المسيح ... والميلاد العذراوي

ما هي المعجزة الكبري التي لم ولن تتكرر في تاريخ البشرية ؟

لاشك أنها ميلاد عيسي عليه السلام .. بدون أب ..!! حتي في حياة المسيح لم يفكر أحد قط من التلاميذ أو يخطر بباله ميلاده من عذراء لأنها - ببساطة – تكتمت الأمر وعرف بأنه ابن يوسف ، حتي في كتاباتهم يقول متي "وجدت حبلي من الروح القدس" إن بناء الفعل للمجهول دليل علي عدم الثقة فمريم لم تخبره بهذا لاهي ولاالروح القدس !
أما لوقا فلم يبتعد كثيرا - في - هذه النقطة عن قول متي.
اليهود يقولون – وما زالوا – يستهزءون ويتهكمون حتي الآن بأنه ولد من الفحشاء والدنس – وكم لمزه اليهود بهذه الصفة في مولده وقالوا متفاخرين " إنا لم نولد من دنس " يو8 /41 .
وليت الأمر اقتصر علي اليهود بل إننا لنجد في المسيحيين أنفسهم من يتشكك في هذا الميلاد العذراوي ـ بل من يعرض عن ذكره خجلاً أو تكذيباً أونفياً .وكما ذكرنا فإنه في حياة المسيح لم يفكر أحد قط من التلاميذ أو يخطر بباله ميلاده من عذراء - ذلك أن الأم العذراء التي حفظت جميع الأمور في قلبها تكتمت الأمر ولم تفشه إلا لنفر قليل من الأخصاء وذلك لدقة الأمر وبعده عن التصديق فعرف السيد المسيح بأنه ابن يوسف النجار خطيب العذراء وقتئذ - والتاريخ يروي لنا كل الفريات المستقبحة التي أذاعها الناس عن مريم وقتئذ حتي ارتاب خطيبها في طهارتها وعفتها وقررتخليتها سراً .

&&&&&&&&&

والآن دعنا نتتبع إيمان هؤلاء التلاميذ بهذا الميلاد العذراوي :

هناك اثنان منهم تجاهلا الموضوع تماماً ولوكان لديهما أدني إيمان به لذكروه - أليس هذا أكثرأهمية من شجرة التين وركوب الحمار وتحويل الماء إلي خمر ؟ ولكن كان لديهما من الشك ما آثرا معه عدم ذكر أي شيئ عنه والآن إلي الأناجيل :

أولاً : إنجيل متي
يبدأ إنجيل متي هكذا : كتاب يسوع المسيح ابن داود ابن ابراهيم ......إلي أن يقول ويعقوب ولد يوسف رجل مريم التي منها يسوع الذي يدعي المسيح مت 1/1-16
ثم يقول ابتداءاً من العدد18 :
أما ولادة المسيح فكانت هكذا : لما كانت مريم أمه مخطوبة ليوسف قبل أن يجتمعا وجدت حبلي من الروح القدس فيوسف رجلها إذ كان باراً ولم يشأ أن يشهرها أراد تخليتها سراً ولكن فيما متفكر في هذه الأمور إذا ملاك الرب قد ظهر له في حلم قائلاً يا يوسف بن داود لا تخف أن تأخذ امرأتك لأن الذى حبل به فيها هو من الروح القدس فستلد ابنا وتدعو اسمه يسوع لأنه يخلص شعبه من خطاياهم .متي1/ 18وهذا كله حدث ليتم ماقيل من الرب بالنبي القائل هو ذا العذراء تحبل وتلد ابنا ويدعون اسمه عمانوئيل 1/22

ونلاحظ ما يلي :
إذا كان ما ذكره من أن جميع الأجيال من إبراهيم إلي داود14 جيلا ومن داود الي سبي بابل 14 جيلا ومن سبي بابل الي المسيح 14 جيلا فيكون بين داود والمسيح 26 جيلا
بينما في رواية لوقا أنه بين داود والمسيح هو واحد وأربعين جيلا .
إذا افترضنا أن الجيل حوالي 60 سنة فقط – وليس تلك الأعمار المذكورة في العهد القديم – فيكون :
حسب متي 60 ×26 =1560 سنة
حسب لوقا 60 ×41 = 2460 سنة
بينما المدة المقدرة - تاريخياً - بين داود والمسيح هي 1000سنة وبذا تكون روايات الإثنين خطأ لايعتد به ! وهذا يشكك في هذه المعلومات بل يؤكد عدم صحتها .
طبقا لمتي فإن يوسف هو ابن يعقوب بينما يقول لوقا ان يوسف هو ابن هالي .
وليت الخلاف اقتصر علي الوالد الأول ليوسف بل امتد إلي باقي الأجداد مما يؤكد عدم صحة المعلومات التي ذكرت .

