الرد على توهم لإنتقادات للقرآن الكريم بعنوان أسئله إجتماعيه 1

آخـــر الـــمـــشـــاركــــات


مـواقـع شـقــيـقـة
شبكة الفرقان الإسلامية شبكة سبيل الإسلام شبكة كلمة سواء الدعوية منتديات حراس العقيدة
البشارة الإسلامية منتديات طريق الإيمان منتدى التوحيد مكتبة المهتدون
موقع الشيخ احمد ديدات تليفزيون الحقيقة شبكة برسوميات شبكة المسيح كلمة الله
غرفة الحوار الإسلامي المسيحي مكافح الشبهات شبكة الحقيقة الإسلامية موقع بشارة المسيح
شبكة البهائية فى الميزان شبكة الأحمدية فى الميزان مركز براهين شبكة ضد الإلحاد

يرجى عدم تناول موضوعات سياسية حتى لا تتعرض العضوية للحظر

 

       

         

 

    

 

 

    

 

الرد على توهم لإنتقادات للقرآن الكريم بعنوان أسئله إجتماعيه 1

النتائج 1 إلى 8 من 8

الموضوع: الرد على توهم لإنتقادات للقرآن الكريم بعنوان أسئله إجتماعيه 1

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Jul 2011
    المشاركات
    469
    الدين
    الإسلام
    آخر نشاط
    15-05-2023
    على الساعة
    05:05 PM

    افتراضي الرد على توهم لإنتقادات للقرآن الكريم بعنوان أسئله إجتماعيه 1



    الرد على السؤال رقم 16: جاء في سورة المائدة 51 " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ " ... وبعد ان ذكر الناقد ما قاله البيضاوي في تفسير ذلك ... سأل سيادته: ما هي نتيجة هذه النصيحة القرآنية إلا الانكفاء على الذات ؟؟؟ وكيف يوفّق المسلم بين الزواج من كتابية تربي عياله وتتولى أمور بيته وبين هذه الآية المنغلقة الفكر ؟؟؟ ما أكثر الكفاءات التي أُهدرت بسبب التفرقة الدينية !!! إن المسيحية تدعو للسلام والمحبة وخدمة الجميع على مثال ما فعل المسيح رب السلام الذي علّمنا في مثل السامري الصالح كيف نضحي ونخدم جميع الناس على السواء من جميع الأجناس واللغات والأديان ... إن نصيحة القرآن مناسبة ما دام المسلمون غالبين ... أما اليوم فهي تقوّض روح التآخي بين شعوب الأرض وتعطل تقدم المسلمين.

    § إذا كان الناقد اعترف بأن الإسلام يسمح بزواج المسلم من كتابية (تربي عياله وتتولى أمور بيته ... كما قال سيادته) ... فهذا يبرهن بالطبع على انفتاح الإسلام على الآخر ... وعلى أن العلاقة التي تحكم المسلمين بغيرهم هي علاقة التعايش السلمي والتعاون والتحاور ... لا علاقة التقاطع والتدابر والتناحر ... والانغلاق على الذات والتعصب ضد الآخرين (كما حاول الناقد أن يوهم القارئ السطحي بذلك) إذ كيف يدعو الإسلام إلى هذه القطيعة بين المسلمين وغيرهم، ثم يسمح للمسلمين بالتزوج من أهل الكتاب ... وبذلك فإن الإسلام قد هدم كل الحواجز المادية والنفسية بين المسلمين وأهل الكتاب.

    §
    ولا شك أن علاقة الزواج هي قمة العلاقات الإنسانية القائمة على المودة، والرحمة والتفاهم؛ إذ يقول عز وجل: )خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة(الروم 21 ... وقد أباح الإسلام الزواج من أهل الكتاب؛ ليزيل الحواجز بين أهل الكتاب وبين المسلمين؛ فالزواج معاشرة وتفاهم ومودة ورحمة، ليس بين الزوجين فحسب، بل بين الأسر بعضها وبعض؛ فهو فرصة للتلاقي بين المسلمين وغيرهم من أهل الكتاب وهو تقريب عملي بين المسلمين وغيرهم، بل هو قمة التقارب والانفتاح على الغير ...

    § وفى هذا المقام فإننا نود أن نذكر الناقد بأنه سيجد عكس ذلك في كتابه ... وكيف ؟؟؟ ورد في
    كورونتوس الأولى 7/ 39 ... " الْمَرْأَةُ مُرْتَبِطَةٌ بِالنَّامُوسِ مَا دَامَ رَجُلُهَا حَيًّا ... وَلكِنْ إِنْ مَاتَ رَجُلُهَا ... فَهِيَ حُرَّةٌ لِكَيْ تَتَزَوَّجَ بِمَنْ تُرِيدُ ... فِي الرَّبِّ فَقَطْ " ... هذا وقد ورد في تفسير انطونيوس فكرى لذلك ... " فالمرأة مرتبطة برجلها (مؤمنًا كان أم غير مؤمن) طالما هو حي ... ولكن إن مات فلا تتزوج إلا من رجل مؤمن = في الرب فقط " انتهى التفسير ... أي أن المرأة النصرانية لا يمكنها الزواج من مسلم ... ولماذا ؟؟؟ لأنه من وجهة نظر النصرانية ... يتبع نبي كاذب ... وما الدليل ؟؟؟ ورد في إنجيل متى 7/15 ..." اِحْتَرِزُوا مِنَ الأَنْبِيَاءِ الْكَذَبَةِ الَّذِينَ يَأْتُونَكُمْ بِثِيَاب الْحُمْلاَنِ ... وَلكِنَّهُمْ مِنْ دَاخِل ذِئَابٌ خَاطِفَةٌ !!! "

    § لقد دعا الإسلام أبناءه للتعايش مع الآخر والانفتاح عليه ... وقد أسس القرآن الكريم قواعد هذا التعايش معتبرا أن الذي يحكم العلاقة معهم هو قانون العدل ... وأخلاق البر والإحسان ... يقول عز وجل:
    " لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين " الممتحنة 8

    §
    وإذا كان الإسلام دينا عالميا وخاتما للأديان، فإنه في روح دعوته وجوهر رسالته لا يجبر العالم على التمسك بدين واحد، إنه ينكر هذا القسر عندما يرى في تعددية الشرائع الدينية سنة من سنن الله عز وجل في الكون ... قال عز وجل: " لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا ... ولو شاء الله لجعلكم أمة واحدة ولكن ليبلوكم في ما آتاكم فاستبقوا الخيرات " المائدة 48 ... وقال عز وجل: " ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ولا يزالون مختلفين " هود 118

    § إن التعايش السلمي سمة مميزة للإسلام، وملمح جامع يطبع كل جوانبه التشريعية والسلوكية، إنها إحدى قيم هذا الدين وصفاته المميزة التي تعني الحرية للبشر كافة والمساواة بينهم من غير تفريق جنسي أو تمييز عنصري ... وليس هناك ما هو أبلغ وأوفى بالقصد في الدلالة على عمق مبدأ التعايش السلمي في الإسلام من قوله عز وجل:
    " قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ألا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئا ولا يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله ... فإن تولوا فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون " آل عمران 64

    §
    ولذلك لا بد من توضيح ما حاول الناقد أن يوهم به القارئ السطحي في قوله عز وجل: " يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم إن الله لا يهدي القوم الظالمين "المائدة 51 ... فهذه الآية بما تحويه من معان وأسباب نزول، هي أبعد ما تكون عما ادعاه الناقد ... بل إن المسلمين جميعا (منذ نزول الوحي إلى الآن) لم يقل أحد منهم أنه فهم من هذه الآية عدم التعامل مع اليهود والنصارى المسالمين للمسلمين ... والحقيقة هي ما فهمه منها المفسرون المسلمون في كل العصور.

    § ويوضح هذا المعنى القرطبي في تفسير هذه الآية فيقول:
    " يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض " ... قيل: المراد بها المنافقون، وكانوا يوالون المشركين (الولي هو الناصر وهو المعين) ويخبرونهم بأسرار المسلمين ... قال السدي: نزلت في قصة يوم أحد حين خاف المسلمون ... حتى همّ قوم منهم أن يوالوا اليهود والنصارى ... وقيل: نزلت في عبادة بن الصامت، وعبد الله بن أبي بن سلول ... فتبرأ عبادة (رضي الله عنه) من موالاة اليهود ... وتمسك عبد الله بن أبي بن سلول ... وقال: إني أخاف أن تدور الدوائر (أي يخاف أن تنزل كارثة عامة فلا يساعده اليهود) ... ولهذا قال - عز وجل - في الآية التالية مباشرة: " فترى الذين في قلوبهم مرض يسارعون فيهم يقولون نخشى أن تصيبنا دائرة " المائدة52 ... أي أن الآية نزلت بخصوص المنافقين ... وفي وقت الحرب ... فهي تنهى عن موالاة اليهود والنصارى الذين يناصبون الإسلام العداء ... فليس من المقبول أن تكون الحرب دائرة بين المسلمين وأعدائهم ... ثم يوالي بعض المسلمين هؤلاء الأعداء ... لأن في ذلك خيانة للإسلام والمسلمين.

    §
    أما في غير الحرب أو مع اليهود والنصارى المسالمين للإسلام ...فإن أساس العلاقة قائم على حسن المعاملة والتعارف والمودة لا القطيعة والخصام ... يقول عز وجل:" لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين " الممتحنة 8 ... أما هؤلاء الذين يناصبون الإسلام العداء فيقول عز وجل فيهم بعد الآية السابقة مباشرة:" إنما ينهاكم الله عن الذين قاتلوكم في الدين وأخرجوكم من دياركم وظاهروا على إخراجكم أن تولوهم ومن يتولهم فأولئك هم الظالمون " الممتحنة 9


    واللـــــــــــــــه تعالى أعلم وأعظم
    يتبــــع بإذن الله وفضله

    أول كتاباتى
    الكتاب الإلكترونى الكلمة وأخوتها فى القرآن الكريم
    http://www.4shared.com/file/Q2tkcCe1/_______.html
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Jul 2011
    المشاركات
    469
    الدين
    الإسلام
    آخر نشاط
    15-05-2023
    على الساعة
    05:05 PM

    افتراضي



    الرد على السؤال رقم 17: جاء في سورة محمد 4 ...
    " فَإِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ حَتَّى إِذَا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا " ... وجاء في سورة التوبة 73 " يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وبِئْسَ الْمَصِيرُ " ... ثم قال الناقد: لما كان محمدٌ بمكة كان يسالم جميع الناس ويحترم اليهود والنصارى والصابئين ويقول أن لهم الجنة (سورة المائدة 69) ... ولكن لما اشتدّ ساعده في المدينة بالأنصار أمر بقتل جميع غير المسلمين أو يدخلوا الإسلام أو يدفعوا الجزية ... وهذا يعني الاقتصار على الأخوّة الإسلامية وهدم أركان الأخوة العامة وقطع أواصر المحبة وحسن المعاملة بين طبقات البشر ... وهكذا حرم المسلمون الاستيطان في كل بلاد الحجاز على كل غير مسلم ...
    الجـــــــــزء الأول

    أولاً: تفسير الآية رقم 4 من سورة محمد & الآية 73 من سورة التوبة:

    تفسير الآية رقم 4 من سورة محمد: " فَإِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ حَتَّى إِذَا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا "

    " فإذا لقيتم الذين كفروا" في الحرب (فقط ... أي وليس عند أي لقاء معهم) فاضربوا رقابهم ... حتى إذا أضعفتموهم (أَثْخَنْتُمُوهُمْ) بكثرة القتل فيهم (لتحطيم قوة المعتدى وكسر شوكته) ... فاحكموا قيد الأسرى ... فإما أن تمنوا بعد انتهاء المعركة مناً (أي بإطلاق سراحهم دون مقابل أو عوض) ... وإمَّا أن تقبلوا أن يفتدوا بالمال أو بالأسرى من المسلمين ... وليكن هذا شأنكم مع الكافرين ... حتى تضع الحرب أثقالها وتنتهي ... فهذا حكم الله فيهم ... " تفسير المنتخب


    إن هذه الآية تصف الحالة التي يجب أن يكون عليها المسلمون في ميدان المعركة ... فيجب أن يكونوا شديدي البأس على الكفار الذين بدأوا بالعداء والعدوان ... فهذه الآية لا تجمع كل الذين كفروا ... بل تخص الذين اعتدوا منهم دون غيرهم من الكفار المسالمين ...


    إن الناقد عندما استدل بهذه الآية ركز فقط على أنها تدعو لقتل جميع غير المسلمين ... ولم يكمل الآية إلى نهايتها ... فنظر إلى قوله تعالى: {فَإِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ} وادعى أن هذه دعوة تحلل للمسلم قتل كل كافر يجده بالطريق ... لكنه إن أكمل الآية لعلم أن هذا الأمر يكون في حالة الحرب فقط ... لقوله تعالى: {حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا} ... إذن فالآية ليست دعوة إلى قتل كل كافر يجده المسلم ... فللحرب في الإسلام مسوغاتها وآدابها ... وهي ليست حقدا ولا كرها ... إنما هي دفاعية.


