الرد على توهم لانتقادات للقرآن الكريم بعنوان أسئله لاهوتيه 2

آخـــر الـــمـــشـــاركــــات

لمسات بيانية الجديد 10 لسور القرآن الكريم كتاب الكتروني رائع » آخر مشاركة: عادل محمد | == == | الرد على مقطع خالد بلكين : الوحي المكتوم المنهج و النظرية ج 29 (اشاعة حول النبي محمد) » آخر مشاركة: محمد سني 1989 | == == | قالوا : ماذا لو صافحت المرأة الرجل ؟ » آخر مشاركة: مريم امة الله | == == | () الزوجة الصالحة كنز الرجل () » آخر مشاركة: مريم امة الله | == == | مغني راب أميركي يعتنق الإسلام بكاليفورنيا » آخر مشاركة: *اسلامي عزي* | == == | الإعجاز في القول بطلوع الشمس من مغربها » آخر مشاركة: *اسلامي عزي* | == == | الكاردينال روبيرت سارا يغبط المسلمين على إلتزامهم بأوقات الصلوات » آخر مشاركة: *اسلامي عزي* | == == | لمسات بيانية الجديد 8 لسور القرآن الكريم كتاب الكتروني رائع » آخر مشاركة: عادل محمد | == == | الرد على شبهة زواج النبي صلى الله عليه وسلم من عائشة رضي الله عنهما بعمر السادسة و دخوله عليها في التاسعة » آخر مشاركة: محمد سني 1989 | == == | المصلوب بذرة ( الله ) ! » آخر مشاركة: *اسلامي عزي* | == == |

مـواقـع شـقــيـقـة
شبكة الفرقان الإسلامية شبكة سبيل الإسلام شبكة كلمة سواء الدعوية منتديات حراس العقيدة
البشارة الإسلامية منتديات طريق الإيمان منتدى التوحيد مكتبة المهتدون
موقع الشيخ احمد ديدات تليفزيون الحقيقة شبكة برسوميات شبكة المسيح كلمة الله
غرفة الحوار الإسلامي المسيحي مكافح الشبهات شبكة الحقيقة الإسلامية موقع بشارة المسيح
شبكة البهائية فى الميزان شبكة الأحمدية فى الميزان مركز براهين شبكة ضد الإلحاد

يرجى عدم تناول موضوعات سياسية حتى لا تتعرض العضوية للحظر

 

       

         

 

    

 

 

    

 

الرد على توهم لانتقادات للقرآن الكريم بعنوان أسئله لاهوتيه 2

صفحة 2 من 3 الأولىالأولى 1 2 3 الأخيرةالأخيرة
النتائج 11 إلى 20 من 24

الموضوع: الرد على توهم لانتقادات للقرآن الكريم بعنوان أسئله لاهوتيه 2

  1. #11
    تاريخ التسجيل
    Jul 2011
    المشاركات
    469
    الدين
    الإسلام
    آخر نشاط
    15-05-2023
    على الساعة
    06:05 PM

    افتراضي



    الرد على السؤال رقم 14: جاء في سورة آل عمران 59 ... " إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ " والناقد يقول: إن آدم مثل المسيح في أنه أب الجنس البشري ووكيله ونائبه ... ولكن آدم بمعصيته جرَّ ذريته جميعا للهلاك ... أما المسيح فهو أب ووكيل ونائب جديد للمؤمنين به ... الذين منحتهم كفارتُه وعمله النيابي وطاعته خلاصهم ... ولهذا قال الإنجيل: " آدَمَ ... الَّذِي هُوَ مِثَالُ الآتِي " رومية 5/ 14 ...
    وقال الناقد: أما تشبيه المسيح بآدم بما يفيد أن المسيح مخلوق كآدم بأمر الله فهذا خطأ ... لأن المسيح ليس بكائن من كلمة الله ... بل هو ذاته كلمة الله الأزلي الذي تجسد من مريم العذراء ... وظهر بين الناس ليخلّصهم ...
    ثم أضاف الناقد أن القرآن يقول في المسيح كلاماً متناقضاً ... فتقول
    سورة المائدة 17 " لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ قُلْ فَمَنْ يَمْلِكُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا إِنْ أَرَادَ أَنْ يُهْلِكَ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا " ... وورد في سورة الزخرف 59 " إِنْ هُوَ إِلَّا عَبْدٌ أَنْعَمْنَا عَلَيْهِ وَجَعَلْنَاهُ مَثَلًا لِبَنِي إِسْرَائِيلَ " ... لكن في الوقت نفسه توجد آيات أخرى تشير إلى لاهوت المسيح كشخص غريب وعجيب بين البشر ... وتعطيه أعظم الألقاب التي لم تُعط في القرآن لغيره ... هذا وقد ذكر الناقد الألقاب والخصائص الآتية للسيد المسيح ... مستدلاً بآيات في القرآن الكريم ... كما سنذكر بالتفصيل عند تناولنا الرد على كل منها:
    (1) كلمة الله ... (2) روح الله ... (3) ولادته بالروح القدس من عذراء ... (4) قدوس بلا شر ... (5) قدرته على إتيان المعجزات ... (6) رَفْعه إلى السماء ... (7) وجيهاً في الدنيا والآخِرة ... (8) المخلّص ...


    الرد على السؤال رقم 14

    بداية يجب أن نعرض على القارئ الكريم عقيدة النصارى عن موضوع الكفارة والفداء والخلاص بالسيد المسيح ... ثم نبين بعد ذلك موقف الاسلام من تلك العقيدة ... ثم نترك للقارئ الكريم حرية التقييم والاختيار بعد ذلك ...
    أولاً: عقيدة النصارى عن موضوع الكفارة والفداء والخلاص بالسيد المسيح:
    إن جوهر العقيدة النصرانية باختصار يرتكز على أن آدم قد ارتكب خطيئة عندما عصى الله واكل من شجرة معرفة الخير من الشر في الجنة والتي نهاه الله عن الأكل منها ... وقد سميت هذه الخطيئة بالخطيئة الأصلية ... " وَأَوْصَى الرَّبُّ الإِلهُ آدَمَ قَائِلاً: " مِنْ جَمِيعِ شَجَرِ الْجَنَّةِ تَأْكُلُ أَكْلاً ... وَأَمَّا شَجَرَةُ مَعْرِفَةِ الْخَيْرِ وَالشَّرِّ فَلاَ تَأْكُلْ مِنْهَا ... لأَنَّكَ يَوْمَ تَأْكُلُ مِنْهَا ... مَوْتًا تَمُوتُ " التكوين 2/16-17 ... والموت هنا موت جسدي بالإضافة الى الموت الروحاني حيث انفصلت حياته عن الله مصدر الحياة كانفصال الظلمة عن النور (موقع الأنبا تكلا) ... ولا خلاص من هذا الموت الا بالأيمان بالسيد المسيح كمخلص وكما سيرد لاحقاً.

    ترتب على ارتكاب آدم لتلك الخطيئة أيضاً أن فسدت طبيعته الصافية المخلوق بها ... ومن ثم ورّث آدم هذه الطبيعة الفاسدة المستجدة ... وأيضاً ورث تلك الخطيئة الأصلية لذريته حتى قيام الساعة ... لأنهم أتوا من ذات الطبيعة التي سقطت تحت ناموس الخطيئة ... " مِنْ أَجْلِ ذلِكَ كَأَنَّمَا بِإِنْسَانٍ وَاحِدٍ (أي آدم) دَخَلَتِ الْخَطِيَّةُ إِلَى الْعَالَمِ ... وَبِالْخَطِيَّةِ الْمَوْتُ ... وَهكَذَا اجْتَازَ الْمَوْتُ إِلَى جَمِيعِ النَّاسِ ... إِذْ أَخْطَأَ الْجَمِيعُ (أي جميع الناس) " رومية 5/12

    وحيث أن هذه الخطيئة كانت في حق الله ... فترتب على ذلك أن هذه الخطيئة التي تم توريثها من آدم لذريته ... أصبحت خطيئة غير محدودة ... وبالتالي فإنه يلزمها كفارة وذبيحة غير محدودة ... حتى يغفر الله تلك الخطيئة الأصلية الغير محدودة التي وقعت في حقه سبحانه وتعالى ... وحيث لا يوجد غير محدود الا الله ... لذلك لزم أن يتجسد الله بذاته ويأخذ شكل بشر مثلنا داخل رحم مريم ... (وهو السيد المسيح ابن الله) ... ثم يخرج من رحمها ... ويمكّن اليهود منه ليعذبوه ... ثم يصلبوه فيموت على الصليب كذبيحة وكفارة غير محدودة للبشرية حتى يوم القيامة ... ولماذا ؟؟؟ لأنه: " وَبِدُونِ سَفْكِ دَمٍ لاَ تَحْصُلُ مَغْفِرَةٌ" عبرانيين 9/22 ... ويشير الكتاب المقدس الى المسيح بقوله: " لأَنَّ فِصْحَنَا أَيْضًا الْمَسِيحَ قَدْ ذُبحَ لأَجْلِنَا " كورونتوس الأولى 5/7

    وهذا السيناريو يعبر عن عدل الله مع المخطئين وضرورة معاقبتهم ... ويعبر أيضاً على رحمته بالبشر وتضحيته بابنه الوحيد (السيد المسيح) وصلبه ككفارة عن خطيئة آدم المورّثة للبشر ... بدلاً من معاقبتهم على خطيئة آدم التي ورثوها ... لذلك كان موت المسيح رب المجد وسفك دمه على الصليب بدلاً عن الخطاه ... " لأَنْ لَوْ عَرَفُوا لَمَا صَلَبُوا رَبَّ الْمَجْدِ " كورونتوس الأولى 2/8 ... وبعملية صلب المسيح وموته تمت المصالحة بين الله القدوس والإنسان الخاطئ ... كما ورد ذلك في رسالة كولوسى " وَأَنْ يُصَالِحَ بِهِ الْكُلَّ لِنَفْسِهِ، عَامِلاً الصُّلْحَ بِدَمِ صَلِيبِهِ، بِوَاسِطَتِهِ " كولوسى 1/20


    وعليه فإن كل من يؤمن بهذا السيناريو من نسل آدم !!! وأن السيد المسيح (وبداخله الله) صُلب ومات كذبيحة وكمخلص للبشرية من خطيئة آدم ... سَيُعطى عطية مجانية من الله ويغفر له مباشرة ما ورثة من خطيئة آدم التي يرثها كل فرد منا عند ولادته ... وأيضاً يغفر له ما ارتكبه من خطايا بسبب الطبيعة الفاسدة التي ورثها من آدم ... وإلا سيظل محملاً بما ورثة من خطيئة آدم المذكورة ... وأيضاً بالطبيعة الفاسدة وحتى موته آثما بهذه الخطيئة وتلك الطبيعة ... بل وسيعاقب على ذلك يوم القيامة ويهلك !!! ولذلك تُعمّد الأطفال لأنهم ورثوا الخطية الأصلية والتي عاقبتها الموت ... وذلك لإزالة آثار تلك الخطيئة الأصلية التي ورثوها ... " لأَنَّهُ كَمَا فِي آدَمَ يَمُوتُ الْجَمِيعُ (أي يهلك البشر نتيجة خطيئة آدم والطبيعة الفاسدة المورثة لهم) ... هكَذَا فِي الْمَسِيحِ(من يؤمن بهذا العمل الفدائي والتضحية للمسيح) سَيُحْيَا الْجَمِيعُ (أي تعود للمؤمنين بخلاص المسيح والمعمدين الذين يموتون وهم في حالة توبة ... تعود لهم الرابطة بالله وحياة الشركة معهُ) " كورنتوس الأولى 15/22

    https://st-takla.org/FAQ-Questions-V...ginal-Sin.html

    وبهذا فانه يمكن ايجاز عقيدة النصارى عن موضوع الكفارة والفداء: بأن الله قد أرسل الله ليُصلب ويُقتل ... ليغفر الله !!!


    والله في عقيدة النصارى مكون من:الآب + الابن (السيد المسيح) + الروح القدس ... ولكنهم الثلاثة في النهاية واحد !!!


    وبهذا فانه يمكن ايجاز عقيدة النصارى عن موضوع الكفارة والفداء وخلاص البشرية بالسيد المسيح: بأن الله قد أرسل الله ليُصلب ويُقتل ... ليغفر الله !!!

    ثانياً: عقيدة المسلمين عن موضوع الكفارة والفداء والخلاص بالسيد المسيح:

    عصى آدم وزوجه وصيه الله في الجنة ... وأكلا من الشجرة المنهي عنها (بعد وسوسه الشيطان لهما) وطلبا من الله المغفرة ... فتلقى آدم من ربه كلمات يدعو الله بها لمغفرة هذه المعصية ... {فَتَلَقَّى آدَمُ مِن رَّبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ} البقرة 37 ... ودعا آدم وزوجه الله بهذه الكلمات ... {قَالاَ رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا وَإِن لَّمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ} الأعراف 23.

    واستجاب الله الغفور التواب الرحيم لتوبتهما بعد هذا الدعاء وغفر لهما ... {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ ... إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} الزمر 53 ... وبالتالي فلا يوجد خطيئة ورّثت لذريتهما أو ما شابه ذلك إطلاقاً ... ولا معنى إذن لسيناريو الصلب والقتل للفداء والكفارة ...{وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ} النساء 157 ... حيث أبطل الله مكر اليهود بالسيد المسيح (رسوله الكريم) ولم يمكنهم من قتله ... {بَل رَّفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا} النساء 158 ... وهكذا انتهى الأمر ببساطة ...

    لا يؤمن المسلمون بمبدأ توريث خطيئة أحد لأحد ...{... وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ...}الزمر 7 ... ولا يؤمنون أيضاً بفداء أحد عن أحد ... {وَأَن لَّيْسَ لِلإِنسَانِ إِلاَّ مَا سَعَى * وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى * ثُمَّ يُجْزَاهُ الْجَزَاءَ الأَوْفَى * وَأَنَّ إِلَى رَبِّكَ الْمُنتَهَى} النجم 39-42 ... فكل مخطئ يجب أن يدفع ثمن خطيئته بمعرفته ... أو يتوب عنها فيغفر له الله بحكمته ورحمته إن شاء تلك الخطيئة ... وكذلك يُكافئ كل من لا يخطئ ولا يُحمّل بأخطاء الآخرين وتكون " كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ " المدثر 38 ...

    هذا ويؤمن المسلمون بأن السبيل الوحيد الذي يوصلهم للجنة هو الإيمان بالله والعمل الصالح طبقاً للمنهج الذي حدده الله لهم ... وليس بالإيمان بصلب أو ذبح شخص آخر للفداء أو ما شابه ذلك ... {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلا * خَالِدِينَ فِيهَا لا يَبْغُونَ عَنْهَا حِوَلا} الكهف 107-108

    ويؤمن المسلمون أيضاً بأن السيد المسيح هو عبد لله ورسوله ... وبالتالي ليس هو الله أو ابنه أو كلمته أو خلافة ... ولا علاقة له بخطيئة آدم أو توريثها لكافة البشر حتى قيام الساعة ... أو أنه كفارة عن البشر ... أو ما شابه ذلك على الإطلاق ... وأن الله سبحانه وتعالى أحد في ذاته (أي غير متجزئ وغير مركب من اجزاء يحتاج كل جزء منها للآخر) ... " قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ "الإخلاص 1 ... والله واحد أي لا يوجد إله غيره ... فلا شريك له في الإلهية ... ولا يُعبد إلا سواه ... " وَقَالَ اللَّهُ لَا تَتَّخِذُوا إِلَهَيْنِ اثْنَيْنِ إِنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ " النحل 51 ... والله سبحانه وتعالى ... " لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ " الشورى 11 ... وهو سبحانه وتعالى وحده " خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ " الرعد 16 ... والله عز وجل ... " لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ ... وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ " الإخلاص 3-4
    ولذلك تقول سورة المائدة 17 ..." لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ قُلْ فَمَنْ يَمْلِكُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا إِنْ أَرَادَ أَنْ يُهْلِكَ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا " ... وورد عن السيد المسيح في سورة الزخرف 59 " إِنْ هُوَ إِلَّا عَبْدٌ أَنْعَمْنَا عَلَيْهِ وَجَعَلْنَاهُ مَثَلًا لِبَنِي إِسْرَائِيلَ "

    أما ما ادعاه الناقد بأن القرآن يقول في المسيح كلاماً متناقضاً:
    ... حيث تقرر آياته أنه " إِنْ هُوَ إِلَّا عَبْدٌ أَنْعَمْنَا عَلَيْهِ وَجَعَلْنَاهُ مَثَلًا لِبَنِي إِسْرَائِيلَ " الزخرف 59 ... وبالتالي فهي تكفر من يدعى أن المسيح هو الله رب العالمين " لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ " المائدة 17 ... بينما في الوقت نفسه توجد آيات أخرى تشير إلى لاهوت المسيح (أي أنه الله) كشخص غريب وعجيب بين البشر ... وتعطيه أعظم الألقاب والخصائص التي لم تُعط في القرآن لغيره ... فنقول لسيادته أن القرآن الكريم كانَ واضحاً صريحاً في تقريرِه خَلْقَ عيسى كخلقِ آدمَ - عليه السلام -، وَوَجْهُ الشَّبَهِ بينَهما أَنَ كُلّاً منهما خُلِقَ بكلمةِ اللهِ الأَزلية، التي خَلَقَ بها باقي المخلوقين، وهي كلمةُ " كُنْ " التكوينية: " إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ " آل عمران 59

    ومن أَرادَ أَنْ يَعرفَ حديثَ القرآن عن عيسى عليه السلام ... وأَنْ يَتَعَرَّفَ على شخصيتِه من خلالِ القرآن، فعليهِ أَنْ يَجمعَ كل الآياتِ التي تحدثَتْ عنه من مختلفِ السُّور، وأَنْ يَنظرَ فيها مجتمعة، وأَنْ يَجمعَ بينها، ويستخرجَ دلالتَها ... وسيجد أَنه لا تَعارُضَ ولا تَناقُضَ في آياتِ القرآن ... فبينما خلق الله آدم بدون أب ولا أم ... خلق الله عيسى عليه السلام بدونِ أَب ... وخَلَقَ روحَه بكلمتِه التكوينية: " كُنْ " ... وأَمَرَ جبريلَ أَنْ يَحملَ روحَ المسيح المخلوقَة، وأَنْ يَتَوَجَّهَ إِلى مريمَ العذراء، وأَنْ يَنفخَ تلك الروحَ فيها، فحملَتْ مريمُ بعيسى بأَمْر الله، وكانَ حملَ معجزةٍ بأَمْرِ الله ... وبعدَ ولادةِ عيسى بلحظاتٍ كَلَّمَ أُمَّه، وبعدَ ذلك كَلَّمَ قومَها، فهو عبدُ اللهِ ورسولُه ... والمسيح هو خَيْرُ مَنْ يُقَدِّمُ نفسَه، عندما كَلَّمَ قومَ أُمَّه بعدَ ميلادِه ... قال تعالى: " قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا ... وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنْتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا ... وَبَرًّا بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا ... وَالسَّلَامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا " مريم 30 – 33
    هذا وقد وَقَفَ الناقد أَمامَ كلماتٍ وَرَدَتْ في حديثِ القرآنِ عن عيسى عليه السلام ... واستشهدَ بها على حسب عقيدةِ أَهْلِ مِلَّتِه في المسيح، وحَرَّفَ مَعْناها ودلالتَها ... محاولاً بذلك تأييد ما ورد في عقيدته عن المسيح ... وهذه الكلماتُ هي:

    1. المسيح كلمة الله:

    قال الناقد: هذا الاسم الكريم لا يصح أن يُسمّى به مخلوق، فهو خاص بالمسيح، انفرد به عن سائر الملائكة والبشر، وقد ورد في القرآن مرتين: في سورة آل عمران 45 ... " إِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهًا فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ " ... وفي سورة النساء 171 ... " إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ ... وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ ... وَرُوحٌ مِنْهُ "... وهذا لقبٌ إنجيلي، لأن الإنجيل يقول:" فِي البَدْءِ كَانَ الكَلِمَةُ، وَالكَلِمَةُ كَانَ عِنْدَ اللّه، وَكَانَ الكَلِمَةُ اللّه. " يوحنا 1: 1 -2 ... ولقد سُمّي المسيح كلمة الله لأن كلمة الإنسان هي منه ومن مقومات شخصيته، فهي صورة عقله وفكره والمترجِمة له والمنفّذة لسلطانه وقوته ... فالمسيح هو ذات كلمة الله، وهذا يثبت لاهوته (أي أنه الله) لأن كلمة الله من الله وفي الله منذ الأزل ... وهل يمكن أن يكون قد مرَّ وقتٌ على الله كان فيه بلا كلمة ؟؟؟
    ونقول للسيد الناقد:
    لقد تعلق الناقد بآيات من القرآن لمحاولة تعزيز موقف عقيدته ... وحتى يوهم القارئ السطحي أَنَّ القرآنَ الكريم اتفق مع الانجيل في أن المسيح كلمة الله ... وبالتالي فالمسيح هو الله ... ولكن حقيقة الأمر غير ذلك تماماً !!! ولو كان موقف عقيدة الناقد بمفرده قوياً في أن المسيح هو الله ... لما احتاج للتعلق بنص قرآني ... لأننا إذا قرأنا الآية 171 من سورة النساء التي استدل بها الناقد كاملة سنجدها تقول: " يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلَا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ ... إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ ... وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ ... وَرُوحٌ مِنْهُ ... فَآَمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلَا تَقُولُوا ثَلَاثَةٌ ... انْتَهُوا خَيْرًا لَكُمْ ... إِنَّمَا اللَّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ سُبْحَانَهُ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ ... لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ ... وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا "

    ولكي نفهم معنى هذه الآية سنذهب الى التفسير الميسر لنجد:
    يا أهل الإنجيل لا تتجاوزوا الاعتقاد الحق في دينكم ... ولا تقولوا على الله إلا الحق ... فلا تجعلوا له صاحبةً ولا ولدًا ... إنما المسيح عيسى ابن مريم رسول الله أرسله الله بالحق ... وخَلَقَه بالكلمة التي أرسل بها جبريل إلى مريم ... وهي قوله: " كن " ... فكان ... وهي نفخة من الله تعالى نفخها جبريل بأمر ربه ... فَصدِّقوا بأن الله واحد وأسلموا له ... وصدِّقوا رسله فيما جاؤوكم به من عند الله واعملوا به ... ولا تجعلوا عيسى وأمه مع الله شريكين ... انتهوا عن هذه المقالة خيرًا لكم مما أنتم عليه ... إنما الله إله واحد سبحانه ... ما في السماوات والأرض مُلْكُه ... فكيف يكون له منهم صاحبة أو ولد ؟؟؟ وكفى بالله وكيلا على تدبير خلقه وتصريف معاشهم ... فتوكَّلوا عليه وحده فهو كافيكم ... انتهى التفسير الميسر


    فهذه الآية إذن ... وكما هو واضح منها ومن تفسيرها ... لا تتكلمُ عن مكونات الله الثلاثة وهم (الآب + الكلمة أي المسيح أو الابن + الروح القدس) كما يؤمن بذلك النصارى ... وإِنما بالعكس هي تُبطلُ ذلك ... وكيف ؟؟؟ لأنها تَذْكُرُ حقيقةَ عيسى ابنِ مريمَ عليه السلام ... وتصفه بثلاث صفات:


    الأُولى: أَنَّهُ رسولُ الله: " إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ "أي جعلَه اللهُ نبيّاً رَسولاً مثل اخوانه من الرسل ... حيث أَرسلَه الله إِلى بني إِسرائيل.

    الثانية: أَنَّهُ كلمةُ الله: " وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ " ... ومعنى كونِ عيسى عليه السلام كلمةَ اللهِ: أَنَّ اللهَ خَلَقَه بكلمةِ " كُنْ " الكونيةِ التكوينيّة ... التي يَخْلُقُ بها سبحانَه جميعَ المخلوقين ... وهي نفس الكلمةُ التي خَلَقَ الله بها أَبا البشر آدم عليه السلام ... والتي أَشارَ لها في قولِه تعالى: " إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آَدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ "آل عمران 59 ... أَيْ: أَنَّ اللهَ خَلَقَ عيسى بكلمتِه " كُنْ " ... فكانَ كما أَرادَ الله ... كما خَلَقَ آدمَ بكلمتِه " كُنْ "، فكانَ كما أَرادَ الله ... أي أَلْقى اللهُ العظيمُ كلمتَهُ " كُنْ " إِلى مريم ... فكانت المخلوقَ عيسى الرسولَ عليه السلام ... حيثُ تَخَلَّقَ عيسى في رحمِها، ولما نفخَ اللهُ فيه الروح، وضعَتْه مولوداً بشراً ... وكلُّ المخلوقاتِ يخلُقُها اللهُ العظيمُ بكلمتِه " كن " ... التي خَلَقَ بها عيسى عليه السلام ... وجاءَ هذا صَريحاً في قوله تعالى: " إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ " يس 82

    الثالثة: أَنَّهُ روحٌ من عند الله: " وَرُوحٌ مِنْهُ " ...أَيْ: أَنَّ اللهَ خَلَقَ روحَ عيسى عليه السلام ... كما خَلَقَ روحَ أَيِّ إِنسان ... سواءٌ كانَ نبيّاً أَو إِنساناً عاديّاً ... حيث صدر امرَ الله الى جبريلَ (الروحَ القُدُسَ) أَنْ يحملَ روحَ عيسى المخلوقة ... وأَنْ ينفُخَها في مريمَ العذراءِ البتولِ عليها السلام ... فلما فعل جبريل ذلك ... حملَتْ مريم بعيسى بأَمْرِ الله ... وكلمة " مِنْ " في قوله: (وَرُوحٌ منْهُ) بيانيَّة ... وليستْ تبعيضيَّة (أي لا تعنى أن عيسى بعضاً أو جزءاً من الله) ... أي أنها تُبَيِّنُ أَنَّ روحَ عيسى التي نُفخَتْ في مريمَ إِنما هي من عندِ الله ... ولتأكيد ذلك المعنى ... اقرأ قوله تعالى ... " وَسَخَّرَ لَكُمْ مَّا فِي السماوات وَمَا فِي الأرض جَمِيعاً مِنْهُ " الجاثية 13 ... أي أن كل ما هو مسخر{جميعاً منه} أيْ : كلُّ ذلك تفضُّلٌ منه وإحسانٌ ... التفسير الوجيز ... فإذا ادعى الناقد أن قوله تعالى " وَرُوحٌ مِنْهُ " توجب أنَّ عيسى بعض من الله ... وجب أن تكون «الأرض» أيضاً قطعة من الله ... وكذلك الشمس !!!




