موسوعه فتاوى اللقاء الشهري العلامه ابن عثمين

آخـــر الـــمـــشـــاركــــات


مـواقـع شـقــيـقـة
شبكة الفرقان الإسلامية شبكة سبيل الإسلام شبكة كلمة سواء الدعوية منتديات حراس العقيدة
البشارة الإسلامية منتديات طريق الإيمان منتدى التوحيد مكتبة المهتدون
موقع الشيخ احمد ديدات تليفزيون الحقيقة شبكة برسوميات شبكة المسيح كلمة الله
غرفة الحوار الإسلامي المسيحي مكافح الشبهات شبكة الحقيقة الإسلامية موقع بشارة المسيح
شبكة البهائية فى الميزان شبكة الأحمدية فى الميزان مركز براهين شبكة ضد الإلحاد

يرجى عدم تناول موضوعات سياسية حتى لا تتعرض العضوية للحظر

 

       

         

 

    

 

 

    

 

موسوعه فتاوى اللقاء الشهري العلامه ابن عثمين

صفحة 3 من 10 الأولىالأولى ... 2 3 4 ... الأخيرةالأخيرة
النتائج 21 إلى 30 من 95

الموضوع: موسوعه فتاوى اللقاء الشهري العلامه ابن عثمين

  1. #21
    تاريخ التسجيل
    Mar 2009
    المشاركات
    2,459
    الدين
    الإسلام
    آخر نشاط
    01-11-2023
    على الساعة
    04:37 PM

    افتراضي

    حكم ضرب الدف للرجال


    السؤال
    ما حكم ضرب الدف للرجال؟

    الجواب
    نحن نتكلف الآن من النساء ومجاوزتهن الحد في ضرب الدف، فكيف إذا أجزنا ذلك للرجال؟

    (11/12)


    --------------------------------------------------------------------------------

    وقت صلاة الفجر


    السؤال
    هناك مجموعة أسئلة عن توقيت صلاة الفجر وما حدث حوله من كلام فنرجو إيضاح ذلك وجزاك الله خيراً؟

    الجواب
    صلاة الفجر لا يدخل وقتها حتى يتبين الفجر، وكذلك الإمساك عن الأكل والشرب للصائم، لا يجب حتى يتبين الفجر، وهذا هو السر في أن الله قال: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمْ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنْ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنْ الْفَجْرِ} [البقرة:187] ولم يقل حتى يطلع الفجر.
    وهذا يعني أنه لا بد أن يبين النور في الأفق وقد حدث كلام حول هذا قبل سنتين أو ثلاث، فراقب بعض الإخوة الفجر فوجدوا أن بين تبين الفجر وبين الوقت الموقت خمساً وعشرين دقيقة، وجاء إلي جماعة من بعض البلاد المجاورة في الأسبوع الماضي، وقالوا: إنهم راقبوا الفجر فوجدوا أنه لا يتبين إلا بعد التوقيت حالياً بعشرين دقيقة.
    وقالوا: إن هذا التوقيت مخالف لما قرره شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله إذ يقول: حصة ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس تابعة لليل، يعني: إذا طال الليل طالت وإذا قصر الليل قصرت.
    والذي يوجد عندنا من المواقيت بالعكس، في الشتاء يقصر ما بين طلوع الفجر وطلوع الشمس، وفي الصيف يطول، فقلت لهم: راقبوا الليلة وكانت ليلة لا يغيب القمر فيها قبل الفجر، راقبوها واكتبوا محضراً بهذا الشيء وأرسلوه للجهات المسئولة، ونحن إن شاء الله نتكلم بما يسعنا؛ لأن المشكلة ليست مشكلة القصيم فقط، بل كل المملكة على هذا، ولكن على كل حال لو تأخر الناس ولو في الصلاة لكان أبرأ للذمة، وأنا سمعت أن بعض الناس الآن يصلي الساعة الرابعة إلا خمس دقائق، وهذا على خطر عظيم؛ لأن معنى ذلك أن الفجر لم يطلع.

    (11/13)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم كشف المرأة عن شيء من جسدها أمام محارمها


    السؤال
    هل يجوز للمرأة أن تكشف عن شيء من جسدها كساقها وصدرها ونحو ذلك عند محارمها كأبنائها وإخوانها ونحوهم، وهل هناك فرق في ذلك بين المحارم الذكور والإناث، رغم أن كشف شيء من تلك العورة مما يثير كوامن الغرائز خاصة عند المراهقين؟

    الجواب
    أنا حقيقة يسوؤني جداً أن تبحث مثل هذه الأمور؛ لأن الناس كانت نساؤهم في الماضي على تستر وحجاب وحياء، لكن لما كثر اختلاط الناس مع غيرهم من الوافد، أو من الذين ذهب الإنسان إلى بلادهم صارت هذه المشاكل وهذه البحوث، ولا شك أنه كلما تحجبت المرأة ولو عن محارمها في مثل هذه الأمور التي قد تثير الغرائز فهو خير.
    وقد ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في في رسالته لباس المرأة، أن نساء الصحابة في البيوت كن يلبسن ثياباً تسترها من كفها إلى كعبها.
    من كفها في اليد إلى كعبها في الرجل، ولا تخرج ساقاً ولا ذراعاً، ولكن لو فرض أن المرأة كشفت عن ذراعها لشغل في البيت وعندها محارمها أو نساء فلا بأس، أو رفعت عن ساقها لشغل وعندها محارمها أو نساء فإن هذا لا بأس به، أما أن تتخذ لباساً قصيراً لا يستر إلا إلى الركبة، أو لا يستر إلا إلى المرفق فإن هذا يخشى أن يكون داخلاً في قول الرسول عليه الصلاة والسلام: (صنفان من أهل النار لم أرهما بعد: قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس، ونساء كاسيات عاريات مائلات مميلات لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها، وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا) فنصيحتي لأخواتي من النساء أن يتجنبن هذه الألبسة، وأن تكون ألبستهن ساترة، ونصيحتي لأولياء أمورهن ألا يمكنوا النساء من الثياب المخالفة لما تقتضيه الشريعة.

    (11/14)


    --------------------------------------------------------------------------------

    الندوة أو الموعظة في حفل الزواج
    هل الأفضل في الزواج إقامة ندوة علمية أو كلمة عامة للجميع تشتمل على الموعظة والنصيحة أم الأولى عدم ذلك؟

    الجواب
    الأولى عدم ذلك؛ لأن الناس إنما حضروا للأنس والفرح والسرور، وربما يكون بعضهم لم يشاهد الآخر إلا في هذه المناسبة، ويكون في نفسه شيء يريد أن يتحدث به إليه، وما أشبه ذلك، ولكن إذا دعي الإنسان إلى أن يتكلم بكلمة فحينئذ يتكلم، إذا قيل: يا فلان! جزاك الله خيراً عظنا بما أعطاك الله، فلا حرج، أو رأى منكراً فإنه يجب عليه أن يقوم ويتكلم ويعظ ويدعو إلى ترك هذا المنكر، وأما ما دام لم يسأل ولم يطلب منه أن يتكلم ولم ير منكراً يحتاج معه إلى الكلام، فالأولى أن يترك الناس وشئونهم وأن يتحدث بعضهم إلى بعض.
    ولا ينبغي للإنسان أن يثقل على الناس ويملهم، بل متى رآهم متشوفين إلى الكلمة فليتكلم وإذا رأى أنهم غير متشوفين فالأولى ألا يتكلم، لأنه إذا تكلم والناس في شوق لكلامه فإن قلوبهم تشرب هذا الكلام كالأرض اليابسة يأتيها الماء، وأما أن يشق عليهم ويملهم فإن هذا لا ينبغي.

    (11/15)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم المغالاة في المهور


    السؤال
    ما حكم المغالاة في المهور؟ وهل ترون تحديداً معيناً لها؟

    الجواب
    لا شك أن المغالاة في المهور خلاف السنة، وأن أعظم النكاح بركة أيسره مئونة، وكلما كان المهر قليلاً صار أقرب إلى الألفة بين الزوجين، وأيسر في الفراق إذا لم تتم الألفة، وأضرب لكم مثلاً لو أن إنساناً أمهر زوجته خمسين ألفاً استقرضها من فلان وفلان، أو ضيق على نفسه جداً حتى أدركها، فإن هذه الخمسين ستكون أمام عينه حتى عند معاشرة أهله، فتجده يفكر فيها، وإن ساءت العشرة بينه وبين زوجته، فإنه لن يُطْلِقها بسهولة؛ لأنه خسر عليها هذا المهر الكبير، وإذا طلقها فإنه لن يطلقها إلا بعد أن يطلب ما أمهرها.
    وإذا طلب ما أمهرها فربما يكون ذلك شاقاً عليها وعلى أهلها، لكن إذا كان المهر خفيفاً جعل الله فيه بركة، وصار سبباً للألفة بين الزوجين إن قدر بينهما ألفة، أو صار سبباً لسهولة الفراق إذا لم يحصل بينهما ألفة، أما تحديده فإنه صعب ولا يمكن القدرة عليه إلا بواحد من أمرين: إما أن تتفق القبيلة فيما بينها على التحديد، وإما أن يأتي من جهة المسئولين.

    (11/16)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم الأغاني الغزلية في الأعراس


    السؤال
    يوجد في بعض الأعراس ما يقال من الغناء إنه مأخوذ من بعض الأغاني الغزلية فما حكم ذلك؟

    الجواب
    أشرنا إليه في كلامنا السابق وقلنا: يجب أن نتحاشى الغناء الماجن أو أن نغني على نغمة الغناء الماجن حتى لو كان نزيهاً ونقل على نغمات الغناء الماجن فإننا لا نرى جوازه.
    لأن التشبه يؤثر في النفوس، وربما يقع في قلب بعض النساء محبة من يتغنى بهذا الغناء من أصحاب الغناء الماجن.

    (11/17)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم منع الأهل من الذهاب إلى الأفراح


    السؤال
    هل يأثم الذي يمنع أهله من الذهاب إلى الأفراح والحال كما تعلمون؟

    الجواب
    لا يأثم من يمنع أهله من حضور الأفراح التي تشتمل على محرم؛ بل يجب عليه أن يمنع أهله، لأن هذا من الرعاية والولاية، ولكن يبقى الإشكال إذا كان هذا الفرح من أقاربه فلا بد أن يحضر وإذا حضر فلم يطيعوه في ترك ما حرم الله، ففي هذه الحال له الخيار بين أمرين: إما أن يقول لهم: أنا لا أحضر شيئاً فيه معصية، وإذا أصررتم على المعصية فليس لكم حق الإجابة؛ لأن من شروط الإجابة ألا يكون في المكان معصية لا يستطيع إزالتها.
    وإما أن يحضر -ومعلوم أن هذا الغناء لا يكون من أول الأمر- ويراه الناس ويكون قد أدى الواجب، ثم يخرج إذا جاءت هذه الأغاني المحرمة.

    (11/18)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم احتجاب المرأة عن زوج ابنتها


    السؤال
    ما حكم احتجاب أم الزوجة عن زوج ابنتها؟

    الجواب
    أم الزوجة حلالٌ لها أن تكشف لزوج ابنتها، لكن ليس واجباً عليها أن تكشف، وفرق بين أن نقول: حلال، وبين أن نقول: واجب.
    فإذا كانت امرأة خجولاً وغطت وجهها حياءً وخجلاً لا كرهاً للشرع فلا حرج عليها.

    (11/19)


    --------------------------------------------------------------------------------

    وضع الطعام المتبقي في أماكن مخصصة


    السؤال
    ما رأيكم في وضع ما تبقى من الأطعمة في أماكن مخصصة؟ وما حكم رمي الأطعمة في سلات القمامة؟

    الجواب
    أنا لا أدري هل هذه الأطعمة تذهب هباءً أو إنها تجمع وتعطى الفقراء.
    إذاً لا بد أن تجتمع البلدية وجمعيات البر الخيرية للنظر في هذه المسألة، وعمل ما يكون فيه حفظ مالية الطعام ونعطي الفقراء، وقد علمت أنه في بعض البلاد من خصصوا سيارات مبردة لحفظ هذه الفضلات من الطعام، ثم يوزعونه على الفقراء والمحتاجين، فلو أنه وجد مشروع كهذا لكان طيباً وهو سهل، الجمعية الخيرية هذا من شئونها لأنه خير، والبلدية أيضاً من شئونها لأنه خير، وبقية الناس الذين يحبون الخير يمكنهم المساهمة في ذلك.

    (11/20)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم الأناشيد المصحوبة بالدف


    السؤال
    بعض الأناشيد الإسلامية تكون مصحوبة بالدف؛ علماً بأن هذه الأناشيد حماسية وفيها معان جيدة فما رأيكم؟

    الجواب
    الأناشيد الإسلامية كثر الكلام حولها، وأنا لم أستمع إليها إلا من مدة طويلة، وهي أول ما خرجت لا بأس بها، ليس فيها دفوف وتؤدى تأدية ليس فيها فتنة، وليست على نغمات الأغاني المحرمة، لكنها تطورت وصارت يسمع منها قرع يمكن أن يكون دفاً ويمكن أن يكون غير دف.
    ثم تطورت باختيار ذوي الأصوات الجميلة الفاتنة، ثم تطورت أيضاً إلى أنها تؤدى على صفة الأغاني المحرمة، لذلك: بقي في النفس منها شيء وقلق، ولا يمكن للإنسان أن يفتي بأنها جائزة على كل حال ولا بأنها ممنوعة على كل حال، لكن إن خلت من الأمور التي أشرنا إليها فهي جائزة، أما إذا كانت مصحوبة بدف، أو كانت مختاراً لها ذوو الأصوات الجميلة التي تفتن، أو أديت على نغمات الأغاني الهابطة، فإنه لا يجوز الاستماع لها.

    (11/21)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم الزواج من الفتاة المتبرجة


    السؤال
    ما حكم الزواج من فتاة تتبرج أي لا تغطي وجهها، وإذا تزوجت ستلتزم بالحجاب الشرعي؟

    الجواب
    الواجب على هذه الفتاة أن تتقي الله -عز وجل- في نفسها، وفي بنات جنسها؛ لأنها إذا تبرجت صارت مفتاح سوء، وصارت ممن قال فيهم النبي صلى الله عليه وسلم: (من سن في الإسلام سنة سيئة؛ فعليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة) والواجب على وليها منعها من أن تخرج إلى الأسواق كاشفة وجهها أو متبرجة بزينة.
    والمرأة إذا رأت من ولي أمرها الحزم والقوة والنشاط، فإنها تخضع له، أما إذا رأت منه التهاون فإنها سوف تفعل ما تشاء، أما بالنسبة لخطبة هذه المرأة فإن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: (تنكح المرأة لأربع لمالها وحسبها وجمالها ودينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك) والمرأة التي تتبرج وتخرج إلى الأسواق متبرجة لا شك أنها ناقصة الدين، فليختر امرأة تكون خيراً من هذه المرأة.

    (11/22)


    --------------------------------------------------------------------------------

    فضل الدعوة إلى الله


    السؤال
    نحن الممرضين نكون في المستشفى فيكون الاختلاط في بعض أوقات العمل بيننا وبين الكفار، فما نصيحتكم في هذا؟ وهل علينا من إثم في ترك دعوتهم للإسلام، ولا سيما أن الممرضين السعوديين ولله الحمد قد كثروا؟

    الجواب
    الواجب على المسلم أن ينتهز الفرصة في كل مكان وفي كل وقت للدعوة إلى الله عز وجل احتساباً للثواب العظيم، حيث قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (والله لأن يهدي الله بك رجلاً واحداً خير لك من حمر النعم) يعني: من الإبل الحمر، وكانت أفضل الأموال عند العرب، فإذا وجد فرصة فليدع إلى الإسلام، حتى لو فرض أنه دعا الرجل الكافر إلى بيته وعرض عليه الإسلام، وأعطاه أشرطة أو كتيبات فيها الدعوة إلى الإسلام فإن هذا خير.
    أما بالنسبة للاختلاط في المستشفيات فهذا أمر يحتاج إلى دراسة من فوق ولا تكفي فيه الفتوى، لا بد أن يعالج الأمر من فوق، ونحن قد عالجنا وغيرنا أيضاً قد عالج، لكن كل شيء له منتهى، ونرجو الله سبحانه وتعالى أن ييسر فتفتح مستشفيات خاصة بالنساء، ومستشفيات خاصة بالرجال، وهذا الأمر ليس بصعب لكن: {قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً} [الطلاق:3] .
    ونسأل الله تعالى أن ييسر حتى نصل إلى هذه الحال التي فيها البعد عن الفتنة.

    (11/23)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حدود خروج المرأة وضوابطه


    السؤال
    ما هي حدود وضوابط خروج المرأة من أجل زيارتها إلى قريباتها؟ وما حكم خروج المرأة للسوق؟ وهل يجوز للابن أن يرفض الذهاب مع أمه للسوق؟

    الجواب
    أما المسألة الأولى: وهي زيارة المرأة أقاربها، فكلما قرت المرأة في بيتها فهو أفضل، والآن ولله الحمد يمكن للإنسان الزيارة بسهولة وهو في بيته، وذلك بواسطة الهاتف، فممكن أن يتصل الإنسان على أقاربه في اليوم مرتين، لكن إذا دعت الحاجة إلى الزيارة بالبدن مثل أن تزور قريباً لها أصابه المرض، أو ما أشبه ذلك مما تدعو الحاجة إلى زيارته فلتزره ولتكن غير متبرجة بزينة ولا متطيبة، وأن تمشي مشية المرأة المستحية البعيدة عن مظاهر الفتنة.
    وأما ذهاب المرأة إلى السوق وحدها فلا بأس، ولكن غير متطيبة ولا متبرجة بزينة، ومع هذا فالأفضل ألا تذهب إلى السوق وأن تصف الحاجة التي تريدها لزوجها أو لأخيها أو لابنها، وتقول: اشتر الحاجة الفلانية (وتصف الحاجة) ويؤتى بها إليها.
    فإن كان لا بد أن تذهب هي بنفسها فلا حرج مع أمن الفتنة، ولكن لو ذهبت بأحد من محارمها فهو أفضل لا شك في هذا، وإذا دعت الأم ابنها إلى أن يذهب معها إلى السوق وكان بهابها إلى السوق على وجه مباح، فإن من برها أن يطيعها وأن يذهب معها، لأن في ذلك طاعة لها، وفيه أيضاً حفظ لها من العبث.

    (11/24)


    --------------------------------------------------------------------------------

    صوت المرأة


    السؤال
    هل صوت المرأة عورة؟ مع العلم أن صوتها يختلف حسب ما تشاء؟

    الجواب
    صوت المرأة ليس بعورة لكن المرأة تنهى أن تخضع بالقول، فيطمع الذي في قلبه مرض، بمعنى ألا تتكلم كلاماً ليناً سواء في كلماته، أو ليناً في أدائه، أو تكون حين أداء الصوت متغنجة أو ما أشبه ذلك فإن هذا حرام، أما الكلام العادي فإنه ليس بحرام وليس بعورة.

    (11/25)


    --------------------------------------------------------------------------------

    محظورات في السفر إلى الخارج


    السؤال
    بعض الناس في العطلة الصيفية يسافر إلى الخارج، فتقوم الفتيات بلبس الحجاب المعروف وهو تغطية الرأس والرقبة، ولا يبقى إلا دائرة الوجه فقط، ويتعللن بالحاجة وبالقول الثاني في المسألة فما قولكم؟ وما رأيكم بتصوير النساء الخاص بجواز السفر مع أنه مطلوب رسمياً؟

    الجواب
    أرى أن من أنعم الله عليه بالمال ألا يسافر إلى البلاد الخارجية، وأما من لم ينعم الله عليه بكثرة المال بل ابتلاه بالفقر، فهو ليس بذاهب، لكن المشكل من أغناه الله، أرى ألا يذهب إلى البلد الخارجية؛ لأن في ذلك مفاسد.
    أولاً: أن أهله سيتغيرون بما يشاهدونه، سواء تغيروا فجأة أو على المدى الطويل.
    ثانياً: أنه كما قال السائل: ربما تغطي جميع بدنها إلا وجهها، أي: تغطي البدن وتبقي ما فيه الفتنة.
    لأن إظهار الوجه هو الفتنة في الواقع وجمال المرأة في وجهها، ومحل الفتنة وجهها، ولا شك في هذا، والرجل عندما تتعلق نفسه بالمرأة، لا يهمه شيء وراء الوجه، ولهذا تجد الذي يسأل عن الجمال، لا يقول: كيف رجلها؟ كيف أصبعها؟ إنما يقول قبل كل شيء كيف وجهها؟ فهو محل الرغبة وموضع الفتنة.
    ولا يجوز للإنسان أن يعبد الله سبحانه وتعالى على هواه، فإذا كان في بلده عبد الله على قول من يقول إنه يجب تغطية الوجه، وإذا ذهب إلى بلد آخر عبد الله على قول من يقول بجواز كشف الوجه، هذا من باب التلاعب بدين الله، ما دمت تعتقد بأن دين الله كذا وكذا، فلا تحد عنه ولا تتحول إلى غيره، وإلا صرت متلاعباً متتبعاً للرخص، وقد قال العلماء: من تتبع الرخص فهو فاسق، ولكنني -والحمد لله- أسمع من الذين يحتاجون إلى السفر للخارج أنه إذا لبست المرأة نقاباً فإنه لا ينظر إليها ولا تكون شهرة بين الناس، والنقاب أن تغطي وجهها وأن تفتح لعينيها فقط -بقدر العينين- ما تبصر به طريقها وهذا جائز، فإذا احتاجت المرأة إلى السفر إلى الخارج واستعملت هذا النقاب فلا بأس.

    (11/26)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم إجابة دعوة العرس


    السؤال
    ما حكم إجابة دعوة العرس التي تأتي عن طريق البطاقة؟ والآخر يقول: هناك بعض الناس يرى تحريم الذهاب إلى قصور الأفراح مطلقاً حتى ولو لم يكن فيها منكرات؟

    الجواب
    أما إجابة وليمة العرس إذا عين الداعي من دعاه بأن كتب إليه خطاباً خاصاً أو ذهب إليه وكلمه مشافهة، فإنها تجوز بشرط ألا يكون هناك منكر لا يقدر على تغييره، فإن كان هناك منكر يقدر على تغييره حضر إجابة للدعوة وإزالة للمنكر، وإن كان لا يقدر فلا يحضر.
    أما البطاقات العامة، فإن الإجابة إليها لا تجب؛ لأن الواقع أنها عامة، لكن ترسل إلى الإنسان للإحاطة، والدليل على ذلك أن الذي يرسلها لا يتابعها ولا يأتي لك ويقول: هل وصلتك البطاقة؟ أرجو ألا تغيب، وإذا لم تحضر وقابلك من بعد لم يعاتبك في عدم الحضور، فالذي أرى أن مجرد البطاقة التي ترسل إلى الإنسان ما هي إلا بطاقة للإحاطة أو خوفاً من أن يغضب منك، ويقول: لماذا لم ترسل لي البطاقة؟ ولكن إذا عينه وذهب إليه أو كتب إليه كتاباً خاصاً، فإنه تجب عليه الإجابة إذا لم يكن هناك منكر، فإن كان هناك منكر، وإذا حضر قدر على إزالته وجب عليه الحضور، وإن كان لا يقدر على إزالته فلا يحضر.
    أما القول بأنه لا يجوز الذهاب إلى قصور الأفراح مطلقاً، فلا أرى له وجهاً، ومن رأى ذلك ورأى له وجهة شرعية فعليه أن يعمل بما ظهر له.

    (11/27)


    --------------------------------------------------------------------------------

    فضل الالتحاق بالمراكز الصيفية


    السؤال
    وردت أسئلة كثيرة حول المراكز الصيفية فبم توصي القائمين عليها؟

    الجواب
    أوصيت عليها في الخطبة، وأرى أنها من نعمة الله علينا -ولله الحمد- أن يسر الله عز وجل هذه المراكز، وأن يسر -أيضاً- أن يكون القائمون عليها ممن نثق بهم حسب ما بلغنا، وكون الشاب يذهب إلى هذه المراكز، ينتفع وينفع، ويقضي وقته في غير اللعب وفي غير اللهو، بلا شك أن هذا خير كثير، وكذلك أحث أيضاً على الالتحاق بحلقات تحفيظ القرآن الكريم؛ لأن الصغير يسهل عليه الحفظ.

    (11/28)


    --------------------------------------------------------------------------------
    وأخيراً أسأل الله عز وجل أن يجعل هذا العمل نافعاً، مباركاً، خالصاً لوجهه الكريم
    وأن ينفعني به في حياتي وبعد مماتي، وأن ينفع به كل من انتهى إليه؛ فإنه خير مسؤول، وأكرم مأمول، وهو حسبنا ونعم الوكيل، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد بن عبد الله وعلى آله وأصحابه ومن تبعه بإحسان إلى يوم الدين.

    حياكم الله بموقع بداية الهداية الخطوة إلى طريق العلم الشرعي الصحيح
    http://www.musacentral.com/

  2. #22
    تاريخ التسجيل
    Mar 2009
    المشاركات
    2,459
    الدين
    الإسلام
    آخر نشاط
    01-11-2023
    على الساعة
    04:37 PM

    افتراضي

    اللقاء الشهري

    اللقاء الشهري [12]
    في هذا اللقاء يتحدث الشيخ عن أهمية الزواج وفضله، وما يجلب من المنافع العظام للفرد والمجتمع، مع ذكر آداب وأحكام كثيرة يجب أن تراعى، ويحتاجها كل من يحب الإقدام على الزواج، ثم بعد ذلك يجيب عن الأسئلة الواردة في هذا اللقاء والتي لا غنى عنها في بابها.

    (12/1)


    --------------------------------------------------------------------------------

    أهمية الزواج وفضله
    الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
    أما بعد: أيها الإخوة: فإن لقاءنا هذه الليلة، هو لقاء شهر صفر عام أربعة عشر وأربعمائة وألف، وكان المقرر أن يكون في ليلة الأحد الثالث من كل شهر، وما زال الأمر كذلك لكن في الأسبوع الماضي حصل مانع من إقامته في وقته المقرر والحمد لله القضاء كما يقولون يحكي الأداء.
    والاقتراح الذي تقدم به أخونا الشيخ حمود بن عبد العزيز الصايغ اقتراح مقبول؛ لأنه في وقت مناسب، فالناس في أيام الإجازة في هذه المنطقة وفي غيرها من المناطق، في المملكة العربية السعودية، يكثر منهم الزواج، وكثرة الزواج بين الشباب أمر يَسُر؛ لأن ذلك امتثال لأمر النبي صلى الله عليه وسلم حيث قال: (يا معشر الشباب! من استطاع منكم الباءة فليتزوج؛ فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء) واتباع لآثار المرسلين عليهم الصلاة والسلام، لقول الله تعالى: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلاً مِنْ قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجاً وَذُرِّيَّةً} [الرعد:38] .
    فيسرنا أن نجد من شبابنا ومن شاباتنا تزاوجاً كثيراً، لهذا الأمر ولأمر ثان وهو تحصيل مصالح النكاح من إعفاف الفروج، وغض الأبصار، وحصول الأولاد، والأمة كلما كثر أفرادها قويت شوكتها، وتعددت أعمالها، ما بين مشتغل بالمصانع، مشتغل بالمزارع، مشتغل بالمواشي، بأعمال النجارة، بأعمال الحدادة، فكلما كثرت أفراد الأمة، فإن ذلك لا شك عز لها، واستغناء بنفسها عن غيرها، ومهابة لها؛ لأن الأمم الكثيرة تهاب ولو كانت ضعيفة في مسألة الصناعة والتكنولوجيا، ففي كثرة الزواج كثرة النسل، وهذا أمر مقصود للشارع، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (تزوجوا الودود الولود) الودود يعني: كثيرة الود؛ لأنه إذا حصل الود بين الزوجين كثرت الملاقاة بينهما، وإذا كثرت الملاقاة كثر التناسل، ولهذا أعقب قوله: (تزوجوا الودود) بقوله: (الولود، فإني مكاثر بكم الأنبياء) .

    (12/2)


    --------------------------------------------------------------------------------

    أحكام تتعلق بالزواج
    إذا كان هذا يسر لهذه الأسباب ولغيرها، مما لم نذكره فإن الواجب على الزوجين جميعاً أن يكون لديهما علم بما يترتب على هذا النكاح، وما يترتب على المباشرة من أحكام شرعية حتى يكون تعاملهم في هذا النكاح على الوجه الشرعي.

    (12/3)


    --------------------------------------------------------------------------------

    المعاشرة بالمعروف
    يجب على كل من الزوجين أن يعاشر صاحبه بالمعروف؛ لقول الله تعالى: {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [النساء:19] ولقوله: {وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [البقرة:228] وإذا حصلت المعاشرة بين الزوجين بالمعروف، فإن ذلك أبقى للمودة بينهما، وأتم للنعمة، وكم من فراق حصل بسبب عدم المعاشرة بالمعروف، فإذا اتقى الله كل واحد منهما، وعاشر الآخر بالمعروف وأعطاه حقه الواجب عليه، حصل بذلك الخير والبركة، وإذا كثرت النزاعات بين الزوجين فإنك تجد أكثر أسبابها، هو عدم المعاشرة بالمعروف.
    فالزوج يضرب زوجته على أتفه شيء، وهي تعانده وتخاصمه في أدنى شيء، لذلك يجب على كل من الزوجين أن يعاشر الآخر بالمعروف، كما أمر الله تعالى بذلك.

