شبهة إصابة النبى صلى الله عليه وسلم بالصرع

يقول ( Caesar E. Farah ) @ :

"[these insinuations resulted from the 19th-century infatuation with scientifically superficial theories of medical psychology



(1)



هذه الإشارت ـ إلى النبى بكونه مصابا بالصرع ـ نتجت من الإفتتان بالنظريات ، السطحية علميا ، لعلم النفس فى القرن التاسع عشر .


فهذا فى حقيقة الأمر ـ إلى جانب الخلفية الصليبية الحاقدة للمروجين لهذه الترهة ـ ما أنتج هذه الشبهة الخرقاء ، أعنى جهل الجهلة وتحذلق المتحذلقين



وفى مثل هؤلاء نزل قوله تعالى : فلما جاءتهم رسلهم بالبينات فرحوا بما عندهم من العلم وحاق بهم ما كانوا به يستهزؤون

وقوله : يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا وهم عن الاخرة هم غافلون



طرق الوحى :

1 ـ الرؤيا الصادقة وكانت مبدأ وحيه



2- ما كان يلقيه الملك فى روعه من غير ان يراه كما قال النبى " ان روح القدس نفث فى روعى انه لن تموت نفس حتى تستكمل رزقها فاتقوا الله واجملوا فى الطلب ولا يحملنكم استبطاء الرزق على ان تطلبوه بمعصية الله "



3- كان يتمثل له الملك رجلا فيخاطبه



4- ان يرى الملك فى صورته التى خلقه الله عليها



5- كلام الله له كفاحا بلا واسطة وكان يوم المعراج



6- كان يأتيه فى مثل صلصلة الجرس وكان اشده عليه فيتلبس به الملك حتى ان جبينه ليتفصد عرقا فى اليوم الشديد البرد وحتى ان راحلته لتبرك به الى الارض اذا كان راكبها ولقد جاءه الوحى مرة كذلك وفخذه على فخذ زيد بن ثابت فثقلت عليه حتى كادت ترضها



وهذه الصورة الأخيرة هى التى بناءا عليها أثيرت الشبهة



وأى محاولة تبذل فى إطار إيجاد سند طبى لهذا الزعم ـ أعنى إصابة النبى بالصرع ـ هو مجرد " تحشيش " فمن لديه معرفة بأنواع الصرع وأعراضها يمكنه يدرك أن أى كلام يذكر فى هذا الباب بناءا على ما كان ينتاب النبى صلى الله عليه وسلم أحيانا عند نزول الوحى هو محض تعسف

وعمدة هؤلاء أن المصابين بالصرع تعرض لهم أعراض عرضت للنبى عندما كان يأتيه الوحى كقولهم أن المصابين بالصرع قد يتفصد جبينهم عرقا وكذلك تحصل لديهم هلوسة بصرية ،على غرار ما كان يراه النبى صلى الله عليه وسلم كرؤية الملك و سمعية , كطنين الجرس ، نظير ما كان يسمعه فى بعض الأحيان إذا أتاه ملك الوحى وكذلك قد يصاب بالفزع وقد يرتجف على غرار ما حصل للنبى صلى الله عليه وسلم فى غار حراء عند بدء الوحى !! ونسجا على هذا المنوال تتبع هؤلاء بعض الأعراض او الأحوال التى تشبه أعراض الصرع فى الآثار الواردة فى صور الوحى وطرقه وأحواله .



