قالوا : لقد حكم محمدٌ رسول الإسلام بإهدار آدمية الإنسان حينما أمر بجلده على مرأى ومسمع من الناس... !!
ووصلت الوحشية إلى منتهى قسوتها حيث يُلقى بالإنسان-المُحصن- في حفرة ثم تتناوله الأيدي رجماً بالحجارةِ إلى أن يموت... كل ذلك لأنه زنا فقط .... فأين الرحمة التي تتحدثون عنها؟!


وتعلقوا بما جاء في الآتي :


1- صحيح مسلم كِتَاب ( الْقَسَامَةِ وَالْمُحَارِبِينَ وَالْقِصَاصِ وَالدِّيَاتِ ) بَاب ( مَا يُبَاحُ بِهِ دَمُ الْمُسْلِمِ ) برقم 3175 عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ : r" لَا يَحِلُّ دَمُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ يَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَّا بِإِحْدَى ثَلَاثٍ الثَّيِّبُ الزَّانِي وَالنَّفْسُ بِالنَّفْسِ وَالتَّارِكُ لِدِينِهِ الْمُفَارِقُ لِلْجَمَاعَةِ ".
2- سنن أبي داود برقم 3789 قَالَ رَسُولُ اللَّهِ : r" لَا يَحِلُّ دَمُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ يَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ إِلَّا بِإِحْدَى ثَلَاثٍ رَجُلٌ زَنَى بَعْدَ إِحْصَانٍ فَإِنَّهُ يُرْجَمُ، وَرَجُلٌ خَرَجَ مُحَارِبًا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ فَإِنَّهُ يُقْتَلُ أَوْ يُصْلَبُ أَوْ يُنْفَى مِنْ الْأَرْضِ أَوْ يَقْتُلُ نَفْسًا فَيُقْتَلُ بِهَا". (صححه الألباني).
قال الألباني: صحيح.


2- قصة ماعز والغامدية حينما رجمهما النبيُّ محمدٌ r .
3- جلد الزاني غير المُحصن؛ قوله  : الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ وَلَا تَأْخُذْكُم بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ (النور2).


الرد على الشبهة


أولًا : إن مما لا شك فيه أن الرجلَ يحتاجُ إلى المرأةِ ، و المرأة تحتاج إلى الرجلِ جنسيًا وعاطفيًا .....
فهذه فطرة أودعها اللهُ في خلقِه ؛ لذا جاء الإسلام بالزواج وجعله من السننِ التي لا تتبدل... تدلل على ذلك أدلة منها :


1- قوله : وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ  (الروم21).


2- قوله :  وَأَنكِحُوا الْأَيَامَى مِنكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِن يَكُونُوا فُقَرَاء يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (النور32) .


4- سنن أبي داود برقم 1808 ، وصححه الألباني في السلسة الصحيحة برقم 1842قال r :"خَيْرُ النِّكَاحِ أَيْسَرُهُ ". أي : أفضل الزواج الذي لا يُتكَلف فيه بتكاليف باهظة لا ضرورة لها...


5- صحيح البخاري برقم 4678عن عَبْد اللَّهِ بنِ مسعودٍ قال: كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ r شَبَابًا لَا نَجِدُ شَيْئًا فَقَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ r : " يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ مَنْ اسْتَطَاعَ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ ".
نلاحظ : أنهr أوصى بالزواج ثم الصوم ، ولم يرخصr بالزنا...


