........ بل كان نبيا رسولا ....

آخـــر الـــمـــشـــاركــــات


مـواقـع شـقــيـقـة
شبكة الفرقان الإسلامية شبكة سبيل الإسلام شبكة كلمة سواء الدعوية منتديات حراس العقيدة
البشارة الإسلامية منتديات طريق الإيمان منتدى التوحيد مكتبة المهتدون
موقع الشيخ احمد ديدات تليفزيون الحقيقة شبكة برسوميات شبكة المسيح كلمة الله
غرفة الحوار الإسلامي المسيحي مكافح الشبهات شبكة الحقيقة الإسلامية موقع بشارة المسيح
شبكة البهائية فى الميزان شبكة الأحمدية فى الميزان مركز براهين شبكة ضد الإلحاد

يرجى عدم تناول موضوعات سياسية حتى لا تتعرض العضوية للحظر

 

       

         

 

    

 

 

    

 

........ بل كان نبيا رسولا ....

النتائج 1 إلى 3 من 3

الموضوع: ........ بل كان نبيا رسولا ....

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Nov 2007
    المشاركات
    862
    الدين
    الإسلام
    الجنس
    ذكر
    آخر نشاط
    26-09-2014
    على الساعة
    04:41 PM

    افتراضي ........ بل كان نبيا رسولا ....








    بل كان نبيا رسولا




    قدّم بعض المستشرقين جملة من النظريات المنحرفة لتفسير النهضة التي قامت بين العرب وظهور الدولة الإسلامية ، وحاولوا جاهدين أن يلغوا الصبغة الدينية لهذه الحركة التاريخية ، وقد أفضى بهم ذلك إلى جعل الإسلام مجرّد ثورة للفقراء ضد الأغنياء ، وقالوا : إن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن أكثر من مصلح اجتماعي أراد أن يعزّز القيم الفاضلة في المجتمع الذي نشأ فيه ، والذي كان يموج بمظاهر التخلف والفساد الأخلاقي والاجتماعي ، فلم يجد أفضل من الدعوة إلى دين جديد ، وأن يتقمّص – بزعمهم - دور النبي المبعوث من رب العباد.

    وقامت نظرية أخرى مغايرة ، وهي أن النبي صلى الله عليه وسلم كان رجلاً يطمح إلى الملك والسيطرة على مقاليد الأمور ، فوضع لنفسه خطة تعتمد على تجميع الناس من حوله والتغرير بهم من منطلق هذا الدين الجديد ، وساعدته في ذلك الظروف الاجتماعية التي وُجد فيها ، حيث كان الناس في أمس الحاجة إلى نظام يلمّ شتات العرب ، ويجمعهم على كلمة واحدة ، بعد أن أنهكتهم الحروب ، وذاقوا مرارة الفقر والحرمان ، وهكذا التفّ العرب حوله وانضمّوا تحت لوائه ، وقبلوا دعوته التي أتى بها .

    ومن المعلوم أن الدعوة التي أتى بها النبي صلى الله عليه وسلم تشمل ما ذكروه من جوانب السياسة والإصلاح ، لكن المشكلة تكمن في الاقتصار على هذه الجوانب ونزع الطابع النبويّ منها ، وإلباسها ثوباً ماديّا مجرداً .

    ولتعرية هذه الآراء المنحرفة وبيان بطلانها ، سنقوم بعرض هذه الآراء على الواقع التاريخي وفق ما يقتضيه المنهج العلمي ، ثم لننظر هل سيسعفهم ذلك في الوصول إلى رؤيتهم المادية أم لا ؟ .

    هل كان النبي صلى الله عليه وسلم مصلحاً سياسياً ؟

    أولا : إن اتصاف رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحزم والثبات ، وعدم تقديم أية تنازلات لينفي قطعا مثل هذا الادعاء ؛ إذ إن من صفات السياسيين أن يدوروا في فلك مصالحهم الشخصية ، وما يقتضيه ذلك من الاتصاف بالمرونة في التنازل عن بعض الثوابت أو شيء من المباديء .

    لكن الشأن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم على النقيض من ذلك ، ولذلك نجد موقفه واضحاً من الأعرابي الذي قدم إليه ليبايعه ، كما رواه الحاكم في مستدركه والبيهقي في سننه عن ابن الخصاصية رضي الله عنه قال : أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبايعه على الإسلام ، فاشترط علي : ( تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله ، وتصلي الخمس وتصوم رمضان ، وتؤدي الزكاة وتحج البيت ، وتجاهد في سبيل الله ) ، قال : قلت : يا رسول الله ، أما اثنتان فلا أطيقهما : أما الزكاة فما لي إلا عشر ذود هن رسل أهلي وحمولتهم ، وأما الجهاد فيزعمون أنه من تولّى فقد باء بغضب من الله ؛ فأخاف إذا حضرني قتال كرهت الموت وخشعت نفسي ، قال : فقبض رسول الله صلى الله عليه وسلم يده ثم حركها ، ثم قال : ( لا صدقة ولا جهاد ؟ فبم تدخل الجنة ؟؟ ) قال : ثم قلت يا رسول الله ، أبايعك . فبايعني عليهن كلهن ".

    كذلك يستوقفنا ما رواه الإمام أحمد وابن حبان وغيرهما عن أبي واقد الليثي رضي الله عنه ، أنهم خرجوا من مكة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى حنين ، يقول الصحابي الجليل : " وكان للكفار سدرة يعكفون عندها ، ويعلقون بها أسلحتهم ، يقال لها " ذات أنواط " ، قال : فمررنا بسدرة خضراء عظيمة ، فقلنا : يا رسول الله ، اجعل لنا ذات أنواط كما لهم ذات أنواط ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( قلتم والذي نفسي بيده كما قال قوم موسى ) : { اجعل لنا إلها كما لهم آلهة } ( الأعراف : 138 ) .

    ويتضح من ذلك الموقف وغيره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يرضى بالحلول الوسطية ، أو الالتقاء في منتصف الطريق ، وذلك نابع من طبيعة الهدف الذي بُعث لأجله ، إنه رسول من الله تعالى إلى الناس جميعاً ، ومهمته هي تبليغ الإسلام إلى الناس كما هو ، فليس في يده أن يقبل مناهج مقترحة أو أفكاراً بديلة عن الشرع الإلهي،أو أن يبدل أو يغير شيئا مما أمره الله بتبليغه، وذلك أمر في غاية الوضوح .

    ثانيا : إن ميول الإنسان ومعالم شخصيته تتضح في وقت مبكر من حياته ، وهذه الميول تتنامى لتكوّن القالب الذي يميّز الفرد عن غيره ، ولنضرب مثلا فلو أن رجلا نشأ في بيت زعامة سياسية ، وأبوه أحد أكبر الزعماء في زمانه ،يقينا سيتأثر الولد بهذا الجو وستظهر فيه سمات النفس القيادية ؛فالإنسان ابن بيئته كما يقولون .وإذا نظرنا في سيرة الرسول ونشأته لوجدنا أنه قد متواضعاً خفيض الجناح ، راعياً للغنم – لا الإبل –، وانظر وتأمل هذا النبي الكريم لما رأى رجلاً مقبلاً يرتعد رهبة منه ، فقال له: ( هوّن عليك ؛ فإني لست بملك ، إنما أنا ابن امرأة من قريش كانت تأكل القديد ) .

    وثمة أمر آخر ، وهو أن النبي صلى الله عليه وسلم في شبابه ما كان داعياً لنفسه ، ولا اشتُهر عنه الشعر – والذي هو أهم وسيلة إعلامية دعائية في ذلك العصر - ، ولو كان مريداً ابتداءً للحكم ، لهيأ أرضيةً لدعوته بالشعر ، ولدعا الناس إلى نفسه .

