بسم الله الرحمن الرحيم
مقدمة
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على عبده ورسوله محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
أما بعد:
فهذه أبواب مختصرة في العقيدة، راعيت فيها الاختصار الشديد، وحرررتها مما درسناه على علمائنا؛ وقرأنا في كتبهم ورسائلهم، تذكيرًا لنفسي أولاً، ثم لغيري. ومشاركةً مني في توفير المتون العلمية التي يحتاج الطالب إلى حفظها في بداية مشواره في الطلب. أسأل الله أن ينفع بها.
أحمد بن محمد العتيق

الباب الأول
تعـريف الإسـلام
هو الاستسلام لله بالتوحيد، والانقياد له بالطاعة، والبراءة من الشرك وأهله. وأركانه خمسة:
1) شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله.
2) إقامة الصلاة.
3) إيتاء الزكاة.
4- صوم رمضان.
5) حج بيت الله الحرام لمن استطاع إليه سبيلاً.

الباب الثاني
معنى لا إله إلا الله: أي لا معبود بحق إلا الله. وله ركنان هما:
النفي: لا إله: نافيًا جميع ما يعبد من دون الله.
الإثبات: إلا الله: إثبات العبادة لله وحده لا شريك له. وشروطها ثمانية:
علم يقينٌ وإخلاصٌ وصِدْقُك مع

محبةٍ وانقيادٍ والقَبول لها

وَزِدْ ثامِنُها الكُفْرانُ مِنك بمَا

سِوَى الإِله مِنَ الأَنْدادِ قَدْ أُلِّها

1) العلم المنافي للجهل.
2) اليقين المنافي للشك.
3) الإخلاص المنافي للشرك.
4) الصدق المنافي للكذب.
5) المحبة المنافية للبغض.
6) الانقياد المنافي للترك.
7) القبول المنافي للرد.
8) الكفر بالطاغوت.


* * * *
الباب الثالث
من فضـائل التوحيد
1) أن العمل الصالح لا يقبل إلا من مُوَحِّد.
2) أن عُصاةَ الموحدين يوم القيامة أمْرُهم إلى الله، وهم تحت مشيئته، قال تعالى: إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ [النساء: 48].
3) أن من دخل النار من عصاة الموحدين فإنه لا يخلد فيها.
4) أن من حقق التوحيد على الوجه الكامل حَرُمَ على النار بالكلية ودخل بغير حساب ولا عذاب.
5) أن الشفاعة لا تكون إلا لأهل التوحيد بشرطين:
1- الإذن للشافع. 2- والرضا عن المشفوع.
6) أن الله تعالى لا يدافع إلا عن أهل التوحيد قال تعالى: إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آَمَنُوا [الحج: 38]، وقال تعالى: أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ [الزمر: 36].
7) أن التمكين في الأرض لا يكون إلا لأهل التوحيد كما قال تعالى: وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا.

الباب الرابع
العبادة: هي اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال الظاهرة والباطنة.
ومبناها على أصلين:
1) إخلاص الدين لله.
2) متابعة الرسول .

* * * *
الباب الخامس
أنواع التوحيد ثلاثة
1) توحيد الربوبية:
هو إفراد الله تعالى بأفعاله: مثل الخلق والرزق والإحياء والإماتة والتدبير وأنه مالك الملك وأنه على كل شيء قدير.
2) توحيد الألوهية:
هو إفراد الله بالعبادة الظاهرة والباطنة والقولية والفعلية كالدعاء والنذر والنحر والخوف والرجاء والتوكل والرغبة والرهبة والإنابة، وهو موضوع دعوة الرسل.

3) توحيد الأسماء والصفات:
هو إثبات ما أثبته الله لنفسه في كتابه وما أثبته له رسوله  في سنته من الأسماء والصفات على الوجه الذي يليق بالله من غير تحريف ولا تعطيل، ومن غير تكييف ولا تمثيل.

* * * *

الباب السادس
التحريف هو التغيير: وينقسم إلى قسمين.
1) تحريف لفظي: كتحريف الأشاعرة لقوله تعالى: الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى أي استولى.
2) تحريف معنوي: وهو صرف اللفظ عن ظاهره. كقولهم في صفة الغضب: إرادة الانتقام. وفي اليد: القوة والنعمة.
التعطيل: هو سلب الصفات عن الله، أو سلب بعضها.
1) سلب الصفات عن الله وإنكارها بالكلية.
2) سلب بعضها كالأشاعرة الذين لا يثبتون لله إلا سبع صفات فقط.