    ويؤكد ذلك المعنى أيضا ما ورد في تفسير ظلال القرآن ... " فَإِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقابِ " حيث ذكر أن اللقاء المقصود في الآية هنا هو اللقاء للحرب والقتال لا مجرد اللقاء ... كما ورد في "التفسير الواضح " ... " لَقِيتُمُ " المراد: لقيتموهم في الحرب.


    كما وورد في تفسير السعدي ...{حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا} ... أي: حتى لا يبقى حرب ... وتبقون في المهادنة ... فإن لكل مقام مقالا ولكل حال حكما ... فالحال المتقدمة ... إنما هي إذا كان قتال وحرب ... فإذا كان في بعض الأوقات ... لا حرب فيه لسبب من الأسباب ... فلا قتل ولا أسر.


    هذا وقد أوضحنا مراراً أن المسلمين لا يبدؤون بالعدوان والحرب على أحد أبدا ... ولكن الأمر كله لا يتعدى ضرورة ردهم على العدوان ... وأن المسلمين يقاتلون فقط من بدأ بقتالهم ... وأن القتال في الإسلام في حد ذاته وسيلة وليس غاية ... قال تعالى ... " وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَـعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ " البقرة 190


    تفسير الآية 73 من سورة التوبة: " يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وبِئْسَ الْمَصِيرُ "

    استدل الناقد بهذه الآية الكريمة على أنها تدعو لقتل جميع غير المسلمين !!! ولعدم التكرار ... وحتى لا يمل القارئ من هذه الادعاءات التي أفرغت من مضمونها ... لأنه أصبح مفهوما للجميع مبدأ المسلمين العام في علاقتهم بالغير وهو" وَلَا تَـعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ " البقرة 190 ... إذن ... ألا يحق للمسلمين بعد ذلك دفع الأذى أو العدوان عليهم ... أم يطلب الناقد أن نعطى للمعتدى الخد الأيسر إذا ما ضربنا على خدنا الأيمن ... ثم نعطى بعد خدنا الأيسر ... ثم نعطى ...... و هكذا حتى نسعد المعتدى والناقد ... إن هذا الأسلوب الأخير يتعارض مع الفطرة السليمة و الطبيعية لأي إنسان يحمل قليلا من الكرامة أو عزة النفس ... وهذا الأمر هو الذي يميز البشر عن سائر الدواب ... و لكن لمن يفهم ذلك ... و هل يطلب الناقد منا عدم رد عدوان من يريد اغتصاب أرضنا أو أعراضنا أو أموالنا أو ... و هل سيادته سيصمت إذا تعرض لذلك !!!


    لقد ورد في " التفسير الوسيط للطنطاوي " ... " وقوله سبحانه جاهِدِ من المجاهدة ... بمعنى بذل الجهد في دفع ما لا يرضى ... ونحن عند ما نقرأ السيرة النبوية ... نجد أنه صلى الله عليه وسلم بعد هجرته إلى المدينة ... ظل فترة طويلة يلاين المنافقين ... ويغض الطرف عن رذائلهم ... ويصفح عن مسيئهم ... إلا أن هذه المعاملة الحسنة لهم زادتهم رجسا إلى رجسهم ... لذا جاءت هذه السورة ... وهي من أواخر ما نزل من القرآن ... لتقول للنبي صلى الله عليه وسلم لقد آن الأوان لإحلال الشدة والحزم ... محل اللين والرفق ... فإن للشدة مواضعها وللين مواضعه.


    وجاء في تفسير الشعراوي ... ولكنه قال: {جاهد الكفار والمنافقين} ... أي: اصمد أمامهم في المعركة ... وجاءت الكثير من الآيات التي أمر فيها الله رسوله والمؤمنين بالصبر على الجهاد ... والجهاد يقتضي المواجهة.

    وجهاد الكفار جاء على مراحل ... وليس على مرحلة واحدة ... وكانت أولى مراحل الجهاد هي الجهاد بالحُجّة ... لأن المؤمنين في أول الأمر كانوا قلة ضعيفة لا يملكون قوة يواجهون بها هذا المد الكبير من الكفار ... وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعرض قضايا الإيمان بالحجة لإقناع العقل ... لعل عقولهم تفيق فيؤمنون بمنهج الحق ...


    فإن فشل جهاد الحُجّة ... يقول الحق سبحانه وتعالى: {وأغلظ عليهم} وبماذا يغلظ رسول الله صلى الله عليه وسلم عليهم ؟؟؟ إنه يغلظ لإيضاح المصير الذي ينتظرهم ... وكل كافر هو عابد للدنيا ويخاف أن تضيع منه الدنيا لأنه لا يؤمن بالآخرة ... فأنذره بالآخرة ... وانذره بالعذاب الذي ينتظره ... وقل له: أنت لست خالدا في الدنيا ... وما ينتظرك في الآخرة هول كبير ...


    وهكذا نفهم قول الحق: {وأغلظ عليهم} ... أي: أنذرهم بالعذاب الرهيب الذي ينتظرهم علهم يفيقون ... فمن آمن بالمنطق آمن ... ومن لا يؤمن نقول له: دع كلمة الحق تعلن على الناس جميعا ... وأنت حر في أن تؤمن أو لا تؤمن ... وإن أردت الحياة في كنف الأمة الإسلامية فأهلا بك ... ولا يهم أن تؤمن أو لا تؤمن ... لأن الحق قال: " وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ" الكهف 29


    واعلم أنه يشترط في كل من يدخل الإسلام أن يكون مقتنعا بهذا الدين ... ومقتنعا أيضا بأنه الدين الحق ... والذي لا يؤمن يعيش في كنف الأمة الإسلامية وله حريته الكاملة في إتباع عقيدته ... ولكن منهج الحياة وحركتها لابد أن تسير وفقا لمنهج الله وما دام الإيمان هو الذي يسيطر على حركة الحياة ... " فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ " الكهف 29 ... انتهى تفسير الشعراوي



    ثانياً: الرد على قول الناقد: لما كان محمدٌ بمكة كان يسالم جميع الناس ويحترم اليهود والنصارى والصابئين ويقول ان لهم الجنة (سورة المائدة 69) ... " إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئُونَ وَالنَّصَارَى مَنْ آَمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ "

    إن ما زعمه الناقد باطل ... ولماذا ؟؟؟ لأنه لم يكنْ في مكَّةَ وُجودٌ لليهودِ أَو النَّصارى أَو الصابئين ... لأَنَّ أَهلَ مكةَ كانوا من قريشٍ والعرب ... وكان فيها ثلاثةٌ أَو أَربعةٌ من النَّصارى ... فكيفَ يزعُمُ الناقد أَنه كان يحترمُ اليهودَ والنَّصارى والصابئين في مكة ؟؟؟ هذا فضلاً على أن الآية التي استدل بها الناقد لتأكيد كلامه والتي تفيد على حد قوله ان النبي أخبر وهو في مكة " أَنَّ اليهودَ والنَّصارى والصابئين لهم الجنة " ... هي آية من سورة المائدة ... وسورة المائدة هي سورة مدنية أي نزلت بالمدينة بعد هجرة النبي اليها من مكة ... أي انها لم تنزل اصلاً في مكة !!!



    ولقد كان محمد مسالماً لجميع الناس في كل مكان كان فيه ... في مكة وفى غير مكة فقد قال الله فيه " وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ " الأنبياء 107 ... أما منهجه مع الآخرين هو المسالمة ... ولماذا ؟؟؟ قال تعالى " لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين " الممتحنة 8


    ولكن ما تفسير الآية التي استدل بها الناقد ... نذهب للتفسير الوسيط للطنطاوي لأية ... " إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئُونَ وَالنَّصَارَى مَنْ آَمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ " المائدة 69


    الآية الكريمة تبين أن أساس النجاة يوم القيامة هو الإِيمان بالله واليوم الآخر، وما يستتبع ذلك من أفعال طيبة وأعمال صالحة ... وقد ذكر سبحانه في هذه الآية أربع فرق من الناس:


    أما الفرقة الأولى: فهي فرقة المؤمنين، وهم الذين عبر عنهم سبحانه بقوله: {إِنَّ الذين آمَنُواْ} أي: آمنوا إيمانا صادقاً، بأن أذعنوا للحق الذي جاء به محمد صلى الله عليه وسلم واتبعوه في كل ما جاء به.
    والفرقة الثانية:فرقة الذين هادوا ... أي اليهود
    والفرقة الثالثة:فرقة الصائبين جمع صابئ وهو الخارج من دين إلى دين.
    وأما الفرقة الرابعة:فهي فرقة النصارى قيل سموا بذلك لأنهم أنصار عيسى عليه السلام وقيل سموا بذلك نسبة إلى قرية الناصرة التي ظهر بها عيسى عليه السلام واتبعه بعض أهلها.

    والإِيمان المشار إليه في قوله:{مَنْ آمَنَ بالله واليوم الآخر} يفسره بعض العلماء بالنسبة لليهود والنصارى والصابئين بمعنى صدور الإِيمان منهم على النحو الذي قرره الإِسلام ... فمن لم تبلغه منهم دعوة الإِسلام ... وكان ينتمي إلى دين صحيح في أصله ... بحيث يؤمن بالله واليوم الآخر ويقوم بالعمل الصالح على الوجه الذي يرشده إليه دينه ... فله أجره على ذلك عند ربه.


    أما الذين بلغتهم دعوة الإِسلام من تلك الفرق ولكنهم لم يقبلوها ... فإنهم لا يكونون ناجين من عذاب الله مهما ادعوا أنهم يؤمنون بغيرها ... لأن شريعة الإِسلام قد نسخت ما قبلها ... والرسول صلى الله عليه وسلم قال: " لَو أنَّ موسى حيًّا ما وسِعَهُ إلَّا اتِّباعي " موضوعات ابن الجوزي الصفحة أو الرقم: 1/322 ... انتهى تفسير الوسيط للطنطاوي ...


    مما تقدم ... فإن الذين آمنوا بمحمد صلى الله عليه وسلم ... والذين هادوا وهم من آمنوا بموسى عليه السلام، وماتوا على ذلك قبل بعثة عيسى عليه السلام، أو أدركوه وآمنوا به ... والنصارى وهم الذين آمنوا بعيسى عليه السلام وماتوا على ذلك قبل أن يدركوا محمداً صلى الله عليه وسلم أو أدركوه وآمنوا به ... والصابئون الذين فعلوا نفس ما ذكر ... هؤلاء جميعاً من آمن منهم بالله واليوم الآخر وصدق وآمن بآخر نبي بُعث إليه ومات على ذلك ... فله أجره عند ربه ...

    أما من أدرك النبي صلى الله عليه وسلم ورفض رسالته ولم يؤمن به فإنه لا يُقبل منه غير الإسلام ... ولماذا ؟؟؟ لأن الإسلام هو رسالة السماء الأخيرة لأهل الأرض جميعاً والناسخة لما سبقها ... ولذلك لا يعقل تجاهلها والتمسك برسائل سابقة منسوخة -إذن فمن البديهي حينئذ أنه " وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآَخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ "آل عمران 85


    أما الذين قد يوجدون اليوم على وجه الأرض ولم تبلغهم دعوة الإسلام الحق ... أو بَلَغَتْهُمْ دعوةُ الإسلام ولكنْ بَلَغتهم محرفةً عن أساسها وحقيقتها ... فهم على قسمين: قسم منهم على دين سابق وهم متمسكون وملتزمون به (لأنه لم يصلهم صحيح غيره) فعلى ذلك يسري عليهم قوله تعالى ... {فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ} ... وقسم انحرف عن هذا الدين السابق فسيحاسبه الله على انحرافه.



    يتبع بإذن اللـــــه بالجزء الثاني



    التعديل الأخير تم بواسطة سيف الإسلام ; 08-10-2017 الساعة 04:25 PM
    أول كتاباتى
    الكتاب الإلكترونى الكلمة وأخوتها فى القرآن الكريم
    http://www.4shared.com/file/Q2tkcCe1/_______.html
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Jul 2011
    المشاركات
    469
    الدين
    الإسلام
    آخر نشاط
    15-05-2023
    على الساعة
    05:05 PM

    افتراضي



    الرد على السؤال رقم 17: جاء في سورة محمد 4 ...
    " فَإِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ حَتَّى إِذَا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا " ... وجاء في سورة التوبة 73 " يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وبِئْسَ الْمَصِيرُ " ... ثم قال الناقد: لما كان محمدٌ بمكة كان يسالم جميع الناس ويحترم اليهود والنصارى والصابئين ويقول أن لهم الجنة (سورة المائدة 69) ... ولكن لما اشتدّ ساعده في المدينة بالأنصار أمر بقتل جميع غير المسلمين أو يدخلوا الإسلام أو يدفعوا الجزية ... وهذا يعني الاقتصار على الأخوّة الإسلامية وهدم أركان الأخوة العامة وقطع أواصر المحبة وحسن المعاملة بين طبقات البشر ... وهكذا حرم المسلمون الاستيطان في كل بلاد الحجاز على كل غير مسلم ...
    الجـــــــــزء الثاني

    ثالثاً الرد على أنه لما اشتدّ ساعد الرسول في المدينة بالأنصار أمر بقتل جميع غير المسلمين ... أو يدخلوا الإسلام ... أو يدفعوا الجزية ...

