قصة قصيرة حول انتقال الأديان و توارثها و موقف الملحد منها :
دخل مدير قطاع بإحدى الشركات الكبرى صباحا على العاملين و قال لهم : "اجتهدوا في العمل فرئيس الشركة قد خبّأ لكم مفاجأة من نوع خاص"
المكان كبير و العمال كثيرون . فمنهم من رأى المدير عن قرب و سمعه بشكل جيد ، و منهم من سمعه لكنه لم يتبيّن تعابير وجهه و لغة جسده بوضوح و منهم من سمعه بصورة مشوّشة !!!
و انطلاقا من هذا و على أساس أفهام العاملين و انطباعاتهم المسبّقة عن مديرهم و عن رئيس شركتهم بدأ عمال هذه الفترة في الخوض فيما يا ترى تكون هذه المفاجأة !!!

انتهى الدوام الصباحيّ و سلّم كل عامل زميله من الدوام المسائيّ بقية العمل مع روايته الخاصة عن خطاب مديرهم هذا الصباح !!!
فالأول نقل لزميله الحدث بتمامه و الكلام بحذافيره من غير أن يضع بصمته أو يضيف تفسيره فقال لزميله : دخل علينا مدير القطاع هذا الصباح و قال : "اجتهدوا في العمل فرئيس الشركة قد خبّأ لكم مفاجأة من نوع خاص"
و الثاني قال لزميله : أبلغك أن المدير غدا علينا اليوم و أخبرنا أن رئيس الشركة قد جهز لنا مفاجأة 😊☺
( قال هذا بروح فرحة و ثغر باسم و إيحاءات مبشّرة )
و الثالث قال لزميله: أرئيت ؟ إن المدير قد أخبرنا هذا الصباح أن رئيس الشركة يجهّز لنا مفاجأة من نوع خاص 😕🤔 ( قالها بروح قلقة و وجه عابس و تعابير تشاؤمية )

انتهى هذا الدوام و لدى جميع العاملين به علم بمفاجأة ما في انتظارهم !!!

دخل زملاؤهم عمال الدوام الليلي و بدؤوا في تسلّم أعمالهم و معها روايات مختلفة عن حادثة الصباح المثيرة !!
لحسن حظ فريق منهم أنه تسلم الرواية الكاملة المنزهة عن بصمات الناقلين و تفسيرات الرواة ، فقيل لهم : دخل على زملائنا صباح اليوم مدير القطاع و قال لهم : "اجتهدوا في العمل فرئيس الشركة قد خبّأ لكم مفاجأة من نوع خاص"
تسلّم الفريق الثاني الرواية من زملائهم أصحاب الأرواح المتفائلة و الوجوه الفرحة بهذا النصّ : "دخل المدير هذا الصباح على زملائنا و أخبرهم أن رئيس الشركة قرر صرف مكافئة لكل عمال القطاع" !!!
أما الفريق الثالث و الذي أوقعه القدر في التسلّم من المتشائمين أصحاب النفوس القلقة و الأفكار السلبيّة فكانت الرواية المؤدّاة لهم على هذا النحو : "دخل المدير اليوم على زملائنا صباحا و أخبرهم أن رئيس الشركة قد يكلّف عمال القطاع بشغل إضافيّ يقومون به" !!!

و هكذا بدأت كل رواية تعمل عملها في نفوس مستلميها ، فبينما الفريق الأول منهمك في عمله إذا بهم بزملائهم من الفريقين الآخرين جالسين متفكرين !!!
نظر أحدهم لزميله متعجبا : ما الخطب ؟؟
فقال له زميله فرحا : نحن بحمد الله عمال مجتهدون و قد قرر رئيس الشركة صرف مكافئات لنا ، و هذا دليل على ما أنجزناه من نقلة عملاقة لقطاعنا و شركتنا ، فلا بأس أن نرتاح بعض الوقت مانحين لأنفسنا فرصتها في الفرح بهذا التقدير و الانجاز !!
ثم التفت إلى الجانب الآخر ليرى ذلك الجالس واضعا كفّه تحت خده ليسأله نفس السؤال !!
و هنا ينفجر زميله في وجهه قائلا : "هذه الشركة و هذا الرئيس لا يقدّرون ما نحن فيه من عناء و تضحية لمصلحة العمل و مجد الشركة ثم يقررون علينا أعمالا إضافية و كأنّا ماكينات لا إحساس لديها و لا شعور ، سحقا لهذا العمل ، دعنا نرتاح و ليفعلوا ما بوسعهم أن يفعلوا" !!!

أخذ الثلاثة يتحاورون و يتناقشون محاولين كل منهم اقناع زميليه بالرواية التي تلقّاها .
و بينما هم كذلك إذ دخل عليهم زميل لهم غريب الأطوار عجيب الأفكار ، دخل واثقا مستوثقا له ضحكة رنانة ساخرة و هو يشيح بيده في وجوههم قائلا : "كم أنكم أغبياء و جهال ، لم أكن أتوقع هذه السذاجة من أمثالكم ، فمدير القطاع لم يأت هذا الصباح و زملاؤكم - من نقلوا لكم هذه الروايات - كلهم متوهمون حالمون لم يزل تأثير النوم بعد من رؤوسهم المستيقظة حديثا !!!
كما أن شركتنا - لعلمكم جميعا - ليس لها رئيس كي يعطي قرارا من أي نوع كان !!!!!!!
بهت جميع الموجودين مما سمعوه و صرخوا في صوت واحد ( يا مثبّت العقل و الدّين ) !!!!