والتحليل الطبى لمرض الصرع وأنواعه المختلفة بما فى ذلك ما يسمى ب

( temporal lobe epilepsy ) كفيل بنسف هذه المزاعم ولن أتعرض هاهنا لهذا الأمر

لكن الخلاصة أن أى نمط من أنماط الصرع المختلفة عند اعتبار الأعراض أو الصورة الإكلينيكية المصاحبة لكل منها أو المميزة لها لا يمكن أن ينطبق على النبى عندما كان يأتيه الوحى بأى وجه من الوجوه ومجرد التشابه بين بعض أعراض أى نوع من أنواع الصرع المختلفة وما كان يعرض للنبى عندما يأتيه الوحى ـ وهذا ناشىء كما ذكر النووى رحمه الله من هيبة الملك وتلبسه به وثقل الوحى ـ لا يعنى أن النبى كان مصابا بأى نوع منها وهذا أمر ظاهر

وقد روى البخارى عن ابن عباس ‏ ‏

في قوله تعالى ‏

( لا تحرك به لسانك ‏ ‏لتعجل به ‏ )

قال كان رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏ يعالج ‏ ‏من التنزيل شدة وكان مما يحرك شفتيه فقال ‏ ‏ابن عباس ‏ ‏فأنا أحركهما لكم كما كان رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏يحركهما وقال ‏ ‏سعيد ‏ ‏أنا أحركهما كما رأيت ‏ ‏ابن عباس ‏ ‏يحركهما فحرك شفتيه فأنزل الله تعالى ‏

( لا تحرك به لسانك ‏ ‏لتعجل به ‏ ‏إن علينا جمعه وقرآنه )‏

قال جمعه لك في صدرك وتقرأه ‏

( فإذا قرأناه فاتبع قرآنه ‏ )

قال فاستمع له وأنصت ‏

( ثم إن علينا بيانه ‏ )

ثم إن علينا أن تقرأه فكان رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏بعد ذلك إذا أتاه ‏ ‏جبريل ‏ ‏استمع فإذا انطلق ‏ ‏جبريل ‏ ‏قرأه النبي ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏كما قرأه





قال النووى : قوله فيشتد عليه وفي الرواية الأخرى يعالج من التنزيل شدة سبب الشدة هيبة الملك وما جاء به وثقل الوحى قال الله تعالى انا سنلقى عليك قولا ثقيلا والمعالجة المحاولة للشيء والمشقة في تحصيله .



والمقصود أن النبى كان يحرك شفتيه ولسانه بالقرآن ( أى يحاول أن يقرأه ) مخافة أن يتفلت منه فأمره الله أن يستمع إلى الوحى حتى إذا قضى الوحى تلاه وأن الله سيتكفل بحفظه فى صدره فلا ينساه

وَقَالَ عَامِر الشَّعْبِيّ : إِنَّمَا كَانَ يَعْجَل بِذِكْرِهِ إِذَا نَزَلَ عَلَيْهِ مِنْ حُبِّهِ لَهُ , وَحَلَاوَته فِي لِسَانه , فَنُهِيَ عَنْ ذَلِكَ حَتَّى يَجْتَمِعَ ; لِأَنَّ بَعْضه مُرْتَبِط بِبَعْضٍ , وَقِيلَ : كَانَ عَلَيْهِ السَّلَام إِذَا نَزَلَ عَلَيْهِ الْوَحْي حَرَّكَ لِسَانَهُ مَعَ الْوَحْي مَخَافَة أَنْ يَنْسَاهُ , فَنَزَلَتْ " وَلَا تَعْجَل بِالْقُرْآنِ مِنْ قَبْل أَنْ يُقْضَى إِلَيْك وَحْيه " [ طَه : 114 ] وَنَزَلَ : " سَنُقْرِئُك فَلَا تَنْسَى " [ الْأَعْلَى : 6 ] وَنَزَلَ : " لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَك " قَالَهُ اِبْن عَبَّاس ( تفسير القرطبى )