    ثالثا : من المعلوم أن مكة ومن حولها كانت وثنية من جهة ، متغلغلة في أوحال الفقر من جهة أخرى ، ومرجع الفقر الذي ألمّ بها إلى السياسة التي انتهجها اليهود مع العرب في إغراقهم بالربا ، إلى حدٍّ أذلوا بها أعناقهم .

    ومن البداهة والحال هذه أن يتّخذ النبي صلى الله عليه وسلم أقصر الطرق للوصول إلى الحكم ، بأن يعلنها حرباً على اليهود مستغلاً روح الكراهية التي تنامت في نفوس المكيّين كردّة فعلٍ تجاه هذا الظلم والاستبداد ، مع ضرورة السكوت عمّا يثير قومه عليه من ذم الأوثان والأصنام أو النيل من مكانتها .

    لكن العجيب في الأمر أن النبي صلى الله عليه وسلم اختار أصعب الطرق وأكثرها وعورة في حياته ، لقد كانت مبدأ دعوته هي نبذ الأصنام وتسفيهها ، الأمر الذي أدّى إلى كراهية قومه – الذين هم أولى الناس بنصرته – لهذه الدعوة الجديدة ، فكان التعذيب له ولأصحابه وتشريدهم عن ديارهم ، وكل ذلك يدلّنا أن مقصده لم يكن له علاقة بالتملك والسيطرة ، إنما هو في إخراج الناس من عبادة العباد ، إلى عبادة رب العباد .

    رابعا : إن الملوك المعاصرين للنبي صلى الله عليه وسلم ممن هم ساسة للأمم كانوا مدركين لطابع النبوة في شخصيّته ، ويتضح هذا من خلال مواقفهم التي اتخذوها تجاه هذه الدعوة الجديدة ، واعترافاتهم التي سجّلوها في هذا الصدد ، وأقرب مثالين على ذلك ، موقف كل من النجاشي وهرقل ، أما النجاشي ملك الحبشة ، فنحن نعلم ما وصل إليه من حسن سياسة لشعبه وما أداه ذلك من تهافت الناس لسكنى أرضه ، ونعلم أيضاً اتصاله بالديانة المسيحية من خلال الأساقفة الذين كانوا بأرضه ، وعلى الرغم من ذلك ، فلم يفهم من دعوة النبي صلى الله عليه وسلم الرغبة في الزعامة السياسية ، بل تجاوز ذلك إلى الإيمان بدعوة هذا النبي ، أتراه يذعن لرجل يطمح إلى الزعامة المجردة ، في وقت لم يكن ذلك الرجل يملك من أمر نفسه ولا من أمر أصحابه شيئا ؟

    إن زعيم الحبشة ، قد استمع إلى كلام جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم وحقيقة الدين الذي جاء به ، فرأى أنوار النبوة تنبثق من سيرته العطرة ، وعلم أنه من ذات المشكاة التي أتى منها موسى عليه السلام ، فقال : " إن هذا والذي جاء به موسى ليخرج من مشكاة واحدة " .

    كذلك الشأن في هرقل عظيم الروم ، والذي استطلع شأن هذه الدعوة الجديدة في وقت مبكر ، من خلال محاورة هامة دارت بينه وبين $أبي سفيان زعيم قريش ، فقد روى الإمام أحمد بسند صحيح أن هرقل قال لأبي سفيان : " إنى سألتك عن نسبه فيكم فزعمت أنه فيكم ذو نسب ، وكذلك الرسل تبعث في نسب قومها ، وسألتك هل قال هذا القول أحد منكم قط قبله ؟ ، فزعمت أن لا ، فقلت : لو كان أحد منكم قال هذا القول قبله قلت : رجل يأتم بقول قيل قبله ، وسألتك هل كنتم تتهمونه بالكذب قبل أن يقول ما قال ؟ فزعمت أن لا ، فقد أعرف أنه لم يكن ليذر الكذب على الناس ويكذب على الله عز وجل ، وسألتك هل كان من آبائه من ملك ؟ فزعمت أن لا ، فقلت لو كان من آبائه ملك قلت رجل يطلب ملك آبائه ، وسألتك أشراف الناس يتبعونه أم ضعفاؤهم ؟ ، فزعمت أن ضعفاءهم اتبعوه ، وهم أتباع الرسل ، وسألتك هل يزيدون أم ينقصون ؟ ، فزعمت أنهم يزيدون ، وكذلك الإيمان حتى يتم ، وسألتك هل يرتد أحد سخطه لدينه بعد أن يدخل فيه ؟ ، فزعمت أن لا ، وكذلك الإيمان حين يخالط بشاشته القلوب ، لا يسخطه أحد ، وسألتك هل يغدر ؟ ، فزعمت أن لا ، وكذلك الرسل ، وسألتك هل قاتلتموه وقاتلكم ؟ ، فزعمت أن قد فعل ، وأن حربكم وحربه يكون دولا يدال عليكم المرة ، وتدالون عليه الأخرى ، وكذلك الرسل تبتلى ويكون لها العاقبة ، وسألتك بماذا يأمركم ؟، فزعمت أنه يأمركم أن تعبدوا الله عز وجل وحده لا تشركوا به شيئا، وينهاكم عما كان يعبد آباؤكم، ويأمركم بالصدق والصلاة والعفاف، والوفاء بالعهد وأداء الأمانة، وهذه صفة نبي قد كنت أعلم أنه خارج ولكن لم أظن أنه منكم ".

    خامسا : لو كان الملك غايته ، لكان في عرض قريش له أن يجعلوه ملكا طريقاً مختصراً لهذه الغاية ، لكنه أبى ذلك ، وتمسك بمبدأ نبوته ، مما ينفي صحة هذا الادعاء .

    سادسا : أنه يوجد في التاريخ نموذج لرجل ادعى النبوة ليجعلها سبباً في التملك والزعامة ، هذا الرجل هو مسيلمة بن ثمامة المعروف بمسيلمة الكذاب ، ونريد بتسليط الضوء على حياة هذا الرجل أن نبيّن أن استغلال النبوة للوصول إلى السلطة أمر لا يمكن أن يخفى على عقلاء الناس ، ولا أن يلتبس شأنه على عامتهم ، وهو ما سوف نوضحه في الفقرة التالية .

    إننا عندما نقرأ سيرة هذا الرجل ، فإننا نجد أن أصل حركته وادعائه للنبوة إنما كان مبنيا على حب السلطة والتملك ، ونلمس هذا مبكراً عندما جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم قبل أن يدّعي النبوة ، فقد روى الإمام البخاري ومسلم عن عبدالله بن عباس رضي الله عنهما قال : قدم " مسيلمة الكذاب " على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فجعل يقول : إن جعل لي محمد الأمر من بعده تبعته " ، وبعد أن ادّعى النبوة كتب إلى النبي صلى الله عليه وسلم – كما في مسند أبي عوانة - : " من مسيلمة رسول الله إلى محمد رسول الله ، أما بعد ، فإني أُشركت في الأمر معك ، وإن لنا نصف الأرض ولقريش نصف الأرض ، ولكن قريشاً يعتدون " ، ولما كان مسيلمة طامعاً في الحكم ، استغلّ الروح العصبية في قومه فقام بإذكائها حتى يُكثر من أتباعه ، فلننظر إليه عندما خطب الناس قائلا : " أريد أن تخبروني بماذا صارت قريش أحق بالنبوة والإمامة منكم ؟ والله ما هم بأكثر منكم ولا أنجد ، وإن بلادكم لأوسع من بلادهم ، وأموالكم أكثر من أموالهم " ، وكان كذبه من الجلاء بحيث أن عمرو بن العاص رضي الله عنه قال له قبل إسلامه : والله إنك لتعلم أني أعلم أنك تكذب ، وقال أحد أتباع مسيلمة – وهو طلحة النمري – له : أشهد أنك كاذب وأن محمداً صادق ، ولكن كذّاب ربيعة أحب إلينا من صادق مضر ".

