كنائس الأردن تطالب بالتصدي لـ 40 فرقة تبشيرية


لقمان اسكندر

عمان- حذر مجلس رؤساء الكنائس الأردنية مما اعتبره التهديد الأمني الذي تمثله الفرق التبشيرية المسيحية التي تنتشر بالمملكة بدعوى تقديم خدمات إنسانية واجتماعية، داعين الحكومة للتصدي لهم ووقف أنشطتهم التي تهدف لبث الفتنة بين المسيحيين أنفسهم وبين المسيحيين والمسلمين.
وأشاد المجلس الذي -يمثل مختلف الطوائف المسيحية في المملكة- بالحقوق التي يتمتع بها المسيحيون في الأردن، مؤكدًا تمسكه بدستور البلاد الذي ينص على أن الإسلام الدين الرسمي للدولة.

وفي بيان أصدره مجلس رؤساء الكنائس الأردنية مساء الجمعة، حذر من "الفرق التبشيرية التي انتشرت في المملكة خلال السنوات الأخيرة تحت ستار الخدمة الاجتماعية والتعليمية والثقافية".

وأوضحت الكنائس في بيانها "أن عدد هذه الفرق بلغ الـ 40 وكانت الحكومة الأردنية قد قدمت لها جميع التسهيلات اللازمة ليقوموا بخدمات إنسانية، إلا أنها سرعان ما كشفت عن نفسها، وأخذت تستخدم أسلوب التبشير بالاستعانة بالخدمات التي تقدمها والإغراءات التي قدمتها وما تزال تقدمها حتى بلغ عدد المنتمين إليهم من المسلمين بضع مئات".

إثارة الفتنة

تلك الفرق اعتبرتها الكنائس تمثل تهديدًا للأمن القومي في الأردن، محذرة من أنها "تثير النعرات الدينية بين المواطنين، ولا تحترم حرية الضمير، وتضع الفتنة بين المواطنين مسيحيين وبعضهم البعض وبين المسيحيين والمسلمين".

وكشفت "أن هذه الفرق التبشيرية الدخيلة على المسيحية أخذت تحاول أن تفرض ذاتها بكل الوسائل؛ لأنها مدعومة سياسيا وماليا من بعض الدول"، لم يحددها البيان بالاسم.

وأضافت أنها "تمكنت من استمالة بعض المواطنين نتيجة للخدمات والإغراءات التي قدمتها وما تزال تقدمها".

وفيما يتعلق بسبل مواجهتهم والتصدي لهم، أشار بيان مجلس رؤساء الكنائس الأردنية إلى أنه كان قد حذر الحكومة عدة مرات من خطورة تلك الجماعات التبشيرية على المسيحية في الأردن وعلى العلاقات المسيحية الإسلامية.

وآخر التحذيرات جاء في رسالة وجهها أساقفة أردنيون للملك عبد الله الثاني أواخر سبتمبر الماضي كشفوا خلالها عن "الأهداف الخبيثة" لتلك الفرق التبشيرية المعروفة بتطرفها الديني.

ومن هذه الأهداف التي عددتها تلك الرسالة "تدمير ركائز الإيمان المسيحي في الكنائس العريقة، وزرع الفتنة بين المواطنين، والتبشير في العالم العربي والإسلامي، وبالتالي فهي تخلخل أمن المواطنين بقيامهم بتصرفات غير مسئولة، ينسبها الشارع الإسلامي إلى المواطنين المسيحيين دون تمييز، مما يؤثر سلبا على العلاقات الطيبة القائمة عبر التاريخ بين المواطنين".

وطالب المطارنة في الرسالة ألا تسمح الحكومة لتلك الفرق باستقطاب الشباب الفقراء والعاطلين عن العمل بما يقدمونه لهم من تسهيلات وإغراءات ووظائف تبشيرية في الأردن وفي مختلف البلاد العربية، فيبثون فيهم تطرفهم وطموحهم التبشيري، ويرسلونهم إلى الدول العربية والإسلامية وبالتالي سوف يسببون للأردن وللكنائس في تلك الدول همومًا كثيرة هم في غنى عنها".

تجنيد جواسيس


وفي معرض تعليقه على بيان مجلس الكنائس الأردني قال كاتب صحفي أردني يتبع الطائفة الأرثوذكسية المسيحية في الأردن طلب عدم ذكر اسمه: "إن خطورة هذه الفرق أنهم لا يريدون فقط التبشير للدين المسيحي بين المواطنين الأردنيين المسلمين، بل إنهم يريدون أيضا تحويلهم إلى جواسيس لمخابرات الدول التابعة لهم".

