تعالى قال: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً} [آل عمران:97] .
    وكثير من الناس ربما يستدينون من أجل الحج، وهذا غلط، ليس هذا من الشرع أن تستدين من أجل الحج، الحج ليس واجباً عليك، أرأيت لو كان إنسان فقيراً هل تجب عليه الزكاة؟ الجواب: لا تجب، أنت الآن لا يجب عليك الحج؛ لأنك لا تستطيع، فلماذا تندم؟ ولماذا تحزن؟ ولماذا تتكدر؟ لا تتكدر يا أخي ليس عليك شيء.
    إذا كان على الإنسان دين وفي يده مال، ويغلب على ظنه أنه إذا حلَّ الدين كان عنده ما يوفي به، مثلاً: صندوق التنمية العقارية، كثير من الناس عليهم ديون لصندوق التنمية، لكنهم واثقون من أنفسهم أنهم إذا حل القسط سوف يوفونه، وعندهم الآن مال يستطيعون الحج به، هل يجب عليهم الحج؟ الجواب: نعم.
    يجب عليهم الحج؛ لأنهم مستطيعون، أما إذا قال: أنا لست واثقاً أن أوفي إذا حل القسط، وأنا الآن أجمع، فهذا ليس عليه حج؛ لأنه مدين.
    كثير من الناس يقول: أرأيت إذا سمح لي صاحب الدين أأحج؟ نقول: لا.
    ولو سمح لك صاحب الدين؛ لأنه إذا سمح لك لم يسقط عنك شيئاً.
    أما لو قال: حج وأنا أسقط عنك مقدار نفقة الحج فحينئذٍ نقول: حج، وأما إذا قال: أنا أطالبك ولكني أرخص لك أن تحج ما الفائدة؟ لا فائدة، ولهذا كثير من الناس يسأل ويقول: إن صاحب الدين قد أذن لي، نقول: ليست العلة أن يأذن أو لا يأذن، العلة أن ذمتك مشغولة، وشغل الذمة بالدين أمر عظيم.
    لو أحدثكم أن الرسول عليه الصلاة والسلام قدمت إليه جنازة، صحابي من الأنصار، فلما خطا خطوات سأل: (هل عليه دين؟ قالوا: نعم.
    يا رسول الله! قال: إذاً صلوا على صاحبكم -ولم يصل عليه، تأخر- حتى قام أبو قتادة رضي الله عنه وقال: يا رسول الله! الديناران عليَّ، قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: حق الغريم وبرأت ذمة الميت؟ -أي: تلتزم للغريم تبرأ ذمة الميت- قال: نعم.
    فتقدم وصلى) يعني: الدين إلى هذا الحد يمتنع الرسول عليه الصلاة والسلام من الصلاة على المدين إذا لم يكن له وفاء، ونحن نتساهل به الآن، يعتمر الإنسان وعليه دين، يحج وعليه دين، يفرش بيته بفراش فاخر وعليه دين، يشتري سيارة فاخرة وعليه دين، تجده يشتري سيارة بأربعين ألف ريال، وهو يمكن أن يجد سيارة تكفيه بعشرة آلاف، أليس كذلك؟ بل إني سمعت بعض الناس يشتري بأكثر من أربعين ألف سيارة ويكفيه عشرة آلاف، هذا من السفه في العقل، لا تستهن بالدين أبداً، الدين صعب، ولهذا يقال: إن الدين ذل في النهار وسهر في الليل، لكن للإنسان العاقل، أما الذي لا يبالي فهذا لا يبالي.
    ونسأل الله لنا ولكم التوفيق لما يحبه ويرضاه إنه على كل شيء قدير.

    (25/3)


    --------------------------------------------------------------------------------

    الأسئلة

    (25/4)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم من نسي تبييت نية قضاء الصوم


    السؤال
    فضيلة الشيخ! أعرض عليك هذا السؤال وأنا في حيرة من أمري: نويت بعد رمضان أن أصوم ما علي من قضاء وهو يوم واحد وأصوم بعده أيام الست، فبدأت الصيام من يوم الأحد، وعندما أصبحت نسيت أني لم أبيت النية ليوم القضاء، فصمت ذلك اليوم ثم صمت بعده ثلاثة أيام من الست.
    السؤال: هل أواصل بقية الأيام الستة، وهل يحسب لي ذلك اليوم قضاءً أم من الست؟ أرجو توضيح ذلك وفقك الله.


    الجواب
    إذا نام الإنسان على نية القضاء ثم قام من الليل وتسحر وغاب عن ذهنه أنه أراد القضاء ولم يذكر إلا بعد طلوع الفجر فليستمر في صوم القضاء؛ وذلك لأن الأصل بقاء النية الأولى، وهو قد نام على أن غداً من قضائه، أما إذا لم يكن كذلك ولم ينوِ الصوم إلا حين قام من آخر الليل، وحين قام من آخر الليل كان الذي في ذهنه أن يصوم الأيام الستة ونسي القضاء فهذا لا يجزؤه عن القضاء، وأما الأيام الثلاثة التي صامها وهو لم يقض فهذه عند بعض العلماء باطلة، ليس له فيها ثواب، ولكن الصحيح: أن له فيها ثواباً إلا أنه لا ينال ثواب الأيام الستة؛ لأن الأيام الستة لا بد أن تكون بعد قضاء رمضان.

    (25/5)


    --------------------------------------------------------------------------------

    العذر بالجهل في قضاء رمضان


    السؤال
    فضيلة الشيخ! كنت في بيئة تجهل حكم وجوب قضاء صوم رمضان، فجلست هناك فترة طويلة وأنجبت ثلاثة أطفال، ثم جئت إلى جدة فعلمت بأن قضاء رمضان واجب، فماذا أفعل الآن، علماً بأنني أجهل عدد الأيام التي يجب عليَّ قضاؤها، وهل ينطبق علي حكم القضاء وأنا في بيئة غير مسلمة لا تعرف عن هذا الأمر شيئاً؟

    الجواب
    إذا كانت هذه المرأة لا تعرف أن صوم رمضان فرض، وهي تفطر يوماً وتصوم يوماً فليس عليها عليها قضاء؛ لأن القول الراجح: أن الشرائع لا تلزم قبل العلم، وهذه في بيئة غير مسلمة، ولا تدري شيئاً عن الإسلام، فليس عليها قضاء.
    أما إذا كانت تدري أن صوم رمضان واجب ولكنها أهملت فهذا فيه قولان للعلماء: منهم من قال: يجب عليها القضاء، ومنهم من قال: لا يجب عليها القضاء؛ لأنها تعمدت تأخير الفرض المؤقت وكل إنسان يتعمد تأخير الفرض المؤقت فإنه لا يصح منه الفرض.
    لكن الظاهر لي من حال السائلة: أنها لا تدري عن هذا كله، وعلى هذا فليس عليها قضاء ما دامت لا تدري أن رمضان واجب ولا أن قضاءه واجب فليس عليها قضاء؛ لأنها معذورة بالجهل.

    (25/6)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم الصيام الجماعي


    السؤال
    فضيلة الشيخ! ما حكم الصيام الجماعي، كأن يجتمع جماعة من الناس فيتفقون على أن يصوموا أياماً معينة، كالإثنين والخميس، وذلك من باب التعاون على البر والتقوى؛ لأن الإنسان ضعيف بنفسه يقوى بإخوانه، ما حكم ذلك نفع الله بكم؟

    الجواب
    أرى أنه ليس من السنة، وأنه نوع من البدعة إذا اتفقوا على ذلك؛ لأننا إذا كنا ننكر التكبير الجماعي أو الذكر الجماعي -مثلاً- فهذا أيضاً كذلك؛ لأن الصوم عبادة، فلا ينبغي أن يكون جماعياً، لكن من غير اتفاق لا بأس، مثل أن يوافق أننا صمنا يوم الإثنين فقال بعضنا لبعض: من كان صائماً فالفطور عند فلان، واتفقنا أن نفطر عنده -مثلاً- هذا لا بأس به؛ لأنه أمر عارض وليس اجتماعاً على عبادة، والاجتماع على العبادات والانفراد بها من الأمور المشروعة، ولهذا لولا أن الله شرع لنا أن نصلي جماعة لكانت صلاة الجماعة بدعة لكن شرعها الله لنا، كذلك الصوم جماعة، والاتفاق عليه مسبقاً نوع من البدعة، يرد علينا صوم رمضان، ألسنا نصوم جماعة؟ بلى.
    ولكنه هكذا فُرِضَ، المفروض أن يصوم الناس كلهم في هذا الشهر.
    فأرى أن يتخلوا عن هذا الطريق، وأن يكون الإنسان مستعيناً بالله عز وجل، وأن يعتد بنفسه، وإذا كان الإنسان لا يفعل العبادة إلا متوكئاً على عصا - أي إلا إذا فعلها غيره- فإن عزيمته ضعيفة.

    (25/7)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حث الكفلاء على تمكين عمالهم من حج بيت الله الحرام


    السؤال
    فضيلة الشيخ! لم أحضر إلى هذه البلاد إلا من أجل الحج، وأخشى ألا يوافق من أقوم بالعمل عنده بأدائي هذه الفريضة، وأنا الآن في جهة السعودية، وعلى بعد مسافة قليلة من مناسك الحج، وأتمنى أن يهدي الله كفيلي وأن يوافق على حجي، ولكن إذا لم يوافق على الحج، فهل أكون بنيتي قد أديت الفريضة أم لا؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى) ؟ وهل هذا يعتبر من الاستطاعة، أرجو التوضيح وحث إخواننا الكفلاء على تمكين من عندهم العمال من حج بيت الله الحرام؟

    الجواب
    نحن نتمنى لكل إخواننا الكفلاء أن يهديهم الله عز وجل، وأن يرخصوا لإخوانهم الذين يعملون عندهم لأداء فريضة الحج؛ لأن هذا من باب التعاون على البر والتقوى، وقد أمر الله بذلك، فقال تعالى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى} [المائدة:2] ولأن هذا قد يكون سبباً للبركة في أعمالهم وأرزاقهم؛ لأن هذه الأيام العشر إذا تعطل العمل عنده فإن الله قد ينزل له البركة فيما بقي من العمل، ويحصل على خير كثير، فإن تيسر هذا فهو المطلوب وهو الذي نرجوه من إخواننا الكفلاء، وإن لم يتيسر فإن هذا لا يعتبر مستطيعاً، فيسقط عنه الحج؛ لأن الله تعالى قال: {مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً} [آل عمران:97] وهذا لم يستطع.
    وأما قول السائل: إنه يكون كالذي حج فلا، لكنه يسقط عنه الحج حتى يستطيع، ولو مات قبل أن يتمكن من الحج فإنه يموت غير عاصٍ لله؛ لأنه لا يجب الحج إلا بالاستطاعة.
    وأخيراً أسأل الله عز وجل أن يجعل هذا العمل نافعاً، مباركاً، خالصاً لوجهه الكريم
    وأن ينفعني به في حياتي وبعد مماتي، وأن ينفع به كل من انتهى إليه؛ فإنه خير مسؤول، وأكرم مأمول، وهو حسبنا ونعم الوكيل، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد بن عبد الله وعلى آله وأصحابه ومن تبعه بإحسان إلى يوم الدين.

    حياكم الله بموقع بداية الهداية الخطوة إلى طريق العلم الشرعي الصحيح
    http://www.musacentral.com/

  5. #45
    تاريخ التسجيل
    Mar 2009
    المشاركات
    2,459
    الدين
    الإسلام
    آخر نشاط
    01-11-2023
    على الساعة
    03:37 PM

    افتراضي

    حكم لبس البنطلون للمرأة


    السؤال
    فضيلة الشيخ! انتشر بين أوساط النساء لبس البنطلون، وبلغنا فتوى عن فضيلتكم أحببنا أن نسمعها منكم مباشرة لنبلغها على بصيرة، السؤال يا فضيلة الشيخ: ما حكم لبس البنطلون للمرأة، وهل يفرق بين الواسع وغيره، وهل هذا الحكم في خارج المنزل فقط، أم أنه عام في المنزل والسوق؟ أرجو عرض هذا السؤال لتعم الفائدة على الطالبات، نفع الله بهذا اللقاء؟

    الجواب
    أرى أن لبس المرأة البنطلون حرام لوجهين: الوجه الأول: أنه تشبه بالرجال، وقد (لعن النبي صلى الله عليه وسلم المتشبهات من النساء بالرجال) .
    الوجه الثاني: أنه ذريعة إلى أن تلبس المرأة بنطلوناً ضيقاً يصف مقاطع جسمها، وهي وإن قالت: أنا لا ألبس إلا واسعاً فهي تلبس واسعاً لمدة معينة ثم تلبس الضيق، ثم إنها إذا قدر أن هناك امرأة صالحة تقوى نفسها يقتدي بها من ليس كذلك، فالذي أرى أن ذلك ممنوعاً، وأنه لا يجوز، سداً للذريعة، وبعداً عن التهتك باللباس، فإن كان هذا صواباً فهو من الله والحمد لله الذي من به، وإن كان خطأً فأرجو الله تعالى أن يعفو عني، ولكن مع ذلك يجب على النساء ألا تكون الواحدة إمعة مع كل شيء جديد، يا سبحان الله! أنا أعتقد أن الرجل وهو الرجل لو لبس البنطلون لكان يأتيه -لا سيما أول ما يلبسه- نوع من الخجل، أن تكون أفخاذه مقدرة، وكذلك عجيزته مقدرة، كل شيء كأنه محجم فكيف بالمرأة؟! فلا أرى لبس البنطلون للنساء، لا في البيوت ولا في خارج البيوت.

    (25/9)


    --------------------------------------------------------------------------------

    أثر المعصية على فعل الطاعة


    السؤال
    فضيلة الشيخ! ما هو أثر المعصية على فعل الطاعة، هل هو أثر معنوي أم أثر حسي، حيث أن الإنسان قد يكون على معصية ويصلي ويقرأ القرآن، فكيف يكون أثر المعصية على الطاعة أو على الشخص نفسه؟

    الجواب
    أثر المعصية سيئ، وربما يعاقب الإنسان بعقوبة عظيمة وهي الإعراض عن دين الله، كما قال الله تعالى: {فَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُصِيبَهُمْ بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ} [المائدة:49] فالإنسان الذي يفعل المعاصي على خطر عظيم، ثم إنه يوم القيامة إذا لم يعف الله عنه فإنه يوازن بين الحسنات والسيئات، إذا رجحت السيئات فإنه يدخل النار يطهر منها إن لم يعف الله عنه، وإذا تساوت الحسنات والسيئات صار من أهل الأعراف، يحبس بين الجنة والنار يشاهد أهل النار ويشاهد أهل الجنة ومآله إلى الجنة، أسأل الله أن يجعلني وإياكم من أهل الجنة.
    ثم إن المعاصي لها عقوبات حسية، كما قال الله تبارك وتعالى: {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ * أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا بَيَاتاً وَهُمْ نَائِمُونَ * أَوَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا ضُحىً وَهُمْ يَلْعَبُونَ * أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ} [الأعراف:96-99] وقال جل وعلا: {ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} [الروم:41] .
    ومن أشد المعاصي تأثيراً أكل الحرام الذي شاع وذاع في وقتنا الحاضر، فأكل الحرام يكون سبباً لمنع إجابة الدعاء، يدعو الإنسان فلا يستجاب له إذا أكل الحرام؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم: (ذكر الرجل أشعث أغبر يطيل السفر يمد يديه إلى السماء: يا رب يا رب! ومطعمه حرام، وملبسه حرام، وغذي بالحرام، فأنى يستجاب له) وما أكثر الحرام في وقتنا هذا الربا موجود الميسر موجود الغش موجود الكذب موجود التدليس موجود ظلم العمال موجود، أشياء كثيرة تعجز عن عدها، كلها الأكل فيها حرام، الإنسان إذا غش في بيعه، وكسب درهماً من عشرة، هذا الدرهم الذي دخل عليه وهو حرام أفسد ماله، صار الربا والعياذ بالله يعلن إعلاناً فعلياً، وإعلاناً قولياً.
    نشر قبل أيام منشوراً من أحد البنوك، يقول: من أراد أن يربح اثني عشر ضعفاً على راتبه فليأت إلينا، يعاملون الناس معاملة الدجاج!! يجعل له الحب المدسوس بالسم، والدجاجة تأكل ولا تدري، فيقطع أمعاءها، كيف الطريق؟ يأتي إلى البنك ويقول: تعال! أنت راتبك ألف ريال كل شهر، سوف أعطيك الآن اثنا عشر ألف ريال نقداً، ويضرب عليه التوثيقات التي يرى أنه لا بد من التوثق، ثم يقول: إذا تمت السنة نضيف إلى الاثنا عشر ألف ريال كذا وكذا بالمائة وتوفي، وهذا رباً صريح جامع بين ربا النسيئة وربا الفضل، والعياذ بالله، وربما يغتر بعض الناس فيظن أن هذا لا بأس به، لكننا نبلغ الآن، وواجب علينا أن نبلغ أن هذا حراماً، وأنه رباً صريح، ولا يجوز التعامل به، ونسأل الله تعالى أن يوقظ المسئولين عندنا لتلاعب هؤلاء الذين أرادوا أن يجعلوا أنظمة الرأسمالية في بلاد المسلمين، نسأل الله أن يردهم على أعقابهم خائبين، وأن يطهر بلادنا من أمثالهم.

    (25/10)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم من لا يصوم ما عليه من قضاء رمضان


    السؤال
    فضيلة الشيخ! سائلة تقول: إنها بلغت ولم تصم القضاء الذي عليها حياء لعدة سنوات، فماذا عليها الآن؟

    الجواب
    عليها أن تقضي ما فاتها، وإذا قالت: أنا لا أدري الآن كم الذي فات، نقول: تحري وقدري واقضي ما عليك، وليس عليها شيء من إطعام أو صدقة على القول الراجح، بل عليها أن تقضي الأيام التي تركت قضاءها أولاً.

    (25/11)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم جمع العصر مع الجمعة للمسافر


    السؤال
    المسافر إذا كان في الطريق فهل يقصر صلاة الجمعة أم يصليها أربعاً؛ لأننا سمعنا عنك يا فضيلة الشيخ بأنه لا يجوز للإنسان أن يقصر صلاة الجمعة، ولا أن يجمعها مع العصر، فما صحة هذا النقل؟

    الجواب
    أولاً: هذا النقل من حيث هو كذب، ما تكلمنا بهذا الكلام، وأما أن الجمعة لا تقصر فصحيح، لو قصرت الجمعة كم تكون؟ ركعة واحدة، وهذا لا يقوله أحد من العلماء ولا من الجهال أيضاً، فالجمعة لا تقصر بل هي ركعتان، ولكن لا تجمع العصر إليها، فمثلاً: لو مر المسافر ببلد يوم الجمعة ونزل فيه وقال: أمشي آخر النهار وأدرك صلاة الجمعة فإنه لا يجمع إليها العصر؛ لأن الجمعة صلاة مستقلة ذات شروط معينة، وهيئة معينة، وصفة معينة، والسنة إنما جاءت بالجمع بين الظهر والعصر، والجمعة ليست ظهراً، ولهذا لا يصح أن تجمع إليها العصر، فمن جمع إليها العصر قلنا: الأمر سهل، أعد العصر ركعتين بعد دخول وقتها.

    (25/12)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم صلاة الجمعة للمسافر


    السؤال
    إذا كان الإنسان مسافراً في يوم الجمعة، وأدركه هذا اليوم وهو في الطريق، فهل يجمع صلاة الجمعة مع صلاة العصر؟ وإذا كانوا أيضاً جالسين لأكثر من أسبوع فهل يصلون صلاة جمعة، أم يصلونها ظهراً لو كانوا في بر؟

    الجواب
    أما الفقرة الأولى من السؤال فقد أجبنا عنها وقلنا: إن العصر لا تجمع مع الجمعة، وأما الفقرة الثانية فإنهم لا يصلون الجمعة في البر؛ لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم سافر عدة مرات، وتصادفه الجمعة في سفر ولا يقيمها، بل صادفته الجمعة يوم عرفة في حجة الوداع؛ لأن يوم الجمعة في حجة الوداع هو يوم عرفة، ومع ذلك لم يصل النبي صلى الله عليه وآله وسلم الجمعة، وإنما صلى الظهر والعصر، كما جاء ذلك صريحاً في حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما.