ثانيًا : إن مما لا شك فيه أن الزنا جريمة من أقبحِ الجرائمِ التي عرفتها البشريةُ من لدن آدم  إلى يومنا هذا فلا تجدُ إنسانًا مهما كانت ملته ، أو ديانته،أو حتى لا يدين بدين ؛ يرضي الزنا لأمه ، أو لابنته ، أو لأخته ، أو لعمته ، أو لخالته...إلا إذا كان ملحدًا ديوثا.... لذا صح عن النبي محمد r كما في مسندِ أحمدَ برقم 21185 ، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة برقم 370 عن أبي أُمَامَةَ قَالَ: إِنَّ فَتًى شَابًّا أَتَى النَّبِيَّ r فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ: ائْذَنْ لِي بِالزِّنَا فَأَقْبَلَ الْقَوْمُ عَلَيْهِ فَزَجَرُوهُ قَالُوا: مَهْ مَهْ فَقَالَ:" ادْنُهْ " فَدَنَا مِنْهُ قَرِيبًا قَالَ: فَجَلَسَ قَالَ:" أَتُحِبُّهُ لِأُمِّكَ " قَالَ: لَا وَاللَّهِ جَعَلَنِي اللَّهُ فِدَاءَكَ قَالَ:" وَلَا النَّاسُ يُحِبُّونَهُ لِأُمَّهَاتِهِمْ " قَالَ : " أَفَتُحِبُّهُ لِابْنَتِكَ " قَالَ: لَا وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ جَعَلَنِي اللَّهُ فِدَاءَكَ" قَال:" وَلَا النَّاسُ يُحِبُّونَهُ لِبَنَاتِهِمْ" قَالَ:" أَفَتُحِبُّهُ لِأُخْتِكَ " قَالَ :لَا وَاللَّهِ جَعَلَنِي اللَّهُ فِدَاءَكَ قَالَ:" وَلَا النَّاسُ يُحِبُّونَهُ لِأَخَوَاتِهِمْ" قَالَ:" أَفَتُحِبُّهُ لِعَمَّتِكَ"قَالَ :لَا وَاللَّهِ جَعَلَنِي اللَّهُ فِدَاءَكَ قَالَ:" وَلَا النَّاسُ يُحِبُّونَهُ لِعَمَّاتِهِمْ" قَالَ:" أَفَتُحِبُّهُ لِخَالَتِكَ " قَالَ : لَا وَاللَّهِ جَعَلَنِي اللَّهُ فِدَاءَكَ قَالَ:"وَلَا النَّاسُ يُحِبُّونَهُ لِخَالَاتِهِمْ " قَالَ : فَوَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهِ وَقَالَ :" اللَّهُمَّ اغْفِرْ ذَنْبَهُ وَطَهِّرْ قَلْبَهُ وَحَصِّنْ فَرْجَهُ " فَلَمْ يَكُنْ بَعْدُ ذَلِكَ الْفَتَى يَلْتَفِتُ إِلَى شَيْءٍ.
إننا رأينا في وسائل الإعلام أن من المشاهير من يقتل زوجته وأبنائه ظنًا منه أن الأبناء ليسوا من صلبه ! فما أكثر هذه الحالات... !
لذا سد الإسلامُ الأبوابَ التي تؤدي إلى الزنا ، وهذا من باب( سد الذرائع ) ؛
قال   :وَلاَ تَقْرَبُواْ الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاء سَبِيلاً  (الإسراء32) .
جاء في التفسير الميسر : ولا تقربوا الزنى ودواعيه ؛ كي لا تقعوا فيه، إنه كان فعلا بالغ القبح، و بئس الطريق طريقه . اهـ


إذًا : الإسلام أمر بالزواج وتيسيره كما تقدم ، وأوصى بعدة أمور لاجتناب الزنا منها :


1- أمر بغضِ البصرِ عن النساءِ الأجانبِ والعكس...... قال  :  قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ * وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ  (النور30-31). وأما حديث : " النظرةُ سهم من سهام إبليس من تركها خوفا من الله آتاه الله إيمانًا يجد حلاوته في قلبه " .(ضعيف) ضعفه الألبانيُّ في السلسةِ الضعيفةِ برقم 1065 .ومعناه صحيح.


2- نهى عن تعطرِ المرأة عند خروجِها من بيتِها حتى لا تَفتِن من حولها ، ويكون ذلك مدعاة للزنا ، وذلك واضحٌ من قولِه r :" أَيُّمَا امْرَأَةٍ اسْتَعْطَرَتْ فَمَرَّتْ عَلَى قَوْمٍ لِيَجِدُوا مِنْ رِيحِهَا فهيَ زَانِيَةٌ ". رواه النسائي برقم 5036 .


3-نهى عن الخضوعِ بالقولِ من النساءِ والتبرجِ ؛ قال  :  فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا (32) وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى  ( الأحزاب ).


4-نهي عن مصافحةِ المرأةِ الأجنبية بغير حُسن نية... وذلك في الحديث الذي أخرجه الطبراني، والبيهقي ، وهو مُخرّج في السلسلة الصحيحة برقم 226 عن معقلِ بنِ يسارٍ  عن رسولِ اللهِ r قال :" لأن يطعن في رأس أحدكم بمخيطٍ من حديدٍ خير له من أن يمس امرأة لا تحل له ".


5-نهي عن دخولِ الأقاربِ على النساءِ كأخ الزوجِ وغيره في غياب الزوج.... وذلك في صحيح البخاري برقم 4831عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِر ٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ r قَالَ:" إِيَّاكُمْ وَالدُّخُولَ عَلَى النِّسَاءِ" فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ الْأَنْصَارِ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَفَرَأَيْتَ الْحَمْوَ ؟ قَالَ : " الْحَمْوُ الْمَوْتُ ".


الْحَمْوُ : هو أخو الزوج يدخل على زوجةِ أخيه في غيابه ، وقد يفتتن بها ...
وما أكثر تلك الجرائم التي نسمع عنها اليوم وأمس بسبب دخول الأخِ في بيتِ أخيه في غيابِه ... وغير ذلك من الأمورِ والنواهي التي أوصى بها الإسلامُ العظيم....


