بسم الله الرحمن الرحيم

يعترض البعض من الجهلة اليوم على مسالة الاعجاز العلمي في قوله تعالى ((و الجبال اوتادا)) بالادعاء الباطل ان هذه العبارة مع قوله تعالى (( الم نجعل الارض مهادا)) مقتبستان من خطبة كعب بن لؤي احد اجداد القرشيين .

و للرد على مثل هذه الجهالة اقول :
ان هؤلاء ان كلفوا انفسهم دقيقة من البحث و التدقيق لما وضعوا انفسهم في محل السخرية اذ ان هذه الرواية لا تصح سندا اصلا
.

الرواية :
اصلها في دلائل النبوة لابي نعيم الاصبهاني الفصل الخامس (و نقلها عنه ابن كثير رحمه الله في البداية و النهاية الجزء الثاني )
((46 - وَذَلِكَ مَا حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ، قَالَ: ثنا عَلِيُّ بْنُ الْمُبَارَكِ الصَّنْعَانِيُّ، قَالَ: ثنا زَيْدُ بْنُ الْمُبَارَكِ بن مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ زَبَالَةَ الْمَخْزُومِيُِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ طَلْحَةَ التَّيْمِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَارِثِ التَّيْمِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَارِثِ التَّيْمِيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، قَالَ: كَانَ كَعْبُ بْنُ لُؤَيِّ بْنِ غَالِبِ بْنِ فِهْرِ بْنِ مَالِكٍ يَجْمَعُ قَوْمَهُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، وَكَانَتْ قُرَيْشٌ تُسَمِّي يَوْمَ الْجُمُعَةِ عَرُبَةً، فَيَخْطُبُهُمْ، فَيَقُولُ: " §أَمَّا بَعْدُ، فَاسْمَعُوا، وَتَعَلَّمُوا، وَافْهَمُوا، وَاعْلَمُوا، لَيْلٌ سَاجٍ، وَنَهَارٌ ضَاحٍ، وَالْأَرْضُ مِهَادٌ، وَالسَّمَاءُ بِنَاءٌ، وَالْجِبَالُ أَوْتَادٌ، وَالنُّجُومُ أَعْلَامٌ، وَالْأَوَّلُونَ كَالْآخِرِينَ، وَالْأُنْثَى وَالذَّكَرُ وَالزَّوْجُ إِلَى بِلًى صَائِرِينَ، فَصِلُوا أَرْحَامَكُمْ، وَاحْفَظُوا أَصْهَارَكُمْ، وَثَمِّرُوا أَمْوَالَكُمْ، فَهَلْ رَأَيْتُمْ مِنْ هَالِكٍ رَجَعَ، أَوْ مَيِّتٍ -[90]- نُشِرَ، الدَّارُ أَمَامَكُمْ، وَالظَّنُّ غَيْرُ مَا تَقُولُونَ، حَرَمُكُمْ زَيِّنُوهُ، وَعَظِّمُوهُ، وَتَمَسَّكُوا بِهِ، فَسَيَأْتِي لَهُ نَبَأٌ عَظِيمٌ، وَسَيَخْرُجُ مِنْهُ نَبِيُّ كَرِيمٌ. ثُمَّ يَقُولُ:

نَهَارٌ وَلَيْلٌ كُلُّ أَوْبٍ بِحَادِثٍ ... سَوَاءٌ عَلَيْهَا لَيْلُهَا وَنَهَارُهَا

يَؤُوبَانِ بِالْأَحْدَاثِ حِينَ تَأَوَّبَا ... وَبَالنِّعَمِ الضَّافِي عَلَيْنَا سُتُورُهَا

عَلَى غَفْلَةٍ يَأْتِي النَّبِيُّ مُحَمَّدٌ ... فَيُخْبِرُ أَخْبَارًا صَدُوقًا خَبِيرُهَا

ثُمَّ يَقُولُ: وَاللَّهِ لَوْ كُنْتُ فِيهَا ذَا سَمْعٍ، وَبَصَرٍ، وَيَدٍ، وَرِجْلٍ لَتَنَصَّبْتُ فِيهَا تَنَصُّبَ الْجَمَلِ، وَلَأَرْقَلْتُ فِيهَا إِرْقَالَ الْفَحْلِ. ثُمَّ يَقُولُ:

يَا لَيْتَنِي شَاهِدٌ فَحْوَاءَ دَعْوَتِهِ ... حِينَ الْعَشِيرَةُ تَبْغِي الْحَقَّ خِذْلَانَا

