بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين وحده لاشريك له ولا والدة ولا ولد له والصلاة والسلام على خاتم النبيين وعلى اله وصحبه ومن تبعه وبعد
قصة حوار المسيح عليه السلام مع اليهود الذين اتهموه بان به شيطان فأنتهى الحوار فى رسالة يوحنا بأن نسب أن المسيح قال"قبل ان يكون ابراهيم انا كائن" والحقيقة أن الكائن قبل ابراهيم هو شئ يرتبط بالمسيح وليس نفس المسيح،ولكن لنجعل النصوص هى تتكلم:
1-تحليل نص يوحنا.
2-تعبير كاتب رسالة يوحنا عن الروح القدس.
1-تحليل نص يوحنا.
لنقرء الاصحاح الثامن الموضع محل النص
52فَقَالَ لَهُ الْيَهُودُ:الآنَ عَلِمْنَا أَنَّ بِكَ شَيْطَانًا. قَدْ مَاتَ إِبْرَاهِيمُ وَالأَنْبِيَاءُ، وَأَنْتَ تَقُولُ:إِنْ كَانَ أَحَدٌ يَحْفَظُ كَلاَمِي فَلَنْ يَذُوقَ الْمَوْتَ إِلَى الأَبَدِ. 53أَلَعَلَّكَ أَعْظَمُ مِنْ أَبِينَا إِبْرَاهِيمَ الَّذِي مَاتَ؟ وَالأَنْبِيَاءُ مَاتُوا. مَنْ تَجْعَلُ نَفْسَكَ؟» 54أَجَابَ يَسُوعُ:«إِنْ كُنْتُ أُمَجِّدُ نَفْسِي فَلَيْسَ مَجْدِي شَيْئًا. أَبِي هُوَ الَّذِي يُمَجِّدُنِي، الَّذِي تَقُولُونَ أَنْتُمْ إِنَّهُ إِلهُكُمْ، 55وَلَسْتُمْ تَعْرِفُونَهُ. وَأَمَّا أَنَا فَأَعْرِفُهُ. وَإِنْ قُلْتُ إِنِّي لَسْتُ أَعْرِفُهُ أَكُونُ مِثْلَكُمْ كَاذِبًا، لكِنِّي أَعْرِفُهُ وَأَحْفَظُ قَوْلَهُ. 56أَبُوكُمْ إِبْرَاهِيمُ تَهَلَّلَ بِأَنْ يَرَى يَوْمِي فَرَأَى وَفَرِحَ». 57فَقَالَ لَهُ الْيَهُودُ:«لَيْسَ لَكَ خَمْسُونَ سَنَةً بَعْدُ، أَفَرَأَيْتَ إِبْرَاهِيمَ؟» 58قَالَ لَهُمْ يَسُوعُ:«الْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: قَبْلَ أَنْ يَكُونَ إِبْرَاهِيمُ أَنَا كَائِنٌ». 59فَرَفَعُوا حِجَارَةً لِيَرْجُمُوهُ. أَمَّا يَسُوعُ فَاخْتَفَى وَخَرَجَ مِنَ الْهَيْكَلِ مُجْتَازًا فِي وَسْطِهِمْ وَمَضَى هكَذَا.
التعبيرات المكتوب بها رسائل يوحنا من الادب اليونانى بل من الفكر اليونانى الفلسفى،فالذى كتب هذا الكلام السابق لايعتقد فى جنة حسية مثلا ولا فى نار حسية بل يبدو وكأنه يقول بمعتقدات الصدوقيين والمتفلسفة ولهذا نجد رسالة يوحنا الانجيلى قليلة الحديث عن وساطة الروح القدس بين الله عزوجل وبين الرسل بل لايذكرها أصلا،ولايوجد ذكر كثير للملائكة فى رسالة يوحنا الانجيلى ونزول جبريل عليه السلام فى العشاء الاخير لم يُذكر فى رسالة يوحنا الانجيلى والحقيقة أن كاتب هذه الرسالة الانجيلية لم يكن امينا فى النقل عن المسيح وتلاميذه وادخل معتقداته الشخصية وثقافته المنحرفة فيما كتب ولهذا معظم استدلالات النصارى على عقيدتهم من هذه الرسالة ومن رؤيا يوحنا اللاهوتى التى يبدو أنها كتبت بنفس الثقافة،لماذا نقول بعلو الصوت هذا الكلام؟ لأن كاتب رسالة يوحنا الانجيلية هذه خالف وشذ منذ البداية عن باقى الاناجيل فى توصيف يوحنا المعمدان للمسيح فيقول على لسان يوحنا المعمدان فى الاصحاح الاول
26أَجَابَهُمْ يُوحَنَّا قِائِلاً:«أَنَا أُعَمِّدُ بِمَاءٍ، وَلكِنْ فِي وَسْطِكُمْ قَائِمٌ الَّذِي لَسْتُمْ تَعْرِفُونَهُ. 27هُوَ الَّذِي يَأْتِي بَعْدِي، الَّذِي صَارَ قُدَّامِي، الَّذِي لَسْتُ بِمُسْتَحِقّ أَنْ أَحُلَّ سُيُورَ حِذَائِهِ».
