أهل الكهف ودلائل الإعجاز
************************************************************ **************************
.
أهل الكهف أو أصحاب الكهف .. آية من آيات الله .. كان لهم عقول وقلوب بها يفقهون ويعقلون . ولهم أبصار وآذان بها يبصرون ويسمعون ..
أيقنوا وآمنوا بوحدانية الله " دون نبى أو رسول " ..
...
رأوا قومهم يعبدون آلهة لاتسمع ولاتبصر ولا تضر أو تنفع .. فنظروا وتأملوا وتفكروا وتدبروا ..
فهداهم الله إلى هداه وألهمهم الرشد والصواب وآمنوا وأيقنوا بأن هناك إلهٌ واحد هو ربهم ورب هذا الخلق وهو رب السماوات والأرض ..
كاشفوا القوم وأخبروهم بأن هناك إلهٌ لاإله غيره .. وأن آلهتهم التى يعبدوها ما أنزل الله بها من سلطان ..
حاول القوم إثناؤهم إلى الضلال وإلى اتباع شططهم وعبادة آلهتهم .. فربط الله على قلوبهم .. ولم يتبعوهم فى كفرهم وشركهم .

هددوهم وتوعدوهم إن ظلوا على توحيدهم لله .. فاعتزلوا القوم ولاذوا بالفرار .
يقول العزيز الحكيم :
{ إِذْ قَامُوا فَقَالُوا رَبُّنَا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَن نَّدْعُوَ مِن دُونِهِ إِلَهاً لَقَدْ قُلْنَا إِذاً شَطَطاً هَؤُلَاء قَوْمُنَا اتَّخَذُوا مِن دُونِهِ آلِهَةً لَّوْلَا يَأْتُونَ عَلَيْهِم بِسُلْطَانٍ بَيِّنٍ }
...
أهل الكهف كانوا فتيةً وشباباً فى مقتبل عمرهم .. هربوا من القوم نحو الجبال هربوا إلى صحراء وبيداء نائية وفيافى مخيفة ومظلمة
لكى يتوارواْ فيها عن عيون القوم ويتخفّوا عن أنظارهم .. وكان معهم كلبهم ..
دخلوا كهف من الكهوف فى إحدى الجبال .. وابتهلوا إلى الله بالدعاء أن يحفظهم ويتولاهم برحمته ويقيهم شر القوم حتى لايعيدوهم إلى عبادة غير الله ..
{ فَقَالُوا رَبَّنَا آتِنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَداً }
...
آتاهم الله تقواهم وزادهم هدى على هداهم .. ويسّر الله لهم ما كان عسيراً عليهم وما كان مستحيلاً فى مؤونة معيشتهم وقضاء شئون حياتهم ..
واستجاب الله لدعائهم وبسط عليهم وهيأ لهم من أمرهم مرفقا .
.
بقدرته وحكمته .. ألقى النوم عليهم وضرب على آذانهم .. فناموا .. ونام كلبهم ..
ضرب الله على آذانهم حتى لا تنفذ الأصوات إلى مسامعهم أو يخترقها ما يؤدى إلى إيقاظهم وصحوهم أو إلى أرقهم وانتباههم ..
وحتى يجعل الله نومهم فى راحة وهدوء وفى طمأنينة وسكينة وخلود . وفى سبات عميق .
{ فَضَرَبْنَا عَلَى آذَانِهِمْ فِي الْكَهْفِ سِنِينَ عَدَداً }
.
ومن آياته ومعجزاته .. حجب الله عنهم شر الخلق والخلائق ومنع عنهم كل ما يمكن أن يصيبهم بأى مكروه ( من الحشرات والزواحف أو الدواب ) ..
و
جعل الله فى كهفهم فجوة لكى يدخل منها الهواء ويلوح منها الفضاء .. من خلالها كانت الشمس تزورهم بعد مشرقها . وتتزاورهم
وتطل عليهم قبل مغربها .. فتقرضهم بأشعتها وحرارتها لكى تبنى أنسجتهم وتقوى عظامهم وحتى لايعترى أجسادهم عفن أو رطوبة
نتيجة سباتهم وخلودهم الدائم فى نومهم ..
{ وَتَرَى الشَّمْسَ إِذَا طَلَعَت تَّزَاوَرُ عَن كَهْفِهِمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَإِذَا غَرَبَت تَّقْرِضُهُمْ ذَاتَ الشِّمَالِ وَهُمْ فِي فَجْوَةٍ مِّنْهُ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ }
...
ناموا .. ونام كلبهم أمامهم باسطٌ ذراعيه بالوصيد ..
كانوا يتقلبون أثناء نومهم ويتحركون جهة اليمين وجهة اليسار حتى لا تتعرض جلودهم للقرحات أو التقرحات
وحتى لاتأكل الأرض أجسادهم أو يصيب أوعية دماؤهم جلطات أو تجلطات ..
من يراهم فى نومهم .. يحسبهم أيقاظاً أوأحياء لنضارة وجوههم .. ولو اطلع عليهم لأصابه الهلع والفزع من رؤيتهم بعد أن لبثوا فى نومهم هذا العدد من السنين ..
ومن يرى كلبهم وهو باسطٌ ذراعيه أمامهم .. يحسبه متيقظاً متحفزاً لحراستهم وحفظهم ..