لن نذهب بعيداً في مقارنة النسب – فالعهد الجديد متاح لكل من أراد المقارنة – ولكن هناك ملحوظة هامة فيما أورده متي .في الأنساب – عادة يذكر الأجداد الذكور وليس هناك مايدعو لذكر الاناث , ولكن هناك شبهة ينبغي أن تؤخذ في الاعتبار . فلقد أدخل النساء في النسب وتعمد اختيارأربعا كلهن ساقطات .
* تامار عاهرة أغرت حماها علي الزنا معها ( تك 38/15 -19 )
* رحاب الزانية التي تقطن أريحا في كنعان (يشو 2/1)
* راعوث التي تسللت سراً إلي فراش بوعز (را 3/1 – 14
* بتشبع التي زنا بها داود وهي زوجة لأوريا الحثي (2صم 11/2-5)
إنه يريد أن يقول لمتهمي المسيح : أن في نسبه أربع ساقطات وما الضرر في أن تكون أمه الخامسة ؟! حاشاه و حاشاها عليهما السلام هل هذه هي اللغة التي يتحدث بها هذا المؤمن . إذا كان فعلاً يؤمن بالميلاد المعجز !!؟
هل هذا كلام رجل يؤمن بالميلاد العذراوي ؟
وانظرإلي ذلك التعبيرعن السيدة العذراء عليها السلام – إنه يقول : (وجدت حبلي من الروح القدس ) لماذا بني الفعل للمجهول ؟ لماذا اختارذلك الفعل بالذات ولم يقل مثلاً وجاءت إلي قومها ... فينسب إليها الصدق الذي تتحدي به الدنيا بدل أن يجعلها تتكتم الأمر فتثير التساؤلات بعكس ماجاء في القرآن "فأشارت اليه " مريم 29 فتكلم في المهد وبرأها علي رءوس الأشهاد ؟ ثم وبناءاً علي بناء الفعل للمجهول : من الذين وجدوها حبلي من الروح القدس ؟ الذين اتهموها أم أولئك الذين لم يتهموها ؟ هل هذا كلام من يؤمن ببراءة العذراء وابنها ؟ فاليهود - الذين اتهموها - مازالوا يتهمونها حتي الآن وإلي ماشاء الله والذين لم يتهموها ما فائدة شهادتهم ؟
كل ما كان يهمه هوإلصاق نسب المسيح بداود بهذه الصياغة
المشينة والنسب الأكثر إساءة , بينما ينفي المسيح عن نفسه أنه ابن داوود فمتي كذب نفسه في متي 22/45 بل نفس التكذيب جاء في مر 12/ 35 -37 وفي لو 20/ 41- 44 وفي بط 2/30- 36 . فداود يدعوالمسيح رباً فكيف يكون ابنا له؟!
لم يكتف بأن يشك شخصياً في الميلاد العذراوي ولكن ذهب
إلي أن " يوسف رجلها إذ كان باراً ولم يشأ أن يشهرها أراد تخليتها سراً " ولم يمنعه من ذلك إلا رؤية في المنام فتراجع . مع أن أغلب العقائد المسيحية تقول بأنه ابن الله وهذا مايؤكده سفرأعمال الرسل في 2/30 " فإذ كان نبياً وعلم أن الله قد حلف له بقسم أنه من ثمرة صلبه يقيم المسيح "! فما الداعي لذكر أن خطيبها نفسه قد تشكك في أمرها ... إذن فالآخرون معذورون بل كل من تشكك في هذا معذور أيضاً ..وهو أولهم .
ثانياً : مرقس
رغم مايقدمونه من تعليلات وحجج لعدم ذكره الميلاد العذراوي , فإنه – رغم القفز فوق الموضوع وتجاهله إلا أنه كان لابد أن يضع لمسة تدل علي ما اعتراه من شك " أليس هذا هو النجار بن مريم وأخو يعقوب ويهوذا وسمعان أوليست أخواته عندنا , فكانوا يعثرون به " مر 6/3 كيف ؟ ترك القارئ لذكائه !!! شكراً أنه لم يذكرهذه العثرات كما فعل غيره وإن كان قد وضع ـ لمزة - في ذكر إخوانه فهو واحد منهم لا فرق ! فقد ولدا جميعا من أمهم وهي ليست عذراء !!
إذن فتجاهل الموضوع مقصود ومتعمد .

