هذا السؤال وجدته مطروح من أحد النصارى حيث يقول :

لماذا يعترض المسلمون على التجسد بالرغم من أن القرآن يُثبت أن الله تجسد !

فالقرآن يُثبت أن الله له يد .. وأن الله له وجه .. وأن الله له ساق ..

الـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــرد :

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم أما بعد :

عندما قرأت هذا السؤال بادرت صاحب السؤال وقلت له :

ما هو مفهوم التجسد قبل أن نحكم أن القرآن فيه تجسد أم لا ؟

طبعا لم يجيب على سؤالى ..

فذكرت له مفهوم التجسد فى العقيدة النصرانية :

أن الرب قد تنازل وأخذ جسدًا إنسانيًا، فاتحد بطبيعتنا، وظهر بيننا على الأرض وأن الله الغير منظور قد صار منظورًا في جسد الإنسان.

فأضاف نصرانى آخر الى هذا التعريف وقال :

التجسد هو الشئ يظهر فى شئ آخر.

واتفقنا على نقطة حوار مشتركة وهى مفهوم التجسد هذا الذى ذكرناه ..

وبناءا على ذلك :

أقول نعم نؤمن نحن المسلمون اهل السنة والجماعة أن الله له وجه .. والله له يد .. والله له ساق .. والله على العرش استوى ونُثبت نحن المسلمين كل ما أثبته الله لنفسه فى كتابه وما أثبته له نبيه فى سنته الصحيحة بلا تكييف ولا تشبيه ولا تعطيل ولا تمثييل .

فقد اتفقنا على أن التجسد فى العقيدة النصرانية هو :

أن الرب قد تنازل وأخذ جسدًا إنسانيًا، فاتحد بطبيعتنا، وظهر بيننا على الأرض .

وأن الله الغير منظور قد صار منظورًا في جسد الإنسان..

وقد أعطى أحد الأصدقاء تعريفا شاملا رائعا للتجسد أنه :

هو الشىء يظهر فى شىء اخر ..

وهذا بصراحة تعريف مختصر ورائع ..

* وهذا يعنى أن التجسد هو اتخاذ جسد مغاير للمتجسد فمثلا فى عقيدتكم أن الله اتخذ جسدا مغايرا لذاته وهو الجسد البشرى .

ومن هذا المنطلق أقول أن التجسد ليس له علاقة من قريب أو من بعيد بما جاء فى القرآن بأن الله له يد والله له ساق والله له وجه .. الخ مما أثبت الله لنفسه وما أثبته له نبيه .. لماذا ؟

لأن عقيدتنا نحن المسلمون هى أن الذات العلية لم تتخذ جسدا من المخلوقات

ولا يوجد أحد من المسلمين يقول أن الله عندما أخبر أن له يد وان له ساق وأن له وجه أنه اتخذ ذلك عن طريق تجسده فى جسد آخر مخلوق ( وانما هى أشياء خاصة بذاته ) ..

فالله أثبت لنفسه الوجه واليد والساق لكن ليست مثل المخلوقات ولكن لم يتخذها عن طريق تجسده فى احد مخلوقاته كما تقول العقيدة النصرانية , وانما هى خاصة بذاته لذا لا يمكن أن تقول أن الله فى الاسلام تجسد لان الوجه واليد والساق خاصة بذاته ولم يتخذها عن طريق التجسد فى أخذ جسد مغاير لذاته ..

لذلك بناءا على تعريف التجسد فالقرآن ليس فيه تجسد لذات الله لأن كل هذه الأشياء خاصة بذات الله ولم يتخذها عن طريق حلوله فى احد مخلوقاته كما تحكى العقيدة النصرانية ..