    (12/4)


    --------------------------------------------------------------------------------

    الاغتسال من الجنابة
    ومما يجب الاهتمام به: معرفة ما يجب على الزوجين في العبادة، ومن ذلك الاغتسال مثلاً، بعض الأزواج يخفى عليهم أن إتيان المرأة موجب للغسل إلا إذا حصل الإنزال، يعني: أن بعض الناس يظنون أنه لا غسل إلا بإنزال، وأن الرجل لو جامع زوجته بدون إنزال فلا غسل عليه، ولهذا يكثر السؤال عن هذه المسألة، فتجد الرجل يقول: لي ثلاثة أشهر أو أربعة أشهر أو سنة أو أكثر، أباشر زوجتي بدون إنزال ولا أغتسل لا أنا ولا هي، لماذا؟ لأنهما جاهلان، فالواجب أن يتعلم الإنسان مثل هذه الأحكام، ليكون على بصيرة من أمره.

    (12/5)


    --------------------------------------------------------------------------------

    عدم الجماع في الحيض
    كذلك مما يجب الاهتمام به ومعرفته: أن الحائض لا يجوز أن يجامعها زوجها؛ لقوله تعالى: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنْ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ} [البقرة:222] يعني اغتسلن: {فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمْ اللَّهُ} [البقرة:222] .
    بعض الناس تغلبه الشهوة، فيجامع المرأة وهي حائض، وهذا محرم وفيه الكفارة عند كثير من العلماء، وفيه ضرر عظيم جداً جداً على المرأة كما أخبرنا بذلك الثقات من الأطباء؛ لأن الأغشية في هذه الحال غير قابلة لهذه العملية، فتتمزق ويحصل بها ضرر كثير على المرأة، ثم إن تلاقي ماء الرجل مع الدم النازل من الرحم يحصل فيه مضرة أيضاً، فلذلك حرم الله عز وجل أن تُجامع المرأة في حال الحيض وقال: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنْ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ} [البقرة:222] .
    ولكن الله تعالى قد وسع هذا الأمر، فللزوج أن يباشر زوجته حال الحيض حيث شاء إلا في الفرج، الذي يخرج منه الحيض، وإلا في الدبر فالدبر يحرم وطؤه في كل حال، وما عدا ذلك فليفعل ما شاء، كان النبي صلى الله عليه وسلم يأمر عائشة وهي حائض فتأتزر فيباشرها وهي حائض، وإنما أمرها بالاتزار لئلا يشاهد منها ما تعافه النفس من آثار الحيض، وإذا شاهد الإنسان من زوجته ما تعافه النفس فإن ذلك يولد في قلبه كراهة لها، فالوقاية -كما يقولون- خير من العلاج.

    (12/6)


    --------------------------------------------------------------------------------

    عدم الإسراف في نفقات الزواج
    ومن المهم فيما يتعلق بالزواج: أن يعلم الإنسان أن الزواج نعمة سائرة وليست من النعم النادرة، هي نعمة سائرة، كل شاب سوف يتزوج، ليست من الأمور النادرة التي يحتفى بها ذاك الاحتفاء البالغ الخارج عن الاعتدال، نجد بعض الناس يسرف إسرافاً بالغاً في ليلة الحفل، حتى بلغ ببعضهم أن يستأجر الفنادق إلى أربعين ألفاً، لماذا؟ أي شيء أوجب هذا؟ كذلك قيل لي إن بعض الناس يوزع بطاقات دعوات، البطاقة الواحدة تكلف خمسين ريالاً، سبحان الله! ما الذي أوجب هذا؟ هل الزواج من الأمور النادرة التي لا تحصل إلا بعد شق الأنفس، حتى أن الإنسان يؤدي به الفرح إلى أن يخسر هذه الخسارة؟ الزواج أمر معهود ونعمة سائرة، ولا ينبغي أن نخرجه عن طوله لا في الولائم ولا في بطاقات الدعوة، ولا في كثرة المدعوين أيضاً، بعض الناس يوزع بطاقات يصل عددها إلى خمسمائة بطاقة على أناس قد لا يأتون إلا مجاملة، لو قيل للرجل هل أحب إليك أن تأتي أو لا تأتي؟ قال: أحب إلي أن أستريح، لكني آتي إليه على سبيل المجاملة، فنقول: لماذا هذا الإفراط وهذا الإسراف؟ انظر من له حق عليك من الأقارب، ومن له حق عليك من الأصحاب، انظر من إذا لم تدعهم حملوا عليك في نفوسهم، ومن سوى هذا فلا داعي له.

    (12/7)


    --------------------------------------------------------------------------------

    عدم التوسع في المباحات
    كذلك أيضاً من المهم: أن نعرف أن بعض الناس توسع فيما يباح أو يسن من استعمال الدفوف في ليالي العرس، فاستعمال الدفوف والغناء النزيه في ليلة العرس التي تزف فيها المرأة إلى زوجها من الأمور المطلوبة المسنونة، لكن بشرط ألا تتجاوز الدف إلى غيره من آلات اللهو، وبشرط أن تكون الأغاني نزيهة كأغاني الترحيب وأغاني ذكر نعمة الله عز وجل، وغير ذلك من الأشياء المناسبة، أما أن تردد أغاني المطربين والفنانين الوضيعة، فإن ذلك لا يجوز، وكذلك لو أدي الغناء على صفة أداء المغنين المطربين، فإن ذلك أيضاً لا يجوز؛ لأنه قد يثير كوامن النفوس، ويحدث الفتنة، فالواجب أن تكون الأغاني هادئة ونزيهة، وبدون آلات موسيقية، بل بدون آلات لهو سوى الدف؛ لأن الأصل في المعازف التحريم، ولا يستثنى منها إلا ما جاءت السنة به فقط، ولا يزاد على ذلك.
    ومن المهم أن نعرف أن ما يفعله بعض الناس من طول السهر في مجامع العرس فإنه أمر لا ينبغي، فإن النبي صلى الله عليه وسلم كان يكره النوم قبل صلاة العشاء والحديث بعدها، وإذا أطال الإنسان السهر فإنه لا يعطي بدنه حظه من النوم، ولا يقوم لصلاة الصبح، إلا وهو كسلان تعبان، ثم ينام في أول نهاره عن مصالحة الدينية والدنيوية، والنوم الطويل في أول النهار يؤدي إلى فوات مصالح كثيرة، وقد جرب الناس أن العمل في أول النهار أبرك من العمل في آخر النهار، وأنه أسد وأصلح وأنجح، وأنه أبرك فإن البكور مبارك فيه، وهؤلاء الذين يسهرون الليالي، لا شك أنهم لا يستطيعون البقاء بدون نوم، فلا بد للجسم من النوم، وطول السهر يحول دون ذلك.

    (12/8)


    --------------------------------------------------------------------------------

    منكرات التصوير
    ومن المهم أيضاً أن نعلم أن ما يصنعه بعض الناس من تصوير الحفلات في البطاقات أو على أشرطة الفيديو أمر منكر، وذلك أن هذه الصور سوف تعرض، وقد تعرض على أهل السفالة من الناس، وقد تعرض على أهل الشماتة من الناس فيشتمون بالمنظر أو يشمتون بالمنظور، أو تحصل الفتنة إذا كانت في هذه الصور نساء جميلات، فيحصل الشر والفساد بدون أي فائدة من التصوير.
    ما فائدة التصوير؟ لا شيء، الذكرى كما يزعمون لا فائدة منها، الكلام على القلب: هل أنت الآن مسرور مع أهلك، ففقد الذكرى لا يضرك، هل أنت على الحال الأخرى، أي: غير مسرور، فالذكرى لا تنفع.
    إذاً لا نعرض أنفسنا لشيء محرم، قليل الفائدة بل كثير المضرة.
    وأقبح من ذلك أن بعض النساء تجعل مكبرات الصوت على شرفات القصر، وأركان السور، وتغني عبر هذه السماعات، فيكون في هذا فتنة للسامع وإقلاق لأهل الحي وإتعاب للناس، فتنقلب هذه النعمة نقمة، وهذه الرخصة تنقلب حراماً لما فيها من الأذية.
    والأمور التي تكون بمناسبة الزواج كثيرة، والوقت انتهى الآن بالنسبة للكلمة، ولم يبق إلا دور الأسئلة.
    نسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعل فيما قلنا خيراً وبركة، وأن يوفقنا جميعاً للصواب والسداد، إنه على كل شيء قدير.

    (12/9)


    --------------------------------------------------------------------------------

    الأسئلة

    (12/10)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم صلاة الجنب وصيامه


    السؤال
    فضيلة الشيخ: كما أشرتم بأن الكثير من بعض الشباب يجهلون بعض أحكام الدين خصوصاً الذين لم يتزوجوا إلا حديثاً، فهم يجامعون زوجاتهم ولا يغتسلون ويذهبون إلى الصلاة، ويدوم هذا طويلاً، فماذا يترتب على من فعل مثل هذا من حيث إعادة الصلاة أو الصيام أو غيره أفتونا مأجورين وجزاكم الله خيراً؟

    الجواب
    أما الصيام فلا أثر للجنابة فيه، إذ أن الجنب يصح صومه، لكن ترك الغسل للصلاة هو المشكل، فالصلاة لا تصح بدون الاغتسال لبقاء الجنابة، وأكثر العلماء على أنه يجب على هذا الإنسان أن يقضي جميع الصلوات التي لم يغتسل لها، لكن من المعلوم أن هذا الرجل سوف يجامع مرة أخرى ويحصل الإنزال فيغتسل، إلا أنه قد يخفى عليه مقدار ما حصل فيه الخلل مما اغتسل له، فنقول له: تحر واقض احتياطاً، وإذا كنت لا تعلم عن هذا شيئاً ولم يخطر ببالك أن الجماع المجرد عن الإنزال يوجب الغسل فنرجو ألا يكون عليك شيء، أي: ألا يكون عليك قضاء، لكن عليك التوبة والاستغفار من التفريط في ترك السؤال.

    (12/11)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم التقاء الختانين


    السؤال
    فضيلة الشيخ: هل بمجرد أن يلتقي الختان بالختان يجب على الإنسان الغسل أم لا؟

    الجواب
    نعم، إذا التقى الختانان وجب الغسل، لكن لا يمكن أن يلتقي الختانان إلا بتغييب الحشفة، ليس مجرد الملامسة موجباً للغسل إذا لم ينزل، بل لا بد من إيلاج الحشفة؛ لأن هذا هو الذي يكون فيه التقاء الختانين، إذ أن ختان الرجل هو أعلى الحشفة من القضيب، وختان المرأة معروف، فإذا التقى الختانان وجب الغسل، ولا يمكن أن يلتقي الختانان إلا بإيلاج الحشفة.

    (12/12)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم الإسراف في نفقات الأفراح


    السؤال
    فضيلة الشيخ: من منكرات الأفراح التي قد تخفى ما يحصل من بعض الإخوة في البادية من سلوم وعادات، وهي أن الزوج يلزمه أكثر من مائة ألف ريال، بل تصل إلى مائتي ألف عند زواجه، فالأب له عطاء، والأم والأبناء والإخوة والأخوات والزوجة لها أضعاف مضاعفة، أحياناً قد تكون مفاخرة بين أهل القبيلة، ناهيك عن الولائم، فكل من أعانك بذبيحة أو مبلغ من المال فعليك أن تذبح له وحده، ولا يجلس إلا على ذبيحة خاصة به ومن معه، فما نصيحتكم مع أنهم بحاجة، وقد تتراكم عليهم الديون، فبماذا توجهون أمثال من يفعل هذا الفعل؟ وهل يجوز لهم هذا؟

    الجواب
    الواقع كما ذكر السائل بالنسبة لبعض أهل البادية، أنهم يسرفون في الولائم ويسرفون في الدعوات، ويسرفون في المهور وأن من لم يسرف فهو محل العيب والسب والغيبة فيه، هذه من جهة الدعوات؛ أما الولائم فكل واحد يأتي بذبيحة، وهذه الذبيحة ستبقى ديناً عليه إذا تزوج الذي أتى بهذه الذبيحة أو ولده، فلا بد أن تردها عليه، فتحصل المفاخرة، أما بالنسبة لما يشترطه الأب أو الأم أو العم أو الأخ أو الخال على الزوج زائداً عن مهر امرأته فإنه حرام عليهم، ولا يحل لهم وهم يأكلونه ظلماً وسحتاً؛ لأن ما زاد على المهر فلا حق للأب ولا للأم ولا للأخ ولا للعم ولا للخال فيه، بأي شيء أخذوه؟! ما هو العوض الذي أعطوه مقابل هذا المال؟! ولهذا قال العلماء: لو شرط لغير الأب فكله لها يعني، مثلاً: لو أن الأخ زوج أخته، وقال للزوج: عشرة آلاف لي، وخمسون ألفاً للزوجة مثلاً، ووافق الزوج فإن العشرة الآلاف التي اشترطها الأخ تكون للزوجة وليس له حق فيها، والزوجة تخصمه عند القاضي، ويكون مهرها ستين ألفاً.
    أما الأب فبعض العلماء يقول: لا بأس أن يشترط لنفسه وأنه إذا اشترط شيئاً لنفسه فهو له، لكن الصحيح أنه لا يحق له أن يشترط شيئاً لنفسه.
    لأنه جاء في الحديث عن النبي عليه الصلاة والسلام أن ما كان قبل العقد فهو للزوجة، وما كان بعده فهو لمن شرط له، لكن لا يجوز للأب أن يشترط لنفسه شيئاً؛ لأنه لو فتح الباب لكانت البنات مثل السلع تباع وتشترى.
    فنصيحتي لهؤلاء الذين ذكر عنهم السائل ما ذكر أن يتوبوا إلى الله عز وجل، وأن يجعلوا المهر خفيفاً بينهم حتى يكثر التزاوج بينهم، وحتى لا يرهقوا أنفسهم بالديون، فما أكثر المدينين الذين يأتون ويقولون: نحن علينا دين كذا وكذا بسبب الزواج.

    (12/13)


    --------------------------------------------------------------------------------

    أحكام المياه التي تخرج من الرجل


    السؤال
    فضيلة الشيخ: إن الله لا يستحي من الحق، وسؤالي: ما يخرج من الإنسان حال مداعبة أهله، دون جماع ما هو؟ وما الواجب فيه؟ أرجو تفصيل المياه التي تخرج من الإنسان وأحكامها؛ جزاكم الله خيراً؟

    الجواب
    الذي يخرج من الإنسان أربعة أنواع: البول، والودي، والمذي، والمني.
    فأما البول والودي، فحكمهما واحد، يجب تطهير العضو منهما؛ لأن الودي ماء أبيض يكون عند انتهاء البول هو عبارة عن بول، فله حكمه.
    وأما المذي: فهو الذي يخرج بسبب الشهوة، لكنه يخرج من غير شعور به وعند برودة الشهوة، أي: أنه إذا بردت شهوة الإنسان وجد هذا البلل دون أن يشعر به، وهذا يوجب غسل الذكر والأنثيين؛ كما أمر بذلك النبي صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب، ويوجب الوضوء أيضاً، وما أصاب الثوب منه فإنه ينضح كما ينضح بول الغلام الصغير، أي: أنه يصب عليه الماء حتى يعمه، وبذلك يكون طاهراً.
    وأما المني: فإنه ماء غليظ يخرج عند اشتداد الشهوة ويحس به الإنسان، وهذا طاهر ولكنه يوجب الغسل.
    وعلى هذا فما يحدث من بعض الناس عند مداعبة زوجته من الرطوبة، إذا أحس أنه مني وهو ما يخرج بشهوة وبقوة وبدفق، وجب عليه الغسل، وإذا لم يكن كذلك بل أحس بالرطوبة دون أن يكون بدفق ولذة فإن هذا مذي يجب فيه غسل الذكر والأنثيين، ونضح ما أصاب من الثياب أو من البدن.

    (12/14)
    وأخيراً أسأل الله عز وجل أن يجعل هذا العمل نافعاً، مباركاً، خالصاً لوجهه الكريم
    وأن ينفعني به في حياتي وبعد مماتي، وأن ينفع به كل من انتهى إليه؛ فإنه خير مسؤول، وأكرم مأمول، وهو حسبنا ونعم الوكيل، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد بن عبد الله وعلى آله وأصحابه ومن تبعه بإحسان إلى يوم الدين.

    حياكم الله بموقع بداية الهداية الخطوة إلى طريق العلم الشرعي الصحيح
    http://www.musacentral.com/

  3. #23
    تاريخ التسجيل
    Mar 2009
    المشاركات
    2,459
    الدين
    الإسلام
    آخر نشاط
    01-11-2023
    على الساعة
    04:37 PM

    افتراضي

    الحث على المسارعة في الزواج


    السؤال
    فضيلة الشيخ: إذا تقدم لي شاب لخطبتي، وهذا الشاب محافظ على الصلاة مقبول في دينه، ولكن أبحث عن شاب أكمل من هذا الشاب ديناً وعقلاً، فهل يجوز لي رفضه؟

    الجواب

    قد يدرك المتأني بعض حاجته وقد يكون مع المستعجل الزلل
    وربما فات قوماً جل أمرهم مع التأني وكان الرأي لو عجلوا
    لا ينبغي للإنسان أن يضيع الفرصة إذا وجدها، فإذا خطب شخص ذو خلق ودين فإنه لا يُفوَّت من أجل ارتقاب من هو أصلح منه وأحسن؛ وذلك لأن هذا قد لا يحصل ولا سيما مع تقدم السن وكبر المرأة، فإنه لا ينبغي لها أبداً أن تفرط فيمن خطبها، وقد جاء عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال: (إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فأنكحوه) .
    فإذا كان الخاطب مرضي الدين والخلق، فلتتزوج، ولا تنتظر لأمر لا تدري أيحصل أم لا يحصل.

    (12/15)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم إجابة الدعوة المحتاجة إلى سفر


    السؤال
    ما حكم إجابة الدعوة إلى وليمة، وماذا أفعل لو دعيت إلى وليمة تحتاج مني إلى سفر شاق، وما قولك في استغلال هذه المناسبات لتذكير الناس ببعض آداب الأفراح ونحو ذلك؟

    الجواب
    أما الدعوة التي تحتاج إجابتها إلى سفر، فإن الإنسان لا يلزمه أن يسافر من أجلها، لما في السفر من المشقة وإضاعة الوقت، والفائدة بالنسبة للداعي قليلة، اللهم إلا ما كان بين الأقارب القريبين جداً فهذا قد يفقد إذا لم يحضر.
    وأما إذا كان في بلده ولا ضرر على الإنسان في إجابة الدعوة، وليس في المكان منكر وعينه الداعي وقال: يا فلان احضر، وعلم أن الدعوة حقيقة لا مجاملة، فإن الواجب إجابة الدعوة، ومن لم يجب فقد عصى الله ورسوله.
    أما ما يوزع من البطاقات فإنه لا تجب إجابتها إلا إذا أكد عليك الداعي، وذلك أن كثيراً من الناس يوزع بطاقات الدعوة للإشعار بأن لديه نكاحاً وهو لا يهمه أن تحضر أو لا تحضر.
    لكن إذا أعاد الدعوة هاتفياً أو مباشرة فإنه يجب عليك إجابة الدعوة، لكن بالشروط التي ذكرناها، بألا يكون هناك منكر في البيت، فإن كان منكر، فإن كان المدعو يقدر على تغييره وجب عليه الحضور إجابة للدعوة وتغييراً للمنكر، وإن كان لا يقدر على تغييره فإنه لا يجوز له أن يحضر.

    (12/16)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم الامتناع عن الزواج بسبب الانشغال بطلب العلم


    السؤال
    هل الزواج يعتبر عائقاً عن طلب العلم، حيث إن كثيراً من الشباب والشابات ربما تعللوا بذلك؟ وما رأيك في الزواج لطالب يدرس في الجامعة؟

    الجواب
    الزواج ليس عائقاً عن طلب العلم إذا كان عند الإنسان ما يقيته، نعم لو فرض أن الإنسان ليس عنده ما يقيته، وخاف إذا تزوج أن يترتب على زواجه نفقات لا يستطيع تحملها مع طلب العلم، فحينئذ قد يكون عائقاً، ومع ذلك فإننا لا نحبذ للشاب ترك الزواج ولو في هذه الحال، بل نقول تزوج والله سبحانه وتعالى يغنيك أنت وأهلك، وفي الحديث: (إن ثلاثة حق على الله عونهم، وذكر منهم: المتزوج يريد العفاف) فأقبل يا أخي على الزواج، ولو كنت طالب علم، وربما يكون زواجك فتح باب رزق لك كما هو مشاهد في بعض الأحيان.

    (12/17)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم اشتراط الخادمة عند الزواج


    السؤال
    بعض النساء تشترط على زوجها عند الخطبة أن يؤمن لها خادمة، فهل يجوز هذا الشرط أرجو توضيح أمر الخدم: متى يجوز ذلك؟ وما هي الحاجة التي تبيح ذلك؟ وهل هذا الشرط ينفذ أم لا؟ وكذلك بالنسبة لشرط التدريس إذا كان الإنسان يعلم أن هذا الشرط ربما يكون سبباً في فسخ نكاحهما في المستقبل؟

    الجواب
    ثبت في الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: (أن أحق الشروط أن توفوا بها ما استحللتم به الفروج) ومن المعلوم أن الوفاء بالشروط المذكورة في العقود واجب؛ لقول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ} [المائدة:1] ولقوله: {وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولاً} [الإسراء:34] .
    فإذا اشترطت المرأة على الزوج شروطاً غير ممنوعة شرعاً وجب عليه الوفاء بها، فإن لم يف بها فلها الفسخ، أي: يكون الأمر بيدها، ومن ذلك إذا اشترطت عليه أن تبقى مدرسة، أو أن تبقى طالبة والتزم بهذا الشرط؛ فإنه يجب عليه الوفاء بذلك، ولا يحل له أن يترك الوفاء به، فإن ترك الوفاء به ورغبت في الفسخ، فلها حق الفسخ؛ لأنه لم يف بالشرط.
    وأما ما يتعلق بالخادم، فأنا لا أحبذ جلب الخدم إلا عند الضرورة، فإذا كان هناك ضرورة فلا بأس أن يأتي بالخادم، ولكن يلاحظ أنه لا بد من حضور محرمها معها؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لا تسافر امرأة إلا مع ذي محرم) فإذا قال صاحب البيت: ماذا أصنع بمحرمها؟ ليس عندي له شغل؟ قلنا: من الممكن أن يخدمك في البيت بشراء الحوائج اليومية أو غير ذلك، ومن الممكن أن تدعه حتى هو بنفسه يتكسب ويحصل خيراً لك وله، المهم ألا تأتي بخادم إلا ومعها محرم.

    (12/18)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم رقص النساء مع استعمال الطبول


    السؤال
    ما حكم رقص النساء على الغناء مع الدفوف أو مع الطبول في الزواج، إذا كن بمحضر النساء فقط، وهن يدعين أنهن في هذه الحال لا يسمعن كلمات الغناء، وهن لا يرقصن عليها، فهل هذا حلال أم حرام، خصوصاً وأن الرقص أحياناً يصحبه لباس إما مشقوق من الأسفل أو فك للشعور وغير ذلك؟ وما حكم رقص المرأة أمام زوجها؟

    الجواب
    جاء في السؤال ذكر الطبول، والطبل لا يجوز استعماله في النكاح، وإنما يستعمل الدف، وفرق العلماء بين الطبل والدف، بأن الدف مختوم من جانب واحد، والطبل من الجانبين، وإنما منع الطبل دون الدف، لأن رنة الطبل أشد إيقاعاً من رنة الدف، والمعازف كلما كان أقل منها تأثيراً فهو أولى، فإذا أبيح الدف في النكاح، فإننا لا نرتقي إلى ما هو أكثر تأثيراً منه، والطبل أكثر تأثيراً من الدف.
    أما ما يتعلق بالرقص على ضرب الدف، فإنه بلغنا أنه يحصل منه فتنة، ولو كان بين النساء، وذلك أن بعض النساء تكون امرأة رشيقة خفيفة جميلة، فإذا قامت ترقص حصل بها فتنة حتى مع النساء، وحدثنا عن أشياء من هذا، لذلك لا نفتي بجواز الرقص ولو أمام النساء.
    أما رقص المرأة أمام زوجها وليس عندهما أحد فلا بأس به؛ لأن ذلك ربما يكون أدعى لرغبة الزوج فيها، وكل ما كان أدعى لرغبة الزوج فيها فإنه مطلوب ما لم يكن محرماً بعينه، ولهذا يسن للمرأة أن تتجمل لزوجها، كما يسن للزوج أيضاً أن يتجمل لزوجته كما تتجمل له.

    (12/19)


    --------------------------------------------------------------------------------

    تخفيف المهور وحكم إجبار المرأة على الزواج


    السؤال
    ما هو الحل الناجح لتخفيف غلاء المهور، وهل يحق لولي المرأة أن يجبرها على زواج من لا ترغب فيه؟ وهل يحق لها فسخ النكاح لو أجبرها؟

    الجواب
    أما الأولى وهي الطريقة لتخفيف المهور، فهذا يحتاج إلى علاج من المسئولين من كبراء البلد، وأغنياء البلد، ويحتاج إلى وقت طويل لكني أخبركم أن في الناس -ولله الحمد- من يكفيه القليل من المهر، ولقد عقدت مرة نكاحاً لرجل، فلما أردت أن أقول يا فلان زوج الرجل، قل زوجتك بنتي، قال: زوجتك بنتي على مهر ريال، فقلت له: هذا لا يجوز لأنه كذب؛ لأني سمعت أن بعض العوام يرسل المهر مائة ألف ريال مثلاً، وعند العقد يقول زوجتك على مهر ريال، والمهر حقيقة مائة ألف ريال، فقلت: هذا لا فائدة فيه، المهر هو ما دفعه الزوج؛ ليس هو الريال الذي يكون عليه العقد، هذا من البدع، قال: لا، أنا أقول لك قولاً حقاً، المهر ريال واحد، قلت: أصحيح؟! قال: نعم، فسألت الزوج: هل هذا صحيح؟ قال: نعم، والباقي على أبي الزوجة، هو الذي تكفل بجميع مؤونة الزواج من فرش وغرفة نوم وغيرها، واكتفى بالمهر ريالاً واحداً لكن هل يكفي الريال مهراً؟ الجواب: نعم يكفي، لقد قال النبي عليه الصلاة والسلام لرجل: (التمس ولو خاتماً من حديد) .
    وقال الفقهاء: كل ما صح أن يكون ثمناً أو أجرة فإنه يصح أن يكون مهراً؛ لقوله تعالى: (فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ} [النساء:24] فعلى كل حال تقليل المهور يحتاج إلى عمل كبير من اجتماع الوجهاء وكبار البلد، حتى يتعاونوا على البر والتقوى.
    وهل للولي أن يجبر ابنته على النكاح؟ الجواب: لا.
    ليس للولي لا الأب ولا غير الأب أن يجبر ابنته على النكاح، لقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (لا تنكح البكر حتى تستأذن، ولا تنكح الأيم حتى تستأمر) وفي رواية لـ مسلم: (البكر يستأمرها أبوها) فنص على البكر ونص على الأب.
    فلا يجوز أن يزوج الأب ابنته بغير رضاها، ولا أخته ولا أي امرأة له عليها ولاية، إلا برضاها، فإن أجبرها فالنكاح غير صحيح.
    ولا يحل للزوج أن يدخل عليها وهي مجبرة عليه؛ لأن النكاح غير صحيح.
    وهل لها أن تفسخ العقد؟ إذا قلنا: إن النكاح غير صحيح، فلا بد من فسخه؛ لأنه لم يصح، لكن لو فرضنا أن المرأة دخلت على الرجل، وأعجبها الرجل وأجازت العقد فإن ذلك لا بأس به، ويكون النكاح صحيحاً بناءً على إجازتها.

    (12/20)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم الاقتراض من البنوك الربوية للزواج وغيره


    السؤال
    هل يحل للشاب العاجز عن تكاليف الزواج أن يقترض من بنوك ربوية، أو من بنك التسليف، أو يطرق باب فلان وفلان، ليعين نفسه على العفاف؟

    الجواب
    لا يحل للشاب أن يستقرض من البنوك الربوية ليتزوج، وذلك لأن الربا محرم، ومن كبائر الذنوب، وملعون فاعله، وربما لا يبارك الله له في هذا الزواج، ولا يحل له أيضاً أن يستجدي الناس، ويذهب إلى البيوت يقرعها: أعطوني أعطوني، بل قد قال الله عز وجل: {وَلْيَسْتَعْفِفْ الَّذِينَ لا يَجِدُونَ نِكَاحاً حَتَّى يُغْنِيَهُمْ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ} [النور:33] فنقول له تعفف واصبر حتى يغنيك الله من فضله، وانتظر الفرج من الله.
    ولهذا لم يرشد النبي صلى الله عليه وسلم الرجل الذي قال: لا أجد خاتماً من حديد، لم يقل استقرض من إخوانك، ولم يقل اسأل الناس، بل قال لما قال: لا أجد ولا خاتماً من حديد قال: (زوجتكها بما معك من القرآن) .

    (12/21)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم ضرب الدف للرجال


    السؤال
    فضيلة الشيخ: ذكرت أنه يشرع استعمال الدف في العرس مع الأغاني النزيهة ولم يتبين هل هي للنساء أم للرجال، السؤال: هل يجوز للرجال اللعب بالدف أو بغيره لكن بالتصفيق وضرب الأرجل على الأرض ونحو ذلك؟

    الجواب
    العلماء يقولون: إن الدف مشروع للنساء، والاقتصار على النساء أولى؛ لأنه لو فتح الباب للرجال فربما يحصل في هذا شر كثير، فلهذا نرى ما قاله أهل العلم في هذه المسألة وأنه يقتصر فيه على النساء فقط.