* * * *

الباب السابع
التكييف: ذكر كيفية الصفة أو حكاية ذلك، كقول الشخص: نزول الله إلى السماء الدنيا كذا وكذا.
التمثيل: إثبات مشابهٍ لله، وهو المساواة من كل وجه. بخلاف التشبيه فإنه يقتضي المساواة في أكثر الصفات.
وأهل السنة والجماعة يثبتون الصفة ويثبتون معناها على الحقيقة ويكلمون الكيفية إلى الله.

* * * *
الباب الثامن
طريق أهل السنة في أسماء الله وصفاته
كما يلي:
1) يثبتون ما أثبته الله لنفسه في كتابه، أو على لسان رسوله  كما تقدم.
2) ينفون ما نفاه الله عن نفسه في كتابه، أو على لسان رسوله ، من صفات النقص والعيب مع إثبات كمال ضدها.
3) ما لم يرد نفيه ولا إثباته من الأسماء والصفات فإنهم يتوقفون فيه، فلا يثبتونه، ولا ينفونه ويستفصلون عن معناه، فإن أُريد به باطل ردوه، وإن أُريد به حق يليق بالله قبلوه.

الباب التاسع
علو الله تعالى من صفاته الذاتية وهو قسمان:
1) علو الذات: وهو الإيمان بأن الله تعالى بذاته فوق جميع خلقه مستوٍ على عرشه.
2) علو الصفات: وهو أن الله تعالى مُتَّصفٌ بصفات الكمال، ونعوت الجلال، التي لا يعتريها نقص بوجه من الوجوه.
معية الله لخلقه تنقسم إلى قسمين:
1) معية عامة: وهي المعية التي تقتضي الإحاطة بجميع الخلق من مؤمن وكافر، وهي معية السلطان والقدرة والعلم وغير ذلك قال تعالى: وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ.
2) معية خاصة: وهي التي تقتضي النصر والتأييد والحفظ، ولا تحصل إلا لمن قام بأسبابها من الإيمان والصبر والتقوى والإحسان.


* * * *
الباب العاشر
لا منافاة بين معنى العلو والمعية، فإن المعية لا تستلزم الاختلاط والحلول في المكان. فقد يكون الشيء عاليًا بذاته وتضاف إليه المعية كما يقال: «ما زلنا نسير والقمر معنا».

الباب الحادي عشر
الشرك أعظم الذنوب، وهو نوعان:
1) شرك أكبر: وهو جَعْلُ شريكٍ لله في أنواع التوحيد الثلاثة أو أحدها. وهذا هو النوع من الشرك، لا مغفرة لمن لم يتب منه، وصاحبه مخلد في النار.
2) شرك أصغر: وهو نوعان:
أ/ شرك ظاهر: على اللسان والجوارح، كالحلف بغير الله، وقول الإنسان: لولا الله وفلان، وكتعليق التمائم إذا اعتقد أنها سببٌ لرفع البلاء أو دفعه.
ب/ شرك خفي: وهو الشرك في الإرادات والنيات، كالرياء والسمعة، ومن ذلك: العمل من أجل الدنيا.
وهذا النوع من الشرك لا يخرج من الملة ولكنه ينقص التوحيد.


* * * *
الباب الثاني عشر
الوسائل المفضية إلى الشرك الأكبر
1) الألفاظ التي ظاهرها التشريك مع الله، كقول الإنسان: لولا الله وفلان، وما شاء الله وشاء فلان.
2) الحلف بغير الله.
3) الرياء في العمل.
4) اتخاذ القبور مساجد ويشمل:
أ/ إدخالها في المساجد.
ب/ بناء المساجد عليها.
ج/ الصلاة عندها أو إليها.
5) الغلو في القبور: يشمل مع ما تقدم: رفعها، أو الكتابة عليها، أو بناء القباب عليها، وغير ذلك.
6) شد الرحال إلى بقعة بقصد التقرب إلى الله سوى المساجد الثلاثة.
7) الغلو في الصالحين.
8) التصوير.


