بسم الله الرحمن الرحيم
خرج احد الاخوة في مقطع مصور يتكلم فيه عن ما يدعيه وجود بعض الاخطاء في فهمنا للتاريخ و في تحليلنا لشخصية مسيلمة الكذاب و في الروايات المتعلقة حوله . وقد تكلم في هذا المقطع الذي مدته سبع دقائق تقريبا و استمعت اليه فلما انتهى من كلامه عجبت من تسرعه في الحكم و خوضه في امور كان هو في غنى عنها حيث اوقع نفسه في عدة مغالطات فاحشة !!!و اني لما تدبرت وجدت ان المغالطات في كلامه منبعها من عدم وعي الاخ بقواعد علم الحديث في قبول الروايات (اي رواية ) ووجدته يعتمد على " ما اشتهر" بين السن العوام و ما نقل منها في كتب التواريخ بدلا من الاعتماد على ما صح سنده .
اما ابرز مغالطات الاخ :
1. كل ما قيل عن قران مسيلمة من الايات باطل و مخترع و لا يصح منه شيئا 2. قران مسيلمة كان وصل الى درجة عالية من البلاغة استطاع ان يفتن به ابتاعه و هذا كان السبب الرئيسي في اتباعهم مسيلمة الكذاب3. الرجال بن عنفوة ارتد وتبع مسيلمة مع انه كان معلما للقران و حافظا لسورة البقرة مما يعني ان قران مسيلمة كان فصيحا بليغا !4. قد يكون مسيلمة راى شيئا ليس بالضرورة ملاكا و لكن شيطان او ان الله عز وجل ايده باشياء ليكون فتنة للناس كما كان هاروت و ماروت !!5. عدد اتباع مسيلمة بلغوا مائتي الف !!!!
الرد :
حقيقة و اقولها نصيحة للاخ و لجميع المسلمين انه الواجب على المسلم قبل ان يخرج و يتكلم في امر من امور الدين او حتى في امر يتعلق بتاريخ الخلفاء و الصحابة رضوان الله عليهم ان لا يتكلموا الا فيما عرفوه و درسوه و تخصصوا فيه لا ان يخرج علينا ليطنب في امر هو لم يبحث فيه الا عن طريق سماع ما اشتهر عند العوام او القصاص او بعض ما روي في كتب التاريخ دون تحقق من صحتها ! و للاسف الشديد الاخ لم يتحقق بل نقل ما كان يعرفه من بعض الروايات المشهورة المكررة على السنة الناس بل و الانكل يبدو ان الاخ نقل هذا من مقدمة كتاب لنصراني ينتقد فيه الفتوحات الاسلامية فانظر و تعجب كيف اخذ من المشهور و دمجه مع ما كتبه نصراني جاهل بالاسلام (و الذي كان يعتمد ايضا على نفس تلك الروايات " المشهورة" ) ليخرج لنا بهذه النتيجة !!!!
و سنرد على النقاط الاربة بوجوه اربعة :
الوجه الاول :ادعاؤه بطلان كل ما ورد في ايات مسيلمة مردود وذلك لورود العبارة التالية المنسوبة الى قران مسيلمة الكذاب ( الطاحناتِ طحنًا الخابزاتِ خبزًا والعاجناتِ عجنًا اللاقماتِ لقمًا) في رواية صحيحة نقرا من معجم الطبراني الكبير الجزء التاسع :(( حدثنا إسحاق بن إبراهيم عن عبد الرزاق عن بن عيينة عن إسماعيل بن أبي خالد عن قيس بن أبي حازم قال جاء رجل إلى بن مسعود فقال إني مررت بمسجد من مساجد بني حنيفة فسمعتهم يقرأون شيئا لم ينزله الله الطاحنات طحنا العاجنات عجنا الخابزات خبزا اللاقمات لقما قال فقدم بن مسعود بن النواحة إمامهم فقتله واستكثر البقية وقال وقال لا أجزرهم اليوم الشيطان سيروهم إلى الشام حتى يرزقهم الله توبة أو يفنيهم الطاعون))
وصححها الشيخ شعيب الارنؤوط رحمه الله في تخريج مسند الامام احمد رحمه الله الجزء السادس و قال (( إسناده صحيح على شرط الشيخين))
