(وإن منكم إلا واردها كان على ربك حتما مقضيا)

آخـــر الـــمـــشـــاركــــات


مـواقـع شـقــيـقـة
شبكة الفرقان الإسلامية شبكة سبيل الإسلام شبكة كلمة سواء الدعوية منتديات حراس العقيدة
البشارة الإسلامية منتديات طريق الإيمان منتدى التوحيد مكتبة المهتدون
موقع الشيخ احمد ديدات تليفزيون الحقيقة شبكة برسوميات شبكة المسيح كلمة الله
غرفة الحوار الإسلامي المسيحي مكافح الشبهات شبكة الحقيقة الإسلامية موقع بشارة المسيح
شبكة البهائية فى الميزان شبكة الأحمدية فى الميزان مركز براهين شبكة ضد الإلحاد

يرجى عدم تناول موضوعات سياسية حتى لا تتعرض العضوية للحظر

 

       

         

 

    

 

 

    

 

(وإن منكم إلا واردها كان على ربك حتما مقضيا)

النتائج 1 إلى 2 من 2

الموضوع: (وإن منكم إلا واردها كان على ربك حتما مقضيا)

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Jul 2007
    المشاركات
    41
    آخر نشاط
    29-10-2009
    على الساعة
    04:02 AM

    افتراضي (وإن منكم إلا واردها كان على ربك حتما مقضيا)



    كان من دأب السلف الصالح قراءة القرآن، وكأنه يتنـزل عليهم؛ فكانوا يقفون عند كل آية من آياته ويتفكرون فيها، فإن كانت آية خوف سألوا الله النجاة والعافية، وإن كانت آية رجاء حمدوا الله على ما أسبغ عليهم من نِعَم ظاهرة وباطنة، وسألوه من فضله ورحمته؛ وهكذا كان حالهم بين الرجاء في رحمة الله، والخوف من عذابه، وهذه المعادلة التي ينبغي على المسلم أن لا ينفك عنها في أحواله كافة .

    وقد روي عن بعض السلف، أنه كان إذا قرأ آيات الخوف أو استمع إليها، ارتعدت مفاصله، وغشاه الخوف، وذرفت عيناه بالدموع؛ كما روي عن عبد الله بن رواحة رضي الله عنه، أنه كان واضعاً رأسه في حِجر امرأته، فبكى فبكت امرأته، فقال: ما يبكيك ؟ قالت: رأيتك تبكي فبكيت، قال: إني ذكرت قول الله عز وجل: { وإن منكم إلا واردها } (مريم:71)، فلا أدري أأنجو منها أم لا ؟

    وكان أبو ميسرة إذا أوى إلى فراشه قال: يا ليت أمي لم تلدني ! ثم يبكي، فقيل له: ما يبكيك يا أبا ميسرة ؟ قال: أُخبرنا أنا واردوها، ولم نُخبر أنا صادرون عنها؛ وذلك إشارة منه لقول الله تعالى: { وإن منكم إلا واردها كان على ربك حتما مقضيا }، ومن مأثور دعائهم في هذا: اللهم أخرجني من النار سالماً، وأدخلني الجنة غانماً .

    وليس الغرض هنا بيان أحوال السلف، وموقفهم من آيات الخوف، وإنما جعلنا ذلك تقدمة للحديث عن قوله تعالى: { وإن منكم إلا واردها كان على ربك حتما مقضيا }، فقد يرى البعض أن في هذه الآية معارضة لآيات أخرى، تفيد خلاف ما تفيده هذه الآية .

    وذلك أن ظاهر قوله تعالى: { وإن منكم إلا واردها كان على ربك حتما مقضيا } يفيد أنه سبحانه سوف يُدخل النار المؤمن وغير المؤمن؛ لأن قوله تعالى: { منكم } يعم جميع الناس. لكن في الوقت نفسه، وردت آية أخرى تفيد أن المؤمنين لن يدخلوا النار، وأنه سبحانه سوف يبعدهم عنها، كما في قوله تعالى: { إن الذين سبقت لهم منا الحسنى أولئك عنها مبعدون } (الأنبياء:101). إذن، نحن أمام آيتين ظاهرهما التعارض؛ فكيف السبيل للتوفيق والجمع بينهما ؟