* * * *
الباب الثالث عشر
التوسل: هو التقرب إلى الشيء، وهو قسمان:
الأول: توسل مشروع، وهو أنواع:
1) التوسل بأسماء الله وصفاته.
2) التوسل إلى الله تعالى بالأعمال الصالحة التي قام بها المُتَوَسِّل.
3) التوسل إلى الله تعالى بتوحيده.
4) التوسل إلى الله تعالى بإظهار الضعف والافتقار إلى الله.
5) توسل إلى الله بدعاء الصالحين الأحياء.
6) توسل إلى الله بالاعتراف بالذنب.
ثانيًا: توسل ممنوع، وله صُوَر:
1) طلب الدعاء من الأموات وطلب الشفاعة وهذا شرك أكبر.
2) التوسل بجاه النبي ، أو بجاه غيره، وهذا بدعة.
3) التوسل بحق المخلوق.


* * * *
الباب الرابع عشر
الكفر ضد الإيمان، وهو عدم الإيمان الله ورسوله، وهو نوعان:
الأول: كفر أكبر، وهو خمسة أقسام:
1- كفر التكذيب.
2- كفر الإباء والاستكبار.
3- كفر الشك.
4- كفر الإعراض.
5- كفر النفاق.
وهذا النوع – أي الكفر الأكبر – يُخْرِجُ من الملة.
الثاني: كفر أصغر: وهذا القسم لا يخرج من الملة، وهو الذنوب التي وردت تسميتُها في الكتاب والسنة كفرًا، مثل «كفر النعمة، وقتال المسلم، والحلف بغير الله».


* * * *
الباب الخامس عشر
النفاق نوعان:
الأول: نفاق اعتقادي: وهو النفاق الأكبر الذي يُظْهِر صاحبُه الإسلام، ويُبطن الكفر. وهذا النوع مُخرجٌ من الدين بالكلية: وهو ستة أنواع:
1) تكذيب الرسول .
2) تكذيب بعض ما جاء به الرسول .
3) بغض الرسول .
4) بغض بعض ما جاء به الرسول .
5) المَسَرَّة بانخفاض دين الرسول .
6) الكره لانتصار دين الرسول .
الثاني: نفاق أصغر: وهو عمل شيء من أعمال المنافقين، مع بقاء الإيمان في القلب، كإخلاف الوعد والكذب في الحديث والخيانة في الأمانة والغدر والكسل والتكاسل عن الصلاة. وهذا النوع لا يخرج من الملة ولكنه وسيلة إلى ذلك.


* * * *
الباب السادس عشر
نواقض الإسلام ( ):
1) الشرك في عبادة الله.
2) من جعل بينه وبين الله وسائط يدعوهم ويسألهم الشفاعة ويتوكل عليهم.
3) من لم يكفر المشركين أوشك في كفرهم أو صحح مذهبهم كفر.
4) من اعتقد أن هدي غير النبي  أكمل من هديه، أو أن حكم غيره أحسن من حكمه، كالذين يفضلون حكم الطواغيت على حكم الرسول .
4) من أبغض شيئًا مما جاء به الرسول  ولو عمل به.
5) من استهزأ بشيء من دين الرسول .
6) السحر ومنه الصرف والعطف.
7) مظاهرة المشركين ومعاونتهم على المسلمين.
8) من اعتقد أن بعض الناس يسعه الخروج عن شريعة محمد .
9) الإعراض عن دين الله لا يتعلمه ولا يعمل به.


* * * *
الباب السابع عشر
الإيمان بالملائكة
التصديق بوجودهم، وأنهم عباد مكرمون، خلقهم الله لعبادته، وتنفيذ أوامره، خلقهم الله تعالى من نور، وهم بالنسبة إلى الأعمال التي يقومون بها أصناف، فمنهم حملة العرش، ومنهم المقربون ومنهم الموكلون بالنار، ومنهم الموكلون بالجنة، ومنهم جبريل الموكل بالوحي.
وقد أعطاهم الله القدرة على التشكل، ومن كفر بوجودهم، فهو كافر بالله ورسوله ، ومكذب لله ولرسوله .

الباب الثامن عشر
الإيمان بالكتب
هو التصديق الجازم بأنها حق وصدق، وأنها كلام الله عز وجل، منها ما سماها الله لنا، كالقرآن والتوراة والإنجيل والزبور. ومنها ما لم يسمه الله لنا. نؤمن بها جميعها، وأعظمها القرآن وهو ناسخها والمهيمن عليها. فيجب اتباع ما جاء فيه وأنه كلام الله تكلم به حقيقة منزل من عند الله وغير مخلوق منه بدأ وإليه يعود.


