قوم بنى إسرائيل ( اليهود والنصارى )
************************************************************ ***********************************
.
كانت البشرية أمة واحدة .. وبعد مبعث سيدنا إبراهيم ومبعث سيدنا إسماعيل وإسحق ويعقوب عليهم السلام صاروا : عرباً وعجماً ..
العرب ( أو الأعراب ) هم : أهل مكة وما حولها من بلاد .. والعجم ( أو الأعاجم ) هم : مادون العرب .. يقول جل شأنه :
{ مَا كَانَ النَّاسُ إِلَّا أُمَّةً وَاحِدَةً فَاخْتَلَفُوا }
.......
كان مبعث سيدنا إبراهيم عليه السلام بالملة الحنيفية .. والملة الحنيفية هى رسالة التوحيد والإيمان ..
أنزلها الله رسالة جامعة لما سينزل بعدها من رسالات وجعلها الله مبيّنة لما سيأتى بعدها من شرائع وأديان ..
وفّى سيدنا إبراهيم بالرسالة التى بعثه الله بها ووصى بها أبناءه وبنيه سيدنا إسماعيل وإسحق ويعقوب عليهم السلام ..
ووصاهم أن يوصوا بها أبناءهم من العرب أو العجم
( سيدنا يعقوب هو نبى الله " إسرائيل " . ونسله وذريته هم " بنى إسرائيل " ) ..
.
كانت وصاياهم إليهم بألا يعبدوا إلا الله وألا يشركوا بوحدانيته ولا يموتوا إلا وهم مسلمون .. يقول العزيز الحكيم :
{ وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلاَ تَمُوتُنَّ إَلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ }
{ أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي قَالُوا نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آَبَائِكَ
إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَهًا وَاحِدًا وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ }
.......
وبعث الله سيدنا موسى وهارون إلى : فرعون وقومه .. وإلى : قوم بنى إسرائيل ..
كذب فرعون وقومه برسالة التوحيد فأخذهم الله أخْذ عزيز مقتدر .. وآمنت بها بنى إسرائيل ففضلهم الله على العالمين .
قست قلوب قوم بنى إسرائيل بعد إيمانهم واستكبروا وطغواْ وبغواْ فى الأرض وجحدوا رسالة الله وزاغوا عن سبيل الهدى والرشاد ..
زعموا أنهم أحباء وأبناء لله وأن الله اختصهم وقال لهم " أنتم أولاد للرب إلهكم " وأخفوا وبدلوا وحرفوا فى الصحف والألواح والتوراة ..
وجاءوا بشىء إداً واتخذوا لله ولدا وقالوا عزير بن الله وأن يد الله مغلولة وأن الله فقيرٌ وهم أغنياء .
...
أرسل الله إليهم أنبياء ومرسلين .. فريقاً كذبوه . وفريقاً قتلوه ..
{ أَفَكُلَّمَا جَاءكُمْ رَسُولٌ بِمَا لاَ تهْوَى أَنفُسُكُمُ اسْتكْبَرْتمْ فَفَرِيقاً كَذَّبْتمْ وَفَرِيقاً تقْتلُونَ }
...
بعث الله إليهم المسيح عيسى عليه السلام ..
آمنت منهم طائفة ( وهم الحواريون النصارى ) .. صدقوه ونصروه وآزروه وكانوا له أعواناً وأتباعاً وأنصارا ..
وكفرت منهم طائفة ( وهم اليهود ) .. كذبوا المسيح ورسالته وأنكروا نبوته وفى صحفهم وألواحهم قد جاءتهم بشارته ..
{ فَآمَنَت طَّائِفَةٌ مِّن بَنِي إِسْرَائِيلَ وَكَفَرَت طَّائِفَةٌ }
...
ضاقت طائفة اليهود برسالة المسيح ودعوته واتهموه بالسحر فيما جاءهم به من آيات ومعجزات ..
وأضمروا له الكيد والشر والعداوة وعقدوا العزم والنية على قتله كما قتلوا أنبياء الله من قبله ..
توجهوا إليه عند الربوة على سفح جبل الزيتون فألقى الله شبهه على بعضٍ منهم فأخذوه وقتلوه وصلبوه ..
ونجى الله نبيه من شرهم وكيدهم وطهره من رجسهم ورفعه من بينهم إلى السماء ..
ادّعوا إفكاً وافتراءً أنهم اقتادوا نبى الله وقاموا بمساءلته ومحاكمته وحبسه وجلده ثم قاموا بصلبه وقتله .. وزعموا كذباً وبهتاناً
بأن رب العالمين قد نزل إليهم وأنزل ابنه المسيح لكى يقتل ويصلب فداء منه وتضحية للتكفير عن خطيئة أبينا آدم وخطايا البشرية ..
وترصدوا لكل من يعارضهم أو يناهضهم وطاردوا كل من يخالفهم ووشوا بهم ووصفوهم بأبشع الصفات ..
...
مضى الزمان ..
ظل الحواريون زمناً يسيراً على إيمانهم وظلوا على يقينهم وتصديقهم برسالة نبيهم .. ثم أقروا بزعم اليهود وكذبهم ..