و هذا و ان لم يثبت بقية ما نسب الى قران مسيلمة كسورة الضفدع و غيرها مما لا يختلف فيه اثنان على تفاهتها و انها مجرد محاولة فاشلة لتقليد القران الا ان الرواية السابقة تقوي الراي القائل بسخافة قران مسيلمة الكذاب و ما ادعاه من وحي و ايات و انها مجرد تقليد و ان كان باقي ما ذكر من وحي مسيلمة يرجع في معظمه الى مرويات سيف بن عمر (وسنتكلم عنه لاحقا )
الوجه الثاني : الادعاء بفصاحة قران مسيلمة و انه السبب الرئيسي لنصرة اتابعه له و تصديقه له مردود بما ذكرناه في الوجه الاول في الاعلي و مردود ايضا بان السبب الرئيسي الذي جعلت بنو حنيفة تتبعه هي العصبية القبلية و هي التي لعبت دورا كبيرا في نصرتهم لمسيلمة
فمن ذلك ما رواه الطبري رحمه الله في الخبر المشهور في الجزء الثالث من تاريخه في خبر مسيلمة الكذاب :(( كتب إلي السري، قال: حدثنا شعيب، عن سيف، عن خليد بن ذفرة النمري، عن عمير بْن طلحة النمري، عن أبيه، أنه جاء اليمامة، فقال: أين مسيلمة؟ قالوا: مه رسول اللَّه! فقال: لا، حتى أراه، فلما جاءه، قال: أنت مسيلمة؟ قال: نعم، قال: من يأتيك؟قال: رحمن، قال: أفي نور أو في ظلمة؟ فقال: في ظلمة، فقال: أشهد أنك كذاب وأن محمدا صادق، ولكن كذاب ربيعة أحب إلينا من صادق مضر، فقتل معه يوم عقرباء))
و من ذلك ايضا ان اتباع مسيلمة كانوا قلة زمن النبي صلى الله عليه وسلم فلما مات استفحلوا و ارتدوا فاين كانت فصاحة قران مسيلمة و ايمانهم بقرانه في ايام حياته عليه الصلاة و السلام ؟؟تاريخ الطبري رحمه الله الجزء الثالث احداث سنة 11 :(( حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ سعد، قال: أخبرنا عمي، قال: أخبرنا سيف، قَالَ: أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قال: حاربهم رسول الله ص بِالرُّسُلِ، قَالَ: فَأَرْسَلَ إِلَى نَفَرٍ مِنَ الأَبْنَاءِ رَسُولا، وَكَتَبَ إِلَيْهِمْ أَنْ يُحَاوِلُوهُ، وَأَمَرَهُمْ أَنْ يَسْتَنْجِدُوا رِجَالا- قَدْ سَمَّاهُمْ- مِنْ بَنِي تَمِيمٍ وَقَيْسٍ، وَأَرْسَلَ إِلَى أُولَئِكَ النَّفَرِ أَنْ يُنْجِدُوهُمْ، فَفَعَلُوا ذَلِكَ، وَانْقَطَعَتْ سُبُلُ الْمُرْتَدَّةِ، وَطُعِنُوا فِي نُقْصَانٍ وَأَغْلَقَهُمْ، وَاشْتَغَلُوا فِي أَنْفُسِهِمْ، فَأُصِيبَ الأَسْوَدُ في حياه رسول الله ص وَقَبْلَ وَفَاتِهِ بِيَوْمٍ أَوْ بِلَيْلَةٍ، وَلَظَّ طُلَيْحَةُ وَمُسَيْلَمَةُ وَأَشْبَاهُهُمْ بِالرُّسُلِ،))
و من ذلك ما رواه الطبري رحمه الله في الجزء الثالث من تاريخه في خبر مسيلمة الكذاب :(( كَتَبَ إِلَيَّ السَّرِيُّ، عَنْ شُعَيْبٍ، عَنْ سَيْفٍ، عن هارون، وطلحة، عن عمرو بْن شعيب وابن إسحاق أنهم لما امتازوا وصبروا، وانحازت بنو حنيفة تبعهم المسلمون يقتلونهم، حتى بلغوا بهم إلى حديقة الموت، فاختلفوا في قتل مسيلمة عندها، ..... فاقتتلوا قتالا شديدا لم يروا مثله، وأبير من في الحديقة منهم، وقد قتل اللَّه مسيلمة، وقالت له بنو حنيفة: أين ما كنت تعدنا! قال: قاتلوا عن أحسابكم!))