    (25/13)


    --------------------------------------------------------------------------------

    أحوال النساء في الطهارة للصلاة


    السؤال
    فضيلة الشيخ! هل للمرأة أن تصلي أكثر من وقت بوضوء واحد، فقد سمعنا أن المرأة لا يصح أن تصلي بالوضوء أكثر من صلاة، وأن المرأة لا يمكن أن تطهر، بل وجدنا بعض الفتيات تتوضأ لكل صلاة، وتنكر على من تصلي بوضوء صلاة أخرى، بسبب ما نقل عن فضيلتكم: من أن الماء الخارج من فرج المرأة ناقض للوضوء، أرجو بسط القول لعموم المشقة في ذلك وكثرة الإشكال، وعدم التفريق عند النساء اللاتي نقلن ذلك، نفع الله بك؟

    الجواب
    أما المرأة فهي كالرجل في أن لها أن تصلي بالوضوء الواحد صلاتين أو أكثر، ما دام وضوءها لم ينتقض، هذا إذا كانت ليست من النساء اللاتي يخرج منهن السائل دائماً، فإن كانت من النساء اللاتي يخرج منهن السائل دائماً فإنه لابد أن تتوضأ لوقت كل صلاة لا لكل صلاة، بمعنى: أنها لا تتوضأ لصلاة الفجر إلا بعد دخول الوقت، ولا تتوضأ لصلاة الظهر إلا بعد دخول الوقت، لكن إذا توضأت فإنها تصلي ما شاءت من النوافل حتى يدخل وقت العصر ثم تتوضأ، وذلك لأن هذا الخارج باستمرار حكمه حكم سلس البول، وحكم دم الاستحاضة، وقد أمر النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم المستحاضة أن تغتسل لوقت كل صلاة، لكن هذه المرأة التي تبتلى بهذا الخارج نقول: لا بأس أن تجمع بين الظهر والعصر وبين المغرب والعشاء إزالة للمشقة عنها.
    وبقي سؤال آخر يمكن أن يتفرع على ذلك وهو: هل هذا الخارج نجس أو طاهر؟ الجواب: طاهر؛ لأن الظاهر من نساء الصحابة رضي الله عنهن أنهن كن لا يغسلن هذا الخارج، ولأننا لو قلنا بنجاسته لشق على النساء مشقة عظيمة، إذ أنه يستلزم هذا القول أن تبقى دائماً تغسل ثيابها، أو أن تخص الصلاة بثوب خاص وهذا فيه مشقة.
    وخلاصة القول الآن: أن المرأة التي لا يخرج منها شيء حكمها حكم الرجل في أنها تصلي بالوضوء الواحد ما شاءت من الصلوات، والمرأة التي يخرج منها هذا الخارج الدائم لا تتوضأ للصلاة إلا بعد دخول وقتها.
    أما هذا الخارج فهو طاهر لا ينجس الثياب ولا ينجس البدن.

    (25/14)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم من مات وعليه قضاء صوم


    السؤال
    شاب مرض بمرض السرطان -عافانا الله وإياكم منه- قبل شهر رمضان، فصام ثلاثة أيام من شهر رمضان وأفطر الباقي، وبعد رمضان توفي هذا الشاب، فماذا عليه، علماً بأن عمره ست عشرة سنة، وهل يحج عنه وليه؟

    الجواب
    أما من جهة الصيام فإنه يُطعم وليه عن كل يوم مسكيناً مما لم يصمه، فإذا كان صام ثلاثة أيام بقي عليه سبعة وعشرون يوماً، فيطعم عنه سبعة وعشرون فقيراً، وأما الحج فلا يلزم أن يحج عنه والده، اللهم إلا أن يكون عند هذا الميت الشاب دراهم يمكن أن يحج بها عنه فإنه يحج بها عنه، وإن تبرع وليه أبوه أو أخوه أو أمه بالحج له فلا بأس.

    (25/15)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم تعليق التمائم


    السؤال
    امرأة مكثت أكثر من عشر سنين لا تحمل، فأعطيت شيئاً مغلفاً لا تعرف ما بداخله لتعلقه وحملت بإذن الله، فهل يحل لها أن تستعمل هذا المغلف وهي لا تدري عنه، وهل لها أن تعطيه أحداً من النساء إذا استغنت عنه، أم أن ذلك من التولة التي هي من الشرك؟

    الجواب
    هذا من التمائم، ولا يجوز للإنسان أن يعلق تميمة حتى يعرف ما فيها؛ لأنه قد يكون فيها طلاسم وأسماء شياطين أو عفاريت من الجن أو ما أشبه ذلك، فلا يجوز للإنسان أن يعلق أي شيء إلا بعد أن يعرف ما كان بداخله، ثم إذا عرف ما في داخله، وكان الذي في داخله قرآناً أو أدعية من السنة فقد اختلف السلف والخلف في جواز تعليق ذلك: فمن العلماء من قال: لا يجوز أن يعلق ولو كان من القرآن، وهذا هو المأثور عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه.
    ومن العلماء من قال: إذا كان من القرآن فلا بأس به؛ لعموم قوله تعالى: {وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ} [الإسراء:82] وأما شيء يعلق ولا يعلم ما الذي فيه فهذا حرام ولا يجوز، وكون الحمل حصل بعد تعليقه فهذا لا يدل على أنه هو السبب، بل قد يكون الله عز وجل ابتلى هذه المرأة حيث حملت بعد وضعه امتحاناً لها.
    والذي أرى أنه يجب أن يفتح هذا المغلف وينظر ما الذي فيه، إن كان قرآناً فكما سمعتم قد اختلف العلماء في جواز تعليقه، وإن كان غير قرآن ولا يعلم ما هو فالواجب إحراقه ولا يجوز أن يعطى لأحد، والراجح أنه إذا كان من القرآن فلا شيء فيه.

    (25/16)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم قطع صيام القضاء وصيام النفل


    السؤال
    صيام قضاء رمضان وصيام الست من شوال هل يجوز للإنسان قطعه بدون عذر، أم أن هناك فرقاً بين الصيامين، وما هي الأعذار التي تبيح قطع هذين الصيامين؟

    الجواب
    أما صيام القضاء فإنه لا يجوز قطعه؛ لأن القاعدة التي دلت عليها النصوص: أن من شرع في واجب فلا يجوز له قطعه إلا لعذر شرعي.
    ولهذا لو أن إنساناً كبر ليصلي صلاة الفريضة، ثم استأذن عليه أحد يدق عليه الباب فإنه لا يجوز أن يقطع الفريضة من أجل أن يأذن لهذا الطارق، وأما صيام الأيام الست فهي نفل، والنفل يجوز للإنسان أن يقطعه، لكنه يكره إلا لغرض، هذا هو حكم قطع القضاء وقطع صيام الأيام الست.
    ولكن هل حكم القضاء كحكم الأداء في رمضان، بمعنى: لو أن الإنسان أتى أهله في حال القضاء، فهل عليه كفارة؟ الجواب: لا.
    الكفارة إنما تكون فمن جامع في نهار رمضان وهو فيمن يلزمه الصوم.
    على كل حال خلاصة الجواب الآن: أما القضاء فلا يجوز قطعه إلا لعذر شرعي، وأما النفل فيجوز قطعه لكن يكره إلا لغرض صحيح.
    يسأل يقول: ما هي الأشياء التي تبيح لنا أن نفطر في القضاء مثلاً؟ نقول: مثل أن يلحق الإنسان مشقة، إما من جوع، أو عطش، أو تعب، أو ما أشبه ذلك، والأعذار الشرعية التي تبيح الفطر معروفة عند أهل العلم.

    (25/17)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم الحج والعمرة عن الغير


    السؤال
    فضيلة الشيخ! شخص يريد الحج وقد حج فرضه وتنفل، فهل يجوز له أن يشرك معه في حجته وعمرته أحداً من أقاربه كوالديه، وهل الأفضل الحج للوالدين والعمرة لهما، أم الأفضل أن يحج عن نفسه ويدعو لهما؟

    الجواب
    أما إشراك أحدٍ في حج أو عمرة فهذا لا يصح، لا يمكن أن تقع العمرة لشخصين، أو الحج لشخصين، وأما كونه يحج عن أمه وأبيه، أو يحج عن نفسه ويدعو لأمه وأبيه، فحجه عن نفسه ودعائه لأمه وأبيه أفضل وأحسن؛ وذلك لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: (إذا مات الإنسان انقطع عنه عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له) ولم يذكر الحج ولا الصوم ولا الصدقة، مع أن سياق الحديث في العمل، فدل هذا على أن الدعاء للوالد أفضل من أن يصلي الإنسان له أو أن يعتمر أو أن يحج، فمشورتي لهذا الأخ السائل: أن يحج عن نفسه ويدعو لوالديه.

    (25/18)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم زكاة العقارات والأراضي


    السؤال
    نحن شركاء في أرض زراعية كبيرة، نريد أن نوزعها إلى قطعٍ صغيرة، ولكن حالت ظروف عن قسمتها، منها ركود العقار، فهل تجب علينا فيها الزكاة؟

    الجواب
    إذا كنتم أصحاب عقار، بمعنى: أنكم تبيعون وتشترون في الأراضي فعليكم الزكاة، أما إذا كانت هذه الأرض قد ورثتموها من أب أو غيره، وتريدون أن تبيعوها متى تيسر بيعها أو تقطعوها متى تيسر، فليس عليكم فيها زكاة؛ لأن الزكاة في العقارات والأراضي وشبهها إنما تجب لمن كان يتجر بها، أي: صاحب عقار يبيع ويشتري، أما إنسان عنده عقار وطابت نفسه منه وأراد أن يبيعه وعرضه للبيع، فهذا لا زكاة فيه.

    (25/19)


    --------------------------------------------------------------------------------

    الواجب على من مات ابنه بسبب إعطائه السيارة


    السؤال
    رجل سافر للنزهة ومعه عائلته، ثم طلب أحد أبنائه أن يقود السيارة، وكان يبلغ من العمر (14) سنة، فمكنه من القيادة وهو لا يحمل رخصة، وفي أثناء الطريق قدر الله عليهم حادث انقلاب، فمات ذلك الابن من جراء ذلك الحادث، فيسأل هذا الأب هل عليه كفارة؛ لأنه سمح لذلك الابن بالقيادة، مع أنه لا يحمل رخصة قيادة، وقد يكون لا يحسن القيادة، وهل يفرق بين إذا كان يحسن القيادة وبين ألا يكون يحسنها؟

    الجواب
    إن كان هذا الابن يحسن القيادة فلا شيء على الأب؛ لأن الأب لم يأمره بل لم يجبره على ذلك، وإن كان لا يحسن القيادة فالأب مفرط، فعليه أن يكفر؛ لأنه السبب في قتل هذا الصبي، بل في قتل هذا الشاب.
    كذلك أيضاً: لا بد أن نعلم هل السبب في انقلاب السيارة تصرف الشاب أم أنه قضاء وقدر، أحياناً يكون السبب أن الإطار ينفجر بدون فعل الإنسان، ثم تنقلب السيارة ويحصل حادث فليس في هذا شيء، بعض الناس يظن كلما حصل حادث وجب الضمان ووجبت الكفارة، وهذا غير صحيح، الحادث الذي ليس من فعلك ولا تصرفك ولا تهورك وإنما هو قضاء وقدر انفجر الإطار وحصل الانقلاب، أو انقطع الذراع أو ما أشبه ذلك مما يكون سبباً فهذا لا شيء على الإنسان لا كفارة ولا ضمان.
    أما مسألة الرخصة فليست لازمة، الكلام على إحسان القيادة، لكن حمل الرخصة وعدمها هذا تجاه المسئولين، أما باعتبار ما يقتضيه الشرع فمتى كان يحسن القيادة فسواء كان يحمل رخصة أو لا فلا يختلف الحكم.

    (25/20)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم الحج عن المريض الذي يشق عليه الحج


    السؤال
    فضيلة الشيخ! لي والدة مقعدة لا تستطيع القيام بأعمال الحج، هل أحج عنها مع العلم أن السفر يشق عليها للحج محمولة؟

    الجواب
    إذا كان حج فريضة بحيث يكون عندها مال فإنك تحج عنها، وإذا كان نافلة بحيث لا يكون عندها مال أو عندها مال وقد حجت فالصحيح أيضاً أنه لا بأس به، أي: لا بأس أن يحج الإنسان عمن كان عاجزاً عن الحج تطوعاً، وأما القادر الذي يستطيع أن يحج بنفسه ولكنه وكل من يحج عنه ففي إجزاء ذلك عنه نظر؛ لأن الحج عبادة يقوم بها الإنسان بنفسه إن استطاع وإلا فلا يقيم من يحج عنه، إلا الفريضة فقد علمتم أنه إذا كان الإنسان لا يستطيع أن يؤدي الفريضة وعنده مال وعدم استطاعته هذه لا يرجى زوالها فإنه يقيم من يحج عنه ويعتمر.

    (25/21)


    --------------------------------------------------------------------------------

    الاحتلام في نهار رمضان وحكم تأخير الاغتسال منه


    السؤال
    احتلمت أكثر من مرة في شهر رمضان، ونظراً لأني قد استحييت من أهلي أن أدخل دورة المياه وأغتسل صليت على تلك الحال على نجاسة الاحتلام، ثم بعد ذلك أغتسل وأقضي الصلاة، فما حكم هذا الشيء الذي أنا عليه، وهل أتحمل شيء، وهل يفطر الاحتلام في شهر رمضان؟

    الجواب
    أما الاحتلام في شهر رمضان فلا يفطر، وأما تأخير الاغتسال حياءً من الناس فهذا غلط، فعلى هذا الفاعل أن يستغفر الله تعالى ويتوب إليه، وألا يعود لمثل ذلك، فإن الله لا يستحيي من الحق، ولا أحد أشد حياء من رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومع ذلك أحياناً كان يخرج إلى أصحابه ورأسه يقطر ماءً من الاغتسال، وهذا شيء لا بأس به، وهو حادث لكل أحد، فعلى هذا الشاب أن يستغفر الله ويتوب إلى الله مما صنع، والصلوات التي قضاها أرجو أن تكون مجزئة.

    (25/22)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم من عليه قضاء وهو عاجز عن قضائه


    السؤال
    امرأة كبيرة في السن تركت قضاء رمضان منذ فترة طويلة من الزمن، وهي تعلم بوجوب القضاء عليها، ولكن تركت القضاء تكاسلاً، وهي الآن عندها من الأمراض ما لا يسمح لها بالصوم، أفتونا مأجورين في حالها ماذا يجب عليها الآن؟

    الجواب
    الواجب عليها أن تطعم عن كل يوم مسكيناً؛ لأن الواجب عليها القضاء، ولكن إذا كانت عاجزة عنه عجزاً لا يرجى زواله لكبرها فعليها أن تطعم لكل يوم مسكيناً.

    (25/23)


    --------------------------------------------------------------------------------
    وأخيراً أسأل الله عز وجل أن يجعل هذا العمل نافعاً، مباركاً، خالصاً لوجهه الكريم
    وأن ينفعني به في حياتي وبعد مماتي، وأن ينفع به كل من انتهى إليه؛ فإنه خير مسؤول، وأكرم مأمول، وهو حسبنا ونعم الوكيل، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد بن عبد الله وعلى آله وأصحابه ومن تبعه بإحسان إلى يوم الدين.

    حياكم الله بموقع بداية الهداية الخطوة إلى طريق العلم الشرعي الصحيح
    http://www.musacentral.com/

  6. #46
    تاريخ التسجيل
    Mar 2009
    المشاركات
    2,459
    الدين
    الإسلام
    آخر نشاط
    01-11-2023
    على الساعة
    03:37 PM

    افتراضي

    اللقاء الشهري

    اللقاء الشهري [26]
    في هذا اللقاء الشهري حث الشيخ على الإكثار من الأعمال الصالحة في عشر ذي الحجة؛ وذكر أيضاً أحكام الأضحية وبعض المسائل التي تتعلق بها، وبيّن شروط الحج والعمرة، مع ذكر صفة الحج إجمالاً.

    (26/1)


    --------------------------------------------------------------------------------

    الحث على الأعمال الصالحة في عشر ذي الحجة
    إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
    أما بعد: فهذا هو لقاء شهر ذي القعدة، وهو اللقاء الشهري الذي يتم في ليلة الثالث من كل أحد من كل شهر، وهذه الليلة هي الليلة السادسة عشرة من شهر ذي القعدة عام (1415هـ) وهو اللقاء المتمم للسادس والعشرين من اللقاءات الماضية، نسأل الله تعالى أن يجعلها لقاءات مباركة نافعة لنا ولكم.
    هذا اللقاء سيكون عن شهر ذي الحجة، هذا الشهر -أعني: شهر ذي الحجة- هو أحد الأشهر الثلاثة المتوالية من الأشهر الحرم؛ لأن الأشهر الحرم أربعة: ذو القعدة، وذو الحجة، والمحرم، وهذه متوالية، والرابع هو شهر رجب المنفرد الذي بين جمادى الآخر وشعبان.
    هذا الشهر هو أفضل الأشهر الثلاثة الحرم، لأنه يعمل فيه من الأعمال الصالحة ما لا يعمل في غيره، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنه قال: (ما من أيام العمل الصالح فيهن أحب إلى الله من هذه الأيام العشر -أي: عشر ذي الحجة- قالوا: يا رسول الله! ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال: ولا الجهاد في سبيل الله، إلا رجل خرج بنفسه وماله فلم يرجع من ذلك بشيء) .
    وهذا الحديث يدل على أنه ينبغي لنا أن نكثر من الأعمال الصالحة في عشر ذي الحجة: فمنها: أن نكثر من التسبيح، والتهليل، والتكبير، فنقول: الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد نكثر من الصدقة؛ لأنها من الأعمال الصالحة نكثر من الصلاة؛ لأنها أفضل الأعمال البدنية نكثر من قراءة القرآن؛ لأن القرآن أفضل الذكر نكثر من كل عمل صالح، ونصوم أيام العشر؛ لأن الصيام من الأعمال الصالحة، وحتى لو لم يرد فيه حديث بخصوصه فهو داخل في العموم؛ لأنه عمل صالح، فنصم هذه الأيام التسعة؛ لأن العاشر هو: يوم العيد ولا يصام.
    ويتأكد الصوم يوم عرفة إلا للحجاج؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال في يوم عرفة: (أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله والسنة التي بعده) .

    (26/2)


    --------------------------------------------------------------------------------

    أحكام الأضحية
    ومما يفعل في هذه الأيام العشر: ذبح الأضاحي تقرباً إلى الله عز وجل، واقتداء بسيد المرسلين محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم؛ فإن النبي صلى الله عليه وسلم ضحى عشر سنوات في المدينة، إلا السنة العاشرة فقد كان في مكة، والأضحية في الأصل سنة للأحياء، إظهاراً للشعائر، وإظهاراً للسرور، وشكراً لله عز وجل، فالأصل أنها للأحياء، ولكن لا حرج على الإنسان إذا ضحى بواحدة ونواها عنه وعن أهل بيته الأحياء والأموات، وأما تخصيص الميت بأضحية لم يوصِ بها فهذا لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم، فقد توفي للرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم بناته الثلاث قبله، ومع ذلك لم يضحِ لهن، واستشهد عمه حمزة بن عبد المطلب ولم يضح عنه، ومات له زوجتان خديجة وزينب بنت خزيمة ولم يضح عنهما، ولو كانت الأضحية عن الميت مشروعة لبين ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم إما بقوله وإما بفعله.
    إذاً: الأضحية مشروعة عن الأحياء، يضحي الرجل عنه وعن أهل بيته بشاة واحدة، وما يفعله عوامنا اليوم تجد أهل البيت -مثلاً- عشرة أفراد، كل فرد له وظيفة، فيقول كل واحد: أنا أريد أن أضحي عن أبي، كم يكون لأبيه من أضحية؟ عشر، من قال هذا؟! أين مشروعية هذا في كتاب الله أو سنة رسوله أو عمل السلف الصالح؟ كان الصحابة يضحي الرجل بالواحد عنه وعن أهل بيته، وحتى أكرم الخلق محمد صلى الله عليه وسلم لا يضحي بأكثر من واحدة عنه وعن أهل بيته، مع أنه أكرم الخلق، ومع أن الله أفاء عليه من الأموال ما أفاء ومع ذلك لم يضحِ بأكثر من واحدة.
    نقول لهؤلاء الذين يضحون بعشر ضحايا أو أكثر عن أمواتهم نقول: رويدكم، لا تنفقوا أموالكم في شيء لم يفعله الصحابة مع نبيهم، إذا كان لديكم فضل مال فليضح قيم البيت بواحدة عنه وعن أهل بيته ولتصرف بقية هذه الأموال إلى إخواننا في البوسنة الهرسك والشيشان وغيرها من بلاد المسلمين الذين هم في حاجة إلى أموالنا، أما أن يبطر الإنسان ويسرف فيضحي بعشر ضحايا لواحد أو لاثنين فهذا غلط، وليس من الشرع في شيء، وأخشى أن يكون الإنسان آثماً لا سالماً؛ لأن خير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم، ولو سألنا أي أحد: من أكرم الناس؟ لقال: محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم، هل ضحى بأكثر من واحدة عنه وعن أهل بيته؟ أبداً ما ضحى، ضحى باثنتين، واحدة عنه وعن أهل بيته، وواحدة عن الأمة جميعاً.
    إذاً: لتكن عباداتنا مبنية على علم وبصيرة وهدى، ليس الشرع عاطفة إذا أحب الإنسان شيئاً فعله وتقرب به إلى الله، الشرع شريعة من الله، فهل شرع الله على لسان رسوله أن يضحي الرجل بأكثر من واحدة؟ أبداً.
    فالذي أرى: أن من عنده فضل مال فليجد به على إخوانه المتضررين المشردين الميتمين الذين هم في ضرورة لأموالنا، هذا هو الصواب.

