رد شبهة: نبيٌّ يُعري ابنتَه أمام العبيد (فاطمة) !

قالوا : هل الإسلام يدعو إلى تعريةِ النساءِ والتبرج.... ؟
وهل من أخلاقِ الأنبياء أن يعري نبيٌّ بناتَه أمام العبيد ؟!
لقد كان نبي الإسلام سببًا في تعريةِ ابنتِه فاطمة أمام العبيد ... !
جاء في سنن أبي داود كِتَاب ( اللِّبَاسِ ) بَاب (فِي الْعَبْدِ يَنْظُرُ إِلَى شَعْرِ مَوْلَاتِهِ) برقم 3582 عَنْ أَنَسٍ أَنَّ النَّبِيَّ r أَتَى فَاطِمَةَ بِعَبْدٍ كَانَ قَدْ وَهَبَهُ لَهَا قَالَ وَعَلَى فَاطِمَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا- ثَوْبٌ إِذَا قَنَّعَتْ بِهِ رَأْسَهَا لَمْ يَبْلُغْ رِجْلَيْهَا وَإِذَا غَطَّتْ بِهِ رِجْلَيْهَا لَمْ يَبْلُغْ رَأْسَهَا فَلَمَّا رَأَى النَّبِيُّ r مَا تَلْقَى قَالَ : " إِنَّهُ لَيْسَ عَلَيْكِ بَأْسٌ إِنَّمَا هُوَ أَبُوكِ وَغُلَامُكِ ".
تحقيق الألباني : صحيح ، الإرواء ( 1799 ) .

الرد على الشبهة

أولًا: إن الإسلامَ جعل المرأةَ كالجوهرةِ المصونة التي ينبغي أن تُصان في أأمنِ مكانٍ ؛ كي لا تكون معرضًا أمام الجميع فيشتهيها البعض، ويسرقها آخرون ... فتكون عرضة للضياع.....

وبالتالي فإن المرأة المسلمة مثل الجوهرة النفيسة فقد حث الإسلامُ على المحافظة عليها، وأمرها بالتستر في بيت زوجها، وعدم الخروج من بيتها إلا بحجاب ، ونهى عن تبرج الجاهلية، وكل ما يعرضها للخزلان....

دلت على ذلك أدلة منها:

1- قوله I : ] وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً [ (الأحزاب33) .

جاء في التفسيرِ الميسر : والْزَمْنَ بيوتكن ، ولا تخرجن منها إلا لحاجة ، ولا تُظهرن محاسنكن ، كما كان يفعل نساء الجاهلية الأولى في الأزمنة السابقة على الإسلام، وهو خطاب للنساء المؤمنات في كل عصر. وأدِّين - يا نساء النبي- الصلاة كاملة في أوقاتها، وأعطين الزكاة كما شرع الله، وأطعن الله ورسوله في أمرهما ونهيهما، إنما أوصاكن الله بهذا؛ ليزكيكنَّ، ويبعد عنكنَّ الأذى والسوء والشر يا أهل بيت النبيِّ -ومنهم زوجاته وذريته r ويطهِّر نفوسكم غاية الطهارة . اهـ



2-قوله I ] : يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً [ (الأحزاب59).

3- قوله I لنساءِ النبيِّ r حتى يكن أسوةً لغيرِهن : ]يَا نِسَاء النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِّنَ النِّسَاء إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلاً مَّعْرُوفاً[ (الأحزاب32). أمرهن أن يقلن قولًا معروفًا ؛ أي: يرضي اللهَ I ولا يتكلمن مع من ليس من محارمهن إلا لضرورة، وكل ذلك درءً للفتنة وللمفاسد.. كي لا يطمع من في قلبه مرض...
1- سماهن النبي محمدr (بالقوارير) فقال لأنجشة : " يا أنجشة رويدا سوقك بالقوارير ". مسند أحمد ،تعليق شعيب الأرنؤوط : إسناده صحيح رجاله ثقات رجال الصحيح غير أبي كامل شيخ المصنف.

2- أكد النبي محمدr بأن الرجلَ الذي لا يحافظ على نسائه ، ولا يغار عليهن هو ديوث والجنة عليه حرام ... وذلك في صحيح الجامع برقم 5363 قال r : " ثلاثة قد حرم اللهُ عليهم الجنة : مدمن الخمر و العاق و الديوث الذي يقر في أهله الخبث ".