فان قال الاخ كيف تستدل علي برواية سيف بن عمر اقول : انا لا استدل بخبر سيف بن عمر و لكنك تمسكت بالمشهور دون الصحيح في الرواية و ها انا اضع لك احدى تلك الروايات المشهورة
و مما يدل على انهم كانوا يتبعون مسيلمة عصبية فقط انهم شهدوا على رسالة رسول الله صلى الله عليه وسلم الى مسيلمة وقد كان مسيلمة الكذاب يدعي انه نبي و ان النبي محمد صلى الله عليه وسلم نبي ايضا و انه اشرك معه فكذبه النبي صلى الله عليه وسلم و كذب اتباعه و رد على رسالته بتكذيبه فكان تكذيبه لمسيلمة حجة لبطلان نبوة مسيلمة وذلك لان مسيلمة علق نبوته بشرط الاشراك مع النبي محمد عليه الصلاة و السلام فلما بطل هذا الشرط ظهر زيف نبوته
ففي السنن الكبرى للبيهقي رحمه الله كتاب السير باب السنة أن لا تقتل الرسل (( أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، وأبو سعيد بن أبي عمرو قالا : ثنا أبو العباس محمد بن يعقوب ، ثنا أحمد بن عبد الجبار العطاردي ، ثنا يونس بن بكير ، عن ابن إسحاق قال : فحدثني سعد بن طارق ، عن سلمة بن نعيم بن مسعود ، عن أبيه قال : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين جاءه رسولا مسيلمة الكذاب بكتابه ، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول لهما : " وأنتما تقولان مثلما يقول ؟ " . فقالا : نعم . فقال : " أما والله لولا أن الرسل لا تقتل لضربت أعناقكما ))
حسنه شعيب الارنؤط في تخريجه لمشكل الاثار للامام الطحاوي رحمه الله الحديث رقم 2863 وقال ((اسناده حسن ))
واما جوابه عليه الصلاة و السلام لكتاب مسيلمة فنقرؤه في سيرة ابن هشام الجزء الثاني :(( كتاب مسيلمة إلى رسول الله والجواب عنه وقد كان مسيلمة بن حبيب ، قد كتب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم : من مسيلمة رسول الله ، إلى محمد رسول الله : سلام عليك ؛ أما بعد ، فإني قد أشركت في الأمر معك ، وإن لنا نصف الأرض ، ولقريش نصف الأرض ، ولكن قريشا قوم يعتدون . فقدم عليه رسولان له بهذا الكتاب . قال ابن إسحاق : فحدثني شيخ من أشجع ، عن سلمة بن نعيم بن مسعود الأشجعي ، عن أبيه نعيم ، قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لهما حين قرأ كتابه : فما تقولان أنتما ؟ قالا : نقول كما قال ، فقال : أما والله لولا أن الرسل لا تقتل لضربت أعناقكما . ثم كتب إلى مسيلمة : بسم الله الرحمن الرحيم ، من محمد رسول الله ، إلى مسيلمة الكذاب : السلام على من اتبع الهدى . أما بعد ، فإن الأرض لله يورثها من يشاء من عباده ، والعاقبة للمتقين وذلك في آخر سنة عشر ))
نقرا من صحيح مسلم الجزء 15 كتاب الرؤيا (( 2274 وحدثنا محمد بن رافع حدثنا عبد الرزاق أخبرنا معمر عن همام بن منبه قال هذا ما حدثنا أبو هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر أحاديث منها وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم بينا أنا نائم أتيت خزائن الأرض فوضع في يدي أسوارين من ذهب فكبرا علي وأهماني فأوحي إلي أن انفخهما فنفختهما فذهبا فأولتهما الكذابين اللذين أنا بينهما صاحب صنعاء وصاحب اليمامة))
الوجه الثالث : و هو الوجه الذي يتعلق بقصة الرجال و نذكر هنا نقطتين :
1. بطلان ما استشهد عليه من ردة الرجال بن عنفوة فكل الروايات مدارها على سيف بن عمر التميمي و محمد بن حميد الرازي و الواقدي
الرواية الاولى تاريخ الطبري الجزء الثالث :(( كَتَبَ إِلَيَّ السري، عن شعيب، عن سيف، عن طلحة بْن الأعلم، عن عبيد بْن عمير، عن اثال الحنفي- وكان مع ثمامة بْن أثال- قال: وكان مسيلمة يصانع كل أحد ويتألفه ولا يبالي أن يطلع الناس منه على قبيح، وكان معه نهار الرجال بْن عنفوة، وكان قد هاجر الى النبي ص، وقرأ القرآن، وفقه في الدين، فبعثه معلما لأهل اليمامة وليشغب على مسيلمة، وليشدد من أمر المسلمين، فكان أعظم فتنة على بني حنيفة من مسيلمة، شهد له أنه سمع محمدا ص يقول: إنه قد أشرك معه، فصدقوه واستجابوا له، وامروه بمكاتبه النبي.... ))
التحقيق الرواية ضعيفة لوجود سيف بن عمر التميمي و هو كذاب وضاع هالك نقرا في تهذيب التهذيب لابن حجر رحمه الله الجزء الرابع :(( 518- "ت - سيف" بن عمر التميمي البرجمي ويقال السعدي ويقال الضبعي...ة قال ابن معين ضعيف الحديث وقال مرة فليس خير منه وقال أبو حاتم متروك الحديث يشبه حديثه حديث الواقدي وقال أبو داود ليس بشيء وقال النسائي والدارقطني ضعيف وقال ابن عدي بعض أحاديثه مشهورة وعامتها منكرة لم يتابع عليها وقال ابن حبان يروي الموضوعات عن الاثبات قال وقالوا أنه كان يضع الحديث قلت بقية كلام ابن حبان اتهم بالزندقة وقال البرقاني عن الدارقطني متروك الحديث وقال الحاكم اتهم بالزندقة وهو في الرواية ساقط قرأت بخط الذهبي مات سيف زمن الرشيد.))