* * * *
الباب التاسع عشر
الإيمان بالرسل
التصديق برسالاتهم، والإقرار بنبوتهم، وأنهم صادقون فيما أخبروا به عن الله. وقد بلغوا الرسالات، وبينوا للناس ما أُمِرُوا به. ومن كفر بواحد منهم فقد كفر بهم جميعًا، ومن كفر بهم فقد كفر بالله.
والرسل الذين ذكر الله أسماءهم في القرآن يجب الإيمان بأعيانهم. ومن لم يُسَمِّ في القرآن من الرسل وجب الإيمان بهم إجمالاً.
وأفضل الرسل أولو العزم وهم: نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمد صلوات الله وسلامه عليهم.
وأفضل أولي العزم: الخليلان إبراهيم ومحمد عليهما الصلاة والسلام.
وأفضل الخليلين: محمد .


* * * *
الباب العشرون
شروط شهادة أن محمدًا رسول الله  سبعة:
1) أنه عبد الله، ليس له شيء من خصائص الألوهية أو الربوبية.
2) أنه خاتم النبيين لا نبي بعده.
3) محبته. وكمالها أن تكون أكثر من النفس والأهل والمال والولد والناس أجمعين.
4) تصديقه فيما أخبر.
5) طاعته فيما أمر.
6) اجتناب ما نهى عنه وزجر.
7) أن لا يُعبدَ الله إلا بما شرع.

الباب الحادي والعشرون
منزلة السنة
1) أن السنة وحي كما أن القرآن وحي.
2) السنة تفسر القرآن.
3) السنة تبين ما أجمل من القرآن، فإن الله تعالى أمر بإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة وغيره من العبادات وبينت السنة تفاصيلها.
4) السنة تخصص القرآن، فقد حرم الله الميتة والدم، واستثنت السنة: ميتة الجراد والحوت. ومن الدم: الطحال والكبد.
5) السنة تزيد على القرآن، فقد حرم الله الأم من الرضاعة والأخت من الرضاعة، وجاء في السنة زيادةً على ذلك قوله : «يحرم من الرضاعة ما يحرم من النسب» رواه الشيخان عن عائشة.


* * * *
الباب الثاني والعشرون
اليوم الآخر
هو يوم القيامة. ومعناه: أن تصدق بكل ما بعد الموت من عذاب القبر، ونعيمه، وبالبعث بعد ذلك، والحساب، والميزان، والثواب، والعقاب، والجنة، والنار، وبكل ما وصف الله به يوم القيامة، ومن ذلك رؤية المؤمنين لربهم.
وبعض أهل العلم يذكر أشراط الساعة في هذا الباب، لأن اليوم الآخر مسبوق بعلامات تدل على قرب وقوعه، فصار الإيمان بها واجب بل من صلب العقيدة.


* * * *
الباب الثالث والعشرون
الجنة والنار مخلوقاتان وموجودتان:
فالجنة دار المتقين الأبرار، والنار دار الكفرة والفجار، وهما باقيتان لا تفنيان أبد الآباد.
ولا يجوز لأحد أن يشهد لأحد بجنة ولا نار، إلا من شهد له الله ورسوله .


* * * *

الباب الرابع والعشرون
الإيمان بالقضاء والقدر: هو تقدير الله للكائنات وعلمه السابق بها، وهو أربع مراتب:
1) العلم: وهو علم الله بكل شيء جملة وتفصيلاً، وعلمه بالأشياء قبل وجودها، ومن ذلك علمه بأعمال العباد قبل أن يعملوها، يعلم سبحانه ما كان وما سيكون وما لم يكن لو كان كيف يكون.
2) الكتابة: وهو أن الله تعالى كتب كل شيء في اللوح المحفوظ.
3) المشيئة: والمراد بذلك مشيئة الله الشاملة لكل حادث، وقدرته التامة عليه.
4) الخلق: أي أن الله خالق كل شيء وموجده، وأنه الخالق وحده وما سواه مخلوق.


* * * *

الباب الخامس والعشرون
أنواع التقديرات:
1) التقدير الشامل: لكل كائن وهو المكتوب في اللوح المحفوظ.
2) التقدير العمري: وهو الذي يكون في شأن الجنين وهو في بطن أمه حين كَتْبِ رِزْقِه وعمله وأجله وشقاوته وسعادته.
3) التقدير الحولي: وهو ما يقدر في ليلة القدر، كما في قوله تعالى: فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ.
4) التقدير اليومي: كما في قوله تعالى: كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ وهو ما يقدر من حوادث اليوم من حياة وموت وعز وذل.