    فها نحن نرى مسيلمة قد اتضح قصده من خلال مواقفه وكلامه ، فأين هذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي شهد له معاصروه بنبوته ورسالته ؟ ، إن ذلك مما لا يخفى على كل منصف عاقل .

    سابعا : تطالعنا كتب السير بحادثة فريدة تكشف بطلان ما زعمه المستشرقون حول طبيعة الدعوة الإسلامية ، وذلك حينما انكسفت الشمس يوم مات إبراهيم ، فقال الناس : انكسفت لموت إبراهيم ، فأجابهم رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله ، لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته ) متفق عليه .

    يقول الشيخ أبو الحسن الندوي رحمه الله معلقاً على هذه الحادثة : " لو كان مكان رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذه المناسبة الحزينة أي داعٍ من الدعاة ، أو زعيم من الزعماء ، أو قائد دعوة أو حركة أو جماعة ، لسكت على هذا الكلام – إذا لم يوفّق إلى نفيه – ظناً منه أن ذلك الكلام إنما هو في صالح دعوته وحركته ، وظنّ أنه لم يسترع الانتباه إلى هذه الناحية ، بل إن الناس بأنفسهم فكّروا في ذلك ، وقالوا : إن الشمس انكسفت لوفاة ابن رسول الله صلى الله عليه وسلم . إذاً فهو ليس بمكلف بنفي هذا التفكير .

    وذلك هو الفرق بعينه بين النبي وغيره ، فإن الأحداث التي يستغلها أصحاب التفكير السياسي – وإن كانت حوادث طبيعية – يرى الأنبياء الكرام عليهم السلام أن استغلالهَا على حساب الدين حرام ، وأمر يرادف الكفر ، ولا أدري أن أحداً سوى محمد صلى الله عليه وسلم قد صدق في هذا الامتحان من غير مؤسسي الجماعات وزعماء السياسة ". انتهى كلامه بتصرّف .

    فانظر أيها القاريء الكريم كيف حرص النبي صلى الله عليه وسلم على عدم ربط الناس بشخصه أو تطويع هذه الحادثة لمصلحته ، بل انظر كيف قام بترسيخ البعد العقائدي في مثل هذه الحوادث الكونية ، مما ينفي قطعاً كونه مجرد زعيم سياسي .

    ثامنا : كل الشعوب ترى من حق قائدها أن يتملّك الأراضي ويتمتّع بالمال ويتقلّب في النعيم ، فكان من الطبيعي أن يشتهر عن النبي صلى الله عليه وسلم الثراء وأن يظهر ذلك في بيته وملبسه ومسكنه ، لكننا نفاجأ ببساطة حياة النبي صلى الله عليه وسلم ومدى زهده ، حتى أثّر ذلك في أصحابه رضوان الله عليهم ، وقد رأى عمر بن الخطاب رضي الله عنه أثر الحصير في جنب النبي صلى الله عليه وسلم فبكى ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( ما يبكيك ؟ ) ، فقال : "يا رسول الله ، إن كسرى وقيصر فيما هما فيه ، وأنت رسول الله " ، فقال له : ( أما ترضى أن تكون لهم الدنيا ولنا الآخرة ؟ ) رواه البخاري ، فلماذا نراه يفضّل شظف العيش وقسوة الحياة على رغدها لو لم يكن متطلّعاً إلى ما عند الله من ثوابه ونعيمه ؟ .

    تاسعا : جاءت وفود الأنصار عند العقبة لمبايعة النبي صلى الله عليه وسلم على السمع والطاعة في المنشط والمكره ، وعلى الدفاع عنه حتى الموت ، فما المقابل الذي بشّر به النبي صلى الله عليه وسلم أصحاب هذه البيعة ؟ إنه لم يكن مالاً يبذله لهم ، أو وعوداً على مناصب قياديّة ، أو أمانيّ في رقاع من الأرض ، لكنه سما بهم عن كل حطام الدنيا وبشّرهم بالجنة ، والملفت للنظر أنهم لم يطالبوا بشيء من هذه الأموال ، ولكن تدافعوا للبيعة وهم يعلمون أنهم قد يدفعون أرواحهم ثمناً لهذه البيعة ، ولو كان هؤلاء القوم لم يلمسوا فيه صدق دعوته لما واقفوا على مثل تلك البيعة ، فأيّ شيء يغريهم على الموت في مقابل غير معلوم ؟ لا شك أن هذا يعد دليلاً على صدقه .

    هل كان النبي صلى الله عليه وسلم مصلحاً اجتماعيا ؟

    لا شك أن النبي صلى الله عليه وسلم بُعث ليتمّم مكارم الأخلاق ، ويضيف إلى الإنسانية الكثير من المعاني السامية ، والمثل العليا ، وإن البعد الأخلاقي في مبادئه واضح بلا مراء ، لكن أن يحلو للبعض أن يفسّر دعوته بانتحال النبوة ، والاحتيال باسم الدين ، كي يسهم في انتشال قومه من الانحلال الخلقي ، ومحاربة الهيمنة القبلية ، فهذا ما لا يقوله عاقل منصف ، عرف التاريخ ، أو اطلع على جزء من حياة النبي صلى الله عليه وسلم .

    والنقاط التالية تبيّن تهافت تلك الفرية ، وأنها لا تعدوا أن تكون أفكاراً نابعة من نفوس مغرضة :

    أولاً : إن جوانب الحياة الاجتماعية تشمل عدة أبعاد : البعد المنظّم لعلاقة الإنسان بنفسه ، والبعد المنظم لعلاقته بمن سواه ، ولو كان النبي صلى الله عليه وسلم مجرّد مصلحٍ اجتماعي لكان تركيزه الأعظم على هذين البعدين ، بينما نرى في الواقع أن العماد الحقيقي الذي قامت عليه دعوته هو بُعد أعمق من القضيتين السابقتين ، إنه البُعد العقدي ، والمتمثل في علاقة الإنسان بخالقه ومولاه .

    لقد تركّزت الدعوة الإسلامية في أكثر مظاهرها بالعبادة وتوحيد الله جلّ وعلا ، وهذا البعد ليس له علاقة مباشرة بالإصلاح الاجتماعي ، فما بال النبي صلى الله عليه وسلم يأمر الناس بعبادة الله وحده ؟ وما علاقة الأخلاق بتحمّل أعباء تكاليف تُشغل بمجملها حياة الإنسان اليومية ؟ .

    وهنا قد يقول المستشرقون : إن لهذه التكاليف أثراً في ترويض الروح على الفضيلة ، لكن هذا لا يتماشى مع النهي عن عبادة الأصنام ، ولا مع وجوب البراءة من الكفر والكافرين ، مما يجعلنا نقطع بتهافت مثل هذا الرأي .