    والله تعالى أعلم وأعظم
    يتبع بإذن الله تعالى وبفضله




    أول كتاباتى
    الكتاب الإلكترونى الكلمة وأخوتها فى القرآن الكريم
    http://www.4shared.com/file/Q2tkcCe1/_______.html
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  2. #12
    تاريخ التسجيل
    Jul 2011
    المشاركات
    469
    الدين
    الإسلام
    آخر نشاط
    15-05-2023
    على الساعة
    06:05 PM

    افتراضي

    تابع السؤال رقم 14:


    وإذا كان الناقد يقول ان " كلمة الله " لا يصح أن يُسمّى بها مخلوق، لأنها خاصة بالسيد المسيح فقط ... حيث انفرد بها عن سائر الملائكة والبشر ... وارتكز سيادته في ذلك على ما ورد في القرآن الكريم بشأن " كلمة الله " ليدعم موقف عقيدته !!! فنقول لسيادته أنه ارتكز على شيء يخالف تماما عقيدته ... وكيف ؟؟؟ لأن
    " كلمةَ الله " في القرآنِ أُطلِقَتْ على غير المسيح ... وكيف ؟؟؟ لقد ذُكِرَتْ
    " كلمةُ الله " في مقابلِ " كلمةِ الذين كفروا " ... وذلكَ في سياقِ الحديثِ عن نصرِ اللهِ رسولَه محمداً - صلى الله عليه وسلم - في رحلةِ الهجرة ... قال تعالى: " فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ " التوبة 40 ... فكلمةُ الكفار: هي رغبتُهم وإِرادتُهم في محاربةِ الحَقِّ والقضاءِ عليه ... أما كلمةُ اللهِ هنا: فهي إِرادةُ اللهِ في نَصْرِ الحَق وهزيمةِ الباطل ... وسُميتْ إِرادَتُه سبحانه " كلمة "، لأَنها أَمْرٌ من اللهِ - عز وجل -، حيثُ يأمرُ بإنفاذِ قدرتِه وإرادتِه، وتحقيقِ علمه، فيكونُ ما أَرادَه سبحانه وأَمَرَ به ... قال تعالى: " إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ " يس 82


    وعبارةُ " كلمةِ الله " في القرآن الكريم ليستْ خاصةً بالمسيحِ عليه السلام ... إِنما أُطلقَتْ على عيسى وعلى غيره أيضاً ... قال تعالى: " وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ الْحُسْنَى عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ بِمَا صَبَرُوا وَدَمَّرْنَا مَا كَانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ وَمَا كَانُوا يَعْرِشُونَ " الأعراف 137 ... فكلمةُ رَبّك هنا: هي إِرادَتُه وأَمْرُه بنَصرِ بني إِسرائيل وإِهلاكِ أَعدائِهم ... فمعنى كون عيسى - عليه السلام - كلمةَ الله: أَنَّ اللهَ أَرادَ أَنْ يَجعلَ خَلْقَه معجزةً، عن غيرِ طريقةِ الخَلْقِ المعروفةِ المألوفة، عن طريقِ التزاوجِ والاتِّصالِ والمعاشرةِ والإِخصاب ... فأَنْفَذَ إِرادَتَه وخَلَقَ عيسى في رَحِمِ مريمَ العذراء ... وكان خَلْقُه بكلمتِه التكوينيةِ التنجيزية، التي تُحَوّلُ إِرادةَ اللهِ من صورتِها العلميةِ النظريةِ إِلى صورتِها العمليةِ الحادثة، التي تَمَّ بها إِيجادُ عيسى عليه السلام ...


    وفَرْقٌ شاسع بينَ إِخبارِ القرآنِ الكريم أَنَ عيسى كلمةُ (الله) ... أَيْ أَنَّه خُلِقَ بكلمةِ اللهِ وإِرادتِه ... وبين كَلامِ الإِنجيلِ أن المسيح كلمةُ الله ... وبما أَنَّ الكلمةَ هي الله ... إذن فإِنَّ المسيحَ هو الله: " فِي البَدْءِ كَانَ الكَلِمَةُ، وَالكَلِمَةُ كَانَ عِنْدَ اللّه، وَكَانَ الكَلِمَةُ اللّه. "يوحنا 1: 1 -2 !!! وهذا المفهوم مخالف بالطبع تماماً لما ورد في القرآن الكريم.

    لقد قاس الناقد كلمةَ اللهِ على كلمةِ الإِنسان !!! فقال: " ولقد سُمّيَ المسيحُ كلمةَ الله، لأَنَّ كلمةَ الإِنسانِ هي منه، ومن مقوماتِ شخصيتِه، فهي صورةُ عَقْلِه وفِكْرِه، والمترجمةُ له، والمنفذةُ لسلطانِه وقوَّتِه ... فالمسيحُ هو ذاتُ كلمةِ الله، وهذا يُثبتُ لاهوتَه (أي الوهيته) ... والناقد بذلك خالف كتابه المقدس الذي نهى عن تشبيه الله بمخلوقاته ... وذلك بهدف أن يزج في فكر القارئ السطحي ان المسيح هو الله ... وكيف ؟؟؟ " فَبِمَنْ تُشَبِّهُونَ اللهَ ... وَأَيَّ شَبَهٍ تُعَادِلُونَ بِهِ ؟؟؟ " سفر إشعياء 40/18 ... " فَبِمَنْ تُشَبِّهُونَنِي فَأُسَاوِيهِ؟» يَقُولُ الْقُدُّوسُ. " اشعياء 40/25 ... " بِمَنْ تُشَبِّهُونَنِي وَتُسَوُّونَنِي وَتُمَثِّلُونَنِي لِنَتَشَابَهَ ؟؟؟ " اشعياء 46/5 ... " وَقَالَ: «بِمَاذَا نُشَبِّهُ مَلَكُوتَ اللهِ ؟؟؟ أَوْ بِأَيِّ مَثَل نُمَثِّلُهُ ؟؟؟ " مرقص 4/30 ... وفى هذا المقام نهمس في اُذن الناقد بأن الله ... " لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ"الشورى 11

    ولكن من ناحية أخرى فإنه لا يوجد اطلاقا في الكتاب المقدس أي نص قال فيه السيد المسيح صراحة " انا الله فأعبدونى " ولكن يستنتج النصارى ذلك من عدة نصوص ... ومن اقوى النصوص التي يعتمدون عليها في ذلك هي النص الذي استدل به الناقد: " فِي الْبَدْءِ كَانَ الْكَلِمَةُ، وَالْكَلِمَةُ كَانَ عِنْدَ اللهِ، وَكَانَ الْكَلِمَةُ اللهَ " يوحنا 1/1 ... وهذا النص حسب نسخة الملك جيمس:
    " In the beginning was the Word، and the Word was with God، and the Word was God "

    ولكن هناك سؤالاً يطرح نفسه ... من هو الله في هذا النص هل هو الآب أم الكلمة (أي السيد المسيح الابن) أم الروح القدس ... أم الثالوث (أي الآب والسيد المسيح الابن والروح القدس معاً كإله واحد) ؟؟؟

    الاحتمال الأول:الله هو الآب ... وعليه يكون النص هكذا ...

    فِي الْبَدْءِ كَانَ السيد المسيح ... وَالسيد المسيح كَانَ عِنْدَ الآب ... وَكَانَ السيد المسيح الآب ... فهل يستقيم المعنى ؟؟؟؟
    الاحتمال الثاني: الله هو السيد المسيح ... وعليه يكون النص هكذا ...

    فِي الْبَدْءِ كَانَ السيد المسيح ... وَالسيد المسيح كَانَ عِنْدَ السيد المسيح ... وَكَانَ السيد المسيح السيد المسيح ... فهل يستقيم المعنى ؟؟؟
    الاحتمال الثالث: الله هو الروح القدس ... وعليه يكون النص هكذا ...

    فِي الْبَدْءِ كَانَ السيد المسيح ... والسيد المسيح كَانَ عِنْدَ الروح القدس ... وَكَانَ السيد المسيح الروح القدس ... فهل يستقيم المعنى ؟؟؟
    الاحتمال الرابع: الله هو الثالوث (الآب والسيد المسيح الابن والروح القدس إله واحد) ... وعليه يكون النص هكذا ...

    فِي الْبَدْءِ كَانَ السيد المسيح ... والسيد المسيح كَانَ عِنْدَ الثالوث ... وَكَانَ السيد المسيح الثالوث ... فهل يستقيم المعنى ؟؟؟
    ولكن قد يقول قائل ان هناك احتمالاً أخيراً وهو أن يكون السيد المسيح الكلمة هو الله ... لأن النص يقول" وَكَانَ الْكَلِمَةُ اللهَ " ... وعليه يكون النص هكذا:

    فِي الْبَدْءِ كَانَ الله ... والله كَانَ عِنْدَ الله ... وَكَانَ الله الله ... فهل يستقيم المعنى ؟؟؟

    هذا ونترك الاختيار والحكم لذكاء القارئ !!!

    المسيح روح الله:


    قال الناقد: جاء في سورة النساء 171 ... " إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ ... وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ ... وَرُوحٌ مِنْهُ " ... ولم تكتف الآية بنعت المسيح بالرسالة، بل شهدت أنه كلمة الله ... ولكيلا نتوهم خلاف المقصود باللفظ كلمة الله أَتْبعها بما يزيل الشك وهو روحٌ منه ... لنفهم أن المسيح ليس مجرد رسولٍ عادي ... بل ابنٌ مرسَل من أبيه إلى عالم الدنيا، كأشعة الشمس المنبعثة إلى الأرض من الشمس ... وما الفرق بين القول إن المسيح نور من نور إله حق من إله حق، والقول روح الله أو روحٌ من الله ؟؟؟ أليس أنه من ذات الله ومن جوهره ؟؟؟

    ونقول للسيد الناقد:

    لقد لجأ الناقد لمحاولة تعزيز موقف عقيدته التي تقول ان المسيح هو الله ... بالتعلق بنص قرآني ينفى ذلك تماماً ... ولو كان موقف عقيدته بمفردها ان المسيح هو الله قوياً ... لما احتاج للتعلق بنص قرآني ... ولكن من ناحية أخرى وطالما أن الناقد يريد التعلق بنص قرآني لتدعيم موقفه ... اذن فيتوجب عليه ذكر باقي النصوص التي تتحدث عن موقف القرآن الكريم تجاه موضوع ان المسيح هو الله ... حيث وضح القران الكريم وبحسم قاطع الموقف ممن يدعى أن السيد المسيح هو الله رب العالمين خالق السماوات والأرض وما بينهما ... حيث قال تعالى:" لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ " المائدة 17 ... وبنفس الوضوح والحسم قال تعالى: " لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا إِلَهٌ وَاحِدٌ " المائدة 73 وصَدق اللهُ في نصحِه للنصارى قائلاً: " فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلَا تَقُولُوا ثَلَاثَةٌ انْتَهُوا خَيْرًا لَكُمْ إِنَّمَا اللَّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ " النساء 171


    لقد أوضحنا في الفقرة السابقة مفهوم أن المسيح كلمة الله ... وأنها لا تعنى أن المسيح هو الله كما يعتقد بذلك السيد الناقد ... أما بالنسبة أَنَّهُ روحٌ من عند الله: " وَرُوحٌ مِنْهُ " ... فهي تعنى أَنَّ اللهَ خَلَقَ روحَ عيسى عليه السلام ... كما خَلَقَ روحَ أَيِّ إِنسان ... سواءٌ كانَ نبيّاً أَو إِنساناً عاديّاً ... حيث صدر امرَ الله الى جبريلَ (الروحَ القُدُسَ) أَنْ يحملَ روحَ عيسى المخلوقة ... وأَنْ ينفُخَها في مريمَ العذراءِ البتولِ عليها السلام ... فلما فعل جبريل ذلك ... حملَتْ مريم بعيسى بأَمْرِ الله ... وكلمة " مِنْ " في قوله: (وَرُوحٌ منْهُ) بيانيَّة ... وليستْ تبعيضيَّة كما ادعى الناقد (أي لا تعنى أن عيسى بعضاً أو جزءاً من الله) ... أي أنها تُبَيِّنُ أَنَّ روحَ عيسى التي نُفخَتْ في مريمَ إِنما هي من عندِ الله ... ولتأكيد ذلك المعنى ... اقرأ قوله تعالى ... " وَسَخَّرَ لَكُمْ مَّا فِي السماوات وَمَا فِي الأرض جَمِيعاً مِنْهُ " الجاثية 13 ... أي أن كل ما هو مسخر {جميعاً منه} أيْ: كلُّ ذلك تفضُّلٌ منه وإحسانٌ ... التفسير الوجيز ... فإذا ادعى الناقد أن قوله تعالى ... " وَرُوحٌ مِنْهُ " توجب أنَّ عيسى بعض من الله ... وجب أن تكون «الأرض» قطعة من الله ... وكذلك الشمس أيضاً !!!


    مما تقدم يتضح ان فكرة الناقد التي تقومُ على أَنَّ المسيحَ ليس بشراً أو مجرد رسولٍ عادي كباقي الرسل من البشر ... إنما هو جزءٌ ماديّ من ذاتِ اللهِ المادية وابنٌ مرسَل من أبيه إلى عالم الدنيا ... هي فكرة باطلة ومخالفة للحق ... فكلُّ ما في الأَمْرِ أَنَّ اللهَ الحكيمَ خَلَقَه بدونِ أَب، وأَنطَقَه وهو في المهد، وهو في هذا يَختلفُ عن باقي الرسل ... وفيما سوى ذلك هو رسول وبشر عاديٌّ كباقي الرسل ... وشَبَّهَ القرآنُ خَلْقَ عيسى بخْلقِ آدم - عليه السلام -، ليُزيلَ استغرابَ النصارى من خَلْقِه بدون أَب ... قال تعالى: " إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ... الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلَا تَكُنْ مِنَ الْمُمْتَرِينَ " آل عمران 59-60 ... هذا ولقد نفى القرآنُ أَنْ يكونَ لله وَلَدٌ ... قال تعالى: " مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ " المؤمنون 91 - وقال تعالى: " بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُنْ لَهُ صَاحِبَةٌ وَخَلَقَ كُلّ شَيْءٍ " الأنعام 101


    أما تشيبه الناقد علاقة عيسى باللهِ كأشعة الشمس المنبعثة إلى الأرض من الشمس ... فنذكر الناقد بأنه قد خالف كتابه المقدس الذي نهى عن تشبيه الله بمخلوقاته وذلك بهدف أن يزج في فكر القارئ السطحي ان المسيح هو الله ... وكيف ؟؟؟ " فَبِمَنْ تُشَبِّهُونَ اللهَ ... وَأَيَّ شَبَهٍ تُعَادِلُونَ بِهِ ؟؟؟ " سفر إشعياء 40/18 ... " فَبِمَنْ تُشَبِّهُونَنِي فَأُسَاوِيهِ؟» يَقُولُ الْقُدُّوسُ. " اشعياء 40/25 ... وفى هذا المقام نهمس في اُذن الناقد بأن الله ... " لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ"الشورى 11



    إن قول الناقد: " أَليسَ أَنه من ذاتِ اللهِ ومن جوهرِه " فسيادته بذلك قد فصل عيسى عن اللهِ انفصال الجزءِ عن الكُلِّ !!! بمعنى أن المسيح جُزْءٌ ماديٌّ صَغيرٌ من ذاتِ اللهِ الكبيرة !!! وبالتالي يكون لله ذاتاً مادية، وجَوْهَراً وجوديّاً، يُمكنُ أَنْ يُحصَرَ وُيجَسَّمَ ويُحَدَّدَ، ويُمكنُ أَنْ يَنفصلَ عنه جزءٌ صغير، فيه روحٌ وحياة، اسْمُه المسيح ... ونترك الحكم لذكاء القارئ !!!


    ولادته بالروح القدس من عذراء:

    قال الناقد: انفرد المسيح عن سائر البشر بولادته من عذراء !!! فلماذا تميّز عن سائر الأنبياء بدخوله عالمنا بهذه الطريقة المعجزية ؟؟؟ إنه كلمة الله وروح الله حل في أحشاء العذراء ... وتجسد وظهر بين الناس آية ورحمة للعالمين ... فهو ابنٌ ... مَن أمه ؟؟؟ مريم ... ومَن أبوه ؟؟؟ الله ..." فَنَفَخْنَا فِيهَا مِنْ رُوحِنَا وَجَعَلْنَاهَا وَابْنَهَا آَيَةً لِلْعَالَمِينَ "الأنبياء 91
    ونقول للسيد الناقد:
    سبق في الفقرتين السابقتين أن تكلمنا عن معنى كونِ عيسى كلمةَ اللهِ، وروحاً من اللهِ ... والجديدُ في هذا السؤال هو أن الناقد يريد أن يجعل المسيح ابناً لله ... وأَرادَ بالبُنُوَّةِ ... البنوَّةَ الحقيقيةَ المادية ... لأَنه قال: أُمّه مريمُ ... وأَبوهُ الله !!! وارتكز في ذلك على أنه دخل عالمنا بطريقة معجزية ... ونقول لسيادته أن المسيح لم ينفرد وحده بالدخول لعالمنا بطريقة معجزية ولكن سبقه في ذلك آدم الذي ادخله الله الى عالمنا بطريقة معجزية (دون وجود رجل وامرأة) ... وحواء أيضاً (دون وجود امرأة) ... وبدخول المسيح بهذه الطريقة تحقق الاحتمال الثالث لدخول البشر لعالمنا بطريقة معجزية (دون وجود رجل) ... ولذلك قالت الآية التي استدل بها الناقد: " وَجَعَلْنَاهَا وَابْنَهَا آَيَةً لِلْعَالَمِينَ " الأنبياء 91


    إن القرآنُ الذى يحاول الناقد أن يستدل بأحد آياته لإثبات بنوة المسيح لله ... كان صريحاً في رفْضِ كونِ المسيح ابناً لله ... قالَ تعالى: " قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ... اللَّهُ الصَّمَدُ ... لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ ... وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ "الإخلاص 1-4 ... وقد كفر القرآن من قال ان لله وَلَداً ... قال تعالى: " وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقَالَتِ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ ... ذَلِكَ قَوْلُهُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ ... قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ "التوبة 30 ... فالمسيح عبد لله ... ورسول الله ... كما نطق بذلك المسيح نفسه وهو في المهد ... " قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا " مريم 30 ... وجاء في القرآن على لسان المسيح: " أن اعبدوا الله ربي وربكم " المائدة 117 ... وبعدَ ما تحدَّثَتْ آياتُ سورةِ مريمَ عن قصةِ حَمْلِ مريمَ بعيسى وولادتِه وكلامِه في المهد، عَقَّبَتْ على ذلك بنفي بُنُوَّتِه لله قال تعالى: " ذَلِكَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ قَوْلَ الْحَقِّ الَّذِي فِيهِ يَمْتَرُونَ ... مَا كَانَ لِلَّهِ أَنْ يَتَّخِذَ مِنْ وَلَدٍ سُبْحَانَهُ ... إِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ "مريم 34-35


    وإذا كان الناقد يريد أن يعرف الإجابة على السؤال الذي طرحه: " ومَن أبوه ؟؟؟ " فعليه التوجه لكتابه المقدس ليعرف منه الإجابة ... لا أن يحاول أن يلوى عنق نص لا يؤمن به سيادته أصلاً ليدعم به موقفه ... لاسيما أنه لا يدل ولا يعنى ولا يحتمل ما يهدف اليه سيادته في النهاية !!! ونصوص كتاب الناقد المقدس تثبت نسب المسيح عند النصارى ... بل وتقرر بشريته، وأنه ليس ابن الله ... وكيف ؟؟؟


    ورد في إنجيل لوقا في نسب المسيح: " وَلَمَّا ابْتَدَأَ يَسُوعُ كَانَ لَهُ نَحْوُ ثَلاَثِينَ سَنَةً، وَهُوَ عَلَى مَا كَانَ يُظَنُّ ابْنَ يُوسُفَ، بْنِ هَالِي، بْنِ مَتْثَاتَ، بْنِ لاَوِي، بْنِ مَلْكِي، بْنِ يَنَّا، بْنِ يُوسُفَ ........ بْنِ مَهْلَلْئِيلَ، بْنِ قِينَانَ، بْنِ أَنُوشَ، بْنِ شِيتِ، بْنِ آدَمَ، ابْنِ اللهِ " لوقا 3/23-38 ... فالمسيح كما هو واضح من النص (على فرض صحته) لم ينسب لله، بل الذي نسب لله هو آدم، ويعني ذلك أن الكتاب المقدس نفسه يضع آدم في مكانة أعلى من المسيح ... إذن فآدم (في زعمهم) هو ابن الله ... وأما المسيح فهو أحد أبناء آدم كما هو واضح ... وأما نحن المسلمون فعقيدتنا واضحة فهو ابن مريم، وهو كلمة ألقاها الله إلى مريم ...


    بل إن لوقا نفسه قال عن مريم ويوسف: إنهما " أبواه " أو " أبوه وأمه " ... ونص ذلك: " وَعِنْدَمَا دَخَلَ بِالصَّبِيِّ يَسُوعَ أَبَوَاهُ، لِيَصْنَعَا لَهُ حَسَبَ عَادَةِ النَّامُوسِ، أَخَذَهُ عَلَى ذِرَاعَيْهِ وَبَارَكَ اللهَ ". لوقا 2/27 ... وأيضاً اقرأ عندما فقدت مريم الصبي يسوع (الذي يعتقد النصارى أنه الله رب العالمين خالق السماوات والأرض وما بينهما!!!) واخذت تبحث عنه ثلاثة أيام حتى وجدته ... فماذا قالت أم الله بدهشه عندما عثرت على الله (كما يعتقد النصارى) ؟؟؟ " فَلَمَّا أَبْصَرَاهُ (مريم ويوسف) انْدَهَشَا ... وَقَالَتْ لَهُ أُمُّهُ: «يَا بُنَيَّ، لِمَاذَا فَعَلْتَ بِنَا هكَذَا ؟؟؟ هُو َذَا أَبُوكَ وَأَنَا كُنَّا نَطْلُبُكَ مُعَذَّبَيْنِ!» " لوقا 2/48 ... وهذا النص يدل بالتأكيد ان مريم كانت لا تعلم أن ابنها عيسى هو الله أو ابنه أو ما شابه ذلك ... وإلا ما كانت تخاف وتتعذب من فقدانه !!!


    ومن ناحية أخرى وحتى نريح السيد الناقد فإن الكتاب المقدس أطلق لفظ " ابن الله " على بشر كثيرين ومنذ أول الخليقة؛ حيث سمى آدم كما رأينا "ابن الله" ... كما سمى آخرين بذلك: "وَحَدَثَ لَمَّا ابْتَدَأَ النَّاسُ يَكْثُرُونَ عَلَى الأَرْضِ، وَوُلِدَ لَهُمْ بَنَاتٌ، أَنَّ أَبْنَاءَ اللهِ رَأَوْا بَنَاتِ النَّاسِ أَنَّهُنَّ حَسَنَاتٌ ... فَاتَّخَذُوا لأَنْفُسِهِمْ نِسَاءً مِنْ كُلِّ مَا اخْتَارُوا ... فَقَالَ الرَّبُّ: «لاَ يَدِينُ رُوحِي فِي الإِنْسَانِ إِلَى الأَبَدِ، لِزَيَغَانِهِ ... وَبَعْدَ ذلِكَ أَيْضًا إِذْ دَخَلَ بَنُو اللهِ عَلَى بَنَاتِ النَّاسِ وَوَلَدْنَ لَهُمْ أَوْلاَدًا " سفر التكوين 6/1-4


    وأقرأ أيضاً: " قَدِّمُوا لِلرَّبِّ يَا أَبْنَاءَ اللهِ ... قَدِّمُوا لِلرَّبِّ مَجْدًا وَعِزًّا. " المزامير 29/1 ... وأقرأ: " لأَنَّهُ مَنْ فِي السَّمَاءِ يُعَادِلُ الرَّبَّ ... مَنْ يُشْبِهُ الرَّبَّ بَيْنَ أَبْنَاءِ اللهِ ؟؟؟ " مزامير 29/1 ... وأيضاً: " طُوبَى لِصَانِعِي السَّلاَمِ ... لأَنَّهُمْ أَبْنَاءَ اللهِ يُدْعَوْنَ. " متى 5/9 ...


    إذن فلماذا يخص النصارى عيسى عليه السلام وحده بأنه ابن الله ؟؟؟ هذا فضلا عن أن المسيح قد أخذه الشيطان ليجربه فوق الجبل ويدفعه إلى السجود (كاعتقاد النصارى) وليس من المعقول أن يجرب الشيطان الله أو ابنه ... ليرى أيمكن أن يسجد له الله أو ابنه أم لا !!! كما أنه ليس من المعقول أن يكون رد الله على الشيطان هنا هو " اذهب يا شيطان؛ لأنه مكتوب: للرب إلهك تسجد، وإياه وحده تعبد". لوقا 4/8 ... وهو ما يعني بكل جلاء أن عيسى كان ينظر لله على أنه " ربه " ... ومن الواجب عليه أن يسجد له ... لا على أنه هو نفسه ... ولا على أنه " أبوه " ... كما أنه عليه السلام قد سمى نفسه أيضا: " ابن الإنسان " متى 11/19 ... إذن فهذا هو الكتاب المقدس يدلل على أن المسيح ليس ابن الله، ولا كل ما ذكرناهم أبناء الله أيضاً بنوَّةَ حقيقيةَ مادية ... فالله سبحانه وتعالى: " لم يلد ولم يولد ... ولم يكن له كفوا أحد " الإخلاص 3-4


    أما محاولة الناقد الاستدلال بالقرآن الكريم (الذي لا يؤمن به سيادته) على أن الله تجسد وحل في أحشاء العذراء ... ثم مكث تسعة أشهر بداخلها ... ثم خرج فرضع منها وعلمته أمه كيف يذهب لقضاء حاجته ... فسيادته له أن يعتقد من العقائد ما يشاء ... لكن دون أن يستدل على عقيدته في أن عيسى هو الله أو ابنه بآيات القرآن الكريم التي تدعو إلى توحيد الله وتنفى كل ذلك ... تعالى الله عما يقول الناقد علوا كبيراً ...