* * * *
الباب السادس والعشرون
تتمة لما سبق في باب القدر، يجب على المسلم أن يعلم ما يلي:
1- أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، وما أخطاه لم يكن ليصيبه.
2- لا يجوز الاحتجاج بالقدر على فعل المعصية أو ترك الطاعة.
3- لا يجوز الخوض في القدر لأنه من علم الغيب، وقد قال : «إذا ذكر القدر فأمسكوا». رواه الطبراني عن ابن مسعود. ولأن الخوض في القدر يفضي إلي:
أولاً: التكذيب.
ثانيًا: الاعتراض على الله.
ثالثًا: الحَيْرَة وعدم الإيمان الصحيح.


* * * *
الباب السابع والعشرون
الإحسان: أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك. وله مرتبتان:
الأولى: مرتبة المشاهدة كما في قوله : «الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه» أي كأنك تشاهده.
الثانية: المراقبة كما في قوله : «فإن لم تكن تراه فإنه يراك».


* * * *

الباب الثامن والعشرون
الصحابة أفضل البشر بعد الأنبياء، والصحابي هو: من لقي النبي  مؤمنًا به ومات على ذلك ولو تخللت رِدَّة.
الواجب علينا نحوهم ما يلي:
1) سلامة القلب من الغل والحقد، وكذلك اللسان من تنقصهم والحط من قدرهم.
2) الترَضِّي عليهم.
3) الاعتقاد الجازم بأنهم كلهم عدول.
4) أنهم أعلم مِنْ مَن بعدهم بكتاب الله، وسنة رسوله ، وإذا كان الأمر كذلك، فالواجب هو السير على دربهم في العلم والعمل لعموم قوله : «ما أنا عليه وأصحابي».
5) الكَفُّ عما شجر بينهم.

* * * *

الباب التاسع والعشرون
أفضل الصحابة الخلفاء الراشدون: أبو بكر ثم عمر ثم عثمان ثم علي .
ثم بقية العشرة المبشرين بالجنة، وهم: أبو عبيدة بن الجراح، وسعد بن أبي وقاص، وعبد الرحمن بن عوف، والزبير بن العوام، وطلحة بن عُبيد الله، وسعيد بن زيد بن عمرو بن نُفَيْل.
ثم أهل بدر.
ثم أصحاب الشجرة.
ثم من أسلم قبل الفتح وقاتل.
ثم من أسلم بعد الفتح وقاتل. رضي الله عنهم أجمعين.


* * * *
الباب الثلاثون
أهل بيت النبي  هم الذين حَرُمَت عليهم الصدقة، وهم: (آل علي، وآل جعفر، وآل عقيل، وآل العباس، وبنو الحارث بن عبد المطلب، وأزواج النبي ، وبناته).
فأهل السنة والجماعة يحبون أهل بيت رسول الله ، ويتولونهم، ويكرمونهم، لقوله : «أذكركم الله في أهل بيتي» إلا من خالف السنة ولم يستقم على الدين منهم.

* * * *

الباب الحادي والثلاثون
أهل السنة يحبون أزواج النبي ، ويتولونهن، ويرون أنهن أمهات المؤمنين، وأنهن زوجاته في الجنة، خصوصًا خديجة رضي الله عنها، أم أكثر أولاده، وأول من آمن به وعاضده، وعائشة بنت أبي بكر رضي الله عنهما.
وتزوج النبي  إحدى عشرة نسوة، مات في حياته اثنتان، هما: خديجة، وزينب بنت خزيمة الهلالية. ومات عن تسع وهن: (عائشة، وحفصة، وزينب بنت جحش، وأم سلمة، وصفية، وميمونة، وأم حبيبة، وسودة، وجويرية).


