الحمد لله وحده والصلاة والسلام علي من لا نبي بعده :-

_نص الشبهه :- يسال المعترض ويقول هل الله يتحسر حسب الايه في قوله تعالي ( يا حسرة علي العباد ) كيف ستحسر الله !؟

_الرد :-
- اولا :- الحسرة هنا تكون من العباد علي انفسهم وليست من الله عز وجل والدليل علي ذالك

_تفسير القران العظيم / ابن كثير ( ٧٧٤ه‍) :-
- يَا حَسْرَةً عَلَى الْعِبَادِ﴾ أَيْ: يَا وَيْلَ الْعِبَادِ.
وَقَالَ قتادة: ﴿يَا حَسْرَةً عَلَى الْعِبَادِ﴾ : أَيْ يَا حَسْرَةَ الْعِبَادِ عَلَى أَنْفُسِهَا، عَلَى مَا ضَيَّعَتْ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ، فَرَّطَتْ فِي جَنْبِ اللَّهِ. قَالَ: وَفِي بَعْضِ الْقِرَاءَةِ: "يَا حَسْرَةَ(١) الْعِبَادِ عَلَى أَنْفُسِهَا".
وَمَعْنَى هَذَا: يَا حَسْرَتَهُمْ وَنَدَامَتَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِذَا عَايَنُوا الْعَذَابَ، كَيْفَ كَذَّبُوا رُسُلَ اللَّهِ، وَخَالَفُوا أَمْرَ اللَّهِ، فَإِنَّهُمْ كَانُوا فِي الدَّارِ الدُّنْيَا الْمُكَذِّبُونَ مِنْهُمْ.

- وهنا يؤكد الامام في تفسيره ان الحسره هنا تكون من العباد علي انفسهم ويؤيد ذالك قراءة يا حسرة العباد علي انفسها وناخذ تفسير اخر


_جامع البيان — ابن جرير الطبري (٣١٠ هـ)

﴿يَا حَسْرَةً عَلَى الْعِبَادِ ۚ مَا يَأْتِيهِم مِّن رَّسُولٍ إِلَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ﴾ [يس: ٣٠] القول في تأويل قوله تعالى: ﴿يَا حَسْرَةً عَلَى الْعِبَادِ مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ (٣٠) ﴾
يقول تعالى ذكره: يا حسرةً من العباد على أنفسها وتندّما وتلهفا في استهزائهم برسل الله ﴿مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُولٍ﴾ من الله ﴿إِلا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ﴾ وذكر أن ذلك في بعض القراءات ﴿يَاحَسْرَةَ العِبَادِ عَلى أنْفُسِهَا﴾ .

- وهنا يؤكد الامام الطبري نفس ما ذهب اليه ابن كثير وهو ان حسرة العباد هنا علي انفسهم نتيجة ما اقترفوه وارتكبوه من ذنوب او شرك بعد ان راو العذاب

_وفي تفسير الوجيز — الواحدي (٤٦٨ هـ)

﴿يَا حَسْرَةً عَلَى الْعِبَادِ ۚ مَا يَأْتِيهِم مِّن رَّسُولٍ إِلَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ﴾ [يس: ٣٠] ﴿يا حسرة على العباد﴾ يعني: هؤلاء حين استهزؤوا بالرُّسل فتحسَّروا عند العقوبة


_وفي التفسير الميسر — مجمع الملك فهد

﴿يَا حَسْرَةً عَلَى الْعِبَادِ ۚ مَا يَأْتِيهِم مِّن رَّسُولٍ إِلَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ﴾ [يس: ٣٠] يا حسرة العباد وندامتهم يوم القيامة إذا عاينوا العذاب، ما يأتيهم من رسول من الله تعالى إلا كانوا به يستهزئون ويسخرون.


_والادلة علي ان الحسرة تقع منهم علي انفسهم وردت في القران في موضعين فالقران يفسر بعضه البعض:-

_الموضع الأول : قوله : وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ بَغْتَةً وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ (55) أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ وَإِنْ كُنْتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ (56) (الزمر).

جاء في التفسير الميسر: { أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ وَإِنْ كُنْتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ (56) }
وأطيعوا ربكم وتوبوا إليه حتى لا تندم نفس وتقول: يا حسرتى على ما ضيَّعت في الدنيا من العمل بما أمر الله به، وقصَّرت في طاعته وحقه، وإن كنت في الدنيا لمن المستهزئين بأمر الله وكتابه ورسوله والمؤمنين به.اهـ

_الموضع الثاني : قوله : وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الْأَمْرُ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ وَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ (39) (مريم).

جاء في تفسير الجلالين : "وَأَنْذِرْهُمْ" خَوِّفْ يَا مُحَمَّد كُفَّار مَكَّة "يَوْم الْحَسْرَة" هُوَ يَوْم الْقِيَامَة يَتَحَسَّر فِيهِ الْمُسِيء عَلَى تَرْك الْإِحْسَان فِي الدُّنْيَا "إذْ قُضِيَ الْأَمْر" لَهُمْ فِيهِ بِالْعَذَابِ "وَهُم" فِي الدُّنْيَا "فِي غَفْلَة" عَنْهُ "وَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ" بِهِ
ومعنى هذا: يا حسرتهم وندامتهم يوم القيامة إذا عاينوا العذاب، كيف كذبوا رسل الله، وخالفوا أمر الله، فإنهم كانوا في الدار الدنيا المكذبون منهم.

