بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

يقول الكتاب في التكوين 3 : 22 :
وَقَالَ الرَّبُّ الإِلهُ: «هُوَذَا الإِنْسَانُ قَدْ صَارَ كَوَاحِدٍ مِنَّا عَارِفًا الْخَيْرَ وَالشَّرَّ.

***

النص يوضح أن معرفة آدم للفرق بين الخير والشر أتت بعد الأكل من الشجرة فكيف يحاسب آدم على خطأ لا ذنب له فيه، ويدخل في هذه المعرفة قبح الذنب ودرجة فداحته، والآن نتساءل كيف وقع آدم في الإثم وهو غير ميال للشر مع إن فعل الإثم هو تعبير لهذا الميل؟ بمعنى آخر هل يعقل أن يكون الإثم الذي عبر عن الميل هو نفسه الذي أوجده ؟ لا مناص عند النصارى من الإعتراف بأن آدم أكل من الشجرة بميله إلى الشر وأن هذا الميل مجبول عليه الإنسان منذ لحظة خلقه الأولى والسؤال الآن آدم كان به ميل للشر قبل الأكل من الشجرة فهل كان به ميل للخير أيضاً أم لا ؟ الإجابة نستقيها من الكتاب المقدس:

أخبار الأيام الثاني 14: 2 "وَعَمِلَ آسَا مَا هُوَ صَالِحٌ وَمُسْتَقِيمٌ فِي عَيْنَيِ الرَّبِّ إِلهِهِ."

أيوب 1 :1 " كَانَ رَجُلٌ فِي أَرْضِ عُوصَ اسْمُهُ أَيُّوبُ. وَكَانَ هَذَا الرَّجُلُ كَامِلاً وَمُسْتَقِيماً يَتَّقِي اللهَ وَيَحِيدُ عَنِ الشَّرِّ."

أخبار الأيام الثاني 31: 20 "هكَذَا عَمِلَ حَزَقِيَّا فِي كُلِّ يَهُوذَا، وَعَمِلَ مَا هُوَ صَالِحٌ وَمُسْتَقِيمٌ وَحَقٌّ أَمَامَ الرَّبِّ إِلهِهِ."

نستخلص من هذه النصوص أن الإنسان لديه قدرة على فعل الخير وقدرة على فعل الشر من لحظة خلقه الأولى مع إرادة للإختيار بين فعل هذا أو ذاك، وعلى هذا الأساس يتنوع البشر في الفعل فمنهم من يفعل الخير ويكتفي به كما في النصوص التي ذكرناها ومنهم من يفعل الشر ويقتصر عليه، ومنهم من يمزج هذا بذاك فيفعل الخير تارة والشر تارة، لكن الحكم للأكثر والعبرة بالنهاية هذا ما يقتضيه العدل الإلهي، ربما يكون هذا الكلام غريب على النصارى ولكنه ليس بغريب على العقل والكتاب المقدس، وعلى ذلك فإن القول بفساد الطبيعة بعد الأكل من الشجرة يبطله الكتاب والعقل وسلوك وفعل الإنسان قبل الأكل من الشجرة وعلى الأرض.