    وإذا كان الناقد يحاول أن يوظف النص القرآني وفق ما يروق له بطريقة انتقائية ... فنقول لسيادته: لو كان هذا الاستدلال بالآية الكريمة:" فَنَفَخْنَا فِيهَا مِنْ رُوحِنَا " الأنبياء 91 صحيحاً ... لكان هذا دليلا على بنوة آدم عليه السلام -لله -سبحانه وتعالى من باب أولى ... وليس عيسى وحده ... فالله سبحانه وتعالى قال في خلق آدم تماما مثلما جاء في الحديث عن عيسى وأمه: " فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي " الحجر 29 ...


    بل ليس آدم وعيسى عليهما السلام وحدهما فقط يصيران ابني الله عز وجل ... إن صحت تلك الآية دليلا ... بل كل أبناء آدم يصبحون أبناء الله سبحانه وتعالى -فالله -عز وجل -يقول عن النوع الإنساني كله: " الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنْسَانِ مِنْ طِينٍ ... ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ ... ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ " السجدة 7-9 ... ولو كان النوع الإنساني كله هم الله أو أبناء لله ... فلا حاجة اذن لإرسال الرسل ... وستكون الدنيا بأسرها عبثا، ولن تكون هناك خطيئة، ولكن الأمر يقتضى بأن يكونوا بشرا، فمن هنا نقول بأن عيسى عليه السلام بشر أيضاً


    والله تعالى أعلم وأعظم
    يتبع بإذن الله تعالى وفضله




    أول كتاباتى
    الكتاب الإلكترونى الكلمة وأخوتها فى القرآن الكريم
    http://www.4shared.com/file/Q2tkcCe1/_______.html
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  3. #13
    تاريخ التسجيل
    Jul 2011
    المشاركات
    469
    الدين
    الإسلام
    آخر نشاط
    15-05-2023
    على الساعة
    06:05 PM

    افتراضي



    تابع السؤال رقم 14

    قدوس بلا شر (أي عيسى بلا ذنب):



    قال الناقد: شهد القرآن بقداسة المسيح المطلقة دون سائر البشر ... إنه لم يخطئ قط ... جاء في سورة آل عمران 36 ..." وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ " ... وجاء في حديث الإمام مسلم عن محمد أن محمداً قال لعائشة: " ما من مولودٍ يولدُ إلا نَخَسَه الشيطانُ ... فيستهلُّ صارخًا من نخسةِ الشيطانِ ... إلا ابنَ مريمَ وأمَّه " ... وجاء في كتاب الإمام الغزالي عن تميُّزِ عيسى عندَ ولادتِه بإِبعادِ الشيطانِ ...

    والناقد يسأل:ما سر هذه القداسة المطلقة والكمال الفائق ؟؟؟ ولماذا لا يذكر القرآن للمسيح خطأً كما ذكر لغيره من الأنبياء؟ ولماذا لا توجد في القرآن إشارةٌ إلى أن المسيح تاب إلى الله ... ولا أن الله تاب عليه، ولا قدَّم استغفاراً ... ولا أن الله غفر له كما جاء عن سائر الأنبياء والرسل ؟؟؟ أليس لأن المسيح ذاتٌ قدسيةٌ وهو كلمة الله وروحه ؟؟؟

    ونقول للسيد الناقد:
    إن السيد الناقد واقع بالطبع تحت تأثير ما نسبه كتابه المقدس لأنبياء الله في كتابه المقدس (حاشاهم) بارتكابهم أكبر الكبائر والمعاصي (زنا محارم – زنى بحليلة الجار – القتل – التمثيل بجثث الموتى -السكر – الكفر بالله وعبادة الأصنام – الزواج من 1000 امرأة ... الخ) ... ادخل الرابط:

    ولذلك اعتقد سيادته أن عدم ذكر القرآن الكريم خطأ للسيد المسيح يبرهن على أن المسيح بذلك هو الله !!! وهذا بالطبع وهم كبير ... لأن لا علاقة اطلاقاً بين هذه وتلك ... وكما سيتضح !!!

    والقرآن الكريم لم يذكر اطلاقاً تلك الكبائر التي نسبها الكتاب المقدس لأنبياء الله ... لأن الله قد أحسن بالطبع اختيار من بين البشر من هم جديرون بنقل رسالة السماء إلى الأرض ... ليكونوا سفراء صالحين وموقرين ... وهم الأنبياء المعصومين من الكبائر والمنزهين عن المعاصي ... قال تعالى: " اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا وَمِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ " الحج 75 ... وقال تعالى أيضاً: " وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آَتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ " آل عمران 81 ... وذلك حتى يبلغوا بأمانة رسالة الله وينشروا تعاليمه بين البشر ... ويكونوا أيضا قدوة حسنة وصالحة لأتباعهم للاقتداء بهم كبشر مثلهم ... وبذلك أيضا أغلق الطريق تماما على من يمكنه التحجج بأفعال الأنبياء المشينة التي نسبها الكتاب المقدس لهم (حاشاهم) ...



    وإذا كان الناقد يرتكز على ان القرآن الكريم لم يذكر للمسيح خطأً أو توبة أو استغفار كما ذكر لغيره من الأنبياء ... وعليه وبموجب ذلك اعتبر سيادته أن المسيح هو الله رب العالمين خالق السماوات والأرض وما بينهما ... فهذه ركيزة واهية هي والعدم سواء ... ولماذا ؟؟؟ لأن هناك انبياء على سبيل المثال (صالح -هود – اليسع -يحيى) لم يذكر لهم القرآن الكريم خطأ أو توبة أو استغفار ... فهل يعنى ذلك أن كل واحد منهم هو الله رب العالمين أيضاً ؟؟؟



    بالفعل لقد عَصَمَ اللهُ رسولَه عيسى من المعاصي والذنوب كما عَصَمَ اخوانه الأَنبياءِ والمرسلين، ونَزَّهَهم من الأَخطاءِ والذنوبِ والمعاصي أيضاً ... واصْطَفاهم لنفسه وصنعهم على عينِه ... فلم يكنْ للشيطانِ سَبيلٌ ولا سلطانٌ عليهم ... والقرآنَ لم يَذْكُرْ للأَنبياءِ أَخطاءً أَو ذُنوباً، إِنَّما ذَكَرَ بَعْضَ المآخذ التي أُخِذَتْ عليهم، وعاتَبَهم اللهُ عليها ... وهم لم يُخْطِئوا في تلك المواقف، ولم يُذْنِبوا في تلك الأَفْعال، وما صَدَرَ عنهم صواب، ولكنَّ اللهَ أَرشَدَهم إِلى ما هو أَوْلى، لأَنَّ اللهَ يُحِبُّ لهم الأَوْلى والأَفضلَ والأَصْوَبَ والأَكمل ... ومآخذ الأنبياء كبشر لم تكن في إبلاغ الرسالة ... أو في الكبائر (كما نسب الكتاب المقدس لهم) فهم معصومون في هذا ...



    ومن ناحية أخرى نود أن نهمس في أُذن السيد الناقد ونقول لسيادته أن السيد المسيح عليه السلام رفض أن يدعى صالحاً ... إذ لما ناداه بعض تلاميذه: " أيها المعلم الصالح ... فقال له: لماذا تدعوني صالحاً ؟؟؟ ليس أحد صالحاً إلا واحد، وهو الله " متى 19/17 ... الأمر الذي يبرهن على أن المسيح نفسه كان يعلم أنه يوجد عليه بعض المآخذ كبشر أيضاً ... فكيف يرفعه الناقد من مقام البشرية ليكون رباً وإلهاً !!! إن المسيح كان في نظر تلميذه الملاصق له مجرد " معلم صالح " ولذلك ناداه بذلك -الأمر الذي يدل على أنه لم يتطرق الى ذهن التلميذ أن المسيح هو الله !!! انما المسيح في نظره مجرد معلم صالح ...



    إن تقرير ألوهية المسيح يكون فقط بإعلان السيد المسيح نفسه وبصراحة وبوضوح وبكلمات لا تقبل التأويل ولا تحتمل عدة معاني بأنه الله رب العالمين ... كقول الله سبحانه وتعالى خالق السماوات والأرض وما بينهما " وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ " الأنبياء 92 ... فهو وحده المستحق الألوهية والعبادة ... أما استنتاج ذلك من عبارات تحتمل التأويل من هنا وهناك ... فذلك لا يمكن الاعتماد عليه لتقرير الوهية السيد المسيح وعبادته من دون الله ...



    ولأن القرآن الكريم نص سماوي فعندما أراد نفى الوهية المسيح نفاها تماما ... وبعبارة واضحة وصريحة وحاسمة لا تقبل التأويل ... ولا تحتمل إلا معنى واحد ... ولا تتضمن أيضاً أي مجاملة لأي أحد ... لأنها تتعلق بنسب الألوهية على غير الحقيقة ... فقد قال تعالى في سورة المائدة 17" لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ "



    وعلى صعيد آخر ... لماذا لم يسأل الناقد نفسه أولاً ... ما الذي اجبر محمداً صلى الله عليه وسلم على أن يقول على أخيه المسيح عليه السلام وأيضاً يقول على أمه مريم " ما من مولودٍ يولدُ إلا نَخَسَه الشيطانُ ... فيستهلُّ صارخًا من نخسةِ الشيطانِ ... إلا ابنَ مريمَ وأمَّه " ؟؟؟ ولماذا لم ينسب محمد لنفسه ولأمه تلك الكرامة بدلا من نسْبها للغير بخلاف ما اعتاد عليه البشر ؟؟؟ إن هذا الامر ليبرهن ببساطة على أنه صلى الله عليه وسلم كان " وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى " النجم 3 -4 ... إن هذا السؤال يُحسب لمحمد صلى الله عليه وسلم لا يُحسب عليه ... هذا وإذا كان الناقد يعتمد على أن المسيح هو الله لأن الشيطان لم ينخسه عند مولده كنص الحديث ... فنقول للناقد أن نفس الحديث ذكر أيضاً أن مريم لم ينخسها الشيطان عند مولدها ... فهل ستكون مريم هي الأخرى الله رب العالمين ؟؟؟


    ونص الحديث بالكامل والذي رواه أبو هريرة في صحيح البخاري (3431)


    " سمعتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ يقولُ: ما من بني آدمَ مولودٌ إلا يمسُّهُ الشيطانُ حين يُولَدُ، فيستهِلُّ صارخًا من مسِّ الشيطانِ، غيرَ مريمَ وابنها " .... ثم يقولُ أبو هريرةَ: {وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ} آل عمران 36

    أما سبب عدم نخس الشيطان للسيد المسيح وامة حين الولادة ... فهو مذكور في صلب الحديث نفسه وكما ورد في الآية رقم 36 من سورة أل عمران التي أنزلها الله عز وجل على أخيه محمد صلى الله عليه وسلم ... فلقد استجاب الله سبحانه وتعالى لدعاء أم مريم وحفظها وابنها من مس الشيطان حين ولادته عليه السلام وذلك ببركة دعوة أمها حيث قالت {وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ}آل عمران 36 ... هذا ولم يكن لمريم ذرية غير السيد المسيح.


    لقد استدل "المدلس" بحديث محمد صلى الله عليه وسلم بأن الشيطان لم يمس المسيح وأمه ... ونقول له أن الله جعل هذه الكرامة والفضيلة لأمة محمد صلى الله عليه وسلم أيضاً كما دلّ على ذلك حديث آخر لمحمد صلى الله عليه وسلم حيث قال: " أما لو أن أحدكم يقول حين يأتي ( يجامع ) أهله : باسم الله ، اللهم جنبني الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتنا ، ثم قدر بينهما في ذلك ، أو قضي ولد ، لم يضره شيطان أبدا " ... الراوي: عبدالله بن عباس المحدث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 5165



    +%D9%85%D9%88%D9%82%D8%B9+%D8%A7%D9%84%D8%AF%D8%B1%D8%B1+%D8%A 7%D9%84%D8%B3%D9%86%D9%8A%D8%A9+-+%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%88%D8%B3%D9%88%D8%B9%D8%A9+%D8%A7%D9% 84%D8%AD%D8%AF%D9%8A%D8%AB%D9%8A%D8%A9+-+%D9%85%D9%86+%D8%AD%D8%AF%D9%8A%D8%AB+%D8%B9%D8%A8%D8%AF%D8 %A7%D9%84%D9%84%D9%87+%D8%A8%D9%86+%D8%B9%D8%A8%D8%A7%D8%B3


    ومفهوم النخس من الشيطان هو اشعاراً منه بالتمكن والتسليط، وهذا يكون في نفس الشيطان فقط، ومن باب التخييل أن هذا المولود سيكون من أتباعه، وليس معنى النخس أن الشيطان يتمكن من ابن آدم، وأنه بسبب هذه النخسة أصبح من حزبه، فليس في هذا الحديث أي إشارة لذلك، وغاية ما في الأمر أن الشيطان ينخس أو ينغز أو يضرب فقط، وهذا النخس هو أن الشيطان يطمع في إغواء المولود فكأنه يمسه ويضرب بيده عليه ويقول هذا ممن سيكون في حزبي وسأغويه.


    وليس في هذا الحديث ما يفيد تمكن الشيطان من المولود مدى الحياة بالطبع ... لأننا ينبغي أن نفرق بين المس وبين الإغواء والإضلال، فلا يلزم من وقوع المس والنخس للمولود إضلال الممسوس وإغواؤه ... لقوله تعالى: {إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ (أي للشيطان) عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ} الحجر 42 ... وقوله تعالى أن الشيطان قال لله سبحانه وتعالى: {فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ}ص 82 -83 ... أي أن كافة عباد الله المخلَصين لا يضرهم ذلك المس أصلا ...


    وليس في إثبات هذا التكريم في الإسلام والخصوصية للسيد المسيح عليه السلام وأمه سيدة نساء العالمين ما يعود بالنقص على بقية الأنبياء، ولا ما يقتضي تفضيله عليهم بالطبع ... ولماذا ؟؟؟ لأن الفضل الذي يعدُّ كمالاً تاماً للإنسان، هو ما كـان بسعيه واجتهاده وأما طعن الشيطان بيده فليس من شأنه أن يثاب العبد على سلامته منه، ولا أن يعاقب على وقوعه له.



    لكن العجب كل العجب أن في الوقت الذي يستشهد فيه الناقد بمدى تكريم الإسلام للسيد المسيح عليه السلام وأن الشيطان لم يمسه هو وأمه عند ولادته كما جاء في حديث أخيه محمد صلى الله عليه وسلم ... نجد أن كتبة الأناجيل قد نسبوا للسيد المسيح عليه السلام أن ابليس قد جرّبه أربعين يوماً !!!



    «وكان يُقتاد (أي السيد المسيح عليه السلام) بالروح في البرية أربعين يوماً يُجرَّب من إبليس ... ولم يأكل شيئاً في تلك الأيام، ولما تمَّت جاع أخيراً»(لو 4: 2،1).
    «ثم أصعده إبليس (أي أصعد ابليس السيد المسيح) إلى جبلٍ عالٍ وأراه جميع ممالك المسكونة في لحظة من الزمان. وقال له إبليس: لك أُعطي هذا السلطان كله ومجدهُنَّ لأنه إليَّ قد دُفِع، وأنا أُعطيه لمن أريد. فإن سجدتَ أمامي يكون لك الجميع»(لو 4: 5-7).

    «ثم جاء (أي ابليس) به (أي بالسيد المسيح عليه السلام) إلى أُورشليم وأقامه على جناح الهيكل، وقال (أي ابليس) له (أي للسيد المسيح عليه السلام): إن كنتَ ابن الله فاطرح نفسك من هنا إلى أسفل. لأنه مكتوب أنه يوصي ملائكته بك لكي يحفظوك، وأنهم على أياديهم يحملونك لكيلا تصدم بحجرٍ رجلك»(لو 4: 9-11).

    هذا ولا ندرى ما سبب استخدام كتبة الاناجيل كلمات والفاظ تدل على مدى سيطرة ابليس على السيد المسيح عليه السلام اثناء ما كان يجربه مثل: ثم جاء (أي ابليس) به (أي بالسيد المسيح عليه السلام) إلى أُورشليم ... ثم أصعده إبليس إلى جبلٍ عالٍ والى اخره ... ونحن نرى ان السيد المسيح عليه السلام كان معصوماً بالطبع من سيطرة ابليس أو الخضوع لتوجيهاته اطلاقاً !!!



    قدرة عيسى عليه السلام على إتيان المعجزات:

    قال الناقد: يشهد القرآن للمسيح بقدرته المطلقة على إتيان المعجزات بصورة ليس لها مثيل بين سائر الأنبياء، فنسب له العِلم بالغيب في قوله في سورة آل عمران 49" وَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ " مع أن العلم بالغيب خاص بالله وحده ..." فَقُلْ إِنَّمَا الْغَيْبُ لِلَّهِ " يونس 20 ... ونسب القرآن للمسيح القدرة على الخَلق، فقال في سورة آل عمران 49 " أَنِّي أَخْلُقُ لَكُمْ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنْفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِ اللَّهِ " ... ونسب له القدرة على شفاء المرض وإحياء الموتى ... فجاء في الآية السابقة " وَأُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ وَأُحْيِي الْمَوْتَى بِإِذْنِ اللَّهِ " ... ومعلوم أن الخلق خاص بالله وحده " أَفَمَنْ يَخْلُقُ كَمَنْ لَا يَخْلُقُ " النحل 17 ... وكذلك إحياء الموتى " وَهُوَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ " المؤمنون 80.

    ونقول للسيد الناقد:

    لا أدرى لماذا يحاول السيد الناقد ان يثبت الوهية السيد المسيح وهو عبد الله ورسوله عن طريق ذكر المعجزات التي قام بها السيد المسيح وذكرها القرآن الكريم ؟؟؟ هل لأنه لم يرد اطلاقاً في الكتاب المقدس نصاً حاسماً يقول فيه المسيح صراحة وبما لا يدع مجالاً لشك أو تأويل: " أنا ربكم فاعبدون " ... فلذلك ذهب الناقد الى كتاب آخر (لا يؤمن سيادته به) وأخذ يحاول تطويع نصوص به لتحقيق ما يتمناه وهو اثبات الوهية المسيح !!!



    أم لأن الناقد وجد في كتابه المقدس أن المسيح لا يقدر أن يفعل المعجزات استناداً إلي قوته الذاتية ولكن استناداً إلي قوة الله العلوية ... حيث ورد على لسان المسيح: " أَنَا لاَ أَقْدِرُ أَنْ أَفْعَلَ مِنْ نَفْسِي شَيْئًا " يوحنا 5/30 ... بل الأغرب والأعجب من ذلك هو اقرار المسيح بأن القدرة التي كان يمتلكها هي مدفوعة له من الله تبارك وتعالى وذلك بقوله في إنجيل متى " كُلُّ شَيْءٍ قَدْ دُفِعَ إِلَيَّ مِنْ أَبِي " متى 11/27 ... فالرب هو الدافع والمسيح هو المدفوع له ... ولا شك بأن هناك فرق عظيم بين الدافع والمدفوع له ... واسمع أيضاً ما قاله المسيح: " اَلأَعْمَالُ الَّتِي أَنَا أَعْمَلُهَا بِاسْمِ أَبِي هِيَ تَشْهَدُ لِي "يوحنا 10/25 ... حتى شهادة المسيح لنفسه فهو لا يقدر عليها ... «إِنْ كُنْتُ أَشْهَدُ لِنَفْسِي فَشَهَادَتِي لَيْسَتْ حَقًّا ... الَّذِي يَشْهَدُ لِي هُوَ آخَرُ، (أي كيان آخر مختلف عنه وهو الآب) يوحنا 5/31-32



    وإذا كان المسيح إلهاً لقيامه بالمعجزات فكان الواجب أن ينسبها لنفسه ... ولكنه نسبها إلى الله ... وكيف ؟؟؟ لقد كان المسيح قبل أن يقوم بالمعجزة يتوجه ببصره نحو السماء ويطلب من الله خالق السموات والأرض وما بينهما ليمنحه القوة على تحقيق المعجزة ... بل ويشكره على ذلك ... طبقاً لما جاء في إنجيل يوحنا11/41 " وَرَفَعَ يَسُوع عَيْنَيْهِ إِلَى السَّمَاءِ وَقَالَ: «أَيُّهَا الآبُ ، أَشْكُرُكَ لأَنَّكَ سَمِعْتَ لِي ، وَقَدْ عَلِمْتُ أَنَّكَ دَوْماً تَسْمَعُ لِي ... وَلكِنِّي قُلْتُ هَذَا لأَجْلِ الْجَمْعِ الْوَاقِفِ حَوْلِي لِيُؤْمِنُوا أَنَّكَ أَنْتَ أَرْسَلْتَنِي " ... وفي هذا نفي صريح لإلهية المسيح و تأكيد واضح لعبوديته لله عز وجل وافتقاره اليه ... هذا ولا يمكن أن نغفل حقيقة كينونة المسيح كما حددها هو لنفسه: "وَهذِهِ هِيَ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ: أَنْ يَعْرِفُوكَ أَنْتَ الإِلهَ الْحَقِيقِيَّ وَحْدَكَ وَيَسُوعَ الْمَسِيحَ الَّذِي أَرْسَلْتَهُ. " يوحنا 17/3 ... وإذا كان الرد على ما ذكرناه أن ما قاله السيد المسيح في هذه المواضع كان بناسوت المسيح (أي بجسد المسيح البشرى) ... وليس بلاهوته (وهو الله الذي داخل جسد المسيح البشرى كما يؤمن بذلك النصارى) ... فنقول: واين هو النص في الكتاب المقدس الذي ورد فيه أن السيد المسيح = ناسوت + لاهوت ؟؟؟



    وهناك سؤال يطرح نفسه ... ماهي شهادة الذين رأوا بأعينهم المعجزات التي أتى بها المسيح آنذاك ؟؟؟ هل قالوا ان المسيح هو الله ؟؟؟ أم ماذا قالوا ؟؟؟" فَلَمَّا رَأَى النَّاسُ الآيَةَ الَّتِي صَنَعَهَا يَسُوعُ قَالُوا: «إِنَّ هذَا هُوَ بِالْحَقِيقَةِ النَّبِيُّ الآتِي إِلَى الْعَالَمِ!» يوحنا 6/14 ... وماذا قالوا أيضاً ؟؟؟«أَيُّهَا الرِّجَالُ الإِسْرَائِيلِيُّونَ اسْمَعُوا هذِهِ الأَقْوَالَ: يَسُوعُ النَّاصِرِيُّ رَجُلٌ قَدْ تَبَرْهَنَ لَكُمْ مِنْ قِبَلِ اللهِ بِقُوَّاتٍ وَعَجَائِبَ وَآيَاتٍ صَنَعَهَا اللهُ بِيَدِهِ فِي وَسْطِكُمْ، كَمَا أَنْتُمْ أَيْضًا تَعْلَمُونَ. " سفر اعمال الرسل 2/22 ... وأيضاً اقرأ: " هذَا جَاءَ إِلَى يَسُوعَ لَيْلاً وَقَالَ لَهُ: «يَا مُعَلِّمُ، نَعْلَمُ أَنَّكَ قَدْ أَتَيْتَ مِنَ اللهِ مُعَلِّمًا، لأَنْ لَيْسَ أَحَدٌ يَقْدِرُ أَنْ يَعْمَلَ هذِهِ الآيَاتِ الَّتِي أَنْتَ تَعْمَلُ إِنْ لَمْ يَكُنِ اللهُ مَعَهُ». يوحنا 3/2لاحظ ... لم يقل له " إِنْ لَمْ يَكُنِ هو اللهُ " ... بل قال " إِنْ لَمْ يَكُنِ اللهُ مَعَهُ». يوحنا 3/2 !!! أي من عاصروه ورأوا معجزاته شهدوا أنه نبي.


    وحتى نقصر الطريق على الناقد ونريحه ... فإن القرآن الكريم قد حسم وبصراحة ووضوح تام موضوع توهم ألوهية المسيح ... فقد قال تعالى: " لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ " المائدة 17 ... كما أكد القرآن الكريم أن المسيح هو عبد لله ورسول الله كما نطق بذلك السيد المسيح نفسه وهو في المهد " قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا " مريم 30 ... وجاء في القرآن الكريم على لسان المسيح: " أن اعبدوا الله ربي وربكم " المائدة 117



    إن المعجزات التي جاء بها السيد المسيح والتي ذكرها القرآن الكريم ... شأن المسيح فيها شأن اخوانه من الرسل الذين أتوا أيضاً بمعجزات لقومهم أيضاً ولكن بعد أن اذن الله لهم بذلك ... قالَ تعالى:" وَمَا كَانَ لِرَسُولٍ أَنْ يَأْتِيَ بِآَيَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ " الرعد 38 ... ويمكن للناقد على سبيل المثال لا الحصر الرجوع الى ما ورد في سفر الخروج (الاصحاح من 7-11) ويطلع على معجزات موسى اخو المسيح امام فرعون كتحول العصى الى ثعبان ... وتحويل الماء الى دم ... الى آخر الضربات للفراعنة: ضربة الضفادع/ البعوض/الذباب/اهلاك الماشية/الدمامل/البرد/الجراد/الظلام/موت الابكار ... وما تبع ذلك من عبور البحر وشقه ... و معجزات الطيور كمأكل ... والمن النازل من السماء ... والماء من الصخرة ... وهزيمة العماليق.