    لقد اتفق المفسرون على أن ( المتقين ) لا تنالهم نار جهنم بأذى، ثم هم بعد ذلك اختلفوا في بعض التفاصيل؛ فذهب أكثر المفسرين - وفي مقدمتهم الطبري - إلى أن قوله تعالى: { وإن منكم إلا واردها كان على ربك حتما مقضيا } خطاب عام، يدخل فيه المؤمن وغير المؤمن؛ غير أن القائلين بهذا، اختلفوا في معنى ( الورود ) الذي جاء في الآية على أقوال ثلاثة:

    القول الأول: أن المقصود من ( الورود )، هو ( الدخول )، أي دخول جهنم؛ والقائلون بهذا يستدلون لقولهم بالعديد من الآيات التي ورد فيها لفظ ( الورود ) بمعنى ( الدخول )، كقوله تعالى: { يقدم قومه يوم القيامة فأوردهم النار وبئس الورد المورود } (هود:98)، وقوله سبحانه: { ونسوق المجرمين إلى جهنم وردا } (مريم:86)، وقوله تعالى: { إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم أنتم لها واردون } (الأنبياء:98)، حيث أتى لفظ ( الورود ) فيها بمعنى ( الدخول ) بالاتفاق؛ ولأجل هذا استدل ابن عباس رضي الله عنهما أن ( الورود ) في آية مريم هو ( الدخول )؛ لأن أفضل ما يفسر به القرآن هو القرآن .

    فقد ذكر الطبري فيما يرويه عن ابن عباس رضي الله عنهما، قوله: { وإن منكم إلا واردها }، قال: يدخلها. ومثل ذلك روي عن ابن مسعود ، قوله: { وإن منكم إلا واردها }، قال: داخلها .

    ويشهد لهذا التفسير للآية، ما حدَّث به جابر بن عبد الله رضي الله عنه، وقد اختلف في مجلسه حول معنى ( الورود )، فمن قائل: لا يدخل النار مؤمن؛ ومن قائل: يدخلها المؤمن وغير المؤمن، فوضع جابر رضي الله عنه أصبعيه على أذنيه، وقال: (...صُمَّتا ! إن لم أكن سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ( الورود ): الدخول؛ لا يبقي بر ولا فاجر إلا دخلها؛ فتكون على المؤمن بردًا وسلامًا، كما كانت على إبراهيم، حتى إن للنار ضجيجًا من بردهم ، ثم ينجي الله الذين اتقوا ويذر الظالمين فيها جثيا. رواه أحمد وغيره، قال ابن كثير : حديث غريب؛ وقال الشنقيطي : إسناده لا يقل عن درجة الحسن .

    وروي عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه قال في قوله تعالى: { وإن منكم إلا واردها }: قال: ( يدخلونها، أو يلجونها، ثم يصدرون منها بأعمالهم )، رواه أحمد .

    والذي يقوي القول بأن المراد بـ ( الورود ) هو ( الدخول )، قوله تعالى في الآية التالية للآية موضع الحديث: { ثم ننجي الذين اتقوا ونذر الظالمين فيها جثيا } (مريم:72) .

    وقد أجاب القائلون: إن ( الورود ) هو ( الدخول ) على قوله تعالى: { أولئك عنها مبعدون }، بأنهم مبعدون عن عذابها وألمها، فلا ينافي ذلك ورودهم إياها، من غير شعورهم بألم ولا حر منها، كما حدث مع إبراهيم الخليل عليه السلام؛ واستدلوا لهذا بحديث جابر رضي الله عنه المتقدم .

    القول الثاني: أن المراد بـ ( الورود ) هو ( المرور ) على الصراط المضروب المقام فوق جهنم؛ ودليل من قال بهذا حديث أبي هريرة رضي الله عنه، وفيه: (... ويضرب جسر جهنم ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فأكون أول من يجيز، ودعاء الرسل يومئذ: اللهم سلِّم سلِّم، وبه كلاليب مثل شوك السعدان، غير أنها لا يعلم قدر عظمها إلا الله، فتخطف الناس بأعمالهم ) متفق عليه؛ وأيضًا ما جاء عند مسلم من حديث جابر رضي الله عنه، وفيه: (... وعلى جسر جهنم كلاليب وحسك، تأخذ من شاء الله، ثم يطفأ نور المنافقين، ثم ينجو المؤمنون ...) .

