رد شبهة: نبيُّ الإسلام يقول: " لا يقتل مسلمٌ بكافرٍ " !

قالوا : نبي الإسلامِ يدعو إلى العنصريةِ ..... أتباعه لهم مكانه خاصة عنده عن بقيةِ الناسِ حتى في أرواح العباد؛ فلو قتل المسلمُ الكافر لا شيء عليه.....!

جاء في صحيح البخاري كِتَاب ( الدِّيَاتِ ) بَاب ( لَا يُقْتَلُ الْمُسْلِمُ بِالْكَافِرِ ) برقم 6404 حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ حَدَّثَنَا مُطَرِّفٌ أَنَّ عَامِرًا حَدَّثَهُمْ عَنْ أَبِي جُحَيْفَةَ قَالَ: قُلْتُ لِعَلِيٍّ: ح حَدَّثَنَا صَدَقَةُ بْنُ الْفَضْلِ أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ حَدَّثَنَا مُطَرِّفٌ سَمِعْتُ الشَّعْبِيَّ يُحَدِّثُ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا جُحَيْفَةَ قَالَ : سَأَلْتُ عَلِيًّا t هَلْ عِنْدَكُمْ شَيْءٌ مِمَّا لَيْسَ فِي الْقُرْآنِ وَقَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ مَرَّةً مَا لَيْسَ عِنْدَ النَّاسِ فَقَالَ : وَالَّذِي فَلَقَ الْحَبَّةَ وَبَرَأَ النَّسَمَةَ مَا عِنْدَنَا إِلَّا مَا فِي الْقُرْآنِ إِلَّا فَهْمًا يُعْطَى رَجُلٌ فِي كِتَابِهِ وَمَا فِي الصَّحِيفَةِ.
قُلْتُ : وَمَا فِي الصَّحِيفَةِ ؟
قَالَ : " الْعَقْلُ، وَفِكَاكُ الْأَسِيرِ، وَأَنْ لَا يُقْتَلَ مُسْلِمٌ بِكَافِرٍ".

الرد على الشبهة

أولًا: إن الاعتراضَ على الحديثِ من المعترضين هو من قوله r : " وَأَنْ لَا يُقْتَلَ مُسْلِمٌ بِكَافِرٍ ".

يفهم فهما صحيحا من وجهين:

الوجه الأول: أن الكافر المقصود في الحديث هو الكافر المحارب فقط ؛مثل:الكافر الجاسوس أو مجرم حرب في أرض الإسلام ...

والكافر هو الذي يضع بنفسه ساترا بينه وبين دين الإسلام ؛ وليس معنى كافر بأنه حلال الدم كما يتصور من المغرضين...

والكافر بالنسبة للمسلم يُصنف خمسة أصناف:
كافر محارب: كافر محارب للدين، وله مهين ، وظالم للمستضعفين ... هذا يقتل في أرض المعركة أو يقتله الحاكم أو القاضي حرابة ً؛قال تعالى : إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ (33) إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (34)(المائدة).
وإن قام مسلم بقتله قبل فراره من جرائمه وعقوبته ...فإن المسلم لا يقتل به .....

كافر معاهد: كافر له عهد أمان من الحاكم أو السلطان, وهذا مثله مثل: السائح الذي يدخل أرض الإسلام حاملا معه "جواز سفر"....فلا يمس بسوء بناء على عهده مع الحاكم أو المسئول....
صحيح البخاري برقم 2930 عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا
عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :"مَنْ قَتَلَ مُعَاهَدًا لَمْ يَرِحْ رَائِحَةَ الْجَنَّةِ وَإِنَّ رِيحَهَا تُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ أَرْبَعِينَ عَامًا".


3-كافر مستأمن: كافر طلب الأمن والأمان من أي مسلم، فأمّنه على نفسه فلا يمس بسوء...وهذا من قوله تعالى :" وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْلَمُونَ (6) " (التوبة) .
صحيح البخاري برقم 344 عَنْ أَبِي النَّضْرِ مَوْلَى عُمَرَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ أَنَّ أَبَا مُرَّةَ مَوْلَى أُمِّ هَانِئٍ بِنْتِ أَبِي طَالِبٍ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ سَمِعَ أُمَّ هَانِئٍ بِنْتَ أَبِي طَالِبٍ تَقُولُ:
ذَهَبْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَامَ الْفَتْحِ فَوَجَدْتُهُ يَغْتَسِلُ وَفَاطِمَةُ ابْنَتُهُ تَسْتُرُهُ قَالَتْ فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ فَقَالَ مَنْ هَذِهِ فَقُلْتُ أَنَا أُمُّ هَانِئٍ بِنْتُ أَبِي طَالِبٍ فَقَالَ مَرْحَبًا بِأُمِّ هَانِئٍ فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ غُسْلِهِ قَامَ فَصَلَّى ثَمَانِيَ رَكَعَاتٍ مُلْتَحِفًا فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ فَلَمَّا انْصَرَفَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ زَعَمَ ابْنُ أُمِّي أَنَّهُ قَاتِلٌ رَجُلًا قَدْ أَجَرْتُهُ فُلَانَ ابْنَ هُبَيْرَةَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ أَجَرْنَا مَنْ أَجَرْتِ يَا أُمَّ هَانِئٍ قَالَتْ أُمُّ هَانِئٍ وَذَاكَ ضُحًى.