واليد والوجه والساق أثبتها الله لنفسه فى القرآن فكل هذه خاصة بذات الله ولم يتخذها أو تجسد من خلالها وانما هى حقيقة لذاته العلية ونثبتها لله تبارك وتعالى إثباتاً حقيقياً على ما يليق بجلال الله سبحانه من غير تحريف ولا تعطيل، ومن غير تكييف ولا تمثيل، ونؤمن بأن الله ليس كمثله شيء، وهو السميع البصير .


وقد يسأل سائل سؤال ويقول ؟

اذا لم يكن بذلك الله قد تجسد لأنه لم يتخذ جسدا مغايرا وانما اليد والوجه والساق خاصة بذاته سبحانه ولكن يكون بذلك أننا نشبهه بالانسان ؟

اقول وبالله التوفيق اننا نحن المسلمون حينما حينما نتكلم عن ذات الله وصفاته ونقول ان لله يد ووجه وساق فاننا نطبق هذه الآية على تلك الأشياء المتعلقة بذات الله قال تعالى :

" لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِير"

فالله لايشبه أحدا من مخلوقاته سبحانه وتعالى ...

فلا ننفي عنه ما أثبته لنفسه، ولا نحرف الكلم عن مواضعه، ولا نكيف ولا نمثل صفاته بصفات خلقه؛ لأنه سبحانه لا سميَّ له، ولا كفؤ له ولا ند له، ولا يقاس بخلقه سبحانه وتعالى .

فكما أن له سبحانه صفاتاً حقيقية لا تشبه صفات خلقه، فكذلك له ذاتا حقيقية لا تشبه ذوات خلقه، ولا يلزم من إثبات الذات للخالق سبحانه مشابهتها لذات المخلوق، وهذا هو مذهب سلف الأمة من الصحابة والتابعين، ومن سار على نهجهم في القرون الثلاثة المفضلة، ومن سلك سبيلهم من الخلف إلى يومنا هذا.


فعلى سبيل عندما نقول أن الانسان له يد افهم منها شئ وعندما أقول أن الأسد له يد أفهم منها شئ آخر وعندما أقول أن الباب له يد أفهم منها شئ مغاير تماما وكل هذه الأمثلة أنت تستطيع ادراكها وتخيلها لأنك فى نطاق المُشاهَد والمُعايَن ..

لكن عندما يخبر الله أن له يد فانى كمسلم أثبت أن لله يداً حقيقية لكن ليست كيد المخلوقين وليست كما يدور برأسى لأن الله لم يره أحد فكيف لى أن أعرف كيفية شئ لم أراه ولم أعاينه..

فالله له يد وله ساق وله وجه وكل ذلك خاص بذات الله أى لم يتخذه عن طريق التجسد بأخذ جسد مغاير وهذه الاشياء لا تشبه المخلوقات وكل ما دار ببالك فالله بخلاف ذلك.

وأنا كبشر أسمع والله سميع بصيغة المبالغة ولكن سمع الله سمع مطلق وكذلك بصر الله بصر مطلق أما المخلوقات فسمعهم وبصرهم مقيد ..

فسمع البشر مقيد مثلا بمقدار المسافة وبصرهم مقيد مثلا بوجود الحواجز لكن سمع الله وبصر الله مطلق لا تقيده مسافات او حواجز .

أما أنت كنصرانى عندما تقول أن لله يد فانه يتبادر الى ذهنك يد يسوع مثقوبه بالمسامير ويتبادر الى ذهنك الاله الذى يشبه مخلوقاته وهو معرى من ثيابه ينزف دما ... الخ كما هو موجود فى الصور الخاصة بكم ..

فهل فهمت كيف أنه لا علاقة بأن الله فى الاسلام له وجه وله يد وبين التجسد بالمفهوم النصرانى !

وبالنسبة للأخوة المسلمين اى شبهة حول التجسد يذكرها لنبحث فيها ونجيب عليها ان شاء الله .

أسال الله تعالى أن يهدينا جميعا الى صراطه المستقيم وأن يرد التائهين والحيارى الى الحق ردا جميلا انه ولى ذلك والقادر عليه ..