    وفي رواية ثانية لـ مسلم ، جاء فيها: (... فيأتون محمدًا صلى الله عليه وسلم، فيقوم فيؤْذن له، وترسل الأمانة والرحم، فتقومان جنبتي الصراط يمينًا وشمالاً، فيمر أولكم كالبرق ، قال: قلت: بأبي أنت وأمي ! أي شيء كمر البرق ؟ قال: ألم تروا إلى البرق كيف يمر، ويرجع في طرفة عين، ثم كمر الريح، ثم كمر الطير، وشد الرجال تجري بهم أعمالهم، ونبيكم قائم على الصراط، يقول: رب سلم سلم، حتى تعجز أعمال العباد، حتى يجيء الرجل، فلا يستطيع السير إلا زحفًا، قال: وفي حافتي الصراط كلاليب، معلقة مأمورة بأخذ من أُمرت به ...)؛ فهذه الأحاديث وما في معناها، تدل على أن المراد بـ ( الورود ) هو ( المرور ) وليس ( الدخول ) .

    وذكر الشيخ الشنقيطي في تفسيره، أنه قد روي عن ابن مسعود رضي الله عنه، و الحسن البصري ، و قتادة ، أنهم فسروا ( الورود ) في الآية بـ ( المرور ) .

    القول الثالث: أن المراد بـ ( الورود ) هو ( المشارفة ) و( المقاربة ) وليس ( الدخول ) ولا ( المرور )، ودليل من فسر الآية بهذا بعض آيات ورد فيها لفظ ( الورود ) بمعنى ( المشارفة ) و( المقاربة )، كقوله تعالى: { وجاءت سيارة فأرسلوا واردهم } (يوسف:19)، وقوله سبحانه: { ولما ورد ماء مدين } (القصص:23)، قالوا: ( ورود ) الماء لا يلزم منه الدخول فيه؛ لأن ( الورود ) في الآيتين، لو كان يعني ( الدخول ) فيه، لكان معناهما غير مستقيم، فتعين أن يكون المقصود بـ ( الورود ) فيهما ( ورود ) مقاربة ومشارفة؛ والذي يؤيد أن ( الورود ) بمعنى ( المشارفة ) و( المقاربة ) قولك: وردت الماء إذا جئته، وليس يلزم أن تدخل فيه. ومن هذا القبيل قول زهير بن أبي سلمة :

    فلما وردن الماء زرقا جمامه وضعن عصي الحاضر المتخيم

    قالوا: والعرب تقول: وردت القافلة البلد، وإن لم تدخله، ولكن قربت منه .

    وقد ذهب بعض أهل العلم إلى أن الخطاب في الآية خاص بالكافرين ولا يشمل المؤمنين؛ ودليل من قال بهذا، أن السياق الذي وردت فيه الآية وارد في أهل النار، والحديث عنهم دون غيرهم، وإذا كان الأمر كذلك، كان الأنسب - بحسب رأي هذا الفريق - حمل الآية على الكافرين دون المؤمنين؛ لأن حمل الآية على أنها خطاب للمؤمنين والكافرين في آن معًا - كما يقول ابن عاشور - " معنى ثقيل ينبو عنه السياق، إذ لا مناسبة بينه وبين سياق الآيات السابقة؛ ولأن فضل الله على المؤمنين بالجنة وتشريفهم بالمنازل الرفيعة، ينافي أن يسوقهم مع المشركين مساقًا واحدًا "؛ لكن، يجاب على من استدل بالسياق، بالسياق نفسه، حيث جاء فيه ما يفيد نجاة المؤمنين من هذا ( الورود )، وذلك في قوله تعالى: { ثم ننجي الذين اتقوا ونذر الظالمين فيها جثيا } .