4-كافر ذمي: كافر من أهل الذمة الذين لهم ذمه الله وذمه رسوله له ما على المسلمين وعليه ما عليهم ....
سنن أبي داود برقم 2654 حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ الْمَهْرِيُّ أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ حَدَّثَنِي أَبُو صَخْرٍ الْمَدِينِيُّ أَنَّ صَفْوَانَ بْنَ سُلَيْمٍ أَخْبَرَهُ عَنْ عِدَّةٍ مِنْ أَبْنَاءِ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ آبَائِهِمْ دِنْيَةً
عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:" أَلَا مَنْ ظَلَمَ مُعَاهِدًا أَوْ انْتَقَصَهُ أَوْ كَلَّفَهُ فَوْقَ طَاقَتِهِ أَوْ أَخَذَ مِنْهُ شَيْئًا بِغَيْرِ طِيبِ نَفْسٍ فَأَنَا حَجِيجُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ".

5- المواطن : كافر ليس مسلما ومسالما ، شريك في الوطن في دفع الضرائب ، والدفاع عن الوطن ... له ما على المسلم ولا يمس بأذى .... هذا من فقه الواقع...

وعليه: فإن المعنى المراد من الحديث هو:أن المسلم لا يُقتل بكافر محارب أينما وجد تحت ظروف معينة...
قال تعالى : وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (151)(الأنعام).
وقال تعالى : وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلَا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنْصُورًا (33)(الإسراء).

الآية تقول :"وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا "، أي كل من يُقتل ظلما سواء أكان مسلما أم كافرا ؛فإن الحاكم المسلم وليه في دمه ...
صح عن عمر بن عبد العزيز: أنه كتب إلى بعض أمرائه في مسلمٍ قتل ذميًّا، فأمره أن يدفعه إلى وليه، فإن شاء قتله، وإن شاء عفا عنه ... فدُفِعَ إليه فضرب عنقه . (المصنف لعبد الرزاق ج 10 / ص 101 ).


الوجه الثاني: أن الحديث كان له موقف خاص في خطبة خطبها النبي محمد يوم فتح مكة بأن تحقن الدماء التي كانت قد مضت وتطوى الصفح ...
وذلك مسند أحمد برقم 6403 حَدَّثَنَا وَكِيعٌ حَدَّثَنَا خَلِيفَةُ بْنُ خَيَّاطٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ
أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فِي خُطْبَتِهِ وَهُوَ مُسْنِدٌ ظَهْرَهُ إِلَى الْكَعْبَةِ:" لَا يُقْتَلُ مُسْلِمٌ بِكَافِرٍ وَلَا ذُو عَهْدٍ فِي عَهْدِهِ".

ولو فُهِم على العموم قوله :"لَا يُقْتَلَ مُسْلِم بِكَافِرٍ و وَلَا ذُو عَهْد فِي عَهْده ": أي أن الكافر الذمي له حكم المسلم؛ فإنّ حقن دمه مثل حقنِ دم المسلم....
وبالتالي : " لا يقتل مسلم أو ذمي بكافرٍ حربيّ ... ".


ثانيًا: إن قول النبي محمد r:" لَا يُقْتَلَ مُسْلِمٌ بِكَافِرٍ ". ليس معناه أن قتلَ الكافر الحربي في غير أرض المعركة من غير علم الحاكم ...ليس عليه عقوبة في بعض الأحوال....!
وقد ينزل الحاكم عليه عقوبة تعزيرية ،مثل : السجن ، الجلد والتغريم ، التغريب...

وأما قتل المواطن المسلم للمواطن الكافر المسالم ؛فإن المرد إلى الحاكم "ولي المقتول" وهو متمثلٌ اليوم في القانون المعروف عُرفا في البلاد .....
وقد ذكرت كتبُ التراث أقولًا لكثير من الفقهاء إلى أن من قتل كافرا غِيلَة أي: "غدارًا وخيانةً" أو عن عمد؛ فإنه يقتل وهو مذهب مالك ، والليث بن سعد....
جاء في كتاب( نيل الأوطار للشوكاني ج 7 / ص 154).