    لقد أَمَرَ اللهَ المسلمينَ في مكةَ بكَفّ أَيْديهم عن قتالِ المشركين، والصَّبْرِ على أَذاهم، وهو سبحانَه الذي فَتَحَ لهم بابَ الفَرَج في المدينة، ونَصَرَ دينَه بالأَنصارِ فيها، وهو الذي أَنزلَ السورَ المدنيّةَ وأَمَرَ فيها بقتالِ المعْتَدين لرد عدوانهم ... " أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ " الحج 39 ... أي: " أَذِنَ الله للمؤمنين الذين قاتلهم المشركون أن يردوا اعتداءهم عليهم بسبب ما نالهم من ظُلْم صبروا عليه طويلا ... وإن الله لقدير على نصر أوليائه المؤمنين ... تفسير المنتخب ... هذا مع الأخذ في الاعتبار أن المبدأ العام والحاكم في موضوع قتال المسلمين مع الغير هو " وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ " البقرة 190 ... وأن المبدأ العام والحاكم مع المسالمين معهم هو ... " لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين " الممتحنة 8


    أما قتل النفس بغير الحق: فهو أمر منهي عنه في الإسلام تماماً ... ولماذا ؟؟؟

    قال تعالى " وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ " الأنعام 151

    " مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا " المائدة 32

    ومن هنا نخلص انه ... لا قتل ولا قتال في الإسلام لنعره جنسيه أو لأطماع شخصيه أو لفرض الإسلام على الناس بقوة السلاح فهذا مرفوض ... ولماذا ... لأن الآيات التالية وحدها وببساطة كافية شافية ناسفة لهذه الشبهة وداحضة لها:

    " لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ "البقرة 256
    " وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآَمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ " يونس 99
    " فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنْتَ مُذَكِّرٌ لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُسَيْطِرٍ" الغاشية 21 -22
    " فَإِنْ أَعْرَضُوا فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا إِنْ عَلَيْكَ إِلَّا الْبَلَاغُ "
    الشورى 48
    " لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ "
    الممتحنة 8
    " وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ "
    الكهف 29
    " قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ وَلَا أَنَا عَابِدٌ مَا عَبَدْتُمْ وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ "
    سورة الكافرون
    " فَإِنِ اعْتَزَلُوكُمْ فَلَمْ يُقَاتِلُوكُمْ وَأَلْقَوْا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ فَمَا جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ عَلَيْهِمْ سَبِيلًا "
    النساء 90
    " وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ "
    الأنفال 61
    " ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى "
    المائدة 8
    ولا يجرمنكم = أي لا يحملنكم ... شنآن = أي بغض وعداوة.

    أما فيما يتعلق بالجزية ... فإننا نوجز فيما يلي ملخصا عنها:

    قال تعالى ... " قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ " التوبة 29

    لن نمل من تكرار أن المسلمين يقاتلون فقط لرد عدوان من يعتدي عليهم ويريد قتلهم ولا يبدؤون بالعدوان ... وما الدليل على ذلك ؟؟؟ الدليـل ... " وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَـعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ " البقرة 190 ... إذن وما هو موقفهم مع من لم يعتدي عليهم ... وما علاقتهم به ... إنه ..." لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ " الممتحنة 8 ... والقسط هو العدل ... أما البر ... فمعناه العميق لا يخفى على القارئ الذكي ...



    ولذلك أمر الله بأخذ الجزية من المقاتلين المعتدين دون غيرهم ... كما نصت على ذلك الآية " قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ " التوبة 29... قال القرطبي: " قال علماؤنا: الذي دل عليه القرآن أن الجزية تؤخذ من المقاتلين فقط .... وهذا إجماع من العلماء على أن الجزية إنما توضع على الرجال الأحرار البالغين ... وهم الذين يقاتلون ... دون النساء والذرية والعبيد والمجانين المغلوبين على عقولهم والشيخ الفاني ". الجامع لأحكام القرآن (8/7)


    والجزية في الإسلام ليست إتاوة وليست فرض قهر يدفعها المغلوبون لغالبهم (كما كان الحال قبل الإسلام) أو لونا من ألوان العقاب لامتناعهم عن قبول الإسلام ... ولكن الجزية بعد دفعها توجب:


    قيام المسلمين بالدفاع عن الذميين (أي الذين أصبحوا في ذمة ورعاية المسلمين) ودفع من قصدهم بأذى وحمايتهم ... والمحافظة عليهم في البلاد الإسلامية التي يقيمون فيها ... فإذا دافعوا هم عن أنفسهم سقطت الجزية.


    الدفاع عن الدولة الإسلاميــة في أي حرب ضد عدو للمسلمين ... لأنه من غير المعقول أن يشترك غير المسلمين في جيش المسلمين الذي ينصر قضايا المسلمين ... فكان العوض عن ذلك دفع بدل دفاع ومعافاة من الخدمة العسكرية للذمي القادر على حمل السلاح ليقوم جيش المسلمين بتحقيق غرضه وبذل دم المسلم عوضاً عن دم من في ذمة المسلمين ... إلا إذا تطوعوا هم بذلك ... فحينئذ تسقط الجزية ... فان عجز المسلمون عن حمايتهم سقطت الجزية أيضا.


    لقد فرض الإسلام الجزية على الذميين في مقابل فرض الزكاة على المسلمين، حتى يتعادل الفريقان في الإنفاق ... لان المسلمين والذميين يستظلون براية واحدة ... ويتمتعون بجميع الحقوق وينتفعون بمرافق الدولة بنسبة واحدة كالقضاء والشرطة والجيش ... وكذلك بالمرافق العامة ... كالطرق والجسور ونحوها ... ولا شك أن هذه الخدمات والمرافق تحتاج إلى نفقات يدفع المسلمون القسط الأكبر منها ... ويسهم أهل الكتاب أو من في ذمة المسلمين في جزء من هذه النفقات عن طريق ما يفرض عليهم من الجزية ... فإذا كان المسلم يدفع لبيت المال زكاة تقوم بمصالح الفقراء والمسلمين فأهل الكتاب و غيرهم الموجودون في المجتمع الإسلامي في ذمة المسلمين ينتفعون أيضاً بالخدمات التي يؤديها الإسلام لهم ... ولذلك يجب عليهم أن يؤدوا شيئاً من مالهم نظير تلك الخدمات.

    ولا شك في أن الذين يعيشون في الدولة مع المسلمين من أهل الكتاب ... ويشاركونهم في الإخلاص والولاء لها ... ليسوا ممن يجوز قتالهم ولا تفرض عليهم الجزية التي هي ثمرة القتال بعد النصر على المعتدين ... وهذا ما يفهم من آيات الجزية والقتال المذكورة من غير تأول ولا تعسف.



    والإسلام لم يخترع الجزية إنما كانت موجودة في الكتاب المقدس بعهديه القديم والجديد:

    إن الإسلام لم يكن أول الأديان والملل تعاطياً مع شريعة الجزية، كما لم يكن المسلمون كذلك بين الأمم حين أخذوا الجزية من الأمم التي دخلت تحت ولايتهم ... فإن أخذ الأمم الغالبة للجزية من الأمم المغلوبة أشهر من علم ... والتاريخ البشري أكبر شاهد على ذلك ... بل إن أخذ الجزية هي شريعة معهودة عند أهل الكتاب يعرفونها كما يعرفون أبناءهم ... ولماذا ؟؟؟


    فالأنبياء عليهم السلام في الكتاب المقدس حين غلبوا بعض الممالك بأمر الله ونصرته أخذوا الجزية من الأمم المغلوبة ... بل واستعبدوا الأمم المغلوبة ... كما صنع النبي يشوع مع الكنعانيين حين تغلب عليهم ... " فَلَمْ يَطْرُدُوا الْكَنْعَانِيِّينَ السَّاكِنِينَ فِي جَازَرَ ... فَسَكَنَ الْكَنْعَانِيُّونَ فِي وَسَطِ أَفْرَايِمَ إِلَى هذَا الْيَوْمِ، وَكَانُوا عَبِيدًا تَحْتَ الْجِزْيَةِ. " يشوع 16/10 ... فجمع لهم بين العبودية والجزية.


    ونجد في الكتاب المقدس أيضاً أن نبي الله سليمان عليه السلام كان متسلطاً على جميع الممالك من نهر الفرات إلى ارض فلسطين والى تخوم مصر ... وكانت هذه الممالك تقدم له الجزية وتخضع له كل أيام حياته كما في سفرالملوك الأول 4: 21 ... فيقول النص كما في ترجمة كتاب الحياة: (فكانت هذه الممالك تقدم له الجزية وتخضع له كل أيام حياته) ...


    بل أن الكتاب المقدس فيه من الشرائع والأحكام ما هو أشد وأعظم بكثير من حكم الجزية ... فالرب مثلاً يأمر أنبيائه أن يضعوا الناس تحت نظام التسخير والعبودية بخلاف الجزية التي أهون بكثير من هذا النظام ... فعلى سبيل المثال نجد في سفر التثنية 20: 10 – 16 أن الرب يأمر نبيه موسى قائلاً: .... " حِينَ تَقْرُبُ مِنْ مَدِينَةٍ لِكَيْ تُحَارِبَهَا اسْتَدْعِهَا إِلَى الصُّلْحِ ... فَإِنْ أَجَابَتْكَ إِلَى الصُّلْحِ وَفَتَحَتْ لَكَ -فَكُلُّ الشَّعْبِ الْمَوْجُودِ فِيهَا يَكُونُ لَكَ لِلتَّسْخِيرِ وَيُسْتَعْبَدُ لَكَ ... وَإِنْ لَمْ تُسَالِمْكَ ... بَلْ عَمِلَتْ مَعَكَ حَرْبًا ... فَحَاصِرْهَا ... وَإِذَا دَفَعَهَا الرَّبُّ إِلهُكَ إِلَى يَدِكَ ... فَاضْرِبْ جَمِيعَ ذُكُورِهَا بِحَدِّ السَّيْفِ ... وَأَمَّا النِّسَاءُ وَالأَطْفَالُ وَالْبَهَائِمُ وَكُلُّ مَا فِي الْمَدِينَةِ ... كُلُّ غَنِيمَتِهَا ... فَتَغْتَنِمُهَا لِنَفْسِكَ ... وَتَأْكُلُ غَنِيمَةَ أَعْدَائِكَ الَّتِي أَعْطَاكَ الرَّبُّ إِلهُكَ ... هكَذَا تَفْعَلُ بِجَمِيعِ الْمُدُنِ الْبَعِيدَةِ مِنْكَ جِدًّا الَّتِي لَيْسَتْ مِنْ مُدُنِ هؤُلاَءِ الأُمَمِ هُنَا - وأما مدن هؤلاء الشعوب التي يعطيك الرب إلهك نصيبا فلا تستبق منها نسمة ".


    ويقول كاتبسفرصموئيل الثاني 8: 1 – 2 كما في ترجمة كتاب الحياة عن نبي الله داود: .... " وبعد ذلك حارب داود الفلسطينيين وأخضعهم واستولى على عاصمتهم جت ...... وقهر أيضا الموآبيين وجعلهم يرقدون على الأرض في صفوف متراصة ... وقاسهم بالحبل ... فكان يقتل صفين ويستبقي صفا ... فأصبح الموآبيون عبيدا لداود يدفعون له الجزية. "


    إذن فقد كانت الجزية من شرائع العهد القديم والمسيح عليه السلام لم يذكر كلمة واحدة لإلغائها أو استنكارها ... بل بالعكس لقد جاء المسيح متمماً لا ناقضاً للعهد القديم ...... وكما أكد هو على ذلك في إنجيل متى 5/17 ... " لاَ تَظُنُّوا أَنِّي جِئْتُ لأَنْقُضَ النَّامُوسَ أَوِ الأَنْبِيَاءَ. مَا جِئْتُ لأَنْقُضَ بَلْ لأُكَمِّلَ." ... ولذلك فقد أكد بولس على ضرورة الالتزام بدفع الجزية أيضا ... وذلك في قوله في رسالة رومية 13: 7 " فَأَعْطُوا الْجَمِيعَ حُقُوقَهُمُ: الْجِزْيَةَ لِمَنْ لَهُ الْجِزْيَةُ ... الْجِبَايَةَ لِمَنْ لَهُ الْجِبَايَةُ .... وَالْخَوْفَ لِمَنْ لَهُ الْخَوْفُ .... وَالإِكْرَامَ لِمَنْ لَهُ الإِكْرَامُ. "


    بل وأمر السيد المسيح أتباعه بدفع الجزية للرومان ... وسارع هو إلى دفعها ... وكما ورد في متى 17 / 24-27 " وَلَمَّا جَاءُوا إِلَى كَفْرَ نَاحُومَ تَقَدَّمَ الَّذِينَ يَأْخُذُونَ الدِّرْهَمَيْنِ إِلَى بُطْرُسَ وَقَالُوا: " أَمَا يُوفِي مُعَلِّمُكُمُ الدِّرْهَمَيْنِ؟؟ قَالَ:" بَلَى" ... فَلَمَّا دَخَلَ الْبَيْتَ سَبَقَهُ يَسُوعُ قَائِلاً: " مَاذَا تَظُنُّ يَا سِمْعَانُ؟ مِمَّنْ يَأْخُذُ مُلُوكُ الأَرْضِ الْجِبَايَةَ أَوِ الْجِزْيَةَ، أَمِنْ بَنِيهِمْ أَمْ مِنَ الأَجَانِبِ؟ " قَالَ لَهُ بُطْرُسُ: " مِنَ الأَجَانِبِ "... قَالَ لَهُ يَسُوعُ: " فَإِذًا الْبَنُونَ أَحْرَارٌ ... وَلكِنْ لِئَلاَّ نُعْثِرَهُمُ ... اذْهَبْ إِلَى الْبَحْرِ وَأَلْقِ صِنَّارَةً، وَالسَّمَكَةُ الَّتِي تَطْلُعُ أَوَّلاً خُذْهَا، وَمَتَى فَتَحْتَ فَاهَا تَجِدْ إِسْتَارًا، فَخُذْهُ وَأَعْطِهِمْ عَنِّي وَعَنْكَ " ... هذا وقد ورد في تفسير تادرس يعقوب ملطى لذلك ... أن السيّد المسيح خضع مع تلاميذه لإيفاء الجباية أو الجزية ... لـيؤكّد مبدأ هامًا في حياتنا الإيمانيّة: أن انتماءنا السماوي يهبنا طاعة وخضوعًا لملوك العالم أو الرؤساء ... فنلتزم بتقديم واجباتنا الوطنيّة ... وأن السيد المسيح انحنى لنير العبوديّة ... فدفع بإرادته لجامع الجزية اليهودي الدرهمين حسب ناموس موسى (أي كما ورد في العهد القديم).


