هل كان الربُّ لا يعرفُ مكانَ آدمَ بعدَ معصيتِه؟!

سألتُ أحدَهم سؤالًا هو: هل ربُّ العالمين المذكورُ في العهدِ القديمِ كان جاهلًا بمكانِ آدمَ u لم يعرفْ مكانِه بعدِ أنْ أكلَ مِن الشجرةِ...

وذلك بزعْمِ النصوصِ الواردِ في سفرِ التكوينِ الأصحاح 3 عدد 8 " وَسَمِعَا صَوْتَ الرَّبِّ الإِلهِ مَاشِيًا في الجنّةِ عِنْدَ هُبُوبِ رِيحِ النَّهَارِ، فَاخْتَبَأَ آدَمُ وَامْرَأَتُهُ مِنْ وَجْهِ الرَّبِّ الإِلهِ فِي وَسَطِ شَجَرِ الجنّة. 9فَنَادَى الرَّبُّ الإِلهُ آدَمَ وَقَالَ لَهُ: «أَيْنَ أَنْتَ؟». 10فَقَالَ: «سَمِعْتُ صَوْتَكَ في الجنّةِ فَخَشِيتُ، لأَنِّي عُرْيَانٌ فَاخْتَبَأْتُ». 11فَقَالَ: «مَنْ أَعْلَمَكَ أَنَّكَ عُرْيَانٌ؟ هَلْ أَكَلْتَ مِن الشجرةِ الَّتِي أَوْصَيْتُكَ أَنْ لاَ تَأْكُلَ مِنْهَا؟» 12فَقَالَ آدَمُ: «الْمَرْأَةُ الَّتِي جَعَلْتَهَا مَعِي هِيَ أَعْطَتْنِي مِن الشجرةِ فَأَكَلْتُ». 13فَقَالَ الرَّبُّ الإِلهُ لِلْمَرْأَةِ: «مَا هذَا الَّذِي فَعَلْتِ؟" فَقَالَتِ الْمَرْأَةُ: «الْحَيَّةُ غَرَّتْنِي فَأَكَلْتُ».14فَقَالَ الرَّبُّ الإِلهُ لِلْحَيَّةِ: «لأَنَّكِ فَعَلْتِ هذَا، مَلْعُونَةٌ أَنْتِ مِنْ جَمِيعِ الْبَهَائِمِ وَمِنْ جَمِيعِ وُحُوشِ الْبَرِّيَّةِ. عَلَى بَطْنِكِ تَسْعَيْنَ وَتُرَابًا تَأْكُلِينَ كُلَّ أَيَّامِ حَيَاتِكِ. 15وَأَضَعُ عَدَاوَةً بَيْنَكِ وَبَيْنَ الْمَرْأَةِ، وَبَيْنَ نَسْلِكِ وَنَسْلِهَا. هُوَ يَسْحَقُ رَأْسَكِ، وَأَنْتِ تَسْحَقِينَ عَقِبَهُ». 16وَقَالَ لِلْمَرْأَةِ: «تَكْثِيرًا أُكَثِّرُ أَتْعَابَ حَبَلِكِ، بِالْوَجَعِ تَلِدِينَ أَوْلاَدًا. وَإِلَى رَجُلِكِ يَكُونُ اشْتِيَاقُكِ وَهُوَ يَسُودُ عَلَيْكِ".

فقالَ لي: هناك آيةٌ في القرآنِ تقولُ: ]فَدَلَّاهُمَا بِغُرُورٍ فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الجنّة وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَنْ تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُلْ لَكُمَا إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُبِينٌ(22) [(الأعراف).

فكانَ ردّي كالتالي:

أولًا: إنَ نصَّ سفرِ التكوينِ يؤكّدُ لنا تمامَ التأكّدِ أنّ الربَّ لم يكنْ يعرفُ مكانَ آدمَ u... النصُّ يقولُ:" 9فَنَادَى الرَّبُّ الإِلهُ آدَمَ وَقَالَ لَهُ: «أَيْنَ أَنْتَ؟" ".

وأتساءل: هل الربُّ ليس كلّيَّ المعرفةِ، يجهلُ مكانَ آدمَ...؟!

بينما الآيةُ القرآنيةِ ليس فيها أنّ اللهَI كانَ جاهلًا بمكانِ آدمَ u، بل خاطبَه مباشرةً هو وزوجتَه... في عدّةِ مواضعَ بعدَ الأكلِ مِن الشجرةِ كما يلي:

قولُه I: ]وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَنْ تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُلْ لَكُمَا إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُبِينٌ(22) [(الأعراف).

قولُه I: ]فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ وَقُلْنَا اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ(36) فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ(37) [) البقرة).


ثانيًا: إنّ الملاحظَّ مِن نصوصِ سفرِ التكوينِ أنّ المرأةَ(حواءَ) هي صاحبةُ الخطيئةِ (الأكلِ مِن الشجرةِ) وليس آدمُ u؛ النصُّ يقولُ: " 12 فَقَالَ آدَمُ: «الْمَرْأَةُ الَّتِي جَعَلْتَهَا مَعِي هِيَ أَعْطَتْنِي مِن الشجرةِ فَأَكَلْتُ». 13فَقَالَ الرَّبُّ الإِلهُ لِلْمَرْأَةِ: «مَا هذَا الَّذِي فَعَلْتِ؟" فَقَالَتِ الْمَرْأَةُ: الْحَيَّةُ غَرَّتْنِي فَأَكَلْتُ".

