مسرحية من ثلاثة فصول برسوم
الفصل الأول:


المشهد الأول :

مشهد العالم النصراني في بداية الألفية الثالثة لميلاد و قد أصابته الانقسامات و دبت فه الفتن والخلافات و تراشقت الفرق النصرانية فيما بينها التهم بالكفر والحرمان من دخول الجنة و أصاب عوام النصارى الإحباط و عدم الثقة في العقيدة النصرانية و هم يرون رؤساءهم الدينيين و آباءهم الروحيين قد شغلهم التنافس على المناصب و صارت فضائحهم الأخلاقية داخل الكنيسة وخارجها علانية فأخذوا يبحثون عن بدائل أخرى للنصرانية تملأ الخواء الروحي الذي يعيشونه وترفع عنهم حالة الشعور باليأس و الإحباط الذي أصابتهم به الكنيسة. ومن الناحية السياسية فقد كانت الهزائم المتوالية للقوى النصرانية و الخسائر الكبيرة التي منيت بها جيوش الدول النصرانية الكبرى في العراق وأفغانستان بالإضافة للاقتصاد المتدهور يوما بعد يوم لهذه الدول و صعود قوى اقتصادية جديدة أمرا مقلقا و ينذر بسوء العاقبة وشعر الجميع بعلامات غضب الرب وبالحاجة إلى إحداث صحوة دينية كبرى و ثورة في الفكر المسيحي تعيد الخراف الضالة إلى الكنيسة مرة أخرى وتستعيد الشعوب النصرانية ثقتها الضائعة في الإنجيل وفي آباء الكنيسة فكان الاقتراح بأن تجتمع فرق النصارى المختلفة مرة أخرى تحت مظلة المجامع المقدسة للبحث في كيفية الخروج من هذا الواقع النصراني المرير







المشهد الثاني


قاعة الاجتماعات بالبيت الأبيض الأمريكي وقد امتلأت عن آخرها بآباء وكرادلة كنائس مختلف الفرق النصرانية و على رأسهم بابا الفاتيكان الجديد الذي يشغله كثيرا توحيد كلمة النصارى و قد اتفقوا جميعا - للمرة الأولى منذ قرون- على ضرورة إحداث تغيير جوهري في العقيدة النصرانية تتوحد حوله الطوائف النصرانية لتجديد إيمان الشعوب بالنصرانية وإزالة الحواجز النفسية بين المذاهب المختلفة ونيل بركة الرب. لم يكن غريبا أن يكون الاجتماع في البيت الأبيض الأمريكي وبرئاسة الرئيس الأمريكي نفسه بعد أن خابت محاولات جمع كل هذه الطوائف التي يكفر بعضها بعضا جهارا نهارا تحت زعامة إحداها فلم يجدوا بدا من الانضواء تحت لواء القوة السياسية المسيطرة في العالم آنذاك ووقع الاختيار على الرئيس الأمريكي - المعروف بحبه للتغيير - ليكون رئيس هذا المجمع ( المقدس ) اعترافا منهم بالجميل له لما أزهقه من أرواح الآلاف من أعداء الصليب خلال فترة رئاسته!

الفصل الثاني
المشهد الأول


آباء الكنائس النصرانية داخل البيت الأبيض وقد أصابهم الوجوم وبدت على وجوههم الحيرة بعدما سمعوا اقتراح الرئيس بالتغيير المرتقب بينما على منصة القاعة يجلس الرئيس الأمريكي يترقب ردود أفعال الكرادلة و القساوسة وبجانبه يجلس مستشارالرئيس الأمريكي ( اليهودي سابقا) و هو يهمس في أذن الرئيس ببعض الكلمات.


لم يكن أوسع أعضاء المجمع خيالا يتوقع أن يتجاوز التغيير المنتظر تفسير الإنجيل أو تعديل بعض نسخه أو حتى الاتفاق على نسخة موحدة يجتمع عليها كل الطوائف النصرانية إلا أنه لدهشتهم جميعا فقد كان اقتراح الرئيس الأمريكي الذي صاغه بمساعدة مستشاريه هو رفع عدد الأقانيم المكونة للثالوث المقدس من ثلاثة أقانيم إلى أربعة أقانيم !!!


بالطبع رفض أكثر أعضاء المجمع هذا الاقتراح الغريب الذي يهدم العقيدة النصرانية من أساسها و اتهموا اليهود بأنهم وراء هذا التلاعب المتعمد بالعقيدة النصرانية قديما وحديثا إلا أن قلة قليلة من الأعضاء - منهم بابا الفاتيكان - أيدت هذا الاقتراح بقوة و رأوا أن فيه الحل الأمثل للخروج من الأزمة الروحية الحالية للشعوب النصرانية و أنه السبيل الوحيد لتوحيد شتى الطوائف النصرانية ونهاية صراع دام حوالي ألف عام من الاختلافات العقدية. دارت مناقشات عديدة و تكلم كرادلة كثيرون و كانت الغلبة في الحجة بالطبع للرافضين لهذا الاقتراح الشاذ الذي لايستند إلى دليل من الأناجيل أو من كلام المسيح إلا أن السياسة وضعت ثقلها في الميزان ( كالعادة ) فعندما جاء الدور على الرئيس الأمريكي بدا واضحا أنه سوف يفرض هذا الأقنوم الجديد وإن تطلب الأمر باستخدام القوة وكان مما قاله أن فكرة الأقنوم الجديد سوف ترفع حالة الملل العام الذي يعيشه العالم المسيحي بالإضافة لأن مبدأ التربيع هو الأكثر قبولا لدي المؤمنين الجدد من مبدأ التثليث لإن شكل المربع أكثر انتظاما من شكل المثلث مما سيكسب المسيحية مزيدا من الأتباع الجدد!!! ثم ختم الرئيس كلمته بالجملة التي أصبحت شعارا لهذا المجمع فيما بعد وهي: لتجتمع كنائس الرب حول الأقنوم الجديد !!