    ثانياً : إن هذا التفسير النظري ليقف عاجزاً عن تفسير بكاء الصحابة العائدين من الغزوات إذ لم تُكتب لهم الشهادة ، ويقف عاجزاً كذلك عن تفسير حرصهم على قتال ذويهم وبني جلدتهم ، حتى ترى الوالد يقتل ولده ، والأخ يقتل أخاه ، كل ذلك في سبيل هذه الدعوة الجديدة ، كما أن هذه النظرية لتعجز عن تفسير رضا المهاجرين أن يتركوا ديارهم وأموالهم ، ويختاروا مفارقة الأوطان ، إلى مصير غير معلوم ، لو لم يعلموا يقيناً بنبوته صلى الله عليه وسلم .

    ثالثاً : إن المتطلّع إلى محتويات الدين الإسلامي يجد فيه العديد من التشريعات المختلفة والأنظمة المحكمة الدقيقة ، خصوصاً ما يتعلّق بجوانب القضاء والإفتاء والحدود ، والشأن في المناهج الأرضية القويّة أن تجتمع عقول كثيرة لكي تخرج بنظام متكامل كهذا النموذج ، لا أن يكون منبع هذا الدستور من رجل أمي لا يعرف القراءة ولا الكتابة ، منشغلٍ بعبادته والاجتماع بصحابته ، ومثل هذا التصوّر يقتضي أن تكون هذه الشريعة من مصدر سماوي ، لا اجتهادات بشريةٍ عرضة للخطأ والصواب .

    ونقول أخيراً : إن الإصلاح الاجتماعي هو قاسم مشترك بين الديانات السماوية والدعوات الأرضية ، كذلك فيما يتعلق بالدعوات السياسية ، فالكل يسعى إلى تحقيق الاستقرار وتنظيم الحياة ، ولكنا حينما نتكلم عن دين أتى من عند الخالق الحكيم فمن البداهة أن يكون أوسع نطاقا وأكمل نظاماً وأشمل منهجاً ، فليس هو بالمقتصر على جانب من جوانب الحياة أو نظام من نظمها .

    وإذا كان الأمر كذلك ، فمن السذاجة أن يوصف الدور الذي قام به خاتم الأنبياء والمرسلين بأنه مجرد عمليات إصلاحية في المجتمع العربي ، أو محاولات لتصدّر الزعامة والسيطرة على مقاليد الحكم في جزيرة العرب ، فلا مناص من الاعتراف بالحق الواضح ، وهو ما عبّر عنه المستشرق " تريتون " بقوله : " إذا صحّ في العقول أن التفسير المادّي يمكن أن يكون صالحاً في تعليل بعض الظواهر التاريخية الكبرى ، وبيان أسباب قيام الدول وسقوطها ، فإن هذا التفسير المادي يفشل فشلاً ذريعاً حين يرغب في أن يعلّل وحدة العرب وغلبتهم على غيرهم ، وقيام حضارتهم ، واتساع رقعتهم وثبات أقدامهم ، فلم يبق أمام المؤرخين إلا أن ينظروا في العلّة الصحيحة لهذه الظاهرة الفريدة ، فيرى أنها تقع في هذا الشيء الجديد : ألا وهو الإسلام " .

    تلك هي شهادة شاهد من أهلها ، فأي حجة بعد ذلك تنفع ، إذا كان ما سبق لا يُقنع !!








    فداك ابي وأمي يا رسول الله
    نحري دون نحرك يا حبيبي يا رسول الله !!!


    بسم الله الرحمن الرحيم
    قل هو الله احد * الله الصمد * لم يلد و لم يولد * و لم يكن له كفوا احد
    Dis : " Lui, Dieu, est Un ! * Dieu est le Soutien universel ! * Il n'engendre pas et Il n'est pas engendré, * et Il n'a pas d'égal. "


  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Nov 2007
    المشاركات
    862
    الدين
    الإسلام
    الجنس
    ذكر
    آخر نشاط
    26-09-2014
    على الساعة
    04:41 PM

    افتراضي






    قال أبوجهل: ألا رجل يقوم إلى فرث جزور بين فلان فيلقيه على محمد وهو ساجد؟ فقام عقبة بن أبي معيط وجاء بذلك الفرث فألقاه على النبي صلى الله عليه وسلم وهو ساجد فلم يقدر أحد من المسلمين الذين كانوا بالمسجد على إلقائه عنه لضعفهم عن مقاومة عدوهم, ولم يزعل عليه السلام حتى جاءت فاطمة بنته فأخذت القذر ورمته. فلما قام دعا على من صنع هذا الصنع القبيح فقال: اللهم عليك عليك الملأ من قريش وسمى أقواما, قال ابن مسعود فرأيتهم قتلوا يوم بدر. (رواه البخاري)

    أحبك يا رسول الله, أهكذا فعلوا بك, آذوك, شتموك, عذبوك بأيديهم وألسنتهم القذرة , وأنت, بأبي أنت وأمي, عطوف رحيم صابر, صبرت لتصلنا كلمة لا إله إلا الله.

    من جماعة المستهزئين أبو لهب بن عبدالمطلب عم رسول الله كان أشد عليه من الأباعد فكان يرمي القذر على بابه لأنه كان جارا له فكان الرسول يطرحه ويقول : يابني عبد مناف, أي جوار هذا؟ وكانت تشاركه في قبيح عمله زوجه أم جميل بنت حرب بن أميه فكانت كثيرا ما تسب رسول الله وتتكلم في بالنمائم وخصوصا بعد أن نزل فيها وفي زوجها سورة أبي لهب وإنما سماها الرسول حمالة الحطب لأنها كانت فيما بلغني (يقول ابن هشام) تحمل الشوك فتطرحه على طريق الرسول صلى الله عليه وسلم حيث يمر.

    فلا يعلم أحد مر به من المصائب والمصاعب والمشاق والأزمات كما مر به صلى الله عليه وسلم, وهو صابر محتسب "واصبر وما صبر إلا بالله" صبر على اليتم والفقر والعوز والجوع والحاجة والتعب والحسد والشماتة وغلبة العدو أحيانا, وصبر على الطرد من الوطن والإخراج من الدار والإبعاد عن الأهل وصبر على قتل القرابة والفتك بالأصحاب وتشريد الأتباع وتكالب الأعداء وتحزب الخصوم واجتماع المحاربين وصلف المغرضين وكبر الجبارين وجهل الأعراب وجفاء البادية ومكر اليهود وعتو النصارى وخبث المنافقين وضراوة المحاربين وصبر على تجهم القريب وتكالب البعيد وصولة الباطل وطغيان المكذبين.....

    لست بصدد أن أكتب سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم, وأنا لي الشرف بكتابتها, ولكني تعرضت لموقف في حياتي جعلني أدهش , وأكون في قمة تعجبي, لماذا يحب بعض المسلمون أبناءهم وأهليهم أكثر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. هذه الفئة من الناس لم تعرف بما حصل لرسول الله, فالبعض يكتفي بما درسه في مدارسهم, والبعض الآخر لا يقرأ ولا يكتب فلا تكون عنده الهمة ليحضر مجالس علم, والآخر أخذته الدنيا فأصبح كالبهيمة يأكل ويشرب وينام.....