ثالثًا : إن عِظم العقوبة التي جاء بها الإسلامُ تتفق تمامَ الاتفاق مع عظم جريمة الزنا ؛ فهذه الجريمة القبيحة ،يستقبحها الناس ولا يرضونها لأقاربهم كما تقدم ....
فجعل الإسلام العقوبة على قدر عظم الجريمة...فقسمها لصنفين:
الأول: الزاني غير المحصن" الذي لم يتزوج":
جعل الجلد مائة جلده على مرأى ومسمع من الناس ، مع التغريب مدة سنة كاملة....قوله  : الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ وَلَا تَأْخُذْكُم بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ  (النور2).


جاء في التفسير الميسر : الزانية والزاني اللذان لم يسبق لهما الزواج, عقوبةُ كل منهما مائة جلدة بالسوط, وثبت في السنة مع هذا الجلد التغريب لمدة عام. ولا تحملكم الرأفة بهما على ترك العقوبة أو تخفيفها, إن كنتم مصدقين بالله واليوم الآخر عاملين بأحكام الإسلام، وليحضر العقوبةَ عدد من المؤمنين ; تشنيعًا وزجرًا وعظة واعتبارًا . اهـ


لو جُلِدَ زاني غير محصن أمامَ الناسِ سوف يخاف الحاضرون من جريمةِ الزنا ، وكذلك من سمع عن جلدِه ،وكل من تسول له نفسه ....
وأما بالنسبة للزاني نفسه فلن يرجع مرةً أخري إلي فعلته هذه فذلك خير له أيضًا؛لأن الحدود تُسقط الذنوب ...
وقد يُفرض عليه أن يتزوج ممن زنا بها ،إذا أغوها هو ..وذلك بدعوى من أهلها...
وأما من كان متزوجًا محصنًا وعلى الرُغمِ من ذلك يزني فتكون العقوبة أشد هي: أن يُلقى به في حفرةٍ ثم تتناوله الأيدي رجمًا بالحجارةِ إلى أن يموت....-وكان ذلك قديما- لقول النبي محمد r: " لَا يَحِلُّ دَمُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ يَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَّا بِإِحْدَى ثَلَاثٍ: الثَّيِّبُ الزَّانِي... ". وكذلك فعله r لما رجم ماعز والغامدية كما في صحيح مسلم برقم 3208 ، 3209 .


وعليه: فلو رجم واحدٌ فقط ما رأينا كثرة حالات الزنا المنتشرة بشراهة في زمننا ،ولازدجر كل من تسول له نفسه على فعلتها خشية أن تصيبه العقوبة مثلما أصابت الزاني المحصن .....
كما أن هناك عنصر إجماعي ونفسي لزوج المرأة الزانية ...ففي الغالب يريد أن ينتقم لشرفه وكرامته فيقتلها ...ثم يُعدم أو يسجن ظُلما ... وذلك حسب القوانين الوضعية...!


وأما بالنسبة للزاني المحصن الذي رجم فذلك خير له أيضًا ؛لأن الحدود تُسقطُ الذنوبَ ، وهذا من رحمة الله به  خير له من أن يلقى ربه مذنبًا دنسًا ثبت في صحيحِ مسلمٍ برقم 3209 أنَ النبيَّr قال لعمرَ  عن الغامديةِ التي رُجِمت:
" لَقَدْ تَابَتْ تَوْبَةً لَوْ قُسِمَتْ بَيْنَ سَبْعِينَ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ لَوَسِعَتْهُمْ وَهَلْ وَجَدْتَ تَوْبَةً أَفْضَلَ مِنْ أَنْ جَادَتْ بِنَفْسِهَا لِلَّهِ تَعَالَى ؟ ".
قلتُ : وقد أمر الله بالعرف لما قال : خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ (199)(الأعراف).
والعرف في العصر الحديث هو أن الرجم يكون رميا بالرصاص بأمر من السلطة القضائية للسلطة التنفيذية ...وليس رميا بالحجر، وهو أفضل عُرفًا، قياسًا واستحسانًا...



رابعًا : إن جزيرة العرب كانت مشهورة ببيوت الرايات الحمراء ( بيوت الدعارة) فما أكثر الزنا آنذاك -دون النساء الحرة-!
ولكن لما بعث اللهُ محمدًا r شرع لأمته حدًا الزنا...


وعليه فإن هناك سؤالين يطرحا نفسيهما علينا هما :


السؤال الأول : كم جريمة زنا وقعت في عهدهr ?
وكم حالة رجم ؟
وكم حاله جلد ؟ كعقوبة للجريمة التي تتعلق "بحفظ العرض" الذي يمس بالأسرة والمجتمع ، وحفظ العرض من أسمى مقاصد الشريعة...


الجواب :


بالنسبة للجلد :فهي حالاتٌ قليلةٌ جدًا تكاد لا تُذكر...