    (12/22)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم (الزغردة) في الأفراح


    السؤال
    فضيلة الشيخ: ما حكم ما يسمى (بالزغردة) في الحفل وقد يسمعها الرجال؟

    الجواب
    على كل حال الحكم على شيء بناء على تصوره، لكني أقول: أقصد في مشيك، واغضض من صوتك، إن أنكر الأصوات لصوت الحمير، فإن كان الأمر كما وصفتم أو قربتم لي، فهو أقرب إلى صوت الحمير من صوت النساء.
    إذا كان حولهن رجال يحصل به فتنة، وإذا لم يكن حولهن رجال فأنا أشك في جوازه.

    (12/23)


    --------------------------------------------------------------------------------

    الغسل من الجنابة والحيض


    السؤال
    فضيلة الشيخ: قرأت في جريدة هذا السؤال: هل هناك بأس إذا جعلت المرأة غسل الجنابة والطهر من الحيض غسلاً واحداً، فكانت الإجابة: أنه ليس هناك بأس، ولكن يكره الجماع بعد الطهر مباشرة فهل هذا الجواب صحيح أم لا؟

    الجواب
    إذا صار على المرأة جنابة وهي حائض، فإن الأفضل أن تغتسل من الجنابة، ولا يجب الاغتسال لأنها لا تصلي وهي حائض، والغسل إنما يجب للصلاة لكن الأفضل أن تغتسل لتتمكن من قراءة القرآن؛ لأن من عليها الجنابة لا تقرأ القرآن، وكذلك الرجل إذا كان عليه الجنابة لا يقرأ القرآن.
    والحائض تقرأ من القرآن ما تحتاج إلى قراءته، وعلى هذا فيسن لها أن تغتسل من الجنابة، فإن أخرت ذلك وجعلت غسلها من الحيض عن الحيض وعن الجنابة فلا بأس، ولكن لا يحل لزوجها أن يجامعها حتى تغتسل من الحيض، لقول الله تبارك وتعالى: {وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ} [البقرة:222] أي اغتسلن: {فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمْ اللَّهُ} [البقرة:222] .
    والدليل على أن التطهر هو الغسل قوله تعالى: {وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا} [المائدة:6] وقد أخطأ من قال إن المراد به غسل الفرج عن دم الحيض؛ لأن الله قال: {حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ} [البقرة:222] يعني اغتسلن.

    (12/24)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم من ابتلي بالوسوسة بخروج الغازات


    السؤال
    فضيلة الشيخ! شاب ابتلي بالغازات الكثيرة حتى إنه يتوضأ للصلاة عدة مرات، ويعيد الصلاة كذلك، حتى أصبح لا يدري هل هي غازات أم أوهام، فما نصيحتك له وما توجيهك فهو لا يقتنع بوضوئه، بل ربما جعل أحداً يقف عنده يتابعه في الوضوء والصلاة حتى أصبح ليله ونهاره في مشقة من أمره، ضيَّق على نفسه وعلى أهله، نرجو بسط الجواب ومتى ينصرف الإنسان من صلاته، ومتى يعيدها، وكيف يتغلب الإنسان على هذه البلوى نفع الله بكم؟

    الجواب
    أقول: اسأل الله لهذا الرجل الشفاء والعافية، سبب هذا الذي أصابه الوساوس، يتخيل الإنسان أنه أحدث بأي حركة في دبره أو في ذكره، فتجده إذا أحس بهذا الوهم، ذهب يُعصِّر ذكره لينظر هل يخرج شيء أم لا، ومعلوم أنه لو فعل ذلك سوف يخرج شيء، تجده مثلاً يعرق فيقول: إنه خرج شيء من دبره، وهو يعلم أنه عرق لم يصبه شيء، فلا يزال به الوهم حتى يتأكد في بعض الأحيان أنه أحدث وليس بمحدث.
    ولهذا نقول لهذا الأخ الذي نسأل الله له العافية أن يعرض عن هذا كله، ويتجنب هذا كله، وإذا عزم على نفسه وتركه أعانه الله، وأنا أعلم أنه لو عزم على نفسه سيكون منقبضاً وسيبقى مضطرباً؛ لأن نفسه تقول له: صليت بغير وضوء، أحدثت في الصلاة وما أشبه ذلك، ولكن إذا عود نفسه وعزم على نفسه، فإنه بعد ذلك سوف يشفى من هذا إن شاء الله، فنسأل الله لنا وله الشفاء من كل داء، وأن يطهر قلوبنا وأبداننا إنه على كل شيء قدير.

    (12/25)


    --------------------------------------------------------------------------------

    واجب الأمة نحو قضايا المسلمين


    السؤال
    يتألم القلب وتدمع العين ويتكدر الخاطر وهو يرى أمة الإسلام بهذا الذل والهوان، مئات الآلاف من المسلمين يبادون في البوسنة والهرسك، ونحن في أفراحنا ولهونا، بل والعالم الإسلامي كله إن سمعت له مذياعاً أو شاهدت له جريدة أو غيرها، لم تجد إلا الشجب والتنديد والاستنكار إن أجاد، سواء في وسائله أو غيره، وأفراحهم قائمة كأنهم لا يتأثرون، أفلا يسألنا الله عن هذا وعن دورنا علماء ومصلحين، ونحن نخشى من الإثم فما نصيحتك لأمة الإسلام بأسرها التي نسأل الله أن يبلغها ما تقول جزاكم الله خير الجزاء؟

    الجواب
    ما ذكره السائل فهو محنة على الأمة الإسلامية، والإنسان أحياناً يفكر ويقول: كيف يطيب لي أن أشرب هذا الماء الزلال البارد وإخواننا في البوسنة والهرسك يشربون من المياه القذرة، من المياه التي تجري من البول والغائط، يتألم الإنسان تألماً عظيماً، ولكن ما حيلة الإنسان؟ الشعوب ليس لهم حيلة.
    والقائمون على الشعوب كثير منهم ليس عندهم مبالاة، أهم شيء أن يبقى على كرسيه وليس له أي شأن، وإلا ففي ظني أن الحكومات الإسلامية لو استعانت بالله عز وجل وقاطعت الأمة النصرانية مقاطعة تامة في كل شيء حتى ترجع عن غيها وعدوانها وظلمها؛ لكان في هذا خير كثير، ولا يخفى على كثير منا ما حصل من مقاطعة في البترول منذ سنوات مضت وخلت كيف انصاعت الدول إلى أن رضخت وجاءت على ما نريد أو على بعض ما نريد.
    فالواجب على الأمة الإسلامية القادرة على إزالة هذه المحنة عن البوسنة والهرسك وغيرها من بلاد الإسلام حتى الجمهوريات الإسلامية التي انفكت ممن الاتحاد السوفيتي فيها أيضاً من البلاء والحروب والتضييق على المسلمين ما لا يعلمه إلا الله، ثم أيضاً بلاد أخرى كثيرة مبتلاة بهذا الشيء، فنسأل الله سبحانه وتعالى أن يجمع كلمة المسلمين على الحق، وأن ينصرهم على عدوهم وأن يعرفنا بأعدائنا حقيقة، وأن كل إنسان على غير الإسلام فهو عدو للمسلمين مهما كان.
    اللهم اختم لنا مقامنا هذا بقبول الدعاء، اللهم انصر الإسلام والمسلمين في كل مكان، اللهم انصر إخواننا في البوسنة والهرسك وغيرها من بلاد الإسلام والمسلمين على أعدائهم.
    اللهم سلط على أعدائهم، واجعل بأسهم بينهم يا رب العالمين.
    اللهم اجمع كلمة المسلمين على الحق، اللهم هب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب.
    اللهم صلِّ وسلم على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

    (12/26)


    --------------------------------------------------------------------------------
    وأخيراً أسأل الله عز وجل أن يجعل هذا العمل نافعاً، مباركاً، خالصاً لوجهه الكريم
    وأن ينفعني به في حياتي وبعد مماتي، وأن ينفع به كل من انتهى إليه؛ فإنه خير مسؤول، وأكرم مأمول، وهو حسبنا ونعم الوكيل، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد بن عبد الله وعلى آله وأصحابه ومن تبعه بإحسان إلى يوم الدين.

    حياكم الله بموقع بداية الهداية الخطوة إلى طريق العلم الشرعي الصحيح
    http://www.musacentral.com/

  4. #24
    تاريخ التسجيل
    Mar 2009
    المشاركات
    2,459
    الدين
    الإسلام
    آخر نشاط
    01-11-2023
    على الساعة
    04:37 PM

    افتراضي

    اللقاء الشهري

    اللقاء الشهري [13]
    اهتم الإسلام بتقوية الروابط الأخوية بين أفراده وشجعها ورغب فيها، وكان للسلام والمصافحة والتقبيل والمعانقة دور كبير في نشر الألفة والمحبة، وفي هذا اللقاء توضيح وبيان الأحكام الشرعية المتعلقة بالسلام وآدابه، وعرّج على أحكام المصافحة والتقبيل والمعانقة وضوابطها الشرعية وآدابها، ثم أجاب عن أسئلة الناس في أمور كثيرة.

    (13/1)


    --------------------------------------------------------------------------------

    مسائل في السلام
    الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على نبينا محمد خاتم النبيين وإمام المتقين، وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
    أما بعد: فإنه يسرنا في هذه الليلة ليلة الأحد السابع عشر من شهر ربيع الثاني، أربعة عشر وأربعمائة وألف أن نلتقي بكم لقاء هذا الشهر، ونعتذر عن فوات اللقاء في الشهر السابق؛ لأنه لم يتيسر فقد كنا مسافرين.
    في هذه الليلة كنت أريد أن أستمر في تفسير سورة: (ق) ولكن رأيت أن يكون موضوع اللقاء هو: السلام وآدابه، والمصافحة، وتقبيل الرأس أو الجبهة أو ما أشبه ذلك؛ لأن ذلك من الأمور المهمة.
    فنقول: السلام: اسم من أسماء الله، كما قال الله تعالى في آخر سورة الحشر، وكما سمعتموها في قراءة صلاة العشاء الليلة: {الْقُدُّوسُ السَّلامُ} [الحشر:23] ومعنى السلام الذي هو اسم من أسماء الله معناه، السالم من كل نقص وعيب، فهو حي لا يموت وهو حي قيوم لا تأخذه سنة ولا نوم، وهو عالم بما مضى وما يستقبل: {لا يَضِلُّ رَبِّي وَلا يَنسَى} [طه:52] وهو قوي عزيز قادر: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعْجِزَهُ مِنْ شَيْءٍ فِي السَّمَوَاتِ وَلا فِي الأَرْضِ} [فاطر:44] {وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُغُوبٍ} [ق:38] {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ وَلَمْ يَعْيَ بِخَلْقِهِنَّ} [الأحقاف:33] والآيات والأحاديث في هذا المعنى كثيرة، أن الله منزه عن كل عيب، ومن العيب أن يكون مماثلاً للمخلوق؛ لأن المخلوق ناقص فلو جعلنا الله مثل المخلوق لكان ذلك نقصاً وعيباً، قال الله تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ} [الشورى:11] وقال تعالى: {وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ} [الإخلاص:4] وقال تعالى: {هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيّاً} [مريم:65] معنى سمياً: أي نظيراً ومشابهاً.
    إذاً: السلام من أسماء الله ومعناه: السالم من كل عيب ونقص.

    (13/2)


    --------------------------------------------------------------------------------

    معنى قول المسلم: (السلام عليك)
    هل معنى قول المُسلِّم: السلام عليك، الله عليك؟ أو معناه: رحمة السلام عليك؟ لا.
    معنى قول المسلِّم: السلام عليكم، معناه: الدعاء بالسلامة أن يسلمك الله من السوء في دينك ودنياك، في نفسك وأهلك، في بيتك ومالك، سلامة في كل شيء، هذا هو المعنى الذي يبدأ به الإنسان أخاه عند ملاقاته، السلام عليك، أي: أنك تدعو الله أن يسلمه من كل آفة وبلاء، ومن كل سوء ومكروه، وهذا هو معنى السلام مع ما يتضمنه من التحية والترحيب والانبساط إلى الشخص، ولهذا إذا لاقاك إنسان ولم يسلم عليك صار في نفسك عليه شيء، لكن إذا سلم زال ما في نفسك وعرفت أنه أخوك، وأنه يحبك وعلى هذا فمعنى السلام عليك، أي: أسأل الله لك السلامة، من كل آفة في دينك ودنياك وفي أهلك ومالك، ومجتمعك، وفي كل شيء.

    (13/3)


    --------------------------------------------------------------------------------

    لفظ السلام المختار
    ثم إن اللفظ المختار، أن يقول الإنسان: السلام عليك، وهو أفضل من أن تقول: سلام عليك؛ وذلك لأنه معرف (محلى بأل) وسلام نكرة والمعرَّف أكمل من النكرة، ولهذا قال العلماء: تعريف السلام أفضل من تنكيره.
    ثم هل تقول: عليك أو عليكم؟ تقول: عليك بالإفراد إن كنت تسلم على واحد، وإن كنت تسلم على جماعة فقل: عليكم، على أن بعض أهل العلم يقول، تقول السلام عليكم ولو كان واحداً؛ لأنه ما من إنسان إلا ومعه ملكان عن اليمين وعن الشمال، فإذا قلت: السلام عليكم؛ فأنت تريد بهذا الجمع المسلم عليه من البشر ومن معه من الملائكة، عن اليمين وعن الشمال قعيد، لكن الإفراد هو الذي جاءت به السنة، السلام عليك إذا كان واحداً، وإذا كانوا جماعة: السلام عليكم.

    (13/4)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم السلام
    فحكمه سنة مؤكدة، ما لم يكن تركه هجراً، فإن كان تركه هجراً كان واجباً.
    ومتى يكون تركه هجراً؟

    الجواب
    يكون تركه هجراً إذا زاد على ثلاثة أيام، تلاقي أخاك ولا تسلم عليه، فإن هذا حرام: (لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث، يلتقيان فيعرض هذا ويعرض هذا، وخيرهما الذي يبدأ بالسلام) هكذا قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم.

    (13/5)


    --------------------------------------------------------------------------------

    أجر السلام وفوائده
    أما أجر السلام فقد بينه الرسول عليه الصلاة والسلام أن في قول القائل السلام عليك، عشر حسنات، حسنات تجدها أحوج ما تكون إليها في يوم القيامة، ثم هذه الحسنات تكسب القلب زيادة في الإيمان؛ فكل حسنة يفعلها الإنسان مخلصاً لله فيها متبعاً لرسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فإن إيمانه يزداد بها: {وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْواهُمْ} [محمد:17] .
    ثم في السلام -أيضاً- سبب لدخول الجنة التي يريد كل إنسان الوصول إليها، ودليل ذلك قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (والله لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا، أولا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السلام بينكم) أي: أظهروا السلام بينكم، فإفشاء السلام من أسباب المودة، والمودة من كمال الإيمان، والإيمان يدخل الجنة.
    إذاً: ففائدته عظيمة، مع الحسنات العشر ومع التآلف بين الناس والمحبة، أنه سبب لدخول الجنة.

    (13/6)


    --------------------------------------------------------------------------------

    جواب السلام
    الصيغة المشروعة هي كما قلت: السلام عليك.
    وأما

    الجواب
    فإذا سلمت على شخص فلا بد في الجواب أن يكون مثل الابتداء، لقول الله تعالى: {وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا} [النساء:86] حيوا بأحسن منها: هذا الأكمل، أو ردوها: هذا الواجب، فإذا قلت: السلام عليك، يعني: أنك تدعو لصاحبك بالسلامة، فهل يكفي في الرد أن يقول: أهلاً ومرحباً، ننظر هل إذا قال: أهلاً ومرحباً، هل هو دعا لك بالسلامة؟ لا.
    وإنما هو ترحيب فقط، فلو قال ألف مرة: أهلاً ومرحباً، فإنه لا يجزئ عن الواجب، ويكون الراد الذي يقتصر على قوله: أهلاً ومرحباً آثماً، إذا كان يعلم أن هذا الرد لا يكفي، قل: عليك السلام ثم رحب بما شئت، ولهذا جاء في الحديث الصحيح، حين عرج برسول الله صلى الله عليه وسلم إلى السماوات كلما سلم على واحد في السماء رد عليه السلام، وقال: مرحباً بالنبي الصالح والأخ الصالح؛ إلا آدم وإبراهيم فإنهما قالا: مرحباً بالنبي الصالح والابن الصالح، وعلى كل حال الحديث فيه: (فرد السلام وقال: مرحباً) .
    فدل ذلك على أن قول الإنسان في الجواب: مرحباً، أو أهلاً، أو حياك الله، أو ما أشبه ذلك ليس برد، وأن الإنسان لم تبرأ ذمته، لابد أن يقول: عليك السلام، ثم يهل ويرحب بما شاء.
    ومن العجب أن هذه الصيغة المحمدية النبوية (السلام عليك، عليك السلام) تكاد تفقد في مكالمات الهاتف، فإنك إذا اتصلت بصاحبك ورفع السماعة، ماذا تقول؟ تقول: هالو، هالو، ومعناها: مرحباً أو أهلاً أو ما أشبه ذلك، قل: السلام عليك، ليرد عليك فيقول: عليك السلام، وإذا قلت هذا نلت عشر حسنات، وهو إذا رد ينال أيضاً عشر حسنات، أرأيت لو أن بعض الناس قيل له، كلما قلت: السلام عليك نعطيك ريالاً واحداً، فإنه يسلم على كل أحد يلقاه، الصغير والكبير، وربما يتوهم العمود إنساناً فيسلم عليه؛ لأنه يريد أن يأخذ ريالاً، لكن هذه عشر حسنات مدخرة في يوم تكون أنت أحوج ما تكون إليها.

    (13/7)


    --------------------------------------------------------------------------------

    من الذي يبدأ بالسلام
    ثم إن السلام يكون على الترتيب التالي: من الصغير على الكبير، ومن الراكب على الماشي، ومن الماشي على القاعد -هكذا جاء في الحديث- ويكون من القليل على الكثير، فإذا تلاقى اثنان مع ثلاثة فالاثنان هما المطالبان بالسلام أولاً.
    وإذا تلاقى رجل له ثلاثون سنة وآخر له أربعون سنة فالمطالب بالسلام من له ثلاثون سنة.
    وإذا تلاقى راكب وماش فالمطالب بالسلام الراكب.
    ولكن إذا لم يقم المطالب بما يطلب منه من السلام، فهل الآخر يترك السلام؟ لا.
    ولهذا كان رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم يبدأ من لقيه بالسلام ولو كان أصغر منه، فلا تقل: هو الذي عليه السلام فأنا لا أسلم، فإذا كان هو لا يعلم السنة، أو متهاوناً بها أو متهاوناً بك فابدأه أنت بالسلام؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (خيرهما الذي يبدأ بالسلام) ولا تحقرن من المعروف شيئاً.

    (13/8)


    --------------------------------------------------------------------------------

    المصافحة بعد السلام
    ثم إن المشروع في السلام عند الملاقاة: المصافحة، وقد جاء في الحديث: (أن الرجلين إذا التقيا فتصافحا؛ فإن ذنوبهما تحاث كما تحات ورقة الشجر منها) لأن المصافحة تجلب المودة، فمن السنة عند الملاقاة المصافحة، ولكن ليس من السنة ما صار بعض الناس اليوم يفعله، إذا قابلته أخذ برأسك ولم يصافحك، هذا لا شك أنه خلاف السنة، ولم أعلم أحداً من أهل العلم قال: إنه يسن الأخذ بالرأس، وإنما قالوا: يصافح باليد، ثم إن كان الرجل أهلاً لأن يقبل رأسه أو جبهته كالأب والأخ الكبير وما أشبه ذلك فليقبل رأسه أو جبهته، أما أن يقبل رأسه حين يلقاه ولا يصافح، فهذا خلاف السنة، لكن نقول: صافح أولاً، ثم إذا كان الإنسان أهلاً أن يقبل رأسه أو جبهته فليقبل.

    (13/9)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم السلام على المشغول
    ثم إن السلام لا ينبغي أن يلقى إلى شخص متشاغل، بحيث يشوش عليه، فإذا رأينا أن شخصاً يقرأ القرآن يتحفظه، يتدبره ويغلب على الظن أو نجزم بأننا إذا سلمنا عليه شوشنا عليه، فالسنة ألا نسلم؛ لأن ذلك يشغله إلا إذا رأيناه متهيئاً ينظر إلينا يريد أن نسلم فحينئذ نسلم؛ لأن ترك السلام عليه حينئذ يحدث في قلبه شيئاً.
    وأما من يصلي فإن الصحابة رضي الله عنهم كانوا يسلمون على النبي صلى الله عليه وسلم وهو يصلي، لكن لا ترد باللفظ، بل رد بالإشارة، أي: ارفع يدك هكذا، حتى يتبين له أنك رددت عليه، ثم إن بقي حتى تسلم من الصلاة فرد عليه باللفظ وإن انصرف كفت الإشارة؛ لأن الإنسان المصلي ممنوع من كلام الآدميين، والممنوع شرعاً كالمحروم حساً، ولهذا يكون رد الأخرس بالإشارة؛ لأنه محروم من الكلام لا يستطيعه، فالمصلي أيضاً ممنوع من الكلام لا يجوز له أن يرد السلام لأنه من كلام الآدميين وكلام الآدميين في الصلاة محرم، ولكن ما تقولون: لو أن رجلاً سلمنا عليه وهو يصلي فسها ورد السلام، قال: عليك السلام، أتبطل صلاته؟

    الجواب
    لا.
    لا تبطل صلاته؛ لقول الله تبارك وتعالى: {رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا} [البقرة:286] وهذا عام وهذه الآية خذوها قاعدة من الله عز وجل: كل عمل محرم فعلته خطأً أو نسياناً، فإنه معفو عنه، لا تؤاخذ به ولا يبطل العبادة، ولا يترتب عليه كفارة؛ لأن الإنسان معذور، بل قد ورد العذر بالجهل في الكلام، والجهل أخو النسيان، فقد ورد العذر بالجهل في الكلام في قصة معاوية بن الحكم رضي الله عنه، عندما دخل مع النبي صلى الله عليه وسلم وهو يصلي فعطس رجل من القوم، فقال الحمد لله، فقال معاوية بن الحكم: يرحمك الله -فجملة يرحمك الله كلام آدمي تبطل الصلاة- فرماه الناس بأبصارهم -أي: جعلوا ينظرون إليه بأبصارهم منكرين عليه- فقال: واثكل أمياه -وهي كلمة يؤتى بها للتحسر- فجعلوا يضربون على أفخاذهم يسكتونه فسكت، فلما انصرف من صلاته دعاه النبي صلى الله عليه وسلم، قال معاوية: فبأبي هو وأمي والله ما كهرني ولا ضربني ولا شتمني وإنما قال: إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الناس، إنما هي التسبيح والتكبير وقراءة القرآن) أو كما قال، ولم يأمره بالإعادة، ولو كان الكلام في حال الجهل مبطلاً للصلاة لأمره بإعادة الصلاة، كما أمر الرجل الذي دخل وصلى وهو لا يطمئن في صلاته أمره أن يعيد الصلاة، فنقول: إذا سلمت على شخص وهو يصلي، وسها فرد عليك فصلاته صحيحة، ولا تبطل لأنه ساهٍ، وقد قال الله تعالى: {رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا} [البقرة:286] .

    (13/10)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم السلام على المبتدع والكافر والفاسق
    ومن مباحث السلام، هل نسلم على المبتدع؟ هل نسلم على الفاسق؟ هل نسلم على الكافر؟ الأول: هل نسلم على المبتدع؟

    الجواب
    في ذلك تفصيل: إن كانت البدعة مكفرة؛ فإنه لا يسلم عليه، لأن الكافر لا يجوز أن تسلم عليه، وإن كانت لا تبلغ الكفر، كما لو كان مبتدعاً في بعض الأذكار التي لا تخرج من الملة، وما أشبه ذلك، فإنه ينظر إن كان في ترك السلام عليه مصلحة وجب أن نترك السلام عليه.
    كيف تكون مصلحة في ترك السلام؟ نعم.
    ليعرف أنه إنما هجر لأنه مبتدع؛ فيرتدع عن بدعته ويتوب، فهنا يجب أن نهجره لحصول توبته، وإن كان لا يزداد بالهجر إلا مفسدة وإقداماً على البدعة، ودعوة إليها فإننا لا نهجره؛ لأنه مسلم ولا يجوز هجر المسلم لغير مصلحة شرعية.
    الثاني: الفاسق: كأن يكون هذا الرجل معروفاً بأكل الربا، أو يكون هذا الرجل معروفاً بعقوق الوالدين، أو معروفاً بالتساهل في الصلاة لكنه يصلي فهذا فاسق، هل نسلم عليه أم لا؟ نقول فيه ما قلنا في صاحب البدعة غير المكفرة، وهو إنه إذا كان هجرنا إياه يؤدي إلى صلاح حاله هجرناه، وإن كان لا يؤدي إلى صلاح حاله لم نهجره؛ لأنه مؤمن، لكنه مؤمن ناقص الإيمان، فإذا رأينا هذا الرجل، الذي نعرف أنه منهمك في أكل الربا، فإن كان بهجرنا إياه يرتدع عن أكل الربا، هجرناه فلا نسلم عليه، ولا نجيب دعوته إذا دعانا ولا ندعوه نحن إلى وليمة، لأننا إذا فعلنا به ذلك ارتدع، وهل لهذا أصل (أعني هجر العاصي) ؟ الجواب: نعم.
    له أصل، وأصله أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج إلى غزوة تبوك في السنة التاسعة، في فصل الصيف حين طابت الثمار، أي: أنه في أشد ما يكون من الحر، ولهذا تخلف المنافقون عنه، وتخلف من الرجال المؤمنين حقاً ثلاثة وهم: كعب بن مالك، والثاني: هلال بن أمية، والثالث: مرارة بن الربيع، تخلفوا عن الغزوة مع أنهم قادرون، وليس لهم عذر، فلما قدم النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة جاء المعذرون من الأعراب، وجاء المنافقون يحلفون بأنهم معذورون، فكان النبي صلى الله عليه وسلم يستغفر الله لهم ويكل سرائرهم إلى الله.
    أما كعب بن مالك، فأخبر بالصدق وقال: إنه تخلف لغير عذر، وإنه في هذه الغزوة يملك بعيرين، ولكنه -رضي الله عنه- كان صريحاً، فقال له النبي عليه الصلاة والسلام: اذهب فسوف يقضي الله فيك ما شاء، ثم أمر النبي صلى الله عليه وسلم بهجر هؤلاء الثلاثة، فهجرهم الناس، هجرهم النبي صلى الله عليه وسلم، يقول كعب: كنت آتي فأسلم على النبي صلى الله عليه وسلم فأقول: هل حرك شفتيه برد السلام أم لا.
    مع أنه أحسن الناس خلقاً.
    فهذا أصل في هجر الفاسق، وهم لا شك أنهم تابوا فتاب الله عليهم، وأنزل فيهم آيات تتلى إلى يوم القيامة، يقرءها الناس في صلاتهم، وفي خلواتهم ولكننا نقول: هجر العاصي جائز، إذا كان في ذلك مصلحة بحيث يرتدع، أما إذا كان في ذلك مفسدة بحيث يزداد فسقه، ويقول: ما هؤلاء (المطاوعة) لا يسلمون علينا؟ فلا يهمنا أمرهم.
    وما أشبه ذلك من الكلام الذي يدل على أنه متمرد، فهنا لا نهجره، لأنه مؤمن، والأصل تحريم هجر المؤمن إلا لمصلحة.
    أما الكافر فهل نسلم على الكافر؟ لا.
    لا نسلم عليه أبداً لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا تبدءوا اليهود والنصارى بالسلام، وإذا لقيتموهم في طريق فاضطروهم إلى أضيقه) مع أن اليهود والنصارى هم خير الكفار، والكفار كلهم لا خير فيهم، لكن لهم أحكام خاصة بهم، ولهذا تحل نساؤهم وتحل ذبائحهم، ويُقرُّون على دينهم بالجزية، وغيرهم لا تحل نساؤهم، ولا تحل ذبائحهم، ولا يقرون على دينهم بالجزية عند أكثر أهل العلم.
    إذا كان الرسول صلى الله عليه وسلم نهى أن نبدأ اليهود والنصارى بالسلام، فغيرهم من البوذيين والمجوس والوثنيين والشيوعيين من باب أولى، ولهذا لا يجوز أن تسلم على يهودي أو نصراني أو غيرهما من الكفار، حتى لو دخلت عليهم في مجالسهم لا نسلم امتثالاً لأمر النبي صلى الله عليه وسلم: {مَنْ يُطِعْ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ} [النساء:80] .
    ولكن إذا سلموا هل أرد عليهم السلام؟ نقول: نعم ترد عليهم السلام؛ لأن الله يأمر بالعدل والإحسان، وليس من العدل إذا سلم عليك أحد ألا ترد عليه، ولهذا كان من محاسن دين الإسلام أنهم -أي: الكفار- إذا سلموا علينا رددنا عليهم السلام، ولكن كيف نرد؟ نرد إذا صرحوا بالسلام علينا، وقالوا: السلام عليكم، قلنا: عليكم السلام، أما إذا كان غير صريح وغير واضح، فنقول: وعليكم، ولا نقول: السلام؛ لأن اليهود كانوا في المدينة مع الرسول عليه الصلاة والسلام فيمرون بالنبي صلى الله عليه وسلم فيقولون: السام عليك يا محمد! -ومعنى السام: الموت- فكانوا لا يوضحون توضيحاً كاملاً، فما يقولون: السام عليكم، يجعلونها بين اللام وبين عدمها، فقال النبي عليه الصلاة والسلام: (إن اليهود إذا سلموا عليكم يقولون: السام عليكم؛ فقولوا: وعليكم) .
    ومر يهودي بالنبي صلى الله عليه وسلم وعنده أم المؤمنين عائشة فقال: السام عليك يا محمد فقالت عائشة: عليك السام واللعنة، يعني: عليك الموت وعليك أيضاً زيادة {وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا} [النساء:86] فهذا حيا بتحية سيئة فحيي بأسوأ منها فنهاها النبي صلى الله عليه وسلم وقال لها: (إن الله رفيق يحب الرفق في الأمر كله، قالت: ألم تسمع ما قالوا؟ قال: قد قلت: وعليكم) إذا سلم عليكم أهل الكتاب فقولوا: وعليكم، فمن باب الفضل حيوا بأحسن منها، ولكن من باب العدل لا تحيوا بأسوأ منها، بل تقولوا: وعليكم، وبهذا يحصل الرد الواجب إن كانوا قد قالوا: السام عليكم فهو عليهم، وإن كانوا قد قالوا: السلام عليكم فهو لهم، فإذا صرحوا وقالوا: السلام عليكم كما يوجد الآن في كثير من الأعاجم، من الهنود وغيرهم يقول: السلام عليكم وهو كافر، فماذا تقول؟ لك أن تقول: عليك السلام؛ لأن الإسلام ميزان قسط وعدل، تقول: عليك السلام ولا حرج عليك في هذا.
    وأخيراً أسأل الله عز وجل أن يجعل هذا العمل نافعاً، مباركاً، خالصاً لوجهه الكريم
    وأن ينفعني به في حياتي وبعد مماتي، وأن ينفع به كل من انتهى إليه؛ فإنه خير مسؤول، وأكرم مأمول، وهو حسبنا ونعم الوكيل، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد بن عبد الله وعلى آله وأصحابه ومن تبعه بإحسان إلى يوم الدين.