المشهد الثاني


الاجتماع نفسه في اليوم الثاني وقد تم طرد الأعضاء الرافضين لفكرة الأقنوم الجديد- حوالي ثلثي الأعضاء- و تم لعنهم و حرمانهم من رحمة الرب ورحمة الأقنوم الرابع كذلك و بقي اختيار شخصية الأقنوم الرابع و الاتفاق على كنهه وما إذا كان ناسوتا أم لاهوتا وغير ذلك من الشكليات في نظر الرئيس الأمريكي. كانت توقعات أكثر الأعضاء الباقين تدور حول شخصين اثنين هما أم المسيح عليهما السلام و شاؤول أو بولس إلا أن مستشار الرئيس الأمريكي كان له رأي آخر وهو أن يكون هذا الأقنوم شخصا على قيد الحياة حتى يكون له تأثير مباشر في حياة النصارى وإلا لن يشعر الفرد النصراني بتغيير حقيقي ما لم يكن هذا الأقنوم الجديد ماثلا بين عينيه.
طبعا لم يكن هم مستشار الرئيس الأمركي إيمان النصارى بقدر ما كان همه إيجاد صنم جديد يتحدث باسم الألوهية يضمن به ولاء الشعوب النصرانية وطاعتها العمياء إلا أن اقتراحه هذا لقي استحسانا من أكثر الأعضاء واتجهت أنظار الجميع بعدها إلى بابا الفاتيكان باعتباره المرشح الرئيس لهذ المنصب!

الفصل الثالث
المشهد الأول


أعضاء المجمع الكنسي بعد اقتراح مستشار الرئيس الأمريكي مباشرة وهم يتهامسون بينهم تارة و تارة ينظرون إلى بابا الفاتيكان الذي رسم على وجهه علامات التواضع كأنه يقول لست لها ولكنه بداخله يتلهف شوقا انتظارا لاختيار الرئيس الأمريكي له ليكون الضلع الرابع من أضلاع المربع المقدس. لكن هناك في أحد جوانب القاعة كان بابا الأقباط الذي ظهرت عليه علامات القلق والترقب ويدور ذهنه بسرعة كبيرة يفكر في عواقب اختيار بابا الفاتيكان أقنوما رابعا على مكانته الدينية ومستقبله السياسي وما سيتمتع به البابا من مزايا لو فاز بهذا المنصب. و سريعا لمع في ذهنه اقتراح ماكر عرضه على المجمع وهو أن يكون لكل بلد أقنومه الخاص به !!


رفض أعضاء المجمع هذه الفكرة الشاذة بحجة أنها سوف تؤدي لمزيدا من الانقسامات داخل العالم النصراني وانتهى الاجتماع بإعلان بابا الفاتيكان أقنوما رابعا على مضض من بقية القساوسة.


المشهد الثاني


العالم النصراني بعد ثلاث سنوات من الاجتماع السابق وإضافة هذا الفرض الجديد للديانة النصرانية وقد زادت فيه الانقسامات وواجه رجال الدين النصراني كثيرا من التناقضات والأسئلة المحيرة من عوام النصارى مثل هل للبابا إرادة مستقلة أم أن إرادته جزء من إرادة باقي الأقانيم و هل البابا ناسوت فقط أم ناسوت ولاهوت وإذا كان به جزء لاهوتي فماذا يحدث له عند موته ومتى يحل فيه هذا الجزء اللاهوتي وإذا كان يحل فيه عند ولادته فكم يكون عدد الأقانيم الحقيقي عندما يكون أكثر من بابا على قيد الحياة ولماذا لم يخبر الإنجيل ولا المسيح صراحة بأن عدد الأقانيم أربعة و غيرها كثير من الأسئلة المحيرة التي واجهت النصارى مما أدى لمزيد الإحباط وانعدام الثقة في العقيدة النصرانية واضطر الكرادلة والقساوسة للاجتماع مرة أخرى لبحث كيفية الخروج من هذا المأزق.


المشهد الأخير


الكرادلة والقساوسة في المجمع المسكوني الثالث عشر و قد اجتمعوا لوضع حد لهذه الفوضى الدينية بين النصارى ينتهون بإعلان الأقنوم الرابع السر الثامن للكنيسة ولا يجوز لأحد الاطلاع عليه و باتهام كل من يناقش أو يسأل حول طبيعة الأقنوم الرابع بالكفر والهرطقة!!


بالطبع غالبية النصارى لم يعجبهم هذا التحايل وصارت كل طائفة تفسر الأقنوم الرابع على هواها فزادت بينهم الانقسامات ... وزادت الأقانيم !!


والآن سؤال لكل من قرأ هذه المسرحية الرمزية: ما الفرق بين أحداثها وأحداث عام 325 م
؟



اخوكم فى الله ولــــــــــــــيـــــــــــــــــد
"