    أمامي حدث الموقف, سألت فتاة خالتها, فقالت, يا خالة أتعرفين أنك يجب أن تحبي الرسول صلى الله عليه وسلم أكثر عن نفسك وأهلك وأبنك (عندنا ابن وحيد), فقالت الخالة: نعم يجب أن أحبه, ولكن هذا ابني (تقصد أنا لا استطيع أن أحب أحدا أكثر عن ابني), صدمت من قولها وربما عذرتها قليلا, فهي لم تعرف ما تعرض له الرسول في حياته لأجلها وابنها, هي لا تعرف أنه سبب من الله لتدخل الجنة هي وابنها, هي لا تعرف أنها يوم القيامة ستعادي ابنها وتشتكيه عند الخالق عزوجل وستطلب الشفاعة ممن تحب ابنها أكثر منه

    ومن جماعة المستهزئين عقبة بن أبي معيط, كان الجار الثاني لرسول الله, وكان يعمل معه كأبي لهب, صنع مرة وليمة ودعا لها كبراء قريش وفيهم رسول الله فقال عليه السلام والله لا آكل طعامك حتى تؤمن بالله فتشهد فبلغ ذلك أبي بين خلف وكان صديقا له فقال: ماشيء بلغني عنك, قال: لا شيء, دخل منزلي رجل شريف فأبى أن يأكل طعامي حتى أشهد له, فاستحييت أن يخرج من بيتي ولم يطعم فشهدت له, قال أبي: وجهي من وجهك حرام إن لقيت محمدا فلم تطأ عنقه وتبزق في وجهه وتلطم عينه. فلما رأى عقبة رسول الله, فعل به ذلك, فأنزل الله فيه في سورة الفرقان (ويوم يعض الظالم على يديه ويقول ياليتني اتخذت مع الرسول سبيلا, ياليتني لم أتخذ فلانا خليلا, لقد أضلني عن الذكر بعد إذ جاءني وكان الشيطان للإنسان خذولا"

    ومن أشد ما صنع ذلك الشقي برسول الله, ما رواه البخاري في صحيحه قال: بينما النبي يصلي في حجر الكعبة إذ أقبل عقبة ابن ابي معيط فوضع ثوبه في عنق رسول الله فخنقه خنقا شديدا فأقبل أبوبكر حتى أخذ بمنكبه ودفعه عن النبي صلى الله عليه وسلم وقال : "أتقتلون رجلا أن يقول ربي الله وقد جاءكم بالبينات من ربكم"

    وحيدا كنت, بلا أنيس يؤنسك وحيدا كنت, بلا أم ولا أب وحيدا كنت, أمام عذابات الكفار أمام شتائم الحاقدين وحيدا.....وحيدا لتصلنا ... كلمة التوحيد

    ومن جماعة المستهزئين, الأسود بن عبد يغوث الزهري , وكان إذا رأى اصحاب النبي مقبلين يقول قد جاءكم ملوك الأرض استهزاء بهم لأنهم كانوا متقشفين ثيابهم رثة وعيشهم خشن وكان يقول لرسول الله سخرية : أما كلمت اليوم من السماء

    أي استهزاء وسخرية, أوتهزأ بخير البشر؟

    مشى أبي بن خلف إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بعظم بال قد أرفت فقال: يا محمد, أنت تزعم أن الله يبعث هذا بعد ما أرم, ثم فته بيده, ثم نفخه في الريح نحو رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: نعم, أنا أقول ذلك, يبعثه الله وإياك بعدما تكونان هكذا, ثم يدخلك الله النار. فأنزل الله تعالى فيه :"وضرب لنا مثلا ونسي خلقه قال من يحي العظام وهي رميم, قل يحييها الذي أنشأها أول مرة وهو بكل خلق عليم, الذي جعل لكم من الشجر الأخضر نارا فإذا أنتم منه توقدون"

    ياترى.....هل إذا كنا مكانك يا رسول الله..سنحتمل نصف ما تحتمله؟ وأنت ... ما أردت ملكا ولا أردت مالا....اردت أن تصل لا إله إلا الله لنا, لندخل الجنة أي رحمة تلك التي أهداها رب العزة لنا, الرحمة المهداة "وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين" بعد ذلك...أترى تستحق أن ينساك أمتك, حتى الصلاة عليك بخلوا بها عليك وأنت ما تحتاج رفعة إلى الله, كيف تحتاجها ولك الدرجة العالية في الجنة, حتى الصلاة عليك, رحمة بنا...أزكى الصلوات عليك يا رسول الله .. إلى يوم الدين

    مر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالوليد بن المغيرة وأمية بن خلف وبأبي جهل بن هشام, فهمزوه واستهزءوا به, فغاظه ذلك, فأنزل الله تعالى عليه في ذلك من أمرهم :"ولقد استهزئ برسل من قبلك فحاق بالذين سخروا منهم ما كانوا به يستهزءون"

    صبر عن الدنيا بزينتها وزخرفها وذهبها وفضتها فلم يتعلق منها بشيء, وصبر على إغراء الولاية وبريق المنصب وشهوة الرئاسة فصدف عن ذلك كله طلبا لمرضاة ربه, فهو صلى الله عليه وسلم الصابر المحتسب في كل شأن من شؤون حياته, فالصبر درعه وترسه وصاحبه وحليفه, كلما أزعجه كلام أعدائه تذكر "فاصبر على ما يقولون" وكلما بلغ به الحال أشده والأمر اضيقه تذكر "فصبر جميل" وكلما راعه هول العدو وأقض مضجعه تخطيط الكفار تذكر "فاصبر كما صبر أولوا العزم من الرسل"

    صبر على الكلمة النابية فلا تهزه, وعلى اللفظ الجارحة فلا تزعجه, وعلى الإيذاء المتعمد فلا ينال منه .

    مات عمه فصبر, وماتت زوجته فصبر وقتل حمزه فصبر, وأبعد عن مكة فصبر, وتوفي ابنه فصبر, ورميت زوجته الطاهرة فصبر, وكذب فصبر, قالوا عنه شاعر كاهن ساحر مجنون كاذب مفتر فصبر, أخرجوه آذوه شتموه سبوه حاربوه سجنوه فصبر, وهل يـُتعلم الصبر إلا منه؟

    لما هلك أبوطالب نالت قريش من رسول الله صلى الله عليه وسلم من الأذى مالم تكن تنال منه في حياة عمه أبي طالب, فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الطائف يلتمس النصرة من ثقيف والمنعة بهم من قومه, ورجاء أن يقبلوا منه ما جاءهم به من الله عزوجل, فخرج إليهم وحده هل استقبلوه بالورود والعطور والتحيات هل فرشوا تراب الذهب لرجليه الطاهرتين والله والله يستحق اكثر لكن, أهل الجهل, فعلوا غير ذلك:

    (هو يمرط (ينزع ويرمي) ثياب الكعبة إن كان الله ارسلك) (أما وجد الله أحدا يرسله غيرك) (والله لا أكلمك أبدا, لئن كنت رسولا من الله كما تقول, لأنت أعظم خطرا من أن أرد عليك الكلام, ولئن تكذب على الله ما ينبغي أن أكلمك)

    هذه ردود النعاج البطالين...أهكذا تردوا على رسول الله, أكرم منكم ومن أمهاتكم وآباءكم, كرمه الله فجعله أكمل البشر, صلى الله عليك يا رسول الله صلاة إلى يوم الدين

    ماذا رد عليهم, صلى الله عليه وسلم, لم يستخدم كلمة نابية أو مشينة , كان حليما رحيما صبورا, ومن له صفات مثلك "وإنك لعلى خلق عظيم" قام رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال :"إذا فعلتم ما فعلتم فاكتموا عني"

    أغروا به سفهاءهم وعبيدهم, يسبونه ويصيحون به, حتى اجتمع عليه الناس وألجئوه إلى حائط لأبنا ربيعة, ورجع عنه من سفهاء ثقيف من كان يتبعه, فعمد إلى ظل حبلة (شجرة عنب) فجلس فيه وابنا ربيعة ينظران إليه,ويريان ما لقي من سفهاء أهل الطائف