    حياكم الله بموقع بداية الهداية الخطوة إلى طريق العلم الشرعي الصحيح
    http://www.musacentral.com/

  5. #25
    تاريخ التسجيل
    Mar 2009
    المشاركات
    2,459
    الدين
    الإسلام
    آخر نشاط
    01-11-2023
    على الساعة
    04:37 PM

    افتراضي

    رد السلام بالأمثل
    ومن الأمور التي تجب ملاحظتها في السلام: أن ترد بالمثل كماً وكيفاً، أي: في الكمية وفي الكيفية، فإذا قال المسلِّم: السلام عليك ورحمة الله، ف

    الجواب
    عليك السلام ورحمة الله، إذا قال: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، فالجواب: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
    فإذا قال: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ومغفرته ورضوانه وخيراته، اقتصرت على وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته؛ لأن هذا ما جاءت به السنة، وهذا باعتبار الكمية، يعني: أعطه من الجمل مثل ما أعطاك.
    وأما باعتبار الكيفية فإنه يسلم بعض الناس بالكلام الواضح الصريح برفع صوته؛ فيجيء الراد يرد عليه بأنفه، أي: يتكلم بكلام ربما لا يسمع، فهل يجزئ هذا الرد أو لا يجزئ؟ هذا لا يجزئ؛ لأن هذا أنقص في الكيفية من السلام، والله يقول: {فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا} [النساء:86] .
    ولهذا تجد المسلم يكون في نفسه شيء من أخيه، ويعتب عليه، يقول له: لماذا أسلم عليك بلسان فصيح صريح وأنت تسلم علي بأدنى أنفك؟ فهذا أيضاً من المسائل التي يجب التنبه لها.

    (13/12)


    --------------------------------------------------------------------------------

    مسائل أخرى متعلقة بالسلام
    إذا دخلت على جماعة وفيهم كفار ومسلمون فهل تسلم أم لا تسلم؟ نقول: سلم؛ لكن انوِ بالسلام المسلمين؛ لأن الكفار لا يجوز ابتداؤهم بالسلام.
    إذا دخلت مجلساً وفيهم رجل كبير لعلمه أو فضله أو ما أشبه ذلك، وسلمت وأنت تقصد هذا العالم ورد غيره، هل تبرأ ذمة هذا العالم الذي نعلم أن المسلِّم إنما قصده هو بالسلام؟

    الجواب
    لا.
    ولهذا إذا دخل الإنسان وسلم وأنا أعلم أنه إنما يريد العالم قلنا للعالم: لا بد أن ترد، إن رد غيرك فإنه لا يجزئ؛ لأننا نعلم أن مراد هذا الداخل بالسلام السلام على هذا العالم قبل كل شيء.
    فهذه جمل من المسائل في السلام، وفي النهاية أوصيكم أن تفشوا السلام بينكم.
    أفشوا السلام بينكم، لا يمر أحد بأحد إلا ويسلم عليه، لتزرعوا المودة بينكم ويزداد بذلك إيمانكم، ويكون هذا سبباً لدخولكم الجنة، وهو من مكارم الأخلاق ومن محاسن الأعمال، وفقنا الله وإياكم لذلك، وجعلنا وإياكم ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه.
    والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وإلى الأسئلة.

    (13/13)


    --------------------------------------------------------------------------------

    الأسئلة

    (13/14)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم السلام في دورة المياه


    السؤال
    فضيلة الشيخ: بعد هذا الكلام عن السلام، نريد أن نعرف طريقة رد السلام على من سلم علينا ونحن في دورة المياه، وماذا نفعل؟

    الجواب
    أولاً: الذي في دورة المياه لا يسلم عليه حتى يخرج؛ لكن لو فرض أنه سلم فهنا لا طريق إلى رد السلام؛ لأنه إن أشار لم يره، وإن نطق فلا ينبغي أن يدعو الله تعالى في مثل هذا المحل، بل ينتظر حتى يخرج فإن كان صاحبه قد بقي رد عليه السلام، وإلا سقط عنه الرد؛ لأنه سلم عليه في حال لا يمكن أن يرد عليه.

    (13/15)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم السلام والمصافحة للنساء


    السؤال
    فضيلة الشيخ: ما هدي الإسلام بالنسبة لرد السلام على المرأة وهل تسلم المرأة؟ وهل يفرق بين المرأة الصغيرة والمرأة الكبيرة التي لا يخشى منها الفتنة؟ وما حكم المصافحة وتقبيل الرأس لهن، أي: العجائز؟

    الجواب
    الرجل لا يسلم على المرأة والمرأة لا تسلم على الرجل؛ لأن هذا فتنة، اللهم إلا عند المكالمة الهاتفية، فتسلم المرأة أو الرجل بقدر الحاجة فقط، أو إذا كانت المرأة من معارفه؛ مثل أن يدخل بيته فيجد فيه امرأة يعرفها وتعرفه فيسلم وهذا لا بأس به، أما أن يسلم على امرأة لقيته في السوق، فهذا من أعظم الفتنة فلا يسلم.
    وأما تقبيل المحارم فتقبيلهن على الرأس والجبهة لا بأس به، وتقبيلهن على الخد لا بأس به من مثل الأب؛ لأن أبا بكر الصديق رضي الله عنه دخل على ابنته عائشة رضي الله عنها وهي مريضة فقبل خدها، فهذا لا بأس به، أما إذا كان من غير البنت فإنه يكون التقبيل على الجبهة وعلى الرأس.
    أما مصافحة المرأة غير ذات المحرم، فإنها حرام؛ لأن مصافحتها أبلغ في حصول الفتنة من مشاهدتها.
    أما تقبيل رأس العجائز من ذوات المحارم فلا بأس به، ومن غير ذوات المحارم فلا تقبلها.
    وهل يجوز تقبيل رأس زوجة أبيه؟ نعم يجوز؛ لأنها من محارمه.
    وهل يجوز أن يصافح بنت زوجته؟ هذا فيه تفصيل: إن كان قد دخل بأمها فيصافحها إن أمن الفتنة وإلا فلا.
    كيف يكون لها بنت ولم يدخل بها؟ تكون البنت، من شخص سابق ويكون هو قد عقد عليها، ولكن لم يدخل بها، أي: لم يجامعها، وحينئذ لا تكون هذه البنت محرماً له.

    (13/16)


    --------------------------------------------------------------------------------

    كيفية مصافحة الجمع الذي فيه رجل كبير


    السؤال
    فضيلة الشيخ: إذا لقيت جماعة وأردت السلام عليهم ومصافحتهم، وكان من بين هؤلاء شيخ كبير أو صاحب قدر ومكانة في وسط القوم هل أبدأ به بالسلام أو أبدأ من اليمين، ثم إذا سلمت عليه، هل أستمر بالسلام من على يمينه أو يميني؟

    الجواب
    هذه المسألة تخفى على بعض الناس، إذا لقيت أحداً أو دخلت مكاناً، فابدأ بالأكبر، سواء بالمصافحة أو بتقديم الشاي أو القهوة، أو ما أشبه ذلك، وبعض الناس يبدأ باليمين ولو كان أصغر، وهذا خلاف السنة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان بيده سواك، وكان أمامه رجلان فأراد أن يناوله الأصغر فقال له: كبِّر كبِّر.
    وهذا بخلاف ما إذا كان على يمينه صغير وعلى يساره كبير، وهو جالس بينهما فإنه يقدم اليمين ولو كان صغيراً، وعلى هذا فإذا دخل المجلس بدأ بالكبير، ثم إذا أعطاه فإنه يبدأ بمن على يمينه (يمين المعطي) لا من على يمين الكبير، مثلاً: دخل الإنسان بالشاي على هذا المجلس فأعطى الكبير، من يعطي بعده؟ يبدأ بيمينه هو حتى يتم الأيمن ثم يأتي على اليسار، وعلى كل حال فالناس يوقر بعضهم بعضاً، فإذا رأوا الكبير لا يستحق أن يعطى الأول لكونه على اليسار فإنهم دائماً يقدمونه على أنفسهم.

    (13/17)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم القيام للداخل


    السؤال
    فضيلة الشيخ: ما حكم القيام للداخل، سواء كان الداخل يحب أن يقام له أو لا، فإن بعض الناس إذا لم تقم له يرى ذلك استنقاصاً له؛ لأنها عادة عندهم وليس كبراً منه؟

    الجواب
    القيام للداخل خلاف عمل الصحابة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإن الصحابة كانوا لا يقومون إذا دخل النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأنهم يعلمون أنه يكره ذلك.
    لكن إذا اعتاد الناس القيام وصار في ترك القيام مفسدة، وحمل قلب الداخل على من في المجلس، فلا بأس أن يقوم الإنسان، وقد وفد وفد ثقيف إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقام لهم، وقد قال العلماء رحمهم الله: هناك قيام إلى الشخص وقيام للشخص، وقيام على الشخص، فهي تختلف باختلاف حرف الجر: الأول قيام إليه، والثاني قيام له، والثالث قيام عليه، أما القيام إليه فإنه سنة، إذا كان الذي قمت إليه أهلاً لذلك، مثل أن يدخل رجل فتقوم وتقابله وتصافحه وتسلم عليه، فهذا سنة لمن كان أهلاً، ودليل ذلك قصة سعد بن معاذ رضي الله عنه حين قدم من المدينة إلى بني قريظة فلما أقبل قال النبي صلى الله عليه وسلم: (قوموا إلى صاحبكم) .
    وأما القيام له فهو الذي سمعتم أن الأولى عدم اعتياد الناس له، وأن الإنسان إذا دخل فإنه يجلس حيث ينتهي المجلس، لكن إذا اعتاده الناس وكان في تركه شيء من المفسدة أو حمل القلوب على الداخل فليقم ولا بأس.
    الثالث: القيام عليه، فهذا منهي عنه نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم؛ حتى إنه لما صلى ذات يوم جالساً، وقام الناس وراءه يصلون قياماً أشار إليهم أن اجلسوا، وقال: (لا تفعلوا كما تفعل الأعاجم على ملوكها) أي: لا تقوموا على إنسان إلا إذا كان في ذلك مصلحة للمسلمين، وإغاظة للمشركين، فإن هذا لا بأس به كما حصل من المغيرة بن شعبة في غزوة الحديبية، حين كان قائماً على رأس النبي صلى الله عليه وسلم ومعه السيف، والنبي صلى الله عليه وسلم يفاوض رسل المشركين، فهذا لا شك أنه خير؛ لأن فيه إعزازاً للمسلمين وإذلالاً للمشركين.
    ومثل ذلك إذا قيم على الرجل خوفاً عليه فيكون في هذا حراسة، فهذا أيضاً لا بأس به، أما إذا قيم على رأسه تعظيماً له، فإن هذا لا يجوز.

    (13/18)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم المعانقة وصفتها


    السؤال
    فضيلة الشيخ: متى تكون المعانقة وما صفتها؟ وهل تكون عند توديع المسافر؟ وهل هي مشروعة؟

    الجواب
    المعانقة معناها في الأصل: التقاء العنقين؛ فهي مأخوذة من العنق، وهو أن يختلف عنق هذا وهذا، وهي من الأمور التي يتبع فيها العرف، إذا كان فيها جلب مودة فلتفعل وإلا فلا، وقد اعتاد الناس اليوم أنهم يتعانقون عند اللقاء بعد الأسفار، ويتعانقون أيضاً عند الوداع في الأسفار، فهي من الأمور التي تكون حسب العادة.

    (13/19)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم تنكير السلام


    السؤال
    فضيلة الشيخ: ذكرتم وفقكم الله أن السلام المعرف بأل أفضل؟ فماذا نقول في قول الله تعالى في سلام الملائكة على أهل الجنة وقد ورد بالتنكير: {تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلامٌ} [الأحزاب:44] وكذلك: {سَلامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ} [الرعد:24] ؟

    الجواب
    أما الأول: {تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلامٌ} [الأحزاب:44] فليس معناه أنهم يقال لهم سلام، بل المعنى أنها تحية يكون فيها السلام، وأنه يبين لهم أنهم سالمون من كل نقص ومن كل عيب.
    وأما قوله تعالى: {وَالْمَلائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ * سَلامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ} [الرعد:23-24] فإنه يدل على الجواز، وهناك فرق بين أن نقول: الأفضل التعريف مع جواز التنكير، أو أن نقول: الواجب التعريف مع امتناع التنكير، فالتنكير جائز، لكن الأفضل التعريف للوجه الذي ذكرناه سابقاً.

    (13/20)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم تركيب أجهزة استقبال البث المباشر (الدشوش)


    السؤال
    ما رأي فضيلتكم في أمر خطير ومنكر صار يسري في البيوت وانتشر وقل المنكر عليه، وضعف التذكير، ويخشى له من مزيد ألا وهي: أجهزة استقبال البث المباشر، وهي الدشوش التي صار الناس يتبارون في اقتنائها وشرائها وتركيبها، بل أصبح الإنسان يراها تزداد يوماً إثر يوم، بل صار بعض أولئك الذين يركبونها يفتخرون بأنهم ركبوا ما يزيد على أربعمائة جهاز، ونحو ذلك، فهل من توجيه وهل من تذكير سواء في هذا المجلس أو في غيره؛ لعل الله أن ينفع بكم وجزاكم الله خيراً؟

    الجواب
    هذا السؤال حصل جوابه سابقاً بما كتبته من فتوى، وبما كتبه سماحة الشيخ المفتي العام بـ المملكة العربية السعودية عبد العزيز بن عبد الله بن باز، وبيان خطره، وأن الذي يقتنيه قد أضاع نفسه وأضاع أهله؛ لأنه ينشر فيه حسب ما سمعنا من المنكرات ما لا يمكن لأي إنسان أن يدفعه إلا بتجنب هذه الدشوش، ولكننا قد بشرنا بخير من جهة المسئولين، وأنها سوف يقضى عليها لكن بعد أن يعمل ما يمنع من البث الذي يحصل فيه الشر؛ لأنه من الممكن حسب ما سمعنا أن تجعل محطة كبيرة تتلقى ما يرد من الأقمار الصناعية، ولا يبث منها إلا ما كان لا خطر فيه.
    وعلى كل حال فإني أقول لهؤلاء الذين يكونون سبباً لجيرانهم في تلقي ما ينشر من البلاء؛ أقول: إنهم سوف يحملون إثم هؤلاء الذي أخذوا من هذه الدشوش، بمعنى أن الإنسان قد يكون نائماً في فراشه، دون تشغيل تلفازه لكن جيرانه الذين يلتقطون الصور من دشه، فسوف يعاقب إذا كانوا يشاهدون ما كان محرماً كما هو الغالب في هذه الدشوش، ولن ينقص ذلك من أوزارهم شيئاً.
    فنصيحتي لإخواني أن يقاطعوا هذه الدشوش، وإذا كانوا قد ركبوها فعليهم أن يتوبوا إلى الله عز وجل وأن يتلفوها، وأن يعلموا أن الإنسان ما خلق ليكون كالبهيمة يتمتع ببطنه وفرجه كما تتمتع الأنعام، فإن هذا من خصال الكفار: {وَالَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الأَنْعَامُ وَالنَّارُ مَثْوًى لَهُمْ} [محمد:12] إنما خلق الإنسان لأمر عظيم، لعبادة الله عز وجل وما يقيم هذه العبادة من الأعمال التي تكون مساندة ومساعدة لعبادته لله عز وجل.

    (13/21)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم بقاء أخي الزوج منفرداً مع زوجة أخيه


    السؤال
    فضيلة الشيخ: أنا متزوج ولله الحمد ولي أخوان متزوجان أيضاً، كل منا في بيت وبيننا ألفة شديدة وود كبير حتى إنه مع كل واحد منا مفتاح بيت الآخر، ينام بعضنا عند بعض إذا احتجنا لذلك، ونجلس جميعاً أنا وزوجتي وأولادي وأخي على مائدة واحدة، وعلى هذا جرت عادتنا وأنا أخرج من البيت أحياناً في حال وجود أخي في بيتي وزوجتي فيه وأخي في المجلس وزوجتي داخل البيت، وأنا واثق تمام الثقة من أخي وزوجتي، ولكن لي أخت متدينة وهي دائماً تؤنبني على هذا الفعل وتقول: أنه قد يحصل ما لا يحمد عقباه، والشيطان موجود، وما خلا رجل بامرأة إلا كان الشيطان ثالثهما، وأنا دائماً أزجرها عن قولها، وأغضب عليها إذا قالت مثل ذلك وأقول لها: لا تكوني سبباً في الفرقة بيني وبين إخوتي، وهذه طباع قد عرفناها منذ زمن ولم يحدث شيء مما تتكلمين عنه، وزوجتي أعرفها وأخواي كذلك، ولكنها لا تنزجر، فهل في هذا الفعل شيء؟ وإن كان ليس فيه شيء أرجو أن تنصح هؤلاء المتشددين من الناس في الدين بلا علم؟ وجزاك الله خيراً.


    الجواب
    هذا السؤال كما سمعتم فيه أشياء طيبة وهي: أن هؤلاء الإخوة وإن كانوا متفرقين في البيوت فكأنهم في بيت واحد؛ لأن كل واحد منهم معه مفتاح بيت الآخر، وهذا يدل على الثقة التامة والمودة التامة، وهذا طيب ويشكرون عليه، لكن كون أحدهم يخرج من البيت وفيه أخوه وليس في البيت إلا زوجته هذا لا يجوز وهو حرام؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إياكم والدخول على النساء) وإياكم، معناها: التحذير: (قالوا: يا رسول الله! أرأيت الحمو؟ قال: الحمو الموت) الحمو قريب الزوج.
    فهل هو جائز أن يبقى في البيت مع المرأة؟ أو أنه حرام؟ لنسأل: هل الموت مرغوب؟ لا.
    الإنسان يفر من الموت، إذاً: فر من هذا القريب كما تفر من الموت، وذلك لأن القريب أشد خطراً من البعيد، الأجنبي قد يهاب أن يأتي إلى البيت ويدخل، لكن القريب لا يهاب ولا يستغرب ولا يستنكر.
    فلذلك نقول: إن الصواب مع هذه الأخت التي تنهاهم عن هذا العمل ولكن قد يقول: إذا كنت أنا في عملي وأخي ليس عنده عمل، وأخي في بيتي فماذا أصنع؟ نقول: قل له: يا أخي أنا سأتوجه إلى عملي فتفضل، والله لا يستحي من الحق، فتفضل أو أغلق باباً بين المجلس وبين البيت الذي فيه امرأتك، فإذا خرجت يكون مفتاحه معك.
    وكم من قصة نسأل عنها حول هذا الموضوع، قصة لا أحب أن أذكرها الآن لأننا ننزه مجلسنا هذا عن مثله، في خلو أخي الزوج بامرأة أخيه مما يترتب عليه أمور عظيمة، قد لا يكون هذا في أول أسبوع أو أول شهر، لكن على المدى البعيد الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم، فأقول لهذا الأخ السائل: يجب عليك الآن أحد أمرين: إما أن تخرج أخاك معك إذا خرجت، وإما أن تجعل بين المجلس الذي هو فيه وبين البيت باباً مغلقاً يكون مفتاحه معك.

    (13/22)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم إزالة شعر اليدين والفخذين للمرأة من قبل امرأة


    السؤال
    فضيلة الشيخ: امرأة تسأل تقول: توجد امرأة وهي ثقة لدينا وتأتي عندنا في المنزل إذا طلبناها، فتقوم بإزالة الشعر من اليدين والفخذين، فهل يجوز لها أن ترى مني الفخذين، وخصوصاً أني سمعت لك شريطاً وهو بعنوان نصائح عامة تقول فيه: لا يجوز للمرأة أن ترى عورة المرأة، فهل هذه الحالة من الضرورة؟

    الجواب
    هذه الحال ليست من الضرورة؛ لأن إزالة شعر الفخذين والساقين في حلها نظر؛ لأن الشعر من خلق الله، وتغيير خلق الله في غير ما أذن الله فيه من وحي الشيطان، قال الله تعالى عن الشيطان: {وَلآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ} [النساء:119] والشعر من خلق الله، فلا يزال إلا فيما شرعت إزالته كالعانة والإبط والشارب بالنسبة للرجل، فهذا يزال، أما شعر الساقين والفخذين فإنه لا يزال، لكن لو كان الشعر كثيراً في المرأة بحيث يكون ساقاها كساق الرجل فلا بأس أن تزيله، أما الأفخاذ إذا كثر فيها الشعر، فلا تزيله امرأة أخرى بل تزيله المرأة صاحبة هذا الشعر؛ لأنه لا حاجة إلى الاستعانة بامرأة ثانية، فهنا الآن وسائل لإزالة الشعر من دهن أو غيره بمجرد ما يمسح به الشعر يزول، فيستعمل هذا لكن بشرط أن يراجع في ذلك الطبيب.
    والخلاصة أن الشعر الذي لم يؤمر بإزالته فلا يزال إلا إذا كثر بالنسبة للمرأة، وصار كشعر الرجال فلها أن تزيله، ولا حاجة إلى أن تستعين بامرأة لإزالته؛ لأن المزيلات الآن موجودة وبسهوله فليس لها حاجة أن تستعين بامرأة أخرى.

    (13/23)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم من يقول: الخير في التحية


    السؤال
    فضيلة الشيخ: نسمع من بعض الناس أحياناً عند سلامهم يقولون: الله بالخير، ثم يرد عليه الآخر: مرحباً، فهل قول: الله بالخير حرام أم حلال، وأعتقد أن قوله: الله بالخير اختصار للقول: مساكم الله بالخير؟

    الجواب
    نعم هذا الاعتقاد الذي قاله السائل هو الظاهر، فالإنسان الذي يقول: الله بالخير، يقصد: صبحك الله بالخير، لكن نقول للذي قال: الله بالخير، وحذف الجملة الفعلية نقول: يا أخي! ما الذي يضرك إذا قلت صبحك الله بالخير؟ أيتعبك ذلك؟ لا.
    إذن قل: صبحك الله بالخير.
    ولكن إذا قال: صبحك الله بالخير، وقال الثاني: أهلاً ومرحباً، هل يكفي ذلك؟ لا؛ لأن صبحك الله بالخير دعاء، وأهلاً ومرحباً ترحيب فقط، ومع ذلك تقول للأول قولك: صبحك الله بالخير لم تأت بالسنة في إلقاء السلام.
    قل: السلام عليكم وصبحك الله بالخير، إذا شئت.

    (13/24)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم إبقاء الصور للاستعمال المستقبلي


    السؤال
    فضيلة الشيخ: اضطررت مرة إلى السفر إلى خارج المملكة، وطلب مني التصوير لجواز السفر، فقمت بذلك ولم أجد إلا محل تصوير للرجال فتصورت للضرورة، وبقيت معي صورة من الصور التي أخذتها، فخفت إن أتلفتها أن أحتاج إليها مرة أخرى، فأضطر إلى الكشف للرجال مرة أخرى كذلك، فأبقيتها وأخشى من إبقائها الآن أن أحرم من دخول الملائكة بيتي، فماذا أفعل؟ أفتونا مأجورين.


    الجواب
    نقول: إن إبقائها خير من إتلافها، وهي إذا بقيت مغطاة في وسط الشنطة، أو في أقصى الدولاب فإنها ليست ظاهرة وبينة ومعلنة، وهي إذا أتلفتها قد تضطر في المستقبل إلى أن يصورها الرجال مرة ثانية، وتخسر أيضاً زيادة دراهم، فإبقاؤها أولى، وكذلك أيضاً بالنسبة للرجال ربما يصورون للتبعية وما أشبه ذلك عدة صور يحتاجونها في المستقبل، فنقول: لا بأس من اقتنائها للمستقبل.

    (13/25)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم رواية الفكاهات والقصص غير الواقعية


    السؤال
    فضيلة الشيخ: ما رأي فضيلتكم فيما يحصل في مجالس الناس الخاصة والعامة من رواية للفكاهات والقصص بقصد التسلي بها، مع العلم أن هذه المرويات غالباً ما تكون غير واقعية، وغير صحيحة، وحجتهم في ذلك أن السامع لهذه المرويات يعلم أنها غير صحيحة؟

    الجواب
    المرويات والقصص الخيالية التي تنسج من الخيال ولا أصل لها، تدخل في قول النبي صلى الله عليه وسلم: (ويل لمن حدث فكذب ليضحك به القوم، ويل له ثم ويل له) فكررها النبي صلى الله عليه وسلم ثلاث مرات، وهذا يدل على أنه حرام، فمن أتى بقصص خيالية محرمة، أي: ليست واقعية؛ من أجل أن يضحك الناس بذلك فإنه آثم ومتوعد بهذا الوعيد والعياذ بالله: (ويل لمن حدث فكذب ليضحك به القوم، ويل له ثم ويل له) .

    (13/26)


    --------------------------------------------------------------------------------

    الاغتسال للجنابة يجزئ عن الوضوء


    السؤال
    فضيلة الشيخ: اغتسلت للجنابة ولم أتوضأ؛ فهل يجزئ عن الوضوء وأصلي مباشرة؟

    الجواب
    نعم يجوز للإنسان الذي عليه جنابة أن يقتصر على الاغتسال مع المضمضة والاستنشاق؛ لأن الله تعالى قال في القرآن الكريم: {وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا} [المائدة:6] ولم يذكر وضوءاً، وفي صحيح البخاري من حديث عمران بن حصين رضي الله عنه: القصة الطويلة أن رجلاً اعتزل ولم يصل، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: (ما منعك أن تصلي؟ قال: أصابتني جنابة ولا ماء، قال: عليك بالصعيد فإنه يكفيك، ثم حضر الماء فأعطاه النبي صلى الله عليه وسلم الفضلة، وقال: خذ هذا أفرغه على نفسك) ولم يذكر له الوضوء، فدل الكتاب والسنة على أن من عليه الجنابة إذا اغتسل أجزأه عن الوضوء ولا حاجة إلى أن يتوضأ، لكن الأفضل الغسل التام: وهو أن يتوضأ أولاً وضوءاً كاملاً ثم يحثي على رأسه ثلاث حثيات ترويه، ثم يغسل سائر جسده.
    السؤال: هل يؤثر على الغسل أن يمس الإنسان الفرج والقبل بدون شهوة؟ وهل هو ناقض للوضوء إذا توضأ؟ الجواب: هذا لا يؤثر على الغسل ولا على الوضوء؛ لأن مس القبل أو الدبر بغير شهوة لا ينقض الوضوء.

    (13/27)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم حلق اللحية خوفاً من الظلم والسجن


    السؤال
    فضيلة الشيخ: أنا شاب من غير هذه البلاد إن تركت لحيتي وأطلقتها أخشى من الظلم والسجن إذا رجعت إلى بلدي، فماذا أعمل وقد يقال لي: إنني بهذا أكون منافقاً لأنني آتي إلى هذه البلاد فأتركها ثم أذهب إلى تلك البلاد فأحلقها، فماذا أصنع وهل يجوز لي تركها، وهل هي سنة لي أن أعمل بها ولي أن أتركها أرجو الإفادة؟

    الجواب
    حلق اللحية محرم ولا يحل للإنسان أن يحلقها؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (خالفوا المجوس، وفروا اللحى وحفوا الشوارب) والإنسان إذا أعفى لحيته في هذا البلد، ثم رجع إلى بلده معفياً لها، فإنه قد اتقى الله: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً} [الطلاق:2] {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْراً} [الطلاق:4] ونحن نشاهد أناساً من إخواننا يذهبون إلى البلاد التي يشير إليها السائل، وهم قد أطلقوا لحاهم ويرجعون ولم يصابوا بأذىً؛ لأن الله يقول: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ} [الطلاق:2-3] .