    والله سبحانه أعلم وأعظم
    يتبع بإذن الله تعالى وفضله



    أول كتاباتى
    الكتاب الإلكترونى الكلمة وأخوتها فى القرآن الكريم
    http://www.4shared.com/file/Q2tkcCe1/_______.html
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  4. #14
    تاريخ التسجيل
    Jul 2011
    المشاركات
    469
    الدين
    الإسلام
    آخر نشاط
    15-05-2023
    على الساعة
    06:05 PM

    افتراضي



    الرد على السؤال رقم 15: جاء في سورة البقرة 30 ..." وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً ... قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ ... قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ "

    فلماذا يستشير الله الملائكة وهو غني عن أن يشير عليه أحد ؟؟؟ قال الإنجيل: " يَالعُمْقِ غِنَى اللّهِ وَحِكْمَتِهِ وَعِلْمِهِ !!! مَا أَبْعَدَ أَحْكَامَهُ عَنِ الفَحْصِ وَطُرُقَهُ عَنِ الاسْتِقْصَاءِ !!! لِأَنْ مَنْ عَرَفَ فِكْرَ الرَّبِّ، أَوْ مَنْ صَارَ لَهُ مُشِيراً ؟؟؟ أَوْ مَنْ سَبَقَ فَأَعْطَاهُ فَيُكَافَأَ؟ لِأَنَّ مِنْهُ وَبِهِ وَلَهُ كُلَّ الأَشْيَاءِ ... لَهُ المَجْدُ إِلَى الأَبَدِ ... آمين " (رومية 11: 33-36) ... وهل يُعقَل أن الملائكة الأبرار (وهم غير الشياطين) يعصون ويعارضون رغبات الله ... ويدَّعون العلم بالغيب بغير حقٍ، ويطعنون في آدم من قبل خَلقه ... ويزكون أنفسهم بألسنتهم ؟؟؟
    أولاً: هل استشار الله الملائكة ؟؟؟


    إن الحوار الذي تم بين الله والملائكة ... لم يستشر الله فيه الملائكة بالطبع ... كما ادعى السيد الناقد ... لماذا ؟؟؟ لأنه كان حواراً تثقيفياً حول الواقع الجديد الذي أراد الله - عز وجل - إيداعه في الأرض التي لم يكن لها أي دور في الوجود الحركي آنذاك ... وسيكون للملائكة فيها بعض الدور في مهماتها التي أوكلها الله إليهم في النظام الكوني ... وسبحانه وتعالى غني بالفعل عن أن يشير عليه أحد ... اسمع الى قول الله عز وجل: " لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا " الطلاق 12 ... والله سبحانه وتعالى هو الأَعلمُ بالأَنسبِ والأَفضلِ والاحكم وكُلُّ فِعْلٍ يفعَلُه فهو صَواب ... ولذلك فقول الله للملائكة " إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً " ليسَ من بابِ استشارتِهم ... ولكن من بابِ إِخبارِهم بما سيفعَلُه، ليكونَ عندهم علم وخَبَرٌ بما قررَ سبحانَه أَن يفعلَه ... وسبحانه وتعالى لم يقل: أشيروا علي بمن أخلقه على هذه الأرض ليكون خليفة ... ولكنه أخبرهم بما قرره، وأكد أنه دبر هذا فكان أمراً مقدوراً، فالأمر لا يحتمل استشارة أو أخذاً أو رداً بعد هذا القرار الصادر المؤكد: بـ " إن " ... والجملة الاسمية ...)إني جاعل( ... ولذلك جاءت الجملةُ بصيغةِ الجَزْمِ والقطعِ، حيثُ قالَ لهم: " إِنِّي جَاعِلٌ " ... ولم يقل: " إني سأجعل " ... ومن المعلومِ أَنَّ اللهَ يُخبرُ إن شاء ... مَنْ شاءَ مِنْ خَلْقِه بما شاءَ أَنْ يَفعلَه، سواء كانَ المخلوقُ مَلَكاً مُقَرَّباً أَوْ نبيّاً مُرْسَلاً ...


    ولذلك جاء في تفسير الشعراوي لذلك: " والكلام هنا لا يعني أن الله سبحانه وتعالى يستشير أحداً في الخلق ... بدليل أنه قال «إني جاعل» ... إذن فهو أمر مفروغ منه ... ولكنه إعلام للملائكة ... والله سبحانه وتعالى عندما يحدث الملائكة عن ذلك فلأن لهم مع آدم مهمة ... فهناك المدبرات أمراً ... والحفظة الكرام ... وغيرهم من الملائكة الذين سيكلفهم الحق سبحانه وتعالى بمهام متعددة تتصل بحياة هذا المخلوق الجديد ... فكان الإعلام لأن للملائكة عملا مع هذا الخليفة " انتهى التفسير


    ثانياً: هل اعترضت الملائكة على أمر الله ؟؟؟


    لقد أخبر الله سبحانه وتعالى الملائكة بأنه سيخلق خليفة له في الأرض، فرد الملائكة متعجبين: " أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ " البقرة 30... ولا يفهم من هذا التساؤل أنه إبداء رأي أو اعتراض، ولكنه تعجب مما سمعوا على ضوء ما علموا، من صور الإفساد في الأرض ... فهم يعلمون من أحوالهم أنهم لا ينقطعون عن عبادة الله تعالى، وقد علموا من بعض أحوال هذا "الخليفة" أنه يفسد في الأرض، ويسفك الدماء، فقابلوا حالهم بحاله، فكان التعجب من أن يستخلف الله عز وجل مكان أهل الطاعة، أهل المعصية، وهو الحكيم الذي لا يدبر إلا الخير ... وكأن الملائكة كانوا يتطلعون؛ لأن تُعمر الأرض كما عُمّرت السماء، واستعجبوا أن يوجد خلق يعصي الله ويجحد نعمته، وكان التساؤل لمعرفة ما لا علم لهم به، ويتفرد بعلمه العليم الحكيم، وهم الذين قالوا في نهاية قصة آدم عليه السلام في هذه السورة: " قَالُوا سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ " البقرة 32... ثم أن الملائكة لما عرفوا الحكمة وأمروا بالسجود لآدم سجدوا ولم يعصوا ربهم ... اسمع لقول الله بعد ذلك " وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآَدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ " البقرة 34


    إن الملائكة لم تعترض على الأمر الذي صدر من الله كما ادعى السيد الناقد ... لأنه فضلاً عما ذكرناه فإن الملائكة هم جند من خلق الله ركز الله فيهم العقل والفهم، وفطرهم على الطاعة وهم ..." لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ " التحريم 6 ... وأيضاً هم " عِبَادٌ مُّكْرَمُونَ لاَ يَسْبِقُونَهُ بالقول وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ " الأنبياء 26-27 ... ولذلك لم يكن سؤالُهم من بابِ الاعتراضِ والإِنكار كما ذكرنا، وإِنما كانَ من بابِ الاستفسارِ والاستِعلام والتعجب مما سمعوا من صور الإفساد في الأرض، وطلباً منهم لمعرفة ما خفي عليهم مما لا علم لهم به ... وكأَنَّهم قالوا: يا رَبَّنا: إِنّا نَعلمُ أَنك عليمٌ حكيم، وأَنَّ فِعْلَكَ هو الصواب، لكننا نريدُ منك أَنْ تُخبرنا عن حكمةِ ذلك، فما حكمةُ جَعْلِكَ خليفةً في الأَرض، يُفسدُ فيها ويَسفكُ الدماء ؟


    ولذلك ورد في تفسير الطنطاوي لهذه الآية: " أتجعل في الأرض يا إلهنا من يفسد فيها ويريق الدماء والحال أننا نحن ننزهك عما لا يليق بعظمتك ... تنزيهاً متلبساً بحمدك والثناء عليك، ونطهر ذكرك عما لا يليق بك تعظيماً لك وتمجيداً ... وقولهم: { أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا ... إلخ} إنما صدر منهم على وجه استطلاع الحكمة في خلق نوع من الكائنات يصدر منه الإِفساد في الأرض وسفك الدماء ... وقطعهم بحكمة الله في كل ما يفعل لا ينافي تعجبهم من بعض أفعاله، لأن التعجب يصدر عن خفاء سبب الفعل، فمن تعجب من فعل شيء وأحب الاطلاع على الحكمة الباعثة على فعله لا يعد منكراً ...

    وقول الملائكة هذا ليس على وجه الاعتراض على الله ... إنما هو سؤال استعلام واستكشاف عن الحكمة في ذلك، يقولون يا ربنا ما الحكمة في خلق هؤلاء مع أن منهم من يفسد في الأرض، ويسفك الدماء فإن كان المراد عبادتك فنحن نسبح بحمدك ونقدس لك، ولا يصدر منا شيء من ذلك ... فهلا وقع الاقتصار علينا ؟؟؟

    وقد رد الله تعالى على الملائكة بقوله:
    " قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ " ... أي: إني أعلم من المصلحة الراجحة في خلق هذا الصنف على المفاسد التي ذكرتموها ما لا تعلمون أنتم، فإني سأجعل فيهم الأنبياء، وأرسل فيهم الرسل ويوجد منهم الصديقون والشهداء والصالحون والعباد والزهاد والأولياء والأبرار والمقربون والعلماء العاملون والمحبون له تعالى المتبعون رسله.
    انتهى تفسير الطنطاوي

    ثالثاً: هل ادعت الملائكة العلم بالغيب بغير حقٍ، أو طعنت في آدم من قبل خَلقه ؟؟؟

    إن الملائكة قد وصفوا هذا الخليفة بأنه سيفسد في الأرض، ويسفك الدماء، وهذا الوصف لا ينطبق على آدم نفسه بالطبع، بل ينطبق على بعض الجماعات التي يتمثل فيها هذا النوع الإنساني من ذرية آدم في مدى الحياة على كوكب الأرض ... وهذا ما حدث ويحدث وسيحدث بالفعل ... بل ونراه ونسمعه ولا يمكن لأحد أن ينكره ... ولعل في عشرات الملايين من البشر الذين سفكت دمائهم في الحرب العالمية الأولى والثانية ... أو في مئات الآلاف الذين قتلوا وشردوا وشوهوا في لحظة واحدة عندما القت أمريكا قنبلتها الذرية على اليابان .... لعل في ذلك على سبيل المثال لا الحصر ... ما يثبت صدق ما قالته الملائكة آنذاك من افساد ذرية آدم وسفكهم للدماء على كوكب الأرض ... وما قالته الملائكة الأبرار الأطهار لم يكن طعناً في آدم ولا اتِّهاماً له من قَبْلَ خَلْقِه بالطبع ... فإن الطعن والغيبة تتحقق عندما يكون القصد إظهار منقصة ... ولا يمكن أن يصدر مثل ذلك من الملائكة ... ولكنها الحقيقة الفعلية التي أثبتها الواقع الملموس على مدار التاريخ ... ومن ناحية أخرى لو كان ما قالوه خَطَأً لأَخبرهم اللهُ أَنه خطأ، ولكنه اكتفى بقولِه لهم: " إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ " البقرة 30


    ولولا إعلام الله السابق للملائكة بما سيحدثه هذا الخليفة في الأرض من إفساد وسفك دم لما علموه من أنفسهم ... فالغيب لا يعلمه إِلّا الله ... وهذا الإعلام السابق قد يطويه الحوار هنا، ولا يذكره مفصلا، وقد عودتنا حوارات القرآن الكريم في الموضوعات المختلفة، أن تطوي كثيرا من التفاصيل فلا تذكرها؛ اعتمادا على الإجمال وعلى فطنة السامع، وربما تكون كلمة "خليفة" تجمل هذا التفصيل؛ فالخليفة "عن الله" من مهامه الفصل بين المتخاصمين بإقامة العدل بينهم، بشريعة الله تعالى، كما قال سبحانه وتعالى: " يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ " ص 26 ... وهذا يقتضي بالطبع خصومات وتظالماً وفساداً.


    رابعاً: هل زكت الملائكة أنفسها بألسنتها ؟؟؟

    لم تقصد الملائكةُ بالطبع من قولِهم: " وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ " البقرة 30 ... أَنْ يُزَكّوا أَنفسَهم بأَلسنتِهم، كما ادعى الناقد ... ولماذا ؟؟؟ لأن كلّ ما يُؤْخَذُ من قولِهم أَنَّ اللهَ خَلَقَهم من نور، وفَطَرَهم على ذِكْرِه وتَسبيحِه وتقديسِه، ولعلهم قاسوا الأَمْرَ عليهم، فَفَهِموا أَنَّ كُلَّ مخلوقٍ سيخلُقُه اللهُ لا بُدَّ أَنْ يكونَ مثلَهم، لا يَعرفُ إِلّا ذِكْرَ اللهِ وتَسبيحَه، فتعجبوا كيفَ سيكونُ الخليفةُ مُهْتَمّاً بالعملِ في الأَرض وتعميرها في الوقت الذي سيفسد فيه ويسفك الماء ؟؟؟ والأمر ليس فيه تزكية للنفس وكما هو واضح؛ لأن التزكية الممقوتة تكون حين يكون الهدف منها إظهار منقبة النفس ... فالملائكة تساءلوا في حدود ما علموا تعجباً وطلباً لعلم أمور لم يعلموها ... وبهذا نعرفُ أَنه ليسَ في الآيةِ التي اعترضَ عليها الناقد ما يَدْعو للاعتراض وان تخطئته لها بسبب عدم ادراكه للمعنى المراد منها ... ولتأكيد ما ذكرناه سنذهب الى ما اوردته كتب التفسير لهذه الآية:


    تفسير الرازي:{وَنَحْنُ نُسَبّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدّسُ لَكَ} البقرة 30 ... ليس المراد مدح النفس، بل المراد بيان أن هذا السؤال ما أوردناه لنقدح به في حكمتك يا رب فإنا نسبح بحمدك ونعترف لك بالإلهية والحكمة ... فكأن الغرض من ذلك بيان أنهم ما أوردوا السؤال للطعن في الحكمة والإلهية ... بل لطلب وجه الحكمة على سبيل التفصيل. انتهى التفسير

    تفسير البغوي:{وَنُقَدِّسُ لَكَ}البقرة 30أي نثني عليك بالقدس والطهارة ... وقيل: ونطهر أنفسنا لطاعتك ... وقيل: لم يكن هذا من الملائكة على طريق الاعتراض والعجب بالعمل بل على سبيل التعجب وطلب وجه الحكمة فيه ... انتهى التفسير

    خامساً: صور من علاقة الله مع الملائكة كما ورد في الكتاب المقدس !!!


    إن عظمة الله سبحانه وتعالى لم تمنعه من أن ينسب له الكتاب المقدس ركوبه الملائكة(الكروب) في تنقلاته ... ولم تمنعه أيضاً من أن يتم وصفه بما وُصِفَ به في سفر صموئيل الثاني: " فِي ضِيقِي دَعَوْتُ الرَّبَّ، وَإِلَى إِلهِي صَرَخْتُ، فَسَمِعَ مِنْ هَيْكَلِهِ صَوْتِي، وَصُرَاخِي دَخَلَ أُذُنَيْهِ ... فَارْتَجَّتِ الأَرْضُ وَارْتَعَشَتْ ... أُسُسُ السَّمَاوَاتِ ارْتَعَدَتْ وَارْتَجَّتْ، لأَنَّهُ غَضِبَ ... صَعِدَ دُخَانٌ مِنْ أَنْفِهِ، وَنَارٌ مِنْ فَمِهِ أَكَلَتْ ... جَمْرٌ اشْتَعَلَتْ مِنْهُ ... طَأْطَأَ السَّمَاوَاتِ وَنَزَلَ، وَضَبَابٌ تَحْتَ رِجْلَيْهِ ... رَكِبَ عَلَى كَرُوبٍ ... وَطَارَ وَرُئِيَ عَلَى أَجْنِحَةِ الرِّيحِ " ... سفر صموئيل الثاني 22/7-11 ... والكروب كما في قاموس الكتاب المقدس هم نوع من الملائكة ... وقد ذكر سفر حزقيال أن لكل واحد منهم وجهان ... أحدهما على شكل وجه إنسان والآخر على شكل وجه شبل (انظر حزقيال 41/18).


    هذا وقد تكرر ذكر ركوب الله على الكاروبيم (الملائكة) في سفر حزقيال أيضاً " وَمَجْدُ إِلهِ إِسْرَائِيلَ صَعِدَ عَنِ الْكَرُوبِ الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ إِلَى عَتَبَةِ الْبَيْتِ " سفر حزقيال 9/3 ... وأصبح ركوب الله على الكروبيم فعلاً معتاداً له ـ جلّ وعز ــ، لذلك ... ناجاه الملك " حزقيا " مثنياً عليه بهذا الفعل: " وَصَلَّى حَزَقِيَّا أَمَامَ الرَّبِّ وَقَالَ: «أَيُّهَا الرَّبُّ إِلهُ إِسْرَائِيلَ، الْجَالِسُ فَوْقَ الْكَرُوبِيمَ، أَنْتَ هُوَ الإِلهُ وَحْدَكَ لِكُلِّ مَمَالِكِ الأَرْضِ ... أَنْتَ صَنَعْتَ السَّمَاءَ وَالأَرْضَ. " سفر الملوك الثاني 19/15


    هذا وقد جاء في سفر صموئيل الثاني الاصحاح 6 ... أنّ داود ـ عليه السلام ـ وجميع الشعب كانوا يجرون التابوت والرب جالس فيه على الكروبيم (الملائكة) طوال الوقت يتفرج عليهم وهم يرقصون حوله ... " وَقَامَ دَاوُدُ وَذَهَبَ هُوَ وَجَمِيعُ الشَّعْبِ الَّذِي مَعَهُ مِنْ بَعَلَةِ يَهُوذَا، لِيُصْعِدُوا مِنْ هُنَاكَ تَابُوتَ اللهِ، الَّذِي يُدْعَى عَلَيْهِ بِالاسْمِ، اسْمِ رَبِّ الْجُنُودِ، الْجَالِسِ عَلَى الْكَرُوبِيمِ ... فَأَرْكَبُوا تَابُوتَ اللهِ عَلَى عَجَلَةٍ جَدِيدَةٍ، وَحَمَلُوهُ ... وَكَانَ عُزَّةُ وَأَخِيُو، ابْنَا أَبِينَادَابَ يَسُوقَانِ الْعَجَلَةَ الْجَدِيدَةَ. " صموئيل الثاني 6/2-3 ... "هذا وكان نبي الله داود وكل الشعب يرقص ويغني ويلعب بالرباب، وينفخ بالمزمار، ويضرب بالدفوف والجنوك، ابتهاجاً بالنصر وبعودة رب الجنود الجالس على الكروبيم !!! " وَدَاوُدُ وَكُلُّ بَيْتِ إِسْرَائِيلَ يَلْعَبُونَ أَمَامَ الرَّبِّ بِكُلِّ أَنْوَاعِ الآلاَتِ مِنْ خَشَبِ السَّرْوِ، بِالْعِيدَانِ وَبِالرَّبَابِ وَبِالدُّفُوفِ وَبِالْجُنُوكِ وَبِالصُّنُوجِ. " صموئيل الثاني 6/5




    والله تعالى أعلم وأعظم
    يتبع بإذن الله تعالى وفضله





    أول كتاباتى
    الكتاب الإلكترونى الكلمة وأخوتها فى القرآن الكريم
    http://www.4shared.com/file/Q2tkcCe1/_______.html
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  5. #15
    تاريخ التسجيل
    Jul 2011
    المشاركات
    469
    الدين
    الإسلام
    آخر نشاط
    15-05-2023
    على الساعة
    06:05 PM

    افتراضي



    الرد على السؤال رقم 16:جاء في سورة البقرة 31-34 " وَعَلَّمَ آَدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلَائِكَةِ فَقَالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلَاءِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ... قَالُوا سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ ... قَالَ يَا آَدَمُ أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ فَلَمَّا أَنْبَأَهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ ... وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآَدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ " ... وجاء فى سورة الأعراف 11-13 " وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآَدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ لَمْ يَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ ... قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ ... قَالَ فَاهْبِطْ مِنْهَا فَمَا يَكُونُ لَكَ أَنْ تَتَكَبَّرَ فِيهَا فَاخْرُجْ إِنَّكَ مِنَ الصَّاغِرِينَ " ... وجاء فى سورة الحجر 28-33 " وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ ... فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ ... فَسَجَدَ الْمَلَائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ ... إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى أَنْ يكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ ... قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا لَكَ أَلَّا تَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ ... قَالَ لَمْ أَكُنْ لِأَسْجُدَ لِبَشَرٍ خَلَقْتَهُ مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ " وجاء في سورة طه 116 وسورة الإسراء 61 ما في هذا المعنى.
    والناقد يسأل: في أول الأمر علّم الله آدم الأسماء ثم عرضهم على الملائكة، فعجزوا عن التسمية واعترفوا بالعجز ... فكيف يمتحن الله الملائكة فيما لا يعرفونه، ويعطي الإجابات لآدم ليعلَم مالا يعلمون ؟؟؟ وكيف أمر الله الملائكة أن يسجدوا لآدم ؟؟؟ وحاشا لله القدوس أن يأمر بالسجود لغير ذاته العلية !!! قال الله في
    سفر الخروج 34: 14 " لَا تَسْجُدُ لِإِلهٍ آخَرَ، لِأَنَّ الرَّبَّ اسْمُهُ غَيُورٌ ... إِلهٌ غَيُورٌ هُوَ "

    الرد على سؤال السيد الناقد


    إذا كان السيد الناقد يقول: " وحاشا لله القدوس أن يأمر بالسجود لغير ذاته العلية لأن الله قال " لَا تَسْجُدُ لِإِلهٍ آخَرَ، لِأَنَّ الرَّبَّ اسْمُهُ غَيُورٌ ... إِلهٌ غَيُورٌ هُوَ " سفر الخروج 34/ 14 ... " ... ونقول لسيادته: فلماذا سجد أنبياء الله إذن لغير الله كما ورد أدناه في الكتاب المقدس ؟؟؟ وهل عاتبهم الله على ذلك وبين ذلك العتاب في كتابه المقدس لأنهم سجدوا لغير ذاته العلية ؟؟؟


    سفر التكوين 23/7" فَقَامَ إِبْرَاهِيمُ وَسَجَدَ لِشَعْبِ الأَرْضِ، لِبَنِي حِثَّ. "


    سفر الخروج 18/7" فَخَرَجَ مُوسَى لاسْتِقْبَالِ حَمِيهِ وَسَجَدَ وَقَبَّلَهُ ".


    سفر صموئيل الأول 24/8" ثُمَّ قَامَ دَاوُدُ بَعْدَ ذلِكَ وَخَرَجَ مِنَ الْكَهْفِ وَنَادَى وَرَاءَ شَاوُلَ قَائِلاً: يَا سَيِّدِي الْمَلِكُ ... وَلَمَّا الْتَفَتَ شَاوُلُ إِلَى وَرَائِهِ، خَرَّ دَاوُدُ عَلَى وَجْهِهِ إِلَى الأَرْضِ وَسَجَدَ. "


    سفر الملوك الأول 1/ 22-23 " وَبَيْنَمَا هِيَ مُتَكَلِّمَةٌ مَعَ الْمَلِكِ، إِذَا نَاثَانُ النَّبِيُّ دَاخِلٌ. فَأَخْبَرُوا الْمَلِكَ قَائِلِينَ: "هُوَ ذَا نَاثَانُ النَّبِيُّ ... فَدَخَلَ إِلَى أَمَامِ الْمَلِكِ وَسَجَدَ لِلْمَلِكِ عَلَى وَجْهِهِ إِلَى الأَرْضِ.".


    سفر التكوين 42/6 " فَأَتَى إِخْوَةُ يُوسُفَ وَسَجَدُوا لَهُ بِوُجُوهِهِمْ إِلَى الأَرْضِ. "


    إن السجود في اللغة العربية التي نزل بها القرآن الكريم من معانيه: التحية ... فإذا كان الأمر ذلك ... فلا يُحمل حينئذ على سجود العبادة فيقتضي الإشراك بالله ... هذا ولا يمكن أن يكون سجود العبادة لغير الله بأمر وتكليف من الله ... فلو كان سجود الملائكة لآدم عبادةً لغيرِ الله ... لما أَمَرَهم به الله سبحانَه وتعالى ... لأَنَّ اللهَ لا يكلف ولا يأذَنُ بالطبع لأَيّ مَخْلوق أَنْ يَعْبُدَ غيرَه ... هذا وقد ورد في معجم " لسان العرب " تحت عنوان (سجد): " ويكون السجود بمعنى التحية؛ وأَنشد: مَلِكٌ تَدِينُ له الملوكُ وتَسْجُدُ ... وفي قوله عز وجل: وخروا له سجداً ... هذا سجود تحية لا عبادة " ... انتهى ما ورد في لسان العرب


    ولذلك فإن السجود بمفهومه الشامل يكون على وجهين:


    الوجه الأول: سجود عباده وتعظيم وتقرب إلى من سُجد له ... وهذا لا يكون إلا لله وحده ... قال تعالى:

    - {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ ...} الحج 77
    - {... لا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ ...}
    فصلت 37
    - {فَاسْجُدُوا لِلَّهِ وَاعْبُدُوا} النجم 62 ... {وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ ...}
    الرعد 15

    الوجه الثاني: سجود تحية وتكريم :

    وذلك كما ورد في تفسير الجلالين والتفسير الوجيز على سبيل المثال لآية:
    {وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم} ... هذا وقد ورد في تفسير الوجيز: {وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم} أي سجود تعظيمٍ وتسليمٍ وتحيَّةٍ ... وكان ذلك انحناءاً يدلُّ على التَّواضع ... " انتهى تفسير الوجيز

    وهذا السجود هو الذي أمر الله به الملائكة لآدم فسجدوا له تكريماً واحتراماً لصنع الله الذي أتقن كل شيء ... وهذا السجود من الملائكة هو عبادة لله سبحانه وحده بطاعتهم له إذ أمرهم بسجود التحية والتكريم وليس سجود عبادة لآدم ...

    وسجود التحية والتكريم كان جائزا في الشرائع السابقة نذكر منها: سجود أخوة يوسف عليه السلام له
    {وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ وَخَرُّواْ لَهُ سُجَّدًا ...}يوسف 100 ... أما في الشريعة التي جاء بها خاتم النبيين محمد – صلى الله عليه وسلم – فلا يجوز السجود فيها إطلاقا لغير الله ... هذا وقد سجد الأنبياء أيضاً في الكتاب المقدس لغير الله كما ذكرنا بعاليه ... لكن القرآن الكريم لم يذكر شيئاً عن ذلك السجود ...