وقال بن كثير : هَذَا تَعْلِيم مِنْ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ لِرَسُولِهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي كَيْفِيَّة تَلَقِّيه الْوَحْي مِنْ الْمَلَك فَإِنَّهُ كَانَ يُبَادِر إِلَى أَخْذه وَيُسَابِق الْمَلَك فِي قِرَاءَته فَأَمَرَهُ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ إِذَا جَاءَهُ الْمَلَك بِالْوَحْيِ أَنْ يَسْتَمِع لَهُ وَتَكَفَّلَ اللَّه لَهُ أَنْ يَجْمَعهُ فِي صَدْره وَأَنْ يُيَسِّرهُ لِأَدَائِهِ عَلَى الْوَجْه الَّذِي أَلْقَاهُ إِلَيْهِ وَأَنْ يُبَيِّنهُ لَهُ وَيُفَسِّرهُ وَيُوَضِّحهُ ( تفسير قوله تعالى : لا تحرك به لسانك لتعجل به )



وكذلك قول النبى صلى الله عليه وسلم : ‏أحيانا يأتيني مثل ‏ ‏صلصلة ‏ ‏ الجرس ( رواه البخارى ) فليس هذا أمرا ذاتيا كما هو الحال بالنسبة للهلوسة التى يعانيها المصابون بالصرع بل أمرا موضوعيا فقد ذكر عمر رضى الله عنه أن النبي ‏ ‏صلى الله عليه وسلم كان ‏ ‏إذا أنزل عليه الوحي سمع عند وجهه ‏ ‏كدوي ‏ ‏ النحل فأنزل عليه يوما فمكثنا ساعة ‏ ‏فسري ‏ ‏عنه فاستقبل القبلة ورفع يديه وقال ‏ ‏اللهم زدنا ولا تنقصنا وأكرمنا ولا تهنا وأعطنا ولا تحرمنا وآثرنا ولا تؤثر علينا وارضنا وارض عنا ثم قال ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏أنزل علي عشر آيات من أقامهن دخل الجنة . الحديث ( رواه الترمذى )

قال الإمام احمد بن حجر العسقلانى :

وأما فنون الوحي فدوي النحل لا يعارض صلصلة الجرس ; لأن سماع الدوي بالنسبة إلى الحاضرين - كما في حديث عمر - يسمع عنده كدوي النحل والصلصلة بالنسبة إلى النبي صلى الله عليه وسلم , فشبهه عمر بدوي النحل بالنسبة إلى السامعين , وشبهه هو صلى الله عليه وسلم بصلصلة الجرس بالنسبة إلى مقامه .



يقول فرانك ر. فريمون :



Modern western scholars of Islam have rejected the diagnosis of epilepsy



(2)



لقد نبذ الدارسين الغربيين للإسلام فى العصر الحديث تشخيص النبى على انه كان مصابا بالصرع .



ويضيف فى نفس المصدر أنه لا يمكن الوصول لتشخيص حاسم وجلى بناءا على المعلومات المتاحة



Although an unequivocal decision is not possible from existing knowledge, psychomotor or complex partial seizures of temporal lobe epilepsy would be the most tenable diagnosis

(2)



وعلى صعيد الادلة التى تعارض التشخيص ذكر فرانك ر. فريمون فى نفس المصدر السابق العمر المتأخر لبداية الأعراض ( 40 عام ) , وعدم ادراك او توصيف المعاصرين له للنوبات على انها نوبات صرع واخيرا الجمل الشعرية المرتبة التى كان يمليها مباشرة فى الفترة التالية للنوبة . (2)

late age of onset, lack of recognition as seizures by his contemporaries, and lastly poetic, organized statements in immediate postictal period

(2)



وفى حديث زيد بن ثابت الذى رواه أبو داود : كنت إلى جنب رسول الله صلى الله عليه وسلم فغشيته السكينة فوقعت فخذ رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏على فخذي فما وجدت ثقل شيء أثقل من فخذ رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏ثم ‏ ‏سري ‏ ‏عنه فقال اكتب فكتبت في كتف ‏

( لا يستوي القاعدون من المؤمنين ‏ )



( والمجاهدون في سبيل الله ‏ )