    (26/3)


    --------------------------------------------------------------------------------

    عدم إرسال الأموال ليضحى بها في أماكن أخرى والمصالح التي تفوت بسبب إرسالها
    وعكس ذلك: أقوام يبذلون أموالهم ليضحى بها في أماكن أخرى، وهذا غلط! بعض الناس يعطي هيئة الإغاثة أو غيرها من الجهات دراهم ليضحى عنه في أماكن أخرى، هذا لم يؤد الأضحية، الأضحية شعيرة ينبغي أن تقام في كل بلد، ومن نعمة الله عز وجل أنه لما اختص الحجاج بالهدايا يذبحونها تقرباً إلى الله في أيام العيد شرع الله لمن لم يحج أن يضحي، حتى يشاركوا الحجاج في شيء من شعائر الله عز وجل {وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ} [الحج:36] فإذا كان هذا هو المقصود من الأضحية قلنا للإنسان: لا تضح خارج بيتك، ضح في بلدك، أقم هذه الشعيرة، والأضحية في مكان يبعث بالدراهم إليه مخالف للسنة، يفوت بها مصالح كثيرة، أذكر منها ما يلي: أولاً: إخفاء شعيرة من شعائر الله في بلادك وهي: الأضحية.
    ثانياً: يفوتك التقرب إلى الله تعالى بذبحها؛ لأن المشروع في الأضحية أن يباشر الإنسان ذبحها بيده، فإن لم يحسن فقال العلماء: يحضر ذبحها، وهذا يفوته.
    ثالثاً: يفوتك ذكر اسم الله عليها؛ لأن الأضحية إذا كانت عندك في البلد، فأنت الذي تذكر اسم الله عليها، وقد أشار الله إلى هذه الفائدة بقوله: {وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكاً لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ} [الحج:34] فتذهب أضحيتك إلى مكان بعيد لا تدري هل يذكر اسم الله عليها أم لا، وتحرم نفسك من ذكر اسم الله عليها.
    رابعاً: يفوتك أن تأكل منها، لأنها إذا كانت في البوسنة والهرسك والشيشان والصومال وغيرها هل يمكن أن تأكل منها؟! لا.
    يفوتك الأكل منها وقد قال الله عز وجل: {فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ} [الحج:28] {فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ} [الحج:36] فبدأ بالأكل، ولهذا ذهب بعض علماء المسلمين إلى أن الأكل من الأضحية واجب، كما تجب الصدقة يجب الأكل، وهذا قطعاً يفوت إذا ضحيت في غير بلادك.
    خامساً: أنه يفوتك التوزيع المطلوب؛ لأن المطلوب في الأضحية أن تأكل وتهدي وتتصدق، وهذا يفوت، إذا وزعت هناك لا ندري أتوزع صدقة على الفقراء، أم هدية على أغنياء، أم هدية على قوم ليسوا بمسلمين؟! سادساً: أنك تحرم أهل بلدك من الانتفاع بهذه الأضاحي، أن تقوم بالإهداء إلى جيرانك وأصحابك من الأضحية، وبالصدقة على فقراء بلدك، لكن إذا ذهبت هناك فات هذا الشيء.
    سابعاً: أنك لا تدري هل تذبح هذه على الوجه الأكمل أو على وجه خلاف ذلك، ربما تذبح قبل الصلاة، وربما تؤخر عن أيام التشريق، وربما لا يسمِ عليها الذابح، كل هذا وارد، لكن إذا كانت عندك ذبحتها على ما تريد، وعلى الوجه الأكمل، ولهذا ننصح بألا تدفع الدراهم ليضحى بها خارج البلاد، بل تضحى هنا، وننصح -أيضاً- بأن من عنده فضل مال فليتصدق به على إخوانه المحتاجين في أي بلاد من بلاد المسلمين، ولتكن الأضحية له من غير غلو ولا تقصير.

    (26/4)


    --------------------------------------------------------------------------------

    ترك الأخذ من الشعر أو البشرة أو الظفر
    ومن خصائص شهر ذي الحجة لمن أراد أن يضحي: ألا يأخذن من شعره أو بشرته أو ظفره شيئاً، حتى الأمور المطلوب أخذها لا يأخذها حلق العانة نتف الإبط قص الشارب تقليم الأظفار، كل ذلك سنة، لكن إذا دخل العشر وأنت تريد أن تضحي فلا تأخذ من ذلك شيئاً، لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم نهى عن الأخذ منها ممن أراد أن يضحي، وأما الذي يضحى عنه فلا نهي في حقهم، وعلى هذا إذا كان صاحب البيت قيم البيت هو الذي يريد أن يضحي فإنه لا يأخذ من ذلك شيئاً، وأما أهل البيت فلا حرج عليهم؛ لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: (وأراد أحدكم أن يضحي) ولم يقل: أو يضحى عنه، ولأنه كان يضحي هو عنه وعن أهل بيته ولا يقول لأهل البيت: اجتنبوا الأخذ من ذلك.
    ولكن لو أن الإنسان نسي وأخذ هل يؤثر هذا على أضحيته؟ لا يؤثر، أو تعمد فأخذ فإن ذلك لا يؤثر على أضحيته لكنه يكون قد ارتكب النهي.
    ولو أن الإنسان لم يفكر في الأضحية وأخذ من شعره وأظفاره بعد دخول شهر ذي الحجة، ثم بدا له أن يضحي فهل يضحي أو لا؟

    الجواب
    نعم يضحي؛ لأنه لا علاقة بين الأضحية وبين الأخذ من هذه الأشياء.

    (26/5)


    --------------------------------------------------------------------------------

    شروط وجوب الحج والعمرة
    الحج والعمرة واجبان في العمر مرة على المستطيع بشروط، وهي: البلوغ، والعقل، والإسلام، والحرية، والاستطاعة، هذه خمسة شروط إذا تمت وجب على الإنسان أن يحج، ومن الاستطاعة: أن يكون للمرأة محرم، فإن لم تجد محرماً فلا حج عليها ولو كان عندها أموال كثيرة؛ لأنه يتعذر سفرها شرعاً، والمتعذر شرعاً كالمتعذر حساً، ولتطمئن المرأة التي عندها مال وليس عندها محرم ولينشرح صدرها بأنه لا حج عليها كالفقير الذي ليس عنده مال لا زكاة عليه، وهي إذا لاقت ربها في هذه الحال فقد لاقته وليست آثمة؛ لعجزها عن الحج شرعاً، تصبر حتى ييسر الله لها محرماً، فإن لم يتيسر فالحمد لله الأمر واسع.
    وكذلك من عليه دين حال مطالب به فليقض دينه أولاً، فإن لم يفِ المال الذي عنده بالدين والحج سقط عنه الحج، وإن كان الدين مؤجلاً -مقسطاً- وهو واثق من نفسه أنه إذا حل أجل الدين أوفاه فليحج، كما لو كان عنده قرض للبنك العقاري وهو واثق من أنه إذا حل أجل القسط فإنه يدفعه فليحج ولو كان عليه دين، أما إذا كان ليس عنده ثقة من نفسه أن يوفي فلا يحج ولو كان الدين مؤجلاً، ولو سامحه صاحب الدين؛ لأن وفاء الدين أهم.
    وبهذه المناسبة أحذر ثم أحذر ثم أحذر من التهاون بالدين، فإن التهاون بالدين سفه في العقل؛ لأن الدين عظيم، وأذكر لكم ثلاثة أشياء: أولاً: إذا استشهد الرجل في سبيل الله فالشهادة تكفر كل شيء إلا الدين، كل المعاصي تكفرها الشهادة، من زنا وسرقة وشرب خمر وغيره تكفره الشهادة إلا أن السرقة ترد إلى صاحبها إلا الدين.
    ثانياً: المدين لا يصلي عليه الإمام، إذا مات المدين وعليه دين ليس له وفاء فإن الإمام لا يصلي عليه، والدليل: أن الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم كان إذا قدم عليه الميت وعليه دين ليس له وفاء، قال: (صلوا على صاحبكم) ولم يصل عليه، والإمام الأعظم رئيس الدولة مثل النبي صلى الله عليه وسلم له السلطة على من تحت يده فلا يصلي عليه، أما إمام كل مسجد فهذا راجع إلى اجتهاد الإنسان، قدم إلى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم مرة رجل من الأنصار فخطا خطوات ليصلي عليه ثم سأل: (أعليه دين؟ قالوا: نعم.
    قال: صلوا على صاحبكم -الله أكبر- فتغيرت وجوه القوم، فقال أبو قتادة: يا رسول الله! الديناران علي، قال له: حق الغريم وبرئ منهم الميت؟ قال: نعم.
    فتقدم وصلى، ثم كان يسأل أبا قتادة: هل أوفيت عنه؟ فلما قال: نعم.
    قال: الآن برَّدت عليه جلدته) من الذي بردت عليه جلدته؟ الميت المدين.
    ويروى عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنه قال: (نفس المؤمن معلقة بدينه حتى يقضى عنه) وهذا يدل على أنه يجب على الإنسان أن يحذر من الدين.
    تقدمت إلى الرسول صلى الله عليه وسلم امرأة فقالت: (إني وهبت نفسي لك، فلم يردها الرسول عليه الصلاة والسلام، فقام رجل من القوم قال: يا رسول الله! إن لم يكن لك بها حاجة فزوجنيها، قال: هات المهر، قال: ما عندي إلا إزاري فقط، قال راوي الحديث سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه: ليس له رداء -أي: ما عليه إلا إزار أعلى جسده عارٍ؛ لأنه فقير- قال له عليه الصلاة والسلام: إزارك إن أعطيتها إياه بقيت بلا إزار، وإن بقي عليك بقيت بلا مهر -لا يمكن- التمس ولو خاتماً من حديد، فذهب فلم يجد شيئاً، فرجع إلى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وقال له: ما وجدت شيئاً، قال هل معك شيء من القرآن؟ قال: نعم.
    سورة كذا وكذا، فقال: زوجتكها بما معك من القرآن) أي: علمها فعلمها، ولم يقل: تسلف من إخوانك، أو تسلف من الناس، مما يدل على عظم شأن الدين، وإخواننا اليوم وقومنا اليوم يشتري الإنسان سيارة بسبعين ألف ديناً، مع أنه يستطيع أن يشتري سيارة بعشرين ألف، لكن يقول: أنا أريد سيارة فخمة، وهذا غلط.
    يعمر بيتاً يكفيه أن يعمر بيتاً -مثلاً- بثلاثمائة ألف، يقول: لا أعمر بيتاً بخمسمائة ألف، يعمر بيتاً على قدر حاله، ويمكنه أن يستعمل البيت بدون أن يوثق نفسه بالديون، يقول: لا سأفرش البيت من بابه إلى سطحه، كله حتى الدرج، لماذا وأنت فقير؟ هذا إسراف وغلط، فالتهاون بالدين أمره صعب.
    إذاً الإنسان المدين نقول: لا تحج وعليك دين إلا إذا كنت واثقاً من أنه إذا حل القسط وفيت وإلا فالدين أهم.

    (26/6)


    --------------------------------------------------------------------------------

    صفة الحج
    أما الحج فهو أن يقصد الإنسان بيت الله عز وجل ليؤدي مناسك الحج، نذكر صفته على وجه الإجمال: تخرج من بيتك مريداً للحج والعمرة من البيت، من أجل أن تكون خطواتك في طاعة الله، إذا وصلت إلى الميقات أول ميقات تمر به تحرم منه، وعند الإحرام تغتسل وتتطيب وتلبس ثوب الإحرام، وإذا كنت قريباً من مكة -أي: قريباً من الميقات- يمكنك أن تصل في نهارك وخفت أن يكون المكان زحاماً واغتسلت في بيتك فلا بأس، لكن لا تلبس ثياب الإحرام إلا في الميقات، إذا لبست ثياب الإحرام فصل صلاة الفريضة إن كانت حاضرة، أو صلاة الوضوء إذا لم تكن فريضة، ثم تنوي فتقول: لبيك عمرة، أنت تقول: لبيك عمرة وأنت تريد الحج هذا العام، وتمضي حتى تصل إلى البيت، فتطوف سبعة أشواط تبدأ بالحجر الأسود وتنتهي بالحجر الأسود.
    وفي هذا الطواف يسن للرجل سنتان: السنة الأولى: الرمل، والسنة الثانية: الاضطباع، فأما الرمل فهو أن يسرع المشي مع مقاربة الخطا في الأشواط الثلاثة الأولى فقط، والأربعة الباقية يمشي فيها على عادته، والثلاثة الأشواط الأولى إذا كان المطاف زحاماً فليمش على ما يكون في راحة له وللطائفين، فإذا أتم سبعة أشواط صلى ركعتين خلف المقام إن تيسر له، وإلا ففي أي مكان من المسجد، ثم يخرج إلى الصفا، فإذا دنا من الصفا قرأ: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ} [البقرة:158] قبل أن يصعد على الصفا، ثم يصعد على الصفا ويستقبل القبلة ويرفع يديه ويقول ما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم وليس هذا موضع الذكر أخشى أن يطول الوقت.
    ثم ينزل من الصفا متجهاً إلى المروة، فإذا وصل إلى العلم الأخضر -العمود الأخضر- الذي فوقه نجفات خضراء سعى -أي: ركض ركضاً شديداً- إلى العلم الآخر، هذا إن تيسر وإلا فلا يشق على نفسه ولا على غيره، ثم يمشي مشيه المعتاد إلى المروة، ثم يصعد المروة ويتجه إلى القبلة، ويرفع يديه ويقول ما قاله على الصفا، فهذا شوط.
    ثم ينزل إلى المروة ويمشي في موضع مشيه ويسعى في موضع سعيه ويقول على الصفا ما قاله في أول مرة، حتى يتم سبعة أشواط، يبدأ بـ الصفا وينتهي بـ المروة، ذهابه من الصفا إلى المروة شوط ورجوعه من المروة إلى الصفا شوط آخر، ثم بعد هذا يقصر من شعر رأسه، من جميع الرأس لا من جانب أو جوانب، بل من جميع الرأس، ثم يحل من عمرته حلاً تاماً تاماً، يلبس الثياب العادية ويتطيب ويتمتع بأهله إن كانوا معه، ويحل من كل شيء حرم عليه بالإحرام، فيبقى كذلك محلاً إلى اليوم الثامن من ذي الحجة، فيحرم في اليوم الثامن ضحىً قبل الظهر بالحج، ويغتسل كما يغتسل بالعمرة، ويتطيب في بدنه دون ثيابه، ويبقى في منى فيصلي بها الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر قصراً بلا جمع، فإذا طلعت الشمس سار إلى عرفة وينزل بنمره إن تيسر له، وهي قرية قرب عرفة وليست من عرفة، فإذا زالت الشمس سار إلى عرفة، وإذا لم يتيسر له ذلك، فإنه يذهب من منى إلى عرفة رأساً ويمكث فيها حتى يأتي وقت الظهر فيصلي الظهر والعصر جمعاً وقصراً، والجمع هنا جمع تقديم، ثم يتفرغ للدعاء ويلح بالدعاء ويستقبل القبلة رافعاً يديه، ويجتهد في الدعاء والذكر والقرآن وكل ما يكون نشيطاً عليه، وإذا حصل له ملل أو كسل كما هو الغالب في وقتنا هذا فإنه لا بأس أن يتكلم فيما ينشطه، لكن ليحرص على أن يكون آخر اليوم متفرغاً للدعاء والذكر، فإذا غربت الشمس سار إلى مزدلفة، فإذا وصلها صلى المغرب والعشاء جمعاً وقصراً ثم بعد أن يصلي المغرب والعشاء والوتر ينام إلى أن يطلع الفجر، فإذا طلع الفجر صلى الصبح مبادراً بها، فيصلي سنة الفجر وصلاة الفجر، ويبقى هناك -أي: في مزدلفة - إلى أن يسفر جداً -أي: يبين السفر تماماً- ثم ينطلق من مزدلفة إلى منى، وللإنسان الضعيف أو من يصاحب الضعيف أن ينصرف من مزدلفة في آخر الليل، كالرجل الذي معه نساء يحب أن يذهب إلى منى من أجل أن يرمي الجمرات قبل أن يأتي الناس فليذهب إلى منى، وله أن يرمي من حين أن يصل إلى منى ولو كان قد بقي على الفجر ساعة أو ساعتين، لكن متى ينصرف من مزدلفة؟ قيل: ينصرف إذا انتصف الليل، وقيل: ينصرف إذا غاب القمر -أي: إذا مضى من الليل ثلثاه- وهذا هو الأقرب، المهم وصلنا إلى منى، أول ما يفعل يرمي جمرة العقبة، وهي آخر الجمرات مما يلي مكة، يرميها بسبع حصيات يكبر مع كل حصاة، ومن أين يأخذ الحصاة؟ من أي مكان، من منى من الطريق بين منى ومزدلفة، من مزدلفة من أي مكان، يأخذ سبعاً فقط، فيرميها بسبع حصيات يكبر مع كل حصاة، ثم ينصرف فينحر هديه، ثم يحلق رأسه أو يقصره والحلق أفضل، ثم يحل من كل شيء حرم عليه إلا النساء، ثم ينزل إلى مكة ويطوف طواف الإفاضة وهو طواف الحج، ويسعى بين الصفا والمروة.
    ثم يعود إلى منى فيبيت بها ليلتين، الحادية عشرة والثانية عشرة، وبعد الزوال من اليوم الحاد عشر وبعد الزوال من اليوم الثاني عشر يرمي الجمرات الثلاث: الأولى ثم الوسطى ثم العقبة، كل واحدة بسبع حصيات يكبر مع كل حصاة، لكنه بعد الأولى يقف مستقبل القبلة رافعاً يديه يدعو الله تعالى دعاءً طويلاً، وكذلك بعد الثانية، أما بعد جمرة العقبة فلا يقف.
    ولنرجع إلى يوم العيد، فيوم العيد حين وصلنا إلى منى كم عملنا؟ أولاً: رمي الجمرات.
    ثانياً: النحر.
    ثالثاً: الحلق أو التقصير.
    رابعاً: الطواف.
    خامساً: السعي.
    هذا هو الترتيب الأفضل، فإن قدم بعضها على بعض فليس عليه حرج؛ لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم سئل في هذا اليوم عن التقديم والتأخير فما سئل عن شيء قدم ولا أخر إلا قال: (افعل ولا حرج) فإذا رمى الجمرات الثلاث يوم الثاني عشر فله أن يتعجل وينهي الحج، وله أن يبيت ليلة الثالثة عشرة ويرمي اليوم الثالث عشر كما رمى يوم الثاني عشر والحادي عشر، وإذا أراد الخروج إلى أهله من مكة فلا يخرج حتى يطوف للوداع عند خروجه سبعة أشواط بثيابه التي عليه -العادية- وبدون رمل وبدون سعي، إلا المرأة الحائض أو النفساء فإنه لا وداع عليها.
    وبهذا ينتهي الحج والعمرة على الوجه الذي هو أكمل الأنساك.
    نسأل الله تعالى أن ييسر لنا ولكم الخير أينما كنا، وأن يوفقنا جميعاً للإخلاص لوجهه والاتباع لرسوله، إنه على كل شيء قدير، وإلى الأسئلة، نسأل الله أن يوفقنا فيها للصواب.

    (26/7)


    --------------------------------------------------------------------------------

    الأسئلة

    (26/8)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم ذبح الأضحية عن الميت


    السؤال
    فضيلة الشيخ: نحن في منزلنا نواجه مشكلة كبيرة، حيث أن لنا والدة تقوم بذبح ضحايا متعددة لأبيها واحدة، ولأمها واحدة، ولأخواتها واحدة، ونحن منذ وقت بعيد نحاول إقناعها أن هذا مخالفاً لسنة النبي صلى الله عليه وسلم لكنها لم تقتنع، نرجو منك وفقك الله توجيه نصيحة لها خاصة ولعامة المسلمين، علماً بأنها تكلفها هذه الضحايا قريباً من خمسة آلاف ريال؟

    الجواب
    بلغها سلامي وقل: يسلم عليك فلان، ويقول: خير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وليست أكرم من رسول الله ولا أعلم منه بما يرضي الله ولا أحرص منه على مرضاة الله، فلتقتدي برسولها محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
    أما والداها وأمها وجدها وجدتها، وعمها وعمتها، وخالها وخالتها، وأقاربها وأصدقاؤها فلتدع الله لهم؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له) ما قال: يضحي له، ولا جاءت في حديث ضعيف ولا صحيح: أو ولد صالح يضحي له، مع أن الحديث في سياق الأعمال، (انقطع عمله إلا من ثلاث) والأضحية عمل، فلم يقل: إلا ولد صالح يضحي له.
    ولا شك أن أمك تريد الخير، لكن ليس كل مجتهد مصيب.
    وأخيراً أسأل الله عز وجل أن يجعل هذا العمل نافعاً، مباركاً، خالصاً لوجهه الكريم
    وأن ينفعني به في حياتي وبعد مماتي، وأن ينفع به كل من انتهى إليه؛ فإنه خير مسؤول، وأكرم مأمول، وهو حسبنا ونعم الوكيل، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد بن عبد الله وعلى آله وأصحابه ومن تبعه بإحسان إلى يوم الدين.