وقال مالكُ والليثُ: إذا قتل المسلم الذمي غيلة يُقتل به وإلا لم يُقتل به. اهـ
وهذا الذي فعله أبَان بن عثمان حين كان أميرًا على المدينة، وقتل رجل مسلم رجلًا من القبط، قتله غيلة، فقتله به، وأبَان معدود من فقهاء المدينة. (الجوهر النقي مع السنن الكبرى ج 8/ ص 34).

وذهب الشعبي والنخعي وابن أبي ليلى وعثمان البتي وأبو حنيفة وأصحابه إلى أن المسلم يُقتل بالذمي ، لعموم النصوص الموجبة للقصاص من الكتاب والسنة، ولاستوائها في عصمة الدم المؤبدة، ولما روي أن النبي r قتل مسلمًا بمعاهد. وقال: " أنا أكرم من وفَّى بذمته " (رواه عبد الرزاق والبيهقي).

وروي أن عليّا أُتي برجل من المسلمين قتل رجلًا من أهل الذمة، فقامت عليه البيِّنة، فأمر بقتله، فجاء أخوه فقال: إني قد عفوت، قال: فلعلهم هددوك وفرقوك، قال: لا، ولكن قتله لا يرد علَيَّ أخي، وعوَّضوا لي ورضيتُ. قال: أنت أعلم؛ من كانت له ذمتنا فدمه كدمنا، وديته كديتنا. (أخرجه الطبراني، والبيهقي في السنن الكبرى ج 8 / ص 34 ).


ثالثًا: إن هناك أسئلة تطرح نفسها هي:
هل معاملة السلطات الأمريكية للأمريكي صاحب الجنسية (المواطن) كالشخص المقيم (الوافد) في الحقوق والواجبات... ؟

الجواب: حقوق ابن البلد صاحب الجنسية المواطن تختلف عن حقوق الوافد
وهذا متعارف عليه في كل الأعراف فهل التميز هنا من قبل السلطات هو من قبيل الظلم أو العنصرية أم أنه حق متاح لهذه الدولة ؟
الجواب : حق متاح لها ؛ لأن الموطن الذي تربى ونشأ فيها يختلف حاله عن حال الوافد....
هذا ما تراه أمريكا وأوربا المتحضرة في عيون المعترضين....!!
وأتساءل: هل هذا من الظلم أو العنصرية....؟!

رابعًا: إن الكتابَ المقدس نسبَ إلى النبي موسى uالعنصرية في الدماء والقتل؛فقد قتلَ مصريا متعمدًا؛ لأنه تعارك مع إسرائيلي من ملته... وذلك في سفر الخروج أصحاح 2 عدد11وَحَدَثَ فِي تِلْكَ الأَيَّامِ لَمَّا كَبِرَ مُوسَى أَنَّهُ خَرَجَ إِلَى إِخْوَتِهِ لِيَنْظُرَ فِي أَثْقَالِهِمْ، فَرَأَى رَجُلاً مِصْرِيًّا يَضْرِبُ رَجُلاً عِبْرَانِيًّا مِنْ إِخْوَتِهِ، 12فَالْتَفَتَ إِلَى هُنَا وَهُنَاكَ وَرَأَى أَنْ لَيْسَ أَحَدٌ، فَقَتَلَ الْمِصْرِيَّ وَطَمَرَهُ فِي الرَّمْلِ.

وأتساءل :لما قتل موسيu المصري كما ذكر النصُ كان المعني :" لا يقتل مسلم بكافر" ؟!
:" لا يقتل إسرائيلي بكافر مصري" ؟!
ونسبَ العهد الجديد إلى يسوعَ المسيح نصوصًا وأفعالًا تدل على العنصرية في ذروتها... منها:
1-إنجيل متى أصحاح 7 عدد 6 "لا تعطوا القدس للكلاب ولا تطرحوا درركم قدام الخنازير".
إنجيل مرقس أصحاح7 عدد 27-2
"وأما يسوع فقال لها دعي البنين أولًا يشبعون لأنه ليس حسنًا أن يؤخذ خبز البنين ويطرح للكلاب".


وليت المعترضين يخبرونني عن محاكمِ التفتيش عندما دخل الصليبيون الأندلسَ بعد سقوط "غرناطة " وقتلوا من فيها على بكرة أبيها، وأقاموا "محاكم التفتيش" ولم يقتل نصراني بمسلم هل هذه عنصريه أم لا ؟!

ولما سقطت القدسُ على أيدي الصليبين وقُتِلَ سبعون ألفًا في يومٍ واحدٍ من المسلمين من غيرِ ذنبٍ لم يكونوا محاربين عنصرية أم لا؟!
وهل كان المعنى لا يقتل صليبي بمسلم؟!

كتبه / أكرم حسن مرسي