    ماذا قلت يارسول الله, أدعوت عليهم أن تطبق عليه الجبال, أدعوت عليهم بالهلاك, أدعوت عليه بريح أم باعصار, أدعوت عليهم بهجوم للسباع, ماذا دعوت بأبي وأمي أنت يا رسول الله "اللهم إليك أشكو ضعف قوتي وقلة حيلتي وهواني على الناس يا أرحم الراحمين أنت رب المستضعفين وأنت ربي إلى من تكلني؟ إلى بعيد يتجهمني؟ أم إلى عدو ملكته أمري؟ إن لم يكن بك علي غضب فلا أبالي, ولكن عافيتك هي أوسع لي أعوذ بنور وجهك الذي أشرقت له الظلمات وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة من أن تنزل بي غضبك أو يحل علي سخطك, لك العتبى حتى ترضى ولا حول ولا قوة إلا بالله"

    تدمى رجليك..... وتخاف سخط الله تـُرمى وتـُسب..... وتدعو بدعاء الخاشعين أي خلق فيك , أي رحمة "الله أعلم حيث يجعل رسالته"

    إحدى عشرة سنة والرسول صلى الله عليه وسلم (بأبي هو وأمي) يعاني من حياة لا راحة فيها ولا استقرار, تتربص قريش في كل دقيقة منها بقتله, وتصب عليه ألوانا من المحن والشدائد, فلا ينقص ذلك شيئا من عزيمته ولا يضعف شيئا من قوته وسعيه

    إحدى عشرة سنة, والرسول صلى الله عليه وسلم يعاني من غربة هائلة مظلمة بين قومه وجيرانه وكافة الجماعات والقبائل المحيطة به, فلا ييأس ولا يضجر ولا يؤثر ذلك على شيء من أنسه بربه عزوجل

    إحدى عشرة سنة من الجهاد والصبر المتواصل في سبيل الله وحده, هي الثمن والطريق إلى نشأة مد إسلامي زاخر عظيم ينتشر في مشرق العالم وغربه, تتساقط أمامه قوة الروم وتتهاوى بين يديه عظمة فارس, وتذوب من حوله قيم النظم والحضارات.

    ثمن من الجهاد والصبر والتعب وخوض الشدائد, كان من السهل جدا على الله عزوجل أن يقيم دعائم المجتمع الإسلامي بدونه, ولكن تلك هي سنة الله في عباده أراد أن يتحقق فيهم التعبد له اختيارا, كما تحققت فيهم صفة العبودية له إجبارا

    ولا يتحقق التبعد بدون بذل الجهد, ولا يمحص الصادق من المنافق بدون عذاب أو استشهاد, وليس من العدل أن يكسب الإنسان الغنم دون أن يبذل على ذلك شيئا من الغرم

    وكل ذلك, كل تلك العذابات والوحدة ة والوحشة والغربة ولايريد منا مالا ولا جاها....يريدنا أن ندخل الجنة, أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله

    رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم يؤذيه المشركون واليهود والنصارى أشد الإيذاء, ويذوق صنوف البلاء من تكذيب ومجابهة ورد واستهزاء وسخرية وسب وشتم واتهام بالجنون والكهانة والشعر والسحر والإفتراء ويطرد ويحارب ويقتل أصحابه وينكل بأتباعه ويتهم في زوجته ويذوق اصناف النكبات ويهدد بالغارات ويمر بازمات ويجوع ويفتقر ويجرح وتكسر ثنيته ويشج رأسه ويفقد عمه أبا طالب الذي ناصره وتذهب زوجته خديجة التي واسته ويحصر في الشعب حتى ياكل هو واصحابه أوراق الشجر, وتموت بناته في حياته وتسيل روح ابنه ابراهيم بين يديه, ويـُغلب في أحد, ويمزق عمه حمزة, ويتعرض لعدة محاولات اغتيال, ويربط الحجر على بطنه من الجوع ولا يجد أحيانا خبز الشعير ولا رديء التمر, ويذوق الغصص ويتجرع كاس المعاناة ويزلزل مع أصحابه زلزالا شديدا وتبلغ قلوبهم الحناجر, وتعكس مقاصده أحيانا ويبتلى بتيه الجبابرة وصلف المتكبرين وسوء ادب الأعراب وعجب الأغنياء وحقد اليهود ومكر المنافقين وبطء استجابة الناس, ثم تكون العاقبة له والنصر حليفه والفوز رفيقه فيظهر الله دينه وينصر عبده ويهزم الأحزاب وحده ويخذل أعداءه ويكبتهم ويخزيهم والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون

    لقد رأينا أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يقصر الدعوة على قومه من قريش الذين لم يألوا جهدا في إذاقته كل أصناف المحن والمصائب. بل كان يدخل بين القبائل الآتية من خارج مكة من شتى الجهات والأطراف بمناسبة موسم الحج, فيعرض نفسه كدلال عليهم ويدعوهم إلى بضاعة الدين وكنز التوحيد, ويذهب ويجيء بينهم فلا يرى مجيبا له. ورى أحمد وأصحاب السنن والحاكم وصححه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يعرض نفسه على الناس بالموسم فيقول :"هل من رجل يحملني إلى قومه, فإن قريشا منعوني أن أبلغ كلام ربي؟!"

    حب ثوبان مولى الرسول الكريم :- ------------------------------------- كان شديد الحب له, قليل الصبر عنه. فأتاه ذات ليلة وقد تغير لونه ونحل جسمه يعرف في وجهه الحزن. فقال له رسول الله :"يا ثوبان ما غير لونك؟" فقال: يارسول الله, مابي وجع, ولا ضر, غير أني إذا لم أرك اشتقت إليك, واستوحشت وحشة شديدة, حتى ألقاك, ولولا أني أجيء, فأنظر إليك لظننت أن نفسي تخرج, ثم ذكرت الآخرة وأخاف ألا أراك هناك, لأني عرفت أنك مع النبيين, وأني إن دخلت الجنة, كنت في منزلة هي أدنى من منزلتك, وإن لم أدخل فذلك حين لا أراك أبدا, فيشق ذلك علي, وأحب أن أكون معك!

    فلم يرد عليه رسول الله شيئا, فأنزل الله عزوجل :"ومن يطع الله والرسول فألئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا, ذلك الفضل من الله وكفي بالله عليما"

    أي معلم كان وأي إنسان, هذا المترع عظمة, وأمانة وسموا. يامن يبكي بالليل والأسحار خوفا على أمته, يا من سيأتي يوم القيامة يقول أمتي أمتي والأنبياء من قبله قالوا نفسي نفسي, وهو من صعد المنبر ذات يوم وهو يستقبل الناس باكيا يقول: "من كنت جلدت له ظهرا, فهذا ظهري فليتقد منه, ومن كنت أخذت له مالا, فهذا مالي فليأخذ منه" ماأروع صفاتك يارسول الله, لم تخن أحدا, ولم تكذب على أحد, لم تشتم أو تظلم أحدا, قبل النبوة وبعدها, كانوا يعرفون أنك الحق المبين, ولكن غيرة وحسدا كذبوك. إنسان نذر حياته لدعوة ليس له فيها أي مغنم شخصي من ثراء أو منصب أو جاه أونفوذ, حتى الخلود التاريخي لشخصه لم يكن في حسابه لأنه لايؤمن إلاى بخلود الله.