    إن سجود الملائكة لآدم عليه السلام وكما هو واضح ... كان بأمر من الله كما ذكرنا وطاعة له وتكريما لآدم ... فالامتثال لأمر الله بسجود التحية لآدم ... لا يعد شركاً بالله عز وجل بل هو طاعة وتسليم ... كما أنه تكريم وتشريف لآدم عليه السلام، واعترافاً من الملائكة بفَضْلِ آدَمَ عليهم ... لأَنَّ الله مَيَّزَهُ عليهم بالعِلم ... وفيه دلالة على أن الملائكة مسخرون لأمر الله رب العالمين كسائر المخلوقات في السماوات والأرض ... هذا ولا يمنع أن يأمر الله تعالى ملائكته بالسجود لآدم سجود تحية وتكريم وتشريف ... في الوقت الذى يسجدون لله سبحانه وتعالى سجود عبادة كما قال الله عنهم: " إِنَّ الَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيُسَبِّحُونَهُ وَلَهُ يَسْجُدُونَ " الأعراف 206 ... وبذلك اتضحت الصورة وهي بخلاف ما حاول الكاتب أن يوهم به القارئ السطحي تماماً ...


    أما عن سؤال الناقد: " أنه في أول الأمر علّم الله آدم الأسماء ثم عرضهم على الملائكة ... فعجزوا عن التسمية واعترفوا بالعجز ... فكيف يمتحن الله الملائكة فيما لا يعرفونه، ويعطي الإجابات لآدم ليعلَم مالا يعلمون ؟؟؟ فنقول لسيادته:



    لقد تعجبت الملائكة عندما أخبرهم الله في الآية السابقة ... أنه سيجعل في الأرض خليفة من البشر ليعمروها ... أي آدم وذريته ... هذا بالرغم مما قد يَصدُرُ من هؤلاءِ الخلفاءِ من إفسادٌ في الأَرضِ وسفَكٌ للدماء ... ولذلك طلب الملائكة من الله أَنْ يُخْبرَهم بحكمةِ استخلافِ آدَمَ وذريته في الأرض ... لأن ليس من طبيعة الملائكة أن يعرفوا ماذا سيفعل ذلك الإنسان الذي سيستخلفه الله في الأرض ... حيث أن مهمتهم تختلف عن مهمة الإنسان ... " وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً ... قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ ... " البقرة 30

    كان رد الله على سؤال الملائكة هو أنه يَعلمُ ما لا يعلمون ... " قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ " البقرة 30 ... فالله يَعلمُ أَنه لا يَصلحُ للخلافةِ في الأَرض إلَّا هذا الخليفة، وبما سيُزَوِّدُه الله بوسائلَ ومواهبَ وطاقاتٍ وقُدُرات، يتمكَّنُ بها من حُسْنِ الخلافةِ في الأَرض، وفي مقدمتِها العلمُ الذي وَهَبَهُ اللهُ إِياه، والنطقُ الذي مَكَّنَهُ منه، بحيثُ يَستطيعُ أَنْ يُعَبِّرَ عما في نفسِه، ويَرْمُزَ بالأَسماءِ للمسَمَّيات ... والملائكةُ المسَبِّحونَ لله لا يَستطيعونَ ذلك، فالعلمُ والنطقُ والتفكيرُ والتعبير أُمورٌ ضروريةٌ للخلافةِ في الأَرض ...


    فعَلَّمَ اللهُ آدَم الأَسماءَ كُلَّها، وجَعَلَ فيه النطق، والقدرةَ على التعبيرِ عما في نفسِه، والرَّمْزِ بالأَسماءِ للمسَمَّيات، والملائكةُ لا يَعلمونَ ذلك، لأَنهم لا يَحْتاجونَ إِليه فِي مهمَّتِهم في عبادةِ اللهِ وتسبيحِه ... وبعد ذلك أَرادَ اللهُ أَنْ يُبَيِّنَ للملائكةِ الحكمةَ من استخلافِ آدم في الأرض ... وما خفى عليهم بأن الله سبحانه قد مَيَّزَهُ بالعلمِ والتعبير ... فالموضوعُ ليس موضوعَ امتحانِ الملائكة بما لا يَعرفون ... وتفضيل آدمَ بتقديمِ الإجاباتِ له قبلَ دُخولِه الامتحان، كما ادعى الناقد ... إنما الموضوعُ تَوجيهٌ وتَعليلٌ وبيانٌ للحكمةِ والعِلَّة ... وهذا ما فهمَته الملائكة ... ولذلك صَرَّحوا بعجْزِهم عن الجواب، لأَنَّ اللهَ لم يمنَحْهم ذلك العلم ... وقالوا: " سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ " البقرة 32 ... ولما أنبأَ آدَمُ الملائكة بالأَسماءِ المطلوبة ... عَرَفوا حكمةَ استخلافِه في الأَرض ... وذَكَّرَهم اللهُ بشمولِ عِلْمِه ... قال تعالى: " قَالَ (أي الله) يَا آَدَمُ أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ (أي أسماء كل ما خلق من المحدثات من إنسان وحيوان ودابة ... وطير ... وغير ذلك ) ... فَلَمَّا أَنْبَأَهُمْ (أي آدم) بِأَسْمَائِهِمْ ... قَالَ (أي الله للملائكة) أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ... وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ " البقرة 33



    وفى هذا المقام نذكر ما ورد في تفسير الطنطاوي لتلك الآية:" وَعَلَّمَ آَدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلَائِكَةِ ... " البقرة 31



    في هذه الآية الكريمة أخبرنا الله تعالى أنه قد أذن لآدم في أن يخبر الملائكة بالأسماء التي فاتتهم معرفتها ليظهر لهم فضل آدم ... ويزدادوا اطمئنانا إلى أن إسناد الخلافة إليه ... إنما هو تدبير قائم على حكمة بالغة ...


    ومن الفوائد التي تؤخذ من هذه الآيات ... أن الله تعالى قد أظهر فيها فضل آدم عليه السلام من جهة أن علمه مستمد من تعليم الله له ... فإن إمداد الله له بالعلم يدل على أنه محاط منه برعاية اضافية ... ثم إن العلم الذي يحصل عن طريق النظر والفكر قد يعتريه الخلل ... ويحوم حوله الخطأ ... فيقع صاحبه في الإِفساد من حيث إنه يريد الإِصلاح ... بخلاف العلم الذي يتلقاه الإِنسان من تعليم الله ... فإنه علم مطابق للواقع قطعاً، ولا يخشى من صاحبه أن يحيد عن سبيل الإِصلاح، وصاحب هذا العلم هو الذي يصلح للخلافة في الأرض، ومن هنا ... كانت السياسة الشرعية أرشد من كل سياسة، والأحكام النازلة من السماء أعدل من القوانين الناشئة في الأرض ... انتهى تفسير الطنطاوي





    والله تعالى أعلم وأعظم
    يتبع بإذن الله وفضله





    أول كتاباتى
    الكتاب الإلكترونى الكلمة وأخوتها فى القرآن الكريم
    http://www.4shared.com/file/Q2tkcCe1/_______.html
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  6. #16
    تاريخ التسجيل
    Jul 2011
    المشاركات
    469
    الدين
    الإسلام
    آخر نشاط
    15-05-2023
    على الساعة
    06:05 PM

    افتراضي




    الرد على السؤال رقم 17:جاء في سورة الحجر 43-44 " وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمَوْعِدُهُمْ أَجْمَعِينَ ... لَهَا سَبْعَةُ أَبْوَابٍ لِكُلِّ بَابٍ مِنْهُمْ جُزْءٌ مَقْسُومٌ " ... وجاء في سورة مريم 71" وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا " ...
    والناقد يسأل: كيف يذهب المؤمن إلى جهنم ؟؟؟ وما قيمة التوبة والغفران الإلهي ؟؟؟ يقول الكتاب المقدس بوجود مكان للأبرار وهو السماء، ومكان للأشرار وهو جهنم ...
    " فَيَمْضِي هؤُلَاءِ إِلَى عَذَابٍ أَبَدِيٍّ وَالأَبْرَارُ إِلَى حَيَاةٍ أَبَدِيَّة " (متى 25: 46) ... " فلا يذهب الأبرار إلى جهنم لأن الله برّرهم ببره الكامل، وبالتالي لا يخرجون من جهنم إلى السماء " (لوقا 16: 26).
    هذا وقد نَقَلَ الناقد كلام نسبه لبعضِ العلماء يحددَ أَسماءِ أبواب جهنم السَّبْعَة، ويحدد الأَصنافِ الذين يَدْخُلونَ من كلِّ بابٍ منها ... لكن لاختصار الوقت نقول لسيادته: إن هذا الكلام لَيسَ عليه دَليل، فلا نَخوضُ فيه ولا نَتوقَّفُ عِنْدَه.
    وأضاف الناقد: وإذا كان جميع الناس سيذهبون إلى جهنم كقول القرآن، وإذا كانت أمة واحدة من الطوائف الإسلامية هي التي تخلص كقول الحديث، أفلا يخيّم الخوف من الموت والدينونة على حياة كل المسلمين ؟؟؟ ما أعظم الفرق بين حياة المسلم الخائف الحائر وبين حياة المسيحي الذي يشتهي أن ينطلق من الدنيا ليكون مع المسيح وينتظر يوم القيامة بفرح حيث ينال إكليل الحياة!

    الرد على سؤال السيد الناقد


    وَقَفَ الناقد أَمامَ آيتَيْن تتحدَّثانِ عن جهَنَّم ... وادعى أَنَّ القرآنَ يُخبرُ أَنَّ جهنَّم للجِميع ... سواء كانوا أَبْراراً أَوْ أَشْراراً، مؤمنين أَو كافرين !!! ولذلك اعترضَ عليهما، وقارَنَهما بالكلامِ المذكور عنده في الكتابِ المقَدَّس ... ليوهم القارئ السطحي أن ما ورد بالكتاب المقدس يدعو للفرح ... بينما ما ورد بالقرآن الكريم يدعو للخوف لأنه يخبر أن جميع الناس سيذهبون إلى جهنم ويدخلونها سواء كانوا أَبْراراً أَوْ أَشْراراً !!! أي بأسلوب " لأن تبيض صفحتك يجب أن تسود صفحات الآخرين " ... وسيادته يهدف من وراء ذلك الى أن يهرع المسلمون على الفور بترك دينهم والفرار الى النصرانية حيث الفرح والسرور كله !!! وحقيقة الأمر أن القرآنُ لم يَقُل إِنَّ جَميعَ الناسِ سَيَذْهَبونَ إِلى جهنَّمَ ويدخلونها ... ولذلك فإن النتائجُ التي بَناها الناقد على هذا الادعاء باطلةٌ مَردودة ... ولماذا ؟؟؟ لأَنَّ ما بُنِيَ على الفاسدِ فهو فاسد مثله ... وكما سنوضح أدناه ...


    الآية الأولى: " وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمَوْعِدُهُمْ أَجْمَعِينَ ... لَهَا سَبْعَةُ أَبْوَابٍ لِكُلِّ بَابٍ مِنْهُمْ جُزْءٌ مَقْسُومٌ " الحجر 43-44


    إن هذه الآيات لا تتحدث عن الأَبرارِ والأَشرارِ ... إِنما تتحدَّثُ عن الأَشْرارِ الغاوِين فقط ... الذين اسْتَسْلَموا للشيطان، وتُقَرِّرُ أَنَّ جهنَّمَ موعدُ هؤلاء الغاوين أَجمعين، وتَسْتَثْني الصالحينَ الأَبرار ... ولكي نفهم ذلك يجب أن نقرأ الآياتُ السابقة واللاحقة للآيات التي أشار اليها الناقد ... حيث سنجدها قد وردت في سياقِ الحديثِ عما جَرى بين آدمَ عليه السلام وبينَ إِبليس، وتَعَهُّدِ إِبليسَ بإِغواءِ مَن استجابَ له من بَني آدم ... فما معنى ذلك ؟؟؟

    قال تعالى: {قَالَ هَذَا صِرَاطٌ عَلَيَّ مُسْتَقِيمٌ (41)إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ (42)} ... أي قال الله لإبليس: هذا طريق مستقيم معتدل موصل إليَّ وإلى دار كرامتي ... وإن عبادي الذين أخلصوا لي لا أجعل لك (أي لإبليس) سلطانًا على قلوبهم تضلُّهم به عن الصراط المستقيم، لكن سلطانك على مَنِ اتبعك مِنَ الضالين المشركين الذين رضوا بولايتك وطاعتك بدلا من طاعتي ... التفسير الميسر


    {وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمَوْعِدُهُمْ أَجْمَعِينَ (43)لَهَا سَبْعَةُ أَبْوَابٍ لِكُلِّ بَابٍ مِنْهُمْ جُزْءٌ مَقْسُومٌ(44)} ... أي وإن النار الشديدة لَموعدُ إبليس وأتباعه أجمعين ... لها سبعة أبواب كل باب أسفل من الآخر ... لكل بابٍ مِن أتباع إبليس قسم ونصيب بحسب أعمالهم ... التفسير الميسر


    {إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (45) ادْخُلُوهَا بِسَلامٍ آمِنِينَ (46)} ... أي إن الذين اتقوا الله بامتثال ما أمر واجتناب ما نهى في بساتين وأنهار جارية يقال لهم: ادخلوا هذه الجنات سالمين من كل سوء آمنين من كل عذاب ... التفسير الميسر


    مما تقدم ... لا أَدري كيفَ ادعى الناقد من الآياتِ الواضحةِ الصريحة دُخول الأَبرارِ والأَشرارِ جهنم، مع أَنها صَريحةٌ في دُخول الكفارِ فَقَطْ جَهَنَّمَ ... والقارئ الذكي سيفطن الى أنَّ الضميرَ المتَصِلَ " هم " ... في كلمة لَمَوْعِدُهُمْ ... في قوله تعالى: " وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمَوْعِدُهُمْ أَجْمَعِينَ " ...يَعودُ على " الغاوين " الذين اتبعوا إبليس في الآيه السابقةللآيه المذكورة: " إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ " ... ولذلك فالمعنى واضح: إنَّ جهنَّمَ موعدُ الغاوينَ الذينَ اتَّبَعوا ابليس بالطبع ... وليس غيرهم من الأبرار !!! هذا فضلاً على أن الآيات ِ اللاحقةَ صَرَّحَتْ بأَنَّ المتَّقينَ آمِنون في جناتٍ وعيون: ... " إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (45) ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ آمِنِينَ (46) ... سورة الحجر

    إن واقع الأمر يدل على أن الناقد تَعَمَّدَ أَنْ يُحَرّفَ معنى الآياتِ الواضحِ، وأَنْ يَتْرُكَ الآياتِ والكلماتِ الصريحة، وأَنْ يَتلاعَبَ بها، ليخرجَ منها بنتيجةٍ خاطئة، حتى يخطئ تلك الآيات ... مع أَنَّها لا توحي بما يهدف اليه السيد الناقد إطلاقاً !!!
    الآية الثانية:" وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا " مريم 71

    لكي نفهم هذه الآية الكريمة يجب أن نقرأ الآياتُ السابقة واللاحقة لتلك الآية وتفسيرها ... حتى نقف على سياقِ الحديثِ كله ... وما تهدف اليه هذه الآية ... فما معنى ذلك ؟؟؟

    قال تعالى: {وَيَقُولُ الْإِنْسَانُ أَئِذَا مَا مِتُّ لَسَوْفَ أُخْرَجُ حَيًّا (66) أَوَ لا يَذْكُرُ الإِنْسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ يَكُ شَيْئًا (67)} ... أي ويقول الإنسان الكافر منكرًا للبعث بعد الموت: أإذا ما مِتُّ وفَنِيتُ لسوف أُخرَج من قبري حيًا ؟؟؟ كيف نسي هذا الإنسان الكافر نفسه؟ أو لا يَذْكُر أنا خلقناه أول مرة، ولم يكُ شيئًا موجودًا ... التفسير الميسر


    {فَوَرَبِّكَ لَنَحْشُرَنَّهُمْ وَالشَّيَاطِينَ ثُمَّ لَنُحْضِرَنَّهُمْ حَوْلَ جَهَنَّمَ جِثِيًّا (68) ثُمَّ لَنَنْزِعَنَّ مِنْ كُلِّ شِيعَةٍ أَيُّهُمْ أَشَدُّ عَلَى الرَّحْمَنِ عِتِيًّا (69) ثُمَّ لَنَحْنُ أَعْلَمُ بِالَّذِينَ هُمْ أَوْلَى بِهَا صِلِيًّا (70)} ...أي فوربك أيها الرسول لنجمعن هؤلاء المنكرين للبعث يوم القيامة مع الشياطين، ثم لنأتين بهم أجمعين حول جهنم باركين على رُكَبهم; لشدة ما هم فيه من الهول، لا يقدرون على القيام ... ثم لنأخذنَّ مِن كل طائفة أشدَّهم تمردًا وعصيانًا لله، فنبدأ بعذابهم ... ثم لنحن أعلم بالذين هم أَوْلى بدخول النار ومقاساة حرها ... التفسير الميسر


    {وَإِنْ مِنْكُمْ إِلا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا (71) ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا (72)} ... أي وما منكم أيها الناس أحد إلا وارد النار بالمرور على الصراط المنصوب على متن جهنم، كل بحسب عمله، كان ذلك أمرًا محتومًا، قضى الله سبحانه وحكم أنه لا بد من وقوعه لا محالة ... ثم ننجي الذين اتقوا ربهم بطاعته والبعد عن معصيته، ونترك الظالمين لأنفسهم بالكفر بالله في النار باركين على رُكَبهم ... التفسير الميسر


    لكن ما معنى الورود في معاجم اللغة وفى قاموس المعاني ؟؟؟ المعنى: ورَد فلانٌ المكانَ / ورَد فلانٌ على المكانِ: أشرف عليه، أتاه ... دخله أم لم يدخله ... انتهى ما ورد بالقاموس ... إذن فالورود ورودان ... ورود مع دخول في الشيء ... وورود مع مقاربة ووصول وإشراف من غير دخول في الشيء ... وكلا المعنيين جاء في كتاب الله تعالى ... وكيف ؟؟؟

    فأما الورود بالمعنى الأول:وهو بمعنى الدخول في الشيء ... فهو في حق أهل الوعيد من الكفار وأصحاب المعاصي بالطبع ... وفي هذا يقول تعالى" إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنْتُمْ لَهَا وَارِدُونَ ... لَوْ كَانَ هَؤُلَاءِ آَلِهَةً مَا وَرَدُوهَا وَكُلٌّ فِيهَا خَالِدُونَ " الأنبياء/ 98-99 ...ويقول تعالى أيضاً" وَمَا أَمْرُ فِرْعَوْنَ بِرَشِيدٍ ... يَقْدُمُ قَوْمَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَأَوْرَدَهُمُ النَّارَ ... وَبِئْسَ الْوِرْدُ الْمَوْرُودُ " هود/ 98 ...أي: بئس المدخل المدخول.


    وأما الورود بالمعنى الثاني: وهو بمعنى المقاربة والوصول حتى مشارف الشيء دون الدخول فيه ... وهو ورود الموحدين المؤمنين ... وهذا بمعنى مرورهم على الصراط دون دخولهم جهنم بالطبع ... ومنه قوله تعالى " وَلَمَّا وَرَدَ مَاءَ مَدْيَنَ ... وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِنَ النَّاسِ يَسْقُونَ " القصص 23 ... أي ولما وصل ماء "مدين" (ولكنه لم يدخل في الماء بالطبع) وجد عليه جماعة من الناس يسقون مواشيهم ... التفسير الميسر ... ومنه قوله تعالى " وَجَاءَتْ سَيَّارَةٌ فَأَرْسَلُوا وَارِدَهُمْ ... فَأَدْلَى دَلْوَهُ ... قَالَ يَا بُشْرَى هَذَا غُلامٌ " يوسف 19 ... أي وجاءت جماعة من المسافرين، فأرسلوا مَن يطلب لهم الماء (ولكنه لم يدخل في الماء بالطبع) ... فلما أرسل دلوه في البئر تعلَّق بها يوسف ... التفسير الميسر


    والدليل على أن أهل الحسنى لا يدخلون النار ولا يصيبهم حر جهنم ... أنه بعد أن قال سبحانه وتعالى: " وَإِنْ مِنْكُمْ إِلا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا " مريم 71 ... قال الله في الآية التي بعدها مباشرة " ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا " مريم 72 ... وأيضاً قال تعالى: " إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى أُولَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ ... لا يَسْمَعُونَ حَسِيسَهَا وهم في ما اشتهت أنفسهم خالدون " الأنبياء 101-102 ... أي إن الذين سبقت لهم منا سابقة السعادة الحسنة في علمنا بكونهم من أهل الجنة، أولئك عن النار مبعدون، فلا يدخلونها ولا يكونون قريبًا منها ... لا يسمعون صوت لهيبها واحتراق الأجساد فيها فقد سكنوا منازلهم في الجنة، وأصبحوا فيما تشتهيه نفوسهم من نعيمها ولذاتها مقيمين إقامةً دائمة ... التفسير الميسر


    وقد فَسَّرَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم الورودَ في الآية المشار اليها بالمُرور ... وكيف ؟؟؟ لأنه لما سألته حفصة عن الآية الكريمة " وَإِنْ مِنْكُمْ إِلا وَارِدُهَا " مريم 71 ... قالَ النَّبيُّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ: قد قالَ اللَّهُ عزَّ وجلَّ " ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا " مريم 72 ... أي: إذا مَرَّ الخلائقُ كلُّهم على النَّارِ، وَسقطَ فيها مَنْ سَقطَ مِنَ الكفَّارِ وَالعُصاةِ ذَوي الْمَعاصي، بِحَسَبِهم ... نَجَّى اللهُ تعالى المؤمنينَ الْمتَّقِينَ منها بِحَسَبِ أَعمالِهم؛ فَجَوازُهم على الصِّراطِ وسُرعَتُهم بِقَدْرِ أعمالِهمُ الَّتي كانتْ في الدُّنيا ... المصدر: صحيح مسلم ... الصفحة أو الرقم: 2496 ... وبهذا البيانِ القاطعِ مِن رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَتَّضِحُ أَنْ المرادَ بالورودِ في الآية المشار اليها هو المرورُ وليس الدخول، فالمتَّقونَ لا يَدْخُلونَ جَهَنَّم مُطْلَقاً ...


    ولكن ما هي الحكمة في مرور المؤمنين على النار ورؤيتها دون دخولها ؟؟؟ اسمع لما ورد في تفسير الشعراوي للإجابة عن ذلك السؤال: " فإذا ما رأى المؤمن النار التي نجاه الله منها يحمد الله ويعلم نعمته ورحمته به ... والورود بمعنى رؤية النار دون دخولها، تكون الحكمة منه أن الله تعالى يمتن على عباده المؤمنين فيريهم النار وتسعيرها؛ ليعلموا فضل الله عليهم، وماذا قدم لهم الإيمان بالله من النجاة من هذه النار، كما قال تعالى: " فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ "آل عمران 185 ... انتهى تفسير الشعراوي


    وبعد أن فهمنا أن جميع الناس لن يدخلوا جهنم سواء كانوا أَبْراراً أَوْ أَشْراراً ... مؤمنين أَو كافرين ... كما ادعى الناقد !!! بل دخول جهنم سيكون مقصوراً فقط على من يستحق ذلك المكان وهم إبليس وأتباعه ... أما أهل الحسنى فلن يدخلوا النار ولن يصيبهم حر جهنم إطلاقاً ... أما مكانهم فسيكون: " إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ " الحجر 45 ... ولذلك فإننا نتعجب لماذا لم يوجه السيد الناقد مثل هذا السؤال الذى طرحه في القرآن الكريم ... الى ما ورد في كتاب طبيعة السيد المسيح للبابا شنودة (باب 15 – طبيعة واحدة للكلمة المتجسدة & باب 17 – الطبيعة الواحدة والآلام) ... موقع الأنبا تكلا - سنوات مع إيميلات الناس- اللاهوت و الإيمان و العقيدة ... وكيف ذلك ؟؟؟


    لقد ورد في كتاب البابا شنودة المذكور أن في لحظة موت رب المجد (أي موت السيد المسيح على الصليب) ... حدث انفصال بين جسد السيد المسيح البشرى وبين نفسه (أي روحه البشرية) ... فمات الجسد البشرى ودفن في القبر ... " لأَنْ لَوْ عَرَفُوا لَمَا صَلَبُوا رَبَّ الْمَجْدِ " كورونتوس الأولى 2/8


    ثم انقسم كيان السيد المسيح بعد موته على الصليب إلى جزئيين:


    الجزء الأول مدفون داخل القبر:
    وهذا الجزء مكون من قسمين هما: جثة السيد المسيح (الناسوت) + اللاهوت (أي الله) ... " لِكَيْ يُقَرِّبَنَا إِلَى اللهِ ... مُمَاتًا فِي الْجَسَدِ ... وَلكِنْ مُحْيىً فِي الرُّوحِ " رسالة بطرس الأولى 3/18

    الج زء الثاني خارج القبر: وهو مكون من قسمين أيضاً هما: نفس المسيح (أي روحه البشرية) + اللاهوت (أي الله) ... حيث ذهب الجزء الثاني هذا بمكوناته (خلال فترة موت المسيح وهي ثلاثة أيام) إلى الجحيم وأطلقا كل الذين كانوا راقدين فيه على رجاء من الله (أي الأبرار في العهد القديم) وأدخلتهم جميعا في الفردوس ...

    ولذلك يقال في القسمة السريانية عن موته " انفصلت نفسه عن جسده ... ولاهوته لم ينفصل قط عن نفسه ولا عن جسده. وهكذا نفسه وهي متحدة باللاهوت ذهبت إلى الجحيم، لتبشر الراقدين على الرجاء ... وتفتح لهم باب الفردوس وتدخلهم فيه ... وبقي جسده في القبر متحدًا باللاهوت !!!

