الأدعياء ( التبنى ) واللقيط والضال
************************************************************ *******************************
الأدعياء " التبنى "
الأدعياء : جمع مفرده : دعىّ . وهى كلمة مشتقة من الإدعاء أو الزعم .. وفيه : يضم الرجل ولداً غير ولده وينسبه إلى
إسمه وهو ليس من صلبه .. يتبنّاه ويدّعى أنه إبنه . ويجعل له ميراثاً كميراث أبنائه وأولاده .. ويحرم على نفسه
بألا يتزوج من امرأته إن توفى عنها أو قام بطلاقها ( حيث يعتبرها زوجة إبنه ) ..
هذه العلاقة الصورية فى الأبوة والبنوة .. تؤدى إلى اختلاط الأنساب . وإلى انتهاك الحرمات والأعراض . وإلى إهدار
الحقوق وتغيير الحقائق . وإلى الجور والظلم وعدم القسط والعدل . وتحريم ما أحل الله ..
...
الأدعياء ليسواْ كالأبناء .. والإدعاء ممن قاموا بضمهم بأنهم أبناء لهم : ما هو إلا مجرد أقوال ترددها ألسنتهم وأفواههم ..
لأنه لا مستند لهم فيها ولا حجة .. فلا هم من نطفهم ولا هم قد أتواْ من أصلابهم .. يقول عز وجل :
{ وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَاءكُمْ أَبْنَاءكُمْ ذَلِكُمْ قَوْلُكُم بِأَفْوَاهِكُمْ }
...
هذه العلاقة الصورية : فعل من أفعال الجاهلية .. نهى الله عنها .. وأخبر عباده وأمرهم إن قاموا بكفالة أحدٍ من خلقه
وتولوا تربيتهم وتعليمهم .. فعليهم : أن ينسبوهم إلى أسماء آبائهم وأن يلحقوهم بمن أنجبوهم .. فقال جل شأنه :
{ ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِندَ اللَّهِ }
...
لقد كان زيد بن حارثة رضى الله عنه مولى من موالى رسول الله .. " كان عبداً أنعم الله عليه بإسلامه . وأنعم عليه
رسول الله صلى الله عليه وسلم بإعتاقه " ..
( لفظ المولى : يجمع فى المعنى بين : السيد والعبد . وبين المعتَق والمعتِق . وبين المنعِم والمنعَم عليه ) ..
...
وكان أهل مكة يقولون بأفواههم ويدّعون بألسنتهم نسبة " زيد " إلى رسول الله ويقولون " زيد بن محمد " .. وكانوا يعتبرون
زوجة زيد : زوجة إبن : لرسول الله صلى الله عليه وسلم .. لا يحل له الزواج بها .. إن مات عنها " زيد " أو قام بطلاقها ..
...
رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يعلم " بهدى الله الذى به هداه " بأن زيد ليس بإبنه ولا ولده ( كما يدّعى ذلك أهل مكة ) ..
ولكن : كان يخفى هذا العلم واليقين ويُضمره فى نفسه ..
قضى " زيد " وطره من زوجته وأراد أن يطلقها . فنهاه رسول الله وحثه على الإمساك بها وأمره بتقوى الله وعدم طلاقها ..
ولكن : قضى الله أمراً كان مفعولا .. وطلق زيد زوجته ..
.
نزل شرع الله وحكمه على نبيه ورسوله كاشفاً له ما أضمره وما أخفاه فى نفسه .. وأخبره سبحانه بأنه لا يجوز أن يخشى من الناس
ويخشى ما يقولون به ويدّعونه ( من أن زيد بن محمد ) .. فالخشية لاتكون إلا من الله وحده .. فقال له جل شأنه :
{ وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ . وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ . أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ . وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ .
وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَاهُ }
...
ولكى يتأسى المسلمون بفعل رسول الله ويتركوا أفعال الجاهلية : أمر الله نبيه ورسوله أن يتزوج
من أم المؤمنين رضى الله عنها بعد أن قضى " زيد " وطره منها ..
{ فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِّنْهَا وَطَراً زَوَّجْنَاكَهَا . لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ . إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَراً }
...
زوّجها الله لنبيه .. حتى لا يحرم الناس ما أحل الله . ولكى يعلموا ويوقنوا بأن الأدعياء ليسواْ كالأبناء .
وأن زوجات أدعيائهم لسْن كزوجات أبنائهم ..

أبطل الله ما درج واعتاد عليه أهل مكة . ورفع الله الحرج عنهم . وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم لهم أسوة ..

ونزل البيان من الله بأن رسول الله لا ينبغى أن يكون أباً لزيد ولا لأى عبدٍ من عباد الله .. فقال العزيز الحكيم :
{ مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَكِن رَّسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ }
صلى الله عليه وسلم
............................................
اللقيط والضال
اللقيط : هو الوليد أو الرضيع الذى طُرح فى مكان ما لأى سبب من الأسباب ( نتيجة فقر أو زنا أو نتيجة تشوه فى
خلقه أو لنزاع بين الزوجين أو للتخلص منه أو لغير ذلك ) ولا يُعرف له أب أو أم ولا أهل أو عشيرة أو قبيلة ..
.
والضال : هو من ضلّ الطريق أو ضاع من أهله وأسرته ويجهل موطنه وعشيرته لصغر سنه وعدم قدرته على الكلام أو لصم
أو بكم أو لعلة أو مرض أو لأى سبب من الأسباب ولا يعرف إسم أبيه أو أمه .. ذكراً كان أم أنثى ومميزاً أو غير مميز ..
...
وعلى من التقط لقيطاً أو عثر على ضال ألا يتركه فى مكانه حفاظاً على حياته وخشية موته أو هلاكه ودرءاً لضلاله وعدم إيمانه ..
وعليه أن يقوم بإيوائه والنفقة عليه وأن يقوم بالبحث والتحرى عن أبويه ..
فإن لم يعرف لأيهما أباً أو أماً .. فقد أوجب الله أن يتم تنشئته على الإيمان . وأن يكون مولى من الموالى لأىٍ من أهل الإسلام ..
{ ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِندَ اللَّهِ . فَإِن لَّمْ تَعْلَمُوا آبَاءهُمْ . فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ }
.
وإما : أن يقوم بتسليمه إلى " دور الرعاية والأيتام " لكفالته ورعايته ..
وإما : أن يقوم هو بتسميته بإسم حسن ( ثلاثياً أو رباعياً ) . ولا ينسبه إلى نسبه أو يتخذه ولداً
ويجعله من الأبناء ( حتى لايعد فى حكم الأدعياء ) ..
وأن يتكفل بعنايته ورعايته ويتولى تربيته وتنشئته وتعليمه وفقاً للأحكام والضوابط الشرعية التى أمر الله بها ..
.
************************************************************ *******************************
سعيد شويل