كفروا بوحدانية الله واتخذوا رهبانهم أرباباً من دون الله وجاءوا بشىء إدّا واتخذوا لله ولدا وقالوا المسيح بن الله . وقالوا إن الله هو
المسيح ابن مريم . وقالوا إن الله ثالث ثلاثة : الإله الأب هو الله . والإله الإبن هو المسيح . والروح القدس هى التى حلّت بالسيدة مريم
( الإله والإبن والروح القدس ) .. وأخفوا وبدلوا وحرفوا فى آيات وأحكام الإنجيل ..
وأبناؤهم هرعوا على آثارهم دون أن يتبصروا ويتفكروا ويتدبروا إن كان آباؤهم يعقلون أو يجهلون وإن كانوا مهتدين أو غير مهتدين ..
فضلوا وأضلوا من جاء من بعدهم .. ممن لاعقل لهم ولا بصيرة ..
...
مضى الزمان ..
بعث الله إليهم رسول الله سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام بآخر الرسالات والأديان .. دين وشريعة الإسلام ..
{ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيراً مِّمَّا كُنتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ }
كانوا يعرفون صفته ونعته كما يعرفون أبناءهم وأولادهم فقد أنزلها الله فى كتبهم ..
وينتظرون مولده ويترقبون مبعثه ..
{ الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءهُمْ } . { يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ }
...
دعاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الإيمان واتباع دين الإسلام وإلى التصديق بما أنزل الله عليه فى القرآن ..
ونهاهم عن غلوهم وما ابتدعوه فى دينهم وحذرهم من اتباع أهوائهم وما ألِفوه وورثوه عن آبائهم من كفر وضلال ..
{قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لاَ تَغْلُواْ فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ وَلاَ تَتَّبِعُواْ أَهْوَاء قَوْمٍ قَدْ ضَلُّواْ مِن قَبْلُ وَأَضَلُّواْ كَثِيراً }
...
أخبرهم أنه بشيرهم ونذيرهم .. وكشف لهم ما بدلوه وحرفوه فى كتبهم وما نبذوه منها وراء ظهورهم ..
وأخبرهم أنهم أول من يقوم بدعوتهم من اليهود والنصارى وحثهم بألا يكونوا أول الكافرين به حتى لايضلوا أبناءهم
ومن يأتى بعدهم ممن لاعقل لهم ولا بصيرة ..
{ وَآمِنُواْ بِمَا أَنزَلْتُ مُصَدِّقاً لِّمَا مَعَكُمْ وَلاَ تَكُونُواْ أَوَّلَ كَافِرٍ بِهِ وَلاَ تَشْتَرُواْ بِآيَاتِي ثَمَناً قَلِيلاً وَإِيَّايَ فَاتَّقُونِ }
...
أخبرهم أن الله واحدٌ أحد سبحانه أن يكون له شريك أو ولد .. وبين لهم بأنْ لو كان لله ولد لكان له من أول العابدين ..
وأنْ لو أراد الله أن يصطفى ولداً من خلقه وعبيده لاصطفاه فكل شىء يرجع إلى إرادته وكل ما فى الكون خاضع لمشيئته ..
{قُلْ إِنْ كَانَ لِلرَّحْمَٰنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعَابِدِينَ}
{لَوْ أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَداً لَّاصْطَفَى مِمَّا يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ سُبْحَانَهُ هُوَ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ }
...
أخبرهم أنهم ليسواْ على شىءٍ مما يتمسكون به فى الصحف والألواح والتوراة والإنجيل ..
لأنهم هم من كتموا ما فيها من الحق وهم يعلمون .. وهم من خالفوها وحرفوها ولم يبينوا ما فيها من تعاليم وأحكام
ومن حكمة وموعظة وبيان ..
{قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَسْتُمْ عَلَى شَيْءٍ حَتَّىَ تُقِيمُواْ التَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ }
.......
كذبوا رسول الله صلى الله عليه وسلم وظلوا فى الغى يعمهون ( ومازالوا فى الضلال غارقون ) ..
جحدوا دين الله الذى ارتضاه لهم .. جحدوه كفراً وحسداً أو ظلماً وبغياً فشقوا شقاوةً لن يسعدوا بعدها أبدا ..
.......
وإنه لمن نِعم الله على خلقه وسِعة رحمته وفضله .. أنْ قضى الله بإمهالهم وتأخير عذابهم إلى يوم القيامة ..
لم يعاجلهم الله بعذابه وعقابه كما عاجل من كانوا قبلهم مثل قوم نوح وقوم عاد وقوم ثمود وقوم فرعون وغيرهم ..
لعلّهم يفقهوا ويعقلوا ويتوبوا ويستغفروا ويؤمنوا بدين الله ..
أمامهم وبين أيديهم كتاب الله الكريم حفظه الله وجعله بشيراً ونذيراً لهم ولكل من خلقهم ويخلقهم الله فى هذه الحياة ..
أوضح الله فيه البيان وأبان لهم فيه معالم الإيمان التى تهديهم إلى متبوأ الأبرار وطريق الباطل الذى يُودِى بهم ويسوقهم إلى جحيم النار ..
فما الذى يمنعهم من التوبة والمغفرة والإيمان .. وما الذى يحجبهم عن اتباع دين الإسلام ..
{ وَمَا مَنَعَ النَّاسَ أَن يُؤْمِنُوا إِذْ جَاءهُمُ الْهُدَى وَيَسْتَغْفِرُوا رَبَّهُمْ }
.
************************************************************ ***********************************
سعيد شويل