ولكن النص السابق فى الاناجيل الثلاثة:متى3 ومرقس1 ولوقا3
11أَنَا أُعَمِّدُكُمْ بِمَاءٍ لِلتَّوْبَةِ، وَلكِنِ الَّذِي يَأْتِي بَعْدِي هُوَ أَقْوَى مِنِّي، الَّذِي لَسْتُ أَهْلاً أَنْ أَحْمِلَ حِذَاءَهُ. هُوَ سَيُعَمِّدُكُمْ بِالرُّوحِ الْقُدُسِ وَنَارٍ.
انجيل يوحنا شذ عن الاناجيل الثلاثة بأنه جعل دور الروح القدس فقط تعميد المسيح وليس أن المسيح هو من يُعمد بالروح القدس،إذا منذ البداية هناك تعمد من كاتب الرسالة على تحريف النصوص الاصلية وتغييب الروح القدس عن الاحداث لسبب سنعرفه إن شاء الله تعالى ولو دققت النظر فى سياق نص يوحنا الذى فيه"قبل ان يكون ابراهيم" والمنقول اعلاه لوجدت المسيح نسب المجد لله عزوجل مباشرة ولم يذكر الروح القدس،والمسيح ذكر الكلام الذى يقوله ولم يذكر الروح القدس،والمتتبع للاصحاح الثامن من رسالة يوحنا الانجيلية نجد تعمد إنكار ذكر وساطة الروح القدس والاكتفاء بذكر الله عزوجل وذكر المسيح عليه السلام ففى الاصحاح الثامن
17وَأَيْضًا فِي نَامُوسِكُمْ مَكْتُوبٌ أَنَّ شَهَادَةَ رَجُلَيْنِ حَق: 18أَنَا هُوَ الشَّاهِدُ لِنَفْسِي، وَيَشْهَدُ لِي الآبُ الَّذِي أَرْسَلَنِي».
وايضا فى نفس الاصحاح ينكر وساطة الروح القدس
فَقَالَ لَهُمْ يَسُوعُ:«أَنَا مِنَ الْبَدْءِ مَا أُكَلِّمُكُمْ أَيْضًا بِهِ. 26إِنَّ لِي أَشْيَاءَ كَثِيرَةً أَتَكَلَّمُ وَأَحْكُمُ بِهَا مِنْ نَحْوِكُمْ، لكِنَّ الَّذِي أَرْسَلَنِي هُوَ حَق. وَأَنَا مَا سَمِعْتُهُ مِنْهُ، فَهذَا أَقُولُهُ لِلْعَالَمِ».
ويستكمل النص على لسان المسيح مؤكدا أنه يسمع من الله عزوجل مباشرة
40وَلكِنَّكُمُ الآنَ تَطْلُبُونَ أَنْ تَقْتُلُونِي، وَأَنَا إِنْسَانٌ قَدْ كَلَّمَكُمْ بِالْحَقِّ الَّذِي سَمِعَهُ مِنَ اللهِ.
ففى النصوص السابقة تجاهل تام لوساطة الروح القدس عليه السلام فى نقل الوحى رغم أن الذى سمع من الله وكان مع المسيح هو جبريل عليه السلام وليس المسيح وهذا يعنى أن كاتب الرسالة الانجيلية جعل المسيح والروح القدس واحدا وهناك إضافة:لما سئل اليهود المسيح هل انت اعظم من ابراهيم:لم يقل نعم بل انكر الوهيته تماما واثبت المجد لله عزوجل وحده ثم قال المسيح إن ابراهيم سعيد ومسرور بمبعثه فلو كان الها حاشا لله لقال إنه أعظم من ابراهيم ولما انكر مجده ونسب كل مجد لله عزوجل،ولولا أن اليهود تطاولوا فى السؤال كيف علم بسرور ابراهيم والحقيقة أن ابراهيم عليه السلام مسرور ببعثة المسيح عليه السلام لأنه فى عالم الروح والملكوت والسماوات والمسيح عليه السلام عرف أن ابراهيم سعيد من الروح القدس، والروح القدس كان كائنا قبل ابراهيم،فأخبر المسيح اليهود أنه عرف أن ابراهيم مسرور بكونه قائما قبل ابراهيم ليس بنفسه ولكن برفيقه جبريل عليه السلام والعيب فى كاتب رسالة يوحنا الذى استخدم تعبيرات اساء النصارى استخدامها وليست بالمعنى الذى يقصدونه.