ثالثاً : لوقــــــــــا:
يمتاز لوقا عن غيره من التلاميذ بأنه لم يدع أنه ملهم بل قال صراحة "رأيت أنا أيضاً إذ تتبعت كل شئ من الأول بتدقيق أن أكتب علي التوالي إليك أيها العزيز تاوفيلس لتعرف صحة الكلام الذي علمت به " لو1/2
ولا ندري كيف تتبع كل شيئ من الأول وبتدقيق وهو يوناني لم يعاشر ميلاد المسيح بل هو من الذين أوصي المسيح تلاميذه بقوله إلي طريق أمم لا تمضوا فهو من هذه الأمم ولكن لنفترض أنه استطاع أن يحقق كلامه في أنه (دقق) .فإن كان صادقا في تدقيقه فما هذا الخلاف الفظيع في نسب المسيح بينه وبين متي ؟ هذا الخلاف الذي يبدأ بأول (جد) للمسيح فيجعله هالي وهوعند متي يعقوب ؟. وما هذا العدد من الأجداد الذي يجعل متوسط أعمار كل منهم لا تتجاوز الخامسة والعشرين عاما ؟ !!
والواقع أنه باختياره هذا يكون قد اطلع علي ماذكره متي ولكنه ترفع عن ذكر البغايا في نسب المسيح واختارله نسباً نظيفاً بعيداً عن ذلك الدنس, فاختارنسباً فخيماً لإلحاقه بداودعن طريق سليمان وبهذا ربطه بالعصر الذهبي لليهود! وبذلك يكون قد صدق الإيمان ولكنه جانب التدقيق بمخالفته لمتي !!
إذن مسأله الميلاد العذراي ليست بذات بال ...انظرإلي قوله
" ليكتب مع مريم امرأته المخطوبة وهي حبلي " لو 2/4 أما كان يكفي أن يقول مع امرأته ؟" ولكنه أراد أن يؤكد ريبته وشكه في ذهن المتلقي فذكر "المخطوبة وهي حبلي " وكذلك قوله "وبينما هما هناك تمت أيامها لتلد فولدت ابنها البكر و.. الخ "لو 2/5 هكذا..! ابنها ..! دون أي تمجيد لها أولابنها أوذكر أنها كانت عذراء .هل هذا هو احترام الميلاد العذراوي ؟ ثم إنه البكر ...وكفي .
وحتي حينما أراد أن يؤكدها الميلاد العذراوي قال " الروح القدس يحل عليك وقوة العلي تظللك "!!! ما المقصود بهذا التعبير؟ إنه يريد أن يوحي إلي المتلقي أن هنك عملية.......... تمت بين الخالق وبين مريم .هل هذا يؤدي إلي إيمان بالميلاد العذراوي ؟ بل العكس إنه يخرج المؤمن من إيمانه أصلا إذا كانت هذه هي طريقة الله - تعالي وحاشاه – في خطته لخلاص البشرية مع الإساءة إلي مريم وظلمها !!