يقول رب العرش العظيم :
{ وَتَحْسَبُهُمْ أَيْقَاظاً وَهُمْ رُقُودٌ وَنُقَلِّبُهُمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَذَاتَ الشِّمَالِ وَكَلْبُهُم بَاسِطٌ ذِرَاعَيْهِ بِالْوَصِيدِ لَوِ اطَّلَعْتَ عَلَيْهِمْ لَوَلَّيْتَ مِنْهُمْ فِرَاراً وَلَمُلِئْتَ مِنْهُمْ رُعْباً }
...
مضى الزمان .. بعثهم الله وأحياهم .. وأيقظهم الله بعد نومهم ..
هبّوا جوعى ظمآنين .. تساءلوا فيما بينهم .. كم لبثوا فى نومهم داخل كهفهم .. ؟ قال بعضهم بأنهم قد لبثوا يوماً أو بعض يوم ..
تناقشوا وتحاوروا لما قد أصبحوا عليه . وانتهوا بأن الله أعلم بما لبثوا وأنه سبحانه هو العزيز العليم وهو الذى يعلم غيب السماوات والأرض ..
{ وَكَذَلِكَ بَعَثْنَاهُمْ لِيَتَسَاءلُوا بَيْنَهُمْ قَالَ قَائِلٌ مِّنْهُمْ كَمْ لَبِثْتُمْ قَالُوا لَبِثْنَا يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالُوا رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثْتُمْ }
.
بعثوا رسولاً منهم لكى يأتهم بطعام وشراب يروى ظمأهم ويسد جوعهم ورمقهم .. وأعطوه ورقهم ونقودهم
وأشاروا عليه بأن يتلطف فى معاملته وأن يحترز ويحترس فى تعامله حتى لايعرفه أحداً من القوم أو يشعر به .
فيأتوا بهم ويرجموهم أو يعيدوهم إلى ملتهم فى كفرهم وشركهم بوحدانية الله ..
.
كشف البائع قِدم نقودهم وورق وعملة زمنهم ..
كان القوم قد أصبحوا من الصالحين المؤمنين يؤمنون بالله وبالبعث واليوم الآخر .
وكانوا يتناقلون الحديث عنهم وعن هروبهم من القوم الظالمين وعن اعتزالهم لما كانوا يعبدون . وكانوا يتوارثون البحث عن مكانهم وموضع اختفائهم ..
عثروا عليهم . وعلموا بأن وعد الله حق . وأيقنوا بأن الساعة لاشك ولاريب فيها .. وتبين لهم قدرة العزيز الرحيم وكيف يحيى الله العظام وهى رميم ..
يقول رب العالمين :
{ فَابْعَثُوا أَحَدَكُم بِوَرِقِكُمْ هَذِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ فَلْيَنظُرْ أَيُّهَا أَزْكَى طَعَاماً فَلْيَأْتِكُم بِرِزْقٍ مِّنْهُ وَلْيَتَلَطَّفْ وَلَا يُشْعِرَنَّ بِكُمْ أَحَداً إِنَّهُمْ إِن يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ يَرْجُمُوكُمْ
أَوْ يُعِيدُوكُمْ فِي مِلَّتِهِمْ وَلَن تُفْلِحُوا إِذاً أَبَداً وَكَذَلِكَ أَعْثَرْنَا عَلَيْهِمْ لِيَعْلَمُوا أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَأَنَّ السَّاعَةَ لَا رَيْبَ فِيهَا }
...
فى الأجل المسمى عند الله مات أهل الكهف ..
أقام القوم وشيدوا لهم بنياناً ليكون مزاراً لهم ولكل من يأتى بعدهم للعظة والعبرة والإعتبار ..
ومن جاءوا من بعدهم .. اتخذوا وشيدوا لهم مسجداً تخليداً لذكراهم وإكباراً لقدرهم وتعظيماً لشأنهم ..
يقول جل شأنه :
{ فَقَالُوا ابْنُوا عَلَيْهِم بُنْيَاناً رَّبُّهُمْ أَعْلَمُ بِهِمْ قَالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلَى أَمْرِهِمْ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِم مَّسْجِداً }
.
بعد موتهم اختلفوا فى شأنهم .. اختلفوا فى عددهم . وفى عدد ما لبثوا فى نومهم من العمر والسنين ..
منهم : من قالوا بأنهم كانوا ثلاثة فِتية ورابعهم كان كلبهم .
ومنهم : من قالوا بأنهم كانوا خمسة وسادسهم هو كلبهم .. ومن قالوا بأنهم كانوا سبعة وثامنهم كان كلبهم .
ومن القوم : من قالوا بأنهم لبثوا فى نومهم ثلاثمائة سنين ( بالسنوات الشمسية ) .
ومنهم: من قالوا بأنهم لبثوا ثلاثمائة وتسع سنين ( بالسنوات القمرية )
.
سبحانه وتعالى هو الأعلم بعدتهم وعددهم .. وسبحانه هو الأعلم بما لبثوا فى نومهم داخل كهفهم ..
يقول جل ذكره :
{ سَيَقُولُونَ ثَلَاثَةٌ رَّابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ وَيَقُولُونَ خَمْسَةٌ سَادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ رَجْماً بِالْغَيْبِ وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَثَامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ قُل رَّبِّي أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِم مَّا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا قَلِيلٌ
فَلَا تُمَارِ فِيهِمْ إِلَّا مِرَاء ظَاهِراً وَلَا تَسْتَفْتِ فِيهِم مِّنْهُمْ أَحَداً }
.
{ وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلَاثَ مِئَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعاً قُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثُوا لَهُ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ }
.
************************************************************ ************************************************************
سعيد شويل