رد شبهة: نبيٌّ مات وتحلل جسده حتى تعفن !


سألوا سؤالًا يدل على حقدِهم وكراهيتِهم لهذا النَّبِيِّ المُكرم محمد r وذلك لما قالوا: كيف نتبع محمدًا الذي مات, وتحلل جسدُه حتى تعفن, ونتركُ المسيحَ الحي الذي لم يمت ؟!




الرد على الشبهة



أولًا: إن كون محمد r قد مات فهذه سنةٌ لا تتبدلُ في كلِّ خلقِ اللهِ جميعًا ....
دلت على ذلك أدلةٌ كثيرة منها :
1- قولُه I لنبيِّه r : ] وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِّن قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِن مِّتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ[ (الأنبياء34) .
جاء في تفسيرِِ الجلالين : ونزل لما قال الكفارُ : إن محمداً r سيموت { وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِّن قَبْلِكَ الخلد } البقاء في الدنيا { وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِّن } فيها ؟ لا ، فالجملة الأخيرة محل الاستفهام الإِنكاري . اهـ


2- قولُه I لنبيِّه r وهو حيُّ بين الناسِ: ] إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُم مَّيِّتُونَ [ (الزمر30).


3- قولُه I : ] كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ (26) وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ (27) [ (الرحمن) .
فكلُّ مذكورٍ سيُنسى؛ ليس غير اللهِ يبقى ؛ كل حيٍّ سيموت إلا ربُّ السموات العلى.




4- قولُه I لنبيِّه r : ] وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوتُ وَسَبِّحْ بِحَمْدِهِ وَكَفَى بِهِ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيراً [ (الفرقان 58) .


6- مسندُ أحمد برقم 2608 عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ r دَخَلَ عَلَيْهِ عُمَرُ وَهُوَ عَلَى حَصِيرٍ قَدْ أَثَّرَ فِي جَنْبِهِ، فَقَالَ يَا نَبِيَّ اللَّهِ: لَوْ اتَّخَذْتَ فِرَاشًا أَوْثَرَ مِنْ هَذَا؟ فَقَالَ : " مَا لِي وَلِلدُّنْيَا مَا مَثَلِي وَمَثَلُ الدُّنْيَا إِلَّا كَرَاكِبٍ سَارَ فِي يَوْمٍ صَائِفٍ فَاسْتَظَلَّ تَحْتَ شَجَرَةٍ سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ ثُمَّ رَاحَ وَتَرَكَهَا ".
تعليق شعيب الأرنؤوط : إسناده صحيح.
إذًا لا إشكالية في موتِه r على الإطلاق؛ فالموت كتبه على كلّ المخلوقات جميعًا بما فيهم يسوع المسيح إلههم، كما ذكر كتابهم بأنه مات وأسلم الروح، وذلك في إنجيل لوقا إصحاح 24 عدد 64 " ونادى يسوع بصوت عظيم وقال يا أبتاه في يديك استودع روحي.ولما قال هذا أسلم الروح". ...


كما أنّ الكتابَ المقدس حكى لنا عن موت أكثر الأنبياءِ والرسل، وقتل بعضهم، مثل: زكريا، ويحيى، ويسوع نفسه الذي مات وقُبر بحسب اعتقادهم هم... فهذا ليس بمطعنًا من مطاعن النبوة.....
كما إنني لا اعتقد أن يسوع المسيح حيٌّ في السماء كما ذهب بعضُ العلماء إلى ذلك...فقول المعترضين ما هي إلا سخافات وحماقات ولا دليل عليها إلا استنتاجات -كما ستقدم معنا-...



ثانيًا : إن قولَهم : تحلل جسده حتى تعفن ! فيه بيان مدى حقدِهم وعداوتِهم، وسوءِ أخلاقِهم وظنهم باللهِ ورسولِه ظنًا سيئًا، وقولًا قبيحًا....
بل إن طعنهم في خيرِ الأنام r سنة من السننِ الكونية التي لا تتبدل مع الأنبياءِ... قال I : ]وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ وَكَفَى بِرَبِّكَ هَادِيًا وَنَصِيرًا (31)[ (الفرقان ).


