ماذا حدث في فاتيما؟

فهد عامر الأحمدي
في 13مايو 1917ذهب فرانسيسكو مارتو وأخته جاسينتا وقريبتهما لويزا لرعي الماشية خارج قرية فاتيما في البرتغال ولكنهم عادوا جريا على الاقدام وعلى وجوههم علامات الفزع والصدمة!
فحسب ادعائهم ظهرت لهم السيدة مريم العذراء وباركتهم وأخبرتهم بثلاثة أسرار. وحسب الرواية المتداولة ظهرت السيدة العذراء أربع مرات اخرى في ذات الموقع مما حث آلاف المؤمنين على التوافد للقرية على أمل رؤيتها.. وسرعان ماتحول المكان إلى كنيسة مقدسة باركها الفاتيكان واصبحت محجا تجذب كل عام خمسة ملايين مسيحي - في حين لايزيد سكان القرية على ال 8000!!

وبعد الحادث بعامين توفي فرانسيسكو وأخته جاسينتا بوباء الانفلونزا فخلع عليهما الفاتيكان لقب قديس وقديسة (وهذا إجراء نادر خصوصا بالنسبة للاطفال). وفي عام 1925حظيت لويزا أيضا بهذا اللقب واعتزلت بعدها الحياة العامة في احد الأديرة!!

ومنذ البداية رفض الاطفال الحديث عن الأسرار الثلاثة وبعد وفاة فرانسيسكو وشقيقته استمرت لويزا على صمتها لسنوات طويلة.. ولكن في عام 1941كتبت تلك الأسرار في مظاريف ثلاثة وسلمتها للفاتيكان خشية وفاتها المفاجئة!

ومن جهته فسر الفاتيكان السر الأول (عن جحيم يجتاح اوروبا) باندلاع الحرب العالمية الثانية. اما السر الثاني (عن ظهور إمبراطورية الشر) ففسره بقيام الاتحاد السوفيتي.. أما السر الثالث فقد رفض الافصاح عنه طوال 59عاما (رغم أن لويزا كتبت على المظروف حينها يفتح عام 1960)...

هذا التكتم قاد إلى ادعاءات كثيرة بعضها تسرب من الفاتيكان نفسه؛ فهناك مثلا من ادعى انه نبوءة بنهاية العالم، وآخر عن حرب نووية، وثالث عن قرب نزول السيد المسيح...

وكثيرا ماطالبت المنظمات الكاثوليكية - خصوصا في امريكا اللاتينية - بالكشف عن السر الثالث.. بل إن شخصا من البرازيل اختطف عام 1981طائرة ركاب مطالبا بكشف السر.. ومع هذا احتفظ الفاتيكان بصمته ولويزا بعزلتها!!

وخلال السنوات الماضية ظهرت عشرات الكتب وآلاف الفرضيات حول هوية السر الثالث.. وحسب ماورد في موسوعة النبوءات (للمؤلفgarrison Omar ) حل موعد فتح المظروف في خلافة البابا جون الثالث والعشرين الذي فتحه فأصيب بهلع شديد وكاد يغمى عليه من هول الصدمة فأمر بكتمانه وعدم الاطلاع عليه..

وفي 13مايو من عام 2000(وعلى نحو مفاجئ وخلال زيارة البابا لكنيسة فاتيما) تلا سكرتير الفاتيكان نص السر الثالث أمام 600الف زائر حيث قال: "سيمر الحبر بثيابه البيضاء فيسقط مضرجاً بدمائه تحت الرصاص".. وقال ان الفاتيكان فسر النص على انه محاولة اغتيال البابا في 13مايو 1981على يد التركي محمد علي أغا!!

ولكن هذا الكشف غير المتوقع (في توقيته وبساطته) احدث صدمة وحيرة اكثر من السابق؛ فمحاولة اغتيال البابا حادثة فردية لاتقارن بالحرب العالمية الثانية او ظهور الاتحاد السوفياتي. كما أن خوف الفاتيكان من نشر السر وتهرب أربعة بابوات من مسؤوليته لايتواءمان مع ما توقعه المسيحيون طوال عقود ( ناهيك عن الانتظار 19عاما بعد محاولة اغتيال البابا الأخير)!؟

كل هذه الإشكاليات شكلت خيبة أمل كبيرة وأعادت المعارضين للبحث في الادعاءات القديمة التي تسربت من الفاتيكان... تلك الادعاءات التي يقول أقدمها: "لا تحزنوا يا أحفادي حين يتحول أبناؤكم في النهاية إلى دين محمد"!!!