    وبعد ثلاثة أيام من الموت جاء الجزء الثانى من المسيح (بعد أن انتهى من عمله) وأتحد مع الجزء الأول للمسيح )الموجود فى القبر) وأقام الجسد البشرى للسيد المسيح من الموت ..." أَنَا هُوَ الأَوَّلُ وَالآخِرُ، وَالْحَيُّ ... وَكُنْتُ مَيْتًا " رؤيا يوحنا اللاهوتى 1/18


    مما تقدم يتضح أن مكونات الجزء الثاني من المسيح {نفس المسيح (أي روحه البشرية) + اللاهوت} قد ذهبت إلى الجحيم (خلال فترة موت جزء المسيح الأول ودفنه في القبر) وأفرجت عن كل الذين كانوا راقدين فيه على رجاء من الله (أي الأبرار في العهد القديم) ونقلتهم من محل اقامتهم في الجحيم وأدخلتهم جميعا في الفردوس ...


    وحسب ما ورد في موقع الأنبا تكلا فإن فالجحيم كان هو مقر انتظار جميع البشر (أشرار وأبرار) بعد الموت، في انتظار المجيء الثاني والدينونة ... وبعد موت السيد المسيح نزل إلى الجحيم، وردَّ آدم وبنيه الأبرار إلى الفردوس ... وأصبح لاحقًا وحتى اليوم ونهاية العالم الجحيم هو مقر انتظار الموتى الأشرار فقط ... أما مقر الأبرار بعد الموت فقد أصبح في الفردوس !!! http://st-takla.org/Full-Free-Coptic...5_G/G_053.html


    والجحيم وكما ورد في موقع الأنبا تكلا المذكور هو: الهاوية ... وكان هو مقر جميع الموتى ... وقد صورّ كتّاب الأسفار الجحيم كأنه مكان تحت الأرض (عد 16: 20 - 33 وحز 31: 14 - 17 وعا 9: 2) وله أبواب (اش 38: 10) وهو مكان مظلم مخيف سكانه يشعرون وكأنهم في وجود بليد جامد (2 صم 22: 6 ومز 6: 5) تذهب إليه نفوس الجميع (تك 37: 35)، ولا يمكن العودة منه إلى الأرض (1 صم 28: 8 - 19 وتث 11: 6)، (إلا بأمر الله نفسه وبهدف محدد كما ظهر موسى وإيليا على جبل التجلي مع المسيح) ... وهو مكان عريان أمام اللهي 26: 6). انتهى ما ورد في موقع الأنبا تكلا


    من الواضح أن السيد الناقد بالسؤال الذي طرحه في القرآن الكريم ... حاول أن يصرف نظر القارئ الذكي عما ورد في عقيدته هو من أن مقر انتظار جميع البشر (أشرار وأبرار) بعد موتهم كان في الجحيم ... وذلك بدءاً من آدم ومرورا بجميع الرسل والأنبياء والصالحين بل والأطفال والرضع ... حتى آن الأوان وذهب إليهم الجزء الثاني من السيد المسيح بعد موته ليفرج عنهم وينقذهم من هذا المكان المظلم المخيف ... وينقل محل اقامتهم ليصبح في الفردوس بدلا من الجحيم !!!


    ولكن هناك أسئلة تطرح نفسها بناء على ما ورد في هذا السيناريو ... (هذا بخلاف تجزئة السيد المسيح لجزئيين كما ذُكر):


    ما هو الذنب الذي فعله هؤلاء الأبرار (أنبياء وصالحين وأطفال ورضع ...) حتى يمكثوا الآلاف السنين في الجحيم لحين قدوم الجزء الثاني من المسيح بعد موته ليخرجهم من الجحيم ويدخلهم الفردوس ؟؟؟ ولماذا لم يدخلوا الفردوس بعد موتهم مباشرة ما داموا ابراراً ؟؟؟ أم أن الفردوس كانت مازالت تحت الانشاء آنذاك ؟؟؟


    هل الجحيم هو مكان انتظار مناسب يكافأ فيه الابرار لحين وصول الجزء الثاني من السيد المسيح لهم بعد آلاف السنين ؟؟؟


    إذا كان وجود الابرار في الجحيم (حسب عقيدة الناقد) لآلاف السنين ... كان بسبب تحملهم للخطيئة التي ارتكبها آدم في الجنة ومعصيته لله وأكله من شجرة معرفة الخير من الشر ... حتى أتى المسيح وضحى بنفسه حتى يغفر الله لآدم خطيئته كما يعتقد الناقد !!! فإن هؤلاء الابرار لم يروا آدم ولم يروا تلك الشجرة أصلا ... فلماذا يعاقبون بخطيئة غيرهم ؟؟؟


    حسب عقيدة الناقد فإن الأطفال والرضع الذين ولدوا وماتوا قبل رسالة المسيح أو بعدها ... محمّلون بالطبع بخطيئة آدم ... وهؤلاء من البديهي لم يؤمنوا بالمسيح ولم ينفذوا وصاياه ... ولكن حتما ومن عدل الله الغفور الرحيم فانه سيغفر لهم خطيئة آدم المورثة لهم بأسلوب أو بآخر دون الإيمان بالمسيح ... فلماذا لا يسرى ذلك العفو وتلك المغفرة منذ البداية وحتى نهاية العالم على كافة البشر وينتهي الأمر ؟؟؟ وذلك بدلا من إهانة وصلب وقتل الله نفسه بنفسه ... بل وتعذيب وقتل نفس السيد المسيح البشرية البريئة مع سبق الإصرار ؟؟؟


    بعد تاريخ ذهاب الجزء الثاني من السيد المسيح للجحيم وحتى اليوم ونهاية العالم ... استحدثت قاعدة تم فيها تعديل مكان انتظار الأبرار بعد الموت فأصبح في الفردوس بدلا من الجحيم ... وأصبح الجحيم هو مقر انتظار الموتى الأشرار فقط ... فما الذي ارتكبه الأبرار والرضع (في مرحلة ما قبل ذهاب المسيح للجحيم) حتى مكثوا الآلاف السنين في الجحيم ؟؟؟ بل ولماذا لم تطبق عليهم منذ موتهم نفس القاعدة الحديثة التي طبقت وتطبق على أمثالهم من الأبرار (بعد ذهاب المسيح للجحيم)؟


    والله تعالى أعلم وأعظم
    يتبع بإذن الله وفضله

    التعديل الأخير تم بواسطة سيف الإسلام ; 04-06-2022 الساعة 04:36 PM
    أول كتاباتى
    الكتاب الإلكترونى الكلمة وأخوتها فى القرآن الكريم
    http://www.4shared.com/file/Q2tkcCe1/_______.html
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  7. #17
    تاريخ التسجيل
    Jul 2011
    المشاركات
    469
    الدين
    الإسلام
    آخر نشاط
    15-05-2023
    على الساعة
    06:05 PM

    افتراضي




    الرد على السؤال رقم 18: جاء في سورة الواقعة 15-23" عَلَى سُرُرٍ مَوْضُونَةٍ (أي منسوجة بالذهب) مُتَّكِئِينَ عَلَيْهَا مُتَقَابِلِينَ ... يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ ... بِأَكْوَابٍ وَأَبَارِيقَ وَكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ (أي من عيون جارية) لَا يُصَدَّعُونَ عَنْهَا وَلَا يُنْزِفُونَ ... وَفَاكِهَةٍ مِمَّا يَتَخَيَّرُونَ ... وَلَحْمِ طَيْرٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ ... وَحُورٌ عِينٌ ... كَأَمْثَالِ اللُّؤْلُؤِ الْمَكْنُونِ " ...

    قال الناقد: هذه جنة تناسب الميول الجسدية وتوافق الرغبات المادية ... هذا ولم يذكر القرآن أن في هذه الجنة سعادة روحية في محبة الخالق وتسبيحه ... ثم فَصَّلَ الناقد الحديثَ في اعتراضِه هذا مستدلاً بآياتِ القرآنِ التي ذَكَرَتْ صفاتِ الجنة قائلاً:
    فبدل الصحراء المحرقة وعدهم بجنة
    {تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ} [الرعد: 35] ... وبدل النوم على الرمال وعدهم بجنة {فِيهَا سُرُرٌ مَرْفُوعَةٌ} [الغاشية: 13]{عَلَى الْأَرَائِكِ يَنْظُرُونَ} [المطففين: 23] ... وبدل لبس وبر الجمال وعدهم بجنة {يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤًا وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ}[ الحج: 23] ... وبدل القحط والمحل وعدهم بجنتيـن ملآنتيـن بالفاكهة {فِيهِمَـا فَاكِهَةٌ وَنَخْــلٌ وَرُمَّــانٌ} [ الرحمن 68]{وَأَعْنَابًا } [النبأ: 32] ... وبدل الخيام التي لا تقي من حر الصيف ولا زمهرير الشتاء وعدهم بقصور مشيدة {غُرَفٌ مِنْ فَوْقِهَا غُرَفٌ مَبْنِيَّةٌ} [ الزمر: 20]{لَا يَرَوْنَ فِيهَا شَمْسًا وَلَا زَمْهَرِيرًا} [الإنسان: 13] ... وبـدل النساء البدويات وعدهم بأزواج من الحور{وَزَوَّجْنَاهُـمْ بِحُــورٍ عِينٍ} [ الطور: 20] {قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلَا جَانٌّ} [الرحمن: 56]{أَبْكَارًا* عُرُبًا أَتْرَابًا} [ الواقعة: 36 , 37] ... وبدل الحرمان من الخدم وعدهم بولدان الحور يقدمون لهم ما لذ مـن الشراب {يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ* بِأَكْوَابٍ وَأَبَارِيـقَ وَكَأْسٍ مِـنْ مَعِيــنٍ}[الواقعة: 17 , 18] {وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ إِذَا رَأَيْتَهُمْ حَسِبْتَهُمْ لُؤْلُؤًا مَنْثُورًا} [الإنسان: 19] ... وبدل طعام الفاقة وعدهم باللحم {وَأَمْدَدْنَاهُمْ بِفَاكِهَةٍ وَلَحْمٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ} [الطور: 22] {وَلَحْمِ طَيْـرٍ مِمّــــَا يَشْتَهُونَ} [الواقعة: 21] ... وبدل الجوع والفاقة وشظف العيش وعدهم بجنة {فِيهَا أَنْهَارٌ مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آَسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ وَأَنْهَارٌ مِنْ عَسَلٍ مُصَفًّى} [محمد: 15]

    وأَوردَ الناقد خرافاتٍ حولَ نعيمِ الجنة، نَسَبَها لرسولِنا محمدٍ - صلى الله عليه وسلم -، وزَعَمَ أَنَّ رسولَنا قال: إِنَّ لكلّ مؤمنٍ قصوراً كثيرةً في الجنة، في كُلّ قَصْرٍ سَبْعون داراً من ياقوتٍ أَحْمر، في كل دارٍ سَبْعونَ بيتاً من زُمُردٍ أَخْضَر، في كُلّ بيتٍ سَرير، على كُلِّ سَريرٍ سَبْعون فِراشاً من كُلِّ لون، على كُلِّ فراشٍ سَبْعون زوجةً من، الحورِ العين، وفي كُلِّ بيتٍ سَبْعون وَصيفة، وسَبْعون مائدة، وعلى كُلِّ مائدةٍ سَبْعون لَوْناً من الطعام، ويتزوَّجُ الرجلُ في الجنةِ خمسَمئةِ حوراء، وأَربعةَ آلافِ بِكْر، وثمانيةَ آلافِ ثَيّب ... وهذا الكلامٌ لن نرد عليه حفاضاً على وقت القارئ الكريم لأنه كلام مَكْذوبٌ على رسولِنا محمدٍ صلى الله عليه وسلم ولم يصح عنه ولم يقله ... وفيه طابَعُ المبالغةِ والمغالاة ... ومعلومٌ أَنّ الجنةَ من عالمِ الغيب، ولا نأخذُ عالَمَ الغيبِ إِلّا من آياتِ القرآنِ الصريحة، وما صَحَّ من حديثِ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ...

    ثم أضاف الناقد: فأين هذه من قول المسيح ...
    " فِي القِيَامَةِ لَا يُزَوِّجُونَ وَلَا يَتَزَوَّجُونَ ... بَلْ يَكُونُونَ كَمَلَائِكَةِ اللّهِ فِي السَّمَاءِ " (متى 22: 30) ..." لِأَنْ لَيْسَ مَلَكُوتُ اللّهِ أَكْلاً وَشُرْباً ... بَلْ هُوَ بِرٌّ وَسَلَامٌ وَفَرَحٌ فِي الرُّوحِ القُدُسِ " (رومية 14: 17).

    الرد على سؤال السيد الناقد

    إن خلاصة ما ادعاه السيد الناقد أن الجنة في الاسلام تناسب الميول الجسدية وتوافق الرغبات المادية ... ولا يوجد بها سعادة روحية في محبة الخالق وتسبيحه ... بينما في النصرانية فإنه حسب قول المسيح فإن المؤمنين يَكونونَ في الجنة بدونِ طَعامٍ أَوْ شراب أو زواج ... وهم كالملائكةِ الذين لا يَأَكلُون ولا يَشْرَبون ولا يتزوَّجون، وحياتُهم في الجنةِ مُجَرَّدُ فَرَحٍ وسُرورٍ وبِر وسَلام ... ولا يوجد نعيم مادّيٍّ في الجنة !!!


    ولكن حقيقة الأمر أن السيد الناقد لم يقرأ كتابه المقدس جيداً ... ولكنه تفرغ لنقد كتب غيره بالباطل ... ولماذا ؟؟؟ لأنه لو كان قد قرأ كتابه المقدس لوجده يصرح بالبعث الجسدي والروحي معاً ... وعليه فإذا كُرِّم الإنسان في الآخرة فإنما سيُكرم كله بجسده وروحه ... وإذا عُذب فسيُعذب كله بجسده وروحه على السواء ... ولكن ما الدليل على ما ذكرناه ؟؟؟


    ورد في إنجيل متى" وَإِنْ كَانَتْ يَدُكَ الْيُمْنَى تُعْثِرُكَ فَاقْطَعْهَا وَأَلْقِهَا عَنْكَ ... لأَنَّهُ خَيْرٌ لَكَ أَنْ يَهْلِكَ أَحَدُ أَعْضَائِكَ وَلاَ يُلْقَى جَسَدُكَ كُلُّهُ فِي جَهَنَّمَ "متى 5/30 ... إذن الجسد كله يمكن أن يلقى في النار فيُعذب هذا الجسد وليس الروح فقط التي ستعذب!!

    وورد أيضا على لسان المسيح: " وَأَنَا أَجْعَلُ لَكُمْ كَمَا جَعَلَ لِي أَبِي مَلَكُوتًا ... لِتَأْكُلُوا وَتَشْرَبُوا عَلَى مَائِدَتِي فِي مَلَكُوتِي ... وَتَجْلِسُوا عَلَى كَرَاسِيَّ تَدِينُونَ أَسْبَاطَ إِسْرَائِيلَ الاثْنَيْ عَشَرَ " لوقا 22: 29 – 30 ... أي سيكون في الآخرة أكل وشرب وجلوس على كراسي الموائد ... وبالطبع كل ذلك بالأجساد وليس بالأرواح ...


    وفي اجتماع السيد المسيح مع حوارييه قال " وَأَقُولُ لَكُمْ: إِنِّي مِنَ الآنَ لاَ أَشْرَبُ مِنْ نِتَاجِ الْكَرْمَةِ هذَا إِلَى ذلِكَ الْيَوْمِ حِينَمَا أَشْرَبُهُ مَعَكُمْ جَدِيدًا فِي مَلَكُوتِ أَبِي " متى 26 / 29 ... إذن فهذه دعوة لأجساد هؤلاء جميعاً للشرب والتمتع بذلك في الجنة ...


    والجانب الحسي للأجساد من نعيم الجنة ظهر أيضا في " مَنْ يَغْلِبُ فَسَأُعْطِيهِ أَنْ يَأْكُلَ مِنْ شَجَرَةِ الْحَيَاةِ الَّتِي فِي وَسَطِ فِرْدَوْسِ اللهِ " رؤيا يوحنا اللاهوتي 2 – 7 ... وأيضاً ... " مَنْ يَغْلِبُ فَذلِكَ سَيَلْبَسُ ثِيَابًا بِيضًا " رؤيا يوحنا اللاهوتي 3 – 5 ... فهذا هو ... أكل ولبس للأجساد وليس للأرواح بالطبع ...


    وفى ترجمة الاخبار السارة لأيوب 19/25-26 " أعرف أن شفيعي حي ... وسأقوم آجلا من التراب ... فتلبس هذه الأعضاء جلدي ... وبجسدي أعاين الله ..." (in my flesh I will see God) ... ترجمة NIV ... اذن فالأجساد أيضاً وكما هو واضح حسب الكتاب المقدس ستبعث يوم القيامة ... ولذلك فهي اما ستنعم واما ستُعذب ... وليس الأمر مقصوراً على الأرواح فقط كما ادعى السيد الناقد !!!


    إذن حسب نصوص الكتاب المقدس وكما هو واضح ... سيكون البعث يوم القيامة بالأرواح والاجساد ... والجنة ستكون حسية ومعنوية وفيها سيتمتع كلاً من الجسد والروح ... واقتصار الأمر على نعيم الروح فقط كما ذكر السيد الناقد في سؤاله ... يترتب عليه وجود تناقض بين نصوص الكتاب المقدس بعضها مع بعض ... وهو امر ننتظر من الناقد افادتنا بحله !!!


    ولكن رغبة منا في مساعدة الناقد في حل هذا التعارض ... سنساعده في تلمس حل تعارض لأحد النصوص المتعارضة التي استدل بها على أن في الجنة نعيم للروح فقط وليس للجسد ولكننا سنترك له النصوص الأخرى وننتظر الحل من سيادته ...


    أما بخصوص النص الأول المتعارض ... " فِي القِيَامَةِ لَا يُزَوِّجُونَ وَلَا يَتَزَوَّجُونَ ... بَلْ يَكُونُونَ كَمَلَائِكَةِ اللّهِ فِي السَّمَاءِ "متى 22/30 ... فهذا الكلام نسبه متى للسيد المسيح في معرض حل المسيح لخصومة بين سبعة رجال ... كلهم تزوجوا امرأة واحدة ويسألون لمن تكون هذه المرأة في الجنة ... فلحل هذه الخصومة كان جوابه بهذا المعنى ... وذلك واضح من السياق الذي قيل فيه هذا الجواب والذى ورد في النصوص التي قبل النص المتعارض (أي في: متى 22/23-30) ... ولعل فيما ذكرناه حلاً أو شبه حل لهذا التعارض ... بهدف إخراج الناقد من مأزق التعارض الذى وضع نفسه فيه دون أن يدرى !!!


    نأتي الى مفهوم النعيم أو العذاب في الإسلام والذي سيكون للروح والجسد أيضاً ... فلقد وعد الله سبحانه أهل طاعته بفوزهم بالجنة وما أعده الله لهم فيها من متع ... مكافأة لهم بالطبع على ما كانوا عليه في الدنيا من إيمان بالله ... وما بذلوه أيضاً من أعمال صالحة وفق منهج الله ... قال اللهُ تعالى في حديثه القدسي : "أعددتُ لعبادي الصالحين: ما لا رأَتْ عَينٌ، ولا أُذُنٌ سمِعَتْ، ولا خطَر على قلبِ بَشَرٍ " ... الراوي: أبو هريرة المحدث: البخاري – المصدر: البخاري-الصفحة أو الرقم :7498


    ولإن الإنسان يعيش في الدنيا مزيج من الجسد والروح ... و لذلك فهو الذي سيكرم في الآخرة أو يهان ... فإذا كُرم فإنما سيُكرم كله بجسده وروحه .. وإذا عُذب فسيُعذب كله ... بجسده وروحه على السواء ... والاقتصار على الجانب الروحي في وصف الجزاء الأخروي ... فيه تضييق لسعة النعيم الذي أعده الله -عز وجل – للمؤمنين ... ولشمولية العذاب الذي أعده -عز وجل -للعصاة ... ولذلك فإننا نلاحظ أن النعيم والعذاب في القرآن الكريم ... موصوف وصفا حسياً ومعنوياً ... لأن هذا هو الذي يتلاءم مع طبيعة الإنسان ...


    وحيث أن الحواس الجسدية هي المنافذ لوصول هذه اللذات إلى النفوس ... ولأن الله سيجمع أنفسنا يوم القيامة في عالم الجزاء مع الأجساد المركبة لها ... ويعيدها كما كان الحال أول مرة ... " وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَى كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ " الأنعام 94 ولذلك سنتذوق هنالك من اللذات والآلام بما تستدعيه طبائعنا التي لم توجد إلا كذلك ...



    هذا وقد أجمع أهل العلم على أن أعظم نعيم يتحقق لأهل الجنة هو النظر إلى الله سبحانه وتعالى ... حيث ستتمتع الروح بلذة النظر الى وجهه الكريم ... والدليل على ذلك قوله سبحانه وتعالى " وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة "القيامة 23 -24 ... والدليل أيضاً قول النبي صلى الله عليه وسلم " إذا دخل أهل الجنةِ الجنةَ ... قال يقولُ اللهُ تبارك وتعالى: تريدونَ شيئا أزيدكُم ؟؟ فيقولونَ: ألم تبيضْ وجوهنا ؟؟ ألم تدخلنا الجنةَ وتنجنا من النار ... قال فيكشِفُ الحجابَ ... فما أُعطوا شيئا أحبَّ إليهِم من النظرِ إلى ربّهم عز وجلَّ ... وفي روايةٍ: وزادَ: ثم تَلا هذهِ الآيةَ: {لِلّذِينَ أَحْسَنُواْ الحُسْنَى وَزِيَادَةٌ} يونس 26 ... وأما الزيادة فقيل: هي النظر إلى الوجه الكريم " ... التفسير الواضح ... الراوي : صهيب بن سنان المحدث : مسلم - المصدر : صحيح مسلم - الصفحة أو الرقم :181


    ومن ناحية أخرى فإن القرآن الكريم لم يغفل عن ذكر تمتع الروح أيضاً في الجنة وسعادتها ... علاوة على ذكره التمتع الجسدي ... فاللهَ سيُكرِمُ المؤمنينَ في الجنة، بكُلِّ مَظاهرِ النعيم، سواء كان نَعيماً مادّيًّا، أَو كان نَعيماً معنويًّا، مُمَثّلاً في سَعادتِهم وفَرحهِم وسُرورِهم ونَضْرَتِهم ... قال تعالى: " وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُسْفِرَةٌ ... ضَاحِكَةٌ مُسْتَبْشِرَةٌ "عبس 38-39 ... وقالَ تعالى: " إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ ... عَلَى الْأَرَائِكِ يَنْظُرُونَ ... تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ "المطففين 22-24


    والمؤمنون في الجنة سيَحمدونَ اللهَ على ما أَنعمَ به عليهم، ويتذكَّرونَ ما كانوا عليه في الدنيا ... قالَ تعالى: " وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ ... قَالُوا إِنَّا كُنَّا قَبْلُ فِي أَهْلِنَا مُشْفِقِينَ ... فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ ... إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلُ نَدْعُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ "الطور 25-28 ... ومِنْ سُرورِهم وسَعادتِهم الروحيةِ في الجنة ... إِذْهابُ الحَزَنِ عنهم فيها ... قال تعالى: " وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ ... الَّذِي أَحَلَّنَا دَارَ الْمُقَامَةِ مِنْ فَضْلِهِ لَا يَمَسُّنَا فِيهَا نَصَبٌ وَلَا يَمَسُّنَا فِيهَا لُغُوبٌ "فاطر 34-35


    ومن سعادتِهم الغامرةِ في الجنةِ أَنهم لا يَسمعونَ فيها إِلّا ما يُحبون سَماعَه ... قال تعالى: " لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا وَلَا تَأْثِيمًا ... إِلَّا قِيلًا سَلَامًا سَلَامًا " الواقعة 25-26 ... وتَأتيهم الملائكةُ، يَدْخلونَ عليهم، ويُرَحِّبونَ بهم ويُبَشِّرونَهم ... قال تعالى: " أُولَئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ ... جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ ... وَالْمَلَائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ ... سَلَامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ " الرعد 22-24


    ومن سعادَتِهم الغامرةِ في الجنة أيضاً أَنَّ اللهَ يُحِلُّ عليهم رِضوانَه، ويُخبرُهم بذلك، وهذا الرضوانُ أَكبرُ من كُلِّ مظاهرِ نعيمِ الجنة المادية من طَعامٍ وشَرابِ وزَواجٍ ولباس ... قال تعالى: " وَعَدَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ أَكْبَرُ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ " التوبة 72


    إن كل هذه الآيات ِ القرآنيةِ الصريحة وغيرها ... تُصَوِّرُ ما يكونُ عليه المؤمنونَ في الجنةِ من سَعادةٍ ونَضرَةٍ وفَرَحٍ وسُرور ... جسدياً وروحياً ... ونسأل الله أن نكون جميعاً من ضمن من يتمتعون بنعيم الجنة هذا ... المادي منه والروحي ...



    والله أعلم وأعظم
    يتبع بإذن الله وفضله




    أول كتاباتى
    الكتاب الإلكترونى الكلمة وأخوتها فى القرآن الكريم
    http://www.4shared.com/file/Q2tkcCe1/_______.html
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  8. #18
    تاريخ التسجيل
    Jul 2011
    المشاركات
    469
    الدين
    الإسلام
    آخر نشاط
    15-05-2023
    على الساعة
    06:05 PM

    افتراضي




    الرد على السؤال رقم 19:جاء في سورة آل عمران 169 ..." وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ " وذكر الناقد ما ورد في تفسير البيضاوي لذلك أنه قال: روى ابن عباس رضي الله عنهما أنه عليه الصلاة والسلام قال: " أرواح الشهداء في أجواف طير خضر ترد أنهار الجنة ... وتأكل من ثمارها وتأوي إلى قناديل معلقة في ظل العرش "

    وذكر الناقد أن البرزخ هو مكان الأرواح ... فيه تُحفظ أرواح الأشرار، فلا يقدرون على الرجوع للدنيا كقول القرآن في
    سورة المؤمنون 99-100" حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ ... لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ " ... أما أرواح الأبرار فتحفظ في البرزخ في أجواف طير خُضر ...
    وذكر الناقد ما روى عن ابن عباس أن محمداً قال لأصحابه:  " لمَّا أُصيبَ إخوانُكُم بأُحدٍ (أي بغزوة أحد) ... جعلَ اللَّهُ أرواحَهُم في أجوافِ طيرٍ خضرٍ ... ترِدُ أنهارَ الجنَّةِ، وتأكلُ من ثمارِها، وتأوي إلى قَناديلَ من ذَهَبٍ في ظلِّ العرشِ، فلمَّا وجدوا طيبَ مأكلِهِم ومشربِهِم، وحُسنَ منقلبِهِم قالوا: يا ليتَ إخوانَنا يعلمونَ ما صنعَ اللَّهُ لَنا، لئلا يزهدوا في الجِهادِ، ولا ينكِلوا عن الحربِ فقالَ اللَّهُ عزَّ وجلَّ: أَنا أبلِّغُهُم عنكُم ... فأنزلَ اللَّهُ عزَّ وجلَّ هؤلاءِ الآياتِ:
    وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ وما بعدَها " ...