    حياكم الله بموقع بداية الهداية الخطوة إلى طريق العلم الشرعي الصحيح
    http://www.musacentral.com/

  7. #47
    تاريخ التسجيل
    Mar 2009
    المشاركات
    2,459
    الدين
    الإسلام
    آخر نشاط
    01-11-2023
    على الساعة
    03:37 PM

    افتراضي

    حكم الخادمة التي شرطت على كفيلها الحج وليس لها محرم


    السؤال
    فضيلة الشيخ! ابتلينا بالخادمات في البيوت، فإذا جاءت الخادمة كان من الشروط أن تؤدي فريضة الحج، فماذا يصنع من كان كفيلاً لها، هل يقوم بتنفيذ هذا الشرط ولو كان فيه مخالفة لأوامر الله ورسوله، أم يطلب منها إحضار محرم لها ليحج بها، أم يدفع لها مالاً مقابل عدم الوفاء بهذا الشرط؟

    الجواب
    هذه ثلاثة أمور بينها السائل، لكن هناك أمر رابع لم يبينه وهو الواجب من الأصل، الواجب أن الخادمة إذا اشترطت أن يحج بها، يقول: نعم.
    أنا ألتزم بهذا بشرط المحرم، أما إذا لم يكن معك محرم فإنه لا يجوز أن تحجي أنت ولا يجوز أن أسمح لك أنا ما دام الأمر بيدي، ثم إن هؤلاء المسكينات الحج عندهن أغلى من كل شيء، فلو أنها أُيِّست منه من الأول وقيل: لا حج إلا بمحرم، لدخلت على بصيرة، ثم نقنع هذه المسكينة، ونقول لها: إن الحج فريضة، على المستطيع، وأنت لا تستطيعين الآن؛ لأنك بدون محرم، فليس عليك حج، اطمئني، ليس عليك إثم، وإذا لقيت ربك فإنك تلقينه بدون أن تكوني عاصية أو آثمة، ونهون عليها الأمر، فإن أبت إلا الوفاء قلنا: لا يمكن هذا، لكن اختاري إما أن ننتظر حتى يقدم لك أحد من محارمك، وإما أن نعطيك عوضاً عن الحج الذي اشترطت علينا.
    لكن هنا مسألة: لو كان أهل البيت سيذهبون إلى الحج وعندهم خادمة ليس لها محرم، فهنا لا بأس أن تحج معهم؛ لأن وجودها في البيت كوجودها معهم في السفر ولا فرق، ولأنها إذا بقيت في البيت فهو أخطر لها مما إذا ذهبت معهم بلا شك، والواجب دفع أعلى المفسدتين بأدناهما.

    (26/10)


    --------------------------------------------------------------------------------

    قوله تعالى: (وَلا تَحْلِقُوا رُؤُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ)


    السؤال
    ما المقصود بقوله تعالى: {وَلا تَحْلِقُوا رُؤُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ} [البقرة:196] هل هذا النهي للتحريم، وكيف يكون التحلل على هذه الآية؟

    الجواب
    نعم النهي للتحريم، فالإنسان لا يحوز له إذا ساق الهدي أن يحل حتى يبلغ الهدي محله، وعبر بحلق الرأس؛ لأنه علامة الحل، ولهذا لما أمر النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه في حجة الوداع أن يجعلوا نسكهم عمرة إلا من ساق الهدي، قالوا: (وأنت يا رسول الله؟ قال: أنا قد سقت الهدي، فلا أحل حتى أنحر) فمعنى الآية: لا تحلوا قبل أن يبلغ الهدي محله، والإحلال يكون بحلق الرأس.

    (26/11)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم من عليه أقساط في أشياء غير ضرورية ويتعذر بها عن الحج


    السؤال
    فضيلة الشيخ: هناك عدد من الشباب يقتني الآن سيارات بغالي الأثمان ديناً وهو لم يحج، ويأخذها بالأقساط، ويستطيع أن يبيعها ويسدد هذه الأقساط ويحج، ولكنه يجعل ذلك عذراً له ومانعاً عن الحج، وهو لا يدري لعلها تكون قبراً له، فما حكم عمله هذا؟

    الجواب
    أرى أن الإنسان العاقل إذا كان عنده مال يمكنه أن يشتري به سيارة يدفع بها حاجته ويحج بالباقي فإنه يجب عليه أن يفعل ذلك، ولا يجوز أن يشتري شيئاً بثمن رفيع ويدع الحج؛ لأنه غني يستطيع أن يحج، فالسيارة التي يشتريها بخمسين ألف -مثلاً- يغني عنها سيارة بعشرين ألف، ويحج من الثلاثين، وربما تكون البقية تكفيه للزواج، فيحصل له سيارة يركبها يقضي حاجته وحج وامرأة، هذه نعمة.

    (26/12)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم من عليه دين مع وجود ما يبيعه لقضاء دينه


    السؤال
    بعض الناس له أكثر من خمسين سنة، وعنده أملاك ومزارع وأراضٍ وبيوت، وعليه دين، وهو لم يؤد فريضة الحج، فإذا نصح بالحج تعذر بالدين، مع قدرته على سداد دينه ببيع بعض أملاكه؟ فهل له أن يؤمن دينه بالرهن ثم يحج، أم أن ذلك الدين عذراً له؟

    الجواب
    أرى أنه يبيع من هذه الأملاك التي لا يحتاجها، ويقضي دينه ويحج؛ لأن الرجل غني، والغنى ليس هو كثرة النقود، الغنى هو: كثرة الأموال التي تزيد على حاجة الإنسان، وإذا كان عنده عقارات كثيرة يمكن أن يبيع واحداً من عشرة منها ويحج وجب عليه أن يبيع ويحج، هذا الواجب عليه، ولا يدري هذا الرجل ربما يصبح ولا يمسي أو يمسي ولا يصبح، فتبقى هذه الأملاك لغيره يتنعمون بها وعليه وبالها.

    (26/13)


    --------------------------------------------------------------------------------

    جواز الدفع من مزدلفة إلى مكة مباشرة


    السؤال
    فضيلة الشيخ! هل يجوز لمن أراد تقديم طواف الإفاضة على بقية مناسك يوم النحر أن يدفع من مزدلفة إلى مكة مباشرة؟

    الجواب
    يجوز لمن دفع من مزدلفة أن يذهب إلى مكة مباشرة ويطوف ويسعى ويرجع؛ لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم كان لا يسأل عن شيء قدم ولا أخر إلا قال: (افعل ولا حرج) فالأمر والحمد لله واسع، قد وسع الله على العباد تخفيفاً عليهم.

    (26/14)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم من وافق اليوم السابع من ولادة ابنه يوم الأضحى


    السؤال
    شخص وافق يوم الأضحى أن يكون يوم السابع لولده، فكان عليه عقيقة وأضحية، فهل له أن يعق عن ابنه أم يجمع بينهما، وإذا أمكن ذلك -أي: أن يجمع بين العقيقة والأضحية- فكيف تكون الطريقة عند الذبح؟

    الجواب
    قال بعض أهل العلم: إذا وافق يوم العيد يوم السابع من ولادة الولد وذبح أضحية كفت عن العقيقة، كما أن الإنسان لو دخل المسجد وصلى فريضة كفت عن تحية المسجد؛ لأنهما عبادتان من جنسٍ واحد، توافقتا في الوقت فاكتفي بإحداهما عن الأذى.
    لكن أرى إذا كان الله قد أغناه أن يجعل للأضحية شاة وللعقيقة شاة إن كانت المولودة أنثى، أو شاتين إن كان المولود ذكراً، فإذا كان المولود ذكراً يذبح ثلاثاً.

    (26/15)


    --------------------------------------------------------------------------------

    أجر من كفل حاجاً


    السؤال
    يوجد عامل لم يحج أبداً، ويريد الحج، وأنا أريد أن أتكفل بكامل حجه، فهل أدفع قيمة الفدية أم أن عليه دفعها، وما هو الأجر الذي سأحصل عليه؟

    الجواب
    يقولون: إن رجلاً كلف بأن يرضِّح عبساً -النوى الذي يكون في التمر- فجعل يرضحه يكسره ويكسره -وتكسير العبس صعب- لما بقيت واحدة قال: تعبت، مع أنه كسر آلاف العبس، هذا الرجل متكفل بالعامل في جميع مئونته إلا الهدي، نقول: يا أخي! جزاك الله خيراً أكمل الهدي حتى يتم الأجر لك، فإن لم يفعل وكان العامل فقيراً فالله تعالى قد يسر عليه، ماذا يصنع العامل؟ يصوم ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع، وزال الإشكال.
    لكني أشير على الكفيل جزاه الله خيراً أن يكمل إحسانه، وأن يقول: جميع مئونة الحج عليَّ من نفقة الحج والهدي والإحرام وغير ذلك.
    والأجر إن شاء الله الذي يحصل عليه أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: (من جهز غازياً فقد غزا) ونقول: نحن إن شاء الله بدون تألٍ على الله: أن من جهز حاجاً فقد حج؛ لأن الحج في سبيل الله، حتى إن بعض العلماء يقول: إن الفقير إذا كان عاجزاً ولم يؤدِ الفريضة يعطى من الزكاة، لدخوله في قوله تعالى: {وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ} [التوبة:60] وعائشة قالت: (يا رسول الله هل على النساء جهاد؟ قال: عليهن جهاد لا قتال فيه، الحج والعمرة) .
    فنرجو لهذا الذي تكفل بحج العامل مثل أجر العامل.

    (26/16)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم التقصير والحلق


    السؤال
    نشاهد وبكثرة من بعض الحجاج هداهم الله أنه إذا أراد أن يقصر من شعر رأسه في حج أو عمرة أخذ من كل جانب شعرات واكتفى بذلك، ولربما أخذ من عارضيه، فما حكم عمله ذلك في الحالات التالية: أولاً: إذا رأيناه يفعل ذلك وهم كثير على المروة.
    ثانياً: إذا فعل ذلك ورجع إلى أهله.
    ثالثاً: إذا فعل ذلك قبل سنوات كثيرة؟

    الجواب
    سألني سائل مرة وقال: إني اعتمرت، كل شيء فعلته إلا أنني لم أحلق، ويقول: هكذا بلحيته، ما حلقت أي: ما حلق اللحية، ظن أن حلق اللحية من شعائر الله، فقال: كل شيء عملته إلا أني لم أحلق ويشير هكذا بلحيته ويمسحها أمامي، فقلت: الحمد لله الذي هداك لهذا، هذا هو الحق، ألَّا تحلق لحيتك؛ لأن حلق اللحية حرام بكل حال.
    فهؤلاء القوم الذين نراهم عند المروة يقصرون من بعض الرءوس هم على قولٍ قاله بعض العلماء؛ لأن العلماء رحمهم الله مختلفون: هل الحلق والتقصير طاعة، أو الحلق والتقصير علامة على أن النسك انتهى؟ فالذي يقول: إنه علامة على أن النسك انتهى يقول: إذا قصرت أدنى شيء ولو شعرتين أو ثلاث فقد كفى؛ لأن المحرم لا يجوز أن يحلق رأسه، فإذا حلق معناه أنه انتهيت، ومن قال: إنه طاعة وهو الصحيح قال: يجب أن يقصر من جميع الرأس عموماً، وهذا هو الحق، فإذا رأيت شخصاً قابلاً للنصيحة والتوجيه انصحه، أما إذا رأيت شخصاً لا يعرفك ولا يأخذ بقولك ولا يبالي وتكلمت معه ولكنه لم يلتفت إليك فلا تلح عليه.

    (26/17)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم من يحج عن غيره وعليه دين


    السؤال
    أنا رجل عليَّ دين فهل يجوز لي أن أحج نيابة عن شخصٍ آخر، مع العلم أني سآخذ مبلغاً على ذلك، وهل يجب عليَّ أن أستأذن من صاحب الدين الذي عليَّ؟

    الجواب
    لا بأس أن يحج الإنسان عن غيره إذا كان عليه دين؛ وذلك لأنه لا يضره أهل الدين شيئاً، بل قد يكون هذا من مصلحته، أنه إذا أعطي مالاً على هذا الحج قضى به من دينه، لكن إذا كان الدين حالاً فليستأذن من الدائن، حتى لا يكون في قلبه شيء على هذا المدين.

    (26/18)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم اصطحاب الخادمة للحج مع الأسرة إذا كان للضرورة


    السؤال
    فضيلة الشيخ! بينتم في السؤال السابق في سؤال الخادمة أنها يمكنها أن تحج معهم إذا كانوا سيؤدون فريضة الحج، فهل يأثمون بذلك، وهل عليها إثم، وهل يجوز لهم أن يجعلوها عند أحد أقاربهم؟

    الجواب
    ذكرنا أن هذا من باب الضرورة؛ لأن ذهابها معهم أسلم من بقائها في البيت، وعللنا ذلك بأنه من باب دفع أعلى المفسدتين بأدناهما وأقلهما، لكن كما قيل:
    إذا لم يكن إلا الأسنة مركب فما حيلة المضطر إلا ركوبها

    (26/19)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم من أُحصر ومُنع عن الحج


    السؤال
    رجل سار من الميقات إلى مكة حاجاً، ولما وصل إلى مركز التفتيش بين مكة وجدة منعوا دخوله مكة؛ لأنه لم يكن معه بطاقة للحج، فما الحكم حينئذٍ؟

    الجواب
    أولاً: لا نشير على الإنسان أن يخاطر ويحج وليس معه بطاقة رخصة، بل إذا لم يكن معه بطاقة فمعناه: أنه قد حج أولاً ويكفي، الباقي تطوع، وإذا علم الله من نيتك أنه لولا المانع لحججت فإنه يرجى أن يكتب لك أجر الحج؛ لأنه ثبت عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أن من تمنى الشهادة بصدق أو نال أجر الشهيد ولو مات على فراشه، فأنت إذا علمت أن السلطات سوف تمنعك أصلاً لا تسافر، أديت الفريضة والحمد لله.
    لكن على فرض أن الإنسان لم يعلم بهذا وذهب وأحرم ثم منع، فإنه يذبح هدياً في مكان منعه؛ لقوله تعالى: {فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ} [البقرة:196] ويتحلل ويرجع.

    (26/20)


    --------------------------------------------------------------------------------

    ميقات أهل الشام


    السؤال
    شخص جاء من الشام وهو ليس من أهلها وأراد الحج، وعند قدومه إلى جدة لا يدري من أين يحرم: هل له أن يحرم من ذي الحليفة، أم يحرم من جدة؛ لأنه من بلاد تحرم من جدة، ولكنه ذهب إلى بلاد الشام لطلب العلم، أفتنا مأجوراً وفقك الله؟

    الجواب
    أهل الشام لا يحرمون من ذي الحليفة، أهل الشام وقَّت لهم النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم الجحفة، وأظن طريق الطائرات إذا كان في الطائرات من عند الساحل فيحاذون الجحفة، وهم بعيدون عن ذي الحليفة، فيحرم كما يحرم أهل الشام تماماً، إلا إذا كان هذا الرجل من أهل جدة ورجع من الشام إلى جدة باعتبار أنه راجع إلى أهله لا أنه قاصد الحج، فحينئذٍ يذهب إلى أهله بلا إحرام وإذا جاء وقت الحج أحرم، وإذا كان قاصداً الحج لا بد أن يحرم من ميقات أهل الشام.

    (26/21)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم الحج على المريض الذي تضره أشعة الشمس


    السؤال
    فضيلة الشيخ! شخص مرض قبل سنة ونصف بمرض حاد وذلك بسبب ضربة الشمس، وهو لم يحج، ويخشى من أشعة الشمس الحارة، فهل يجوز له أن يوكل شخصاً ليحج عنه مع أنه الآن في عافية، ولكن الأطباء يقولون له: احذر من الشمس؟

    الجواب
    إن هذا يجب عليه أن يحج بنفسه، ولا يجوز أن يوكل ما دام الحج فريضة، ولكن يذهب ويحرم من الميقات ويغطي رأسه، لقوله تعالى: {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ بِهِ أَذىً مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ} [البقرة:196] يذهب ويحرم ويغطي رأسه بالغترة والطاقية ويطعم ستة مساكين لكل مسكين نصف صاع، أو يصوم ثلاثة أيام، أو يذبح شاة يوزعها على الفقراء في مكة، فالأمر سهل والحمد لله.

    (26/22)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم استئذان الوالدين في الذهاب إلى الحج


    السؤال
    هل يجب الاستئذان من الوالدين في الذهاب إلى الحج سواء كان فرضاً أو تطوعاً؟

    الجواب
    أما إذا كان فرضاً فإنه لا يشترط رضاهما ولا إذنهما، بل لو منعاه من الحج وهو فرض وجب عليه أن يحج ولا يطعهما، لقول الله تعالى: {وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفا} [لقمان:15] ولقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق) .
    أما إذا كان نفلاً فلينظر إلى المصلحة، إن كان أبوه وأمه لا يستطيعان الصبر عنه ولا أن يغيب عنهما فبقاؤء عندهما أولى؛ لأن رجلاً استأذن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم في الجهاد فقال له: (أحي والداك؟ قال: نعم.
    قال: ففيهما فجاهد) فالفريضة لا يطعهما، والنافلة ينظر ما هو الأصلح.

    (26/23)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم سفر المتمتع بين العمرة والحج


    السؤال
    هل يشرع لمن اعتمر وأحل أن يسافر للحاجة إلى جدة أو المدينة ولربما إلى الرياض علماً أنه متمتع وهو من أهل القصيم، وإذا رجع إلى بلده هل يبطل هذا التحلل؟

    الجواب
    قوله: هل يشرع، يريد هل يجوز للإنسان المتمتع إذا أنهى عمرته أن يسافر إلى جدة أو إلى الرياض أو إلى المنقطة الجنوبية مثلاً أو إلى المدينة؟ والجواب: نعم.
    له أن يسافر، وإذا رجع فإنه يبقى على تمتعه، أما لو رجع إلى بلده، ثم رجع من بلده محرماً بالحج فقد بطل التمتع وصار حجه إفراداً؛ لأنه برجوعه إلى بلده انقطع السفر، وأنشأ للحج سفراً جديداً من بلده.
    الخلاصة: أن سفر المتمتع بين العمرة والحج لا يقطع التمتع إلا إذا رجع إلى بلده، ورجع من بلده محرماً بالحج، فإنه يبطل تمتعه ويكون مفرداً.

    (26/24)


    --------------------------------------------------------------------------------

    الأفضل في الهَدْي


    السؤال
    أشرتم وفقكم الله إلى أنه لا يدفع الإنسان أضحيته لمن في الخارج، وأن عليه أن يذبحها بنفسه، فهل الهدي كذلك؟ وماذا تقولون لبعض الشركات التي تقبل الهدي والأضحية، فهل ندفع لهم ذلك؟

    الجواب
    أما الأضحية فلا تدفعوها للشركات، ضحوا في بلادكم، وأما الهدي فمعلوم أن الذين يذهبون إلى مكة إذا ذبحوا الهدي صعب عليهم أن يفرقوه على مستحقيه، فإذا أعطوه من يتقبل ذلك فلا بأس، وهؤلاء الذين يتقبلون الهدي يتقبلونه بإذنٍ من الحكومة، ويكون قبضهم للهدي كقبض الفقير، فيكون الذي يسلمهم إليه إلى الحكومة كأنه سلمه إلى الفقير تماماً، ولا حرج فيه للحاجة.
    ومع ذلك نقول: إذا كنت قادراً على أن تذبح هديك بنفسك أو توكل عليه أحداً في مكة فلا تعطيه الشركات، كلما صار لديك مندوحة عن إعطاء الشركات في الهدي فلا تعطهم، أما الأضاحي فقد علمتم أنه لا يعطيها إياهم إطلاقاً؛ لأن الأضاحي يمكن كل إنسان أن يضحي ببيته ويأكل من لحمها ويوزع على حسب الحال.
    الهدي إذا اشتراه في مكة أو في منى وذبحه وأعطى الحملة ولكن أعطى الفقراء منه ولو رجلاً واحدة أو يداً واحدة فلا بأس هذا طيب.

    (26/25)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم التساهل في أداء الحج


    السؤال
    رجل عنده مال، ويسر الله له كافة سبل الحج ولكنه متساهل بهذا مع كبر سنة، فما حكم صلاته وزواجه وغير ذلك، وهل هو آثم بهذا التأخير؟

    الجواب
    نعم.
    هو آثم بهذا التأخير، وإذا مات فإن من العلماء من قال: إنه يموت كافراً وإن كان يصلي -نسأل الله العافية- ولكن القول الراجح: أنه لا يكفر بترك الحج، ليس شيء من الأعمال يكفر بتركه إلا واحدة وهي الصلاة، فإذا تهاون بالحج ومات فهو آثم وعاصٍ ومستحق للعقاب، لكنه ليس بكافر.
    واختلف العلماء هل يقضى عنه الحج بعد موته في هذه الحالة أو لا يقضى؟ فجمهور العلماء: على أنه يقضى عنه، وقال ابن القيم رحمه الله: إنه لا يقضى عنه؛ لأن الرجل عازم على الترك متهاون، كيف نقضي عنه، وماذا ينفعه عند الله، والحج عبادة إن لم يقم بها بنفسه فلا فائدة من ذلك.
    فعلى كل حال: الأمر خطير، والواجب على هذا الذي أغناه الله وأعطاه القدرة على الحج أن يحج قبل أن يموت، فليتب إلى الله وليبادر.

    (26/26)


    --------------------------------------------------------------------------------

    زواج المرأة ممن هو أصغر منها


    السؤال
    أنا فتاة أعلق مستقبلي وحياتي بالله تعالى ثم بما تنصحني به: تقدم لخطبتي شاب أصغر مني بثلاث سنوات، وفي عرفنا وعادة الناس عندنا في بلادنا أنها لا تكون المرأة أكبر من زوجها سناً، وأخشى أن يؤثر على زواجنا هذا العرف من الناس، فماذا تنصحني أنت وفقك الله إذا كان ذلك الرجل مستقيماً في دينه؟

    الجواب
    أنصح أن تقبلي النكاح من هذا الرجل، لا سيما إذا كان سنه كبيراً، وإن كان أقل منها بثلاث سنوات، وأذكرها بأن النبي صلى الله عليه وسلم تزوج خديجة وله خمس وعشرون سنة ولها أربعون سنة، وأولاده كلهم منها إلا إبراهيم، ولم يتزوج عليها أحداً وهي حية، ما تزوج إلا حين ماتت، فأقول: لها في خديجة أم المؤمنين رضي الله عنها أسوة، وإذا كان هذا الخاطب كفواً في دينه وخلقه فتتوكل على الله وتقبل، والأعراف المخالفة للشرع كلها أعراف باطلة لا يلتفت إليها.