لذلك يبيّنُ لنا الكتابُ المقدّسُ أنّها(المرأةَ) مصدرُ الشرِّ فالمتأمّلُ فيه يجدُ هذا الوصفَ؛ لأنّها أصلُ كلِّ خطيئةٍ؛ نجدُ ذلك في العهدينِ: القديمِ والجديدِ:

أولًا: العهدُ الجديدُ: نقرأُ في رسالةِ بولسَ الأولى إلى تيموثاوسَ أصحاح 2 عدد 14 " وَآدَمُ لَمْ يُغْوَ، لكِنَّ الْمَرْأَةَ أُغْوِيَتْ فَحَصَلَتْ فِي التَّعَدِّي. 15وَلكِنَّهَا سَتَخْلُصُ بِوِلاَدَةِ الأَوْلاَدِ، إِنْ ثَبَتْنَ فِي الإِيمَانِ وَالْمَحَبَّةِ وَالْقَدَاسَةِ مَعَ التَّعَقُّلِ".
نُلاحظُ: أنّ آدمَ لم يُخطئْ، وأنّ حوّاءَ هي صاحبةُ الخطيئةِ الأصليّةِ مصدرُ الإغواءِ...

ونُلاحظُ أيضًا: أنّ الحكمةَ مِن وراءِ آلامِ الولادةِ عندَ المرأةِ سببُها يرجِعُ لهذا النصِّ....

ثانيًا: العهد القديم: جاءَ في سفرِ التكوينِ أصحاح 3 عدد 16 " وَقَالَ لِلْمَرْأَةِ: «تَكْثِيرًا أُكَثِّرُ أَتْعَابَ حَبَلِكِ، بِالْوَجَعِ تَلِدِينَ أَوْلاَدًا. وَإِلَى رَجُلِكِ يَكُونُ اشْتِيَاقُكِ وَهُوَ يَسُودُ عَلَيْكِ".

قلتُ: إنّ هذا النصُّ يبيّن لنا أنّ عقابَ اللهِ I لحوّاءَ على ثلاثةِ أصنافٍ هي: الولادةُ بالوجعِ، واشتياقُها للرجلِ، وسيادةُ الرجلِ عليْها، وذلك لأنّ حوّاءَ أكلَتْ مِن الشجرةِ المحرمّة، وخضعَت لإغواءِ الحيّةِ، فغَوَتْ آدمَ فغضب اللهُ عليها...

وعليه: فإنّ هناك عدّةَ تساؤلاتٍ تطرحُ نفسَها هي:

1- هل الولادةُ عقابٌ؟ وهل ألمُ الولادةِ عقابٌ؟ إنّ جميعَ إناثِ الحيواناتِ تلدُ وتتألّمُ أثناءَ الولادةِ، مثلًا: هل وِلادةُ البقرةِ عقابٌ لها أمْ أنّ هذا مِن وظائفِها الطبيعيّةِ، وفطرتِها التي فطرَها اللهُ عليْها؟

2- هل اشتياقُ المرأةِ للرجلِ عقابٌ لها؟! كيف؟ والرجلُ يشتاقُ للمرأةِ أيضًا، فهل هذا عقابٌ له أيضًا؟!

الجوابُ: أنّ الاشتياقَ فطرةٌ فطرَ اللهُ I الناسَ عليْها حتى تتَكوّنَ الأسرةَ، وتحصُلَ المودّةَ، والرحمةَ، ويُحفظَ النسْلُ، وليس عقابًا كما يذكرُ سفرُ التكوينِ...
يقولُ اللهُI : ]وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ(21) [(الروم).

3- هلِ النصُّ يتفقُ معَ ما جاءَ به يسوعُ لِفعلِه(الصلبُ لرفعِ الإثمِ عنِ البشريّةِ) كما يعتقدُ المعترضون... هم يقولون: إنّ اللهَ صالَحَنا بموتِ يسوع على الصليبِ...؟!

وأتساءل: لماذا تظلُّ المرأةُ تلِدُ بالأوجاعِ، لدرجةِ أنّ البعضَ مِنهن يستخدِمْنَ المُخدرَ مِن شدّةِ الألمِ(البَنْجَ)، في حينِ أنّ يسوعَ بزعمِهم رفعَ الإثمَ عنِ الجميعِ بما فيهم المرأةُ؟!
ولماذا عقابُ الاشتياقِ ما زالَ موجودًا منها؟
ولماذا ما زالَ عقابُ الربِّ للحيَّةِ مُستمرًا أنْ تمشيَ على بطنِها(تكوين 3 / 14)؟!

وهل أثبتَ العلمُ الحديثُ أنّ الحيّةَ تأكلُ تربًا، أمْ أنّ هذه مِن تخاريفَ وُضِعت في الكتابِ المقدّسِ...؟! لا تعليقُ !
أكرم حسن مرسي