وبالنسبة للرجم: فهي أيضًا حالات قليلة جدًا منها : قصة ماعز و الغامديه وهما اللذان أقرا بنفسيهما على جريمتهما؛فلم يشهد عليهما أربعة شهود ... وذلك في صحيح مسلم برقم 3208 عَنْ بُرَيْدَةَ ِ أَنَّ مَاعِزَ بْنَ مَالِكٍ الْأَسْلَمِيَّ أَتَى رَسُولَ اللَّهِ r فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي قَدْ ظَلَمْتُ نَفْسِي وَزَنَيْتُ وَإِنِّي أُرِيدُ أَنْ تُطَهِّرَنِي فَرَدَّهُ فَلَمَّا كَانَ مِنْ الْغَدِ أَتَاهُ فَقَالَ :يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي قَدْ زَنَيْتُ فَرَدَّهُ الثَّانِيَةَ فَأَرْسَلَ رَسُولُ اللَّهِ r إِلَى قَوْمِهِ فَقَالَ: أَتَعْلَمُونَ بِعَقْلِهِ بَأْسًا تُنْكِرُونَ مِنْهُ شَيْئًا فَقَالُوا: مَا نَعْلَمُهُ إِلَّا وَفِيَّ الْعَقْلِ مِنْ صَالِحِينَا فِيمَا نُرَى فَأَتَاهُ الثَّالِثَةَ فَأَرْسَلَ إِلَيْهِمْ أَيْضًا فَسَأَلَ عَنْهُ فَأَخْبَرُوهُ أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِهِ وَلَا بِعَقْلِهِ فَلَمَّا كَانَ الرَّابِعَةَ حَفَرَ لَهُ حُفْرَةً ثُمَّ أَمَرَ بِهِ فَرُجِمَ قَالَ: فَجَاءَتْ الْغَامِدِيَّةُ فَقَالَتْ :يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي قَدْ زَنَيْتُ فَطَهِّرْنِي وَإِنَّهُ رَدَّهَا فَلَمَّا كَانَ الْغَدُ قَالَتْ : يَا رَسُولَ اللَّهِ لِمَ تَرُدُّنِي لَعَلَّكَ أَنْ تَرُدَّنِي كَمَا رَدَدْتَ مَاعِزًا فَوَاللَّهِ إِنِّي لَحُبْلَى قَالَ: إِمَّا لَا فَاذْهَبِي حَتَّى تَلِدِي فَلَمَّا وَلَدَتْ أَتَتْهُ بِالصَّبِيِّ فِي خِرْقَةٍ قَالَتْ : هَذَا قَدْ وَلَدْتُهُ قَالَ : اذْهَبِي فَأَرْضِعِيهِ حَتَّى تَفْطِمِيهِ فَلَمَّا فَطَمَتْهُ أَتَتْهُ بِالصَّبِيِّ فِي يَدِهِ كِسْرَةُ خُبْزٍ فَقَالَتْ : هَذَا يَا نَبِيَّ اللَّهِ قَدْ فَطَمْتُهُ وَقَدْ أَكَلَ الطَّعَامَ فَدَفَعَ الصَّبِيَّ إِلَى رَجُلٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ ثُمَّ أَمَرَ بِهَا فَحُفِرَ لَهَا إِلَى صَدْرِهَا وَأَمَرَ النَّاسَ فَرَجَمُوهَا فَيُقْبِلُ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ بِحَجَرٍ فَرَمَى رَأْسَهَا فَتَنَضَّحَ الدَّمُ عَلَى وَجْهِ خَالِدٍ فَسَبَّهَا فَسَمِعَ نَبِيُّ اللَّهِ r سَبَّهُ إِيَّاهَا فَقَالَ : " مَهْلًا يَا خَالِدُ فَوَ الَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَقَدْ تَابَتْ تَوْبَةً لَوْ تَابَهَا صَاحِبُ مَكْسٍ لَغُفِرَ لَهُ ثُمَّ أَمَرَ بِهَا فَصَلَّى عَلَيْهَا وَدُفِنَتْ ".



السؤال الثاني : كم حالة جلد ورجم للزناة في زمنِ الصحابةِ  وهم السلف من بعدِه r في خلافتهم له ؟


الجواب : إنها حالات قليلة جدًا تكاد لا تُذكر ...
وعليه لما لما جاء الإسلامُ بحدِ الزنا قلّت الجرائم، وخاف الزناة العصاة فمنهم من تاب وأناب....




خامسًا : إن من رحمةِ الإسلامِ بالعصاة أن العقوبة لا تقع إلا بعد التثبتِ من الجريمةِ فلابد من شهادةِ أربعةِ شهود عدول يشهدون بأنهم رأوا من الرجلِ و المرأةِ ما يكون بين الرجل وزوجته من اتصال مباشر (المزود بالمكحلة)(الرشاش في البئر) وهذا من الصعب جدًا؛ بل يكاد مستحيلًا أن يراهما الأربعة شهودٍ في هذا الموضع ويدلوا بشهادتهم بعد قسمهم أمام القاضي...


