التابوت وطالوت وجالوت
************************************************************ **************************

.
بعد رسالة سيدنا موسى عليه السلام أرسل الله إلى قوم بنى إسرائيل نبياً من الأنبياء لم يبين الله لنا اسمه فى كتابه ..
طلب منه القوم أن يدعو الله لهم بأن يختار من بينهم ملكاً يتولى أمرهم ويقودهم فى قتال جالوت وجنده ..
( جالوت وجنده كانوا قوماً مشركين حاربوا قوم بنى إسرائيل وأخرجوهم من ديارهم وتملكوا أرضهم )
فخشى نبى الله أن يدعو الله .. ثم يتخاذلوا ويتقاعسوا عن القتال والجهاد ..
فقالوا يا نبى الله إن جالوت وجنده أخرجونا من ديارنا وفرقوا بيننا وبين أبنائنا وتملكوا أرضنا وسوف نقوم بحربهم وقتالهم
فابتهل عليه السلام إلى الله ودعاه ..
...
أوحى الله إليه أن الملك الذى اختاره لهم واصطفاه من بينهم هو : طالوت ..
امتعضوا ولم يرتضوا به ..
وقالوا لنبى الله كيف يكون طالوت ملكاً علينا ونحن أحق بالملك منه .. وكيف يقودنا ويتولى أمرنا وهو فقير لاسِعة له من المال .

فأخبرهم عليه السلام بأن الله قد منحه قوة فى بِنيته ووهبه الله علماً واسعاً وعقلاً راجحاً ..
فطلبوا منه أن يأتهم بآية تدل على اصطفاء الله واختياره له ..
...

فقال لهم إن آية ملكه عليكم : أن يأتيكم التابوت وفيه بقية وأثر مما تركه آل موسى وآل هارون ..
شاهدوا آية الله " التابوت " .. فسكنت قلوبهم وارتضوا بأن يكون طالوت ملكاً عليهم يقودهم ويتولى أمرهم ..
...

قادهم الملك طالوت وسار بهم لقتال جالوت وجنده .. وأخبرهم بأنه أثناء مسيرهم سوف يمرون على نهر من الأنهار
حذرهم ألا يغترف أحد منهم من ماء هذا النهر إلا غرفة واحدة ولسوف تروى هذه الغرفة عطشهم وتطفىء ظمأهم ...
ما أن اقتربوا من النهر إلا وأقبلوا عليه وشربوا منه حتى ملأوا بطونهم .. والقليل منهم صبروا وأطاعوا واغترفوا منه غرفة واحدة ..
من خالفوا وعصوا الأمر : ثقُل عليهم القتال .. وقالوا لاطاقة لنا اليوم على قتال جالوت وجنده ..
.

ومن أطاعوا وصبروا : روتهم غرفة الماء وكفَتهم ومنحتهم قوة إلى قوتهم .. وكانوا فئة قليلة وكان من بينهم سيدنا داود ..
هبّوا للجهاد فى سبيل الله وابتهلوا إلى الله بأن يلهمهم الصبر وأن يثبت أقدامهم وينصرهم على القوم الكافرين ..
وقاتلوهم ونصرهم الله ..
وقام داود بقتل جالوت .. وتولى الملك على قوم بنى إسرائيل وآتاه الله العلم والحكمة وعلمه الله مما يشاء ..
يقول العلى العظيم :
{ أَلَمْ تَرَ إِلَى الْمَلإِ مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ مِن بَعْدِ مُوسَى إِذْ قَالُواْ لِنَبِيٍّ لَّهُمُ ابْعَثْ لَنَا مَلِكاً نُّقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللّهِ قَالَ هَلْ عَسَيْتُمْ إِن كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ أَلاَّ تُقَاتِلُواْ
قَالُواْ وَمَا لَنَا أَلاَّ نُقَاتِلَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَقَدْ أُخْرِجْنَا مِن دِيَارِنَا وَأَبْنَآئِنَا فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ تَوَلَّوْاْ إِلاَّ قَلِيلاً مِّنْهُمْ وَاللّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ اللّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكاً قَالُوَاْ أَنَّى يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنَا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِّنَ الْمَالِ قَالَ إِنَّ اللّهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ وَاللّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَن يَشَاءُ وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ وَقَالَ لَهُمْ نِبِيُّهُمْ إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَن يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَبَقِيَّةٌ مِّمَّا تَرَكَ آلُ مُوسَى وَآلُ هَارُونَ تَحْمِلُهُ الْمَلآئِكَةُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ فَلَمَّا فَصَلَ طَالُوتُ بِالْجُنُودِ قَالَ إِنَّ اللّهَ مُبْتَلِيكُم بِنَهَرٍ فَمَن شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَن لَّمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي إِلاَّ مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ فَشَرِبُواْ مِنْهُ إِلاَّ قَلِيلاً مِّنْهُمْ فَلَمَّا جَاوَزَهُ هُوَ وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ قَالُواْ لاَ طَاقَةَ لَنَا الْيَوْمَ بِجَالُوتَ وَجُنودِهِ قَالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُم مُّلاَقُو اللّهِ كَم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللّهِ وَاللّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ وَلَمَّا بَرَزُواْ لِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ قَالُواْ رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْراً وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ فَهَزَمُوهُم بِإِذْنِ اللّهِ وَقَتَلَ دَاوُودُ جَالُوتَ وَآتَاهُ اللّهُ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشَاءُ }
**********
.