    (26/27)


    --------------------------------------------------------------------------------

    الرجوع إلى دار الإفتاء في المملكة


    السؤال
    أنا إمام تبرع بالصلاة في الناس في يوم الجمعة في مكان مؤقت للاجئين، وهو غير مبني، وأقرب مدينة تبعد عنا قريباً من عشرين كيلو، وأنا في حيرة من أمري، هل تجب علينا هناك صلاة الجمعة، وهل تصح منا، أم علينا أن نصلي ظهراً أربع ركعات، وماذا عليَّ في الأشهر الماضية، أنبه: بأني لست من أهل هذه المدينة، ولا أدري كم مقامي هنا؟

    الجواب
    الواجب على هذا السائل أن يرفع القضية إلى دار الإفتاء في المملكة، من أجل أن يصدروا فيها فتوى تكون عامة وملزمة، أما فتوى في مسجد استفتي فيها متكلم من المتكلمين فهذا لا يجدي شيئاً، لا يجدي إلا النزاع، ولهذا أشير على إخواني الذين توجه إليهم الاستفتاءات في هذا الباب أوجههم إلى ألا يفتوا، بل يطلبوا من المستفتي كتاباً رسمياً من القائم على هذا المكان -أي: ولي الأمر في هذا المكان- حتى لا يحصل النزاع، مثلاً: يأتيك جندي يسألك في مسألة ما في إدارة المكان الذي هو فيه، فتعطيه فتوى تخالف ما كانوا يعملونه، وربما يعملونه استناداً إلى فتوى من عالم من العلماء، فيحصل بذلك نزاع وشقاق بين هذا الذي استفتاك وأعطيته فتوى تخالف ما كانوا عليه وبين ما كانوا عليه، وهذه مسألة يجب على طلاب العلم المفتين أن ينتبهوا لها، فإذا جاءك جندي يسألك عن شيء من المسائل التي يعملونها وهي قد تكون مخالفة للشرع أو غير مخالفة، فقل له: يا أخي! جزاك الله خيراً إذا كنت تريد حل هذه المشكلة فأتني بخطاب رسمي من القائد أو من المدير أو ما أشبه ذلك وأنا أفتيك، وإلا فالمرجع في ذلك إلى دار الإفتاء في المملكة العربية السعودية.

    (26/28)


    --------------------------------------------------------------------------------

    الرضاع لا يؤثر في المصاهرة


    السؤال
    امرأة لها بنات من الرضاع، فهل أزواج هؤلاء البنات يكونون محرماً لهذه المرأة؟

    الجواب
    الصحيح أن الرضاع لا يؤثر في المصاهرة، فإذا كان للأنثى بنات من الرضاع وتزوجن برجال فإنها لا تفتش لرجالهن، أما لو كانت أمهن من النسب أي: هي التي ولدتهن فإن أزواج بناتها محارم لها، والدليل على هذا قول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب) وأم الزوجة بالنسبة للزوج حرام عليه من جهة النسب أو من جهة المصاهرة؟ من جهة المصاهرة، ليس بينه وبينها نسب، المحرمات بالنسب سبع مذكورات في قول الله تعالى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالاتُكُمْ وَبَنَاتُ الْأَخِ وَبَنَاتُ الْأُخْتِ} [النساء:23] نظيرهن من الرضاع حرام، أما {َأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ وَحَلائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلابِكُمْ} [النساء:23] فهذه الثلاث بالإضافة إلى قوله تعالى: {وَلا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ} [النساء:22] وهي الرابعة هؤلاء محرمات بالصهر، والنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول: (يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب) وبناءً على ذلك: فإن أزواج بنات الأنثى من الرضاع ليسوا من محارمها، أي: من محارم أمهن من الرضاع.
    هذا هو الذي اختاره شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، وإن كان جمهور العلماء على خلاف هذا القول، لكن الحق أحق أن يتبع.

    (26/29)


    --------------------------------------------------------------------------------

    نصيحة لطلاب العلم


    السؤال
    فضيلة الشيخ! نرجو نصيحتنا نحن معشر طلاب العلم في هذه الأيام التي نقبل عليها سواء هنا أو هناك في الحج، ما هو دورنا؟ الشيخ: دور طالب العلم في كل زمان وفي كل مكان أن يتقي الله ما استطاع، وأن يبين للناس ما يعلمه من شريعة الله؛ لأن الله تعالى يقول: {وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلا تَكْتُمُونَهُ} [آل عمران:187] ، وأن يدعو إلى الله على بصيرة، وأن يكون حين دعوته إلى الله واسع الصدر، مبتهج الوجه، يريد بذلك إصلاح ما فسد من أخيه لا الانتقام منه والعلو عليه، وهو إذا أراد الإصلاح وسلك السبيل الموصل إليه يسر الله له ذلك.
    وأحب من طلاب العلم جميعاً أن يكونوا أسوة صالحة في أخلاقهم وأعمالهم ودعوتهم إلى الله حتى يكون في هذا عون على قبول الناس منهم شريعة الله؛ لأن شريعة الله قد يردها العامي لسوء تصرف من دعا إلى الله، ولهذا تجد بعض الناس عامياً لكن عنده خلق حسن قد ملك قلوب الناس، وتجد الرجل عالماً جيداً بحراً في العلوم لكنه ليس على خلق حسن تجده ليس محبوباً إلى الناس لسوء خلقه، فأنت يا طالب العلم أحسن خلقك للناس، أحسن سيرتك مع الناس حتى تكون مقبولاً وتقبل منك الشريعة التي من الله عليك بعلمها.

    (26/30)


    --------------------------------------------------------------------------------
    وأخيراً أسأل الله عز وجل أن يجعل هذا العمل نافعاً، مباركاً، خالصاً لوجهه الكريم
    وأن ينفعني به في حياتي وبعد مماتي، وأن ينفع به كل من انتهى إليه؛ فإنه خير مسؤول، وأكرم مأمول، وهو حسبنا ونعم الوكيل، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد بن عبد الله وعلى آله وأصحابه ومن تبعه بإحسان إلى يوم الدين.

    حياكم الله بموقع بداية الهداية الخطوة إلى طريق العلم الشرعي الصحيح
    http://www.musacentral.com/

  8. #48
    تاريخ التسجيل
    Mar 2009
    المشاركات
    2,459
    الدين
    الإسلام
    آخر نشاط
    01-11-2023
    على الساعة
    03:37 PM

    افتراضي

    اللقاء الشهري

    اللقاء الشهري [27]
    محاسبة النفس إثر كل عمل أمر ضروري، تظهر به المحاسن والمعايب؛ ومحاسبتها في آخر العام يعلمها بتقصيرها في حق خالقها ويحمسها أن تعود مقبلة عليه في العام القادم.
    وقد جعل الله من أيامه ما فيه عبر تعيد للإنسان صلته بربه جل وعلا، هذا ما كان منطلق حديث الشيخ -رحمه الله- مع فوائد عظيمة في الأسئلة.

    (27/1)


    --------------------------------------------------------------------------------

    دعوة للمحاسبة
    الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على نبينا محمد خاتم النبيين وإمام المتقين، وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
    أما بعد: فهذا هو اللقاء الشهري الأخير في هذا العام عام (1415هـ) ، والذي يتم هذه الليلة، ليلة الأحد الثامن والعشرين من شهر ذي الحجة، نسأل الله تبارك وتعالى أن يجعل خاتمتنا خيراً من ماضينا.
    موضوع هذا اللقاء يشمل شيئين: الشيء الأول: ما الذي أودعناه في العام الماضي؟ الشيء الثاني: ماذا أعددنا للعام المقبل؟ وكلاهما يحتاج إلى عناية، أما الأول فما الذي أودعه الإنسان في عامه الماضي؟ هل كان قائماً بالواجبات التي لله عز وجل والتي لعباده، أم هو مفرط مهمل مضيع؟ هل أخلص لله في عبادته؟ هل محَّص عمله في اتباع شريعة النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم؟ هل قام بالصلاة على ما ينبغي؟ هل صلاها في أوقاتها؟ هل صلاها مع الجماعة؟ هل أدى شروطها وأركانها على ما يجب؟ هل أدى زكاة ماله؟ هل أحصاه إحصاءً دقيقاً وكأن مستحقي الزكاة يحاسبونه محاسبة دقيقة؟ هل أتقن صيام رمضان؟ هل قام فيه بما يجب؟ هل أتقن حجه إن كان قد حج؟ هل قام ببر والديه؟ هل قام بصلة أرحامه؟ هل قام بالإحسان إلى جيرانه؟ هل قام برحمة الأيتام؟ هل قام برحمة البهائم؟ هل قام بما يجب عليه من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؟ هل قام بالدعوة إلى الله عز وجل؟ هل قام بما يجب عليه من الإنفاق على أهله؟ هل قام بما يجب عليه من دفع أثمان المبيعات وأجور الأجراء؟ كل هذه تساؤلات يجب أن يعرف الإنسان الجواب عليها، إن كان قد فرط فيها فليتب إلى الله وليتدارك ما يمكن تداركه، وإن كان قد قام بما يستطيع وحسب ما أوجب عليه فليحمد الله على ذلك، وليسأل الله الثبات عليه.
    إننا نعلم أن التجار إذا تمت سنة إدارة تجارتهم فإنهم يسهرون الليالي يتفقدون الدفاتر، ماذا دخل على المتجر؟ وماذا خرج منه؟ ماذا اكتسب الإنسان في هذه السنة وماذا خسر؟ حتى يتداركوا ما يمكن تداركه، أما التجارة العظمى وهي التي قال الله عنها: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ * تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ} [الصف:10-11] فإن هذه التجارة نحن في غفلة عنها، ولا نعلم ماذا أدينا فيها إلا أن يشاء الله.
    ولهذا أقول لنفسي ولكم: الواجب علينا أن نتفقد أن ننظر فما يمكن تداركه قمنا به، وما لا يمكن استغفرنا الله منه وتبنا إليه عز وجل.
    أما المستقبل: فالمستقبل في الواقع لا يمكن لأي أحد أن يجزم بما يفعل في المستقبل، ولو أنه جزم بما يفعل في المستقبل لعد سفيهاً مخالفاً لقول الله تعالى: {وَلا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَداً * إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ} [الكهف:23-24] .
    لقد سأل كفار قريش رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم عن قصة أصحاب الكهف، فقال: أخبركم غداً، ولم يقل: إن شاء الله، فماذا كان من الله عز وجل، تأخر الوحي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لمدة خمسة عشر يوماً، ثم نزل الوحي، وفي تلك السورة قال الله لرسوله: {وَلا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَداً * إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ} [الكهف:23-24] وكان هذا من حكمة الله عز وجل أن تأخر الوحي بعد أن وعدهم النبي صلى الله عليه وسلم أن يقص عليهم القصة، وفي هذا أكبر دليل على أن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم كان صادقاً، إذ لو كان كاذباً للفق قصة من القصص وقال: هذه قصة أصحاب الكهف، لكنه لا ينطق في علم الغيب إلا بما أوحي إليه عليه الصلاة والسلام.
    نحن لا نجزم بما نفعل غداً، ولا يمكننا أن نجزم، كم من إنسان أراد ولكن صار الواقع خلاف مراده! كم من إنسان أمل ولكن انقطع حبل الأمل! ولكن المؤمن مأمور بأن يستقبل الأيام بحزم ونشاط، وقد أشار الله إلى ذلك في قوله: {وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُوراً} [الفرقان:62] أي: جعل الليل والنهار يختلفان، يخلف بعضها بعضاً من أجل أن ينشط الناس، كل يوم يتجدد لهم النشاط.
    كذلك الأعوام: جعل الله تعالى الأعوام أطول من الأيام بلا شك؛ لأنها شهور والأيام ساعات، لكنه سبحانه وتعالى كررها على العباد وجعل عدة السنة اثني عشر شهراً، حتى إذا تمت السنة وإذا بالإنسان يستجد نشاطه إلى سنة مقبلة.
    فانظر يا أخي ماذا أعددت للسنة المقبلة، هل أعددت نشاطاً في فعل الخير، فأنفذ ذلك وأمضه، فإن العزيمة على الرشد تكون رشداً إذا فعله الإنسان، أما مجرد العزيمة بدون أن يكون هناك حركة فإنها تمنِّ يصح أن نصف صاحبها أنه عاجز، كما جاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (الكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت، والعاجز من أتبع نفسه هواها، وتمنى على الله الأماني) .
    رتب وقتك حتى ينزل الله لك فيه البركة، رتبه ولكن لا تجعل هذا الترتيب أمراً متعيناً، لا.
    بل هو على حسب الحال، وقد يعرض للمفضول ما يجعله أفضل من الفاضل، لكن رتب نفسك، رتب عملك، فقد قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (أحب العمل إلى الله أدومه وإن قل) مثلاً: اجعل لك ساعة تقرأ فيها كتاب الله عز وجل، وساعة تقرأ فيها من أحاديث الرسول عليه الصلاة والسلام، وساعة تتفكر في معاني القرآن ومعاني الأحاديث، وساعة تتفكر ماذا عملت في يومك وماذا تركت، رتب نفسك حتى يبارك لك الله في أيامك وساعاتك.
    أما من أهمل نفسه ولا يبالي أعمل أم لم يعمل! أنشط أم كسل! فهذا لا شك أنه مفرط، وأنه سيضيع عليه الوقت وسيندم يوم لا ينفع الندم، لأنه أتبع نفسه هواها وتمنى على الله الأماني، قال: أنا إن شاء الله مؤمن، أنا سأكون من أهل الجنة، أنا سأكون كذا، ولكنه ليس معه عمل لا بد من عمل!

    (27/2)


    --------------------------------------------------------------------------------

    في شهر المحرم سنن وعبر
    أما السنن فإنه -أي: شهر المحرم- أحد الأشهر الأربعة الحرم، والأشهر الأربعة الحرم، هي: ذو القعدة، وذو الحجة، والمحرم، ورجب مضر الذي بين جمادى وشعبان، فشهر المحرم هو أحد الأشهر الحرم، وقد نهى الله عز وجل أن نظلم فيهن أنفسنا، فقال: {مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ} [التوبة:36] ولهذا كان القول الراجح من أقوال العلماء: أنه لا يجوز القتال فيها إلا ما كان دفاعاً أو كان قد انعقدت أسبابه من قبل، بمعنى: أنه لا يجوز أن نبدأ قتال الكفار في هذه الأشهر الحرم، إلا إذا كان دفاعاً، بمعنى أنهم هم الذين بدءونا في القتال، أو كان ذلك امتداداً لقتال سابق على هذه الأشهر.

    (27/3)


    --------------------------------------------------------------------------------

    في شهر المحرم نجى الله موسى من فرعون
    شهر المحرم قال فيه النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (أفضل الصيام بعد رمضان شهر الله المحرم) وأوكده يوم العاشر ثم التاسع؛ فإن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قدم المدينة، ووجد اليهود يصومون يوم العاشر من محرم، فسألهم: لماذا تصومون؟ قالوا: إنه يوم نجى الله فيه موسى وقومه وأهلك فرعون وقومه، فنصومه شكراً لله، فقال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (نحن أولى بموسى منكم، ثم صامه وأمر بصيامه) لكنه في آخر حياته قال: (لئن عشت إلى قابل لأصومن التاسع) أي: مع العاشر، فيسن صيام اليوم العاشر، ويصوم قبله يوماً أو بعده يوماً ليخالف اليهود.
    وفي شهر المحرم عبر، أعظمها ما جرى لموسى وقومه وفرعون وقومه: فإن موسى عليه الصلاة والسلام أرسل إلى طائفتين من الناس: بني إسرائيل وفرعون، أما مع فرعون فلم تجدِ الرسالة فيه شيئاً ولم يؤمن، بل ما زاد إلا عتواً ونفوراً، وتوعد موسى، وصار يُقتل بني إسرائيل ويستحيي نساءهم، وجرى منه ما هو معلوم في كتاب الله عز وجل، وكان يفتخر على قومه ويقول: {يَا قَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الْأَنْهَارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي أَفَلا تُبْصِرُونَ * أَمْ أَنَا خَيْرٌ مِنْ هَذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ وَلا يَكَادُ يُبِينُ} [الزخرف:51-52] .
    ولما مضى لموسى في دعوته ما مضى أوحى الله تعالى إلى موسى {أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِي} [طه:77] فأسرى بهم ليلاً وخرج من مصر متوجهاً نحو الشرق نحو البحر الأحمر، فلما علم بهم فرعون دعا قومه ليخرج إلى موسى وقومه ليقضي عليهم، فلما وصل موسى إلى البحر قال له قومه: {إِنَّا لَمُدْرَكُونَ} [الشعراء:61] لا بد أن نهلك، لماذا؟ لأن فرعون وراءهم والبحر أمامهم، فرعون بجنوده وعَدَدِهِ وعُدَدِه خلفهم والبحر أمامهم، فهم إن تساقطوا في البحر غرقوا، وإن وقفوا أهلكم فرعون، ولكن موسى عليه الصلاة والسلام قال وهو موقن: {كَلَّا} [الشعراء:62] لن ندرك {إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ} [الشعراء:62] وبهذا نعرف قوة توكل الرسل على الله عز وجل وقوة ثقتهم بوعد الله {قَال كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ} [الشعراء:62] فهداه الله، أمره أن يضرب البحر، فضرب البحر بعصاه، فانفلق البحر اثني عشر طريقاً على حسب أسباط بني إسرائيل، والغريب أن البحر لم يتميز ويندفع ولكنه بقي أسواقاً وطرقاً وبينها كتل الماء كالجبال مع أن الماء جوهر مائع يسيل، لكن وقف الماء كالجبال، وقيل: إنه كان في كل قطعة فرجة، من أجل أن يطمئن بنو إسرائيل بعضهم على بعض.
    هذه الطرق التي انفتحت بضربة عصا هل بقيت أياماً حتى تجف ويمكن السلوك عليها؟

    الجواب
    لا.
    قال الله تعالى: {فَاضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقاً فِي الْبَحْرِ يَبَساً} [طه:77] في الحال صارت أرضاً يابسة، استطاع موسى وقومه أن يمشوا عليها حتى تكاملوا خارجين منها، وبتكاملهم دخل فرعون وجنوده، فلما تكاملوا داخلين أمر الله عز وجل البحر أن يرجع إلى حاله فانطبق على فرعون وقومه، {إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} [يس:82] .
    غرق فرعون بالماء الذي كان بالأمس يفتخر به، ويقول: {أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الْأَنْهَارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي} [الزخرف:51] غرق بالماء، ولما أدركه الغرق قال: {آمَنْتُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرائيلَ} [يونس:90] انظر إلى الذل العظيم، لم يقل: آمنت بأنه لا إله إلا الله قال: إلا الذي آمنت به بنو إسرائيل، وهذا اعتراف منه بفضل بني إسرائيل عليه، واعتراف منه بأنه كان الآن تابعاً ومقلداً لهم وكان بالأمس يقتلهم على دين الله، أما الآن فأذله الله حتى قال: إنه على دين بني إسرائيل {آمَنْتُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرائيلَ} [يونس:90] .
    لكن متى قال ذلك؟ حين رأى الموت، وإذا رأى الإنسان الموت فإنه لا تنفعه التوبة، ولهذا قيل له: {آلْآنَ} آلآن تشهد أنه لا إله إلا الذي آمنت به بنو إسرائيل؟ {وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ} [يونس:91] ولن ينفعك، ولكن الله قال: {فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ} [يونس:92] ببدنك فقط لا ببدنك وروحك {لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً} [يونس:92] من الذين خلفه؟ بنو إسرائيل، ليكون آية على أن هذا الرجل الذي كان يرعبهم ويخوفهم ويقتل أبناءهم ويستحيي نساءهم هو الآن جثة في البحر، لأنك تعرف أنه إذا كان للإنسان عدو مخيف، فجاءه من قال له: إن عدوك قد مات.
    هل يطمئن وتكون طمأنينته كما لو شاهده؟ الجواب: لا، ولهذا أبقى الله جسد فرعون حتى شاهده بنو إسرائيل وعرفوا أنه قد هلك فاطمأنوا واستقروا.
    هذه من العبر العظيمة التي حصلت في يوم عاشوراء.