وبالتالي : فإن العقوبة لا تكون إلا بالشهود الأربعة ، أو بالإقرار، أو ببينة واضحة ....والأخبار التي وصلتنا كان معظمها إقرارًا ....
ثم إن الإسلام دعا إلى التسترِ وليس إلى التشفي ، والتعطش للدماء ، وذلك واضح من الحديثِ الذي رواه أبو داود في سننه برقم 3805 ، وصححه الألباني في السلسةِ الصحيحةِ برقم 3460 عَنْ يَزِيدَ بْنِ نُعَيْمٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ مَاعِزًا أَتَى النَّبِيَّ r فَأَقَرَّ عِنْدَهُ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ فَأَمَرَ بِرَجْمِهِ وَقَالَ لِهَزَّالٍ : " لَوْ سَتَرْتَهُ بِثَوْبِكَ كَانَ خَيْرًا لَكَ ". حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ ابْنِ الْمُنْكَدِرِ أَنْ هَزَّالًا أَمَرَ مَاعِزًا أَنْ يَأْتِيَ النَّبِيَّ r فَيُخْبِرَهُ.


كذلك إذا شك شاهدٌ واحدٌ في شهادتِه فإن هذا الشك يكون لمصلحةِ الزاني والزانية فالعقوبة تسقط عنه للآتي :


1- الحديث ضعيف في ضعيف الجامع برقم 258 قال r: " ادرؤوا الحدودَ بالشبهاتِ ".


2- أخرج ابنُ أبى شيبةَ في مصنفه قال : عمرُ بنُ الخطابِ  : " لئن أعطل الحدودَ بالشبهات أحب إلي من أن أقيمها بالشبهات ".


و بهذا عمل القضاة المسلمون سلفًا وخلفًا على درءِ الحدود بالشبهاتِ ....
كما أن الواجب على الحكام تيسير أمور الزواج وإبعادهم عن الوقع في المحرمات ...هذا أولى من تعذيبهم بنية تهذيبهم في السجون والإصلاحيات...
وهذا ما فعله الخليفة الأموي عمر بن عبد العزيز ؛فقد كان يقوم بتزويج الشباب والفتيات على نفقة الدولة ،فهي من مُقدّرات شعبه ورعيته ....



سادسًا : إن من الحيواناتِ ( القرود ) من يرفض جريمةَ الزنا ، ويلهمهم اللهُ  (بالحد الرجم ) ليكون سببًا في شفاء غليلهم ....و ذلك في صحيح البخاري كتاب (المناقب) بابٌ (القسامة في الجاهليةِ) برقم 3560 عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ قَالَ: " رَأَيْتُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ قِرْدَةً اجْتَمَعَ عَلَيْهَا قِرَدَةٌ قَدْ زَنَتْ فَرَجَمُوهَا فَرَجَمْتُهَا مَعَهُمْ " .


قلت : وعلى أختلاف بعضُ المحققين في صحةِ هذه الروايةِ ...والتي لا تصح ، وهو حدثٌ نادر جدًا أن يقع وفقا لما رآه الراوي... إلا أن فيه أفضلية للقرود على الملحدين الديوثين ، الذين لا يكترثون بزنا أخواتهم وبناتهم ...بل وزنا المحارم ...
فهو مجرد مادة لا يعرف قداسة ولا نجاسة، وليس من حقه أن يعترض على حد من حدود الله تعالى....
وبحسب نظرية التطور فإن هناك سلف مشترك بينه وبين القردة....
بل وصرح دوكنز أكبر ملاحدة الغرب أن أصل الإنسان قرد إفريقي...!!



سابعًا : إن حكمَ رجمِ الزناة ثابتٌ عند اليهودِ ؛ قال  : وَكَيْفَ يُحَكِّمُونَكَ وَعِندَهُمُ التَّوْرَاةُ فِيهَا حُكْمُ اللّهِ ثُمَّ يَتَوَلَّوْنَ مِن بَعْدِ ذَلِكَ وَمَا أُوْلَـئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ  (المائدة43).
جاء في تفسير الجلالين : { وَكَيْفَ يُحَكِّمُونَكَ وَعِندَهُمُ التوراة فِيهَا حُكْمُ الله } بالرجم استفهام تعجب أي : لم يقصدوا بذلك معرفة الحق بل ما هو أهون عليهم { ثُمَّ يَتَوَلَّوْنَ } يُعرضون عن حكمك بالرجم الموافق لكتابهم { مِن بَعْدِ ذلك } التحكيم { وَمَا أُوْلَئِكَ بالمؤمنين } . اهـ


وقال  : يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيرًا مِمَّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ (15) يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (16)  (المائدة).
جاء في تفسير الجلالين : { يا أهل الكتاب } اليهود والنصارى { قَدْ جَاءكُمْ رَسُولُنَا } محمد { يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيراً مّمَّا كُنتُمْ تُخْفُونَ } تكتمون { مّنَ الكتاب } التوراة والإنجيل كآية الرجم وصفته { وَيَعْفُواْ عَن كَثِيرٍ } من ذلك فلا يبينه إذا لم يكن فيه مصلحة إلا افتضاحكم و { قَدْ جَاءكُمْ مّنَ الله نُورٌ } هو النبي r { وكتاب } قرآن { مُّبِينٌ } بَيِّنٌ ظاهر . اهـ