    (13/28)


    --------------------------------------------------------------------------------
    وأخيراً أسأل الله عز وجل أن يجعل هذا العمل نافعاً، مباركاً، خالصاً لوجهه الكريم
    وأن ينفعني به في حياتي وبعد مماتي، وأن ينفع به كل من انتهى إليه؛ فإنه خير مسؤول، وأكرم مأمول، وهو حسبنا ونعم الوكيل، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد بن عبد الله وعلى آله وأصحابه ومن تبعه بإحسان إلى يوم الدين.

    حياكم الله بموقع بداية الهداية الخطوة إلى طريق العلم الشرعي الصحيح
    http://www.musacentral.com/

  6. #26
    تاريخ التسجيل
    Mar 2009
    المشاركات
    2,459
    الدين
    الإسلام
    آخر نشاط
    01-11-2023
    على الساعة
    04:37 PM

    افتراضي

    اللقاء الشهري

    اللقاء الشهري [14]
    في ظلال تفسير سورة (ق) كان للشيخ وقفة مباركة تطرق فيها إلى المواضيع التي تحدثت عنها الآيات، والتي كان من أهمها: رزق الله للعباد مؤمنهم وكافرهم، وبعْث الله لمن في القبور قياساً على إحياء الأرض بعد موتها بإنزال الماء، ثم أجاب الشيخ عن الأسئلة المتفرقة التي تنفع الناس.

    (14/1)


    --------------------------------------------------------------------------------

    في ظلال تفسير سورة (ق)
    الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
    أما بعد: فهذا هو اللقاء الشهري الذي يتم في الأحد الثالث من كل شهر، وهو في ليلتنا هذه يوافق الليلة السادسة عشرة من شهر جمادى الأولى، عام أربعة عشر وأربعمائة وألف، نسأل الله تعالى أن يكثر هذه اللقاءات مع أهل العلم ومع عامة الناس؛ لأن فيها فوائد جمة منها: اكتساب العلم؛ فإن هذه اللقاءات بين العلماء سواء في هذه البلدة أو في غيرها يستفيد منها الحاضرون علماً جماً بحسب ما عند الملتقى به.
    ومنها: أن الناس يجتمعون هذا الاجتماع المبارك؛ ليتآلفوا بينهم ويجتمعوا على الحق، ويدخلوا في عموم الأدلة الدالة على فضل الاجتماع على حلق الذكر.
    ومنها: أنه قد يكون عند الإنسان أشياء مشكلة، في نفسه، إما في عقيدته، وإما في عبادته، وإما في أخلاقه، وإما في معاملته، وإما في عامة المجتمع، وإما في مجتمعات أبعد وأوسع، فيلقي ما في نفسه في مثل هذه اللقاءات حتى تنحل عنه تلك الإشكالات الكثيرة التي قد تختلج في صدره.
    ومنها: أن الناس يكتسبون علوماً ينفعون بها غيرهم، فإن العلم أبرك بكثير من المال، العلم إذا أبلغته رجلاً من الناس ولو مسألة واحدة فانتفع بها ثم نفع بها غيره، ثم الثاني نفع ثالثاً، والثالث رابعاً، وهلم جرا حصل من هذا خير كثير، ويحصل للإنسان أن يكون ممن قال فيهم الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم (إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له) ولا تظن أن قوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (علم ينتفع به) يختص بالعلماء الراسخين في العلم، الواسعين في الاطلاع، الثاقبين في الفهم، لا.
    حتى لو أنك بلغت آية من كتاب الله أو حديثاً عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وانتفع الناس به بعد موتك فإنه يحصل لك أجر ذلك.
    قال النبي صلى الله عليه وسلم: (بلغوا عني ولو آية) وكان لقاؤنا في هذا المسجد (الجامع الكبير في عنيزة) نتتبع فيه التفسير، وابتدأنا فيه بسورة: (ق) لأنها أول المفصل، حيث قال العلماء: إنه ينبغي للإنسان في صلاته أن يقرأ منه، ففي الفجر يقرأ من طواله، وفي المغرب من قصاره، وفي الباقي من أوساطه، وطواله من (ق) إلى (عم) وقصاره من (الضحى) إلى آخر القرآن، وأوساطه ما بين ذلك، وذلك من أجل أن يكون الناس إذا سمعوا هذه التلاوة من أئمتهم في الصلاة يعرفون شيئاً من معناها، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء، ولكن مع ذلك يأس أن نلقي شيئاً تدعو الحاجة إلى إلقائه بدلاً عن هذا التفسير، مثل أن يحدث شيء يهم الناس معرفته.
    وهذه الليلة سيكون نصيبنا مع تفسير شيء من سورة (ق) ، وتكلما فيما سبق إلى قوله تعالى: {وَالنَّخْلَ بَاسِقَاتٍ لَهَا طَلْعٌ نَضِيدٌ} [ق:10] حسبما كلمني فيه الإخوان أننا وصلنا إلى هذا الجزء من السورة.
    وهذه الآية: {وَالنَّخْلَ بَاسِقَاتٍ لَهَا طَلْعٌ نَضِيدٌ} [ق:10] معطوفة على قوله تعالى: {فَأَنْبَتْنَا بِهِ جَنَّاتٍ وَحَبَّ الْحَصِيدِ} [ق:9] .
    يعني: وأنبتنا به النخل باسقات، أي: عاليات: {لَهَا طَلْعٌ نَضِيدٌ} [ق:10] أي: منضود بحيث يكون متراكباً بعضه إلى جنب بعض على أحسن صورة وأحكمها؛ يكون مرتبطاً بهذا الشمراخ إلى أن يحين وقت أكله، فإذا حان وقت أكله سهل جداً أن يتناوله الإنسان بدون أن يتأثر هذا الرطب أو هذا التمر.
    {رِزْقاً لِلْعِبَادِ} [ق:11] أي: جعلنا ذلك لرزق العباد؛ لأن العباد محتاجون إلى رزق الله سبحانه وتعالى.
    وفي الحديث القدسي حديث أبي ذر الغفاري الذي رواه النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم عن ربه أنه سبحانه وتعالى قال: (يا عبادي! كلكم جائع إلا من أطعمته، فاستطعموني أطعمكم) كل العباد جائعون، من يستطيع أن يخرج حبة من الأرض؟ من يستطيع أن يخرج تمرة أو ثمرة من شجرة؟ لا يستطيع ذلك أحد.
    إذاً: الذي أخرج لنا هذه الثمرات هو الله عز وجل: {أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَحْرُثُونَ * أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ} [الواقعة:63-64] بل أنت يا ربنا الزراع، والله لو بذرنا في الأرض كل حب، وسقيناه بكل ماء، وخدمناه بكل طعم، ما استطعنا أن نخرج حبة واحدة منه، ولكن الله تعالى برحمته وقدرته هو الذي يخرجها: {أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ * لَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَاهُ حُطَاماً فَظَلَلْتُمْ تَتَفَكَّهُونَ} [الواقعة:64-65] أي: لو شاء الله عز وجل لجعله حطاماً بعد أن يخرج ويبرز ويطيب، يرسل الله عليه آفة من السماء فتحطمه، بعد أن تتعلق قلوبنا ونفوسنا به يحطمه الله عز وجل ولكن من رحمته جل وعلا وقدرته أن ينميه ويغذيه لنا حتى يطيب أكله ويسهل علينا ذلك.
    يقول: {رِزْقاً لِلْعِبَادِ} [ق:11] إذاً: ما نجده من ثمار النخيل وغيرها من الأشجار، وما نحصده من الزروع كله رزق من الله لعباد الله عز وجل وقوله تعالى: {رِزْقاً لِلْعِبَادِ} [ق:11] هل المراد عباد الرحمن المطيعون لأمره أم جميع العباد؟ المراد جميع العباد ولهذا نجد هذه النخلات وطلعها موجوداً عند أكفر عباد الله؛ لأنه ما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها، ولكني أقول لكم: ما يأكله الكفار من ثمرة، وما يرفعون إلى أفواههم من لقمة، وما يتجرعونه من شربة ماء فكله يأثمون به، ويعاقبون عليه يوم القيامة، والدليل على هذا قول الله تبارك وتعالى: {قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنْ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ} [الأعراف:32] .
    إذاً هي لغير الذين آمنوا ليست حلالاً في الدنيا ولا خالصة يوم القيامة، ولكنها حرام عليهم وهم معاقبون عليها يوم القيامة.
    وقال تعالى: {لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا} [المائدة:93] إذاً: من لم يؤمن هل عليه جناح فيما طعم؟ نعم.
    عليه جناح فيما طعم؛ لأن الله يقول: {لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا} [المائدة:93] إذاً: الذين لم يؤمنوا ولم يعملوا الصالحات عليهم جناح فيما طعموا؛ ويوم القيامة يحاسبون ويعاقبون عليه، وهذا كما أنه ثابت بدلالة السمع فهو أيضاً ثابت بدلالة العقل، إذ كيف تتمتع بنعمة الله وأنت تبارزه بالعصيان؟ ما الذي يحلل لك أن تتمتع بنعمه وأنت تكفر به؟ ولهذا قال تعالى: {وَالَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الأَنْعَامُ وَالنَّارُ مَثْوًى لَهُمْ} [محمد:12] وبهذا نعرف قدر نعمة الله علينا بدين الإسلام، نسأل الله أن يتمها علينا إلى أن نلقاه آمين آمين.
    هؤلاء الكفار ما رفعوا من لقمة ولا تجرعوا من شربة إلا وهم آثمون عليه يوم القيامة يحاسبون به، وما لبسوا من ثوب إلا وهم محاسبون عليه يوم القيامة ويعاقبون على ذلك.
    فلا تظنوا أن الجنة التي كتبت لهم في هذه الدنيا أنها ستكون يوم القيامة وروداً بل ستكون عذاباً عليهم يوم القيامة، بخلاف المؤمن؛ فالمؤمن هي له في الدنيا خالصة يوم القيامة ولله الحمد على ذلك، وقد جاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (إن الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر) كيف نشرح هذا الحديث؟ شرحه أن نقيم الدنيا بالنسبة لنعيم الآخرة سجن، ولذلك إذا مات الإنسان في يومه، فإنه يشاهد الجنة بل قبل أن يدفن، إذا أتته الملائكة تبشره تقول لروحه: (اخرجي أيتها النفس المطمئنة، اخرجي إلى رحمة من الله ورضوان) فتخرج مستبشرة منقادة، يسهل عليها أن تفارق هذا البدن التي سكنت فيه، ما شاء الله أن تسكن؛ لأنها بشرت بما هو خير، فإذا حمل الناس الجنازة على أعناقهم تقول: (قدموني قدموني) يعني: أسرعوا بي حتى أصل إلى النعيم، فإذا دفن الإنسان وأجاب الرسل (الملائكة) الذين يسألونه عن ربه ودينه ونبيه، فتح له باب من الجنة ووسع له القبر مد البصر، وأتاه من نعيم الجنة وروحها ما لا يكون أكبر نعيم في الدنيا عند هذا شيئاً.
    إذاً: الدنيا سجن المؤمن؛ لأنه انحبس فيها عما هو أكبر منها نعيماً وأكبر منها ملكاً، لكنها بالنسبة للكافر جنة؛ لأنه حبس فيها عن عذاب وهوان وغضب، فإذا أتاه أول مبشر عند الاحتضار، يبشر بالعذاب والعياذ بالله، يقال لروحه (اخرجي إلى غضب من الله) فتخرج مكرهة لا تريد الخروج، ثم تقول إذا حملت: (يا ويلها أين تذهبون بها) فإذا نزلت في القبر وجاءتها الرسل الملائكة، ولم تجب الصواب، ضيق عليها القبر حتى تختلف أضلاعه من شدة التضييق ويفتح له باب إلى النار ويأتيه من حرها وسمومها.
    إذاً: الدنيا بالنسبة لهذا العذاب تكون جنة؛ لأنها الراحة، ويذكر أن الحافظ ابن حجر رحمه الله صاحب فتح الباري شرح صحيح البخاري كان قاضي القضاة في مصر، مثل رئيس القضاة عندنا أو وزير العدل (أكبر منصب في القضاء) وكان يركب عربة تجرها البغال من بيته إلى مكان عمله، وهذا أكبر ما عندهم في ذلك الوقت، فمر ذات يوم برجل يهودي زيات -يبيع الزيت- والزيات تعرفون ثيابه دنسة وهو متعب، فلما مر به ابن حجر أوقفه، وقال: إن نبيكم يقول: (الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر) وكيف يكون هذا؟ أنت الآن في نعيم وأنا في عذاب فكيف كانت لي جنة ولك سجناً؟ فقال له ابن حجر: نعم.
    لأن ما أنا فيه من النعيم الآن بالنسبة للنعيم في الآخرة سجن، وما أنت فيه الآن من الشقاء بالنسبة لعذاب الآخرة جنة، فقال اليهودي: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله؛ لأن الواقع انطبق تماماً على حاله وحال ابن حجر

    (14/2)


    --------------------------------------------------------------------------------

    الأسئلة

    (14/3)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حقيقة حساب المؤمن والكافر على ما أنعم الله عليهم في الدنيا


    السؤال
    فضيلة الشيخ: ذكرتم وفقكم الله، أن المسلم لا يحاسب عما يأكل، والكافر يحاسب، والرسول صلى الله عليه وسلم حين أخرجه الجوع ولقي أبا بكر وعمر ثم ذهبوا وأكلوا ذلك الطعام، قال عليه الصلاة والسلام: (لتسألن عن هذا النعيم) فكيف الجمع بين هذا وما قلت؟

    الجواب
    لم نقل: إن المؤمن لا يحاسب، قلنا: إن الكافر عليه عقوبة وإثم، وأما المحاسبة فإن المؤمن يحاسب ولكنه ليس حساب مناقشة، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (من نوقش الحساب هلك -أو قال- عذب) لكنه حساب عرض، وأما قوله تعالى: {ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنْ النَّعِيمِ} [التكاثر:8] أي عن شكر هذا النعيم هل قمتم به أم لم تقوموا به؟ هذا هو معنى الآية الكريمة.

    (14/4)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم قول: قاضي القضاة


    السؤال
    أقرأ كثيراً عن النهي عن قول (قاضي القضاة) مع أنني أقرأ تراجم العلماء وكما ذكرتم عن ابن حجر أنه قاضي القضاة فما التوجيه؟

    الجواب
    يجب أن نعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن أخنع اسم عند الله رجل تسمى ملك الأملاك، لا مالك إلا الله) أخنع اسم، يعني: أوضع اسم عند الله هذا الرجل الذي تسمى؛ إما بتسمية نفسه أو برضاه بهذه التسمية (ملك الأملاك) من الذي يستحق هذا الوصف (ملك الأملاك) ؟ لا يستحقه إلا الله؛ لأنه ما من ملك في الدنيا إلا وفوقه ملك، ويوم القيامة يزول ويتلاشى كل ملك إلا ملك الله عز وجل، فإن هذا أخنع اسم عند الله؛ يضعه الله حيث رفع نفسه.
    وأما قاضي القضاة فقال بعض العلماء: إنه مثل ملك الأملاك، وإذا سلمنا أنه مثله، فإذا قيل: قاضي القضاة في جهة ما، فالمراد قاضي القضاة من هذه الجهة وابن حجر قاضي القضاة في مصر، وليس قاضي القضاة في كل مكان، ولذلك نقول: إذا سلمنا أن قولنا: قاضي القضاة مثل ملك الأملاك، فإن توجيه ما يذكر في بعض تراجم العلماء من قول قاضي القضاء، يعني: قاضي القضاء في هذه الجهة ليس قاضي القضاة في كل مكان، وإنما قلت: إن سلمنا أن يلحق بملك الأملاك؛ لأن ملك الأملاك تعني: السلطة المطلقة والإلزام والقهر، وليست سلطة القاضي وإلزامه وقهره كسلطة الملك، الملك له سلطان نافذ وإمرة، ويرى أن له منزلة فوق الناس، لكن القاضي ليس كذلك، وإن كان القاضي يحكم بالحق ويلزم به، لكن الذي له السلطة المطلقة على من هم تحت رعايته هو الملك، وعلى كل حال، العلماء يقولون كثيراً: فلان قاضي القضاة، يريدون بذلك الجهة التي هو فيها لا مطلق الجهات.

    (14/5)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم لبس الشماغ الأحمر المشابه لشماغ الصابئين


    السؤال
    فضيلة الشيخ: قرأت لأحد العلماء في تفسير قول الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ} [البقرة:62] أن الصابئين هم طائفة من اليهود دخلت العراق واتخذت من الشماغ الأحمر علامة لهم مع تطويل شعرهم حزناً على قتل نبي الله يحيى، فهل يلزم من هذا القول على افتراض صحته، أننا نتشبه بهم في هذا الزي يعني الشماغ؟

    الجواب
    هذه مشكلة لعل أصحاب الدكاكين الذين يبيعون الشماغ لا يسمعون بهذا الكلام.
    الواقع أن الأخبار التي تأتي عن بني إسرائيل لا تصدق ولا تكذب، ولا يؤخذ منها أحكام شرعية، ثم اللباس الأحمر الذي يلبسونه هل هو لباس أحمر خالص أو مخلوط به لون آخر؟ وقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم النهي عن اللباس الأحمر الخالص، وأما الشماغ فهو بحمد الله ليس لباساً أحمر خالصاً، بل نصفه أبيض أو قريباً من ذلك، فلا يدخل في النهي عن اللباس الأحمر، وأما ما ذكره عن الصابئين وأنهم قوم اتخذوا شعارهم اللباس الأحمر، فهذا لا أعرف عنه شيئاً، لكن كما قلت: ما جاء عن بني إسرائيل فإنه لا يصدق ولا يكذب، ولا تؤخذ منه أحكام إلا ما شهد شرعنا بصحته واعتباره.
    وأخيراً أسأل الله عز وجل أن يجعل هذا العمل نافعاً، مباركاً، خالصاً لوجهه الكريم
    وأن ينفعني به في حياتي وبعد مماتي، وأن ينفع به كل من انتهى إليه؛ فإنه خير مسؤول، وأكرم مأمول، وهو حسبنا ونعم الوكيل، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد بن عبد الله وعلى آله وأصحابه ومن تبعه بإحسان إلى يوم الدين.

    حياكم الله بموقع بداية الهداية الخطوة إلى طريق العلم الشرعي الصحيح
    http://www.musacentral.com/

  7. #27
    تاريخ التسجيل
    Mar 2009
    المشاركات
    2,459
    الدين
    الإسلام
    آخر نشاط
    01-11-2023
    على الساعة
    04:37 PM

    افتراضي

    تفسير قوله تعالى: (وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا)


    السؤال
    قول الله تعالى: {وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا} [يوسف:24] في سورة يوسف، ما هو هذا الهم من يوسف عليه الصلاة والسلام؟ وما هو القول الصحيح في ذلك؟ وما معنى قوله: {بُرْهَانَ رَبِّهِ} [يوسف:24] ما المقصود بهذا البرهان؟

    الجواب
    المفسرون رحمهم الله يذكرون تفسير هذه الآية في أشياء غريبة، بعيدة عن دلالة اللفظ، وإذا قرأنا الآية والتي قبلها، وهي قوله تعالى: {وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَنْ نَفْسِهِ وَغَلَّقَتْ الأَبْوَابَ} [يوسف:23] (راودته) أي: حاولت أن يفعل بها ما تريد: {وَغَلَّقَتْ الأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ} [يوسف:23] أي: أقبل، تعال: {قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ} [يوسف:23] أي: أستعيذ بالله: {إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ} [يوسف:23] يعني: الله عز وجل: {إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ} [يوسف:23] يعني: لو فعلت فأنا ظالم والظالم لا يفلح: {وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلا أَنْ رَأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ} [يوسف:24] تصوروا أن رجلاً شاباً غُلِّقت الأبواب بينه وبين الناس وراودته عن نفسه امرأة من أجمل النساء، وهي في نفس الوقت سيدته لها السيطرة عليه، ماذا يكون؟ سوف يكون الهم؛ لأن الإنسان بشر، ولهذا قال: {لَوْلا أَنْ رَأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ} [يوسف:24] فما هو البرهان؟ البرهان ما في قلبه من النور والإيمان الذي حال بينه وبين هذا الذي طلبته المرأة، وهذا يدل على كمال عفته عليه الصلاة والسلام، وعلى كمال تقديم ما يرضي الله على ما يهواه، ولهذا قال النبي عليه الصلاة والسلام: (سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إله ظله، وذكر منهم: ورجل دعته امرأة ذات منصب وجمال، فقال: إني أخاف الله) أن يدعى رجل إلى فعل الفاحشة في مكان لا يطلع عليه إلا الله ثم يقول: إني أخاف الله، هل هذه منقبة أو مثلبة؟ الجواب: منقبة.
    إذاً: هي منقبة ليوسف عليه الصلاة والسلام أن ترك هذا الأمر لله مع قوة الداعي وانتفاء المانع، فلا يوجد ما يمنعه، والداعي في حقه قوي؛ لأنه رجل شاب ومع ذلك ترك هذا لله.
    {لَوْلا أَنْ رَأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ} [يوسف:24] ثم قال تعالى: {كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ} [يوسف:24] الأمر كان كذلك لنصرف عنه السوء والفحشاء إنه من عبادنا المخْلصين، أما قول بعضهم: إنها همت به لفعل الفاحشة وهم أن يضربها فهذا غلط؛ لأنه لو ضربها في هذه الحال، هل يقال: إن الله صرف عنه السوء والفحشاء؟ ضرب هذه المجرمة قد يكون بحق، فعلى كل حال الآية واضحة، وتدل على كمال عفة يوسف عليه الصلاة والسلام، وهذا الذي جرى منه يعتبر منقبة عظيمة له، وقد جعله النبي عليه الصلاة والسلام من الأعمال التي يظل الله بها من عملها يوم لا ظل إلا ظله.

    (14/7)


    --------------------------------------------------------------------------------

    إخراج الجن بالرقية وحكم طالبها


    السؤال
    فضيلة الشيخ: هل القراءة على الإنسان لإخراج الجن تعتبر من الرقية، وهل من طلبها يكون خارجاً من السبعين ألفاً، الذين يدخلون الجنة بغير حساب ولا عذاب؟

    الجواب
    الرقية لإخراج الجن داخلة في قوله تعالى: {وَنُنَزِّلُ مِنْ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ} [الإسراء:82] وقد روى الإمام أحمد رحمه الله في مسنده أن النبي صلى الله عليه وسلم في بعض أسفاره مر بامرأة ومعها صبي لها قد أصيب بالجن، يصرعه الجن فقرأ عليه، وقال له: (اخرج عدو الله إني رسول الله) فخرج الجني وأفاق الصبي وشفي من ذلك.
    وهناك أيضاً وقائع كثيرة جرت للعلماء المخلصين كالإمام أحمد، وشيخ الإسلام ابن تيمية، وغيرهما من أهل العلم.
    وقد ذكر ابن القيم رحمه الله عن شيخ الإسلام ابن تيمية أنه جيء إليه بمصروع قد أصابه الجن، فقرأ عليه فخاطبته الجنية التي في هذا الرجل، فقالت: إني أحبه.
    فقال لها شيخ الإسلام: لكنه لا يحبك.
    فقالت: إني أريد أن أحج به.
    فقال: هو لا يريد أن يحج معكِ.
    فجعل يحاورها وأبت أن تخرج، فجعل يضربها بضرب الرجل المصروع، لكن الضرب يقع في الظاهر على المصروع وهو في الحقيقة على الجنية، حتى يقول: إن يده قد تعبت من الضرب.
    ثم قالت: أنا أخرج كرامة للشيخ -تعني: شيخ الإسلام ابن تيمية - فقال: لا تخرجين كرامة لي، اخرجي طاعة لله ورسوله، فخرجت فأفاق الرجل، فتعجب الرجل: قال: ما الذي جاء بي إلى حضرة الشيخ؟ قالوا: أما أحسست بالضرب الذي كلت منه يد الشيخ؟ قال: والله ما أحسست به؛ لأن الضرب كان يقع على الجنية، فخرجت ولم تعد.
    فالقراءة على الذي أصابه مس من الجن تنفع بإذن الله، ولكن لا ينبغي للإنسان أن يتوهم ويتخيل فكلما أصابه شيء قال هذا جن، وربما لو جاءه زكام قال: هذا جن، هذا غير صحيح، والإنسان إذا تخيل الأشياء صارت حقيقة، بل الآن لو تتخيل الشيء البعيد يتحرك وهو ساكن قلت: هذا يتحرك.
    الآن بعض الناس قبل أن يفرش المسجد بهذا الفرش، (كان قبل ذلك مفروشاً بمدات فيها زركشة) فجاء إليَّ أناس فقالوا: يا فلان! كيف تصلي على هذه المدات؟ قلت: وماذا فيها؟ قالوا: كلها عصافير، النقوش التي بها تخيلوا أنها عصافير، فصارت في رأيهم عصافير، ماذا نفعل؟ المهم أن الإنسان إذا تخيل شيئاً فإنه ربما يقوى هذا التخيل في نفسه حتى يكون كأنه حقيقة وهذه مشكلة، لذلك نحن نحذر من أن يتخيل الإنسان كلما أصابه شيء، قال: هذا من الجن.
    ثم نأمر وندعو إخواننا أن يكثروا من الأذكار والأوراد التي تمنع من ذلك مثل قراءة آية الكرسي، إذا قرأها الإنسان في ليلة لم يزل عليه من الله حافظ، ولا يقربه شيطان حتى يصبح، يعني: لو أنك قلت لإنسان: كن حارساً لي هذه الليلة من كل شيطان ظاهر أو باطن وأعطيك كذا وكذا من المال؛ أليس رخيصاً؟ بلى.
    لكن هذه آية الكرسي اقرأها في ليلة قراءة مؤمن بأنها تحفظه، مصدقاً للرسول عليه الصلاة والسلام في ذلك، وحينئذ يحميك الله عز وجل من كل شيطان، لا يقربك حتى تصبح، وغيرها من الأوراد، لكن الناس غفلوا عن الأوراد الشرعية، والذين يقومون بالأوراد الشرعية، ربما يقرءونها وقلوبهم غير حاضرة، ومن الناس من يقرأها وهو في شك، ولذلك كان نفعها قليلاً، لا لأنها لا تنفع؛ لكن لأن الذي قرأها لم يقرأها على الوجه المطلوب، فكثرت الأوهام من الناس وصار بعض الناس كلما أصيب قال: هذا جن.
    ثم إن السائل يقول: هل إذا طلبت من أحد أن يقرأ علي، هل أخرج بذلك من السبعين ألفاً الذين قال الرسول عليه الصلاة والسلام فيهم: إنهم لا يسترقون؟ نقول: نعم.
    إذا كان الإنسان يطلب من أحد أن يرقيه، فإنه يفوته وصف من الأوصاف، وليس كل الأوصاف تفوته؛ فهذا وصف منها هم الذين لا يسترقون، والباقي: ولا يكتوون ولا يتطيرون وعلى ربهم يتوكلون، ربما يفوت الإنسان كل الصفات الأربع، وربما يفوته صفه من هذه الصفات الأربع، وإذا أصلح الإنسان عمله، فما أوسع فضل الله عز وجل!