2-تعبير كاتب رسالة يوحنا عن الروح القدس.
ومن حق النصرانى أن يسئل:ما الدليل أن كاتب الرسالة الانجيلية استبدل الروح القدس بذات ونفس المسيح؟ الجواب لأنه فعلها كثيرا ولكن سأكتفى ببعض نصوص فمعلوم من الرسائل الانجيلية الثلاثة غير يوحنا أن الروح القدس نزل على المسيح واتى عليه عند تعميده بيحيى عليه السلام ولكن رسالة يوحنا الانجيلية تقول بأن الروح القدس استقر على المسيح وفارق بين النزول والاستقرار لأن القول بإستقرار الروح القدس فى جسم المسيح يعنى أن كاتب رسالة يوحنا الانجيلية يؤمن بتجسد الروح القدس فى صورة المسيح ففى الاصحاح الاول
32وَشَهِدَ يُوحَنَّا قَائلاً:«إِنِّي قَدْ رَأَيْتُ الرُّوحَ نَازِلاً مِثْلَ حَمَامَةٍ مِنَ السَّمَاءِ فَاسْتَقَرَّ عَلَيْهِ. 33وَأَنَا لَمْ أَكُنْ أَعْرِفُهُ، لكِنَّ الَّذِي أَرْسَلَنِي لأُعَمِّدَ بِالْمَاءِ، ذَاكَ قَالَ لِي: الَّذِي تَرَى الرُّوحَ نَازِلاً وَمُسْتَقِرًّا عَلَيْهِ، فَهذَا هُوَ الَّذِي يُعَمِّدُ بِالرُّوحِ الْقُدُسِ.
وفى الاصحاح الثالث إعلان صريح عن اندماج الروح القدس بالمسيح
13وَلَيْسَ أَحَدٌ صَعِدَ إِلَى السَّمَاءِ إِلاَّ الَّذِي نَزَلَ مِنَ السَّمَاءِ، ابْنُ الإِنْسَانِ الَّذِي هُوَ فِي السَّمَاءِ
وفى الاصحاح السادس ما يؤكد هذا الفهم
41فَكَانَ الْيَهُودُ يَتَذَمَّرُونَ عَلَيْهِ لأَنَّهُ قَالَ:«أَنَا هُوَ الْخُبْزُ الَّذِي نَزَلَ مِنَ السَّمَاءِ». 42وَقَالُوا: «أَلَيْسَ هذَا هُوَ يَسُوعَ بْنَ يُوسُفَ، الَّذِي نَحْنُ عَارِفُونَ بِأَبِيهِ وَأُمِّهِ؟ فَكَيْفَ يَقُولُ هذَا: إِنِّي نَزَلْتُ مِنَ السَّمَاءِ؟»
وفى الاصحاح السادس ايضا تأكيد إندماج الروح القدس فى المسيح مرة اخرى
فَقَالَ لَهُمْ:«أَهذَا يُعْثِرُكُمْ؟ 62فَإِنْ رَأَيْتُمُ ابْنَ الإِنْسَانِ صَاعِدًا إِلَى حَيْثُ كَانَ أَوَّلاً! ».
وفى الاصحاح السادس عشر
27لأَنَّ الآبَ نَفْسَهُ يُحِبُّكُمْ، لأَنَّكُمْ قَدْ أَحْبَبْتُمُونِي، وَآمَنْتُمْ أَنِّي مِنْ عِنْدِ اللهِ خَرَجْتُ. 28خَرَجْتُ مِنْ عِنْدِ الآبِ، وَقَدْ أَتَيْتُ إِلَى الْعَالَمِ، وَأَيْضًا أَتْرُكُ الْعَالَمَ وَأَذْهَبُ إِلَى الآبِ».