إلى آخر الآية فقام ‏ ‏ابن أم مكتوم ‏ ‏وكان رجلا أعمى لما سمع فضيلة المجاهدين فقال يا رسول الله فكيف بمن لا يستطيع الجهاد من المؤمنين فلما قضى كلامه ‏ ‏غشيت ‏ ‏رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏السكينة فوقعت فخذه على فخذي ووجدت من ثقلها في المرة الثانية كما وجدت في المرة الأولى ثم ‏ ‏سري ‏ ‏عن رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏فقال اقرأ يا ‏ ‏ زيد ‏ ‏فقرأت ‏

(لا يستوي القاعدون من المؤمنين )‏

فقال رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏

( غير أولي ‏ ‏الضرر) ‏

الآية كلها قال ‏ ‏ زيد ‏ ‏فأنزلها الله وحدها ‏ ‏فألحقتها ‏ ‏والذي نفسي بيده لكأني أنظر إلى ملحقها عند ‏ ‏صدع ‏ ‏في كتف .



فقوله غشيته السكينة يتعارض مع ما حالة الخوف والقلق التى قد تصيب المصابين بالصرع

( temporal lobe epilepsy )



Fear or anxiety usually is associated with seizures arising from the amygdala. Sometimes, the fear is strong, described as an "impending sense of doom."



Emedicine.com



Author: David Y Ko, MD, Associate Professor, Laboratory Director, Department of Neurology, University of Southern California Medical Center





ويقول ول ديورانت :

وليس في تاريخ محمد ما يدل على انحطاط قوة العقل التي يؤدي إليها الصرع عادة، بل نراه على العكس يزداد ذهنه صفاء ويزداد قدرة على التفكير وثقة بالنفس وقوة بالجسم والروح والزعامة، كلما تقدمت به السن حتى بلغ الستين من العمر. وقصارى القول أنا لا نجد دليلاً قاطعاً على أن ما كان يحدث للنبي كان من قبيل الصرع ( قصة الحضارة ، عصر الإيمان ، محمد فى مكة )





ويعارض مونتجمرى وات هذا الزعم بقوله : أن هذا الزعم لا يقف على أرضية صلبة معللا ذلك بأن الصرع يؤدى إلى تدهور فى القوى العقلية والبدنية ولم يكن ثمة ما يدل على حدوث تدهور فى قوى النبى الذهنية والبدنية مضيفا أن النبى بصفة عامة كان بصحة نفسية جيدة وأنه ظل متمتعا بملكاته أو قدراته الذهنية أو العقلية إلى آخر حياته كما أنه ليس من المعقول أن شخصا يتعرض لنوبات الصرع أو مصابا بالهستيريا أو عرضه لنوبات عاطفية خارجة عن السيطرة يمكنه أن يكون قائد نشط لحملات عسكرية أو زعيم يتمتع ببعد النظر لدولة ومجتمع دينى فى نمو مطرد كما هو معلوم عن محمد ( صلى الله عليه وسلم ). (3)

_________________



@ professor of history at the University of Minnesota

1 Caesar Farah, "Islam: Beliefs and Observances" (2003), Barron's Educational Series

2

Frank R. Freemon, A Differential Diagnosis of the Inspirational Spells of Muhammad the Prophet of Islam, Journal of Epilepsia, 17 :4 23-427, 1976

3

epilepsy leads to physical and mental degeneration, and there are no signs of that in Muhammad." He then goes further and states that Muhammad was psychologically sound in general: "he (Muhammad) was clearly in full possession of his faculties to the very end of his life." Watt concludes by stating "It is incredible that a person subject to epilepsy, or hysteria, or even ungovernable fits of emotion, could have been the active leader of military expeditions, or the cool far-seeing guide of a city-state and a growing religious community; but all this we know Muhammad to have been." [54]



W.Montgomery Watt, Richard Bell. "Bell's Introduction to the Qur'an"(1995) Edinburgh University Press.



النقول عن المراجع الأجنية منقولة من الموسوعة الحرة , مقال تحت عنوان

Criticism of Muhammad



http://wake.maktoobblog.com/840698/%...B5%D8%B1%D8%B9