    (27/4)


    --------------------------------------------------------------------------------

    شهر المحرم بداية التاريخ الإسلامي
    شهر المحرم فيه أيضاً عبر: وهو أن المسلمين اتفقوا على أن يكون هذا الشهر هو افتتاح السنين، وذلك أن الناس فيما سبق حتى في أول عهد الإسلام لا يؤرخون، لأن أمة العرب أمة أمية لا تقرأ ولا تكتب، حتى جاءها هذا الكتاب العظيم فعلمنا الكتاب والحكمة، لكن فيما قبل ليس لهم تاريخ معين، ربما يؤرخون مثلاً بعام الفيل، فيقولون: هذا حصل عام الفيل، عام الفيل متى؟ لكن في عهد عمر رضي الله عنه عندما اتسعت رقعة الإسلام شرقاً وغرباً وشمالاً وجنوباً، وصارت الرسائل تأتيه، ويشتبه عليه: هل هذه الرسالة قبل الرسالة الأخرى أو بعدها؟ قال: لا بد من تاريخ، وهذه من سنن عمر رضي الله عنه، قال: لا بد من تاريخ، فتشاوروا كعادتهم في النوازل إذا نزلت بهم نازلة تشاوروا: أولاً: من أين نبدأ التاريخ: هل من مولد النبي عليه الصلاة والسلام، أو من بعثته، أو من هجرته؟ إن كان مولده صار المسلمون أتباعاً للنصارى؛ لأن النصارى ابتدءوا التاريخ من مولد عيسى، والمسلمون يجب أن يكونوا أمة مستقلة، ذات طابع خاص، متميزة عن غيرها.
    قالوا: إذاً نبدأ من البعثة؛ لأن ببعثته بدأ النور ينزل على هذه الأمة {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُوراً مُبِيناً} [النساء:174] فيكون من البعثة، قالوا: نعم هذا رأي حسن، لكن البعثة لم يظهر فيها للإسلام دولة، ونحن نريد أن نؤرخ تاريخاً خاصاً بدولة الإسلام، والدولة لم تكن إلا بعد الهجرة، فإنه بعد الهجرة صارت الأمة الإسلامية لها بلداً خاصاً مستقلاً.
    قالوا: إذاً يكون ابتداء التاريخ من الهجرة التي تكونت بها الدولة الإسلامية.
    ثم اختلفوا اختلافاً آخر قالوا: من أي الشهور؟ قال بعضهم: من شهر رمضان؛ لأنه الشهر الذي أنزل فيه القرآن.
    وقال آخرون: بل من شهر ربيع الأول؛ لأن ربيع الأول هو الذي ابتدأ فيه الوحي على رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وهو الذي كانت فيه هجرة الرسول عليه الصلاة والسلام.
    قالوا: وهذا رأي حسن، لكن فيه شيء، ما هو الشيء؟ أنه الشهر الذي توفي فيه الرسول عليه الصلاة والسلام، فيخشى أن يكون هذا ذكرى لوفاته، ثم اختاروا أن يكون ابتداء التاريخ من المحرم؛ لأنه الذي ينصرف فيه المسلمون من أداء آخر أركان الإسلام وهو الحج، فكأن شهر ذي الحجة به تمام الأركان، فنبتدئ من شهر المحرم.
    وما زال المسلمون سائرين على هذا حتى حصل استعمار الكفار لبلاد المسلمين، فغيروا التاريخ، ولهذا تجد عامة المسلمين الذين استعمرت بلادهم تجد تاريخهم يبتدئ بالميلادي، تحول من التاريخ الإسلامي الهجري إلى تاريخ كفري لا أصل له، وسبب ذلك هو الاستعمار، ولهذا نجد العلماء في الأمصار التي تؤرخ الآن بالتاريخ الميلادي، نجد العلماء يؤرخون بالتاريخ الهجري ولا يعرفون التاريخ الميلادي، انظر إلى تراجم العلماء السابقين في البلاد الإسلامية، يقولون: ولد هذا العالم في السنة الهجرية، في الشهر الهلالي، وتوفي في السنة الفلانية الهجرية في الشهر الهلالي، حتى استعمر الكفار بلاد المسلمين فغيروا التاريخ، ونسي التاريخ الإسلامي في هذه البلاد، حتى إن بعض الإخوة الذين قدموا إلينا قبل نحو عشرين سنة أو أكثر، قال: والله ما عرفت الأشهر العربية إلا حين أتيت إلى هنا!! لأنهم نشأوا على الأشهر الفرنجية والسنوات الميلادية.
    وقد كره الإمام أحمد رحمه الله أن يؤرخ بالأشهر الفرنجية، فقال: (أكره بأن يؤرخ بآذرما) ، لأن هذا خلاف ما سار عليه المسلمون، والمهم أن هذا الشهر -أعني: شهر المحرم- هو ابتداء السنوات الإسلامية الهجرية.
    ولكن مع الأسف أن بعض المسلمين الذين سلمت بلادهم من استعمار الكفار صاروا الآن يؤرخون بالتاريخ الميلادي، على الرغم من أن نظام هذه الدولة ونظام الحكم فيها أن التاريخ بالتاريخ العربي الإسلامي نصاً، ولكن مع الأسف أنك الآن يبيع لك صاحب البقالة وأحياناً يعطيك الفاتورة تاريخها بالميلادي، سبحان الله! هذا يخالف تاريخ الإسلام ويخالف تاريخ الدولة، ولهذا لو كان هناك متابعة تامة لنظام الدولة للأخذ على أيدي هؤلاء، قبل أن يكون هذا هو تاريخ المسلمين من أزمنة متباعدة، ولكن مع الأسف أن ضعف الشخصية في الرجل المسلم عندنا هي التي أدت إلى هذا الخذلان.
    وأعجب من ذلك! أن المريض يُعطى وصفة بورقة للدواء بالتاريخ الميلادي والحرف اللاتيني، فيبقى المريض لا يدري، كتب له: خذ هذا الدواء يوم (19/9) وهو عامي يعتقد هذا الدواء متى يستعمل في رمضان! لأنه قيل له: في (19/9) ، أيضاً يستعمله ثلاث مرات، ويكتب له بالرقم غير المعهود عنده، فيختلف عليه الأمر، إذا قال: خذ سبع حبات وكتبها بالحرف الذي لا يعرفه يظن السبعة ستة، لأنها شبيهة بها، كل هذا والله يحزن الإنسان لأن هذا يدل على ضعف الشخصية.
    لغتنا والحمد لله لغة عربية لغة القرآن لغة السنة، بل هي لغة أهل الجنة كما جاء في بعض الأحاديث، كيف نفرط بها؟ لماذا لا نعلم هؤلاء الذين يباشرون الشراء من إخواننا المسلمين الذين جاءوا من بلادٍ لا يعرفون اللغة العربية لماذا لا نعلمهم؟ لكن المشكلة الآن أنهم هم الذين علمونا لغتهم، بدلاً من أن نعلمهم صاروا يعلموننا ونتعلم منهم، بدلاً من أن يقول الواحد منا: ما أدري يقول: ما فيه معلوم، أيهما أخصر؟ لا أدري أخصر وأوضح وأبين وأصدق؛ لأن قوله: لا أدري نفي للعلم عن نفسك فقط، لكن: ما فيه معلوم نفي عن كل الناس، لكن مع الأسف بدلاً من أننا نعلمهم اللغة العربية صاروا هم الذين أثروا على ألسنتنا! وكل هذا من ضعف الشخصية فينا، والواجب أن تكون هذه الأمة لها ميزة وخاصية تنفرد بها عن سائر الأمم، ولا مانع أن تعامل كل إنسان بما يعرف، فمثلاً: إذا كنت أخاطب شخصاً لا يعرف العربية، وأنا أعرف لسانه لا بأس أن أكلمه بلسانه، لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر زيد بن ثابت أن يتعلم لغة اليهود من أجل أن يكاتبهم ويراسلهم بلغتهم، وقال لـ أم خالد وقد قدمت من الحبشة وهي صغيرة عليها ثوب جديد، جعل الرسول صلى الله عليه وسلم يقول: (هذا سنا هذا سنا) وسنا في لغة الحبشة أي: حسناً، يخاطبها باللغة التي تفهم، لكن لا يعني أن أخاطب الأخ العربي بلسان هذا الأخ الذي لا يعرف العربية كما هو الشأن في بعض الأحيان.
    فنسأل الله تعالى أن يختم لنا عامنا هذا بالخير والقبول والمغفرة والعفو، وأن يجعل مستقبلنا في عامنا الجديد مستقبلاً حافلاً بالنصر والمسرات إنه على كل شيء قدير.
    وأخيراً أسأل الله عز وجل أن يجعل هذا العمل نافعاً، مباركاً، خالصاً لوجهه الكريم
    وأن ينفعني به في حياتي وبعد مماتي، وأن ينفع به كل من انتهى إليه؛ فإنه خير مسؤول، وأكرم مأمول، وهو حسبنا ونعم الوكيل، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد بن عبد الله وعلى آله وأصحابه ومن تبعه بإحسان إلى يوم الدين.

    حياكم الله بموقع بداية الهداية الخطوة إلى طريق العلم الشرعي الصحيح
    http://www.musacentral.com/

  9. #49
    تاريخ التسجيل
    Mar 2009
    المشاركات
    2,459
    الدين
    الإسلام
    آخر نشاط
    01-11-2023
    على الساعة
    03:37 PM

    افتراضي

    معنى قوله تعالى: (نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ)


    السؤال
    فضيلة الشيخ: ذكرتم قول الله عز وجل: {فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً} [يونس:92] فما المراد بهذه الآية، هل الآية إلى الآن باقية، وهل جثته باقية؟ فإذا كانت باقية هل يجوز لنا زيارتها للعبرة؟

    الجواب
    هذه الآية لا تدل على أن هذه الجثة ستبقى أبد الآبدين، بل الظاهر والله أعلم أنها ذهبت وأكلتها الحيتان والسمك، لأنه ليس هناك في ذلك الوقت من يعتني بهذه الجثة، المهم أن يطمئن بنو إسرائيل على أن عدوهم اللدود قد هلك، وما يذكر أنه بقي من الفراعنة أناس جثثهم باقية، فهذا ينظر فيه، قد يكون منهم وقد لا يكون، إنما الذي يظهر لي أن فرعون الذي هلك في زمن موسى قد هلك وذهب.

    (27/7)


    --------------------------------------------------------------------------------

    الشك في يوم عرفة


    السؤال
    ذكرت وفقك الله في مطلع هذا اللقاء أن غداً هو الأحد إما أن يكون الثامن والعشرين أو التاسع والعشرين من شهر ذي الحجة، فهل في وقوفنا في عرفة شك؟

    الجواب
    لا، وقوفنا في عرفة ليس فيه شك، لكن اختلف دخول الشهر شرعاً ودخوله نظاماً، دخوله نظاماً سابق على دخوله شرعاً، فإنه دخل حسب التقويم ليلة الأحد، فتكون الليلة ليلة تسعة وعشرين، ودخل شرعاً ليلة الإثنين فتكون الليلة ليلة ثمان وعشرين، وليس في الوقوف هنا شك والحمد لله.
    ثم إني أقول لكم: لو فرض أن الناس وقفوا بـ عرفة، ثم تبين يقيناً أنهم وقفوا في العاشر، فإن حجهم صحيح، ولا شيء عليهم، وبهذا يندفع وسواس بعض الناس في هذا العام، حيث قاموا يوشوشون بناءً على أنهم يوسوسون، فنقول: اطمئنوا، الشهر شرعاً ما كان متمشياً على شريعة الله.
    ومن المعلوم أن النبي صلى الله عليه وسلم أمرنا إذا لم نرَ الهلال أن نكمل الشهر السابق ثلاثين يوماً، ثم إنه ثبت عندنا أنه في صباح يوم الأحد كسفت الشمس على القارة الأمريكية، وكسوفها في ذلك الوقت يدل دلالة قاطعة بأنه لا يمكن أن يهل الهلال ليلة الأحد، وهذا شيء معلوم عند علماء الفلك أنه إذا كسفت الشمس بعد غروبها فإنه لا يمكن أن يهل الهلال إطلاقاً؛ لأن السبب الحسي لكسوف الشمس هو حيلولة القمر بينها وبين الأرض، وهذا لا يمكن إذا تأخر القمر حتى رئي بعد الغروب أن يقفز حتى يكون حائلاً بينها وبين الأرض، هذا شيء مستحيل، وهذا مما يزيد الإنسان طمأنينة، وإلا فالإنسان مطمئن بأن الناس -والحمد لله- قد مشوا في إثبات شهر ذي الحجة على الطريقة الشرعية التي ليس فيها لبس.

    (27/8)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم من صلى وأتى إلى مسجد وهم يصلون


    السؤال
    فضيلة الوالد: يأتي أحدنا إلى هذا اللقاء، فيجد فضيلتكم في الصلاة، وهدفه حضور هذا اللقاء، ثم يقع في حرج أيدخل معكم في الصلاة امتثالاً لأمر النبي صلى الله عليه وسلم ولو فاته بعض اللقاء، أم ينتظر خارجاً فإذا سلمتم دخل وصلى تحية المسجد وحضر في أول الصف ولم يفته شيئاً، بل يزداد الحرج أكثر إذا جئنا إلى صلاة الجنازة معكم هنا في المسجد وقد صلينا في مساجدنا، فإذا قمنا لإتمام ما فاتنا من الصلاة فاتتنا صلاة الجنازة، فماذا نصنع؟ أرجو بسط القول لنخرج من هذا الحرج، فإن الله لم يجعل علينا في الدين من حرج، نفع الله بك عباده آمين؟

    الجواب
    أقول: لا حرج والحمد لله: إذا أتيت إلى هذا اللقاء ووجدتنا في الصلاة فادخل معنا، امتثالاً لأمر النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم في قوله: (إذا صليتما في رحالكما ثم أتيتما مسجد جماعة فصليا معهم) فإن كنا في الركعة الأولى سلمتم معنا، أو في الركعة الثانية فاتتكم ركعة، أو في الثلاثة فاتتكم ركعتان، أو في الرابعة فاتتكم ثلاث ركعات، وبإمكانكم أن تقوموا وتقضوها قبل أن نشرع في اللقاء، لأن الناس بعد السلام يذكرون الله ويسبحون الله، ويقرءون آية الكرسي، وقل هو الله أحد، وقل أعوذ برب الفلق، وقل أعوذ برب الناس، وهذا وقت طويل يمكن للإنسان أن يقضي ما فاته من صلاة العشاء، وهذا ليس فيه حرج، وهذا والله خير من كونك تبقى خارج المسجد يفوتك هذا الأجر العظيم بهذه الصلاة، ربما يكون قولك في هذه الصلاة: (رب اغفر لي) سبب لمغفرة الله لك.
    وأما الجنازة فهي نفس الشيء، إذا جئت والناس يصلون فادخل معهم، وامتثالك أمر النبي صلى الله عليه وسلم في الدخول مع هذه الجماعة قد يكون أفضل من انتظارك ثم صلاتك الجنازة، ثم إذا سلَّم الإمام وأنت قد فاتتك قل: ثلاث ركعات، يمكنك أن تقضيها في ظرف إحضار الجنازة إذا كانت -مثلاً- في آخر المسجد، أو يمكنك إذا كان الإمام يفعل كما نفعل نحن إذا رأينا طائفة كبيرة تقضي أمرنا أهل الجنازة أن يتأخروا في تقديمها، حتى تنتهي صلاة هؤلاء، فيشاركونا في الصلاة ويحصل في ذلك كثرة الدعاء للميت، وربما تكون الدعوة المجابة من أحد هؤلاء الذين يقضون ما فاتهم من الصلاة، لا ندري، لهذا ينبغي للأئمة إذا رأوا أن في المسجد طائفة كبيرة تقضي الصلاة أن يقولوا لأهل الميت: انتظروا، هؤلاء ما جاءوا إلا ليصلوا على الميت، لا تحرموهم، انتظروا ولا يضر انتظاركم خمس دقائق أو أكثر.

    (27/9)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم من سرق ثم تاب


    السؤال
    أنا شاب قد أقدمت أنا وصديق لي على سرقة شنطة، وفي داخلها ثلاثة آلاف ريال قبل أربع سنوات، وقد هداني ربي والآن لا أعرف صاحب الشنطة، فماذا أفعل جزاك الله عنا خيراً؟

    الجواب
    إن الله سبحانه وتعالى يقول في كتابه: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْراً} [الطلاق:4] ويقول: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ} [الطلاق:2-3] فأنت ما دمت اتقيت الله وتبت إلى الله فأبشر بأن الله سيجعل لك من أمرك يسراً، وسيجعل لك فرجاً ومخرجاً.
    والطريق لذلك: إذا كنت قد أيست من معرفة أصحاب هذه الشنطة أن تقوِّم الشنطة كم قيمتها؟ والدراهم الثلاثة آلاف معروفة وتضيف ثمن الشنطة إلى هذه الثلاثة آلاف وتتصدق بها عن صاحبها، تخلصاً منها لا تقرباً إلى الله بها، تصدق بها على فقير، تصدق بها على شاب يحتاج إلى زواج، ساهم بها في بناء مسجد وما أشبه ذلك، وبهذا تبرأ ذمتك.

    (27/10)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم استقدام العمال وأخذ نسبة منهم


    السؤال
    فضيلة الشيخ: هل من كلمة إلى الذين يأتون بالعمالة وبعد ذلك يقولون لهم: اذهبوا فاشتغلوا في أي عمل، وأنا أريد منكم كل شهر ثلاثمائة ريال أو نسبة معينة، أرجو بسط القول في ذلك وفقك الله؟

    الجواب
    يجب على من استقدم عمالاً أن يتمشى معهم حسب النظام الذي في بلده، وذلك لأنه قدم طلباً لاستقدام هؤلاء العمال وهو يعرف شروط النظام، فكأنه في تقديم الطلب التزم بما في هذا النظام من الشروط، وقد قال الله تبارك وتعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ} [المائدة:1] فيجب عليك أن تفي لدولتك على حسب ما أذنت لك فيه، فإذا كان النظام يمنع أن تشغل هذا العامل بسهم من أجرته التي يحصلها أو تطلقه يعمل كما شاء وتضرب عليه ضريبة كل شهر إذا كان النظام يمنع هذا فيجب عليك أن تمتنع منه، حتى وإن كان في الأصل لولا النظام لجاز، فإنه يجب أن تأخذ بالنظام، وليس إلزامنا بالنظام إيجاباً لما لم يوجبه الله، أبداً، بل إلزامنا بالنظام إلزام بما أوجب الله؛ لأن الله سبحانه وتعالى قال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ} [النساء:59] وأمر النبي صلى الله عليه وسلم بطاعة ولاة الأمور ما لم يأمروا بمعصية، ولولا هذا لكان النظام لا فائدة منه، أي: لولا أنه يجب التمشي بالنظام إذا لم يخالف الشرع، أي: إذا لم يكن معصية لكان النظام لا فائدة منه، إذا قلنا: إنها لا تجب طاعة ولاة الأمور إلا بما أمر الله به، صار حقيقة الأمر أنها لا تجب طاعتهم، لأن ما أمر الله به على سبيل الوجوب واجب سواء أمر به ولاة الأمور أم لم يأمروا، ولو أننا قلنا: كل إنسان يرى أن هذا النظام لا يجب العمل به لصارت الأمور فلتة، ولم يقم للناس أمن ولا استقرار ولا طمأنينة.
    والذي أعلم أن نظام الدولة في استقدام العمال لا يجيز لك أن تشغلهم بنسبة، ولا يجوز أن تقول: اذهبوا فأنتم الطلقاء وأحضروا لي كل شهر كذا وكذا.
    أما من حيث الشرع فإنك إذا قلت لفلان: اذهب واشتغل واجمع لي مثلاً كل شهر كذا وكذا فإنه لا يجوز؛ لأنه ربما يربح أكثر مما قدرت بكثير، وربما يربح أقل منه أو لا يربح شيئاً، فيكون هذا عملاً مجهولاً وهو ميسر؛ لأنه مبني على المغالبة إما غانم وإما غارم، وكل عقد يكون هكذا فهو ميسر.
    وأما أن تقول: اذهب واعمل بسهم فمن الذي أحل لك السهم وأنت لم تعمل، هو حر مالك لنفسه، فكيف يشتغل هو بنفسه ويكون عليه ضريبة الثلث أو الربع وأنت لم تعمل شيئاً، هذا من أكل المال بالباطل.

    (27/11)


    --------------------------------------------------------------------------------

    صحة أحاديث تقييد الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بعدد


    السؤال
    فضيلة الشيخ: قرأت حديثاً جاء فيه: قال النبي صلى الله عليه وسلم: (من صلى علي في يوم ألف مرة لم يمت حتى يبشر بالجنة) رواه أبو الشيخ عن أنس رضي الله عنه، هل هذا الحديث صحيح أم حسن أم ضعيف، وهل يحتج به؟ وإذا كان الحديث صحيحاً فما مضمون الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم؟

    الجواب
    هذا الحديث لا يصح عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وكل حديث فيه تقدير الصلاة على الرسول عليه الصلاة والسلام فإنه ضعيف، الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم مطلقة، أمر النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أن نكثر من الصلاة عليه ولا سيما في يوم الجمعة، وأخبر أن تسليمنا معروض عليه عليه الصلاة والسلام، فأكثر يا أخي من الصلاة والسلام على نبيك في كل وقت، ودون تقييد بعدد، فإن من صلى على النبي صلى الله عليه وسلم صلاة واحدة صلى الله عليه بها عشراً.

    (27/12)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم المرأة إذا بلغت ولم تصم رمضان


    السؤال
    أنا بنت بلغت في العام الماضي قبل شهر رمضان ولم أخبر أي أحد من والدي، وعندما صمت تلك السنة منعتني والدتي، وقالت: لا تصومي فما زلتِ صغيرة وجسمك ضعيف ولا تقوي على الصيام، فما الحكم الآن، هل أقضي هذا الشهر أم لا؟

    الجواب
    الواجب قضاء الشهر على من بلغت ولم تصم، لأن المرأة إذا جاءها الحيض فهي بالغة سواء جاءها بعد تمام خمس عشرة سنة أو قبل ذلك، لقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (لا يقبل الله صلاة حائض إلا بخمار) .
    ولكن أوصيك لأمك أن تأمريها بالتوبة إلى الله والاستغفار حيث منعتك من أمر واجب عليك، فعليها أن تتوب إلى الله وتستغفر، وأما أنتِ فاستعيني بالله واقضي هذا الشهر، سواء قضيتيه أياماً متتابعة وهو أفضل أم أياماً متفرقة إذا كان يشق عليك التتابع.
    هذا إذا كان الشهر غير الشهر القريب، أما الشهر القريب فلك الخيار أن تؤخري الصوم إلى أن يبقى إلى رمضان بقدر الأيام التي عليك.