    (14/8)


    --------------------------------------------------------------------------------

    مشاهدة المباريات في الميزان
    س290: فضيلة الشيخ: حصل نقاش بيني وبين شاب مصل، أرجو الفصل بيني وبينه، ليس انتصاراً للنفس وإنما بحثاً عن الحق لي وله، قلت له: يا أخي لا يجوز لك أن تضيع وقتك بمشاهدتها، أعني بذلك: المباريات، فأنت مسئول أمام الله تعالى عن هذا الوقت، وحتى لو فرض أن مشاهدتك مباحة، فإن فيها من المحذورات ما يكفي لتحريمها ومن ذلك: أولاً: ما يصاحبها أحياناً من الموسيقى والطبول ونحو ذلك.
    ثانياً: التعلق بالصور للشباب والأشخاص ورؤية أفخاذهم.
    ثالثاً: انشغالك عن الجماعة وعدم الصلاة مع المسلمين.
    رابعاً: ما يصحب ذلك من التعلق باللاعبين والولاء حتى ولو كانوا كفاراً على حساب إخوانك المسلمين.
    خامساً: أننا في وقت تتقطع القلوب لما يحدث للمسلمين في البوسنة والصومال وكشمير فأين نحن من مودة إخواننا المسلمين وتطبيق ما أمر النبي صلى الله عليه وسلم.
    فكان من جوابه: أولاً: أن فضيلتكم يفتي بجواز النظر إلى الفخذ بأنه ليس من العورة.
    ثانياً: يقول: إن الموسيقى يغطي عليها صوت المعلق وليست كثيرة، وأما الوقت فإنه إذا لم يضع مع المباريات ضاع بغيره، أما الصلاة فإن تأخير صلاة العشاء أفضل.
    فما رأي فضيلتكم وجزاكم الله خيراً؟

    الجواب
    هذا السؤال فيه صدق وفيه كذب، أما الكذب فهو عليَّ وأنا معتاد أن يُكْذَب عليَّ، ولكن نسأل الله لمن كذب عليَّ يريد الحق فيما يقول أن يعفو الله عنه، أما إذا كان يريد العدوان فإن بيني وبينه موقفاً يوم القيامة.
    فنقول: إن ما قاله السائل والمناقش لأخيه هو حق في مشاهدة هذه المباريات مما ذكره من المساوئ، وفيه أيضاً إضاعة مال؛ لأن هذه الآلات التي يشاهد من خلالها هذه المباريات، تستهلك أموالاً من الكهرباء والآلات الناقلة وغير ذلك، ثم من أشد ما فيها أنه لو نجح أحد في هذه المسابقة من الكفار، وربما نقول: من جنس من الكفار هم أعدى الناس للمسلمين، ربما يتعلق قلبه به ويحترمه ويعظمه، فتفوت المعاداة التي قال الله تعالى فيها: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُمْ مِنْ الْحَقِّ} [الممتحنة:1] .
    فأنا مع الأخ لا لأني أعرفه، لكن أرى أن ما قاله حق، وأنه ينبغي للمسلم أن يربأ بنفسه عن مشاهدة هذه المباريات لما فيها من المساوئ التي عدَّدها السائل وإضاعة المال.
    أما قوله: إنني أبيح النظر للأفخاذ فهذا كذب عليَّ، أنا لا أبيح النظر لأفخاذ الشباب أبداً، وأرى أنها فتنة، وأنه يجب على الشاب المسلم الذي يمارس هذه الرياضة أن يستر ما بين سرته وركبتيه مهما كان الأمر، حتى لو قدر أنه فصل؛ لأن طاعة الله ورسوله أولى أن تتبع.
    ثم إني أقول: إذا كان هذا نجماً في هذه المباريات ومرموقاً فإنه قد يكون قائد خير وأسوة حسنة، إذا قام بستر ما بين سرته وركبته، ويكون قد سن في الإسلام سنة حسنة؛ لأنه عمل بها بعد أن كانت مضاعة: (ومن سن في الإسلام سنة حسنة؛ فلها أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة) .
    والحقيقة أننا -ولله الحمد- أمة مسلمة لنا كياننا، ولنا أخلاقنا، ولنا ما نفخر به من شريعتنا، فلا ينبغي أن نكون إمعة نقلد غيرنا في أمور تخالف ما جاء في شريعتنا، الواجب علينا إذا كنا نمارس هذه الرياضة -والغالب أن الذي يمارسها من الشباب- أن نستر ما بين السرة والركبة، وألا نبالي بغيرنا، يجب أن تكون لنا شخصية قائمة تفرض نفسها على الناس، ولا يفرض الناس أنفسهم عليها؛ لأننا نحن إذا عملنا فقائدنا محمد صلى الله عليه وسلم الذي يجب على هؤلاء النصارى أن يتبعوه، لكن إذا قلدنا غيرنا، وأهملنا ما تمليه شريعتنا؛ صار قدوتنا غير نبينا صلى الله عليه وآله وسلم في هذه المسألة، وإن كان من الناس الذين يمارسون هذه الرياضة، من قد عرفوا بالصلاح والصلاة وحسن الخلق، لكن ينبغي أيضاً أن يتمموا ذلك، وأن يتمموا مكارم أخلاقهم باللباس الساتر ما بين السرة والركبة.
    وإني بهذه المناسبة أود أن أقول: إننا نسمع ما ينسب إلينا وما ينسب إلى شيخنا عبد العزيز بن باز وما ينسب إلى الشيخ ناصر الدين الألباني أشياء إذا محصناها وجدنا أنها كذب، قد تكون متعمدة وقد يكون الذي نقلها أخطأ في الفهم، أو أخطأ في صيغة السؤال الذي بني عليه الجواب، أو ما أشبه ذلك.
    اتصلت بالشيخ الألباني أسأل عن صحته فقال: إنه بخير، وقال: إن رجلاً من الناس قال لي إن معه كتاباً منك إليَّ، وإني قد قلت له: صلِّ معي يوم الجمعة الماضية فقال: لا أستطيع، ولكن آتيك به يوم السبت، يقول الشيخ: فهل كتبت إليَّ شيئاً؟ قلت: ما كتبت لك شيئاً، وإذا جاءك هذا الكتاب فليس مني، فأنا لا أدري ما في هذا الكتاب! وقد يكون فيه طامات كثيرة لا تقوى على حملها السيارات ولا السفن ولا الطائرات؛ لكن هو قال لي هذا.
    فقتل له: يا شيخ! الناس يكذبون علي ويكذبون على غيري، قال: وأنا قد كذبوا علي! وقالوا: إن الشيخ الألباني مات!! فقلت له: لعلهم يريدون وفاة النوم؛ أن الله توفاك بالليل وأيقظك بالنهار.
    فالمهم أن الناس يتقولون على العلماء؛ لكن أوصيكم بكل شيء تسمعونه عني وأنتم تستنكرونه أن تتصلوا بي حتى تتحققوا هل هو صحيح، أو غير صحيح فقد يكون كذباً، وقد يكون حقاً صدقاً ولكن لي وجهة نظر لا يعرفها، وإذا سمعتم أيضاً ما تستنكرونه عن العلماء الآخرين أن تتصلوا بهم، وألا تشيعوا كل ما يقال، فنسأل الله السلامة، قال بعض العلماء في قوله صلى الله عليه وسلم دعاء القنوت: (وعافني فيمن عافيت) .
    قال: لا أجد عافية أكمل من أن يعافيك الله من الناس ويعافي الناس منك.
    وهذا الأخ الذي يناظر أخانا في مسألة المشاهدة، يقول إن لم أشغل نفسي بمشاهدة هذا شغلتها بغيره، فنقول: إذا شغلتها بغيره مما هو أقل ضرراً أو مما هو نافع فهو خير، وكان الذي ينبغي لك أن تشغلها بما هو نافع؛ لأن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم قال: (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت) هذا في القول كيف بالفعل؟ أما قوله: إنه يجوز أن تؤخر صلاة العشاء إلى نصف الليل، فنعطيه المزيد: فنقول: وقد قال بعض العلماء: إنه يمتد إلى طلوع الفجر للضرورة.
    وإذا كنت ترى أن من الضرورة مشاهدة هؤلاء فمعناه: أخرها إلى الفجر!! ونقول لهذا الرجل: نحن معك في أن الأفضل في صلاة العشاء التأخير لكن بشرط: ألا تتأخر عن نصف الليل، ولكن لا يجوز للإنسان الذي تلزمه الجماعة أن يؤخرها ويترك الجماعة؛ لأن التأخير سنة والجماعة واجبة، ولا تعارض بين السنة والواجب، فيجب عليك أن تصلي مع الجماعة.
    ولكن أخشى أن يحتج بحجة ثانية، يقول: قال النبي صلى الله عليه وسلم: (لا صلاة بحضرة طعام، ولا هو يدافعه الأخبثان) وذلك لانشغال القلب وانشغال القلب بهذه المباراة أشد من انشغالها بالطعام، ماذا نقول؟ نقول: الطعام من ضروريات الحياة، وهذه ليست من الضروريات أبداً، وكم من شباب -ولله الحمد- سلموا منها ولم يشكوا من أي نقص في حياتهم، لا الحياة الدينية ولا الحياة الدنيوية، وهم -والحمد لله- سعداء في حياتهم.
    ثم إنني من هذا المكان أدعو إخواني الذين يمارسون هذه الرياضة، أدعوهم إلى التمسك بالدين وإن كنت أعلم أن فيهم -ولله الحمد- من هو متمسك تماماً، لكن أحب أن يكونوا دعاة لإخوانهم الآخرين في التمسك بدين الله عز وجل وإقامة الصلاة جماعة في أوقاتها، واللباس الساتر الذي أشرنا إليه قبل قليل، ونرجو لهم التوفيق لما فيه الخير والصلاح.

    (14/9)


    --------------------------------------------------------------------------------

    تزوير فتوى الشيخ بتصوير إمضائه


    السؤال
    أرجو تنبيه الشيخ على أنه في بعض الفتاوى تزور الإمضاءات، مثل أن يصور إمضاء الشيخ ثم يوضع على فتوى كاذبة؟

    الجواب
    يمكن ذلك الآن بما يعرف بالدبلجة، يعني: أن بعض الناس يمكن يدبلج الكلام الطيب ويقلب إلى كلام سيئ تؤخذ حرف من هذه الكلمة وحرف من هذه الكلمة، ثم يجعل كلاماً سيئاً إلى آخره، مثل ما شاهدنا من دبلجة الرجال والصور في أيام حرب الخليج، فعلى هذا كل شيء ممكن، ولكن كما قلت لكم: أوصيكم بأنكم إذا سمعتم عني ما يستنكر، أو عن غيري من أهل العلم، أن تتصلوا بهم حتى يتبين الحق من الباطل.
    وفي هذا القدر الكفاية وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

    (
    وأخيراً أسأل الله عز وجل أن يجعل هذا العمل نافعاً، مباركاً، خالصاً لوجهه الكريم
    وأن ينفعني به في حياتي وبعد مماتي، وأن ينفع به كل من انتهى إليه؛ فإنه خير مسؤول، وأكرم مأمول، وهو حسبنا ونعم الوكيل، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد بن عبد الله وعلى آله وأصحابه ومن تبعه بإحسان إلى يوم الدين.

    حياكم الله بموقع بداية الهداية الخطوة إلى طريق العلم الشرعي الصحيح
    http://www.musacentral.com/

  8. #28
    تاريخ التسجيل
    Mar 2009
    المشاركات
    2,459
    الدين
    الإسلام
    آخر نشاط
    01-11-2023
    على الساعة
    04:37 PM

    افتراضي

    اللقاء الشهري

    اللقاء الشهري [15]
    من نعمة الله سبحانه وتعالى علينا أن هدانا إلى الإسلام، وتعبدنا بشرائعه وأوامره وأركانه، ومن هذه الأركان ركن يجهل أحكامه كثير من الناس، وهو حج بيت الله الحرام، وفي هذه المادة مباحث في الحج تبين صفته وأحكامه وشروطه وأركانه، ثم أجاب الشيخ عن الأسئلة الواردة في هذا اللقاء.

    (15/1)


    --------------------------------------------------------------------------------

    مباحث في الحج
    الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على نبينا محمد خاتم النبيين وإمام المتقين، وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
    أما بعد: أيها الإخوة: فهذا هو لقاء شهر شوال من عام أربعة عشر وأربعمائة وألف في الجامع الكبير في عنيزة، والذي ينظم في كل شهر مرة، ونحن على مقربة من وداع شهر رمضان، الذي أدينا وأدى المسلمون فيه فريضة وركناً من أركان الإسلام وهو صيام رمضان، ومن حكمة الله عز وجل أنه لم يخرج شهر الصيام حتى دخلت أشهر الحج إلى بيت الله الحرام، ولهذا سنجعل مقدمة لقائنا هذه الليلة، في البحث عن الحج ويتلخص في الأمور التالية:

    (15/2)


    --------------------------------------------------------------------------------

    المبحث الأول: متى فرض الحج؟
    أولاً: متى فرض الحج؟ والجواب على هذا

    السؤال
    أن العلماء رحمهم الله اختلفوا هل فرض الحج في السنة السادسة من الهجرة، أم في السنة التاسعة من الهجرة؟ والصواب: أنه في السنة التاسعة من الهجرة، فأما قوله تعالى: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} [البقرة:196] التي نزلت في الحديبية فهذا أمر بالإتمام وليس أمر ابتداء، أمر الابتداء جاء في قوله تعالى: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنْ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً} [آل عمران:97] .
    وهذه الآية نزلت في السنة التاسعة من الهجرة، ولأن الحكمة تقتضي ذلك، لأن مكة كانت قبل فتحها بلاد كفر، ومنع قريش للنبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه من إتمام العمرة ليس ببعيد، إذ أنهم منعوا النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه من إتمام العمرة لما جاء معتمراً في السنة السادسة من الهجرة، فليس من الحكمة أن يفرض الله سبحانه وتعالى الحج على عباده وقريش لهم بالمرصاد، ولكن لما فتحت مكة وصارت بلاد إسلام في السنة الثامنة، حينئذ اقتضت حكمة الله عز وجل فرض الحج، ففرض في السنة التاسعة من الهجرة، ولم يحج النبي صلى الله عليه وسلم في السنة التاسعة من الهجرة لسببين: السبب الأول: أن هذه السنة كانت سنة الوفود، أي: أن العرب كانوا يفدون إلى النبي صلى الله عليه وسلم في المدينة يتلقون عنه شرائع الإسلام، فغيابه عنها مع تكاثر الوفود إليها ربما يكون فيه فوات مصلحة عظيمة، لهذا أخر النبي صلى الله عليه وسلم الحج إلى السنة العاشرة.
    السبب الثاني: أنه في السنة التاسعة كان الحجاج خليطاً من المسلمين والمشركين، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يؤذن في ذلك العام ألا يحج بعد العام مشرك حتى تتحمض حجة النبي صلى الله عليه وسلم في قوم مسلمين لا مشركين معه، ولهذا لم يحج النبي صلى الله عليه وسلم إلا في السنة العاشرة من الهجرة.

    (15/3)


    --------------------------------------------------------------------------------

    المبحث الثاني: من الذي يجب عليه الحج؟
    الذي يجب عليه الحج هو المسلم البالغ العاقل المستطيع، لقول الله تبارك وتعالى: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنْ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً} [آل عمران:97] .
    والاستطاعة نوعان: استطاعة بالبدن، واستطاعة بالمال، فالاستطاعة بالمال شرط للوجوب، والاستطاعة بالبدن شرط للأداء، فإذا كان الإنسان فقيراً ليس عنده مال، فإنه لا يجب عليه الحج، إذا كان يحتاج إلى راحلة؛ لأنه لا يستطيع ولو كان بدنه قوياً، وإذا كان عنده مال لكن لا يستطيع أن يحج ببدنه؛ لأنه ضعيف كبير أو مريض مرضاً لا يرجى برؤه، فإنه يجب عليه أن يقيم من يحج عنه، فالاستطاعة بالبدن شرط للأداء، والاستطاعة بالمال شرط للوجوب.
    ومن الاستطاعة بالمال ألا يكون على الإنسان دين، فإن كان عليه دين فإنه لا يلزمه الحج، ولا يأثم بتركه، ولو مات وهو لم يحج؛ فإنه لا يعاقب؛ لأنه ليس بقادر، إذ أن قضاء الدين أهم من الحج، وإسقاط الله الحج عن المدين من رحمته به، فينبغي للإنسان أن يقبل رخصة الله، وأن يقضي دينه أولاً ثم يحج ثانياً، إذ لو حج بالمال، لفات من قضاء دينه بمقدار ما أنفق على حجه، وأضرب لكم مثلاً في رجل عليه خمسة آلاف ريال ديناً، فإذا حج فسوف ينفق ألف ريال على الأقل، إذن فات من قضاء الدين ألف ريال، نقول: اصرف الألف في قضاء دينك، فإذا صرفته في قضاء دينك لم يبق عليك من قضاء دينك إلا أربعة آلاف ريال، واقبل رخصة الله، لا تكلف نفسك، فإن قال قائل: وهل يشمل ذلك الدين الذي لصندوق التنمية العقارية؟

    الجواب
    إذا كان الإنسان يستطيع الوفاء كلما حل القسط، وبيده الآن مال يمكنه أن يحج به، وهو يعرف أنه إذا حل القسط استطاع الوفاء به، فإنا نقول: إن هذا الرجل قادر فليحج، أما إذا كان لو أنفق ما عنده في الحج، لحل القسط وليس بيده شيء فإنا نقول: لا تحج، وادخر ما عندك من المال للقسط، ولا تظن أنك تأثم بذلك؛ لأن بعض الناس يقول: كيف أموت وأنا ما حججت؟ نقول: أرأيت لو كنت فقيراً ولم تزك، هل تندم إذا مت وأنت لم تزك؟ لا تندم، فإذا كان الإنسان إذا مات فقيراً لا يملك مالاً ولم يزك، فإنه يموت على ملة تامة لا نقص فيها، أي لا نقص فيها نقصاً يأثم به، فكذلك إذا كان عليه دين ولم يحج ثم مات فإنه يموت على ملة تامة ليس فيها نقص يأثم به، وهذا من نعمة الله.

    (15/4)


    --------------------------------------------------------------------------------

    المبحث الثالث: تقديم الزواج على الحج
    إذا كان الإنسان عنده مال وليس عليه دين؛ لكنه أعده للزواج فيقول: إن حججت نقص المال واحتجت إلى الناس لإكمال المهر، وإن لم أحج صار عندي المهر كاملاً فهل أقدم النكاح أو أقدم الحج؟ نقول: في هذا تفصيل وهو: أنه إذا كان الإنسان يخشى على نفسه الفتنة بتأخر النكاح، وعنده شهوة قوية، فإنه لا يحج ويصرف المال في النكاح؛ لأن الإنسان إذا كان في حاجة إلى النكاح فهو كالإنسان الذي يكون في حاجة إلى الطعام والشراب، بل ربما يفتتن بترك النكاح أكثر مما لو لم يأكل ويشرب، فالمسألة فيها تفصيل: فإذا كان الإنسان يخشى على نفسه الفتنة وهو قوي الشهوة، فإنه يقدم النكاح على الحج، وإن كان الأمر بالعكس فليقدم الحج على النكاح.
    فإذا قال قائل: أنا طالب علم وفي حاجة إلى الكتب، فهل أشتري بما عندي من المال الكتب التي أحتاجها أو أحج؟

    الجواب
    اشتر الكتب التي تحتاجها؛ لأن حاجتك للكتب كحاجتك للطعام والشراب الكمالي ليس الضروري، فإذا كنت محتاجاً إلى الكتب التي لا بد لك منها، فإنه لا يجب عليك الحج حتى تؤمن هذه الكتب، وهذا لا شك أنه من نعمة الله عز وجل ومن رحمته بعباده.
    فإن قال الإنسان: أنا علي دين وسمح لي أهل الدين أن أحج فهل أحج؟ الجواب: لا.
    لأنهم وإن سمحوا لك فلا يسقط عنك شيء من الدين، والكلام على شغل الذمة، نعم.
    لو قالوا: حج ونحن نسقط عنك من دينك بمقدار ما أنفقت في الحج، حينئذ أصبح الحج لا يضره فليحج.
    أما إذا حج وأنفق الدراهم في الحج تعذر وفاء الدين، فهنا نقول: لا تحج، لأن الأمر في هذا واسع.

    (15/5)


    --------------------------------------------------------------------------------

    المبحث الرابع: من كان معه صبيان لم يبلغوا هل يحرم بهم أم يتركهم
    إذا كان مع الإنسان صبيان لم يبلغوا من ذكران أو إناث، هل الأفضل أن يحج بهم أو الأفضل أن يتركهم ولا يحرم بهم؟ نقول: في هذا تفصيل، إن كان في إحرامهم مشقة عليهم أو عليه، فالأفضل ألا يجعلهم يحرمون؛ لأن الحج لم يجب عليهم بعد، وكونك تعمل عملاً يشق عليهم أو يشق عليك بدون حاجة إلى ذلك خلاف الصواب.
    والآن المشقة متوقعة في موسم الحج، الرجل البالغ الكبير لا يتخلص إلا بمشقة، فكيف إذا كان معه صبيان يحملهم أو صبيان يقودهم، ففي ذلك مشقة، وسوف ينشغل بهم عن أداء النسك، سوف يطوف وقلبه يوجل، ويسعى وقلبه يوجل، وكيف يسعى ومعه هؤلاء الصغار؟ لذلك نرى أنه في مثل هذه العصور الأفضل ألا يحرم بهم، يستصحبهم ولا بأس، وإذا وصل إلى مكة يجعلهم في البيت أو في الخيمة، وينزل إلى المطاف والمسعى، ويسعى بنفسه ليستريح ويريح صبيانه.

    (15/6)


    --------------------------------------------------------------------------------

    المبحث الخامس: قضاء الحج
    إذا وجب على الإنسان الحج، ولكنه لم يتمكن منه فمات، فهل يقضي عنه من تركته؟ وهل يقدم على الثلث أو الثلث قبله أو ماذا؟ نقول: إذا وجب على الإنسان ولكن لم يُقدَّر له أن يحج، إما لأنه قال: الحج هذه السنة فيه صعوبة أو مشقة، لكني قادر ولم يحج، فإنه إذا مات يكون الحج ديناً في ذمته، ودليل ذلك حديث ابن عباس رضي الله عنهما أن امرأة أتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت له: (إن أمي نذرت أن تحج فلم تحج حتى ماتت، أفأحج عنها قال: أرأيت لو كان على أمك دين أكنت قاضيته؟ قالت: نعم، قال: اقضوا لله) .
    فشبه النبي صلى الله عليه وسلم الحج بالدين، وعلى هذا فإذا مات هذا الرجل فأول ما نخرج مؤنة تجهيزه، مثل أجرة الغاسل، قيمة الكفن، قيمة الحنوط، قيمة القبر إذا كان لا بد من ثمن لهذه الأشياء، ثم بعد ذلك نأخذ مقدار نفقة الحج قبل الوصية، ثم بعد أن نأخذ مقدار نفقة الحج نأخذ الوصية من الباقي، فإن كانت الوصية بالخمس الباقي، إن كانت بالثلث أخذنا ثلث الباقي وهلم جرا، وإن كانت بالنصف فلا يمكن؛ لأنه لا تجوز الوصية بأكثر من الثلث إلا برضا الورثة.
    فإذا قدر أن هذا الميت الذي لم يحج مع وجوب الحج عليه لم نجد خلفه إلا مقدار نفقة الحج، فإذا أخذنا هذا الذي عنده لم يبق للورثة شيء ولم يبق للوصية شيء، نقول: نقدم الحج، وتبطل الوصية، ويسقط حق الورثة؛ لأن الدين مقدم على كل شيء.
    وإذا قدرنا أن هذا الرجل الذي مات وقد وجب عليه الحج كان عليه دين للآدميين فهل نقدم الحج أو دين الآدمي؟

    الجواب
    يتساويان فإذا أمكن أن نقضي الدين ونحج عنه فعلنا، وإذا لم يمكن تقاسمناه، فإذا كان الباقي لا يمكن أن يكفي للحج حينئذ صرفنا المال كله للدين.
    ونقتصر على هذا القدر من الكلام؛ لأن الأسئلة أظنها كثيرة، ويمكن أن نحتاج إليها كثيراً، ولم يبق في الوقت إلا دقائق يسيرة.

    (15/7)


    --------------------------------------------------------------------------------

    الأسئلة

    (15/8)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم قطع الفرض لغير عذر شرعي


    السؤال
    فضيلة الشيخ: امرأة عليها قضاء من رمضان، وفي إحدى الأيام أراد أهلها أن يذهبوا في رحلة، فقالت: سأنوي الصيام، فإن ذهبوا إلى الرحلة سفطر وإن لم يذهبوا أكمل صيامي، السؤال: هل تجوز لها هذه النية؛ لأن صيامها هذا قضاء وليس تطوعاً؛ مع العلم أنها أفطرت ذلك اليوم وهي جاهلة بالحكم، وذهبت مع أهلها إلى الرحلة، وهل قضاء رمضان مثل رمضان من حيث جواز قطع صيامه أو عدمه؟

    الجواب
    الحمد لله رب العالمين، قضاء رمضان إذا شرع فيه الإنسان فإنه لا يحل له أن يفطر بلا عذر لأنه واجب، وكل من شرع في واجب فإنه لا يجوز أن يخرج منه إلا بعذر شرعي، وهذه قاعدة عند العلماء: كل من دخل في فرض فإنه لا يجوز أن يقطعه إلا لعذر شرعي، ولهذا لو شرعت في الصلاة، ثم أرادت أن تقطعها هل يجوز؟ لا يجوز.
    - شرعت في قضاء رمضان وأردت أن تقطعه في أثناء اليوم فلا يجوز، لأنك شرعت في واجب.
    - شرعت في صوم نذر، هل يجوز أن تقطعه؟ لا والقاعدة الآن خذوها معكم: كل من دخل في فرض فإنه لا يجوز أن يقطعه إلا من عذر شرعي.
    هذه السائلة تقول: إن أهلها يريدون القيام برحلة، وإنها صامت على شرط أنهم إن عزموا على ذلك وخرجوا في الرحلة فإنها تبطل الصوم، نقول: هذا لو أنها بقيت على صومها لكان أفضل لها، ولكن لما قطعت هذا الصوم من أجل أن تصحب أهلها في رحلتهم فإن عليها أن تتوب إلى الله، وألا تعود لمثل هذا العمل، وأن تقضي بدل هذا اليوم الذي أفطرته.

    (15/9)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم كفارة الجماع في صوم القضاء


    السؤال
    فضيلة الشيخ: رجل عليه قضاء من رمضان، وجامع زوجته وهو صائم فهل عليه الكفارة أم عليه قضاء ذلك اليوم فقط؟ وهل تنطبق الكفارة في رمضان وغيره في حالة القضاء؟

    الجواب
    القضاء لا تجب فيه الكفارة، فإذا كان الإنسان صائماً عن قضاء رمضان ثم جامع زوجته في أثناء النهار فإنه آثم، وعليه أن يتوب ويقضي بدل هذا اليوم، وليس عليه الكفارة، لأن الكفارة إنما تجب بالجماع في نهار رمضان لمن كان الصوم واجباً عليه.

    (15/10)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم تبييت النية في صيام الست من شوال


    السؤال
    فضيلة الشيخ: هل يشترط تبييت النية لصيام الست من شوال؟ بمعنى هل يجوز إذا استيقظ إنسان ضحى يوم من أيام شوال ولم يأكل شيئاً، فهل يحسب هذا اليوم من الست من شوال أو لا بد من تبييت النية من الليل؟

    الجواب
    صيام الستة أيام من شوال لا يمكن أن يتحقق إلا إذا نوى صوم كل يوم قبل طلوع الفجر، فإن لم ينو إلا بعد طلوع الفجر، فإنه لا يصدق عليه أنه صام ستة أيام من شوال، وأضرب لهذا مثلاً: في اليوم الأول من الستة لم ينو الصوم، ولما أذن الظهر نوى الصوم على أنه يوم من الست، ثم أكمل فكم يبقى عليه؟ خمسة أيام، ثم صام الخمسة الباقية، فهذا الرجل هل نقول: إنه صام ستة أيام أو صام خمسة أيام ونصف؟ خمسة أيام ونصف، والرسول عليه الصلاة والسلام يقول: (أتبعه ستاً من شوال) وهذا لم يصم إلا خمسة أيام ونصفاً، ولكنه يكتب له أجر صيام ذلك اليوم، إلا أنه لا يحسب من الستة، فنقول: الصوم الذي نويته عند صلاة الظهر يصح، وتثاب عليه من بدء النية، ولكنه لا يحسب لك من الستة؛ لأن الستة لا بد أن تكون أياماً كاملة.

    (15/11)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم صيام من فقد عقله وصلاته


    السؤال
    فضيلة الشيخ: مريض دخل عليه شهر رمضان وهو في غيبوبة نتيجة حادث سيارة، ولم يفق إلا في الثاني والعشرين منه، فما هو الواجب عليه حيال الصوم والصلاة؟ وآخر صام أول شهر رمضان ولكنه في اليوم الخامس منه وقع له حادث فصار في غيبوبة لمدة أسبوعين، فماذا يجب عليه حيال الصلاة والصيام؟

    الجواب
    أما من جهة الصلاة فإنها لا تجب على واحد منهما على القول الراجح: إن زوال العقل بالإغماء من مرض أو من غير مرض يسقط وجوب الصلاة، فلا يلزمه القضاء بالنسبة للصلاة.
    وأما بالنسبة للصيام، فيجب عليه أن يقضي الأيام التي لم يصمها في حال إغمائه.
    والفرق بين الصلاة والصيام أن الصلاة تتكرر، فإذا لم يقض ما فاته فسوف يصلي في اليوم التالي، وأما الصوم فإنه لا يتكرر، ولهذا كانت الحائض تقضي الصوم ولا تقضي الصلاة.

    (15/12)


    --------------------------------------------------------------------------------

    الصلاة في السفر


    السؤال
    فضيلة الشيخ: هناك ثلاثة أشخاص ذهبوا في يوم الجمعة من أجل الصيد، وحينما حان وقت الصلاة أعني صلاة الظهر بالنسبة لهم صلوها ركعتين لأنهم يبعدون عن بلدهم ما يقارب خمسة عشر ومائتي كيلو، هل صلاتهم هذه صحيحة أم لا؟ لأن أحدهم عارضهم بقوله: إننا ينبغي أن نصلي أربع ركعات، لأن اليوم هو يوم الجمعة، فما هو القول الصحيح في ذلك؟

    الجواب
    القول الصحيح في ذلك أنهم مسافرون ما داموا ذهبوا هذه المسافة، وسوف يبقون هناك يوماً أو يومين، فإنهم مسافرون، والمسافر ظُهره مقصورة أي: فلا يصلي إلا ركعتين، فإذا كان هؤلاء الجماعة لم يصلوا إلا ركعتين، فإن صلاتهم مقبولة وموافقة للسنة.
    وأما قول أحدهم نصلي أربعاً لأن اليوم يوم الجمعة؛ فهذا صحيح فيما إذا فاتت الإنسان الجمعة وهو في البلد فإنه يصليها أربعاً، لأنه غير مسافر.