    وقد تقدم أن الذي عليه أكثر أهل التفسير، أن الآية عامة في المؤمنين وغير المؤمنين، لكن الخلاف وقع بينهم في تفسير هذا ( الورود ) هل هو دخول إلى النار، أم هو مرور على جسر منصوب عليها، أم هو اقتراب منها؛ وكل هذه المعاني يحتملها معنى ( الورود )، وعلى ضوئها يمكن فهم الآيتين الكريمتين والجمع بينهما، ويزول ما يبدو بينهما من تعارض .


    http://www.islamweb.net/ver2/archive....php?id=136951
    التعديل الأخير تم بواسطة Yasir ; 12-04-2008 الساعة 04:38 AM
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    يمكنك تغير التوقيع الإفتراضي من لوحة التحكم

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Jul 2007
    المشاركات
    41
    آخر نشاط
    29-10-2009
    على الساعة
    04:02 AM

    افتراضي

    سؤال:
    سمعت بأنه سيتم يوم القيامة تطهير جميع من سيدخل الجنة بأن يذهبوا للنار أولاً حتى يطهروا من سيئاتهم ثم يدخلون الجنة وسيُستثنى المسلم الذي ضمن الله له الجنة والشهيد، فهل هذا صحيح ؟.

    الجواب:

    الحمد لله

    أولاً :

    لعل السائل يشير إلى قول الله تعالى : { وإن منكم إلا واردها كان على ربك حتماً مقضيا . ثم ننجي الذين اتقوا ونذر الظالمين فيها جثيا } وهذا الخطاب لسائر الخلق ، برهم وفاجرهم ، مؤمنهم وكافرهم ، أنه ما منهم من أحد إلا سَيرِد النار ، حكماً حتمه الله على نفسه ، وأوعد به عباده ، فلا بد من نفوذه ، ولا محيد عن وقوعه .

    واختُلِفَ في معنى الورود فقيل : ورودها ، حضورها للخلائق كلهم ، حتى يحصل الانزعاج من كل أحد ثم بعدُ ينجي الله المتقين .

    وقيل : ورودها ، دخولها ، فتكون على المؤمنين برداً وسلاماً .

    وقيل الورود هو المرور على الصراط الذي هو جسم على ظهر جهنم ، فيمر الناس على قدر أعمالهم فمنهم من يمر كلمح البصر ، وكالريح ، وكأجاويد الخيل ، وكأجاويد الركاب .

    ومنهم من يسعى ، ومنهم من يمشي مشياً ، ومنهم من يزحف زحفاً ، ومنهم من يُخطف فيُلقى في النار ، كلٌّ بحسب تقواه ، ولهذا قال : { ثم ننجي الذين اتقوا } الله تعالى بفعل المأمور ، واجتناب المحظور { ونذر الظالمين } أنفسهم بالكفر والمعاصي { فيها جثيا } وهذا بسبب ظلمهم وكفرهم ، وجب لهم الخلود وحقَّ عليهم العذاب ، وتقطعت بهم الأسباب . انتهى من تفسير ابن سعدي ص 811

    ثانياً :

    لابد لمن سيدخل الجنة أن يتطهر من جميع ذنوبه قبل دخولها ، وتطهير العصاة من ذنوبهم يحصل في الدنيا والآخرة ، ففي الدنيا جعل الله لعباده طرقاً يتخلصون بها من عقوبات معاصيهم وسيئاتهم بالاستغفار والتوبة النصوح والحسنات الماحية ..

    وقد تقدم الكلام على ذلك في السؤال رقم ( 13693 ) .

    وأما تطهير العصاة في الآخرة فإنه يحصل بأمور :

    1- دعاء المؤمنين للمؤمن مثل صلاتهم على جنازته فعن عائشة وأنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " ما من ميت يصلي عليه أُمةٌ من المسلمين يبلغون مائة كلهم يشفعون إلا شُفِّعوا فيه " رواه مسلم (947)

    وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " ما من رجل مسلم يموت فيقوم على جنازته أربعون رجلا لا يشركون بالله شيئا إلا شفعهم الله فيه " رواه مسلم (948)

    ... فعُلم أن هذا الدعاء من أسباب المغفرة للميت .

    2- ما عمله الإنسان من الصدقات الجارية في حياته فإنه ينتفع بها بعد موته .

    3- ما يُعمل للميت من أعمال البر كالصدقة والحج ونحو ذلك فإن هذا ينتفع به بنصوص السنة الصحيحة الصريحة فقد ثبت في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : من مات وعليه صيام صام عنه وليه .

    فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " إِذَا مَاتَ الإِنْسَانُ انْقَطَعَ عَنْهُ عَمَلُهُ إِلا مِنْ ثَلاثَةٍ إِلا مِنْ صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ " رواه مسلم 1638

    4- ما يحصل في القبر من الفتنة والضغطة والروعة ، فإن هذا مما يُكفر به الخطايا .