الرواية الثانية نفس المصدر السابق (( كَتَبَ إِلَيَّ السَّرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعَيْبٌ، عَنْ سَيْفٍ، عَنْ طَلْحَةَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَدْ كَانَ أَبُو بَكْرٍ بَعَثَ إِلَى الرَّجَّالِ فَأَتَاهُ فَأَوْصَاهُ بِوَصِيَّتِهِ، ثُمَّ أَرْسَلَهُ إِلَى أَهْلِ الْيَمَامَةِ، وَهُوَ يَرَى أَنَّهُ عَلَى الصِّدْقِ حِينَ أَجَابَهُ قَالا:
قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: جَلَسْتُ مَعَ النَّبِيِّ ص في رهط معنا الرجال ابن عُنْفُوَةَ، فَقَالَ: [إِنَّ فِيكُمْ لَرَجُلا ضَرْسُهُ فِي النَّارِ أَعْظَمُ مِنْ أُحُدٍ،] فَهَلَكَ الْقَوْمُ وَبَقِيتُ أَنَا وَالرَّجَّالُ، فَكُنْتُ مُتَخَوِّفًا لَهَا، حَتَّى خَرَجَ الرَّجَّالُ مَعَ مُسَيْلِمَةَ، فَشَهِدَ لَهُ بِالنُّبُوَّةِ، فَكَانَتْ فِتْنَةُ الرَّجَّالِ أَعْظَمَ مِنْ فِتْنَةِ مُسَيْلِمَةَ،...))
التحقيق الرواية ضعيفة لوجود سيف بن عمر التيميمي كما في السابق
الرواية الثالثة نفس المصدر السابق (( حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَلَمَةُ، عن محمد بن إسحاق، عَنْ شَيْخٍ مِنْ بَنِي حَنِيفَةَ، عَنْ أَبِي هريرة، [ان رسول الله ص قَالَ يَوْمًا- وَأَبُو هُرَيْرَةَ وَرَجَّالُ بْنُ عُنْفُوَةَ فِي مَجْلِسٍ عِنْدَهُ:لَضِرْسُ أَحَدِكُمْ أَيُّهَا الْمَجْلِسُ فِي النَّارِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْظَمُ مِنْ أُحُدٍ] .قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: فَمَضَى الْقَوْمُ لِسَبِيلِهِمْ، وَبَقِيتُ انا ورجال بْنُ عُنْفُوَةَ، فَمَا زِلْتُ لَهَا مَتَخَوِّفًا، حَتَّى سمعت بمخرج رجال، فَأَمَنْتُ وَعَرَفْتُ أَنَّ مَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص حَقٌّ.ثُمَّ الْتَقَى النَّاسُ وَلَمْ يَلْقَهُمْ حَرْبٌ قَطُّ مِثْلَهَا مِنْ حَرْبِ الْعَرَبِ... ))
التحقيق الرواية ضعيفة لوجود محمد بن حميد الرازي و هو كذاب كان يركب الاسانيد نقرا من سير اعلام النبلاء للامام الذهبي رحمه الله الجزء 12 :(( وأما البخاري ، فقال : في حديثه نظر . وقال صالح بن محمد : كنا نتهم ابن حميد . قال أبو علي النيسابوري : قلت لابن خزيمة : لو حدث الأستاذ عن محمد بن حميد ; فإن أحمد بن حنبل قد أحسن الثناء عليه . قال : إنه لم يعرفه ، ولو عرفه كما عرفناه ، لما أثنى عليه أصلا . قال أبو أحمد العسال : سمعت فضلك ، يقول : دخلت على ابن حميد ، وهو يركب الأسانيد على المتون . قلت : آفته هذا الفعل ; وإلا فما أعتقد فيه أنه يضع متنا . وهذا معنى قولهم : فلان سرق الحديث . قال يعقوب بن إسحاق الفقيه : سمعت صالح بن محمد الأسدي ، يقول : ما رأيت أحذق بالكذب من سليمان الشاذكوني ، ومحمد بن حميد [ ص: 505 ] الرازي ، وكان حديث محمد بن حميد كل يوم يزيد . قال أبو إسحاق الجوزجاني : هو غير ثقة . وقال أبو حاتم : سمعت يحيى بن معين ، يقول : قدم علينا محمد بن حميد بغداد ، فأخذنا منه كتاب يعقوب القمي ، ففرقنا الأوراق بيننا ، ومعنا أحمد بن حنبل ، فسمعناه ، ولم نر إلا خيرا . فأي شيء تنقمون عليه ؟ قلت يكون في كتابه شيء ، فيقول : ليس هو كذا ، ويأخذ القلم فيغيره ، فقال : بئس هذه الخصلة . وقال النسائي : ليس بثقة . وقال العقيلي : حدثني إبراهيم بن يوسف ، قال : كتب أبو زرعة ، ومحمد بن مسلم ، عن محمد بن حميد حديثا كثيرا ، ثم تركا الرواية عنه . قلت : قد أكثر عنه ابن جرير في كتبه . ووقع لنا حديثه عاليا ، ولا تركن النفس إلى ما يأتي به ، فالله أعلم . ولم يقدم إلى الشام ، وله ذكر في " تاريخ الخطيب ))
الرواية الرابعة كتاب الردة للواقدي (( فَأَقْبَلَ قَوْمٌ مِنْ أَشْرَافِ بَنِي حَنِيفَةَ إِلَى الرَّجَّالِ بْنِ نَهْشَلٍ وَمُحْكَمِ بْنِ الطُّفَيْلِ فَقَالُوا لَهُمَا: (إِنَّ مُسَيْلِمَةَ بْنَ حَبِيبٍ قَدِ ادَّعَى النُّبُوَّةَ بَيْنَ أَظْهُرِنَا مُنْذُ كَذَا وَكَذَا، وَيَزْعُمُ لَنَا أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ قَدْ أَشْرَكَهُ فِي النُّبُوَّةِ قَبْلَ وَفَاتِهِ وَأَنْتُمَا شَاهِدَانِ، مَا مَعَكُمَا وَأَنْتُمَا شَيْخَانِ صَادِقَانِ، فَمَا الَّذِي عِنْدَكُمَا) . قَالَ الرَّجَّالُ بْنُ نَهْشَلٍ: (لَقَدْ صَدَقَ مُسَيْلِمَةُ فِي قَوْلِهِ، أَنَا أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ قَدْ أَشْرَكَهُ فِي نُبُوَّتَهِ قَبْلَ وَفَاتِهِ) ، وَقَالَ مُحْكَمُ بن الطفيل: (وأنا أشهد بذلك) .))