وعلى كلٍّ أقول : ناقلُ الكفر ليس بكافرٍ، واتسآءل : أين الدليلُ على أن جسدَه r تحلل وتعفن ؟!
الجواب: لا يوجد دليلٌ صحيحٌ واحدٌ على ذلك، لا من القرآنِ المبين، ولا من سيرة النبي الأمين، ولا من أقوالِ الصحابةِ الميامين ؛ وإنما يوجد عكسُ ادعائهم ، وهو ما ثبت عن النَّبِيِّ r لما قال : " إن اللهَ حرم على الأرضِ أن تأكل أجسادَ الأنبياءِ ". رواه أبو داود 1047 ، وابنُ ماجة 1085 ، وهو في السلسلةِ الصحيحةِ 1527 للشيخِ الألبانيِّ.
وعليه: فالذي رد على هذه الفريةَ هو محمدٌ r نفسُه كما بيّن الحديثُ ؛ ليخرس قُبح ألسنتِهم ... وكأن اللهَ I أعلمه أنه سيقال عنه ذلك في يومٍ من الأيامِ r من قِبل سُفهاء بُلهاء.....




ثالثًا: إن قولهم : لماذا نتبع محمدًا الذي مات، ونترك المسيح الحي! يدل على عِظمِ جهلِهم ؛ لأنهم إن أتبعوا محمدًا r لن يخسروا المسيحَ u ويتركوه ؛ بل سينالوا خيرَ محمدٍr وحظًا كبيرًا من خيرِ المسيح u الذي أحبوه ؛ لأننا نؤمن بكلِّ الأنبياءِ، ولا نفرقُ بين أحدٍ منهم في الإيمانِ بهم.... دلت على ذلك أدلةٌ منها:


1- قوله I : ] لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ وَقَالُواْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ [ (البقرة285).
2- قوله I :" إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا (150)"(النساء).
3- صحيح البخاري برقم 3186 عن أبي هريرة قال : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ r يَقُولُ : " أَنَا أَوْلَى النَّاسِ بِابْنِ مَرْيَمَ ، وَالْأَنْبِيَاءُ أَوْلَادُ عَلَّاتٍ لَيْسَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ نَبِيٌّ ".


3- صحيح البخاري برقم 6405 عَنْ أَبِي سَعِيدٍ عَنْ النَّبِيِّ r قَالَ :" لَا تُخَيِّرُوا بَيْنَ الْأَنْبِيَاءِ".


وأما عن قولِهم بشان المسيح u أنه حيُّ أقول :إن علماء المسلمين قديمًا وحديثًا اختلفوا في في مسألة موته ؛ فقديمًا قال بموته ابنُ عباس ، ومحمد بن إسحاق، والإمام مالك، وابن حزم الظاهري ....
وحديثًا علماءٌ كثرٌ منهم : مفتي الأزهر/ محمود شلتوت، والأستاذ/ سيد قطب ،
والدكتور/ أحمد شلبي، والشيخ/ محمد رشيد رضا ، والشيخ/ محمد الغزالي، والشيخ/ محمد أبو زهرة وغيرهم...


وقال الآخرون رفعه الله Iإليه، ولكنه سيموت في آخر الزمان حتمًا ...
ويدفن كباقيةِ البشرِ فرضًا....


وإنني مع الفريق الأول الذي قال بموت المسيح-عليه السلام- ؛ فقد مات مثل أي نبي قبله مات أو قتل... وأكتفي هنا بدليل واحد هو قوله تعالى : قوله : " وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ (144 (145) " (آل عمران).


نلاحظ قوله  : " قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ"، أي: ُسنةَ اللهِ في الرسلِ السابقة له أنهم يموتون أو يقتلون ، ومادام قد نفي القرآنُ الكريم عن المسيح  القتل فإنه قد مات، وذلك بنص الآية الكريمة :"وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ".
وبعيدًا عن هذا الخلاف بين الفريقين: فالمسيح مات أو ميت لا محالة، ومآله الطبيعي هو الموت الحتمي....
ويبقى السؤال للمعترضين : هل تعفن المسيح بعد موته أم سيتعفن بعد موته ...؟!