3- أكد النبي محمدr بأن خلقَ الإسلامِ الحياء ... وذلك في الآتي :


أ- قال: r " لِكُلِّ دِينٍ خُلُقٌ وَخُلُقُ الْإِسْلَامِ الْحَيَاءُ ". رواه مالكٌ في موطئِه برقم 1406.
ب-قال r : " إن اللهََ تعالى حيّيٌ ستير يحب الحياءَ والسترَ " . صححه الألباني في المشكاة برقم (447) .
ج-صحيح البخاري برقم 3298 عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ y قَالَ : " كَانَ النَّبِيُّ r أَشَدَّ حَيَاءً مِنْ الْعَذْرَاءِ فِي خِدْرِهَا " .

إذًا: الحياء وكمال المروءة من خُلق النبي محمد r ومن خُلق زوجاتِه ، وبناتِه ....يشهد على ذلك أعداؤه في زمانِه ومن المنصفون المشتشرقون في زمانِنا...

وعلى هذا يدفع البهتان، و يسقط الشق الأول من شبهتهم التي تقول: هل
الإسلام يدعو إلى تعرية النساء والتبرج ؟!


ثانيًا : إن دفع شبهتم الثانية التي تقول : هل من أخلاقِ الأنبياء أن يعري النبيُّ بناتَه أمام العبيد ...؟
لقد كان نبي الإسلام سببًا في تعريةِ ابنتِه فاطمة أمام العبيد ... !
يكون من وجهين:

الأول: إن المسلمين يعتقدون بعصمة الأنبياء، وبأن الله اصطفاهم من خلقه لرسالته ....أما الكتاب المقدس ففيه أنّ لوطا النبي لم يعري ابنتيه فقط ؛ بل زنا بهما وحبلا منه ....وفيه أشنع من ذلك -كما سيتقدم معنا-...!

الثاني :أن الحديث الذي استدل به المعترضون للطعن في أخلاقِ النبيِّ rهو صحيح في سننِ أبي داودَ صححه الشيخ الألباني برقم 4106 ؛ لكنه لا يخدم مصالحهم في طعنهم و استهزاءهم...للآتي:
قوله r : " إِنَّهُ لَيْسَ عَلَيْكِ بَأْسٌ إِنَّمَا هُوَ أَبُوكِ وَغُلَامُكِ " .

قلتُ : يفهم هذا الحديث فهمًا صحيحًا من خلالِ عرض تلك الأسئلة :
1- ما هو الداعي لقول النبي محمد r لذلك ؟
2-ما المقصود من قوله r : " إِنَّهُ لَيْسَ عَلَيْكِ بَأْسٌ إِنَّمَا هُوَ أَبُوكِ وَغُلَامُكِ" ؟
3- ما المقصود من قوله r : " غلامك " ؟ وماذا تعني كلمة (غُلام )؟


إجابة الأسئلة:

1-ما هو الداعي لقول النبي محمد r لذلك ؟
الجواب :
قال النبي محمد ذلك r ؛ لأن فاطمةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - كانت امرأة حيية تحب الحياءَ فهي بنت النبيِّ الحييِّ r الذي صح عنه في مسند أحمد برقم 25268 عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ ذَكَرَتْ أَنَّ النَّبِيَّ r قَالَ :"إِذَا كَانَ لِإِحْدَاكُنَّ مُكَاتَبٌ فَكَانَ عِنْدَهُ مَا يُؤَدِّي فَلْتَحْتَجِبْ مِنْهُ " .

الواضح أنها كانت ترتدي ثوبًا قصيرًا في بيتها فشعرت بالحزنِ وَتَحَمُّلِ الْمَشَقَّةِ فِي التَّسَتُّر فَلَمَّا رَأَى النَّبِيُّ r مَا تَلْقَى : أَيْ : مَا تَلْقَاهُ فَاطِمَة مِنْ هذا التَّحَيُّر وَالْخَجَل وَتَحَمُّل الْمَشَقَّة فِي التَّسَتُّر مِنْ جَرّ الثَّوْب مِنْ رِجْلهَا إِلَى رَأْسهَا وَمِنْ رَأْسهَا إِلَى رِجْلهَا حَيَاء أَوْ تَنَزُّهًا قَالَ إِنَّهُ الضَّمِير لِلشَّأْنِ إِنَّمَا هُوَ أَيْ : مَنْ اِسْتَحْيَيْت مِنْهُ أَبُوك وَغُلَامك ...
إذًا : الداعي هو ضيق ذات اليد ، وما دعت اليه الحاجة؛ فلم تكن بنت ملك من ملوك الدنيا أو زوجة وزير يملكان المال الوفير .....