    (27/13)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم الدفع من عرفة قبل الغروب


    السؤال
    ما حكم من خرج من عرفة قبل غياب قرص الشمس لمرض أو ضعف أو كبر؟ وما حكم من فعل ذلك ظناً منه أنه يكفيه مشاهدة عرفة وإن كان خارج حدودها؟

    الجواب
    القول الراجح: أن البقاء بـ عرفة حتى تغرب الشمس واجب، لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لم يدفع قبل أن تغرب الشمس، ولو كان جائزاً لدفع قبل أن تغرب الشمس؛ لأنه نهار وأيسر للناس، وأيضاً: إذا دفع الإنسان قبل أن تغرب الشمس فقد خرج عن سنة النبي صلى الله عليه وسلم إلى سنة الجاهلية، لأن أهل الجاهلية هم الذين يدفعون من عرفة قبل غروب الشمس، ومن فعل ذلك فإن كان متعمداً ترتب على فعله أمران: الأمر الأول: الإثم.
    الأمر الثاني عند أكثر العلماء: فدية يذبحها في مكة ويوزعها على الفقراء.
    أما إذا خرج قبل غروب الشمس من عرفة وهو جاهل فإنه يسقط عنه الإثم، لكن يجب عليه عند أكثر العلماء البدل وهو أن يذبح شاة في مكة ويوزعها على الفقراء.

    (27/14)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم إخراج المرأة ثديها أمام محارمها


    السؤال
    اعتدن كثير من النساء هنا أن يرى المحارم كالأب والأخ والعم ثدي المرأة حين إرضاعها لطفلها، فهل هذا جائز، وهل في المسألة خلاف أرجو إفادتي مع الدليل؟

    الجواب
    المرأة مع محارمها كالمرأة مع المرأة، لقول الله تعالى: {وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْأِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ} [النور:31] ولكن لا ينبغي للمرأة أن تكشف ثديها عند إرضاع ولدها وحولها رجال، اللهم إلا أن يكون أباها أو تكون عجوزاً وليس عندها إلا ابنها مثلاً؛ لأن كشف المرأة ثديها أمام محارمها يخشى منه الفتنة، فإن النفس أمارة بالسوء، والشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم، وعلى هذا فإذا احتاجت إلى إرضاع ولدها وحولها رجال من محارمها، فلتغطِ الثدي بطرف الثوب حتى لا يراه أحد من الرجال.

    (27/15)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم من مات ولم يعلم هل كان يصلي أم لا؟


    السؤال
    كان لي أخ يصلي مرة ويترك عشرات، بل أحياناً تمضي الأشهر دون أن يصلي، فإذا نصح صلى ثم ترك، ثم قدر الله وحدث له حادث مروري فتوفي في هذا الحادث، فصلينا عليه ونحن نترحم عليه الآن، فهل يجوز هذا، وهل يعتبر مسلماً علماً بأنه يبلغ قريباً من العشرين، علماً بأننا قد وجدنا في سيارته أشرطة إسلامية كان يسمعها وكان يزور المقابر؟

    الجواب
    أولاً: نسأل ما هو آخر أمره أكان يصلي؟ إن كان الأمر كذلك فهذه من نعمة الله عليه، وختام عمره بالصلاة يعتبر توبة، أما إذا كان آخر أمره الترك فإن من مات تاركاً للصلاة فقد مات كافراً، ولا يجوز أن يصلى عليه، ولا يدعى له بالرحمة ولا بالمغفرة، فلا بد أن نحقق هذا الأمر، هل كان آخر أمره الصلاة أم كان آخر أمره ترك الصلاة؟ فإن شككنا فإننا نقول: اللهم إن كان فلان مات على الإسلام فاغفر له وارحمه، قيد المسألة واشترط، وتقييد الدعاء بقيد له أصل، يدل عليه قول الله تبارك وتعالى في الذي يرمي زوجته بالزنا: {فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ * وَالْخَامِسَةُ أَنَّ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ مِنَ الْكَاذِبِينَ} [النور:6-7] هذا شرط، دعا على نفسه باللعنة بشرط أن يكون من الكاذبين، {وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ * وَالْخَامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إِنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ} [النور:8-9] .
    هذا الذي مات ونحن لا ندري هل مات على الإسلام أو على الكفر، لنا أن نقول: اللهم اغفر له إن كان مات على الإسلام، وقد ذكر ابن القيم رحمه الله عن شيخه شيخ الإسلام ابن تيمية أنه رأى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم في المنام فسأله -أي: شيخ الإسلام سأل النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم- عن مسائل مشكلة عليه، فأجابه النبي عليه الصلاة والسلام، ومنها أنه قال: يا رسول الله، إنه يقدم إلينا جنائز من المبتدعة وغيرهم، لا ندري من المسلم من غير المسلم، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: عليك بالشرط يا أحمد - أحمد اسم ابن تيمية - ما معنى: عليك بالشرط؟ أن تقول: اللهم إن كان مؤمناً فاغفر له وارحمه.

    (27/16)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم من حج ثم عاد إلى المعاصي


    السؤال
    فضيلة الشيخ: ما حكم الرجوع للمعاصي والمنكرات بعد أداء فريضة الحج؟

    الجواب
    الرجوع إلى المعاصي بعد أداء فريضة الحج نكسة عظيمة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع -أي: من ذنوبه- كيوم ولدته أمه) وقال صلى الله عليه وسلم: (الحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة) فإذا نقى صحيفته بهذا الحج فإن من السفه أن يسود الصحيفة بسيئات أعماله بعد الحج، وهكذا -أيضاً- موسم الصوم في رمضان إذا عاد الإنسان إلى المعاصي فقد خسر خسارة عظيمة، وانتكس نكسة عظيمة، فعليه أن يعود إلى الله مرة أخرى، وأن يستغفر ويتوب، والتائب من الذنب كالذي لم يفعل الذنب أو أشد.
    قد يكون الإنسان بعد ذنبه إذا تاب إلى الله واستغفر أحسن حالاً منه قبل ذلك، ألم تروا إلى آدم عليه الصلاة والسلام قال الله عنه: {وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى * ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَى} [طه:121-122] وهذا الاجتباء والتوبة والهداية حصلت بعد الذنب، فقد يكون الإنسان بعد الذنب أحسن حالاً منه قبل الذنب إذا تاب إلى الله ورجع وعرف أنه مفتقر إلى الله عز وجل.

    (27/17)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم من لم يبت في مزدلفة أيام الحج


    السؤال
    رجل دفع من عرفة ماشياً إلى مزدلفة، وبعد أن مشى بمسافة طويلة بات في أحد الأماكن، حيث تيقن أنه في مزدلفة، ولكن بعد أن دفع إلى منى في اليوم العاشر، وبعد أن مشى قريباً من خمسين متراً وجد لوحة كبيرة تدل على أول الحج بـ مزدلفة، وهذا يدل على مبيت هذا الرجل قبل دخوله مزدلفة، فماذا على هذا الرجل، هل حجه صحيح أم لا؟

    الجواب
    أولاً: كلام هذا الرجل متناقض، لأنه يقول أولاً: تيقن أنه في مزدلفة، ثم يقول: مشى خمسين متراً فوجد لوحة تدل على أنه لم يصل إلى مزدلفة، واليقين لا يعارض الواقع، وعلى هذا فنقول: العبرة بالحقيقة، والحقيقة أنه لم يبت في مزدلفة، لكن يسقط عنه الإثم؛ لأنه بنى على ظنه، ومن بنى على ظنه فإن الله يقول: {لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا} [البقرة:286] لكن نرى من باب الاحتياط: أن يذبح فدية في مكة ويوزعها على الفقراء.

    (27/18)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم صيام يوم عاشوراء وحده


    السؤال
    هل يصح صيام يوم عاشوراء وحده، وما حكم من كان يفعل ذلك جهلاً منه؟

    الجواب
    نعم يصح صيام عاشوراء وحده، ويثاب على ذلك؛ لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال في صوم عاشوراء: (أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله) لكن بعض العلماء كره أن يفرده -أي: أن يصوم العاشر وحده- ولا يصوم يوماً قبله ولا بعده، قال: لأن آخر الأمرين من رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنه قال: (خالفوا اليهود صوموا يوماً قبله أو يوماً بعده) وقال: (لئن بقيت إلى قابل لأصومن التاسع) وعلى هذا فنقول للأخ: صم يوماً قبله أو يوماً بعده.
    السائل: إذا كان عليه قضاء من رمضان هل يصوم يوم عاشوراء؟ الشيخ: نعم.
    الذي عليه قضاء من رمضان يصوم يوم عاشوراء ويصوم يوم عرفة ويصوم أيام البيض، لكن الأفضل أن يبدأ بالواجب.

    (27/19)


    --------------------------------------------------------------------------------

    متى يؤمر الأولاد بالصلاة؟


    السؤال
    متى يشرع للوالد أن يوقظ ولده ذكراً كان أم أنثى لصلاة الفجر خصوصاً، وما نصيحتك وفقك الله للآباء في زمننا هذا، حيث إننا نرى المساجد وكأن البيوت ليس فيها إلا الكبار؟

    الجواب
    أما متى يوقظ ولده للصلاة فإن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم حد لنا حداً واضحاً، فقال: (مروا أبناءكم بالصلاة لسبع) وهذا يشمل أمرهم نياماً أو يقضاناً، فيؤمر الصبي بالصلاة ولو كان نائماً، اللهم إلا أن يكون عليه في ذلك ضرر فهو لم يكلف بعد.
    وأما قول السائل: إنه لا يرى في المساجد إلا كبار السن، فلعل مسجده كذلك، أما مساجد البلد فإنها حسب علمنا وحسب ما نشاهده أكثر من فيها الشباب ولله الحمد، صحيح أننا قبل عشرين سنة أو أكثر؛ أكثر من في المساجد الكبار والشيوخ، لكن بعد أن حصلت اليقظة ولله الحمد صار أكثر من في المساجد هم الشباب.
    إلا أن هذه اليقظة في الآونة الأخيرة صار فيها ما يكدرها ألا وهو تفرق الشباب، ذلك التفرق الذي هو خلاف الدين وليس له داعٍ، تجد بعض الشباب يضلل الآخرين أو يبدعهم أو يكفرهم أحياناً، لا للهدى ولكن للهوى والعياذ بالله، صار الآن بعض الشباب -وأما بعضهم والحمد لله فمستقيم- ولاؤه وبراؤه معلق بأشخاص معينين، وهذا غلط، الولاء والبراء يجب أن يعلق بمن كان أهلاً لأن يتبرأ منه أو يوالى، أما أن نجعل هذا مربوطاً بأشخاص فهذا هوى وليس هدى.
    ثم إنه من المؤسف أن بعض الناس الآن صار يمشي في ولائه وبرائه على قاعدة من أفسد القواعد وهي: من ليس معي فهو عليَّ.
    هل هذا صحيح؟ أبداً، من ليس معك فهو إما عليك إن كان ضدك، وإما أن يكون موقفه حيادي.
    وعلى كل حال فأنا أوجه نصيحة إلى الشباب: ألا يفسد يقظته بهذا التفرق والتمزق من أجل فلان أو فلان، أناس في بلد ينتمون إلى أشخاص معينين ويضللون من سواهم، وأناس في بلد آخر ينتمون إلى أناس معينين ويضللون من سواهم، هذا غلط، الواجب أن نزيل ما بيننا من خلاف، وأن نكون يداً واحدة، لا أن نغذي هذا الخلاف بالسب والشتم والنشرات، أقول لكم هذا لأني لمست هذا الأمر بيدي، وقد وقع في يدي اليوم ورقة منشورة بالحرف الدقيق صفحة كاملة مكتوب فيها: (العدد الأول) يسبون فلاناً وفلاناً، ما هذه الطريقة؟ ومتى كانت بلادنا تصل إلى هذا الحد من التشويه والتشنيع؟ هذا يؤدي إلى حرب لسان في أول أمره، ثم في النهاية حرب سنان بالسيف، ولهذا يجب على ذوي العقول والألباب من الشباب أن يحاربوا هذه الظاهرة محاربة تامة، وأن يقال: اجلس ولننظر ما الفائدة من أن نسب فلاناً وفلاناً، ما هي الفائدة؟ فالواجب أن يقضى على هذه الظاهرة السيئة التي نسأل الله تعالى أن ينجي شبابنا منها.

    (27/20)


    --------------------------------------------------------------------------------

    واجب المسلم تجاه مآسي المسلمين


    السؤال
    فضيلة الشيخ: في هذا العام شهد أكثر من مليار مسلم مشهد هلاك إخوانهم في الشيشان على أيدي الملاحدة، فما واجبنا نحن بما فتح الله عليك من فقه في دينه، فإننا في كل عام تثخن جراحنا ونحن ننشغل بملذاتنا وفيما بيننا عن حال إخواننا، أرجو تسجيل موقف علم ينفعنا الله به وينفع به كل من سمعه وبلغه قولكم، فهذا عام قد أقبل ونحن ننتظر موضع الجرح الجديد؟

    الجواب
    لا شك أن ما ذكره الأخ السائل يدمي القلب، ويفتت الكبد، ويدل على أن المسلمين مع الأسف ليسوا على المستوى الذي يجب أن يكونوا عليه من الدفاع عن إخوانهم المسلمين.
    لو تأملت الإذاعات الآن وجدت أكثر الإذاعات أو الصحف أو وسائل الإعلام فيما بين اليهود وبين الفلسطينيين، مع أن قضية اليهود كلها ألعوبة فيما نرى وخيانات وغدر، وليس عجيباً أن يكون اليهود أهل غدر وخيانة؛ لأن هذا دأبهم، فإن الرسول عليه الصلاة والسلام لما قدم المدينة كان فيها ثلاث قبائل، وكلهم عاهدوا الرسول ونقضوا العهد، لكن إذا وجدت كلمات عن البوسنة والهرسك أو الشيشان وجدتها في زاوية صغيرة في جريدة، إلا أن صحفنا -والحمد لله- أحياناً تنشر عنهم وتبسط القول في ذلك، وكذلك إذاعتنا، وهذا من نعمة الله علينا.
    لكن موقفنا من ذلك نحن كأفراد لا كدول أن نلجأ إلى الله عز وجل بالدعاء في كل وقت وفي كل حال يكون فيها الإنسان أقرب إلى الإجابة أن ينصر الله إخواننا المسلمين في كل مكان، وأن يدمر أعداء المسلمين.
    ونحن نشهد الله عز وجل أن كل كافر فهو عدو لنا سواء كان نصرانياً أو يهودياً أو شيوعياً أو وثنياً، أي كافر فهو عدو للمسلم، والكفار بعضهم أولياء بعض ضد المسلمين: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ} [المائدة:51] .
    فنسأل الله سبحانه وتعالى أن يقوي المسلمين على أعدائهم حتى يتمكنوا منهم وحتى يكون الدين كله لله.

    (27/21)


    --------------------------------------------------------------------------------
    وأخيراً أسأل الله عز وجل أن يجعل هذا العمل نافعاً، مباركاً، خالصاً لوجهه الكريم
    وأن ينفعني به في حياتي وبعد مماتي، وأن ينفع به كل من انتهى إليه؛ فإنه خير مسؤول، وأكرم مأمول، وهو حسبنا ونعم الوكيل، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد بن عبد الله وعلى آله وأصحابه ومن تبعه بإحسان إلى يوم الدين.

    حياكم الله بموقع بداية الهداية الخطوة إلى طريق العلم الشرعي الصحيح
    http://www.musacentral.com/

  10. #50
    تاريخ التسجيل
    Mar 2009
    المشاركات
    2,459
    الدين
    الإسلام
    آخر نشاط
    01-11-2023
    على الساعة
    03:37 PM

    افتراضي

    اللقاء الشهري

    اللقاء الشهري [28]
    كان موضوع لقاء الشيخ -رحمه الله تعالى- عن أصناف الناس في التعامل مع الإجازات، وقد قسّم الناس إلى ستة أقسام ما بين فائز وخاسر.
    وأجاب عن الأسئلة التي دارت حول مسائل في الزواج، وزيارة النساء للقبور، وغسل الميت وأحكام المولود.

    (28/1)


    --------------------------------------------------------------------------------

    أقسام الناس في الإجازة
    الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله الله تعالى على حين فترة من الرسل، وانطماس من السبل، وانغماس في الجهل والضلال والظلم والعدوان، فأزال الله به كل هذا، أرسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله، فبلغ الرسالة، وأدى الأمانة، ونصح الأمة، وجاهد في الله حق جهاده، فصلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
    أما بعد: فهذا هو اللقاء الأول من هذا العام، عام (1416هـ) وهو الذي يتم ليلة الأحد التاسع عشر من شهر المحرم من هذا العام.
    إننا نرجو الله تبارك وتعالى ونحن في استقبال عامنا الجديد أن يجعله عام عز وتمكين للمسلمين في مشارق الأرض ومغاربها، نسأل الله تعالى أن ينصر به إخواننا المسلمين في البوسنة والهرسك، وأن ينصر به إخواننا المسلمين في الشيشان، وأن ينصر به إخواننا المسلمين في كشمير، وأن ينصر به إخواننا المسلمين في الحبشة وفي كل مكان إنه على كل شيء قدير.
    وإننا أيها الإخوة ونحن في هذه الأيام نسمع أن إخواننا المسلمين في البوسنة والهرسك قد أعدوا العدة لهجوم من أجل أن يكسروا به الطوق الذي ضربه عليهم أولئك الصرب المعتدون، فنسأل الله تعالى أن يعينهم وأن يثبت أقدامهم وأن ينصرهم على عدوهم، حقهم علينا الدعاء، هم محتاجون إلى الدعاء، محتاجون إلى أن نرفع أكفنا إلى ربنا عز وجل بأن ينصرهم فلنكن قائمين بذلك، هذا أقل ما يجب علينا نحوهم.
    أما موضوع هذا اللقاء فإنه يتصارع فيه موضوعان: الموضوع الأول: الإجازة وماذا يصنع بها المسلم؟ الموضوع الثاني: الزواج لأن الغالب أن هذه الإجازة يكون فيها الزيجات كثيرة.
    ولكن أخانا الشيخ حمود بن عبد العزيز الصائغ اختار أن يكون الكلام على الإجازة، وذلك لأن الإجازة ليس معناها كما يفهمه بعض الناس العطلة، العطلة معناها: تعطيل العمل والإنسان لا يمكن أن يتعطل عمله أبداً، الإنسان لا بد أن يعمل كما جاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم: (أصدق الأسماء حارث وهمام) الإنسان دائماً متحرك، دائماً مريد، ولكن إلى أين؟ تارة إلى صراط مستقيم ينجو به من النار ويكسب به الدنيا والآخرة، وتارة إلى خلاف ذلك، فنحن وإن انتهت الدروس النظامية فإن الدروس غير النظامية لم تنته، وإن انتهى العمل في هذه المدارس النظامية فإن عمل الإنسان لا ينتهي أبداً.
    وإذا تأملنا أحوال الناس في هذه الإجازة وجدنا أنهم على طرق شتى:

    (28/2)


    --------------------------------------------------------------------------------

    القسم الأول: التفرغ لطلب العلم
    من يكدح في طلب العلم ويجعل هذه الإجازة تفرغاً لطلب علوم لا يحصل عليها في المدارس النظامية، فيلزم العلماء ويستفيد منهم في بيوت الله عز وجل، وما أعظم البركة في العلم الذي يتلقى في المساجد، العلم الذي يتلقاه الإنسان في المساجد أبرك بكثير من العلوم التي يتلقاها في المدارس، هذا شيء مجرب؛ لأن المساجد بيوت الله ومأوى الملائكة الكرام، فكان أثر الطلب فيها أثراً بالغاً على طالب العلم، ولهذا نقول: إن هذا الصنف من الناس هم الذين كسبوا، هم الذين بقوا في طلب العلم ولكن ليس بين جدران المدارس والمعاهد وإنما في بيوت الله عز وجل على أهل العلم الموثوق بعلمهم وأمانتهم ودينهم، هؤلاء في الحقيقة هم الرابحون.