وَكَانَ بَيْنَ مَوْتِ كَعْبِ بْنِ لُؤَيٍّ وَبَيْنَ مَبْعَث النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَمْسُمِائَةِ سَنَةٍ وَسِتُّونَ سَنَةً))

التحقيق :
الرواية ضعيفة سندا و لا تصح لعدة علل :

اولا: الارسال من ابي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف رحمه الله و هو من الطبقة الثانية من التابعين و لم يدرك زمن النبي صلى الله عليه وسلم فكيف يدرك زمن كعب بن لؤي و بينه وبين كعب اكثر من خمسمائة و ستون سنة !!! .
نقرا من سير اعلام النبلاء الجزء الرابع :
((أبو سلمة بن عبد الرحمن ( ع ) ابن عوف بن عبد عوف بن عبد بن الحارث بن زهرة بن كلاب بن مرة بن كعب القرشي الزهري ، الحافظ ، أحد الأعلام بالمدينة . قيل : اسمه عبد الله ، وقيل : إسماعيل ، ولد سنة بضع وعشرين . ))

ثانيا : محمد بن طلحة التيمي صدوق و لكنه سيء الحفظ لا يحتج به اذا انفرد و لم تروى هذه الرواية الا من هذا الطريق .
نقرا من تهذيب الكمال للامام المزي رحمه الله باب الميم :
((5312 - س ق: مُحَمَّد بن طلحة بن عبد الرحمن (3) بْن طلحة بْن عَبد اللَّهِ بن عثمان بن عُبَيد الله بن عثمان بن عَمْرو بْن كعب بْن سعد بْن تيم بْن مره القرشي التَّيْمِيّ، أَبُو عبد اللَّه بن الطويل المدني. وجده عثمان بْن عُبَيد اللَّه أخو طلحة بْن عُبَيد اللَّه ....قال أَبُو حاتم (1) : محله الصدق، يكتب حديثه ولا يحتج به.
وذكره ابنُ حِبَّان فِي كتاب "الثقات" (2) وَقَال: مات سنة ثمانين ومئة، ربما أخطأ ))

نقرا من تقريب التهذيب لابن حجر رحمه الله باب الميم :
((5980- محمد ابن طلحة ابن عبد الرحمن ابن طلحة ابن عبد الله ابن عثمان ابن عبيد الله التيمي المعروف بابن الطويل وجده عثمان هو أخو طلحة أحد العشرة صدوق يخطىء من الثامنة مات سنة ثمانين ومائة س ق))

ثالثا : محمد بن الحسن بن زبالة ضعيف متروك متهم بالكذب .
نقرا من تهذيب الكمال لامام المزي رحمه الله باب الميم :
((5148 - د: مُحَمَّد بن الْحَسَن بن زبالة (4) ، وهو مُحَمَّد بْن الْحَسَن بن أَبي الْحَسَن القرشي المخزومي المدني....
قال معاوية بن صالح (1) : قال لي يحيى بْن مَعِين: مُحَمَّدُ ابْنُ الْحَسَنِ الزَّبَالِيُّ واللَّهِ مَا هُوَ بِثَقَةٍ، حَدَّثَ عَدُوُّ الله عن مالك عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَن أَبِيهِ، عن عائشة، عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ: فُتِحَتْ الْمَدِينَةُ بِالْقُرَّآنِ وفُتِحَتْ سَائِرُ الْبِلادِ بِالسَّيْفِ.
وَقَال هَاشَمُ بْنُ مَرْثَدٍ الطَّبَرَانِيّ، عَنْ يَحْيَى بْن مَعِين: ابْنُ زَبَالَةَ كَذَّابٌ خَبِيثٌ لَمْ يَكُنْ بِثِقَةٍ ولا مَأَمُونَ يَسْرِقُ (1) .
وقَال البُخارِيُّ (2) : عِنْدَهُ مَنَاكِيرٌ. قال ابْنُ مَعِين: كَانَ يَسْرِقُ الْحَدِيثَ.
وَقَال أَحْمَد بْن صالح المِصْرِي: كتبت عنه مئة ألف حديث ثم تبين لي أنه كَانَ يضع الحديث فتركت حديثه.
وَقَال إِبْرَاهِيم بْن يعقوب الجوزجاني (3) : لم يقنع الناس بحديثه.
وَقَال أبو زُرْعَة (4) : واهي الحديث (5) .
وَقَال أَبُو حاتم (6) : واهي الحديث، ذاهب الحديث، ضعيف الْحَدِيثِ، عِنْدَهُ مَنَاكِيرٌ، مُنَكَرُ الْحَدِيثِ، ولَيْسَ بِمَتْرُوكِ الْحَدِيثِ، ومَا أَشْبَهَ حَدِيثَهُ بِحَدِيثِ عُمَر بْنِ أَبي بَكْرٍ الْمُؤَمَّلِيِّ، والْوَاقِدِيِّ، ويَعْقُوبَ بْنِ مُحَمَّدٍ الزُّهْرِيّ، والْعَبَّاسِ بْنِ أَبي شملة، وعبد العزيز ابن عِمْران الزُّهْرِيّ وهم ضُعَفَاءُ مَشَايِخِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ.
وَقَال أبو عُبَيد الآجري: سمعت أَبَا داود يَقُول: كذابا المدينة: مُحَمَّد بن الْحَسَن بن زبالة، ووهب بن وهب أبو البختري، بلغني أنه كان يضع الحديث بالليل على السراج.
وَقَال النَّسَائي (1) : متروك الحديث.
وَقَال في موضع آخر: ليس بثقة ولا يكتب حديثه.
وَقَال أبو أَحْمَد بن عدي (2) : أنكر ما روى حديث هشام بن عروة "فتحت القرى بالسيف (3) .))