2-ما المقصود من قوله r : " إِنَّهُ لَيْسَ عَلَيْكِ بَأْسٌ إِنَّمَا هُوَ أَبُوكِ وَغُلَامُكِ" ؟
2- ما المقصود من قوله r : " غلامك " ؟ وماذا تعني كلمة (غُلام )؟
الجواب:

المقصود من قولهr : " إِنَّمَا هُوَ أَبُوكِ وَغُلَامُكِ ".

( أبوك ) النبي محمد r .
أما عن قوله r : " وغلامك " فقد ظن المعترضون أنه العبد البالغ وهذا من جهلِهم باللغة العربية وسوء ظنهم... فالغلام هنا :هو خادم طفل لم يبلغ الحلم بعد ...واكتفي فقط بما قاله شيخ الشافعية ببغداد؛ الشَّيْخُ أَبُو حَامِد أحمد بن أبي طاهر محمد بن أحمد الإسْفَرَايِينِيّ : هَذَا الْحَدِيث عَلَى أَنَّ الْعَبْد كَانَ صَغِيرًا لِإِطْلَاقِ لَفْظ الْغُلَام وَلِأَنَّهَا وَاقِعَة حَال . اهـ ( عون المعبود في شرح سنن أبى داود).


وعليه: فإن معنى (غلامكِ ) هو الطفل الذي لم يبلغ الحلم، وكان يقوم بخدمتك...
وبهذا تسقط الشبهة وتهدم هدمًا على رؤسهم ؛فالحديث يدل على عظمةِ أخلاقِ بنتِ النبي محمد r فكم كانت تحب الحياء والتستر، فالحياء من الإيمانِ....
فقد كانت في تحيرٍ شديد من أمرهِا وَتَحَمُّل الْمَشَقَّة فِي التَّسَتُّر من غلامٍ صغير لم يبلغ الحلم بعد؛ فجاءها الخيرُ بفتوى من النبيِّ محمد r بأنه من الأطفالِ الصغارِ الذين ليس لهم علم بعوراتِ النساءِ، ولا شهوة لهم بعد... وهذا من قوله : r" لَيْسَ عَلَيْكِ بَأْسٌ إِنَّمَا هُوَ أَبُوكِ وَغُلَامُكِ " . فكانت الفتوى نافعةً لبنات أمته r عبر الأزمان...
وصدق لما قال : " الْحَيَاءُ لَا يَأْتِي إِلَّا بِخَيْرٍ".