رابعًا: إن هناك أسئلةً تطرح نفسها للمعترضين هي:

السؤال الأول: أليس في اعتقادِهم أن المسيحَu هو الربّ يسوع الذي مات على الصليب بعد أن ضرب على قفاه ، وبصق في وجه، وأُلبس لباسًا قرمزيًّا، ووضع تاج الشوك على رأسه.....؟!
الجواب: بلى، ماتَ على الصليبِ، وضرب....


إذًا :المسيحُ u مات بحسب معتقدهم هم وهو إلهٌ .... فهل هناك إلهٌ يموت ؟!
والأعجب من أنّ الإله قد مات هو أن بولس الرسول جعله ملعونًا بموته مصلوبًا .... وقد صرح بذلك في رسالته إلى غلاطية إصحاح 3 عدد 13اَلْمَسِيحُ افْتَدَانَا مِنْ لَعْنَةِ النَّامُوسِ، إِذْ صَارَ لَعْنَةً لأَجْلِنَا، لأَنَّهُ مَكْتُوبٌ: «مَلْعُونٌ كُلُّ مَنْ عُلِّقَ عَلَى خَشَبَةٍ».



فإن قيل: إنه قام من قبره بعد أن قٌتِلَ ومات ؟!


قلتُ: بحسب نصوص الأناجيل فإنه لم يمت بل أُغشي عليه وأفاق في قبره فقام وقابلهم ، وهذا ما يوقعنا في تناقضات فتارة تقول نصوصٌ بأنه مات وأسلم الروحَ ، وتارة تقول نصوصٌ بأنه لم يمت فقط أغشي عليه بعد أن ضُرب بحربةٍ من الجندي الروماني فنزل منه ماءٌ ودمٌ، ثم حمل على القبر والميت لا ينزل منه ماء ودم أبدًا....



السؤال الثاني : إن يسوع المسيح بحسب عقيدة المعترضين قد مات وهو الإله المفترض بأنه لا يموت أبدًا!
ومع ذلك نصوص الكتاب المقدس الذي تبيّن لقارئها أن الربَّ لا يموت أبدًا؛ لا ساعة ولا أمداً... أليس هذا تناقضًا؟!
نصوصٌ تفيد عدم موتِ الربِّ التي تناقض معتقدهم كما يلي:
1- سفرُ التثنية قال الربُّ عن نفسِه: " حيٌ أنا إلى الأبــد " (32 / 40).


2- رِسَالَةُ بُولُس الرَّسُولِ الأُولَى إِلَى تِيمُوثَاوُس6 / 16: " الذي وحده له عدم الموت".
3-سفر إِرمِيا أصحاح 10 عدد10أَمَّا الرَّبُّ الإِلهُ فَحَقٌّ. هُوَ إِلهٌ حَيٌّ وَمَلِكٌ أَبَدِيٌّ. مِنْ سُخْطِهِ تَرْتَعِدُ الأَرْضُ ، وَلاَ تَطِيقُ الأُمَمُ غَضَبَهُ.



السؤال الثالث: هل العذراء مريم أم الإله - بحسبِ معتقدهم - وهي إلهٌ أيضًا عند بعضهم مثل : المريميين والنسطوريين والملكانيين وغيرهم؛ العذراء مريم التي ماتت قبل ألفين سنة هل تحلل جسدها وتعفنت.... ؟!


الجواب : إنها ماتت تعفنت بحسبِ اعتقادِهم هم؛ لأن الأجسادَ تتحلل بعد موتها وتتعفن ....
وأما الظهورات المريمية ما هي إلا أفعال خداع يفعلها القساوسة كي يثبتوا بها إيمان أتباعهم ....


وأتساءل: لماذا لم تتكلم مرة واحدة تخاطب الحاضرين، وتخبرهم بأنها أم الرب، أو تلفظ بكلمة واحدة...؟
ولماذا لم تظهر لهم في وضح النهار.....؟!



السؤال الرابع : هل أنبياء معظم الكتاب المقدس، والقديسين، والتلاميذ الرسل،مثل: بولس ، وبطرس ، ويوحنا، ومارى جرجس ، وسانت تريز .... تعفنوا في قبورهم بعد موتهم... ؟!


ما سبق كان ردًا على أسألتهم وافترائهم بحسب فهمهم وتفكيرهم وعرضهم ....


كتبه / أكرم حسن مرسي