قلت : إن اليهودَ جاءوا إلى النبيّ r بحالةٍ أُمسكت في زنا يريدون منه r أن يحكم بينهم بحكم أخف من الرجمِ كالجلد مثلاً ... فقال  لنبيّه محمد : وَكَيْفَ يُحَكِّمُونَكَ وَعِندَهُمُ التَّوْرَاةُ فِيهَا حُكْمُ اللّهِ ثُمَّ يَتَوَلَّوْنَ مِن بَعْدِ ذَلِكَ وَمَا أُوْلَـئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ .
أي : لماذا جاءك هؤلاء اليهود يسألونك عن عقوبة الزاني، وحكم الرجم عندهم موجود في توراتهم ....
وقد شاء الله  أن تظل مثل هذه النصوص إلى يومنا هذا رُغم ما طالها من إخفاء وتحريف.... فالتوراة عند المعترضين الآن تُسمي (بالعهد القديم ) ففيها ذكر الربُّ القتل بالرجم كحد للزناة ، والحرق أيضا لابنة الكاهن ...


يدلل على ذلك ما يلي :


1- سفر التثنية فيه حد الزنا ( الرجم ) ، وذلك في الأصحاح 22 عدد 22«إِذَا وُجِدَ رَجُلٌ مُضْطَجِعًا مَعَ امْرَأَةٍ زَوْجَةِ بَعْل، يُقْتَلُ الاثْنَانِ: الرَّجُلُ الْمُضْطَجِعُ مَعَ الْمَرْأَةِ، وَالْمَرْأَةُ. فَتَنْزِعُ الشَّرَّ مِنْ إِسْرَائِيلَ. 23«إِذَا كَانَتْ فَتَاةٌ عَذْرَاءُ مَخْطُوبَةً لِرَجُل، فَوَجَدَهَا رَجُلٌ فِي الْمَدِينَةِ وَاضْطَجَعَ مَعَهَا، 24فَأَخْرِجُوهُمَا كِلَيْهِمَا إِلَى بَابِ تِلْكَ الْمَدِينَةِ وَارْجُمُوهُمَا بِالْحِجَارَةِ حَتَّى يَمُوتَا. الْفَتَاةُ مِنْ أَجْلِ أَنَّهَا لَمْ تَصْرُخْ فِي الْمَدِينَةِ، وَالرَّجُلُ مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ أَذَلَّ امْرَأَةَ صَاحِبِهِ. فَتَنْزِعُ الشَّرَّ مِنْ وَسَطِكَ. 25وَلكِنْ إِنْ وَجَدَ الرَّجُلُ الْفَتَاةَ الْمَخْطُوبَةَ فِي الْحَقْلِ وَأَمْسَكَهَا الرَّجُلُ وَاضْطَجَعَ مَعَهَا، يَمُوتُ الرَّجُلُ الَّذِي اضْطَجَعَ مَعَهَا وَحْدَهُ.