والدليل الأقوى هو فى الاصحاح العشرين
21فَقَالَ لَهُمْ يَسُوعُ أَيْضًا:«سَلاَمٌ لَكُمْ! كَمَا أَرْسَلَنِي الآبُ أُرْسِلُكُمْ أَنَا». 22وَلَمَّا قَالَ هذَا نَفَخَ وَقَالَ لَهُمُ:«اقْبَلُوا الرُّوحَ الْقُدُسَ».
ومن النصوص السابقة واشباهها لا تحصيه مقالة مما يسمونه انجيل يوحنا لا فارق بين المسيح عليه السلام وجبريل عليه السلام لسبب بسيط لأن كاتب يوحنا لم يكن يؤمن بعقيدة تجسد الإله التى يؤمن بها النصارى الأن بل كان يؤمن بهرطقة وضلالة اخرى هى إندماج الروح القدس والمسيح فى نفس واحدة فهو يخلط بين الملائكة والأرواح البشرية وكانت هذه الضلالة فى رسالة يوحنا هى مقدمة لما وقع بعدها من ضلالات عظيمة فى دين النصارى وصلت بهم إلى الإلحاد العملى بالقول بالثالوث، والسبب فى مقولة"قبل أن يكون ابراهيم انا كائن" أن هذه الرسالة الانجيلية على الارجح كتبت فى المجتمع اليونانى او بين الاممين اليونانيين، وهؤلاء كانوا متأثرين بالفلسفة اليونانية التى تنكر أن للملائكة ذوات واجسام منفصلة وخاصة ولهذا لن تجد اسم جبريل عليه السلام فى رسالة يوحنا الانجيلى،لأن القوم الذين كتب فيهم هذه الرسالة يتصورون الملائكة أروحا فقط وليست ذوات لها صفات كالبشر بل اعظم،وهذه العقيدة الفلسفية اليونانية الفاسدة عانينا منها فى الاسلام مع المعتزلة،وقد افصح كاتب رسالة يوحنا الانجيلية عن هذه العقيدة الفاسدة صراحة فى الاصحاح السابع فيقول
38«مَنْ آمَنَ بِي، كَمَا قَالَ الْكِتَابُ، تَجْرِي مِنْ بَطْنِهِ أَنْهَارُ مَاءٍ حَيٍّ». 39قَالَ هذَا عَنِ الرُّوحِ الَّذِي كَانَ الْمُؤْمِنُونَ بِهِ مُزْمِعِينَ أَنْ يَقْبَلُوهُ، لأَنَّ الرُّوحَ الْقُدُسَ لَمْ يَكُنْ قَدْ أُعْطِيَ بَعْدُ، لأَنَّ يَسُوعَ لَمْ يَكُنْ قَدْ مُجِّدَ بَعْدُ.
إذا كاتب الرسالة الانجيلية لم يكن يؤمن بأن الايات والمعجزات التى وقعت طيلة حياة المسيح كانت بالروح القدس بل بنفس المسيح وذاته والعياذ بالله ووفقا للكلام السابق فالروح القدس فى فهم كاتب الرسالة الانجيلية الضال هى صعود المسيح الى السماء ثم مرافقة الملائكة للحواريين بعد رفع المسيح،وهذا خلط شديد الفساد بين البشر والملائكة،ويعطينى انا شخصيا وأنا مبتدئ فى مقارنة الاديان صورة شديدة القتامة عن النصرانية لأنه إذا كان الفساد فى العقائد كان بهذه الصورة عند الاولين منهم فلا عجب لما يقولونه ببجاحة وقلة ادب على الله سبحانه وتعالى الأن ولهذا نقول بعلو الصوت الكائن قبل ابراهيم هو نفسه الذى سمع من الله عزوجل هو نفسه الذى نزل من السماء هوالذى كان يعمل الايات والمعجزات مع المسيح عليه السلام هو جبريل عليه السلام، ولكن لأن كاتب الرسالة الانجيلية لا يؤمن بأن جبريل يأتى فى الجسد إستخدم هذه التعبيرات والمضحك أن عقيدة النصارى الحاليين بالنسبة لهذا الضال الذى كتب ما يُسمى بإنجيل يوحنا هى هرطقة لأنه كان على عقيدة قريبة من اليهود اليونانيين والفريسيين،وأيضا عقيدة اندماج المسيح بالروح القدس هى هرطقة عند النصارى الحاليين فكل منهم يعتبر الاخر مهرطقا ولكن النصارى يفرحون بهذا الضلال ويتخذون ما فيه كأسانيد ودلائل على ما يؤمنون به نسأل الله السلامة والعافية
وأخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين،ومليون حمد وشكر لله عزوجل على نعمة الاسلام العظيمة.