رابعاً : يوحنــــــــــــــــــا
أما يوحنا فيبدأ إنجيله بهذه العبارة الغامضة المبهمة " في البدء كان الكلمة والكلمة كان عند الله وكان الكلمة الله " يو 1/1 وهرب من أي ذكر للميلاد العذراوي بل لجأ الي اللمز والغمز و كأنه يشارك اليهود في وقاحتهم وافتراءاتهم فيورد نصوصهم التي. تحمل السباب بأشكال مختلفة ومتعمدة ! :
وقالا أليس هذا يسوع ابن يوسف الذي نحن عارفون بأبيه و أمه فكيف يقول هذااني نزلت من السماء يو 6/1
أين هوأبوك ؟ يو 8 /19.
اننا لم نولد من زنا يو 8/ 41.
أما هذا فلا نعلم من أين هو 9 /29
علي أنه يصرح بأن المسيح ليس ابنا لله فهو يقول :
1) وهذه هي الحياة الأبدية أن يعرفوك أنت الإله الحقيقي ويسوع المسيح الذي أرسلته .يو 7/3
2) لأن الكلام الذي قد أعطيتني قد أعطيتهم وهم قبلوا وعلموا يقينا أني خرجت من عندك وآمنوا أنك أرسلتني . يو 17 /8
3) كما أرسلتني إلي العالم أرسلتهم أنا إلي العالم . يو 17 /1
4) تعليمي ليس لي بل للذي أرسلني . يو7/16
إن هذا إيمان الموحدين الذين اضطهدوا وقتلوا وشردواوقتل آريوس زعيمهم إرضاء لنزوة قسطنطين ـ السياسية - في تبني عقيدة التثليث التي هي أقرب لما يعتنقه من وثتية بل إنه تأكيد لإيمان اليهود بالوحدانية إلي المدي الذي جعلهم ينكرون الولادة المعجزية !
5) لأن إخوته أيضاً لم يكونوا يؤمنون به . يو 7 /5
إن ذكر أن اخوته لم يكونوا مؤمنين لتدل دلالة قاطعة علي اتجاهه إلي عدم الايمان بالولادة العذراوية فإذا كان إخوته – رغم أعماله وسماعهم من أبيهم وأمهم بالحقيقه اتخذوا هذا الموقف - جماعيا ـ فماهناك من مجال ليؤمن الغير بهذه الولادة العجيبة !
*********