#ثانيا___________
- قيل ان القائل يا حسرة هو الله ولاكن قوله هنا استعاره وليس حقيقتا والنداء هنا مجاز وليس حقيقه واستعار الحسره للتعظيم والتهويل من هذا الامر وذكر في اكثر من تفسير


_أنوار التنزيل — البيضاوي (٦٨٥ هـ)

_قال في تفسير الايه :- ويَجُوزُ أنْ يَكُونَ تَحَسُّرًا مِنَ اللَّهِ عَلَيْهِمْ عَلى سَبِيلِ الِاسْتِعارَةِ لِتَعْظِيمِ ما جَنَوْهُ عَلى أنْفُسِهِمْ ويُؤَيِّدُهُ قِراءَةُ ( يا حَسْرَتا ) ونَصَبَها لِطُولِها بِالجارِّ المُتَعَلِّقِ بِها، وقِيلَ بِإضْمارِ فِعْلِها والمُنادى مَحْذُوفٌ، وقُرِئَ «يا حَسْرَةَ العِبادِ» بِالإضافَةِ إلى الفاعِلِ أوِ المَفْعُولِ، و «يا حَسْرَةً» بِالهاءِ عَلى العِبادِ بِإجْراءِ الوَصْلِ مَجْرى الوَقْفِ.

_تفسير الجلالين — المحلّي والسيوطي (٨٦٤، ٩١١ هـ)

﴿يَا حَسْرَةً عَلَى الْعِبَادِ ۚ مَا يَأْتِيهِم مِّن رَّسُولٍ إِلَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ﴾ [يس: ٣٠] ﴿يا حسرة على العباد﴾ هؤلاء ونحوهم ممن كذبوا الرسل فأهلكوا، وهي شدة التألم ونداؤها مجاز، أي هذا أوانك فاحضري

فهذان معنيان وقولان في تفسير الايه تنزه الله عز وجل عن صفة التحسر وانه اما ان يكون المتحسر هنا هم الكفار وامأ ان يكون النداء في الحسره اضيف الي الله استعاره ومجاز للتعبير عن هول الموقف وليس بالمعني الحقيقي كما سلف ووضحنا
والمعنيان* لا شائبة فيهما فالكافرين فعلا سيتحسرون ويندمون علي ما فعلوه لما يروالعذاب وايضا اضافة النداء في الحسره الي الله استعارة ومجاز* للدلاله علي هول وعظم الموقف صحيح لا اشكال فيه

#واختم________
اختم برد رائع للامام السمعاني في تفسيره

تفسير القرآن — السمعاني (٤٨٩ هـ)

﴿يَا حَسْرَةً عَلَى الْعِبَادِ ۚ مَا يَأْتِيهِم مِّن رَّسُولٍ إِلَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ﴾ [يس: ٣٠] قَوْله تَعَالَى: ﴿يَا حسرة على الْعباد﴾ فَإِن قيل: كَيفَ يَسْتَقِيم نِدَاء الْحَسْرَة، وَالْحَسْرَة لَا تعقل شَيْئا؟ وَأَيْضًا كَيفَ يتحسر الله تَعَالَى على الْعباد الَّذين أهلكهم، وَلَا يجوز عَلَيْهِ هَذِه الصّفة؟ وَالْجَوَاب : أَن معنى قَول الْقَائِل يَا حسرة مثل قَوْله: يَا عجبا، وَكَذَلِكَ قَوْله: يَا حسرتاه، مثل قَوْله: يَا عجباه، وَالْعرب تَقول هَذَا على طَرِيق الْمُبَالغَة، والنداء عِنْدهم بِمَعْنى التَّنْبِيه، فيستقيم فِيمَن يعقل وفيمن لَا يعقل، وَقَوله: يَا عجباه أبلغ من قَوْلهم: أَنا أتعجب من كَذَا، فَكَأَنَّهُ قَالَ: أَيهَا الْعجب هَذَا وقتك، وأيها الْحَسْرَة هَذَا زَمَانك، وَحَقِيقَة الْمَعْنى: أَن هَذَا الزَّمَان زمَان الْحَسْرَة والتعجب.

وَأما قَوْله: إِن الْحَسْرَة على الله لَا تجوز، قُلْنَا: نعم، وَمعنى الْآيَة: يَا حسرة على الْعباد من أنفسهم؛ وَكَأَنَّهُم يتحسرون على أنفسهم غَايَة الْحَسْرَة، وَالْحَسْرَة هِيَ التلهف على أَمر فَائت بأبلغ وجوهه حَتَّى يبْقى الرجل حسيرا مُنْقَطِعًا من شدته، وَقُرِئَ فِي الشاذ: " يَا حسرة الْعباد " وَجَوَاب آخر: أَنه تَعَالَى قَالَ: ﴿يَا حسرة على الْعباد﴾ لأَنهم صَارُوا بِمَنْزِلَة يتحسر عَلَيْهِم، وَيُقَال مَعْنَاهُ: يَا حسرة الرُّسُل وَالْمَلَائِكَة على الْعباد، وَالْجَوَاب الأول أحسن الْأَجْوِبَة.

_ونسال النصاري الذين يوجهون هذا الاعتراض بعد ان تم رد الشبهة بفضل الله هل الله يندم !؟ حسب كتابكم نعم الهكم يندم
سفر صموئيل الأول إصحاح 15 عدد10 " وَكَانَ كَلاَمُ الرَّبِّ إِلَى صَمُوئِيلَ قَائِلاً: 11«نَدِمْتُ عَلَى أَنِّي قَدْ جَعَلْتُ شَاوُلَ مَلِكًا، لأَنَّهُ رَجَعَ مِنْ وَرَائِي وَلَمْ يُقِمْ كَلاَمِي». فَاغْتَاظَ صَمُوئِيلُ وَصَرَخَ إِلَى الرَّبِّ اللَّيْلَ كُلَّهُ " .

فلماذا تتبجحون وكتابكم مليء بالصفات المسئه لذات الله عز وجل! ؟


والله اعلي واعلم