وفي تصريح لـ"إسلام أون لاين.نت" استشهد الصحفي الذي طلب عدم ذكر اسمه على ذلك بأن نشاط هذه الفرق لا يقتصر على المسلمين فقط، بل يمتد إلى رعايا الكنائس الأخرى من الأرثوذكسية والكاثوليكية وغيرها من الكنائس المعترف بها في الأردن.

وحول قضية الأجانب من الفرق التبشيرية الذين تم إبعادهم مؤخرا عن الأردن أوضح مجلس الكنائس في بيانه موقفه واعتبرها قضية أمنية وقال: "إن المبعدين ينتمون لفرق متطرفة ومثيرة للفتنة والجدل، ولا نستغرب إبعادهم بسبب إثارتهم للفتنة بأساليبهم المتطرفة غير المقبولة مسيحيا وإسلاميا".

ووقع بيان رؤساء الكنائس كل من: المطران بندكتوس مطران الروم الأرثوذوكس، والمطران ياسر عياش مطران الروم الكاثوليك، والمطران فاهان طوبوليان مطران الأرمن الأرثوذوكس، والمطران سليم الصائغ مطران اللاتين، والمطران حنا نور أمين سر المجلس.

الدين والدستور


على صعيد متصل، أعرب المجلس عن استيائه من تقرير بثته وكالة أنباء أمريكية تدعى "كومباس دايركت نيوز" الشهر الماضي بعنوان "المسيحيون بالأردن في خطر" لما حمله من "مغالطات تشوه الحقيقة وتسيء إلى العلاقات الإسلامية المسيحية بين المواطنين الأردنيين".

وكانت تقارير الوكالة الأمريكية اتهم الأردن بالضغط على المسيحيين الأجانب المقيمين فيه، وأن السلطات المختصة ألغت العديد من الإقامات الممنوحة لمسيحيين أجانب خلال الـ13 شهرا الماضية، ورفضت السلطات الأردنية التعليق على ذلك التقرير مشيرة إلى أن بعض الذين رفضت إقامتهم يمثلون تهديدا أمنيا على البلاد.

ورفضت الكنائس الأردنية القول بأن المسيحيين بالأردن في خطر، وشددت على "أن المواطنين المسيحيين في الأردن يعيشون حياتهم العادية في مختلف المدن والقرى، بكل أمان واطمئنان ويقيمون علاقات اجتماعية جيدة مع المجتمع الإسلامي".

وأشار بيان مجلس الكنائس "إلى مساهمة المسيحيين في الحياة الاجتماعية والتجارية والعلمية، وأنهم يخدمون في الجيش وفي مختلف المؤسسات الحكومية أسوة بالمواطنين المسلمين".

وحول المطالبات بتعديل الدستور الأردني الذي ينص على أن الدين الإسلامي هو الدين الرسمي للدولة قال المجلس: "إن الدستور غير قابل للتعديل أو التغيير بموجب مزاجية هذا أو ذاك".

وأضاف "فمن بديهيات الأمور أن تنطبق بعض القوانين النابعة من الدين، على المسلمين لا على المسيحيين، بشأن مسائل الأحوال الشخصية، ولذلك وتوخيا للمساواة، فلقد حفظ الدستور وحفظت القوانين للمواطن المسيحي الكثير من الامتيازات التي يتمتع بها المواطن المسلم".

وعدَّد المجلس الحقوق التي يتمتع بها المسيحيون في الأردن ومنها "أن الدستور الأردني يمنح الكنسية صلاحيات البت في أمور الأحوال الشخصية للمسيحيين كمثل تلك الممنوحة للمحاكم الشرعية الخاصة بالمسلمين".

ومن تلك الحقوق أيضًا "السماح للمسيحيين ببناء كنائسهم ومدارسهم كما يشاءون، وأن يقيموا جمعياتهم الخيرية ومستشفياتهم شأنهم في ذلك شأن جميع المواطنين، ولهم أن يمارسوا شعائرهم الدينية بكل حرية".

واستهجن المجلس قيام من وصفها "بفئات صغيرة دخيلة على الوجود المسيحي في الأردن وغريبة عنه وعن تاريخ العلاقات الإسلامية المسيحية فيه وعددها لا يتجاوز بضع مئات بالسماح لذاتها بالتحدث باسم المسيحيين عمومًا وتنصب نفسها وصيا أو قيما على المسيحية وكأن المسيحية في خطر".

وقال: "إذا ما حدثت بعض المشاكل، وهذا أمر بديهي في كل المجتمعات والدول والأديان، فنحن قادرون على حلها مع المعنيين بالأمر في بيتنا الأردني ونحن مواطنون ولسنا غرباء، ولم ولن نطلب من أحد أن يتدخل في أمورنا الداخلية وأن يتكلم باسمنا أو يدافع عنا".

يشار إلى أن عدد المسيحيين الأردنيين في المملكة وفق ذات البيان يشكلون حوالي 4% من إجمالي السكان.

المصدر