رابعا : علي بن المبارك الصنعاني مجهول لم يوثقه الا الحافظ العراقي و هو من المتاخرين وقد وصنفه المنصوري صاحب كتاب ارشاد القاصي و الداني الى شيوخ الطبراني ضمن مرتبتة المقبول .

نقرا من ارشاد القاصي و الداني الجزء الاول :
(( [694] علي بن محمد بن عبد الله بن المبارك أبو الحسن الصنعاني.حدث عن: محمد بن عبد الرحيم بن شروس، وإسماعيل بن أبي أويس، وابن أخيه زيد بن المبارك، ومحمد بن يوسف.
وعنه: أبو القاسم الطبراني وأكثر عنه في "معاجمه"، وخيثمة بن سليمان، والقطان.
أخرج له الحاكم، والضياء، وذكره المزي في "تهذيبه"، ووثقه العراقي، وقال الهيثمي: لم أعرفه.
مات سنة سبع وثمانين – وقيل: ثمان وثمانين – ومائتين.
- المستدرك (2/ 491)، المختارة (8/ 65)، فتح الباب (2017)، تاريخ الإسلام (21/ 230)، محجبة القرب (228)، المجمع (6/ 293).
* قلت: (مقبول))

فالرواية ضعيفة و لا تصح و على فرض صحتها (تنزلا) فان الرواية تثبت نبوءة النبي صلى الله عليه وسلم حيث يتنبا كعب بن لؤي بمبعثه قبل خمسمائة و ستون سنة من مبعثه حيث نقرا من الرواية نفسها :
(( نُشِرَ، الدَّارُ أَمَامَكُمْ، وَالظَّنُّ غَيْرُ مَا تَقُولُونَ، حَرَمُكُمْ زَيِّنُوهُ، وَعَظِّمُوهُ، وَتَمَسَّكُوا بِهِ، فَسَيَأْتِي لَهُ نَبَأٌ عَظِيمٌ، وَسَيَخْرُجُ مِنْهُ نَبِيُّ كَرِيمٌ. ثُمَّ يَقُولُ:
نَهَارٌ وَلَيْلٌ كُلُّ أَوْبٍ بِحَادِثٍ ... سَوَاءٌ عَلَيْهَا لَيْلُهَا وَنَهَارُهَا
يَؤُوبَانِ بِالْأَحْدَاثِ حِينَ تَأَوَّبَا ... وَبَالنِّعَمِ الضَّافِي عَلَيْنَا سُتُورُهَا
عَلَى غَفْلَةٍ يَأْتِي النَّبِيُّ مُحَمَّدٌ ... فَيُخْبِرُ أَخْبَارًا صَدُوقًا خَبِيرُهَا
ثُمَّ يَقُولُ: وَاللَّهِ لَوْ كُنْتُ فِيهَا ذَا سَمْعٍ، وَبَصَرٍ، وَيَدٍ، وَرِجْلٍ لَتَنَصَّبْتُ فِيهَا تَنَصُّبَ الْجَمَلِ، وَلَأَرْقَلْتُ فِيهَا إِرْقَالَ الْفَحْلِ))

وضعف السند يغنينا عن اي تكلف زائد .

هذا وصلى الله على سيدنا محمد و على اله وصحبه وسلم