    إنسان يقضي حياته فمن الطفولة إلى الأربعين في طهر وتأمل, ثم يقضيها من الأربعين إلى منتهاها في عبادة وهدايةوجهاد ونضال, وتفتح له الدنيا فيركل أمجادها الباطلة ويظل لائذا بمسلكه وعبادته ورسالته. وإنه ليذكر يوم اشتدت عليه سفاهات قومه فعاد إلى بيته وتدثر آسفا حزينا بفراشه, فإذا بصوت السماء يقرع فؤاده وإذا بالوحي يأتيه من فوره, ملقيا عليه الأمر الذي ألقاه عليه من قبل يوم الغار(ياأيها المدثر قم فأنذر) هو إذن مبلغ ونذير وهو إذن رسول لايبالي بالأذى, ولايبحث عن الراحة يامن مدحك الله بقوله "إنك لعلى خلق عظيم" لقد نساك بعض من أمتك ياسيدي لم يعد يشتاقون إليك لم يعد يعملون بسنتك وإنما أرسلت إلينا رحمة, فالسلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته.

    مرت طفولة النبي صلى الله عليه وسلم لا كما تمر أي طفولة سعيدة في كنف حنان الأم ورعاية الأب, ولكنها طفولة فيها تلك المعاناة التي رسمت خطوطها على حياته فيما بعد, فقد جاء إلى الحياة ولم ير له والدا, وأمه ماتت عند الأبواء وعمره ستة أعوام, حيث دفنت وحيث نزع من حضنها الذي فقد بفقدها حنان الأم العظيم....وانتزعوه من فوق ثراها, وهو يبكي باحر الدموع, وحاضنته أم أيمن...تحاول أن تخفف عنه وقع المأساة بلا جدوى....ويسير الركب الحزين...بلا أمه الغالية...إلى مكة...وينخلع قلب عبدالمطلب وهو يشاهد حفيده في حزنه الصامت البليغ....

    هذا المشهد الباكي الحزين لم ينسه النبي طوال عمره...وعندما امتدت به أيام الحياة....زار قبر أمه ....فبكى ...وأبكى

    ما أكثر ما تعرض له عليه الصلاة والسلام من جهل الجاهلين وحقد الحاقدين ..وأوذي في جسده وفي أصحابه...وبلغ ببعض السفهاء أن يرموا عليه القاذورات وهو ساجد لربه في بيته المحرم...ويبلغ صلف قريش وجهالتها القمة...يوم تقرر في صحيفة ظالمة أن يقاطعوا بني هاشم وبني عبد المطلب..وظلت هذه المقاطعة ثلاث سنوات كاملة...عاش أثناءها النبي في سقيف شعب أبي طالب ويبلغ الظلم مداه حين يطالبون من الذين تزوجوا من بنات النبي أن يطلقوهن...وقد طلق عتبة وعتيبة أبناء ابي لهب بنتي رسول الله صلى الله عليه وسلم رقية وأم كلثوم.ورفض العاص أن يطلق زينب بنت النبي صلى الله عليه وسلم

    مات جده...مات عمه...ماتت زوجته...من له الآن..له الله تعالى من فوق سبع سماوات

    تمضي أيام رسول الله وهو دائب العمل على نشر لواء الإسلام مهما كانت الصعاب, يا ترى عندما يموت اعز الناس لنا, عندما نكون وحدنا غرباء في موطننا, أترانا سنكون بهمة رسول الله! ما أقواك وهل نتعلم القوة إلا منك...

    ما أعظم وأروع محمدا عليه الصلاة والسلام في سلوكه وفي أستاذيته وفي فضائله إنه كإنسان تفوق انسانيته كل ما درج عليه الناس وهو في استاذيته أستاذ لم تعرف الدنيا مثل أستاذيته في أي عصر من العصور وإلى أن يرث الله الأرض ومن عليها وهو في فضائله...فالحديث يطول ويطول ويطول ولا تنتهي متابعته

    "بلغني أنكم تخافون موت نبيكم....هل خلد من قبلي نبي فيمن بعث إليكم فاخلد فيكم, ألا وإني لاحق بربي وإنكم لاحقون بي" ألهذا يخافون فراقك, يا رسول الله ألهذا يحبونك.. ياليتنا كنا معهم فنكون معك, فنحبك مثل ما أحبوك, والله نحبك يا رسول الله وإن لم نكن قد رأيناك رأيناك بخلقك في القرآن, وخلقك في سيرتك العطرة, وخلقك في علمنا الذي تعلمناه من علمك, الذي علمك الله به

    ما أحلى أيام الرسول وكلام الرسول وعظات الرسول وسلوك الرسول وحلم الرسول

    رآى عمه العباس رؤيا في المنام, رآى القمر وقد رفع إلى السماء.....فيقول له الرسول الكريم :"انه ابن أخيك"

    "ألا فإن موعدكم الحوض...ألا فمن أحب أن يرده على غدا فليكفف يده ولسانه إلا فيما ينبغي" ما أعظمك وما أروعك يا سيد المرسلين...في شدة المرض تخرج إلى الناس...وتوصيهم بكلماتك البليغة العميقة, ان يتراحموا فيما بينهم...

    "إن عبدا من عباد الله خيره الله بين الدنيا وبين ما عنده فاختار ما عند الله" وما أن سمع أبوبكر هذه الكلمات...حتى عرف أن النبي ينعى نفسه وأنه سوف يلحق بربه فبكى (وما أجمل بكاء الأصحاب, ياليتنا كنا أصحابك يا رسول الله, ياليتنا كنا معك فنفديك بروحنا وأنفسنا, أبلغت الرسالة وأديت الأمانة لندخل الجنة, وأنت....قل لا أسئلكم علي أجرا إن أجري إلا على الله, لا يطلب أجرة منا, بل هو من أتى سببا من الله, يحمل تذاكر الجنة , لك مني أزكى الصلوات يا أحب الخلق إلى النفس)

    "فمن كنت قد جلدت له ظهرا فهذا ظهري فليستقد منه, ومن كنت قد شتمت له عرضا فهذا عرضي فليستقد منه, ألا وأن الشحناء ليست من طبعي ولا من شأني..."

    عذبت لأجلنا, شتمت لأجلنا, وتستسمح منا؟ ألا هي عجب أخلاقك, وهول جمالها., صلى الله عليك وسلم

    بل الرفيق الأعلى ويبكي الناس

    وتبكي فاطمة: أبتاه....ابتاه....أبتاه أجاب ربا دعاه يا أبتاه جنة الفردوس مأواه يا أبتاه إلى جبريل ننعاه

    ويبكي الخلق من الناس...أرحل عنا رسول الله ؟,

    وينعاه كل بطريقته فيقول علي بن أبي طالب رضي الله عنه : لقد انقطع بموتك ما لم ينقطع بموت غيرك من النبوة والأنبياء وأخبار السماء...لولا أنك أمرت بالصبر ونهيت عن الجزع لأنفذنا عليك ماء الشئون ومكان الداء مماطلا, والكمد محالفا, ولكنه ما لا يملك رده ولا يستطاع دفعه...بأبي أنت وأمي...أذكرنا عند ربك...واجعلنا من بالك

    ويودعه بتلك الكلمات المعبرة الحزينة: "إن الصبر لجميل إلا عنك, وإن الجزع لقبيح إلا عليك, وإن المصاب بك لجليل, وإنه قبلك وبعدك لجلل"

    رُوِيَ أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه سُمِعَ بعد موت رسول الله صلى الله عليه وسلم يبكي ويقول: بأبي وأمي يا رسول الله, لقد كان جذع تخطب الناس عليه, فلما كثر الناس اتخذت منبرا لتسمعهم, فحن الجذع لفراقك حتى جعلت يدك عليه فسكن , فأمتك كانت أولى بالحنين إليك لما فارقتهم. بأبي أنت وأمي يارسول الله, لقد بلغ من فضيلتك عنده أن جعل طاعتك طاعته, فقال عزوجل (من يطع الرسول فقد أطاع الله). بأبي أنت وأمي يارسول الله لقد بلغ من فضيلتك عنده أن أخبرك بالعفو عنك قبل أن يخبرك بالذنب فقال تعالى (عفا الله عنك لم أذنت لهم)..بأبي أنت وأمي يارسول الله لقد بلغ من فضيلتك عنده أن بعثك آخر الأنبياء وذكرك في أولهم فقال عزوجل (وإذ أخذنا من النبيين ميثاقهم ومنك ومن نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ابن مريم).. بأبي أنت وأمي يارسول الله لقد بلغ من فضيلتك عنده أن أهل النار يودون أن يكونوا قد أطاعوك وهم بين أطباقها يعذبون: يقولون: ياليتنا أطعنا الله وأطعنا الرسولا.