لقد رأينا موقف التلاميذ من الولادة العذرية ومحاولة التنصل منها مباشرة أو بطريق غير مباشر , فما هو رأي الإسلام ؟
بدايةً يتكون القرآن من 114سورة جعل منها سورة باسم سورة مريم ولم يورد سورة باسم سورة آمنة " أم النبي " أو باسم خديجة أو عائشة أو حتي ابنته فاطمة ! لوكان هذا القرآن من عند محمد صلى الله عليه وسلم لما أهمه أمر مريم أكثر من اهتمامه بأمه أوبزوجاته أو ابنته فيجعل لإحداهن سورة في القرآن , بل إنه ذكرمريم بكل تقدير هي وابنها ـ عليهما السلام - في أكثر من سورة ولكن ليس الأمر بيده صلى الله عليه وسلم وليس القرآن من عندياته !
فمثلاً نجده يبدأ بسيرتهما في سورة أخري هي سورة آل عمران فيمجدهما وأجدادهما بقوله تعالي " إن الله اصطفي آدم و نوحاً وآل ابراهيم وآل عمران علي العالمين . ذريةً بعضُها من بعض" فهي من سلالة آل عمران سلالة ممجدة مصطفاة !
ويوضح نقاء هذه السلالة في أمها أولاً "رب إني نذرت لك مافي بطني محرراً " آل عمران 135 أي خالصاً ، لقد نذرت مافي بطنها لعبادة الله وخدمته الهيكل .
" فلما وضعتها قالت رب إني وضعتُها أنثي " آل عمران 36 لقد كانت تريدها ذكراً يتحمل الخدمة في الهيكل ولكن لا اعتراض علي إرادة الله " وإني سميتُها مريمَ وإني أعيذُها بك وذريتَها من الشيطان الرجيم" آل عمران 36 " فتقبلَها ربُها بقبولٍ حسنٍ وأنبتَها نباتاً حسناً وكفّلَها زكريا .كلما دخلَ عليها زكريا المحرابَ وجدَ عندها رزقاً . قال يا مريمُ أني لكِ هذا قالت هو من عندِ الله إن اللهَ يرزقُ من يشاءُ بغيرِ حساب " آل عمران 37 إن كفالتها لتنمو وتشب في جو العبادة . لم يأت مصادفة أن يكون النبي و الكاهن الأكبر – زكريا هو الكافل لها – بل إنه فاز بهذا التكريم عن طريق القرعة التي أجريت بين الكهنة " إذ يلقون أقلامَهم أيُهم يكفُلُ مريمَ وما كنتَ لديهم إذ يختصمون" آل عمران 44 .إضافة إلي أن هذه القرعة لابد أنها تنوقلت أخبارها بين أشتات الأفراد القبليين وهيأ لها هنالك من يدافع عنها !بل ان لقا ذكر ما يؤدها في لو 1/8
* " لماذا " سميتها مريم " ؟ إنه من باب التيمن والتفاؤل والاستبشار فمريم كانت أختاً لموسي وهارون "فأخذت مريم النبية أخت هارون الدف بيدها " خر 15 /20.
* " إني أعيذُها بك وذريتَها من الشيطان الرجيم " آل عمران36 وتقبل الله هذا الدعاء فلا شك في أنه – سبحانه – استجابه ومنعها من أن يكون للشيطان عليها وعلي المسيح سبيلاً .
قارن هذا مع ما جاء في متي " ثم أصعد يسوع إلي البرية من الروح ليجرَّب من إبليس " متي 4/1 هذا مع أن المسيح واحد من الأقانيم ويفترض أنه لاسلطان لإبليس عليه فكان لابد من أن يصحبه الأقنوم الثالث ويتركا الأقنوم الأول وحيدا. كل هذا أمام سلطان الشيطان .هل هو أقوي من الأقانيم الثلاثة !!!
* نعم , كفّلها زكريا ... ولكن " كلما دخل عليها زكريا المحراب وجد عندها رزقا "آل عمران 37 يالله ماهذا الشيئ العجيب فاكهة الشتاء في الصيف وفاكهة الصيف في في الشتاء ؟! وهذه أخبارعنها لاشك أنها تنوقلت في الخارج
كل هذا إرهاص بالعجيبة الكبري . فكيف تجاهلها كتاب الأناجيل ؟؟
* ويزداد العجب ! كان الرجل شيخاً كبيراً ولم يعقب ذرية ورأي بعينيه مراراً طلاقة القدرة في قولها " هو من عندِ الله " فلم لا يدعو الله أن يرزقه الذرية الصالحة ولكن كيف وهوشيخ فان وامرأته عجوز عاقر ؟ ولكن بخشوع الأنبياء وإيمانهم توجه إلي ربه " رب هب لي من لدنك ذريةً طيبةً " آل عمران38 وجاءت معجزة الذرية الطيبة في يحيي الذي جاء ليمهد الطريق للمسيح " لأنه اقترب ملكوت السماوات فإن هذا هو الذي قيل عنه بالنبي القائل صوت صارخ في البرية أعدوا طريق الرب واصنعوا سبله مستقيمة "متي 3/2
وكانت هذه المعجزة الكبري التي مهدت للولادة الأكبر .. معجزة الولادة بدون أب !!
*ولطمأنتها صاحبتها دائماً الملائكة " يامريم اقنتي لربك واسجدي واركعي مع الراكعين " آلأ عمران 43
5) وبشرتها الملائكة - الذين ألفت وجودهم معها هم والرزق الذي هو من عند الله - "بكلمة من الله " اسمه المسيح عيسي بن مريم وجيهاً في الدنيا والآخرة ومن المقربين ويكلم الناس في المهدِ وكهلاً ومن الصالحين" آل عمران 46.اسمه المسيح وهكذا كان - فعلاً - وليس عمانوئيل ! ويكلم الناس في المهد ..وهكذا كان وإن لم يذكر ذلك في الأناجيل المتداولة ..لقد كانت تعرف بل متأكدة أنه يكلم الناس في المهد . بل قبل المهد وبعد المخاض " فناداها من تحتِها أن لاتحزني قد جعل ربُكِ تحتَك سَرِيّاً " مريم 24 ومرة أخري كيف يتجاهل كتاب الأناجيل الكلام في المهد ؟ ألا تبلغ هذه الحقيقة أن تصل الي دكر الجحش والأتان؟؟
6) لقد تأكدت بشارة الملائكة .." فأتت به قومَها تحملُه , قالوا يامريمُ لقد جئتِ شيئاً فَرِيّاً ...........فأشارت إليه قالوا كيف نكلمُ مَن كان في المهدِ صبيّا ً؟ قال إني عبدُ اللهِ آتانيَ الكتابَ وجعلني نبياً ....." مريم 29 -33.ورغم تأكيد القرآن علي هذه الحقيقة فان أحدا من كتاب الأناجيل لم تصل الي سمعه ولا الي سمع الروح القدس الذي الهمه ماكتب !!
7) وتكرر تأكيد طلاقة القدرة الالهية في قوله تعالي "إن مثلَ عيسي عندَ اللهِ كمثلِ آدمَ خلقَه من ترابٍ ثم قال له كن فيكون " آل عمران59
نعم تكررت "كن فيكون" في القرآن سبع مرات أخريات تأكيداً لأن القوانين التي سنها الله للكون لايمكن أن تحد من طلاقة قدرته.