    والناقد يسأل:
    إن كان الله خلق الإنسان على أحسن تقويم ... فكيف إذا ذهب إلى الجنة ينزله منزلة الطير ؟؟؟ ويتناسخ الأشرار في النار إلى قردة وخنازير، والأبرار في الجنة إلى طيور وعصافير ؟؟؟

    الرد على سؤال السيد الناقد

    إن البرزخ كما ورد في تفسير الطنطاوي هو: الحاجز والحاجب بين الشيئين لكيلا يصل أحدهما إلى الآخر ... وحسب التفسير الميسر: وسيبقى المتوفَّون في هذا الحاجز والبَرْزخ الذي بين الدنيا والآخرة إلى يوم البعث والنشور ... انتهى التفسير

    والبرزَخُ هو:المرحلةُ الانتقاليةُ التي يَكونُ عليها كل الأَمواتُ من البَشَرِ في قبورهم ... مُؤْمِنين وكافِرين، ومُحْسِنين ومُسيئين، وهو مرحَلَةٌ حتميةٌ لما بَعْدَ الموت ... بانتظارِ قيامِ الساعة، والموتى إِمّا: مُنَعَّمونَ في قُبورِهم إِنْ كانوا مُحْسنين، وإِمّا مُعَذَّبون في قُبورِهم إِنْ كانوا مُسيئين ... فالقَبْرُ إِمّا روضَةٌ من رياضِ الجَنَّة، وإِمّا حُفرَةٌ من حُفَرِ النّار، كما أَخبرَ بذلك رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم ... الراوي: أبو سعيد الخدري | المحدث: ابن حجر العسقلاني | المصدر: تخريج مشكاة المصابيح الصفحة أو الرقم: 5/74


    والبرزخ من عالَمِ الغيب، ولا يُقاسُ بمقاييسِنا الماديةِ الدنيوية، فلو فَتَحْنا قَبْراً ماتَ صاحِبُه قبلَ عشراتِ السنين فلنْ نَجِدَ فيه جِسْماً ولا روحاً، ولا نَعيماً ولا عَذاباً، ولن نَجِدَ فيه إِلا تُراباً، ولا يَعْني هذا أَنَّ صاحبَه صارَ تُراباً حقيقة، إِنما هو بروحِه وجَسَدِهِ في عالَمِ الغيب، وهو مُنَعَّمٌ أَو مُعَذَّبٌ في قبرِه، ويَعِيشُ حياتَه البرزخيةَ بانتظارِ قِيامِ الساعة ...

    والحياة في البرزخ لا نعلم كيفيتها؛ ولا تحتاج إلى أكل، وشرب، وهواء يقوم به الجسد؛ ولهذا قال تعالى: " وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَكِنْ لَا تَشْعُرُونَ " البقرة 154 ... أي: لا تشعرون بحياتهم؛ لأنها حياة برزخية غيبية؛ ولولا أن الله عزّ وجلّ أخبرنا بها ما كنا نعلم بها ...


    إن حَديثُ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم الذي ذكره الناقد عن الشهداء ... لم يذكر إطلاقاً أَنَّ اللهَ سيحول الأشرار في النار إلى قردة وخنازير كما ادعى السيد الناقد ... ولا على أنه سيُحَوّلُ الشُّهداءَ من بَشَر إِلى طيورٍ وعَصافير، إِنما يَدُلُّ على أَنَ اللهَ سيكرم هؤلاء الشهداء بعدَ استشهادِهم، فلا يُبقي أَرواحَهم مع أجسادِهم في الدنيا، وإنما يَستقدِمُها إِلى الجنة، ويَجعلُها في اجواف طيورٍ خُضْر من طيور الجنة، تتمتَّعُ في الجنةِ حيثُ شاءت، وتَسرحُ فيها بينَ أَنْهارِها وأَشْجارِها وثمارِها، وتأوي لَيْلاً إِلى قناديلَ مُعَلَّقَةٍ في ظِلِّ العرش ... وهذا كُلُّهُ خلال حياة الدنيا، فأَجسادُهم بَقِيَتْ في قُبورِهم، وأَرواحُهم هي التي اسْتَقْدَمَها اللهُ إِلى الجنة، فليسَ في الأَمْرِ تناسُخٌ ولا اسْتِنْساخ، ولا إِهانَةٌ واحْتقار للشهيد، بتحوِيلِه من إنسانٍ مُكَرَّمٍ إلى عُصفور ... امَّا يومُ القيامة فإِنَ اللهَ سيَبعثُ هؤلاء الشُّهداءَ كما يَبعثُ الناسَ الآخَرين، ويَسيرونَ إلى الموقفِ بأَرواحِهم وأَجسادِهِم، ثم يُدخِلُهم اللهُ الجنةَ برحمتِه، ويكونونَ فيها بَشَراً أَسْوياء، مُعَزَّزين مُكرَّمين، على أَرقى وأَكملِ الصُّوَرِ البشرية.


    لقد بذل الشهداء في الدنيا ابدانهم لله عز وجل حتى أتلفها أعداؤه ... فأعاضهم الله عنها في البرزخ أبداناً مؤقتة خيراً منها، يكونون فيها إلى يوم القيامة، ويكون تنعمهم بواسطة تلك الأبدان، أكمل من تنعم الأرواح المجردة عنها ... ولهذا كانت نسمة المؤمن في صورة طير، أو كطير، ونسمة الشهيد في جوف طير ... قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إنما نسمةُ المؤمنِ طائرٌ يعلقُ في شجرِ الجنَّةِ حتى يُرجعَه اللهُ إلى جسدِه يومَ يبعثُه. " المحدث: ابن كثير | المصدر: جامع المسانيد والسنن الصفحة أو الرقم: 9032 ... إن نسمة المؤمن تلك تعم الشهيد والمؤمن بالطبع ... أما روح الشهيد فقد خصها الرسول بأنه قال: هي في جوف طير خضر ... بمعنى أن نصيب الشهداء في عالم البرزخ أكمل من نصيب غيرهم من الأموات على فرشهم ...


    وقد ورد في كتاب تحفة الأحوذي: " وَقَدْ تَعَلَّقَ بِهَذَا الْحَدِيثِ وَأَمْثَالِهِ بَعْضُ الْقَائِلِينَ بِالتَّنَاسُخِ وَانْتِقَالُ الْأَرْوَاحِ ، وَتَنْعِيمُهَا فِي الصُّوَرِ الْحِسَانِ الْمُرَفَّهَةِ ، وَتَعْذِيبُهَا فِي الصُّوَرِ الْقَبِيحَةِ ، وَزَعَمُوا أَنَّ هَذَا هُوَ الثَّوَابُ وَالْعِقَابُ ، وَهَذَا بَاطِلٌ مَرْدُودٌ لَا يُطَابِقُ مَا جَاءَتْ بِهِ الشَّرَائِعُ مِنْ إِثْبَاتِ الْحَشْرِ وَالنَّشْرِ وَالْجَنَّةِ وَالنَّارِ، وَلِهَذَا قَالَ الرسول فِي حَدِيثٍ آخَرَ : " حَتَّى يُرْجِعَهُ اللَّهُ إِلَى جَسَدِهِ يَوْمَ بَعْثَةِ الْأَجْسَادِ " (المحدث: ابن كثير | المصدر: جامع المسانيد والسنن الصفحة أو الرقم: 9032) ... وقد قَالَ اِبْنُ الْهُمَامِ: اِعْلَمْ أَنَّ الْقَوْلَ بِتَجَرُّدِ الرُّوحِ يُخَالِفُ هَذَا الْحَدِيثَ ... كَمَا أَنَّهُ يُخَالِفُ قَوْلَهُ تَعَالَى: { يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ... ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً ... فَادْخُلِي فِي عِبَادِي ... وَادْخُلِي جَنَّتِي}الفجر27-30 ... اِنْتَهَى - كتاب تحفة الأحوذي ... باب ما جاء في ثواب الشهداء – الجزء 3 – صفحة 315 – المكتبة الشاملة.


    لقد كان على الناقد بدلاً من أن يسأل في مثل هذه الأمور الغيبية الواجب تصديقها طالما وردت في السنة الصحيحة ... أن يركز ويجمع فكره ويسأل نفسه هو ... كيف نَسَبَ الكتاب المقدس صفة الجهل الحقيقي لله عز وجل (تعالى الله عما يصفون) ؟؟؟ وكيف ذلك ؟؟؟ ورد أن الله أمر موسى ومن معه قبل خروجهم من مصر ... أن يلطخوا أبواب بيوتهم والعتبة العليا بالدم والقائمتين بالدم !!! ولكن ما سبب ذلك ؟؟؟ السبب ... حتى يكون الربّ على بينة منها ويميزها حين يقوم بتدمير البيوت ... فيقوم بتدمير بيوت المصريين فقط ... ولا تمتد يده إلى بيوت بني إسرائيل !!! ولكن ما الدليل على ذلك ؟؟؟ اقرأ ما ورد في سفر الخروج 12/23 ... " فَإِنَّ الرَّبَّ يَجْتَازُ لِيَضْرِبَ الْمِصْرِيِّينَ ... فَحِينَ يَرَى الدَّمَ عَلَى الْعَتَبَةِ الْعُلْيَا وَالْقَائِمَتَيْنِ يَعْبُرُ الرَّبُّ عَنِ الْبَابِ ... وَلاَ يَدَعُ الْمُهْلِكَ يَدْخُلُ بُيُوتَكُمْ لِيَضْرِبَ. " !!!


    والله تعالى أعلم وأعظم
    يتبع بإذن الله وفضله



    أول كتاباتى
    الكتاب الإلكترونى الكلمة وأخوتها فى القرآن الكريم
    http://www.4shared.com/file/Q2tkcCe1/_______.html
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  9. #19
    تاريخ التسجيل
    Jul 2011
    المشاركات
    469
    الدين
    الإسلام
    آخر نشاط
    15-05-2023
    على الساعة
    06:05 PM

    افتراضي




    الرد على السؤال رقم
    20: جاء في سورة الضحى 1-3 " وَالضُّحَى ... وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى ... مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى " ...قال الناقد أنه ورد في تفسير البيضاوي لهذه الآية: مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ ... أي ما قطعك قطع المودع، بمعنى ما تركك ... وَما قَلى ... أي وما أبغضك ... ورُوي أن الوحي تأخر عنه أياماً ... لأن جرواً ميتاً كان تحت سريره ... فقال المشركون: إن محمداً ودعه ربه وقلاه فنزلت ردا عليهم ... وأضاف الناقد بقوله: ورُوي بإسناد صحيح أن جرواً (أي كلباً) دخل بيت محمد، فدخل تحت السرير، فمات فانقطع الوحي عنه ... فقال محمد لخادمته خولة: يا خولة، ما حدث في بيتي ؟؟؟ جبريل لا يأتيني ... فقلتُ في نفسي: لو هيأتُ البيت فكنستُه !!! فأهويتُ بالمكنسة تحت السرير فأخرجت الجرو ... فجاء محمد يرعد بجبته ... وكان إذا نزل الوحي أخذته الرعدة فقال والضحى والليل إذا سجى ... ما ودعك ربك وما قلى ... وأخرج عن عردة قال: أبطأ جبريل على محمد فجزع جزعاً شديداً ... فقالت خديجة: إني أرى ربك قد قلاك مما يُرى من جزعك ... واختلفوا في مدة احتباس الوحي عنه، فقال ابن عباس خمسة عشر يوماً وقيل أربعون يوماً. والناقد يسأل: أي نوع من الوحي هذا الذي ينقطع عن البشر بسبب جرو ؟؟؟ وأي ملاك هذا الذي يقاطع نبياً بسبب جرو ؟؟؟ وما دَخْل الجرو في الوحي ؟؟؟ ألم يكن أغلب الأنبياء كإبراهيم وإسحق ويعقوب وموسى وداود رعاة أغنام وتحرسها الكلاب؟ فلماذا لم نسمع بمقاطعة السماء لهم من أجل كلابهم ؟؟

    الرد على سؤال السيد الناقد


    § بالكشف على ما زعم الناقد أنه حديث ... بل وقال سيادته أنه رُوي بإسناد صحيح ... بأن جرواً (أي كلباً) دخل بيت محمد ... فدخل تحت السرير ومات فانقطع الوحي عن محمد !!! فكانت نتيجة البحث للمحدثين كالتالي: 1. الألباني: في السلسلة الضعيفة ... الصفحة أو الرقم: 6136 ... خلاصة حكم المحدث: منكر 2. السيوطي: في لباب النقول ... صفحه رقم 322 ... خلاصة حكم المحدث: إسناده فيه من لا يعرف 3. البوصيري: في إتحاف الخبرة المهرة ... صفحه رقم 301/6 ... خلاصة المحدث: إسناده ضعيف

    § إن من امانة البيضاوي انه ذكر في تفسيره كل ما قيل عن أسباب انقطاع الوحي بصرف النظر عن صحتهمن عدمه ... ليأتي بعد ذلك قول المحققين ليستبعدوا ما لا يصح مما ذكر ... وإذا كان البيضاوي كما ذكرنا أميناً في ذكر كل ما قيل في هذا الصدد ... فإننا لاحظنا أن الناقد لم ينقل كل ما ذكره البيضاوي في تفسيره عن سبب انقطاع الوحي ... ولكن سيادته بتر ما قاله البيضاوي ... وذلك حتى يصل لهدفه المنشود وهو الطعن في الإسلام ليهدمه ويبنى على انقاضه عقيدته هو !!! ولكن كيف ذلك ؟؟؟ لقد قال البيضاوي في تفسيره: " ورُوي أن الوحي تأخر عنه أياماً ... لتركه الاستثناء كما مر في سورة «الكهف» ... أو لزجره سائلاً ملحاً ... أو لأن جرواً ميتاً كان تحت سريره ... أو لغيره ... فقال المشركون: إن محمداً ودعه ربه وقلاه فنزلت ردا عليهم ... " انتهى تفسير البيضاوي دون حذف ... إذن فالبيضاوي لم يحسم سبب نزول هذه السورة ... ولكنه ذكر كل الأقوال التي قيلت ... سواء الصحيحة أو غير ذلك ليحيط القارئ الذكي علماً بكل ما قيل أو أشيع في هذا الصدد ... § وواقع الأمر أن سبب نزول هذه السورة ... هو ما ورد في الحديث الصحيح الوارد في صحيح البخاري وهو: " اشتَكَى رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ، فلمْ يَقُمْ ليلتَيْنِ أو ثلاثًا، فجاءَتْ امرأةٌ فقالتْ: يا محمدُ، إنِّي لأَرْجُو أن يكونَ شيطَانُكَ قد تَرَكَكَ، لم أرَهُ قَرِبَكَ منذُ ليلتَيْنِ أو ثلاثًا ... فأنزلَ اللهُ عزَّ وجلَّ: {وَالضُّحَى وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى، مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى}." الراوي: جندب بن عبد الله | المحدث: البخاري | المصدر: صحيح البخاري -الصفحة أو الرقم: 4950 | خلاصة حكم المحدث: [صحيح] ...

    §
    وشرح هذا الحديث هو أنه لما مَرِض رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم فلم يَقُمْ للتَّهَجُّدِ ليلتَيْن أو ثلاثًا ... فجاءت امرأةٌ هي العَوْرَاءُ بنتُ حَرْبٍ أختُ أبي سُفْيَانَ، وهي حَمَّالَةُ الحَطَبِ زَوْجُ أبي لَهَبٍ ... فقالت مُتهكِّمةً: يا مُحَمَّدُ، إنِّي لَأَرْجُو أن يكونَ شَيْطانُكَ قد تَرَكَك، لم أَرَهُ قَرِبَكَ مُنذ ليلتَيْن أو ثلاثًا ... فأنزَل الله عزَّ وجلَّ: {وَالضُّحَى}، والضُّحَى: هو وقتُ ارْتفاعِ الشمسِ، أو النَّهارُ كلُّه، {وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى} أي: أَقْبَلَ بِظَلامِه، {مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ} أي: ما قَطَعَك ربُّك قَطْعَ المُوَدِّع، {وَمَا قَلَى} أي: وما أَبْغَضَك.

    §
    وجاء في كتاب المحرر في أسباب نزول القرآن – المكتبة الشاملة ... أن الحديث الوارد في صحيح البخاري (والذي ذكرناه بعاليه) ... هو سبب نزول هذه الآيات الكريمة لسورة الضحى لصحة سنده، وصراحة لفظه، وموافقته لسياق القرآن، واحتجاج المفسرين به ... حيث جاء في سبب نزول تلك الآيات ... هذا وقد ذكر جمهور المفسرين هذا الحديث عند تفسيرها كالطبري والبغوي وابن العربي وابن عطية والقرطبي وابن كثير وابن عاشور ... قال الطبري: (وذُكر أن هذه السورة نزلت على رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تكذيباً من الله قريشاً في قيلهم لرسول الله لما أبطأ عليه الوحي: قد ودع محمداً ربُه وقلاه) ... وقال القرطبي: (كان جبريل - عليه السلام - أبطأ على النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فقال المشركون: قلاه الله وودعه فنزلت الآية) ... انتهى

    §
    إذن فلأمر ببساطة أنه عندما أدعى المشركون توديع رب محمد صلى الله عليه وسلم له وانقطاع الوحي عنه ... فجاء الإرسال من السماء بهذه السورة " وَالضُّحَى ... وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى ... مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى " الضحى 1-3 ... والتي جاءت معانيها تلقم الحجارة وتقطع الألسنة لكل كاره لمحمد صلى الله عليه وسلم بتأكيد استمرارية وحي السماء رغم أنف الحاقدين ... بل وتبشره بما ورد بعدها من آيات " وَلَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَّكَ مِنَ الْأُولَى ... وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى " الضحى 4-5

    §
    لقد قيض الله لرسوله الكريم رجالا فرزوا وصنفوا ما قاله ... وبينوا الصحيح منه والضعيف والمنكر وغير ذلك ... ونحن كمسلمين لا نعتد إلا بكلام الله المنزل من السماء وما ورد عن رسوله الكريم من سنة صحيحه فقط ... أما بخلاف ذلك فكلٌ يؤخذ من كلامه ويرد عليه إلا المعصوم صلى الله عليه وسلم ... وهذه هي القاعدة الذهبية التي يجب أن يعيها كل من يحاول أن يطعن في الإسلام بالاستعانة بما ضعف ووهن من كلام نُسب / يُنسب / يُدس / يُقوّل لرسول الله صلى الله عليه وسلم ..

    §
    ولذلك نود أن نطمئن السيد الناقد على أنه لا يوجد في الإسلام ما يسمى بأقوال " آباء المساجد " يتم تقديسها على غرار ما يقوم به النصارى من تقديسهم لأقوال آباء وكهنة الكنيسة ... كما لا يوجد للمسلمين مجامع على غرار مجمع " نيقيه " ... أو مجمع " خلقدونيه " يبحثون فيها عن حقيقة محمد صلى الله عليه وسلم ... أهو الخالق ... أم مخلوق ... أو هو إله أو عبد إلى غير ذلك من أمور لا مجال لسردها ...

    §
    لقد تبين مما تقدم عدم صحة ما قاله السيد الناقد من الناحية الفنية لأنه يتعلقُ بروايةٍ مَكْذوبةٍ موضوعة ... لكن بالإضافة الى ذلك فإنه لا يعقل وجود جثة كلب ميت !!! أو حتى فأر ميت !!! أياماً عديدة تحت سرير ولا تنبعث منه رائحة منتنة ينتبه اليها أحد ... أو يفر منها من سينام فوق هذا السرير !!! ولا يُكتشف ذلك إلا بمكنسة ... وهو أمر لا ينطلي على عقلية طفل ... لكن هذا يدل على تهافت الناقد بالتعلق بروايةٍ مَكْذوبةٍ موضوعة، ويدل أيضاً على تحامُلِهِ، وحِرْصِه على إِثارةِ الشبهاتِ ضدَّ القرآن، ولو لم يَكُنْ عليها دَليلٌ أَوْ بُرْهان صحيح !!!

    §
    ولكن ما السبب وراء اهتمام السيد الناقد بالكلاب ؟؟؟ وقوله: ألم يكن أغلب الأنبياء كإبراهيم وإسحق ويعقوب وموسى وداود رعاة أغنام وتحرسها الكلاب ؟؟؟ ربما لأن في عقله الباطن القصة التي نسبها كتبة الأناجيل للسيد المسيح عليه السلام ... من تجاهله واحتقاره (حاشاه) وصمته عن توسلات المرأة الكنعانية التي جاءته تسترحمه في أن يشفي ابنتها ... بل وكان رد فعله عنيفاً قاسياً فظاً جافاً ... ولكن كيف كان ذلك كذلك ؟؟؟

    §
    " وَإِذَا امْرَأَةٌ كَنْعَانِيَّةٌ خَارِجَةٌ مِنْ تِلْكَ التُّخُومِ صَرَخَتْ إِلَيْهِ قَائِلَةً: " ارْحَمْنِي، يَا سَيِّدُ، يَا ابْنَ دَاوُدَ ... اِبْنَتِي مَجْنُونَةٌ جِدًّا " متى 15/22 ... فماذا كان رد السيد المسيح عليها ؟؟؟ " فَلَمْ يُجِبْهَا بِكَلِمَةٍ " متى 15/ 23 ... فماذا حدث بعد ذلك ؟؟؟ " فَتَقَدَّمَ تَلاَمِيذُهُ وَطَلَبُوا إِلَيْهِ قَائِلِينَ: " اصْرِفْهَا، لأَنَّهَا تَصِيحُ وَرَاءَنَا " متى 15/23...فهل صرفها المسيح ... أم ماذا فعل؟؟؟ "فَأَجَابَ وَقَالَ: " لَمْ أُرْسَلْ إِلاَّ إِلَى خِرَافِ بَيْتِ إِسْرَائِيلَ الضَّالَّةِ ". متى 15/24...وحيث أن هذه المرآة ليست من بيت إسرائيل ... إذن فلا علاقة للمسيح بها !!! فما كان من المرآة المسكينة هذه الا ان تذللت واهانت نفسها وقال للمسيح " فَأَتَتْ وَسَجَدَتْ لَهُ قَائِلَةً: " يَا سَيِّدُ، أَعِنِّي " متى 15/25...فهل اعانها السيد المسيح أم أمعن في إذلالها ؟؟؟ الإجابة لا ... إذن فماذا فعل ؟؟؟ لقد نُسِبَ للسيد المسيح احتقاره لتلك المرأة ووصفه لها بالكلبة مما حطّ من قدرها كبشر حيث قال: " فَأَجَابَ وَقَالَ:" لَيْسَ حَسَنًا أَنْ يُؤْخَذَ خُبْزُ الْبَنِينَ وَيُطْرَحَ لِلْكِلاَب " متى 15/26...ويعنى " بالبنين " بنو إسرائيل (أي السادة) أما الكلاب فهم الكنعانيون (أي العبيد ومنهم تلك المرأة) الذين كانوا يسكنون فلسطين قديماً... وبالتالي كل من ليس هو يهودياً (مثل تلك المرأة) فهو من الكلاب ... ولكن نظراً لحاجة المرأة الشديدة لشفاء ابنتها بالطبع ... عاودت التذلل وامتهان نفسها مرة أخرى للمسيح وقالت له بعبارة بليغة: " نَعَمْ، يَا سَيِّدُ! وَالْكِلاَبُ أَيْضًا تَأْكُلُ مِنَ الْفُتَاتِ الَّذِي يَسْقُطُ مِنْ مَائِدَةِ أَرْبَابِهَا!".إنجيل متى 15/27 ...حينئذ فقط اُحرج المسيح امام تلاميذه بردود وبلاغة وإصرار تلك المرأة: " حِينَئِذٍ أَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهَا: "يَا امْرَأَةُ، عَظِيمٌ إِيمَانُكِ! لِيَكُنْ لَكِ كَمَا تُرِيدِينَ" ... فَشُفِيَتِ ابْنَتُهَا مِنْ تِلْكَ السَّاعَةِ " متى 15/28

    § هذا ونود أن نخبر الناقد ... أن من ضمن الدروس المستفادة من سورة الضحى التي كانت موضع سؤال سيادته ... أنه قد ورد بها قوله تعالى: " وَأَمَّا السَّائِلَ فَلَا تَنْهَرْ " الضحى 10 ... ولذلك فقد تعجبتُ حينما نَهَرَ وزجر السيد المسيح الوديع المحب هذه المرأة بل ووصفها بالكلبة !!! فذهبت لتفسير أنطونيوس فكرى لذلك فوجدته يقول: " رقة المسيح في قوله " كلاب " للمرأة الكنعانية !!! ظهرت في نوع الكلمة التي استخدمها ... فالكلمة (أي الكلاب) التي يستخدمها اليهود كلمة تنم على الاحتقار ... وهي نفس الكلمة التي استخدمها بولس الرسول في رسالته إلى أهل فيلبي 3/2 ... أمّا السيد فاستخدم هنا كلمة تشير للكلاب المدللة ... وغالبًا قالها المسيح للمرأة بنظرة حانية " !!! انتهى تفسير انطونيوس فكرى ... ولكن هذه المرأة لم تقتنع اطلاقاً بالطبع بوصف المسيح لها بأنها كلبه مدللة ... ولم تعتبرها كلمة حانية أو تدل على رقة المسيح كما ذكر ذلك القمص أنطونيوس فكرى في تفسيره الذي ذكرناه ... بل اعتبرتها كلمة مهينة وجارحة ... ولماذا ؟؟؟ لأن ردها على السيد المسيح بعد سماعها هذا الوصف الجارح المذل المهين ... حمل في طياته وترجمت كلماته أقسى معاني الحزن والذل والمهانة والألم ... حيث قالت: " نَعَمْ، يَا سَيِّدُ! وَالْكِلاَبُ أَيْضًا تَأْكُلُ مِنَ الْفُتَاتِ الَّذِي يَسْقُطُ مِنْ مَائِدَةِ أَرْبَابِهَا!". إنجيل متى 15/27

    § والكلاب المدللة لا تأكل بالطبع مِنَ الْفُتَاتِ الَّذِي يَسْقُطُ مِنْ مَائِدَةِ أَرْبَابِهَا ... ولكن لها طعامها الخاص الذي قد يفوق طعام بعض البشر ثمناً ... بل ويخصص له أقساماً في كبريات المتاجر والسلاسل التجارية ... وهذا ما لا ينكره أحد ... ووصف بعض البشر بالكلاب ورد أيضاً في رسالة بولس الى أهل فيلبي " اُنْظُرُوا الْكِلاَبَ ... انْظُرُوا فَعَلَةَ الشَّرِّ ... انْظُرُوا الْقَطْعَ." فيلبي 3/2... وحسب تفسير أنطونيوس فكرى لذلك: " انظروا: معناه احذروا واحترسوا وافتحوا عيونكم ... الكلاب الجربانة الضالة التي تجرى في الشوارع مُهْمَلَةْ ... وهذه الكلمة استخدمها اليهود واليونانيين ككلمة توبيخ ... وهذه هي الكلمة المستخدمة هنا ... فهم نبحوا ضد بولس عندما قاومهم، ككلاب مسعورة ... وهم ينهشون جسم المسيح *********) ليخطفوا ما يستطيعون اختطافه من المؤمنين ... والكلب رمز للنجاسة في العهد القديم (تث18:23) ... لأنه يأكل من الزبالة والقذارة ... ولذلك أطلق اليهود على الأمم لفظ كلاب لوثنيتهم ونجاستهم التي يحيون فيها، وبهذا فهم منفصلين عن شعب الله وعن الله. انتهى تفسير أنطونيوس فكرى

    § بالتأكيد لا عاقل يرضى ويتقبل أن يطلق عليه أي مخلوق مهما كان لفظ " الكلب " ... سواء أكان هذا الكلب كلباً مدللاً أو كلباً مترفاً أو منعماً ... أو حتى إذا كان هذا الكلب هو رئيس أو زعيم الكلاب بكوكب الأرض قاطبة ... ولن يرضخ أي أحد ويتقبل لسماعه ذلك الا على مضض واحتياج شديد منه لهذا المخلوق المعتدى عليه بهذا اللفظ ... والذي استغل الظروف فأذل وامتهن الآخرين ... ونطلب من السيد الناقد أن يحدث نفسه ويخبرنا عن ماذا سيكون موقفه إذا وجه له أحداً علانية (كما حدث مع تلك المرأة) ... مثل ذلك اللفظ لا قدر الله ؟؟؟ وإننا في هذا المقام نذكر السيد الناقد بما ورد عنده في إنجيل متى 7/5 ... " يَا مُرَائِي ... أَخْرِجْ أَوَّلاً الْخَشَبَةَ مِنْ عَيْنِكَ ... وَحِينَئِذٍ تُبْصِرُ جَيِّدًا أَنْ تُخْرِجَ الْقَذَى مِنْ عَيْنِ أَخِيكَ !!! " ...