* * * *

الباب الثاني والثلاثون
الإيمان عند أهل السنة قول وعمل، قول القلب واللسان، وعمل القلب والجوارح.
وفي هذا الباب العظيم مسائل:
1) أن الأعمال الصالحة داخلةٌ في مُسَمَّى الإيمان وركنٌ فيه.
2) أن الإيمان يزيد وينقص يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية.
3) أن الإيمان يتفاوت في قلوب المؤمنين.
4) أن مرتكب الكبيرة لا يكفر إلا باستحلالها.
5) أن الكفر يكون بالاعتقاد والقول والعمل.
6) أن المُوَحِّدَ العاصي إذا مات من غير توبة، فأمره إلى الله، إن شاء غفر له وإن شاء عذبه، لقوله تعالى: إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ.
7) أن الموحد العاصي إذا دَخَلَ النار فإنه لا يخلد فيها.
8) أن الكفرَ كفران، والشركَ شركان، وهكذا الظلم، والنفاق، والفسق، والخطيئة، والمعصية، أي أن منها ما هو ناقل عن الملة ومنها ما هو غير ناقل.
9) جواز الاستثناء في الإيمان، وهو قول الرجل: أنا مؤمن إن شاء الله.
10) أن التوبة مقبولة من العبد إذا توفرت شروطها.

* * * *
الباب الثالث والثلاثون
أهل السنة والجماعة يؤمنون بكرامات الأولياء. وأولياء الله هم المؤمنون المتقون، فكل مؤمن تقي فهو ولي الله، بقدر إيمانه وتقواه، وقد يظهر الله على يديه من خوارق العادات ما يسمى بالكرامة، إكرامًا من الله له ببركه إتباعه للرسول صلوات الله وسلامه عليه.
وليس كلُّ وَلِيٍّ تحصل له كرامة، وإنما تحصل لبعضهم. وأما إذا حصل شيء من خوارق العادات لأناس فجار، لا يعرفون الله، ولا يسيرون على السنة، فإنها ليست كرامة، وإنما هي شعوذة، ودجل، أو سحر.
قال بعض السلف: (إذا رأيتم الرجل يمشي على الماء أو يطير في الهواء فلا تعجبوا حتى تعلموا هل هو على السنة أن لا).


* * * *

الباب الرابع والثلاثون
أهل السنة والجماعة يلزمون جماعة المسلمين، ويرون السمع والطاعة لمن ولاه الله أمرهم بالمعروف، ويرون الجهاد والحج وإقامة الجمع والأعياد معهم، أبرارًا كانوا أو فجارًا، ولا يرون السيف عليهم، ولا تأليب الناس عليهم، ويرون وجوب الصبر على جورهم، ولا يجعلون ذلك سببًا لنزع يد الطاعة، أو الخروج عليهم، عملاً بقوله : «من رأى من أميره شيئًا يكرَهُه فليصبر عليه، فإنه ليس أحد يفارق الجماعة شبر فيموت، إلا مات ميتة جاهلية». رواه البخاري ومسلم عن ابن عباس رضي الله عنهما.

الباب الخامس والثلاثون
البدعة: هي التقرب إلى الله تعالى بما لم يشرعه الله ولم يشرعه رسوله ، وهي من أعظم ما يفسد دين المرء، قال بعض السلف: (الشيطان أفرح بالبدعة من المعصية، لأن المعصية يتاب منها والبدعة لا يتاب منها).
والسبب في ذلك أن فاعل البدعة يرى أنه يتقرب إلى الله تعالى بفعله، وهذا هو الذي يجعله لا يتوب.
وليس هناك شيء في الدين اسمه بدعة حسنة، بل البدع كلها شر وضلالة.

* * * *

الباب السادس والثلاثون
البدعة نوعان:
بدعة اعتقادية: كمقالات الجهمية والمعتزلة في نفي الصفات. والخوارج والمرجئة في باب الإيمان. وغيرهم من أهل البدع.
بدعة عملية: وتكون في العبادات الظاهرة، كمن يتقرب إلى الله بعبادة لم يشرعها الله ولم يشرعها رسول الله ، مثل الأذكار التي يحدثها بعض الصوفية ومثل الاحتفال بالمولد أو الإسراء والمعراج، وغير ذلك.
الباب السابع والثلاثون
لما أخبر الرسول  أن الأمة ستفترق على ثلاثٍ وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة وهي ما كان عليه هو وأصحابه صار المتمسكون بالدين الصحيح أقل الناس، وهم أهل السنة والجماعة السائرون على درب السلف – في العلم والعمل – وفيهم الأئمة الكبار المتبوعون كالحسن البصري، وسفيان الثوري، والأوزاعي، ومالك، والشافعي، وأحمد، وابن تيمية، وابن القيم، ومحمد بن عبد الوهاب، رحمة الله على الجميع. والله تعالى أعلم.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد.




* * * *