    ولما سأله اليهود (حسب العهد الجديد) عن رأيه في أداء الجزية ... أقر بحق القياصرة في أخذها ولم يعترض على ذلك في حينه أو حتى في أي موضع آخر ... اقرأ متى 22/16-21 " فأرسلوا إليه تلاميذهم مع الهيرودسيين قائلين: يا معلّم نعلم أنك صادق، وتعلّم طريق الله بالحق، ولا تبالي بأحد لأنك لا تنظر إلى وجوه الناس. فقل لنا: ماذا تظن ... أيجوز أن تعطى جزية لقيصر أم لا؟ ... فقال لهم: لمن هذه الصورة والكتابة ... قالوا له: لقيصر ... فقال لهم أعطوا إذاً ما لقيصر لقيصر، وما لله لله".


    ويعتبر العهد الجديد أداء الجزية للسلاطين حقاً مشروعاً ... بل ويعطيه قداسة ويجعله أمراً دينياً .... إذ يقول في رومية 13/1-7 " لِتَخْضَعْ كُلُّ نَفْسٍ لِلسَّلاَطِينِ الْفَائِقَةِ لأَنَّهُ لَيْسَ سُلْطَانٌ إِلاَّ مِنَ اللهِ ... وَالسَّلاَطِينُ الْكَائِنَةُ هِيَ مُرَتَّبَةٌ مِنَ اللهِ حَتَّى إِنَّ مَنْ يُقَاوِمُ السُّلْطَانَ يُقَاوِمُ تَرْتِيبَ اللهِ ... وَالْمُقَاوِمُونَ سَيَأْخُذُونَ لأَنْفُسِهِمْ دَيْنُونَةً ... فَإِنَّ الْحُكَّامَ لَيْسُوا خَوْفًا لِلأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ بَلْ لِلشِّرِّيرَةِ ... أَفَتُرِيدُ أَنْ لاَ تَخَافَ السُّلْطَانَ ؟؟؟ افْعَلِ الصَّلاَحَ فَيَكُونَ لَكَ مَدْحٌ مِنْهُ ... لأَنَّهُ خَادِمُ اللهِ لِلصَّلاَحِ !!! وَلكِنْ إِنْ فَعَلْتَ الشَّرَّ فَخَفْ، لأَنَّهُ لاَ يَحْمِلُ السَّيْفَ عَبَثًا ... إِذْ هُوَ خَادِمُ اللهِ، مُنْتَقِمٌ لِلْغَضَبِ مِنَ الَّذِي يَفْعَلُ الشَّرَّ ... لِذلِكَ يَلْزَمُ أَنْ يُخْضَعَ لَهُ، لَيْسَ بِسَبَبِ الْغَضَبِ فَقَطْ ... بَلْ أَيْضًا بِسَبَبِ الضَّمِيرِ... فَإِنَّكُمْ لأَجْلِ هذَا تُوفُونَ الْجِزْيَةَ أَيْضًا ... إِذْ هُمْ خُدَّامُ اللهِ مُواظِبُونَ عَلَى ذلِكَ بِعَيْنِهِ ... فَأَعْطُوا الْجَمِيعَ حُقُوقَهُمُ: الْجِزْيَةَ لِمَنْ لَهُ الْجِزْيَةُ .... الْجِبَايَةَ لِمَنْ لَهُ الْجِبَايَةُ .... وَالْخَوْفَ لِمَنْ لَهُ الْخَوْفُ ... وَالإِكْرَامَ لِمَنْ لَهُ الإِكْرَامُ."


    ولكن ... لماذا الجزية في الإسلام هي النموذج الأمثل في علو الأخلاق والتسامح مقارنة بالجزية في الشرائع الأخرى... ؟؟؟؟ ... يرجى الاطلاع على ما ورد في هذا الرابط
    http://www.ebnmaryam.com/vb/t194169-2.html

    رابعاً: الرد على الزعم بأَنَّ القرآنَ بدعوتِه إِلى الأُخُوَّةِ الإِسلاميةِ بينَ المسلمين يَدْعو إِلى هَدْمِ أَركانِ الأُخُوة العامّة، وقَطْعِ أَوَاصرِ المحبةِ وحُسْنِ المعاملةِ بينَ الناس.


    هذا افتراءٌ من الناقد على القرآن الكريم ... ولماذا ؟؟؟ لأن دعوةُ القرآن إلى تعميقِ وتوثيقِ الأُخوةِ الإِسلامية بين المسلمين لا تَعْني قَطْعَ الأُخُوَّةِ بين الناس ... فاللهُ أَمَرَ المْسلِمين أَنْ يُوَثقوا صِلَتَهم بغيرهم ... ويُحْسنوا معامَلَتَهم، ويُقدِّموا لهم الخير ... واعتبرَ هذا من البِرِّ والإِحسان، يتقرَّبونَ به إلى الله - عز وجل - قال تعالى: " لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ " الممتحنة 8 ... وقال تعالى: " يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ " الحجرات 13.
    خامساً: الرد على أن المسلمين حرّموا إِقامةِ غيرِ المسلمين في كل بلاد الحجاز ...


    أخبر‏ ‏عمر بن الخطاب ‏أنه سمع رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏يقول " ‏لأُخرجنّ اليهودَ والنصارى من جزيرةِ العربِ ... حتى لا أدعُ إلا مسلما ". صحيح مسلم -الصفحة أو الرقم: 1767


    ولكن بداية ما المقصود بجزيرة العرب ؟؟؟ ..." قَالَ الشَّافِعِيُّ: جَزِيرَةُ الْعَرَبِ الَّتِي أَخْرَجَ عُمَرُ مِنْهَا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى مَكَّةُ وَالْمَدِينَةُ وَالْيَمَامَةُ وَمُخَالِيفِهَا (أي قراها)، فَأَمَّا الْيَمَنُ فَلَيْسَ مِنْ جَزِيرَةِ الْعَرَبِ ... أَيْ لَيْسَ مِنَ الْجَزِيرَةِ الْمُرَادَةِ بِالْحَدِيثِ؛ لِأَنَّ عُمَرَ الْمُنَفِّذُ لِلْوَصِيَّةِ النَّبَوِيَّةِ لَمْ يُخْرِجِ الْيَهُودَ مِنْهُ ... تفسير المنار باب 59 جزء 10 صفحة 51 المكتبة الشاملة


    إن مكة والمدينة هما منطقة نواة رسالة السماء الأخيرة للأرض والتي منها بدأ الإسلام حتى انتشر في أرجاء العالم باسره ... وبهما الحرمين الشريفين وقبر الرسول والصحابة والشهداء ... وهذه المنطقة يتطلع للذهاب اليها على مدار العام بغرض العمرة أو الحج ما يقارب من ربع سكان الأرض حالياً ... وبالتالي لا أحد يغفل مدى ضرورة وأهمية توفر درجة عالية من الأمان والاطمئنان لملايين المسلمين الذين يتوافدون على هذه المنطقة وعلى مدار العام ... والتوافد على هذه المنطقة بغرض العمرة أو الحج امر ليس بجديد ولكنه متصل ومستمر منذ فجر الإسلام أي منذ أكثر من أربعة عشر قرنا من الزمان وحتى تاريخه والى قيام الساعة.


    ومن ناحية أخرى لا أحد ينكر أن اليهود والنصارى والمشركين قد حاربوا الإسلام في مهده وتألبوا عليه وآذوا وقاتلوا أهله، وقد حاول اليهود مرات أن يقتلوا الرسول صلى الله عليه وسلم ونقضوا وغدروا عهودهم معه عدة مرات ... هذا وقد تهيأ نصارى غسان والرومان لغزو المدينة (غزوة تبوك) ... فهذه الأشياء بمجموعها تبرر ضرورة تأمين منطقة نواة رسالة السماء الأخيرة للأرض لأهميتها وحساسيتها (وكما ذكرنا) وذلك بإبعاد من عُرِفَ منهم الاعتداء ويخشى منهم الغدر عن هذه النواه والتي لا تمثل مساحتها - ذات الطبيعة الصحراوية القاسية - جزءاً من مائة الف جزء من مساحة اليابسة بالأرض ... أما باقي بقاع الأرض كلها فهي متاحة لكافة البشر باختلاف معتقداتهم ...





    واللــــــــه تعالى أعلم وأعظم

    يتبع بإذن اللـــــه وفضله



    أول كتاباتى
    الكتاب الإلكترونى الكلمة وأخوتها فى القرآن الكريم
    http://www.4shared.com/file/Q2tkcCe1/_______.html
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Jul 2011
    المشاركات
    469
    الدين
    الإسلام
    آخر نشاط
    15-05-2023
    على الساعة
    05:05 PM

    افتراضي



    الرد على السؤال رقم 18: جاء في سورة المائدة 97 ..." جَعَلَ اللَّهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ قِيَامًا لِلنَّاسِ وَالشَّهْرَ الْحَرَامَ وَالْهَدْيَ وَالْقَلَائِدَ " ... قال الناقد: معلوم أن الحج إلى الكعبة وشعائره هي من الجاهلية ... بما في ذلك تقبيل الحجر الأسود عند الطواف ... قال عمر بن الخطاب للحجر الأسود: أما والله لقد علمت أنك حجر لا تضر ولا تنفع ... ولولا أني رأيت رسول الله قبَّلك ما قبَّلتُك ...
    والناقد يسأل: هل في الحجر الأسود روح حتى يحس بحرارة القبلة التي يطبعها المسلمون عليه ... أو هل فيه عقل يدرك تقدير المسلمين له وإكرامهم إياه ؟؟ ولماذا يعطي المسلمون كرامةً لحجرٍ كان يؤديها عرب الجاهلية لأوثانهم ؟؟ وكيف أقدَم محمدٌ على هذا الإكرام الديني للحجر ؟؟ وكيف أبقى محمد هذا الحجر في الكعبة ولم يعزله كما عزل بقية الأصنام ؟؟

    إن شعيرة الحج قد شرعها الله منذ أيام إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام (أي قبل عادات العرب والجاهلية) ... فهما اللذان بنيا البيت الحرام ... وهو أول بيت وُضِعَ للناس في الأرض لعبادة الله ... ولما فَرَغا من بنائه أمر الله ابراهيم عليه السلام أن يؤذن في الناس بالحج ففعل ... هذا وقد حج البيت أول فوج زمن ابراهيم عليه السلام ... قال تعالى " وإذ بوأنا لإبراهيم مكان البيت أن لا تشرك بي شيئا وطهر بيتي للطائفين والقائمين والركع السجود ... وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالا وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق " الحج 26-27 ... هذا ولا يمكن لأحدٍ بالطبع أن يتهم إبراهيم عليه السلام بعبادة الأصنام وهو محطمها ... وصاحب الملة الموحدة لله والتي اتبعها الموحدون من بعده.