    5- شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم وغيره في أهل الذنوب يوم القيامة كما قد تواترت عنه أحاديث الشفاعة مثل قوله في الحديث الصحيح شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي وقوله صلي الله عليه وسلم خيرت بين أن يدخل نصف أمتي الجنة وبين الشفاعة فاخترت الشفاعة لأنها أعم وأكثر أترونها للمتقين لا ولكنها للمذنبين المتلوثين الخطائين . رواه ابن ماجه 4311 وصححه الألباني في صحيح ابن ماجة 3480

    6- أهوال يوم القيامة وكربها وشدائدها .

    7- رحمة الله وعفوه ومغفرته بلا سبب من العباد فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ الرَّحْمَةَ يَوْمَ خَلَقَهَا مِائَةَ رَحْمَةٍ فَأَمْسَكَ عِنْدَهُ تِسْعًا وَتِسْعِينَ رَحْمَةً وَأَرْسَلَ فِي خَلْقِهِ كُلِّهِمْ رَحْمَةً وَاحِدَةً فَلَوْ يَعْلَمُ الْكَافِرُ بِكُلِّ الَّذِي عِنْدَ اللَّهِ مِنْ الرَّحْمَةِ لَمْ يَيْئَسْ مِنْ الْجَنَّةِ وَلَوْ يَعْلَمُ الْمُؤْمِنُ بِكُلِّ الَّذِي عِنْدَ اللَّهِ مِنْ الْعَذَابِ لَمْ يَأْمَنْ مِنْ النَّارِ " رواه البخاري 6469

    وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إِنَّ اللَّهَ يُدْنِي الْمُؤْمِنَ فَيَضَعُ عَلَيْهِ كَنَفَهُ ( أي ستره ) وَيَسْتُرُهُ فَيَقُولُ أَتَعْرِفُ ذَنْبَ كَذَا أَتَعْرِفُ ذَنْبَ كَذَا فَيَقُولُ نَعَمْ أَيْ رَبِّ حَتَّى إِذَا قَرَّرَهُ بِذُنُوبِهِ وَرَأَى فِي نَفْسِهِ أَنَّهُ هَلَكَ قَالَ سَتَرْتُهَا عَلَيْكَ فِي الدُّنْيَا وَأَنَا أَغْفِرُهَا لَكَ الْيَوْمَ فَيُعْطَى كِتَابَ حَسَنَاتِهِ وَأَمَّا الْكَافِرُ وَالْمُنَافِقُونَ فَيَقُولُ الأَشْهَادُ هَؤُلاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى رَبِّهِمْ أَلا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ " رواه البخاري 2441

    8- ما ثبت في الصحيحين أن المؤمنين إذا عبروا الصراط وقفوا على قنطرة بين الجنة والنار فيقتص لبعضهم من بعض فإذا هذبوا ونقوا أُذِنَ لهم في دخول الجنة فعن أبي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْلُصُ الْمُؤْمِنُونَ مِنْ النَّارِ فَيُحْبَسُونَ عَلَى قَنْطَرَةٍ بَيْنَ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ فَيُقَصُّ لِبَعْضِهِمْ مِنْ بَعْضٍ مَظَالِمُ كَانَتْ بَيْنَهُمْ فِي الدُّنْيَا حَتَّى إِذَا هُذِّبُوا وَنُقُّوا أُذِنَ لَهُمْ فِي دُخُولِ الْجَنَّةِ فَوَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لأَحَدُهُمْ أَهْدَى بِمَنْزِلِهِ فِي الْجَنَّةِ مِنْهُ بِمَنْزِلِهِ كَانَ فِي الدُّنْيَا . رواه البخاري 6535

    قال الحافظ ابن حجر رحمه الله :

    قَوْله ( إِذَا خَلَصَ الْمُؤْمِنُونَ مِنْ النَّار ) أَيْ نَجَوْا مِنْ السُّقُوطِ فِيهَا بَعْدَمَا جَازُوا عَلَى الصِّرَاط .

    قَالَ الْقُرْطُبِيُّ : هَؤُلاءِ الْمُؤْمِنُونَ هُمْ الَّذِينَ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّ الْقِصَاص لا يَسْتَنْفِدُ حَسَنَاتِهِمْ .