    (15/13)


    --------------------------------------------------------------------------------

    الأجر في بناء المسكن


    السؤال
    فضيلة الشيخ: ذكر لنا أن كل عمل ابن آدم يؤجر عليه إلا بناء المسكن، فهل هذا صحيح؟ فإذا كان صحيحاً فما العلة وما السبب، مع ذكر الحديث الذي ورد في ذلك جزاكم الله خير الجزاء؟

    الجواب
    نعم هذا ورد في الإنسان الذي يصرف ماله في الطين، أي في البناء الذي لا يحتاج إليه، وأما البناء الذي يحتاج إليه؛ فإنه من ضروريات الحياة، والإنسان إذا أنفق على نفسه ما هو من ضروريات الحياة، فإنه يؤجر على ذلك إذا أنفقه يبتغي به وجه الله عز وجل؛ لكن المفاخرة والتطاول في البنيان هو الذي لا خير فيه، بل ليس فيه إلا إضاعة المال، أما ما يبنيه الإنسان لحاجته فإنه يؤجر على ذلك إذا ابتغى به وجه الله، لقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لـ سعد بن أبي وقاص: (واعلم أنك لن تنفق نفقة تبتغي بها وجه الله إلا أجرت عليها حتى ما تجعله في فم امرأتك) .

    (15/14)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم قطع العمرة


    السؤال
    فضيلة الشيخ: كثرت الأسئلة حول من قطع عمرته بسبب الزحام؛ فهذا رجل يقول: رجل أحرم بالعمرة وطاف ولم يكمل السعي ولبس ثيابه فماذا عليه؟ ورجل أحرم هو وزوجته بالعمرة، فلما طافوا بعض الأشواط قطعوا العمرة وذهبوا ولبسوا ثيابهم ولم يرجعوا إلا بعد أيام، فما هي القاعدة في قطع العمرة؟ وما هي نصيحتكم في ذلك؟

    الجواب
    القاعدة أن الحج والعمرة إذا شرع فيهما الإنسان وجب عليه إتمامهما لقول الله تبارك وتعالى: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنْ الْهَدْيِ} [البقرة:196] فلا يحل له أن يقطعها حتى ولو كان زحاماً، وعليه أن ينتظر حتى يخف الزحام ثم يكمل العمرة، فهؤلاء الذين قطعوا عمرتهم، نقول: الحكم فيهم: أولاً: أنهم آثمون إلا أن يكونوا جاهلين فلا إثم عليهم.
    ثانياً: أنهم لا يزالون في إحرامهم، حتى لو خلعوا ملابس الإحرام ولبسوا الثياب العادية، فإنهم لا يزالون في إحرامهم وهم آثمون في لباسهم اللباس العادي إلا أن يكونوا جاهلين.
    ثالثاً: أنه يلزمهم -الآن- أن يرجعوا إلى مكة ليتمموا عمرتهم، فإذا كانوا قد طافوا ولكن لم يسعوا، نقول: بقي عليكم السعي، وإن كانوا طافوا بعض الأشواط ثم خرجوا نقول: أعيدوا الطواف من أوله، وإذا كانوا سعوا بعض الأشواط وتركوا بعضاً نقول: ارجعوا فابدءوا بالسعي من أوله.
    وإذا كان رجلاً وجب عليه أن يتخلى -الآن- من لباسه المعتاد، وأن يخلع ثيابه ويلبس ثياب الإحرام ويتوكل على الله.
    وإنه يؤسفنا أن هذا وقع من كثير من الناس في هذا العام، لما رأوا الزحام تركوا الإكمال وذهبوا إلى أهلهم، وربما يكون الإنسان قد وطئ زوجته في هذه المدة، وربما يكون قد تزوج، وإذا كان قد تزوج فإن عقد النكاح غير صحيح؛ لأنه ما زال محرماً، والمحرم لا يصح عقد النكاح له، فإذا قدر أنه قد عقد فنقول: أمسك ولا تأت أهلك حتى تذهب وتكمل العمرة ثم أعد العقد من جديد.

    (15/15)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم إفراد يوم الجمعة بالصيام لست من شوال


    السؤال
    فضيلة الشيخ: هل يجوز إفراد يوم الجمعة بالصيام في صيام الست من شوال؟

    الجواب
    إذا كان الإنسان صام يوم الجمعة لأنه وقت فراغه، ويشق عليه أن يصوم في غير يوم الجمعة؛ فلا حرج عليه أن يصوم؛ لأنه لم يخص يوم الجمعة لأنه يوم الجمعة، ولكنه خصه لأنه وقت فراغه، وأما إذا خصه لغير سبب، فإننا نقول: إما أن تصوم يوماً قبله وإما أن تصوم يوماً بعده، وكذلك يوم السبت، لا يخصه بصيام، فإما أن يصوم يوماً قبله أو يوماً بعده، وإلا فليترك صومه، إلا إذا قال: أنا ليس لي فراغ إلا يوم السبت، وأنا أحب أن أصوم أيام الست، نقول: لا بأس، لأنك حينئذ لم تخصه من أجل أنه يوم السبت، وكذلك إذا صادف يوم الجمعة أو يوم السبت يوماً يسن صومه كيوم عرفة فلا بأس بإفراده لما ذكرنا.

    (15/16)
    وأخيراً أسأل الله عز وجل أن يجعل هذا العمل نافعاً، مباركاً، خالصاً لوجهه الكريم
    وأن ينفعني به في حياتي وبعد مماتي، وأن ينفع به كل من انتهى إليه؛ فإنه خير مسؤول، وأكرم مأمول، وهو حسبنا ونعم الوكيل، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد بن عبد الله وعلى آله وأصحابه ومن تبعه بإحسان إلى يوم الدين.

    حياكم الله بموقع بداية الهداية الخطوة إلى طريق العلم الشرعي الصحيح
    http://www.musacentral.com/

  9. #29
    تاريخ التسجيل
    Mar 2009
    المشاركات
    2,459
    الدين
    الإسلام
    آخر نشاط
    01-11-2023
    على الساعة
    04:37 PM

    افتراضي

    حكم هجر المرأة لزوجها


    السؤال
    فضيلة الشيخ: أسأل الله تعالى أن يجمعنا وإياك في مستقر رحمته، وأريد أن يجمع الله بك الشمل ويصلح الحال، هذه امرأة لها زوج مضى على زواجها أكثر من أربعين سنة، وهي ليست هنا ولا زوجها، والمرأة تصلي التراويح وتصوم التطوع وتحرص على الخير، ولكن لها ما يقارب سنة ونصفاً لا علاقة لها بزوجها لهجرها له مع أنهما في بيت واحد، ولها أكثر من أربعة أشهر لا تكلمه ولا تستأذنه في ذهاب ولا إياب، بل ولا تأبه به عند أبنائه، وربما تهزأ به وتتكلم عليه، فهل يسعها ذلك؟ وهل تأثم بذلك؟ وما الواجب عليها الآن؟ وماذا يفعل زوجها؟ وهل إذا وقع زوجها في شيء من الحرام هل تأثم به؟ أرجو لها النصيحة ولمن في مثل حالها ممن تقصر في حق زوجها من بعض النساء مع أنها تعمل بعض الصالحات؟

    الجواب
    الواجب على كل من الزوجين أن يعاشر الآخر بالمعروف؛ لقول الله تبارك وتعالى: {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [النساء:19] وإذا نشزت المرأة عن زوجها وصارت لا تعطيه حقه، أو تعطيه حقه وهي متكرهة متبرمة، فإنها تعتبر ناشزاً، وقد قال الله تعالى: {وَاللاَّتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيّاً كَبِيراً} [النساء:34] .
    وثبت عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (أن المرأة إذا دعاها الرجل إلى فراشه فأبت عليه لعنتها الملائكة حتى تصبح) والعياذ بالله.
    ولهذا يجب على هذه المرأة أن تتقي الله في نفسها وفي زوجها، وأن تعود إلى العشرة بالمعروف، وأن تذكَّر ما سبق من ماضي حياتهما وألا تجحد الجميل؛ فإن جحد الجميل -أعني: جحد جميل الزوج- من أسباب دخول النار والعياذ بالله؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم وعظ النساء ذات يوم، وقال: (يا معشر النساء تصدقن؛ فإني رأيتكن أكثر أهل النار قلن: بم يا رسول الله؟ قال: لأنكن تكثرن اللعن وتكفرن العشير) .
    قال العلماء: العشير: الزوج، ومعنى تكفرن العشير: أي تجحدن حقه ولا تقمن به، فعلى المرأة هذه أن تتقي الله عز وجل فيما بقي من عمرها، ولعلها لم يبق من عمرها مع زوجها إلا القليل، فلترجع إلى حظيرة الزواج، ولتصنع معروفاً في زوجها وفي أولادهما، لأن الأولاد إذا رأوا ما بين هذه المرأة وزوجها من التباعد ربما يُحدِث في نفوسهم شيئاً، وهذه الكلمة أقولها لهذه المرأة ومن يشابهها من النساء.
    كما أقول أيضاً: إن الواجب على الرجال أن يتقوا الله تعالى في النساء كما وصاهم بذلك النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم في خطبته في عرفة في حجة الوداع حيث قال: (اتقوا الله في النساء فإنكم أخذتموهن بأمان الله، واستحللتم فروجهن بكلمة الله) .
    فالواجب على كل من الزوجين أن يعاشر الآخر بالمعروف.
    السؤال: بالنسبة للرجل الذي قاطعته امرأته وهجرته، قد يظن أنه يعمل بعض المنكرات وهو ليس من أهل المنكرات لكبر سنه ولبعده عن ذلك.
    الجواب: إذا كان الأمر هكذا، صار مقاطعتها لزوجها أشد إثماً؛ لأنه ليس لمقاطعتها وجه من الوجوه، فيكون إثمها أعظم، ونكرر نصيحتنا لها أن تتقي الله عز وجل، وأن تعود إلى رشدها وإلى معاشرة زوجها بالمعروف.

    (15/17)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم ظهور زوجة الأخ غير متحجبة


    السؤال
    فضيلة الشيخ: لي أخ من أب وهو يسكن في بيت ثان، وعندما آتي لزيارتهم هو وأولاده تأتي إلينا زوجته وهي غير متحجبة، وتأتي أحياناً بثياب إلى نصف يديها، وعندما أراها في هذا المنظر أتألم أشد الألم لما يحدث أمامي، وأضطر إلى مقاطعة زيارة أخي وأولاده، وقد تصل إلى أسبوع أو ثلاثة، وعندما يراني يقول لي: لماذا لا تأتي لزيارتنا؟ فأحتج بالمشاغل، علماً بأن زوجته تأتي إلينا في بيتنا وأخبرها بأن هذا الفعل لا يجوز، فتقول لي: الدين بالقلب فما نصيحتك لي ولها؟

    الجواب
    الذي أرى أن تصارح أخاك في الأمر، وألا تتعذر بأشغال موهومة، صارح أخاك فربما يجبر زوجته على أن تتحجب، وذلك أن المرأة لا يحل لها أن تكشف لأحد من أقارب زوجها إلا أن يكونوا من آبائه وأجداده أو من أبنائه وأبناء أبنائه أو أبناء بناته، يعني: الأصول والفروع، أما إخوانه وأعمامه وأخواله وأبناء إخوانه فإنه لا علاقة لهم بزوجته إطلاقاً، وليسوا من محارمها.
    فنصيحتي لهذه الزوجة أن تتقي الله عز وجل في نفسها أولاً، وأن تتقي الله تعالى في أخي زوجها؛ لأنها بفعلها هذا حالت بينه وبين صلة أخيه، هي السبب في قطيعته لأخيه، فنصيحتي لهذا الأخ: أولاً: أن يصارح أخاه، ويقول: إن زوجتك لا تقوم بما يجب عليها من تغطية وجهها، وما يجب تغطيته.
    ثانياً: أن يأتي إلى أخيه وإذا جاءت الزوجة يقول: انصرفي أو احتجبي، وليكن شجاعاً، وليكن صريحاً، والشيء إذا لم يأت بالصراحة ضاعت الأمور.
    ثالثاً: أنصح هذه المرأة أن تتقي الله عز وجل في نفسها وفي أخي زوجها، بل وفي زوجها؛ لأن زوجها لا يرضى أن يقطعه أخوه.
    وأما قولها: إن الإيمان في القلب فهي حجة واهية داحضة؛ لأنه لو كان في القلب إيمان لصلحت الجوارح، قال النبي عليه الصلاة والسلام: (ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب) .
    وهل يعقل أن قلباً عنده إيمان كامل ولا يقوم بطاعة الله ولا ينتهي عن معصيته، كلما كمل الإيمان في القلب كمل القيام بالطاعة واجتناب المعصية.

    (15/18)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم قضاء الديون بسبب المخدرات


    السؤال
    فضيلة الشيخ: رجل كان من عادته استعمال بعض المخدرات، فتاب وهداه الله إلى الطريق المستقيم، فما إرشادكم له ولمن كان في مثل حاله على هذا الأمر؟ وإذا كان له ديون على أناس من هذه المخدرات، أو يطلبه أناس بسبب هذه المخدرات، فهل يأخذ الأموال التي له ويسدد التي عليه مع أنها بسبب المخدرات؟

    الجواب
    أولاً: نهنئ هذا الرجل الذي منَّ الله عليه بالاستقامة وترك سفاسف الأمور ومهلكات الأرواح، ونقول: احمد الله على هذا الخلاص الذي خلَّصك به.
    ثانياً: جميع ما اكتسبه من هذا الطريق المحرم حرام عليه، لكن ما كان عنده فقد قال الله تعالى: {فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ} [البقرة:275] إلا نفس المخدر إذا كان عنده فإن الواجب عليه إتلافه.
    وأما ما في ذمم الناس فإنه يأخذه منهم لكن يتصدق به تخلصاً منه لا تقرباً به، ولا يمكن أن يدعه عند الناس فيجتمع لهم العوض والمعوض، بل نقول: خذ منهم ما في ذممهم وتصدق به ولا تدخله على مالك، بل تصدق به تخلصاً منه وبذلك تنحل المشكلة.
    أما الذي عليه للناس من أثمان هذه المخدرات فله أن يمتنع من وفائها، ويقول: أنا لا أوفيكم، هذا شيء حرام، والحرام ليس له قيمة شرعاً، ولكن في هذه الحال يتصدق بقيمة ما أخذه من الناس حتى لا يجتمع في حقه العوض والمعوض.

    (15/19)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم خط اللافتات للمحلات التي تبيع الحرام


    السؤال
    ما حكم من يقوم بخط اللوحات المضيئة للناس، إذا خط لوحة بنك ربوي أو خط لوحة لمحل تموينات يعلم أنه يبيع دخاناً أو شيشة أو مجلات خليعة، أو خط لوحة محل يبيع الفيديو أو التلفاز، أو نحو ذلك، فهل هذه الأعمال تحل له أو لا تحل وما شابهها من الأمور المحرمة؟

    الجواب
    أسأل: هل في عمل هذه اللوحات إعانة لهؤلاء على أعمالهم؟ نعم، وإذا كان فيها إعانة على أعمالهم صار ذلك حراماً لقول الله تعالى: {وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْأِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} [المائدة:2] .
    فإذا قدرنا أن هذه اللافتة إذا وضعت على هذا المحل جذبت الناس، والمحل لا يتعامل إلا بالحرام، صار صنع هذه اللافتة حراماً، وأخذ الأجرة عليها حراماً؛ لأنه داخل في قول الله تعالى: {وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْأِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} [المائدة:2] .

    (15/20)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم حج المرأة وهي مُحد


    السؤال
    فضيلة الشيخ: امرأة من خارج هذه البلاد توفي زوجها وهم في السعودية وهي الآن في حداد على زوجها وتريد الحج هذا العام، فهل تحج وهي في العدة علماً أنها بعد انتهاء العدة سوف تعود إلى بلادها فيصعب عليها الرجوع إلى السعودية مرة أخرى، فماذا تعمل، نرجو إرشادها جزاك الله خيراً؟

    الجواب
    هذه المرأة إذا لم تنته عدتها قبل الحج فإن الحج ليس واجباً عليها، لقول الله تعالى: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنْ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً} [آل عمران:97] والمرأة المحادة يلزمها البقاء في المسكن الذي مات زوجها وهي ساكنة فيه، لكن لهذه المرأة إذا كانت لا تستطيع البقاء في بيتها أن تسافر إلى بلدها؛ لأنها إما في البلد التي مات زوجها وهي فيه، وإما في بلدها الأصلي إذا كان يشق عليها البقاء، وأما الحج فليس واجباً عليها في هذه الحال لأنه لا يمكن أن تحج إلا بمحرم وليس لها محرم.

    (15/21)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم الزواج من تارك الصلاة


    السؤال
    فضيلة الشيخ: أنا امرأة تزوجت برجل يترك الصلاة بالشهر والشهرين، ولا يصلي الجمعة وذات ليلة رفضت الفراش منه، وحدثت بيني وبينه خصومة فطلقني طلقتين، وأنا في حيرة من أمري وأخشى أن يكون ما بيننا حرام فأرشدني جزاك الله خيراً، وأرشد أمثال هؤلاء الرجال علماً أن والدي لا يعلم عن ذلك كله؟

    الجواب
    الرجل الذي لا يصلي إطلاقاً لا جمعة ولا غيرها كافر، ولا يحل للمرأة أن تبقى عنده طرفة عين؛ لقول الله تبارك وتعالى: {فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ} [الممتحنة:10] .
    وأما الرجل الذي يصلي ويترك، يعني: أحياناً يصلي وأحياناً لا يصلي، فإن الذي أرى أنه ليس بكافر لكنه فاسق والعياذ بالله، وللمرأة في هذه الحال أن تطالب بفسخ النكاح، والأفضل لها إذا كانت قد أيست من إصلاحه أن تطالب بفسخ النكاح؛ لأن هذا سيكون له الأثر السيئ عليها وعلى أولادها أيضاً، إذا رأوا أن أباهم يتهاون بالصلاة إلى هذا الحد تهاونوا بها، لكننا نسأل الله سبحانه وتعالى له الهداية، وأن يهتدي إلى الصواب، وأن تبقى زوجته معه في سعادة وفلاح.

    (15/22)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم طاعة الوالدين في الامتناع عن الزواج


    السؤال
    فضيلة الشيخ: هل ترون أن طاعة الوالدين عليَّ لازمة إذا منعاني من الزواج بغير عذر مقبول، عذرهم في ذلك أني صغير مع العلم أني أبلغ العشرين من عمري، فما هي الطريقة إذا أصرا على رفضهما مع حاجتي الشديدة للزواج جزاك الله خيراً؟

    الجواب
    إذا كنت قادراً على الزواج فقد قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج) فإذا كنت قادراً على الزواج فهنا أمران: أمر والديك بعدم الزواج وأمر نبيك بالزواج فمن تطيع منهما؟ النبي صلى الله عليه وسلم، ولا إشكال في هذا.
    فنقول: إذا كنت قادراً على الزواج فتزوج، سواء رضي الوالدان أم لم يرضيا، أما إذا كنت غير قادر فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (ومن لم يستطع فعليه بالصوم) وفي هذه الحال إذا كنت غير قادر يجب على أبيك إذا كان قادراً أن يزوجك وجوباً كما يجب عليه أن ينفق عليك؛ لأن إعفاف الإنسان كالإنفاق عليه، هو محتاج إلى إعفاف نفسه كما أنه محتاج إلى الأكل والشرب.
    فخلاصة الجواب الآن: إذا كنت قادراً على النكاح فتزوج ولو منعك أبوك وأمك؛ لأن أمامك أمر الرسول عليه الصلاة والسلام وهو مقدم على أمر والديك.
    أما إذا كنت عاجزاً ليس عندك مال وعند أبيك مال، فإن الواجب على أبيك أن يزوجك وإذا امتنع فإنه آثم.
    فإن كان أبوك فقيراً فقد أرشد النبي عليه الصلاة والسلام الشباب إذا لم يستطيعوا الباءة أن يصوموا، قال: (فعليه بالصوم فإنه له وجاء) أي: قطع؛ لأن الصوم يقلل الشهوة.

    (15/23)


    --------------------------------------------------------------------------------

    إجزاء صيام الست من شوال عن ثلاثة أيام من كل شهر


    السؤال
    فضيلة الشيخ: هل صيام ثلاثة أيام من كل شهر مطلوبة أم يجزئ عنها صيام الست من شوال؟ وهل ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه جمع بين الست من شوال وبين ثلاثة أيام من كل شهر؟ أرجو الإفادة فقد كثر الكلام في هذا؟

    الجواب
    صيام ثلاثة أيام من كل شهر لها فضيلة ولها جواز، فالفضيلة أن تكون في اليوم الثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر، والجائزة في بقية الشهر، قالت عائشة رضي الله عنها: (كان النبي صلى الله عليه وسلم يصوم ثلاثة أيام من كل شهر لا يبالي من أول الشهر أو وسطه أو آخره) وبناءً على ذلك، فإن الإنسان إذا صام ستة أيام من شوال، أجزأت عن صيام الأيام الثلاثة، لكن لو قال: أنا أريد أن أصوم الأيام البيض، قلنا صم الثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر.
    أما صيام ثلاثة أيام من كل شهر فقد حصلت من صيام الستة؛ لأن صيام الستة ثلاثة وزيادة.
    أما سؤاله هل ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم الجمع بين صيام الستة أيام من شوال، وصيام أيام البيض، فقد عرف الجميع الآن، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصوم ثلاثة أيام من كل شهر لا يبالي أصامها من أول الشهر أو وسطه أو آخره، ثم إننا لا نعلم أن الرسول عليه الصلاة والسلام كان يصوم الستة أيام من شوال، لكنه حث أمته على ذلك فقال: (من صام رمضان ثم أتبعه بست من شوال كان كمن صام الدهر) .

    (15/24)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم من بلغت ولم تصم لجهلها


    السؤال
    امرأة تقول: عمري الآن يتجاوز الثلاثين سنة، وأول سنة وجب علي الصوم كان عمري خمس عشرة سنة، ولكني كنت جاهلة فتبين لي الحيض في منتصف الشهر، وتقول: يعلم الله أني كنت جاهلة فماذا يلزمني الآن عن تلك الأيام؟

    الجواب
    الذي فهمناه من السؤال أنها في أول سنة لم تصم، فإن كانت بعيدة عن العلم كامرأة نشأت في بادية وليس عندهم عالم يسألونه وهم غافلون عن هذا الشيء، فإنه لا شيء عليها؛ لأنها لم تبلغها الشريعة.
    وأما إذا كانت في البلد وعندها العلماء ولكنها فرطت وتهاونت؛ فإن عليها أن تقضي الأيام التي لم تصمها، ولا يلزمها أكثر من قضائها، أي: لا يلزمها فدية ولا كفارة.

    (15/25)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم إدخال نية صيام الثلاثة الأيام من كل شهر في نية صيام الست من شوال


    السؤال
    رجل صام الست من شوال، وفي أثناء صيام أحد الأيام نوى في نفسه أنه من صيام ثلاثة أيام من كل شهر، فهل يلزمه أن يكمل ستة أيام أم يجزؤه؟

    الجواب
    يعني: كأنه أراد أن يقطع الستة، أو أراد أن يضيف إليها الثلاثة، على كل حال نجيب على الاحتمالين: رجل شرع في صيام ستة أيام من شوال، ولما صام ثلاثة أيام قطعها وقال: يكفيني أن أصوم من كل شهر ثلاثة أيام، نقول: يكفيه لكنه فاتك أجر صيام ستة أيام من شوال.
    أما الاحتمال الثاني: وهو أنه لما صام ثلاثة أيام من شوال قال: أريد أن أنوي بالثلاثة الباقية صيام ثلاثة أيام من كل شهر، فهذا قد يحصل له ثواب الأمرين جميعاً؛ لأنه يصدق عليه أنه صام ستة أيام من شوال وصيام ثلاثة أيام من كل شهر فيحصل له الأجران جميعاً.

    (15/26)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم إتيان المرأة في دبرها


    السؤال
    فضيلة الشيخ: أمر كثر الكلام عليه عند بعض الناس وخصوصاً الشباب الذين لا يعرفون الطريق المستقيم؛ تشكو زوجاتهم بأنهم ربما يجامعونهن في أدبارهن فما نصيحتك، وما الحكم الشرعي في ذلك؟ أرجو التوجيه فقد كثر الكلام في ذلك؟

    الجواب
    وطء المرأة في دبرها حرام ومن كبائر الذنوب، وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: إن الرجل إذا عرف به، فإنه يجب أن يفرق بينه وبين زوجته، وسماه بعض العلماء اللوطية الصغرى.
    وهو مع كونه ضلالاً في الدين وسفه في العقل، إذ كيف يعدل الإنسان عما خلق الله له إلى محل القذر والنتن والرائحة الكريهة، أليس هذا قذراً في الحقيقة؟ قال لوط لقومه: {أَتَأْتُونَ الذُّكْرَانَ مِنْ الْعَالَمِينَ * وَتَذَرُونَ مَا خَلَقَ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ عَادُونَ} [الشعراء:165-166] وقال الله تعالى: {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ} [البقرة:223] أين محل الحرث؟ القبل: لأنه هو محل الولد، فكيف تعدل عن الأمر الذي أمرك الله به إلى أمر آخر من أوامر الشيطان والعياذ بالله! فنصيحتي لهؤلاء الشباب ولغيرهم من الذين ابتلوا بهذا الأمر، أن يتقوا الله في هذا الأمر، وأن يقلعوا عنه، وقد جعل الله لهم ما هو خير منه، وهو أن يأتي الإنسان زوجته في محل الحرث (في الفرج) وله أن يأتيها مقبلة ومدبرة، أي: له أن يأتيها وهي على ظهرها، أو مدبرة يأتيها وهي على بطنها فالأمر في هذا واسع، ولهذا قال الله: {فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ} [البقرة:223] لكن لا يأتيها في الدبر، يكون الوطء في القبل.

    (15/27)


    --------------------------------------------------------------------------------

    لا يجوز ترك الغسل من الجنابة لأجل إدراك الجماعة


    السؤال
    فضيلة الشيخ: استيقظت على إقامة صلاة الفجر ذات يوم فوجدت أني على احتلام، وكان هذا في فصل الشتاء فلو اغتسلت ستفوتني صلاة الفجر، فتوضأت وذهبت للصلاة، فهل فعلي هذا جائز؟ وهل يجب علي إعادة الصلاة أم ماذا أصنع؟

    الجواب
    فعل هذا السائل ليس بجائز، لأن الواجب عليه أن يغتسل، والغسل والحمد لله سهل، يسخن الماء (وربما يكون عنده سخانة) فيغتسل ويذهب ويصلي ولو فاتته الصلاة، بل لو طلعت الشمس في هذه الحال فإنه معذور، أما إذا كان يخشى من البرد وليس عنده ما يسخن به، وتيمم وصلى فإن صلاته صحيحة، وإذا قدر على الماء استعمله.
    وهذا السائل يقول: هل صلاتي تلك صحيحة أم لا؟ فنقول: الأولى والأحوط أن تعيد تلك الصلاة؛ لأن حقيقة الأمر أنه صلاها وهو على جنابة إذ لا يسوغ له أن يذهب ويصلي في المسجد وهو على جنابة، بل نقول: يجب أن تغتسل ولو فاتتك الجماعة.
    السؤال: قلت في جوابك في السؤال الماضي بالنسبة للرجل الذي صلى وهو محتلم وتوضأ: الأحوط أن يعيد الصلاة، فهل قولك حفظك الله: الأحوط دليل على أنه لم يتبين لك وجوب الإعادة عليه أم ماذا؟ الجواب: نعم.
    لم يتبين؛ لأن هذا الرجل فعل ما ذكره متأولاً يظن أنه هو الصواب.

    (15/28)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم ترك المريض للصلاة مع الاستطاعة على أدائها


    السؤال
    فضيلة الشيخ: نومت في المستشفى خمسة أيام وأنا متعب، فتركت الصلاة خلال هذه الأيام الخمسة لأني أخشى أن أتألم مع أني أستطيع الصلاة، ولكني كنت أخشى من الألم وظننت أنه يجوز لي، فأريد أن أقضي هذه الصلوات في البيت، فهل يجوز لي ذلك أم ماذا علي الآن؟ وما نصيحتك للذين يزورون المرضى أو عندهم مرضى في مثل هذه الأحوال.


    الجواب
    الواجب على المريض الذي معه عقله أن يصلي الصلاة على حسب حاله، قال الله تعالى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} [التغابن:16] وقال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لـ عمران بن الحصين: (صل قائماً، فإن لم تستطع فقاعداً، فإن لم تستطع فعلى جنب) .
    فالواجب على المريض ما دام عقله ثابتاً أن يصلي، يصلي قائماً فإن لم يستطع فقاعداً، فإن لم يستطع فعلى جنب، يومئ برأسه فإن عجز فقيل يومئ بعينيه، وقيل يصلي بقلبه، وأما أن يترك الصلاة من أجل أنه يتعب وهو قادر عليها فهذا خطأ عظيم، ثم المريض قد يسر الله له من وجه ثالث وهو أن يجمع بين الصلاتين بين صلاة الظهر والعصر، أو بين صلاة المغرب والعشاء، إذا كان يشق عليه أن يصلي كل صلاة في وقتها وأما ترك الصلاة فهذا حرام لا يجوز، وعلى هذا الأخ السائل أن يتوب إلى الله مما صنع ويقضي الصلاة التي تركها.

    (15/29)


    --------------------------------------------------------------------------------

    كيفية المسح على الخفين


    السؤال
    فضيلة الشيخ: قرأت لك رأيين فيما يتعلق بالمسح على الخفين: ففي أحدهما قلت حفظك الله: بتقديم مسح اليمنى على اليسرى، وفي الأخر: قلت بمسحهما جميعاً، أيهما الأصح، وأيهما الأخير عندك وفقك الله ونفع بك؟

    الجواب
    كلاهما صحيح، الأمر واسع؛ إن شئت فامسح عليهما جميعاً وإن شئت فابدأ باليمين قبل اليسار، وذلك أن حديث المغيرة بن شعبة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم توضأ يقول: (فأهويت لأنزع خفيه، قال: دعهما فإني أدخلتهما طاهرتين فمسح عليهما) ولم يذكر أنه بدأ باليمنى قبل اليسرى فيحتمل أنه مسح عليهما جميعاً.
    وبهذا قال بعض العلماء وقاسه على الأذنين، فإن الأذنين تمسحان جميعاً، وقال بعض العلماء: يقدم اليمنى؛ لأن المسح بدل عن الغسل، والبدل له حكم المبدل، والغسل تقدم فيه الرجل اليمنى على الرجل اليسرى، والأمر في هذا واسع، إن شاء مسح عليها جميعاً في وقت واحد، وإن شاء بدأ باليمنى ثم اليسرى.