    واستمر الناس يحجون منذ عهد ابراهيم عليه السلام ويتوارثون الحج منذ ذلك التاريخ ... لكن العرب المشركين في الجاهلية ادخلوا واحدثوا كثيرا من مظاهر الشرك والمخالفات ... ومن امثلة المخالفات ... كان المشركون رجالاً ونساء يطوفون حول البيت عراة ... ففي صحيح مسلم (3028) عن ابن عباس قال: كانت المرأة تطوف بالبيت وهي عريانة فتقول من يعيرني تطوافاً تجعله على فرجها ... وتقول اليوم يبدو بعضه أو كله ... فما بدا منه فلا أحله ... فنزلت هذه الآية:" يَا بَنِي آَدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ."  الأعراف 31


    ولقد أدخل أهل الجاهلية على الحج بعض الطقوس الوثنية ... كما كانوا يعتقدون أن الأصنام والأوثان التي يعبدونها تقربهم إلى الله عز وجل وتشفع لهم عنده ... يقول الله تعالى مبينا ذلك: )والذين اتخذوا من دونه أولياء ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى( الزمر 3 ...وقال عز وجل: )ويعبدون من دون الله ما لا يضرهم ولا ينفعهم ويقولون هؤلاء شفعاؤنا عند الله(يونس 18 ... فجاء الإسلام وألغى كل هذا وحطم كل الأصنام والأوثان (كما أقر الناقد) وأبقى على جوهر شعيرة الحج خالصة لله رب العالمين وحده لا شريك له ... وجعل علاقة المخلوق بالخالق علاقة مباشرة ليس فيها وسيط ... فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «أفضل ما قلت أنا والنبيون من قبلي: لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير " السلسلة الصحيحة للألباني 1503 ... وقال تعالى " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ (الأصنام والأوثان) وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ " المائدة 90 ... هذا وفي العام التاسع للهجرة تم ابطال كل مظاهر الشرك ... حيث أعلن سيدنا أبو بكر رضي الله عنه: «ألا يحج بعد هذا العام مشرك ... ولا يطوف بالبيت عريان " البخاري 1543


    لقد طهر الاسلام الحج من كل ممارسات الجاهلين الباطلة ... واعاد صلته الايمانية بإبراهيم عليه السلام ... واعطاه طابعه الروحاني وجعله عبادة خالصة لله عز وجل ... وقرر تثبيت التوحيد ومحو طقوس الشرك ... فأصبح الحج مُخْلصاً ومُطهراً تماماً من كل مظاهر الشرك ... وبذلك عادت شعائر الحج اسلامية ربانية وليس وثنية جاهلية ... واصبحت الشعائر التي يؤديها المسلمون في الحج هي عبادة الله عز وجل يأتونها امتثالا لأمره ... هذا ولا يتطلع أحد من المسلمين بالطبع إلى الكعبة أو الحجر الأسود خوفا أو رجاء ... ولكن يتطلع فقط لله وحده.


    والحجر الأسود عبارة عن كتلة من الحجر ضارب إلى السواد بيضاوي في شكله ... يقع في أصل بناء الكعبة في الركن الجنوبي الشرقي منها ... ومن السنة استلامه وتقبيله عند الطواف ... وقد روى ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " نزل الحجر الأسود من الجنة " الألباني -صحيح الجامع (6756).


    والحجر الاسود في المفهوم الإسلامي (وكما اعترف الناقد بذلك) ... هو حجر لا ينفع ولا يضر ... وكيف ؟؟؟ لقد جاء عمر بن الخطاب الى هذا الحجر فقبَّلَهُ وقال: " إنِّي أعلَمُ أنَّكَ حجرٌ لا تنفعُ ولا تضرُّ ... ولولا أنِّي رأيتُ رسولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليْهِ وسلَّمَ يقبِّلُكَ ما قبَّلتُكَ " المحدث: الألباني -المصدر: صحيح أبي داود -الصفحة أو الرقم: 1873


    ومن هنا نستطيع أن ندرك أن المسلمين لا يعبدون الكعبة، ولا الحجر الأسود ... ولا يخضعون لهما ... ولا يُذلون ولا يتلقون شيئا من الأوامر أو النواهي من الكعبة أو من الحجر الأسود ... لأنهما لا يضران ولا ينفعان ... ولا يصدر عنهما شيء يمكن أن يكون فيه توجيه أو إرشاد ... وإنما كان التقبيل والتقدير لهذا الحجر لتحقيق طاعة لأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي لا ينطق عن الهوى ... وليس له أدنى تعلق بالعبادة بحال من الأحوال ... بل إن المسلمين الذين يقبلون الحجر الأسود يعتقدون أنه لا يملك الضر والنفع غير الله تعالى ... وينفون وجود أي سلطة ذاتية في المخلوقات مهما كانت ... كما أنهم يعتقدون أن علاقة المخلوق بالخالق علاقة مباشرة ليس فيها وسيط ... وأن العباد لا يحتاجون إلى شفيع يقصدونه للتقرب إلى الله عز وجل - بل إنهم يعدون ذلك من الشرك الأكبر المخرج من الملة.


    ومن المناسب أن نقول: إن من يعبد شيئا فلا شك أنه يرى في معبوده أنه أعلى منه وأفضل ... وكلنا نعلم أن حرمة المؤمن أعظم من حرمة الكعبة ... بل من حرمة الدنيا بأسرها ... كما جاء ذلك في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال في الكعبة: " ما أعظمك وأعظم حرمتك ... والمؤمن أعظم حرمة عند الله منك " الألباني في السلسلة الصحيحة (3420) ... وهذا جدير بأن يجلي حقيقة الفكرة الإسلامية عن هذه الشعائر ومعنى تأدية المسلمين لها.


    لقد كان العرب في جاهليتهم يتخذون العديد من الآلهة من مختلف الأشياء، وهم مع ذلك لم يتخذوا الحجر الأسود إلها من دون الله، ولكنهم جعلوا له حرمة ومكانة، باعتباره من البقايا الموروثة للكعبة التي بناها إبراهيم، وإسماعيل -عليهما السلام ولذلك فإن ما يقال من أن أصله صنم جاهلي هو افتراء خالص لا يسنده شيء من حق أو علم ... فإذا كان هذا حال العرب في جاهليتهم ... فأين العقل عندما ينسب هذا إلى المسلمين !!!


    إن تقبيل المسلمين للحجر الاسود هو في حقيقته عمل رمزي، فالحج يتميز بأن فيه اللغة الرمزية، فرمي الجمار مثلا رمز لمقاومة الشر الذي يتمثل في الشيطان، والمسلم يقتدي في هذا بإبراهيم عليه السلام حينما رمى إبليس لما تعرض له ليثنيه عن ذبح ولده فرماه بالجمار ... وكذلك نحن حينما نرمي الجمار نتمثل أننا نرمي الشيطان ونقاوم الشر، بل حتى العوام من المسلمين يكادون يتمثلون أن هذا الذي يرمونه هو إبليس " كأنهم يرونه " ... فهذه عملية رمزية.


    والإنسان بطبيعته وفطرته يحتاج إلى تمثيل المعاني في صورة محسوسة، والله عز وجل أعلم بخلقه ... ألم يقل: " ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير " الملك 14... فتعظيم العبد لله وإعلانه لخضوعه له واستكانته لأمره، جعله سبحانه وتعالى في صور محسوسة؛ لكي تكون دلالتها الرمزية تحقق معنى العبودية، وتشبع العاطفة والميل الإنساني للتعبير عن هذه المعاني في صورة حسية.


    والكعبة والبيت الحرام وغيرهما صور حسية رمزية لحقائق معنوية، وجعلت الكعبة في العبادة، وفي الصلاة خاصة، مركزا للتعظيم والتوقير والإجلال لا لذاتها، وإنما لعبادة الله، وجعلت واحدة في مكان واحد؛ لتعطى أيضا مع معنى التعبد معنى الدلالة على منهج الوحدانية لله عز وجل.


    وباختصار شديد ليست العبادة للكعبة، ولا للحجر الأسود وإنما لله، ومن رحمته وحكمته أن جعل بعض معاني هذه العبودية تتجلى في صورة حسية؛ ليتوافق ذلك مع طبيعة وفطرة الإنسان في تعبيره عن المعاني والمشاعر في صور حسية.


    وقد يقال بعد ذلك كله إن الحكمة في هذا التقبيل تكمن في ذلك الاتصال بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمته الذين لم يرهم ولم يروه والذين سيأتون من بعده وقد آمنوا به بالرغم من عدم رؤيتهم له ... فربما أراد الرسول صلى الله عليه وسلم أن يطبع على جبين كل واحد منهم ما هو بمثابة وسام؛ تكريما لهم على إيمانهم ومحبتهم لهذا الدين من خلال تقبيله نفس الحجر الأسود الذى سيقبلونه هم لاحقاً على مدار التاريخ ... فكأنما صار هذا الحجر الواسطة الرمزية بينهم لنقل هذه المشاعر وتقليدهم هذا الوسام الرفيع ... إنه اتصال من نوع خاص، اتصال روحي وكياني رمزي لأنه هو القائل: «وددت أني لقيت إخواني» الألباني في صحيح الجامع (7108).


    إن من الحكمة أيضاً في مشروعية تقبيل الحجر والطواف والرمي ابتلاء العباد وإظهار العبودية لله ... ليعلم المسلم أنه لا اختيار مع أمر الله وأمر رسوله صلى الله عليه وسلم ... فشرع الله هو الذي حرم عبادة الأحجار والأشجار والأوثان وحرم التقرب إليه بغيرها، وهو الذي أمر بالطواف حول البيت الحرام، وشرع تقبيل الحجر الأسود، ولهذا جاء قول عمر رضي الله عنه " ولولا أني رأيت رسول الله يقبلك ما قبلتك "


    ومن ناحية أخرى فإن الفطرة البشرية تدفع الانسان لتقبيل من يحب ... وأيضاً تقبيل ما يحب ... تقديراً أو اعتزازاً ... وكيف ؟؟؟ فالفرد الطبيعي يقبّل والداه واخوته وزوجته واولاده واصدقائه ليعبر لهم عن حبه واحترامه وتقديره واعتزازه بهم ... كما يقبل بعض الأشياء المادية التي تهدى له أو تخص من يحبهم (كخاتم الزواج مثلاً) ... أو يقبل الأشياء التي يفوز بها ... أو التي قد يعثر عليها بعد فقدها مثلاً ... أو خلاف ذلك ... ولما كان الحجر الاسود هو حجر من احجار الجنة ... اهدته السماء للأرض ... ولذلك فهو محل تقدير من المسلمين ... وبالطبع هو يختلف عندهم عن كافة احجار الأرض ... ومن هنا فالمسلمون يقبلونه تقديراً لقيمته وقدره فضلاً على أنه سنة عن رسولهم ... ويعلمون تماماً أنه لا يضر ولا ينفع ولا عقل فيه ولا يحس بحرارة القبلة كما سأل السيد الناقد !!! هذا ولا يوجد في أي كتاب سماوي ما يمنع تقبيل من أو ما نحب تقديراً واعتزازاً ولكن ليس تقبيل عبادة أو خضوع ... فهذا شرك وباطل بالطبع ...


    وقال شاعر بفطرته: أمر على الديار ديار لـــيلى ... وأقبل ذا الجدار وذا الـــــجدار

    وما حب الديار شغفن قلبي ... ولكن حب من سكن تلك الديار

    مما سبق فإننا ندرك أن المسلمين لم يعبدوا الحجر الأسود ولم يقدسوه بل ويدركوا تماماً أنه حجر لا يضر ولا ينفع ... وإنما يتبعون سنة النبي صلى الله عليه وسلم ويقدرون هذا الحجر لأنه من احجار الجنة ... ويحترمونه للمعاني الروحية والرمزية التي ذكرناها بعاليه ... هذا والقبلة التي تطبع على الحجر الأسود هي بمثابة تسجيل لاسم صاحبها في سجل تشريفات من زار الكعبة ...

    ولكننا في هذا المقام نود أن نهمس في اُذن الناقد واخوانه من النصارى الذين نراهم يقبّلون ما يصنعونه من الخشب أو المعدن على هيئة السلاح (الصليب) الذي يعتقدون أنه قتل وذبح عليه السيد المسيح الذي يؤمنون انه هو الله رب العالمين ... " لأَنْ لَوْ عَرَفُوا لَمَا صَلَبُوا رَبَّ الْمَجْدِ " بولس الرسول الأولى إلى أهل كورنثوس 2: 8 ... ونحن نرد علي الناقد اسئلته التي سألها عن الحجر الأسود ... هل في الصليب الذي تقبلونه روح حتى يحس بحرارة القبلة التي يطبعها النصارى عليه ؟؟؟ أو هل فيه عقل يدرك تقدير النصارى له وإكرامهم إياه ؟؟؟ وكيف أقدَم النصارى على هذا الإكرام الديني للصليب الذي يصنعونه ؟؟؟ وهل قبّل المسيح الصليب الذي صُلِبَ عليه أو أمر هو أو الكتاب المقدس بتقبيل صورة شبيهة لهذا السلاح القاتل حتى يُقتدى بذلك ؟؟؟ ولماذا لا يتم تقبيل نفس الصليب الذي صُلب عليه المسيح ويُقبل شبيهه الذي يصنعه البشر بدلا منه ؟؟؟ بل ولماذا لا ينفر النصارى أصلاً من (الصليب) لأنه السلاح الذي قتل حبيبهم بدلاً من تقبيله ؟؟؟ هذا فضلاً عن تقبيل النصارى لصور وتماثيل المسيح والعذراء ... بل ومنهم من يسجد لهذه الصور والتماثيل كي ينالوا البركة بالسجود لها ...