    قُلْت ( الحافظ ) : وَلَعَلَّ أَصْحَاب الأَعْرَاف مِنْهُمْ عَلَى الْقَوْل الْمُرَجَّحِ آنِفًا , وَخَرَجَ مِنْ هَذَا صِنْفَانِ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ : مَنْ دَخَلَ الْجَنَّةَ بِغَيْرِ حِسَابٍ ; وَمَنْ أَوْبَقَهُ عَمَلُهُ .

    أَوْبَقَهُ : أي أهلكه

    قَوْله ( فَيُحْبَسُونَ عَلَى قَنْطَرَةِ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ ) ... الصِّرَاط جِسْرٌ مَوْضُوعٌ عَلَى مَتْنِ ( أي : ظهر ) جَهَنَّمَ والْجَنَّة وَرَاءَ ذَلِكَ فَيَمُرُّ عَلَيْهِ النَّاسُ بِحَسَبِ أَعْمَالهمْ , فَمِنْهُمْ النَّاجِي وَهُوَ مَنْ زَادَتْ حَسَنَاتُهُ عَلَى سَيِّئَاتِهِ أَوْ اِسْتَوَيَا أَوْ تَجَاوَزَ اللَّهُ عَنْهُ , وَمِنْهُمْ السَّاقِطُ وَهُوَ مَنْ رَجَحَتْ سَيِّئَاتُهُ عَلَى حَسَنَاتِهِ إِلا مَنْ تَجَاوَزَ اللَّهُ عَنْهُ , فَالسَّاقِط مِنْ الْمُوَحِّدِينَ يُعَذَّبُ مَا شَاءَ اللَّه ثُمَّ يَخْرُجُ بِالشَّفَاعَةِ وَغَيْرِهَا , وَالنَّاجِي قَدْ يَكُون عَلَيْهِ تَبِعَاتٌ وَلَهُ حَسَنَات تُوَازِيهَا أَوْ تَزِيدُ عَلَيْهَا فَيُؤْخَذُ مِنْ حَسَنَاتِهِ مَا يَعْدِلُ تَبِعَاتِهِ فَيَخْلُصُ مِنْهَا .

    قَوْله ( حَتَّى إِذَا هُذِّبُوا وَنُقُّوا ) َهُمَا بِمَعْنَى التَّمْيِيزِ وَالتَّخْلِيصِ مِنْ التَّبِعَاتِ . انتهى

    فإن لم يتطهر المسلم الموحد العاصي من معاصيه بسبب من هذه الأسباب فإنه يدخل النار ليتم تطهيره فيها ولكنه لا يخلد في النار بل يخرج بشفاعة الشافعين ورحمة أرحم الراحمين .

    قال الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله :

    " أما العصاة : كقاتل النفس بغير حق والزاني والعاق لوالديه وآكل الربا وشارب المسكر إذا ماتوا على هذه المعاصي وهم مسلمون ، وهكذا أشباههم هم تحت مشيئة الله كما قال سبحانه : ( وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ ) فإن شاء جل وعلا عفا عنهم لأعمالهم الصالحة التي ماتوا عليها وهي توحيده وإخلاصهم لله وكونهم مسلمين أو بشفاعة الشفعاء فيهم مع توحيدهم وإخلاصهم .

    وقد يعاقبهم سبحانه ولا يحصل لهم عفو فيعاقبون بإدخالهم النار وتعذيبهم فيها على قدر معاصيهم ثم يخرجون منها ، كما تواترت بذلك الأحاديث عن رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه يشفع للعصاة من أمته ، وأن الله يحد له حدا في ذلك عدة مرات ، يشفع ويخرج جماعة بإذن الله ثم يعود فيشفع ، ثم يعود فيشفع ، ثم يعود فيشفع عليه الصلاة والسلام ( أربع مرات ) ، وهكذا الملائكة وهكذا المؤمنون وهكذا الأفراط ( وهم الأولاد الذين ماتوا قبل البلوغ ) كلهم يشفعون ويخرج الله سبحانه من النار بشفاعتهم من شاء سبحانه وتعالى ويبقى في النار بقية من العصاة من أهل التوحيد والإسلام فيخرجهم الرب سبحانه بفضله ورحمته بدون شفاعة أحد ، ولا يبقى في النار إلا من حكم عليه القرآن بالخلود الأبدي وهم الكفار . انتهى مجموع فتاوى ومقالات ابن باز (9/380)

    عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ... حَتَّى إِذَا فَرَغَ اللَّهُ مِنْ الْقَضَاءِ بَيْنَ عِبَادِهِ وَأَرَادَ أَنْ يُخْرِجَ مِنْ النَّارِ مَنْ أَرَادَ أَنْ يُخْرِجَ مِمَّنْ كَانَ يَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ أَمَرَ الْمَلائِكَةَ أَنْ يُخْرِجُوهُمْ فَيَعْرِفُونَهُمْ بِعَلَامَةِ آثَارِ السُّجُودِ وَحَرَّمَ اللَّهُ عَلَى النَّارِ أَنْ تَأْكُلَ مِنْ ابْنِ آدَمَ أَثَرَ السُّجُودِ فَيُخْرِجُونَهُمْ قَدْ امْتُحِشُوا فَيُصَبُّ عَلَيْهِمْ مَاءٌ يُقَالُ لَهُ مَاءُ الْحَيَاةِ فَيَنْبُتُونَ نَبَاتَ الْحِبَّةِ فِي حَمِيلِ السَّيْلِ ... رواه البخاري 6574 ومسلم 172

    امْتُحِشُوا : أي احترقوا

    حَمِيلِ السَّيْلِ : أي ما يحمله السيل من طين ونحوها

    وعَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " أَمَّا أَهْلُ النَّارِ الَّذِينَ هُمْ أَهْلُهَا فَإِنَّهُمْ لا يَمُوتُونَ فِيهَا وَلا يَحْيَوْنَ وَلَكِنْ نَاسٌ أَصَابَتْهُمْ النَّارُ بِذُنُوبِهِمْ أَوْ قَالَ بِخَطَايَاهُمْ فَأَمَاتَهُمْ إِمَاتَةً حَتَّى إِذَا كَانُوا فَحْمًا أُذِنَ بِالشَّفَاعَةِ فَجِيءَ بِهِمْ ضَبَائِرَ ضَبَائِرَ فَبُثُّوا عَلَى أَنْهَارِ الْجَنَّةِ ثُمَّ قِيلَ يَا أَهْلَ الْجَنَّةِ أَفِيضُوا عَلَيْهِمْ فَيَنْبُتُونَ نَبَاتَ الْحِبَّةِ تَكُونُ فِي حَمِيلِ السَّيْلِ ... رواه مسلم 185

    ومعنى ضَبَائِرَ ضَبَائِرَ ( أي : جماعات متفرقة )

    نسأل الله أن يرحمنا برحمته ... وأن يتجاوز عنا .. والحمد لله رب العالمين

    والله أعلم

    المراجع :

    فتاوى ابن تيمية (7/498- 501) / منهاج السنة (6/238) / فتح الباري (11/406) البحار الزاخرة 242 .


    الإسلام سؤال وجواب
    التعديل الأخير تم بواسطة Yasir ; 12-04-2008 الساعة 04:43 AM
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    يمكنك تغير التوقيع الإفتراضي من لوحة التحكم

(وإن منكم إلا واردها كان على ربك حتما مقضيا)

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

المواضيع المتشابهه

  1. طلب منكم
    بواسطة abu kareemo في المنتدى منتدى الشكاوى والإقتراحات
    مشاركات: 5
    آخر مشاركة: 14-07-2008, 12:51 AM
  2. منكم نستفيد
    بواسطة abcdef_475 في المنتدى منتدى نصرانيات
    مشاركات: 5
    آخر مشاركة: 17-03-2008, 08:20 PM
  3. ارجو منكم المساعده
    بواسطة غدي 2 في المنتدى منتدى نصرانيات
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 14-03-2008, 04:01 PM
  4. وإن منكم إلا واردها
    بواسطة السيف البتار في المنتدى شبهات حول القران الكريم
    مشاركات: 9
    آخر مشاركة: 22-10-2007, 07:38 PM
  5. اجو منكم ان تمدوا لي يد العون
    بواسطة وحده وبس في المنتدى منتدى الكتب
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 15-08-2006, 11:27 AM

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  

(وإن منكم إلا واردها كان على ربك حتما مقضيا)

(وإن منكم إلا واردها كان على ربك حتما مقضيا)