ثالثًا : سبق أن ذكرت ان الكتاب المقدس فيه أن لوطا النبي زنا زنا محارم مع ابنتيه بعد أن شرب الخمر ، وحبلاتا منه أطفالًا...فلم يعريهما فقط ؛بل زنا بهما....!
جاء ذلك في سفر التكوين أصحاح 19 عدد30وَصَعِدَ لُوطٌ مِنْ صُوغَرَ وَسَكَنَ فِي الْجَبَلِ، وَابْنَتَاهُ مَعَهُ، لأَنَّهُ خَافَ أَنْ يَسْكُنَ فِي صُوغَرَ. فَسَكَنَ فِي الْمَغَارَةِ هُوَ وَابْنَتَاهُ. 31وَقَالَتِ الْبِكْرُ لِلصَّغِيرَةِ: «أَبُونَا قَدْ شَاخَ، وَلَيْسَ فِي الأَرْضِ رَجُلٌ لِيَدْخُلَ عَلَيْنَا كَعَادَةِ كُلِّ الأَرْضِ. 32هَلُمَّ نَسْقِي أَبَانَا خَمْرًا وَنَضْطَجعُ مَعَهُ، فَنُحْيِي مِنْ أَبِينَا نَسْلاً». 33فَسَقَتَا أَبَاهُمَا خَمْرًا فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ، وَدَخَلَتِ الْبِكْرُ وَاضْطَجَعَتْ مَعَ أَبِيهَا، وَلَمْ يَعْلَمْ بِاضْطِجَاعِهَا وَلاَ بِقِيَامِهَا. 34وَحَدَثَ فِي الْغَدِ أَنَّ الْبِكْرَ قَالَتْ لِلصَّغِيرَةِ: «إِنِّي قَدِ اضْطَجَعْتُ الْبَارِحَةَ مَعَ أَبِي. نَسْقِيهِ خَمْرًا اللَّيْلَةَ أَيْضًا فَادْخُلِي اضْطَجِعِي مَعَهُ، فَنُحْيِيَ مِنْ أَبِينَا نَسْلاً». 35فَسَقَتَا أَبَاهُمَا خَمْرًا فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ أَيْضًا، وَقَامَتِ الصَّغِيرَةُ وَاضْطَجَعَتْ مَعَهُ، وَلَمْ يَعْلَمْ بِاضْطِجَاعِهَا وَلاَ بِقِيَامِهَا، 36فَحَبِلَتِ ابْنَتَا لُوطٍ مِنْ أَبِيهِمَا.!


ونسب الكتاب المقدس إلى الربِّ أنه يسلم زوجاتَ وبناتَ أنبيائِه للناسِ لا ليعريهم أمام أعدائهم؛ بل ليزنوا بهم أمامَ أنبيائِه... !
فعل الربُّ ذلك مع داودَ... وذلك في سفر صموئيل الثاني أصحاح 12 عدد 10وَالآنَ لاَ يُفَارِقُ السَّيْفُ بَيْتَكَ إِلَى الأَبَدِ، لأَنَّكَ احْتَقَرْتَنِي وَأَخَذْتَ امْرَأَةَ أُورِيَّا الْحِثِّيِّ لِتَكُونَ لَكَ امْرَأَةً. 11هكَذَا قَالَ الرَّبُّ: هاأنذا أُقِيمُ عَلَيْكَ الشَّرَّ مِنْ بَيْتِكَ، وَآخُذُ نِسَاءَكَ أَمَامَ عَيْنَيْكَ وَأُعْطِيهِنَّ لِقَرِيبِكَ، فَيَضْطَجعُ مَعَ نِسَائِكَ فِي عَيْنِ هذِهِ الشَّمْسِ. 12لأَنَّكَ أَنْتَ فَعَلْتَ بِالسِّرِّ وَأَنَا أَفْعَلُ هذَا الأَمْرَ قُدَّامَ جَمِيعِ إِسْرَائِيلَ وَقُدَّامَ الشَّمْسِ». 13فَقَالَ دَاوُدُ لِنَاثَانَ: «قَدْ أَخْطَأْتُ إِلَى الرَّبِّ». فَقَالَ نَاثَانُ لِدَاوُدَ: «الرَّبُّ أَيْضًا قَدْ نَقَلَ عَنْكَ خَطِيَّتَكَ. لاَ تَمُوتُ. !


ونسب الكتاب المقدس إلى الربِّ بأنه يعرى النساءَ ... وذلك في سفر إشعياء أصحاح 3 عدد16وَقَالَ الرَّبُّ: «مِنْ أَجْلِ أَنَّ بَنَاتِ صِهْيَوْنَ يَتَشَامَخْنَ، وَيَمْشِينَ مَمْدُودَاتِ الأَعْنَاقِ، وَغَامِزَاتٍ بِعُيُونِهِنَّ، وَخَاطِرَاتٍ فِي مَشْيِهِنَّ، وَيُخَشْخِشْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ، 17يُصْلِعُ السَّيِّدُ هَامَةَ بَنَاتِ صِهْيَوْنَ، وَيُعَرِّي الرَّبُّ عَوْرَتَهُنَّ . !

وبعد هذا العرض القليل أكون قد نسفت الشبهة نسفًا ورددت المعترضين خائبين مقهورين ....وأصبح على كاهلهم رد رشبهاتهم التي جدت من كتابهم إن كانوا باحثين منصفين...

كتبه / أكرم حسن مرسي