    هذا ونرجو من الناقد أن يطلع على ما ورد عنده في سفر التكوين 28/16-22 ... والذي يحكى فيه أن يعقوب عليه السلام جعل من الحجر الذي كان ينام عليه عموداً لبيت الله ... " فَاسْتَيْقَظَ يَعْقُوبُ مِنْ نَوْمِهِ وَقَالَ: «حَقًّا إِنَّ الرَّبَّ فِي هذَا الْمَكَانِ وَأَنَا لَمْ أَعْلَمْ!» ... وَخَافَ وَقَالَ: «مَا أَرْهَبَ هذَا الْمَكَانَ! مَا هذَا إِلاَّ بَيْتُ اللهِ، وَهذَا بَابُ السَّمَاءِ»... وَبَكَّرَ يَعْقُوبُ فِي الصَّبَاحِ وَأَخَذَ الْحَجَرَ الَّذِي وَضَعَهُ تَحْتَ رَأْسِهِ وَأَقَامَهُ عَمُودًا، وَصَبَّ زَيْتًا عَلَى رَأْسِهِ ... وَدَعَا اسْمَ ذلِكَ الْمَكَانِ «بَيْتَ إِيلَ» ... (أي بيت الله) َ... وَنَذَرَ يَعْقُوبُ نَذْرًا قَائِلاً: «إِنْ كَانَ اللهُ مَعِي، وَحَفِظَنِي فِي هذَا الطَّرِيقِ الَّذِي أَنَا سَائِرٌ فِيهِ، وَأَعْطَانِي خُبْزًا لآكُلَ وَثِيَابًا لأَلْبَسَ وَرَجَعْتُ بِسَلاَمٍ إِلَى بَيْتِ أَبِي، يَكُونُ الرَّبُّ لِي إِلهًا ... وَهذَا الْحَجَرُ الَّذِي أَقَمْتُهُ عَمُودًا يَكُونُ بَيْتَ اللهِ "

    واللــــــــه تعالى أعلم وأعظم

    يتبع بإذن اللـــــه وفضله


    أول كتاباتى
    الكتاب الإلكترونى الكلمة وأخوتها فى القرآن الكريم
    http://www.4shared.com/file/Q2tkcCe1/_______.html
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Jul 2011
    المشاركات
    469
    الدين
    الإسلام
    آخر نشاط
    15-05-2023
    على الساعة
    05:05 PM

    افتراضي



    الرد على السؤال رقم 19: جاء في سورة النساء 89
    " وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَوَاءً فَلَا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ أَوْلِيَاءَ حَتَّى يُهَاجِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَلَا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا "ونَقَلَ الناقد كلامَ البيضاويِّ في تفسيرَ الجملةِ الأَخيرةِ من الآية: (وَلَا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا) : يَعني جانِبوهم رأساً ... ولا تَقْبَلوا منهم ولايةً ولا نصرةً ولا نصيراً تَنْتَصِرونَ به على عدُوّكُم.

    وعَلَّقَ على ذلك بقولِه: " ونحنُ نسأل هل يَتفقُ هذا مع تاريخِ المسلمين ... الذين اسْتَعانوا بالمسيحيّين في عصورٍ كثيرةٍ ؟؟؟ إِنَّ الضرورةَ الاجتماعيةَ والعسكرية تُحَتّمُ التعاونَ مع الغير ... فالعزلة السياسيةُ تتعَارضُ مع القوانينِ المدنية ... وقد لَفَظَها المجتمعُ لعدمِ صلاحيَّتِها " ...

    لمعرفة من هي الفئة التي تحدثت عنها الآية التي استدل الناقد بها وادعى أنها تحدثت عن النصارى ... يجب أن نطلع أولاً على الآية التي قبلها أي رقم 88 ..." فَمَا لَكُمْ فِي الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ وَاللَّهُ أَرْكَسَهُمْ بِمَا كَسَبُوا " ... وما معنى ذلك كما ورد في تفسير المنتخب ؟؟؟ إنه: ما كان يسوغ لكم أيها المؤمنون أن تختلفوا في شأن المنافقين الذين يُظْهِرون الإسلام ويُبْطِنون الكفر ... وما يسوغ لكم أن تختلفوا في شأنهم: أهم مؤمنون أم كافرون ... انتهى تفسير المنتخب


    ثم تأتى بعد ذلك الآية التي استدل الناقد بها رقم 89 " وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَوَاءً فَلَا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ أَوْلِيَاءَ حَتَّى يُهَاجِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَلَا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا " ... وما معنى ذلك كما ورد في تفسير المنتخب ؟؟؟ إنه: إنكم تودُّون هداية هؤلاء المنافقين ... وهم يودون أن تكفروا مثلهم فتكونوا متساوين في الكفر معهم ... وإذا كانوا كذلك فلا تتخذوا منهم نصراء لكم ... ولا تعتبروهم منكم حتى يخرجوا مهاجرين ومجاهدين في سبيل الإسلام ... وبذلك تزول عنهم صفة النفاق ... فإن أعرضوا عن ذلك وانضموا إلى أعدائكم فاقتلوهم حيث وجدتموهم ولا تعتبروهم منكم ... ولا تتخذوا منهم نصراء. " انتهى تفسير المنتخب ...


    إذن الآيةَ التي اعترض عليها الناقد لا تتحدث عن النصارى الذين يتبعون دين النصرانية الحقة التي جاء به السيد المسيح نفسه ... ولكنها تتحدَّثُ عن كُفارٍ منافقين يُظْهِرون الإسلام ويُبْطِنون الكفر ... وهم في نفس الوقت أَعداءٍ للمسلمين، محاربين لهم، حَريصين على رِدَّتِهم عن إِسلامِهم، وبسببِ هذه المعاداةِ فإِنَّ الآيةَ تدعو المسلمين إِلى الحَذَرِ والانتباه منهم ... وعدمِ موالاةِ هؤلاء الأعداءِ، وعدم الاستنصارِ بهم، إِذ كيفَ يُوالونَ مَنْ هذه صِفَتُهم وكيفَ يَطلبونَ النصرةَ من الحريصين على حربهم وإِضعافِهم وردَّتِهم ؟؟؟ أما إذا تاب ورجع هؤلاء المنافقون عن معتقدهم هذا وخرجوا مع المسلمين مهاجرين ومجاهدين في سبيل الإسلام ... فحينئذ ستزول عنهم صفة النفاق ...

    هذا ومن البديهي والمنطقي ... أن أي عاقل لا يمكن أن يستعين أو يطلب النصرة من اعدائه المحاربين له من أي فئة كانوا ... لأن العدو والمحارب حريص بالطبع على أذى من يعاديه ويحاربه ...


    لقد دعا الإسلام أبناءه للتعايش مع الآخر والانفتاح عليه ... وقد أسس القرآن الكريم قواعد هذا التعايش معتبرا أن الذي يحكم العلاقة معهم هو قانون العدل ... وأخلاق البر والإحسان ... يقول عز وجل: " لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين " الممتحنة 8


    وإذا كان الإسلام دينا عالميا وخاتما للأديان، فإنه في روح دعوته وجوهر رسالته لا يجبر العالم على التمسك بدين واحد، إنه ينكر هذا القسر عندما يرى في تعددية الشرائع الدينية سنة من سنن الله عز وجل في الكون ... قال عز وجل: " لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا ... ولو شاء الله لجعلكم أمة واحدة ولكن ليبلوكم في ما آتاكم فاستبقوا الخيرات "المائدة 48 ... وقال عز وجل: " ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ولا يزالون مختلفين "هود 118


    إن التعايش السلمي سمة مميزة للإسلام، وملمح جامع يطبع كل جوانبه التشريعية والسلوكية، إنها إحدى قيم هذا الدين وصفاته المميزة التي تعني الحرية للبشر كافة والمساواة بينهم من غير تفريق جنسي أو تمييز عنصري ... وليس هناك ما هو أبلغ وأوفى بالقصد في الدلالة على عمق مبدأ التعايش السلمي في الإسلام من قوله عز وجل: " قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ألا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئا ولا يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله ... فإن تولوا فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون "آل عمران 64


    أما في غير الحرب أو مع اليهود والنصارى المسالمين للإسلام ... فإن أساس العلاقة قائم على حسن المعاملة والتعارف والمودة لا القطيعة والخصام ... يقول عز وجل: " لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين " الممتحنة 8 ... أما هؤلاء الذين يناصبون الإسلام العداء فيقول عز وجل فيهم بعد الآية السابقة مباشرة: " إنما ينهاكم الله عن الذين قاتلوكم في الدين وأخرجوكم من دياركم وظاهروا على إخراجكم أن تولوهم ومن يتولهم فأولئك هم الظالمون "الممتحنة 9


    ومن ناحية أخرى فإن الإسلام يسمح بزواج المسلم من كتابية (يهودية / نصرانية) ... وهذا يبرهن بالطبع على انفتاح الإسلام على الآخر ... وعلى أن العلاقة التي تحكم المسلمين بغيرهم هي علاقة التعايش السلمي والتعاون والتحاور ... لا علاقة التقاطع والتدابر والتناحر ... والانغلاق على الذات والتعصب ضد الآخرين (كما حاول الناقد أن يوهم القارئ السطحي بذلك) إذ كيف يدعو الإسلام إلى هذه القطيعة والعزلة بين المسلمين وغيرهم، ثم يسمح للمسلمين بالتزوج من أهل الكتاب ... وبذلك فإن الإسلام قد هدم كل الحواجز المادية والنفسية بين المسلمين وأهل الكتاب.

    ولا شك أن علاقة الزواج هي قمة العلاقات الإنسانية القائمة على المودة، والرحمة والتفاهم؛ إذ يقول عز وجل: " خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة "الروم 21 ... وقد أباح الإسلام الزواج من أهل الكتاب؛ ليزيل الحواجز بين أهل الكتاب وبين المسلمين؛ فالزواج معاشرة وتفاهم ومودة ورحمة، ليس بين الزوجين فحسب، بل بين الأسر بعضها وبعض؛ فهو فرصة للتلاقي بين المسلمين وغيرهم من أهل الكتاب وهو تقريب عملي بين المسلمين وغيرهم، بل هو قمة التقارب والانفتاح على الغير ...


    وفى هذا المقام فإننا نود أن نذكر الناقد بأنه سيجد عكس ذلك في كتابه ... وكيف ؟؟؟ ورد في كورونتوس الأولى 7/ 39 ... " الْمَرْأَةُ مُرْتَبِطَةٌ بِالنَّامُوسِ مَا دَامَ رَجُلُهَا حَيًّا ... وَلكِنْ إِنْ مَاتَ رَجُلُهَا ... فَهِيَ حُرَّةٌ لِكَيْ تَتَزَوَّجَ بِمَنْ تُرِيدُ ... فِي الرَّبِّ فَقَطْ " ... هذا وقد ورد في تفسير انطونيوس فكرى لذلك ... " فالمرأة مرتبطة برجلها (مؤمنًا كان أم غير مؤمن) طالما هو حي ... ولكن إن مات فلا تتزوج إلا من رجل مؤمن = في الرب فقط " انتهى التفسير ... أي أن المرأة النصرانية لا يمكنها الزواج من مسلم ... ولماذا ؟؟؟ لأنه من وجهة نظر النصرانية ... يتبع نبي كاذب ... وما الدليل ؟؟؟ ورد في إنجيل متى 7/15 ..." اِحْتَرِزُوا مِنَ الأَنْبِيَاءِ الْكَذَبَةِ الَّذِينَ يَأْتُونَكُمْ بِثِيَاب الْحُمْلاَنِ ... وَلكِنَّهُمْ مِنْ دَاخِل ذِئَابٌ خَاطِفَةٌ !!! "



    واللــــــــه تعالى أعلم وأعظم

    يتبع بإذن اللـــــه وفضله







    أول كتاباتى
    الكتاب الإلكترونى الكلمة وأخوتها فى القرآن الكريم
    http://www.4shared.com/file/Q2tkcCe1/_______.html
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  6. #6
    تاريخ التسجيل
    Jul 2011
    المشاركات
    469
    الدين
    الإسلام
    آخر نشاط
    15-05-2023
    على الساعة
    05:05 PM

    افتراضي



    الرد على السؤال رقم 20:جاء في سورة النصرالتي تُبَشَرُ بنصْرِ الإِسلامِ وانتشارِه " إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ ... وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا ... فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا " وبعد أن ذكر الناقد مقتطفات من تفسير البيضاوي لتلك السورة سأل الناقد: إذا كان من المعلوم أن الناس بطبيعتهم مقلدون ... وأن تأثر الجماعات والقبائل بعضهم من بعض قاد العرب وغيرهم للدخول في الإسلام ... واعتبر المسلمون أن هذا تيسير من الله لم يخطر على بال أحد ... وأن هذا شهادة للإسلام ... فماذا يقول المسلمون في انتشار الدين الوثني ... وعدد أتباعه أضعاف المتدينين بدين محمد ... وله من الأديرة والمعابد مالا يُحصى عداً ... وكثير منها غاية في الجمال والغِنى ... وهو ممتد من غرب الهند إلى حدود سيبيريا ... فهل تكون الوثنية من عند الله ؟؟؟