2- سفر اَلاَّوِيِّينَ فيه حد الزنا ( القتل ) ، وذلك في الإصحاح 20 عدد 10وَإِذَا زَنَى رَجُلٌ مَعَ امْرَأَةٍ، فَإِذَا زَنَى مَعَ امْرَأَةِ قَرِيبِهِ، فَإِنَّهُ يُقْتَلُ الزَّانِي وَالزَّانِيَةُ. 11وَإِذَا اضْطَجَعَ رَجُلٌ مَعَ امْرَأَةِ أَبِيهِ، فَقَدْ كَشَفَ عَوْرَةَ أَبِيهِ. إِنَّهُمَا يُقْتَلاَنِ كِلاَهُمَا. دَمُهُمَا عَلَيْهِمَا. 12وَإِذَا اضْطَجَعَ رَجُلٌ مَعَ كَنَّتِهِ، فَإِنَّهُمَا يُقْتَلاَنِ كِلاَهُمَا. قَدْ فَعَلاَ فَاحِشَةً. دَمُهُمَا عَلَيْهِمَا. 13وَإِذَا اضْطَجَعَ رَجُلٌ مَعَ ذَكَرٍ اضْطِجَاعَ امْرَأَةٍ، فَقَدْ فَعَلاَ كِلاَهُمَا رِجْسًا. إِنَّهُمَا يُقْتَلاَنِ. دَمُهُمَا عَلَيْهِمَا. 14وَإِذَا اتَّخَذَ رَجُلٌ امْرَأَةً وَأُمَّهَا فَذلِكَ رَذِيلَةٌ. بِالنَّارِ يُحْرِقُونَهُ وَإِيَّاهُمَا، لِكَيْ لاَ يَكُونَ رَذِيلَةٌ بَيْنَكُمْ. 15وَإِذَا جَعَلَ رَجُلٌ مَضْجَعَهُ مَعَ بَهِيمَةٍ، فَإِنَّهُ يُقْتَلُ، وَالْبَهِيمَةُ تُمِيتُونَهَا. 16وَإِذَا اقْتَرَبَتِ امْرَأَةٌ إِلَى بَهِيمَةٍ لِنِزَائِهَا، تُمِيتُ الْمَرْأَةَ وَالْبَهِيمَةَ. إِنَّهُمَا يُقْتَلاَنِ. دَمُهُمَا عَلَيْهِمَا. 17وَإِذَا أَخَذَ رَجُلٌ أُخْتَهُ بِنْتَ أَبِيهِ أَوْ بِنْتَ أُمِّهِ، وَرَأَى عَوْرَتَهَا وَرَأَتْ هِيَ عَوْرَتَهُ، فَذلِكَ عَارٌ. يُقْطَعَانِ أَمَامَ أَعْيُنِ بَنِي شَعْبِهِمَا. قَدْ كَشَفَ عَوْرَةَ أُخْتِهِ. يَحْمِلُ ذَنْبَهُ. 18وَإِذَا اضْطَجَعَ رَجُلٌ مَعَ امْرَأَةٍ طَامِثٍ وَكَشَفَ عَوْرَتَهَا، عَرَّى يَنْبُوعَهَا وَكَشَفَتْ هِيَ يَنْبُوعَ دَمِهَا، يُقْطَعَانِ كِلاَهُمَا مِنْ شَعِبْهِمَا. 19عَوْرَةَ أُخْتِ أُمِّكَ، أَوْ أُخْتِ أَبِيكَ لاَ تَكْشِفْ. إِنَّهُ قَدْ عَرَّى قَرِيبَتَهُ. يَحْمِلاَنِ ذَنْبَهُمَا. 20وَإِذَا اضْطَجَعَ رَجُلٌ مَعَ امْرَأَةِ عَمِّهِ فَقَدْ كَشَفَ عَوْرَةَ عَمِّهِ. يَحْمِلاَنِ ذَنْبَهُمَا. يَمُوتَانِ عَقِيمَيْنِ. 21وَإِذَا أَخَذَ رَجُلٌ امْرَأَةَ أَخِيهِ، فَذلِكَ نَجَاسَةٌ. قَدْ كَشَفَ عَوْرَةَ أَخِيهِ. يَكُونَانِ عَقِيمَيْنِ.


3- سفر اَلاَّوِيِّينَ فيه أن الربَّ أمر موسى بإحراق بنت الكاهن إذا زنت ... وذلك في الأصحاح21 عدد9وَإِذَا تَدَنَّسَتِ ابْنَةُ كَاهِنٍ بِالزِّنَى فَقَدْ دَنَّسَتْ أَبَاهَا. بِالنَّارِ تُحْرَقُ.
وجاء ذلك أيضًا في سفر التكوين أصحاح 38 عدد 24وَلَمَّا كَانَ نَحْوُ ثَلاَثَةِ أَشْهُرٍ، أُخْبِرَ يَهُوذَا وَقِيلَ لَهُ: «قَدْ زَنَتْ ثَامَارُ كَنَّتُكَ ، وَهَا هِيَ حُبْلَى أَيْضًا مِنَ الزِّنَا». فَقَالَ يَهُوذَا: «أَخْرِجُوهَا فَتُحْرَقَ».


وقد أمر الرب أيضا بحرق من زنا بأم زوجته....
سفر اَلاَّوِيِّينَ فيه أن نبيَّ اللهِ موسى رجمَ رجلاً سب الله ... وذلك في الإصحاح 24 عدد23فَكَلَّمَ مُوسَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنْ يُخْرِجُوا الَّذِي سَبَّ إِلَى خَارِجِ الْمَحَلَّةِ وَيَرْجُمُوهُ بِالْحِجَارَةِ. فَفَعَلَ بَنُو إِسْرَائِيلَ كَمَا أَمَرَ الرَّبُّ مُوسَى.


والأعجب مما سبق أن سفر الخروج ذكر أن الربَّ يأمرُ برجمِ الثور الذي ينطح إنسانًا فيميته...! وذلك في الأصحاح21 عدد28«وَإِذَا نَطَحَ ثَوْرٌ رَجُلاً أَوِ امْرَأَةً فَمَاتَ، يُرْجَمُ الثَّوْرُ وَلاَ يُؤْكَلُ لَحْمُهُ. وَأَمَّا صَاحِبُ الثَّوْرِ فَيَكُونُ بَرِيئًا.


وأتساءل : لما لم ينكر المعترضون على تلك النصوص كما فعلوا مع حديثِ النبيِّ  وقالوا ما قالوا... ؟! وهل اتهموا موسى  بالوحشية ؛ لأنه رجم ؟!


ثم إن الملاحظ من خلال ما سبق أن النبيَّ محمد r لم يلغ ناموس موسى  في رجمِ الزناةِ ، بخلاف اليهود أتباع موسى  الذين أخفوا حكم الرجم الثابت في توراتهم فقال  : يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيراً مِّمَّا كُنتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ قَدْ جَاءكُم مِّنَ اللّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُّبِينٌ  (المائدة15).