***********************
الخــــــــــــــاتمـــــــــــــة:

إن خاتمة ماسبق ماهي إلا بعض الملاحظات من واقع النصوص التي سقنا بعضها والبعض الآخرمن واقع نصوص العقيدتين الاسلامية والمسيحية :

أولا: إن كتبة الأناجيل لم يوردوا مايؤيد الولادة المعجزية للمسيح .بل انهم لم يؤكدوا إيمانهم بها بل هم يشككون بها كما رأينا ! وفوق ذلك – وبغباء شديد ينسبون يوسف النجار إلي داود لكي يلصقوا المسيح بداود في الوقت الذي حملت فيه مريم بعيسي قبل أي اتصال بينها وبين يوسف .ولوكانت مريم من نسل داود لكان هذا مبرراً مقبولاً ولكنها لم تكن من نسله!!! والحقيقة التاريخية تنفي أنه ملك علي كرسي داود (أبيه) لافي عصره ولا في مابعد ولا الي الأبد!!

ثانياً : والعجيب أن هذه العقيدة المسيحية تجعل الله ليس من خصائصه ولا شيمه العفو ولا التسامح بل ليس لديه القدرة علي ذلك إلا بالمقابل وهو الدم !
* ومن أهم خصائص هذه العقيدة هو ما يطلقون عليه (خطة الله) فقد رسموا ـ لله - خطة في التسامح علي أساس أن عدالته مقيدة بقوانين الكون ـ كعقولهم !- ولذا ابتكروا عقيدة الكفارة التي لاتمكّنه – سبحانه وتعالي – من العفوإلا ( بدم إلهي ) وليس له مطلق الحرية وأنه مقيد بهذه القوانين التي لاتسري إلا علي هذا الكون ومافيه من مخلوقات ، قدرته غير مقيدة بهذه القوانين " فتلقي آدمُ من ربِه كلماتٍ فتاب عليه إنه هو التواب الرحيم " البقرة 2/37
* من نتائج هذه العقيدة أنه اصبح ظالماً ( لابنه) ـ إن كان له ابن - بقتله علي الصليب !- وهو البرئ الذى لم يرتكب جريرة .
* كذلك أصبح ظالماً لمريم إذ كلّفها فوق طاقتها فجعلها تحمل ابنه ـ إن كان له ابن ـ هو أحد الأقانيم وكان يمكنه أن يتكلم في المهد كما ذكر القرآن ـ وتقاسي وضعه ورضاعته وفوق ذلك تقاسي وضاعة اليهود وافتراءاتهم وسفالتهم دون أي تدخل في إنقاذها أو تبرئتها !
*الأكثر عجبا أن عملية الفداء هذه تمت بعد موت المسيح في الوقت الذي تقول فيه رؤيا يوحنا 13/8 "منذ تأسيس العالم في سفر حياة الخروف الذي ذبح " أي أن الخروف موجود منذ تأسيس العالم ومذبوح منذ تأسيس العالم أيضا فمن الذي ذبحه ياتري – واحد من الأقنومين الآخرين لاشك .هذه واحدة والأخري أن عملية الذبح تمت قبل ميلاد المسيح فليس لليهود دخل فيها !
واسترسالاً في موضوع الذبح وأن الآب هوالذي ذبح ابنه رحمة بالجنس البشري - الذي لم يكن قد خلقه - وأراد أن يخلّصه من الخطية التي علم أنه سيغرق فيها فذبح ولده الذي هوالحمل منذالأزل ....هل هذا كلام معقول !!!
* وحتي إذا كان هذا مبررلخلاص البشرية فقد انتهي التفاوت بين أحقر فردعادي وبين أعظم عظماء الهيئة الإكليركية فكلهم نال الخلاص ....وخلاص !