    حتى نفهم معنى السورة سنذهب الى صفوة التفاسير: التفسِير: {إِذَا جَآءَ نَصْرُ الله والفتح} الخطاب لرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ، يذكّره ربه بالنعمة والفضل عليه وعلى سائر المؤمنين ... والمعنى: إِذا نصرك الله يا محمد على أعدائك، وفتح عليك مكة أم القرى ... قال المفسرون: الإِخبارُ بفتح مكة قبل وقوعه إخبارٌ بالغيب، فهو من أعلام النبوَّة ... {وَرَأَيْتَ الناس يَدْخُلُونَ فِي دِينِ الله أَفْوَاجاً} أي ورأيت العرب يدخلون في الإِسلام جماعاتٍ جماعات من غير حربٍ ولا قتال ... وذلك بعد فتح مكة صارت العرب تأتي من أقطار الأرض طائعة ... قال ابن كثير: إنَّ أحياء العرب كانت تنظر فتح مكة ... يقولون: إن ظهر (أي تغلّب) على قومه فهو نبيٌّ ... فلما فتح الله عليه مكة دخلوا في دين الله أفواجاً ... فلم تمض سنتان حتى استوثقت جزيرة العرب إِيماناً ... ولم يبق في سائر قبائل العرب إِلا مظهرٌ (أي دلالة) للإِسلام ... {فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ} أي فسبّح ربك وعظمه ملتبساً بحمده على هذه النعم، واشكره على ما أولاك من النصر على الأعداء، وفتح البلاد، وإِسلام العباد ... {واستغفره} أي اطلب منه المغفرة لك ولأُمتك {إِنَّهُ كَانَ تَوَّاباً} أي إِنه جلّ وعلا كثير التوبة، عظيم الرحمة لعباده المؤمنين.



    إذن السورة تحدثت وبحزم وتأكيد ووضوح عن أحداث جوهرية ومعجزة ستحدث في المستقبل وفى الغيب اللاحق وستقلب مجرى التاريخ ... وقد تحققت هذه الأحداث بالفعل تماماً ... وهذه الأحداث هي انتصار الرسول على اعدائه ... وفتحه لمكة ... وأيضاً دخول العرب في الإِسلام جماعاتٍ جماعات من غير حربٍ ولا قتال بعد فتح مكة ... وانتشار الإسلام في الجزيرة العربية ... وبذلك الفتح المبين دخل الناس في دين الله وارتفعت راية الإسلام واضمحلت ملة الأصنام ... وكان هذا الإخبار قبل وقوعه من أظهر الدلائل على صدق نبوة محمد صلى الله عليه وسلم ... هذا وقد ترتب على تلك الأحداث انتشار الإسلام بعدها ليمتد من الصين شرقاً لباريس غرباً خلال بضع عشرات من السنين .. ثم أصبح اتباعه حاليا يمثلون ما يقرب من ربع سكان كوكب الأرض ... كما أصبح الإسلام الآن أسرع الديانات انتشارا في البلاد الصليبية أي في أوربا وأمريكا .. ادخل الرابط : http://www.ebnmaryam.com/vb/t20719.html


    وبأسلوب الواثق المطمئن من تحقق ما يقال دون أدني شك ... وكيف لا والقائل هو الله رب العالمين ؟؟؟ وجدنا الآية تقول: {إِذَا جَآءَ نَصْرُ الله والفتح}ولم تقل {إن جاء نَصْرُ الله والفتح} ... فعبارة " إن جاء " تفيد احتمال تحقق وقوع هذه الأحداث ... أما عبارة " إِذَا جاء " فإنها تفيد ضرورة وحتمية تحقق ووقوع هذه الأحداث ... ولذلك جاء بعدها المطلوب من الرسول فعله بمجرد تحققها ووقوعها وهو ... " فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ " ... الأمر الذي يدل على أن هذا الكلام ليس من قول البشر إنما هو كلام الله الذي يعلم الغيب الذي لا يعلمه أحد سواه.



    والناقد يرى أن سرعةِ انتشارِ الإِسلام قُبيلَ وَفاةِ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم يرجع الى طبيعة الناس في تقليد الغير ... وأن تأثر الجماعات والقبائل بعضهم من بعض ... قاد العرب وغيرهم للدخول في الإسلام ... وهذا أمر لا يتفقُ مع المنطقِ والعقل بالطبع !!! فلو كانَ كَلامُه صحيحاً لأَسلمَ الناسُ في الجزيرةِ العربيةِ منذُ السنواتِ الأُولى ... ولم تكن قُريشٌ حارَبَتْ الإِسلامَ طوال عشرينَ سنةً مستمرة بكلِّ ما أُوتيتْ من قوة ... ولم تَدخُلْ في الإسلامِ إِلاّ بعدَ هزيمتِها أمامَه واحساسها في النهاية بأن الله هو الذي جاءَ بالنصرِ والفتح ... هذا فضلاً على أن الله هو الذي شَرَحَ له صُدورَ الناس ... فصاروا يَدخلونَ فيه أَفواجاً ... وهو الذي وَعَدَ المسلمينَ بذلك قبلَ تَحَقُّقِه ومجيئِه في أَكثرَ من آية ... منها قوله تعالى: " وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا " النور 55 ... ومنها قوله تعالى: " هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا " الفتح 28


    ولو كان دخول جماعات وقبائل بدائية كانت تسكن في منطقة لا تمثل مساحتها جزءاً من مئة ألف جزء من مساحة كوكب الأرض في الإسلام منذ ما يقرب من أربعة عشر قرنا ... هو مجرد تقليد كما ادعى الناقد !!! فكيف يفسر لنا الناقد ما نراه من أن المسلمين متواجدون حالياً في كافة انحاء كوكب الأرض بل ويمثلون ما يقرب من ربع سكانه ... هذا فضلاً على أن الإسلام أسرع الديانات انتشارا في البلاد الصليبية أي في أوربا وأمريكا ... إن انتشارَ وتواجد الإِسلامِ حالياً بل واستمراره بهذه الصورة هو فَضل من الله ... ودليل دامغ على أَنه من عندِ الله سبحانه وتعالى ...


    وقولُ الناقد: إِنَّ الوثنيين في غرب الهند إلى حدود سيبيريا أَضعافُ عدِد المسلمين ... ولهم أديرة ومعابد لا يُحصى عددها ... وكثير منها غاية في الجمال والغِنى ... فنقول إن الناقد قد جانبه الصواب ... لأن المسلمين هم الملةُ الثانيةُ في العَدَدِ بعد النصارى في العالم ... بل وسيكون الإسلام هو الديانة الأولى في العالم في غضون بضع عشرات من السنين (ويمكن للناقد الرجوع الى الاحصائيات في ذلك) ... هذا بالرغمَ من تصعيد الأَعداء حربَهم له ... إلا أن الدينُ الإِسلاميّ ما زالَ قَويّاً ... ويدخل فيه كُلُّ يومٍ أَفرادٌ جُدُد في مختلفِ بِقاع العالمِ ... فهو دينٌ زاحفٌ ... رغم أنفِ الأعداءِ وكثرةِ المعَوِّقات ...


    وإذا كان الإسلام ديناً عالميا وخاتماً للأديان ... فإنه في روح دعوته وجوهر رسالته لا يجبر العالم على التمسك بدين واحد ... بل ينكر هذا القسر عندما يرى في تعددية الشرائع الدينية سنة من سنن الله عز وجل في الكون ... قال عز وجل: " لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا ... ولو شاء الله لجعلكم أمة واحدة ولكن ليبلوكم في ما آتاكم فاستبقوا الخيرات " المائدة 48 ... وقال عز وجل: " ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ولا يزالون مختلفين " هود 118 ... ولقد أرسل الله محمداً صلى الله عليه وسلم للناس جميعاً بالحق ... ثم ترك لهم بعد ذلك حرية الاختيار ... فمن شاء أن يؤمن به فليؤمن ... فذلك خير له ... ومن شاء أن يكفر فليكفر فإنه لم يظلم إلا نفسه ... " وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ" الكهف 29


    ولكن من المستغرب أن الناقد قد انبهر بجمال وغنى المعابد والأديرة الوثنية في غرب الهند وحتى حدود سيبيريا كما صرح بذلك سيادته ... ولكنه لم يسأل نفسه هل وجود الباطل ينفى وجود الحق ... وهل لو كان تعداد هؤلاء الوثنيين اضعاف بل اضعاف واضعاف اليهود اتباع العهد القديم ينفى صحة الديانة اليهودية مثلاً ... وهل لو كان الأمر كذلك بالنسبة لتعداد الطائفة الأرثوذوكسية في العالم (وهو كذلك بالفعل) ... هل ينفى ذلك أن السيد المسيح عليه السلام قد بعثه الله بالحق نبياً ورسولاً !!!


    واللــــــــه تعالى أعلم وأعظم
    يتبع بإذن اللـــــه وفضله



    أول كتاباتى
    الكتاب الإلكترونى الكلمة وأخوتها فى القرآن الكريم
    http://www.4shared.com/file/Q2tkcCe1/_______.html
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  7. #7
    تاريخ التسجيل
    Jul 2011
    المشاركات
    469
    الدين
    الإسلام
    آخر نشاط
    15-05-2023
    على الساعة
    05:05 PM

    افتراضي



    الرد على السؤال رقم 21: جاء في سورة آل عمران 103 " وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا ... وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا ... وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا ... كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آَيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ "
    يقول الناقد: يرى المسلمون أنه من فضائل الإسلام الدالة على أنه من عند الله أنه ألَّف بين قلوب العرب بعد أن كانوا قبائل تشن الحروب بعضها على بعض ... ويقول ونحن نرد بأن هذا القول باطل ... فالحروب والغزوات كانت على أشدها بين العرب أيام محمد ... ولما مات حدث أيضاً قتال وحروب بين المسلمين وساق سيادته عدة امثلة على ذلك ... ثم قال: هكذا كان حال العرب في صدر الإسلام ... يقتل بعضهم بعضاً مواجهةً وخدعةً وغدراً ... فأين التآلف وإصلاح ذات البيْن الذي أتى به الإسلام بين العرب ؟؟؟


    بداية نذهب لتفسير الطنطاوي لنفهم معنى الآية الكريمة:

    والمعنى: كونوا جميعا مستمسكين بكتاب الله وبدينه وبعهوده ... ولا تتفرقوا كما كان شأنكم في الجاهلية يضرب بعضكم رقاب بعض ... بل عليكم أن تجتمعوا على طاعة الله وأن تكونوا كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضا ... وبذلك تفوزون وتسعدون وتنتصرون على أعدائكم.

    واذكروا أيها المؤمنون وتنبهوا بعقولكم وقلوبكم إلى نعمة الله عليكم بتأليف نفوسكم ورأب صدوعكم ... فقد كنتم في الجاهلية أعداء متقاتلين متنازعين ... فألف بين قلوبكم بأخوة الإسلام فأصبحتم متحابين متناصحين متوادين وكنتم على وشك الوقوع في النار بسبب اختلافكم وضلالكم فمن الله عليكم وأنقذكم من التردي فيها بهدايتكم إلى الحق عن طريق رسول الله صلّى الله عليه وسلّم الذي أرسله ربه رحمة للعالمين ... إذا فمن الواجب عليكم وفاء لهذه النعم أن تشكروا الله عليها وأن تطيعوا رسولكم صلّى الله عليه وسلّم وأن تتمسكوا بعرى المحبة والمودة والأخوة فيما بينكم.