التحقيق الرواية ضعيفة و لا تصح لان الواقدي ضعيف اجمع على ضعفه نقرا في تهذيب الكمال للامام المزي الجزء 26:(( وقال زكريا بن يحيى الساجي : محمد بن عمر بن واقد الأسلمي قاضي بغداد#متهم ، حدثني أحمد بن محمد، قال: سمعت أحمد بن حنبل يقول: لم نزل ندافع أمر الواقدي حتى روى عن معمر، عن الزهري، عن نبهان، عن أم سلمة، عن النبي صلى الله عليه وسلم " أفعمياوان أنتما "فجاء بشئ لا حيلة في، والحديث حديث يونس لم يروه غيره.وقال أبو جعفر العقيلي: حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، قال: حدثني أبي قال: سمعت وكيعا يقول .... قال: وسمعت أبي مرة أخرى يقول: ما أشك في الواقدي أنه #كان #يقلبها، يعني الأحاديث يقول: يحمل حديث يونس على معمر.وقال البخاري : الواقدي مديني سكن بغداد،#متروك الحديث، #تركه أحمد، وابن نمير، وابن المبارك، وإسماعيل بن زكريا وقال في موضع آخر : #كذبه أحمد.وقال معاوية بن صالح : قال لي أحمد بن حنبل: هو #كذاب .وقال معاوية أيضا عن يحيى بن معين: #ضعيف.وقال في موضع آخر : #ليس #بشئ.وقال في موضع آخرقلت ليحيى: لم لم تعلم عليه حيث كان الكتاب عندك؟ قال: أستحيي من ابنه، وهو لي صديق. قلت: فماذا تقول فيه؟ قال: #كان #يقلب حديث يونس يغيرها عن معمر #ليس #بثقة.وقال عباس الدوري عن يحيى بن معين: #ليس #بشئ.وقال عبد الوهاب بن الفرات الهمذاني: سألت يحيى بن معين عن الواقدي، فقال: #ليس #بثقة .وقال المغيرة بن محمد المهلبي : سمعت علي بن المديني يقول: الهيثم بن عدي أوثق عندي من الواقدي، #ولا #أرضاه في الحديث ولا في الأنساب ولا في شئ.وقال أبو داود : أخبرني من سمع علي بن المديني يقول: روى الواقدي ثلاثين ألف حديث #غريب. وقال مسلم :#متروك الحديث. وقال النسائي: #ليس #بثقة . وقال الحاكم أبو أحمد:#ذاهب #الحديث))
فلا تثبت اذا ردة الرجال بن عنفوة اصلا
2. من نفس الروايات الضعيفة التي قد يحتج بها الاخ نجد ان الرجال قد ارتد بحثا عن دنيا يصيبها و دليل ذلك ان مسيلمة ما كان يخالف له راي نقرا من تاريخ الطبري الجزء الثالث ((كَتَبَ إِلَيَّ السري، عن شعيب، عن سيف، عن طلحة بْن الأعلم، عن عبيد بْن عمير، عن اثال الحنفي- وكان مع ثمامة بْن أثال- قال: وكان مسيلمة يصانع كل أحد ويتألفه ولا يبالي أن يطلع الناس منه على قبيح، وكان معه نهار الرجال بْن عنفوة، وكان قد هاجر الى النبي ص، وقرأ القرآن، وفقه في الدين، فبعثه معلما لأهل اليمامة وليشغب على مسيلمة، وليشدد من أمر المسلمين، فكان أعظم فتنة على بني حنيفة من مسيلمة، شهد له أنه سمع محمدا ص يقول: إنه قد أشرك معه، فصدقوه واستجابوا له، وامروه بمكاتبه النبي ص .... ووعدوه إن هو لم يقبل أن يعينوه عليه، فكان نهار الرجال بْن عنفوة لا يقول شيئا إلا تابعه عليه، وكان ينتهي الى امره، ))
3. ان الرواية الثانية و الثالثة صريحة في ان ردة الرجال بن عنفوة كانت بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم و هذا ان دل على شيء فانه يدل على ان مسيلمة لم تكن له القدرة ليجمع بني حنيفة على نبوته الكاذبة الا بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم و لما بايع الصحابة ابا بكر رضي الله عنه . فان كان اتباعهم مسيلمة لفصاحة و بلاغة قرانه لوجب ان تكون الردة زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم لا بعده مما يدل على ان الامر بالنسبة لهم كان عصبية فقط
الوجه الرابع : بطلان استشهاد الاخ بقصة هاروت و ماروت و بيان ان مسيلمة كان طالب دنيا .