    (28/3)


    --------------------------------------------------------------------------------

    القسم الثاني: زيارة البلاد المقدسة
    ومن الناس من يمضي هذه الإجازة بالسفر إلى البلاد المقدسة إلى مكة والمدينة، فيحصل له بذلك خير، يحصل له بذلك عمرة وزيارة إلى المسجد النبوي، وربما يلتقي بإخوان له وفدوا من هنا وهناك فيدلي كل واحد منهم إلى الآخر بما لديه من المشاكل وما لديه من الهموم، والمؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً، والإنسان لا بد أن يشكو إلى صديقه وإلى ذي النصح له لا بد أن يشكو إليه الحاجات التي في صدره حتى يبين له كيف يكشف هذه الحاجات.
    وهؤلاء يحتاجون إلى أن يعلموا كيف يعتمرون وكيف يزورون المسجد النبوي، بحيث لا يذهبون إلى هناك سدى، أو في حالة غفلة، لا بد أن يعلم ماذا يصنع إذا أراد العمرة؟ ماذا يصنع إذا أراد الزيارة؟ ونحن نتعرض إلى هذا بشيء يسير من القول: يذهب من بلده قاصداً العمرة حتى يكون مسيره من بلده إلى أن يقوم بالعمرة على خير، يأتي الميقات فيحرم، يقول: لبيك عمرة، ثم يأتي البيت فيطوف به سبعة أشواط، ثم يصلي خلف المقام، ثم يسعى بين الصفا والمروة، ثم يبقى هناك ما شاء الله، وإذا أراد أن يخرج من مكة إلى بلده فإنه يطوف طواف الوداع.
    أما الزيارة فإنه يأتي المدينة فيصلي في المسجد النبوي ما شاء الله، ثم يذهب إلى قبر النبي صلى الله عليه وسلم وقبري صاحبيه: أبي بكر وعمر، فيقف تجاه وجه الرسول صلى الله عليه وسلم ويسلم عليه، وأحسن صيغة للسلام عليه: السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، اللهم صلِّ على محمد وعلى آل محمد، ثم يخطو خطوة عن يمينه ليكون تجاه أبي بكر يقول له: السلام عليك يا خليفة رسول الله ورحمته وبركاته، جزاك الله عن أمة محمدٍ خيراً، ثم يخطو خطوة أخرى عن يمينه ليكون مقابل عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فيقول: السلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته، جزاك الله عن أمة محمدٍ خيراً، انتهت الزيارة.
    وينبغي أن يخرج إلى قباء من بيته متطهراً فيصلي فيه ما شاء الله ركعتين أو أكثر؛ لأن قباء من المساجد التي تسن زيارتها، لكنه لا يشد إليه الرحل، لكن إذا كنت في المدينة فاخرج إليه متطهراً وصلِّ فيه ما شئت، فإنه قد روي عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (أن من توضأ في بيته ثم خرج إلى قباء كان كمن أدى عمرة) .
    فهذان مزاران: المزار الأول: في المدينة قبر الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم وقبرا صاحبيه.
    الثاني: مسجد قباء.
    الثالث: البقيع وهو مدفن الصحابة رضوان الله عنهم، فإنك تزور البقيع وتسلم عليهم عموماً بما كان النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يسلم به: (السلام عليكم دار قومٍ مؤمنين، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون، أنتم سلفنا ونحن في الأثر، يرحم الله المستقدمين منكم والمستأخرين، نسأل الله لنا ولكم العافية، اللهم لا تحرمنا أجرهم، ولا تفتنا بعدهم، واغفر لنا ولهم) وتسلم على عثمان رضي الله عنه بالأخص، وقبره هناك معروف.
    ثم المزار الرابع: شهداء أحد تذهب إلى أحد لتسلم عليهم، فتقف هناك عند الشبك عند باب المقبرة وتسلم عليهم، وشهداء أحد على رأسهم حمزة بن عبد المطلب عم رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
    وأما المساجد السبعة وما يقال عن مزارات هناك فهذا كله لا أصل له، ولا صحة له، ولهذا لا تنخدع بما يذكر من المزارات، فإن ذلك لا صحة له ولا أصل له.
    يظن بعض الناس أنه لا بد لمن زار المدينة أن يبقى فيها خمسة أوقات وهذا غير صحيح، بل لو صليت وقتاً واحداً أو جئت في الضحى وصليت في المسجد وسافرت قبل الظهر فلا بأس، هذا الصنف الثاني من الناس، الصنف الأول: الذي تفرغ لطلب العلم.
    الثاني: الذي سافر إلى مكة والمدينة.

    (28/4)


    --------------------------------------------------------------------------------

    القسم الثالث: السفر إلى أطراف البلاد للنزهة
    من سافر إلى أطراف بلادنا للنزهة وإزالة التعب والسآمة والملل؛ لأن النفس تكل، فيحب أن يسافر إلى أطراف البلاد مع أهله يتمتع بما يرى ويزور إخواناً له هناك، هذا أيضاً طيب، وليس فيه بأس، والإنفاق فيه مع النية الطيبة إنفاق مخلوف إن شاء الله.

    (28/5)


    --------------------------------------------------------------------------------

    القسم الرابع: السفر إلى الخارج
    الذين يسافرون إلى الخارج، ينقسمون إلى قسمين: إما أن يسافر إلى بلاد الكفر التي لا يسمع فيها إلا أبواق اليهود ونواقيس النصارى، لا يسمع فيها ذكراً ولا أذاناً ولا غير ذلك، ولا تقام الجماعات إلا في زوايا خاصة لبعض الجاليات الإسلامية هناك، فهذا خاسر، خسر الدنيا والآخرة.
    أولاً: أنه سينفق على هذا مبالغ كثيرة.
    ثانياً: أنه سيكون في ذلك مقوياً لاقتصاد الدول الكافرة، لأنهم يكتسبون من وراء السياحة أموالاً كثيرة في المنازل التي يؤجرونها، في الأكل والشرب في الملابس فيما يشتري من بلادهم من هدايا، إلى غير ذلك من الأموال الكثيرة الطائلة التي تصرف في جيوب اليهود والنصارى أو الوثنيين.
    ثالثاً: أنه ربما يكتسب من أخلاقهم وآدابهم فيرجع إلى قومه بآداب وأخلاق هؤلاء الكفار، وربما يكون الأمر أكبر من ذلك، ربما يعتقد أن دين النصارى ودين اليهود ودين الإسلام شيء واحد -كما قاله الظالمون الذين هم كفرة- فأي إنسان يسوي بين دين اليهود والنصارى والمسلمين فإنه كافر؛ لأنه إذا سوى بين هذه الأديان لزم من تسويته أن دين النصارى مقبول عند الله وأن دين اليهود مقبول عند الله، والله عز وجل يقول في القرآن: {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْأِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ} [آل عمران:85] ويقول جل وعلا: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْأِسْلامَ دِيناً} [المائدة:3] ويقول تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أُولَئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ} [البينة:6] .
    فأديان اليهود والنصارى اليوم أديان باطلة غير مقبولة عند الله، وأعمالهم أعمال ضائعة، {قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالاً * الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً * أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ وَلِقَائِهِ فَحَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَلا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْناً} [الكهف:103-105] ربما يطرأ على باله أنهم أهل دين ونحن أهل دين ولا فرق بيننا وبينهم إلا كالفرق بين الحنابلة والشافعية والمالكية والأحناف! يقع عند بعض الناس هكذا، وربما يقول: إذا كان هؤلاء منعمين هذه النعمة العظيمة والترف العظيم إذاً: هم على الحق، ويأتي بشبهات من القرآن.
    فخطر الذهاب إلى بلاد الكفر خطر عظيم، مع ما فيه من تنمية اقتصادهم، ورفع رءوسهم مما لا يليق بالمسلم أن يقوم به.
    القسم الثاني: قسم يسافر إلى بعض البلاد العربية، ولا شك أن السفر إلى بعض البلاد العربية أهون من السفر إلى بلاد الكفر؛ لأن هؤلاء أكثرهم مسلمون، أو كلهم مسلمون، فالسفر إليهم أهون بكثير، لكنه أسوأ من السفر إلى أطراف بلادنا؛ وذلك لأن السفر إلى هناك يحتاج أول ما يحتاج إلى أن تصور بناتك وأخواتك وزوجاتك اللاتي يسافرن معك، يحتاج إلى نفقة كثيرة، وربما يكون هناك في بعض البلاد مسارح لهم وأشياء لا ترضى، فيقع الإنسان في فخها وشراكها.

    (28/6)


    --------------------------------------------------------------------------------

    القسم الخامس: الجلوس عند الأب ومساعدته
    من يبقى مع أبيه يساعده في حراثته وزراعته إن كان حارثاً أو مزارعاً، أو مع أبيه في تجارته، أو مع أبيه في معمله، أو ما أشبه ذلك، وهذا لا شك أنه خير، وأنه معونة على بر الوالدين وصلة الأرحام، فليبق في هذا العمل فإنه خير.

    (28/7)


    --------------------------------------------------------------------------------

    القسم السادس: مرافقة جلساء السوء
    من يبقى في بلده ولكن يقيض له شياطين الإنس، يصحبونه ويسحبونه، يقيض له شرذمة فاشلة ضائعة من الشباب فيكون معهم، في غفلة من أبيه الذي يجب عليه تربيته، وبعدم المبالاة في الأوقات، فتجده يضيع أوقاته يميناً وشمالاً، يتسكع في الأسواق، يخرج إلى أطراف البلد، يسهر الليالي ويترك الصلوات، فهذا لا شك أنه فاشل، مضيع لأوقاته التي هي أثمن من اللؤلؤ والذهب والفضة.
    ولهذا نقول بهذه المناسبة: إنه يجب على أولياء أمور الشباب ملاحظتهم في هذه الإجازة، إذا غابوا يسألونهم: أين ذهبتم؟ إذا صحبوا أقواماً يسأل عن هؤلاء الأقوام: من هم؟ هل هم أهل خير أم أهل شر؟ إذا رأى من ابنه ما يشم منه رائحة الفساد يجب عليه أن يحاول الحيلولة بينه وبين هذا الشر بكل وسيلة، وذلك لأن الإنسان مسئول مسئولية مباشرة عن أهله، يقول الله عز وجل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ} [التحريم:6] فأنت مسئول، لو ضاعت لك شاة من البهائم لذهبت في طول البلاد وعرضها تسأل عنها فكيف بابنك الذي هو فلذة كبدك وسعادتك في الدنيا والآخرة إن كان صالحاً، قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له) .
    فنسأل الله تبارك وتعالى أن يرزقنا وإياكم اغتنام الأوقات في الأعمال الصالحات، وأن يعيننا وإياكم على ذكره وشكره وحسن عبادته إنه على كل شيء قدير وبالإجابة جدير.

    (28/8)


    --------------------------------------------------------------------------------

    الأسئلة

    (28/9)


    --------------------------------------------------------------------------------

    نصيحة في تربية الأبناء والزوجة


    السؤال
    فضيلة الشيخ: الأب في البيت عليه مسئولية تربية أولاده وأهل بيته، ولكن الآباء تجاه هذه المسئولية بين القسوة والتفريط، فما هي الطريقة المثلى التي تراها في تربية الزوجة والأولاد والبنات وفقك الله؟

    الجواب
    الغالب أن جميع الأعمال يكون الناس فيها ثلاثة أقسام: مُفرِّط، ومُفْرِط، ومعتدل، المُفرِّط هو المهمل، والمُفْرِط هو المشدد، والمعتدل هو الذي بين هذا وهذا، والإنسان العاقل يعرف كيف يربي أهله، يعاملهم تارة بالحزم وتارة باللين، حسب ما تقتضيه الأحوال، إذا رأى منهم شدة فليكن أمامهم ليناً، وإذا رأى منهم ليناً وقبولاً فليكن أمامهم حازماً ولا أقول: شديداً بل يكون حازماً لا يفوت الفرصة.
    أما بعض الناس فإنه يريد أن يشق على أهله، يريد منهم أن يكون كل شيء كاملاً وهذا غلط، يقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (لا يفرك مؤمن مؤمنة؛ إن كره منها خلقاً رضي منها خلقاً آخر) أتدرون ما معنى: (لا يفرك) ؟ أي: لا يبغض ولا يكره مؤمنة أي: زوجته (إن كره منها خلقاً رضي منها خلقاً آخر) وهكذا ينبغي للعاقل المؤمن أن يوازن بين الحسنات والسيئات، لا يحمل الشيء على السوء مع أن فيه أشياء حسنة، إن الإنسان الذي يجحد الحسنات ويظهر السيئات ما هو إلا كالمرأة، لما حدث النبي صلى الله عليه وسلم النساء بأنهن أكثر أهل النار، قالوا: لِمَ يا رسول الله؟ قال: (لأنكن تكثرن اللعن وتكفرن العشير، لو أحسنت إلى إحداهن الدهر كله ثم وجدت منك سيئة واحدة لقالت: ما رأيت خيراً قط) وهكذا الإنسان ربما ينزل بنفسه إلى مرتبة المرأة، إذا أحسنت إليه مدى الدهر ثم أسأت مرة واحدة محت جميع الحسنات، فنحن نقول: ارفق بأهلك، إن كرهت منهم خلقاً فارض منهم خلقاً آخر، لا تكن شديداً ولا مهملاً.
    وأشد من ذلك من إذا خالفته امرأته في أدنى شيء بت طلاقها والعياذ بالله، لو كان الشاي متقدماً حلاوته أو مرارته، قال: ما هذا الشغل؟ أنت طالق ثلاثاً، نسأل الله العافية، والمرأة السهلة اليوم يتعب الإنسان ويشيب رأسه ما وجد امرأة كيف يبت طلاقها في كل شيء، وزد على ذلك أننا نسمع كثيراً من يقول: أنتِ طالق ثلاثاً وأنت عليَّ كظهر أمي، والله عز وجل يقول في حق من يقولون: إن نسائهم عليهم كظهر أمهاتهم يقول: {وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَراً مِنَ الْقَوْلِ وَزُوراً} [المجادلة:2] منكر لا يرضاه الشرع، وزور: كذب، كيف تكون زوجتك التي هي حل لك مثل أمك التي هي حرام عليك؟!! فنصيحتي لإخواني الذين يريدون تربية أهليهم وأولادهم: أن يكونوا بين اللين وبين الشدة، والعاقل يراعي الحال، ولكل حال مقال.

    (28/10)


    --------------------------------------------------------------------------------

    وصية للآباء والأبناء بشأن الزواج


    السؤال
    فضيلة الشيخ: أنا شاب لم أتزوج بعد، ولكن يا والدي عمري فوق العشرين ودون الثلاثين، وأريد الزواج ولكن لا أستطيع، فأرجو من الله ثم منك يا فضيلة الشيخ في هذا المقام المبارك أن تدعو الله لي ولإخواني الشباب لعل الله أن يفتح علينا أبواب رحمته، وأن يرزقنا الرزق الحلال، وما دور الآباء تجاهنا نحن الأبناء، وما دور الآباء أيضاً تجاه من عندهم من بناتهم في هذه المشكلة حيث مغالاة المهور، جعل الله فرجنا وفرج المسلمين بمنه وكرمه بسببك يا فضيلة الشيخ في دعوة الناس إلى تخفيف المهور وإعانة إخوانهم الشباب على هذا الزواج؟

    الجواب
    أما الدعاء فمبذول، وأوصي أخي السائل أيضاً أن يدعو الله هو بنفسه، فإن الله تعالى يقول في كتابه: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ} [البقرة:186] ويقول جل وعلا: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ} [غافر:60] .
    ولا شك أن ما يصيب الشباب اليوم من العناء والعنت والمشقة في العجز عن الزواج لا شك أنه أمر محزن، وأنه يخشى من عواقبه الوخيمة، وإن لي وصيتين: الوصية الأولى بالنسبة للشباب: أن يصبروا، ويسألوا الله العون وأن يعجل لهم بتيسير الأمور، وينتظروا الفرج من الله عز وجل.
    وأوصي أيضاً الآباء بالنسبة لأبنائهم وبناتهم: أن يتقوا الله تعالى فيهم، لأن الأب إذا كان قادراً على تزويج ابنه وجب عليه أن يزوجه وجوباً كما يجب أن يكسوه ويطعمه ويسقيه ويسكنه يجب عليه أن يزوجه، والعجب أنه يوجد آباء أغنياء يقول له الولد: زوجني، فيقول: لا أزوجك، أنت اعمل وزوج نفسك، سبحان الله! الأمر بيده، هل الدراهم موجودة على الرمال ورءوس الجبال؟ أبداً، ولهذا نرى أن الرجل القادر على تزويج أبنائه يجب عليه أن يزوجهم وجوباً، فإن لم يفعل فهو ظالم آثم، ولست أقول هذا من عند نفسي بل قاله العلماء رحمهم الله، قالوا: إنه يجب على الرجل أن يعف أبناءه كما يجب عليه أن يسد جوعهم وعطشهم، بل قد تكون مسألة الزواج أخطر؛ لأنها قد تتعدى إلى الغير فيفسد غيره.
    فيجب على الآباء أن يزوجوا أبناءهم إذا كانوا قادرين.
    الوصية الثانية بالنسبة للآباء: أنه يوجد أناس عندهم بنات، بل عندهم عدد كثير من البنات ومع ذلك يأتيه الخاطب الكفء فيرده دون أن يستشير البنت، وقد جرى هذا كثيراً، وما أكثر البنات اللاتي يشكين من هذا، أن أباهن يرد الخطاب الأكفاء دون أن يرد العلم إلى البنت المخطوبة، وهذه والله خيانة للأمانة، وقد قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ * وَاعْلَمُوا أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ وَأَنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ} [الأنفال:27-28] .
    وقد ذكر العلماء رحمهم الله: أن ولي المرأة إذا منعها كفئاً في دينه وخلقه فإن ولايته تسقط، وإذا تكرر ذلك منه فإن عدالته تزول، بمعنى: أن الرجل لو خطب منه عدة مرات وهو يرد الأكفاء فإنه يكون بذلك فاسقاً لا تقبل شهادته ولا ولاية له، بل قال العلماء: لا يصلح أن يكون إماماً في الناس؛ لأنه فاسق حيث عضل ابنته من الزواج، ومع ذلك تسقط ولايته، ويقال: إذا لم تزوج يزوجها ولي آخر، يزوجها من يليه من الأولياء، ولكن المشكلة أنه لا يمكن أن تتجاسر امرأة على رفع القضية إلى القاضي حتى يزوجها عمها بدل أبيها، وأقول: إذا لم يمكن هذا حسب العادة عند الناس فإن الأب سيزداد إثماً؛ لأنه هو الذي منع حقها.
    ولقد حدثت قبل سنوات أن فتاة حضرها الموت وعمرها فوق ثلاثين سنة وعندها نساء يمرضنها، فلما حضرها الموت وهي في سياق الموت، قالت لهن: بلغو أبي سلامي، وقلن له: إنه قد ظلمني حيث لم يزوجنِ ولكني سأقف أنا وهو بين يدي الله عز وجل، تقول هذا في سياق الموت، ولعلها لم تمت إلا كمداً حيث منعها حقها، فوصيتي للآباء أن يتقوا الله في أبنائهم وبناتهم، أن يزوجوا الأبناء إذا كانوا قادرين ويزوجوا البنات إذا خطبهن الأكفاء.
    ولكن لو تعارض رأي الأب ورأي البنت، الأب يريد إنساناً هيناً في دينه وإن لم يكن ذا دين واضح، والبنت تريد رجلاً ديناً فمن الذي يقدم: البنت أم الأب؟ البنت بلا شك، حتى لو فرض أن الذي اختاره الأب كان ذا مال وميسرة والثاني دون ذلك، فإن رأي البنت مقدم، ولو كان الأمر بالعكس اختارت البنت خاطباً ليس كفئاً في دينه واختار الأب خاطباً كفئاً في دينه من يقدم؟ الأب، ولهذا لو أن الأب منع ابنته إذا قالت: أنا لا أريد إلا فلان وفلان ليس ديناً وقال: لا أزوجك فلان؛ لأنه ليس أهلاً للتزويج وماتت وهي لم تتزوج، فهل على أبيها إثم؟ الجواب: لا، لأن منعه إياها بحق، حيث اختارت من ليس بكفء وترد من هو كفء.
    وأخيراً أسأل الله عز وجل أن يجعل هذا العمل نافعاً، مباركاً، خالصاً لوجهه الكريم
    وأن ينفعني به في حياتي وبعد مماتي، وأن ينفع به كل من انتهى إليه؛ فإنه خير مسؤول، وأكرم مأمول، وهو حسبنا ونعم الوكيل، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد بن عبد الله وعلى آله وأصحابه ومن تبعه بإحسان إلى يوم الدين.

    حياكم الله بموقع بداية الهداية الخطوة إلى طريق العلم الشرعي الصحيح
    http://www.musacentral.com/

صفحة 5 من 10 الأولىالأولى ... 4 5 6 ... الأخيرةالأخيرة

موسوعه فتاوى اللقاء الشهري العلامه ابن عثمين

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

المواضيع المتشابهه

  1. هنا كل كنوز العلامه محمد بن صالح العثيمين
    بواسطة ابو ياسمين دمياطى في المنتدى منتدى الصوتيات والمرئيات
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 28-02-2018, 08:02 PM
  2. هنا كل كنوز العلامه مصطفى العدوي
    بواسطة ابو ياسمين دمياطى في المنتدى منتدى الصوتيات والمرئيات
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 28-02-2018, 04:45 PM
  3. عشر خطط للمحافظة على راتبك الشهري من المصاريف
    بواسطة الزبير بن العوام في المنتدى المنتدى العام
    مشاركات: 13
    آخر مشاركة: 14-05-2014, 11:31 AM
  4. فضل العلم العلامه بن باز مرئى
    بواسطة ابو ياسمين دمياطى في المنتدى منتدى الصوتيات والمرئيات
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 19-04-2011, 02:16 AM
  5. ستيوارت العتيبي و مايكل الشهري وآخرون.. سعوديون يريدون إعلان إسلامهم
    بواسطة نعيم الزايدي في المنتدى منتدى قصص المسلمين الجدد
    مشاركات: 4
    آخر مشاركة: 10-01-2011, 10:08 AM

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  

موسوعه فتاوى اللقاء الشهري العلامه ابن عثمين

موسوعه فتاوى اللقاء الشهري العلامه ابن عثمين