ثالثاً : طبيعي جداً أن يتجاهل بولس هذه الولادة المعجزية فهو مؤسس المسيحية الصليبية التي تقوم علي الفداء والخلاص عن طريق الصلب .كل مايهمه عن المسيح أنه كائن أزلي بجوار الآب منذ الأزل لكي يفدي البشرية عن طريق الموت علي الصليب .! وليتناول المسيحيون علي اختلاف طوائفهم من لحمه ودمه قرباناً ويداه مثقوبتان وجنبه ينزف دماً وهو علي يمين الآب – رغم أنه والأب واحد !!! ولتحقيق نظريته تلك أسس ديناً يتمشي مع عقائد الوثنية التي انطلق يبشر بين أهلها مخالفا وصايا المسيح ـ إن كان قد اطلع علي هذه الأناجيل أو اطلع عليها وتعمّد مخالفتها - وجعل نفسه في القمة من هذا الدين : تلقي إنجيله مباشرة من المسيح رغم أنه ثبت - تاريخياً ـ أن أحداً من خصوم المسيح لم يره بعد موته , وبولس كان من الخصوم ولكنه وضع أساس المسيحية الصليبية وأعطي نفسه صفات فوق صفات المسيح " أنا أيضا عندي روح الله " 1كو 7 /40 ( انظر التعبير: روح الله ـ شخصيا!- وليس الروح القدس الأقنوم الثاني) ولأنه عنده روح الله فهو يقول "الروح يفحص كل شيئ حتي أعماق الله "1 كو 2/10.إ ن هذا التعبير يوحي أنه فوق الله أيضا لأنه يصل إلي أعماقه – جل شأنه .! لذا فلا عجب أن يتجاهل الميلاد العذراوي فهو بالطبع فوق المسيح – الذي جعله لعنة ( لعنة من أجلنا لأنه مكتوب ملعون كل من علّق علي خشبة !" 1كو2 / 10وهو سيدين العالم والملائكة ( ألستم تعلمون أن القديسين سدينون العالم .......ألستم تعلمون أننا سندين ملائكة )1 كو 6/2-3.هذا إلي تضارب أقواله عن الذين كانوامعه في الطريق إلي دمشق (يسمعون) أعمال9 /4 ( لم يسمعوا) ؟! أعمال22/7 فكيف ننتظر ممن كان هذا بعض تخبطاته أن يعترف بالميلاد العذراوي المعجز ؟؟

رابعاً : إن حقيقة الميلاد المعجز هي ماجاء بها القرآن ، ومحمد صلي الله عليه وسلم لابد أن يكون رسولاً مأموراً بتبليغ رسالة الله .
وليست له الحرية في تبني وجهة نظر المسيحين أو اليهود أو حتي تجاهل الموضوع ولكنه دافع عن المسيح فليس له إلا أن يبلغ الحقيقة التي أمربتبليغها " فكل من يعترف بي قدام الناس أعترف أنا أيضاً به قدام أبى الذى فى السموات " . متى 10 / 32."وأما الذي يطلب مجد الذي أرسله فهو صادق وليس فيه ظلم " يو 7/18

خامساً : يصدّق هذا قول القرآن "وكذلك جعلناكم أمةً وسطاً " البقرة2/143 فجعل موقفها وسطاً بين افتراءات اليهود وادعاءات النصاري.وقوله تعالي " قل يأهل الكتاب لاتغلوا في دينِكم غيرَ الحقِ ولا تتبعوا أهواءَ قومٍ قد ضلوا من قبلُ و أضلوا كثيراً وضلوا عن سواءِ السبيل "المائدة 77
أكثر من ذلك – وهو الذي يدعو للاستغراب – أن وسطية الإسلام تتضح من أن اليهود يصلون ثلاث صلوات في اليوم والمسيحيون صلواتهم سبع والمتوسط الحسابي بين الثلاث والسبع هو خمسة وهي الصلوات المكتوبة علي المسلمين !!! فضلا عن أن وسطية الاسلام تتضح في كثير من آيات القرآن انظر مثلاً إلي قوله تعالي " والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قَواماً " ! الفرقان67 وكذلك في قوله تعالي "وابتغِ فيما آتاك الله الدارَ الآخرةَ ولا تنسَ نصيبَك من الدنيا " القصص 77 فهذا منتهي التوسط بين مادية اليهود وروحانية النصاري فالإنسان لايستطيع أن يعيش – إنسانا صحيحاً سليماً – إلا بإشباع الجانبين الروحي والمادي الذين هما أساس تكوينه وخَلقه .