    §واليكم النصوص التي ورد فيها لفظ "كلب " في متى 15/26-27 في نسخة الملك جيمس (KJV)


    26But he answered and said, It is not meet to.
    take the children's bread, and to cast {cf15I it} to dogs.

    27And she said, Truth, Lord: yet the dogs eat of the crumbs, which fall from their masters' table.



    والله تعالى أعلم وأعظم

    يتبع بإذن الله وفضله




    أول كتاباتى
    الكتاب الإلكترونى الكلمة وأخوتها فى القرآن الكريم
    http://www.4shared.com/file/Q2tkcCe1/_______.html
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  10. #20
    تاريخ التسجيل
    Jul 2011
    المشاركات
    469
    الدين
    الإسلام
    آخر نشاط
    15-05-2023
    على الساعة
    06:05 PM

    افتراضي




    الرد على السؤال رقم 21: جاء في سورة هود 114 " وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ ... إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ " ... قال الناقد أن الترمذي روى عن أبى اليسر قال: " أَتَتْنِي امرأةٌ تَبْتَاعُ تَمْرًا، فقلتُ: إنَّ في البيتِ تَمْرًا أَطْيَبَ منه، فدَخَلَتْ مَعِيَ في البيتِ، فأَهْوَيْتُ إليها، فقَبَّلْتُها ... فأَتَيْتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فذَكَرْتُ له ... وأَطْرَقَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم طويلًا حتى أُوحِيَ إليه: وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ ... (يعني أن الصلوات الخمس يُذهبن الخطيئات ويكفّرن عنها) قال أَبُو الْيَسَرِ: فأَتَيْتُهُ، فقرأها عَلَيَّ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ، فقال أصحابُه : يا رسولَ اللهِ ، أَلِهَذَا خاصَّةً أم للناسِ عامَّةً ؟ قال : بل للناسِ عامَّةً ... (السيوطي في سبب نزول سورة هود 114).
    والناقد يسأل: كيف يقترف الناس الشرور ثم يكفرون عنها بالصلوات الخمس ؟؟؟ ألا ينافي هذا قداسة الله وعدله ؟؟؟ فإنه لا يمكن التكفير عن الخطية إلا بسفك دم كقول الإنجيل: بِدُونِ سَفْكِ دَمٍ لَا تَحْصُلُ مَغْفِرَةٌ (عبرانيين 9: 22) ... وكيف يستخفون بخطية هي أشنع وأفظع شيء أمام الله؟؟؟ قال المسيح: إِنَّ كُلَّ مَنْ يَنْظُرُ إِلَى امْرَأَةٍ لِيَشْتَهِيَهَا ... فَقَدْ زَنَى بِهَا فِي قَلْبِهِ ... متى 5/28


    الرد على سؤال السيد الناقد


    § بالفعل إن الزنى كما قال السيد الناقد من أشنع وأفظع الجرائم أمام الله ... ولا يجوز الاستخفاف بها ... لذلك فقد حرّم الله مجرد الاقتراب من الزنى ... فما بالنا من يقع فيه ؟؟؟ قال تعالى: " وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا " الإسراء 32 ... هذا وجعل الله القدوس العادل للزنى عقوبة دنيوية قال تعالى: " الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ ... وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ ... وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ " النور 2 ...

    § إن العدل يتطلب القصاص من الخاطئ ومقترف الشر ... فمرتكب كبائر الذنوب والآثام والجرائم الشديدة ... كقتل النفس بغير حق ... وأكل أموال الناس بالباطل ... والخوض في اعراض الناس ... وأيضاً من ارتكب فاحشة مثل الزنا وشرب الخمر ... فيجب أن يُعظم عليه العقاب ... ولذلك شرع الإسلام حدوداً وعقوبات لذلك الكل يعرفها ... بهدف أن يستقيم الأمر ... وشرعت أيضاً كافة المجتمعات عقوبات للردع والتأديب والتربية ... لأن من أمِن العقوبة أساء الأدب ؟؟؟


    §
    وإذا كان الناقد يقول ان المسيح قال: " إِنَّ كُلَّ مَنْ يَنْظُرُ إِلَى امْرَأَةٍ لِيَشْتَهِيَهَا، فَقَدْ زَنَى بِهَا فِي قَلْبِهِ " متى 5/28 ... فقد قال أخيه محمد صلى الله عليه وسلم أيضاَ: " العينان تزنيان وزناهُما النظرُ ... والأذنُ تزني وزناها السمعُ ... واللسانُ يزني وزناه المنطقُ ... واليدُ تزني وزناها البطشُ ... والرجلُ تزني وزناها المشيُ ... والقلبُ يتمنى ويشتهي ... والفرجُ يصدّقُ ذلك أو يكذبُه " المحدث: ابن تيمية | المصدر: مجموع الفتاوى ... الصفحة أو الرقم: 17/30

    § ومن ناحية أخرى فإن حكم رجم الزناة ما زال مدرجاً في توراة اليهود الموجودة بين ايدي النصارى اليوم ..." إِذَا كَانَتْ فَتَاةٌ عَذْرَاءُ مَخْطُوبَةً لِرَجُل، فَوَجَدَهَا رَجُلٌ فِي الْمَدِينَةِ وَاضْطَجَعَ مَعَهَا ... فَأَخْرِجُوهُمَا كِلَيْهِمَا إِلَى بَابِ تِلْكَ الْمَدِينَةِ وَارْجُمُوهُمَا بِالْحِجَارَةِ حَتَّى يَمُوتَا. " التثنية 22/ 23-24 ... هذا ومن المفروض أن يلتزم أيضاً بذلك الحكم النصارى لأنه منسوب للسيد المسيح أنه قال: " لاَ تَظُنُّوا أَنِّي جِئْتُ لأَنْقُضَ النَّامُوسَ أَوِ الأَنْبِيَاءَ ... مَا جِئْتُ لأَنْقُضَ بَلْ لأُكَمِّلَ. " متى 5/17

    § ولذلك فقد تعجبنا من قضية المرأة الزانية التي رفعها اليهود للسيد المسيح ... وطلبوا منه أن يرجموها بالحجارة ... كما نصت على ذلك شريعة موسى عليه السلام ... فقال لهم المسيح: " مَنْ كَانَ مِنْكُمْ بِلَا خَطِيَّةٍ ... فَلْيَرْمِهَا أَوَّلاً بِحَجَرٍ " إنجيل يوحنا 8/ 7 ... فانسحبوا من حولها فعفا المسيح عنها وقال لها " اذْهَبِي وَلَا تُخْطِئِي أَيْضاً " إنجيل يوحنا 8/11!!! ولا ندرى لماذا نقض السيد المسيح حكم الرجم المنصوص عليه في شريعة أخيه النبي موسى عليه السلام ؟؟؟ بل ولماذا أيضاً لم يرجمها هو ... إذا كان الأمر يتوقف على أنه يشترط أن يكون من يقوم بالرجم بلا خطية كما ذكر المسيح ؟؟؟ والمعروف أن المسيح كان الوحيد بلا خطية كما يؤمن بذلك النصارى !!!

    §
    ولكن ازداد العجب عجباً عندما اطلعنا
    على ما ورد في تفسير القس أنطونيوس فكري بخصوص ذلك فوجدناه يقول: " حدث في القرون الأولى أن بعض النساخ لم يكتبوا هذه الآيات لأنهم ظنوها تشجع على الخطية ... ولكن هذه القصة موجودة في معظم النسخ (أي وليس في كل النسخ) وبالذات في النسخ القديمة جدًا ... " انتهى تفسير أنطونيوس فكري ... ولا أدرى هل كانت كتابة وحي السماء في القرون الأولى تتم بطريقة اختيارية أو انتقائية أو ظنية ؟؟؟ وهل يمكن الاعتماد على محتوى كتاب خضع لهوى وظن النساخ بالحذف والاضافة !!!

    § وإذا اعترف المفسرون كما رأينا بحذف النساخ نصاً ظناً منهم انه يشجع على الخطية ... فما الذى يضمن محذوفات بل واضافات أخرى في الكتاب المقدس ... لان من تجرأ وحذف مره في وحى السماء للأرض ... يحذف ويضيف الف مره ... ولذلك صدق الله العظيم فقد قال: " فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ " البقرة 79... وأيضا قال: " يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِنْ بَعْدِ مَوَاضِعِهِ " المائدة 41... ولذلك ننصح السيد الناقد بالتفرغ والتركيز في مراجعة وتنقية ما كتبه النساخ منذ رفع المسيح للسماء ... ولا يشغل باله ووقته الثمين في قراءة كتب غيره التي لا يؤمن بها سيادته ... ونذكر سيادته بما ورد في انجيل متى 7/5 ..." يَا مُرَائِي ... أَخْرِجْ أَوَّلاً الْخَشَبَةَ مِنْ عَيْنِكَ ... وَحِينَئِذٍ تُبْصِرُ جَيِّدًا أَنْ تُخْرِجَ الْقَذَى مِنْ عَيْنِ أَخِيكَ !!! " ...

    §
    لقد غفر السيد المسيح (وهو الله رب العالمين كعقيدة النصارى) وبغير حسابللمرأة الزانية التي احضروها له وعفا عنها ... وبالتالي ستدخل الجنة رغم ارتكباها فعلياً فاحشة الزنا لأنه قال لها ... " وَلاَ أَنَا أَدِينُكِ ...اذْهَبِي وَلاَ تُخْطِئِي أَيْضًا " يوحنا 8 / 11... وطبقاً لما ورد في تفسير انطونيوس فكرى لقصة المرأة الزانية فإن السيد المسيح: " لم يتسامح مع الزنا بل حمل هو الخطية وأدانها بجسده " وأنه ..." أتي ليحمل خطايانا ويحرقها في جسده (على الصليب) " انتهى التفسير ... فنحن نتساءل عن الحكمة في أن يتجسد الله رب العالمين خالق السماوات والأرض وما بينهما ويُهان ويُضرب ويُبصق عليه ثم يُصلب ويسفك دمه (كما يؤمن بذلك النصارى) عوضاً عمن قتل أو زنى أو سرق أو أجرم في حق البشرية ... ثم يُعفى بعد ذلك عن المجرم بل ويكافأ بالجنة ونعيمها ؟؟؟؟ وإذا كانت الإجابة بان الحكمة في ذلك أن الله يحبنا ... نقول ... وهل من العدل والحب ان يتساوى الجاني مع المجني عليه ... والظالم مع المظلوم ... والمعتدى مع المعتدى عليه ... ولماذا لا تطبق القاعدة العادلة ... " فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ ... وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ " الزلزلة 6 -7

    §
    والناقد يسأل: كيف يقترف الناس الشرور ثم يكفرون عنها بالصلوات كما ورد بالحديث الذي ذكره الناقد " أَتَتْنِي امرأةٌ تَبْتَاعُ تَمْرًا ....) ؟؟؟وشرح هذا الحديث هو: أن رَجلًا أصابَ مِنِ امْرأةٍ قُبلةً ... أيْ: قَبَّلَ امرأةً ... فأتى النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فأخبرَه بما جَرى ... فأنزلَ اللهُ هذه الآيَةَ: {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ} هود114... أي: صَلِّ الصَّلواتِ الَّتي تَكونُ في طَرَفَيِ النَّهارِ، وهُما الصُّبحُ والظُّهرُ، {وَزُلَفًا مِنَ اللَّيلِ}، أي: ساعاتٍ مِن أوَّلِه، وَالمَعنى: صَلِّ الصَّلاتَينِ اللَّتَينِ تَكونانِ في أوَّل اللَّيلِ وهُما المَغرِبُ والعِشاءُ: {إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ} يُكفِّرنَ السَّيِّئاتِ، وهيَ صَغائِرُ الذُّنوبِ، فسألَ الرَّجلُ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عَليه وسلَّم فقال: يا رَسولَ اللهِ، ألي هَذا؟ يَعني: بِسُؤالِه هذا أنَّ هذا الحُكمَ خاصٌّ بي وَحدي؟ فَقالَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عَليه وسلَّم: لِجميعِ أُمَّتي كُلِّهم، وفي هذا تَأكيدٌ مِنَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عَليه وسلَّم بَعدَ تَأكيدٍ; لِيَشملَ هذا المَوجودينَ والمَعدومينَ، يَعني: هذا لَهُم وأنتَ مِنهُم ...§ونذهب أيضاً لتفسير الطنطاوي لنفهم معنى قوله تعالى "إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ " هود 114... أي إن الأعمال الحسنة (كالصلاة والزكاة والصيام والحج والاستغفار) ... يذهبن الأعمال السيئات ... أي يذهبن المؤاخذة عليها ... ويذهبن الاتجاه إليها ببركة المواظبة على الأعمال الحسنة ... والمراد بالسيئات هنا صغار الذنوب لقوله تعالى " إِن تَجْتَنِبُواْ كَبَآئِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُّدْخَلاً كَرِيماً " النساء 31... ولقوله تعالى " الذين يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الإثم والفواحش إِلاَّ اللمم إِنَّ رَبَّكَ وَاسِعُ المغفرة "النجم 32... ولأن كبائر الذنوب لا تكفرها إلا التوبة الصادقة ... انتهى تفسير الطنطاوي

    § هذا ولا ندرى أي منطق لاعتراض الناقد على وعد الله الغفور التواب الرحيم بقبول التوبة الصادقة النصوحة ... لأصحاب الصغائر ومحقرات الاعمال ... طالما كانوا من اصحاب الهمم والعزيمة وتجنبوا ارتكاب الكبائر او الفواحش خشية الله سبحانه وتعالى !!! بل وبرهنوا على صدق توبتهم بأداء الأعمال الصالحة !!! إن الحادثة المذكورة تَدُلُّ على أَنَّ أَحَدَ المسلمين زَلَّتْ قَدَمُه، وارتكبَ ذَنْباً، حيثُ قَبَّلَ امرأةً قُبْلَةً مُحَرَّمَة، ثم استيقظَ ضَميرُه، وشَعَرَ بِذَنْبِهِ، واستغفَرَ اللهَ، وتابَ إِليه، وأَتى النبيَّ صلى الله عليه وسلم مُسْتَسْلِماً، واضِعاً نَفْسَه بينَ يَدَيْه، ليَحْكُمَ فيه بأَمْرِه ... ولاحَظَ الرسولُ صلى الله عليه وسلم صِدْقَ الرجلِ في تَوبتِه، وإقلاعَهُ عن ذَنْبِه، وحِرْصَه على الإكثارِ من الحسنات، فأَخبره أَنَّ الحسناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئات ...

    § إذن من جاهد نفسه ومنعها من الكبائر ... ولكنه كبشر غير معصوم بالطبع من الوقوع في الصغائر ومحقرات الاعمال بدونِ قَصْدٍ أَو تَعَمّد ... كالكلمةِ الخَطَأ، والنظرةِ الخَطَأ، والموقفِ الخَطَأ، والشعورِ الخَطَأ ... فإذا اعترفَ هذا المخطئ بذنْبِه وسارعَ إِلى التوبةِ والاستغفار بتوبة صادقة نصوحاً لله تعالى مباشرة ... واتبعَ السيئاتِ بالحسناتِ ... فالله يعده بالرحمة بأن يغفر له ذلك... "إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ" هود 114 ... كمكافأة تشجيعية له صادرة عن علم الله الشامل للظواهر والبواطنوتَرغيباً له في الاستمرارِ على طريقِه الإِيجابيِّ بعدَ التوبة... وأيضاً لتحفيز غيره ... قال تعالى " هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ إِذْ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَإِذْ أَنْتُمْ أَجِنَّةٌ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ " النجم 32... أي: هو سبحانه أعلم بكم من وقت إنشائه إياكم من الأرض ... ضمن خلقه لأبيكم آدم ... ومن وقت أن كنتم أجنة في بطون أمهاتكم ... يعلم أطواركم فيها ... ويرعاكم برحمته ... إلى أن تنفصلوا عنها " تفسير الطنطاوي ... وهذا من رحمةِ اللهِ بالمؤمنين، فهو يَعلمُ أَنه لا بُدَّ للمؤمنِ أَنْ يَضعفَ ويَزِلَّ ويُخطئَ ويُذْنِب ... لأنه غيرُ معصومٍ من الأَخطاءِ والذنوب ... هذا شريطة الا تكون التوبة من ذنب من حقوق او مظالم العباد مهما كان صغيراً ... حيث لا تصح التوبة حينئذ إلا بعد رد الحقوق والمظالم إلى اصحابها ...وبذلك تحقق عدل الله ... وتحققت أيضاً رحمته ...

    §
    إن المسلمُ إذا أَخْطَأَ بدونِ قَصْدِ، وَوَقَعَ في ذنْبٍ بدون تَعَمُّد، ثم استغفرَ اللهَ وأَكثر مَن مظَاهر عبادتِه وطاعتِه لربه ... فإنّ اللهَ يغفرُ لهذا المسلم التائبِ، المنيبِ لرَبّه، المقْلعِ عن ذَنْبِه، الذي برهن على توبته الصادقة بعَملَ الحسناتِ بعدَ السيئات ... هذا والآيةُ الكريمة وأحاديث رسولِ الله عليه الصلاة والسلام تُوَجَّهُ التائب وترغبه في الاستمرارِ على الطريقِ الإِيجابيِّ بعدَ التوبة: " إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ "هود 114

    §
    إن السيد الناقد لم يجد ما يطعن به القرآن الكريم وحديث رسول الله فمدحهما دون أن يدري ... وكيف ؟؟؟ فسيادته يطلب أن يغلق الله الرحمن الرحيم باب المغفرة في وجه من يريد أن تغفر له خطيئته ويعمل الاعمال الصالحة التي تساعده على ذلك ... ليرتاح ضميره ويشعر بالسلام وبفرح الغفران ... ليكون بديل ذلك فتح باب اليأس والاحباط للمذنب فيزداد في المعصية.

    §
    إن الناقد بطلبه غلق الله لباب الرحمة والمغفرة يعارض ما قاله السيد المسيح: " أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّهُ هكَذَا يَكُونُفَرَحٌفِيالسَّمَاءِبِخَاطِئٍ وَاحِدٍ يَتُوبُ ... أَكْثَرَ مِنْ تِسْعَةٍ وَتِسْعِينَ بَارًّا لاَ يَحْتَاجُونَ إِلَى تَوْبَةٍ "لوقا 15/7 ... ويعارض أيضاً قول المسيح: " فَاذْهَبُوا وَتَعَلَّمُوا مَا هُوَ: إِنِّيأُرِيدُرَحْمَةًلاَذَبِيحَةً ... لأَنِّيلَمْ آتِلأَدْعُوَأَبْرَارًا بَلْ خُطَاةً إِلَى التَّوْبَةِ " ... وأيضاً يعارض القاعدة الهامة التي وردت في العهد القديم أي قبل ميلاد المسيح ... وهي أن مهما كان شر الشرير فالله يقبله لو تاب ... (كما ورد في تفسير انطونيوس فكرى عند شرحه لما ورد في سفر حزقيال 33/ 14 -16) ... " وَإِذَا قُلْتُ لِلشِّرِّيرِ: مَوْتًا تَمُوتُ ... فَإِنْ رَجَعَ عَنْ خَطِيَّتِهِ وَعَمِلَ بِالْعَدْلِ وَالْحَقِّ ... إِنْ رَدَّ الشِّرِّيرُ الرَّهْنَ وَعَوَّضَ عَنِ الْمُغْتَصَبِ ... وَسَلَكَ فِي فَرَائِضِ الْحَيَاةِ بِلاَ عَمَلِ إِثْمٍ، فَإِنَّهُ حَيَاةً يَحْيَا لاَ يَمُوتُ ... كُلُّ خَطِيَّتِهِ الَّتِي أَخْطَأَ بِهَا لاَ تُذْكَرُ عَلَيْهِ ... عَمِلَ بِالْعَدْلِ وَالْحَقِّ فَيَحْيَا حَيَاةً. " سفر حزقيال 23/14-16... وهذا النص يبرهن بوضوح على أن باب التوبة وقبولها من الله وقبل ميلاد المسيح ... مفتوح حتى للشرير ...

    § والناقد يقول إنه لا يمكن التكفير عن الخطية إلا بسفك دم كقول الإنجيل " بِدُونِ سَفْكِ دَمٍ لَا تَحْصُلُ مَغْفِرَةٌ " (عبرانيين 9: 22) !!!وحتى نفهم معنى ذلك ذهبنا الى كتاب الخلاص في المفهوم الأرثوذكسي لقداسة البابا شنودة الثالث – لا خلاص إلا بدم المسيح وحده – موقع الأنبا تكلا ...


    والله تعالى أعلم وأعظم
    يتبع بإذن الله وفضله
    الرد على السؤال رقم 21




    أول كتاباتى
    الكتاب الإلكترونى الكلمة وأخوتها فى القرآن الكريم
    http://www.4shared.com/file/Q2tkcCe1/_______.html
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

صفحة 2 من 3 الأولىالأولى 1 2 3 الأخيرةالأخيرة

الرد على توهم لانتقادات للقرآن الكريم بعنوان أسئله لاهوتيه 2

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

المواضيع المتشابهه

  1. الرد على توهم لانتقادات للقرآن الكريم بعنوان أسئلة لاهوتية
    بواسطة سيف الإسلام في المنتدى شبهات حول القران الكريم
    مشاركات: 21
    آخر مشاركة: 06-10-2020, 05:33 PM
  2. الرد على توهم لانتقادات للقرآن الكريم بعنوان أسئلة علمية
    بواسطة سيف الإسلام في المنتدى شبهات حول القران الكريم
    مشاركات: 25
    آخر مشاركة: 14-01-2018, 06:04 PM
  3. الرد على توهم لإنتقادات للقرآن الكريم بعنوان أسئله إجتماعيه 1
    بواسطة سيف الإسلام في المنتدى شبهات حول القران الكريم
    مشاركات: 7
    آخر مشاركة: 09-10-2017, 07:28 PM
  4. الرد على توهم لانتقادات للقرآن الكريم بعنوان أسئلة اجتماعية
    بواسطة سيف الإسلام في المنتدى شبهات حول القران الكريم
    مشاركات: 16
    آخر مشاركة: 08-10-2017, 04:02 PM
  5. الرد على توهم لانتقادات للقرآن الكريم بعنوان أسئلة جغرافية
    بواسطة سيف الإسلام في المنتدى شبهات حول القران الكريم
    مشاركات: 15
    آخر مشاركة: 03-02-2017, 09:38 PM

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  

الرد على توهم لانتقادات للقرآن الكريم بعنوان أسئله لاهوتيه 2

الرد على توهم لانتقادات للقرآن الكريم بعنوان أسئله لاهوتيه 2