والأعجب هو ما قاله يسوع بحسب إنجيل متى إصحاح 5عدد 17«لاَ تَظُنُّوا أَنِّي جِئْتُ لأَنْقُضَ النَّامُوسَ أَوِ الأَنْبِيَاءَ. مَا جِئْتُ لأَنْقُضَ بَلْ لأُكَمِّلَ. 18فَإِنِّي الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِلَى أَنْ تَزُولَ السَّمَاءُ وَالأَرْضُ لاَ يَزُولُ حَرْفٌ وَاحِدٌ أَوْ نُقْطَةٌ وَاحِدَةٌ مِنَ النَّامُوسِ حَتَّى يَكُونَ الْكُلُّ.


فبالنظر إلى نصوصِ العهدِ القديم التي سبق ذكرها نجد فيها بيان رجم وحرق الزناة ....
وبالنظر إلى نصوص العهد الجديد نجد أن يسوع نسخ حد الزنا...! وذلك لما قال في شأن المرأة الزانية التي أُمسكت وَهِيَ تَزْنِي : " مَنْ كَانَ مِنْكُمْ بِلاَ خَطِيَّةٍ فَلْيَرْمِهَا أَوَّلاً بِحَجَرٍ "!
جاء ذلك في إنجيل يوحنا أصحاح 8 عدد 4قَالُوا لَهُ:«يَا مُعَلِّمُ، هذِهِ الْمَرْأَةُ أُمْسِكَتْ وَهِيَ تَزْنِي فِي ذَاتِ الْفِعْلِ، 5وَمُوسَى فِي النَّامُوسِ أَوْصَانَا أَنَّ مِثْلَ هذِهِ تُرْجَمُ. فَمَاذَا تَقُولُ أَنْتَ؟» 6قَالُوا هذَا لِيُجَرِّبُوهُ، لِكَيْ يَكُونَ لَهُمْ مَا يَشْتَكُونَ بِهِ عَلَيْهِ. وَأَمَّا يَسُوعُ فَانْحَنَى إِلَى أَسْفَلُ وَكَانَ يَكْتُبُ بِإِصْبِعِهِ عَلَى الأَرْضِ. 7وَلَمَّا اسْتَمَرُّوا يَسْأَلُونَهُ، انْتَصَبَ وَقَالَ لَهُمْ:«مَنْ كَانَ مِنْكُمْ بِلاَ خَطِيَّةٍ فَلْيَرْمِهَا أَوَّلاً بِحَجَرٍ!».


قلتُ : إن الواضح من تلك النصوصِ عدة أمور هي :
1- أن يسوعَ المسيح ناقض نفسَه حينما قال : " لاَ تَظُنُّوا أَنِّي جِئْتُ لأَنْقُضَ النَّامُوسَ أَوِ الأَنْبِيَاءَ. مَا جِئْتُ لأَنْقُضَ بَلْ لأُكَمِّلَ " !
2- أن هذه القصة مضافة إلى إنجيل يوحنا ؛ لأنها ليست موجودة في أقدم المخطوطات ، وبهذا قال علماء الكتاب المقدس ،مثل بروث متزيجر وغيره ، ونجد أن بعض النسخ تضع هذه القصة بين قوسين ، وأحيانًا يكتب في الهامش ليست موجودة في أقدم النسخ
مثل النسخ الآتية :
Good News Bible ،
English Standard Version ، New American Standard Bible
3- أن اللهَ أعلمه وهو يرسم على الأرض أن المرأةَ التي أُمسكت بالزنا بريئة ، وكانت هذه مؤامرة من الفريسيين ليجربوه....! أو طبقا لشريعة اليهود لابد ممن يقيمون الحد أن يكونوا مؤمنين ، والشهود على الواقعة رجلان أو ثلاثة.....
وعلى القول الأخير أتساءل : لماذا يطبق المعترضون حد الزنا إلى يومنا هذا وهذه هي نصوص كتابهم المقدس تدعوهم لتطهير المجتمع من الرزيلة... ؟!



ثامنًا : أتسأل مع نفسي لنفسي سؤلاً : هل حد الرجم الذي ثبت في الأحاديث كان قبل آيات حد الجلد في سورة النور أم بعدها ...؟!
ولكني وجدتُ روايات متضاربة المتن رغم صحتها، و أقولًا للعلماء مختلفة رغم قوتها ...!


من هذه الروايات:
عن علي أنه ضرب شراحة يوم الخميس ورجمها يوم الجمعة وقال جلدتها بكتاب الله ورجمتها بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم رواه أحمد ، صححه الألباني في مختصر أوراء الغليل برقم 2340 رواه أحمد في مسنده.


وأتساءل :كيف لعليّ أنْ يجلد ويرجم معًا...؟!!
ويبقى الأصل الذي أنا عليه كما بيّنتُ... إلا إذا ظهر لي خلاف ذلك يأتي البيان ساعتها....

كتبه / أكرم حسن مرسي