سادساً:
يقول المسيح :" احترزوا من الأنبياء الكذبة الذين يأتونكم بثياب الحملان ولكنهم من داخل ذئاب خاطفة .من ثمارهم تعرفونهم .هل يجتنون من الشوك عنبا أو من الحسك تينا .هكذا كل شجرة جيدة تصنع أثمارا جيدة وأما الشجرة الردية فتصنع أثمارا ردية. لاتقدر شجرة جيدة أن تصنع أثمارا ردية . ولا شجرة ردية أن تصنع أثمارا جيدة .كل شجرة لاتصنع ثمرا جيدا تقطع وتلقي في النار .فاذا من ثمارهم تعرفونهم .
ليس كل من يقول لي يارب يارب يدخل ملكوت السموات بل الذي يفعل إرادة أبي الذي في السموات .كثيرون سيقولون لي في ذلك اليوم أليس باسمك تنبأنا وباسمك أخرجنا شياطين وباسمك صنعنا قوات كثيرة .فحينئذ أصرخ لهم أني لم أعرفكم قط اذهبوا عني يا فاعلي الاثم ."متي7/ 15 – 23 .
أكثر المسيحيين الذين لقيتهم لايقرأون هذه الفقرات قراءة كاملة ولايفهمون منها إلا احترزوا من الأنبياء الكذبة ويستندون إليها في اتهام محمد صلي الله عليه وسلم بأنه من الأنبياء الكذبة ولكن دعنا نقرأها مع محاولة فهمها كاملة دون اقتطاع جملة " الأنبياء الكذبة " وحدها من سياق النص كاملاً.
بداية يبدأ النص في وصف الأنبياء الكذبة بأنهم يأتونكم في ثياب الحملان وهذاوصف لاينطبق علي محمد فمحمد جاء في ثياب أسد هصورغاز ومحارب .!
ثم يستطرد النص فيقول وهم من الداخل ذئاب خاطفة وهذا أيضا لا ينطبق علي محمد لأن محمداً صلى الله عليه وسلم أعلن من بداية دعوته أن" لكم دينكم ولي دين " الكافرون 6 فلم يختطف أحداً بل المشركون هم الذين اختطفوا أتباعه وعذبوهم وفتنوهم .

أما بالنسبة ل" من ثمارهم تعرفونهم " فهذه تقتضي منا العودة إلي ماقبل فتح مصر والشام . لقد كانت هذه البلاد خاضعة للروم البيزنطيين ذوي المذهب الملكاني الذين اضطهدوا أهالي هذه البلاد معتنقي مذهب الطبيعة الواحدة . ولنأخذ مثلاً من مصر . كان المصريون واقعين تحت اضطهاد شنيع فقد تم الإستيلاء غلي كنائسهم وفرّ بطريكهم بنيامين الأول (البابا الثامن والثلاثين) إلي الصحراء بعد أن تم شوي شقيقه علي النار حتي سال الدهن من جسمه ؟ هرب من هذا الاضطهاد عشرسنوات إلي أن دخل عمرو بن العاص مصرووصلت الي أسماعه قصص الظلم والاضطهاد فطلب من الأقباط البحث عنه واستحضاره و أعاد له مكانته وكنائسه بعد ثلاث عشرة سنة من الفرار . وعمرو كما يعلم الجميع هو من ثمار محمد صلى الله عليه وسلم !!!! من ثمارهم تعرفونهم !!!
أما قراءة الفقرة الثانية من النص أعلاه والتي آخرها "اذهبوا عني يا فاعلي الإثم " فهذه كلها تدور حول أنبياء من أتباعه ادعوا ألوهيته " " أليس باسمك ......الخ " لاتنطبق أيضا علي محمد ولا علي أتباعه ( ثماره) بل هي تأكيد علي براءته ...وتوضيح من هم الأنبياء الكذبة حقيقة أولئك الذين لم يؤمنوا بالميلاد المعجز ولم يكتفوا بتجاهله بل بإيراد ما لمزه به اليهود !!

تحية لكل من آمن بالله وملائكته ورسله ولم يفرق بين أحد منهم
والله من وراء القصد.