    وفي هذه الآية الكريمة تصوير بديع مؤثر لحالة المسلمين قبل الإسلام وحالتهم بعد الإسلام ... فقد صور سبحانه حالهم وترديهم في الكفر والاختلاف والتقاتل قبل أن يدخلوا في الإسلام بحال من يكون على حافة حفرة من النار يوشك أن يقع فيها. انتهى تفسير الطنطاوي

    ثم نذهب لتفسير الشعراوي لنفهم ضراوة الحروب قبل الإسلام:

    يقول الحق سبحانه وتعالى ... " وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ " ... إن الحرب ظلت مستعرة بين الأوس والخزرج (قبيلتين من العرب) مائة وعشرين عاما مع أن أصل القبيلتين واحد ... هما أخوان لأب وأم ... وعندما جاء الإسلام ألف الله بين قلوبهم وأصبحوا بنعمته إخوانا. انتهى تفسير الشعراوي


    ثم نذهب لمختصر تفسير ابن كثير لنفهم سبب نزول تلك الآية الكريمة:

    وقوله تعالى: " وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا " إِلَى آخِرِ الْآيَة ... وَهَذَا السِّيَاقُ فِي شَأْنِ الأوس والخزرج ... فإنه قد كان بَيْنَهُمْ حُرُوبٌ كَثِيرَةٌ فِي الْجَاهِلِيَّةِ ... وَعَدَاوَةٌ شَدِيدَةٌ وضغائن وإحن ... طَالَ بِسَبَبِهَا قِتَالُهُمْ وَالْوَقَائِعُ بَيْنَهُمْ ... فَلَمَّا جَاءَ اللَّهُ بِالْإِسْلَامِ فَدَخَلَ فِيهِ مَنْ دَخَلَ مِنْهُمْ صَارُوا إِخْوَانًا مُتَحَابِّينَ بِجَلَالِ اللَّهِ، مُتَوَاصِلِينَ فِي ذَاتِ اللَّهِ؛ مُتَعَاوِنِينَ عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى ... قَالَ اللَّهُ تَعَالَى" هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ ... وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ "الأنفال 62 ... وَكَانُوا عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ بِسَبَبِ كفرهم فأنقذهم اللَّهُ مِنْهَا أَنْ هَدَاهُمْ لِلْإِيمَانِ ... وَقَدِ امْتَنَّ عليهم بِذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ قَسَمَ غَنَائِمَ حُنَيْنٍ، فَعَتَبَ مَنْ عَتَبَ منهم، بما فضَّل عليهم في القسمة بما أراده الله ... فخطبهم فَقَالَ: «يَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ أَلَمْ أَجِدْكُمْ ضُلَّالًا فَهَدَاكُمُ اللَّهُ بِي !! وَكُنْتُمْ مُتَفَرِّقِينَ فَأَلَّفَكُمُ اللَّهُ بِي !! وعالة فأغناكم الله بي؟؟» فكلما قَالَ شَيْئًا قَالُوا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أمنُّ.


    وَقَدْ ذَكَرَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ يَسَارٍ وَغَيْرُهُ: أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ نَزَلَتْ فِي شَأْنِ (الْأَوْسِ وَالْخَزْرَجِ) ... وَذَلِكَ أَنَّ رَجُلًا مِنَ الْيَهُودِ، مَرَّ بِمَلَأٍ مِنَ الْأَوْسِ وَالْخَزْرَجِ، فَسَاءَهُ مَا هُمْ عَلَيْهِ مِنَ الِاتِّفَاقِ وَالْأُلْفَةِ، فَبَعَثَ رَجُلًا مَعَهُ وَأَمَرَهُ أَنْ يَجْلِسَ بَيْنَهُمْ، وَيُذَكِّرَهُمْ مَا كَانَ مِنْ حُرُوبِهِمْ يَوْمَ بُعَاثٍ وَتِلْكَ الْحُرُوبِ فَفَعَلَ، فَلَمْ يَزَلْ ذَلِكَ دَأْبَهُ حَتَّى حَمِيَتْ نُفُوسُ الْقَوْمِ، وَغَضِبَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ، وَتَثَاوَرُوا وَنَادَوْا بشعارهم، وطلبوا أَسْلِحَتَهُمْ وَتَوَاعَدُوا إِلَى الْحَرَّةِ ... فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَتَاهُمْ فَجَعَلَ يُسَكِّنُهُمْ ويقول: «أبدعوى الجاهلية وأنا بين أظهرركم؟» ... وَتَلَا عَلَيْهِمْ هَذِهِ الْآيَةَ فَنَدِمُوا عَلَى مَا كَانَ مِنْهُمْ وَاصْطَلَحُوا وَتَعَانَقُوا، وَأَلْقَوُا السِّلَاحَ رَّضِيَ الله عَنْهُمْ. انتهى مختصر تفسير ابن كثير


    مما تقدم فإن:

    لقد كانت العداوةَ والبغضاءَ بين العربِ في الجاهلية شديدةً للغاية ... فقد كانت حياتَهم تَقومُ على الغزوِ والقَتْل، والسلبِ والنهب، والظلمِ والعدوان ... وكانت تنشبُ بينهم الحروبُ الطويلةُ لأَتْفَهِ الأَسباب ... لدرجة أن الحرب التي دارت رحاها بين قبيلة الأوس وقبيلة الخزرج استمرت طوال مائة وعشرين عاما مع أن أصل القبيلتين واحد ... فهما أخوان لأب وأم ... وعندما جاء الإسلام امتَنَ اللهُ على المسلمينَ بأَنه أَلَّفَ بين قلوبهم ... وأصبحوا بنعمته إخوانا ...


    جَمَعَ اللهُ بعدَ ذلك المسلمين على شريعة الإسلام التي دعتهم إِلى الاعتصام بها وذكرتهم بما كانوا عليه قبل الإسلام من العَداوة ... وما صَاروا إليه من الأُخُوَّةِ والمحبَّة ... على نحو ما اشارت به تلك الآية الكريمة ... ولا أحد ينكر أن شَتّانَ ثم شتان بين ماضي الجاهلية وحاضرِ الإسلام ... وبالرغم من أي حوادث حدثت بين المسلمين بعد وفاة رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فإن ذلك لم يخرجهم عن دينهم ... ولكنها طبيعة البشر التي خلق الله الناس عليها ... فوُقوعَ الخلاف أَمْر حتميّ بينَ مختلفِ الناس كما قال الله عز وجل ... " وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ ... إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ " هود 118


    ولكن هل حالت تلك الحوادث التي أشار اليها السيد الناقد الى انتشار الإسلام بعد بضع عشرات من السنين من حدوثها ليمتد من الصين شرقاً لباريس غرباً ؟؟؟ الإجابة لا ... وهل حالت تلك الحوادث بعد حوالي أربعة عشر قرناً من حدوثها من انتشار هذا الدين ورسوخه في نفوس ما يقارب ربع سكان كوكب الأرض حالياً في مشارق الأرض ومغاربها ... بل ويصبح أيضاً أسرع الديانات انتشاراً في البلاد الصليبية أي في أوربا وأمريكا ؟؟؟ الإجابة لا ... ادخل الرابط:

    وللعاقل أن يسأل من الذين قاموا بكل تلك الإنجازات ؟؟؟ إنهم أبناء واحفاد العرب والاوس والخزرج الذين نزلت فيهم تلك الآية والذين ألف الله بين قلوبهم ... ولولا هذا التآلف المتين الذي حدث ... ما كان الإسلام ليصل الى ما وصل اليه اليوم بعد أربعة عشر قرناً من الزمان ... هذا بصرف النظر عن أي حوادث حدثت في صدر الإسلام والتي أشار اليها السيد الناقد ... ولكنها طبيعة البشر التي خلق الله الناس عليها ...


    لقد كان القرآنُ ولا يَزالُ عاملَ اجتماعِ وتعاونِ المسلمين ... تَأتلفُ عليه قلوبُهم ... ويُخففُ آثارَ الاختلافِ الذي لا بُدَّ أَنْ يقعَ بين البَشَر ... هذا ولقد رسخت تلك الآية الكريمة في عقول المسلمين درساً مستفاداً بضرورة اجتماع وترابط المسلمين للفوز بالدنيا والآخرة ... وتذكرهم دائماً بفضل الله عليهم وانقاذهم من التردي فيما كانوا عليه من منازعات كانت ستهلكهم ... إذن فمن الواجب الوفاء لهذه النعم بشكر الله عليها وطاعته والاعتصام بعرى المحبة والمودة والأخوة فيما بينهم.

    ومن ناحية أخرى فقد نسب متى في انجيله 5/44 للسيد المسيح أنه قال: " وَأَمَّا أَنَا فَأَقُولُ لَكُمْ: أَحِبُّوا أَعْدَاءَكُمْ " ... ومع عدم اقتناعنا بإمكانية حب بنى آدم للشيطان عدوهم بالطبع ... لأنه يدعو أتباعه إلى الضلال ويكونوا من أصحاب النار ... " إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ " فاطر 6 ... إلا أننا لا ندرى لماذا لم يتبع من يؤمنون " بحب الأعداء " الى العمل بما نسبه متى للسيد المسيح عليه السلام !!! وفى هذا المقام فإننا نذكّر الناقد الى الحروب الدامية التي ابادت ملايين البشر والتي لم يكن المسلمون طرفاً فيها ... فعلى سبيل المثال لا الحصر ها هي حرب الثلاثين عاما كصراع ديني بين الكاثوليكوالبروتستانت والتي مزقت أوروبا بين عامي 1618و1648 م ... وأيضاً حرب المائة عام كصراع طويل بين فرنسا وإنجلترا ... والذى دام 116 سنةَ مِنْ 1337 إلى 1453 ... هذا بخلاف الحروب العالمية الأولى والثانية والتي حصدت ارواح عشرات الملايين من البشر ... وأيضاً ما القى على المدنيين الأبرياء في اليابان من قنابل ذرية حصدت ارواح مئات الألوف في لحظات ... ولا حول ولا قوة الا الله.




    واللــــــــه تعالى أعلم وأعظم
    يتبع بإذن اللـــــه وفضله



    أول كتاباتى
    الكتاب الإلكترونى الكلمة وأخوتها فى القرآن الكريم
    http://www.4shared.com/file/Q2tkcCe1/_______.html
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  8. #8
    تاريخ التسجيل
    Jul 2011
    المشاركات
    469
    الدين
    الإسلام
    آخر نشاط
    15-05-2023
    على الساعة
    05:05 PM

    افتراضي



    خـــــــــاتمة

    لقد لمس القارئ الذكي بالطبع مدى التجني على الإسلام الذي ورد في هذا النقد ... بالإضافة إلى تناوله فرعيات العقيدة وليس صُلبها وأساسها .... الأمر الذي يدفعنا إلى الرجاء من قارئنا الذكي الى ضرورة أن يطلع على جدول مقارنة بين بعض مما ورد في الكتاب المقدس والقرآن الكريم وذلك فيما يتعلق بصُلب وأساس العقائد وليس القشور والفرعيات التي اثارها السيد الناقد ...

    يرجى الاطلاع على رابط ... مقارنة بين الإسلام والمسيحية

    وإننا نشكر الناقد على تناوله لما أسماه " أسئلة اجتماعية في القرآن الكريم " ... لأنه دون أن يدري وظناً منه أنه سيثير التراب على السماء ... إنما في حقيقة الأمر أثاره على نفسه وأنقلب السحر على الساحر كما تبين من الردود المفحمة أعلاه ... " وَأَرَادُوا بِهِ كَيْدًا فَجَعَلْنَاهُمُ الْأَخْسَرِينَ "الأنبياء 70


    والآن أصبح أمام السيد الناقد أن يختار:

    إما التزام الصمت حفاظاً على عقيدته وعلى تماسك شعوب بلادنا ... " لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ "الكافرون 6
    أو أن يعاود النقد غير العادل على الإسلام وحينئذ سنضطر للرد على نحو مماثل ...
    " وَإِنْ عُدْتُمْ عُدْنَا " الاسراء 8

    هذا وقد لمس الجميع بالطبع من خلال هذه الردود مدى عظمة الإسلام وانه رسالة السماء الأخيرة للأرض ولا شك ... وأنه لو كان غير ذلك لما وجدنا في بنيانه اليوم تلك الردود المفحمة ومنذ أربعة عشر قرناً ... وهي ردود لا نجد مثلها عند الآخر.


    واللــــــــه تعالى أعلم وأعظم
    تم بحمــــــداللـــــه وفضله



    أول كتاباتى
    الكتاب الإلكترونى الكلمة وأخوتها فى القرآن الكريم
    http://www.4shared.com/file/Q2tkcCe1/_______.html
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

الرد على توهم لإنتقادات للقرآن الكريم بعنوان أسئله إجتماعيه 1

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

المواضيع المتشابهه

  1. الرد على توهم لانتقادات للقرآن الكريم بعنوان أسئلة اجتماعية
    بواسطة سيف الإسلام في المنتدى شبهات حول القران الكريم
    مشاركات: 16
    آخر مشاركة: 08-10-2017, 03:02 PM
  2. الرد على انتقادات في القرآن الكريم بعنوان أسئلة تشريعية
    بواسطة سيف الإسلام في المنتدى شبهات حول القران الكريم
    مشاركات: 35
    آخر مشاركة: 24-05-2017, 11:39 AM
  3. الرد على توهم لانتقادات للقرآن الكريم بعنوان أسئلة جغرافية
    بواسطة سيف الإسلام في المنتدى شبهات حول القران الكريم
    مشاركات: 15
    آخر مشاركة: 03-02-2017, 08:38 PM
  4. الرد على تدليس بعنوان .. مغالطات منطقية في القرآن الكريم ( 1 / 2 )
    بواسطة سيف الإسلام في المنتدى شبهات حول القران الكريم
    مشاركات: 22
    آخر مشاركة: 10-01-2015, 09:48 AM
  5. نصرانى مخدوع توهم انه اكتشف اخطاء املائية بالقرأن الكريم
    بواسطة mostafa581 في المنتدى الرد على الأباطيل
    مشاركات: 13
    آخر مشاركة: 04-11-2010, 01:23 AM

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  

الرد على توهم لإنتقادات للقرآن الكريم بعنوان أسئله إجتماعيه 1

الرد على توهم لإنتقادات للقرآن الكريم بعنوان أسئله إجتماعيه 1