اليهود بتحريفهم لكتبهم .. قالوا بأن التابوت الذى حملته الملائكة آية لهم على أن طالوت هو ملكهم .. مازال موجوداً لم يرفع ..
وأطلقوا عليه اسم " تابوت العهد " أو " تابوت الرب " ..
وبإفكهم وكذبهم .. زعموا أن الملك داود ( سيدنا داود ) بعد أن قتل جالوت شرع فى بناء هيكل للرب أطلقوا عليه " قدس الأقداس " لكى يضع فيه هذا التابوت ..
وأن الله أبى منه ذلك وقال له بأنه قد خاض حروباً كبيرة وأهرق دماءً كثيرة . وأنه سوف يولد ابن له اسمه سليمان سوف يقوم هو ببناء الهيكل ..
وجاء الملك سليمان وقام ببناء الهيكل ووضع التابوت بداخله .. إلا أن البابليون قاموا بتدميره فى حروبهم فأعاد قوم بنى إسرائيل بناءه ..
فجاء الرومان وقاموا بإحراقه
ولم يبق منه إلا الحائط الغربى " حائط البراق " وهو مايسمونه ويطلقون عليه " حائط المبكى " ..
.
بسفههم .. يزعمون أن حائط البراق هو الأثر الباقى من الهيكل وأن التابوت مازال موجوداً بداخله ..
فيأتون إليه ويقفون أمامه وينتحبون بالعويل والبكاء على ما أصابه من تدمير وإحراق . ويتخذون من ساحته منطلقاً للتنقيب والحفر للبحث عن التابوت بداخله .
وأوهموا الصليبيين بأنه فى حالة عثورهم على أى جزء منه أو أى أثر له فإن المسيح عيسى سوف يظهر لهم ويتولى هو بناء الهيكل ..

...
وبتحريفهم لكتبهم زعموا أن الله اختارهم من بين الأمم والأقوام وقال لهم " أنتم أولاد للرب إلهكم " وأمرهم بتحقيق وعده الذى وعد به
سيدنا إبراهيم والذى انتقل من بعده إلى إسحق ثم إلى يعقوب " إسرائيل " ثم إليهم .. وذلك باستعادة الأرض المقدسة من النيل إلى الفرات
وأطلقوا عليها اسم " أرض إسرائيل " أو " أرض الميعاد " ..

وبإفكهم وكذبهم قالوا بأنهم دون غيرهم هم من تناسلوا من نسل وذرية " سام " أحد أبناء سيدنا نوح عليه السلام ويطلقون على أنفسهم لقب " السامية " ..
ويترصدون لمن يناهضهم أو يدحض مزاعمهم ويدّعون بأن من يعارضهم أو يخالفهم فقد عاداهم وأن من عاداهم فقد عادى الله ..

...
والصليبيون بضعف أفهامهم وبلادة أذهانهم كالقطيع من خلفهم ..
نسوا أن اليهود هم من رموا السيدة مريم بالإفك والباطل والبهتان . وهم من كذبوا برسالة المسيح عيسى عليه السلام ..
وهم من عقدوا العزم والنية على قتله وصلبه فنجّاه الله من شرهم وكيدهم ورفعه من بينهم إلى السماء .. وهم من زعموا بأن رب العالمين
نزل إليهم وأنزل ابنه المسيح لكى يقتل ويصلب فداء منه وتضحية للتكفير عن خطيئة أبينا آدم وخطايا البشرية ..

وهم من أدخلوا الشك والريبة فى قلوب الحواريين النصارى فى إيمانهم وتوحيدهم لله ..
.
************************************************************ **************************
سعيد شويل