و اقوى دليل على هذا ان مسيلمة ما ادعى النبوة الا لان رسول الله صلى الله عليه وسلم رفضا ان يعطيه الامر من بعده نقرا من صحيح مسلم كتاب الرؤيا الجزء 15:(( 2273 حدثني محمد بن سهل التميمي حدثنا أبو اليمان أخبرنا شعيب عن عبد الله بن أبي حسين حدثنا نافع بن جبير عن ابن عباس قال قدم مسيلمة الكذاب على عهد النبي صلى الله عليه وسلم المدينة فجعل يقول إن جعل لي محمد الأمر من بعده تبعته فقدمها في بشر كثير من قومه فأقبل إليه النبي صلى الله عليه وسلم ومعه ثابت بن قيس بن شماس وفي يد النبي صلى الله عليه وسلم قطعة جريدة حتى وقف على مسيلمة في أصحابه قال لو سألتني هذه القطعة ما أعطيتكها ولن أتعدى أمر الله فيك ولئن أدبرت ليعقرنك الله وإني لأراك الذي أريت فيك ما أريت وهذا ثابت يجيبك عني ثم انصرف عنه فقال ابن عباس فسألت عن قول النبي صلى الله عليه وسلم إنك أرى الذي أريت فيك ما أريت فأخبرني أبو هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال بينا أنا نائم رأيت في يدي سوارين من ذهب فأهمني شأنهما فأوحي إلي في المنام أن انفخهما فنفختهما فطارا فأولتهما كذابين يخرجان من بعدي فكان أحدهما العنسي صاحب صنعاء والآخر مسيلمة صاحب اليمامة))
و من ذلك ايضا ما ذكرناه سابقا كتابه لرسول الله صلى الله عليه وسلم ان لبني حنيفة نصف الارض في سيرة ابن هشام الجزء الثاني :(( كتاب مسيلمة إلى رسول الله والجواب عنه وقد كان مسيلمة بن حبيب ، قد كتب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم : من مسيلمة رسول الله ، إلى محمد رسول الله : سلام عليك ؛ أما بعد ، فإني قد أشركت في الأمر معك ، وإن لنا نصف الأرض ، ولقريش نصف الأرض ، ولكن قريشا قوم يعتدون . فقدم عليه رسولان له بهذا الكتاب . قال ابن إسحاق : فحدثني شيخ من أشجع ، عن سلمة بن نعيم بن مسعود الأشجعي ، عن أبيه نعيم ، قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لهما حين قرأ كتابه : فما تقولان أنتما ؟ قالا : نقول كما قال ، فقال : أما والله لولا أن الرسل لا تقتل لضربت أعناقكما . ثم كتب إلى مسيلمة : بسم الله الرحمن الرحيم ، من محمد رسول الله ، إلى مسيلمة الكذاب : السلام على من اتبع الهدى . أما بعد ، فإن الأرض لله يورثها من يشاء من عباده ، والعاقبة للمتقين وذلك في آخر سنة عشر ))
و من ذلك ما روي انه اعطى نصف قريش ـ حسب زعمه - الى اتباع سجاح نقرا من تاريخ الطبري الجزء الثالث :(( فنزلت الجنود على الأمواه، وأذنت لَهُ وآمنته، فجاءها وافدا فِي أربعين من بني حنيفة- وكانت راسخة فِي النصرانية، قد علمت من علم نصارى تغلب- فَقَالَ مسيلمة: لنا نصف الأرض، وَكَانَ لقريش نصفها لو عدلت، وقد رد الله عليك النصف الَّذِي ردت قريش، فحباك بِهِ، وَكَانَ لَهَا لو قبلت فقالت: لا يرد النصف إلا من حنف، فاحمل النصف إلى خيل تراها كالسهف فَقَالَ مسيلمة: سمع الله لمن سمع، وأطمعه بالخير إذ طمع، ولا زال أمره فِي كل ما سر نفسه يجتمع رآكم ربكم فحياكم، ومن وحشة خلاكم، ويوم دينه أنجاكم فأحياكم علينا من صلوات معشر أبرار، لا أشقياء ولا فجار، يقومون الليل ويصومون النهار، لربكم الكبار، رب الغيوم والأمطار.وقال أيضا: لما رأيت وجوههم حسنت، وأبشارهم صفت، وأيديهم طفلت، قلت لهم: لا النساء تأتون، ولا الخمر تشربون، ولكنكم معشر أبرار، تصومون يوما، وتكلفون يوما، فسبحان الله! إذا جاءت الحياة كيف تحيون، وإلى ملك السماء ترقون! فلو أنها حبة خردلة، لقام عليها شهيد يعلم ما فِي الصدور، ولأكثر الناس فيها الثبور.))