    بأبي أنت وأمي يارسول الله لئن كان موسى بن عمران أعطاه الله حجرا تتفجر منه الأنهار, فماذا أعجب من أصابعك حين نبع منها الماء صلى الله عليك وسلم. بأبي أنت وأمي يارسول الله لئن كان سليمان بي داود أعطاه الله الريح غدوها شهرا ورواحها شهر, فماذا أعجب من البراق حين سريت عليه إلى السماء السابعة, ثم صليت الصبح من ليلتك بالأبطح صلى الله عليك. بأبي أنت وأمي يارسول الله لئن كان عيسى ابن مريم أعطاه الله إحياء الموتى, فماذا أعجب من الشاة المسمومة حين كلمتك وهي مشوية فقالت لك الذراع: لاتأكلني فإني مسمومة. بأبي أنت وأمي يارسول الله لقد دعا نوح على قومه فقال(رب لا تذر على الأرض من الكافرين ديارا) ولو دعوت علينا بمثلها لهلكنا كلنا. فلقد وطئ ظهرك وأمى وجهك وكسرت رباعيتك, فأبيت أن تقول إلا خيرا, فقلت :"اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون". بأبي أنت وأمي يارسول الله, لقد اتبعك في قلة منك وقصر عمرك ما لم يتبع نوحا في كثرة سنه وطول عمره, ولقد آمن بك الكثير وما آمن معه إلا القليل. بأبي أنت وأمي يارسول الله لو لم تجالس إلا كفؤا لك ما جالستنا, ولو لم تنكح إلا كفؤا لك ما نكحت إلينا, ولو لم تواكل إلا كفؤا لك ما واكلتنا, فلقد والله جالستنا ونكحت إلينا وواكلتنا ولبست الصوف وركبت الحمار وأردفت خلفك ووضعت طعامك على الأرض, ولعقت أصابعك تواضعا منك, صلى الله عليك وسلم. (الترغيب والترهيب)

    ومضت أيام رسول الله صلى الله عليه وسلم...أعظم إنسان عرفه الوجود في كل العصور...غادر دنيانا...بعد أن أنار القلوب...وحث على العلم وجعله فريضة على كل مسلم ومسلمة...وكان قدوة وإماما للمتقين في كل زمان وكل مكان

    غادر دنيانا اليتيم الذي زرع الرحمة في القلوب...وراعي الغنم الذي أقام أعظم دولة عرفها التاريخ

    انتقل إلى الرحاب القدسية....من أشاع في الناس أعظم المبادئ وأنبل القيم...وأضاء العقول...وايقظ الضمائر...ورسم المنهج الذي يجعل من الإنسان إنسانا في كل عصر وفي كل آن

    جاء إلى الدنيا والظلام يغطي كل شيء...وغادرها والنور يشرق على كل شيء وسيظل يحيا في قلوب كل الذين آمنوا برسالته...وعرفوا قدره العظيم...وما جاء به من الله عزوجل علاه من تشريف وتقدير

    وستظل رسالته متمثلة في الكتاب والسنة نور هداية للناس إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها

    وسلام عليك وصلاته يا آخر الأنبياء والمرسلين أيها الزاهد , مانظر إليه صلى الله عليه وسلم وهو إمام المسلمين وقائد المؤمنين وأفضل الناس أجمعين يسكن في بيت طين وينام على حصير بال ويبحث عن تمرات تقيم صلبه وربما اكتفى باللبن, بل خير بين أن يكون ملكا رسولا أو عبدا رسولا فاختار أن يكون عبدا رسولا يشبع يوما ويجوع يوما, حتى لقي الله عزوجل

    (هذا هو معلم البشر, وخاتم النبيين, هذا هو النور الذي رآه الناس وهو يحيا بينهم بشرا, ثم رآه العالم بعد رحيله عن الدنيا, حقيقة وذكرا, إنه النور الذي يتبعه المؤمنون, محمد رسول الله, الذي جمع الله له من رؤية الحق, ورفعة النفس, ما شَرفت به الحياة وأضاءت به مقادير الإنسان في خشوع وإجلال, نقول للمعلم العظيم, خاتم المرسلين: السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته, وجزاك الله عما أعطيت وهديت خير الجزاء, وما كتب عنه هنا ما هو إلا مدح وإجلال يومئ على استحياء إلى بعض سمات تفوقه وعظمته. يارسول الله أترانا سنراك عند الحوض, أتراك ستعرفنا, أترانا سنشرب من يدك الشريفة؟ أم أن أعمالنا لن تبلغ قربك ؟)

    بعد كل ما قرأت........أما تحبه أكثر عن أمك وأبيك وزوجك وبنيك؟

    -------- المصادر: السيرة النبوية (لإبن هشام), فقه السيرة النبوية (محمد رمضان البوطي), مشاهد من حياة الرسول (مأمون غريب), رجال حول الرسول (خالد محمد خالد), محمد صلى الله عليه وسلم (عائض القرني), الحب بين العبد والرب (أحمد نصيب), نور اليقين في سيرة سيد المرسلين (المرحوم الشيخ محمد المصري بك المفتش بوزارة المعارف ومدرس التاريخ الإسلامي بالجامعة المصرية)



    بسم الله الرحمن الرحيم
    قل هو الله احد * الله الصمد * لم يلد و لم يولد * و لم يكن له كفوا احد
    Dis : " Lui, Dieu, est Un ! * Dieu est le Soutien universel ! * Il n'engendre pas et Il n'est pas engendré, * et Il n'a pas d'égal. "


  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Feb 2008
    المشاركات
    85
    آخر نشاط
    08-10-2008
    على الساعة
    10:37 PM

    افتراضي





    بارك الله فيك
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

........ بل كان نبيا رسولا ....

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

المواضيع المتشابهه

  1. ان نبيا مثلي سيقيم لكم الرب الهكم (تحريف متعمد)
    بواسطة kholio5 في المنتدى منتدى نصرانيات
    مشاركات: 19
    آخر مشاركة: 22-01-2009, 12:48 AM
  2. مشاركات: 11
    آخر مشاركة: 18-02-2008, 11:35 PM
  3. من أراد ان يصبح نبيا يهوديا فليتعرى -كما و لدته أمه-
    بواسطة ismael-y في المنتدى منتدى نصرانيات
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 01-03-2007, 10:19 PM
  4. إذا كنت تريد ان تكون نبيا ((فعليك بالخطوات التالية))
    بواسطة الاصيل في المنتدى حقائق حول الكتاب المقدس
    مشاركات: 3
    آخر مشاركة: 02-12-2006, 01:02 PM
  5. يوحنا المعمدان لم يعلم بأن المسيح رسولا ؟
    بواسطة ali9 في المنتدى منتدى نصرانيات
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 15-04-2006, 04:50 AM

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  

........ بل كان نبيا رسولا ....

........ بل كان نبيا رسولا ....