    (15/30)


    --------------------------------------------------------------------------------

    كيفية قضاء ما نسي من الصلاة


    السؤال
    فضيلة الشيخ: نسي إمام الركعة الرابعة في صلاة الظهر وقام لها بعد السلام، فصار نقاش في المسجد فريق يقول للإمام: كان الأولى أن تقوم للركعة الرابعة بدون تكبير، وفريق آخر يقول: بل تقوم بتكبير، فمن هو الفريق الذي على الصواب؟

    الجواب
    الصواب أن يقوم الإنسان لقضاء ما نسيه بلا تكبير، مثاله: رجل سلم في صلاة الظهر من ثلاث ركعات، ثم ذكر فإنه يدخل في صلاته ويقوم بلا تكبير؛ لأن التكبير هنا للقيام من السجود وقد حصل، فيقوم بلا تكبير، ولأنه لو كبر لظن الناس أن هذه تكبيرة إحرام وأنه ابتداء ركعة، فيفصلون الركعة الأخيرة عن بقية الصلاة، فلهذا نقول: إنه يقوم بلا تكبير، ولكن يبقى النظر فيما لو كان هناك أناس يصلون في مكان آخر من المسجد، فكيف يتوصل إلى تنبيههم؟ نقول: يمكن أن يتوصل إلى تنبيههم بأن يجهر بالبسملة أو بالآية الأولى من الفاتحة حتى يعرفوا أنه دخل في صلاته.

    (15/31)


    --------------------------------------------------------------------------------

    قضاء الصلاة مع التوبة من التأخير


    السؤال
    فضيلة الشيخ: بالنسبة للسائل الذي سأل عن الخمسة أيام التي لم يصلها في المستشفى هو الآن لم يقضها حتى الآن، فهل يجوز له التوبة فقط أم التوبة مع القضاء؟

    الجواب
    التوبة مع القضاء، يجب عليه أن يتوب إلى الله من تأخيره، ويجب عليه أن يقضي، وإن كان ظاهر السؤال الأول أنه قضى، لكننا نقول: الآن يجب عليه أن يقضي، وليس كما يظنه بعض العوام أنه يقضي كل صلاة مع نظيرتها بل يقضيها جميعاً سرداً.

    (15/32)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم الدعاء لأهل المقابر حين المرور عليها مع عدم مشاهدتها


    السؤال
    فضيلة الشيخ: كتب على جدران بعض المقابر بالدعاء للمقابر والسلام عليهم، فهل حين المرور على هذه المقابر مع أنها في أسوار محاطة لا نرى القبور ولا نشاهدها؛ هل يشرع لنا السلام على أهلها أم ماذا نصنع؟

    الجواب
    الظاهر أن الذين كتبوا هذا يريدون تنبيه الداخل إلى المقبرة أن يقول هذا الذكر، ولكن يبقى النظر فيما لو مر الإنسان هل يسلم أو لا؟ يحتمل في ذلك وجهين: إما أن نقول يسلم لأنه صدق عليه أنه مر بالمقبرة، وإما أن نقول: إنه لا يسلم؛ لأنه كما قال السائل: لا يشاهد القبور ولم يدخل عليها، ولهذا لو مر الإنسان ببيت إنسان داخل بيته، وهو يعلم أنه في بيته فهل يسلم عليه؟ لا يسلم لكن لو دخل سلم عليه.

    (15/33)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم من قطع العمرة جاهلاً


    السؤال
    فضيلة الشيخ: بالنسبة لسؤال الرجل الذي قطع العمرة، لم تذكر وفقك الله هل عليه كفارة على قطعه لها وإعادته للعمرة من جديد أم ليس عليه كفارة؟ وماذا تقولون: إذا كان قد جامع زوجته بعد ما قطع العمرة وجلس أياماً بعيداً عن مكة؟

    الجواب
    ليس عليه كفارة حتى وإن جامع زوجته وذلك لأنه جاهل، والقاعدة الشرعية: أن من فعل شيئاً محرماً عليه وهو جاهل فإنه لا شيء عليه، لا إثم ولا كفارة ولا فدية.
    ويبدو لي من السؤال الأخير أن الرجل يظن أنه يذهب إلى مكة يبتدئ عمرة جديدة وليس كذلك، بل هو الآن محرم، ويجب عليه إن كان رجلاً أن يتجرد من المخيط أي من ثيابه وأن يلبس ثياب الإحرام، ويتوكل على الله يذهب إلى مكة، ويكمل عمرته وليس هذا ابتداء عمرة، فهو الآن لا يزال في عمرته لكن ما فعله من المحظورات نظراً لكونه جاهلاً لا يؤاخذ بها.
    وأخيراً أسأل الله عز وجل أن يجعل هذا العمل نافعاً، مباركاً، خالصاً لوجهه الكريم
    وأن ينفعني به في حياتي وبعد مماتي، وأن ينفع به كل من انتهى إليه؛ فإنه خير مسؤول، وأكرم مأمول، وهو حسبنا ونعم الوكيل، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد بن عبد الله وعلى آله وأصحابه ومن تبعه بإحسان إلى يوم الدين.

    حياكم الله بموقع بداية الهداية الخطوة إلى طريق العلم الشرعي الصحيح
    http://www.musacentral.com/

  10. #30
    تاريخ التسجيل
    Mar 2009
    المشاركات
    2,459
    الدين
    الإسلام
    آخر نشاط
    01-11-2023
    على الساعة
    04:37 PM

    افتراضي

    اللقاء الشهري

    اللقاء الشهري [16]
    إن الواجب على العلماء والدعاة إلى الله أن يبينوا هذا الدين للناس وأحكامه وشرائعه وآدابه؛ بكل وجوه البيان والتبليغ، وفي هذه المادة يتحدث الشيخ عن التكبير في أيام التشريق، ثم يجيب عن الأسئلة الواردة في هذا اللقاء.

    (16/1)


    --------------------------------------------------------------------------------

    مشروعية التكبير في العشر من ذي الحجة
    الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على نبينا محمد خاتم النبيين وإمام المتقين.
    أما بعد: فإن هذا اللقاء يعتبر تكميلاً للمحاضرة السابقة ليلة الإثنين الماضي، لأنها كثرت الأسئلة حول موضوع المحاضرة، وقد ذكر أن كثيراً من الإخوة يريدون أن يعرفوا شيئاً عن التكبير في أيام العشر من ذي الحجة فنقول: إن التكبير في العشر من ذي الحجة مشروع، يسن للإنسان في عشر ذي الحجة أن يكثر من التكبير فيقول: الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر الله أكبر ولله الحمد.
    وبعض العلماء يقول: تكبر ثلاثاً فتقول: الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر الله أكبر الله أكبر ولله الحمد، والأمر في هذا واسع، يعني: سواء كبرت مرتين أو كبرت ثلاثاً فكلها على خير، لكن العلماء رحمهم الله ذكروا أن التكبير المطلق، أي: الذي يكون في كل ساعات الليل والنهار يبتدأ من دخول شهر ذي الحجة إلى آخر يوم من أيام التشريق، يعني: إلى أن تغيب الشمس ليلة الثالث عشر، فتكون أيام التشريق أيام ذكر مطلق، وكذلك أيام العشر التي قبل العيد، وكذلك يوم العيد.
    وأما التكبير المقيد فيكون من صلاة فجر يوم عرفة إلى صلاة عصر آخر يوم من أيام التشريق، يكون تكبيراً مقيداً دبر خمس صلوات في يوم عرفة، وخمس صلوات في يوم العيد، وخمس صلوات في الحادي عشر، وخمس صلوات في الثاني عشر، وخمس صلوات في الثالث عشر، الجميع خمس وعشرون صلاة يسن أن يكبر بعدها، أي بعد أن يقول: أستغفر الله ثلاثاً، اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت يا ذا الجلال والإكرام، ثم يكبر، فيكون هذا التكبير كالتسبيح والتحميد الذي يسن في كل وقت بعد الصلاة.
    هذه هي أوقات التكبير المطلق والتكبير المقيد، ولقد ذكرنا أنه ينبغي اغتنام العشر من ذي الحجة في الأعمال الصالحة: من ذكر، وقرآن، ودعاء، وصدقة، وصلاة وغير ذلك، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (ما من أيام العمل الصالح فيهن أحب إلى الله من هذه الأيام العشر قالوا: ولا الجهاد في سبيل الله، قال: ولا الجهاد في سبيل الله، إلا رجلاً خرج بنفسه وماله ولم يرجع من ذلك بشيء) .
    نسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعل هذه الأيام العشر وما بعدها أيام خير وبركة علينا وعلى المسلمين جميعاً، ونسأل الله تعالى في مقامنا هذا أن ينصر إخواننا المسلمين في البوسنة والهرسك، وأن يعجل لهم بالنصر العزيز والفتح المبين، إنه على كل شيء قدير.

    (16/2)


    --------------------------------------------------------------------------------

    الأسئلة

    (16/3)


    --------------------------------------------------------------------------------

    المشروع في حق النساء تغطية الوجه إذا أحرمن


    السؤال
    فضيلة الشيخ: يعاني الدعاة والناصحون من أمر عظيم، وهو أنهم يرون نساء كاشفات في الحج والعمرة حتى في حال الطواف أو في الوقوف بعرفة أو غير ذلك، فما هو المشروع في حق النساء إذا أحرمن بالنسبة لتغطية الوجه، خاصة أننا نرى بعض من يتحجبن في غير الإحرام إذا أحرمن كشفن عن وجوههن بحجة أن إحرام المرأة في وجهها، ويحتجون بقوله صلى الله عليه وسلم: (لا تنتقب المرأة ولا تلبس القفازين) فيقولون: إذا كانت المرأة ممنوعة من النقاب فمن باب أولى تغطية الوجه، فما هو الرد الذي يمكن أن نرد به عليهم؟

    الجواب
    بسم الله الرحمن الرحيم لا شك أن الدعاة والآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر يتضايقون من فعل بعض النساء، سواء في موسم الحج أم في غير موسم الحج؛ من التبرج والتطيب وكشف الوجه والكف وربما كشف بعض الذراع، وهذا أمر يحتاج إلى الصبر والمصابرة، لقول الله تبارك وتعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [آل عمران:200] ولقول لقمان لابنه: {يَا بُنَيَّ أَقِمْ الصَّلاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنْ الْمُنكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأُمُورِ} [لقمان:17] .
    والواجب على النساء إذا خرجن إلى الأسواق أن يخرجن غير متطيبات، ولا متبرجات بزينة، ولا كاشفات لوجوههن ولا لأكفهن ولا لأقدامهن بقدر المستطاع.
    والمرأة إذا أحرمت فإنه يحرم عليها أن تنتقب، أي أن تلبس النقاب، لأن لبس النقاب في وجهها كلبس الرجل العمامة على رأسه، ولهذا أطلق بعض العلماء قولهم: إحرام المرأة في وجهها، يعني أن لباس الوجه للمرأة بمنزلة لباس الرأس للرجل فلا تنتقب، ورسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم لم يقل: لا تغطي رأسها، وإنما قال: لا تنتقب، والنقاب أخص من تغطية الرأس، والنهي عن الأخص لا يقتضي النهي عن الأعم.
    وعلى هذا فالمرأة يجب عليها إذا مرت من حول الرجال، أو مر من حولها الرجال أن تستر وجهها، وهذا يتعين في الطواف والسعي، وفي المشي في الأسواق، لأنها ستمر بالرجال وسيمر الرجال من عندها، فالواجب عليها أن تتقي الله عز وجل لا سيما وأنها في أمكنة معظمة، وفي أزمنة معظمة وفي عبادة لله عز وجل إذا كانت محرمة، فعليها أن تتقي ربها، وقد قال الله تعالى: (فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدَالَ فِي الْحَجِّ) [البقرة:197] وكشف المرأة وجهها أمام الرجال من الفسوق، فلتتقي الله المرأة المسلمة، ولتحافظ على دينها وعلى حيائها وعلى سترها، حتى تكون ممتثلة لأمر الله ورسوله.
    وأما لبس القفازين فإنه مأمور به في غير الإحرام؛ أما في الإحرام فإنه منهي عنه لقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (لا تنتقب المرأة ولا تلبس القفازين) وأقول: إن لبس القفازين مشروع لأنه كان من عادة نساء الصحابة رضي الله عنهن في عهد النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فأقره النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لما فيه من تمام الستر.

    (16/4)


    --------------------------------------------------------------------------------

    خروج المتمتع بعد العمرة من مكة إلى بلده أو غيرها


    السؤال
    فضيلة الشيخ: إذا أراد الإنسان التمتع فأتى بعمرة في أشهر الحج، فهل يخرج من الحرم ثم يعود لـ منى يوم التروية، أم يبقى في الحرم ولا يخرج منه؟ ولو خرج إلى جدة أو رجع إلى بلده ليأتي بأهله، فهل الأفضل أن يحرم بالعمرة من جديد فينقطع تمتعه؟ وبماذا تنصحونه في كلتا الحالتين؟

    الجواب
    إذا أحرم الإنسان بالتمتع ووصل إلى مكة فالواجب عليه أن يطوف ويسعى ويقصر، وبذلك يحل من عمرته، وله بعد ذلك أن يخرج إلى جدة، أو إلى الطائف، أو إلى المدينة، أو إلى غيرها من البلاد، ولا ينقطع تمتعه بذلك، حتى لو رجع محرماً بالحج، فإن التمتع لا ينقطع.
    أما لو سافر إلى بلده ثم عاد من بلده محرماً بالحج فإن تمتعه ينقطع، فإن عاد محرماً بعمرة بعد أن رجع إلى بلده صار متمتعاً بالعمرة الثانية لا بالعمرة الأولى؛ لأن العمرة الأولى انقطعت عن الحج بكونه رجع إلى بلده.
    وخلاصة القول: أن من كان متمتعاً فله أن يسافر بين العمرة والحج إلى بلده أو غيره، لكن إن سافر إلى بلده ثم عاد محرماً بالحج فقد انقطع تمتعه ويكون مفرداً، وإن سافر إلى غير بلده ثم عاد محرماً بالحج فإنه لا يزال على تمتعه وعليه الهدي كما هو معروف.

    (16/5)


    --------------------------------------------------------------------------------

    متى يكون القِرن أفضل من التمتع؟


    السؤال
    فضيلة الشيخ: معي نساء كبيرات في السن فأيهما أفضل التمتع أم القران؛ لأن القران يسقط منه سعي، ويمكن أيضاً أن تجمع المرأة بين طواف الإفاضة وطواف الوداع، فيكون ذلك أيسر على المرأة كبيرة السن؟ وهل تنصحون كبيرات السن بالتمتع أم بالقران؟ وهل يشترط للقارن سوق الهدي؟

    الجواب
    لا شك أنه في هذه الأزمنة يصعب على كثير من الحجاج إذا كانوا متمتعين أن يأتوا بطواف للعمرة وسعي للعمرة، ثم طواف للحج وسعي للحج، ثم طواف للوداع، فيرى بعض الناس أن يكون قارناً، فإذا وصل إلى مكة طاف طواف القدوم، وسعى سعي الحج والعمرة، ولا يجوز السعي مرة ثانية، فيكون من هذه الناحية أسهل من التمتع.
    كذلك هو أسهل من التمتع من وجه آخر، لأنه إذا كان قارناً فله أن يؤخر الطواف إلى ما بعد انقضاء الحج، يعني يجوز ألا يطوف للقدوم وألا يسعى، بل يحرم بالحج والعمرة، ثم يخرج إلى منى ويكمل الحج، ثم بعد ذلك يطوف ويسعى متى تيسر له، حتى وإن كان بعد اليوم الثالث عشر أو بعد الرابع عشر أو في آخر الشهر.
    وبناء على ذلك نقول: إذا كان هذا أيسر فإن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لم يخير بين شيئين إلا اختار أيسرهما ما لم يكن إثماً، والقران ليس بإثم بل هو أحد مناسك الحج.
    وعن قول السائل: هل يجوز القران بدون سوق الهدي؟ نقول: نعم، يجوز القران بدون سوق الهدي؛ لأن الذين أحرموا مع النبي صلى الله عليه وسلم كما في حديث عائشة رضي الله عنها؛ منهم من أهل بحج، ومنهم من أهل بعمرة وحج، ومنهم من أهل بعمرة، ثم لما قدموا مكة قال النبي صلى الله عليه وسلم: (من لم يسق الهدي فليجعلها عمرة) وهذا يشمل القارن الذي أحرم عند الميقات بحج وعمرة ولم يسق الهدي، وعلى هذا فنقول: لو قيل بأن القران في هذه الحال أفضل من التمتع لكان له وجه، لأنه أيسر على الناس، وهو قد حصل على عمرة وحج، وحصل أيضاً على هدي، لأن القارن يذبح الهدي كما يذبحه المتمتع.

    (16/6)


    --------------------------------------------------------------------------------

    يقدم النكاح على الحج إذا خيف المشقة بتركه


    السؤال
    فضيلة الشيخ: ذكرتم في اللقاء الشهري الماضي أن الشاب إذا جمع مالاً لغرض الزواج فإنه لا يحج، بل يقدم الزواج خشية الفتنة، فما مقصودكم بالفتنة؛ هل هي الوقوع في الزنا فقط أم أن هناك أمراً آخر يدخل تحتها؟

    الجواب
    نقول: إذا كان عند الإنسان مال، وكان في حاجة إلى النكاح، ويخاف المشقة في عدم النكاح، أو يخاف الزنا على نفسه إن لم يتزوج، فهنا يقدم النكاح على الحج؛ لأن حاجة الإنسان إلى النكاح كحاجته إلى الأكل والشرب، وفي بعض الأحيان يكون أشد، لذلك قال العلماء: إنه يقدم النكاح على الحج إذا خاف المشقة بتركه.

    (16/7)


    --------------------------------------------------------------------------------

    فضل حج التطوع مالم يؤذ أو يتأذ


    السؤال
    فضيلة الشيخ: تتوق النفس للحج، ولكن نسمع كلمات من الناس لا ندري أهي صحيحة أم لا، يقولون: من حج فليترك المجال لغيره، مع أننا نعلم أن الله عز وجل أمرنا بالتزود، فهل هذا القول صحيح؟ وإذا كان ذهاب الإنسان للحج ربما نفع الله به عدداً كبيراً، سواء ممن يقدم إلى هذه البلاد أو من يصاحبهم من بلاده هو، فما تقولون وفقكم الله؟

    الجواب
    نقول: إن هذا القول ليس بصحيح، أعني القول: بأن من حج فرضه فليترك فرصة لغيره؛ لأن النصوص دالة على فضيلة الحج، وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (تابعوا بين الحج والعمرة فإنهما ينفيان الفقر والذنوب كما ينفي الكير خبث الحديد والذهب والفضة) .
    والإنسان العاقل يمكن أن يذهب إلى الحج ولا يؤذي ولا يتأذى إذا كان يسايس الناس، فإذا وجد مجالاً فسيحاً فعل ما يقدر عليه من الطاعة، وإذا كان المكان ضيقاً عامل نفسه وغيره بما يقتضيه هذا الضيق، ولهذا كان النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم حين دفع من عرفة يأمر الناس بالسكينة، وشنق لناقته الزمام -يعني جذبه- حتى إن رأسها ليصيب مورك رحله من شدة جذبه للزمام؛ لكنه إذا وجد فجوة نص.
    قال العلماء: يعني: إذا وجد متسعاً أسرع، فدل هذا على أن الحاج ينبغي له أن يتعامل مع الحال التي هو عليها، إذا وجد الضيق فليتأن وليسايس الناس، وبهذا لا يتأذى ولا يؤذي.
    وهذا الذي نراه في هذه المسألة: أن الإنسان يحج ويستعين بالله تعالى على هذا الحج، ويقوم بما يلزمه من واجبات، ويحرص على ألا يؤذي أحداً ولا يتأذى بقدر المستطاع.
    نعم.
    لو فرض أن هناك مصلحة أنفع من الحج، كأن يكون بعض المسلمين محتاجاً إلى الدراهم أو للجهاد في سبيل الله، فالجهاد في سبيل الله أفضل من الحج، وحينئذ يصرف هذه الدراهم إلى المجاهدين في سبيل الله، أو كانت هناك مسغبة أي جوع شديد على المسلمين، فهنا صرف الدراهم في إزالة المسغبة أفضل من الحج بها.

    (16/8)


    --------------------------------------------------------------------------------

    لا حج على من لا مال له


    السؤال
    فضيلة الشيخ: أنا طالب قد بلغت، وليس لي مال خاص بي، فهل أطلب من والدي المال لأحج الآن أم أنتظر لحين تخرجي وعملي لأحج بمالي الخاص مع أن ذلك سيطول، فبماذا تنصحونني؟

    الجواب
    الحج لا يجب على الإنسان إذا لم يكن عنده مال، حتى وإن كان أبوه غنياً، ولا يلزمه أن يسأل أباه أن يعطيه ما يحج به، بل إن العلماء يقولون: لو أن أباك أعطاك مالاً لتحج به لم يلزمك قبوله، ولك أن ترفضه وتقول: أنا لا أريد الحج والحج ليس واجباً علي.
    وبعض العلماء يقول: إذا أعطاك إنسان مثل الأب أو الأخ الشقيق مالاً لتحج به فإنه يجب عليك أن تأخذه وتحج به، أما لو أعطاك المال شخص آخر تخشى أن يمن به عليك يوماً من الدهر؛ فإنه لا يلزمك أن تأخذه وتحج به، وهذا القول هو الصحيح.
    والمسألة الآن مفهومة: إنسان أعطاه شخص مالاً ليؤدي به الفريضة، فهل يلزمه أن يقبل هذا المال ويؤدي به الفريضة؟ الجواب: لا يلزمه، وله أن يرده خشية المنة، أما إذا كان الذي أعطاه المال أباه أو أخاه الشقيق فهنا نقول: خذ المال وحج به، لأن أباك لا يمن عليك والشقيق لا يمن عليك.
    وعلى هذا نقول للأخ الطالب: انتظر حتى يغنيك الله عز وجل وتحج من مالك، ولست بآثم إذا تأخرت عن الحج.

    (16/9)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم الحج من مال الزكاة


    السؤال
    فضيلة الشيخ: حججت من زكاة أحد المحسنين، وهذه الزكاة كانت بعض مؤنتي، فهل يجزئ حجي أم أحج حجاً آخر؟

    الجواب
    إذا كان الحجة فريضة، فقد قال بعض العلماء: إنه يجوز أن تصرف الزكاة في حج الفريضة، أما إذا كان نافلة فإنه لا يحل لك أن تأخذ من الزكاة لتحج، مع أن القول الراجح: إن الزكاة لا تصرف لحج الفقير الفريضة والنافلة، وذلك لأن الفقير لم يجب عليه الحج فليس فريضة في حقه، حتى وإن كان يحج لأول مرة.
    أما الذي أخذ الزكاة بناءً على أنه يحتاجها، ثم حج وصرف منها نقول له: حجك صحيح، وليس عليك إثم، لأنك أخذت باعتبار أنك فقير، وأدخلتها مع مالك الذي تنفقه على نفسك وحججت بها.

    (16/10)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم الطواف مع جعل الظهر أو الصدر نحو الكعبة


    السؤال
    فضيلة الشيخ: هناك أمر نراه كثيراً في المطاف، حيث يعمد بعض الناس أن يتحلقوا حول نسائهم فتكون ظهور بعضهم إلى الكعبة، فهل هذا جائز وهل حجهم صحيح؟ وبم تنصحون من كان معه نساء، هل يكونون جماعات أم يكونون فرادى؟

    الجواب
    أظن أن صورة المسألة واضحة، بعض الناس يكون معهم نساء ثم يدورون حول نسائهم، وفي هذه الحال ستكون ظهور بعضهم إلى الكعبة، وبعضهم صدره إلى الكعبة، والطواف يجب فيه أن تكون الكعبة عن يسار الطائف، فهؤلاء الذين ولوا ظهورهم أو صدورهم نحو الكعبة لا يصح طوافهم، لأنهم تركوا شرطاً من شروط صحة الطواف، وهي أن يجعل الطائف الكعبة عن يساره، وهذه مسألة يجب أن يتنبه لها.
    أما الشق الثاني من السؤال وهو: هل الأولى أن الناس يجتمعون جميعاً على نسائهم، أو أن كل واحد منهم يمسك بيد امرأته أو أخته أو المرأة التي يطوف بها من محارمه وحدها؟ هذا يرجع إلى حال الإنسان، فقد يكون الإنسان ضعيفاً لا يستطيع المزاحمة، فيحتاج إلى أن يكون حوله أحد من رفقته ليدافع عنه، وقد يكون الإنسان قوياً، فهنا نرى أن كونه يأخذ بيد امرأته ويطفو بها وحدها أيسر له ولها وللناس أيضاً.

    (16/11)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم ترك الإحرام من الميقات


    السؤال
    فضيلة الشيخ: اعتمرنا بالنقل الجماعي، ولم يتنبه السائق للميقات إلا بعد أن تجاوزه بمائة كيلو، فرفض العودة إليه وواصل الرحلة حتى وصلت إلى جدة، فماذا علينا والحال هكذا؟

    الجواب
    الواجب على السائق أن يتوقف عند الميقات ليحرم الناس منه، فإن نسي ولم يذكر إلا بعد مائة كيلو -كما قال السائل- فإن الواجب عليه أن يرجع بالناس حتى يحرموا من الميقات؛ لأنه يعلم أن هؤلاء يريدون العمرة أو يريدون الحج، فإن لم يفعل وأحرموا من مكانهم -أي بعد تجاوز الميقات بمائة كيلو- فإن على كل واحد فدية يذبحها في مكة ويوزعها على الفقراء؛ لأنهم تركوا واجباً من واجبات النسك سواء في حج أو في عمرة.
    وفي هذه الحال لو حاكموا هذا السائق لربما حكمت المحكمة عليه بضمان ما غرموه من هذه الفدية؛ لأنه هو الذي تسبب لهم في غرمها، وهذا يرجع إلى المحكمة فإذا رأى القاضي من المصلحة أن يقول للسائق: عليك قيمة الفدى التي ذبحها هؤلاء، لأنك اعتديت عليهم، والنسيان منك أنت، لأنك فرطت أولاً، ثم اعتديت عليهم بمنعهم من حق الرجوع.

    (16/12)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم أداء العمرة للنفس والحج عن شخص آخر بالنسبة للمتمتع


    السؤال
    فضيلة الشيخ: شخص يحج متمتعاً، هل يجوز أن يؤدي العمرة عن نفسه والحج عن شخص آخر؟

    الجواب
    نعم يجوز للمتمتع أن يجعل عمرته لنفسه والحج لشخص آخر، أو يجعل العمرة لشخص آخر والحج لنفسه، وهذا فيمن أدى الفريضة عن نفسه، أما من لم يؤدها فالواجب أن يحج عن نفسه ويعتمر عن نفسه أولاً ثم عن غيره ثانياً.
    وأخيراً أسأل الله عز وجل أن يجعل هذا العمل نافعاً، مباركاً، خالصاً لوجهه الكريم
    وأن ينفعني به في حياتي وبعد مماتي، وأن ينفع به كل من انتهى إليه؛ فإنه خير مسؤول، وأكرم مأمول، وهو حسبنا ونعم الوكيل، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد بن عبد الله وعلى آله وأصحابه ومن تبعه بإحسان إلى يوم الدين.

    حياكم الله بموقع بداية الهداية الخطوة إلى طريق العلم الشرعي الصحيح
    http://www.musacentral.com/

صفحة 3 من 10 الأولىالأولى ... 2 3 4 ... الأخيرةالأخيرة

موسوعه فتاوى اللقاء الشهري العلامه ابن عثمين

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

المواضيع المتشابهه

  1. هنا كل كنوز العلامه محمد بن صالح العثيمين
    بواسطة ابو ياسمين دمياطى في المنتدى منتدى الصوتيات والمرئيات
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 28-02-2018, 09:02 PM
  2. هنا كل كنوز العلامه مصطفى العدوي
    بواسطة ابو ياسمين دمياطى في المنتدى منتدى الصوتيات والمرئيات
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 28-02-2018, 05:45 PM
  3. عشر خطط للمحافظة على راتبك الشهري من المصاريف
    بواسطة الزبير بن العوام في المنتدى المنتدى العام
    مشاركات: 13
    آخر مشاركة: 14-05-2014, 11:31 AM
  4. فضل العلم العلامه بن باز مرئى
    بواسطة ابو ياسمين دمياطى في المنتدى منتدى الصوتيات والمرئيات
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 19-04-2011, 02:16 AM
  5. ستيوارت العتيبي و مايكل الشهري وآخرون.. سعوديون يريدون إعلان إسلامهم
    بواسطة نعيم الزايدي في المنتدى منتدى قصص المسلمين الجدد
    مشاركات: 4
    آخر مشاركة: 10-01-2011, 11:08 AM

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  

موسوعه فتاوى اللقاء الشهري العلامه ابن عثمين

موسوعه فتاوى اللقاء الشهري العلامه ابن عثمين