الوجه الرابع و الاخير : ادعاؤه ان اتباع مسيلمة وصلوا مائتي الف و هو رقم خرافي بعنى الكلمة ! اذ ان عدد سكان اليمامة وفوق هذا باقي منطقة نجد لا يصلون الى مثل هذا الرقم فما بالك ان عرفنا ان اتبعا مسيلمة اقتصروا على اغلب بني حنيفة وبعضا من بني عطارد الذين فرو الى مسيلمة ليعوذو به من اجل البقاء على عبادة الاصنام و الحيوانات !!! نقرا من صحيح البخاري كتاب المغازي باب وافد بني حنيفة (( 4139 حَدَّثَنَا الصَّلْتُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، قَالَ : سَمِعْتُ مَهْدِيَّ بْنَ مَيْمُونٍ ، قَالَ : سَمِعْتُ أَبَا رَجَاءٍ العُطَارِدِيَّ ، يَقُولُ : كُنَّا نَعْبُدُ الحَجَرَ ، فَإِذَا وَجَدْنَا حَجَرًا هُوَ أَخْيَرُ مِنْهُ أَلْقَيْنَاهُ ، وَأَخَذْنَا الآخَرَ ، فَإِذَا لَمْ نَجِدْ حَجَرًا جَمَعْنَا جُثْوَةً مِنْ تُرَابٍ ، ثُمَّ جِئْنَا بِالشَّاةِ فَحَلَبْنَاهُ عَلَيْهِ ، ثُمَّ طُفْنَا بِهِ ، فَإِذَا دَخَلَ شَهْرُ رَجَبٍ قُلْنَا : مُنَصِّلُ الأَسِنَّةِ ، فَلاَ نَدَعُ رُمْحًا فِيهِ حَدِيدَةٌ ، وَلاَ سَهْمًا فِيهِ حَدِيدَةٌ ، إِلَّا نَزَعْنَاهُ وَأَلْقَيْنَاهُ شَهْرَ رَجَبٍ ، وَسَمِعْتُ أَبَا رَجَاءٍ يَقُولُ : كُنْتُ يَوْمَ بُعِثَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غُلاَمًا أَرْعَى الإِبِلَ عَلَى أَهْلِي ، فَلَمَّا سَمِعْنَا بِخُرُوجِهِ فَرَرْنَا إِلَى النَّارِ ، إِلَى مُسَيْلِمَةَ الكَذَّابِ))
بل روى الطبري رحمه الله ان اليمامة كلها لم تكن لبني حنيفة فقط بل شاركتهم ايضا قبائل سيحان و نمارة و نمر وبنو جروة و كانوا يسمون بالاحاليف و لم يتبعوا مسيلمة في نبوته بل كانوا يغيرون علي نخيل بني حنيفة تحت اعين مسيلمة نقرا من تاريخ الطبري الجزء الثالث :(( وكان مسيلمة إذا دنا حجير من الشهادة، قال: صرح حجير، فيزيد في صوته، ويبالغ لتصديق نفسه، وتصديق نهار وتضليل من كان قد أسلم، فعظم وقاره في أنفسهم قال: وضرب حرما باليمامة، فنهى عنه، وأخذ الناس به، فكان محرما فوقع في ذلك الحرم قرى الأحاليف، أفخاذ من بنى اسيد، كانت دراهم باليمامة، فصار مكان دارهم في الحرم- والأحاليف: سيحان ونمارة ونمر والحارث بنو جروة- فإن أخصبوا أغاروا على ثمار أهل اليمامة، واتخذوا الحرم دغلا، فإن نذروا بهم فدخلوه أحجموا عنهم، وإن لم ينذروا بهم فذلك ما يريدون فكثر ذلك منهم حتى استعدوا عليهم، فقال: أنتظر الذي يأتي من السماء فيكم وفيهم ثم قال لهم: والليل الأطحم، والذئب الأدلم والجذع الأزلم، ما انتهكت أسيد من محرم، فقالوا: أما محرم استحلال الحرم وفساد الأموال! ثم عادوا للغارة، وعادوا للعدوى.
فقال: أنتظر الذي يأتيني، فقال: والليل الدامس، والذئب الهامس، ما قطعت أسيد من رطب ولا يابس، فقالوا: أما النخيل مرطبة فقد جدوها، وأما الجدران يابسة فقد هدموها، فقال: اذهبوا وارجعوا فلا حق لكم))
فاين ايها الاخ ال200000 و من ذكر هذا العدد ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
اما استشهاده بقصة هاروت و ماروت فالرد بسيط :
اولا : انهما حسب تفسير معظم المفسرين كانا من الملائكة و على هذا فانهما لا يفعلان الا ما يؤمران بهما من الله عز وجل قال تعالى : (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَّا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ (6)) اما مسيلمة الكذاب فمن البشر وهو مكلف فلا يصح ان يقال ان الله عز وجل ايده ببعض الاشياء له ليفتن الناس !!!!! قال تعالى : (( وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (56)))
و لذلك فقد قال ابو حيان الاندلسي في تفسيره البحر المحيط لسورة الحج في رده لكذبة الغرانيق :(( (( وذكر المفسرون في كتبهم ابن عطية والزمخشري فمن قبلهما ومن بعدهما ما لا يجوز وقوعه من آحاد المؤمنين منسوبا إلى المعصوم صلوات الله عليه ، وأطالوا في ذلك وفي تقريره سؤالا وجوابا وهي قصة سئل عنها الإمام محمد بن إسحاق جامع السيرة النبوية ، فقال : هذا من وضع الزنادقة ، وصنف في ذلك كتابا . وقال الإمام الحافظ أبو بكر أحمد بن الحسين البيهقي : هذه القصة غير ثابتة من جهة النقل ، وقال ما معناه : إن رواتها مطعون عليهم وليس في الصحاح ولا في التصانيف الحديثية شيء مما ذكروه فوجب اطراحه ولذلك نزهت كتابي عن ذكره فيه . والعجب من نقل هذا وهم يتلون في كتاب الله تعالى ( والنجم إذا هوى ما ضل صاحبكم وما غوى وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى ) وقال الله تعالى آمرا لنبيه : ( قل ما يكون لي أن أبدله من تلقاء نفسي إن أتبع إلا ما يوحى إلي ) وقال تعالى : ( ولو تقول علينا بعض الأقاويل ) الآية وقال تعالى : ( ولولا أن ثبتناك لقد كدت تركن إليهم ) الآية فالتثبيت واقع والمقاربة منفية . وقال تعالى : ( كذلك لنثبت به فؤادك ) وقال تعالى : ( سنقرئك فلا تنسى ) وهذه نصوص تشهد بعصمته ، وأما من جهة المعقول فلا يمكن ذلك لأن تجويزه يطرق إلى تجويزه في جميع الأحكام والشريعة فلا يؤمن فيها التبديل والتغيير ، واستحالة ذلك معلومة . ))
فان قال الاخ و استشهد بخوارق الدجال و هو بشر مكلف فاننا نرد عليه ببساطة :ان هذا قد ورد في النص صريحا فهو حكم خاص به و البينة على المدعي وواجب عليك ان تاتي بما يثبت كلامك عن مسيلمة الكذاب
ثانيا: لم يجمع جميع المفسرين على ان هاروت و ماروت ملكان بل منهما من قال انهما علجان ساحران و ان لفظ " ما " في الاية هي ما النافية نقرا من تفسير ابن كثير رحمه الله :(( وقد قال ابن أبي حاتم : حدثت عن عبيد الله بن موسى ، أخبرنا فضيل بن مرزوق ، عن عطية ( وما أنزل على الملكين ) قال : ما أنزل الله على جبريل وميكائيل السحر .حدثنا الفضل بن شاذان ، حدثنا محمد بن عيسى ، حدثنا يعلى يعني ابن أسد حدثنا بكر يعني ابن مصعب حدثنا الحسن بن أبي جعفر : أن عبد الرحمن بن أبزى كان يقرؤها : " وما أنزل على الملكين داود وسليمان " .وقال أبو العالية : لم ينزل عليهما السحر ، يقول : علما الإيمان والكفر ، فالسحر من الكفر ، فهما ينهيان عنه أشد النهي . رواه ابن أبي حاتم .ثم شرع ابن جرير في رد هذا القول ، وأن " ما " بمعنى الذي ، وأطال القول في ذلك ، وادعى أن هاروت وماروت ملكان أنزلهما الله إلى الأرض ، وأذن لهما في تعليم السحر اختبارا لعباده وامتحانا ، بعد أن بين لعباده أن ذلك مما ينهى عنه على ألسنة الرسل ، وادعى أن هاروت وماروت مطيعان في تعليم ذلك ; لأنهما امتثلا ما أمرا به .وهذا الذي سلكه غريب جدا ! وأغرب منه قول من زعم أن هاروت وماروت قبيلان من الجن [ كما زعمه ابن حزم ] !وروى ابن أبي حاتم بإسناده . عن الضحاك بن مزاحم : أنه كان يقرؤها : ( وما أنزل على الملكين ) ويقول : هما علجان من أهل بابل .))
ثالثا : ثبت من الاحاديث السابقة التي ذكرناها ان مسيلمة ادعاها طلبا للامر و الحكم كما اتينا من صحيح البخاري
هذا وصلى الله على سيدنا محمد و على اله وصحبه وسلم